في تحليل كتبته في صحيفة “واشنطن بوست” حذرت فيه كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الامريكية السابقة من أن «الأمور باتت تفلت من أيدينا في المحافظة على وحدة المنطقة وإعادة بنائها وتقويتها، موضحة أن انهيار منظومة الدول السائدة في الشرق الأوسط، إذ ستكون إيران هي الرابحة، بينما سيكون حلفاء امريكا هم أكبر الخاسرين.
فقد أحدثت كوندوليزا رايس، صدى مدويا في تحليل كتبته في صحيفة «واشنطن بوست»، كشفت فيه توجهات السياسة الأميركية للمرحلة القادمة، حيث حذرت من الشيعة يمثلون ما يقرب من 70 بالمئة في البحرين، ولكنهم محكومون من عائلة ملكية سنية.. وفي نشأة السعودية، شكل الشيعة فيها 10 بالمئة من السكان، يقيمون في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.. وفي العراق 65 بالمئة من السكان شيعة، بينما لا يتجاوز العرب السنة 20 بالمئة، والبقية مزيج من الأكراد وعرقيات أخرى، وكانوا جميعا يُحكمون بالحديد والنار حتى العام 2003 من قبل دكتاتور سني، في حين أن لبنان مقسم بين الشيعة والسنة والمسيحيين.
وهنا أهمية ما يجري حاليا في سوريا، التي تتألف من سنة وشيعة وأكراد وغيرهم، تحكمهم جميعا أقلية علوية. إذ تأتي الأحداث في سوريا لتدفع بالعراق وبقية دول المنطقة إلى حافة الانهيار، هذا في الوقت الذي أدى فيه الانسحاب الأميركي من العراق وفك ارتباطها بالسياسة هناك، إلى دفع السياسيين العراقيين للارتماء في أحضان الحلفاء الطائفيين استجابة لغريزة البقاء، فمادام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا يستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة، فإنه بالتأكيد لن يجازف بتخريب العلاقات مع طهران.
وفي الوقت الذي تتهاوى فيه سوريا، ينزلق السنة والشيعة في منطقة الشرق الأوسط إلى شبكة من التحالفات الطائفية.
لقد نادى كارل ماركس في يوم ما على عمال العالم ودعاهم إلى عدم التقوقع داخل حدود دولهم، وضرورة تجاوز الاعتبارات الوطنية، قائلاً إن العمال يمتلكون من القواسم المشتركة أكثر مما يوحدهم مع الطبقات الحاكمة التي تقمعهم باسم القومية، لذا حث كارل ماركس العمال على التخلص من «وعيهم الزائف» بالهوية الوطنية.
واليوم تلعب إيران دور كارل ماركس، حيث تسعى إلى نشر نفوذها، من خلال توحيد الشيعة تحت لوائها، مدمرة وحدة البحرين والسعودية والعراق ولبنان، ولتحقيق ذلك تستخدم جماعات مثل «حزب الله» والميليشيات الشيعية المسلحة في جنوب العراق، وفي كل ذلك تبقى سوريا هي المحور الأساسي للصراع، بما أنها الجسر الحقيقي للشرق الأوسط العربي، وطهران لم تعد تخفي حقيقة مشاركة قواتها في سوريا لدعم بقاء الأسد.
وتقف السعودية وقطر وبقية القوى الإقليمية في الجهة المقابلة من الصراع، عبر تسليح الفصائل السنية في سوريا، فيما تجد تركيا نفسها منجرّة إلى الصراع، يحركها خوف شديد من انفصال الأكراد في سوريا وتأثير ذلك في أكرادها».
وختمت رايس تحليلها: «إن انهيار منظومة الدول السائدة في الشرق الأوسط يحمل في ثناياه مخاطر كبيرة، إذ ستكون إيران هي الرابحة، بينما سيكون حلفاء الولايات المتحدة هم أكبر الخاسرين، وسيصبح الصراع والعنف والفوضى أمرا شائعا في المنطقة».
وكان وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، قد وصل إلى الكويت في زيارة مفاجئة قبل أسبوعين، وحرص بانيتا قبل هبوط طائرته على التصريح بأن وجود القوات الأميركية في المنطقة هدفه «ردع» أي عدوان في المنطقة، بالإضافة إلى دعم وتقوية القدرات الدفاعية لدى شركائنا، وكشف عن أهمية دور الكويت الحيوي (حيث يوجد بها ما يقارب 27 بالمئة من القوات الأميركية في المنطقة)، في مساندة الولايات المتحدة للتعامل مع أي تطورات طارئة في المستقبل القريب.
من جانبه، كشف رئيس الوزراء البريطاني يوم الجمعة الماضي عن استعداد بلاده لحشد مزيد من القوات البريطانية في منطقة الخليج. وأضاف عقب أسابيع من الاتفاق على بيع طائرات «تايفون» الحربية للإمارات العربية المتحدة أن «ما تشاهدونه ليس مجرد صفقة طائرات، بل تعاون دفاعي، وقد يشمل تمركز المزيد من القوات البريطانية في الإمارات».
جدير بالذكر أن هناك وجودا عسكريا بريطانيا «محدودا» في كل من البحرين وقطر والإمارات، إلا أن التوجه الجديد في السياسة البريطانية هو إقامة تحالفات في المناطق ذات الوضع المتوتر، وذلك للاستفادة اقتصاديا في مواجهة تقلص ميزانية القوات المسلحة البريطانية، ما دعا الجنرال السير ديفيد ريتشاردز إلى التنبؤ بتعاون بريطاني أكبر مع دول الخليج ومع الأردن خلال الفترة القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق