01 أبريل 2013

(عمر) و (علي) مطلوبان لدى شرطة أستراليا!؟



جابر عثرات الكرام
يبحث العراقي كعادته في دول المهجر عن عراقيين، عندما يشعر بالوحدة، معتقداً ان ذلك قد يُخفف عنه وطأة الغربة. وقد حدث أن حصل أحد الاطباء العراقيين الاخصائيين في بريطانيا على قبول للمشاركة في احدى الدراسات في استراليا، وكان هذا الطبيب هو العراقي الوحيد بين الأجانب الاخرين المشاركين معه بالمؤتمر. أراد هذا الطبيب الطيب القلب ان يخفف من وطأة الغربة في العاصمة الاسترالية مقارنة بالعاصمة البريطانية التي يقيم فيها فسأل عن أماكن وجود عراقيين فأشاروا له بوجودهم في مناطق نائية بعض الشيء عن مركز العاصمة الاسترالية، لكن عشق هذا الطبيب المتلهف، ومحبته للعراقيين دفعاه الى السفر بالقطار لتلك المناطق حتى يلتقي عراقيين، و يا ليته ما فعل!!.
قال وهو يتحدث: كم كنت شغوفاً و فرحاً وانا اسمع العراقيين وهم يتحدثون الى بعضهم البعض في شوارع المدينة. ولم يتوقع هذا الطبيب الطيب المفاجأة التي كانت بانتظاره. قال والحديث له: "اقتربت من عدد من الشباب كانوا واقفين وقدّمت نفسي كعراقي قادم الى استراليا لبعض الوقت فرحّبوا بي ودعوني الى "أكلة عراقية" ثم بعدها توجهنا الى احدى المقاهي، وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث كالعادة، ولم تمر سوى دقائق حتى انقلبت الطاولات التي بجانبنا، وأخذت الكراسي تتطاير في الهواء والجراح تسيل من جباه ورؤوس البعض.
واذا بالشرطة الاسترالية تغلق المكان وتداهم الموجودين وتضع " الكلبجات" في ايادي البعض وما ان "جاءني السرة" ، كما يقال، حتى توقف الشرطة عندي وطلبوا مني أن أساعدهم في الترجمة، وقد علمت ان المعركة الحامية نشبت لأسباب طائفية، وقد وضّحت للمحققين في الشرطة الاسترالية أسباب المعركة كونها متعلقة بـ" عمر" و "علي " وأن هناك من المتشاجرين من يؤيد الاول وهناك من يؤيد الآخر!.
الشرطة الاستراليون اصرت على وجوب "احضار عمر وعلي" معتقدين انهما "من اللاجئين العراقيين ايضاً" وأنهما كانا المحرضيّن على هذه المعركة، وهذه الدماء، ظناً من الشرطة أنهما في مكان ما من استراليا وأصرا قبل فتح اي تحقيق في الحادثة، وجوب ان يكون المحرضان موجودين!!! لكني شرحت لهما الوضع وقلت لهما ان المعركة التي دارت بسبب شخصيتين هما ليسا على قيد الحياة وغير موجودين أصلا في استراليا كما كان يظن رجال الشرطة الاسترالية . 
وبعد ان اقنعتهما - والحديث هنا للطبيب نفسه- غادرت المكان ولعنت تلك اللحظة التي دفعتني للبحث عمّن يُبدد غربتي وكآبتي، إنها قصة مضحكة لكنها مبكية، في نفس الوقت وشر البلية ما يضحك . 
هذه الحالة حدثت في استراليا التي توفر مستلزمات العيش والحرية والامان للعراقيين، وتعد الافضل مقارنة بالحياة في العراق منذ الاحتلال وحتى الآن حيث الاوضاع التي نراها والخدمات المفقودة فضلا عن الصراع الطائفي الذي بات هاجس الجميع من المخلصين الذين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً على الوطن واهله من اندلاع حرب طائفية مجنونة كتلك التي حصلت في استراليا!.
ترى هل هناك شرطة في العراق على شاكلة الشرطة الاسترالية ام سيختلط الحابل بالنابل وتحل الكارثة؟؟ 
وقتها لا تحقيق ولا حتى القبض على "علي" و "عمر"، سوف يتشفع اذا سالت الدماء لا سامح الله.. ولئن انتهت معركة استراليا بين العراقيين بتحطيم بضعة كراسي وطاولات وبعض الدماء التي سالت من الجباه، فان المعركة في العراق لا قَدّرَ الله لن تنتهي الا بتدمير الشعب والوطن بالكامل، ولن يخرج منتصراً من المعركة أحد.. لا من مؤيدي "عمر"، ولا من أتباع "علي"، بل ان المنتصر والفائز الوحيد هو الذي ضحك على الاخرين من الجهلة لأنه المستفيد الاول من هكذا صراع طائفي مقيت يرفضه "عمر" و"علي" عليهما السلام، وقبلهما "محمد" صلى الله عليه وسلم، وتُدينه قيمنا الدينية والاخلاقية والانسانية والحضارية قبل القيم السماوية..
نأمل ان لا نكون بانتظار أن ترفع لافتات على واجهات المقاهي في الدول الاوربية في يوم من الايام "مقهى خاص بالسنة" و "مقهى خاص بالشيعة".. أو لا يسمح بدخول الشيعة او لا يسمح بدخول السنة... ويصبح الدخول الى المقاهى على الهوية، مثلما قتل الكثيرون على الهوية قبل سنوات في العراق، وعلى طريقة اللافتات التي تغطي واجهات مخازن بيع اللحوم في دول العالم "لحم حلال" و "ذبح حلال".. الى آخر هذه الصرعات

ليست هناك تعليقات: