20 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:هل تدير CIA الجامعة الأمريكية بالقاهرة؟


Seif_eldawla@hotmail.com
جددت الأزمة التى تفجرت فى الجامعة الامريكية بالقاهرة فى شهر فبراير الجارى، كل الشكوك والمخاوف التى ظهرت بعد تعيين سفير أمريكى سابق ورجل استخبارات، مديرا للجامعة الامريكية بالقاهرة منذ عام 2016.
انه فرانسيس ريتشاردونى الذى كان سفيرا للولايات المتحدة فى مصر من عام 2005 حتى 2008، كما شغل منصب نائب السفير الامريكى فى افغانستان (2009-2010) ثم سفيرا فى تركيا. وقد خدم عامى 1989/1990 كرئيس لوحدة المراقبة المدنية التابعة للقوة المتعددة الجنسيات والمراقبين سيناء الموجودة هناك وفقا لملحق الترتيبات الامنية فى اتفاقيات كامب ديفيد. كما قام بإدارة فرقة عمل 9/11 التابعة لوزارة الخارجية حول التحالف ضد الإرهاب، وشغل منصب المنسق الخاص للعراق مع وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت (1999-2001). كما عمل في مكتب الاستخبارات والبحوث، ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وفي المناصب الإدارية العليا في إطار المدير العام للخدمة الخارجية والموارد البشرية.
***
أما عن الأزمة المذكورة فقلد بدأت، وفقا لما تناقلته وسائل الاعلام، بعد أن قام ما يقرب من 90% من مجلس شيوخ الجامعة الذى يتكون من اعضاء منتخبين من هيئة التدريس والموظفين، بسحب الثقة من "ريتشاردوني"، لعديد من الاسباب من أهمها قيامه بوضع إحدى قاعات الجامعة الأمريكية، وكل الحرم الجامعي، تحت تصرف السفارة الأمريكية لاستقبال خطاب وزير الخارجية "بومبيو" الذى ألقاه بالجامعة فى 10 يناير 2019 مما يثير، فى تصورهم، الشبهات حول طبيعة العلاقة بين الجامعة من جهة وبين الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA من جهة أخرى، ناهيك عن شخصية "بومبيو" المثيرة للجدل بسبب رئاسته السابقة للمخابرات المركزية الامريكية وكذلك بسبب تصريحاته بتأييد التعذيب ورفضه لغلق معتقل جوانتانامو.
هذا بالإضافة الى ما تم فُرضه من تدابير أمنية مشددة على الحرم الجامعي في يوم الزيارة، فيما يتعلق بالدخول والخروج وحرية الحركة داخل الجامعة، حيث اقتصرت الدعوة على من اختارتهم السفارة الأمريكية من الشخصيات العامة ووسائل الإعلام، وجرى إقصاء أعضاء هيئة التدريس وطلبة الجامعة.
ولقد صدر بيان من طلبة الجامعة يؤيدون فيه قرار سحب الثقة قالوا فيه أنه لا ثقة في رئيس يعطي مساحة لداعمي المؤسسة الصهيونية أمام تقليله من قيمة القضية الفلسطينية، ولا ثقة في رئيس لا يفهم أن هذا المكان للتعليم، وأننا لسنا زبائن لديه ولكننا هنا لنتطور كجزء من هذا المجتمع.
***
ولكن مجلس اوصياء الجامعة الامريكية من ناحية أخرى والذى يتخذ من نيويورك مقرا له، وهو الجهة العليا المنوط بها مسئولية إدارة الجامعة، رفض قرار مجلس الشيوخ، بل أثنى على فرانسيس ريتشاردوني، وجدد الثقة فيه، واشاد بقراراته الجوهرية التى تسببت في النجاح الحالي والمستقبلي للجامعة، على حسب ما ورد فى قراره المذكور!
***
· وبعيدا عن ذلك الخطاب الوقح لوزير الخارجية الامريكى التى تحدث فيه وكأنه يلقيه فى (اسرائيل)، فانه يتوجب علينا جميعا ان نقدم كل الدعم الممكن لهيئة التدريس بالجامعة التى وقفت موقفا شجاعا ووطنيا وشريفا، فى مواجهة صلف الحكومة الامريكية واستخباراتها وأدواتها المتمثلة فى "مجلس الاوصياء"، القابع فى نيويورك.
· كما يتوجب على كل الاسر المصرية التى تدفع المصروفات الدراسية لأبنائها بالجامعة بعشرات الالاف من الجنيهات كل عام ان تعرب عن قلقها ورفضها لأن يتلقى اولادهم العلم فى مؤسسة يديرها اشخاص يتبعون ويخضعون لجهات استخبارية اجنبية غير متخصصة فى التعليم وانما فى أمور مثل الاختراق والتجسس والتجنيد والاستقطاب وغسيل العقول وشراء النفوس وهكذا.
· ان فى هيئة تدريس الجامعة الامريكية بالقاهرة نخبة كبيرة من الشخصيات والرفاق والاصدقاء الوطنيين المتميزين فى مجال تخصصهم، كما كان ولا يزال للحركة الطلابية هناك مشاركات هامة واساسية فى كل القضايا والمعارك الوطنية كثورة يناير وقضية فلسطين ومناهضة الصهيونية وغيرها.
· انهم جميعا اخوة وابناء لنا، لا يجب على أى وجه من الوجوه، ان نتركهم يخوضون معركتهم مع الحكومة الامريكية منفردين. خاصة وأن توظيف منبر تعليمى وحرم جامعى يحتضن كل هذه التجمعات الطلابية من أبنائنا، للترويج للسياسات الخارجية الامريكية فى بلادنا، هو امر لا يمكن السكوت عليه من اى مصرى.
*****
القاهرة فى 20 فبراير 2019

17 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: ردا على وارسو .. (اسرائيل) هى العدو



لو كان هناك ما يسمى بالجنسية العربية لوجب سحبها من كل من شارك من الانظمة العربية حكاما ومسئولين ومبعوثين فى مؤتمر وارسو الامريكى الصهيونى وامثاله من ورش ومطابخ التبعية والتطبيع.
***
نقلت لنا وكالات الانباء ان المجتمعين فى وارسو اعلنوا ان ايران هى الخطر الاكبر فى المنطقة. وهو اعلان زائف ومضلل يخفى الاهداف والنوايا الحقيقية للمؤتمر والمؤتمِرِين، فليست ايران هى المستهدف الرئيسى من هذا الجمع البائس رغم كل الكراهية والعداء الذين تكنهما أمريكا و(اسرائيل) وحكام الخليج لها.
فالهدف والعنوان الحقيقى الذى ارادوا تمريره ولكنهم لم يجرأوا على ذكره صراحة رغم كل وقاحتهم وجبروتهم، هو((ان اسرائيل ليست هى العدو، وان المقولات والثوابت العربية القديمة بشان الصراع العربى الصهيونى، ومركزية قضية فلسطين، ورفض أى علاقات أو تطبيع معها قبل قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 ..الخ، قد سقطت كلها واندثرت واصبحت من الماضى. وانه على العكس تماما أصبحت (اسرائيل) فى المنظور العربى الرسمى اليوم، شريكا وحليفا استراتيجيا للانظمة العربية فى مواجهة المخاطر والتهديدات المشتركة))
***
فى مواجهة هذه الترتيبات والتصريحات الجديدة المعلن منها والمضمور، نقول لكل المطبعين الجدد والقدامى فى وارسوان (اسرائيل) لا تزال وستظل هى العدو الرئيسى لكل شعوب المنطقة عربا وفرسا وتركا. انها العدو الاخطر الذى يهددنا جميعا، لا يفوقها فى ذلك سوى الولايات المتحدة الامريكية التى تمثل العدو الدولى الأكثر خطورة علينا وعلى كافة دول العالم، بما فيهم حلفائها الغربيين.
اما هؤلاء الحكام العرب، فلولا انهم يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، لما تجرأوا على ارتكاب جريمة الاجتماع باسرائيل والتطبيع والتحالف معها تحت القيادة والقوادة الامريكية فى وارسو.
***
وليعذرنا القارئ الكريم على اضطرارنا لتكرار ما يلى من بديهيات وثوابت عربية، قد يكون هناك من الشباب العربى من يحتاج الى تذكيره بها أو تثبيتها لديه، وسط هذه الارتماء العربي الرسمي فى الأحضان الصهيونية:
· انها (اسرائيل) التى تحتل كل ارض فلسطين بالاضافة الى الجولان، وتفرض قيودا عسكرية وامنية وتسليحية على اراضى عربية فى سيناء ولبنان والاردن، تبلغ مساحتها اضعاف مضاعفة مساحة ما تحتله من اراضى.
· هى التى قامت بالاعتداء على مصر مرتين واحتلت اراضيها بالقوة ولم تعِدها الا بعد توقيع اتفاقية سلام بالاكراه، تم بموجبها تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح الا باذن اسرائيل.
· ولم تسلم أى دولة عربية من اعتداءاتها او تهديداتها من لبنان الى العراق الى تونس الى السودان.
· وحتى حين توقع معاهدات مع اى أطراف عربية فانها لا تلبس ان تغدر بها وتنتهك بنودها وتتنصل من التزاماتها؛ واسألوا ابو مازن الذين ادان "مؤتمر وارسو" ورفض المشاركة فيه: ماذا تفعل معهم (اسرائيل) وكيف تقوم باحتلال واستيطان اراض جديدة فى الضفة الغربية كل يوم؟
· مثلما لم تلتزم أبدا بتنفيذ باى قرار من قرارات الامم المتحدة، التى صدرت لصالح الشعب الفلسطينى منذ عام 1948.
· انها (اسرائيل) التى لم تتوقف عن ارتكاب مذابح القتل والابادة للفلسطينيين منذ قرن من الزمان.
· وتكتنز ماكينة قتل جهنمية من الاسلحة بكل انواعها واصنافها، بينما تحظر على الفلسطينيين اى حق فى امتلاك اى سلاح للدفاع عن انفسهم.
· وتحرم على اللاجئين الفلسطينيين العودة الى اوطانهم بالمخالفة لمقررات الامم المتحدة، بينما تستبيحها لهجرة كل يهود الارض.
· ويعلم اى تلميذ فى المرحلة الابتدائية سبب انشائها، كقاعدة عسكرية واستراتيجية للغرب الاستعمارى تقوم بدور شرطى التأديب والحيلولة دون وحدة العالم العربى.
· لم تكف عن التدخل فى الشئون الداخلية للشعوب العربية، والعمل على اختراقها والتجسس عليها والسعى لتقسيمها، وعلى التحريض دوليا ضد مصالحها، وعلى التحالف والتآمر ضد استقلالها ونهضتها وثوراتها.
· هى التى تحتكر وحدها حق امتلاك وانتاج وتطوير السلاح النووى فى المنطقة، وتحظره مع الامريكان والاوروبيين على غيرها، حتى على تلك الدول والانظمة والحكام من المطبعين معها.
· ناهيك عن الاصرار الامريكى والاوروبى على الحفاظ على التفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة.
· انها الدولة الاكثر عنصرية وارهابا فى العالم، انها تماثل وتزيد بالنسبة الينا ما مثلته المانيا النازية من مخاطر وتهديدات بالنسبة للاوروبيين.
· والقائمة تطول.
***
وأخيرا ألا يعلم هؤلاء الاغبياء المجتمعون فى وارسو من اعداء فلسطين ورعاة ودعاة التطبيع والتحالف العربى الاسرائيلى، ما يمكن ان يترتب على تحالفهم العدوانى الشاذ من ردود فعل فلسطينية وعربية، سيكون على رأسها دفع شعوب المنطقة للاسراع بتجميد صراعاتها وتناقضاتها الثانوية؛ قومية كانت أو عقائدية، وتأسيس أحلاف وتحالفات مضادة من كل من يعادى أمريكا و(اسرائيل)، تضم العربى والايرانى والتركى والافغانى والفنزويلى والكوبى والروسى والصينى والكورى الشمالى ...الخ، تعمل على دعم المقاومة الفلسطينية والتصدى للجبروت الامريكى وللعربدة الاسرائيلية، وتطهير المنطقة من كل اتباعهم وعملائهم فى يوم هو اقرب مما يتصورون.
*****
القاهرة فى 16 فبراير 2019

موضوعات مرتبطة:

12 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:التعديلات الدستورية ومصير المعتقلين السياسيين

Seif_eldawla@hotmail.com
من أخطر العواقب المحتملة التى قد تترتب فيما لو تم التمديد للسيد عبد الفتاح السيسى حتى عام ٢٠٣٤ وما بعدها، هو امكانية اتجاه آلاف مؤلفة من الشباب الى خيارات العنف والارهاب.
وذلك بسبب فقدان عشرات الالاف من المعتقلين السياسيين الأمل فى الافراج عنهم وانقاذ ما تبقى لهم من أعمارهم، بالإضافة الى اليأس المميت الذى سيضرب مئات الآلاف من اسرهم وعائلاتهم وأنصارهم من امكانية خروج ذويهم واسترداد حياتهم الطبيعية وانتهاء سنوات الذل والمعاناة الطويلة على بوابات السجون واسوارها. وتيقنهم جميعا من انهم سيقضون نحبهم فى السجون لا محالة خلال الأربعة عشر عاما القادمة.
***
كانوا قبل الاعلان عن هذه التعديلات، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء فترة الرئاسة الثانية للسيسى، وتولى رئيسا جديدا، ربما يستهل عهده بالافراج عن المعتقلين السياسيين وتفكيك حالة الاحتقان والتوتر الشديدة القائمة فى المجتمع اليوم، واشاعة أجواء من التهدئة والتفاؤل والطمأنينة بين الناس على حياتها وحرياتها، على غرار ما كان يحدث دائما مع كل رئيس جديد. فعلها السادات مع معتقلى الستينات، وفعلها مبارك مع معتقلى "مراكز القوى" عام 1971، ومعتقلى سبتمبر عام 1981، وفعلتها الثورة مع معتقلى مبارك وهكذا.
***
فالأعراف المستقرة فى عديد من دول وانظمة العالم بما فيهم مصر، عبر تجاربها وعصورها المتعددة، ان غالبا ما يكون اول قرارات القادم الجديد هو الافراج عن معارضي سلفه وتدشين صفحة سياسية جديدة معهم بمساحات اوسع من الديمقراطية والحريات ولو الى حين.
***
الى الدرجة التى دفعت بعض المحللين بعد اغتيال السادات الى تصور ان الامريكان هم الذين كانوا وراء هذه الجريمة، بهدف تخفيف التوتر والاحتقان بين النظام المصرى والمعارضة من ناحية وبينه وبين باقى الانظمة العربية من ناحية اخرى، من اجل تمرير اتفاقيات كامب ديفيد داخليا وعربيا.
وهو الامر الذى تحقق بالفعل على ايدى مبارك بعد توليه منصب الرئيس، بصرف النظر عن مدى صحة تلك الروايات المتداولة حول اغتيال السادات.
***
ولقد مررت شخصيا بتجربة مماثلة حين تم اعتقال والدى عليه رحمة الله الدكتور عصمت سيف الدولة ضمن 1536 معتقل من كافة الاتجاهات عام 1981 مع اعتقالات سبتمبر الشهيرة، والذين خرجوا غالبيتهم بعد مقتل السادات باسابيع قليلة. ولا اعلم ماذا كان سيكون موقفى وسلوكى مع النظام فيما لو كان قد قضى نحبه فى سجون السادات.
***
لكل ذلك وغيره، فانه يتم التعامل عادة مع احكام السجن المؤبد والمشدد واحكام الاعدام التى لم تنفذ على انها احكام سياسية مؤقتة، سيتم تخفيفها أو الغاءها والافراج عن المعتقلين والمسجونين سياسيا، مع أى رئيس الجديد.
***
هذا الأمل الذى اخشى من تبخره، كان له بالغ الأثر فى تمسك آلاف مؤلفة من المعتقلين واهاليهم بالصبر وبالعمل السياسى السلمى واللجوء الى القنوات والادوات القانونية والخضوع الكامل لكل اجراءات القبض والاعتقال والتحقيق والمحاكمة والأحكام ولو كانت بالغة القسوة، بالإضافة الى بذل جهود هائلة لكبح جماح الشباب الغاضب الذى يتملكه شعور عميق بالظلم الشديد، لعل وعسى يأتيهم الخير والفرج والافراج فى يوم قريب.
***
وهو الخضوع الذى لن يستمر فى تصورى فيما لو تم التمديد لاربعة عشر سنة اخرى، لعبد الفتاح السيسى الذى تدهورت علاقته بكافة القوى والتيارات السياسية بدون استثناء الى أن وصلت الى نقطة اللاعودة.
***
كان هذا تخوفا جديدا يضاف الى حزمة التخوفات التى ذكرتها فى مقالين سابقين*، اتمنى من الله مخلصا ان تجد آذانا صاغيا وعقلا رشيدا ليأخذها فى الاعتبار مع مثيلاتها من مئات الاعتراضات والتحذيرات التى أطلقها عديد من المفكرين والقانونيين والسياسيين فى الايام الماضية.
*****
القاهرة فى 12 فبراير 2019

* مقالات سابقة:

08 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: تعديلات دستورية ضد الدولة


ان العملية التى انطلقت للتمديد للسيد عبد الفتاح السيسى ليحكم مصر حتى عام 2034 وما بعدها عبر ما يسمى بالتعديلات الدستورية، هى عملية موجهة ضد مصلحة الدولة المصرية بكافة مؤسساتها.
لن أتحدث هنا عن انتهاك الدستور والعدوان على حقوق الشعب وحرياته، والعصف بأبسط اسس ومبادئ النظم الديمقراطية. وانما سيقتصر حديثى على الدولة التى يكرر السيسى دائما ان مهمته الأولى هى تثبيتها والحفاظ عليها وسط محيط اقليمى غارق فى الفوضى والمؤامرات الخارجية.
***
فما هى مصالح مؤسسات الدولة فى ان يتم التمديد لعبد الفتاح السيسى ليحكم مصر وحده اربعة عشر عاما أخرى أو أكثر؟
ليس لاى منها مصلحة فى ذلك، بل ان فيه اضرارا كبيرا بأوضاعها وتهديدا مباشرا لاستقرارها واضطرابا فى مراكزها واهتزازا لمكانتها وتراجعا فى أدوارها ومخاطر قد تنال من امتيازات اعضائها والقائمين عليها.
فليس لمؤسسة القضاء بطبيعة حال اى مصلحة فى ان تفقد ما تبقى لها من استقلال، بموجب التعديلات المطروحة بشأنها، ناهيك على ان سمعتها ستتعرض الى إساءة بالغة وستفقد كثير من الهيبة والثقة والاحترام الشعبى لها، اذا شاركت فى تمرير هذه التعديلات عبر هذا الاستفتاء المزمع عقده، والذى لا يمكن إجراءه وتمريره بدون العدوان الكامل على قواعد النزاهة والشفافية والمصداقية، حيث سيتم تزويره بالضرورة. فما حاجة مؤسسة القضاء ان يقترن بسمعتها وتاريخها تزوير جديد فى الصناديق يتم تحت إشرافها ورقابتها؟
***
واما البرلمان فلا يوجد انسان عاقل فى العالم لا يعلم ان كل زيادة او تركيز لمزيد من السلطات والصلاحيات فى ايدى رئيس الدولة وسلطته التنفيذية يأتى على حساب صلاحيات البرلمان وسلطاته، ليقلصها ويعتدى عليها.
***
اما بالنسبة للقوات المسلحة، فانه فليس لها اى مصلحة فى تركيز السلطات فى ايدى رجل واحد. فمصلحتها حتى فى ظل الحكم العسكرى الكامل فى ان يستمر حكمها العسكرى اطول فترة ممكنة، وان تظل محتفظة بسطوتها وهيمنتها وبامتيازاتها الى ما لا نهاية. ولكن تمديد حكم السيسى الى الأبد سيعرض هذه المكانة وهذه الامتيازات لخطر شديد، وسيجعلها فى مهب الريح، حيث ان المصريين لن يتوقفوا عن مقاومة هذا الوضع بكافة الطرق والادوات. فاذا نجحوا ولو بعد حين فسيقومون بهدم المعبد على من فيه.
وماذا يضير القوات المسلحة ان تختار من بين صفوفها كل ثمانية سنوات رئيسا جديدا لمصر؟ ما مصلحتها ان يحتل رجلا واحدا كرسى الحكم لعشرات السنين؟
ليس لها ادنى مصلحة.
***
اما الشرطة فانه حتى فى ظل حكم الدولة البوليسية، بكل تجاوزاتها وانتهاكاتها للقانون وللحقوق والحريات وتحولها الى اداة قمع للمواطنين وللمعارضين السياسيين، الا انها اكثر من اى مؤسسة اخرى ليس لها اى مصلحة فى ان تتحمل مخاطر هذا الوضع، وتعيش فى ظل تهديدات ومخاطر امنية طول الوقت، وتتورط فى مواجهات مستمرة مع كافة أشكال المعارضة المصرية السلمى منها والعنيف التى ستسعى بكل السبل والطرق الى اسقاط هذا الحكم الفردى المؤبد.
ان وزارة الداخلية تستطيع هى الاخرى ان تحتفظ بكل امتيازاتها ونفوذها وهيبتها، فى ظل تداول لكرسى الحكم وتغير للرؤساء وتعددهم.
***
وكذلك اجهزة المخابرات والأمن القومى التى ستواجه مزيدا من الصعاب والتحديات والاختراقات نتيجة زيادة أنشطة الاستخبارات الاجنبية التى دائما ما تتعيش وتقتات على الغضب العميق والمكتوم فى ظل انظمة الحكم الديكتاتورية المؤبدة التى لا تترك لشعوبها اى أمل فى المستقبل، مما يدفع بعض حركات المعارضة للدعم الخارجى والاستقواء بالخارج.
***
فاذا أضفنا هذه المؤسسات الى جموع الشعب المصرى بكافة طبقاته وفئاته وطاقاته الفكرية وقواه وحركاته الوطنية والسياسية، فسنجد ان الكل فى مصر خسران، فيما عدا رجل واحد ومن حوله من بطانة قليلة مهما زادت فستكون محدودة العدد.
***
وليقل لنا أى من رجال الدولة أو خبرائها الاستراتيجيون: ما هى الفوائد التى عادت على القوات المسلحة من استمرار مبارك فى الحكم كل هذه المدة؟ او تلك التى نالتها الشرطة التى دفعت أثماناً فادحة من هيبتها وسطوتها نتيجة ثورة يناير التى تفجرت ضد مشروعات التمديد لمبارك او التوريث لجمال؟ او القضاء التى شهد اضطرابا شديدا وتدخلا سافرا فى شئونه ودوائره واحكامه بذريعة فرض النظام وانقاذ مصر من الفوضى؟ او الأمن القومى الذى كان فى مهب الريح؟
وما الذى حدث لكل قادة مؤسسات مبارك بعد الثورة؟
***
اذا كان ذلك كذلك فلماذا يقبل كل هؤلاء المشاركة فى مهزلة دستورية سيكونون هم اول ضحاياها؟
ولماذا يدعمون ترتيبات وسياسات ستعمل ضد مصالحهم وضد استقرارهم على المدي المتوسط والبعيد؟ بل ربما أقرب من ذلك بكثير.
*****
القاهرة فى 8 فبراير 2019

زهير كمال يكتب: التطبيق العملي لصفقة القرن

في تصريح لافت للانتباه قال محمود عباس إنه لا يريد أن ينهي حياته خائناً إذا وافق على صفقة القرن. وتصريح كهذا يثير الدهشة فعلاً ويطرح تساؤلاً عن تعريف الخيانة.
لا نعرف ماذا نسمي قتل واعتقال وتسليم المقاومين الى الاحتلال الإسرائيلي.
وهذا غيض من فيض من ممارسات غير مفهومة مارسها الرجل منذ اتفاق أوسلو وأدت الى السماح للمستوطنين بزيادة أعدادهم أضعافاً مضاعفة في الضفة الغربية بحيث أصبحت مثل قطعة الجبنة الفرنسية المليئة بالفقاقيع.
ولكن لن نلوم محمود عباس على تخاذل بعض الأنظمة العربية التي تسارع الى إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني تحت مظلة أن الفلسطينيين يقيمون هذه العلاقة وينسقون معها.
كثير من المحللين حلل صفقة القرن ونظّر لمحتوياتها.
علمياً عندما تصادف مشكلة معقدة فان أفضل عمل تقوم به هو تقسيم المشكلة الى عدة أقسام ومحاولة إيجاد حل لكل قسم على حدة، ويبدو أن ترامب وإدارته اهتدوا الى هذا الموضوع ويريدون تطبيقه على القضية الفلسطينية خدمة لإسرائيل.
يندرج تبسيط وتفكيك القضية الفلسطينية على النحو التالي:
1. اللاجئين : ينبغي توطينهم في بلاد اللجوء الموجودين فيها، هناك مشكلة وجود الأونروا وهي هيئة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المنبثقة عن الأمم المتحدة، وهذه الهيئة تشكل عامل توحيد لفلسطينيي الشتات، فهي تضعهم تحت مظلة واحدة، وأفضل حل هو إنهاء وجودها، وقد قامت أمريكا بسحب التمويل السنوي لها ولم يتبرع أحد من العرب الأثرياء لتعويض النقص رغم أنه مبلغ ضئيل ولكن من الذي يهتم بحياة عدة ملايين من البشر.
2. الدولة الفلسطينية المقترحة في اتفاقات أوسلو: وهذه الدولة مكونة من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عاصمة لها، وبما أنه ليس هناك أعطيات مجانية في السياسة الدولية فمن الأفضل تفكيك وإنهاء هذا الوضع عن طريق:
أولاً: حل مشكلة العاصمة المقترحة باعتراف الولايات المتحدة بقدس موحدة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقد تم تنفيذ هذا الجزء بنجاح والاعتراضات التي قام بها الفلسطينيون والعرب مقبولة وتحت السيطرة الأمريكية.
ثانياً: فصل الضفة الغربية عن غزة، وتصبح عندنا هنا مشكلتان صغيرتان، مشكلة اسمها الضفة الغربية ومشكلة أخرى اسمها غزة وينبغي حل كل مشكلة على انفراد، ففي الضفة الغربية ينبغي على الفلسطينين المتواجدين فيها القبول بالاستيطان الإسرائيلي فيها ولا بأس من إعطائهم بعض الكانتونات الصغيرة في الأماكن ذات الكثافة السكانية الكبيرة، وعملياً فليس هناك من سلطة للفلسطينيين على الموارد الطبيعية أو الحدود أو غير ذلك من مقومات السيادة، وعليهم القبول بما يعرض عليهم. ( رئيس السلطة نفسه يأخذ تصريحاً من الحاكم الإسرائيلي للسفر الى خارج الضفة)، أما غزة فهناك مشكلة تواجد حركات مقاومة فيها في منطقة مكتظة بالسكان، وتقوم حركات المقاومة بالمشاغبة على إسرائيل ولكن يبقى موضوعها تحت السيطرة ولا تستطيع إحداث قفزة نوعية في توازن القوى، والزمن كفيل بإنهاء وجودها باستمرار الحصار والتجويع الذي سيتسبب بانفجار الوضع الداخلي هناك.
ورغم أن هذه العملية تحتاج الى وقت طويل في التنفيذ إلا أن الخطوات الحثيثة تسير بشكل منظم ومتواصل، وهنا يلعب محمود عباس الدور الأكبر في تنفيذ هذه المهمة، وسأترك للقارئ الحكم إذا كان ما يقوم به الرجل هو بحسن نية أو بسوء نية.
بداية يوهمنا محمود عباس بأنه يعترض على صفقة القرن ويصفها بأنها صفعة القرن ولكن ماذا يفيد الاعتراض الكلامي؟ هل يستطيع تغيير الواقع على الأرض؟
كانت البداية في حل المجلس التشريعي وهي علاقة قانونية وشعبية هامة كانت تربط الضفة بغزة، وصحيح أن محمود عباس قد عطل عمل المجلس منذ عام 2010 ليحكم منفرداً أسوة بنظرائه الحكام العرب، ولكن المجلس كان رمزاً هاماً من رموز الوحدة بين غزة والضفة.
قام ثلاثة أعضاء من حركة محمود عباس بالطلب من المحكمة الدستورية حل المجلس نظراً لانتهاء مدته، فنظرت المحكمة الى الموضوع من ناحية قانونية خالصة وقامت بتلبية الطلب، ولم تنظر المحكمة الى توقيت الطلب مثلاً والى العواقب السياسية لما تنوي عمله، ولم تعلن المحكمة عن قرارها بل أعلنه محمود عباس بنفسه ضمن جملة قرارات من بينها تقديم طلب لإلغاء اتفاق باريس التجاري مع إسرائيل، كان يريد تمرير الموضوع على أنه روتين عادي، ثم وعد بانتخابات خلال ستة أشهر ولكن هذه الانتخابات لن تأتي أبداً. يشبه ذلك اللجان التي يشكلها لامتصاص الغضب الشعبي، لجان لن تقدم تقريرها أبداً، وأصدق مثل هو لجنة التحقيق في اغتيال عرفات.
في خطوة لافتة أيضاً أقال محمود عباس ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني والمفترض أنها تمثل الضفة وغزة، وسيقوم بتاليف حكومة الفصيل الواحد، وهذا يعني الفصل النهائي بين الضفة الغربية وغزة.
وهذه هي أهم نقطة في صفقة القرن، فستشهد الأشهر والسنوات القادمة انفراد إسرائيل بالضفة الغربية، ومن بين ذلك إنهاء السلطة الفلسطينية فلم تعد بحاجة الى الدور الذي تقوم به وسيتم معاملة السكان مثل معاملة فلسطينيي الجليل الذين يطلق عليهم اسم ( عرب 1948 ) .
المشاهد الدراماتيكية المؤلمة لما يحاك للمصير الفلسطيني سببه تراخي حركة المقاومة بمختلف فصائلها عن اتخاذ موقف حاسم من محمود عباس فهي تمسك بالعصا من الوسط، فهي تشاهد الواقع الفلسطيني يسير من سيء الى أسوأ على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ثم لا تفعل شيئاً سوى همهمات بسيطة أن ما تفعله السلطة ومحمود عباس خطأ ويحثونه على التراجع عن قراراته التي يتخذها. سمعوه وهو يطلب من قواته اطلاق الرصاص وقتل من يحمل صاروخاً فسمعناهم يطلبون وقف التنسيق الأمني الذي يعتبره عباس مقدساً .
ألم يؤدّ التنسيق الأمني الى وضع المقاومين في السجون أو تسليمهم الى إسرائيل أو قتلهم بدم بارد؟ أليست أرواح زهرة شباب فلسطين غالية على فصائل المقاومة؟ وهل يكفي أن نصفهم بالشهداء على طريق المقاومة والتحرير ولا يؤخذ ثأرهم من المتسببين في استشهادهم؟
لعل الشهيد أشرف نعالوة خير مثل على مدى خطورة ما يفعله عباس والشرذمة التي تحيط به. فقد قام الشهيد بعملية فدائية ضد العدو الصهيوني، واختفى بين الجماهير مثلما تختفي السمكة في الماء، وقد كان من الممكن لأشرف الزواج وإنجاب أطفال مقاومين دون أن تستطيع أية قوة على الأرض كشف هويته أو مكانه. ولكن بهمة عملاء عباس تم اكتشاف مكان الشاب بعد أكثر من شهرين من اختفائه.
لم يأخذ أحد عبرة من الثورة الجزائرية وكيف انتصرت، فهي كانت تصفي الخونة والمتعاونين أولاً بأول دون رحمة أو شفقة، وكانت تسميهم الحركيين نسبة الى حركة مصالي الحاج، فلا صوت يعلو فوق صوت الثورة.
إن التراخي الذي نشاهده عند شعب فلسطين انعكس على الشعوب العربية التي أصابها اليأس، وما فعله عباس وسلطته قد أخر القضية الفلسطينية عشرات السنين وأعجب من هؤلاء الذين ما زالوا يأملون ويطالبونه بتغيير مواقفه.

05 فبراير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: عواقب التمديد والتعديل

بدأت فى مصر اجراءات تعديل الدستور التى أضافت التعديلات التالية:
مادة 140 فقرة أولى: ((ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز ان يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين.))
مادة انتقالية: ((يجوز لرئيس الجمهورية الحالى عقب انتهاء مدته الحالية اعادة ترشحه على النحو الوارد فى المادة 140 المعدلة من الدستور.))
***
وفيما يلى تصورى عن اهم العواقب التى ستترتب علي هذه العملية الباطلة التى اطلقها السيد عبد الفتاح السيسى ونظامه وبرلمانه من اجل تمديد فترة حكمه حتى عام 2034 تحت عنوان زائف يسمونه "تعديل الدستور":
1) ستسقط كل اسانيد أو ادعاءات الشرعية الوطنية والدستورية عن عبد الفتاح السيسى، بسبب انتهاك الدستور والردة الفجة والمبتذلة الى ما كانت عليه البلاد قبل ثورة يناير، بل الى ما هو أسوأ بكثير من عصر مبارك.
2) ستفقد الناس ما تبقى لديها من ثقة فى باقى مؤسسات الدولة التى شاركت فى هذه الجريمة الدستورية والتى تحولت جميعها الى مطية فى أيدي السيسى يتلاعب بها كيفما يشاء.
3) ستكُف الناس عن احترام القانون والقائمين على انفاذه، وستنتشر حالات انتهاكه وتحدى الشرعية والخروج عليها بعد ان قام رأس النظام نفسه بانتهاكها.
4) وستنتهي أى مصداقية للخطاب الرسمى المصرى، فهذه المرة لن يصدق أحد رواياتهم الزائفة لتمرير التعديلات، بان ليس فى مصر غيره، وان عليه ان يستمر ليكمل ما بدأه، أو ليتصدى للمخاطر، وان الدستور ليس نصا مقدسا الى آخر كل هذا الهراء.
5) وهو ما سيترتب عليه نزوع ونزوح قطاعات واسعة من المصريين الى الاستماع وتبنى روايات مواقف المعارضة المصرية فى الداخل والخارج التى دأب النظام على اتهامها بالخيانة والارهاب.
6) كما سيؤدى ذلك الى انتقال كل شريف فى مصر، يحب بلده ويحترم نفسه، الى معسكر المعارضة، ليشارك فيها ويدعمها سرا أو علانية كل حسب امكانياته.
7) ونظرا للقبضة البوليسية الباطشة التى يواجه بها السيسى كل من يعارضه، والتى ستزداد بطشا فى مواجهة كل من يرفض التمديد له، فان القوى الوطنية ستلجأ وتعود مرة اخرى الى العمل السرى والتنظيمات السرية.
8) وستضرب حالة من اليأس جموع المصريين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مدتى السيسى ورحيله، مما سيدفع كثير من الشباب الى الهجرة الى الخارج او الانزواء فى الداخل. ولكن فى ذات الوقت ستولد من اوساط الناجين من اليأس والاحباط رؤى ونظريات وجماعات وشخصيات وادوات اكثر ثورية وراديكالية.
9) وسيزدهر العنف والارهاب حيث ستستفيد الجماعات الارهابية من هذا الوضع الباطل وهذه البيئة المشتعلة وستنشط لاستقطاب مزيد من العناصر.
10) وستقوى حجج ودعوات الاستقواء بالخارج، بعد ان يتم تأبيد الحكم والحاكم واغلاق ادوات ووسائل أى تغيير وطنى مستقل.
11) بالاضافة الى ما فى ذلك من اساءة بالغة لمصر ومزيد من التشويه لصورتها ولسمعة شعبها ولسمعة كل العرب الذين يقبلون على أنفسهم حكام وانظمة حكم تنتمي للعصور الوسط.
12) وستنفتح ابواب جهنم من ضغوط ومطالب الدول الكبرى للاعتراف بشرعية هذا الوضع الباطل، وستدفع مصر من لحمها الحى فواتير واثمان فادحة مقابل هذا الاعتراف الدولى.
13) وسينهى النظام بفعلته هذه، حالة الانقسام والقطيعة الحالية بين التيارين المدنى والاسلامى التى تم فرضها على الجميع. وسيعودون للتوحد عاجلا ام آجلا للتصدى له والعمل على اسقاطه.
14) وستقوى وتسود تلك الرواية التى تنطلق من ان ما حدث فى يونيو ويوليو 2013 لم يكن سوى تدبير من قوى الثورة المضادة لاعادة انتاج النظام القديم بذات القواعد التى كان يحكمنا بها مبارك ومن قبله.
15) وهو ما سيؤدى الى انتشار التشكيك فى شرعية كل ما جرى منذ ذلك الحين من استفتاء ودستور وانتخابات رئاسية وبرلمانية.
16) وقبل ذلك وبعده، سترزح مصر لسنوات وعقود طويلة تحت مزيد من الاستبداد والتبعية والتطبيع والتحالف مع اسرائيل والخضوع لسياسات نادى باريس وتعليمات صندوق النقد الدولى ولسيطرة رؤوس الاموال الاجنبية ورجال الاعمال على المقدرات المصرية بما يعنيه كل ذلك من مزيد من الفقر والقهر والتراجع والتخلف.
17) وستتعرض حياة جيل كامل من المصريين للضياع.
*****
القاهرة فى 5 فبراير 2019

04 فبراير 2019

سيد أمين يكتب: مؤشرات سياسية مهمة للفوز القطري


الاثنين 4 فبراير 2019 17:02
بعد الفوز التاريخي لدولة قطر بكأس أسيا وما تبعه من فرحة لا تخطئها عين، ولا تغفلها فراسة طغت على قلوب الناس وطفقت على شفاههم في كل البلدان العربية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان يجب أن يكون ذلك درسا وافيا لمن يناصبون قطر العداء، بأن حب الناس لا يمكن صناعته عبر الكتائب الاليكترونية وهيئات الترفيه وتأجير الإعلاميين واختلاق الشائعات والأكاذيب وإنفاق المليارات من الدولارات، ولكن عبر الديمقراطية والسير في خدمة آمال الشعوب وتطلعاتها.
 لو كنت مكان قادة دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية ومن يليهما، لتوقفت فورا عن أسلوب المكايدة الرخيصة مع دولة قطر، وأدركت أن تلك المكايدات لم تأت لنا إلا بكل شر وأن التضامن الشعبي الخليجي والعربي والإسلامي معها يحول مكايداتنا معها إلى انتصارات، فتباعدت المسافة بشكل مرعب بين تطلعاتنا وسياساتنا وبين شعوبنا وباقي الشعب العربي بما ينذر بكارثة محققة لنا.
كان يجب أن ندرك مبكرا أننا نمضي في الطريق الخاطئ، وأننا يجب أن نلتحم بشعوبنا بدلا من الالتحام بأعدائها، ونبقي موقنين بأن التراجع عن الخطأ خير ألف مرة من الإصرار عليه، وأن نستلهم سيّر الأولين في أدب العودة عن الباطل، حينما توحد العرب المستضعفون في الأرض على اختلاف قبائلهم رغم ما بينهم من أحقاد وثارات خلف الدعوة الصادقة، فصاروا أمة عظيمة.
بقليل من الحكمة والعقل والاتزان ، كان من الممكن أن يكون هذا الفوز هو أيضا فوزا للسعودية والإمارات والبحرين ، فقط كان يجب أن يترك للشعوب في تلك الدول حق الاحتفال وإبداء السعادة والسرور مع أشقائهم في قطر والوطن العربي بدلا من أن يكتمونه في صدورهم ويفرغونه بينهم بعضهم بعضا سرا ، وقتها كانوا سيدركون ، ويدرك القاصي والداني أن هناك قيادات على مستوى المسؤولية تنأى بنفسها عن "توافه" التصرفات وسفيهها، وتدرك أن فوز دولة خليجية بكأس أسيا لكرة القدم هو أيضا فوزا لكل شعوب الخليج العربي والوطن العربي بأسره ، لكن للأسف هذا لم يحدث.

حبا في قطر أم كرها في أعدائها؟
أجزم بأن الشعب العربي في غالبيته كان سعيدا لفوز دولة قطر بالكأس حتى تخطى هذا الفوز كونه فوزا رياضيا ليكون انتصارا سياسيا كبيرا، ولكني للأمانة لا أجزم بأن ذلك كان في غالبيته حبا في قطر بقدر ما كان كرها في قيادات أعدائها وتصرفاتهم الخرقاء، واستباحتهم للدم العربي، وتحويلهم الوطن العربي لقطعة من الجحيم، عبر دعمهم للتغريب والخروج عن عوامل الانتماء للوطن والدين والقومية والثوابت الإنسانية، ودعم المؤامرات والانقلابات والتبعية للأجنبي.
فالجميع يدرك أن قطر لم تعتد على أية دولة من دول محاصريها، ولكنهم هم من حاصروها، هي لم تطرد مواطنيهم ولا حتى أساءت إليهم ولكنهم هم من فعلوا، الجميع يدرك أن قطر تعاقب لأنها رفضت الانضمام لحلف المؤامرات على الشعوب العربية، لذلك أحبها الكثيرون من أبناء الشعب العربي، ما عزز أيضا مكانتها حتى لدى داعمي الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم بأسره.
كان لفوز المنتخب القطري بكأس آسيا على أرض دولة الإمارات المحاصرة لها، دلالة ربانية كبيرة لا يجب على عاقل إن يتجاهلها، وكانت لهزيمة المنتخب الإماراتي أمامه بأربعة أهداف دلالات ربانية أكثر ثراء لا يجب أيضا أبدا أن نغفلها، فقد فازت قطر بـ "أربعة" أهداف تمثل عدد دول الحصار الأربعة من جهة وتشير أيضا إلى شارة رابعة رمز المظلومية من جهة أخرى.

أحد مؤشرين
وفي موضوع ذي صلة، فالجميع يعلم مدى حب الشعب المصري والشعوب العربية لمنتخب مصر لكرة القدم، إلا أنه بسبب الاستغلال السياسي المغرض الذي نحته السلطات في مصر أو السعودية بعد وصول منتخبا بلديهما لنهائيات كأس العالم في روسيا العام الماضي، جعل الكثيرين لا يحزنون على خسارة الفريقين هناك، فيما أبدي بعضهم الشماتة ليس في المنتخب ولكن في النظام السياسي في هاتين الدولتين.
فيما وجه المراقبون أصابع الاتهام في انحدار مستوى الفريق المصري إلى الفساد الذي جعل الانتساب إلى الفرق والأندية الكبرى شأنه كشأن أي مهنة ذات سيادة أو "لمعان" تخضع لأحكام الاحتكار والتوريث وليس القدرة والابداع، وهو الأمر الذي جعل نجم ليفربول الانجليزي محمد صلاح يكاد يكون وحيدا في الملعب ويثير تساؤلات جد مهمة هل لا يوجد لاعبين كرة قدم بين نحو المائة مليون مصري سواه، بالقطع يوجد مثله، وربما من هم أفضل منه ولكن الفساد قتل تطلعاتهم.
لقد كانت تداعيات الفوز القطري هي أحد ثلاثة مؤشرات بأن قطر تكسب الدعم الشعبي العربي، ومحاصريها يخسرون، فيما كان المؤشر الثاني هو السخط العربي والعالمي ضد الحرب في اليمن وتداعياتها، أما المؤشر الثالث فكان الفزع من قتل وتقطيع وتذويب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، حيث ارتدت دول الحصار جميعها في هاتين الجريمتين ثوب الفضيحة والفظاعة، فيما ارتدت الدولة المحَاصَرة بفوزها بكأس آسيا ثوب الانتصار.
قطر لم تسيس الرياضة ولكن محاصروها الأربعة هم من سيسوها، وارتدت عليهم تلك السياسة "حسرة"

اقرأ المقال كاملا على موقع الجزيرة نت 


31 يناير 2019

هل كان يعد الاستحمام كفراً في اوروبا؟!

صورة لاحد مواطني اوربا في نهاية القرون الوسطى


https://www.youtube.com/watch?v=TCOAszv5DlY

https://www.youtube.com/watch?v=M8m24Bnefvw


https://www.youtube.com/watch?v=iNSISrB8POg
هل كان الاستحمام في اوروبا يعد كفراً ؟!
‏- الأوروبيون كانوا كريهي الرائحة بشكل لا يطاق من شدة القذارة !
حتى أن مبعوث روسيا القيصرية وصف ملك فرنسا لويس الرابع عشر .. " رائحته أقذر من رائحة الحيوان البري " .. وكانت إحدى جواريه تدعى دي مونتيسبام تنقع نفسها في حوض من العطر حتى لا تشم رائحة الملك !
الروس أنفسهم وصفهم الرحالة أحمد بن فضلان :
" أقذر خلق الله لا يستنجون من بول ولا غائط " .. وكان القيصر الروسي بيتر يتبول على حائط القصر في حضور الناس !
الملكة ايزابيلا الأولى التي قتلت المسلمين في الأندلس لم تستحم في حياتها إلا مرتين ! ، وقامت بتدمير الحمامات الأندلسية .
الملك فيليب الثاني الاسباني منع الاستحمام مطلقا في بلاده، وابنته ايزابيل الثانية أقسمت أن لا تقوم بتغيير ملابسها الداخلية حتى الانتهاء من حصار إحدى المدن ! ، الذي استمر ثلاث سنوات ؛ وماتت بسبب ذلك !
هذا عن الملوك ، ناهيك عن العامة !
هذه العطور الفرنسية التي اشتهرت بها باريس تم اختراعها لتطغى على الرائحة النتنة ، وبسبب هذه القذارة كانت تتفشى فيهم الأمراض ؛ وكان الطاعون يأتي فيحصد نصفهم أو ثلثهم كل فترة .. وكانت أكبر المدن الأوروبية كـ"باريس" و"لندن" مثلا يصل تعداد سكانها 30 أو 40 الفا باقصى التقديرات ... بينما كانت االمدن الإسلامية تتعدى حاجز المليون .
يقول المؤرخ الفرنسي دريبار : ( نحن الأوروبيين مدينون للعرب بالحصول على أسباب الرفاه في حياتنا العامة ،فالمسلمون علمونا كيف نحافظ على نظافة أجسادنا ، إنهم كانوا عكس الأوروبيين الذين لا يغيرون ثيابهم إلا بعد أن تتسخ وتفوح منها روائح كريهة فقد بدأنا نقلدهم في خلع ثيابنا وغسلها . كان المسلمون يلبسون الملابس النظيفة الزاهية نوقد كان بعضهم يزينها بالأحجار الكريمة كالزمرد والياقوت والمرجان ، وعُرف عن قرطبة أنها كانت تزخر بحماماتها الثلاثمئة في حين كانت كنائس أوروبا ترى الاستحمام أداة كفر وخطيئة )
الفضل للرحالة المسلمين والمغتربين
ويرجع تسميه مكان الاستحمام( باث رووم) بالانجليزية الى تمجيد ذكرى محمد باث الهندي المسلم الذي علمهم في عصره الاستحمام والنظافه «الحمد لله على نعمة الإسلام»
*مذكرات الكاتب ساندور ماراي ..
وثائق رسمية من إسبانيا بين 1561 و 1761

25 يناير 2019

محمد سيف الدولة يكتب:خمسون سؤالا فى الذكرى الثامنة لثورة يناير

Seif_eldawla@hotmail.com
أسئلة النظام:
1)   هل النظام الحالى فى مصر يمثل ثورة يناير ام هو تصحيح لمسارها أم انه يقود الثورة المضادة؟
2)   وما هى طبيعة هذا النظام؟ ما هى انحيازاته الخارجية؟ هل هو تابع ام مستقل؟ وطنى وعروبى ام العكس؟ وما هى انحيازاته الداخلية والطبقية؟ من الذى يمثلهم ويحمى مصالحهم؟ هل يُصلح الاقتصاد ويقويه ام انه يضعفه ويزيد من ديونه وتبعيته؟ هل هو ناصرى ام ساداتي؟ امتداد لنظام مبارك أم يختلف عنه؟ وما هى اوجه الاختلافات؟ هل هو نظام مدنى ام عسكرى، فردى أم مؤسسى، ولأى درجة؟ هل لاستبداده أسقف وحدود ام انه استبداد مطلق؟ هل يستهدف بالفعل تثبيت الدولة ام تثبيت حكمه؟ هل يواجه الارهاب ام يوسع من حاضنته الشعبية؟ هل يحمى المسيحيين ام يستغلهم؟ هل يستمد شرعيته من الداخل ام من الخارج؟ وهكذا.
3)   من هم اصحاب المصلحة فى نظام الحكم الحالى؟ ومن هم اصحاب المصلحة فى تغييره؟
4)   ما هى المكتسبات التى حققتها ثورة يناير وتم اجهاضها فى السنوات الاخيرة؟
5)   هل أركان النظام فى مصر على قلب رجل واحد، ام أن هناك تناقضات وصراعات بين الرؤى والمصالح ومراكز القوى داخله؟ وهل بينهم صقور وحمائم؟
6)   لماذا لا يسمح النظام بذات الهامش الديمقراطى الذى سمح به مبارك؟
7)   ما هى اجندة واستراتيجية ونوايا وتحالفات عبد الفتاح السيسى ونظامه فى السنوات القادمة؟
***
اسئلة الثورة:
8)   لماذا انسحب الجميع من الميدان بعد تنحى مبارك، رغم انهم كانوا يرفعون شعارات عن اسقاط النظام كله وليس مبارك فقط؟ ولماذا لجأت كل التيارات السياسية من اسلاميين ومدنيين فى مرحلة من مراحل الثورة للتحالف والتنسيق بل والانقياد خلف مؤسسات الدولة والنظام القديم ضد شركائها الآخرين فى ميدان الثورة؟ فعلها الاخوان اولا ثم حذت حذوهم القوى المدنية فيما بعد.
9)   ما هى أهم أخطاء وخطايا من قادوا وشاركوا فى الثورة من كافة التيارات؟ وهل هناك امكانية للاعتراف والاعتذار والتصحيح؟ ولماذا لم يحدث حتى الآن؟
10)         بعد ان فشلت كل من خريطتى الطريق المتصارعتين واللتين أديتا لانقسامنا فى مارس 2011؛ خريطة الانتخابات اولا (2011ـ 2013) وخريطة الدستور أولا (2013ـ 2019)، ماذا كانت خريطة الطريق الصحيحة التى كان أجدر بنا ان نتبناها جميعا ونتوحد حولها؟
11)         اذا كان الفائز فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية2011 و 2012 هى شخصيات وقوى من التيار المدني وليس الاخوان المسلمون، هل كانت ستسمح الدولة العميقة ومؤسساتها بانتزاع السلطة من اياديها ام انها كانت ستكرر معها ما فعلته مع الاخوان؟
12)         ما هو موقف مؤسسات الدولة الثلاث؛ الجيش والشرطة والقضاء، من اى تغيير ثورى او ديمقراطى فى مصر؟ وهل يمكن ان تنجح اى ثورة، تتحالف ضدها كل هذه المؤسسات؟ وهل تعاملت معها قوى ثورة يناير بكل اطيافها بطريقة صحيحة؟ وماذا كان امامها من بدائل ممكنة؟ وكيف سيتم التعامل معها فى اى مشروع للثورة او للاصلاح او للتغيير فى المستقبل؟
13)         لماذا أيدت غالبية الاخوة المسيحيين عبد الفتاح السيسى؟ وهل يمكن ان ينجح اى نظام او تيار يلقى رفضا من الغالبية الساحقة منهم؟
14)         كيف استطاعت الدولة ان تخترق صفوف الثورة بكل هذه العناصر الامنية والانتهازية التى ادعت ثوريتها ودعمها لثورة يناير ثم انقلبت عليها فيما بعد؟
15)         وكيف سمحنا باختراق رجال الاعمال لثورتنا، وان تكون صحفهم وقنواتهم الفضائية هى المتحدثة باسم الثورة والموجهة لخطابها ومطالبها؟
***
اسئلة الخارج:
16)         هل تتقرر طبيعة ومستقبل نظام الحكم فى مصر ومن الذى يحكمها، من داخلها او من خارجها؟
17)         وما هو النظام الامثل لمصر من المنظور الامريكى والاسرائيلى والسعودى والخليجى والاوروبى؟
18)         وهل ستسمح كل هذه الاطراف الدولية والاقليمية والعربية بتغيير النظام فى مصر ضد مصالحها؟
19)         وهل الامر يتوقف على ارادتها، ام انه بمقدور القوى الوطنية المصرية المستقلة ان تفرض ارادتها ونظام الحكم الذى تريده على الجميع؟
20)         ولماذا تسابق "الجميع بدون استثناء" على اعطاء التطمينات للامريكان ومجتمعهم الدولى عن نوايا الثورة تجاه المصالح الامريكية والعلاقات مع اسرائيل؟ وبماذا أفادتنا هذه التطمينات فى نهاية المطاف؟
21)         هل الرهان على الظرف الدولى والاقليمى والدعم الامريكى فى الفترة من 2004 الى 2011 كان خيارا صحيحا ام انه كان فيه مقتل الثورات العربية وفى القلب منها الثورة المصرية؟
22)         وهل يمكن حماية حقوق الانسان فى مواجهة انظمة الحكم المستبدة بدون دعم وحماية وضغوط المنظمات الحقوقية الدولية؟
23)         ومتى نكف عن الرهان على الخارج؟
24)         وهل يمكن ان تكون هناك ثورة مصرية او عربية حقيقية لا تعادى امريكا و(اسرائيل) ولا ترفض كامب ديفيد ولا تدعم فلسطين؟
***
أسئلة الانقسام:
25)         هل يعبر الانقسام والصراع المدنى الاسلامى عن واقع ومشكلات مصر الحقيقية ام انه كان الاجدر تصنيف القوى وبناء الجبهات والتحالفات وفقا لمواقفها الوطنية والطبقية بعيدا عن الرايات الايديولوجية؛ مواقفها من التبعية وامريكا ومن اسرائيل وكامب ديفيد ومن صندوق النقد وتوزيع الثروة .. الخ؟
26)         لماذا يتفوق الاسلاميون على نظرائهم من التيارات الاخرى فى غالبية الاستحقاقات الانتخابية فى مصر وعديد من الاقطار العربية؟
27)         وهل سيستمر هذا الوضع الى ما لا نهاية؟ ام ان هناك فرصة لاعادة التوازن مستقبلا بين تيارات الامة من حيث درجات التاثير والانتشار الجماهيرى؟
28)         وهل ستسمح الاطراف النافذة فى الداخل والخارج ان تشهد مصر او اى بلد عربى حياة ديمقراطية وتداول سلمى للسلطة وانتخابات نزيهة 100%، فى حالة فوز الاسلاميين بالأغلبية مرة اخرى؟
29)         ام انه يجب الا يكون هناك مكان للإسلاميين فى اى حياة سياسية قادمة؟
30)         وفى هذه الحالة، هل يمكن اجتثاثهم تماما، هم أو غيرهم، من الحياة السياسية المصرية والعربية؟ وكيف يمكن ذلك بدون الزج بمجتمعاتنا فى دوامات من الصراعات والحروب الاهلية، او فى اضطراب وتهديد دائم للاستقرار فى أحسن الاحوال؟ ولدينا نماذج لذلك فى العراق ولبنان والجزائر وآخرين.
31)         هل الصراع والانقسام والرفض والكراهية الحالية بين التيارين المدنى والاسلامى هو وضع طبيعى نابع عن سلوك مستقل، ام انه انقسام موجه من السلطة، مع حظر تام لأى محاولات لرأبه؟
32)         وهل يمكن لتيار واحد من تيارات الامة الفكرية والسياسية الاربعة ان ينجز مشروع التغيير والتحرر والتقدم منفردا؟ ام انه لا غنى لأحدنا عن الآخر؟
33)         هل تقتصر المطالبة بالحقوق والحريات لأنصار التيارات التى ننتمى اليها فقط، ام انها يجب ان تمتد لتشمل خصومنا السياسيين ايضا؟
34)         هل سيتم الافراج عن المعتقلين الاسلاميين قريبا ام انهم سيقضون نحبهم فى السجون؟ وماذا سيكون تأثير ذلك على اجيالهم القادمة؟
***
أسئلة المستقبل:
35)         ما هى اهم التحديات أو الفرص التى تواجه قوى المعارضة الوطنية؟ هل تستطيع معارضة الداخل أن تفك الحصار المفروض عليها وتنجو من الاستهداف والمطاردة والتهديد المستمر وتشرع فى شق طريق الحقوق والحريات مرة أخرى؟ أو تستطيع معارضة الخارج ان تحافظ على استقلالها؟ وتنأى بنفسها عن اى محاور او تحالفات اقليمية أو دولية؟
36)         هل تكمن المشكلة فى العصف بالاخوان وازاحة اول رئيس مدنى منتخب؟ أم تكمن فى غدر النظام بشركائه من القوى المدنية فى 30 يونيو بعد ازاحة الاخوان؟ ام تكمن فى اجهاض ثورة يناير كلها والعصف بكل حرياتها ومكتسباتها وانحيازاتها وقواها وتياراتها؟ أم ان ثورة يناير بكل احداثها وتطوراتها وقواها وكل من شارك فيها، لم تكن سوى كارثة كادت ان تهدم الدولة المصرية كما يدعون؟
37)         وهل الهدف هو استرداد ما قبل 3 يوليو 2013 أم اشراك القوى المدنية فى الحكم مع بقاء الحظر المفروض على الاسلاميين؟ ام استعادة ظروف وأجواء يناير 2011؟ وايهم يمكن ان يكون محل اجماع من كافة قوى المعارضة اليوم؟
38)         هل يمكن فى ظل النظام الحالى ان تشهد البلاد انتخابات رئاسية او برلمانية نزيهة وعادلة تتساوى فيها فرص المكسب والخسارة للجميع؟
39)         هل يمكن استعادة الهامش الديمقراطى الذى كان قائما ايام مبارك؟
40)         هل يمكن تكرار ما حدث فى ثورة يناير؟
41)         واذا حدث فكيف نتجنب السقوط فى ذات المصير والانتهاء الى ذات المآلات؟
42)         وما الفرق بين المشهد السياسى والاقتصادى والخارجى اليوم وبين مثيله فى السنوات الاخيرة لمبارك؟
43)         ما هى اهم الافكار والاقتراحات والمشروعات والاستراتيجيات المطروحة حول كيفية التعاطى مع حالة البطش والاستبداد الحالية؟ هل هناك من مخارج قابلة للتحقيق؟
44)         وفى هذا الاطار ما هى المهمات الوطنية والسياسية "العملية" فى حدودها القصوى والدنيا لعام 2019 والسنوات القليلة التالية؟
45)         وما هى ادوات التغيير المتاحة اليوم ان وجدت؟
46)         هل لا يزال من عارضوا مبارك مثل قادة واعضاء حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير واخواتها، قادرين على تكرار التجربة ام انه تم حصارهم او كسرهم أو احتواءهم أو تحييدهم؟
47)         واذا استمر السيسى فى حكم مصر لعشرين سنة قادمة على غرار اسلافه من رؤساء وحكام مصر، فماذا ستكون طبيعة ادوار وردود افعال الحركة السياسية المصرية خلال هذه السنوات؟
48)         هل ستشهد مصر عودة مرة اخرى الى التنظيمات السرية التى تعمل خارج القانون والشرعية، كرد فعل على الاغلاق والتاميم الحالى للحياة السياسية؟
49)         هل نقر ونعترف بفشل وهزيمة ثورة يناير، ونعكف على دراسة التجربة لنتعلم من دروسها واخطائها وخطاياها، لنبدأ مرحلة جديدة بافكار واستراتيجيات وقوى جديدة؟ ام انه لا يزال بالإمكان استرداد الثورة؟
50)         ماذا يحمل جيل وشباب ثورة يناير الذى تنحصر اعماره اليوم بين 25 الى 35 عاما من مميزات وامكانيات وافكار واضافات جديدة تؤهله للنجاح فيما فشلت فيه الاجيال السابقة عليه؟
*****
القاهرة فى 25 يناير 2019

20 يناير 2019

سيد أمين يكتب: عن متعة الجهل.. ومصيبة ثورة يناير!



الأحد 20 يناير 2019 15:13
 في مثل تلك الأوقات العصيبة والكئيبة التي نعيشها، لابد أن يكون المرء منا قد نظر إلى أبنائه الصغار نظرة حزن مغلفة بالشفقة، خيفة أن يستمر في الاستبداد بهم ما استبد بنا نحن أبناء الجيل الحالي في وطننا العربي المنكوب، بعدما للأسف أورثناهم نظما ومجتمعات أكثر وضاعة وتوحشا ودموية مما نحن ورثناها عن إبائنا وأجدادنا.
لأننا بصراحة بسذاجتنا وأنانيتنا وخوفنا وانقسامنا حول توافه الأمور ومن حيث أردنا أن نبني لهم مستقبلا أفضل ونصلح لهم الطريق وننير ظلمته، استبدلنا لهم استبدادا بعبودية، ووطنا مريضا بوطن ميت، ومستقبلا مجهولا بمستقبل مفقود.
لابد للمرء حينئذ أن يغالبه الحنين إلى تلك الخوالي التي كان الأهل والجيران والناس جميعا - من يعرفونك ومن لا يعرفونك- أكثر تسامحا وتعاونا وحبا حقيقيا ، كيف كانوا يخضعون جميعا لقوانين المجتمع كالعيب والعار والعزل والتي هي أحد وأمضي عليهم من قوانين المحاكم، وكيف كانوا يتقاسمون القليل فيكفي بينهم ويفيض ، ويأكلون أردأ الطعام فيبدو أنه الأكثر لذة ، ويتحلقون حول مواقد النار في الشتاء فتذيب الفوارق بينهم ، ويتشاطرون التجارب والأحلام والعناءات والنجاحات، وكيف كان يوقر الناس بعضهم بعضا ، الصغير يوقر الكبير ، والتلميذ يوقر المعلم ، والجميع يوقرون رجل الدين ، وإذا تحدث العارف ينصت الجاهل ويقتنص فرصة المعرفة ولا يجادل بالباطل ليخلع ثوب الجهل حتى ولو كان على حساب الحقيقة كما يحدث الآن.

متعة الجهل
كان كل شيء يبدو محترما ، وكان المجتمع حينئذ مجتمعا بناء خصبا للإبداع والابتكار والإعجاز والانجاز حتى وإن كانوا أقل وعيا سياسيا، وفي تقديري – أنه بخلاف الإفساد المتعمد للمجتمع في السنوات الأخيرة عبر الإعلام الهدام والفن الهابط والنخب المزيفة - إلا أن قلة الوعي آنذاك جعلت الناس أكثر ثقة وأمانا وراحة بال ، للدرجة التي تجعلنا اليوم نكاد نحسد الجاهل الجهول على راحة باله ، ونحسد الشاعر المتنبي لأنه أدرك قبل مئات السنين ما أدركناه بأن للجهل وقلة الوعي فوائد جمة حينما قال "ذو العلم يشقى في النعيم بعلمه واخو الجهالة في الشقاوة ينعم"؟.
هذه المشاعر تنتاب الكثير ممن وصولوا إلى سن الكهولة حينما يعودون بذاكرتهم إلى أيام الصبا وريعان الشباب، وكيف أنهم كانوا في ذلك الوقت مفعمين بالجرأة والحيوية، وكانوا يظنون أنهم هم محور الكون، وهم القادرون على التأثير ليس في نظام الحكم المحلي والعربي ولكن في العالم بأسره وأن بيدهم تغييره بالطريقة التي تجعل بلدهم هي القائدة بلا منافس، تماما كما فعل أجدادنا منذ ما يقرب من سبعة ألاف سنة حضارة!
كان أمرا مخجلا حقا مع أنه كان ممتعا أيضا ، كانوا يعتقدون أنهم بصفتهم مصريين فهم أصحاب قرار التغيير فيها بلا منازع وأن هذا أمر مفروغ منه ، وكان الواحد منهم يعتقد أنه بالجد والاجتهاد يصل لأعلى المناصب، كانوا يكتبون في كراساتهم وكتبهم عبارة "من أراد المعالي سهر الليالي" ليحفزوا أنفسهم على بذل الجهد في استذكار الدروس، كانوا يعتقدون أنه لابد من وجود حكمة لا يجوز الفصح عنها في كل اختيارات السلطة ، فغباء المسؤول حكمة ، وصمته حكمة ، وفشله حكمة ، وصلاحه هو من فعل من عينوه أما فساده - إن حدث - فهو من فعل نفسه.

نار المعرفة
لكن الغشاوة عن الأعين بدأت تزول تدريجيا حتى وصلت ذروتها مع ثورة الحقيقة في 25 يناير 2011 وراحت تتكشف تماما بعد الانقلاب ، فسرعان ما تبين لنا أن ما كنا نعتبره وطنية ووعيا لم يكن إلا "غفلة" والجرأة كانت حماقة، وأن سهر الليالي في بيوت الليل ومجالس اللاهين هو الطريق الأسرع - وأحيانا الوحيد - للوصول للمعالي ، والسبعة آلاف سنة حضارة كانت "حجارة" صماء لم تترك علينا أي تأثير ايجابي، ولا قيمة لها إلا في البيع في محافل طمس التاريخ العالمية بينما ريعها يذهب إلى جيوب أساطين الفسدة ليمارسوا علينا مزيدا من البطش والتنكيل والتجهيل، واكتشف غالبية هؤلاء الكهول أنهم عاشوا بأنفسهم أجواء شخصية "سبع الليل" في فيلم "البريء".

سقوط النخب

يعتقد كل من يمتلكون البصيرة أن نظام الحكم الحالي في مصر جار على معارضيه ونكل بهم وجعل الحياة سوداء من أمامهم ومن خلفهم، لكن لو امتلكنا بصيرة أكبر لأدركنا أن من جار عليهم هذا النظام وهتك سترهم هؤلاء الذين كنا قد خدعنا بهم عقودا من الزمن ونصبوا علينا قادة مجتمع وإعلاميين وسياسيين، هؤلاء الذين بعد طول عز وتوقير الناس لهم سقطوا من أبراجهم العالية إلى قاع الجحيم، وما صراخهم الآن لدعم النظام إلا صراخ لمقاومة هذا السقوط المذري.

مصيبة يناير

فكما خدمتنا ثورة يناير أيضا فإنها ارتكبت فينا جريمة نكراء، فقد نقلتنا من طور الغيبوبة والتخدير إلى طور الوعي، في اللحظة التي كنا نحن فيها في عزم العملية الجراحية لاستئصال "العقل" من أدمغتنا للأبد حتى لا نتألم ولو قليلا مجددا حزنا على المصائب التي تصيبنا، فأعادت لنا الأحاسيس بينما كنا نرفل في اللاوعي ونستمتع بالجهل ونهلل للمهلكة.
ثورة يناير هى من جعلتنا نري ما يلطخ ثيابنا عارا وليس فخارا كما كنا نتصور، هي من أخبرتنا أننا في ذيل الأمم وكنا نعتقد في أنفسنا الريادة، أعادت إلينا حاسة التمييز بين الغث والسمين والتي فقدناها بعد أن تم تزييف جميع حواسنا.
سامحك الله يا ثورة يناير.. لماذا اخرجتنا من طور الغيبوبة لتلقي بنا في هذا الجحيم؟

لقراءة المقال انقر على الجزيرة نت


16 يناير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: هذا المديح الصهيونى الصادم


Seif_eldawla@hotmail.com
((ان العالم بحاجة إلى الاستماع إلى الرئيس السيسي بعناية ... يجب تنفيذ خطة نجاحه في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله، بل على مستوى العالم.))
***
هذا بعض ما ورد من مديح لرئيس الدولة المصرية فى مقال بجريدة الجيروزاليم بوست فى التاسع من يناير 2019.
من يقرأه يتصور لأول وهلة انه بصدد بيانا صادرا من احدى الجهات الرسمية المصرية مثل هيئة الاستعلامات او المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية او وزارة الخارجية.
ولكنه يصدم حين يكتشف انه لاحد الكتاب الصحفيين الامريكان الصهاينة المتطرفيين؛ انه مايك ايفانز الذى يعرف نفسه بانه امريكى مسيحى صهيونى ومؤسس لمتحف أصدقاء صهيون في القدس، الذي ترأسه شمعون بيريز. ورابط المقال هنا.
ينتقد الكاتب فيه بشدة برنامج 60 دقيقة فيما نشره من مقابلته مع الرئيس المصرى فى قناة CBS ويدافع بشراسة عن السيسى ويشبهه بشاه ايران بالنسبة الى الأمريكان.
يقول فى مقاله:
((لم يوجد اى رئيس مصرى يدعم اسرائيل بقوة مثل الرئيس عبد الفتاح السيسى. انه واسرائيل يقاتلان داعش معا فى سيناء. وفى لقاءاتي معه دائما ما كان يتحدث عن نتنياهو بشكل ايجابى. كما انه لم يكن هناك ابدا اى رئيس آخر يدعم الولايات المتحدة أفضل منه. لقد حقق الاستقرار والامن فى مصر........
((ان الانتصار فى المعارك الايديولوجية ليس مسألة سهلة، فشلت امريكا فيها فى افغانستان والعراق، وكذلك اسرائيل فرغم كل ما حققته من نجاحات فانها لم تكسب ابدا اى معركة ايديولوجية.
لقد خاضت مصر مثل هذه الحرب وفازت بها. العالم بحاجة إلى الاستماع إلى الرئيس السيسي بعناية ... يجب تنفيذ خطة نجاحه في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله، بل على مستوى العالم.))
***
·لا أعلم لماذا لا ينزعج السيسى ومؤسسات الدولة من مثل هذه الكتابات والتصريحات التى تصدر من قادة وكتاب صهاينة واسرائيليين؟ فكل شكر او مديح يصدر من مثل هؤلاء، يمثل طعنا ويزرع شكوكا لدى الراى العام المصرى والعربى فى وطنية الممدوح.
·والمشكلة بالطبع لا تكمن فى مقال هنا او هناك، وانما فى تعدد وتكرار وتواصل التصريحات التى صدرت على امتداد السنوات الماضية من جهات اسرائيلية متعددة حول تقديرهم الكبير للرئيس عبد الفتاح السيسى وارتياحهم لما وصلت اليه العلاقات المصرية الاسرائيلية فى عهده من تقارب وتنسيق بل وتحالف غير مسبوق.
·بالاضافة بطبيعة الحال الى ما يرصده المراقبون من مواقف وتصريحات وسياسات مصرية فعلية على الارض تؤكد هذا التقارب وتفسر هذا الرضا والتقدير والمديح الاسرائيلى.
·وتزداد الصدمة لدى الراى العام الوطنى، فى ظل الظروف الحالية التى يشاهدون فيها الاعتراف الامريكى بالقدس عاصمة لاسرائيل، واحتلال (اسرائيل) لمزيد من الاراضى الفلسطينية كل يوم، وأعمال القتل والاعتقال والاستهداف المستمرة لمئات الفلسطينيين، والاقتحامات المتكررة من المستوطنين اليهود للحرم القدسى الشريف...الخ.
***
قد تبدو اليوم الحركة الوطنية المصرية عاجزة عن التعبير عن عدائها العميق (لاسرائيل) وعن رفضها التام لما يجرى على قدم وساق من تطبيع ودفء وتقارب غير مسبوق معها، ولكنها بالتأكيد لن تظل هكذا الى الابد.
*****
القاهرة فى 16 يناير 2019

14 يناير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: عنكبوت التطبيع المصرى الاسرائيلى


لا أشك لحظة فى ان هناك جهودا مكثفة تجرى على قدم وساق فى السنوات القليلة الماضية لتوريط مصر فى شبكة مركبة من الارتباطات والالتزامات والاتفاقيات والترتيبات مع (اسرائيل)، يتم نسجها بدأب واحكام كخيوط العنكبوت، بحيث يصبح الفكاك منها شديد الصعوبة اذا تغير النظام فى مصر فى يوم من الايام واراد الانقلاب على (اسرائيل) والتحرر منها.

***
فلقد تأسس فى مصر اليوم 14 يناير 2019 منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) الذى يضم (اسرائيل) ومصر مع دول اخرى بحضور وزير الطاقة الاسرائيلى، ليتمادى السيسى اكثر وأكثر فى تقاربه وتطبيعه مع (اسرائيل) والعمل على تحقيق حلمها فى الاندماج مع دول المنطقة، فى اعتراف ومباركة وشرعنة لقيامها بسرقة واغتصاب الغاز الفلسطينى فى الارض المحتلة. وليضيف تنسيقا وتحالفا مصريا اسرائيليا استراتيجيا جديدا فى مجال الغاز والطاقة الى جانب منظومة التطبيع المصرى الاسرائيلى المتصاعدة:
·تنسيق امنى وعسكرى غير مسبوق فى سيناء، تعترف به مصر رسميا وتتفاخر وتتاجر به (اسرائيل) دوليا.
·توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز مع (اسرائيل) فى فبراير 2018 قال عنها نتنياهو هذا هو يوم عيد.

·لتضاف الى اتفاقيات الكويز التى صنعت شراكات ومنتجات مصرية اسرائيلية تصدر لللاسواق الامريكية.
·تبادل الزيارات العانية والسرية على اعلى المستويات.
·مشروع ناتو عربى اسرائيلى لمواجهة ايران، تتبناه ادارة ترامب وروج له وزير الخارجية الامريكية فى زيارته الاخيرة لمصر.
· اطلاق حرية السفارة الاسرائيلية فى الظهور العلنى لاول مرة والاحتفال فى وسط القاهرة وبالقرب من ميدان التحرير فى فندق ريتز كارلتون، بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين التى يسمونه فى القاموس الاسرائيلى بعيد الاستقلال.
·تصريحات نتنياهو التى لا تتوقف عن ان هناك تحالفات قوية مع مصر ودوّل عربية اخرى، أهم وأكبر من فلسطين وقضيتها.
·توظيف معبر رفح والحصار للضغط على غزة فى اتجاه التهدئة وفقا للشروط الاسرائيلية.
·امتناع رسمى مصرى عن اى نقد او ادانة للقرار الامريكى باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل، بل على العكس احتفاء واشادة مصرية دائمة بالعلاقات مع امريكا و(اسرائيل) بدون اى اشارة او ربط بالقضية والحقوق الفلسطينية.
·توحيد الخطاب الرسمى المصرى مع الخطابين الامريكى والاسرائيلى حول طبيعة الاولويات والمخاطر المشتركة التى تهدد الجميع.
·فرض حظر ورقابة اعلامية صارمة على اى نقد للتقارب الرسمى مع (اسرائيل).
·فرض حظر حديدى على اى حراك سياسى او شعبى مناصر لفلسطين او مناهض لاسرائيل.
·والقائمة تطول.
*****
القاهرة فى 14 يناير 2019

11 يناير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: لا لهذا الحلف الامريكى العربى الصهيونى

Seif_eldawla@hotmail.com
فى محاضرته الوقحة فى الجامعة الامريكية بالقاهرة فى 10 يناير 2019 قال "بومبيو" وزير الخارجية الامريكية انهم بصدد تشكيل تحالف جديد يضم مصر والاردن ودوّل الخليج لمواجهة ايران. ودعى شعوب المنطقة الى التخلص من عداءات الماضى والتوحد فى مواجهة المخاطر المشتركة، وبمعنى أوضح دعاهم الى الخروج من الصراع العربى الاسرائيلى الى التضامن العربى الاسرائيلى فى مواجهة ايران.
انه ذات المشروع الذى تبنته ادارة ترامب منذ البداية وتم الاعلان عنه اول مرة فى الورقة التى أعدها الجنرال "مايكل فلين" مستشار الامن القومى المستقيل وآخرين، والتى تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم ((منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر)) لتكون بمثابة حلف عسكرى جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضوية مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها (اسرائيل) صفة المراقب، وتكون لها ثلاثة أهداف محددة هى القضاء على داعش، ومواجهة ايران، والتصدى للإسلام المتطرف. وهى بمثابة إتفاقية دفاع مشترك، يكون الإعتداء على أى دولة عضوا فى المعاهدة، بمثابة إعتداء على الدول الأعضاء جميعاً، كما ورد بالنص فى الورقة المذكورة.
***
ان على كافة القوى الوطنية فى مصر وكل الدول العربية ان تعلن رفضها ومقاومتها لهذا الحلف الامريكى العربى الصهيونى الجديد ورفضها المشاركة فيه او الالتحاق به لعديد من الأسباب التى تندرج كلها تحت باب البديهيات والثوابت الوطنية:
1) ان الاحلاف الامريكية ليست سوى حملات استعمارية متتالية ومتجددة لم ينالنا منها على امتداد ما يزيد عن نصف قرن سوى مزيد من الاحتلال والتبعية والضعف والنهب والدمار والخراب. وفى كل مرة كانت هناك ذريعة زائفة وباطلة ومضللة لشرعنة وتحليل هذه الحملات؛ مرة لملء الفراغ البريطانى الفرنسى بعد الحرب العالمية الثانية، ومرة لمواجهة الخطر الشيوعى، ومرة لتحرير الكويت، ومرة لتدمير اسلحة الدمار الشامل ونشر الديمقراطية، ومرة لمواجهة داعش واليوم لمواجهة ايران.
2) كما ان تحرير الارض العربية المحتلة من الكيان الصهيونى سيظل هو المعركة الرئيسية للامة العربية والا فلا امل لها فى الاستقلال أو التقدم أو الوحدة. اما إيران وتركيا فهى امم جارة وشقيقة منذ قديم الى الازل والى ما شاء الله، لن ترحل او تغادر الى اى مكان، وايا كانت التناقضات او الخلافات بين شعوبها فيتوجب ان يتم تناولها وحلها على قاعدة الجيرة والتعاون والتعايش السلمى.
3) وحتى حين تدهور العلاقات العربية مع ايران او تركيا وتصل الى درجة الحروب والصراعات العسكرية، فيجب ان يكون ذلك باجندات عربية وطنية وليس باجندات امريكية او اسرائيلية.
4) كما انه لا مصلحة لمصر أو لاى بلد عربى أو لاى بلد فى العالم فى ان يدعم الولايات المتحدة فى حصارها لأى دولة، كائنة من كانت، لانه بذلك يساعد على ترسيخ قاعدة امبريالية خطيرة وعدوانية وهى ان من حق الأمريكان ان يسقطوا اى نظام يناهض سياساتهم فى العالم. وبالتالى فانه فى اللحظة التى نبايع فيها حصار الامريكان للعراق او ايران او كوريا الشمالية او كوبا او فنزويلا ..الخ، فاننا نضع انفسنا نحن ايضا فى مرمى نيرانهم فيما لو أرادوا ذلك.
5) كما ان الموقف الصحيح من المنظور الوطنى والعربى تجاه الملف والاتفاق النووى الايرانى، هو رفض الحظر المفروض علينا جميعا فى امتلاك مشروعنا النووى مع استثناء (اسرائيل). وبمعنى آخر ماذا اذا كانت مصر هى الدولة صاحبة البرنامج النووى، وتعرضت لمثل هذه الضغوط الامريكية والاسرائيلية للتخلى عنه، هل سيكون من حق ايران وتركيا ان تلتحق بحلف امريكى عسكرى لمواجهة المشروع النووى المصرى؟
6) ولقد اعلنت مصر الرسمية ان حرب 1973 هى آخر الحروب، ودفعت من استقلالها الكثير ثمنا لذلك، كما دفعت فلسطين وكل العرب اثمانا فادحة لهذا الانسحاب المصرى، فبأى مصلحة او منطق تعود اليوم لتنخرط فى مغامرات عسكرية جديدة تحت القيادة الامريكية والاسرائيلية، لتخوض معارك ليس لنا فيها ناقة او جمل، بل هى ضد مصالحنا وامننا القومى على طول الخط.
7) ناهيك على ضرورة التصدى والوقوف ضد جرثومة الصراعات والحروب الطائفية والمذهبية فى المنطقة التى اخترقت المنطقة منذ سنوات طويلة لتفتيتها وتشتيتها عن معاركها الرئيسة ضد الغزو الامريكى والاحتلال الصهيونى.
8) والحقيقة ان مشكلة السعودية ودوّل الخليج ليست مع ايران، وانما مشكلتها الحقيقية فى انها دول ودويلات وإمارات وأنظمة وعائلات حاكمة غير قابلة للحياة الا فى ظل الحماية الاجنبية، وبالتالى ستظل دائما وأبداً اداة طيعة فى ايدى الامريكان لإدارة وتفجير الصراعات والحروب الاهلية والحروب بالوكالة فى بلادنا، ولقد آن الاوان لان نتوقف عن السير فى ركابها والا اوردتنا موارد الهلاك.
*****
القاهرة فى 11 يناير 2019

09 يناير 2019

محمد سيف الدولة يكتب: لماذا يبالغ السيسى فى قوة الامريكان؟


"ان امريكا مسئولة عن الامن فى العالم".
وردت هذه الجملة على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حديثه مع برنامج ٦٠ دقيقة فى معرض إجابته على سؤال المذيع عن لماذا يجب على الشعب الامريكى الاستمرار فى الاستثمار فى حكومتك؟
فكان رده بالنص: ((لانهم يستثمرون فى الامن والاستقرار فى المنطقة، والولايات المتحدة مسئولة عن الامن حول العالم))
***
كان هذا هو أكثر ما ازعجنى فى حواره المذاع مع قناة CBS، وليس تصريحاته حول عمق العلاقات المصرية الاسرائيلية فهى حقائق ثابتة ومعلومة وموثقة منذ فترة طويلة.
·اما الكلام عن مسئولية الامريكان عن الامن فى كل العالم فهو كلام لا يصح ان يصدر من اى رئيس دولة فى العالم حتى لو كان يعبر عن الحقيقة.
·فالمسئول رسميا عن السلم والامن الدوليين هو مجلس الامن بالأمم المتحدة والذي تتحكم فى قراراته كما هو معلوم للجميع خمس دول كبرى وليس الولايات المتحدة وحدها. وهو الوضع الذى ترفضه عديد من دول العالم مطالبة بإلغاء هذا الامتياز لدول الفيتو، وبالمساواة بين كل دول العالم بدون تمييز.
·فيأتى رئيس الدولة المصرية التى كانت فى يوم من الأيام راس حربة فى تأسيس حركة عدم الانحياز، ليقر ويعترف للامريكان بانهم الدولة المسئولة عن امن العالم!
·كما ان العكس هو الصحيح على طول الخط، فالولايات المتحدة الامريكية هى الدولة الأكثر تهديدا وأضرارا بأمن واستقرار غالبية دول العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ناهيك على انها الدولة الأكثر عداء واعتداء على المصالح المصرية والعربية وعلى أمننا القومى، وقصتها معنا منذ ١٩٦٧ وأثناء حرب ١٩٧٣ وبعدها لا تزال محفوظة ومحفورة فى ذاكرة المصريين. ونهبها لثرواتنا وغزوها للعراق وافعانستان وقواعدها وعربدتها العسكرية فى المنطقة محل رفض من كل الشعوب العربية.
·وبعيدا عن الامم المتحدة ومجلس الامن، فان الواقع الحالى فى الساحة الدولية ينفى تماما احتكار الولايات المتحدة لزعامة العالم اليوم، فبجانب روسيا والصين والاتحاد الاوروبى، هناك عديد من دول العالم المستقلة عن الولايات المتحدة والمناهضة لسياساتها فى دوائرها الاقليمية.
·ان كافة التيارات الوطنية فى الدول النامية تجمع على رفض ومقاومة العولمة الامريكية التى تسعى الى عبور الحدود واضعاف الدولة القومية وانتهاك سيادتها الوطنية.
·كما ان فى الاعتراف والقبول بان امريكا هى المسئولة عن الامن فى العالم، دعوة ومباركة لتدخلها فى الشئون الداخلية لمصر والمنطقة وباقى دول العالم، وقبول لسياساتها وقراراتها المعادية والمعتدية على الحقوق العربية والفلسطينية، وآخرها الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وتأييدا لحقها فى الدعم اللامتناهى لاسرائيل والحفاظ على امنها. كما ان فيه انحيازا وخضوعا كاملا للامريكان، وتهميش واستخفاف واهانة لباقى الدول الكبرى الصديقة فى العالم كروسيا والصين.
·والغريب انه يلقى بكل ثقله ورهاناته على دور الامريكان فى العالم، فى الوقت الذى لا يكل ولا يمل فيه الرئيس الامريكى من تكرار ان "امريكا اولا"، كما انه لم يكف منذ تولى منصبه عن تهديد ومطالبة دول المنطقة بدفع مزيد من الاتاوات ان هى ارادت استمرار امريكا فى حماية انظمتها وحكامها من السقوط.
***
لم تكن هذه هى المرة الاولى التى يعرب فيها الرئيس المصرى عن مكنون نفسه تجاه الولايات المتحدة، فلقد اتخذ كثيرا من المواقف والسياسات التى تعكس انحيازاته التامة للامريكان ورهاناته عليهم، منها على سبيل المثال وليس الحصر:
·تعليماته الى البعثة المصرية فى الامم المتحدة فى ديسمبر 2016 بسحب قرار ادانة المستوطنات الاسرائيلية من مجلس الامن بعد مكالمة تليفونية من ترامب تطالبه بذلك.
·نداءه الى الرئيس الامريكى فيما يشبه الاستنجاد بعد جريمة الاعتداء الارهابى على حافلات الاخوة الاقباط فى المنيا فى 26 مايو 2017. شاهد نداءه هنا
·وتصريحاته فى لقائه مع ترامب فى البيت الابيض 3 ابريل 2017 الذى قال فيه ((اعجابى الشديد بشخصية الرئيس المتفردة .. ستجدنى انا ومصر بجانبك بكل قوة وكل وضوح لمواجهة الارهاب والقضاء عليه .. ستجدنى داعم وبشدة لكل الجهود التى ستبذل لصفقة القرن التى انا متاكد ان فخامة الرئيس هيستطيع انه ينجزها)) الرابط من هنا
·وكلماته فى لقائه بالرئيس ترامب فى الرياض فى 21 مايو 2017 الذى قال فيه ان لترامب شخصية متفردة قادرة على صنع المستحيل. شاهد اللقاء من هنا
· ومن قبل قوله فى حديثه مع قناة CNN فى سبتمبر 2015 انه "لا يوجد جيش على وجه الارض يستطيع ان يواجه الجيش الامريكى". فى سياق حديثه عن مواجهة الجماعات الارهابية.
·واخيرا وليس آخرا تلك الصورة المهينة والجارحة التى كان قد تم التقاطها فى البيت الابيض فى ابريل 2017والتى ستظل محفورة فى ذاكرة الجميع وستتحول الى رمز فج وكريه للتبعية المصرية للولايات المتحدة الامريكية، حين قبل أن يقف مع جموع الواقفين خلف ترامب الذى انفرد وحده بالجلوس.
***
لقد اعطى السادات بعد حرب اكتوبر 99 % من أوراق الصراع العربى الصهيونى للامريكان.
وها هو خليفته وتلميذه النجيب عبد الفتاح السيسى يؤكد على ذات المعنى، ليس فقط فى مصر أو المنطقة، بل فى العالم أجمع.
*****
القاهرة فى 8 يناير 2019

05 يناير 2019

ألا في الفتنة سقطوا: من يساعد إسرائيل في الصراع المذهبي؟

في القرآن الكريم أية معبّرة ، عن حال أمّتنا اليوم (2018) ، كثيراً ما أتوقّف أمامها ، متأمّلاً دلالاتها وخاصة أنها نزلت في المنافقين من المنتسبين إلى الإسلام وكان بعضهم يحيط بالنبي(ص) ، مدّعياً أنه صحابي جليل ، وهو ليس سوى منافق عتيد ، فنزلت عدّة أيات لتكشفهم وتفضح نفاقهم ودورهم التخريبي في دولة الإسلام الناشئة ، ومنها هذه الآية الكريمة من سورة التوبة والتي يقول فيها الله جلّ جلاله (ومنهم مَن يقول إئذن لي ولاتفتني ،ألا في الفتنة سقطوا ، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين _الآية 49 ). 
اليوم ونحن نتأمّل سياسات ومواقف بعض الدول العربية تجاه قضايا الأمّة ، وبخاصة قضية فلسطين، وكيف ساهم حكّام تلك الدول في تضييعها، بل وكيف شاركوا العدو الرئيسي للأمّة، العدو الصهيوني في إشعال نيران الفتن والحروب المذهبية والسياسية، ساعتها نكتشف أن تلك الآية الكريمة نزلت فيهم ، تماماً مثلما نزلت في أجدادهم السابقين، في عهد النبي وصحابته المُنتجبين، ولعلّ نماذج بعض دولنا العربية ومنها السعودية منذ تأسيسها (1932) وحتى اليوم (2018).
خير مثال على أولئك الذين نعتهم القرآن الكريم بقوله (ألافي الفتنة سقطوا)، بل هم لم يكتفوا بالسقوط فحسب، بل قاموا بتقاسم تلك القتن، صناعة وترويجاً وتوظيفاً مع الكيان الصهيوني خدمة لاستراتيجية أميركية واحدة كليهما يعمل فيها، هذا الأمر يدفعنا إلى التعمّق في النظر قليلاً، لنكتشف أن أحد أبرز القواسم المشتركة بين تلك الدول والكيان الصهيوني ، هو نشر الفتن المذهبية والطائفية بين أبناء المنطقة ولعلّ ما قامت به منظومة الخليج العربي ومعها إسرائيل وأميركا في ليبيا وسوريا والعراق والآن في اليمن ، خلال سنوات الربيع الزائف هذا، ما يؤكّد ذلك ، ويضاف إليه أن سلوك تلك الدول يتّسم بالعنصرية والمذهبية المُتعّصبة.
هذا ويحدّثنا التاريخ علي سبيل المثال أن كل من الكيان السعودي والكيان الصهيوني تميّز بالعنصرية ليس فحسب تجاه المنطقة العربية والإسلامية المحيطة بهم، خاصة تجاه إيران الدولة والثورة، بل امتد الأمر إلى أطراف فى داخل الكيانين، فنجد في الداخل الإسرائيلي على سبيل المثال تمايزاً بين اليهود أنفسهم حيث يتصدّر يهود أوروبا المقام الأول لأنهم القلّة المختارة والصفوة صاحبة المشروع منذ بدايته ويأتي اليهود ذو الأصول الشرقية و"الفالاشا" وحتى اليهود الروس القادمون بعد إتمام المشروع في مراتب متدنيّة، ويشكّل هؤلاء حلقات تعاني من التمييز والدونيّة التي تعبّر عن ذاتها في الإقصاء والابتعاد عن دوائر صنع القرار السياسي والاقتصادي.
ويبقى عرب 1948 داخل الخط الأخضر نموذجاً صارخاً على عنصرية الكيان الصهيوني وطائفيته وتمييزه على أساس العرق والدين ، ولعلّ ما جرى مؤخراً من تمييز فاضح ضدّ الدروز الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية ما يؤكّد تلك النزعة العنصرية تجاه مكوّنات هذا الكيان من غير اليهود ، والذي كرّسه أكثر قانون يهودية الدولة والذي أصدراته إسرائيل في شهر تموز/ يوليو 2018 ، وأثار في حينها ردود فعل واسعة .
أمّا بالنسبة للكيان السعودي فهو ليس كما يبدو على السطح مملكة هادئة ومُتجانسة، بل مملكة مُتصارِعة الهويات ومُعادية لأبناء المذاهب الأخرى وخاصة المذهب الشيعي، والشواهد عديدة والتي آن للحكّام في تلك البلاد الاتنباه لخطرها وارتداداتها المستقبلية على وحدة وتماسك المجتمع وإلا يسيروا على ذات النهج الصهيوني في التعامل مع طوائف المجتمع الأخرى .
إن هذا التشابه في العنصرية المذهبية وروحية العداء للمذاهب والطوائف الأخرى هو الرابط المشترك للأسف بين عدد من الدول العربية والكيان الصهيوني، ولقد زاده حدّة وقسوة، نتيجة سيطرة بعضها على مقدّسات المسلمين، حيث أولى القبلتين في القدس بفلسطين، تحت قبضة الاحتلال الصهيوني منذ العام 1948، وحيث مكّة والمدينة في أرض الجزيرة العربية، تحت حكم آل سعود منذ العام 1932، هذه السيطرة أعطت البُعد المذهبي في الصراع بالمنطقة، زخماً أكبر، وساهمت في حَرف البوصلة ردحاً من الزمن بعيداً عن القضايا الرئيسية للأمّة وفي مقدّمها قضية فلسطين.
ونحسب أن هذا الصراع المذهبي المُفتَعل سيستمر، إلا إذا استفاق العرب والمسلمون على حقيقة أن العدو الوحيد والمشترك، والمستفيد من هكذا صراع هو فقط العدو الصهيوني، وأن أية علاقات أو تطبيع معه ، أو أية مساندة له في الصراع السياسي والمذهبي، سوف تنقلب وبالاً على الأمّة كلها، وفي مقدّمها تلك الدول التي تطبّع معه وتسانده لان الكيان الصهيوني بحكم التاريخ والنشأة والوظيفة كيان عنصري، لا صديق له ولا تحالف جاد يحترمه، إلا التحالف مع أميركا ، ومن ثم على عقلاء الأمّة في تلك البلاد التي تتشارك الآن مع إسرائيل في لعبة الأمم القائمة على زرع الفتن وتوظيفها؛ عليهم أن ينتبهوا إلى مصدر الشر الأوحد في منطقتنا وعبر تاريخنا الممتد؛ العدو الصهيوني.
حفظ الله أمّتنا من مُكره ودوره وشروره .