27 أغسطس 2015

رضا حمودة يكتب : هل يحكم الإسلام الأمريكاني المنطقة نيابة عن الربيع العربي؟

العربي الجديد
بعدما فطنت الولايات المتحدة الأمريكية أنه يستحيل استئصال الإسلام من على وجه الأرض كدين لا يُراد له أن يسود ويحكم كمنهج حياة وواقع عملي؛ بدأت في اتباع سياسة جديدة لا سيما مع هبوب ثورات الربيع العربي، تقوم على استئناس الإسلام والمسلمين على السواء بدلا من الصدام المسلح المباشر، الذي أسهم بدوره في تشويه سمعتها بين المسلمين، فضلا عن تصدير صورة نمطية بالغة السوء بأن أمريكا تحارب الإسلام، وتمارس تمييزا عنصريا ضد المسلمين، وهذا أقرب للحقيقة بلا شك.
عندما نقرأ تصريحات رئيس وكالة الإستخبارات الأمريكية (CIA) الأسبق جيمس وولسي في عام 2006، نكتشف أن الإدارة الأمريكية تطبق خطة استئناس الإسلام بحنكة، وبخبث منقطع النظير، فقد قال الرجل عن المسلمين "سنصنع لهم إسلاما يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية، ومن بعدها قادمون للزحف، وسوف ننتصر" ، وأضاف وولسي "إننا سننجح في النهاية كما نجحنا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي، وسوف أختم بهذا(هكذا يقول وولسي) – سوف نجعلهم متوترين".
المثير في كلام مدير أكبر جهاز استخبارات في العالم أنه قرأ الواقع الجديد بدهاء، واستوعبوا درس التدخلات العسكرية المباشرة في المنطقة جيدا، التي خلفت آثارا سلبية على سمعة الولايات المتحدة، فبدأوا في تنفيذ الاستراتيجية الشيطانية الجديدة عبر إدارة الحروب بالوكالة، حيث تشتري ولاءات ووكلاء لها في المنطقة العربية والإسلامية وهم كُثُر، لتضمن بذلك ألا تتصدر مشهد العداء للإسلام والمسلمين، ليحل محلها بعض أذنابها وأتباعها المخلصين، ووكلاء الثورات المضادة على أنقاض الربيع العربي المغدور.
حتى وصلنا بعد سنوات قليلة إلى تطبيق عملي مأساوي على أرض الواقع لخطة المخابرات المركزية الأمريكية، فاندلع الربيع العربي بداية عام 2011 في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، وكأنه ترجمة حرفية لتصريحات مدير الCIA، الأمر الذي جعل البعض يتشكك في ماهية الربيع العربي ومن يقف وراءه، لكنني لا أتعاطى شخصيا مع هذا التشكيك، ذلك أن المنطقة العربية كانت تعيش وما تزال على فوهة بركان من الغضب الشعبي، ومهيأة تماما للانفجار والثورة كنتيجة طبيعية للاستبداد والفساد على مدى عقود طويلة، على يد حكام حولوا بلدانهم إلى متاع خاص لهم ولأبنائهم والدائرة المقربة منهم.
ما يهمنا في هذا الصدد أن أمريكا خلصت إلى حقيقة مفادها أنه لا مانع من وجود المسلم الصوام القوام، المسلم الذي يحج البيت الحرام كل عام، إسلام الطقوس والمظاهر، الإسلام الذي يستفتى في نواقض الوضوء، ولا يستفتى في نواقض الإسلام ذاته، لكنه غير مسموح أن يتحول إلى سلوك خارج حيز المسجد، إلى منهج للحياة لتأصيل قيم الحرية والعدالة والتنمية والاستقلال على خلفية إسلامية، حتى لا يخرج جيل متشبع بهويته وحضارته الإسلامية الشاملة العريقة، قادر على منافسة الحضارة الغربية، أو يستطيع مقارعتها وهزيمتها، لينشأ جيل مقطوع الصلة بربه ودينه، لا يعرف من الإسلام سوى اسمه.
ذلك أن الغرب أراد تحويل الإسلام عن طبيعته ليجعله كما قال المفكر الأمريكي الشهير فرانسيس فوكوياما: "دينا حداثيا ليبراليا علمانيا، يقبل المبدأ المسيحي "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، حيث تعمدت أمريكا والغرب على اعتبار الإسلام تيارا فكريا قابلا للنقد والتفكيك أيضا، وليس دينا أو عقيدة ثابتة، حيث خصوصياته في تأصيل القيم والمعاني التي لا تستغني الحياة عنها.
هذا الجيل المسخ كما تريده أمريكا والغرب، عبر عنه المفكر الكبير د. مصطفى محمود قائلا "وما أكثر المسلمين ممن هم في البطاقة مسلمون، ولكنهم في الحقيقة ماديون، اغتالتهم الحضارة المادية بأفكارها، وسكنتهم حتى الأحشاء والنخاع، فهم يقتل بعضهم بعضا، ويعيشون لليوم واللحظة، ويجمعون ويكنزون ويتفاخرون، ولا يرون من الغد أبعد من لذة ساعة".
لقد جنت أمريكا والغرب أهم ثمرتين من تعثر الربيع العربي بفعل الثورات المضادة التي اجتاحت المنطقة، الأولى: تشويه ثورات الربيع العربي بنظر شعوب المنطقة لا سيما البسطاء لما لها من انعكاسات سلبية على مصالحها في المنطقة، إذ إن الثورات في جوهرها تمرد على الواقع المرير لتطالب بالاستقلال عن القرار الأجنبي، والانعتاق من التبعية لأمريكا والغرب. أما الثمرة الثانية الأكثر نفعا، هو استئناس الإسلام وقطاع ليس بالقليل من المسلمين لحظيرتها، عبر تشويه مفاهيم المقاومة والجهاد ضد الاستبداد والاحتلال، فصار التطرف مرادفا طبيعيا للإسلام في ظل الحرب التي تقودها أمريكا وحلفاؤها في المنطقة على الإرهاب الإسلامي. 
وغرقت المنطقة في حروب ونزاعات مسلحة استهدفت الربيع العربي في الصميم بالوكالة لأطراف استثمرت استقواء الثورات المضادة المدعومة أمريكيا، في صنع عدو بديل للاستبداد، فكان الإسلام هو العدو الأكبر في صورة الإسلاميين الراديكاليين، مما يستدعي من الذاكرة مقولة داهية وزير الخارجية الأمريكي (جون فوستر دالاس) في خمسينيات القرن الماضي إبان الحرب الباردة "إن الإسلاميين الأصوليين هم أكبر حليف لنا ضد الشيوعيين"، وقد رأينا كيف استخدمتهم (حركة طالبان) في الثمانينيات ضد الاحتلال السوفييتي في أفغانستان، ثم حاربتهم لتستولي على المنطقة، وتعمل على تفتيتها بعد الحادي عشر من سبتمبر. 
ولنا أيضا في تنظيم داعش (المريب) النموذج الفج ، الذي أكد تبعيته للغرب ضابط كبير في جهاز الاستخبارات البريطانية يدعي" تشارلز شويبردج"، في حوار لقناة روسيا اليوم بتاريخ (9 أكتوبر/ تشرين أول 2014) عرضه موقع القناة على الإنترنت تحت عنوان " هكذا صنعنا داعش وهكذا نقرع طبول الحرب ضدها"، حيث قال إن جهازي الاستخبارات الأمريكية والبريطانية يقفان وراء كل الأحداث الدراماتيكية التي تعصف بدول في الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق وليبيا، وكشف عن تفاصيل أخرى مثيرة عن دور واشنطن ولندن في صناعة الإرهاب.
حيث استطاعت احتواء الربيع العربي، ومن ثم إجهاضه بضرب أهم مكوناته وهي التيارات الإسلامية المعتدلة التي حازت على ثقة الجماهير في كل الاستحقاقات الديمقراطية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، وتعمد خلط الأوراق عند عوام الناس والبسطاء والتلبيس عليهم، وعبر الأنظمة التابعة لها في المنطقة، أنه لا فرق بين معتدل ومتطرف، فكل التيارات الإسلامية من المنظور الأمريكي متطرفة، ونبعت من رحم الارهاب (أو بالأحرى الإسلام) حتى وإن لم تعلن ذلك رسميا.

السفير د. عبدالله الأشعل يكتب: من دمر الأوطان العربية.. الربيع العربى أم القوى المتآمرة عليها ؟

أطلق الغربيون مصطلح الربيع العربى على الثورات العربية فى مطلع 2011 اسوة بربيع براج فى تشيكوسلوفاكيا عام 1968 بصرف النظر عن أن الربيع يتسم بالثمار والورود. والثابت أن ثورتى تونس ومصر ضد الاستبداد والفساد وتعنت النظم فيهما واغلاق جميع ابواب التغيير السلمى طوعا قد انتشر فى جميع المجتمعات العربية بلا استثناء بل وغير العربية اعلانا عن ضرورة اصلاح العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وقد نجحت بعض النظم المستنيرة فى التراجع بتقديم بعض التنازلات لاستيعاب الموقف بينما انسحبت نظم اخرى من المشهد ثم انقضت على الشعوب وآمالها مرة أخرى لتعاقبها على أنها تجرأت على الإعلان عن مطالبها، وهذه النظم بهذه العقلية هى التى تسببت فى الخراب العربى. فالربيع سيظل ربيعا وسوف يدق ابواب هذه النظم فى معركة طويلة تنتهى بانتصار الشعوب أو يقظة الحكام. ولذلك خصصنا هذه المقالة للرد على كتبة هذه النظم البالية الذين كان يجب أن ينصرفوا إلى الأبد وأن يعتذروا لشعوبهم وأن يعودوا تائبين مصلحين بدلا من الاصرار على الفساد.
فنحن فعلا نعيش عصر العبث فى المنطقة العربية. فبدلا من الإلحاح على ضرورة تحقيق آمال الشعوب فى ثورات الربيع العربى، ومقاومة القوى المناهضة لها ألقت بعض الأقلام اللوم على هذه الثورات حتى تستمر العبودية والاستبداد، وكأنها تظلم الشعب مرتين، الأولى عندما خانت آماله وضللته ورضيت أن تكون سيفا للحاكم الظالم، والثانية عندما لم تتورع أن تعود إلى لومه على الثورة وإعلان مطالبه.
فقد لاحظت منذ 30 يونيو 2013 موجات من الهجوم والنقد المرير لثورات الربيع العربى، ورصدت بأقلام معينة تنتمى كلها إلى النظم التى ضاقت بها الشعوب العربية وثارت على فسادها وهى نفس الأقلام التى كانت تصطنع فضائل وهمية لهذه النظم .
وتبدأ القصة بأن ثورات الربيع العربى رفعت مطالب عادلة ضد نظم فاسدة اضطرت إلى الثورة عليها بشكل سلمى عندما رفضت هذه النظم بغباء غذاه هؤلاء الكتاب أن تقوم النظم نفسها بتحقيق مطالب الناس، فلم تكن الثورات ترفا ولا كانت دماء الشباب التى راحت ودماء رجال الشرطة الذين أصروا على الدفاع عن نظام فاسد إلا مهرا للحرية التى افتقدتها الشعوب . فالثورات العربية جميعا لم تكن مؤامرات من الخارج، كما لم تقم ضد نظم صالحة، ولم تكن ترفا، كما أنها كانت سلمية، ثم أنها رفعت مطالب محددة ومشروعة. ولكن عيبها أنها رفعت المطالب لذات الأجهزة التى تنتمى إلى النظام الذى ثارت عليه تحت أوهام كثيرة وأحيانا بدرجة من الانتهازية صغرت أو كبرت.
فى هذه النقطة سوف يتوقف التاريخ المصرى طويلا أمام دور المجلس العسكرى فى التعامل مع قوى الثورة، وقوى النظام الذى ثار عليه الناس، فسعى إلى إنعاش النظام الذى فاجأته الثورة، وخدر الشعب حتى يعود النظام السابق تحت لافتات جديدة.
ولنعد الي البداية . دفعت إسرائيل مصر إلى وضع مكنها من القضاء على عبدالناصر وأحلامه فى الوحدة العربية، فسمح ذلك بظهور البديل وهو حلم الوحدة الإسلامية، خاصة وأنه شاع فى تلك الفترة بعد هزيمة يونيو1967 بأن التناقض كامل بين الأمة العربية بأقلياتها غير الإسلامية، وبين الأمة الإسلامية بأكثريتها غير العربية، وهما مشروعان وهميان، لكن روج عبد الناصر للمشروع العربى، فاتهم من جانب أصحاب المشروع الإسلامى بالإلحاد والعلمانية مثلما يتهم الإسلاميون اليوم ببيع أوطانهم العربية من أجل مشروع وهمى يقوم على الرابطة الإسلامية، وليلتهم جميعا اهتدوا إلى الرابطة الديمقراطية التى تنقذ الوطن والدين من الاتجار بهما بعد أن صارت الوطنية صكا يعطيه القوى المنتصر لخصمه الضعيف أو ينكره عليه.
كانت الشعوب تأمل فى أن يتجاوب الحكام الذين استكتبوا هؤلاء لتضليل الناس مع آمالهم وأناتهم التى ضنواعليهم بها. وقد أقنعتهم واشنطن بأن حكمهم دائم وظلمهم الذى استمتعوا به أبدى، فالظلم من سمات هذه الدنيا، وأن لهذه الشعوب المسحوقة بالفقر والمرض والجهل والقهر الدار الآخرة، وهم يعلمون أن مثل هذه الدنيا لا آخرة لها.
فالثورة للأسف ضرورة على كائنات تبلدت وتسلحت بجيوش من أمثال هؤلاء الكتاب. أما من المسؤول عن ضياع الأوطان العربية فهى ليست الثورات، وإنما إصرار حلفاء الحكام المستبدين على إنقاذهم، وخوفهم من حكم الشعب وحكم القانون. والمحزن أن يصاب بعض الشعب المصرى وبعض كتابه بالعمى المطاع فيتصورون أن أمريكا تحب الثورة المصرية فى يناير، وتكره ثورة يونيو ضد الاخوان لأن أوباما مسلم كتم ايمانه وأن اخواني مستتر. وأنا لا أقارن مطلقا بين يناير ويونيو، فالأولى ثورة شعبية شاملة لأول مرة فى التاريخ على نظام كامل فاسد بكل أجهزته. وإعلامه المضلل ومنهم هؤلاء الكتاب، أما الثانية فهى فى معنى احتجاج على حكم الإخوان وتم تطوير هذا المعنى لكى تكون اجتثاثا للإخوان ثم للمعارضة ثم لثوار يناير. صحيح أن انهاء حكم الإخوان ورفضهم نادت به الملايين فى يونيو حين طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة وأن رفضهم ربما أسهم في المضاعفات، ولكن أين كان نظام مبارك فى يناير ويونيو وكيف عاد نظام مبارك بعد يونيو وخرج من كل ما نسب إليه فى القضاء وبرئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب. هذا هو السؤال الذى يبرر القول بأن أحد أخطر معانى يونيو أنها كانت تجمعاً لكل من عادى الإخوان دون بديل لتحقيق اهداف يناير.
السبب فى مأساة الشعوب العربية الثانية هى انتظام قوى الظلام والاستبداد مع قوى إقليمية معروفة فى منظومة أمريكية إسرائيلية هى التى أجهضت أحلام الشعوب فى مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن، ولكل قصة ولذلك يجب التمييز بين دواعى الثورة وقواها وسلميتها وبين حقد القوى الرجعية الصهيونية التى أرادت أن تعاقب الشعوب العربية التى ثارت على الظلم، التى ألحقت بهذه الشعوب الفصل الثانى من المظالم التى دمرت الأوطان لأن الحكام المستبدين لا يهمهم الأوطان مادامت قد صارت بسكانها نيرانا تلتهم عيوبهم وتسقط كبرياءهم الذليل.
بقيت نقطتان: ما مآل الكفاءات من نظام مبارك وكيف تتجه كفاءاتهم إلى الخير بعد أن وظفت فى الشر وهل لديها المرونة فى ذلك خصوصا أنها تحصل على الفتات فى خدمة نظام أضر وطنهم؟ والثانية: لماذا يظل هؤلاء بعد أن فقدوا أخلاقيا قيمة علمهم الذى سخروه لسحق هذا الوطن ولولا الثورة ما انزاحوا عن أماكنهم. المشكلة أن كتابهم عادوا ينفثون السم فى بيئة عقدت العزم على استرجاعهم لتنكيس نظام سقط أخلاقيا وضيع فرضة ثلاثين عاما. فهل مصر بحاجة إلى ثورة تصحيح الخلل وتعيد إلى يناير نقاءها أم أنها بحاجة إلى نظام شفاف يعلن صراحة أن شرعيته هى فى تحقيق أهداف ثورة ينايروالاعتصام بها وليس التركيز على يونيو وربط النظام بها مادامت يونيو باعتراف النظام ليست ثورة قائمة بذاتها وإنما تصحيح ليناير بل هى تصحيح لأخطاء المجلس العسكرى وليس لثورة يناير.
المعيار هو من على الساحة الأن إعلاميا وسياسيا وأقتصاديا وغيره؟ هل هم ثوار يناير أم نظام مخلق قوامه الأساسى نظام مبارك باعدت الآمال بينه وبين الواقع المرير، حتى احتلت هذه الأقلام مكان الصدارة فى الإعلام ومنع أصحاب الاقلام التى انحازت لمصلحة الوطن وتوعية الشعب بالمسرحية الهزلية التى عاد أبطالها إلى مواقعهم مرة أخرى وكأن ثورة يناير كانت أحد مشاهد الكاميرا الخفية أو نكتة ثقيلة.
يناير رمز لرفض الظلم وارادة شعب متحضر ضد بربرية المؤامرة عليه وليست مجرد حدث.
مستعدون لمناظرة تاريخية بين كل مؤيدى يناير وكل المشككين فيها وكتلتهم الحرجة من نظام مبارك. إن روح الانتقام والتشفى من يناير هى جزء من المؤامرة عليها، والشعب تغير، وفحيح الافاعى قد ينفس عن الكاتب لكنه يغرق وحده فى عالمه ويرثى له القراء من حوله إن بقى له قراء. الكلمة الطيبة كشجرة طيبة، والكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة، الأولى جذعها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها، والثانية تجتز من فوق الأرض مالها من قرار

سعيد نصر يكتب: ها أنا انهيت كلامى .. فهل تسمعنى؟!

 
لم يعد لأحد أى مساحة من الحرية لإنتقاد سياسات النظام ، فردود الفعل بالتهم الجزافية جاهزة ، والآلة الإعلامية المروجة لها موجودة ويديرها إعلاميون احتكروا لأنفسهم وللنظام الحاكم الوطنية والحقيقة الكاملة ، ومستعدون لقول أى شىء ولفعل أى شىء لإرضاء الحاكم.
هذا المناخ الطارد للعقل والعقلانية وللحياد والحيادية وللتجرد والموضوعية ينذر بكارثة مستقبلية على الدولة المصرية ، لأنه جعل الشرفاء يعزفون عن الإفصاح عن أرائهم فيما يحدث على الساحة ، باستثناء قلة قليلة تحاول على إستحياء من الحين للأخر، التمترس حول التمسك بقيم الديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، وتفعل ذلك وهى تتوخى الحذر بمحاولة تنميق كلامها ، خشية أبواق إعلامية بعينها معروف عنها الهرتلة ، ومهمتها تشويه الشرفاء ،وفق خطة تبدو ممنهجة.
وحتى لا يقول أحد كيف تقول ذلك وهناك من يعترضون على قوانين أصدرها الرئيس ، ومنها قانون الخدمة المدنية ، فإننى ألفت انتباهكم إلى أننى أقصد النخبة السياسية ، التى صارت "لا تهش ولا تنش" ، وأصبحت أشبه بـ "الطرابيش" بمدلولها الفولكولورى، وليس بمدلولها التاريخى ، ولا يفوتنا هنا التذكير بأن كل الاعتراضات على سياسات النظام لا يمكن التعويل عليها على وجود حرية ، لأنها كلها اعتراضات دافعها اجتماعى وليس لها دافع سياسى ، وليس أدل على ذلك أكثر من رفع فعالياتها الإحتجاجية لصور الرئيس السيسى والاستغاثة به للتدخل وتغيير قوانين هو الذى اتخذها فى شكل قرارات بقانون !
وأخطر ما فى هذا المناخ أنه يهيىء الساحة ليبرطع فيها الأغبياء والمنافقون والانتهازيون ، ويجبر أصحاب العقول المستنيرة والرؤى الصائبة على العزوف عن التواجد فى الساحة وعن الإدلاء برأيهم فى أى قضية مطروحة ، خشية التنكيل بهم أو تشويه صورتهم ، وبالتالى يصاب إعلام الدولة بالتلوث السياسى و يصبح أشبه بضجيج وصخب الطبل والزمر فى زفة بلدى فى منطقة عشوائية لا يعرف أهلها أى شىء عن أضرار التلوث السمعى.
 تلك الأبواق الإعلامية الآن ، سواء قنوات أو إذاعات أو بوابات ومواقع إلكيكترونية أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى ، تطبق فلسفة إعلامية فى منتهى الخطورة ، وهى أنها تنتقى أسوأ و أقبح ما فى الدول الأخرى لإقناع البسطاء فكريا وماديا وهم اغلبية شعب مصر ، بأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان أيام حكم مبارك ، وأبدع مما هو كائن الآن ، فى ظل النظام الحالى ، وقد وصل الخطر فى هذا الصدد إلى حد أن هذه الأبواق الإعلامية صارت تعمل على تكفير الناس بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، فأمريكا فى رأيهم لهم ليس فيها ديمقراطية ولا حرية ولا حقوق إنسان بسبب صورة لضابط هناك يقبض على متظاهر فى وضع "الطرح أرضا"، ومعظم النشطاء وكل قيادات المنظمات الحقوقية والأهلية ، خونة ومرتشون وينفذون أجندة أجنبية !! يا سادة .. مثل هذا المناخ قاتل للإبداع ، بل قاتل للحياة ذاتها ، وتكمن خطورته فى أنه يأتى فى مرحلة فارقة فى التاريخ الإنسانى ، من يتخلف فيها عن ركب العلم والحضارة ، و يعمل خلالها بالفهلوة المصحوبة بالطبل والزمر البلدى ، فانه سيكون فى المستقبل أشبه بالقرود فى "الغابة الكونية" .. ها أنا أنهيت كلامى .. فهل تسمعنى ؟!

26 أغسطس 2015

محمد عبد الشكور يكتب: نظام "كيد النسا "وسلاح "الزغاريد" ؟!!

منذ 30 يونيو وحدوث الانقلاب " المبارك " فى مصر وعزل الدكتور محمد مرسي من رئاسة الجمهورية وسجنه واعتقال قيادات الإخوان والمعارضة ، والزج بآلاف الشباب فى المعتقلات والسجون ، وهذا النظام يدير المشهد السياسي الراهن بطريقة " كيد النسا " ؟!! .
إنهم يفعلون كل شئ ويتخذون جميع القرارات سواء كانت خطأ أو صوابا كيدا فى الإخوان والمعارضة !! ، حتى أن جوقة الإعلاميين والمطبلين منذ الانقلاب وحتى الآن وهم يتغنون بما كانوا يرفضونه أيام حكم الرئيس مرسي ويصورونه على أنه انتصارا للعهد الميمون .
بداية من سد النهضة الذى أصبح فى عهد السيسي مفيدا لمصر ولا يؤثر على أمنها القومى والمائى بل ربما يكون هدية من السماء لمصر وشعبها الطيب الأصيل ، فى الوقت الذى صدعنا فيه نفس الأشخاص أثناء حكم مرسي بأن سد النهضة كارثة ومصيبة كبرى سوف تأكل الأخضر واليابس وتذهب بنا إلى أتون السعير ؟! ومرسي رجل ضعيف بينما مصر تحتاج إلى" دكر " ، ولما جاء " الدكر " كما يرونه قام بالتوقيع على اتفاقية السد مع أثيوبيا دون أن نعرف التفاصيل سوى أنه أعطى الضوء الأخضر لهذا البلد للاستمرار فى بناء السد بموافقته على التوقيع على الاتفاقية دون وجود برلمان ليصدق عليها طمعا فى استجداء شرعية لن يحصل عليها حتى يلج الجمل من سم الخياط ، المهم نكيد الإخوان ؟!! .
حتى مشروع تنمية محور قناة السويس الذى رفضته المؤسسة العسكرية وهاجمه الإعلام أثناء تولى مرسي الرئاسة ، أصبح فى عهد السيسي مشروعا عالميا سوف ينقل مصر لمصاف الدول العظمى وتم إطلاق مسمى " قناة السويس الجديدة " عليه رغم أنها تفريعة لا يزيد طولها عن 35 كيلو مترا وبعمق 8 أمتار كما جاءت فى تصريحاتهم ، فى الوقت الذى تم حفر أكثر من تفريعة بأطوال مختلفة فى عهد مبارك ولم نرى هذه الطنطنة الكاذبة ، ولكن جاءت تصريحاتهم كيدا فى الإخوان لتؤكد أن القناة الجديدة ستجلب 100 مليار دولار سنويا رغم أن القناة الحالية لا يتجاوز دخلها 5 مليار دولار ، وفى ظل هذا الكيد لم يخبرنا مسئول عن كيفية عمل مشروع بلغت تكاليفه حتى الآن حوالى 100 مليار جنيه دون دراسة جدوى ودون معرفة تفاصيل المشروع .
المهم لدى النظام الحالى هو الاحتفال وإطلاق الصواريخ وتسليم العروس " القناة " للعريس " السيسي " كما قال الفريق مهاب مميش أو " مفيش" فى احتفالية ضخمة يتم التبرع لها من رجال الأعمال والمواطنين ، فى بلد يعانى من حالة اقتصادية سيئة وغير مسبوقة " خلى مصر تفرح " .
نفس الهيصة والفرح المبالغ فيه عندما قالوا أن المؤتمر الاقتصادى جلب لمصر 160 مليار دولار وهناك مئات المليارات قادمة وتمخض المؤتمر فلم يلد حتى صرصارا .
ليس مهما أن تفرح مصر بالديون والفشل المهم تفرح ويستمر الكيد الذى تدار به الدولة حاليا فلا معلومات عن مشروع التفريعة وفائدتها إلا كلام مرسل الغرض منه الضحك على الشعب ، المهم " كيد العدا " .
لم ينسوا حتى مشروع جهاز الكفتة لمخترعه اللواء عبد العاطى ، هذا الجهاز الذى اعلنت عنه الادارة الهندسية للقوات المسلحة المصرية ويعالج الإيدز وفيروس سي وجميع الأمراض المستعصية ، والذى تورطت فيه المؤسسة العسكرية وتبنته وثبت أنه اختراع " فنكوش " ووهمى ولم تعتذر المؤسسة العسكرية ولم تحاكم من ورطها فى هذا الوهم ولم يعتذر المطبلون بل على العكس نفس المطبلين لجهاز عبد العاطى رغم عدم مصداقيته علميا وعمليا وعقليا اتهموا من عارضهم بأنهم يكرهون البلد وأنهم خونة ولا يجب أن يعيشوا فى هذا الوطن وهددوا من رفض فكرة الاختراع الوهمى بعدم علاجه أو علاج أى أحد من أقاربه عند بدء استخدام الجهاز لأنهم يشككون فى المؤسسة العسكرية وجيش مصر واتهموهم فى وطنيتهم ، نفس الأشخاص الذين دبجوا المقالات فى مشروع جهاز اللواء عبد العاطى هم من يكتبون الآن ويطبلون لمشروع التفريعة - أقصد قناة السويس الجديدة - كما يقولون - دون خجل أو حتى تريث أو وجود معلومات لديهم عن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع الذى ضخت فيه مليارات الجنيهات فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد ، دون معرفة المكاسب ودون وجود معلومات صحيحة وشفافية وسط تضارب فى تصريحات المسئولين عن تلك المليارات التى ستهبط على مصر بعد افتتاح التفريعة ، المهم الكيد فى الإخوان بنفس طريقة نساء الحوارى فى الأحياء الشعبية كما كانت تفعل " خالتى فرنسا " فى الفيلم المعروف والذى قامت ببطولته الفنانة عبلة كامل ليستمر نظام كيد النساء في هدم الوطن وحرق البلاد طالما هناك من باع عقله للوهم وطالما بقي إعلام توفيق عكاشة وأحمد موسي والإبراشى .
ولأن الزعيم أمل لكثير من النساء اللاتى يعتبرنه بطلا وقائدا عظيما تفتق ذهن بعضهن من اللواتى حملن بنجمه بعمل مليونية للزغاريد فى ميدان التحرير كما قلن حتى يوجعوا الإخوان أعداء الوطن من خلال ألف سيدة يطلقن ألف زغروته مما يعدون .
حيث قالت هدى البدرى، أحد مؤسسى مبادرة "اللى يوجع الإخوان زغرودة حلوة فى الميدان"، أنها تدعو السيدات لنزول ميدان التحرير، والتعبير عن فرحتهن بإطلاق زغرودة موحدة بميدان التحرير، تزامنًا مع افتتاح قناة السويس الجديدة.
وكأن الحرب بين الدولة والإخوان لم يكن ينقصها سوى سلاح الزغاريد الفتاك الذى سيقضى على الإخوان والمعارضين ويقتلهم شر قتلة كمدا وحسرة .
ولم يكن غريبا أن تصرح كاتبة تدعى هويدا طه قائلة : " سنقول مصر تغيرت عندما نستطيع - دون خوف من غوغاء الإسلامجية - أن نواجه الشعب بأن إصراره على الحج للسعودية جريمة بحق مصر اقتصاديا وتاريخيا "ولم يراجعها شيخ أزهرى أو حتى تلميذ فى حضانة ليقول لها أن الحج فى السعودية وفى مكة تحديدا ، ولكن لا شيئ يهم طالما أننا نكيد الإخوان .
لتظل الدولة العميقة وإعلامها المضلل والمطبلون يتعاملون مع الخصوم السياسيين وفق نظريتهم النسائية العظيمة وبأفضل أسلحة نساء الحوارى وهو سلاح " كيد النسا " كسلاح لهذه المرحلة .
واستمرار للهطل وكيد النسا أعلن مهاب مميش متعهد حفر قنوات السويس فى مصر والعالم عن خطة لحفر قناة ثالثة لتصبح مصر متخصصة فى حفر القنوات وربما صارت فى ظل دولة كيد العوازل متعهدة حفر القنوات على مستوى العالم .
ولم يسأل هؤلاء الفريق مميش عن حقيقة هذه التصريحات وأن العملية برمتها بدأت تدخل فى طور الهزل ، والهزل السخيف أيضا فهم لم يكتفوا بالضحك على المواطنين وتسويق الوهم لهم ولكن يبدو أن الأمر قد أعجبهم وأصبح جمع المليارات لعبتهم ، فلما لا وهناك من يصدق وهناك من يدفع ويبيع الوهم للمواطنين ، فلماذا لا تكون هناك قناة ثالثة ورابعة وخامسة حتى تصبح مجموعة قنوات مثل قنوات الجزيرة والشو تايم ، فلا أحد سوف يحاسب ولا أحد يجرؤ على المعارضة أو حتى السؤال ، طالما الأمر كيدا فى الإخوان والمعارضة فلا يضر ، وهناك آلة إعلامية جبارة يجلس أمام شاشات فضائياتها من يتصور أن بعد حفلة ليلة دخلة الزعيم على القناة سوف تصبح مصر من أولى الدول اقتصاديا على مستوى العالم فى ظل قناة تجلب 100 مليار دولار سنويا كما صرح مهاب مميش - وإن لم يكن ذلك حقيقيا - فيكفى استخدام سلاح المرحلة والكيد كوسيلة للقضاء على الخصوم الذين يسببون صداعا للزعيم ، فكيد النساء يؤتى أكله كل حين ولو كره المعارضون ؟!! .

كت أو كونل: 4 ملايين مسلم قتلوا جراء الحروب الغربية.. فهل تعد هذه إبادة جماعية؟

قد يكون من غير الممكن أبدًا أن نعرف العدد الحقيقي للقتلى جراء الحروب الغربية الحديثة على الشرق الأوسط، ولكن هذا العدد هو 4 ملايين ضحية أو أكثر. وحيث إن الغالبية العظمى من هؤلاء القتلى كانوا من أصل عربي، ومعظمهم كانوا من المسلمين، فهل سيكون من العدل اتهام الولايات المتحدة وحلفائها بارتكاب إبادة جماعية؟
في تقرير صادر في شهر مارس بواسطة منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية، يذكر أن عدد القتلى في حرب العراق يصل إلى حوالي 1.3 مليون نسمة وربما يصل إلى 2 مليون. ومع ذلك، يمكن أن يكون عدد أولئك الذين تم قتلهم في حروب الشرق الأوسط أعلى من ذلك بكثير. وفي شهر أبريل، قال المحقق الصحفي نفيز أحمد إن عدد القتلى الفعلي قد يصل إلى أكثر من 4 ملايين شخص إذا لم يشتمل العدد على أولئك الذين قتلوا في حروب العراق وأفغانستان فقط، ولكن أيضًا إذا تضمن ضحايا العقوبات المفروضة على العراق والتي خلفت وراءها حوالي 1.7 مليون قتيل نصفهم من الأطفال، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة.
رافائيل ليمكين وتعريف الإبادة الجماعية
لم يكن مصطلح “الإبادة الجماعية” موجودًا قبل العام 1943، عندما تم صياغته بواسطة محام بولندي يهودي يدعى رافائيل ليمكين. وقد صاغ ليمكين مصطلح الإبادة الجماعية genocide عن طريق الجمع بين الكلمة اليونانية “geno”، والتي تعني سلالة أو قبيلة، مع كلمة “-cide”، وهي كلمة مشتقة من اللاتينية وتعني القتل.
وقد بدأت محاكمات نورمبرج، التي حوكم فيها كبار المسؤولين النازيين بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في العام 1945، واستندت إلى فكرة ليمكين الخاصة بالإبادة الجماعية. وبحلول العام التالي، تم إدراج المصطلح في القانون الدولي، بحسب منظمة ‘متحدون من أجل إنهاء الإبادة الجماعية‘ كما يلي:
“في عام 1946، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا أكد على أن الإبادة الجماعية تعد جريمة بمقتضى القانون الدولي، ولكنه لم يضع تعريفًا قانونيًا للجريمة“.
وبدعم من ممثلي الولايات المتحدة، تمكّن ليمكين من تقديم المسودة الأولى لقرار منع ومعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية إلى الأمم المتحدة. وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار في العام 1948، على الرغم من كون الأمر كان سيستغرق ثلاث سنوات أخرى من أجل وجود عدد كاف من الدول لتوقيع القرار، والسماح بإقراره.
ووفقًا لهذا القرار، تعرف الإبادة الجماعية كما يلي:
“تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال التالية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة ما على أسس قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية، مثل:
قتل أعضاء الجماعة.
إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.
إخضاع الجماعة بشكل متعمد لظروف معيشية بهدف إهلاك الجماعة جزئيًا أو كليًا.
فرض تدابير تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.
نقل الأطفال عنوة من جماعة إلى جماعة أخرى.
ووفقًا لهذا القرار، لا يتم تناول تعريف الإبادة الجماعية بشكل مبسط على أنها القيام بالقتل العمد، ولكنها يمكن أن تتضمن مجموعة أوسع من الأنشطة الضارة الأخرى:
“فرض ظروف معيشية معينة بشكل متعمد تهدف إلى إهلاك جماعة ما يتضمن الحرمان المقصود من الموارد اللازمة من أجل البقاء المادي للجماعة، مثل المياه الصالحة للشرب، والغذاء، والملبس، والمأوى، والخدمات الطبية. ويمكن فرض أساليب الحرمان من البقاء على قيد الحياة من خلال مصادرة المحاصيل، ومنع المواد الغذائية، والاحتجاز في المخيمات، وإعادة التوطين بشكل قسري، أو الترحيل إلى الصحراء“.
كما يمكن أن تشتمل أيضًا على إحداث حالات العقم الجبري، والإجهاض القسري، ومنع التزاوج، أو نقل الأطفال من أسرهم. وفي العام 2008، قامت الأمم المتحدة بتوسيع المصطلح للاعتراف بأن “الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي يمكن أن تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو عمل يتعلق بالإبادة الجماعية“.
الإبادة الجماعية بالشرق الأوسط
هناك عبارة رئيسة في قرار الأمم المتحدة تنص على خصوصية “الأعمال التي يتم ارتكابها بقصد الإبادة“. وفي حين أن الحقائق تدعم وجود عدد كبير من القتلى العرب والمسلمين؛ إلا أنه قد يكون من الصعب إثبات أن الأعمال التي تم ارتكابها كانت تهدف بشكل متعمد إلى إهلاك “جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية“.
ومع ذلك، كان واضع القرار مدركًا أن عددًا قليلًا من أولئك الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية جريئون لدرجة كتابة سياساتهم على هذا النحو كما فعل النازيون على نحو غريب. ومع ذلك، فقد ذكرت منظمة مراقبة الإبادة الجماعية في العام 2002 أن “النية يمكن إثباتها مباشرة من البيانات أو الأوامر. ولكن في كثير من الأحيان، لابد من الاستدلال عليها بواسطة نمط ممنهج من الأفعال المنسقة”.
وفي أعقاب هجمات 11/ 9، استخدم الرئيس جورج بوش كلمات غريبة ومثيرة للجدل في واحدة من خطاباته الأولى، حيث حذر من العودة إلى الصراعات التاريخية والدينية كما كتب بيتر والدمان وهيو بوب في صحيفة وول ستريت جورنال “تعهد الرئيس أوباما بتخليص العالم من الأشرار، ثم حذر من كون هذه الحملة الصليبية أو الحرب على الإرهاب سوف تستمر لبعض الوقت“.
الحملة الصليبية؟ يشير الاستخدام الدقيق لهذه الكلمة إلى الحملات العسكرية المسيحية التي وقعت قبل ألف عام للاستيلاء على الأرض المقدسة من المسلمين. ولكن في كثير من العالم الإسلامي، حيث يغمر التاريخ والدين الحياة اليومية بطرق متعذرة الفهم على معظم الأمريكيين، تعد هذه الكلمة اختزالًا لشيء آخر وهو: الغزو الغربي الثقافي والاقتصادي والذي يخشى المسلمون من إمكانية الخضوع له وتدنيس الإسلام.
وفي الحروب التي أعقبت حرب العراق وأفغانستان، لم تقتل الولايات المتحدة الملايين فقط، ولكنها دمرت البنية التحتية اللازمة لحياة صحية مزدهرة بطريقة منهجية في تلك البلاد، ثم استخدمت جهود إعادة البناء كفرص للربح وليس لصالح الشعوب المحتلة. ولإضافة المزيد لنمط الإبادة الجماعية، فهناك أدلة كثيرة على التعذيب والشائعات المتكررة حول الاعتداءات الجنسية في أعقاب سقوط العراق. ويبدو على نحو واضح أن الولايات المتحدة قد ساهمت في مزيد من زعزعة الاستقرار والموت في المنطقة من خلال دعم صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا عن طريق تسليح الجماعات المتمردة في الأطراف المختلفة للصراع.
وبعد أحداث 11/ 9، أعلنت الولايات المتحدة حربًا عالمية على الإرهاب، ما أدى إلى ضمان وجود دائرة لا نهاية لها من زعزعة الاستقرار والحروب في الشرق الأوسط في خلال تلك الحرب. والغالبية العظمى من ضحايا هذه الحروب، وضحايا الدولة الإسلامية، هم من المسلمين. ويتبنى بعض الأمريكيين، كإرهابيين متطرفين تم صنعهم بواسطة الاضطرابات المتزايدة والهجمات على الغرب، لغة بوش المثيرة للجدل عن الحرب الدينية، داعين إلى وضع المسلمين في مخيمات، أو داعين بشكل مباشر إلى الإبادة الجماعية.

25 أغسطس 2015

عمرو حمزاوي يكتب: محاكم تفتيش بائسة

1. هى حالة سلطوية جديدة تلك التى يتصاعد ضجيجها يوميا فى مصر وتكتسب قوتها الظاهرية من هيستيريا تأييد القمع وتزييف وعى الناس لقبول المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات، ومن تمرير قوانين وتعديلات قانونية استثنائية تختزل الدولة فى حاكم فرد وسلطة تنفيذية وتختزل المجتمع فى كتل سكانية يتعين إخضاعها لثقافة الخوف ومراقبتها لضمان عدم خروجها على الصوت الواحد والرأى الواحد المفروضين رسميا وفى مصالح اقتصادية واجتماعية ومالية إما متحالفة مع الحكم وإما معرضة للإقصاء وتختزل وجود المواطن إما فى دور داعم للهيستيريا يرحب به وإما فى وضعية قلق وخوف وتهديد دائم بالقمع، وتكتسبها أيضا من ترويج مقولات «البطل المنقذ» و«القائد المخلص» والقضاء على «أعداء الوطن من الخونة والمتآمرين» لتمرير حكم الفرد وتغول الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وفساد النخب الاقتصادية والمالية المتحالفة معها.
2. تغتال أوهام تغيرات إقليمية ودولية كبرى تعيد دفع بلادنا إلى مسار تحول ديمقراطى حقيقى حسابات العقل التى تثبت عدم اكتراث القوى الإقليمية وبعض القوى الدولية بأحاديث الحقوق والحريات، وتظهر ازدواجية معايير القوى الغربية وتقديمها المصالح الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية والتجارية على كل ما عداها واحتفاءها بوعود السلطوية بالقضاء على الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسيطرة على الهجرة غير الشرعية.
3. بل إن الأهم لجهة حسابات العقل هو التيقن من أن قيم سيادة القانون وتداول السلطة والتعددية وضمانات الحقوق والحريات لن تتطور مجتمعيا فى مصر أو تستقر مؤسسيا وسياسيا إلا فى سياق اختيار شعبى ركيزته كتل سكانية مؤثرة وقوى عمالية وشبابية ومهنية منظمة تستطيع أن تفرض على السلطوية ابتعاد المؤسسة العسكرية عن الحكم واحترافية المؤسسات والأجهزة الأمنية وتطبيق مبادئ العدالة الانتقالية وقبول تداول السلطة دون حكم فرد أو أساطير أبطال منقذين، وتنجح فى الحفاظ على تماسك كيان الدولة الوطنية وفى دفع جهود التنمية المستدامة المعتمدة على المبادرة الفردية والقطاع الخاص وعلى اقتصاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعلى استعادة مكانة العلم والعدل والحرية والمساواة، وتدير توافقيا التفاوض العام بشأن تحول آمن ومنظم نحو الديمقراطية قاعدته المشاركة وليس الاستبعاد أو العزل.
4. أخلاقيا وإنسانيا ومجتمعيا، ترتبط مسئولية المجموعات المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وعلى نحو جوهرى بالعمل على بناء وعى بديل يباعد تدريجيا بين كتل سكانية مؤثرة وبين الوعى الزائف التى تروجه السلطوية الجديدة ويرتب إما تأييد المظالم والانتهاكات أو الصمت إزاءها، وبالاقتراب اليومى من الناس ومن همومهم الاقتصادية والاجتماعية دون يأس بسبب هيستيريا السلطوية الجديدة التى تحيط بهم أو استعلاء زائف باسم «القيم السامية التى لا ترغب الجماهير فى تبنيها»، وبتوثيق وكشف المظالم والانتهاكات المتراكمة والتضامن مع الضحايا والمطالبة بالمساءلة والمحاسبة دون تبرم من المحدودية الحالية لفرصهما الواقعية، وبالتفكير المنظم فى قضايا وتحديات وأزمات «ما بعد السلطوية» التى مهما اكتسبت المزيد من مكونات القوة الظاهرية مآلها الخواء وغياب المضمون الدائمين ثم الانهيار بفعل واقعها الردىء تناقضاتها الحادة مع بحث الناس عن العدل والحرية والمساواة والسعادة والجمال.
5. أخلاقيا وإنسانيا ومجتمعيا، ترتبط مسئولية المجموعات المدافعة عن الديمقراطية باحترام الاختيارات المتضاربة للمنتسبين إليها دون استعلاء أو ادعاء احتكار الصواب الكامل والحقيقة المطلقة. لسنا فى وارد التورط زيفا باسم الديمقراطية فى محاكم تفتيش متهافتة على الضمائر والنوايا والأهداف لمن يكتبون ولا يعملون على الأرض حقوقيا وتنظيميا أو العكس، ولا لمن يريدون بناء الوعى البديل بعمل حقوقى وإنتاج فكرى وثقافى وأدبى ومعرفى من الداخل أو من الخارج، ولا للباحثين عن إقناع بعض عناصر نخب السلطوية الجديدة ومؤسساتها وأجهزتها النافذة بحتمية التحول الديمقراطى وتداول السلطة كمدخل للتغيير أو لغيرهم من الرافضين قطعيا لمثل هذه الأفكار. فقط المساءلة والمحاسبة عن المظالم والانتهاكات وتطبيق مبادئ العدالة الانتقالية وجبر الضرر عن الضحايا هى التى لا تقبل الاختلاف أو التجزئة.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب : كيف يواجه المثقفون بلاء المكارثية

الاستبداد، العصف بالحقوق والحريات، اجتثاث الخصوم والطعن فى وطنيتهم واغتيالهم سياسيا ومعنويا، زراعة الخوف بين الناس باستدعاء اعداء وهميين أو تضخيم المخاطر الخارجية، اهدار الدساتير والقوانين، التفتيش فى الافكار والضمائر، منع التعدد والاختلاف وتجريم الرأى الآخر، مطاردة المعارضة وعزلها وحظرها و تشويهها، تلفيق وفبركة التهم، محاكمات وإدانات بالجملة خارج اسس وقواعد وضمانات العدالة، اجواء من التحريض والكراهية، هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وسيطرة كاملة على كل المنابر الاعلامية والصحفية والفكرية والفنية والتعليمية، نفاق مأجور أو بالإكراه، قوانين وإجراءات استثنائية، سقوط آلاف من الضحايا الابرياء، انتشار الخوف بين الجميع، هجرة وانسحاب قطاعات واسعة من المثقفين والسياسيين والشباب، العبث بمصائر الناس وأمنها والقذف بها فى مهب الريح.
هذه بعض خصائص ما يسمى بالمكارثية.
***
بعد الحرب العالمية الثانية، قام الكونجرس الامريكى بتشكيل لجنة لمواجهة ما يسمى "بالخطر الشيوعى"، اطلق عليها لجنة "التحقيق فى النشاطات غير الامريكية". وتحت هذا الشعار، قاموا ببث الخوف لدى قطاعات كبيرة من المواطنين الامريكيين من المخاطر الخارجية التى تتعرض لها امريكا. وتوظيف هذا الخوف لتبرير وشرعنة حملات مطاردة واسعة لاى معارضة للنظام وسياساته، سواء كانت يسارية أو حتى ليبرالية .
وهى الحملة السوداء ووصمة العار الشهيرة التى عرفت فى التاريخ الامريكى والعالم كله باسم "المكارثية" نسبة الى السيناتور جوزيف مكارثى، والتى استمرت بعده لتطارد مناهضى الحرب الفيتنامية. والتى أصبحت فيما بعد، ترمز الى كل النظم أو الممارسات الاستبدادية المماثلة فى اى مكان فى العالم، التى تسعى للقضاء على اى معارضة سياسية، والحجر على حرية الانتماء والفكر والاعتقاد والرأى والتعبير والمشاركة.
***
وفيما يلى مقتطفات من صفحة نضال المثقفين ضد المكارثية والاستبداد والدكتاتورية الامريكية، أى ضد أكثر النظم التى عرفتها البشرية قوة وعدوانا ووحشية.
اينشتين:
هاجمته اللجنة المذكورة بوصفه محرضا أجنبيا، وطالبت الشعب الامريكى بالحذر منه !
فتحداها ورد عليها فى خطاب نشرته النيويورك تايمز، جاء فيه:
((ان المشكلة التى تواجه مثقفى هذا البلد بالغة الخطورة؛ فقد استطاع السياسيون الرجعيون أن يغرسوا الشك لدى الجمهور فى كل جمهور المثقفين بالتلويح أمام أعينهم بخطر من الخارج. واذ نجحوا حتى الآن فان يتقدمون الآن لكبت حرية التعليم وليحرموا من مناصبهم كل أولئك الذين لا يثبتون خضوعهم، أى يميتوهم جوعا.
ماذا يجب أن تفعل الأقلية المثقفة ضد هذا الشر؟
بصراحة لا يمكننى سوى أن أرى الطريقة الثورية فى عدم التعاون بالمعنى الذى وضعه غاندى. فيجب ان يرفض كل مثقف يستدعى للمثول امام احدى اللجان ان يشهد، اى لابد ان يكون مستعدا للسجن والدمار الاقتصادى، وباختصار، للتضحية برفاهيته الشخصية لصالح الرفاهية الثقافية لهذا البلد.
واذا استعد عدد كاف من الناس لاتخاذ هذه الخطوة الخطيرة فانهم سينجحون. واذا لم يفعلوا، فان مثقفى هذا البلد لا يستحقون شيئا افضل من الاستعباد الذى ينتظرهم.))
وبعد وفاة اينشتين، نعاه أحد المثقفين الامريكان بالكلمات التالية:
((ان الرجل الذى كان يبحث عن تناسق جديد فى السماوات وفى الذرة، كان يبحث ايضا عن النظام والعدل فى علاقات البشر. وبوصفه اعظم مثقف فى عالمنا المعاصر، حارب الفاشية فى كل مكان وكان يخشى علاماتها فى بلادنا. وهذه هى الروح التى نصح بها المثقفين الامريكيين بتحدى تحقيق الكونجرس ورفض تعريض انفسهم للتساؤل الايديولوجى.))
***
آرثر جارفيلد هايس ـ مؤسس ورئيس الاتحاد الامريكى للحريات المدنية
((ان منهج الفاشيين، منهج هتلر وموسولينى، كان اثارة الرعب من الحمر ثم كبت حريات الشعب لحمايته من الحمر. وقد حان الوقت لندرك ان تكنيك اصدار القوانين لحمايتنا من الاخطار الوهمية هو شئ معاد للحرية، وما نحتاجه فى هذا البلد هو رجال لا يؤمنون فقط بالحرية بل لا يخشون منها.))
ولقد قام "هايس" بتقديم اقتراح ساخر للجنة اثناء التحقيق معه، فحواه ان يقوم الكونجرس باصدار قانون بتخصيص مبلغ 10 بليون دولار لتشكيل لجنة تخترع آلة لقراءة العقل يمكنها عند التطبيق ان تنطق كلمة شيوعى عندما لا يكون الشخص مواطنا مخلصا.
***
آرثر ميللر
((لو تخلى الجميع عن ايمانهم لما كانت هناك حضارة! لهذا فان اللجنة تمثل وجه المتزمتين! وانه لما يدهشنى انك تستطيع الحديث عن الصدق والعدالة وانت تتكلم عن هذه العصابة من كلاب الدعاية الرخيصة!)) فقرة من مسرحية كتبها عام 1966 بعنوان "بعد السقوط ".
***
برتولت بريخت ـ من اهم كتاب المسرح فى القرن العشرين
((انكم تطبقون ما يمكن ان نسميه "بالإعدام البارد" مثلما يطلق على احد اشكال السلم اسم "الحرب الباردة" ... فالمنحرف لا يجرد من حياته، بل فقط من وسائل الحياة. ولا يظهر اسمه فى عمود الوفيات، بل فقط فى القائمة السوداء. ))
***
بول روبسون ـ ممثل ومغنى شهير
((هل يمكننى ان اقول ان سبب وجودى هنا اليوم ..اننى ناضلت لسنوات من اجل استقلال شعوب افريقيا المستعمرة ، و لأننى اتحدث فى الخارج ضد المظالم التى تمارس ضد الشعب الزنجى لهذا البلد...
انه لتعليق حزين ومرير على وضع الحريات المدنية فى امريكا ان نفس القوى الرجعية التى انكرت على حق الوصول الى منصة المحاضرات وقاعة الموسيقى ودار الاوبرا وخشبة المسرح، هم الذين يسوقوننى الآن لاقف امام لجنة تحقيق ... وبديهى ان اولئك الذين يحاولون اخراسى هنا وفى الخارج لن يمنحونى الحرية للتعبير عن نفسى بصورة كاملة فى جلسة يسيطرون عليها..
الذين يعتبرون الدستور قصاصة من الورق عندما يحتمى به الزنوج ..
كيف يمكنهم ان يدعون القلق على الامن الداخلى لبلادنا بينما يساندون اشد الهجمات وحشية على 15 مليون زنجى من جانب البيض والكو كلوكس كلان..!
انهم ينتهجون سياسة حافة الحرب الحمقاء غير المسئولة والتى ستؤدى الى دمار العالم))
***
توم هايدن ـ أحد قادة الحركات المناهضة للحرب الفيتنامية ـ 1968
ان كنتم تتصورون ان الماثل امامكم الان مناضل، فعليكم ان تروا ما سيفعله بكم من هم فى سن السابعة والثامنة خلال السنوات العشر القادمة، لقد علمتوهم الا يحترموا سلطتكم ..
***
جون هوارد لوسون ـ كاتب وعضو فى رابطة كتاب السينما ـ 1947
لمدة اسبوع اجرت هذه اللجنة محاكمة غير شرعية وغير مهذبة للمواطنين الامريكيين الذين اختارتهم اللجنة ليلطخوا ويشهر بهم
ولست هنا لأدافع عن نفسى، او لأجيب على اكوام الزيف التى انصبت فوقى..
ان الدلائل المزعومة تأتى من سلسلة من الواشين، والعصابيين، والمهرجين الباحثين عن الشهرة، وعملاء الجستابو، والمرشدين المأجورين، وقليل من الجهلة والخائفين من فنانى هوليوود. ولن اناقش هذه الشهادات المتحيزة. فلندع هؤلاء الناس يحيون مع ضميرهم، عالمين انهم قد انتهكوا اقدس مبادئ بلادهم.
ان اللجنة تحاول تحطيمى شخصيا ومهنيا، وحرمانى من كسب عيشى، ومما هو اعز لدى بكثير وهو شرفى كأمريكى لا تكسب دلالتها سوى انها تفتح الطريق الى تدمير مماثل لاى مواطن تختار اللجنة محوه.
ان القوى التى تحاول ادخال الفاشية الى هذا البلد وهم يعلمون ان الطريقة الوحيدة لخداع الشعب الامريكى ليتخلى عن حقوقه وحرياته تتلخص فى تلفيق خطر وهمى، لإخافة الناس حتى يقبلوا قوانين قمعية من المفترض ان تحميهم.
***
ستيفن تشركوس ـ عضو حزب العمل التقدمى ـ من مناهضى الحرب الفيتنامية ـ 1966
ان هذه محاكمة هزلية.
انكم ممثلين لحكومة ترتكب جرائم حرب، حكومة تشن حرب ابادة فى فيتنام
انكم تمثلون حكومة الولايات المتحدة ولا تمثلون الشعب
ان الشعب الامريكى سيهب ويحطم هذه اللجنة عندما يعرف حقيقتها
ان المعارضة فى امريكا لحرب الابادة فى فيتنام تتزايد كل يوم
انكم تشنون حملة لتقسيم وإخراس المناضلين والثوريين
بسبب حربكم العدوانية فى فيتنام تتدهور اجور العمال وترتفع اثمان الغذاء والإيجارات والملابس والبيوت وترتفع الضرائب
ان جامعاتكم اصبحت سوقا لبيع وشراء العقول
ان امريكا لا تذهب الى فيتنام لتحرير شعبها كما تزعم، بل من اجل جعلها قاعدة سياسية وعسكرية للسيطرة على جنوب شرق اسيا
ان حكومتكم لا تعبأ بأعداد القتلى، بل سوف تقتل اكبر عدد ممكن من اجل مصالحها
ان عصابة "جونسون" هى الخائنة والمخربة للشعب الامريكى
انهم اعداء شعوب العالم
انهم اكثر قوة ممقوتة فى تاريخ السياسة الدولية ولابد من هزيمتهم
سوف يتم ايقافهم وسوف يهب الشعب الامريكى ويحرر نفسه وسوف يوقف الاعمال الاجرامية لحكومة الولايات المتحدة فى كل انحاء العالم
ان الشعب الزنجى والشعب الفيتنامى لهم نفس العدو؛ وهو حكام امريكا
يموت الشباب الامريكى والفيتنامى من اجل ارباحكم الشخصية
ان الحكومة الامريكية اليوم تنتهج نهج هتلر
ان هناك امريكتين احداهما تمثل الحكام والثانية تمثل الشعب
اننا نتوحد مع امريكا الحقيقية؛ امريكا الشعب
***
ليليان هيلمان ـ كاتبة مسرحية ـ 1952
اننى لا ارحب بأن أجلب المتاعب لأناس كانوا فى ارتباطى السابق بهم، ابرياء تماما من اى حديث او فعل خائن او تخريبى.
لا استطيع ان اضر اناسا ابرياء عرفتهم لسنين طويلة لكى انقذ نفسى، فان هذا يعد بالنسبة لى غير انسانى وغير مهذب وغير مشرف ولا استطيع ولن استطيع أن اقص ضميرى ليناسب موضة هذا العام .
اننى مستعدة لإسقاط حقى فى عدم تجريم نفسى ولان اخبركم بكل شئ تريدون معرفته عن آرائى أو أفعالى اذا وافقت لجنتكم على الامتناع عن طلب تسمية اناس آخرين.
***
دافيد بلات ـ 1951
انتم الذين تعدمون الزنوج دون محاكمة؟ وتلقون القنابل الذرية؟ وتذكون معاداة السامية؟ وتحرقون الكتب؟ وتحرمون فنانين عظام من جوازات سفرها؟ وتقصفون كل ما يتحرك؟ وتحرقون اكواخ الكوريين لتتدفأوا بها دون ان تنظروا اولا هل النساء والأطفال داخلها؟
***
انتهت هذه الجولة مع صفحة النضال ضد مكارثية النظام الأمريكى، والتى استطاع فيها المثقفون بشجاعتهم وتضامنهم ان يكسروا شوكة استبداد النظام ويكشفوه أمام الجميع، ويرغموه على التراجع، ولو الى حين. بل نجحوا فيما هو أخطر من ذلك، حين أسسوا، فى أوج اشتعال العدوان الامريكى على فيتنام، حركة امريكية لمناهضة الحرب، مما ساهم فى انهائها وانسحاب القوات الامريكية.
انها واحدة من المعارك الانسانية الكثيرة و المتعددة، التى تلهم شعوب العالم، الثقة فى قدرتها على النضال والانتصار، والتى تؤكد أن الدكتاتورية عمرها قصير، سرعان ما يكتشف الناس حقيقتها، ويدركون استحالة الحياة تحت حكمها، ويهزمون خوفهم منها، ويتوحدون فى مواجهتها وينتصرون.
****

24 أغسطس 2015

وائل قنديل يكتب: فرق بين أحمد شفيق.. وشفيق أحمد

العربي الجديد
وقع انفجار، أذاعوا نبأه قبل حدوثه، بمبنى خال للأمن الوطني، في شبرا الخيمة، فلم يشأ المثقف المصري (الانقلابي) أن يترك المناسبة تمر، من دون إظهار إبداعاته الأمنية.
تعرف وسائل الإعلام الأمنية، جيدا، من أين يؤتى المثقف، أو يؤكل، فتعد له سؤالا سريعا: هل تعلم، عزيزي مثقف الدولة، أن انفجار شبرا الذي سمع دويه في القاهرة الكبرى وصل إلى قصر محمد علي الأثري الذي يضم أعمالا فنية عريقة وخالدة.. ما رأيك في هذا الحادث الإرهابي الفظيع؟
يشمر المثقف عن ساعده، ويرتدي "الميري"، وينبري للإجابة هكذا: "الحادث التفجيرى ما هو إلا حلقة فى سلسلة تفجيرات تستهدف المباني التراثية، فما بالنا بتراث أمة، ومنجزها الحقيقى، في المعمار وفي المخطوط، وجماعات الإسلام السياسي، وما تمثله ضد أي منجز حضاري، وتنظر لهذا المنجز باعتباره منجزاً وثنيا (شغل كفار)، والعالم الآن يعاني من تلك الردة، وما يجري في العراق من إبادة لحضارة السابقين، وما يحدث فى سورية وباكستان، وتحطيم تماثيل أفغانستان، كل هذا دلالة على توحش التطرف والإرهاب".
ثم يضيف مثقف آخر "فوجئنا بالإفراج عن عدد من المتهمين الإخوان، خلال الفترة الماضية، في الوقت الذي تقضي فيه إحدى الناشطات حكم حبس 7 سنوات، بسبب تظاهرها ضد قانون التظاهر". ثم يطالب بالإفراج عن المحبوسين من أنصار الدولة المدنية، وتعديل القوانين، بحيث تسمح للمثقف بأن يقوم بدوره في مواجهة الفكر الإرهابي المتطرف، مؤكدا أن المثقف دائما ما يقف ضد الإرهاب والإرهابيين".
إذن، سيادة المثقف الجنرال على أتم الاستعداد للانخراط مع المؤسسة الأمنية في مواجهة الإرهاب، ويؤيد أن تحبس وتمتهن وتهدر حقوق الإنسان "الإسلاموي السياسي"، كما تشاء، شريطة أن تمنح كل الحرية لكل من لا ينتمون لتيار الإسلام السياسي.
يدرك هؤلاء جيداً، أنه، لا أحد في تنظيمات الإرهاب، ولا المؤسسة الأمنية التي تمارس الإرهاب نفسه، يعرف، أو يدرك، أن هناك قصراً معماريا تراثيا في شبرا، يضم كنوزا أثرية، كما أنه لا يهتم أصلا، أو يحترم الإبداع الفني، أو يشغل باله به، وبالتالي، لم يكن المعمار الأثري، والإبداع الفني، مستهدفين في القصة كلها، سلباً أو إيجابا.
لكنه المثقف الجاهز دوماً لأداء الأدوار البوليسية، تطوعاً أو تكليفاً، ولعلك تذكر، أو لا تذكر، أن المحرض الأول على طمس اسم "رابعة العدوية" من الميدان الشهير الذي شهد أبشع مذبحة، باركها معظم المثقفين "المحفلطين" في مصر، لم يكن عبد الفتاح السيسي، أو توفيق عكاشة، أو أحمد موسى، بل كان" أحمد " آخر، هو المثقف والكاتب الساخر الراحل أحمد رجب، الذي كتب بزاويته اليومية"نص كلمة" في نوفمير/ تشرين ثان 2013 ما يلي"أرجو أن تغير اسم الميدان والمسجد المسميين باسم رابعة العدوية، أشهر ناسكات المذهب الصوفي في القرن الثاني الهجري، فقد أقرنوا اسمها بالجريمة والدم والإرهاب، كما اتخذوا من الأصابع الأربعة شعاراً لهم، أرجو أن تختار اسما آخر للميدان والمسجد". 

ولم يمهل الموت المثقف الكبير، لكي يرى تحقيق الجزء الأول من أمنيته، بتغيير اسم الميدان، فرحل تاركا النصف الآخر، ليتبناه مثقف آخر، كبير أو صغير، بتغيير اسم المسجد، ليكون آخر ما كتب تماهياً كاملا مع الدولة البوليسية القمعية القاتلة، وعبورا فوق أجساد آلاف الشهداء، للحصول على الأوسمة وجوائز النظام وعطاياه، للمخلصين من أبناء الحظيرة الثقافية، في خدمة المشروع القومي للمكارثية والعنصرية المصرية.
تشغلني كثيرا الوقائع الدرامية المصاحبة لنهاية رحلة المثقف العربي بشكل عام، وأتعجب دائما من اختيارات المثقف نهايته، والتي تجسد، في العادة، خلاصة حياته ومسيرته، فمنهم من يموت بين الشعب والناس والبشر، فتغسله دموع الملايين من البسطاء، ومنهم من يموت على فراش السلطة، فلا تستطيع حفلات التأبين الفارهة، ولا المرثيات الرسمية الفخيمة، أن تصنع حالة حزن حقيقي عليه.
وعلى ذكر النهايات، فجعت بنبأ أستاذ وزميل لي في مهنة الصحافة، هو الكاتب الناصري، شفيق أحمد علي، الأكثر إخلاصا في الحرب ضد التطبيع والسقوط في مستنقعاته، منذ زيارة أنور السادات إلى الكيان الصهيوني، كان المثل الأعلى في كتابة التحقيق الصحفي، وفي التعفف والتجرد وما زلت أذكر مفردتيه الأثيرتين، في الحياة، كما في المهنة "الشفافية والنقاء".
هذا الرجل حلمت، في بدايات حياتي، بأن أكتب مثله، فأنعم الله علي بأن تزاملنا بعد سنوات، مديرين لتحرير صحيفة "العربي" الناصرية في إصدارها اليومي. وها هو يرحل شفافا نظيفا، كما عاش، لم يتلوث قلمه، وهو الناصري القح، بوساخات التحريض على قتل وإبادة الخصوم السياسيين التاريخيين للتجربة الناصرية، من المنتمين للإخوان المسلمين. ولم يقف ماداً يديه ومصعرا خديه على بوابة "30 يونيو" طلباً لمنصب أو وظيفة، منقوعة في دم المصريين من ضحايا نظام المجازر.
مضى، نظيفا، تاركا خلفه أعذب الكتابات عن محمود نور الدين وسليمان خاطر وسعد إدريس حلاوة وسناء محيدلي، وكل الذين استشهدوا من أجل فلسطين.
مات شفيق أحمد، وبقي أحمد شفيق
الإعلامي الأمنجي.. مشروع جاسوس للأجنبي!

23 أغسطس 2015

علاء عريبى يكتب: قانون صحافة «آخر مسخرة»

لم أكن أتوقع للحظة أن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام بهذه «المسخرة،» ولم أتخيل أبدا أن اللجنة التى تم اختيارها من فصيل سياسى واحد لإعداد مشروع القانون سوف تنتهى بنا إلى هذه «المسخرة»، فقد ظننا أن اللجنة التى شكلت من فصيل سياسى واحد(شلة مع بعضينا) قد تضع لنا بعض المواد التى تحطم القيود المفروضة على حرية التعبير، ما سيجعلنا نصطدم مع الحكومة ونصطف خلف الفصيل السياسي لكسر القيود واستنشاق الحريات التي نسمع عنها، لكن للأسف عندما عكفت على قراءة مشروع الفصيل الواحد اكتشفت أن المواد الخاصة بالصحافة ليست غريبة ولا جديدة، وكأنني قد سبق أن قرأت بعضها أو معظمها، أين؟.
رجعت إلى القانون 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة، فوجئت بأن قيادات الفصيل الواحد قامت بنقل مواد القانون نقل مسطرة، ليس هذا فقط، بل إن اللجنة الموقرة قامت أيضا بنقل حرفى لبعض مواد القانون 20 لسنة 1936 الخاص بالمطبوعات، كما قامت بنقل حرفى لبعض مواد القانون رقم 76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحفيين.
وللأسف المواد التى قامت لجنة الفصيل السياسى الواحد بالتدخل فيها، كان تدخلها ضد الصحفيين، وقد تعمدت فى أن تكون الإضافات التى أدخلتها لبعض المواد لصالح الدولة ومع حبس الصحفيين، والمؤلم فى هذا المشروع المنقول دون إشارة لذلك من قبل اللجنة، أنه يجىء لتغليظ العقوبات والإكثار من القيود التى تكبل الصحفيين بشكل خاص وحرية التعبير بشكل عام.
على سبيل المثال المادة رقم 10 من مشروع لجنة الفصيل الواحد، تشجع على إهانة الصحفى أثناء عمله، حيث خففت العقوبة إلى غرامة 10 آلاف جنيه لمن يعتدى بالضرب أو السب أو القذف على الصحفي، بينما كانت العقوبة فى المادة 12 من قانون 96 لسنة 1996، تأخذ بالعقوبات الخاصة بالاعتداء على الموظف العمومى فى قانون العقوبات (وهى 133 و136 و137أ) والتى تصل إلى السجن المشدد والمؤبد.
المادة 40 من مشروع لجنة الفصيل الواحد، جعلت جرائم النشر والعلانية ضمن الجرائم الجنائية بعد أن كانت فى قانون الصحافة 96 لسنة 1996، مجرد جنحة، وهو ما يعنى أن العقوبة ستصبح السجن وليس الحبس، وتبدأ الجنايات عقوبتها من السجن 3 إلى 25 سنة.
المادة 44 فصل واحد، قننت تطبيق المواد(55 و97 و199) من قانون العقوبات، وتتراوح فيها العقوبات بين المؤبد والمشدد والإعدام، لأنها تتناول قضايا قلب نظام الحكم، والمادة نقلت نصاً من المادة بالقانون 96 لسنة 1996.
المادة 45 فصل واحد سمحت لأول مرة للأجهزة الأمنية بمداهمة منزل الصحفى والإعلامي فى قضايا النشر، بعد أن كانت المادة 43 ق 96 لسنة 1996، تتحدث عن مقر عمله.
الأمثلة لا تنتهى ولجنة الفصيل الواحد قد فصلت مشروع القانون تفصيلا مسفا ويدعو إلى السخرية لكى يخدموا على النظام الحاكم، ومساعدته على تقييد الحريات وتكميم الأفواه وانتهاك حرمة بيوت الصحفيين والزج بهم فى السجون فى قضايا النشر والإعلام، بعبارة أخرى لجنة الفصيل الواحد سلمت بهذا المشروع الصحفيين والإعلاميين تسليم مفتاح «نصف تشطيب» للحكومة.
وللأسف الفرق بين أعضاء لجنة الفصيل الواحد ورجال مبارك أن لجنة الفصيل الواحد نقلت نقلاً حرفياً مواد تعود إلى سنة 1936 وسنة 1970 وسنة 1996، دون أن تشير لذلك، وهذا النقل الحرفى له توصيف علمى وقانوني يقال له: ... أو بعبارة أخف: عدم أمانة علمية، أو بصياغة جامعية: عيب توثيق.. مش بقولكم: «فصيل واحد».
‏alaaaoreby@hotmail.com 

19 أغسطس 2015

عبدالوهاب شعبان يكتب: الأمنجية والمصور ..صحافة "محجوب عبدالدايم"

مصر العربية
إنها فقط نكأت الجراح، ولم تأت فعلًا استثنائيًا، فلا تستعذبوا لحظات الفوران العابرة، وانظروا لقبح الواقع، ممهورًا بالسؤال المر : لماذا يتكاثر نسل "محجوب عبد الدايم "في بلاط صاحبة الجلالة ؟
(1)
يسألونك: كيف يمكن لـ"زميلة"أن تفعل بزميل مهنتها هكذا بمنتهى السهولة ؟..قل : انظروا إلى المقربين داخل المؤسسات الصحفية.
في مارس من العام 2013، كان الأستاذ حازم هاشم أحد كبار كتّاب "الوفد"جالسًا في مكتبه، يحتسي قهوة الصباح، ويتأهب لإشعال سيجارته، وكنت في طريقي لإمضاء ورقة من رئيس التحرير، لحظة مروري ناداني الأستاذ : تعالى يا عبدالوهاب..إجلس"، - يميل الرجل إلى تحدث العربية الفصحى- ، جلست، وبينما هو ينفث دخانه في المكان، استطرد قائلًا : يا عبدالوهاب، الموهوب هنا يعاقبُ على موهبته !"، آلمتني العبارة، وسألته كيف يا أستاذ؟!.. الموهوب يكافأ، فقال أنا لا أقصد هنا في الجريدة، أحدثك عن المهنة بشكل عام، فابتسمت، وانصرفت، بعد وصلة دردشة لبضع دقائق، بعدها، اكتملت لديّ الصورة البائسة للمعاناة في هذا الوسط، أن تكون صحفيًا وفقط.. تلك هي الجريمة"!
-خرج الزميل أحمد رمضان من محنته، أما المخبرة التي تستند إلى سُلّم الوشاية في الصعود على أكتاف المطحونين في الأرض، عرقًا وإبداعًا، لم تخرج من الوسط، بل سيروّج الفتّايون بعد هدوء عاصفة "النبل الإنساني"، لضرورة التحقيق معها، ومنحها فرصة الدفاع عن نفسها، ثم بعد تتابع الأيام، ستمر الواقعة كأنّ شيئًا لم يكن، الأزمة ليست في "أماني الأخرس"، إنما في تفاوت الرؤى داخل المؤسسات الصحفية، تلك التي تقرّب من تشاء، وتبعد من تشاء، على معياري "الهوى، والمزاج"، وليذهب أهل الكفاءة إلى الجحيم.
ليست وحدها، بل إن بعضهم يفتتح يومه، بإرسال تقارير عن "تدوينات"زملائه على "فيسبوك"، ممهورة بـ"البرينتات"، حتى تصير قاعدة "المهنة" :الموهوب ينكسر..!
(2)
"قرنان فى الرأس يراهما الجاهل عاراً، وأراهما حلية نفيسة، قرنان فى الرأس لايؤذيان، سأكون أي شىء، ولكن لن أكون أحمق أبداً، أحمق من يرفض وظيفة غضباً لما يسمونه الكرامة، أحمق من يقتل نفسه فى سبيل ما يسمونه وطناً، وليكن لى أسوة حسنة فى الإخشيدى، وذلك لا ريب ظفر بوظيفته لأنه خائن، ورقي لأنه قواد، فإلى الأمام".. محجوب عبد الدايم في "القاهرة 30"
عايشت، وعايش غيري من زملاء المهنة، نسخًا بشرية قادمة من قراها، إلى القاهرة محملة بهذه القاعدة الراسخة، تسحق من يقف حائلًا بينها وبين الوصول لغايتها، حدث ذلك في بداية الرحلة عشرات المرات، وبطرق مختلفة، لا قيمة لجهد صحفي، القيمة لـ"القرنين"، وكلما زاد طولهما، يزيد القرب، ولم يزل في ذاكرتي مشهد طرد إحدى الزميلات، بعد نقل أحد القادمين الجدد تفاصيل جلسة مسائية لـ"رئيس قسمه "تطرقت بشكل عابر لـ"سياسته داخل القسم".
إشكالية هذا الصنف من- "الصحفيين المخبرين"- أن ثمة مباهاة تحدث بشكل تلقائي، بعضهم يجهر بها، حتى يضع من هم تحت التمرين في كثير من المؤسسات بين خيارين، إما جحيم المبادئ الإنسانية، أو "نعيم"القرب المشروط بـ"قَرنيْ"محجوب عبدالدايم، ولا حرج مطلقًا في الإطاحة بـ"زميل"، أو كما فعلت بنت "الأخرس".
(3)
وأضاف الجلاد، أنه كان رئيسًا لتحرير صحيفتي "المصري اليوم والوطن"، وكان يعرف من هم الصحفيين الأمنجية عنده، ولكنه كان يتركهم في العمل، لأنه إذا أقالهم سيتم تجنيد صحفي آخر.. مجدي الجلاد في برنامج "هنا العاصمة "معلقًا على واقعة "أماني الأخرس".
قال هذا، متبوعًا بعبارة: "ده اعتراف، ويطلع أي حد في مصر يقول مفيش"!، بؤس الاعتراف هذا يكمن في التعامل مع الأمر كأنه واقع مفروض، لايمكن تبديله، ويزداد البؤس حين يطمئن يقين الجماعة الصحفية، أن سحق الأجيال تباعًا تحت وطأة "الأمنجية"، شيء اعتيادي، حيث يصير أصحاب المباديء استثناءً في مهنة بالأصل يُفترض أنها تدافع عن القيم والمباديء.
ليس هناك ما يدعو للانتشاء بعد خروج أحمد رمضان من محبسه، وليس انتصارًا منع "أماني الأخرس"من دخول نقابة الصحفيين، إلا إذا اكتملت المبادرة بآلية جادة لتطهير المؤسسات من هذا الصنف، أو على الأقل تيسير المظلة النقابية للجادين المميزين الشرفاء.
(4)
إن أجيالًا كاملة بهذه المهنة تزيد انحطاطها، ولا ترى في واقعة الوشاية بـ"زميل"سوى هامش على متن وشاياتهم الدنيئة ليس للأمن وفقط، وإنما لرؤساء تحرير الصحف، وإداراتها، فكيف ننتظر إمكانية استئصال هذا "الورم"من جسد "الصحافة"المنهك، دون رغبة حقيقية معلنة ؟
قبيل نهاية فبراير 2011، ظهرت أوراق مسربة على صورة قوائم معنونة بـ"عملاء أمن الدولة بالصحف"، وقتها التقيت الأستاذ الراحل عادل القاضي- رئيس تحرير بوابة الوفد-، وسألته: ما حقيقة هذه الأسماء، وكيف يمكنهم الاستمرار في العمل وسط زملائهم؟، فقال مبتسمًا: "حافظ على نفسك، والتزم ضميرك"، رحل الرجل، ولم يزل هؤلاء قابعين في أماكنهم، دون أدنى شعور بتأنيب ضمير، يبدو أن أزمتنا الحقيقية في أن جيل لايريد سوى الحياة بـ"شرف"، وآخر يسعى للقضاء على معاني الشرف.
بحسب إحدى شهادات الزملاء عن واقعة "أحمد رمضان"، سأله الضابط : إنت سبت اليوم السابع ليه يا أحمد؟، فرد الزميل: عادي سبتها ورحت جريدة "التحرير"، يبدو السؤال استدلالًا مؤذيًا على بشاعة المستقبل، كيف يمكن الاطمئنان على مسيرة مهنية إزاء أسئلة كهذه؟!، وهل تعبر صحف بعينها عن "توجهات سياسية مرضية"، أما غيرها فيبدو قابعًا تحت طائلة "وشايات"سلالة محجوب عبدالدايم ؟..كل شيء يشير إلى الأجيال التي تقف منتظرة على عتبات "صاحبة الجلالة"، بأنّ هذا الحلم الجميل الذي راودنا من قبل، ولم يزل يراودهم، محض كابوس مخيف، لا شفاء منه، ولا دواء له.
(5)
خارج سرب الشجب الذي يخفت في يوم أو بعض يوم، تدفع الأزمة دفعًا ناحية وجود دور حيوي لـ"نقابة الصحفيين"، إذا كان القلق فعلًا دب في قلوب قادتها جراء "وشايات المخبرين في المؤسسات الصحفية"، حسنًا فعلت النقابة حين منعت هذه الكائنة من دخول المبنى، لكن ثمة إجراءات لازمة لحماية الصحفيين من تغوّل المؤسسات، إذ لا معنى لجرعة إفاقة بجسد يأكله "سرطان مزمن".
نكأت "الأمنجية"جرحًا غائرًا، لم تستحدثه من العدم، فعالجوه بترًا أحيانًا، وزجرًا حتى حين، وشقوا طريقًا وسطًا بين "نشوة الهتاف"، ومعضلة الاستخفاف.

محمود سلطان يكتب: لماذا أماني الأخرس وحدها؟!

لا أعرف حتى الآن، المقصود من الضجة التي أثيرت حول من وصفت بـ "الصحفية الأمنجية" التي قيل إنها "وشت" بزميلها المصور في الزميلة "التحرير".. وبلغت عنه ضابط الشرطة المكلف بحراسة محاكمة مرسي في أكاديمية الشرطة: "الحقوا إنه إخواني"!
في البداية.. فإنها "محررة عرفية" بمعنى أنها غير مقيدة في نقابة الصحفيين، وبالتالي فهي لا تمثل إلا نفسها "بنت أمنجية" وحسب.. وإن كان ذلك لا ينفي وجود نماذج مشابهة لها داخل الجماعة الصحفية.. بل إن صحفيين وإعلاميين من الوزن الثقيل وملء السمع والبصر، يعملون "مرشدين" عند الأمن.. وبعضهم يُطلق عليه رتب تتدرج من رتبة "مخبر" إلى رتبة "لواء".. وذلك تندرًا على ما آل إليه حالهم البائس من مهانة.
لماذا أماني الأخرس وحدها؟!.. وبالمناسبة لقد اتهمها ـ منذ عام تقريبًا ـ زميل مصور في "المصريون" بأنها بلغت عنه الأمن بأنه يعمل في صحيفة "إخوانية".. تقصد "المصريون".. وأثيرت وقتها ضجة تعاطف محدودة مع صحفي "المصريون" على شبكات التواصل الاجتماعي، وحضرت الأخرس إلى الجريدة واعتذرت للصحفيين وانتهى الأمر.
لماذا النفخ فيما نسب إليها مع مصور "التحرير".. سؤالي لا يعني أنني أدافع عنها أو عن سلوكها "الرخيص" حال ثبوته.. وإنما هو من قبيل السؤال: لماذا التشدد معها والتسامح مع الأمنجية الحيتان الكبيرة على الفضائيات؟!
منذ شهور عاد إعلامي شهير على "أون تي في"، من رحلة "طواف وعمرة" في الإمارات.. لينظم حملة أمنية عاتية على "المصريون" ويحرض عليها الأمن وتساءل: لماذا لم تغلق؟.. واستضاف مساعد وزير الداخلية المسؤول عن الإعلام هاتفيًا، وفي مفارقة مدهشة: قال له الضابط: نحن ملتزمون بالقانون.. فيما راح "الإعلامي ـ الحوت".. يحرض على "البلطجة" ضد الصحيفة خارج القانون.. ويعد الضابط: "اعملها ومالكش دعوى سنتفق مع كل زملائي الإعلاميين بعدم الدفاع عنها"!!.. يعني استبيحوها وها نخليها ضلمة!
ما الفرق بين أماني الأخرس.. وهذا الإعلامي؟!.. طبعا هناك فرق وهو أنه "مش كل الطير يتاكل لحمه"!.. طبعًا توجد أمثلة أخرى كثيرة، ويكفي أن إعلاميًا شهيرًا، خصص حلقة كاملة شتم فيها الصحفية "الأمنجية".. هو نفسه يتهمه زملاؤه بأنه "صحفي أمنجي"!
بالإضافة إلى التوقيت.. فالنفخ في موضوع أماني الأخرس.. جاء بالتزامن مع صدور قانون الإرهاب.. الذي يفوق خطورته على المهنة آلاف المرات من تصرفات أماني الأخرس.. إذ يجعل من الصحافة جريمة وسيحيل الصحفيين إلى عمال نظافة لتنظيف دورات مياه السادة الضباط في أقسام الشرطة.. وفيما كان الإعلاميون "اللي عاملين نفسهم مش أمنجية".. مشغولين بأماني الأخرس.. كانت منظمات حقوق الإنسان الأجنبية، مصدومة وقد روعها القانون.. وبدا لي وكأن المسكينة أماني الأخرس قد استخدمت للشوشرة على القانون ولإحكام شد حبال المشانق على أعناق الصحفيين.. حتى النقابة ذاتها ـ رغم جهودها المشكورة ـ تركت القانون وجريت وراء أماني الأخرس.

18 أغسطس 2015

عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب : دفاعا عن الجمهورية

يوم فرح الرومان بعطايا القيصر، وانشغل المدافعون عن الحريات بجمع الغنائم، وتركوا خنادقهم فوق جبال الحرية، كان على كاتو أن يقف وحده في وجه طوفان التصفيق الحاد، وأن يلتحف الظل في زاوية معتمة فوق مسرح روما المزدحم بالمهرجين، لينال حظا غير هين من الإهمال والتجاهل.
كان القيصر يوزع أرض روما على ساكنيها، ويقسم أسلاب الحروب على الضعفاء والمعوزين، وكان أهل روما يصطفون في سلسلة بشرية محكمة حول قائدهم النبيل لينالوا صكوك العبودية، وكلهم على قلب جندي واحد. لكن هذا لم يمنع الشجاع كاتو من قلب طاولة مجلس الشيوخ في وجه قيصر، معلنا رفضه المطلق تحويل الجمهورية إلى إمبراطورية.
لم ينس المصطفون حول الدائرة الحجرية يومها بؤس كاتو وهو يجر كإرهابي ذليل نحو زنزانة لا تتسع لصرخاته. يومها جاهر أحد أعضاء المجلس الموتورين بثورته معلنا: "والله إن بقائي في السجن مع كاتو خير لي من وجودي في حضرتك أيها القيصر." بيد أن كلمات كاسيوس ديو لم تترك في نفوس من حوله من الشيوخ أثرا يذكر.
وحين اختار شعب إليريا وشعب جول في شمال إيطاليا القيصر حاكما، حذرهم كاتو بأن صناديق الاقتراع قد تصنع طاغية هناك، لكن أحدا من المفتونين بفتوحات القيصر لم يلق بالا لمهاترات كاتو. ويوم خرج الصبح من مرقده، ووقفت سنابك خيل القيصر على أعتاب مدينتهم، أدرك الرومانيون البسطاء أنه قد غرر بهم، وأدرك بومباي قائد الجيش صدق نبوءات كاتو. وشخصت الأبصار نحو متنبئ روما، والتفت حوله الجموع الغاضبة، يومها قال كاتو: "أيها الناس، لو أنكم اسمتعتم لنصحي، لما خفتم اليوم من رجل، أو علقتم أمالكم على رجل."
وبعد حرب أهلية، قتل فيها من قتل، وسحل من سحل، هزمت فلول بومباي وكاتو، والتجأ الأخير إلى زاوية يعلم يقينا أنها لن تقيه طعنات المنتصرين. يومها، عرض الإمبراطور على كاتو الصلح، فما كان منه إلا أن غمس نصل خنجره في خاصرته، رافضا أن يوقع على وثيقة أسر روما لينال حريته.
ربما لا يقرأ نباشو التاريخ عن كاتو، وقد لا يعثر علماء الآثار لمقبرته على أثر. يقينا لم يشارك أحد في تأبين كاتو ونعيه، ولم يقف على ذكره الرواة في أخبارهم، ولم يمجده المتوسلون بالشعر في أهازيجهم، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون فوق شواهد القبور دون أن تسري في أجسادهم قشعريرة حياء. مات كاتو، لكن حلم الجمهورية لم يمت. وانتصر القيصر لكن دماء كاتو ظلت أصدق من كل أحبار المنافقين حول الموائد الحجرية فوق بلاطه الإمبراطوري. وبقي حلم الحرية يتوارثه الكاتويون من كافة الملل والشعوب، وعاشت روما بعد وفاة القيصر.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: دفء العلاقات المصرية الاسرائيلية

((أصبح المصريون وقياداتهم أكثر دفئا تجاه اليهود واسرائيل))
***
كان هذا عنوان مقال نشرته وكالة التلجراف اليهودية "JTA" وتداولته عدد من الصحف والمواقع الاسرائيلية على رأسهم جريدة الجورزاليم بوست.
استشهد المقال والصحف التى نشرته بالزيارة التى قام بها الى القاهرة، وفد الجنة الامريكية اليهودية للقاهرة The American Jewish Committee - (AJC). فتحدث عن الحفاوة التى استقبلهم بها الرئيس المصرى. والتى ناقشوا فيها عديد من الموضوعات على رأسها "كيف يمكن لمصر واسرائيل ان يتعاونا معا ضد الاتفاق النووى الايرانى؟" وكذلك التهديدات الإرهابية الإقليمية، ومحادثات السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والحفاظ على التراث اليهودي المصري.
وعلق"جيسون آيزاكسون"عضو اللجنة الامريكية اليهودية على الزيارة، بقوله "أجد مزيد من التسامح، أجد المزيد من الاحترام لإسرائيل والشعور بالقواسم المشتركة بين الاهتمامات الاستراتيجية المصرية والإسرائيلية و المواقف المشتركة تجاه حماس..."
وكتب بعض المحللين الاسرائيليين أن الحكومة الجديدة في القاهرة في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أسست علاقة ودية مع الشعب اليهودي وظلت وسيطا نزيها في التفاوض بشأن اتفاقات متبادلة المنفعة مع دولة إسرائيل. ولقد شهد القادة الأمريكيين والإسرائيليين تغييرا ملحوظا في سلوك الحكومة المصرية.
وقارن المقال بين الموقف من اليهود فى مصر فى العقود الماضية والذين بلغ عددهم 75000 قبل حرب 1948 و الذى اصبح اليوم لا يتعدى 8 نساء مسنات بالقاهرة، نتيجة معاداة السامية فى مصر واضطهاد اليهود و تجريدهم من المواطنة والجنسية منذ الخمسينات.
وأثنى على الوضع الحالى الذى لم تعد فيه كلمة "يهودى" أو حتى كلمة "صهيونى" تمثل لعنة كما كانت من قبل. واستشهد فى ذلك بمسلسل "حارة اليهود" الذى عكس موقف كثير من المصريين من ان الاخوان المسلمين اليوم وليس الصهاينة هم الذين يمثلون التهديد الاخطر والعدو الاكبر للامن المصرى.
كما انه خلال الحرب بين اسرائيل وحماس في الصيف الماضي، أدانت الحكومة المصرية حماس حليفة الاخوان، لسلوكها التصعيدى ضد اسرائيل. ونشرت محطات التلفزيون التي تديرها الدولة في مصر، مصطلح "إرهابي" لوصف الهجمات الصاروخية التى أطلقتها حماس على إسرائيل.
واشار المقال الى ما قاله السيسى فى مارس الماضى من انه يتحدث الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كثيرا، وهي الممارسة التي لم يسبق لها مثيل منذ أيام كامب ديفيد، وكذلك القواسم المشتركة الذي لم يسمع بها من قبل .
كما ان السيسى قد قام بتعيين حازم خيرت سفيرا جديدا لدى اسرائيل، بعد ان تم سحب السفير السابق منذ ثلاث سنوات فى نوفمبر 2012 بعد ضرب غزة.
كما انه في أعقاب زيادة النشاط الارهابى في سيناء، فان هناك زيادة فى التنسيق العسكرى والامنى بين الجيشين المصري والإسرائيلي .
***
ومن ناحية أخرى نشرت الجورزاليم بوست فى 11 اغسطس تقريرا عن الزيارة التى قام بها "وفد آخر" من الكونجرس لكل من مصر واسرائيل فى 10 اغسطس الجاري، بترتيب من مؤسسة حلفاء اسرائيل Israel Allies Foundation. وهى الزيارة التى حرصت المؤسسة على ترتيبها فى سياق التواصل مع المعارضين للاتفاق النووى. وأن الوفد قد عقد لقاءات مغلقة مع عدد من المسؤولين المصريين. ولقد أعلن الوفد بعد الزيارة بان "مصر مثل اسرائيل ترفض الاتفاق النووى مع ايران."
***
وأخيرا وليس آخرا، نقلت وكالات الانباء ان مطار القاهرة الدولى قد استقبل فى 11 اغسطس الجارى، وفدًا إسرائيليًا فى زيارة سريعة، التقى خلالها عددًا من المسئولين المصريين. 
وكان على رأسه المحامي "اسحق مولخو"، المقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبير المفاوضين السابق مع الفلسطينيين. ولم يتم اطلاع وسائل الاعلام عن أى تفاصيل بشأن هذه المباحثات التى اتسمت بطابع السرية.
***
كانت هذه جولة مع بعض مما تم نشره عن يوميات العلاقات المصرية الاسرائيلية خلال شهر اغسطس الجارى فقط، وفيما يلى بعض الملاحظات :
· نحن بصدد نشاط اسرائيلى مكثف ومحموم فى القاهرة.ففى خلال شهر واحد زار القاهرة ثلاثة وفود، احدهما شبه سرى برئاسة المستشار المقرب لنتنياهو، والآخرين منظمات امريكية شديدة التطرف فى صهيونيتها ودعمها لاسرائيل، ويمكنك متابعة مواقفها من مواقعها الالكترونية.
· تجاهلت وسائل الاعلام الرسمية والخاصة والصحف القومية والمستقلة فى مصر، اى حديث عن طبيعة هذه المنظمات، وخلت من أى نقد لزيارتها الى مصر.
· ليس من المقبول ان تكون القاهرة جزءا من الحملة الاسرائيلية ضد الاتفاق النووى الايرانى. وان تمتنع عن اثارة اى اعتراض على السلاح النووى الاسرائيلى. فهذا يمثل انحيازا فجا وصادما لاسرائيل، وخروجا على السياسة الخارجية الرسمية، التى تمسكت، حتى فى ظل مبارك، بالمطالبة بشرق اوسط خالى من السلاح النووى بما فى ذلك اسرائيل.
· ان التراث اليهودى فى مصر، هو ِشأن مصرى خالص،ومن غير المقبول ان نسمح لأى منظمات صهيونية او غير صهيونية، بالتدخل فيه بالمناقشة او التوصية او الاقتراح او حتى بالتلميح. ففى ذلك انتهاك للسيادة الوطنية، كما انه اعتراف بالرواية الصهيونية، فيما تدعيه من ان اليهود يمثلون شعبا واحدا، وليسوا مواطنين طبيعيين فى بلاد العالم التى يعيشون فيها، وما يترتب علي ذلك من ادعاءات بحق الحماية والاشراف والمتابعة لأى شأن يهودى فى العالم من قبل منظمات الحركة الصهيونية العالمية.
· ان أطروحة "دفء المصريين تجاه اسرائيل" التى تحدثت عنها الصحف الاسرائيلية، هى أكذوبة صهيونية جديدة، فالموقف الشعبى المصرى لم يتغير، فهو لا يزال وسيظل يعتبرها العدو الأول. وانما الذى تغير هو الموقف الرسمى، والذى عبر عنه السيسى بوضوح فى أحد لقاءاته السياسية، حين قال "ان السلام مع اسرائيل أصبح فى وجدان كل المصريين".
· كما أن الادعاء بان المصريين كانوا معادين لليهود وللسامية منذ الخمسينات، هو كذبة اخرى، فاغتصاب فلسطين وذبح شعبها وطردهم واعتداءات 1956 و 1967 والمذابح اليومية للعرب التى لم تتوقف على امتداد 70 عاما، هى السبب فى العداء المصرى والعربى لاسرائيل وللصهيونية ولاتفاقيات الصلح والاستسلام والتطبيع معها.
· ان القاعدة التى صكتها الانظمة والحكومات والحكام المصريين منذ عام 1974، بحظر المعرفة والمعلومات والحقائق والرأى والموقف على الشعب المصرى فى كل ما يخص العلاقات المصرية الاسرائيلية، واعتبارها من الاسرار المقدسة المحتكرة من جانب السلطة، هى قاعدة فاسدة وخطيرة ويجب أن تتوقف.
 ولقد سبق أن أدت الى توريط مصر وتكبيلها فى اتفاقيات غير متكافئة، فرطت فى السيادة الوطنية ومصالح مصر العليا والأمن القومى المصرى والعربى.
· وأخيرا وليس آخرا، على كل القوى والشخصيات الوطنية،ايا كانت مرجعيتها الفكرية أو مواقفها السياسية، أن تخرج عن صمتها وسلبيتها تجاه هذا الملف، وان تنتقد هذه التوجهات والسياسات الدافئة والحميمة التى يتم نسجها الآن مع هذا الكيان الصهيونى المسمى باسرائيل، وان تؤكد رفضها لاعادة انتاج كامب ديفيد فى ثوب جديد.
*****

12 أغسطس 2015

د. سيف الدين عبد الفتاح يكتب: رسالة إلى المطاردين والمطرودين


وإلى كل مهموم ومظلوم في هذا البلد الذي لم يعد أمينا ولا آمنا ولا مأمونا.. وإلى كل أم ينزع ابنها من بين يديها إما قتلا أو اعتقالا أو مطاردة أو طردا، وهي ثابتة القدمين لا تتزعزع وإن كان بين ضلوعها قلب يحترق شفقا أو شوقا.. وإلى كل فتاة من ابنة أو أخت تؤازر الأب أو الأخ أو الزوج لونـًا جديدًا من الحياة لم تعرفه مصر منذ عقود طويلة.. إنها ملحمة ومرحمة الأمة وهي تخرج من استضعافها واستعبادها واستخفاف المستبدين بها، وتقدم راضية ثمن تحررها وانعتاقها من الذل والقيود..
إنها قصة مقدسة وحكاية تعرفها البشرية منذ القدم... قصة الأباة الذين أبوا أن يذلوا أو ينصاعوا للفراعنة المتألهين، وكسروا حواجز السكوت على الضيم والمهانة، ولو كان ذلك بالخروج منها، ولو مسهم من ذلك طائف الخوف البشري الطبيعي، ولو زلزلوا الزلزال الشديد.. إنها قصة نوح الصانع سفينة النجاة من القوم الظالمين، وقصة إبراهيم الذاهب إلى ربه هاجرا ومهاجرا القوم الضالين، وقصة موسى التي هي أنموذج السعي لكير الفراعين المتجبرين فخرج منها خائفا يترقب، خرج من مصر ليعود إليها بعد سنين، حاملا مشعل الهداية والخلاص للمساكين ومفتاح النهاية للطاغين، وقصة عيسى وأمه الهاربين في الاتجاه المقابل إلى مصر من كيد الكائدين.
إنها قصة خاتم النبيين وصحبه الطيبين حين أخرجوا من ديارهم مرة ومرة وطوردوا في كل مكان حلوا فيه، إلى أن أوهن الله كيد عدوهم وهدى الله كثيرا من أهل الضلالة وعادوا إلى أوطانهم سالمين غانمين، وفتح الله لهم القلوب والسمع والأبصار. إنها سنة ابتلاء الجميع تعقبها سنة العاقبة للمحسنين، والهلاك للظالمين، سنن وآيات (إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين)-الآية.
أيها المطاردون التاركون بيوتهم اتقاء هجمات الليل والنهار..
أعلم كم هي قاسية أيام وساعات الذين لا بيت يقرون فيه، ولا نومة ولا حركة يأمنون لها، ولا اتصالات ولا تواصلات ولا عمل ولا معايش يديرونها كسائر الخلق، وكم هو ثقيل على النفس البعد عن الأهل والسكن والشعور بعدم الأمن، وكم هو مؤلم ترك الأوطان قسرا وكرها والعيش في غربة لا قرار لها ولا يود المرء أن تنتهي حياته بها.. لكننا جميعا نعلم أنه انقلاب وحشي يريد أن يسترد ما يعتبره مملكة العبيد وحظيرة القطعان، التي حررتها الثورة منه لبعض الوقت، ونعلم أنه يريد أن يصدر إلينا الخوف والقلق، وأن يجدد فينا حالة اليأس والكمد والاستسلام له كأمر واقع، ولن يكون، ولن يمسنا منه إلا ضرر أو أذى، لكنه لا سبيل له إلى عزائمنا.
إنها معركة العقائد والعزائم والصبر والعمل، ولن نغير عقيدتنا في الله ولا في ديننا ولا في إنسانيتنا، فنحن نؤمن أن الله لم يقم ملكه على الظلم ولا يرضى لعباده الضيم، ولا يصلح عمل المفسدين، وأن الله موهن ومبطل كيد المجرمين، ومهلك الظالمين، ناصر المحبين للحق والخير والعدل، ويعوضنا ويخلف علينا كل ما نقدمه من تضحيات وما نتحمله من متاعب، وأنه لا يضيع أجر العاملين. وعزائمنا مستعصية على أن تلين، فالقلق والمخاوف والاضطرابات بل التزلزل أمور طبيعية تمس الرجال والأبطال، لكنها لا تتحكم بهم ولا تغلب إصرارهم على المواصلة ولا تهزم صبرهم.ز والصبر نصف الإيمان.
أيها الملاحقون داخل الوطن وخارجه..
إن النموذج الفرعوني يستكمل حلقات طغيانه، ويستدعي من كل طريق معاول هدم كيانه وبنيانه، وما هذه المطاردة ولا الإخراج من الديار إلا بعض ممارساته المعروفة، وهو يرسل في المدائن حاشرين ومخبرين، ويتوعد ويهدد بقتل البنات والبنين، ويرانا شرذمة قليلين، ويطالب بتفويض لإعدام القادة والمتصدرين.. لكن كيف تكون النهاية؟.. يأمن الخائفون، ويعود المطرودون، ويقر المطاردون، وينتصر المستضعفون، ويهلك المتفرعنون ومن تابعهم على عماهم وبغيهم.
تذكروا جيدا أننا اخترنا الطريق ولم نجبر عليه، وأننا اخترنا أن نطلب الحرية والكرامة وأن نتحمل ضريبة الطلب، وأنه ليس عيبا أن نتعرض لهذه البلاءات، ولا ذلا أن نطارد أو نطرد من بيوتنا وأوطاننا، فالعيب أن نستسلم لهؤلاء الأغبياء المتغطرسين، والذل أن نرضى بالانضمام لقطعان المطبلين والمزمرين، نحمد الله أن عافانا من هذه مواطن حقارة ونفاق الأنذال وسائر هذه الأحوال.. اليوم مطاردة وطرد، وغدا عودة حميدة وحرية وكرامة .. هذا هو الغد.
ستظلون العلامة والرمز الحقيقى لإنسان يحمل كلمة "لا"، يطارد من أجلها ويدفع ثمنها ويتحمل تكلفتها يعرف أن المغارم قد طالته وأحاطت به ولذلك يتحرك بموقفه الصامد إصرارا لا فرارا، يؤكد الموقف الثابت على قاعدة من العدل والحق، يواجه الطاغية بكل ما أوتى من قوة وقدرة ،يصدع ب "لا" فيتزلزل بها فرعون المتجبر المتكبر ، وستبقى كل صنوف المطاردات لكم عنوانا لوهن النظام المنقلب وخروجه عن حدود المعقول يمارس بطشه بجنون وربما يقصد ذلك ترويعا وترهيبا ،ولكنه يتناسى أنكم ممن يحملون رسالة الحق والعدل والحرية والكرامة ،ستظلون تؤكدون بكل صنوف احتجاجكم أن "الانقلاب هو الإرهاب وأن الانقلاب أصل الخراب".
سنواصل السير في الطريق لا نحيد ولا نميل، ونستأنس بما بيننا من حبل وصل في المبدأ والقيمة والمقصد والغاية، وشعارنا:
"رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين".
"رب نجني من القوم الظالمين".
"عسى ربي أن يهديني سواء السبيل".
"رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير".

11 أغسطس 2015

سامح راشد يكتب: ما بعد "مصر بتفرح"

وسط الاهتمام الإعلامي الواسع بافتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس، حظيت الاحتفالات التي صاحبت الافتتاح باهتمام خاص، تراوح بين النقد الحاد والانبهار الشديد. وبين النقيضين، غابت التعليقات المحايدة والتقييمات الموضوعية، للحدث وللمشروع ككل. ففضلاً عن الطابع الاحتفالي والدعائي للمواقف المؤيدة للمشروع، كان التركيز على الحدث فقط، كأنه بذاته يستحق الاحتفاء، بل التقديس، لمجرد تحقيقه. وإغفال أن أهمية الحدث ومغزاه فيما يفضي إليه من نتائج، وليس فقط فيما يتطلبه من جهد، أو ما يستغرقه من وقت. وهنا ليس أفضل من الاستشهاد بما قاله عبدالفتاح السيسي نفسه، عندما حدد أهمية المشروع في الإعجاز الهندسي والثقة التي منحها للمصريين، في اعتراف علني بعدم جدواه اقتصادياً. ويؤكد ذلك تضارب الأرقام والبيانات المصدرة إلى المواطن والرأي العام. 
السؤال الذي يجب على السلطة الاستعداد لمواجهته، كيف ومتى سيتم سداد مستحقات المصريين أصحاب الأسهم في المشروع الجديد؟ الإجابة التي تم ترويجها، في الأشهر الماضية، أن من حق المساهمين استعادة أموالهم واستلام الفوائد عليها من اليوم الأول لافتتاح المشروع، الأمر الذي يستغرق الوفاء به أربع سنوات، بافتراض تخصيص 50% فقط من عائدات القناة لسداد تلك المستحقات. ما يؤدي، من ناحية، إلى انخفاض الدخل المتوقع من القناة إلى النصف أربع سنوات (بدلاً من زيادته حسب المعلن). ويعني، من ناحية أخرى، أن يحصل المصريون، أصحاب رأس المال، على أموالهم مجدولة على تلك السنوات الأربع، وليس فوراً. وكل هذا بافتراض أن الزيادة المتصورة في عائدات القناة ستتحقق، ويتم تحصيلها من اليوم الأول لافتتاح المشروع، وليس على عدة سنوات، أو حسب تطور حركة الملاحة البحرية والتجارة الدولية، كما تؤكد المؤسسات الاقتصادية العالمية.
لم تشر إلى هذه الحسابات البسيطة آلة الدعاية الرسمية والخاصة، الموالية للسلطة الحاكمة في مصر. في حين استفاضت في شرحها وسائل إعلام أجنبية، ليست معادية لمصر، بل تنتمي لدول صارت تدعم السلطة المصرية بقوة، وتغض الطرف عن أخطائها، أو شرعيتها. فبعد يومين من زيارة دعم قوية، قام بها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لمصر، جاءت الانتقادات لمشروع القناة واضحة ومباشرة وقاسية من "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"واشنطن تايمز". ولم يقف الأمر عند تلك الصحف التي تحمل مواقفها دلالات سياسية مهمة، بل أيضاً بعض المؤسسات الاقتصادية الأقل تأثراً بالسياسة واعتباراتها. فقد جاء تحليل مؤسسة بلومبرغ أشد وضوحاً، وأكثر مباشرة، في انتقاد المشروع وتقليل أهميته للعالم، وبالتالي، جدواه الاقتصادية لمصر والمصريين. ولم تبتعد "كريستيان ساينس مونيتور" عن التحليل نفسه.
المعادلة التي تلخص هذا المشروع أن جدواه محددة ومحدودة، في ظل المعطيات الحالية لحركة الملاحة البحرية الدولية في العالم، ومعدلات نمو التجارة الدولية. والزيادة المأمولة في عائدات القناة، بعد إضافة التفريعة الجديدة وتعميق الغاطس، تظل مرهونة بتلك العوامل. وهذا هو التبرير الذي سيقدم إلى المصريين، مع تأخر تحقق العوائد الموعودة. عندئذ، سيقال إن المشكلة في انكماش حركة التجارة الدولية، وليس لعيب في المشروع، أو لأنه لم يدرس جيداً.
قريباً، سيسأل المصريون الذين ساهموا بآمالهم وأموالهم، عن تطلعاتهم الوطنية وحقوقهم المالية في ذلك المشروع. ولكيلا تحمل السلطة وزر عدم الوفاء بحقوق أولئك البسطاء، سيكون عليها البحث عن وسائل "تصبير" وتهدئة، لتمرير الوقت وإلهاء أصحاب الحقوق. وعندها، لن يكون مفاجئاً أن يطل الإرهاب مجدداً، وتستأنف الأيادي الإرهابية إياها نشاطها، بعد إجازة منحتها لنفسها حتى انتهاء احتفالات القناة-
* باحث مصري متخصص في العلاقات الدولية والشؤون الإقليمية للشرق الأوسط. درس العلوم السياسية وعمل في مراكز أبحاث مصرية وعربية. له أبحاث ومقالات عديدة في كتب ودوريات سياسية. يعمل خبيراً في الشؤون الإقليمية ومديراً لتحرير فصلية "السياسة الدولية" في الأهرام.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: لماذا ترفضون جلاء MFO عن سيناء !

((لقد خرجنا من سيناء بضمانات أمريكية بأن نعود اليها فى حالة تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل. واهم هذه الضمانات هى وجود قوات أمريكية مرابطة فى سيناء)) ـ آفى ديختر ـ وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى الأسبق.
***
الخبر:
نقلت جريدة الشروق المصرية تقارير تفيد بان الادارة المصرية قد رفضت طلبا امريكيا بانهاء مهمة القوات الأجنبية متعددة الجنسية فى سيناء المعروفة باسم MFO.
جاء ذلك فى عددها الصادر فى 2 يوليو 2015 تحت عنوان "تلميحات أمريكية لإنهاء مهمة قوات حفظ السلام الدولية فى سيناء". ذكرت فيه ان الولايات المتحدة وجهت رسائل إلى القاهرة ألمحت فيها إلى رغبتها فى الاستغناء عن وجود القوات متعددة الجنسية فى شبه جزيرة سيناء فى ظل استقرار العلاقات المصرية الإسرائيلية والتنسيق الأمنى والمخابراتى على الحدود بين الجانبين فى مواجهة خطر التنظيمات التكفيرية فى سيناء. بالاضافة الى قلقها على أمن افرادها فى ضوء تدهور الوضع الأمنى فى سيناء.
وتم التأكيد على ذات الخبر مرة أخرى فى عدد الجريدة الصادر فى أول أغسطس 2015، فى انفراد صحفى جديد للصحفية "دينا عزت"، بعنوان " عودة محدودة للحوار الاستراتيجى .." حيث ورد فيه أن القاهرة ليست مستعدة بعد ــ بحسب مصادر دبلوماسية غربية فى القاهرة ــ ورغم التعاون الامنى "الوثيق وغير المسبوق مع إسرائيل"، لقبول الطرح الامريكى بإنهاء عمل MFO التى كانت واشنطن قد اقترحت إنهاء مهمتها، نظرا للتوترات الامنية فى شبه جزيرة سيناء التى اشتكى منها كثيرا السفير الامريكى رئيس القوات "ديفيد ساترفيلد". بالاضافة الى ما تراه وتقدره واشنطن من استقرار كامل فى العلاقات المصرية الاسرائيلية، التى وصفها احد المصادر الامريكية "بدفء متميز بين مصر وإسرائيل لا يحتاج معه البلدان لطرف ثالث اطلاقا."
كان هذا هو مضمون ما ورد فى الشروق.
***
MFO :
على امتداد السنوات السابقة قمت بنشر عدد من الدراسات عن هذه القوات تحت عنوان"كامب ديفيد والسيادة المجروحة فى سيناء" وعناوين أخرى، وفيما يلى أهم ما جاء بها:
· انها قوات لا تتبع الامم المتحدة، كقوات اليونيفل فى جنوب لبنان مثلا، بل هى تتبع الولايات المتحدة الامريكية وتخضع لإدارتها.
· يطلقون عليها ذو"القبعات البرتقالية" للتمييز بينها وبين قوات الامم المتحدة ذو القبعات الزرقاء.
· نجحت امريكا واسرائيل فى استبدال الدور الرقابى للامم المتحدة المنصوص عليه فى المعاهدة، بقوات متعددة الجنسية، وقع بشأنها بروتوكول بين مصر واسرائيل فى 3 اغسطس 1981.
· تتشكل القوة من 11 دولة ولكن تحت قيادة مدنية امريكية.
· ولا يجوز لمصر بنص المعاهدة ان تطالب بانسحاب هذه القوات من اراضيها الا بعد الموافقة الجماعية للأعضاء الدائمين بمجلس الامن .
· وتقوم القوة بمراقبة مصر، اما اسرائيل فتتم مراقبتها بعناصر مدنية فقط لرفضها وجود قوات اجنبية على اراضيها ، ومن هنا جاء اسمها The Multinational Force & Observers "" ((القوات متعددة الجنسية والمراقبون))
· تتحدد وظائف MFO فى خمسة مهمات = ( 4 + 1 ) هى :
1) تشغيل نقاط التفتيش ودوريات الاستطلاع ومراكز المراقبة على امتداد الحدود الدولية وعلى الخط ( ب ) وداخل المنطقة ( ج )
2) التحقق الدورى من تنفيذ احكام الملحق الامنى مرتين فى الشهر على الاقل ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك
3) اجراء تحقيق اضافى خلال 48 ساعة بناء على طلب احد الاطراف.
4) ضمان حرية الملاحة فى مضيق تيران.
5) المهمة الخامسة التى اضيفت فى سبتمبر2005 هى مراقبة مدى التزام قوات حرس الحدود المصرية بالاتفاق المصرى الاسرائيلى الموقع فى اول سبتمبر 2005 والمعدل فى 11 يوليو 2007 ( ملاحظة : لم يعلن عن هذا الاتفاق ولا نعلم ما جاء به ، ولقد وقع بعد سيطرة حماس على غزة )
· مقر قيادة القوة فى روما ولها مقرين اقليميين فى القاهرة وتل ابيب
· المدير الأمريكى الحالي "ديفيد ساترفيلد" David M. Satterfield وهو يشغل هذا المنصب منذ 2009. وقبل ذلك شغل منصب كبير مستشاري وزيرة الخارجية كونداليزا ريس للعراق، ونائب رئيس البعثة الامريكية هناك. كما كان سفيرا للولايات المتحدة فى لبنان. ولكن الأكثر دلالة هو انه تولى منصب القائم بأعمال السفير الامريكى فى القاهرة بعد آن باترسون، جنبا الى جنب مع ادارته للقوات فى سيناء.
· تتمركز القوات فى قاعدتين عسكرتين : الاولى فى الجورة فى شمال سيناء بالمنطقة ( ج ) والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة، بالإضافة الى ثلاثين مركز مراقبة، ومركز اضافى فى جزيرة تيران لمراقبة حركة الملاحة !
**
تكوين القوات وتوزيعها :
· تتكون من قيادة وثلاثة كتائب مشاة ودورية سواحل ووحدة مراقبة ووحدة طيران حربية ووحدات دعم واشارة .
· الكتائب الثلاثة هى كتيبة امريكية تتمركز فى قاعدة شرم الشيخ والكتيبتين الاخرتين احداهما من كولومبيا والاخرى من فيجى وتتمركزان فى الجورة فى الشمال وباقى القوات من باقى الدول موزعة على باقى الوحدات.
· أما فى المنطقة (د) داخل الارض المحتلة (اسرائيل) فلا يوجد سوى مراقبين مدنيين قد لا يتعدى عددهم 100 مراقب ، حيث رفضت (اسرائيل) وجود اى قوات على (اراضيها)
وفيما يلى جدول يبين عدد وتوزيع وجنسية القوات :

     الدولة
                       طبيعة القوات
عدد الافراد
الولايات المتحدة
كتيبة مشاة فى شرم الشيخ
  425    
الولايات المتحدة
وحدة طبية ووحدة مفرقعات ومكتب القيادة المدنية
   235 
الولايات المتحدة
القيادة العسكرية
    27
كولومبيا
كتيبة مشاة فى الجورة فى الشمال
   358
فيجى
كتبة مشاة فى الجورة فى الشمال
   329
 المملكة المتحدة
القيادة العسكرية
    25
كندا
القيادة العسكرية والارتباط وشئون الافراد
    28
فرنسا
القيادة العسكرية والطيران
    15
بلغاريا
الشرطة العسكرية
   41
ايطاليا
دورية سواحل من ثلاثة سفن لمراقبة الملاحة فى المضيق وخليج العقبة
   75
نيوزيلاندا
دعم وتدريب واشارة
   27
النرويج
القيادة العسكرية ومنها قائد القوات الحالى
    6
اورجواى
النقل والهندسة
   87

يلاحظ من الجدول السابق ما يلى :
· تضطلع الولايات المتحدة بمسئولية القيادة المدنية الدائمة للقوات كما ان لها النصيب الاكبر فى عدد القوات 687 من 1678 فرد بنسبة 40 %
· وذلك رغم انها لا تقف على الحياد بين مصر واسرائيل ، ( راجع مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تعتبر احد مستندات المعاهدة )
· وقد اختارت امريكا التمركز فى القاعدة الجنوبية فى شرم الشيخ للأهمية الاستراتيجية لخليج العقبة والمضايق بالنسبة لاسرائيل.
· رغم ان جملة عدد القوات لا يتعدى 2000 فردا ، الا ان كافية للاحتفاظ بالمواقع الاستراتيجية لصالح اسرائيل فى حالة وقوع اى عدوان مسقبلى منها ، خاصة فى مواجهة قوات من الشرطة المصرية فقط فى المنطقة ( ج )
· ان الوضع الخاص للقوات الامريكية فى بناء الـ MFO قد يضع مصر فى مواجهة مع امريكا فى ظل اى ازمة محتملة ، مما سيمثل حينئذ ضغطا اضافيا على اى قرار سياسى مصرى .
· تم استبعاد كل الدول العربية والاسلامية من المشاركة فى هذه القوات.
· ومعظم الدول الاخرى عدد قواتها محدود وتمثيلها رمزى فيما عدا كولومبيا وفيجى.
· ان القيادة العسكرية كلها من دول حلف الناتو.
***
العدو فى سيناء:
كانت هذه هى طبيعة القوات الاجنبية فى سيناء، وأظن انه لا داعى للتذكير بدور الولايات المتحدة التى تتمركز قواتها فى سيناء، فى كل الاعتداءات الصهيونية على مصر؛ فلولا تحريضها وسلاحها ودعمها العسكرى والاقتصادى والدولى اللامتناهى، لما وجدت اسرائيل اساسا، ولما استطاعت ان تحتل سيناء فى 1967، ولا ان تقوم بثغرة الدفرسوار فى 1973، ولا ان تسرق النصر العسكرى فى حرب اكتوبر فى تسويات كامب ديفيد التى جرحت السيادة المصرية على سيناء، وأوقعت مصر فى التبعية الامريكية لما يزيد عن اربعين عاما.
***
قيود أخرى :
ان وجود قوات أمريكية فى سيناء ليس بالطبع هو القيد الوحيد على السيادة المصرية، فهناك القيد الأهم والأخطر وهو تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح وفقا للملحق الأمنى للمعاهدة. وهى الترتيبات التى كان لها بالغ الضرر على أمننا القومى، وهى السبب الرئيسى في كل ما يدور فى سيناء اليوم من اختراق وتجسس وإرهاب وتهريب وتجارة مخدرات ورقيق وأعضاء بشرية ..الخ
وليس صحيحا ما يشيعه البعض اليوم، نفاقا و تضليلا، من ان الادارة المصرية الحالية قد تمكنت من التحرر من القيود العسكرية هناك، مدللين على ذلك بوجود قوات مصرية اضافية الان فى سيناء تكافح الارهاب.
فهو كلام عار تماما من الصحة، فهم يعلمون جيدا ان نشر اى قوات مصرية اضافية فى سيناء يتطلب استئذان اسرائيل وموافقتها على اعداد القوات، وحجم ونوعية تسليحها، وأماكن انتشارها، وطبيعة مهماتها، وموعد انسحابها.
بالإضافة الى أن كل الموافقات الاسرائيلية التى تتم، تخص وتتعلق بالقوات المصرية على الحدود المصرية الغزاوية التى لا تتعدى 14 كيلومتر، وما يحيطها من مناطق فى شمال سيناء، وليس بباقى الحدود المصرية الفلسطينية (الاسرائيلية) البالغة اكثر من 200 كيلومتر.
***
الموقف الثابت للقوى الوطنية:
لقد كان تحرير مصر من قيود كامب ديفيد على رأس مطالب الحركة الوطنية المصرية، و التى قدمت بدائل كثيرة للسلطات المصرية على مدى العقود الاخيرة، بلا مجيب. كان من ابرزها فيما يتعلق بالقضية محل الحديث، هو ما طرحة نبيل العربى حين تولى منصب وزير الخارجية فى الاشهر الذهبية الاولى بعد الثورة، من اهمية استبدال القوات الحالية فى سيناء، بقوات تابعة وخاضعة للأمم المتحدة.
وتأتى أهمية ما قاله العربى، الى موقعه كواحد من داخل النظام ومن رجال الدولة الذين خدموا فى مواقعها وتولوا ارفع مناصبها، وهو ما يعبر عن حقيقة الاستياء الصامت والكامن و "السلبى" لدى قطاعات عديدة فى الدولة المصرية من الغبن الخطير والمهين الوارد فى ترتيبات المعاهدة الامنية والعسكرية.
***
لماذا قدمت امريكا هذا الطلب؟
وفقا للمنشور، فان وراء ذلك سببين؛ اولهما هو الخوف على عناصرها من الحالة الامنية فى شمال سيناء. والثانى هو تقديرها ان العلاقات المصرية الاسرائيلية الحالية قد وصلت الى درجة من العمق والحميمية لم تعد تحتاج معها الى الوسيط الامريكى.
ولكننى لا أستبعد أن يكون وراء هذا المطلب، رغبة امريكية فى تطوير وظيفة قواتها فى سيناء، ليكون لها دورا امنيا، بالإضافة الى دورها الحالى الذى يقتصر على المراقبة. وهو ما يعنى فى حالة القبول الرسمى المصرى، تطوير فى تشكيل وتسليح وتوزيع هذه القوات، واضافة مزيدا من القيود والانتهاك للسيادة المصرية هناك.
***
لماذا رفضت الادارة المصرية الطلب الأمريكى:
لا احد يعلم على وجه اليقين، خلفيات ومبررات الرفض المصرى او المطالبة بتأجيل مناقشته، خاصة فى ظل التعتيم الكامل على ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية، والتى لا نعلم أخبارها الا من مناقشات الكونجرس الأمريكى أو من الصحف العبرية وتصريحات القادة الاسرائيليين الذين يشيدون بالعلاقات الحالية مع مصر ويصفونها بغير المسبوقة، وبالتحالف الاستراتيجى فى مواجهة الاعداء المشتركين، بل وكان لهم الدور الاكبر فى الضغط على الكونجرس والادارة الامريكية لاستئناف المعونة العسكرية لمصر!
***
التفسير المحتمل:
ولكن ربما نجد تفسيرا لهذا الموقف الرسمى المصرى، بتذكر واسترجاع القاعدة الرئيسية "البائسة" لاتفاقيات ونظام كامب ديفيد التى حكمت العلاقات الثلاثية، المصرية الامريكية الاسرائيلية منذ 1979. وهى قاعدة "ان مصر ستظل فى حماية الولايات المتحدة الامريكية من أى عدوان اسرائيلى جديد طالما التزمت بالصراط الامريكى المستقيم."
وهى القاعدة التى تفسر لماذا توقفت اسرائيل عن حروبها العدوانية على مصر بعد ان اعطى نظام السادات/مبارك 99% من القرار الوطنى المصرى للولايات المتحدة، رغم انها شنت علينا خلال ما يقرب من عشر سنوات حربين كبيرتين فى 1956 و1967، ورغم انها لم تتوقف عن اعتداءاتها العدوانية على اشقائنا فى فلسطين ولبنان والعراق وسوريا والسودان وتونس و غيرهم منذ ذلك الحين.
فهل رفضت الادارة المصرية الجديدة، التى نشأت وتربت وترعرعت فى ظل هذه القاعدة ونظامها ونهجها وسياساتها، اخراج الامريكان من المشهد، حتى تحتفظ بدعمهم الدولى وحمايتهم الاستراتيجية وتأمن الغدر الاسرائيلى المحتمل والمعتاد؟
سنرى.
***
وفى الختام، يجب التنبيه والتحذير من ان "العلاقات المصرية الامريكية الاسرائيلية" كما اسسها السادات ومبارك، يعاد اليوم اعادة انتاجها وتثبيتها وتحديثها بل وتعميقها وتطويرها فى ذات المسار ووفقا لذات القواعد. وهو ما لم يعد الصمت عليه مفهوما، سوى ان الصامتين، لا قدر الله، قد تغيروا و تراجعوا وقرروا تأييد ومباركة التبعية للولايات المتحدة الامريكية ونظام كامب ديفيد واتفاقياته.
****