17 أغسطس 2018

زهير كمال يكتب:البغاث يستنسر

اتفق جميع المحللين السياسيين على أن ردة فعل النظام السعودي كان مبالغاً فيها وغير مألوفة على التصريحات الكندية بشأن احتجاز وسجن نشطاء سياسيين في المملكة، فكثير من الدول الأوروبية والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تتخذ نفس الموقف وتصدر تصريحات ربما أقوى من التصريحات الكندية.
وفي العادة فان موقف النظام من تصريحات كهذه كان دائماً موقفاً خجولاً ونافياً لوقوع أحداث كهذه أو مهملاً لها، ثم يمر زمن على مثل هكذا تصريحات يتم نسيانها توضع في الملفات وعفا الله عما سلف.
فما الذي استدعى هذا الموقف القوي من نظام آل سعود؟
قبل الخوض في السبب لا بد من التنبيه أن الغرب عموماً كان يتخذ ذرائع كهذه، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان للتدخل في الشؤون الداخلية للوطن العربي ولعل العراق وليبيا خير مثل على ذلك.
ولا يملك المواطن العربي الغيور سوى الوقوف مع حكوماته مهما كانت مستبدة فما خفي كان أعظم ولسان حاله يقول إن وراء الأكمة ما وراءها.
ولكن اختلفت الصورة هذه المرة ، فكندا التي عادة ما تؤيد التدخل الاستعماري الغربي وتساعد دوله على الغزو بدون تردد، لم تعد كما كانت وأصبحت أقرب ما يمكن لنموذج الدول الاسكندفانية مثل السويد والنرويج والدانمارك، وهو النموذج المشرف فعلاً والذي يعبر عن الرقي الحضاري لإنسان المستقبل ولدولة عادلة كما ينبغي أن تكون.
وعندما تنادي كندا وتحتج مثل غيرها من الدول والمنظمات الإنسانية على الاعتقالات وعلى انتهاك حقوق الإنسان في دولنا المبتلاة بهذه الأنظمة التعسفية فيجب الوقوف معها وتشجيعها.
بينما ينبغي الوقوف ضد كل المواقف المنافقة والمرائية لحكومات أمريكا وبريطانيا وفرنسا الاستعمارية التي لا تبالي ابداً بما تفعله أنظمتنا المستبدة طالما أن مصالحها مؤمنة لديها.
إذاً ماذا حدث حتى يتخذ النظام السعودي هذا الموقف الجريء وهو الذي لم يجرؤ أبداً على المواجهة: إنه الضوء الأخضر من ترامب .
فقد طلب من النظام السعودي معاقبة كندا ولبى النظام النداء فقد تلاقت مصلحة الطرفين في هذا الموضوع .
بالنسبة لترامب هو لن ينسى طيلة حياته ما فعله جاستين ترودو به وهو يعامله مثل تلميذ خائب ابتداءً من سيطرته في مصافحة اليد وحتى إلقاء محاضرة سياسية عليه في قمة السبع التي انعقدت في كندا ، والمصيبة الأعظم استهزاء ترودو به وتذكيره بتاريخ العائلة التي بدأت ثروتها بفتح جده لبيت دعارة في كندا عام 1897
لم يعرف تاريخ رؤساء الولايات المتحدة رئيساً ترتفع فيه نسبة الأنا الى الحد الذي وصل إليه ترامب، ولم يشهد البيت الأبيض مزاجية عالية مثل مزاجيته أو فضائح مثل فضائحه.
يمثل ترامب الوجه القبيح للرأسمالية التي تنادي بأن الغاية تبرر الوسيلة وهو لا يتورع عن التعاون مع الشيطان من أجل الفوز والحصول على ما يريد ، ولو وجد ترامب في دولة أخرى غير الولايات المتحدة فقل على التوازن الدقيق للسلطات السلام. وقل رحمة الله على الصحافة الحرة التي يعاديها بكل قوة.
ولكن مهما بلغت المزاجية في الرجل فإن لها حدوداً لا يستطيع تخطيها ومن بين ذلك علاقة الولايات المتحدة الحميمة بجارتها الشمالية كندا.
ولكنه يستطيع توظيف عملائه وصبيانه في محاولة إيذائها أو بالأحرى التأثير على الناخب الكندي في إلقاء اللوم على ترودو وإسقاطه في الانتخابات القادمة بسبب تأثر المصالح الاقتصادية للدولة وخسارة بعض العقود الهامة.
ولن نعرف تأثر ترودو وحزبه بما حدث حتى اكتوبر 2019 .
تلاقت مصلحة النظام السعودي مع رغبة ترامب وأراد أن يشعر العالم أنه حر وليس تابعاً ذليلاً فكانت ردة الفعل القوية هذه على كندا والتي لا تهدد تبعيته المطلقة للولايات المتحدة بشكل عام أو ترامب بشكل خاص، فربما تعطيهم شعوراً زائفاً أنهم ند للدول الكبرى، ولكن هل يجرؤون على اتخاذ نفس الفعل ضد بريطانيا وفرنسا؟
ولعلنا نتذكر طلب ترامب من العاهل السعودي رفع إنتاج النفط 2 مليون برميل يومياً فلبى نداءه بدون مراعاة للمصلحة الاقتصادية لبلاده والتي تعاني من ضائقة مالية وهي أحوج ما تكون الى رفع سعر النفط عله يعوض النزيف المتزايد بسبب حروبه في المنطقة وضرب عرض الحائط بشركائه في( أوبيك ( منظمة الدول المصدرة للنفط  والتي هي أيضا أحوج ما تكون الى رفع السعر.
وبالطبع فإن تنفيذ أوامر ترامب بدون تردد في مسألة النفط لن تمحي أبداً رأي الدول والشعوب في تبعية النظام السعودي الكاملة لأمريكا والألعاب البهلوانية التي قام بها النظام في مسألة كندا لن تغير من هذه النظرة.
ملاحظة : البغاث هو صغار العصافير.  

15 أغسطس 2018

محمد سيف الدولة يكتب: ترامب و روسيا .. والسيسى و (اسرائيل)

Seif_eldawla@hotmail.com
لم يعلق أحد فى مصر كالمعتاد، على ما أذاعته القناة العاشرة الاسرائيلية منذ ايام وأكده وزير المالية الصهيونى "موشيه كحلون" من قيام نتنياهو بزيارة سرية الى مصر للاجتماع مع عبد الفتاح السيسى يوم الثلاثاء 22 مايو 2018. مثلما لم يعلقوا من قبل على طبيعة العلاقات المصرية الاسرائيلية الحالية التى توطدت وتعمقت الى درجة غير مسبوقة.
بينما فى امريكا فان حالة من القلق والاستنفار الشديدين قد ضربت المؤسسات والرأى العام، فأخذت تبحث وتحقق وتدقق وتتساءل عن طبيعة العلاقات بين الرئيس الامريكى دونالد ترامب وبين روسيا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية وما بعدها. وربما لم يتعرض رئيس امريكى من قبل لكل هذه الشكوك والاتهامات والانتقادات التى تعرض لها ترامب، خاصة بعد مؤتمره الصحفى المشترك مع بوتين فى مدينة هيلسنكى التى وصلت الى حد اتهامه بالخيانة.
***
· ان المقارنة واجبة ومنطقية، فالعلاقات الروسية الامريكية لا تختلف كثيرا عن العلاقات المصرية الاسرائيلية، فكلتاهما يحكمها تاريخ طويل من الحروب والعداء التاريخى والصراع الاستراتيجى والتناقض الجذرى فى المصالح العليا والامن القومى، لا فرق بينهما سوى ان الاولى بين قوى عظمى دوليا، والثانية بين أكبر قوتين عسكريتين فى الاقليم. (احداهما بالطبع لا تعدو أن تكون كيانا استعماريا عدوانيا باطلا.)
· وكما لم يؤدِ انتهاء الحرب الباردة الى تغيير يذكر فى التناقض والصراع بين الروس الامريكان، فان اتفاقيات كامب ديفيد هى الاخرى لم تؤدِ الى تغيير فى حقيقة وطبيعة التناقض والعداء والصراع بين مصر العربية وبين الكيان الصهيونى المسمى بـ (اسرائيل)، بعيدا عن موقف النظام والحكام.
***
ليست هذه هى المرة الأولى التى يجتمعان فيها سرا، بعيدا عن أعين الرأى العام المصرى والعربى وبعيدا عن متابعة ومراقبة مؤسسات الدولة المعنية، بل هى المرة الثالثة على الأقل، وفقا لما تناقلته وكالات الانباء؛ كانت المرة الأولى فى مدينة العقبة فى 21 فبراير 2016 بمشاركة وزير الخارجية الامريكى وملك الاردن وكانت المرة الثانية فى مصر فى ابريل 2016 بصحبة إسحاق هرتزوغ زعيم المعارضة الاسرائيلية وفريق من المستشارين والخبراء الامنيين الاسرائيليين.
ولم يحدث ان قامت اى مؤسسة رسمية فى مصر بنفى او تكذيب انباء هذه اللقاءات بدءا برئاسة الجمهورية ومرورا بوزارة الخارجية وانتهاء بهيئة الاستعلامات، بل ان بيانا قد صدر بصيغة مراوغة لتأكيد لقاء العقبة.
***
ولقد قام نتنياهو بتدنيس التراب المصرى فى مايو الماضى، بعد اسبوع واحد فقط من المذبحة التى ارتكبتها قواته ضد المتظاهرين السلميين العزل من الفلسطينيين على حدود القطاع مع ارض فلسطين 1948، يوم الاثنين 14 مايو 2018 وارتقى فيها 63 شهيدا.
وبعد اسبوعين من الاحتفال بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين الذي اقامته السفارة (الاسرائيلية) فى القاهرة فى فندق "ريتز كارلتون" على ضفاف النيل يوم الثلاثاء 8 مايو 2018، فى حماية قوات الامن المصرية، ورغما عن انف جموع الشعب المصرى.
وبعد ستة ايام فقط من خطاب السيسى فى مؤتمر الشباب الذى قال فيه صراحة ان مصر اليوم اضعف وأصغر من ان تستطيع ان تفعل شيئا للفلسطينيين.
ولكن من الواضح ان هذه القاعدة لا تنطبق على الاسرائيليين، الذين يرحب السيسى على الدوام بمد يد المساعدة إليهم فى اى وقت، وهو ما تم على الاغلب ووفقا لوكالات الانباء فى لقائهما السرى الأخير، حيث بحثا مشروع التهدئة مع غزة، وهو المشروع الذى لم يخرج للراى العام سوى فى الاسابيع القليلة الماضية.
وهو ايضا المشروع الذى هناك شكوك كبيرة حول اقترانه بصفقة القرن بكل ترتيباتها الأخرى وعلى راسها الاعتراف الامريكى بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.
***
·نحن نعلم حجم التقدير والمودة الخاصة القائمة بين عبد الفتاح السيسى ونتنياهو، التى لا يترك الرئيس المصرى فرصة الا ويؤكدها ويتفاخر بها على الملأ، مثلما فعل فى لقائه بوفد القيادات اليهودية الامريكية بالقاهرة فى 11 فبراير 2016 حين وصف نتنياهو بالنص ووفقا لما تداولته وكلات الانباء بأنه "زعيم وقائد لديه قوى جبارة، تساعده ليس فقط في إدارة دولته، وإنما يمكنها أن تحقق التقدم وتعزز المنطقة كلها والعالم". وكذلك حين اشاد به صراحة فى كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحد فى سبتمبر 2017 فدعى ما أسماه "بالشعب" الاسرائيلى الى ان يتوحد خلف قيادته، وكأن نتنياهو رجل سلام يرغب فيه ويحاول الوصول اليه لولا المعارضة الشعبية الاسرائيلية.
·مثلما نعلم ونؤمن ان العلاقات المصرية الاسرائيلية العلنية من سلام واتفاقيات وسفارات وتنسيقات وتطبيع وتجارة وصفقات...الخ، تكفى وحدها لتجريد اى نظام او حاكم مصرى من الشرعية الوطنية.
· ولكن ان يكون اللقاء سرياً، أياً كان جدول أعماله، فان هذا مصدر شك وريبة وقرينة قوية على سوء النوايا.
·فمثل هذه العلاقات والاتصالات والمفاوضات السرية التى لم تتوقف لحظة بين العرب واسرائيل منذ بدايات المشروع الصهيونى على امتداد قرن من الزمان، لم تحمل لنا سوى كافة انواع الأضرار والشرور والتآمر على شعوبنا وأوطاننا واستقلالنا، والتى كانت تنتهى دوما بمزيد من التفريط والهزائم والتنازلات.
·كما ان الاتصالات والعلاقات السرية بين مصر واسرائيل جارية على قدم وساق منذ نهاية حرب 1973، ولا تزال تفاصيل كثيرة من اتفاقيات كامب ديفيد غائبة ومحجوبة عن غالبية الراى العام المصرى رغم مرور ما يقرب من 40 عاما.
·والصندوق الاسود لهذه العلاقات لا يزال مغلقا بالضبة والمفتاح، وحين تتسرب منه اى معلومة، فانه يكون وراءها كارثة جديدة مثل القيود الامنية المفروضة على قواتنا فى سيناء، وحق (الاسرائيليين) فى دخول سيناء والبقاء فيها 14 يوما بدون تأشيرة وفقا لاتفاقية طابا، واتفاقية فيلادلفيا 2005، وصفقة تصدير الغاز لاسرائيل، واتفاقيات الكويز، واتفاقيات تيران وصنافير .. الخ، ولكن كل هذا لا يمثل سوى قمة جبل الاسرار الذى لا نراه ويحظر علينا الاقتراب منه، ومن ذلك ملفات التنسيق الامنى والاستخبارى فى سيناء، وملف حصار غزة واستهداف نزع سلاحها وإخلاء المنطقة الحدودية لإقامة المنطقة العازلة... الخ، وربما يكون أخطرها ما يتردد اليوم عن تأسيس ناتو عربى/اسرائيلى لمواجهة ايران، واخيرا وليس آخرا ما يسمى بصفقة القرن التى لا تعدو ان تكون خطة لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية. 
***
لقد دأبت القوى الوطنية فى مصر والوطن العربى، عن حق، على ادانة الولايات المتحدة كقوة امبريالية استعمارية، تدعم (اسرائيل) وتعادينا وتعتدى علينا وتنهب ثرواتنا، ولكننا اليوم امام محك واختبار من نوع جديد، فقطاع كبير من الشعب الامريكى، أىً كانت دوافعه، يتشكك ويبحث ويراقب المعلن والمخفى من علاقات ترامب مع الروس، فهل نقتدى بهم وبكل الشعوب الحرة ونشارك فى حماية مصالحنا العليا وامننا القومى فنعلن، على أضعف الايمان، رفضنا لزيارات نتنياهو وللتقارب المصرى الاسرائيلى ولمشاركة مصر فى ترتيبات صفقة القرن، ام نلتزم الصمت كالمعتاد.
*****
القاهرة فى 15 اغسطس 2018

13 أغسطس 2018

محمد سيف الدولة يكتب: يا ضحايا امريكا .. اتحدوا

 
Seif_eldawla@hotmail.com
لا تستطيع مصر ان تختار رئيسا للجمهورية لا يوافق عليه الامريكان، ولا تستطيع ان تتخذ من القرارات ما يغضب (اسرائيل)، ولا تستطيع ان تتحرر من قيود كامب ديفيد المفروضة عليها فى سيناء، ولا ان تكسر الاحتكار الامريكى لغالبية التسليح المصرى، ولا ان ترفض المعونة الامريكية ولا ان تعترض على شروطها المهينة والمجحفة التى لا تنتهى، ولا تستطيع ان توقف التسهيلات اللوجستية للبوارج الامريكية فى قناة السويس حتى لو كانت فى طريقها لغزو العراق، ولا تستطيع ان تقيم علاقات ومصالح خاصة مع كوريا الشمالية، ولا تستطيع ان تخرج من الاحلاف الامريكية العسكرية فى المنطقة ولا ان تلتحق بأحلاف مستقلة او مناوئة للولايات المتحدة، ولا تستطيع ان تقول لا لنادى باريس وصندوق النقد والبنك الدوليين، ولا تستطيع ان تستقل اقتصاديا، ولا ان تحرر عملتها من الدولار.
مائة شرط وشرط تلزمنا بهم امريكا منذ ان سقطنا فى مستنقع التبعية منذ ما يقرب من اربعين عاما.
***
· ولا تستطيع إيران أو مصر أو اى بلد خارج النادى النووى الحالى ان تسعى الى امتلاك السلاح النووى، لتحقيق توازن الردع مع كيان استعمارى عدوانى نووى كالكيان الصهيونى.
· ولا تستطيع تركيا او مصر أو أى دولة فى العالم ان تمارس سيادتها وتطبق قوانينها على المواطنين الامريكيين على ارضها، والا تعرضت لشتى انواع العقوبات.
· ولا يستطيع الفلسطينيون منذ 70 عاما ان ينالوا ولو جزء ضئيلا من ارضهم وحقوقهم، او ان يُفَعِّلوا ولو قرارا دوليا واحدا صدر لصالحهم، او ان يتقوا شر (اسرائيل) ومذابحها وجرائها اليومية، بسبب الحماية الامريكية.
· ولا قيمة دولية او قانونية او تفاوضية لإجماع كل دول العالم على ان القدس عاصمة لفلسطين، فيما لو قرر الرئيس الامريكى عكس ذلك.
· ولا تستطيع دولة كلبنان ان تحافظ على توازنها الداخلى الحساس تجنبا للحرب الاهلية، الا وتتعرض لضغوط وتهديدات وعقوبات امريكية.
· ولن تستطيع الشعوب العربية ان تتحرر أو تستقل أو تتقدم فى ظل كل هذا الوجود والهيمنة الامريكية فى المنطقة من أول التبعية الكاملة لغالبية الانظمة العربية والخضوع الكامل للعائلات الحاكمة فى دول ودويلات النفط، ومرورا بعشرات القواعد الامريكية فى الاراضى العربية. ناهيك عن السيطرة الرأسمالية العالمية على معظم الثروات والاسواق العربية.
· ولا تستطيع غالبية دول المنطقة ان تعترض على عربدة الطائرات الأمريكية فى سماواتها، لتقتل وتقصف من تشاء، أو دعمها وتمويلها وتسليحها لكل انواع المرتزقة والمليشيات فى المنطقة.
· ولا يستطيع اى شعب ان يطمح الى العدل والحرية والثورة ضد الفقر والظلم والفساد والاستبداد، الا ويعانى من التدخل والاختراق الامريكى لاجهاض ثورته او احتوائها او حرفها عن مسارها.
· ولا يستطيع اى نظام فى امريكا اللاتينية ان يخرج من الحظيرة الامريكية، ويسعى لتحقيق استقلالا سياسيا واقتصاديا حقيقيا، الا ويتم وضعه على القوائم السوداء ويتعرض للحصار وتدبير القلاقل والاضطرابات والانقلابات.
· ولا تستطيع حتى الدول الكبرى مثل الصين وروسيا، ادارة مصالحها العليا والدفاع عن امنها القومى والاقليمى والدولى، والتطلع الى المشاركة فى ادارة النظام العالمى، بدون ان تتعرض للعقوبات والتهديدات والضغوط الامريكية.
· حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة فى اوروبا الغربية، لم يسلموا من التسلط والأذى الأمريكى، ولىِّ الأذرع عسكريا واقتصاديا وسياسيا، الى درجة انهم لا يستطيعون ان يقيموا علاقات خارجية طبيعية مع اى دولة يعاديها الامريكان.
· ولا تستطيع دول اى منطقة اقليمية فى العالم، ان تتعايش فى سلام ووئام بمنأى عن التدخل والاستقطاب والاحلاف الامريكية.
· ولا يوجد حزب او تيار او مؤسسة فى العالم تتصدى للاستعمار الأمريكى ونفوذه ومصالحه فى بلادها، الا وتجد نفسها على قوائم الارهاب الامريكية.
· ولا توجد دولة او مؤسسة او شخصا فى العالم، بمنأى عن قرارات وقوانين وعقوبات الكونجرس الامريكى، وكأنه برلمان العالم كله.
· ولا توجد حضارة او ثقافة او ديانة فى العالم، لم تتعرض لمحاولات الاختراق والهيمنة الثقافية من قبل اجهزة الاستخبارات الامريكية.
· ولا يوجد مواطن واحد سَوىِ فى اى بلد من بلدان العالم، الا ويتجرع السم كل يوم وهو يشاهد السيد الامريكى يمارس جبروته وعنصريته على كل شعوب العالم وكأنهم عبيد لديه.
· او يرى رؤسائه وملوكه وجيوشه وبرلماناته يقدمون فروض الولاء والطاعة للسيد الأمريكى، طامعين فى رضاه، ومتجنبين كل ما يمكن ان يغضبه منهم أو يقلبه عليهم.
· ولا يوجد انسان حر او متدين فى مشارق الارض ومغاربها، أىً كان دينه، يمكن ان يخضع ويستسلم الى ما يحاول الامريكان ترويجه طول الوقت من انه لا حول ولا قوة الا بهم.
***
كل شعوب العالم، على اختلافاتها وصراعاتها وتنوعاتها الفكرية والحضارية ودرجات تقدمها وقوتها، تعانى بشكل أو بآخر من الجبروت الامريكى. ولكنها رغم ذلك، ويا للعجب، تخشى أن تتوحد فى مواجهته.
*****
القاهرة فى 13 اغسطس 2018

10 أغسطس 2018

محمد سيف الدولة يكتب: الرهان على خوف الناس

ما الذى يستطيع الانسان الطبيعى ان يتحمله اكثر من الثانى؟
1) ان يعيش سالما فى منأى عن أذى السلطة ويدها الباطشة، مقابل ان يرضى بالذل والظلم والقهر ويعيش طول حياته جبانا خاضعا مستسلما لا يعارض، لا يتململ، لا يتأفف، لا ينطق؟
2) أم أن يعيش حرا شجاعا يرفض الذل والظلم والقهر ويتحمل العواقب التى قد تكلفه حياته أو حريته أو أمنه ووظيفته واستقراره؟
***
تراهن الأنظمة المستبدة على الاختيار الاول، لأنها تتصور ان غالبية الناس تؤثر السلامة، تجنبا لبطش السلطة وأياديها الطايلة.
· ولقد قالها صراحة شيخ القضاة المستشار "يحيى الرفاعى" عليه رحمة الله، حين قال ان الغالبية العظمى من القضاة ليسوا فدائيين، فرغم انهم يرفضون تزوير الانتخابات وتدخلات وهيمنة السلطة التنفيذية وينشدون استقلالهم واستقلال القضاء، الا انهم ليسوا فدائيين، بمعنى انهم ليسوا على استعداد لتحدى السلطة التنفيذية والتعرض لتنكيلها.
· ما قاله الرفاعى، ينطبق من منظور الحاكم المستبد، على غالبية المواطنين، فهم ايضا ليسوا فدائيين، وقليل القليل منهم الذي لديه الرغبة او القدرة على تحدى السلطة، اى سلطة، واى متابع سيكتشف بسهولة ان نسبة الموظفين فى اى مؤسسة او شركة عامة أو خاصة الذين يخاطرون بتحدى رؤسائهم لا تتعدى ١ ٪ وربما اقل.
***
ولكن فى المقابل:
· ما الذي يدفع كل هذا العدد من المفكرين والسياسيين والكتاب والشخصيات العامة والشباب وكل الذين يتمتعون بتاريخ مشرف وتعليم جيد وثقافة واسعة ووعى وذكاء لا بأس به بالإضافة الى حسن تقدير للامور، ان يستمروا فى نقد ومعارضة عبد الفتاح السيسى ونظامه ومؤسساته، رغم علمهم وتيقنهم من العواقب التى يمكن أن تطالهم بدءا بالحصار والتشهير والمنع من الكتابة نهاية بالإعتقال والسجن؟
· ولماذا يرفض كبار الكتاب رفضا قاطعا اى تعديل او مونتاج او توجيه او رقابة على مقالاتهم، حتى لو كان الثمن، المنع من الكتابة والنشر وخسارة قنواتهم الوحيدة للتواصل مع قرائهم؟
· ولماذا يكون هؤلاء الكتاب المحظورون محل احترام وتقدير عشرات المرات من أمثالهم الذين قرروا التواؤم مع السلطة والخضوع لخطوطها الحمراء؟
· لماذا لا يهرب ويتراجع المتظاهرون امام الغاز المسيل للدموع وهراوات الامن المركزى؟
· لماذا تؤدى التهديدات الامنية للمعارضين الى نتائج عكسية، فيزدادوا تحديا ومعارضة؟
· لماذا تحتفى القوى السياسية على مر التاريخ بقياداتها وعناصرها التى صمدت ولم تكسرها اجراءات التحقيق والتعذيب وسنوات السجن والاعتقال الطويلة؟
· لماذا تحرص كل شعوب العالم فى مناهجها التعليمية وفى اعمالها الأدبية على ابراز وتخليد وتمجيد قيم الشجاعة والاقدام والتضحية فى مواجهة كل انواع البغى والظلم والقهر والعدوان؟
· ما الذي دفع كل هذا العدد من القضاة، رغم ما يتمتعون به من حصانة وامتيازات ومكانة خاصة، الى القيام بانتفاضتهم عام ٢٠٠٦؟
· لماذا تعج مصر وغيرها من البلدان بهذا الكم الهائل من حركات المعارضة والتنظيمات العلانية او السرية على امتداد قرن من الزمان، رغم ان السلطات والقوانين واحكام القضاء لم تكف عن مطاردتهم والقبض عليهم والتمثيل بهم؟
· لماذا يعلم غالبية المعتقلين ان احتمال الافراج عنهم فى القريب العاجل بعيد الاحتمال، وأنهم قد يموتون فى السجون ورغم ذلك يرفضون الخضوع والاستسلام؟
· وهو ما ينطبق على كل المعتقلين السياسيين على مر العصور؛ ينطبق على الوفدين والشيوعيين والاخوان فى الخمسينات والستينات، وعلى الناصريين والشيوعيين فى السبعينات والثمانينات وعلى المعتقلين فى السنوات الأخيرة؟
· لماذا لم يتوقف الشباب عن التظاهر بعد سقوط كل هذا العدد من الشهداء فى جمعة الغضب فى ٢٨ يناير2011؟
· ولماذا حدث نفس الشئ مع الاسلاميين بعد رابعة واخواتها؟
· لماذا لا يستسلم آلاف الاسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال؟
· ولماذا يتسابق شبابهم على الاستشهاد كل يوم؟
***
انها النفس البشرية التى جبلها الله على العزة والكرامة..
ولكن حتى لو ظهرت للوهلة الأولى، صحة رهانات الأنظمة المستبدة وفاعلية استثماراتها الأمنية والبوليسية فى خوف الناس، فان كل هذا مؤقت وغير مضمون العواقب؛ فحين تأتى الشرارة التى تولد الانفجار، مثل شرارة محمد بوعزيزي فى تونس او خالد سعيد فى مصر أو محمد الدرة فى فلسطين، أو هزة وطنية كبرى مثل نكسة 1967 أو افقار جماعى مثل رفع الأسعار فى 1977 أو انهيار اقتصادى مثلما حدث فى بلدان كثيرة مثل اندونسيا عام 1998، او انتفاضة عمالية مثل المحلة الكبرى فى ابريل 2008، او سقوط ضحية جديدة تحت التعذيب فى قسم شرطة فى احدى المناطق الشعبية، او فتنة طائفية مثل الزاوية الحمراء 1981، أو فجيعة قومية مثل غزو العراق فى 2003 أو مذبحة صهيونية جديدة مثل صابرا وشاتيلا 1982، أو عدوى عربية مثل تفجر ثورة شعبية فى قطر شقيق 2011، والأمثلة والدروس كثيرة ومتعددة ... حينها يتبخر الخوف فى ثوان معدودات، وتنطلق انفجارات نووية من الغضب والعنف والرغبة فى الثأر والانتقام بلا حدود، بعد أن يكون قد فات الأوان.
ولم يحدث من قبل فى تاريخ أى بلد من بلاد العالم، أن استمر الشعب خائفا مستسلما خاضعا الى ما شاء الله.
ومن ثم فعلى أى سلطة رشيدة، ان تحسبها بالعقل والمنطق، وان تقرأ التاريخ وتستوعبه جيدا، وأن تدرس طبيعة النفس البشرية وقدرتها على التحمل، وان تتعرف على شخصية شعبها وتحترمها وتتقى غضبها ولا تستهين بها، وأن تعلم ان هناك حدودا لكل شئ، حدودا لقوة الردع والبطش والاذلال، وحدودا للخوف وحدودا للصبر.
*****
القاهرة فى 10 أغسطس 2018

31 يوليو 2018

المملكة الخفية التي تحكم العالم والحرب على الاسلام



https://www.youtube.com/watch?v=-HMphZVU2ec



https://www.youtube.com/watch?v=XxvYMcFlsx0&list=PL98972760CA5D97E2&index=2



https://www.youtube.com/watch?v=MWWAdMqTH9k&index=1&list=PL98972760CA5D97E2

نيومي كلاين يكتب : سياسة الحروب و الكوارث و الأزمات ...من خلفها؟و ماأهدافها؟


نيومي كلاين مفكرة وكاتبة كندية عرفت من خلال كتابها "بدون ماركة" والذي أحدث ضجة واسعة حين صدوره وأصبح أحد المراجع الأساسية للحركة العالمية المناهضة للنفوذ الهائل للشركات الكبرى متعددة الجنسيات والعابرة للدول. وقد أصدرت في سبتمبر الماضي كتابها الجديد والمعنون ب "عقيدة الصدمة." وسط توقعات بين المراقبين أن يفوق هذا الإصدار سابقه من حيث الشجاعة في الطرح والدقة في المضمون والقبول لدى شرائح واسعة من الشعوب المظلومة والمستغلة عبر العالم. يتناول الكتاب الأسس النظرية وتاريخ التطبيقات العملية لسياسة الاستغلال الأقصى للصدمات التي تتعرض لها الشعوب سواء كانت هذه الصدمات بفعل الكوارث الطبيعية (تسونامي ونيو أورليانز) أو مفتعلة (انقلابات، حروب، غزو، تعذيب) هذه السياسة التي ولدت في كلية الاقتصاد في جامعة شيكاغو على يد المفكر الاقتصادي ملتون فريدمان وتبنتها الإدارة الأمريكية على مدى السنوات ال 35 الماضية. تعرض المؤلفة للتجارب المؤلمة التي أخضعت لها الشعوب من أجل تحقيق مصالح طبقة النخبة الرأسمالية المتحكمة بمفاتيح الثروة ابتداءً من الانقلاب الذي قاده بينوشيه عام 1973 في تشيلي بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية ضد حكومة سلفادور أيندي المنتخبة، والذي جرى في 11 سبتمبر للمفارقة، وانتهاء بالاستغلال الفاحش لمواطني نيو أورليانز بعد كاترينا فضلاً عن الممارسات المفرطة في الظلم والوحشية والفساد التي شهدها العالم أجمع في العراق مروراً بما حدث في تيانانمين وفي روسيا وجزر الفولكلاند. جميع هذه الأحداث لم تكن عشوائية ولكنها كانت ثمرة منهج مؤصل وموثق في شيكاغو يؤمن بأن النخبة الاجتماعية التي تقبض على الثروة هي وحدها المؤهلة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وأن جميع العراقيل التي من شأنها أن تعوق مسيرة هؤلاء يجب أن تزال ولوكانت هذه العوائق تتمثل في حق المواطن العادي أن يعيش حياة كريمة تتوفر له فيها مقومات العيش الكريم الأساسية. وتقوم المؤلفة في ثنايا الكتاب بريط الأحداث والممارسات التي ترد في وكالات الأنباء على أنها أحداث متفرقة باقتدار وتوثيق متناهيين وتسلط الضوء على أن ممارسات التعذيب في أبو غريب وغوانتانامو وغيرهما من سجون السي أي إي المنتشرة عبر أوروبا الشرقية والشرق الأوسط ليست إلا جزءً لا يتجزأ من مبدأ عقيدة الصدمة والذي يجري تطبيقه على الأفراد والشعوب على حد سواء
ما الذي يربط بين انقلاب بينوشيه في تشيلي، والمذبحة في ميدان تيانانمين في الصين، وانهيار الاتحاد السوفييتي، واحداث 11 سبتمبر/ايلول ،2001 والحرب على العراق، وموجات تسونامي الآسيوية، وإعصار كاترينا في الولايات المتحدة؟ كل تلك الكوارث، سواء كانت من صنع الطبيعة أو من صنع البشر، أحدثت شعوراً بالصدمة لدى المجتمعات التي وقعت فيها، وتم استغلال تلك الصدمة لتمرير سياسات السوق الحرة، ونشر الخصخصة، وتعزيز رأسمالية الكوارث.هذه هي خلاصة ما تقوله نعومي كلاين، الصحافية، والمؤلفة، وصانعة الافلام الحائزة على العديد من الجوائز، في كتابها الجديد الموسوم بعنوان “عقيدة الصدمة: قيام رأسمالية الكوارث”، والصادر عن دار متروبوليتان بوكس

تأليف: نعومي كلاين

عرض وترجمة: عمر عدس

كان تأثير إعصار كاترينا في مدينة نيواورلينز في ولاية لويزيانا الأمريكية مدمراً وبعيد الأمد. وفي 31 اغسطس/آب 2005 كان نحو 80% من هذه المدينة قد غمرها الفيضان، حيث بلغ ارتفاع المياه في بعض المناطق اكثر من خمسة أمتار. وعلى أثر ذلك تم اخلاء نحو 90% من سكان جنوب شرق لويزيانا في عملية إخلاء لم تشهد لها الولايات المتحدة مثيلاً من قبل. .. ولكن كيف كان وقع هذه الكارثة التي دمرت اجزاء كبيرة من مدينة نيواورلينز، على بعض الساسة والمنظّرين الاقتصاديين الأمريكيين؟ تنقل المؤلفة، التي جعلت الحديث عن كارثة نيواورلينز مدخلاً لكتابها، قول عضو الكونجرس الجمهوري ريتشارد بيكر، الذي ينتمي إلى تلك المدينة، لجماعة من أنصاره “لقد نظفنا نيواورلينز أخيراً من المساكن الشعبية. لم نكن نستطيع فعل ذلك، ولكن الله فعله”. وكان جوزيف كانيزارو، أحد اشد المستثمرين ثراء في نيواورلينز، قد عبّر عن عاطفة مشابهة، إذ قال: “اعتقد ان لدينا الآن صفحة بيضاء لنبدأ من جديد وبتلك الصفحة البيضاء تتاح لنا فرص كبيرة جداً”. وتقول المؤلفة، ان المجلس التشريعي لولاية لويزيانا ظل طوال ذلك الاسبوع مزدحما بممثلي الشركات والمصالح الكبرى، وهو يساعدهم على اغتنام تلك الفرص الكبرى: عن طريق خفض الضرائب، والتقليل من الاجراءات، والحصول على عمال بأجور أرخص، وتحويل المدينة لتصبح “أصغر وأكثر أمناً” الأمر الذي يعني من الناحية العملية، وضع خطط لازالة مشاريع الاسكان العامة واستبدالها بمباني شقق سكنية يملكها الأفراد. وتخلص المؤلفة إلى القول، ان من الاشخاص الذين رأوا أن فيضانات نيواورلينز المدمرة تشكل فرصة سانحة، ميلتون فريدمان، المرشد الأكبر لحركة الرأسمالية المنعتقة من أي قيود، الذي يعود اليه الفضل في وضع قواعد لعبة الاقتصاد العالمي المطاط المعاصر. وتضيف المؤلفة، ان فريدمان، الذي كان يومئذ في الثالثة والتسعين من العمر، وفي صحة متهالكة، وجد في نفسه القوة الكافية ليكتب مقالة رأي لصحيفة “وول ستريت جورنال” بعد ثلاثة أشهر من انهيار الحواجز والسدود في نيواورلينز. وجاء في مقالته: إن معظم مدارس نيواورلينز قد دمرت، مثلما منازل التلاميذ الذين كانوا يدرسون فيها. وقد تفرق هؤلاء التلاميذ في أرجاء البلاد. وتلك مأساة، ولكنها كذلك فرصة لاجراء اصلاح جذري لنظام التعليم. وتقول المؤلفة: إن فكرة فريدمان الجذرية هي انه بدلاً من انفاق جزء من مليارات الدولارات المخصصة لإعادة البناء، في اعادة بناء وتحسين نظام المدارس العامة القائم في نيواورلينز، ينبغي على الحكومة ان تزود العائلات بصكوك يمكن انفاقها في المؤسسات الخاصة ، التي يتوخى العديد منها الربح، والتي ستتلقى دعماً مالياً من الولاية. وقد كتب فريدمان، ان من المهم جداً ألا يكون هذا التغيير الأساسي مؤقتاً ولسد الفراغ بل ان يكون “اصلاحاً دائماً”. وقد انتهزت شبكة من بيوت الخبرة اقتراح فريدمان وتقاطرت على المدينة بعد العاصفة. ودعمت ادارة جورج دبليو بوش خططها بملايين الدولارات من أجل تحويل مدارس نيواورلينز إلى مدارس خاصة يمولها الجمهور وتديرها هيئات خاصة وفق الأسس والقواعد التي تراها ومثل هذه المدارس تخلق شروخاً عميقة في المجتمع الأمريكي، ويتجلى ذلك في نيواورلينز اكثر من سواها، حيث ينظر إليها العديد من أولياء أمور التلاميذ الأمريكيين من أصل افريقي، باعتبارها وسيلة للتراجع عن مكاسب حركة الحقوق المدنية، التي ضمنت لجميع التلاميذ مستوى واحدا من التعليم. أما بالنسبة إلى فريدمان، كما تقول المؤلفة، فإن المفهوم الكلي لنظام المدارس التي تديرها الدولة ينضح بالاشتراكية. وينحصر دور الدولة في نظره في “حماية حريتنا من أعدائنا المتربصين وراء بواباتنا، ومن زملائنا المواطنين والحفاظ على القانون والنظام، وفرض تطبيق العقود الخاصة، وتعزيز الاسواق التنافسية”. وبكلمات أخرى توفير رجال الشرطة والجنود أما كل شيء آخر، بما في ذلك توفير تعليم حر ومجاني، فهو تدخل جائر في شؤون السوق


خصخصة التعليم

وفي تباين حاد مع السرعة الفاترة التي تم بها اصلاح الحواجز والسدود، وإعادة الحياة الى شبكات الكهرباء، جرى بيع نظام المدارس في نيواورلينز بالمزاد العلني بسرعة ودقة لا مثيل لهما إلا في الجيش. ففي خلال تسعة عشر شهراً، وبينما كان معظم سكان المدينة الفقراء لا يزالون خارجها، كان قد تم استبدال نظام المدارس العامة في نيواورلينز بصورة تامة تقريباً، بمدارس خاصة يديرها القطاع الخاص. فقبل إعصار كاترينا، كان مجلس التعليم يدير 123 مدرسة عامة، أما الآن فهو يدير 4 مدارس عامة فقط. ولم يكن في المدينة قبل تلك العاصفة سوى سبع من أمثال تلك المدارس الخاصة، أما الآن فيوجد منها 31 مدرسة، وكان المعلمون في نيواورلينز ممثلين في العادة في اتحاد قوي، أما الآن فقد انفرط عقد ذلك الاتحاد وتم انهاء خدمة جميع أعضائه البالغ عددهم 4700 عضو. واستؤجر بعض المعلمين الأصغر سناً للعمل لدى المدارس الخاصة المذكورة، وبرواتب أقل، أما الغالبية العظمى من المعلمين فلم تُستخدم. وهكذا أصبحت مدينة نيواورلينز المختبر البارز في المجتمع الأمريكي، لاستخدام المدارس الخاصة المذكورة، على نطاق واسع. وقد ذكر بحماس معهد المشروع الأمريكي، وهو بيت خبرة يؤمن بفكر فريدمان، ان “إعصار كاترينا قد أنجز في يوم واحد.. ما عجز مصلحو نظام المدارس في لويزيانا عن فعله بعد سنوات من المحاولة”. أما معلمو المدارس العامة، الذين رأوا الأموال المخصصة لضحايا الفيضان تُحوّل لمحو معالم نظام عام واستبداله بنظام خاص، فقد كانوا يصفون خطة فريدمان بأنها “اغتصاب أراضٍ تربوي”. وتقول المؤلفة انها تدعو هذه الغارات المنسقة على المجال العام في أعقاب الأحداث الكارثية المدمرة، مضافة إلى التعامل مع الكوارث باعتبارها فرصاً مثيرة بالنسبة الى السوق، “رأسمالية الكوارث”. وتعود المؤلفة إلى الحديث عن فريدمان، فتقول ان مقالته عن نيواورلينز كانت توصيته الأخيرة في مجال السياسة العامة، فقد توفي قبل أقل من سنة على ذلك التاريخ أي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 في الرابعة والتسعين من العمر. وتبدو خصخصة نظام المدارس في مدينة أمريكية متوسطة الحجم، من المشاغل المتواضعة لرجل كان ينعم بالثناء عليه ويوصف بأنه رجل الاقتصاد الأهم في نصف القرن الماضي، والذي كان من بين مريديه العديد من الرؤساء الأمريكيين، ورؤساء وزراء بريطانيا، وأفراد النخب الحاكمة في روسيا، ووزراء المالية البولنديين، وطغاة العالم الثالث، ووزراء الحزب الشيوعي الصيني، ومديري صندوق النقد الدولي، وآخر ثلاثة من رؤساء بنك الاحتياطي الأمريكي. ومع ذلك فإن تصميمه على استغلال الأزمة في نيواورلينز من أجل الدفع قُدما بنسخة أصولية من الرأسمالية، كان وداعاً ملائماً من قبل الاستاذ الذي لا حد لنشاطه، والذي لا يتجاوز طوله 155 سنتيمتراً، والذي وصف نفسه وهو في أوج تألقه بأنه “واعظ من طراز قديم، يُلقي موعظة يوم الأحد”. وكان فريدمان وأتباعه المتنفذون، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، يستكملون ترسيخ استراتيجية محددة، مفادها انتظار وقوع كارثة كبرى، ثم بيع أجزاء من الدولة بالمزاد العلني لجهات في القطاع الخاص، بينما يكون المواطنون لا يزالون مذهولين من الصدمة، ثم الاسراع في جعل هذه “الاصلاحات” دائمة. وتقول المؤلفة ان فريدمان، عبّر بوضوح في إحدى مقالاته المؤثرة، عن الخطة التكتيكية الزائفة، التي تشكل جوهر الرأسمالية المعاصرة، والتي تفهمها المؤلفة باعتبارها مبدأ الصدمة. وقال فريدمان في مقالته تلك: “ان الأزمات فقط سواء كانت حقيقية أو محسوسة هي التي تخلق التغيير الحقيقي. فعندما تحدث تلك الأزمات فإن الاجراءات المتخذة تعتمد على الافكار المتوفرة، وتلك فيما أعتقد مهمتنا الأساسية: ان نوجد بدائل للسياسات الموجودة، وأن نبقيها حية ومتوفرة إلى أن يصبح المستحيل من الناحية السياسية، حتمياً من الناحية السياسية”. وتعلق المؤلفة قائلة ان بعض الناس يدخرون الاطعمة المعلبة والماء استعداداً لوقوع الكوارث الكبرى، أما أتباع فريدمان فإنهم يدخرون أفكار السوق الحرة، وعندما تقع أزمة من الأزمات يكون استاذ جامعة شيكاغو مقتنعاً بأهمية العمل بسرعة خاطفة، لفرض تغير لا يمكن الرجوع عنه، قبل ان يثوب المجتمع الذي عزلته الأزمة الى رشده، ويعود إلى الخضوع “لاستبداد الواقع الراهن” وهو يقدر ان “أي ادارة جديدة لديها ستة إلى تسعة أشهر تستطيع خلالها ان تجري تغييرات كبرى، واذا لم تغتنم الفرصة لتتصرف بصورة حاسمة خلال تلك الفترة، فلن تتاح لها فرصة أخرى مماثلة”. وذلك شكل آخر من أشكال نصائح مكيافيلي الذي يرى ضرورة تحقيق الاصابات على الفور ودون تريث


استغلال الصدمة

وقد تعلم فريدمان كيف يستغل الصدمة أو المحنة الواسعة النطاق في أواسط سبعينات القرن الماضي عندما عمل مستشاراً لدى الدكتاتور التشيلي، الجنرال أوغستو بينوشيه، فلم يكن التشيليون في حالة صدمة فقط في اعقاب انقلاب بينوشيه العنيف، بل كانت البلاد كذلك تعيش صدمة التضخم الحاد، وقد أشار فريدمان على بينوشيه ان يفرض تحولاً سريعاً جداً في الاقتصاد خفض الضرائب، وتحرير التجارة، وخصخصة الخدمات، وخفض الانفاق الاجتماعي، ووقف تدخل الحكومة وتحكمها بكثير من الأمور، وأخيراً رأى التشيليون حتى مدارسهم العامة تستبدل بمدارس خاصة يمولها كفلاء. وكان ذلك أشد عملية تجميل رأسمالي تمارس في أي مكان، وأصبحت تعرف باسم ثورة “مدرسة شيكاجو”، لأن العديد جداً من رجال الاقتصاد لدى بينوشيه كانوا قد درسوا على يدي فريدمان في جامعة شيكاجو. وقد تنبأ فريدمان بأن سرعة وفجائية وحجم التحولات الاقتصادية سوف تثير ردود فعل نفسية لدى الجمهور “تسهل اجراء التعديل”. وقد ابتدع عبارة تصف هذا التكتيك المؤلم، وهي “معالجة الاقتصاد بالصدمة” وفي عشرات السنين التي تلت ذلك، عندما كانت الحكومات تفرض برامج كاسحة لتحرير السوق، كانت المعالجة الفجائية بالصدمة، هي الاسلوب الذي تختاره. وقد سهل بينوشيه اجراء التعديل، باستعماله علاجات الصدمة الخاصة به، وكانت هذه تمارس داخل زنازين التعذيب العديدة الخاصة بنظام بينوشيه، ذلك التعذيب الذي كان يحيق بأجساد من يعتبرون أميل من غيرهم الى اعتراض سبيل التحول الرأسمالي. وقد رأى كثيرون في أمريكا اللاتينية رابطة مباشرة بين الصدمات الاقتصادية التي أوصلت ملايين الناس الى حضيض الفقر، ووباء التعذيب الذي كان عقاب ألوف الناس الذين كانوا يؤمنون بوجود نوع مختلف من المجتمعات. وتضيف المؤلفة، انه بعد ثلاثين سنة من استعمال هذه الاشكال (الصيغ) الثلاثة من الصدمة التي طبقت في تشيلي، عادت هذه الصيغة إلى الظهور من جديد، بعنف أشد بكثير، في العراق. فأولاً، جاءت الحرب، التي كان الهدف منها على حد قول مؤلفي مبدأ (الصدمة والرعب) العسكري، هو “السيطرة على ارادة الخصم، وأحاسيسه وادراكه وجعل الخصم عاجزاً بالمعنى الحرفي عن الفعل أو الرد”. وبعد ذلك جاء علاج الصدمة الاقتصادية الجذري، الذي فرض، بينما كانت البلاد لا تزال تحت لهب النيران، من قبل المبعوث الأمريكي بول بريمر وذلك بالخصخصة الشاملة، والتجارة الحرة بصورة كاملة، وخفض الضرائب بنسبة 15%. وخفض حجم الحكومة على نحو دراماتيكي. وتمضي المؤلفة قائلة انها بدأت اجراء ابحاثها على اعتماد السوق الحرة على قوة الصدمة، قبل أربع سنوات خلال الأيام الأولى من احتلال العراق، وبعد قيامها بالتغطية الصحافية من بغداد لمحاولات واشنطن الفاشلة ان تنتقل بعد الصدمة والرعب الى العلاج بالصدمة، سافرت المؤلفة الى سريلانكا، بعد شهور عدة من وقوع كارثة تسونامي المدمرة، وشهدت نسخة اخرى من المناورة ذاتها كما تقول: حيث تقاطر المستثمرون الأجانب والمقرضون الدوليون على استغلال جو الذعر وتسليم الخط الساحلي الرائع برمته إلى المقاولين الذي سارعوا الى بناء المنتجعات الضخمة، ومنعوا مئات الألوف من السكان الذين يعيشون على الصيد من اعادة بناء قراهم قريباً من الماء، وتنقل المؤلفة ما اعلنته الحكومة الاندونيسية في ذلك الوقت اذ قال ناطق باسمها “في انعطاف قاس للقدر، قدمت الطبيعة لسريلانكا فرصة فريدة، فمن رحم هذه المأساة العظيمة سيولد موقع سياحي ذو مرتبة عالية”، ففي الوقت الذي ضرب فيه إعصار كاترينا مدينة نيواورلينز، وبدأت جوقة الساسة الجمهوريين، وبيوت الخبرة، والعاملين على تطوير الأراضي واستغلالها الحديث عن “الصفحات البيضاء” والفرص المثيرة، كان واضحا ان هذا هو الأسلوب المفضل الآن لدفع أهداف تكتلات الشركات الكبرى الى الأمام، وهو: استغلال لحظات الصدمة الجماعية للانخراط في هندسة اجتماعية واقتصادية جذرية. ومظم الناس الذين ينجون من كارثة مدمرة يريدون عكس فكرة الصحيفة البيضاء، فهم يريدون انقاذ ما يمكن انقاذه والبدء في اصلاح ما لم يدمر، كما يريدون توكيد علاقتهم وارتباطهم بالأماكن التي كونتهم، وكما قالت احدى المنكوبات في مدينة نيواورلينز “عندما أعيد بناء المدينة أعيد بناء نفسي”. ولكن رأسماليي الكوارث لا يعنيهم اصلاح ما كان، ففي العراق، وسريلانكا، ونيواورلينز، بدأت العملية التي تسمى زوراً باسم “اعادة البناء” بإنهاء المهمة التي بدأتها الكارثة الاصلية، وذلك بمحو ما تبقى من المجال العام والمجتمعات التي اقتلعت، واستبدالها، قبل ان يتمكن ضحايا الحرب او الكارثة الطبيعية من اعادة تنظيم انفسهم وتعزيز مطالبتهم بما كان لهم. وتستشهد المؤلفة بقول رئيس احدى الشركات الأمنية في العراق، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية: “بالنسبة إلينا، وفر لنا الخوف والفوضى فرصة ذهبية” وهو يشير بذلك إلى أن الفوضى التي سادت العراق بعد الغزو، ساعدت شركته الأمنية المغمورة والتي تفتقر إلى الخبرة، على اقتناص 100 مليون دولار من الحكومة الأمريكية على هيئة تعاقدات، وتصلح كلماته، كما تقول المؤلفة، ان تكون شعاراً للرأسمالية المعاصرة فالخوف والفوضى هما المحفزان على كل قفزة جديدة الى الأمام


قوة الصدمة والرعب العسكرية

تقول المؤلفة انها عندما بدأت إجراء بحثها هذا على العلاقة بين الأرباح الهائلة والكوارث العظيمة، كانت تشهد تغيراً أساسياً في الطريقة التي يتقدم بها الدافع الى “تحرير” الأسواق، في أرجاء العالم. فهي بوصفها جزءاً من الحركة المناهضة للتنامي الهائل في قوة ونفوذ تكتلات الشركات الكبرى، كانت تألف رؤية السياسات المحابية لأصحاب الأعمال والمشاريع وهي تفرض من خلال عمليات لي الذراع التي تجري في مؤتمرات منظمة التجارة العالمية، أو الشروط التي تقرن بالقروض من صندوق النقد الدولي، وكانت المطالب الثلاثة، التي تشبه الماركة المسجلة، وهي الخصخصة ووقف تدخل الحكومة، وعمليات الخفض الحاد للانفاق الاجتماعي تميل إلى أن تكون ضد مصلحة المواطنين بصورة متطرفة، ولكن عندما كان يتم توقيع الاتفاقيات، كانت تبقى على الأقل ذريعة الرضا والموافقة المتبادلة بين الحكومات التي تجري التفاوض، إلى جانب الاجماع بين من يفترض انهم خبراء، أما الآن فإن البرنامج الايديولوجي ذاته، يتم فرضه بأشد الوسائل القسرية الممكنة وقاحة، أي عن طريق الاحتلال العسكري الاجنبي بعد القيام بالغزو، أو بعد حدوث كارثة طبيعية مدمرة، على الفور، ويبدو أن 11 سبتمبر/ ايلول قد وفر لواشنطن الضوء الأخضر لكي تكف عن سؤال الدول عما اذا كانت تريد النسخة الأمريكية من “التجارة الحرة والديمقراطية”، وان تبدأ فرضها بقوة الصدمة والرعب العسكرية

إدارة بوش حوّلت هجمات 2001 إلى مشروع يدر الأرباح

تواصل المؤلفة الحديث عن مبدأ الصدمة، التي تسبق اجراء التغييرات الرأسمالية الكبرى في المجتمعات. وتقول انها كلما تعمقت في دراسة تاريخ الكيفية التي اجتاح بها نموذج السوق هذا، العالم، اكتشفت ان فكرة استغلال المحن والكوارث كانت وما تزال اسلوب عمل حركة ملتون فريدمان منذ البداية، فقد كانت صيغة الرأسمالية الأصولية هذه بحاجة الى الكوارث دائماً كي تتقدم. ومن المؤكد ان هذه الكوارث المساعدة تصبح أضخم شيئاً فشيئاً وأشد إثارة للصدمة والذهول، ولكن ما كان يحدث في العراق وفي نيو أورلينينز لم يكن اختراعاً جاء في أعقاب 11 سبتمبر/أيلول بل ان هذه الممارسات الوقحة في استغلال المحنة كانت تجسيداً لثلاثة عقود من الالتزام الصارم بمبدأ الصدمة. فإذا نظرنا الى السنوات الخمس والثلاثين الماضية من خلال عدسة هذا المبدأ، لبدت مختلفة جداً. فبعض أشهر انتهاكات حقوق الانسان في هذه الحقبة، والتي اعتبرت اعمالاً سادية ارتكبتها أنظمة مناوئة للديمقراطية، كانت إما مرتكبة عن عمد بقصد ارهاب العامة، وإما انها استغلت بنشاط لتهيئة الأرضية لإدخال “اصلاحات” سوق حرة جذرية. ففي الأرجنتين كان “اختفاء” ثلاثين ألف شخص معظمهم من الناشطين اليساريين، على أيدي الطغمة العسكرية في السبعينات، مكملاً لفرض سياسات مدرسة شيكاجو في البلاد، تماماً مثلما كان الارهاب قريناً للنوع ذاته من المسخ الاقتصادي في تشيلي. وفي الصين سنة ،1989 كانت صدمة مذبحة ميدان تيانانمين وما أعقبها من اعتقال عشرات الألوف، هما اللذان أطلقا يد الحزب الشيوعي لتحويل الشطر الأعظم من البلاد إلى منطقة تصدير ممتدة، غاصة بعمال يمنعهم الذعر عن المطالبة بحقوقهم. وفي روسيا سنة ،1993 كان قرار بوريس يلتسين ارسال الدبابات لقصف مبنى البرلمان وحجز قادة المعارضة هو الذي مهد السبيل أمام حركة الخصخصة الواسعة النطاق التي خلقت الأقليات المتحكمة سيئة الذكر في البلاد. وقد خدمت حرب فوكلاند سنة 1982 غرضاً مشابهاً لدى مارجريت تاتشر في الولايات المتحدة: فقد سمحت الفوضى والهياج القومي الناتجان عن الحرب لتاتشر أن تستخدم قوة هائلة لسحق عمال مناجم الفحم المضربين، وأن تطلق أول سعار للخصخصة في دولة ديمقراطية غربية. وقد خلق هجوم حلف شمال الأطلسي على بلجراد سنة 1999 الظروف لإجراء خصخصة سريعة في يوغوسلافيا السابقة وذلك هدف يعود تاريخه إلى ما قبل الحرب. وتقول المؤلفة إن الشؤون الاقتصادية لم تكن بحال من الأحوال الدافع الوحيد لهذه الحروب، ولكن في كل حالة منها تم استغلال صدمة جماعية كبرى لتمهيد السبيل أمام علاج بالصدمة الاقتصادية. وتضيف المؤلفة أن الصدمة التي تهدف للقضاء على المعارضة، لا تحدث بعنف ظاهري دائماً، ففي أمريكا اللاتينية وآسيا في الثمانينات، كانت محنة الديون هي التي أجبرت الدول على أن “تتخصخص أو تموت”، على حد تعبير أحد المسؤولين في صندوق النقد الدولي. فبعد أن أنهكها فرط التضخم، وأصبحت مدينة إلى درجة لا تسمح لها برفض المطالب التي جاءت مقرونة بالقروض الأجنبية، قبلت الحكومات “العلاج بالصدمة” على أمل أن ينقذها ذلك من كارثة أعمق، كما حدث مع بعض دول آسيا سنة 1997 1998. وكان العديد من هذه الدول ديمقراطياً، ولكن تحولات السوق الحرة الجذرية لم تفرض فيها بطريقة ديمقراطية. بل على العكس تماماً، إذ وفر جو الأزمة الواسعة النطاق الذريعة اللازمة لنقض أماني الناخبين وتسليم البلاد إلى “تكنوقراطيين” اقتصاديين. وكانت هنالك حالات، جرى فيها تبني سياسات السوق الحرة بطريقة ديمقراطية حيث كان هنالك ساسة خاضوا الانتخابات على أسس متشددة وفازوا فيها، وخير مثال على ذلك الولايات المتحدة في عهد رونالد ريجان، وانتخاب نيكولاي ساركوزي في فرنسا في الآونة الأخيرة. ولكن أنصار السوق الحرة واجهوا ضغطاً شعبياً وكانوا مضطرين لذلك إلى تعديل خططهم الراديكالية، وقبول إجراء تغييرات تدريجية بدلاً من التحول الكلي. وخلاصة القول إنه بينما يصلح أنموذج فريدمان لأن يفرض جزئياً بموجب الديمقراطية، فإن الظروف الاستبدادية مطلوبة لتطبيق نسخته الحقيقية، ولكي يطبق العلاج بالصدمة الاقتصادية من دون قيود، كما حدث في التشيلي في السبعينات، والصين في أواخر الثمانينات وروسيا في التسعينات، والولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/ أيلول ،2001 كان مطلوباً على الدوام نوع من الصدمة الجماعية الكبرى الإضافية، صدمة إما أن تعلق تطبيق الممارسات الديمقراطية مؤقتاً أو تعطلها بصورة تامة. وكانت هذه الحملة الإيديولوجية الشرسة قد ولدت عند الأنظمة الاستبدادية في أمريكا الجنوبية، وفي أوسع المناطق التي فتحتها مؤخراً وهي روسيا والصين تتعايش بكل ارتياح، وبأكبر قدر من جني المكاسب مع قيادة ذات قبضة حديدية حتى يومنا هذا

يتبع

الماسونية والابادة بتحديد النسل

عمليات التعقيم جاهلية ثانية:


إن عمليات التعقيم من أجل تحديد النسل هي جاهلية ثانية ولكن بأسلوب جديد.
فقد كان الناس في الجاهلية الأولى يقتلون البنات خوفاً من العار، كما قال سبحانه: ((وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودّاً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون))[1]. ويقتلون الذكور خوفاً من الفقر والإملاق فنهاهم الله تعالى عنه بقوله: ((ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق..))[2]. هذا إضافة إلى أنه كيف يحدد المسلم النسل خوفاً منالفقر وقد قال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام): (تنزل المعونة على قدر المؤونة)[3]. وهناك عشرات الروايات الواردة في هذا المضمون.

الشرع وعمليات الإجهاض


إن عمليات الإجهاض وسقط الجنين هي غير جائزة إجماعاً[4]، سواء نفخت في الجنين الروح أم لم تنفخ، ويشملها قوله سبحانه: ((وإذا الموؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت))[5].
وأيضاً قوله تعالى: ((.. من قتل نفساً بغير نفس، أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات، ثم إنَّ كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون))[6].
ومن مصاديق قوله سبحانه: ((قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم، وحرّموا ما رزقهم الله افتراءً على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين))[7].
ومن مصاديق قوله سبحانه: ((وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلاّ خطئاً، ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلّمة إلى أهله، إلاّ أن يصدّقوا))[8] إلى قوله تعالى: ((ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه ولعنه واعدّ له عذاباً عظيماً))[9].
وأيضاً قوله عز من قائل: ((اقتلت نفساً زكية بغير نفس، لقد جئت شيئاً نكرا))[10].
وأيضاً قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم، ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً))[11].
وأيضاً قوله عز وجل: ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق))[12].
وأيضاً قوله سبحانه: ((والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاّ بالحق، ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق اَثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً))[13].
وأيضاً قوله عز من قائل: ((وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم))[14]..
فإن هذه الآيات الشريفة تشمل الإجهاض مصداقاً أو ملاكاً أو ما أشبه كما لا يخفى.
فهل بعد هذا الكم الهائل من الآيات الكريمة - مضافاً إلى الروايات الشريفة - هنالك مجال للقول بجواز إجهاض الجنين؟!

تحديد النسل والخطة الماسونية


وقد أكد بعض الباحثين[15] على أن تحديد النسل من عوامل التقويض الماسوني للمجتمعات الإسلامية:
حيث ذكر أن من أهم العوامل التي يرتكز عليها أمن المجتمع الإسلامي وسلامته على امتداد أراضيه الشاسعة؛ هي ضرورة زيادة عدد المسلمين، لأنها ستحدد بطريقة حاسمة المستقبل السياسي للعالم الإسلامي[16].
وهذا الازدياد السكاني المرغوب فيه لدينا، ينبغي أن يفجر الطاقات الكامنة لتوسيع رقعة الأرض الزراعية، وخلق فرص العمل في المجالات الصناعية والعلمية والتقنية المستحدثة، لتطوير الزراعة والصناعة الإسلامية، بالوسائل الهندسية والعلمية المتاحة حالياً ومنها الأوربية والأميركية والروسية، التي فرضت شروطها وقيودها على فرص التطور والتقدم في البلاد الإسلامية لعقود طويلة من السنين.
وفي مواجهة هذا التصور الموضوعي، تظهر لنا مؤثرات ناجمة عن اتجاه الغرب الاستعماري إلى التوسع على حساب مجتمعات الدول الإسلامية القائمة حالياً، وكذلك على حساب امتداد الدعوة والتبشير الإسلامي الذي يلقى مقاومة منظمة ومبرمجة من قبل القوى العلمانية واللادينية الإلحادية، وبحماية من القوى الماسونية الدولية، وذلك بهدف (حرمان المسلمين من استعادة سلطتهم السياسية التي فقدت منهم)[17]. وهذا يجري وفق خطة دولية مبرمجة، منها تخفيض نسبة المواليد المسلمين، أو الوقوف بها عند حد معين، عن طريق التعقيم أو تحت تأثير بعض الفتاوى المدعومة بأموال ودعايات بعض المنظمات الغربية المهتمة بموضوع الزيادة السكانية الإسلامية. هذه المنظمات التي دعت إلى ضرورة القيام بدراسات موازنة في المجال السكاني، للوقوف على اتجاه ميزان القوى من الناحية البشرية بين الطرفين: الإسلامي والغربي على المدى المنظور والمستقبلي أيضاً، قد توصلت إلى نتيجة مؤداها أن نسبة الزيادة بينهما مختلفة اختلافاً كبيراً إذ يفوق إنتاج الخصوبة البشرية لدى المسلمين ما يقابله لدى الأوربيين (ولدى أتباع العقيدة اليهودية بأربع مرات تقريباً)[18] وطبقاً لهذه النتيجة التي تبين اختلاف نسبة الأطفال إلى البالغين بين الدول الغربية والدول الإسلامية، تنبأت المنظمات الماسونية الدولية بأن تفوق الخصوبة البشرية في المنطقة الإسلامية سوف يؤثر تأثيراً بالغاً على العلاقة بين الشرق والغرب في العقود القادمة[19] ويمكن أن نفهم بعد هذا سر تمسك الماسونية الصهيونية الاستيطانية على أرض فلسطين، بضرورة جعل باب هجرة أتباع العقيدة اليهودية إلى فلسطين الإسلامية مفتوحاً؛ في الوقت الذي تعمل فيه على حمل المواطنين العرب، سواء في فلسطين أو سواها من الدول الإسلامية على النزوح من أوطانهم، ومن ثم الاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية لإحياء وإقامة مشاريعهم الإنشائية والإنتاجية.
ولكي تتضح أمامنا أهمية الزيادة في عدد السكان المسلمين، وخطر الخصوبة الطبيعية الكائنة لدى المسلمين، سنورد أمثلة لاتجاهات الدراسات الميدانية والإحصائية الغربية في بعض الدول الإسلامية، التي تهدد برأيهم السلام الدولي، وتبذر بذور القلق في مسارات السياسة الدولية الماسونية.
وجميع هذه الدراسات نفذتها مؤسسات ذات مسؤولية رسمية، منها وزارات المال والاقتصاد والعلوم والدفاع الغربية، وبعض أجهزتها الفنية ومؤسساتها المتخصصة، ومنها (هيئة الرند، معهد هدسون، المراكز الاستشارية للمصارف، شركات النفط، الشركات المتعددة الجنسيات، وما شابهها من المؤسسات الاختصاصية في التخطيط العائلي، وتنظيم الأسرة في الوسطين القروي والحضري في جميع الدول الإسلامية)[20].
وللتمويه فإن هذه الدراسات تتم بتغطية علمية من بعض الجمعيات العربية والإسلامية لمساعدة اليونسيف، وبعض وزارات الصحة العمومية، ومؤسسات تنظيم الأسرة المحلية، التي تتبارى في إجراء البحوث والدراسات الميدانية للعمل على خفض نسبة مواليد السكان لديها.
وهذه المؤسسات التي تتقاضى بعض الجعالات المالية الهزيلة، تُمنح إضافة لذلك أوسمة غربية من الدرجة الأولى لمساهمتها في الحد من الزيادة السكانية الإسلامية، وما يسمى وفق مصطلحهم بالانفجار السكاني الذي قد يهدد بتفاقم مشكلة نقص الغذاء المتوهمة عالمياً.
وعندما يقدم علماء الغرب وأدواتهم من الموظفين المسلمين اقتراحاتهم حول تحديد النسل، بدعوى التخطيط العائلي النموذجي وتنظيم الأسرة الأمثل، نرى المسلمين والمسيحيين العرب قد أمعنوا في تساؤلاتهم المريرة: لماذا يرغبون في إنقاص عددنا وتحجيمنا؟ في الوقت الذي تتفاخر فيه بعض الدول القومية الأوربية بعدد سكانها[21]، التي تشكو من انخفاض نسبة المواليد لديها.
وتسعى منظومة الفكر الماسوني المتهود، التي مزقت عرى العائلة المسيحية، وأفقدتها وحدتها وتكاملها الاجتماعي في الدول الغربية على إنجاز ذات المخطط في الدول الإسلامية، في الوقت الذي نرى فيه[22] أن الكثير من عائلات أتباع العقيدة اليهودية، وفي ذات المجتمعات الأوربية الممزقة عائلياً تبدو عليها حالة أعمق من الاستقرار الاجتماعي، وكذلك التساند المتبادل بين قواها الاجتماعية. كما أن التوافق والتكيف والانسجام بين الظواهر الاجتماعية قد يكون كامناً أو ظاهراً، ولكنه مرتبط بأساس عقائدهم ذات النسق الاجتماعي المغلق.
نستتنج من هذا أن منظّري الفكر الماسوني الشمولي، لم يدعوا نظرتهم حول تحديد السكان تؤثر نسبياً على الأسرة اليهودية في أي مكان، وخاصة في المجتمعات الأوربية والأميركية.
وإذا كانت المشكلة السكانية الإسلامية والحد من خطورتها المتفاقمة، قد دعت الماسونيين إلى التفكير العميق والتخطيط البعيد المدى لمواجهتها، فإن الدول الإسلامية عليها أن تتنبه لهذه الدعوات ومخاطرها حول الحد من نسل شعوبها، كما أن المنظمات والمؤسسات الإسلامية ذات العلاقة بالمواضيع الاجتماعية؛ عليها تطويق المفتريات الماسونية حول زيادة عدد السكان المسلمين، وما يمكن أن تجره من فوضى اجتماعية وخلقية بسبب الافتقار إلى تنظيم إدارات مؤسسات الدولة والمجتمع، وافتقاد أساليب التحديث الصناعي والعسكري، والتي قد تؤدي بالمجتمعات إلى حالات من الإبادة الدينية في الدرجة الأولى.

من أساليبهم في تحديد النسل


وتطبيقاً لتلك السياسات الشيطانية منعوا وبصورة ملتوية الشباب عن الزواج، أي: لم يقولوا لهم بالصراحة لا تتزوجوا، وإنما أشاعوا فيهم العراقيل الكثيرة دون تحقق الزواج، ووضعوا القوانين الصعبة التي يواجهها الشباب فينصرفون عن فكرة تكوين الأسرة، وسلبوهم إمكانيات الزواج والقدرة عليه، وذلك بوضع قوانين تخالف القرآن والسنة تمنعهم من الاستفادة الفعلية من الأرض، ومن خيراتها كالمعادن، ومن خيرات البحار والأنهار كاصطياد الأسماك، ومن خيرات المراتع والغابات كرعي المواشي وحيازة الثمار والأعشاب، ومن خيرات الضرب في الأرض كالاكتساب، فكل سبيل للكسب يحتاج إلى إجازة وهوية وألف مطلب ومطلب، وكل عمل صغير أو كبير يحتاج إلى مراجعة ألف مركز ودائرة، وبذل أموال طائلة، وجهود كبيرة ودفع ضرائب باهضة، تقصم ظهور الناس، فلا يستطيعون حتى من تزويج أبنائهم وبناتهم، هذا من جهة ومن جهة أخرى قاموا بفتح المواخير ومراكز اللواط حتى لا يفكر الشباب بالزواج وينصرفوا عما ينتهي بهم إلى تكثير النسل.

وقد جاء في تقرير أن في مصر وحدها خمسة عشر مليون شاب وشابة في سن الزواج لا يتمكنون من الزواج[23]، وفي تقرير آخر أن في بلد إسلامي آخر - يشابه مصر في عدد النفوس - عشرة ملايين شاب وشابة في مرحلة الزواج ولا يتمكنون من الزواج، فهل عدم التمكن من الزواج حدث تلقائياً، أو أنه بتخطيط مدروس من قبل الحكومات وأسيادهم واليهود مما أدى إلى عدم القدرة على الزواج؟ طبعاً هو الثاني بلا شك باعتباره أفضل وسيلة لتحقيق أهداف الغرب التي منها تحديد النسل.

ولا يخفى أن الغرب هو الذي ابتكر هذا التخطيط ونحن الذين اتبعنا آثار تخطيطه بلا دراسة وانما عملنا بقول الشاعر: (ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت)، فالمسؤولية في ذلك تقع على عاتقنا أيضاً، فمن الواجب الاهتمام الشديد لفضح هذه الخطة الاستعمارية ورفع الموانع وتمهيد الطرق للشباب بالنسبة إلى الزواج البسيط، حتى يمكننا قلع جذور الفساد، وعلينا أن نقتدي بالسلف الصالح في تسهيل أمر الزواج وغيره من أمور الحياة وقد ورد في التاريخ انه لم يكن شيء أبسط من الزواج في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) وكان الحال كذلك قبل خمسين سنة، وفي التاريخ أن المرأة كانت تقوم وتقول للرسول (صلى الله عليه وآله): زوجني يا رسول الله، فكان يزوجها الرسول (صلى الله عليه وآله) بمهر بسيط لأحد المؤمنين، ومن أفضل النماذج في أمر الزواج وبساطته هي زواج فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليها السلام) حيث لم يتجاوز مهرها (500 درهم) على أكثر الأقوال، ولكن اليوم زرع الاستعمار فينا كل هذه المشاكل وتقبلناها بقبول حسن.



بين أقراص الخبز وأقراص منع الحمل


وقد ذكر[28] بعض الباحثين أن الكثير من المؤسسات الاقتصادية الربوية تلجأ لإتلاف بعض كميات محاصيلها الزراعية بهدف الحفاظ على مستوى معين لوارداتهم وأرباحهم، ومن المواد الأولية الضرورية إنسانياً التي تم إتلاف بعض مخزونها الجيد القطن والقمح والذرة والبيض والزبدة والحليب المجفف والبن. وبدلاً من تقديم (قرص الخبز) حسب حاجة البشرية إليه، فإن الحركات الاقتصادية والاجتماعية المغرضة دولياً تقوم مجاناً بتقديم[29] (أقراص منع الحمل والتعقيم)، حتى يستطيعوا تقويم نظرة الإنسان وضبط شخصيته ان جميع جوانبها حتى يسهل انقياده للمخططات الماسونية - المتهودة.
ونلاحظ أن قوة اليابان الاقتصادية الكبيرة المنافسة لأكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية، ناجمة عن برنامجها التنموي، الذي[30] يعتمد أولاً على كثرة سكانها مع الضيق النسبي لمساحة الأرض التي يشغلونها. ويستخدم اليابانيون كذلك الطاقات القصوى الممكنة لنشاطهم الجسمي وإبداعهم العقلي والنفسي خلال ساعات عملهم الإنتاجية المجدية.
وحسب بعض التقارير فإن وظيفة الخبراء الاقتصاديين أن يبينوا الطرق والأساليب المجدية لجعل الوسائل الاقتصادية متلائمة مع حاجات وعدد السكان، وليس من اختصاصهم أن يفرضوا الأساليب التي تعمل على تقليل عدد السكان ومواجهة الخصوبة البشرية في البلدان الغنية بمواردها الأولية والفقيرة بملاكاتها الفنية المدربة والمؤهلة محلياً ووطنياً. وليس ثمة شيء يمنعنا نظرياً من إقامة حياتنا الاقتصادية والاجتماعية على أسس أمثل من أسس الدول المتقدمة. وإن كانت هناك موانع عملية تريد الإبقاء على حالات النهب الاقتصادي الاستعماري والاستنزاف المادي الاحتكاري المستمر لموارد الشعوب كافة.


المنظمات الدولية وفكرة تحديد النسل



ومن الأمور التي ساعدت على تحديد النسل، ودفع المرأة إلى الانحراف والفساد وما إلى ذلك من مضاعفات، هي بعض المنظمات الدولية وقراراتهم غير الصائبة مثل: بعض قرارات صندوق النقد الدولي، وهيئة الأمم المتحدة، والمنظمات المرتبطة بهذه المؤسسات، فإن كثيراً ما ترى هذه المنظمات الدولية بدل التأثير الإيجابي في استقلالية بلدان العالم الثالث، التأثير السلبي في استقلاليتها، لتربط حكامها بالغرب ربطاً وثيقاً، فإن الرؤساء إذا لم يكونوا منقادين لهم، ولم يظهروا الخضوع لشروطهم الموجبة لكل تلك المضاعفات انقلب الأمر عليهم، فإنهم حيث كانوا يحتاجون إلى هذه المنظمات الدولية في مختلف شؤونهم، صاروا شباكاً مستحكمة لإلقاء شعوبهم الإسلامية وغير الإسلامية في الفخ الذي وضعه لهم الغرب، وإذا امتنعت الجهة المرتبطة بهم عن طاعتهم والانقياد لهم أسقطوها بكل صراحة، كما أسقطوا حكومات كثيرة، وأبطلوا انتخابات عديدة، لما أرادوا السير بما لم يخططه الغرب لهم، ومن هنا فاللازم على الدول الإسلامية أن تؤسس منظمات عالمية ودولية بالمستوى المطلوب لكي يحافظوا على استقلاليتهم.

نماذج من المخططات الغربية
إن هذه المنظمات التي ذكرناها أصبحت بمثابة وسائل ضغط بيد الغرب على شعوب العالم الثالث في سبيل تحديد اقتصادهم حسب ما يريده الغرب لهم، وتقييد حرياتهم بوسائل متعددة.
مثلاً: إنهم يقولون إنه لا يحق لبلد نفطي إلاّ أن يعتمد اقتصاده على النفط فقط، بدون أن يسلك سبيل التجارة، أو الصناعة أو الزراعة أو ما أشبه ذلك إلا بنسب ضئيلة، وإن كانت البلاد وأهلها مستعدين لكل ذلك، وكذلك يقولون: إنه لا يحق لبلد يزرع السكر ـ مثلاً ـ أن يتاجر بالسجاد أو نحوه، وهكذا..
هذا ما ذكرته بعض البحوث والدراسات والإحصائيات الدقيقة الفاضحة للمخططات الغربية تجاه العالم الثالث، فإنها قد حددت لكل بلد سبيلاً اقتصادياً خاصاً لا يمكن لذلك البلد مخالفته أو الانفلات منه، فيكون مثله مثل الدكتاتور الذي ينصب بنفسه الوزراء والأمراء وما أشبه ذلك ليقوى على الإحاطة بهم والسيطرة عليهم، فالغرب أخذ بالسيطرة على أحوال البلاد عبرهم حسب أهوائه ومطامعه وهو مما يؤدي إلى الانهيار الداخلي لقوى البلد من حيث لا يشعر إلا بعد مرور فترة من الزمن وغيرها.
وإذا حاول بلد من البلدان الانفلات عن هذا التخطيط المرسوم له، توجهت إليه ضغوط كبيرة من المنظمات المذكورة وغيرها.
ثم إنه إذا لم تنفع ـ فرضاً ـ الضغوط الموجهة إليه من قبل تلك المنظمات أطاحوا بذلك الرئيس أو الوزير، حتى يخضع الرئيس أو الوزير الجديد لإرادتهم ويسير على نهجهم.
وبعد هذا التخطيط المدروس والتنفيذ المتقن، رفعوا شعار تحديد النسل وكانت النتيجة كما ذكرت في بعض الإحصائيات الدقيقة في مجال تحديد الولادة على أن (130. 000،000) من النساء المؤهلات للإنجاب قد فقدن بالوسائل المختلفة أهليتهن للولادة وأصبحن غير قادرات على الحمل والإنجاب.


29 يوليو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: بلاغ ضد الأمتين العربية والاسلامية


Seif_eldawla@hotmail.com
على غرار البلاغات التى يقدمها الى النائب العام بعض المحامين المحسوبين على النظام، ضد شخصيات من المعارضة المصرية، فان السيد عبد الفتاح السيسى رئيس الدولة المصرية قدم ما يشبه البلاغ للمجتمع الدولى ضد الامتين العربية والاسلامية.
ففى كلمته امام مؤتمر الشباب المنعقد فى جامعة القاهرة يوم السبت 28 يوليو 2018، مارس سيادته هوايته المفضلة فى الهجوم على امتنا الكريمة واتهمها بما ليس فيها وقال عنها ما معناه بانها من دعاة الحرب وسط عالم متحضر ومسالم، وفيما يلى نص هذا المقطع من الكلام:
((امة فكرها مبنى على الحرب!
هل الحرب استثناء والا اصل؟
الحرب استثناء.
لما يكون الفكر كله لأمة هو الحرب فقط؟
على الاقل فى المائتين سنة الماضية فهمها لدينها ان الحرب هى الاصل والاستثناء هو السلام.
هل من المعقول ان يكون هناك فهم دينى كده؟ ))
***
 ومن قبل كان قد قال كلاما مشابها في كلمته بمناسبة ذكرى المولد الشريف عام 2015، حين قال أنه ليس من المعقول أن 1.6 مليار مسلم يريدون ان يقتلوا الدنيا كلها اللى فيها 7 مليار علشان يعيشوا هما.
· وفى كلمته أمام الجمعية العام فى سبتمبر 2017، قال نفس الشئ تقريبا عن الفلسطينيين فناشدهم ان يتعلموا التعايش مع الاخر، وكأن الشعب الفلسطينى شعبا متطرفا يرفض التعايش مع الاسرائيليين وليس شعبا يعيش تحت الاحتلال، بينما فى نفس الخطاب دعى من اسماه بالشعب الاسرائيلى الى الالتفاف خلف قيادتهم وكأن نتنياهو رجل سلام، فى تشويه واضح للضحايا واشادة بالجناة.
· وفى اثناء العدوان الصهيونى على غزة عام 2014 الذى اوقع ما يزيد عن 2000 شهيد، انتقد استمرار الفلسطينيين فى المقاومة رغم انها لم تؤت باى ثمار على امتداد 30 عاما.
· وفى تعليقه على المذابح التى ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين فى مسيرات العودة على حدود غزة، قال ان على الفلسطينيين ان يحتجوا بطرق لا تؤدى الى سقوط ضحايا وانه لا يمكن لمصر ان تفعل شيئا .. علينا ان نعمل ونكبر لكى يكون لنا تاثير.
· وفى حديثه فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المنعقدة يوم 28/4/2018 عن السنوات التالية لحرب 1967 قال ((اوعوا حد يأخذ البلد للحالة التى كانت قائمة ايام 1967 .... الوجدان اتشكل على عداوة شديدة (لاسرائيل) واستعداد للقتال للآخر (حتى آخر مدى) .... مكانش فيه حد فى المنطقة وفى مصر يقبل بمبادرة السلام ال الرئيس السادات طرحها.... مكانش حد كتير مؤمن بفكرة السلام ساعتها.... احنا بنتكلم (النهارده) بعد 50 سنة عندما تشكل وجدان جديد ووعى اخر وحالة جديدة فى نفوس الناس هى حالة السلام والتشبث به))
· وقال لقد حاربنا فى 1973 من اجل السلام.
***
الرسالة واحدة ومتكررة وموجهة الى الخارج وليس الى الداخل ومضمونها هو ((اننى انا عبد الفتاح السيسى، أتبنى ذات رؤيتكم للعالمين العربى والاسلامى وذات مواقفكم الناقدة لهم والمتحفظة عليهم بل ازيد عليكم فأرى ان التطرف والارهاب هو جزء اصيل من تفكيرهم، كما اشارككم رؤيتكم لأولئك القوم من الفلسطينيين الذين لا يزالوا يتجرأون على مقاومة الاحتلال وقتال اسرائيل؛ اسرائيل التى اعتز بالسلام معها وبدفء وعمق العلاقات بيننا وما تتميز به من ثقة وطمأنينة متبادلة، وادعو الى توسيع دائرة السلام معها ودمجها فى المنطق لمواجهة المخاطر المشتركة التى تهددنا جميعا.))
***
· من الغريب ان يقول مثل هذا الكلام شخص ينتمى الى دول العالم الثالث التى عانت على امتداد قرون طويلة من حروب الاستعمار الغربى واعتداءاته الاجرامية واسترقاقه للشعوب وكل ويلاته التى اودت بحياة ملايين البشر.
 ان اى دارس للتاريخ فى المرحلتين الابتدائية والاعدادية يعلم جيدا من هم دعاة الحرب والعدوان الحقيقيين فى هذا العالم؟
· والقرنان الماضيان اللذان اتهم السيسى فى كلمته امتنا بانها رفعت فيهما رايات الحرب، هما عصر الاستعمار الاوروبى لبلادنا الذى لم تفلت منه بلدا عربيا او اسلاميا واحدا. بل ومن اجل الصراع فيما بينها على اراضينا وثرواتنا، فجرت الدول الاستعمارية حربين عالميتين لا يقل عدد ضحاياها عن 70 مليون قتيل، فى القلب منها الجريمة الوحشية للامريكان فى هيروشيما وناجازاكى.
 ناهيك عن جريمتهم الكبرى فى اغتصاب جزء عزيز من اوطاننا واعطائها لجماعات من المرتزقة الصهاينة ليؤسسوا عليها ما يسمى باسرائيل أكبر وأرخص قاعدة عسكرية واستراتيجية للغرب فى العالم.
·كما تحفظ كل شعوب العالم فى وجدانها الوطنى وفى سجلاتها التاريخية قصص وحكايات عن مذابح وجرائم ابادة يندى لها الجبين تعرض لها الاباء والاجداد فى ظل الحكم الاستعمارى.
·اما عن العقود السبعة الماضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبزوع عصر الاستقلال، فحدث ولا حرج عن الحروب التى شنتها الولايات المتحدة مباشرة او بالوكالة فى كل مناطق العالم، وعن كم المؤامرات والانقلابات التى دبرتها لاسقاط النظم المستقلة والوطنية والاتيان بنظم عميلة، وعن الحروب الاهلية والطائفية التى اشعلتها وعن الجماعات الارهابية وميليشيات المرتزقة التى دعمتها بالمال والسلاح لتفجر بلداننا من الداخل، وعما فعلته معنا نحن على وجه التحديد من التدخل عسكريا لصالح اسرائيل فى حرب 1973 لتقلب موازين القوى وتسرق منا النصر، بالاضافة الى غزوها الاجرامى للعراق عام 2003 على طريقة القرن التاسع عشر.
ثم ياتى لنا من حكامنا من يقول لنا اننا نحن الذين نهدد العالم المسالم ونرفع فى مواجهته رايات الحروب؟
***
ولكن رغم كل ذلك فان هناك جانبا قد يكون صحيحا فيما قاله الرجل، وهو الخاص بان هناك منا من لا يزال يدعو للمقاومة والجهاد.
· ولكن مثل هذه الدعوة ان وجدت فإنها تحسب لنا ولا تحسب علينا، لأنها تثبت اننا شعوبا تأبى الاستسلام للظلم والعدوان.
·ولا يمكن أن ندين الشعوب حين تدعو الى المقاومة ورفع السلاح فى مواجهة قوى التجبر والاحتلال، بعد أن تخلى النظام الرسمى العربى بدوله وانظمته وحكامه عن مواجهة العدو الصهيونى، وقرروا الاعتراف به والصلح معه والاستسلام له، بعد أن كانوا قد أسلموا قيادهم وقرارهم الى الأمريكان منذ زمن طويل.
·وحتى أولئك الذين ينطبق عليهم بالفعل توصيف التطرف والارهاب، وتحولوا الى ادوات لتفجير الصراعات والحروب الاهلية، فهم ليسوا سوى أحد النتائج الكارثية لهذا الاستسلام الرسمى المهين.
·فمثل هذا الحال لا يمكن أن ينتج سوى الروابط المذهبية والطائفية كبدائل عن الوطنية المهزومة والخائفة، ولا يمكن أن يفرز سوى جماعات التطرف والعنف والارهاب المجنون بعد الانسحاب من معارك الاستقلال والتحرر الوطنى.
*****
القاهرة فى 29 يوليو 2018

28 يوليو 2018

محمد سيف الدولة يكتب : تاريخنا مع الأحكام القضائية المُسيسة


اذا انتقد أى شخص حكما قضائيا، واصفا اياه بأنه حكم مُسيس، فانه يُعَرِّض نفسه للحبس بتهمة اهانة القضاء، رغم أن الامور الفعلية على الارض منذ سنوات وعقود طويلة لا تسير وفقا لأحكام القانون وعدالة القضاء فقط، فلطالما تعرضت المعارضة السياسية فى مختلف العصور، لأحكام بالإدانة والاعتقال والسجن والاعدام، على ايدى حفنة "مختارة" من القضاة، تلتزم بتوجيهات وتعليمات السلطة التنفيذية.
***
قالها شيخ القضاة ومؤسس تيار الاستقلال المستشار الراحل الجليل "يحيى الرفاعى" معلقا على سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء فى مقال بعنوان ((جرجرة)) قال فيه:
((فى بعض بلاد العالم يصبح القاضى المتمسك باستقلاله كالقابض على الجمر ... فلا يستطيع ان يعلن حكما تستاء منه الحكومة قبل ان يراجع نفسه الاف المرات، فليس صحيحا على اطلاقه انه لا سلطان على القضاء الا للقانون وضمائرهم، فالسلاطين كثير. وفى هذا المناخ لابد ان يشك الناس فى استقلال القرار القضائى سواء من حيث مضمونه او توقيته.))
***
ان تاريخنا وحياتنا السياسية حافلة بمئات الأحكام القضائية التى هناك اليوم اجماعا قانونيا وفقهيا وسياسيا على انها لم تكن أحكاما قضائيا بقدر ما كانت قرارات سياسية صادرة من رئيس الدولة وسلطته التنفيذية، وفيما يلى بعض الأمثلة على ما نقول من واقع سجلاتنا القضائية فى العقود الماضية:
· احكام اعتقال وسجن الشيوعيين عام 1959، ثم قرار الافراج عنهم عام 1964.
· احكام سجن الاخوان فى الخمسينات والستينات واحكام الافراج عنهم فى عهد السادات.
· احكام ادانة ما يسمى بمراكز القوى عام 1971، ثم قرار الافراج عنهم فى الثمانينات.
· قضايا واحكام واعتقالات وسجن الناصريين والشيوعيين فى السبعينات.
· قرار السادات باعتقال والتحفظ على ١٥٣٦ سياسيا فى سبتمبر ١٩٨١ وقرار مبارك بالإفراج عنهم بعد اغتياله.
· قرارات اعتقال الجماعات الاسلامية فى التسعينات، ثم الافراج عنهم بعدها بسنوات بعد ما يسمى بالمراجعات.
· الحكم بإدانة مبارك ووزير داخليته بتهمة قتل المتظاهرين فى ثورة يناير، ثم الحكم لاحقا ببرائتهم بعد تغير الظروف وتغير السلطة الحاكمة.
· وكذلك غالبية قضايا ادانة رجال مبارك ثم الافراج عنهم للبراءة او للمصالحة.
· قضية التمويل الاجنبى الخاصة بالمعهد الجمهورى الامريكى، سواء بالإدانة او بالبراءة.
· وغيرها الكثير.
***
ولذلك فان غالبية المتابعين اليوم، يتشككون كثيرا فى الاحكام الصادرة بالادانة والاعدام والمؤبد بالجملة لعشرات الالاف من القابعين فى السجون وكذلك قرارات الحبس الاحتياطى بدون سقف زمنى لآلاف أخرى.
وحين يقال لهم، اياكم والتشكيك فى نزاهة القضاء، يستشهدون بذلك التاريخ الطويل فى حياتنا من الاحكام المسيسة التى استعرضنا نماذج قليلة منها فى السطور اعلاه.
***
ان القناعة الراسخة والمستقرة عند غالبية الرأى العام، هى اننا بصدد حملة للتصفية والانتقام من كل من شارك فى ثورة يناير، كل بحسب نسبة مشاركته ومقدار قوته ومستوى تأثيره ومدى خطورته على النظام الحاكم.
والا فكيف نفسر مطاردة واعتقال وادانة شخصيات مستقلة عن الاخوان مثل المستشار محمود الخضيرى ومجدي احمد حسين وعبد المنعم الفتوح وهشام جعفر ومحمد القصاص وغيرهم، أو شخصيات من خارج التيار الاسلامى تماما، مثل علاء عبر الفتاح واحمد دومة وهشام جنينة وسامي عنان وحسن حسين وجمال عبد الفتاح والقائمة طويلة.
وكيف نفسر ما واكب هذه الاعتقالات والادانات والاحكام داخل السجون، من سلسة اجراءات استبدادية خارجها، من وأد ومصادرة للحقوق والحريات وتأميم الحياة السياسية والبرلمانية والاعلامية، ومطاردة وحصار وتشويه كل المعارضين من مختلف التيارات الفكرية والسياسية، لا فرق فى ذلك بين مدنى واسلامى، ولا بين ربعاوى ولا يونياوى.
ليس هناك سوى تفسير واحد، وهو اننا بصدد حملة سياسية مضادة للثورة المصرية ولكل من شارك فيها، تستهدف العصف بالمعارضين والخصوم السياسيين.
***
حتى الأحكام الخاصة بالقضايا الارهابية، فانها تصدر فى بيئة من التحريض والكراهية، مجردة من ضمانات العدالة والمحاكمات النزيهة، وسأستعين هنا بمرافعة للمحامى الشيوعى الكبير الاستاذ نبيل الهلالى، عليه رحمة الله، فى دفاعه عن المتهمين من الجماعات الاسلامية باغتيال الدكتور رفعت المحجوب عام 1993 أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، وفيما يلى بعض مما ورد فيها:
((خارج هذه القاعة يخيم جو مسموم، ويعربد مناخ محموم، وتطالب الحملات الهستيرية بقطع الرقاب، وقطف رؤوس شباب متهم بالارهاب.
وتتمادى الهجمة الشرسة، فتتطاول على قضاء مصر الشامخ، وتشن أبواق مسعورة مأجورة. حملة ساقطة على قضاء مصر، تتهمهم بالعجز وعدم الحزم. وتتهمهم بالتراخي وعدم الجزم. وتعتبر تمسك المحامين بتوفير حق الدفاع على الوجه الأكمل، تسويفا ومماطلة، وتعويقا لسير العدالة. 
وخارج هذه القاعة، ينتزعون القضايا انتزاعا من أمام قاضيها الطبيعي، ويحيلونها إلى القضاء العسكري بحجة انه القضاء الأسرع والأنجح والاردع، متجاهلين ان القضاء جهاز لإرساء العدل، وليس أداة للقمع أو الردع.))
***
وعلى النقيض من موضوعية ونزاهة نبيل الهلالى، نجد شخصيات وربما تيارات بكاملها وقد اصابها داء العنصرية فى السنوات الاخيرة، ترفض وتدين بشدة الادانات التى تلحق بشبابها واعضائها وانصارها، بينما ترحب بها وتباركها اذا جاءت فى مواجهة خصومها السياسيين.
***
ان الاحكام المسيسة او ما يطلقون عليه "القضاء المسيس" قادر بالفعل على تحقيق الغرض المطلوب منه وهو اخافة الناس واخراسهم، وتامين النظام ضد اى نقد او معارضة او منافسة سياسية الى حين. ولكنه على المدى البعيد يكون له اضرارا بالغة وعواقب وخيمة:
1) فهو يضعف من ثقة واحترام الناس للقانون وللقضاء وللقضاة بشكل عام، فتفقد الدولة أحد ركائزها الثلاث التي لا تقوم لها قيامة بدونها.
2) ويدفع عديد من المواطنين والقوى السياسية الى الكفر بشرعية النظام القائم والخروج عليه والعمل على اسقاطه والنخر فى مؤسساته وتحدى قوانينه والعمل خارج اطارها، سرا او علانية.
3) وهو ما يؤدى الى خلق نظاما مضطربا، يتخفى وراء غلاف زائف من الاستقرار، بينما تموج فى القلب منه طاقات مكتومة من الغضب والغليان والتربص، تكون قابلة للانفجار فى اى وقت.
4) وهو ما يضعف مكانته الاقليمية والدولية، ويجعله يستجدى الاعتراف به وبشرعيته من الخارج، مقابل فواتير واثمان غالية يسددها من سيادة الدولة واستقلالها.
5) وفى ذات السياق فانه يسبب اساءة بالغة الى سمعة الحقوق والحريات والعدالة القانونية والقضائية لدى المجتمع الدولى، مما يعطى للقوى الكبرى ورقة للضغط والمساومة مع السلطات المصرية لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والامنية ولو كانت على حساب المصالح المصرية. 
6) كما يدفع الشركات العالمية الكبرى والمستثمرين الاجانب الى استبعاد اللجوء الى القضاء المصرى المحلى لحل النزاعات التجارية، كاحد شروطهم الرئيسية فى تعاقداتهم مع الدولة المصرية. مما يعرض مصر فى كثير من الاحيان الى ما يشبه عقود الاذعان المجحفة والمجردة من حماية القضاء الوطنى.
7) كما انه ينتج اجيالا جديدة من شباب القضاة موالية للسلطة التنفيذية او خائفة منها، مما يضرب النظام القضائى كله فى مقتل، ليس فقط فى القضايا السياسية ولكن فى كل الدعاوى والقضايا والنزاعات سواء كانت جنائية او مدنية، فيلجأ الناس الى اصحاب النفوذ بدلا من الاحتكام الى القضاء. فيعم الفساد.
***
ان العدالة تحصن الدول، والظلم يسقطها ولو بعد حين.
*****
القاهرة 28/7/2018

27 يوليو 2018

محمد سيف الدولة يكتب :ابادة العرب عقيدة صهيونية



Seif_eldawla@hotmail.com
تيودور هرتزل
· اننا نريد أن نطهر بلدا من الوحوش الضارية. طبعا لن نحمل القوس والرمح ونذهب فرادى فى أثر الدببة كما كان الأسلوب فى القرن الخامس فى أوروبا، بل سننظم حملة صيد جماعية ضخمة ومجهزة ونطرد الحيوانات ونرمى وسطهم قنابل شديدة الإنفجار. 
·اطرد السكان الفقراء عبر الحدود وامنع توظيفهم . . . كل من الإجرائين؛ الإبادة ونزع الملكية يجب أن يتم بتحفظ ويقظة وحذر. 
***
جابوتنسكى :
· تستطيع أن تلغى كل شيء، القبعات، والأحزمة والألوان، والإفراط فى الشرب، والأغاني. أما السيف فلا يمكن إلغاؤه. عليكم أن تحتفظوا بالسيف لأن الإقتتال بالسيف ليس أفكارا ألمانية بل إنه ملك لأجدادنا الأوائل. إن التوراة والسيف أنزلا علينا من السماء.    
·إن إسرائيل لا يمكن أن تعيش إلا بالقوة والسلاح.
***
بن جوريون :
· إن خريطة إسرائيل ليست بخريطة بلادنا، لدينا خريطة أخرى وعليكم أنتم طلبة وشبيبة المدارس اليهودي أن تجسدوها في الحياة، وعلى الأمة اليهودية ان توسع رقعتها من الفرات إلى النيل.
· أن خططنا يجب ألا تنحصر فى الدفاع بل علينا أن نهاجم وعلى طول الجبهة ليس فقط ضمن المنطقة المخصصة للدولة اليهودية ـ بموجب قرار التقسيم ـ وليس فقط ضمن حدود فلسطين، بل علينا أن نضرب العدو ونهاجمه حينما وجد.
·لقد أبلغنا العرب أنه ليست لنا الرغبة فى محاربتهم أو إلحاق الأذى بهم، وإننا حريصون على أن نراهم مواطنين مسالمين فى الدولة اليهودية .. ولكن إذا وقفوا فى طريقنا وعارضوا، ولو جزئيا ، تحقيق أهدافنا ، فإننا سنواجههم بكل ما عندنا من بطش وقوة .
·شعب إسرائيل هو عبارة عن تجمع للمحاربين.
·لقد اقتنعت بأن الحرب مع العرب حتمية.
·أن السعى للتفوق العسكرى على العرب، فى معركة سباق التسلح، أهم قضية فى حياة إسرائيل.
·السلام النسبى الذى يخيم على الشرق الأوسط فى السنوات العشر الأخيرة هو نتيجة مباشرة لقوة إسرائيل العسكرية.
· علينا ان نتخذ من الفتوحات العسكرية اساسا للاستيلاء وواقعا يجبر الجميع على الرضوخ والانحناء
· يجب أن نفعل كل شيء للتأكد من عدم عودتهم (الفلسطينيين)  .. الكبار سيموتون والصغار سينسون.
***
  الدكتور ادر ممثل المنظمة الصهيونية العالمية :
·يجب أن يعطى اليهود الحق فى حمل السلاح، ويجب أن يحجب هذا الحق عن العرب.
* * *
ماينرتز هاجن
· إن الإعتراض الرئيسى على المطالب الصهيونية كان يستند إلى أن فلسطين صغيرة بالنسبة ليهود العالم، هذا صحيح، ولكن لنفسح لهم المجال ليأخذوا فلسطين، وبعد ذلك يستطيعون أن يحصلوا على ما يريدون.
***
جولدا مائير:
·كيف نعيد المناطق المحتلة؟ لا يوجد من نعيدها إليه.
·لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيين، لم يوجدوا على الإطلاق.
***
موشى دايان:
· لقد بنيت القرى اليهودية في مكان القرى العربية. أنت لا تعرف حتى أسماء هذه القرى العربية وأنا  لا ألومك لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة. ليست الكتب فقط التي لم تعد موجودة بل أيضا القرى العربية، لا يوجد مكان واحد بني في هذا البلد لم يكن سكانه الأصليون في السابق من العرب.
***
مناحم بيجين :
· الفلسطينيون مجرد صراصير ينبغي سحقها.
· أنا أحارب إذا أنا موجود.
· كن أخي وإلا قتلتك.
·  الأساليب الإرهابية قد أشبعت رغبة جارفة مكبوته عند اليهود للانتقام.
·ان مذبحة دير ياسين اسهمت مع غيرها من المذابح الاخرى فى تفريغ البلاد من 650 الف عربى ...ولولاها لما قامت اسرائيل  
·عندما نشرع ببصرنا إلى الشمال نرى سهول سوريا ولبنان الخصيبة وفي الشرق تمتد وديان دجلة والفرات .. وبترول العراق، وفي الغرب بلاد المصريين لن يكون لدينا القدرة الكافية على النمو، علينا أن نسوي قضايا الأراضي من مواقع القوة وعلينا أن نجبر العرب على الطاعة التامة.
***
شارون :
·أنا لا أعرف شيئا يسمى بالمبادىء العالمية. اننى اقسم بان احرق كل طفل فلسطينى سوف يولد فى هذه المنطقة. المرأة الفلسطينية والطفل الفلسطينى أكثر خطورة من الرجل لأن وجود الطفل الفلسطينى يدل على أن هناك أجيال ستستمر ولكن الرجل يسبب خطرا محدودا. اقسم بأننى لو كنت مجرد مدني اسرائيلى وقابلت فلسطينيا لاحرقته واجعله يعانى ويتألم قبل ان اقتله. 
· الكل يجب أن يتحرك .. يجري .. يمسك بأكبر قدر من قمم التلال لتوسيع المستوطنات لأن   كل ما نأخذ الآن سيظل لنا . . . وكل ما لا نأخذ سيذهب إليهم.                                                             
***
حوار بين ضابط وجندى اثناء مذبحة كفر قاسم :
·       الجندي: ماذا نفعل بالأطفال والنساء؟
·       الضابط: يجب أن يعاملوا كما لآخرين بدون رحمة
·       سؤال: ماذا نفعل بالجرحى؟
·       جواب: يجب ألا يكون هناك جرحى.
·       الجندى: ماذا نفعل بالسجناء؟
·       الضابط: يجب ألا يكون هناك سجناء.
· ثبت فى المحكمة فيما بعد أن الأوامر كانت قد صدرت بقتل كل عربى.
***
دراسة احصائية اسرائيلية قديمة :
· أن 60 % من بين 1066 طالب قابلتهم وتتراوح أعمارهم بين 9-14 سنة أيدوا الإفناء الكلى للسكان العرب المدنيين المقيمين فى إسرائيل فى حالة صراع مسلح مع الدول العربية.
***
 دراسة احصائية اسرائيلية حديثة فى يناير 2009 :
· 95 % من الاسرائيليين يؤيدون عدوان الرصاص المصبوب على غزة 2008ـ 2009
***
اسحق شامير:
· سيُسحق الفلسطينيين مثل الجراد . . .وتُحطم رؤوسهم على الصخور والجدران.
***
اسحق رابين:
· سوف نقلص السكان العرب إلى مجتمع من قطاع الأخشاب والخدم
·كنا نسير للخارج، يرافقنا بن جوريون. كرر آلون سؤاله: ماذا نفعل بالسكان الفلسطينيون؟
· لوح بن جوريون بيده بما يعني اطردهم!
***
إيهود باراك:
" الفلسطينيون مثل التماسيح كلما أعطيتهم لحما يريدون المزيد."
***
رافئيل إيتان رئيس أركان حرب سابق لجيش الدفاع الإسرائيلي:
·عندما نكمل استيطان الأرض لن يكون أمام العرب إلا محاولة الفرار مثل الصراصير المخدرة داخل زجاجة.
·  نحن نعلن على الملأ أن لا حق للعرب في سنتيمتر واحد من أرض إسرائيل . . . القوة هي كل ما يفعلونه ويفهمونه. سوف نستعمل أقصى قوة حتى يعود الفلسطينيون زحفا على أربع.
***
هايلبرن مدير حملة انتخاب عمدة تل ابيب:
" يجب أن نقتل كل الفلسطينيين إلا إذا سلموا بأن يعيشوا هنا كعبيد "
***
إسرائيل كونيج:
· يجب أن نستخدم الإرهاب .. الاغتيال ..الوعيد ..مصادرة الأرض ..قطع كل الخدمات الاجتماعية لتخليص الجليل من سكانه العرب .***
جوزيف وايتس رئيس قسم الاستيطان بالوكالة اليهودية:
هناك حاجة للحفاظ على شخصية الدولة والتي ستكون يهودية من الآن فصاعدا مع أقلية غير يهودية لا تتخطى 15%. لقد وصلت إلى هذا المبدأ الجوهري منذ 1940 ولقد دونته في مذكراتي.
***
يورام بار بوراث
إنه من واجب القادة الإسرائيليين الشرح للرأي العام بوضوح وشجاعة عدد من الحقائق التي نسيت بمرور الوقت أولها أنه لا وجود للصهيونية ولا للاستيطان ولا الدولة اليهودية بدون إخلاء ونزع ملكية العرب من أراضيهم.
***
مذابح صهيونية حديثة:
·العدوان على لبنان 2006(حرب تموز): 1200 شهيد
·العدوان على غزة 2008(الرصاص المصبوب): 1440 شهيد
· العدوان على غزة 2012(عامود السحاب): 174 شهيد
· العدوان على غزة 2014(الجرف الصامد): 2147 شهيد
·العدوان على مسيرة العودة السلمية 2018: 152 شهيد و16750 مصاب
·  ناهيك عن عمليات العدوان والقتل والقنص والاغتيال والتصفية والحصار والاعتقال والأسر التى يمارسها الصهاينة كأحد طقوسهم اليومية.
*****
القاهرة فى 27/7/2018