فى مصر الآن الكذب بدون حد أقصى، كل شىء مباح فى معركة الفرصة الأخيرة التى يخوضها النظام القديم للعودة، برموزه الصريحة، ومعارضاته التى تغذت ونمت على فساده.
لا سقف للاختلاق والتلفيق والتحريف والتخريف، إذ تعمل مضخات التفزيع ومنصات الترويع بكامل طاقتها، فى محاولة أخيرة لنسف المرحلة بكل ما فيها، فى مشهد لن تجد وصفا له إلا فى قصيدة صلاح عبدالصبور الخالدة «الظل والصليب» التى يقول فيها «هذا زمن الحق الضائع.. لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله.. ورءوس الناس على جثث الحيوانات.. ورءوس الحيوانات على جثث الناس.. فتحسس رأسك». وانظر حولك الآن.. ستجد ميكرفونات الثورة فى أيدى الذين قامت ضدهم الثورة، ولن تعدم من يقول لك ببجاحة إنها حالة مصالحة وطنية.. ستجد أيضا أعلاما وأقلاما للثورة (العكسية) فى أيدى حملة المناشف للمخلوع وولده، حملة المباخر لهذا النموذج من الحكام بامتداد الخارطة العربية، من مخلوع تونس إلى مخلوع ليبيا، إلى ذلك الآيل للسقوط فى دمشق. ثم انظر مرة أخرى ستكتشف أنك أمام عملية تدوير لنفايات مبارك وعمر سليمان ومخلفات الجنرال الذى يطل على المشهد من جحره، قائدا وزعيما وملهما لـ«الثورة على الثورة».. ولن ترى من تفاوت بين خطابه الركيك وخطاب الزعماء البائسين، الذين فضلوا الدخول فى سبات عميق حين كانت الميادين تستصرخهم ألا يخذلوها. لقد انطلقت جوقة الكذب الأجير تصنع خرافات وأكاذيب وتروجها على أنها حقائق ووقائع ثابتة فراحت تنشر بيقين الجاهل الكذوب قوائم للمعينين فى مجلس الشورى، فتضع من تشاء وتحذف من تشاء، ثم تصوب غائط كذبها، وقد نال كاتب هذه السطور من الفحش جانب، حيث وجدها طبالو مبارك وراقصاته الشمطاوات فرصة ليعتلوا منصات الكلام عن الشرف والاستقامة والوطنية، ويشيعوا حديثا ساقطا عن تعيينى وآخرين بالمجلس. وتوضيحا للحقائق قلت وأكرر: إلى أصدقائى المحترمين فقط: اعتذرت عن عدم قبول تعيينى فى مجلس الشورى، وأسجل هنا أن المشاركة فى سلطة التشريع الوحيدة الآن شرف.
وأسباب اعتذارى عن عضوية الشورى: هناك من هم أقدر على التشريع ــ أعتز بكونى كاتبا صحفيا ــ أترك مكانا لمن هم أكفأ.. وأفخر بمشاركتى فى جلسات الحوار الوطنى المعلنة للجميع ولن أكون كالزعماء الكذبة الذين يتسللون إلى الاتحادية سرا راجين الرئاسة عدم إعلان حضورهم.
كلمة أخيرة: لن أدافع عن واقعة نشل أو عملية سطو مسلح على سلطة رئيس منتخب بدعوى حماية مدنية الدولة وإنقاذ الدستور.
هذا ما سجلته مرة على موقع «الشروق» قبل يومين، وأعدت إعلانه على «تويتر» أمس، ورغم ذلك لم تتوقف حالة الإصرار الشبقى من نفايات العصر الفاسد على أننى عينت فى الشورى. وأكرر مرة أخرى: عضوية الشورى فى هذه اللحظة شرف لمن عينوا، وقبل ذلك هى واجب على كل مستطيع، خصوصا أن هذا المجلس سيكون مضطلعا بسلطة التشريع بعد نقلها من رئيس الجمهورية.. فكل التقدير والاحترام لمن وافق على تحمل هذه المسئولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق