في حيثيات ومعطيات الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي وأطاح ـ من خلاله ـ بالرئيس المنتخب ديمقراطيا لم أفاجأ بمواقف من قاموا بتأييد السيسي كمتفاجئ بتأييد فئة الفنانين التائبين للانقلاب العسكري وتأييدهم لشخص عبدالفتاح السيسي وزمرته التي تلاقت مصالحها مع الانقلاب.
وما زاد الطين بلة تحمسهم الشديد للانقلاب فلم يكونوا "خاورين مستحيين" أي مؤيدين من تحت الطاولة أي أن هواهم مع الانقلاب، لا، بل زادوا على ذلك أنهم لم يتورعوا من الظهور على شاشات التلفزيون وتصريحهم بأنهم مع السيسي قلبا وقالبا، وأنهم يؤيدون كل الخطوات التي قام بها وسالت بسببها دماء صفوت أبناء مصر.
تمر أمامنا ـ في هذا السياق مواقف الفنان/ حسن يوسف والفنان/ محمود الجندي والفنانة/ منى عبدالغني والفنانة/ عفاف شعيب وسهير البابلي وحنان ترك وصابرين باستثناء الفنان/ وجدي العربي, الذي واصل موقفه المناهض للانقلاب, أما البقية فللأسف الشديد, كان موقفهم صادما لمن كان يرقب مواقف هؤلاء.
قبل فترة وأنا أتابع برنامج "الستات ما بيعرفوش يكدبوا" الذي تشارك فيه بالتقديم الفنانة/ منى عبدالغني قالت "إن على الذين ما زالوا في الشوارع عليهم العودة إلى بيوتهم لترك البلاد والعباد تشتغل وتبني مصر" وعلمت حينها أن ثمة حقدًا دفيناً يكنه هؤلاء الفنانون التائبون للإخوان لم يظهر على السطح حتى جاء الانقلاب، في شماتة واضحة منهم للإخوان، والشيء الصادم أنهم ـ أي هؤلاء الفنانون ـ كان ينظر إليهم في الوسط الفني على أنهم بتوع ربنا، وأنهم قدوة للآخرين، اليوم هل أصبحوا كذلك، سؤال يحتاج إلى إجابة ممن كانوا يرون فيهم مشاريع للالتزام والتدين، والفهم الصحيح للإسلام، فما رأيناه منهم لا يتعدى كونه خروجا عن المبادئ التي ترفع صاحبها نحو آفاق رحبة من الاعتزاز بإسلامه وتدينه، ثم موقفهم ذلك المؤيد للسيسي وانقلابه على ماذا بنوه، وبماذا اقتنعوا حتى يقفوا موقفهم ذلك غير حقدهم على الإخوان وحبهم في عدم التعاطي على فوزهم في الاستحقاقات الانتخابية، على الرغم من علمهم أن دولة الاخوان هي التي كانت ستضمن لهم المناخ المناسب للفن الذي يريدونه، لكنها المهازل التي رافقت الانقلاب العسكري في مصر عندما وقفت فئات من الشعب بصف الانقلاب في وقت لم يكن أحد يتوقع اتخاذها موقفها تلك تماما كالذي حصل من قبل الفنانين التائبين، إنها مهزلة وأي مهزلة من الفن إلى الالتزام إلى الارتماء بين أحضان السيسي..
ومع ذلك أقول إنه قد يكون صحيحا أن مواقف هذه الفئة المحسوبة على الاسلاميين مفاجئة, لكنها لم تكن غريبة خاصة حينما نعلم أنهم لا يملكون فهماً واعياً لحقيقة الالتزام، السيسي نفسه كان الفكر الاسلامي يتخلل عقله وفكره ووجدانه ولكن بالطريقة المزاجية التي أرادها، أي أنه يأخذ من الذين ما يشاء ووقتما يشاء ويترك منه ما يشاء ووقتما يشاء، وإلا ما ذا يسمى انقلابه على الحافظ لكتاب الله, حاضر الفجر, الذي يؤم معاونيه في الصلاة وقت العمل .
فضلا عن تشربه للفكر الإسلامي فقد نعتته رويترز بالضابط الشاب المسلم والملتزم الذي ترتدي زوجته "الحجاب"و يعي حدود دور الجيش، بالإضافة إلى ميوله الإسلامية.
ويا للعجب فنانون تائبون محسوبون على الإسلام، وموصوفون بالقدوة، وبتوع ربنا كما يقال، والسيسي أيضا ذا ميول إسلامية، ومتشرب للفكر الاسلامي، وصاحب تدين، ومع ذلك، الاخير مارس وما زال صنوف القتل وبشاعته، بتأييد من الاول، فهل ما حدث انقلاب وافق الكتاب والسنة أم أنه ذبح على الطريقة الاسلامية..
لكن طالما والسيسي يتشدق بخوفه من الله ويقسم دائما بذلك فإنني أقول له رسالة وجهها إليه أحد الشعراء يقول له
قِفْ عن القتل فقد جاوزت حدَّك * واتّقِ الله الذي إن شاء هدّك
قِفْ عن القتل فإن القتل نارٌ * سوف تُصْلِي رأسكَ الخاوي وزِنْدَك
وستشوي وجهك الممسوخ شياً* وستشوي حزبك الغاوي وجنْدَك
قِفْ عن القتل فقد أسرفت حتى * أصبح الشيطان في الطُغْيان نِدَّك
لكأني ببقاع الأرض تبكي * و تُثير الرَّمل والحصباء ضِدَّك
... لست إنساناً رشيداً ،قد رأينا * منك غياً وفقدنا منْك رشدك
إنني أُبصر في وجهك ذلاً * أنت من يحمله في الناس وحدك-
إنه ذُلُّ الخطايا والرزايا * والخيانات التي تنقض عهدك
إنه ذل احتقار الشعب أمسى * وصمة العار التي تبرز عندك
وصمة ما وجدت فيك جبينا * فاستدارت رقعة تملأ خدك
أيها المسرف في القتل ستلقى * عند بوابتك السوداء لحدك
إن من شدك نحو المجد وهماً * وادعاء ،هو نحو الذل شدَّك
إن إبليس الذي أعطاك وهماً * هو للإجرام والظلم أعدك
فانتظر عُقباك في الدنيا ضياعاً * وانتظر عند إله العَرْشِ وعدك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق