هل يكتوي المصريون بنار البلطجية؟
ليس جديدا بالنسبة للكثيرين أن تتردد اتهامات بأن الشرطة في مصر تعتمد أحيانا على عناصر من البلطجية خصوصا عند تنفيذ ما يمكن وصفه بالعمليات القذرة، وهو ما يصب في مرحلة الطرفين، فعناصر الشرطة تستعين بهم لتنأى بنفسها عن مثل هذه العمليات وعن محاسبة قد تحدث يوما ما، في حين يستفيد البلطجية نوعا من الحماية وغض البصر عن جرائم أخرى يرتكبونها.
لكن الجديد، كان في ما بدا في الأسابيع الماضية من أن حجم الاعتماد على البلطجية بات كبيرا وأحيانا شبه رئيسي في التصدي للمظاهرات التي ينظمها مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي والمتمسكون بشرعيته في مواجهة الانقلاب العسكري الذي أطاح به وعطل الدستور يوم 3 يوليو/تموز الماضي.
وأظهرت لقطات مصورة عديدة كثيرا من المواقف التي يتدخل فيها البلطجية -سواء رفقة الأمن أو بمفردهم- لمواجهة المتظاهرين أو المعتصمين وهم يحملون الأسلحة النارية التي تطلق الرصاص المطاطي وحتى الحي، بعدما كان الأمر في السابق يقتصر على السلاح الأبيض.
ومع تكرار المواقف، تصاعدت التحذيرات من أن اعتماد السلطة على البلطجية أو رعايتها لهم لن يأتي بخير، وأكد المحذرون أن ما يحدث سيؤدي إلى تغول البلطجية وتعاظم خطرهم الذي لن يبقى مقتصرا على معارضي السلطة وإنما سيمتد يوما إلى مؤيديها والمتحالفين معها.
تهديد وقتل
وجاء مقتل قيادي بالحزب المصري الديمقراطي في أسيوط على يد بلطجية رفض دفع أتاوة لهم ليؤكد أن الخطر بدأ يطال الجميع، حيث إن هذا الحزب من أبرز المؤيدين للانقلاب العسكري، وليس هذا فقط بل إن رئيس الحكومة الحالية حازم الببلاوي هو أحد قيادات الحزب.
المثير أن الكشف عن الواقعة جاء على شاشة إحدى القنوات الداعمة للانقلاب وهي قناة 'النهار' عندما تلقى مذيعها الشهير محمود سعد اتصالا من الأمين العام للحزب المصري الديمقراطي والقيادي بجبهة الإنقاذ أحمد فوزي، الذي حكى واقعة غريبة تتمثل في قيام بلطجية في أسيوط بقتل عضوي الحزب عماد دميان وخالد دميان بسبب رفض دفع الأتاوة المطلوبة.
وأكد فوزي أن الحزب أبلغ مدير أمن أسيوط ومساعديه بالتهديدات التي تلقاها دميان، لكن أحدا لم يحرك ساكنا ولينتهي الأمر بقتله هو وابن عمه على يد بلطجي شهير في منطقة ساحل سليم بمحافظة أسيوط، في ظل تقاعس غريب من جانب الأمن.
وحمل فوزي على وزارة الداخلية واعتبر أن هذه الحادثة تؤكد غياب دور الدولة في مصر، كما توضح أن الوزارة لا تقوم بدورها في حفظ الأمن وتكتفي بمطاردة جماعة الإخوان وأعضائها، مع أن أعضاءها (من هؤلاء البلطجية) يحصلون على كثير من الميزات ولم تتم محاسبة أي منهم على كثير من الأحداث التي تورطوا فيها، كما تم فرض حالة الطوارئ من أجل تسهيل أدائهم للعمل.
غياب الأمن
وقال فوزي إنه يسكن في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة ومع ذلك فقد بات مألوفا بالنسبة له أن يشاهد صبية يحملون سلاحا أو يتعاطون المخدرات في الشوارع العامة، مؤكدا أنه لا يمكن المضي في العملية السياسية وتعديل الدستور أو جذب الاستثمارات في ظل غياب الأمن.
كما تساءل: إذا كان هذا يحدث مع أعضاء بحزب ينتمي له رئيس الحكومة ويستطيعون الوصول إلى قيادات مهمة بالدولة، 'فماذا عن المواطنين العاديين الذين لا يستطيعون ذلك؟'.
ومن جانبه، أصدر الحزب المصري الديمقراطي بيانا طالب فيه بعزل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وقيادات الوزارة بمحافظة أسيوط حيث اتهمهم بالتقاعس عن حماية المصريين، وأكد أن هذه الوقائع وأمثالها 'تشير بوضوح إلى أن عمل الأمن تم اختزاله في القبض على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وفرض حالة الطوارئ وحظر التجول دون أي اهتمام بحماية المواطنين'.
وأشار البيان إلى أن العقيدة الأمنية في مصر ما زالت مستمرة على حالها دون تغيير منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي اختزل الأمن في عهده في أمن النظام مقابل أمن المواطنين، مؤكدا أن التعامل بالحلول الأمنية وحدها لن يكون مفيدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق