اعتبرت صحيفة كندية أن مشاهد الفوضى التى تحدث بمصر طبيعية جدا ومتوقعة؛ لأنه من المعروف جيدا أن عملية التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية فى أى بلد من بلاد العالم ليست سهلة، داعية المعارضة إلى التوقف عن الانتقاد اللاذع للسلطة المنتخبة ديمقراطيا دون سبب حقيقى، والغرب إلى عدم التمسك بالصورة النمطية المبتذلة للإسلاميين فى الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن ما يحدث للرئيس مرسى والإسلاميين مر به من قبل رئيس الوزراء التركى "رجب طيب أردوغان"، حينما سعى لترسيخ الديمقراطية وتأكيد السيطرة المدنية على مؤسسات الدولة العسكرية والقضائية.
وقالت صحيفة "ذا ستار" الكندية: إن مشاهد الفوضى التى تحدث فى مصر ليست غريبة أو مدهشة، على العكس فإن مثل هذه الأحداث متوقعة جدا؛ داعية المعارضة إلى انتقاد الرئيس والنظام المنتخب عندما يكون هناك سبب حقيقى لذلك، وانتقدت الصحيفة الصورة النمطية المبتذلة التى يربطها الغرب بإسلاميى الشرق الأوسط، قائلة: "إنه ليس كل الإسلاميين أُميّين ومتطرفين، وليس كل نسائهم منتقبات، وهى الصورة التى شكلها الإعلام الغربى للمسلمين المتدينين فى الشرق الأوسط؛ حيث ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين خبراء ومتخصصون تلقوا التعليم العالى وأصبحوا مهنيين محترفين فى مجالات العلوم المختلفة، كما أن الرئيس "محمد مرسى" حصل على درجة الدكتوراه فى الهندسة من جامعة كاليفورنيا، ولديه خلفية ثقافية واسعة من قراءة الروايات الأدبية مثل "ذهب مع الريح" و"كوكب القردة".
وأوضحت الصحيفة أن معظم العلمانيين المعارضين لحكم الرئيس المصرى ليسوا متحررين، فبعضهم فاشيون ومتعصبون ضد وجهات النظر التى لا تتبنى أفكارهم، ويظهرون عداء الغرب نفسه للإسلاميين من دافع الإسلاموفوبيا بداخلهم، كما أنهم يتخذون الاضطرابات كذريعة لترسيخ الحكم الاستبدادى ضد الإسلاميين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس محمد مرسى هو أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطى فى مصر، وكانت جماعة الإخوان مضطهدة ومحظورة خلال العقود الماضية ورؤساء مصر السابقين، ابتداء من "جمال عبد الناصر"، مرورا بحكم "أنور السادات"، حتى نهاية حكم "حسنى مبارك" مطلع العام الماضى، وتسببت ثورة 25 يناير فى صعودها إلى الحكم؛ لكونها الجماعة الأكثر تنظيما، وفازت بأغلبية فى كل الانتخابات والاستفتاءات التى جرت من ذلك الحين.
وأوضحت أنه من المفيد مقارنة مصر بدولة أخرى إسلامية كبيرة فى إقليم الشرق الأوسط مثل تركيا؛ حيث إنها مرت بالتجربة نفسها التى تشهدها مصر حاليا، وواجهت أيضا عقبات واتخذت خطوات هائلة نحو الديمقراطية؛ حيث نفذ الجيش التركى أربعة انقلابات عسكرية ضد الحكومات الإسلامية منذ عام 1960 حتى أطاح بآخر حكومة منتخبة عام 1998، وسمح بالسلطة لرئيس حكومة إسلامى، ينتمى إلى حزب البناء والتنمية الذى فاز بكل الانتخابات التركية منذ عام 2002 حتى الآن.
وواجه رئيس الوزراء التركى "رجب طيب أردوغان" معارضة شديدة فى كل خطوة يتخذها على طريق الديمقراطية، وتأكيد السيطرة المدنية على مؤسسات الدولة العسكرية والقضائية، بما يتناسب مع مفهوم الدولة العميقة، وظل معارضوه يرددون مصطلح "شبح الإسلامية"، وأن أردوغان يسعى لبناء دولة دينية مثل إيران أو يعيد السلطنة العثمانية من جديد، كما هدد الجيش بانقلاب آخر عام 2008 بسبب ارتداء زوجة مرشح الرئاسة التركية "عبد الله جول" حجابا.
وسعت المعارضة التركية فى إسطنبول وأنقرة إلى تشويه سمعة أردوغان، باعتباره ممثلا للفلاحين والأميين المتخلفين غير الملائمين للتصويت وممارسة حقوقهم الانتخابية، وتم استخدام الطريقة نفسها لتشويه سمعته من المتعصبين الغربيين، فى محاولة لتهميش المهاجرين الأتراك فى ألمانيا وهولندا وغيرها.
وبالمثل فى مصر، رفض الجيش المصرى بسهولة الرجوع إلى ثكناته مرة أخرى بعد توليه الحكم فى الفترة الانتقالية التى أعقبت الإطاحة بالرئيس "حسنى مبارك"، وكان قد جرد الرئيس المدنى المنتخب "محمد مرسى" من سلطاته وصلاحياته الرئاسية، وحل القضاء البرلمان المنتخب، بالإضافة إلى عناصر ومؤسسات أخرى سعت جميعها إلى تخريب مفهوم الدولة العميقة فى مصر والقضاء على أى جهة ممثلة للشعب، كما أن البعض اعتقد أن غير المتعلمين والمتلقين التعليم الأساسى فقط من القرويين لا يستحقون أصواتهم الانتخابية، فى محاولة لإقصاء كمية كبيرة من المؤيدين للإسلاميين فى مصر.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: إن المعارضة التركية والمصرية متشابهة إلى حد كبير، ومن الإنصاف الحكم بعدم ديمقراطية غالبيتها، ومن سحر الديمقراطية حصول الإسلاميين المعتدلين المشاركين فى أية عملية انتخابية على الأغلبية، فى حين أن المعارضة تلقى التهميش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق