بقلم جمال سلطان
، صحيفة المصريون 20نوفمبر 2012
المؤتمر الصحفى
الذى عقدته الجمعية التأسيسية أمس الأول كان بالغ الخطورة، وقد فضح ـ بامتياز ـ الانتهازية
السياسية والطائفية التى يضلل بها بعض الأحزاب الضعيفة والكنيسة الرأى العام، عندما
تحدثوا عن احتجاجهم على المادة 220 التى تفسر مبادئ الشريعة الإسلامية، وكذلك حديثهم
عن سلق الدستور وأن النقاش لا يأخذ حقه، وأن المادة الواحدة لم تأخذ أكثر من ساعة أو
ساعتين من العمل، اتضح أن كل ذلك تضليل وكذب من العيار المتدنى فى وقاحته، وكانت الوثائق
التى قدمتها الجمعية التأسيسية أمس دامغة ومخزية أيضاً، فالمادة التى تتحدث عن تفسير
مبادئ الشريعة - والتى قال الأنبا باخوميوس إنهم انسحبوا من أجلها، تمت مناقشتها فى
الجمعية باستفاضة وبشكل استثنائى والاستماع إلى كل الآراء ثم كتابة محضر الاتفاق عليها
بحضور الجميع، وقد وقع على المحضر ممثلو الكنيسة كما وقع عليها ممثل الأزهر، كما أن
الدكتور جابر نصار ـ عضو الحزب الوطنى المنحل، والذى يحاول تزعم المعارضة للجنة والتشهير
بأعمالها لزوم حجز مساحة دائمة فى الفضائيات ـ جابر لم يكتف فقط بالتوقيع على محضر
الجلسة، وإنما أضاف إلى توقيعه وبخط قلمه عبارة "الحمد لله"، ثم هو الآن
يضلل الرأى العام بالحديث عن سلق الدستور وعن مادة مبادئ الشريعة، ووقع على محضر الاتفاق
أيضاً الدكتور وحيد عبد المجيد صاحب الصخب المفتعل هذه الأيام، ووقع عليها الدكتور
أيمن نور الذى يعتصر خجلاً من محاصرته بضغوط بعض القوى الليبرالية المتمردة، ووقع على
المحضر أيضاً الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، ووقع عليها الدكتور عبد الجليل
مصطفى القطب الليبرالى الكبير، وشمل المحضر عددًا من النقاط الأخرى المتعلقة بوضع الدين
والدولة وحقوق المرأة وغيرها، الفضيحة لم تقف عند هذا الحد، بل كشف المؤتمر الصحفى
بالأرقام والساعات عن أن كل مادة أنجزت فى الدستور الجديد استغرقت ثلاثمائة ساعة عمل
كاملة، وقال أبو العلا ماضى إن بعض المواد تم إعادة النقاش فيها أكثر من خمسين مرة،
ومع ذلك قالوا إنه "سلق" للدستور، لأنهم يريدون لكل مادة أن تستغرق ثلاثمائة
يوم، أى عام واحد، من أجل أن تبقى مصر بلا دستور لعشر سنوات مقبلة على الأقل، عامدين
متعمدين إحداث فراغ سياسى ودستورى يسمح باستمرار الفوضى والارتباك فى مؤسسات الدولة
ونظامها السياسى، والطريف أن المنسحبين الذين قالوا إن الدستور يسلق لأنه لم يستغرق
أكثر من ستة أشهر، قرروا إنجاز دستور بديل خلال شهر واحد فقط وعرضه على الشعب، والمؤكد
أنهم لن يسلقوه وإنما سيستخدمون "حلل برستو" التى تطهو لحم الجمال فى عشر
دقائق!!
المؤتمر الصحفى
كشف أيضاً عن أن إعلان الانسحاب من أعمال الجمعية التأسيسية حتى الآن هو "ضجيج
إعلامي" بهدف الابتزاز، وأن أحداً ممن أعلن انسحابه لم يقدم أى طلب رسمى بالانسحاب
حتى الآن، كما كشف المؤتمر عن أن بعض من وقعوا على بيان الانسحاب ليسوا أعضاء فى الجمعية
التأسيسية من بابها.
خطورة هذا المؤتمر
الصحفى يمكن اكتشافها عندما تلاحظ محاولة التجاهل له من قبل جميع الفضائيات الخاصة،
الليبرالية جدًا، والمقاتلة عن الحرية جدًا، والحريصة على التنوير جدًا، والتى تعرض
الرأى والرأى نفسه جدًا، وبعضهم حاول ذر الرماد فى العيون بالمرور عليه مرور الكرام،
لأنه بالفعل كان حجرًا من الحجم الثقيل والملتهب فضح وجوه التزوير الطائفى والانتهازى
على حد سواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق