يقيناً ليس منتهى المعلومات، ولكن ذلك ما سنختم به، والآن إلى مقالنا الأساسى اليوم.
الوقت والأعمال العظمى والتكلفة المبدعة والعمل على التوازى، تلك رباعية وتظللها خامسة، تجتمع عند المدير المحترف.
1ـ فهو يعظم استثمار الوقت، ومن ثم فهو ينجز ما لا ينجزه آخر فى نفس الزمن.
2ـ ولا يتخير إلا الأعمال «الكلية» التى تتعدد فوائدها وتَعظُم عوائدها وتُولِّد مشروعات جديدة متبثقة «لا متناهية» صدقونى، فتغطى بشمولية نواحٍ مترامية.
3ـ التكلفة المبدعة سمةٌ رئيسة فيه، وقد وصفتها بالمبدعة لأن إدارة الإمكانات تحتاج حقاً إلى إبداع، فمدخلات هذا المدير المحترف فى كل أعماله وشئونه، محددةٌ من حيث الاحتياج المحسوب، ومدققةٌ من حيث السعر والجودة، ثم هى فى محلها وفى وقتها دائماً، فلا يعتريها نقصٌ ولا تتجاوز إلى هدرٍ، ويجيد دائماً توظيفها فيعلى من شأن مخرجاتها فعوائدها.
4ـ هو يعمل على التوازى ليس فقط لأنه صاحب رؤية شمولية مبدعة، ولكن لأنه أيضاً يجيد ترجمتها إلى سياسات وبرامج، الواقع يصدقها، أما مساعدوه فهم أياديه المتعددة المنفذة لكل ملف، هؤلاء الذين تخيرهم بعناية ابتداءً واختبرهم، ثم انضبطوا معه جميعاً على موجة ونهج ومنوال، فوثق واطمئن لأدائهم، ومع ذلك يظل متابعاً لهم، مقيِّماً لأدائهم ومقوِّماً له إن استلزم الأمر، بل ويتعلم منهم رغم أنه معلمهم، فهذا شأن المبدع دائماً، فى فكره وحراكه وتجاربه وعلاقاته، يبحث عن الجديد ويطور القديم ويقوم ما يلزمه التقويم.
5ـ أما أجواء وبيئة العمل، المادية منها والمعنوية على حدٍ سواء، فحدث عنها ولا حرج، فهى تمثل عنده استثماراً ابتدائياً، مردوده المادى أضعافٌ مضَعَّفة، لذلك فهو لا يعرف إطلاقاً التعبير العبيط «الحد الأقصى للمرتب».
نحن مع إلغاء الدعم إلى أبعد الحدود، أقصد الدعم العينى للسلع بل وللخدمات كذلك، وقد كتبنا عن ذلك فى بدايات الألفية الثالثة، ولكن ألا يصل المسؤول ببحثه إلى مستحق ولو واحد فقط ممن يستحق مثل أقرانه المعوزين للدعم النقدى، فوالله سيُسأل المسؤول عنه يوم الدين، أما كيفية الوصول لكافة المستحقين للدعم النقدى، فهو أمرٌ متاحٌ وسنقدمه للمسؤولين بإذن الله، ولكنى سأتحدث اليوم عن واحدة من التداعيات الأخرى التى يجب أن نتحسب لها عند إلغائنا للدعم العينى، وحلها أيضاً متاحٌ بإذن الله.
يعانى الفلاح المصرى وبالذات منذ العقدين الأخيرين من عصر مبارك، من زيادة تكلفة المدخلات الزراعية، وهذا القطاع الحيوى من حياتنا المصرية أقصد القطاع الزراعى يحتاج إلى عناية فائقة من الدولة من قبل إلغاء الدعم فما بالنا بعد إلغائه؟!..
الأمر هكذا إذا، يحتاج إلى عملٍ ابتدائىٍّ سريعٍ يمكن تحقيقه بسرعة نسبية لن تعطلنا بإذن الله، والعناية التى أقصدها من الدولة لا تنحصر فى العناية بالفلاح فقط، وإلا أكون متناقضاً مع مقدماتى، ولكنها هى عناية بالقطاع وتعظيم مردوده على الدولة، وهو ما سينعكس تلقائياً وفى نفس الآن على الفلاح، بدون تكلفة مباشرة تتعلق به.
والعجيب أن التكلفة العظمى للنهوض بهذا القطاع من حياتنا، منحصرة فى التنظيم والمعلومات والقضاء على الفساد، صدقونى فهذه الثلاثية هى أكثر إن لم تكن كل التكلفة المنحصرةٌ فى عملية التأهيل المرجوة، فما بالنا بالعوائد غير المباشرة أيضاً، التى يقيناً بإذن الله سنحصدها فضلاً عن العوائد المباشرة العظمى، حال أن تصدينا بالعناية لهذا القطاع الهام، والذى يغطى بصورة مباشرة الملايين من المصريين، ويشمل بصورة غير مباشرة بقية المصريين جميعاً؟
نعم سنحقق ذلك بإذن الله بعد أن يفرض الخبراء رؤاهم على الدولة، فهذا القطاع وبموروثه الحضارى المتراكم الذى أنعم به الله علينا، قطاعٌ مازال بكراً ليستوعب فرص تشغيل متنامية، لدولة تعانى للأسف من البطالة، لسوء الإدارة، والتى تزاوجت مع الفساد كذلك.
صدقونى الملفات التى كان يمكن أن ننهض بها منذ حكم المجلس العسكرى وإلى الآن، والتى تشمل كل قطاعاتنا الاقتصادية والخدمية، ورغم كل ما اعترى المرحلتين العسكرى منها والمنتخب، مما أسميناه بالتعويق وهو حقيقة، ومع ذلك فنطاقات عديدة كان بإمكاننا أن نعمل بها وأن نعظمها ولكننا تخلفنا، لقصورٍ بنا.
لذلك فالمشروع الذى نقوم عليه اليوم ليستقطب كل مخلص من خبراء مصر ممن هم خارج السلطة ولا يتطلعون إليها، وممن هم خارج أطماع الأقلية العاجزة ويمقتون غاياتها، ومع اختلاف توجهاتهم السياسية، وحتى من يمارس منهم السياسة وحتى من ينتسب منهم لأحزابٍ، ولكن يتقاطعون فى حب الوطن وفى الإبداع العلمى له، وبعوائد معتبرة وغير مسبوقة، للدولة وللمنخرطين فى المشروع كذلك، هؤلاء الذين سيقدمون الإبداع ويترجمونه إلى حقيقة يحصد الجميع عوائدها المنظورة، هو ما سنقدمه قريباً، للنهوض بمصر وبأهلها الصابرين بإذن الله.
* بالتأكيد ستظل المعلومات «العميقة» هدفاً يجب أن نصل لفك طلاسمه، وإلا فلن نقيم دولتنا المأمولة، وحين حذرنا ومبكراً بل وتحدثنا قبل الثورة وبعامين ثم فى أيامها الأولى عن الدولة العميقة وكيفية اختراقها بـ «رشادٍ وتوازناتٍ» بل وعندما تحدثنا عما أسميناه ومبكراً «جهاز البلطجية ومن يوظفه» بل وعندما تحدثنا ومبكراً أيضا عن ضرورة السيطرة على «مصلحة الأحوال المدنية» حتى نتقى البطاقات الوهمية وتوظيفها....... ، ثم عندما تحدثنا بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وعن أن هب أن هناك 50 ألفاً من «هؤلاء» يحمل كل واحدٍ منهم عشرين بطاقة رقم قومى وهمية، ومقيدة انتخابياً فى عشرين دائرة بمحافظة أو بمحافظتين متجاورتين يمكن التصويت بها على مدار اليوم الانتخابى، يعنى مليونأً من الأصوات كما يمكن مضاعفتها بمضاعفة يوم الانتخاب أو بمضاعفة الـ «الخمسين ألفاً» كذلك، وحين قلنا أنه بدون معلومات «عميقة» ومن ثم معالجة فى أدنى الأمور تُحيد وبرشاد وعبر اتفاق، مؤسسة من مؤسسات الدولة العميقة، فنشركها معنا، ومن ثم يمكن تطهير مؤسسات أخرى، تطهيرها أيسر، فذلك عملٌ مستحقٌ، إن كنا نرجو امتلاك ناصية الدولة، وحين قلنا ذلك كله و«غيره» فلم نكن وقتها نملك ما أعلن عنه المهندس أبو العلا ماضى مؤخراً، عن كون المخابرات شكلت تنظيماً من 300ألف بلطجياً وسلمته فى النهاية لأمن دولة مبارك.
واليوم أضيف وبفرض صحة ما ذكره ماضى، أن هؤلاء الـ «300ألفاً» وبفرض أن تم توظيفهم فى البلطجة وانتخابياً كذلك، فهل هناك من هم أقل كثيراً من هذا العدد، ولكن وُظفوا فى شأنٍ «آخر» وببطاقاتٍ وهمية كذلك، ولكن فى غير الانتخابات؟
ثم الأهم كذلك، أن الموضوع أعرض وأعمق ، فى العناوين والتفاصيل كذلك، «سياسة وأمن، واقتصاد كذلك».
نعم، وليس منتهاهُ البلطجة، هكذا كان تقديرى ومبكراً، فهل تصدقونى اليوم، وهل آن للتعاطى العلمى الهادئ وبعيداً عن الاندفاع أو الارتجالية أو الجزئية، أن يسود؟
أما السؤال الآخر الذى يؤرقنى وبفرض صحة الموضوع، هل تصريح ماضى نقلاً عما قال أنه سمعه من الرئيس، هو تسريبٌ عمدىٌّ مقصود ومعدٌ له مسبقاً، وهل أُعد له حقاً كما ينبغى؟ لا أظن.
أم أن ما صرح به ماضى، هو بوحٌ بسر دون استئذانٍ أو أنه لم يصمد على كتمانه؟
الله أعلم، ولكنى أتحفظ فى الحالتين، سواء كان تسريبأً دون إعدادٍ جيدٍ من الرئيس واستكمال لـ «الواجب»، أو لو كانت فلتة لسان، لم يسبقها تفكير؟
ذلك تحليلٌ نظرىٌ، لأن المعلومات تعوزنى، كما أنه تحليلٌ نظرىٌ، لا أثر له على الود والتقدير لصديقى العزيز صاحب التصريح، رئيس الحزب الواعد.
* حسن عبدالرحمن كنزٌ استراتيچىٌّ، إلحقوه قبل أن يموت، والله إن كنت من الرئيس «لاستثمرته» فسجنه لن يفيدنى، ولحمدت الله كثيراً أنه عندى هنا، ولم يلتحق بمرؤسيه إلى الإمارات، فهل يدركه الرئيس قبل.... .
لكن استثماره واستخلاص كل ما عنده يحتاج إلى عمل «فاهمٍ»، لديه «الأسئلة»، وقادر على تقييم الإجابات ومدى صدق عبدالرحمن فيها، وإلا فعن ماذا سنسأله، إن كنا لا ندرى ولا نعى عن ماذا سنسأله؟!..
حسن عبدالرحمن على أهميته القصوى لا يكفى وحده، ولكن يتوقف الأمر فى تحديد غيره، على الوعى «أولاً» بالموضوعات الأخرى وارتباطاتها، وإلا فكيف سنحدد من سنستخلص منه المعلومة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق