10 يونيو 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: رؤية السيسى

يتساءلون كثيرا عن رؤيته، ويعاتبونه على انه لم يعلن بعد عن خططه واستراتيجياته الرئيسية والكبرى، أو عن توجهاته الفكرية والسياسية، وانحيازاته الاجتماعية والطبقية.
رغم أن كل ذلك واضح وضوح الشمس لمن يريد أن يرى!
***
· فهو مع ثورة يناير فيما يخص ازاحة حسنى مبارك فقط، وافشال مشروع التوريث، فلولاها لما اصبح وزيرا للدفاع و رئيسا.
· ولكنه فيما عدا ذلك مباركيا أصيلا، يدافع عن النظام الذى ينتمى اليه، والذى خدم فى مؤسساته وتقلد فيه كل مناصبه، ولذا يستميت لإعادة احياءه واسترداد هيبته وسيطرته على كل اجهزة الدولة ومؤسساتها من شرطة وقضاء واعلام، والانتصار والثأر لتحالفته وانحيازاته الرئيسية، مع الحرص الكامل على تصفية كل مكتسبات ثورة يناير وأحلامها فى الحرية والكرامة والعدالة، التى يعتبرها كوارث.
· لقد تربى فى مدرسة أن الرئيس هو الدولة هو مصر، لا مكان فيها لمن يعارضه، واليوم أصبح هو ناظر هذه المدرسة.
· تستطيع ان تعتبره نظام مبارك الفتاة، مبارك موديل 2015، أو "بن على" تونس 1987.
***
· وهو ساداتيا حتى النخاع فى توجهاته الاقتصادية وإنحيازاته الاجتماعية والطبقية، رأسمالي التوجه شديد الالتزام بتعليمات صندوق النقد الدولى وكتالوج النيوليبرالية، يؤمن بالاقتصاد الحر وريادة القطاع الخاص، وفتح الاسواق للرأسمال الاجنبى، وتشجيعه بكل التسهيلات والإعفاءات أو التخفيضات الضرائبية. ورفع يد الدولة عن الاقتصاد، وإلغاء الدعم وإفقار الناس وتجاهل مطالبهم واحتياجاتهم، وتعويم الجنيه والخصخصة وتحصين صفقاتها. وهو يؤمن بأن القطاع العام ودعم الفقراء خرب البلد. وينتقد طول الوقت العمالة المصرية التى لا تنتج بقدر أجورها، ولكنها تنشط فى الاضرابات والمطالب الفئوية التى تعطل الانتاج وتضرب الاقتصاد.
· ولكنه قد يستدعى الخطاب الاشتراكي وقت اللزوم مع خصومه من رجال الأعمال، حين لا يتبرعون له ولصناديقه بما فيه الكفاية، أو حين تستضيف احدى قنواتهم الاعلامية معارضا أو ناقدا لسياساته، حينئذ يتهمهم بالسرقة وتهريب الاموال، والفساد والرشوة، والتهرب من الضرائب، ويطلق صبيانه لابتزازهم، ملوحين بالتأميم والمصادرة.
· وهو "ساداتيا أرثوذكسيا" أيضا فى تحالفه مع اسرائيل وتنسيقه معها وفى اخلاصه الوجدانى غير المحدود للسلام معها. بل انه يعتمد عليها فى حلحلة الموقف الأمريكى والدولى تجاهه، وهو ما نجح فيه بجدارة، فلأول مرة فى التاريخ، تضغط اسرائيل على الادارة الأمريكية لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر.
· ولكنه يستدعى الخمسينات والستينات حين يتعلق الموضوع بقضايا الحريات السياسية، أو الدفاع عن تغول الاجهزة الامنية وتجاوزاتها، أو باعتقال واعدام الخصوم السياسيين، أو حين يريد نقد الأحزاب وتشويهها وتهميشها، أو تمرير تزوير الانتخابات أو الترويج لخطورة الحرية والديمقراطية على الامن القومى.
· وهو يستدعي هذه المرحلة أيضا فى مواجهة المطالبين بدولة مدنية، ويؤكد دوما على تفوق العسكريين فى الحكم والإدارة، ويستخف بالمدنيين ويحتقرهم ويتهمم بالفشل والعجز الذى كاد أن يضيع البلد بعد "كارثة" الثورة. ويؤكد فى كل مناسبة على أن الجيش هو الحل الوحيد، ولذا يركز رجاله دائما على ان عبد الناصر بكل زعامته ووطنيته كان عسكريا. 
***
· يرسم له اعلامه ورجاله أمام الكاميرات، صورة الرجل الوطنى المعادى للأمريكان، ولكنه فى الحقيقة وفى الكواليس هو حليفا مخلصا و أمينا لهم. قالها صراحة فى حديثه لصحيفة وول ستريت (( بأن علاقته الاستراتيجية بأمريكا أهم لديه من أى شئ آخر، وانه لن يدير ظهره لها أبدا، حتى لو أدارت له ظهرها.)) وهو يعمل على صيانة ودعم وتجديد التحالف العسكرى معها، ويحرص على مواصلة تقديم كل التسهيلات والتشهيلات لقواتها فى قناة السويس والمجال الجوى وفى كل حملاتها العسكرية فى المنطقة. كما أنه على غرار أسلافه، يقبل ويبارك استمرار وجود قواتهم فى سيناء ضمن الـ MFO.
· صحيح أنه حريص على تنويع علاقاته الخارجية مع الدول الكبرى، ولكن بالقدر الذى يثير الادارة الأمريكية ويدفعها الى الرضا عنه والاعتراف بشرعيته، وتجديدها لدور مصر الحليفة والتابعة تحت قيادته.
· وهو أسد على شعبه وخصومه ومعارضيه، وحمامة امام الامريكان والأوربيين واسرائيل ومجتمعهم الدولى.
· ومشكلته مع هذا المجتمع الدولى، ليس هى قضية الاستقلال والتحرر من التبعية التى كنا نحلم بها دائما، وانما هدفه الرئيسى هو الاعتراف الدولى بشرعيته، بأى ثمن.
· وهو تاجر شاطر، يجيد عقد المقايضات الدولية، اشترى رضا واعتراف فرنسا، بـ 5.2 مليار دولار قيمة صفقة الـ 24 طائرة الرافال، ورضا واعتراف المانيا بـ 8 مليار يورو قيمة صفقة محطات الكهرباء مع شركة سيمنز.
· وهو قومى عربى حين يتعلق الأمر بأموال السعودية والخليج، ولكنه شديد العداء للعروبة فى كل ما يتعلق بفلسطين والصراع العربى الصهيونى، او بالمشروع الأمريكى فى المنطقة وحروبه بالوكالة.
· هو يصرح على الدوام، مثله مثل باقى الحكام العرب، على أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها، ولكنه يحاصر الفلسطينيين فى غزة ويغلق معبر رفح رغم هدمه الانفاق التى رفض مبارك هدمها. وينحاز الى اسرائيل فى عدوانها الأخير على غزة، ويشيطن الفلسطينيين، ويتفهم مخاوف اسرائيل النووية حسب تصريحه الشهير مع الواشنطن بوست.
***
· وهو علمانيا مع العلمانيين ضد خصومه من الاسلاميين، يهاجم توظيفهم للدين سياسيا، ويتهمهم بالتخلف والانتماء للعصور الوسطى، ويستشهد بتقدم الغرب بعد نجاحه فى فصل الدين عن الدولة. ويستخدم هذه الورقة كثيرا فى مغازلة الغرب، الذى يطلق عليه بعض اعلاميوه لفظ "المصلح المنتظر للاسلام"!
· ولكنه يغير موقفه 180 درجة، ويتراجع تماما عن فصل الدين عن السياسة، حين يقوم بتوجيه وتوظيف المؤسسات والقيادات الدينية، للترويج له ولسياساته.
***
· وهو مع الاحزاب فقط حين تطالب بإقصاء الاسلاميين، ولكنه ضدها حين تريد القيام باى دور سياسى حقيقى ومستقل، فحينئذ يعمل على تشويهها وعزلها وإضعافها وتهميشها .
· هو يؤكد دوما على قرب اجراء الانتخابات البرلمانية، ولكنه لا يريدها الا بعد أن يضمن انها ستسفر عن برلمان أليف وتابع وخاضع، ولذا تتآمر اجهزته طول الوقت لتعويق او اجهاض أى احتمال لوجود برلمانا مستقلا أو معارضة حقيقية.
· هو مع حرية الاعلام حين يدعمه ويدافع عنه ويروج له ويأتمر بأوامره ويحرض ضد خصومه ومعارضيه.
· ولكنه ضده حين يعارضه أو ينتقده، لا تأخذه فى ذلك رحمة بأى صحيفة أو قناة أو كاتب أو اعلامى، فيطلق عليهم أجهزته وصبيانه للإغلاق أو للتشهير والتخوين.
· وبصفته ضابط مخابرات سابق، فانه يجيد توظيف ما لديه من ملفات ومعلومات وأسرار عن فرقاء السياسة والإعلام والفن والثقافة، فى الضغط والترويض والتجنيد والمساومة والإغواء والإحتواء، ليشكل منهم ظهيرا سياسيا نخبويا، يضفى عليه شرعية شعبية زائفة.
· يدافع كثيرا عن خريطة الطريق والديمقراطية والانتخابات النزيهة فى اللقاءات الدولية، ويعصف بها فى الممارسة الحقيقية.
· يكره الحريات السياسية وحقوق الانسان حتى النخاع، ويعاديها ويتهمها دوما بانها تهدد الامن القومى.
· يدافع بشراسة عن استقلال القضاء المصرى فى المنابر الدولية، ويقسم انه لا يتدخل فى شئونه وليس له سلطة عليه. اما على أرض الواقع، فهو من أهم أدواته التنفيذية للعصف بمعارضيه.
· يهاجم صناديق الانتخابات حين تأتى برئيس من خارج الجيش ويدافع عنها حين تأتى به. ويعاقب كل من تجرأ على التفكير فى المنافسة أو المشاركة فى حكم مصر، بالتصفية قضائيا أو سياسيا أو "معنويا". تماما على غرار ما حدث مع نعمان جمعة و أيمن نور بعد الانتخابات الرئاسية فى 2005.
· يدافع عن 30 يونيو و 3 يوليو، فيما اعطته من غطاء سياسى للاستيلاء على السلطة، ولكنه بعد ذلك يهاجم كل شركائه فيها، ممن صدقوا خريطة الطريق ويطالبوا بتفعيل الدستور وتداول للسلطة وبديمقراطية حقيقية.
***
· يكافح الارهاب فى مصر مرة، ويتاجر به مرات، ولكنه يمارس ارهاب الدولة ضد معارضيه ألف مرة.
· فهم يحكمون الشعب المصرى اليوم بسلاح الخوف، يختلقون أخطارا وهمية، او يضخمون الاخطار القائمة، لإثارة الرعب بين الناس؛ الرعب من الارهابيين والاسلاميين، ومن شباب الثورة أو من أى صوت معارض، ومن مصير سوريا والعراق، ومن المؤامرات الخارجية والطابور الخامس والجيل الرابع والفوضى وانهيار الدولة...الخ، ثم بعد ذلك يعصفون بحقوقنا وحرياتنا بذريعة حمايتنا من الأخطار التى اختلقوها.
· وسيكتب عنه التاريخ انه صنع بيديه اخطر بيئة حاضنة لتفريخ الارهاب والارهابيين، دفعت آلاف من الشباب الى الكفر بجدوى السلمية.
· أليس هو صاحب التحذيرات القديمة الشهيرة، بخطورة تهجير اهالى سيناء، واخلاء الحدود، واستخدام القوة فى مواجهة السكان، لما يمكن أن تؤدى اليه من غضب شعبى وتفشى الارهاب وحرب أهلية طويلة. قبل أن يصدر قراراته الأخيرة، بتهجير الاهالى وهدم المنازل لإقامة المنطقة العازلة التى لطالما طالبت بها اسرائيل.
***
· يقدم خطابا هادئا مهذبا ودودا معتدلا فى لغته ومفرداته، ولكنه يطلق اعلامييه على المعارضين، ليتولوا بدلا منه مهام السب والقذف والتشويه، التى لم نراها من قبل فى أسوأ عصور الاستبداد.
· لقد خلق أجواء مسمومة، خانقة الجميع، تزخر بالابتذال والنفاق والمنافقين والحصار والحظر والتهديد والترهيب والتحريض والكراهية والانقسام، مع اغلاق كل المنافذ للتعبير أو التنفيس أو الدفاع عن النفس فى مواجهة حملات الظلم والتشهير والتخوين.
· فى أحاديثه، يعطيك انطباعا بانه لا يستطيع ان يؤذى بعوضة، ولكن ملف حكمه حافل بجرائم القتل والتعذيب والاعتقالات والإعدام بالجملة والعصف بالحقوق والحريات.
· يتحدث كثيرا عن وعوده المستقبلية وانجازاته الداخلية ومشروعاته القومية ومؤتمراته الاقتصادية ومقاومته للفساد...الخ، ولكن مع شيوع القهر والقمع والاستبداد، وفى ظل اعلام مؤمم وموالى ومنافق، وفى ظل تعتيم وانعدام كامل للشفافية، ومع غياب للبرلمان ولأى رقابة شعبية، وقتل للسياسة وتضييق ومطاردة للمعارضين، وهيمنة كاملة على السلطة القضائية... الخ، فى ظل كل ذلك، من يستطيع أن يميز الحقائق من الأكاذيب؟ ومن يستطيع أن يناقش ويفند وينتقد ويكشف؟
***
· وهو صاحب شخصية نرجسية، تفشل فلاتره كثيرا فى إخفائها، وتفضحها بعض تصريحاته "المرتجلة"، وآخرها كان تصريحه الغريب "الطريف" غير المسبوق مصريا او عالميا من أى رئيس أو مسؤول، فى لقاءه بالجالية المصرية فى ألمانيا، حين قال أن الله منحه هبة أن يكون كالطبيب القادر على الفهم والتشخيص. وأن ساسة العالم وفلاسفته ومخابراته وإعلامه أصبحوا يتسابقون اليوم للاستماع اليه والتعلم منه.
*****
موضوعات مرتبطة :

07 يونيو 2015

محمد رفعت الدومي بكتب: أبو خليل .. خاتم الزِفَريين!

كتبت من قبل كلامًا عن "أحمد البدوي" حاولت من خلاله تبديد غيظي من استثناء التنظيمات الصوفية من المرور تحت أقواس القانون المصري! 
تعقيبًا علي مكيدة نُسِّقت في أرض "العراق" وقع الاختيار عليه للقيام بها وفد "البدوي" عما عقودٍ من إخراج مصر عن النطاق الشيعي، ولولا يقظة "الظاهر بيبرس" وصلابة عضلات دولته لنجح في استردادها جغرافياً كما استردها روحيًا بحيلةٍ بسيطة، لقد أحدث تشويهًا في الصورة الذهتية لنبيِّ الإسلام عبر تسفيه بعض القيم التي نادي بها، واستحدث أفقاً جديدًا يهدِّئ الإحساس بالقهر والمعاناة من خلال رفع الحصار الديني والعزلة عن بعض ما يروق العوام ويستحوذ علي حواسهم ويلهيهم، ببساطة، لقد أضاف إلي لهجات المصريين عبارة  يكتب: "البساط أحمدي" فبهتت إلي حد بعيد تلك الحدود العازلة بين ما هو حرام وما هو حلال!
كان الفاطميون قد سبقوه إلي القيام بانقلاب روحي أسست فيه الذات المصرية وعياً جديدًا يهتم بالظاهر علي حساب الباطن ما زالت مظاهره باقية، كاختزال مولد النبي في "عروسة المولد"، وتجليات الصوم في "فانوس رمضان"، و ظهور سيرة "عنترة بن شداد" لإلهاء الناس عن فضيحة جنسية اشتعلت في قصر الخليفة وتجاوزت أسواره، لقد أحرقوا الكثير من الأوراق المقدسة ليشعلوا فتيل سؤال لم ينطفئ بعد:
- أي نسخة من الإسلام هي الصحيحة؟ 
آنذاك، وصفتُ التنظيمات الصوفية بـ "محليات المتعة" لإيماني الغائر بأنها عائقٌ في طريق الديمقراطية أشد خشونة من "المجالس المحلية" علي الرغم من فداحة دور الأخيرة في منظومة الفساد المتجذر، وصفتهم أيضًا بالحشرات الضارة التي تتناسل بطنينٍ مسموع حول شرج كل نظام ديكتاتوري، فلا دين لهم إلا المتعة، ووطنهم محله المعدة، وكل منتسب إلي طريقةٍ صوفية هو بالضرورة "زِفَرِي"!
حتمًا، في ذاكرة كل من عاش في قري الجنوب في السبعينيات وما قبلها صورة ذلك الرجل الذي يرتدي علي الدوام ثوبًا شديد الاتساخ وملطخاً بالدهن،والذي، تسبقه رائحة جسده الزهمة بخطوات إلي أعماق البيت الذي يتوقف عنده ليقول لصاحبته في ذلة مقصودة:
- أمانة حتة "زفر"!
الإسم الدارج للحم في لهجات الجنوب، وربما الشمال، ومن هنا اكتسب "الزِفَرِي" كنيته التي تراجع أمامها اسمه إلي خلفية مهجورة، وهو، عندما يواجه غالبًا بنظرات الأم الصلدة لم يكن ينسحب أو يستسلم، إنما يختبر دائمًا أساليب أخري أشهرها التودد إلي عذاري البيوت بالعزف شعرًا علي وتر العفة لشهرتها في إرضاء قلب الأم قبل ابنتها، فكلهنّ بلا استثناء:
كريمة من بيت كريم / ما تطلع العيبة منها
تِطُلّ م البيت كـ "ريم" / عدرا.. وأبوها ضامنها
لقد اكتسب بالإخلاص لزفريته، وبالتجربة، نظرة تمكنه من قراءة الأعماق بسلاسة، لذلك، لم يحدث أبدًا أن غادر القرية قبل أن يملأ معدته بالطعام، وجيوبه أيضًا! 
هذه الشخصية لم تختف من المجتمع المصري إنما استدارت وذابت قطرة قطرة في مجتمعات الصوفية الدنيا..
ويختلط لدي الغيظ برحم الحكايات، لعل حكاية العم "محمد أبو شومان" التي لا أزهد في ترديدها هي الأفضل لتعرية المجتمع الصوفي وتشويهه كمجتمع اعتباطي!
كان العم "أبو شومان" واحدًا من صناع البهجة ونجمَ أمسيات "الحضرة الشومانية" التي اقتطفت القرية من حوافها جذوات وجذوات من نار المرح الداخلي، وكان الكبار أحيانًا ينطقون اسمه متبوعًا بـ "محسوب البدوي"، وهذا كان كافيًا لأن يكون له نصيب موسمي من محاصيل القرية!
ذات ليلة، عندما تأكد من إمساكه بأزمة الرجال المترنحين علي الحافة الغامضة، وتحولهم التام إلي مفردات روحية متناغمة، استغرق العم "محمد" في حالته، وأنشد بنغمٍ سُكَّريٍّ:
- ساكن طنطا و فـ مكة صلاااااتو!
تلك اللحظة، اقتحمت الخالة "صِدِّيقة" حالته، وألقت عليه مذعورة نبأ شجار عائليٍٍّ كان لا يزال نشطاً حول بيوتهم، وأضافت، أن العم "حلاتو" الطوَّاب، كان في زيارة لأخته وتدخَّل كطرف أصيل في المعركة! 
تحلل تعبير الرضا علي وجه العم "محمد" سريعًا إلي غضب حقيقي، ولعله لم يتمكن من الانسحاب من حالته في الوقت المناسب، أو، لعله الذعر من تهورات العمِّ "حلاتو" الشهيرة هو ما جعله يُعنِّف الإيقاع ويسأل زوجته بنغم عدائي:
- وايش دخََّلوو فيها حلااااااتو؟!
حكاية أخري يضفي عليها المكان الذي كان مسرحًا لها خصوصية وبعدًا ساخرًا، مكتب مدير معهد الأورام يا سادة، مكان يفترض أنه أحد أهم المراكز البحثية في مصر، وكم ذا بمصر من المضحكات!
عما شهور من ثورة يناير، في انتظار الدخول للقاء "د. علاء حداد" كنت أجلس إلي جوار آخرين وصيدلانيتين قبطيتين، إحداهما ملكة جمال حقيقية، عندما بدأ صوته يلاحقنا وهو يتوعد مديرة المكتب في تحفز يليق بجنرال كلاسيكي:
- والللاهي .. أدعي عليكي!
كان أمرًا غريبًا أن يتحدث هكذا شئٌّ يرتدي في القرن 21، وبعد ثورة عظيمة، جلبابًا قصيرًا أخضر اللون وجوربًا أحمر وينتعل حذاءًا رديئاً، مع ذلك، هو أغلي منه قيمة، وليس من رأي كمن قرأ.. 
الأغرب هو أثر وعيده علي المرأة التي من المؤكد أنها كانت تعرفه، فهي، بلهجة تنم عن خضوع، كانت تردد مذعورة:
- أمانة عليك لا يا شيخ ...
عندما رضخت له وخرج أخيرًا توقف في مواجهتنا تمامًا وهو يحاصر أجمل الصيدلانيتين بنظرات لم أكن أتصور أبدًا أنها ستنجو من أطرافها الحادة، وقال لها كأنما للجميع:
- سلامو عليكم!
فأجابه الصمت، لقد أرسل كلٌّ منا عينيه بعيدًا واحتجز ضحكاته، وأمام هذا التيار من الإحتقار المتعمد لم يجد " النطع" بدَّاً من أن يستدير ويمضي، عندما ابتلعته مسافة كافية اندلعت ضحكاتنا دون تحفظ!
وآخر "زفري" وقع عليه اختيار أبينا الذي لم يعد مجهولاً في المخابرات لتبليغ رسالته هو "أبو خليل" الذي، لتواضعه الشديد، لم يدعي الألوهية واكتفي بادعاء النبوة فقط في كرنفال لم يغب رقصُ البطن عنه ولا الخمور والمخدرات!
ولحظة من التفكير السليم تكفي للتوجس من توقيت ظهور "أبو خليل"، وتفرض قراءة الحدث لا في ضوء الحرب علي الإسلام، فهذه بديهية تم تجاوزها وباتت في الخلف، إنما في ضوء ذعر النظام من ارتقاء الصراع ذروة سوف لا يستطيع بعدها أن يجد له موطأ قدمٍ في اقتصاد مصر ولا سياستها، لذلك، كأنه يخطط لمعركةٍ يحلم بأن تبدو للعالم لا أهلية فقط إنما للطائفية فيها نصيب!

أحمد جميل عزم يكتب: مخططات لإعادة استعمار العرب العام 2017؟


نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية؛ إحدى أشهر الدوريات العالمية، والقريبة من مراكز صنع القرار الأميركي، مقالا الأسبوع الماضي، يدعو لعودة الاستعمار إلى الشرق الأوسط. فقد جاء عنوان المقال ""إنّه الوقت لعودة الإمبريالية للشرق الأوسط". لكن الانتقادات أدت إلى تغيير عنوانه على موقع المجلة الإلكتروني.
كاتب المقال هو روبرت كابلان، أحد أشهر الكتاب الأميركيين والعالميين، وهو مسؤول سابق عمل في رسم سياسات وزارة الدفاع الأميركية، عقب وصول الرئيس الأميركي الحالي إلى البيت الأبيض، العام 2009. كما عمل أيضاً مستشاراً للجيش الأميركي، ويعتقد أنه ساهم في التخطيط لحرب العراق العام 2003. وهو كذلك جندي سابق في الجيش الإسرائيلي، حيث عاش سنوات بعد فشله في الحصول على عمل بعد تخرجه من الجامعة، قبل عودته ليصبح واحدا من أشهر الصحفيين العالميين، وليصنف أحد أبرز المفكرين العالميين أيضا. 
يعتقد كابلان أنّ الصراعات الدموية التي يعيشها الشرق الاوسط حاليا، هي نتائج مرحلة ما بعد الاستعمار. وأنّ المنطقة لم تستطع التعامل مع سقوط ثلاث قوى استعمارية سيّرتها في القرن الماضي؛ العثمانيون، والأوروبيون البريطانيون والفرنسيون، والقوة الأميركية العظمى التي يقول إنّ فيها كل مواصفات الإمبراطورية سوى الاسم، وأنّ إنهاء أوباما تدخله في ضمان استقرار المنطقة، يجعل المرحلة أيضاً مرحلة "ما بعد الاستعمار" (الأميركي). 
ويقول إنّه إضافة لذهاب الإمبراطوريات الاستعمارية هذه، ذهب أيضاً دكتاتوريون مثل صدام حسين ومعمر القذافي وتقهقر بشار الأسد، وهؤلاء جميعاً كانوا من معالم مرحلة ما بعد الاستعمار والتكيف معها، وأنّهم بنوا حكمهم على أساس مقارعة الاستعمار، وكل "الربيع العربي" هو برأيه نتائج انهيار السلطات المركزية، وليس بسبب السعي للحرية، أي إن غياب الاستعمار والدكتاتورية هو سبب الحروب الدموية الراهنة. 
وبرأيه أنّه باستثناء مصر والمغرب وتونس التي كانت يوماً دولا قبل الاستعمار الأوروبي، فإنّ الدول الاصطناعية التي نتجت عن الاستعمار، بما فيها العراق وسورية والجزائر، لم ينجح أحد في حفظ الاستقرار فيها إلا دكتاتوريون وحكم شمولي، مستثنيا الأردن الذي فيه حكم هاشمي معتدل. 
بالتالي، يعتقد كابلان في مقاله أنّ الرئيس (أو الرئيسة) الأميركي الجديد، بدءا من العام 2017، يحتاج لاستعادة النفوذ الإمبريالي الغربي، "باسم آخر طبعاً". ويقول إنّه كان أسهل للأميركيين ممارسة هذا الاستعمار من خلال رؤساء دكتاتوريين، لكن عدة دول تفتقد لمثل هؤلاء الآن. ويقول إنّه لا معنى للحديث عن نشر الديمقراطية، لأنّه من دون استقرار لا توجد ديمقراطية، وأنّ الاستقرار هو الأساس، وأنّ الصراع الشيعي-السُنّي الحالي بمركزيه إيران والسعودية صار يحدث داخل الدول وليس بينها. 
بعد الانتقادات، جرى تعديل عنوان المقال على موقع المجلة إلى "حطام الإمبراطورية في الشرق الأوسط". وقال كابلان معلقاً إنّه كان يفضل عنوان "أهلا في "شرق أوسط" ما بعد الاستعمار". وادعى أنّه لم يقصد ضرورة عودة الاستعمار، بل يدعو كذلك لتفاهم مع إيران، وإلى منهح أميركي متحفظ في الشرق الأوسط. لكن إنكاره لا يتضمن إلغاء قوله إنّ الدكتاتورية كانت أفضل، وإنّ النفوذ الاستعماري هو المطلوب. 
بطبيعة الحال، بإمكان كابلان أن يستخدم ذات الذريعة التي استخدمها كثيرون جداً لتبرير الاستعمار مع ادعاء الحرص على الحرية، بدءا من جون ستيورات مل (1806-1873)، الذي برر استعمار الهند وغيرها بحجة تأهيل الشعوب البربرية لتصبح راشدة قادرة على تقرير شأنها بنفسها. وهو المنطق ذاته لفرض الوصاية والانتداب من عصبة الأمم كغطاء للاستعمارين الفرنسي والبريطاني. 
إنّ عودة الجمهوريين وبعض الديمقراطيين للحكم في البيت الأبيض، يمكن أن تأتي فعلا بمن يؤمن بمثل هذه الأفكار، التي ستأخذ شكل تعزيز نفوذ دكتاتوريين دمويون يحفظون المصالح الاستعمارية سراً أو ضمناً، ويناهضونها علناً، أو حتى من دون مناهضة، بل تبرير أي قمع بحفظ النظام، بعد أن كانوا يبررونه في الماضي بمناهضة عملاء الاستعمار. والمشكلة أنّ هذا التقاء في مصالح الدول الكبرى وتقريباً معظم الحكام الحاليين أو الممكنين. وأمثال كابلان ربما سيكون دورهم التخطيط للاستعمار باسم آخر، وربما بأدوات وأشكال مختلفة.
* الغد الأردنية

04 يونيو 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: حين ثار القضاة للحرية والكرامة الوطنية

يكذب النظام ويضلل الناس، حين تدعى قياداته وإعلامه وحاشيته أن الثورة والحريات كانت فوضى وكوارث هددت الدولة وأمنها القومى وكادت أن تعصف بهما، وانه لا محل لها لعدة سنوات قادمة، قبل أن تسترد الدولة عافيتها وهيبتها، وأن الحديث عن الحرية والديمقراطية والحقوق السياسية وحقوق الانسان، هو ترف لا قِبَّل لمصر به الآن.
يكذبون لأنهم يعلمون أن محاربة النظام ودولته العميقة، للثورة وتخريبها هو الذى خلق الفوضى منذ الساعات الاولى، وليس العكس.
وتخطئ تلك القلة من القضاة التى ارتضت أن تكون مطارق فى أيدى السلطة التنفيذية، تستخدمهم متى وكيفما تشاء، للعصف بالدستور والقانون والعدالة، وبالحقوق والحريات، وبالمعارضين والخصوم السياسيين. فهم بذلك يرسمون صورة كريهة ومشوهة عن القضاء والقضاة، صورة ستضعهم فى عداء وخصومة مع جموع الشعب المصرى لسنوات وربما لعقود طويلة، بدلا من صورتهم السامية والمقدسة كحراس للعدالة، وكحماة ودروع لصد شرور وانتهاكات واعتداءات وتجاوزات وتغولات النظام الحاكم وأجهزته الامنية. انهم ينقلبون على تاريخ وطنى عريق ومشرف كان فيه "غالبية" القضاة فى طليعة النخبة الوطنية المصرية، يدافعون عن استقلال البلاد وحرية وكرامة مواطنيها فى ذات الوقت.
***
ومن باب التذكرة والتأكيد والتحذير، دعونا نسترجع ونستلهم تلك المبادرة الوطنية الشجاعة التى طرحها قضاة مصر بعد العدوان الامريكى على العراق فى 2003، وبعد الهزيمة المروعة والانهيار المزرى والمباغت للدولة العراقية ومؤسساتها أمام العدوان، وفى ظل تواطؤ عربى رسمى، حين أصدروا بيانهم الشهير والذى كان بمثابة انذار مبكر لنظام مبارك وكافة الأنظمة العربية، وصرخة غضب فى مواجهتهم، بأن الاستبداد هو الخطر الأكبر على استقلال البلاد وأمنها القومى، وهو الذى ادى الى سقوط العراق بلا مقاومة تذكر، وهو الذى سيؤدى الى سقوط باقى الأمة ان لم نتدارك الأمر ونحررها من استعباد البلاد والعباد.
لقد كان هذا البيان هو الأكثر تعبيرا عن الضمير المصرى حينذاك، وكان شرارة الانطلاق الاولى لما تلى ذلك من حراك سياسى فعال ونشيط وشجاع لأول مرة فى مواجهة نظام التبعية والتواطؤ والنهب والاستغلال والاستبداد والتعذيب والتجديد والتوريث والتزوير. وهو الحراك الذى انتهى بالنهاية السعيدة فى 11 فبراير 2011، قبل ان تنقض الثورة المضادة علي الجميع.
***
فى 24 مارس 2003 أصدر نادى القضاة البيان التالى :
((قضاة مصر، قد تدارسوا العدوان الجاري على أمتهم العربية والإسلامية في فلسطين والعراق، ودوافعه الاستعمارية والصهيونية المعلنة ... ورغبة المعتدين الصريحة في إعادة تشكيل المنطقة تحقيقا للهيمنة الإسرائيلية ... وحماية للمصالح الأمريكية بزعم نشر الديمقراطية والحرية، وتخليص الأمة من حكام مستبدين، يستمرون في كراسيهم مدى حياتهم ثم يورثونها، ويزورون الانتخابات ويحكمون بقوانين استبدادية واستثنائية، وتدارس القضاة الموقف العظيم لشعوب هذه الأمة وفي مقدمتهم شعبي فلسطين والعراق ... وكذلك موقف الحكومات العربية الذي يكتفي في الأغلب بإعلان رفض العدوان قولا، وكبت شعوبها عملا، تدارس القضاة كل ذلك وانتهت مداولاتهم إلى ما يلي:- 
أولا: إن أبرز أسباب هذه المحنة هو وهن الأمة، فلا كرامة ولا حرية لوطن لا يحمي كرامة وحرية مواطنيه، وإن تعطيل الديمقراطية الحقيقية خطأ جسيم يكاد يرقى إلى مرتبة قتل الأمة عمدا، وتمكين عدوها منها. 
ثانيا: إن واجب الحكومات العربية والإسلامية إعلان معاداتها للدول التي تشارك في العدوان، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومحاربة مخططاتها بكل السبل، ورفض وجود القواعد العسكرية أو تقديم تسهيلات لها أو الاشتراك في مناورات عسكرية معها، وتقديم كل أنواع المساعدة للشعب العراقي وحكومته وللشعب الفلسطيني والمقاومة. 
ثالثا: إن واجب الشعوب العربية والإسلامية وكافة الشعوب المؤمنة بالإنسانية هو أن تجاهد بكل السبل لرد العدوان الجاري.. وتعلن عدائها للقائمين به.. وإدانتها للمتقاعسين عن دفعه، وتعمل على إعلاء كلمتها بكل السبل المشروعة مع الحرص على أمن المجتمع وحرية الممتلكات العامة والخاصة ..........))
*****
موضوعات مرتبطة:
عودة الشيخ القضاة

26 مايو 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: محاكمة شيخ القضاة

Seif_eldawla@hotmail.com
أتحدث عن المستشار الجليل الراحل/ يحيى الرفاعى، شيخ القضاة ومؤسس تيار الاستقلال، ورئيس نادى القضاة الأسبق، ومُنَظِّر ومُنَظِّم مؤتمر العدالة الاول 1986، والمناضل لسنوات طويلة دفاعا عن، ومحرضا على استقلال القضاء وتحريره من هيمنة السلطة التنفيذية وتحقيق فصل حقيقى للسلطات.
وهى الرسالة التى حملها بعده جيل جديد من القضاة الشرفاء الذين تصدوا لنظام مبارك من خلال ناديهم برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز وزملائه، و كانوا رأس حربة فى مواجهته، مما عجل بسقوطه، وذلك قبل ان تحاصرهم الدولة وتنقض عليهم لإنجاح قائمة المستشار الزند فى انتخابات نادى القضاة مرتين : الاولى قبل الثورة فى 13 فبراير 2009 ، والثانية ،ويا للعجب، بعد الثورة فى 24 مارس 2012، وهى لا تزال مستمرة حتى اليوم.
قاد الرفاعى نادى القضاة فى مواجهة قضاة السلطة التابعين للنظام والمدافعين عنه والعاملين على اخضاع السلطة القضائية والقضاة لرئيس الجمهورية ولسلطته التنفيذية ولتعليماته السياسية. انهم ايدى وأزرع النظام الحاكم داخل القضاء لادارته وتوجيهه وتوظيفه للعصف بخصومه. وهو التيار الذى مثله فيما مضى المستشار الراحل/ مقبل شاكر، ويمثله منذ سنوات المستشار احمد الزند وزير العدل الجديد فى حكومة محلب.
***
خاض الرفاعى معاركه فى سبيل هذا الهدف السامى، فى زمن كان لايزال هناك بصيص من عدالة فى ساحات المحاكم. فى زمن شاهدنا فيه احكام براءة للعشرات فى قضايا كبرى كقضية انتفاضة 1977، ومحاكمات متعددة للشيوعيين والاسلاميين، بالإضافة الى عديد من احكام النقض بتزوير الانتخابات البرلمانية فى كثير من الدوائر.
وهو ما يطرح تساؤلا افتراضيا؛ حول مواقفه ومصيره فيما لو كان لا يزال بيننا اليوم، فى ظل غياب العدل والانتهاك اليومى للدستور والقانون والعدالة من قبل السلطة الحاكمة ومؤسساتها الأمنية، وفى ظل الاعتداءات المستمرة على حقوق الناس وحرياتهم؟
ماذا سيكون موقفه من احكام الاعدام بالجملة؟ ومن مئات الاحكام بالحبس والسجن والمؤبد للسياسيين والمعارضين، والحبس الاحتياطى بلا حد زمنى أقصى، وتكليف قضاة بعينهم بقضايا بعينها، ومحاكمات عسكرية للمدنيين، وأحكام قضائية بالحظر والتصنيف بالإرهاب حسب الطلب، وسب وقذف وتشهير اعلامى بخلق الله بلا امل فى اى ملاحقة قانونية أو قضائية، ومذابح للقضاة، وافلات السلطات من جرائم التعذيب والقتل فى اقسام الشرطة أو قنص وقتل وخطف المتظاهرين، وافلات مبارك و برائته هو ورجال نظامه من كل جرائمهم الكبرى، وفصل طلاب وأساتذة الجامعات بلا أحكام قضائية، ومصادرة وتحفظ على الاموال، وتجسس وتصنت غير قانونى على الحياة الشخصية للمواطنين وإذاعة مكالمتهم الهاتفية على الهواء، وحرمان المعتقلين من ابسط حقوقهم القانونية ومن العلاج ووفاتهم فى السجون....الخ
ماذا سيكون موقفه من كل هذا؟
***
ربما نستطيع ان نستخلص الاجابة من اقواله وكتاباته، التى نقتطف بعض منها فيما يلى:
((فى بعض بلاد العالم يصبح القاضى المتمسك باستقلاله كالقابض على الجمر ... فلا يستطيع ان يعلن حكما تستاء منه الحكومة قبل ان يراجع نفسه آلاف المرات ، فليس صحيحا على اطلاقه انه لا سلطان على القضاء الا للقانون وضمائرهم ، فالسلاطين كثير . وفى هذا المناخ لابد ان يشك الناس فى استقلال القرار القضائى سواء من حيث مضمونه او توقيته.))
***
لا حياة مع غياب العدل :
((ان تثبيت ثقة المواطنين فى القضاء والقضاة يعنى تثبيت ثقتهم فى امكانية حصولهم على حقهم فى العدل ورفع الظلم عنهم، سواء تعلق ذلك بحقوقهم العامة او الخاصة، وبفقدان هذه الثقة تتعطل حركة الحياة كلها.. فلن ينشط انسان لزراعة او تجارة او بيع او شراء او اقامة بناء او القيام بأداء، حق او عمل، ما لم يثق فى ان ثمرة جهده ستكون له رضاء او قضاء.
ولن تنشط الحياة الاجتماعية والاقتصادية بين الناس دون قيام نظام قضائى يكون محلا لثقتهم التامة فى قدرته على الزام الكافة باحترام عقودهم وتنفيذ التزاماتهم، وعدم ارتكاب الافعال الضارة بل والتعويض عنها..الخ
اذ كيف يأمن احد على نفسه او عرضه او ماله اذا فقد ثقته فى عدل القضاء وقدرته على حماية هذه الحقوق والالتزامات؟
وهل يمكن ان يسود المجتمع امن وسلام بغير العدل؟
انها حقيقة ترددها الحكومات فى مفاوضاتها مع اسرائيل، لكنها تتجاهلها للأسف فى علاقاتها بشعوبها.. فقد احلت نفسها من شعوبها محل الاستعمار المستبد.. فى حين ان العدل شرط الأمن، مصدقا لقوله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) فلا امن مع ظلم))
***
الظلم يؤدى الى العنف وتقويض دعائم الحكم:
((ولا مراء فى ان غياب الثقة العامة فى القضاء والقضاة، لا يؤدى فقط الى عودة العنف وتفشى الظلم والفساد والكساد والتخلف، وانما يؤدى كذلك الى انحلال جميع الروابط الاجتماعية والقيم الاخلاقية وشيوع البلطجة وانهيار القانون وتقويض دعائم الحكم .
صفوة القول انه بغير قضاء كفء ومستقل تماما اداريا وماليا عن السلطتين الأخريين، وموثوق به تبعا لذلك ، تتعرى حقوق المواطنين من الحماية القضائية، ويفسد تكوين السلطة التشريعية، وتتغول السلطة التنفيذية السلطتين الاخريين، وتنعدم حريات المواطنين وحقوقهم العامة الخاصة، ومن باب اولى يكون الحديث عن نزاهة الانتخابات او الاستقرار السياسى او الاصلاح الاقتصادى او الدولة العصرية حديثا للتلهى والتضليل والخداع ومضيعة الوقت.
ومن هنا قام حق الامة فى ان تتعرف بكل دقة على احوال قضائها وقضاتها كما تتعرف على احوال جيشها ورجاله وقدرته على حماية الوطن.
ومن هنا ايضا كان الدفاع عن استقلال القضاء فى كل فقه وفى كل الاعلانات العالمية . لهذا الاستقلال هو واجب الامة بأسرها وواجب كل فرد فيها لانهم يدافعون بذلك عن حرياتهم وشرعهم وسائر حقوقهم وحرماتهم ))
***
لا سند للقاضى فى مواجهة هيمنة الحكام، سوى ثقة الناس:
((اساس استقلال القضاء فى الديمقراطيات الراسخة هو مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها..اما فى دول العالم الثالث- حيث يقوى الحكام على حساب شعوبهم مؤقتا- فلا وجود لهذا التوازن، فما البرلمانات الا مسارح تابعة للحكومات مهمتها سن التشريعات التى تزيد من سيطرة الحكومات على افراد شعوبها ونقاباتهم واحزابهم وجمعياتهم ونواديهم..الخ، فلا يكون هناك سند للقاضى الا ثقة الناس فيه))
***
ويستشهد بالمذكرة الايضاحية لقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943
((من طبيعة القضاء ان يكون مستقلا.. وكل تدخل فى عمله من جانب اى سلطة من السلطتين يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم.. وفى قيام القاضى بأداء وظيفته مطمئنا على كرسيه آمنا على مصيره، اكبر ضمانة لحماية الحقوق العامة والخاصة.. أوليس هو الامين على الارواح والأنفس والحريات.. أليس هو الحارس للشرف والعرض والمال.. أوليس من حق الناس ان يطمئنوا الى ان كل ما هو عزيز عليهم يجد من كفالة القضاء امنع حمى واعز ملجأ.. أوليس من حق الضعيف اذا ناله ضيم او حاق به ظلم ان يطمئن الى انه امام القضاء قوى بحقه عزيز بنفسه، مهما كان خصمه قويا بماله او بنفوذه او بسلطانه؟ فمن الحق ان يتساوى امام قدس القضاء اصغر شخص فى المملكة بأكبر حاكم فيها، وان ترعى الجميع عين العدالة))
***
لا استقلال للقضاء مع تبعيته لوزارة العدل والسلطة التنفيذية:
((كيف يقال ان القضاء عندنا مستقل والقضاة مستقلون ، لمجرد النص على ذلك فى الدستور ، فى حين ان كل شئون القضاء والقضاة الادارية والمالية بل الصحية والاجتماعية .. بيد وزير العدل اى بيد السلطة التنفيذية ..
بل ان ادارة التفتيش القضائى التى تحاسب القضاة فنيا وإداريا وتأديبيا وتمسك بزمام ترقياتهم وتنقلاتهم وانتداباتهم واعاراتهم ومكافآتهم بالعمل الاضافى ، هى جزء من مكتب الوزير اى جزء لا يتجزا من السلطة التنفيذية .))
***
مقتطفات من خطاب استقالة المستشار يحيى الرفاعي من نقابة المحامين فى 31/12/2002
((أن حكومات جمهورياتنا المتعاقبة، وإن وضعت فى دساتيرها نصوصا أساسية بمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء وحصانته، وتحظر وتؤثم التدخل فى أية قضية أو أى شأن من شئونهم من جانب أية سلطة أو أى شخص، فإن هذه الحكومات ذاتها لم تتوقف ـ طوال هذه السنين ـ عن النص فى القوانين المنظمة للسلطة القضائية وغيرها على ما يجرد تلك النصوص من مضمونها تماما، بل ويخالفها بنصوص صريحة تصادر بها لحساب السلطة التنفيذية معظم أصول هذا الاستقلال وقواعده وضماناته، كما تسند بها بعض اختصاصات القضاء الطبيعى إلى غيره، وتصدر قرارات وتصرفات واقعية أخرى من خلال وزارة العدل، وهى أحد فروع السلطة التنفيذية، تسيطر بها على إرادة رجال السلطة القضائية وشئونهم بل وأحكامهم القضائية ! ))
لقد ترسخ لدى الناس ((أن الوزارة صارت تهيمن على القضاء والقضاة والقضايا، حتى صارت جميع الأحكام الصادرة فيما يسمى قضايا الرأى العام يتم نقضها دوما وأكثر من مرة، بل وتتعرض لانتقادات رؤساء الدول والحكومات والصحف الأجنبية .. بما نجم عنه تجريد سائر المحاكم والقضاة من الشعور بالاستقلال ومن شل قدرتهم الكاملة على مقاومة الضغوط التى قد تُمارس عليهم، إذ خلقت تلك الظواهر لكل منهم مصلحة ظاهرة فى اتقاء غضب السلطة التنفيذية عليه، ممثلة فى وزارة العدل، وهو ما لا يستطيع معه القاضى إصدار الحكم فى أية قضية من تلك القضايا بغير ميل حتى لو لم يضغط عليه أحد))
((وانسحب ذلك بداهة ومن باب أولى على النيابة العامة للأسباب ذاتها ولإصدارها منشورات إمعانا فى الخروج على الدستور والقانون، ولما تقوم عليه هذه النيابة من جمع بين سلطتى التحقيق والاتهام، مقترن بتبعية إدارية تدريجية ساحقة لإرادة المرؤوسين فيها، فضلا عن احتفالها الشاذ بشكاوى وتقارير الأجهزة الأمنية والرقابة الإدارية، بل وبعض شكاوى الأفراد التى قد يتمكنون من تقديمها لأحد كبار المسئولين وتحقيقها فى يوم تقديمها ذاته، وهو ما انعدمت معه فى نظر الناس قاطبة كافة ضمانات المساواة بين المواطنين أمام القانون والقضاء، وهو ما انتهى إلى ضياع سمعة القضاء المصرى فى نظر العالم أجمع حتى صرنا مضغة فى الأفواه))
((وهو ما أظهر فى نظر الكافة أنه أعدم فاعلية النيابة العامة والمحاكم كضمان لتحقيق العدالة خاصة فى قضايا الحقوق والحريات المتعلقة بخصوم الشخصيات الهامة المسئولة))
***
بعد هذه الجولة القصيرة مع كلمات شيخ القضاة، سيسهل علينا أن نتخيل مصيره فيما لو كان بيننا اليوم؟
أغلب الظن انهم كانوا سيحيلونه الى الصلاحية لو كان فى الخدمة، وربما حاكموه بتهمة اهانة القضاء، ووضعوه على رأس قائمة المتهمين فى قضية اهانة القضاء المنظورة حاليا.

23 مايو 2015

رضا السباعي يكتب: سيب ايدي

المصدر
ر حاله من الارتباط الاجبارى في واقعه زنا محارم مع نظام عسكرى كشف عن عذريتها واظهر سؤتها ليتمكن من اعتلائها طيلة ستون سنة وهى راضية مستمتعه ومقتنعه بان الطهاره لم تعُد تصلُح معها .
عاشت مصر في ظل بلطجى ستون عاماً مقتنعه ان حمايتها وامنها اهم وابقى من طهرها وحريتها …وفجاءه اقتحم خلوتها قومُ بغبائهم حاولوا تطهيرها.
اقنعوها ان باب التوبه مازال مفتوحاً وانها قادره على ان تقتل هذا الجنين المسخ الذي في احشاءها,
كان صوتهم يتعالي في وسط صحن دارها وهى تقاوم ذلك الصوت الذي ينادى بتطهيرها ومنحها الفرصه ان تعيش في الحلال وتُنجب ابناء اصحاء يبرونها ويُعلون من شأنها …نجحوا او ظنوا انهم نجحوا في تطهيرها من تلك العلاقة الآثمه لكنهم من غبائهم او لنقُل طيبتهم او سذاجتهم نسوا ان يطهروا الرحم نفسه وغفلوا عن ان الرحم مازال يحمل نطفاً قذرة لقرود واشباه رجال ومسخ ترفض الطهر لهذة الام …اشت تلك الأم المغتصبة تجربة الطُهر عام كامل لكنها كانت منشغله بتقليم اظافرها ونسيت جنين الزنا في احشائها يتحرك ويتكون ويتغذى على جسمها يوماً وراء يوم في انتظار اكتمال العام ليخرج معلناً انه ابن الزنا وانه الرافض للطهر والعفاف وانه الاحق بالعيش وميراث ابائه المغتصبين لستون سنة خلت ….ويخرجُ الجنين في حفل مصطنع واضواء مستأجره ليعلن للجميع في نفس مكان تطهر امه انه لا مكان للطهر في هذا البلد,
وكعادة الشعب المُحب للاغتصاب يرفع الجنين المسخ على الاعناق ليعلنه قائداً مغتصباً وملهماً لامة مُغتصبه وستبقى مُغتصبه طالما الارحام لم تُطهر من الاحشاء.
تُغتصب من وقتها تلك السيده اغتصاباً كاملاً ومع ذلك تلتزم الصمت عكس سيدة الكليب .
فهى مع انها اغتصبها صاحبها الا انها مازالت تكرر ( سيب ايدي)
ولا زالت مصر لا تجروء حتى ان تقول لمغتصبها ( سيب ايدي)
مازالت مصر خانعه مستضعفه عاجزه عن ان تطلب الخُلع رغم انها تعلم ان مغتصبها اصلاً( مابيعرفش) …
مازالت تعيش اوهام يزفها لها كذابين الزفه من الاعلام ان مغتصبها دكر مع انها متيقنه انها معه لا تقيم حدود الله …
هل علمتم لماذا ينتشر العهر ويطغى على الطُهر؟؟؟
فقط لأن أهل الطهر استكانوا ولم يستنكروا العُهر …
الا من رحم ربي ومن اختارهم في جواره …
اخيراً دعوتي لمصر ولكل الشعوب المغتصبه ان تصرخ في وجه مغتصبها قائلةً ( سيب ايدي)

22 مايو 2015

كريم طه يكتب: نعم كان يعلم ... ولكن !!

المصدر
* عندما رفضت مسلسل العنف و الدم و عودة العسكر إلى السلطة كانت الرسالة التى جائتنى واضحة جدا بأنه سيتم اعتقالى و أن 6 أبريل لن تكون موجودة على الساحة الفترة المقبلة عام *
عام كامل مر على هذه الكلمات التى كتبها المناضل أحمد ماهر من داخل محبسه ف مقاله الشهير " للأسف كنت أعلم " أضاف ماهر ف اعترافاته ان الجميع أخطأ عندما تركوا السلطة تعتقل و تقتل الإخوان (و لكن) الجميع لم يعترفوا بالخطأ و للأسف الجميع كانوا يعلمون
2
اعترافات ماهر بنصيبه من المسؤلية كأحد الروافض المهمة لصناعة التغيير فى مصر و أحد الشواهد المهمة على الحدث كمؤسس و منسق لحركة شباب 6 أبريل و كأحد الشرايين الرئيسية التى ارتوى بها حلم التغيير تضع الجميع أمام مسؤليتهم التاريخية
3
- فى مساء يوم 23-6-2013 داخل مقر 6 أبريل كان العمل على قدم و ساق من أجل تجهيزات موجه 30-6 ؛ وقتها كنت مسئولا للعمل الجماهيرى بالحركة ، طلب ماهر التحدث مع الأعضاء المتواجدين داخل مقر الحركة .. قدم لهم التحية ثم سأل .. انتم مقتنعين باللى بتعملوه؟! فرد الجميع و انا أولهم ايوة طبعا مقتنعين .. ثم تقدم بسؤال آخر .. انتو عارفين ان الترتيب اللى جاى أن العسكر يكون ف السلطة؟؟
صمت لثوانى ثم رد أحد الزملاء .. لو فعلا زى ما بتفكر يا ماهر أن العسكر هو القادم و كل دة مترتب كانوا عملوا انتخابات ليه من الأول و سلموا السلطة
للأخوان .. و بعدين السيسي مش زى طنطاوى رد ماهر بأبتسامة و علق .. مفيش فايدة .. الحداية مبتحدفش كتاكيت؛ عموما مقدرش امنعكم من النزول ما دمتم مقتنعين ؛ أعضاء الجمعية العمومية بالحركة هم أصحاب القرار فأنا دورى بيختصر فى تقديم المعلومات لكم؛ أتمنى سيناريو غير المتوقع (ولكن) تذكروا تلك الأسئلة جيدا
4
- صباح يوم 24-6_2013 داخل مقر الحركة أتحدث مع رفيق الدرب المعتزل سياسيا عمر جمال مسئول الجماهيرى أيضا حول مغزى أسئلة ماهر أمس و جاء الحوار كالآتي
انا: ايه رائيك يا عمر ف كلام ماهر امبارح ؟
عمر: على فكرة سيناريو ماهر مقنع و مرعب ف نفس الوقت
انا: لو افترضنا دة ف الحلول ف الوقت دة شبه معدومة و لو تراجعنا يبقى بننتحر سياسيا
عمر: مفيش حلول
رددها عمر و اصطحبها نظرة ضعف لم أراها من رفيق الدرب من قبل
و استمرت التجهيزات و توالت الاجتماعات حتى - 30-6-2013 .. 6 أبريل تنطلق بمسيرة حاشدة من شارع رمسيس حتى محيط الاتحادية
فى وجود ماهر الغير راضى عن الاجواء -من وجهة نظرى -
-كل الدلالات كانت تشير يومها إلى الانزلاق لذلك السيناريو الذى حذرنا منه ماهر مسبقا بداية من انتشار صور مصنوعة من الورق الفاخر للسيسى يصحبها هتاف الجيش و الشعب ايد واحدة .. نهاية بمشهد دخول 6 أبريل محيط الاتحادية يتوازى مع صوت ممدوح حمزة على المنصة الخمس نجوم و هو يصرخ " 6 أبريل إخوان .. 6 أبريل جايه تفض الاعتصام "
5
- صديقى ماهر لست وحدك الذى كان يعلم فكلنا كنا نعلم ؛ افترقت بنا السبل منا من اختار السلطة حصنا و منا من اختار الصمت طريقا و منا من اختار الهروب دليلا إلا أنت و طائفة قليلة غردتم خارج السرب و وضعتم أنفسكم أمام المسؤلية و تحملتم بشجاعة تابعتها
- دعنا نسمى الأشياء بمسمياتها و نقول ( للأسف كنا نعلم )
6
- صديقى ماهر ربما اعترفنا بخطئنا اليوم نبراس لجيل قادم حالم يرى فى تجربتنا ما يستحق أن يتعلم منه و يرى فى حلمنا ما يستحق أن يكمله
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين منحدرين في نهاية المساء في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه

21 مايو 2015

سعيد نصر يكتب: هذا سبب دهشتى من الرافضين لتعيين الزند وزيرا العدل

 
أستغرب بشدة موجة الرفض لتولى المستشار أحمد الزند منصب وزير العدل ، ويرجع إستغرابى الشديد الى أن كثير من الرافضين كانوا مؤيدين لثورة 30 يونية وما زالوا مؤيدين ومتمسكين بالرئيس السيسى ، ويعتبرونه البطل المنقذ للبلاد من الأخونة ومن مخطط أمريكا لتقسيم مصر بتنفيذ إخوانى ! 
ومشكلة هؤلاء الغاضبين من تولى الزند حقيبة العدل أنهم يفكرون بالعاطفة لا بالسياسة، ولا يدركون أنه هذا أول اختيار سليم للسيسى للوزراء من وجهة نظرى ، فشرعية النظام الحالى مصدرها الأساسى إسقاط الاخوان، والدور الذى لعبة السيسى فى إسقاطهم ، وبالتالى أى اختيار لأى مسئول كبير فى الدولة يجب أن يتم على أساس الدور الذى لعبه فى اسقاط حكم مرسى وجماعته ، والمستشار احمد الزند لعب دورا حاسما فى اسقاط حكم الاخوان ، بمعارضته لمرسى تارة ، و اعتراضه على قانون السلطة القضائية الإخوانى ، ووقوفه الى جانب المستشار عبد المجيد محمود عندما عزله مرسى ، فضلا عن رفضه للاعلان الدستورى المُرساوى ، ودوره فى تحريض القضاة على عدم المشاركة فى الاشراف على الاستفتاء على الدستور الإخوانى !
كل هؤلاء الرافضين مغيبون عن الواقع ، فهم مازالوا حالمون ومتصورون أن ثورة 30 يونيو هى إستكمال لثورة 25 يناير، فى حين أن ملامح المشهد السياسى تؤكد أنها كانت مسحا لثورة يناير بأستيكة وبماء النار ، و كان يجب أن يدركوا ذلك من خلال تواجد رموز ثورة يناير فى السجون ، و لو كانوا فطنوا لذلك لكانوا رفعوا القبعة لمحلب والسيسى فى إختيارهما للزند وزيرا للعدل ، فالرجل تتوافر فيه أهم الشروط التى تتوافق مع اللحظة الراهنة ، و أهمها الكراهية الشديدة للإخوان ، والرئيس السيسى قال أن مصر تخوض حرب وجود ضد الارهاب الاخوانى ، دون أن يسمى الإخوان فى تصريحاته !، وهذه الكراهية مهمة جدا فى الظرف الراهن ، والسبب معروف للجميع وليس فى حاجة للشرح والتوضيح ، مع التأكيد هنا أن كلامنا لا يحمل أى ايحاءات بأن القادم سيكون فى حل عن تطبيق مبادىء الحق والعدل وإعمال القانون بحق الجميع وخاصة الخصوم السياسيين للنظام الحالى . 
وأكثر شىء أستغربه فى ر فض الزند وزيرا للعدل من جانب البعض ، أنهم يرفضونه لأنه يرفض تعيين إبن الزبال فى القضاء ، و وجه الغرابة هنا ، أنهم هم أنفسهم يؤيدون مخطط الإتيان ببرلمان لا يهش ولا ينش ، وكلهم كانوا مؤيدين لدعوة السيسى لقائمة موحدة يختارها الشعب ، أو تفرض عليه ، لتكوين برلمان ديكورى ، يمرر قوانين ويصفق لقوانين أخرى، يتم سلقها وتفصيلها فى مطبخ الرئاسة ، دون أن يدرى هؤلاء أن تغيير الأوضاع الظالمة فى مصر ، ومنها التوريث فى القضاء وغيره، لا يمكن أن يتم إلا من خلال برلمان قوى يتمسك بدوره الدستورى، التشريعى والرقابى والمحاسبى، ويكون قادرا على سن قوانين لتعديل كل الأوضاع المعكوسة ، وهى أوضاع معروفة للجميع ، وليست فى حاجة للشرح والتوضيح .

20 مايو 2015

عبد الرزاق عبد الواحد: يطلبون مني قصائد الغزل ووطني مذبوح من الوريد إلى الوريد


القدس العربي  - آية الخوالدة
عمان ـ «القدس العربي»: في الأيام التي سبقت الثورة المصرية، قررت إحدى المؤسسات الثقافية في مصر تكريم الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد تحت عنوان «تكريم العظماء السبعة». ولهذه المناسبة كتب الشاعر قصيدته «هذه ذرى مصر»، إلا أن اللجنة أرسلت بطلب قصيدة غزل لوضعها في دليل التكريم، ما دفع به لإرسال واحدة من قصائده القديمة التي رفضوها طلبا لقصيدة جديدة. 
يقول عبد الواحد في أمسيته الشعرية التي عُقدت في العاصمة الأردنية عمان: «أعترف بأنني صدمت من الطلب، وأرسلت للجنة رسالة مشحونة بالغضب، قلت أنتم تكرمون رجلا تعلمون أنه تجاوز الثمانين، وأن وطنه مذبوح من الوريد للوريد، وأولاده وأحفاده مشردون بين أربع قارات، وهو لاجئ كل يوم في بلد، وتطلبون منه أن يكتب وهو في هذا العمر، و»هذه الحال» قصيدة غزل جديدة؟! هذه قصيدتي التي كنت مزمعا أن ألقيها في التكريم وكنت قد أتممت كتابتها آنذاك وهي واحدة من ألمع قصائدي، أرجو أن تقبلوها هدية لمصر، أما أنا فمستغن عن هذا التكريم». اندلعت الثورة المصرية ولم يقم التكريم وبقيت القصيدة. 
وفي الأمسية التي أقيمت في رابطة الكتاب الأردنيين وبحضور العديد من الشعراء والأدباء، قرأ منها:
رَتِّلْ قَصيدَكَ كالآيات تَرتيلا
واجعَلْ حروفَكَ مِن ضَوءٍ قَناديلا
وَقَبِّل ِالأرضَ كلَّ الأرض تَقبيلا
فأنتَ تَستَقبِلُ الأهرامَ والنِّيلا
هذي ذ ُرا مصر كَي تَدنُو لِهَيْبَتِها
أنْشِدْ لَو اسْطَعْتَ قُرآنا وإنجيلا
وَلا تُأوِّلْ لِمِصرٍ أيَّ مُعْجِزَة
إنَّ الحَقائِقَ لا يَقْبَلْنَ تأويلا
وَمِن حَقائِقِ مِصرٍ أنْ بِتُربَتِها
آياتُ بَدْءِ السَّنا نُزِّلْنَ تَنزيلا
أيَّامَ كُلُّ الدُّنا عَمَّ الظَّلامُ بِها
وَكُلُّ أسمائِها كانَتْ مَجاهيلا
أُولى الشُّموس ِأضاءَتْ مصرُ مَشرِقَها
حتى غَدا ضَوؤها لِلأرضِ إكليلا
أُمَّ الحَضاراتِ هَلْ غَيْبٌ فَنَسألُه
أمْ واقِعٌ ظَلَّ فيهِ الكَونُ مَشغولا
لِليَومِ مُعْجِزَة الأهرامِ زائِرُها
إذا رَنا رَدَّ عَنها الطَّرْفُ مَذهولا
يُلقي أبو الهَول هَولا في مَفاوُزِها
خَمسينَ قَرْنا ًقَضَى عَنهُنَّ مَسؤولا
تُضيفُ عُمْرا ًلِعُمْر الدَّهْر هَيْبَتُه
كأنَّهُ يُوسِعُ الأيَّامَ تَحليلا
وَها مَتاحِفُ كُلِّ الأرض تَملؤها
آياتُ مِصرَ كُنوزاً أو تَماثيلا
وبعد أن عرّج على العراق، وما تعرّض له، منذ الحصار، وحتى الاحتلال وما تلاه، ما تعرّض له شعبه وأرضه من انتهاكات، ختم قصيدته بالقول:
يا مِصرُ لو باهَلَتْكِ الأرضُ أجمَعُها
فَلْتَقتَرِحُ هَرَما أو تَجْتَرِحْ نيلا
علَيكِ مصرُ سلامُ اللهِ ما طَلَعَتْ
شمسٌ وأسْرَجَ فيكِ الضَّوءُ قِنديلا
وَما سَرى اللَّيلُ في واديكِ مِكْحَلَة
آياتُها كَحَّلَتْ عينَيكِ تَكحيلا
ومن أحد المواقف الطريفة التي تعرض لها عبد الواحد، أنه قدّم ديوانا بعنوان «مئة وثلاثون قصيدة حب» لاتحاد الكتاب العرب في دمشق، وفي ما بعد طلب الاتحاد منه حذف إحدى القصائد، فرفض وقال له بعد 59 ديوانا، وبعد هذا العمر تطلب مني حذف أجمل قصيدة في ديواني، وكانت بعنوان «من وصايا الآلهة»، ورفع الأمر إلى وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، الذي أكـّد على روعة القصيدة وجمالها، واستعداد وزارته لطباعة الديوان، وكانت النتيجة أن كتب الشاعر عبد الرزاق قصيدة في هجاء الشخص الذي طلب منه حذف القصيدة.
وبالعودة إلى القصائد الوطنية، أوضح عبد الواحد أنه أحيانا يكتب قصائده وهو نائم، ومن ذلك القصيدة التي جاء في مطلعها: ثمة صوت مثير مريب.. يسألني دائما هذا السؤال العجيب.. وحدث الحضور أيضا عن قصائده الشعبية المكتوبة باللهجة العراقية، ثم قرأ قصيدة كتبها لزوجته «أم خالد»ً، في عيد زواجهما السابع والثلاثين بعنوان: «مباركة أنت يا أم بيتي»، والتي قال فيها:
سبعة ٌوثلاثونَ عامْ
مثلـَما نَجمَة ٌ
تـَرَكتْ جُرحَها عـالِقـاً في الظلامْ
عَبَرَتْ أمَّ خالـد ْ ..
كم رَبيعـاً مَضى؟
كم شـتاءً وَصَيفْ؟
كم خَريفـاً بأعمارِنـا حلَّ ضَيفْ؟
كم ضَحِكنـا مَعـا؟
كم نثرنا على دَربنـا أدمُعـا ؟
كم تفتت مِن عُمرِنا مِن يَدَيْنـا؟
كم عَزيزاً عَلـَينا
أصبَحَ الآنَ طـَيفْ؟
وحاول عبد الواحد جمع أبيات الشعر التي تتضمن الحكمة في قصائده، ووصل إلى 750بيتا، ولكن أمام كثرة شعر الحكمة لديه، رأى أن يترك ذلك لناقد قد يستطيع جمعها في ما بعد، ولكثرتها فإنه يعتقد أن ثمة من يتحدث مستقبلا عن شعر الحكمة لدى أبو العلاء المعري وعبد الرزاق عبد الواحد، وقال الحكمة تنفجر ولا تؤلف.
ثم قرأ الشاعر محمد انصيف، قصيدة كان قد أبدعها في أثناء مرض الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، ومما قاله فيها:
سـلامـاً أيهـا الـرجـلُ الـعـلـيـلُ أأثقلَ رحلكَ السفرُ الطويلُ؟
فما تعبتْ خـطـاكَ وما تـوانـتْ ومـثـلـُكَ حملهُ أبـداً ثـقـيـلُ
فكم بالشعـر قـد أسرجتَ خيلاً لها في كلّ معـتركٍ صهـيلُ
جـريـحٌ بـالـعـراق وأنـتَ فـيـهِ فكم جرحاً أضافَ لك الرحيلُ؟
والقى الشاعر مكي نزال عددا من قصائده الوطنية الخاصة بالعراق عامة، وبغداد خاصة، كما قرأ الشاعر ماجد المجالي من قصائده الخاصة بالعراق، وبالشاعر عبد الرزاق عبد الواحد بعد إجرائه عملية المرارة قال فيها: شفيت وعدت يا أهلا ويا سهلا..أراهن أن عزمك لن يكلا.. في عهد المرارة كنت حلوا.. ومن بعد المرارة صرت أحلى.

محمد رفعت الدومي يكتب: كورديةٌ أنا..عرضي لا أبوحُ بهِ

 
لقد اكتشفت أنني قد استشهدت عدة مراتٍ خلال أقلّ من عام بمقولة "كارل ماركس" الشهيرة:
- التاريخ يكرّر نفسه مرّتين، مرّه كمأساة وأخرى كمهزلة؟
وفي كل مرة كان "ماركس" محقَّاً، لكنني، بعد الضجيج الذي اندلع في "إيران" عقب انتحار الفتاة الكوردية "فريناز خسرواني" عندما حاول موظف إيرانيٌّ اغتصابها اكتشفت أن الحدث آنذاك هو الذي كان محقَّاً لا "ماركس"، فالعبقرية كانت للحدث الذي أبي إلا أن يفرض عليَّ طريقته في النظر إليه، اكتشفت أيضًا أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه كمأساة في المرتين، أو مهزلة في المرتين، وربما، أفرط التاريخ في تكرار نفسه مئات المرات لا مرتين، لكن، أن يكرر التاريخ نفسه بهذا الغباء فهذا يكفي لأن يورِّط المرءَ في الدهشة من كل جانب!
لا يخفي علي أحد أن أخبار الاضطرابات التي تعيشها مدينة "مهاباد" طارت أصدائها إلي كل مكان، وتصدرت نشرات الأخبار بكل لهجات الكوكب، وصار يمكنني الآن أن أؤكد أن رغبة حزب "كومله" الكردستاني هناك في تربية الاضطرابات هي الأصل، وما انتحار "فريناز خسرواني" إلا الحجة والعذر المؤقت، ربما لأهداف سياسية مشروعة، وربما، لأهداف أخري مدفوعة الأجر تأتي من خارج أسوار "إيران" لأجهزة مخابرات عالمية وإقليمية فيها نبضٌ أكيد!
رائحة المكان هي مكمن الخطورة هنا، ذلك أن لمدينة "مهاباد" مكانة رمزية ليست لغيرها لدي كل الأكراد في العالم، فهي الرحم الذي خرجت منه إلي الأفق السياسي النسخة الأولي من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي شكل جمهورية "مهاباد" عام 1946، كما أن هذا الحزب هو المصدر المفصلي لكل الأحزاب الكردية علي سطح الكوكب، وأياً كانت المآلات، لقد نجح حزب "كومله" في استغلال الحادثة حتي جذور أعصابها، علي الرغم من كونها حادثة أليفة يحدث مثلها يوميّاً في كل مكان!

فتاة كوردية تعمل في خدمة الغرف بأحد فنادق المدينة حاول أحد الموظفين في وزارة السياحة اغتصابها بالتواطؤ مع صاحب الفندق، مقابل تصعيد فندق الأخير إلي "خمسة نجوم"، فعاقبت الوغدين بطريقتها الخاصة، لقد قفزت من النافذة فلقيت حتفها أمام المارة في الشارع علي الفور، كانت هذه هي أكثر الروايات احترامًا للمنطق حتي الآن!
عندما قرأتها منذ أيام مضت لأول مرة انتابني إحساس تام الدوائر بأنني رأيت هذه الحادثة بنفس التفاصيل منذ زمان بعيد، لقد استجاب لها جيبٌ مهجور في ذاكرتي لم أكن أظن أبدًا أنه ما زال عامرًا، كانت المشكلة التي واجهتني في البداية هي أنني لا أعرف من أين كان يهب هذا الإحساس، وعقب عدة محاولات استدعاء كانت تتفتت سريعًا إلي لا شئ تذكرت فجأة اسم "أفول"، ومن عدة تجارب سابقة، كان هذا كافيًا بالقدر الذي يلهمني أن لهذا الإسم علاقة بتلك الحادثة، وسألت "جوجل" الذي لا يخذل أحدًا عن فتاة كوردية اسمها "أفول" ماتت منتحرة فخذلني، لكن، ظهور اسم "أسامة بن منقذ" في بعض نتائج البحث كان كافيًا جدًا لأن أتذكر تفاصيل الحادثة، لقد كان "الاعتبار، كتاب الأمير "أسامة بن منقذ" هو مصدرها، قال:
"وكان في جند الجسر رجل كردي يقال له "أبو الجيش" وله بنت اسمها "رفول" قد سباها الإفرنج، وهو قد توسوس عليها يقول لكل من لقيه يومًا:
- سُبيت رفول!
فخرجنا من الغد نسير على النهر فرأينا في جانب الماء سوادًا، فقلنا لبعض الغلمان:
- اسبح ابصر ما هذا السواد!
فمضى إليه فإذا ذلك السواد "رفول"، عليها ثوب أزرق وقد رمت نفسها من على فرس الإفرنجي الذي أخذها فغرقت، وعلق ثوبها في شجرة الصفصاف، فسكنت لوعة أبيها "أبي الجيش" فكانت الصيحة التي وقعت في الإفرنج وهزيمتهم وهلاكهم من لطف الله عز وجل لا بقوة ولا بعسكر"
يجب الآن أن أعترف أن احتجاجات "مهاباد" لم تنبه لدي أي نظرية، ولا يعنيني أصلاً التكهن بإلي أين سوف تسير أو كيف تنتهي أو تراكماتها، فالأمور تبدو علي غير حقيقتها أحيانًا، غير أن قلبي قد التقط بحفاوة تلك الرمزية في انتحار "فريناز خسرواني"، لقد بات جليَّاً الآن أن تلك القوة التي أفصح الكورديات عنها في "كوباني" وجعلت العالم يصاب بالدوار لم تولد من فراغٍ، كما بات الآن جليَّا أن في العرق الكوردي نبضة منعزلة تخصه وحده، كل شئ ينتمي إليهم يعزف منفردًا عن قوميات أخري صارت عفنًا وشوفينية فارغة، كل شئ، موسيقاهم، أدبهم، أساطيرهم، جمالهم الإنساني، وأحلامهم الكبيرة ببياض وجه القادم!

ولا شك في أن اكتراث الكورديات علي الدوام لعفتهن بهذا الشكل أمرٌ يدعو للحيرة وللإعجاب في آن معًا، وإن من المؤسف أن ذلك الاكتراث المميت للعفة توقف عن أن يكون من بين اهتمامات الغالبية العظمي من النساء العربيات، كهذه، علي سبيل المثال:
امرأة عربية مسنة اختطفها بعض الخارجين عن القانون واغتصبوها، عندما ألقي القبض عليهم تم استدعاؤها إلي النيابة لتدلي بشهادتها، وبعد أن أخذ "وكيل النيابة" أقوالها لاحظ أنها لا تنصرف، فقال لها:
- خلاص يا ماما روَّحي وهنجيبلك حقك؟
فسألته:
- هو مش المفروض إن المجرمين دول يمثِّلوا الجريمة؟
وداعًا فريناز خسرواني، لكن، آه لو روَّضتِ عقلك يا جميلتي منذ البداية علي تصديق أن هذا العالم كريه بالقدر الذي يكفي لأن لا يكون للضعفاء مكان فيه، وداعًا..

19 مايو 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: لا تغتالوا سلمية بوعزيزى

حَرَّقَ بوعزيزى نفسه ولم يحرق الشرطية التى صفعته.
***
ماذا فعل محمد بوعزيزى ايقونة الربيع العربى التى فجرت مأساته الثورات العربية، حين تلقى صفعة من الشرطية التونسية فايدة حمدى؟
حاول ان يشكوها الى رؤسائها فسخروا منه، واستخفوه به، وأصابوا كبرياءه وكرامته فى مقتل.
ومع ذلك وفى قمة غضبه وحنقه، لم ينتقم منهم. لم يرفع يده على اى من رجال السلطة. لم يحرق "فايدة حمدى" أو يعتدِ عليها، او يرد لها الصفعة. لم يصنع عبوة ناسفة. لم يمارس الارهاب ضد النظام او الدولة.
بل قرر ان يحرق نفسه. وكأن لسان حال يقول: مهما فعلتم معى فلن أؤذيكم، وان قتلى لنفسى أهون عندى من استخدام العنف ضدكم.
لا يوجد دلالة اكثر من ذلك على سلميته.
هكذا كان بوعزيزى وهكذا أيضا كان كل من سار على دربه.
***
بدأت ثورات الربيع العربى، ثورات شبابية سلمية، تكره العنف، يتبارى شبابها فى الشجاعة والإقدام والتضحية، بدون ان يفكروا لحظة واحدة فى ايذاء أحد، حتى لو كانوا من رجال الشرطة الذين يضربوهم ويعتدوا عليهم بالهراوات والغاز والخرطوش ويقنصوهم بالرصاص الحى.
اختاروا التجمع، فى ميادين التحرير، عُزَّل، أسلحتهم هى التظاهرات والاعتصامات واللافتات والشعارات والهتافات ومكبرات الصوت.
اعتصموا فى مكان مفتوح، وهم يدركون جيدا انهم هدف سهل لقوات النظام، فيما لو ارادات ان تقصفهم أو تقتلهم.
لم يعتدِ الشباب على الشرطة الا فى حدود الدفاع عن النفس؛ الحجارة فى مواجهة الغاز والخرطوش وموقعة الجمل.
كان الذى حمل السيوف والخناجر هم ميليشيات النظام السرية من البلطجية و"المواطنين الشرفاء".
أما الهجوم على أقسام الشرطة، وفتح السجون، وإطلاق اللصوص والبلطجية على المنازل، كل ذلك كان من تدبير "الطرف الثالث" فى الساعات الاولى للثورة، كواحدة من خطط الطوارئ المعروفة والمعتمدة والمعدة سلفا، والتى تُدَّرس للمبعوثين الامنيين المصريين فى دورات التدريبات بالمعاهد والكليات العسكرية الامريكية. وكذلك كل ما تلاها من احراق للكنائس والانفلات الامنى المقصود الناتج عن اضراب غير معلن من رجال الشرطة. و تعطيش الأسواق بهدف شيطنة الثورة شعبيا...الخ
***
لم تُقَدِّر الدولة سلمية الثورة أو تحترمها، ولم تعامل الثوار بالمثل. بل غدرت بهم؛
فإدعت فى العلن تأييدها للثورة والثوار ونزولها على رغباتهم وتنفيذها لبرامجهم وأهدافهم، والتزامها بحمايتهم وعدم الاعتداء عليهم.
أما فى الخفاء ومن وراء الكواليس، فشرعت فى الانقضاض على ثورتهم وخداعهم والعمل على تفريق صفوفهم وتصفيتهم، قنصا او قتلا او اعتقالا او اختراقا واحتواءً.
ان عمليات القتل لم تتوقف، منذ اللحظات الاولى للثورة؛ يشهد على ذلك شهداء يناير وموقعة الجمل ومحمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية وبورسعيد ... ثم فيما بعد الحرس الجمهورى والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس وسيارة ترحيلات ابو زعبل واستاد الدفاع الجوى...الخ
***
ورغم كل هذا القتل المنهجى، رفض الشباب مرة أخرى اللجوء الى العنف، وردوا بمزيد من المظاهرات والاعتصامات السلمية.
وردت الدولة مرة أخرى بالاعتقال وبمزيد من القتل وبتخوين الجميع أو اتهامهم بالإرهاب!
رغم ان الارهابيين لا يتظاهرون او يعتصمون، ولا يرفعون اللافتات والشعارات وانما البنادق والمفرقعات، ولا يؤسسون احزابا أو جبهات، ولا يشاركون فى الانتخابات، ولا يصدرون الصحف، ولا يظهرون فى المنابر الاعلامية، وليس لهم حسابات حقيقية على وسائل التواصل الاجتماعى، ولا يؤسسون تنظيمات جماهيرية، ولا يمارسون اى انشطة علنية، ولا يستسلمون للسلطات حين تذهب لاعتقالهم ......الخ
***
وماذا كانت نتيجة هذا الغدر؟
زرع النظام بيده جرثومة العنف لدى قطاعات من الشباب، زرعه حين مارس القتل والقنص والاعتقال والحظر والظلم والسجن والمؤبد والإعدام بالجملة، وقام بحظر وتجريم التظاهر بما يعنيه ذلك من تجريد بوعزيزى وأشقائه من سلاحهم الوحيد فى مواجهة كل جبروت النظام ومؤسساته.
وكان رد الفعل الطبيعى والمتوقع أن بدأت تتشكل جماعات من الناس اخذت تزداد يوما بعد آخر، من اهالى الشهداء والمعتقلين وأصدقائهم ورفاقهم وجيرانهم ومعارفهم والمتعاطفين معهم، جماعات لم تعد تحتمل استبداد السلطة وظلمها وعنفها، وأصبحت تتساءل عن جدوى السلمية، وتعبر عن تفهمها لمشاعر ودوافع منتهجى العنف والارهاب، وربما تتعاطف معهم فى كثير من الاحيان.
وظهر منهم من يشككك فى البيانات الرسمية عن العمليات الارهابية، ويتهم الدولة بتدبيرها لتبرير قبضتها البوليسية وإجراءاتها الاستثنائية، مستشهدة بتجارب وسوابق تاريخية مصرية وعالمية.
ويتهمها بأنها تسد كل منافذ الحرية والعدل لكى تستدرج خصومها الى العنف وحمل السلاح، وتزرع الخوف بين الناس لتدفعهم للاحتماء بها ومباركة استبدادها والاعتراف بشرعيتها وفرض سطوتها.
لقد اصبحنا نجد صعوبة تتزايد كل يوم فى اقناع هذا الشباب بأهمية الحفاظ على السلمية وبضرورة ادانة العنف والإرهاب.
فحين نطالبهم بإدانة اى عملية ارهابية،
يردون بأن النظام حرق كل القنوات والوسائل الشرعية والسلمية للكرامة والحرية والعدل والعدالة والتغيير.
او يردون بان الدولة هى من دبرتها.
فنسألهم هل هذا كلام معقول؟
يردون بان من ارتكبوا كل هذه المذابح على امتداد اربع سنوات بدم بارد، يمكنهم ان يقتلوا جنودهم أيضا بدم بارد، فى سبيل تثبيت سلطتهم وسلطانهم.
الى هذه الدرجة اصبحت الصورة سوداء فى عيون كثير من الشباب.
***
فى البداية كانت العمليات الإرهابية، محدودة ومحصورة فى سيناء، ومدانة من الجميع. اما اليوم فلقد اتسعت دوائرها وتعددت عملياتها، وخفتت اصوات ادانتها لدى قطاعات متزايدة من الشباب.
وهو ما ينذر بشر كبير، ما لم يتم تداركه سريعا، بالمراجعة والتراجع عن كل سياسات وقرارات ومحاكمات وأحكام الظلم والقهر والاستبداد وكل منظومة الاجراءات البوليسية والأمنية :
لا تخلقوا حاضنة شعبية للعنف،
لا تستبدوا بالبلاد و العباد، ولا تئدوا حلم المصريين والشباب فى وطن حر وعادل وكريم.
واخلوا السجون من الأبرياء.
ولا تحظروا خصومكم السياسيين، ولا تعتقلوهم أو تسجنوهم، ولا تحاكموهم على آرائهم ومواقفهم وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية.
فان حاكمتوهم فاعدلوا.
فان لم تعدلوا، فلا تحكموا بإعدامهم، فالاعدام السياسى اغتيال خارج القانون.
فان حكمتم بالاعدام، فلا تجعلوه اعداما بالجملة، حتى لا تكون ابادة جماعية.
فان صدرت بالجملة فلا تنفذوها.
فالمنتصر الذى يسجن خصمه المهزوم، لا يعدمه أبدا، حفاظا على السلم الاهلى وتحسبا لتغير الظروف وانقلاب الموازين .
احذروا الغضب الكامن والمكتوم فى الصدور، واتقوا شر المظلوم اذا يأس.
هل رأيتم ما حدث فى سوريا والعراق؟
لا تغتالوا سلمية بوعزيزى.
*****
موضوعات مرتبطة :

16 مايو 2015

سعيد نصر يكتب: ربنا يقويك ويخليك لينا يا ريس !

ربنا يقويك ويخليك لينا ياريس .. ماهو إنت تعبان عشان تريحينا .. ومن كتر حبك لينا وخوفك علينا .. مش عايزنا حتى نفكر فى أى شىء .. ولا حتى عايزنا نبقى معاك ولا نبقى ضدك .. وده كله لأنك بتحبنا حب حقيقى ! 
ولأننا نور عينيك إنت مش فى حاجة لينا .. لأنك فى الأساس بتشوف بينا .. ولأن هناك رابط بين العقل ونور العين .. فأنت مش محتاجنا نفكر معاك .. لأن إنت عقلك يسع عقول الـ 90 مليون !!
أنت نفسك قلت كدة فى المؤتمر الإقتصادى .. فاكر ولا أفكرك .. مش انت قلت فى المؤتمر .. أنا عارف مشاكل مصر زى ما أنا شايفكم أدامى .. يبقى عندك حق لا تسمع لنا .. ولا تبقى محتاج لبرلمان .. ولا لاعلام حر .. كل ده مالوش لازمة .. البركة فيك هتبقى حلوة على إيديك !!! 
إحنا مصدقين إننا نور عينيك .. وعشان نفضل نور عينيك .. حظرت روابط الألتراس و أعدمت الاخوان .. وحفرت لنا قناة السويس الجديدة فى سنة واحدة ، فى زمن قياسى .. كل ده من غير وجود برلمان يساعدك .. عشان كدة عايزينك سنتين كمان من غير برلمان !!!!
دوس على كل معارضيك ميهمكش .. إنت وراك شعب بيأيدك .. كل معارضيك خونة وعملاء .. ومش عارفين مصلحة البلد .. ومش شايفين مخطط تقسيم مصر .. و مش مقدرين خطر الإرهاب .. ومش عارفين إن لولاك كنا رحنا فى ستين سوريا وليبيا .. ومش عارفين إن القضاء حكم على قادة الاخوان بالاعدام عشان البلد تستقر وتحلو !!!!!
خليك على نفس السياسات ميهمكش .. نكّل بكل اللى شارك فى ثورة يناير .. قصدى فى مؤامرة يناير ! .. وإعط توجيهاتك للجهات السيادية بوقف أى برنامج يقول كلمة حق .. هم ناسيين إنك الرئيس الضرورة .. الرئيس الحتمى .. إننا من غيرك ولا حاجة .. وناقصنا كم مليون حاجة .. ناقصنا إنك تربينا على الجبن والخضوع والذل .. بعد ما كنا نسينا الذل وكسرنا حاجز الخوف .. خليك على سياستك يا ريس .. إنت كدة بتعمل أهم إنجاز فى التاريخ .. بترجع المصريين لأصلهم .. بترجع الخوف للروح .. بتقص ريش الطير .. وده لأنك عايزنا نرتبط بيها ارتباط حقيقى !!!!!!
مع إنى متأكد إن مش هتحقق أى إنجاز .. لأنك بطبق خطط واستراتيجيات موضوعة من أيام مبارك .. وليس فيها بعد أجتماعى بالمرة .. إلا إنى عايزك تحكم لأخر العمر .. وربنا يديك طول العمر .. مش لأنى مصدق كذبة الرئيس الضرورة .. لكن عشان الناس اللى رقصت ترقص كمان وكمان .. واللى قالت مفتاح شقتى ترمى نفسها من البلكونة .. واللى قالت ملك يمينك تصرخ وتقول " أرجووووووووووووك ....." !!!!!!!

14 مايو 2015

ديفيد هيرست يكتب: هل ما زال «السيسي» يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟

*كاتب ومفكر امريكى
تعقب المال. في الواقع لم تجر تلك العبارة على لسان عميل المباحث الفيدرالية المسمى «الحنجرة العميقة»، أو «دبليو مارك فيلت» الإبن – كما كشف عن نفسه من بعد، أثناء حديثه مع مراسل الواشنطن بوست «كارل وودوارد». ومع ذلك، لم يحل ذلك دون أن تصبح هذه العبارة، وهي أفضل ما قيل بعد تفجر فضيحة واترغيت، أول فكرة تخطر بالبال عند كل فضيحة سياسية منذ ذلك الوقت. وبناء عليه، إذا أردت أن تسبر غور التوترات العجيبة الحاصلة بين المملكة العربية السعودية ومصر، أي بين المانح والمستجدي، فعليك بتعقب المال.
بإمكاننا الآن الاستغناء عن استخدام مفردة «مزعومة» حين نتكلم عن محتويات ساعات من المحادثات التي سجلت سراً لـ«عبد الفتاح السيسي» وأقرب المقربين إليه من كبار المسؤولين، وذلك أن صوت «السيسي» في الأشرطة المسجلة تم إثبات صحته من قبل خبراء في معمل التحليل الصوتي في بريطانيا، والذين أثبتوا من قبل صحة صوت «ممدوح شاهين» مستشاره العسكري القانوني.
كشف «السيسي» ومدير مكتبه «عباس كامل»، ضمن أشياء أخرى، عن المبلغ الحقيقي من الأموال الخليجية التي تدفقت على خزائن الجيش التي تبدو كما لو كانت بلا قرار. لقد منحت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت لمصر 39.5 مليار دولار نقداً، ومشتقات نفطية وقروض ما بين يوليو 2013 – تاريخ الانقلاب – ويناير أو فبراير 2014. وتدفقت عليهم مبالغ أخرى منذ ذلك الوقت، يقدر البعض المبلغ الإجمالي بما يقرب من خمسين مليار دولار.
لو كنت في موقع من ورث لتوه العرش السعودي لربما تساءلت عما آل إليه مصير كل هذه الأموال قبل أن تفكر بإغداق المزيد منها. ولكن، ليس هذا الذي حدث. ما فعله «السيسي» هو أنه بادر بحركة هجومية مفادها أنه طلب من العاهل السعودي إعطاءه المزيد. هذا هو ما قاله في اجتماع لكبار الضباط العسكريين المصريين في قاعدة المزه الجوية شرق القاهرة، حيث أخبرهم السيسي بأنه «ذكر السعوديين بمسؤولياتهم».
وهذا بالضبط نفس الخط الذي تبنته إحدى مدللات «السيسي»، مقدمة البرامج التلفزيونية «أماني الخياط»، التي أذاعت بأن «السيسي» أخبر «سلمان» خلال لقائه الأخير معه: «عليك أن تدفع ثمن اختياراتك».
هذا الشجار ما بين الدولة التابعة والدولة التي تنفق عليها يكشف الكثير. منذ أن وصل «سلمان» إلى العرش تلقت مصر ست مليارات دولار من دول الخليج الثلاث – ولكني فهمت أن هذا المبلغ لم يكن نقداً، وإنما هو عبارة عن قرض من المفروض أن يسدد بفائدة قدرها 2.5%، وهي فائدة أعلى مما يفرضه عادة صندوق النقد الدولي نفسه.
منذ اللحظة الأولى جعل «السيسي» قراره الإطاحة بالرئيس «محمد مرسي» مرتبطاً بالدعم المالي الذي سيتمكن من استخلاصه من المملكة العربية السعودية ومن دول الخليج الأخرى. في الأشهر التي سبقت يونيو 2013 كان «السيسي» مترددا، ولم يقرر المضي قدماً بتنفيذ خطته للانقلاب إلا بعد أن حصل على التزام قطعي من الملك «عبد الله» بأن الانقلاب العسكري سيكافأ بمبلغ 12 مليار دولار. كان الانقلاب متعدد العناصر، وكان أحدها بالتأكيد العرض المالي. فإذا لم يعد هذا العنصر قائماً، يبدو أن الرهان سيكون مختلفاً جداً بالنسبة لـ«السيسي». إذن، تعقب المال.
يمكن للمرء أن يتشكل لديه انطباع عن السلوك الذي ينتهجه «سلمان» تجاه «السيسي» من خلال ما جرى خلال لقاء طويل تم بين العاهل السعودي ورئيس جمهورية تركيا «رجب طيب إردوغان»، قال «إردوغان» إن لديه ثلاثة شروط قبل أن يوافق على مصالحة علنية مع «السيسي»، والذي كان موجوداً في السعودية في نفس الوقت. والشروط الثلاث هي: إطلاق المعتقلين السياسيين، وإلغاء أحكام الإعدام، وأن يسمح «السيسي» بحرية التنظيم والتظاهر. ولما كان ذلك من شأنه أن يهدم الأسس الثلاث التي قام عليها الانقلاب، فقد كان واضحاً أن شروط «إردوغان» لم يكن ليوافق عليها.
لم يكن في التقرير الذي قدمه «إردوغان» عن الاجتماع ثمة ما يشير إلى وجود توافق بشأن الوضع في مصر. قال «سلمان» إن مصر كانت باستمرار تُحكم من قبل دكتاتور عسكري، فإذا لم يكن ذلك هو «السيسي»، فمن عساه يكون؟ كان هذا هو سؤاله للجانب التركي من المحادثات. وذلك أن المملكة العربية السعودية كانت تريد شيئاً واحداً من مصر، وهذا الشيء لا صلة له لا بالربيع العربي ولا بميدان التحرير، إنه الاستقرار. والسؤال هو: كيف يمكن لك ضمان الاستقرار دون أن يكون الجيش هو المسير للأمور؟
تلك كانت وجهة نظر «سلمان». ولكنها لا تعبر عن دعم مطلق للسيسي كما قد يبدو للوهلة الأولى. هناك فرق بين القول إن الرياض تدعم الاستقرار في مصر والقول إنها تدعم «السيسي». ماذا لو تقدم جنرال آخر بدعم من العسكر بخطة ناجحة لتطبيع البلاد؟ إلى متى سيظل «السيسي» هو الرجل الذي يحظى بالدعم؟ ماذا لو غدت البلاد أقل استقراراً لا أكثر؟
يؤثر عن «فراكلين دي روزفيلت» أنه رد على وزير خارجيته «سامنر ويليس» حينما قال عن دكتاتور نيكاراغوا سوموزا «إنه ابن حرام» بالقول «نعم، إنه ابن حرام، ولكنه رجلنا». لا ينطبق ذلك على «السيسي». فالدكتاتور المصري ليس رجل «سلمان»، وإنما هو واحد من الأخطاء الكثيرة التي جناها أخوه غير الشقيق عبد الله في السنوات الأخيرة من عهده. لا ينبغي على «سلمان» أن يشعر بالمسؤولية تجاه مصير «السيسي»، ولا نظنه منشغلاً بذلك، هو لا يأبه إلا بمصير مصر.
لو مضينا مع المنطق الذي تقوم عليه وجهة النظر السعودية لقلنا إن مستقبل السيسي يعتمد على قدرته في إثبات أن بإمكانه جلب الاستقرار إلى مصر. ولكن كل الأدلة تثبت عكس ذلك تماماً. فكما يقول المفكر السياسي المصري «عماد شاهين» في ورقة أعدها مؤخراً، غدا حكم «السيسي» بشكل متزايد مركزاً حول شخصه هو في غياب برلمان منتخب. لقد أصدر 263 مرسوماً منذ أن استلم السلطة، ولم يفلح في تشكيل قاعدة سياسية من خلفه. في نفس الوقت لم يعد بإمكانه التخلص من وزير الدفاع الحالي بفضل الدستور الذي قصد منه أن يحصن موقعه السابق في نفس الوظيفة. والآن، وبعد أن خلع بزته العسكرية، بات «السيسي» رئيساً مدنياً حبيس أحبولة نسجتها يداه.
الوضع الأمني في مصر آخذ بالتدهور، فقد بلغ عدد أحداث العنف السياسي خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام 1641، بمعدل حادث واحد كل 90 دقيقة.
ولقد عبر بعض كبار الشخصيات في المؤسسة العسكرية المصرية عن ذعرهم من ذلك وباحوا بما يؤرقهم لبعض زملائهم في مؤسسات موازية خارج البلاد. وهؤلاء (العسكريون المصريون) لم يكونوا مسرورين بالانقلاب ابتداءً، وإنما أيدوه لأنهم شعروا بعدم وجود خيار آخر. أما الآن، فهم يشككون بشكل متزايد بالمسار الذي يقودهم «السيسي» من خلاله.
وبلغني أن أحد هؤلاء المسؤولين المصريين حسبما نقل عنه، قال «لم يكن الوضع في مصر بهذا السوء في يوم من الأيام». والخلاصة التي استنتجها من سمعهم مفادها أن ثمة تصدعات بدأت تظهر داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
يمكن للمرء أن يتفهم وجهة نظر مثل هؤلاء الجنرالات، فهم لا يعتقدون أن الجيش قادر على الاستجابة لكل ما يطلب منه، حيث إنه بات الآن الجهاز الأمني المحلي الأول. وهم لا يريدون أن يحمل الجيش المسؤولية عن الفوضى الاجتماعية السائدة. ولعل هذا هو أحد الأسباب وراء تسجيل المحادثات التي كانت تجري في مطبخ إدارة «السيسي» ثم القيام بتسريبها بعد أسبوعين فقط من وصول «سلمان» إلى السلطة. ولما كان الهاتف النقال الذي يستخدمه عباس كامل مزوداً من قبل جهاز المخابرات العامة فلابد أن عملية تسجيل مكالمات «السيسي» وبطانته كانت قرارا داخليا. إذن، يبدو أن شخصاً ما رغب في أن يسمع «سلمان» بنفسه ما الذي يقوله «السيسي» وما الذي يفكر به تجاه المانحين الخليجيين الذين هو عليهم عالة.
ومصدر القلق الأكبر هو إمكانية، والبعض يقول احتمالية، أن ينتقل التمرد المسلح من شبه جزيرة سيناء إلى داخل الأراضي المصرية. سعياً منه لقمع هذا التمرد، لجأ الجيش المصري إلى أساليب في غاية الوحشية، بما في ذلك تدمير نصف مدينة رفح المصرية المحاذية لقطاع غزة، وفرض منع التجول، وإطلاق النار على القرى، وتدمير ما يقرب من عشرة آلاف بيت. يقطن سيناء ما يقرب من نصف مليون نسمة موزعين في عدة مناطق منها، لكن ماذا لو تكررت نفس الإجراءات العقابية في صعيد مصر ذي الكثافة السكانية التي تبلغ ما يقرب من ثلاثين مليون نسمة؟
صعيد مصر يغلب على سكانه التدين والمحافظة، صوتت أغلبيتهم الساحقة لصالح «الإخوان المسلمين»، والصعيد منطقة مهمشة من الناحية الاقتصادية. وهي المنطقة التي تنوي «ولاية سيناء»، وهي فرع من أفرع تنظيم «الدولة الإسلامية»، إقامة مركز عمليات لها فيها. وهذا ما أعلن عنه «أبو سفيان المصري»، العضو في تنظيم الدولة الإسلامية من فرع «ولاية سيناء»، حين قال بأنهم سيدشنون مركزاً لهم هناك قريبا. أسيوط والفيوم، كلاهما في صعيد مصر، واشتهرا بمعارضة بل ومعاداة الدولة طوال تسعينيات القرن الماضي. يقول أحد أنصار الدولة الإسلامية من أهالي الصعيد «لا يمكن مواجهة العنف إلا بالعنف – لا يمكن لهذه المنظمات أن تقعد مكتوفة اليدين دون أن ترد». إلا أن الجنرال «محمد محفوظ»، الخبير العسكري المصري، اعتبر إعلان ولاية سيناء مجرد حدث إعلامي لا قيمة له.
وقال «محفوظ»: «نحن نختلف عن سوريا وعن ليبيا وعن العراق. مازال جيشنا عاملاً فعالاً، ولم تحظ أي منظمة (خارج إطار الدولة) بالسيطرة على أي مناطق محددة كما هو الحال في سوريا».
وأضاف أن «من سوء الطالع أن تكون حدود مصر إلى الشرق وإلى الغرب وإلى الجنوب كلها مع دول تدعم التيار السياسي السلفي أو تحتوي على مساحات كبيرة من الأراضي تخضع لسيطرة هذا التيار. وهذه الجماعات تستغل الفجوات الموجودة على امتداد الحدود لتدفع بعناصرها إلى داخل مصر».
لسوف نرى. ليس في مصلحة القوى الغربية التي دعمت «السيسي»، وبشكل خاص الاتحاد الأوروبي، أن ترى الأزمة تتفاقم في مصر بينما هي محجمة عن فعل شيء يحول دون وقوع الانفجار. وها نحن نشاهد نتائج الانتظار دون فعل شيء في كل من ليبيا وسوريا واليمن. ولو سارت مصر على نفس النهج فلن يكون الانفجار من النوع التقليدي الذي عهدناه أو تعودنا عليه (في تلك الدول). بل سيكون انفجاراً نووياً. فالمصريون الفارون لن يكون أمامهم سوى وجهة واحدة يسافرون إليها، سيستقلون القوارب المتجهة شمالاً إلى أوروبا. فإلى متى ستبقى أوروبا متفرجة بينما يتفاقم الوضع في مصر ويفارقها الاستقرار؟

13 مايو 2015

أحمد صبري يكتب : طارق عزيز ورفاقه.. من ينصفهم؟

لم يحظ مسؤول عراقي على ثقة الرئيس الراحل صدام حسين، بمثل ماحظي به طارق عزيز، ماوضعه بالصف الاول في قيادة الحزب والدولة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، هو الان معتقل منذ نيسان عام 2003 وحتى الان
يوصف عزيز بأنه اليد اليمنى لصدام وأبرز معاونيه وأحد أبرز من يقومون بكتابة خطاباته وبصياغة القرارات التي كانت تصدر عن إجتماعات القيادة العراقية
وبحسب مقربين من طارق عزيز فانه أكد مرات أنه اقرب إلى الاسلام من المسيحية،لكنه بقي مسيحيا .
وتحمل عزيز مسؤولية قيادة الدبلوماسية العراقية في اصعب المراحل التي واجهت العراق مشرفاً على السياسة الخارجية بعد قطاع الثقافة والأعلام في أحلك الظروف مدافعا عن وجهة نظر العراق في المحافل العربية والدولية، وتشهد له قاعات مجلس الامن واروقة الامم المتحدة بذلك
لقد كان طارق عزيز صاحب موقف ورأي يجهر به أمام الرئيس الراحل صدام حسين وفي إجتماعات القيادة العراقية عند مناقشة أخطر القضايا التي كانت تواجه العراق ،وكان صدام ينصت اليه وياخذ بارائه ومقترحاته، ماوضعه في الخلية المقربة منه وموضع ثقته.
عندما نتحدث عن طارق عزيز السياسي والدبلوماسي،فأن الوجه الآخر لشخصيته تتسم بالبساطة والتواضع حسب مايرويه مدير مكتبه السفير السابق سامي سعدون /أن طارق عزيز، مجيد في الكتابة باللغة العربية ومتميز في الحديث والكتابة باللغة الانكليزية وعلى معرفة جيدة بالموسيقي
.وعزيز كفوء وله ذاكرة قوية وعقل منظم ، فهو لا ينسى أي شيء ، وكان يثير استغراب العاملين في مكتبه عندما يسأل عن أوراق وملفات كان قد طلب الاحتفاظ بها قبل عدة سنوات
.في لقائه الشهير مع (جيمس بيكر) وزير الخارجية الامريكي في جنيف عشية العدوان على العراق عام 1991، وبعد تهديدات (بيكر) بأن أميركا ستعيد العراق إلى ما قبل العصر الصناعي، وأنها ستّغير القيادة العراقية وتنصب حكاماً من أتباعها .رد عليه طارق عزيز.. نعم أنكم تستطيعون تدمير العراق بما تملكون من قوة ولكنكم لن تستطيعوا القضاء على العراق فعمره سبعة آلاف سنة قبل الميلاد ورفض باباء استلام رسالة بوش للقيادة العراقية
حاول طارق عزيز من خلال موقعه ومسؤوليته بادارة الملف العراقي مع الامم المتحدة وفرق التفتيش الدولية أن يدرأ العدوان على بلاده و نجح باقناع القيادة العراقية بالسماح لفرق التفتيش الدولية زيارة القصور الرئاسية التي كانت الادارة الامريكية تروج أن أسلحة الدمار الشامل مخزونه فيه،في محاولة لنزع فتيل أزمة كادت أن تعرض العراق إلى ضربة عسكرية امريكية.
وعميد الدبلوماسية العراقية طارق عزيز ومجموعة من مسؤولي العهد الوطني معتقلين في سجن الناصرية جنوبي العراق يعانون من الاهمال والامراض وانعدام الرعاية الصحية ومعزولين عن عوائلهم والعالم في ظل صمت منظمات حقوق الانسان الامر الذي يستدعي حملة لنصرة هؤلاء الرجال الذين خدموا العراق ودافعوا عن هويته ووحدته ارضا وشعبا وقدموا اغلى التضحيات في سبيله

محمد رفعت الدومي يكتب: من خطاباته يجب أن تتوقعوا أطلال دمشق

كثرٌ هم الذين يدونون جراح سوريا، وأكثر منهم من يظنون أن الصراع هناك مؤهلٌ للحسم بأدواته الحالية، لكن الذين استمعوا يومًا إلي "بشار الأسد" يخطب يجب أن يتوقعوا أطلال دمشق قبل أن يزور نهايته البائسة! 
ذلك أن التسويف وأن الإطالة غير المبررة بعض طباعه، لتتأكد من هذا، أستثني مرضي القلوب والمرشحين للجلطات، شاهد أحد خطاباته وتفقد الملل وهو يركض حتي علي وجوه أنصاره، وكما يقول المصريون:
"اللي فيه طبع عمره مايقدر يغيره، أصل الطبع غالب"!
أظنه قد اكتسب هذا الطبع خلال مرحلة عمله طبيبًا للعيون، وبطبيعة الحال، لأنه فقط ابنٌ لـ "حافظ الأسد"، وهذا واحدٌ من أمراض الشرق، ليس من الوارد أن يمر مؤتمر طبي قبل أن يجود ابنُ الزعيم الملهم بعلمه العريض علي الأطباء الذين أحرزوا ألقابهم بترويض الليالي في البحث والدراسة، وتصفق الجماهير!
بمناسبة التسويف وأطباء العيون أتذكر الآن نكتة كانت منذ عشرين عامًا جديدة، سوف أقولها الآن كحكاية، وحلالٌ.. (لعزَّة من أعراضنا ما استحلَّتِ)!
دكتور عيون قاعد مع حبيبته ع البحر، مسك وردة وقال لها: 
- شايفة الوردة دي يا حبيبتي؟ 
قالت له: 
- شايفاها 
فرجَّع إيده لورا، وقال لها: 
- طب وكده؟
إذا جاز لنا أن نتخيل "بشار الأسد" بطلاً لهذه النكتة سوف تنهار بعض التفاصيل، فمثل "بشار" ما كان ليكتفي بأن يرد يده إلي الوراء فحسب، إنما، يعبر البحر ويشير لحبيبته بالوردة من الضفة الأخري..
وبمناسبة التسويف وغلبة الطباع، قال "الجاحظ":
أتى رجلٌ "الهيثم بن العريان" بغريم له قد مطله حقه، فقال: 
- أصلح الله الأمير، إن لي على هذا حقاً قد غلبني عليه! 
فقال الآخر: 
- أصلحك الله، إن هذا باعني عنجداً، واستنسأته حولاً؛ وشرطت عليه أن أعطيه مياومة، فهو لا يلقاني في لقم إلا اقتضاني ذهباً!
فقال له الهيثم: أمن بني أمية أنت؟ 
قال: لا 
قال: أفمن بني هاشم أنت؟ 
قال: لا 
قال: أفمن أكفائهم من العرب؟ 
قال: لا 
قال: ويلي عليك، انزعوا ثيابه! 
فلما أرادوا أن ينزعوا ثيابه، قال: 
- أصلحك الله، إن إزاري مُرَعْبل! 
قال "الهيثم": 
- دعوه، فلو ترك الغريب في موضع لتركه في هذا الموضع!
حتي وقت غير بعيد، كنت أتهم "الجاحظ" عند هذه الحكاية بالوقوف علي حافة الاختلاق، لكن، بعد "كفتة عبد العاطي" لم أصدق فقط أن الواقع يتجاوز الخيال أحياناً، بل صرتُ أحترم الأساطير!
وبرغم كل شئ، لحكاية "الجاحظ" نبضٌ يجعلنا نلمس العمق السحيق لأمراضنا الخاصة ونهمس في دهشة: 
- ما أشبه الليلة بالبارحة!
فالرجل ما دام لا ينتمي إلي "بني أمية" أو إلي "بني هاشم" أو أكفائهم من العرب من السهل أن يرتفع القانون عن الأرض أميالاً ويصبح جلده مباحًا، تمامًا، كما يحدث الآن، فما لم تكن "ياسمين النرش" أو ابن "عبد الفتاح حلمي" فأنت حتمًا هدف مشروع وفريسة سهلة لوقت الحاجة!
وهذه حكاية أخري عن غلبة الطباع، كنت شاهدًا عليها، أرويها للمرة الثانية:
كل المنتمين إلي قريتي يعرفون أن أشهر ما تركه الجد "جاد الكريم" من إرث هو تلك العادة الغريبة التي واظب علي حراسة الإخلاص لها حتي النهاية! 
لقد اعتاد أن يبدأ أي حكاية من حكاياته التي لا تنتهي من النهاية ثم يبدأ، أي، (يحرق الحكاية)، وعندما اشتري نصف الفدان الذي كان يستأجره من مالكه المسيحيِّ ظل يدور علي حلقات الساهرين في ليل القرية، ويصيح قبل أن يصل كل حلقة بعدة أمتار:
- وكتبنا العقد!
ثم يجلس ليبدأ الحكاية من البداية..
لم يفطن الجد "جاد الكريم" أبدًا إلي أهمية الإثارة والتشويق في نيل رضا المستمعين والاستحواذ عليهم، وفيما بدا أن تلك العادة كانت طبعًا فيه لا مجرد أسلوب يحترمه لم يتخلي عنها في موطن لا مكان للأساليب فيه، لقد كان موته أيضًا خالياً من الإثارة، فهو لم يمت كغيره في مقهي أو في سوق أو في معركة، ولا مات فجأة، إنما قبل أن يموت ظل طريح الفراش 8 سنين يتوقع خلالها الناس موته كل يوم!
مع ذلك، سوف نتجاوز اللياقة عندما نلوم "بشارًا" وحده علي مآلات الصراع، ولسوف نتجاوز اللياقة أيضًا عندما نوجه اللوم لـ "حزب الله" علي انخراطه في المعركة، فهو يدافع عن وجوده، وهو يدرك أنه و"بشارًا" كركبتي البعير، إن سقطا سقطا معًا، وإن قاما، قاما معًا، كما قال "هرم بن قطبة"!
فتش عن "داعش"، ذلك القبح المشفر، فعندما ظهرت ضخت الهواء في رئة نظام "بشار" المحتقنة، كما شوَّهت الأفق الثوري تمامًا فتماهي تعريف الثوار مع تعريف رجال العصابات!
عندما تدخلت دول الخليج أيضًا طارت طرق الثورة واتخذ الصراع شكلاً ينبض بالمذهبية!
والصراع في سوريا أكثر تعقيدًا مما يعتقد الذين يعتبرون الإشادة بالإنسان قيمة دونها كل قيمة، وهذا صحيح، لكن الجغرافيا قيمة مهمة أيضًا، ومتي أردت أن تبقي بلدًا علي قيد الإذعان، أو، تبقيه مرشحًا للانفجار متي أردت، كل ما عليك القيام به هو أن تشوه جغرافيته! 
لقد فطن الاستعمار إلي هذا، فهو، وهو الذي كان قادرًا علي تزوير الإنسان العربي من الداخل لو كان مخلصًا لهذا الهدف، لم يفعل سوي أن زوَّر الجغرافيا بالقدر الذي الآن يكفي لإندلاع مئات المعارك قبل أن تعود الأمور إلي نصابها!
لذلك، يجب ألا نضحي بجغرافية "سوريا" في سبيل سقوط "بشار" الذي لا مفر منه!
يجب أيضًا ألا نلمس الصراع السوري أو نتكهن بمدي قدرة "بشار" علي الصمود قبل أن نحصي بدانة "إيران" في العالم، ذلك البلد المسيج بقوة تستطيع أن تزرع الخوف في عقول جيرانها حتي القشرة الأكثر سمكاً، "روسيا" أيضًا، خلاصة الكلام:
ما لم تتدخل القوي القارية تدخلاً مباشرًا لإزاحة "بشار"، وهذا مؤقتاً بعيد، يجب أن نتوقع أطلال دمشق!