ها هو عام حزين يذهب ، وعام جديد يتقدم ، والثورة بينهما فى حيرة ، جمهوراً ، وفكرة ، ترى إلى أين تأخذنا دراما الأحداث وهل ستخرج البلاد من محنتها وفتنتها التى تكاد تعصف بالأخضر واليابس أم ستذهب إلى مزيد من التدهور .
تعالوا نتأمل ونتوقع ..
فأولاً : من الواضح أن العام 2012 كان عام " الأخطاء الكبيرة " والانجازات المنعدمة من كافة القوى ، إسلامية كانت أو مدنية ، فلا انتخابات الرئاسة واختيار د. محمد مرسى رئيساً، ولا الإطاحة المُهينة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وتحديداً طنطاوى وعنان ، ولا انعقاد وحل مجلس الشعب أو إقرار الدستور ولا غيرها من الأحداث يعد ذو قيمة حقيقية ، لأنها ببساطة لم تلقَ قبولاً ورضا شعبى عام أو حتى شبه عام ، وبهذا لا يكون الإخوان ومن صار فى ركابهم من السلفيين وكذلك القوى المدنية ، قد حققوا شيئاً ذو قيمة على صعيد البديل الجاد لمصر ما قبل الثورة ، لقد هُزموا جميعاً ، وساد الإحباط والضيق النفسى والسياسى عموم الشعب ، وضربت الأزمة الاقتصادية ربوع الوطن ، ولم يعد يجدى حلو الكلام من الرئيس (مرسى) أو من أعداءه ، لكى يعيد للناس الثقة فى هذه القوى السياسية أو الحزبية (إسلامية كانت أو مدنية) فالجميع لدى الشعب سواء فى الانتهازية ، والفشل الذريع فى أن يحافظوا على الثورة ، لقد باعوها جميعاً ، وتناحروا حولها فى محاولة لتقاسم غير عادل لتورتة الثورة المغدورة بهم ومنهم ، وللوطن الممزق ولقضايا أمته الضائعة وفى مقدمتها فلسطين ، والتى تراجعت قضيتها لأسوأ مما كانت أيام مبارك ، هذا هو الحصاد المر لعام 2012 وربما لعام 2011 السابق له ، فلا ثورة أنجزت ، ولا وطن تحرر ، ولا فلسطين اقتربت ولا تطبيع توقف ، ولا شعب وجد ضالته السياسية والاقتصادية ، لقد كان الإحباط والمرارة هما سيدا الموقف ، فهل يا ترى سيستمران فى قابل الأيام ؟! .
ثانياً : من المتوقع أن يشهد العام الجديد (2013) انتخابات لمجلس الشعب ، وفقاً لقوانين تطبخ الآن فى مجلس الشورى – صاحب سلطة التشريع وفقاً للدستور الجديد – ونحسب أن هذه الانتخابات ستكون بداية لثورة جديدة مختلفة حيث نتوقع أن تشهد مزيداً من تعميق الانقسام بين النخبة التى لا تزيد عن 20% من الشعب المصرى ، أما باقى الشعب (80%) فهو كاره لهذه النخب منسحب من معاركها وبخاصة (المقاومة) مقاومة الفساد والاستبداد والتبعية (هكذا نفهمها) ، فإذا علمنا أن 33% فقط من القوة الانتخابية للمصريين (المقدرة بـ 51% مليون) هم الذين صوتوا فى الاستفتاء على الدستور فإن معنى هذا أن قرابة 70% من القوة الانتخابية لهذا الشعب رفضت مجرد الذهاب لهذا التصويت ، فى فعل عقابى للنخبة الإسلامية والمدنية ، إن الـ 70% لم يذهبوا ليس عن كسل أو تخاذل بل عن كراهية للنخبة السياسية الفاعلة فى الساحة . إن هذا يعنى أن (فقه الكراهية) هو الذى سيحرك مصر خلال المرحلة المقبلة ، وسيكون عامل هدم لكل ما أنجزته نخبة ما بعد الثورة ، بإسلامييها وعلمانييها ، نظن – وليس كل الظن إثم – أن غالبية الشعب المصرى أو ما يسمونه خطأ (بحزب الكنبة) ، أصبح رافضاً لكل من أتى بعد الثورة ويريد نخبة جديدة ، بثورة جديدة ، فهو لم يلتزم الكنبة كسلاً وانعزالاً بل استعداداً للتحرك ضد الجميع ؛ فهل نشاهد تحركاً مماثلاً لثورة 25 يناير فى عام 2013 ، وبقيادات مختلفة وجديدة ؟ أما سيستمر وأد الحياة والأحلام والبشر تحت شعارات زائفة يتمسح مطلقيها تارة فى الإسلام وأخرى فى المدنية ؟ تارة بالمقاومة وأخرى بالسلام الزائف ، الذى نتغنى به جميعاً . إن هذا الشعب الصامت والثائر فى آن لم يعد مؤمناً بأحد ممن هم على السطح ، إنه من المؤمنين بأن الأسماء الميتة هى وحدها التى تطفو على السطح أما تلك الثائرة والحية فى قلب الماء تنتظر الانطلاق والحركة ، إنه يريد تغييراً يأخذ فى طريقه الجميع ، ويلقى بهم فى أقرب منعطف على الطريق ، فهل يقدر ؟ نحسب أن الأفق يحمل الكثير من الغيوم ، التى قد تسقط المطر على وطن ، تشققت تربته من شدة العطش وإلى أين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فى غيوم الثورة القادمة : تصبحون على ثورة !! .
E – mail : yafafr@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق