اليوم السابع - كتبت ريم عبد الحميد
نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالاً للكاتب روبرت فيسك تحدث فيه عن الأوضاع فى مصر، وقال إن عدد القتلى فى مصر يتزايد ولم يعد الكثيرون يهتمون بذلك، مضيفا أنه عندما سقط حسنى مبارك، كانت البلاد يملأها التفاؤل، والآن أصبحت الحياة رخيصة، والمستقبل لا يحمل سوى الخوف.
ويقول فيسك إنه بعدما أصبح العنف شىء طبيعى للغاية فى مصر الآن، وفشلت الصحف المحلية حتى فى ذكر أسماء لقتلى، فإن هؤلاء الذين قتلوا فى الجيزة حتى لم يتم تسجيلهم. حيث قتل خمسة أشخاص، فتاة فى الخامسة عشر من عمرها وأربعة رجال بجوار اعتصام الإخوان فى ميدان النهضة عند جامعة القاهرة. ومن بين الرجال كان أحدهم مهندس وهو حسام الدين محمد، وآخر محامى محمد عبد الحميد عبد الغنى، ولم يعرف الإخوان مهنة عبد الرحمن محمد وعرفوا فقط الإسم الأول من الضحية الخامس ويدعى أسامة. وجميعهم أطلق عليهم الرصاص، ولا أحد يعرف من فعلها.
ففى بلد يكون فيه القتلة أحرارا، يقال إنهم رجال شرطة بلباس مدنية أو عملاء للجيش أو بلطجية أو ضباط سابقين أو مدمنى مخدرات أو سكان محليين ضاقوا ذرعا من الاعتصام ورسوم الجرفيتى وملصقات الشهداء، ويقول فيسك إن لا احد يحقق فى عمليات القتل، وزعم الراديو المصرى أن تسعة قتلوا رغم أنه لم يكن هناك ملتحين، فى حين أن كل رجال الإخوان ملتحين. وصحيح أن السكان ربما لا يعجبهم الإخوان لكنهم بالتأكيد لن يقوموا بإطلاق النار عليهم، لكن هناك نوع من السبات حول المخيمات سواء فى الجيزة أو فى ميدنة نصر،حيث مزقت الرياح صور من قتلوا فى مذبحة الحرس الجمهورى.
وفى مدينة تؤيد نظريات المؤامرة أكثر من بيروت، فإن الحديث يدور الآن عن المؤامرة الإسرائيلية التى تريد التخلص من دولة بقيادة إسلامية على حدود الدولة العبرية، إلى جانب مؤامرة مرسى والتى تذهب إلى أن الرجل كان يحاول تفكيك دولة مصرن بينما تدخل الجيش فى الوقت المناسب لإنقاذ الديمقراطية..
ويمضى فيسك قائلا إنه انعدام القانون الذى يسود مصر الآن حقيقى بما يكفى، فالأمر لا يتعلق فقط بعمليات الإعدام خارج القانون أو إطلاق النار على الأقباط وأنصار الإخوان المسلمين وانتشار السرقة. فقد قالت له إمراة شابة أن والدها الذى يمتلك أراضى على بعد 150 كيلو من القاهرة زارته جماعة مسلحة تطلب منه تسليم أرضه، ورفض ووجد أن كل ملاك الأراضى المحيطة يدفعون أموالا لحمايتها للجماعة، وعندما اشتكوا للشرطة، وجدوا أن الضباط أنفسهم يدفعون أموالا لنفس الجماعة.
ويعتقد البعض أن مثل تلك الجماعات تضم الرجال الذين هربوا من السجون أثناء ثورة يناير، والعديد منهم يعيش خارجا عن القانون فى العريش صحراء سيناء. والانفلات الأمنى على الجانب المصرى من الحدود الإسرائيلية كان موجودا فى عهد مبارك وشمل الجماعات المرتبطة فكريا بالقاعدة التى يفترض أنها تدين بحريتها لمرسى.
ويعتقد فيسك أن ما أثبته أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية هو أن جماعة الإخوان لا تملك ميليشا، بل هناك عدد قليل من الأسلحة فى يد بعض الأنصار الغاضبين لكنهم لا يملكون جيشا سريا ولا كوماندوز مسلح ولا فدائيين، على العكس من الانطباعات التى تقدمها صحافة القاهرة التى اعتبر الكاتب أن موقفها فى التعبير عن الإرداة الشعبية خنوعا للجيش، مثلما كان يحدث فى عهد مبارك قبل الثورة، على حد زعمه.
ويسمى فيسك ما حدث فى مصر من الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى بـ"الانقلاب الذى لم يكن انقلابا"، وقال إن الشىء الاستثنائى الذى يتعلق به هو العدد الشاسع من المفكين الذين أيدوه، وأبدى الكاتب استغرابه من دفاعهم عن الجيش وموقفه فى أحداث الحرس الجمهورى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق