بقلم
اليوم على كل من اتهم الشعوب العربية والاسلامية بان عقولها تخضع لنظرية المؤامرة ، واستماتوا فى تكريس هذه الخطيئة ( وهى بالفعل خطيئة لا تغتفر واستخفاف بعقولنا ) عليهم ان يعتذروا اعتذارا قويا يعلنوا فيه أسفهم وندمهم على هذا الاستخفاف وهذا الاستهتار الذى لا مبرر له سوى انهم كانوا ممن استهانوا بقوة العقول العربية ، وبهرتهم قوة اعداءنا وبطشهم ومكرهم ، فنظرية المؤامرة لم تكن من صنع خيالنا ولكنها حقيقة موجودة نراها يوميا فى تحركات العدو وتخطيطه وتدبيره وملامح عقليته البغيضة الهادفة الى تدمير تلك الامة ، رغم كل ادعاءاته وأكاذيبه عن السلام والتطبيع وايمانه بالحوار وحسن الجوار التى لم نصدقها يوما ، ونراها فى تصرفات وكلائه وعملائه وجواسيسه فى المنطقة الذين نصبوا أنفسهم أصحاب شرعية تعمل على خدمة القضايا العربية والاسلامية ، وماه م الا سدنة وخدام الكيان الصهيونى المغتصب .
عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ، خلال تسليمه خلفه مهامه (الجنرال آفيف كوخفي) منذ أيام ، تحدث عن انجازات جهازه الاستخبارى العسكرى خلال الأربع سنوات ونصف الماضبة ، وأعترف بفخر بأنشطة هذا الجهاز ، وتباه بتلك الانجازات التى شملت عمليات اغتيال ( اهمها اغتيال عماد مغنية وعلماء ذرة وسياسيين ايرانيين وسياسيين لبنانيين ومنهم الحريرى ) واختراق جهازه لمعظم الدول العربية والاسلامية والافريقية عبر العملاء وشبكات التجسس المنتشرة ( فى لبنان ومصر وفلسطين والعراق والسودان وليبيا وتونس والمغرب واليمن وايران )
من يستمع الى تصريحات عاموس عليه الا يندهش من تلك الانجازات التى حققتها اسرائيل فى اختراق بلداننا واغتيال رموزنا وقادتنا مادامت تتمتع تلك الدولة العنصرية بغطاء دولى ولها أذرع فى أوطاننا تنفذ مخططاتها ، فاسرائيل هذا نهجها واسلوبها فى التعامل مع العرب والمسلمين كما لو كانوا اناس لا حق لهم فى الحياة وماهم الا اعداء يجب التخلص منهم بالقتل ، فى الوقت الذى تعمل ماكينة اعلامها على اظهارها بمظهر الدولة الديمقراطية داعية السلام وتصورجيشها يتمع باخلاق عز مثيله بين جيوش العالم.
تصريحات عاموس لا يجب ان تمر على العرب والمسلمين مرور الكرام فهى رسالة لها معانى كثيرة ولابد من قراءتها قراءة بوعى وعمق :
1 – فهى اعتراف صريح بالقتل والاغتيال لعماد مغنية والحريرى والعديد من الشخصيات اللبنانية .. فهل آن الآوان ان يفيق اللبنانيين من غفوتهم ، ويدركوا الهدف من تلك الاغتيالات التى اعترف عاموس ان دولته هى المستفيد الاول منها لمحاصرة حزب الله وابعاد الجيش السورى عن لبنان ، واثارة الفتن الطائفية فيه بين السنة والشيعة بتغذيته لميليشيات لبنانية كانت على علاقة باسرائيل منذ السبعينيات على حد قوله ؟ اما آن الآوان للبنانيين ان يتحدوا فى وجه كل من يتعامل مع هذا الكيان الغاصب ويسهل له انتهاك سيادة لبنان ؟ أما آن للبنانيين ان يمتلكوا القدرة على التمييز بين من يدافع عن لبنان ويحفظ أمنها وبين من يهدد امنها ؟
2 – عاموس اعترف فائلا :( لقد كان لحادثة اغتيال رفيق الحريري الفضل الأكبر في إطلاق أكثر من مشروع لنا في لبنان، وكما كان للخلاص من عماد مغنية الفضل في الولوج إلى مرحلة جديدة في الصراع مع حزب الله، يجب مواصلة العمل بهذين المخططين ومتابعة كل أوراق العمل على الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد صدور القرار الظني الدولي، والذي سيتوجه إلى حزب الله بالمسؤولية عن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري للانطلاق إلى مرحلة طال انتظارها على الساحة اللبنانية، قبل التوجه إلى سورية؛ المحطة النهائية المطلوبة، لكي تنطلق جميع مشروعات الدولة اليهودية، بعد الإنجاز الكبير في العراق والسودان واليمن، والقريب جداً إتمامه في لبنان ) وهنا نترك التعليق لكل من يهاجم سوريا وحزب الله .. يستخلص ما يعنيه عاموس من بين السطور ... وليدرك ما يخطط لسوريا ولبنان بعد نجاح تخطيطهم فى العراق واليمن والسودان فى ظل غياب عربى لا تخطئه العين !!
3 - وتابع الجنرال المتقاعد عاموس : “اما حركة حماس فإن الضربات يجب أن تتلاحق عليها في الداخل والخارج، فحماس خطر شديد على الدولة اليهودية، إنها تستنهض المنظومة الإسلامية في البلاد العربية والعالم ضدنا، لذلك من المفترض الانتهاء من إفشالها وتبديدها في المدة المحددة بالبرنامج المقرر في عمل جهازنا بكل دقة”... الى أصحاب الاقلام الذين تعودوا على مهاجمة حماس واتهامها بانها سبب كل البلاء الذى لحق بالشعب الفلسطينى وسبب الحصار المفروض على شعب غزة وسبب الانقسام .. نقول لهم المثل المصرى القائل ( الناس خيبتها السبت والحد وانتم خيبتكم ما وردت على حد ) مثل بلدى معتبر ينطبق على حالكم .. هاهو عاموس يؤكد لنا ان أقلامكم المسمومة ملأها هو بالحبر الصهيونى لتنبحوا فى أبواق صهيونية تهاجم حماس التى تستنهض شعوب الامة الاسلامية للدفاع عن فلسطي ن وهذا ما يخيف العدو ، وهاهو يوجه الشكر والتحية كل يوم لزعيمكم المفدى محمود عباس ، ورئيسكم صاحب السياسة الحكيمة الرشيدة حسنى مبارك .. وشتان بينهما وبين حماس ، فهما وضعا لامن اسرائيل فأستحقا الشكر والتحية ، وشرف لحماس انها الوحيدة التى تهدد امنها لهذا استحقت التخلص منها .
4 - ويعترف عاموس بقوله : “ وفي السودان أنجزنا عملاً عظيماً للغاية؛ لقد نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه، ودرّبنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية، لمساعدتهم، ونشرنا هناك في الجنوب ودارفور شبكات رائعة وقادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حاليا على تنظيم (الحركة الشعبية) هناك، وشكلنا لهم جهازا أمنيا استخباريا “... على النظام المصرى ان يخجل من نفسه لانه ترك السودان بجنوبه وغربه مرتعا لاسرائيل معرضا أمن مصر للخطر ، وداعما للذراع الصهيونية لتعبث بأمن السودان الذى هو جزء لا ينفصل عن أمن مصر القومى .. فهو كان يعلم بما يحاك للسودان من مؤامرات هدفها تفتيت وحدة السودان ومحاصرة مصر من الجنوب تماما كما يعلم بمخططات اسرائيل فى دول الحوض ومشروعاتها التى تعرض مصر اليوم لخطر المجاعة والعطش التى ظهرت بوادرها اليوم على الشعب المصرى .. النظام المصرى الذى كان متواطئا مع هذا الكيان ضد امن مصر والسودان ..جاء اليوم الذى يتوجه فيه عاموس بالشكر والتحيه له كل يوم على خدماته لامن واستقرار اسرائيل ودعمها فى مخططاتها ومشاريعها التى تهدد امن الشعبين المصرى والسودانى .. فهل لدى ابواق النظام المصرى والمدافعين عنه اى تعليق ؟ ام اننا سنسمع منهم ان تفتيت السودان وتقسيمه وتهديد امنه لم يكن مؤامرة صهيونية بدعم مصرى بل كان سببه البشير ؟ اما آن الآوان للشعبين المصرى والسودانى ان يفيقا من سباتهما ؟ ام ان الامن المصرى غير معنى بامن السودان وارتباطه الحقيقى هو بأمن اسرائيل ؟
5 – عاموس يعترف قائلا : ( أما في مصر، الملعب الأكبر لنشاطاتنا، فإن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فلقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من موقع، ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكي يعجز أي نظام يأتي بعد حسني مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر) واذا كان النظام المصرى يدعى ان جهوده انصبت على الداخل فى مصر ، فى الوقت الذى ترك خارجها مرتعا لاخطبوط الصهيونية ، فبعد تلك الاعترافات نسأل النظام المصرى الذى صدعنا ليل نهار بانه يعمل على حماية أمن المواطن المصرى ويعلن تمسكه بخيار السلام وباتفاقية كامب دافيد .. الا يعتب راعتراف عاموس دليل دامغ على ان النظام المصرى سمح لاسرائيل بالعبث بأمنها الداخلى كما عبث بالامن الخارجى لمصر وهذا يعتبر خرقا صريحا من اسرائيل لاتفاقية كامب دافيد ؟ وأين هو دور المخابرات المصرية لحماية الامنيين الداخلى والخارجى لبلادهم ؟ ام ان هناك اوامر عليا لا تسمح لهم الا بالقيام بحماية امن النظام فقط ؟
ان المؤامرات على الامة واضحة لذوى الضمائر وقراء تاريخ الصهيونية واهدافها ..ونجاح الصهاينة فى تنفيذ خططهم لا يعنى قوتهم بقدر ما يعنى ضعف امتنا وانقسامنا وعجزنا عن حماية كل من يتصدى لتلك المخططات ، وانشغالنا بتوافه الامور ، ورضوخنا للواقع الذى فرضه الغرب الداعم لهذا الكيان ووكلائه بيننا ، ولا يعنى ان اسرائيل كيان غير قابل للزوال بقدر ما يعنى ان رضانا بهذا الوضع هو الذى سيجعل مصيرالامة بأسرها الى زوال .. فالصراع بيننا وبين الصهاينة لم يكن يوما صراع حدود بل صراع وجود .. ولو اجتمعت شعوب الامة كلها ولو ليوم واحد فلن تجد للصهاينة ولا وكلائها بيننا مكان .. وهذا ما تخشاه اسرائيل لهذا تعمل على تكريس الخلافات والحروب والفتن الطائفية والمذهبية بيننا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق