روزاليوسف
نخبة في أبراج من العاج يتواجدون فقط في إستديوهات البرامج ، و لكن يخلوا منهم الشارع لا يعرفون معاناة و مأساة أفراد هذا الشعب الذي كان له تاريخا عظيما ضاع على أيديهم و أيدي أمثالهم ، لا يدركون معاناة البسطاء إلا عندما يتاجرون بألامهم و كثيرا بدمائهم عندما يدهسون تحت عجلات القطار ، أو تغرق بهم عبارة أو سفينة صيد في البحر و هم يبحثون عن قوت يومهم ، أو عندما تنكل بهم حكومات دكتاتورية خارج بلادهم مازلت تعيش بأفكارها في القرون الوسطي و هم العلماء و الأطباء و المعلمون الذين فروا من بلادهم بحثا عن لقمة العيش لم تأمنها لهم بلادهم إلا للنفانين و لاعبي الكرة و الراقصات أمام العلم يباع بالكيلو ، أو يتعمل بيه قراطيس توضع فيها الطعمية .
تلك النخبة في الحقيقة لا تسعى لحل مشاكل البسطاء الذين لا يشعرون بهم ، بل يتحدثون عنهم فقط و يستغلون ألامهم و دماءهم كثيرا للوصول إلى السلطة ، لم يفكروا يوما بأن يسعوا لحل مشاكل هؤلاء البسطاء ، لم يفكروا في النزول بينهم يجبون الطرق في القرى و النجوع و العشوائيات ، أن يطوفوا أسواقهم يتحدثوا مع امرأة مسنة هرم بها العمر تجلس تبيع خضار لتربى أبناءها ، يتحدثون مع أناس يعانون يوميا في مواصلات متهالكة متزاحمة ، تتعرض فيها النساء يوميا لتحرشات جنسية ، لشباب قال عنهم رسول الله أنهم خير أجناد الأرض ، شباب أصبح شغله الشاغل الجلوس على المقاهي ليلا و النوم نهارا ، شباب شعر بالموت و هو حيا عندما يمد يده لوالده ليأخذ مصروف يومه بدلا من أن يساعد والده على متاعب الحياة ، شباب فضل الموت في البحر ليكون وجبة لأسماك المتوسط و هو يحاول البحث عن شعاع أمل في بلاد الطليان .
يا من يسمونك النخبة بغض النظر عن انتماءاتكم السياسية |، كنتم إخوان أو سلفيين أو يسار أو قوميين أو ليبراليون أرحلوا عنا رحمكم الله فأنتم تحاربون من أجل السلطة و فقط ، ينهار بيت ، و يموت و يصاب العشرات ، يموت ما يزيد عن 50 طفلا كل ذنبهم في الحياة أنهم خرجوا من بيوتهم بحثا عن العلم في مدارس متهالكة ليعودون إلى أهالهم أشلاء ، يخرج الشباب وراء فريقهم إلى ملعب كرة القدم ليعودون إلى أهالهم في أكفان ، شعب يذهب إلى مستشفيات الدولة ليعالج من مرض ما فيخرج ميتا بسبب قلة الإمكانيات ، شعب خرج عن بكرة أبيه مطالبا بالعيش و الحرية و العدالة الاجتماعية مطالبا أن يعامل كإنسان كرمه ربه و لم يحصل من كل ذلك على شيء ، نخبة تهاجم من في سلطة سواء كان المجلس العسكري أو محمد مرسى الرئيس الجمهورية أو غيره ، و تحمل من في سلطة دائما المسئولية عما يحدث .
تلك النخب لم تسعى لوضع حلول مباشرة لمشاكل كثيرة تعوم عليها الدولة يجب أن نتحمل جميعا مسئولية حلها ، و الإخوان عندما وصل منهم رئيس إلى السلطة تغيرت المواقف و تبدلت الأمور و تذكروا فجأة أن خزينة الدولة مفلسة و أن الجهاز الإداري للدولة خرب يحتاج إلى إعادة بناء و ليس إلى مجرد إصلاحات شكلية بتعين وزير محل أخر ، جهاز يعم به الفساد ليس في قياداته فقط ، بل فساد يبدأ من أصغر موظف في الدولة لم يكفه مرتب الدولة الذي لا يتجاوز مئات الجنيهات على أقصى تقدير فلجأ لسياسة فتح الدرج ، نسوا ما كان يقال في مؤتمراتهم الانتخابية لمجلس الشعب ، تناسوا وعود محمد مرسى عندما كان مرشحا لرئاسة الجمهورية و ما سموه بمشروع النهضة التي لم نشهد منها شيء حتى تلك اللحظة ، إلا أن الفساد مستمر ، و شهداء الشعب يتساقطون في كل شبر مسئولة عنه الدولة .
سمعت بأذني تلك بأحد مؤتمرات جماعة الإخوان المسلمين و ذراعها السياسي الحرية و العدالة بحضور أيمن نور زعيم حزب غد الثورة و العديد من قيادات الحرية و العدالة بالدقهلية و ذلك بقرية ميت العامل مركز أجا –محافظة الدقهلية- و تحدث خالد الديب المرشح حينها لعضوية مجلس الشعب فردى بتلك الدائرة ، و الذي أصبح فيما بعد عضوا بمجلس الشعب أن الدولة تستطيع توفير ما يقرب من 50 مليار من الدعم الذي يذهب إلى الأغنياء و غير المستحقين في دعم الطاقة و غيرها للمصانع ، بالإضافة للمرتبات الضخمة للمستشارين و عدد من القيادات التنفيذية للدولة و أن تلك المليارات يجب أن تستخدم لتحقيق العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة و كان يؤمن بها الإخوان أنفسهم حينها ، و لكن عندما وصلوا للسلطة في مجلسي الشعب و الشورى و من ثم رئاسة الجمهورية ، و تواجدوا بتلك السلطة ما يقارب العام و النصف لم يحققوا منها شيئا و اختلفت الحسابات و تغير الكلام و أصبحنا نسمع المبررات التي تتشابه في كثير من الأحيان مع مبررات مبارك .
يا أيتها النخبة أقولها مرة أخرى ارحلوا عنا و اتركوا هذا الشعب في معاناته و لا تتاجروا بدمائه فقد سأم منكم جميعا ، يا من يسمونكم بالنخبة أن لم تنحوا الأهواء الشخصية لكلا منكم و الرغبة في مجد ذاتي شخصي أو حزبي ستكونوا وصمة عار في تاريخ مصر ، و تكونوا ضيعتهم على مصر و شعبها فرصة للتنمية منها لها الله بثورة أبهرت العالم و سيشهد لها التاريخ ، فرصة أن يعمل و ينتج و يعيش هذا الشعب المسلوب حقه منذ سنوات في رخاء يستحقه و يمتلك مقوماته بالفعل ، تعلموا من مانديلا ، و غاندي ، و مهاتير محمد ، و أردوغان ، و لولا دي سيلفا ، و غيرهم كثيرون ، تعلموا منهم كيف غيروا مصائر أوطانهم إلى الأفضل أو ارحلوا عنا رحمكم الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق