10 نوفمبر 2014

أحمد الدريني يكتب: «مبروك يا فايزة».. بصوت مبارك

ذات مرة، كتب أحد مدرسي اللغة العربية الذين يتخذون من الحوائط مادة لإعلانهم عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية: «عقرت النساء أن يلدن مثلي»! مشفوعة برقم هاتفه والمركز الذي يقدم من خلاله خدماته التدريسية.
ولا أفهم الوجه الذي عقرت فيه النساء أن يلدن شخصا يلقنك تلقينا أن الفاعل مرفوع وأن المفعول منصوب..
فما هي الميزة الجينية التي يحملها هذا الأستاذ، ويتفرد بها بين أقرانه، وترفعه فوق مرتبة سيبويه إذا لزم الأمر؟
أتذكر هذا الإعلان الهزلي كلما تقافزت أسماء الأفاضل، الوزيرة فايزة أبو النجا والدكتور كمال الجنزوري، ومؤخرا اللواء أحمد جمال الدين.. فضلًا عن سيد مملكة الخواتم الأستاذ محمد حسنين هيكل.
لا أكن ضغينة شخصية لأي من هذه الأسماء، بل ربما أكن إعجابا بالغا بقدرتهم على العطاء (أيا كانت نوعية ودرجة وكفاءة هذا العطاء) على مدار عقود مديدة وأعمار مديدة، دون كلل أو تعب أو رغبة في التوقف أو حتى دون أي استسلام لسؤال وجودي عابر عن «جدوى» ما يفعلونه وأهميته للبشرية.. أو حتى لمصر المسكينة.
جاء تعيين الرئيس السيسي للسيدة فايزة أبو النجا مستشارًا للأمن القومي ليزيد من حيرتي الوجودية حول إكسير الحياة الذي تحتفظ به السيدة أبو النجا لنفسها، فتغري الأنظمة المتعاقبة على الاستعانة بخبراتها.
السيدة فايزة انتزعت منصبًا وزاريًا قبل 13 عامًا حين كانت وزيرة للتعاون الدولي، وظلت حاضرة في التشكيلات الوزارية رغم كل التغيرات التي طرأت على كوكب الأرض خلال هذه الأعوام الـ13.
وأتذكر بوضوح، صوت مبارك المتحشرج وهو يقول لها : مبروك يا فايزة.. بعدما أدت اليمين الوزارية في الحكومة التي تم تشكيلها أثناء ثورة يناير برئاسة الفريق أحمد شفيق، بعد استقالة حكومة نظيف.
«مبروك يا فايزة»..
لم أفهم ساعتها رغم اللحظات المرعبة التي تمر بها البلاد، ورغم الضغوط التي تكاد تطيح بمبارك وتقتلعه من منصبه، لماذا نظر مبارك إلى فايزة أبو النجا أثناء حلف اليمين وأصر على أن يهنئها: مبروك يا فايزة.
بدا لي الأمر غيبيًا أكثر منها قابلًا للفهم البشري المعتاد. فهذه السيدة تمتلك شيئًا ما يعطل النواميس لصالحها، حتى إن مبارك ينسى في حضرتها أنه على وشك مغادرة منصبه ثم يهنئها بمنصبها، والشوارع في الخلفية تهدر مطالبة برحيله هو شخصيًا!
السيدة فايزة أيًا كانت حنكتها ودرجتها العلمية، بدت عصية على التأثر بالمتغيرات الدولية والإقليمية الطاحنة، وظلت مفضلة للأنظمة السياسية المتعاقبة من وزارة نظيف لشفيق لعصام شرف، ثم هاهي تحل مستشارة للسيسي.
ولا أفهم..هل عقرت نساء مصر أن يلدن شخصًا بكفاءة فايزة أبو النجار مثلما عقرن عن ولادة مثيل لمدرس اللغة العربية إياه؟
قد تكون أبو النجا، ألمعية وخارقة الذكاء وتجيد التحرك في بعض الملفات كما لا يجيد سواها، وقد تكون صلاتها الدولية المتشعبة قادرة على فصل معارك كثيرة لصالح مصر، قد تكون أي شيء لا يدركه عقلي المحدود وتفكيري الأرعن وقدراتي المتواضعة.. لكن الخطير في الأمر هو استمراء هذه الحالة المزمنة من الإبقاء على مسؤولين بعينهم وكأن مصر خلت من البشر، لا من الكفاءات فحسب.
(2)
والحديث الآن يدور حول تجهيز الدكتور الجنزوري لتولي منصب هام هو الآخر..
فضلًا عن جلسات تقدير الموقف وإسداء النصح التي يبديها الأستاذ هيكل منذ أكثر من نصف قرن من الزمان هو الآخر، وكأن لا أحد في مصر بمقدوره فهم أي شيء غير هذه الأسماء التي احتكرت المعرفة الكلية، ويجيئها الإلهام بكرة وعشيا.
الخطير هو إدمان أنظمة الحكم على التعاون مع هؤلاء الأشخاص وكأنهم القدر المحتوم، وكأن لا سواهم بمقدوره فعل أي شيء.
ورغم أن تشخيص الحالة المصرية من أطرافها لأطرافها يعكس دولة مهلهلة مفككة الأوصال منهكة من كل الجوانب، إلا أننا نصر على الاستعانة بمن كانوا دوما جزءًا من المشكلة لا جزءًا من الحل!
(3)
الإصرار الدائم على استدعاء «خلطة العطار» التي جربها الآباء والأجداد من الأنظمة الحاكمة أمر مثير للأسف، ويعكس ارتدادًا للخلف بأكثر ما يؤسس لرغبة في الانطلاق للأمام.
ربما كانت الأسماء الواردة في هذا المقال من أكفأ من تقلدوا المناصب مطلقًا، ومن أطهرهم يدًا..
لكن في هذه الإصرار على الضغط على زر (pause) وتوقيف الزمن عند لقطات بعينها، مصادرة على طبائع الحياة نفسها، وإهدار لكفاءات كامنة ستضيع في غمار الطريق، لا محالة.
دعونا نجرب ونخطئ، دعونا نفكر بطريقة مختلفة بأشخاص مختلفين.. وحتى لو فشلنا.. دعونا نجرب طرقًا أخرى للفشل واتركوا لنا متعة التجريب والمغامرة والشعور بأن الزمن يتحرك للأمام ولم يتوقف عن نقطة بعينها.
على الأقل دعونا نشعر أن تغييرًا ولو بصريًا قد جرى في المشهد.. بدلًا من أن أنظر إلى السيسي فأرى حواليه نفس الوجوه التي كنت أراها حول مبارك مذ كنت طفلًا!
(4)
يظل يتردد في الفناء من حولي، صوت مبارك المتحشرج في آخر يمين تؤديه أمامه وزارة ما، وهو يقول: مبروك يا فايزة!
دون أن أفهم سر المباركة لهذه السيدة الحديدية التي بقيت بينما مصر تحترق خارج جدران المبنى الذي تحلف فيه القسم.

في مقبرة السيسي السعيدتصريح خطير من البرعي لـ"الفايننشال تايم"

ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية أن الخوف بدأ يتزايد في نفوس العديد من الناشطين السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان في مصر, على خلفية القوانين الصارمة المتتالية, التي تحد من أي نشاط معارض.
وفي تعليقها على قانون المنظمات غير الحكومية, الذي يبدأ سريانه في مصر, اعتبارا من 10 نوفمبر, أشارت الصحيفة في تقرير لها في 9 نوفمبر إلى أنه في أكتوبر الماضي, قامت الحكومة المصرية أيضا بتشديد المادة 78 من قانون العقوبات ، والتي تقضي بفرض عقوبة السجن مدى الحياة وغرامات كبيرة على أي شخص يتلقى تمويل أجنبي من الخارج.
ونسبت الصحيفة إلى الناشط الحقوقي المصري نجاد البرعي، قوله :"أتوقع أن أذهب إلى السجن في أي وقت، ولكن إذا كان ذلك هو ثمن دفاعي عن مبادئي والدفاع عن الآخرين، فأنا على أتم استعداد لدفع هذه الثمن".
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدأ في 5 نوفمبر جلسة لمناقشة حالة حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، وهي الجلسة التي شهدت انتقادات أوروبية حادة للقاهرة, بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، في وقت أشادت به الإمارات والبحرين.
وجاءت جلسة المراجعة ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة, التي يجريها المجلس مع كافة دول الأعضاء.
وهذه المراجعة الأولى منذ الإطاحة بمبارك، وأبرز الدول التي وجهت انتقادات حادة للسلطات المصرية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وطالبتها بضرورة تحسينه وتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين، هي ألمانيا وأستراليا والدانمارك والسويد والنمسا وسويسرا وكوستاريكا.
وقد انتقد مندوب النمسا في كلمته أمام الجلسة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة المصرية في فض الاعتصامات كما حدث في رابعة العدوية وميدان النهضة.
كما طالب بضرورة إطلاق سراح جميع الصحفيين الذين اعتقلوا أثناء أداء عملهم، مع ضرورة إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وباحترام حق التجمع وإلغاء القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا بشأن توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، وطالب أيضا "بضرورة إصدار قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بما يسمح لها بممارسة عملها دون أي تدخل حكومي".
ومن جهته, طالب مندوب سويسرا في الجلسة نفسها السلطات المصرية بتعليق عقوبة الإعدام، وقال إن على مصر احترام التزاماتها الدولية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب.
وتابع "لا بد من التأكيد على ألا يُمارس التعذيب على المحبوسين على ذمة قضايا، كما لا بد من أن تسمح السلطات المصرية لأهالي هؤلاء بزيارتهم سواء أكانوا محبوسين في أماكن احتجاز مدنية أو عسكرية".
وقد أعربت مندوبة أستراليا في كلمتها عن قلقها من القيود التي تضعها السلطات المصرية على التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والتفكير.

آندرو براون : لماذا لا أصدق من يقولون إنهم يكرهون الإسلام وليس المسلمين؟

من غير الطبيعي نفسيا الادعاء بأنك تكره أيديولوجية ما دون كره الناس الذين تعبر حياتهم عن تلك الأيديولوجية.
انتشر بين هؤلاء الذين يكرهون الإسلام أن خوفهم وبغضهم ليس عنصرية، لأن الإسلام ليس عرقا، أو كأنهم يقولون ضمنا إن كره المسلمين أمر عقلاني وحكيم في حين أن كره السود هو أمر غبي وغير عقلاني!
بعض الناس الذين يدعون أن الإسلام هو دين شرير في الأصل يقولون إنهم لا يحملون أي كراهية تجاه المسلمين، لكني لا أعتقد أنهم يقولون الحقيقة. فمن الصعب حقا ومن غير الطبيعي نفسيا أن تدعي أنك تكره أيديولوجية دون كره الناس الذين تعبر حياتهم عن تلك الأيديولوجية. الأديان والأمم والأجناس جميعها بِنىً خيالية، وإذا فكرت أنك تريد أن تستأصل شأفة دين ما فإنه يتعين عليك أن تتخيل أنك تستئصل الأشخاص الذين تعتقد أنهم يعبرون عن هذا الدين.
أتذكر ما قاله جورج بوش الابن عندما قال موضحا أن الأمريكيين ليسوا في حرب مع الشعب العراقي، ولكن مع الحكومة العراقية. منذ ذلك الحين، لقى قرابة مليون عراقي حتفهم نتيجة الحرب معهم. ربما يكون التمييز بين الحكومة والشعب مريحا لمن هم على قيد الحياة، لكنه لا يقدم نموذجا تفسيريا للتنبؤ بمن سيتم قتله!
الكراهية العرقية والدينية لديها شيء ما مشترك: إنها ليست مستوحاة من عرق أو الدين الشخص الذي يكره، لكنها تُحدد عن طريق دين أو عرق الضحية. هذا واضح للغاية في قضية معاداة السامية، والتي يمكن أن تظهر إما بشكل عنصري أو أنها كراهية دينية، أو في الواقع، كلاهما! ما هو ثابت أن معاداة السامية تنطوي على كراهية اليهود، مهما كانت الأسباب التي قُدمت لذلك. 
وبالمثل، إذا كنت تكره السود، فإنك تكرههم لأسباب عنصرية بغض النظر عن لون جلدك، وإذا كنت تكره المسلمين والكاثوليك أو المورمون، فإنك تكرههم بسبب دينهم، مهما كانت معتقداتك الخاصة. لذلك فإنه من الممكن تماما أن تكون الكراهية الدينية مدفوعة بالإلحاد، وذلك قد يكون السبب لشيوعها في العالم الحديث.
الادعاء بأن الإسلام ليس عرقا، ولذلك فمن المنطقي أن يُكره ويُخشى أصبح ادعاء مقبولا للعديدين، لأنهم يرون بأن هناك شيئا شديد الفظاعة في الكراهية بناء على العرق. لكن لا أعتقد أن هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، أنا أستطيع تفهم افتراض أن التمييز العنصري كان قبل 50 أو 60 عاما جزءا طبيعيا تماما من الحياة الانجليزية. ومن أجل تغيير ذلك، كان من الضروري وصمه بشكل مبالغ فيه، وبالتالي أصبحت العنصرية نوعا من الجذام الأخلاقي. 
لكن إذا سمحنا لأنفسنا بالمقارنة بين الجرائم التي ارتكبها ستالين أو ماو، وبين جريمة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلنطي، من حيث طموح المجرم لا من حيث المدة لكل جريمة، فلا يمكن لأحد القول إنهم معذورون، لأن الطغاة الملحدين الأفظع في التاريخ لم يكونوا عنصريين!
ستالين وماو لو كانا هنا لأيدا ما كتبه سام هاريس عندما قال إن “هناك بعض المعتقدات الرهيبة التي من الممكن أن تبرر قتل الناس الذين يتبنونها”، سيؤيدان ذلك لأنها تدعم دفاعهما عن تعذيب السجناء.
في النهاية، موقف الناس الذين يدعون أن كراهية الإسلام أمر مختلف وأرقى من كراهية السود، هو تماما مثل آلان باتريدج وقوله إنه على الأقل ليس ديفيد برينت!

09 نوفمبر 2014

موقع "عربي21" ينشر صورة للطائرة الاماراتية المحملة بالسلاح والتى احتجزها ثوار ليبيبا

قالت مصادر مقربة من ثوار ليبيا إن طائرة إماراتية احتجزت من قبل الثوار في مطار غات جنوب البلاد، مضيفة أن طاقمها يخضع للتحقيق، بعد أن تبين أنها محملة بالذخيرة.
ويأتي احتجاز الطائرة، التي حصلت صحيفة "عربي21" على صورتها في المطار الليبي، في وقت حذرت فيه قوات فجر ليبيا الدول الإقليمية من مغبَة التدخل في شؤون الدولة الداخلية، معتبرة أن هذا التدخل سيدخل المنطقة بأكملها في صراعات لا يعرف مداها.
وطالبت "فجر ليبيا"، في البيان الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، كل "المنظمات الحقوقية والدول الصديقة بسرعة التدخل لإطلاق سراح المواطنين الليبين المحتجزين في دولة الإمارات".
وأعلنت "فجر ليبيا" إنها ترفض بشدة البيان الصادر عن "ما يعرف بمجلس شيوخ إقليم برقة"، معتبرة أنه يمثل "دعوة للانفصال وتمزيق الوحدة الوطنية".
وجاء بيان فجر ليبيا بعد ساعات من نشر "عربي21" لمعلومات عن مصدر مقرب من الجيش المصري، قال فيها إن الجيش يجري تدريبات عسكرية لأكثر من 50 ألف جندي مصري، استعدادا للتدخل العسكري في ليبيا إذا لزم الأمر، بعد الخسائر التي مني بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ومن الجدير بالذكر، إن قوات الثوار سبق وأن أعلنت عن اعتقال عناصر من الجيش المصري كانت تقدم دعما لقوات حفتر، فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها "تعتقد" أن مصر والإمارات شاركتا في قصف جوي على مدن ليبية، دعما لجهود حفتر بالانقلاب على السلطة.
قالت مصادر مقربة من ثوار ليبيا إن طائرة إماراتية احتجزت من قبل الثوار في مطار غات جنوب البلاد، مضيفة أن طاقمها يخضع للتحقيق، بعد أن تبين أنها محملة بالذخيرة.
وقد حصلت صحيفة "عربي21" على صورة الطائرة المحتجزة.

صبحي حديدي : تأثيم سيناء.. بعد شيطنة غزّة!

هذه المرّة لم يسارع الإعلام المصري الهابط ـ وهو الأغلبية اليوم فيمصر، للأسف ـ إلى تأثيم فلسطين، ثمّ الفلسطينيين أجمعين، عبر تأثيم «حماس»، وبالتالي غزّة وأهلها أجمعين، واختراع شتى التهم، وتلفيق أشدّ الأقاصيص ابتذالاً وانحطاطاً. ففي هذه الجولة كان موضوع الشيطنة يشمل المصريين أنفسهم، من أهل سيناء وقبائلها، ثمّ سيناء ذاتها: المجتمع والجغرافيا والتاريخ.
ولا تُقارَن الحمّى، والحمية والحماس، التي أصابت وحدات الجيش المصري في تهجير الآلاف من مواطني سيناء، وتفكيك تجمعاتهم، ومصادرة بيوتهم، وتهديم العشرات منها، إلا بالسعار الأعمى الذي حُقنت به مفارز الأمن المصرية، وبعض وحدات الجيش بالطبع، خلال تفكيك اعتصام رابعة. وفي أعلى هرم القرار، ضمن جهاز سياسات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصدد سيناء، ثمة مزاج العسكر، ونزعة العسكرتاريا بالطبع، من جهة أولى، وكذلك ترحيل المأزق الأمني الحقيقي نحو مخارج تلفيقية، أسهلها المتاجرة بدماء الجنود الشهداء، ضحايا إرهاب الجماعات المعلَن، وضحايا إرهاب الدولة الخفي، في آن معاً، من جهة ثانية.
وحين ستبلغ السلطات المصرية هدفها المحدد، أي إزالة 800 بيت وتهجير عشرة آلاف قاطن، تمهيداً لإقامة المنطقة العازلة، هل سيكون هذا هو منتهى «الحلّ الأمني» الذي سيجعل مواطني سيناء، وأهالي أفراد الجيش على امتداد مصر، ينامون قريري الأعين؟ الحمقى وحدهم، أسوة بالمطبّلين والمزمّرين في الإعلام المصري الهابط إياه، هم الذين سيصدّقون هذه الخديعة، المكشوفة والمفتضَحة حتى قبل أن تكتمل بعض فصولها. ذلك لأنّ معضلة استتباب الأمن في سيناء لم تبدأ من تأثيم «حماس» وإخوان مصر، ونسج الأساطير حول الإرهاب، وتلفيق الخرافات حول الأنفاق، ولهذا فإنها لن تنتهي عند سيناريوهات تجريف البيوت وتهجير السكان، أو ضخّ المزيد من الأكاذيب حول وجود «داعش» في سيناء.
وإذا جاز، في جانب من نقاش هذا الملفّ، القول بأنّ مصر تمارس سياسة سيادية على أرضها، ذات طبيعة أمنية نابعة من وقائع إرهاب فعلية استهدفت جنودها في سيناء، فإنّ الجانب الثاني من النقاش ذاته لا يجوز أن يتجاهل حقوق الإنسان والمواطن في سيناء، وما يقوله الدستور في مصر ذاتها بصدد العلاقة ـ وبالتالي: احتمال التناقض ـ بين السيادة والقانون. الرأي المعارض، الذي لا يعثر عليه المرء في سيناء وحدها، بل أيضاً في محافل منظمات حقوق الإنسان المصرية (غير المسيّرة من جانب النظام، بالطبع)، لا يقول بوجود تناقض صريح، فحسب، بل ثمة اعتبارات عديدة تسمح بالحديث عن مفهوم الـ»ترانسفير» في معانيه الأبغض، غير البعيدة عن الفاشية أيضاً.
وهذه حال ينبغي، أخلاقياً بادىء ذي بدء، أن تنطبق أيضاً على أهالي رفح، في الجانب الفلسطيني تحديداً، ثمّ أهل قطاع غزّة بأسره، بالنظر إلى أنّ المعبر هو رئتهم الوحيدة (القانونية، العلنية، المرئية…) على العالم الخارجي، فكيف إذا سُدّت ودُمّرت عشرات الأنفاق التي ظلّت تكفل تهريب السلع والمواد الغذائية، لأنها كانت الرئة الأخرى الموازية (رغم أنها غير قانونية، سرّية، ومخفية…)؟ ولعلّ أقصى المفارقة تتجلى، اليوم، في حقيقة أنّ نظام حسني مبارك كان، إجمالاً، وما خلا الظروف الاستثنائية، يغضّ النظر عن تلك الأنفاق لاعتبارات «إنسانية»، ونظام السيسي يتخذ سياسة نقيضة، لأسباب «أمنية» لا تفلح دائماً في طمس الأسباب السياسية الأبعد.
وبين قلب القاهرة المديني، وباطن سيناء الصحراوي، ثمة تلك الرابطة الأولى التي توحّد هراوة الأمن ببندقية الجيش، أو تجعل الحوّامة فوق رؤوس المدنيين في ميدان النهضة، الجيزة، شقيقة الـ»أباتشي» التي تقصف القبائل في «كرم القواديس»، سيناء!

كتاب جديد: الغزو الأميركي تعمّد تدمير الهوية العراقية والبنية الوطنية

How US set out to destroy Iraq 's national identity and build a dependent state

حاولت الولايات المتحدة الترويج لأفكار أنها فوجئت بالنتائج التي آل إليها العنف في العراق، والفوضى التي سادته، وأنها تحاول أنْ تعيد بناء البلد، وتعزيز المنهج الديمقراطي فيه.
لكن كتاباً جديداً صدر في بلفاست للكاتب السياسي رايموند بيكر (Cultural Cleansing in Iraq Edited by Raymond W. Baker, Shereen T. Ismael, and Tareq Y. Ismael. Pluto, 296 pp. $34.95) يكشف أن الغزو الأميركي تعمد تدمير الهوية العراقية، وتعريض ثرواته للنهب، وكنوزه الآثارية للتدمير والخراب. ونقل عن علماء أميركيين اتهامهم للجيش الأميركي بالتطهير الثقافي في العراق.
ويقول مايكل جانسين MICHAEL JANSEN محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة التايمز الإيرلندية: إن الكاتب المؤلف والمحلل السياسي رايموند بيكر، يؤكد أن الولايات تعمدت في غزوها للعراق، تحطيم هوية البلد، وبنيته الوطنية، وتحويله الى حالة تابعة. 
وقال الكاتب الذي أمضى فترة في العراق وساعده عدد من العراقيين والعراقيات في تأليف كتابه ((التطهير الثقافي في العراق)) إن الحرب العراقية ونتائجها ليست عشوائية، 
إنما هي حرب تطهير ثقافي منظمة ومتعمدة.
ويؤكد المؤلف أن واشنطن خططت منذ سنوات لتحقيق أهدافها في احتلال العراق ونشر الفوضى لجعلها وسيلة لإعادة صنع البلد وتحويله الى دولة تابعة للولايات المتحدة ولهذا مكّنت الشيعة والأكراد، ومنفيين كثر ممن يتعاونون معها على تسلم السلطة وممارسة الاضطهاد لفئات كثيرة.
وأوضح أن الهدف الأكبر لإدارة بوش هو تحقيق هيمنة عالمية بإعادة تشكيل ما تسميه الشرق الأوسط الستراتيجي، لكنّ هذه النهاية لم تأخذ بعدها لأن القوة العسكرية الأميركية الضخمة سُحقت في العراق، فيما عانت الولايات المتحدة من عزلة عالمية، بسبب النظر إليها على أنها آلة شر، على ما شهد العراق من إصابات كبيرة في أوساط المدنيين، وعلى ما أحدثت من خراب ثقافي وحالة إفقار للمجتمع العراقي.
ونقل المؤلف عن سياسيين عديدين قولهم إن الغزو الأميركي للعراق عمل بربري، أحرق البلد، وعرَّض ثرواته للضياع، وكشف كنوزه أمام اللصوص والناهبين، ودمر المكتبات التاريخية والمدارس والجامعات، وحوّل تقاليد البلد العلمانية المقبولة الى تقاليد تحرم على المرأة ممارسة أبسط حقوقها، برغم شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة.
ونقل المؤلف تحذير علماء في الولايات المتحدة اتهموا الجيش الأميركي بكسر أبواب المتاحف والمواقع الأثرية والمكتبات أمام اللصوص، وحطم مواقع آثارية مهمة لبابل وسومر وآشور. وحوّل الكثيرين من الكتاب والمثقفين والصحفيين إما الى عملاء للسفارة يتقاضون مبالغ منها أو الى سجناء ومنفيين ومطاردين.
ألكاتب : - ألمصدر : بلفاست تايمز


How US set out to destroy Iraq 's national identity and build a dependent state
MICHAEL JANSEN
Tue, Jan 12, 2010
Cultural Cleansing in Iraq Edited by Raymond W. Baker, Shereen T. Ismael, and Tareq Y. Ismael. Pluto, 296 pp. $34.95
THIS BOOK argues convincingly that the post- war cultural cleansing of Iraq is intentional rather than random and haphazard, the result of chaos and anarchy.
The aim of the policy of cultural cleansing is to remake Iraq into a US-friendly state and enable Washington ’s returned Shia and Kurd exiles to take and exercise power.
In the first of 10 chapters, the editors contend that the Bush administration’s objectives were to demonstrate US global dominance and remake “the strategic Middle East” to suit the US . “To that end, the invasion of Iraq would display America ’s crushing military power to a world reduced to the status of spectators in a spectacle of a state’s destruction, marked by massive civilian casualties, cultural devastation and the pauperisation of its people.”
Subsequent chapters show how Iraq ’s state structures were systematically destroyed along with the independent secular nationalist socialist regime.
This began with the looting of the country’s museums and libraries, schools and universities. Although Iraqis carried out most of the pillage and destruction, the US was responsible for what took place.
Scholars had warned the White House and Pentagon that this would happen if vulnerable sites were not protected. Nothing was done because, according to Barbara Bodine, Washington ’s first post-war ambassador, orders had been issued to the effect that looting should be allowed to proceed unchecked. In some cases, US troops broke open the doors of institutions to aid looters.
The US also used major archaeological sites, including ancient Babylon and Ur , as military bases, inflicting irreparable damage.
By attacking the country’s history and “collective memory”, Zainab Bahrani holds that the US sought to undermine the unique national identity of Iraqis. Their strong sense of history and culture has made them the most inventive poets, writers and painters in the Arab world.
The second half of the book focuses on the killing of Iraqi intellectuals and professionals. 
As early as April 11th, 2003, two days after the fall of Baghdad , a group of university professors and scientists dispatched an e-mail saying that the occupation forces had drawn up lists of individuals for detention, harassment and elimination. Since then, hundreds of university processors, doctors and scientists have been assassinated, kidnapped, killed or driven into exile.
The murder of Dr Muhammad Rawi, a medical doctor and chancellor of Baghdad University in July 2003, shocked the country and served as a warning to others in the intelligentsia.
Israel ’s Mossad intelligence agency and the Iranian-founded Iraqi Badr Corps militia were initially blamed for the killings. However, the book’s contributors provide solid evidence that the US and Britain fostered the decimation of the intellectuals because they would resist foreign domination through Shia and Kurd proxies who rode into Baghdad on the backs of US tanks.
The vehicle for the purge of intellectuals was the de-Baathification campaign instituted by Paul Bremer, the US pro-consul from 2003-2004, and used by successive Shia-led sectarian governments to target secular nationalist thinkers of every sect.
The US is accused of using the “ Salvador option”, a strategy evolved in Central America , to create US-compliant regimes in that region.
The 13 authors of this work say the US set out to destroy Iraq ’s national identity, reduce and marginalise the educated class and wipe the Iraqi slate clean in order to build from ground zero a weak state which would be dependent on the US . This experiment in “state ending” has left a black hole at the heart of the eastern Arab world.
Michael Jansen writes on Middle East affairs for The Irish Times 
© 2010 The Irish Times

استمع .. اغنية هندية رائعة للشهيد صدام حسين


افتتاحية نارية جديدة لـ"نيويورك تايمز" ضد نظام السيسي

المصريون - كتبت - جهان مصطفى
واصلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية هجومها على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, واتهمته بتعزيز "قبضته الاستبدادية من خلال تشديد القيود على منظمات المجتمع المدني, وتهجير الأهالي في سيناء".
وانتقدت الصحيفة بشدة في افتتاحيتها في 7 نوفمبر مشاركة رجال أعمال أمريكيين في مؤتمر يعقد بالقاهرة خلال أيام, واعتبرت دعم وزارة الخارجية الأمريكية لهذا المؤتمر, تعزيزا لما اعتبرته "نظاما مستبدا".
وتابعت "حملة القمع في مصر أخذت منعطفا خطيرا في الأيام الأخيرة، عندما بدأ نظام السيسي بهدم البيوت في سيناء على طول الحدود مع إسرائيل", واصفة هذه الخطوة بـ"الإجراء التعسفي", الذي سيفاقم "التطرف والعنف" في مصر.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن مصر تعيش تحت ما سمته "وطأة نظام قمعي استبدادي من جديد", وأعربت الصحيفة في افتتاحيتها عن "الدهشة من التجاهل المفرط والمتعمد من جانب الإدارة الأميركية إزاء ما تشهده مصر من قمع واستبداد".
وأضافت "من المدهش أن تساعد إدارة الرئيس باراك أوباما في تنظيم مؤتمر استثماري كبير للشركات الأميركية في القاهرة الأسبوع القادم، خاصة في ظل القيود التي فرضتها ولا تزال تفرضها القاهرة على المجتمع المدني وحقوق الإنسان".
وكانت "نيويورك تايمز" نشرت أيضا "افتتاحية نارية" في 8 أكتوبر الماضي هاجمت فيها السيسي ونظامه الجديد، ودعت واشنطن والبيت الأبيض إلى تغيير سياساتهما تجاه القاهرة، فيما كان العنصر الأكثر لفتاً في تلك الافتتاحية أنها تأتي بعد أيام على أول زيارة للسيسي الى نيويورك وأول خطاب يلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الخطاب الذي قالت وسائل إعلام عالمية إنه كان يهدف الى "إنشاء موطئ قدم له لدى المجتمع الدولي". وتعتبر "نيويورك تايمز", التي تحمل لقب "السيدة العجوز" واحدة من أهم المؤشرات على المزاج العام لدى النخبة في الولايات المتحدة، كما أن الصحيفة تؤثر في صناعة القرار الأمريكي وخاصة المتعلق بالسياسات الخارجية. ودعت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها إلى ربط المساعدات السنوية الأمريكية التي تقدم للجيش المصري والتي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار بتحقيق تقدم على مستوى الحريات والديمقراطية، كما دعت إلى مراجعة شاملة لطبيعة العلاقة مع مصر في ظل ما سمته "الانقلاب العسكري". ووصفت الصحيفة ما حدث في مصر يوم الثـالث من يوليو 2013 بأنه "انقلاب عسكري", كما قالت إن الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالسيسي كانت "مزورة" . وقالت الصحيفة إن جماعة الإخوان المسلمين التي تصدّرت المشهد السياسي بعد ثورة يناير، يقبع أعضاؤها في السجون حاليا، مع اعتبارها جماعة إرهابية، وهو أمر "غير عادل"، وهو ما قد يجعلهم "عرضة للتشدد"، في وقت تقوم فيه الولايات المتحدة بإنشاء تحالف لمحاربة تنظيم "داعش"المتطرف. وتابعت الصحيفة "حكومة السيسي أحكمت قبضتها على وسائل الإعلام التابعة للدولة، في حين ينتظر صدور قانون غامض يشدد العقوبات على الأفراد الذين يتلقون تمويلا أجنبياً، ويجعل ذلك جريمة يعاقب عليها بالحبس مدى الحياة، بحجة محاربة الإرهاب، وهي الحجة التي استخدمتها الدولة من أجل إعاقة الجمعيات التي تدعو للديمقراطية". واتهمت الصحيفة الرئيس المصري بـ"استغلال تطلع الشعب المصري، وتمسكه بالاستقرار، في سبيل تحصين بقائه في منصب الرئيس"، حسب تعبيرها. وأضافت "السيسي يحظى بدعم قوي من حلفائه في الداخل، وترويج إعلامي لشخصيته بما يفوق الهالة التي كانت حول الرئيس المخلوع حسني مبارك", مشيرة إلى أن "احتكار السلطة", الذي تشهده مصر حاليًا، لم تشهده منذ عهد محمد على باشا، وأشد قمعا مما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأثارت الافتتاحية السابقة ردود فعل واسعة في مصر، حيث تناوله العديد من الصحافيين والسياسيين، وأبدى بعضهم غضبه مما جاء فيها, واعتبروها حملة أمريكية تستهدف مصر، وتدعم جماعة الاخوان المسلمين، بينما رآى آخرون من المعارضين لنظام السيسي أن الولايات المتحدة بدأت تكتشف بأنها كانت على خطأ عندما دعمت "الانقلاب العسكري"، وأن "القمع الذي تواجهه جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن قد يولد حالة من التطرف والعنف". وكانت عدة جامعات مصرية اتخذت قرارات وضوابط أمنية مشددة، بالتزامن مع العام الدراسي الجديد، تَصَدرها تجريم الإساءة للرئيس السيسي، وشددت على عقوبتها بالفصل النهائي. ووفق هذه القرارات, يتعين على الطلاب الالتزام بتسعة ضوابط، منها عدم الإساءة للرئيس، ومنع التظاهر نهائياً في المدن الجامعية، وعدم ارتداء ملابس عليها شعارات سياسية. وفي سياق متصل, تعاقدت وزارة التعليم العالي مع شركات معدات أمنية لتركيب بوابات إلكترونية للجامعات وتثبيت كاميرات مراقبة، كما تم تعديل قانون الجامعات بحيث يسمح لرئيس الجامعة بفصل أيٍ من أعضاء هيئة التدريس إن شارك في مظاهرات. وبدأ العام الدراسي الجديد في مصر في 11 أكتوبر, متأخرا ثلاثة أسابيع عن موعده المقرر

غلين غرينوالد : كم عدد الدول الإسلامية التي قصفتها أو احتلتها أمريكا منذ عام 1980؟

أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في مؤتمره الصحفي بعد الانتخابات أمس، أنه سيسعى للحصول على ترخيص لاستخدام القوة العسكرية (AUMF) من الكونغرس الجديد، وهو الترخيص الذي من شأنه أن يشرع حملة قصف أوباما في العراق وسوريا، التي بدأت منذ ثلاثة أشهر مضت.
وقد يكون من الممكن القول هنا، بأن السعي للحصول على تفويض من الكونغرس لحرب بدأت قبل أشهر، هو على الأقل أفضل من خوض حرب رفض الكونغرس منح تفويض لها صراحةً، كما فعل أوباما في ليبيا التي انهارت الآن.
وعندما بدأ أوباما بقصف أهداف داخل سوريا في سبتمبر، كنت قد لاحظت بأن هذا البلد كان سابع بلد غالبية سكانه من المسلمين، قد قصفته الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته، وذلك دون أن نشمل قصف أوباما للأقلية المسلمة في الفلبين. وكنت قد لاحظت سابقًا أيضًا أن هذه الحملة الجديدة، تعني أن أوباما قد أصبح رئيس الولايات المتحدة الرابع على التوالي الذي يقوم بإسقاط قنابل على العراق.
وهذه الحقائق مثيرة للدهشة؛ لأنها تكشف عن أن العنف الأمريكي مستمر ومتواصل إلى درجة أننا بتنا لا نكترث حتى بملاحظته. فقط في هذا الأسبوع، أطلقت طائرة أمريكية بدون طيار صاروخًا أسفر عن مقتل 10 أشخاص في اليمن، ووصف الأموات على الفور بأنهم “متشددون، مشتبه بهم”، وهو الوصف الذي يعني في الواقع مجرد أنهم “ذكور في سن الخدمة العسكرية”، ولم تتلق عمليات القتل هذه أي مناقشة تقريبًا.
وللحصول على النطاق الكامل للعنف الأمريكي، الذي تتم ممارسته في العالم، يجدر طرح سؤال أوسع، وهو كم عدد الدول في العالم الإسلامي التي قصفتها أو احتلتها الولايات المتحدة منذ عام 1980؟
الجواب على هذا السؤال تم تقديمه مؤخرًا في افتتاحية “واشنطن بوست”، التي كتبها المؤرخ العسكري والعقيد السابق في الجيش الأمريكي، أندرو باسيفيتش. وفيها يقول الكاتب: “أصبحت سوريا على الأقل الدولة رقم 14 في العالم الإسلامي، التي غزتها أو احتلتها أو قصفتها القوات الأمريكية، والتي قتل أو قُتل فيها جنود أمريكيون، منذ عام 1980 فقط”.
وأضاف الكاتب: “دعونا نعدد هذه الدول الإسلامية: إيران (1980، 1987-1988)، ليبيا (1981، 1986، 1989، 2011)، لبنان (1983)، الكويت (1991)، العراق (1991-2011، 2014)، الصومال (1992-1993، 2007-)، البوسنة (1995)، السعودية (1991، 1996)، أفغانستان (1998، 2001-)، السودان (1998)، كوسوفو (1999)، اليمن (2000، 2002-)، باكستان (2004-)، والآن سوريا. يا للعجب”.
وتعداد باسيفيتش هذا، يستبعد قصف واحتلال بلدان أخرى ذات أغلبية مسلمة من قبل حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو القصف أو الاحتلال الذي نفذ بدعم أمريكي حاسم. إنه يستبعد الانقلابات ضد الحكومات المنتخبة ديمقراطيًا، وعمليات التعذيب، وسجن الناس دون أي اتهامات.
وأيضًا، بالطبع، يستبعد كل التفجيرات وغيرها من عمليات الغزو والاحتلال، التي قامت بها الولايات المتحدة خلال هذه الفترة الزمنية في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، فضلًا عن عدة حروب بالوكالة في أفريقيا.
وهناك الكثير من الأشياء السيئة، التي يمكن قولها عن الناس في الغرب، الذين يكرسون كميات هائلة من وقتهم وفكرهم، لإعطاء المواعظ ضد بدائية المسلمين وعنفهم.
هؤلاء يعتبرون مثلًا، أن عدم وجود حانات للمثليين جنسيًا في غزة، بدلًا من مستويات العنف الأمريكي وعدوانه ضد العالم، هو المقياس الأهم للحكم على مجتمع ما. وهو ما يعكس هوسهم في سبيل تشويه صورة المسلمين، في نفس الوقت بالضبط، الذي تقوم فيه حكوماتهم بشن حرب لا تنتهي أبدًا على بلاد المسلمين، وعلى مجتمعات المسلمين المهمشة في الغرب.
ومن خلال توظيف تكتيك تعريف التعصب، يحب هؤلاء تسليط الضوء على أسوأ سلوكيات بعض الأفراد المسلمين، كوسيلة لتعميم هذه السلوكيات على المجموعة ككل، في حين يتجاهلون (وغالبًا صراحة) أسوأ سلوكيات الأفراد اليهود، أو المجموعات الخاصة بهم.
وبالمثل، يقوم هؤلاء بالاستشهاد بالتعاليم الأكثر تطرفًا من الإسلام، بينما يتجاهلون تلك التعاليم الموجودة في اليهودية؛ وهذا لأنه، وكما قالت رولا جبريل الأسبوع الماضي لبيل ماهر، إذا ما كان لدى هؤلاء من الشجاعة ما يكفي ليقولوا عن اليهود ما يقولونه عن المسلمين، فإنهم سوف يطردون من أعمالهم.
ولكن، ومن بين جميع هذه النقاط المختلفة فيما يخص هذه الفئة من الناس، هناك نقطة هي الأكثر إثارة للدهشة دائمًا، وهي أن هؤلاء الناس أنفسهم الذين يحبون التنديد بعنف الإسلام، يعيشون في البلدان التي تطلق العنان للعنف، من خلال قصف وغزو واحتلال دول أخرى، بطريقة تتجاوز إلى حد كبير، العنف الذي تمارسه أي مجموعة أو دولة أخرى في العالم. هذه هي الحقيقة.

ديفيد هيرست : بإمكان السيسي أن يماطل ولكن ليس بإمكانه إخفاء جرائمه

استمع إلى ما قاله الجنرال المصري حول مخاطر مواجهة التمرد في سيناء:
"انت مش متصور وانت ضابط جيش إني بمنتهى البساطة يعني آجي على رفح أو الشيخ زويد أروح محاصرها، ومطلع السكان منها، وأروح مفجر المباني الموجودة فيها؟، مشكلة احنا نعمل كدة؟ مش حنقتل حد ولا حاجة، رفح والشيخ زويد حنعمل الحصار، نخرج السكان الـ 100 بيت دول، ممكن نعمل كدة حد ضرب نار نطلع قدام النار دي ميت نار، مات اثنين ثلاثة أبرياء، انت في الآخر بتشكل عدو ضدك وضد بلدك؛ لإنه بقى في ثار بينك وبينه. بتشكل أمن بالتواجد مش بالقتال، خلي بالك الكلام دا بنقولوا احنا مع بعض كده. في التواجد مش في القتال، ما هي دبابة واحدة ورشاش واحد قادر يعمل لك حاجات كثير، بس دول في الآخر أهلك وناسك، ولازم نستدعي حالة انفصال الجنوب في السودان".
كلمات حكيمة قالها السيسي عندما كان وزيرا للدفاع تحت حكم محمد مرسي، وهي تصف ما يفعله اليوم تماما، وقد وظف بوتين نفس التكتيك في الشيشان، وحصلت النتائج ذاتها وزاد التمرد، وبعد حربين وعقدين من هذا التكتيك، لا تزال الحرب مستمرة في شمال القوقاز. 
وكرد فعل على الهجمات التي قام بها متطرفون، والتي ذهب ضحيتها 31 جنديا مصريا في سيناء في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، أمر السيسي بهدم 800 منزل على حدود غزة، وأعطى المواطنين مهلة 48 ساعة للإخلاء، وشرد حوالي عشرة آلاف شخص في شمال سيناء؛ بسبب عمليات الجيش هذه. 
في شهر نيسان/ أبريل الماضي نشر موقع "ميدل إيست آي" تقديرات محلية بمقتل ثلاثمئة شخص على مدى الثمانية أشهر السابقة، معظمهم من المدنيين، بينما ذكرت الصحيفة المصرية "أصوات مصرية" أن 82 قتلوا، منهم 62 من قوات الأمن و20 مدنيا، بناء على بيانات صحافية صادرة عن الجيش في شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر فقط، وهذا يصل إلى أربعة أضعاف الشهرين السابقين لذلك.
وقد وثّق الجيش المصري، دون قصد، لإعدامين قام بهما، حيث نشر صورا لجثتي أحمد عبدالقادر فريج، البالغ من العمر (18 عاما) من قرية المهدية، والمؤذن يوسف عتيق من نفس القرية، ولم يكن الجيش يعلم أن الشخصين ظهرا في فيديو، وهما أحياء يتم تعذيبهما. 
تدعم الولايات المتحدة النظام المصري، ويتحدث مسؤولوها حول أهمية إبقاء المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية خالية من الجهاديين، ولا يذكرون أهمية الدور الذي تلعبه مصر بالنسبة لهم ولإسرائيل في إبقاء الحصار على غزة.
والحاجة لدعم جهود محاربة المتمردين كانت بمثابة المبرر لجون كيري لرفع العقوبات العسكرية، التي فرضتها أميركا بعد مذبحة رابعة. والعمليات الآن في ذروتها، والتأييد لا يتمثل فقط في طائرات الأباتشي، ولكن بالدعم المعنوي أيضا.
وبحسب مجلة "جينز انتلجسن ريفيو" لم يتم التأكد من وجود علاقة أو عدمها بين حماس في غزة وأنصار بيت المقدس، المتطرفين التكفيريين، الذين تسببوا بمقتل حوالي 85 جنديا مصريا، ومع هذا قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي إن من حق مصر أن تحتفظ بمنطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة؛ لتعزيز أمنها: "بالتأكيد نعتقد بأن لمصر الحق في اتخاذ خطوات للحفاظ على أمنها، ونحن نتفهم الخطر الذي تواجهه من سيناء". أما محكمة الجنايات الدولية فهي غافلة عن قضية مصر. 
وهذا لا يدع سوى منتدى واحد يمكن التحدث فيه عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وكان في جلسة لمدة يوم في جنيف يوم الأربعاء. 
وسيتم هذا تحت آلية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي ينعقد مرة كل 4 سنوات، وقبل أن تبدأ جلسة الاستماع فإن احتمال صدور ما يدين القائمة المتنامية من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ضئيل، حيث أن المراجعة ستقوم بها ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة، وكلها على علاقة وثيقة بنظام السيسي. 
فالسعودية هي ممولة مصر ما بعد الانقلاب، ودولة مونتيغرو حظيت بمليارات الدولارات كاستثمارات من الإمارات، أنشط بلدان الخليج في محاربة ثورات الربيع العربي، وساحل العاج، التي لعبت دورا رئيسيا في إعادة العضوية لمصر في الاتحاد الأفريقي. 
ومع هذا فبإمكان الـ 47 بلدا الأخرى التعليق خلال المراجعة، وتستطيع مفوضية حقوق الإنسان في هذه الحالة أن تضع قرارا للتصويت أمام جميع الأعضاء، وذلك لإنشاء لجنة تحقيق، كما حصل في حالة سوريا وشمال كوريا وفلسطين. 
إن المفوضية جسم من الأمم المتحدة، لكن ليست له أنياب، ومع هذا فإن السيسي يأخذ موضوع المراجعة هذا بجدية؛ لأنه يمكن أن يتسبب له بسمعة سيئة على مستوى العالم. 
وبحسب تقرير أعده محامون يمثلون حزب الحرية والعدالة، التابع للإخوان المسلمين، فعريضة الحكومة المصرية لا تذكر الحوادث التي "فوضت بارتكاب جرائم واسعة ومنظمة ضد المدنيين المصريين، والتي تتضمن القتل والاعتقال الجماعي والتعذيب. 
ولم تأخذ مصر بعين الاعتبار أن هذه الحوادث قد انتهكت مباشرة حقوق المواطنين بالتظاهر سلميا والكرامة، باعتبارهما حقوقا لكل المواطنين، ومن الواجب على الدولة تأمينها"، والتي يؤكد تقرير النظام العسكري أنها حقوق مضمونة لكل المواطنين.
والقائمة معروفة، ولكن يجدر ذكرها مرة أخرى لطولها وتضم: تفريق التظاهرات خارج مقرات الحرس الجمهوري في القاهرة في 8 تموز/ يوليو 2013، والتي قتل فيها 61 متظاهرا، وقتل 81 شخصا في 27 تموز/ يوليو، 121 شخصا قتلوا في 16 آب/ أغسطس، وفي مسجد رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس قتل ما يقارب الـ 1000 شخص، وهو الحادث الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، الذي قتل فيه أشخاص بطريقة ظالمة. و57 متظاهرا قتلوا في تشرين الأول/ أكتوبر، 64 شخصا قتلوا في 25 كانون الثاني/ يناير هذا العام، والقائمة طويلة.
وهناك أيضا عمليات اعتقالات، ويتراوح العدد فيها بين 16.000 -41.000 شخص، وقامت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"أمنستي" بجمع وتوثيق أدلة دامغة عن التعذيب في السجون، وكذلك توثيق الفشل في اتباع الإجراءات القانونية، الذي نتجت عنه أحكام جماعية بالإعدام، فمحاكمة 545 شخصا انتهت في أقل من ساعة. وهذه الأحكام ليست أرقاما قليلة، ففي أقل من سبعة أشهر صدرت أحكام بإعدام 1243 في محاكم "انتهكت بشكل صارخ كل الضمانات التي يمنحها القانون المصري وتعهدات مصر الدولية بتوفير محاكم عادلة"، حسب تقرير المحامين.
وهناك أيضا قمع الدولة للصحافيين، وقانون التظاهر. وقام الجيش بانتهاك حريات، ضمنها الدستور المصري، وبشكل صارخ، مثل حرية الانتماء للأحزاب، وحرية التعبير وحرية الصحافة. وفي الحقيقة نحتاج ليوم كامل لقراءة عريضة الاتهامات.
كل هذا غاب عن اهتمام القانون الدولي، باستثناء موقف واحد ومشرف، ونعني هنا المنظمة الأفريقية لحقوق الناس والشعوب، والتي شجبت في 29 تموز/ يوليو هذا العام "الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان مثل التحرش والاعتقالات التعسفية والحجز والعنف الجنسي ضد المرأة، وممارسات التعذيب". 
وتعتبر جنوب أفريقيا واحدة من الدول القليلة، التي لم تمنح حصانة من الاعتقال لمن يدخلون أراضيها من أعضاء الحكومات الأجنبية.
ولا تزال السياسة الأميركية، والتي يتبعها الاتحاد الأوروبي، تجاه مصر تقوم على الشجب البلاغي من جهة، ومواصلة التعاون من جهة أخرى؛ دعم عسكري، فتح المؤسسات المالية والأسواق الغربية لمصر، ومنح حصانة قانونية في كل المحاكم، سواء كانت وطنية أو دولية. وتعتمد الحكومات الغربية في تبنيها هذه المواقف على ما يعاني منه الرأي العام الغربي، وهو "داء فقدان الاهتمام"، والذي لديه قابلية للعودة للحياة عندما يتعلق الأمر بإعادة كتابة تاريخ هذه الأحداث المريعة. وصدى خافت من هذا سيبدأ يوم الأربعاء في جنيف.
*عن هافنغتون بوست 

07 نوفمبر 2014

العفو الدولية: دفاع نظام مصر عن حقوق الإنسان مثير للسخرية

قالت منظمة العفو الدولية، إن محاولة النظام المصري الدفاع عن سجل حقوق الإنسان، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في جنيف، كانت مثيرة للسخرية.
ورأت نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، حسيبة حاج صحراوي، أن الصورة التي قدمها الوفد المصري عن حالة حقوق الإنسان في البلاد هي في أحسن الأحوال منفصلة عن الواقع.
كما أكدت أنه ورغم الأدلة التي قدمتها منظمة العفو الدولية عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في مصر، فإن الوفد المصري رفض كل انتقادات الدول الأعضاء وقدم صورة مضللة.
وشدد بيان المنظمة على ضرورة أن يستجيب النظام في مصر لنداءات الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، ويحترم حق التجمع، ويكف عن ملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان.
وكانت وفود دول غربية عديدة قد انتقدت خلال الجلسة سجل النظام الحالي في مجال حقوق الإنسان، وطالبت هذه الوفود الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة تحسين الوضع الحقوقي وضمان محاكمات عادلة للمعتقلين.
بينما أشادت العديد من الدول العربية بحالة حقوق الانسان في مصر ووقفت إلى جانب السلطة في حين طالبت كل من تونس وقطر باحترام حرية وحقوق المصريين في التعبير.
وقاطعت منظمات حقوقية مصرية غيرُ حكومية أعمالَ الجلسة، احتجاجًا على ما وصفته بغياب مناخ الحريات في مصر، وخوفا من تعرضها للانتقام.
وكان الوفد المصري صرح أمس، أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي في جينيف، أنه لا يوجد صحفي في مصر محتجز، بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير الذي يكفله الدستور.
وقال ممثل النيابة العامة في وفد مصر بجينيف، إن الحكومة المصرية تدرس إمكانية تغيير بعض مواد قانون التظاهر، ولا يوجد محبوس في مصر دون أمر قضائي.
وينعقد مؤتمر حقوق الإنسان الدولي في جينيف لمناقشة الملف الحقوقي لمصر، وقدمت 125 دولة طلب استجواب وتوجيه أسئلة لمصر حول وضع الحريات وحقوق الإنسان في مصر، أثناء جلسة المراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان الدولي، وهو عدد يفوق عدد الدول التي مارست نفس الحق في الدورة السابقة عام 2010 لاستعراض ملف مصر، حيث سجلت الأمم المتحدة حينها

بلال فضل يكتب: أربع حكايات عن حتمية شق الصف: اللهم لا تجمعنا على قلب رجل واحد!

تمهيد
ومن حقّك طبعًا أن تدعو بما شئت، فما أنا هنا بداعٍ لكي تؤمِّن خلفي، لأن كل ما أطلبه منك، قبل أن تدعو أو أن تؤمِّن خلف من يدعو بأن نكون على قلب رجل واحد، أن تفكر أولًا في مصائر الدول التي ظنت أن الصف الواحد والتجمع على قلب حاكم واحد هو طريقها الأكيد للتقدم، فسحقت كل رأي مختلف واتهمته بشق الصف وزعزعة الجبهة الداخلية، ولم تستبن الرشد إلا ضحى غد الهزيمة.
حكاية أولى
يروي ويل ديورانت في كتابه (قصة الفلسفة) أنّ الفيلسوف الأشهر سقراط قال في دفاعه عن نفسه أمام المحكمة التي حكمت بإعدامه: “أحب أن تعرفوا أنكم إذا قتلتم رجلاً مثلي، أسأتم إلى أنفسكم أكثر مما تسيئون إليّ، لأنكم إن قتلتموني لن يسهل عليكم أن تجدوا رجلًا آخر مثلي، فأنا إذا صح لي أن ألجأ إلى هذا التشبيه المضحك السخيف، أشبه “ذبابة” بعثها الله إلى الدولة، والدولة شبيه بحصان عظيم كريم، ولكنه بطيء الحركة لضخامة جسمه، وهو بحاجة إلى ما يبث فيه الحياة، وأنا هذه الذبابة التي تحرك الحصان وترفعه إلى النشاط وسرعة الحركة، وإذا كنتم لن تجدوا رجلًا مثلي فإني أنصحكم ألا تقتلوني وأن تبقوا على حياتي”.
تشبيه سقراط نفسه بذبابة لم يفده كثيرًا، فغرور قاتليه جعلهم يتصورون منطق “اعتبرونا ذباب يا أخي” ضعفًا وانهزامًا، فقتلوا سقراط لكي تستقر الدولة، أو على حد تعبيرهم “لكي يتطهر المجتمع من أمثاله الذين يفسدون شباب أثينا”، لكن قتل سقراط لم يكتب حياة أطول للدولة التي فقدت الحياة يوم فقدت قدرتها على تحمل الراي المختلف.
حكاية ثانية
كانت مصر يومها قد أكملت 13 عامًا من بناء دولة الصف الواحد الذي يدهس كل من يعارضه، إما بالإعدام أو الاعتقال أو النفي، وفي يوم 23 اغسطس سنة 1965 وقعت حادثة مفاجئة لم يحسن جمال عبد الناصر قراءتها جيدًا للأسف الشديد وإلا لكان وفر على مصر الكثير.
الواقعة يرويها في مذكراته المهمة الصحفي الكبير مصطفى بهجت بدوي، وأتمنى على من يسارع باتهامه أنه كان من أعداء الثورة أن يقرأ عنه أولًا قبل الحكم عليه، يقول رحمه الله: “المفاجأة الكبرى كانت يوم جنازة مصطفى النحاس فقد بدت كأنها يوم الحشر، تحركت المباحث الجنائية العسكرية وأرادت أن تلغي تشييع الجنازة بحجة المحافظة على الأمن رغم آلاف الآلاف من الجماهير التي احتشدت وسدت الطرق من جامع عمر مكرم إلى ميدان التحرير وحتى جامع الحسين.
وتآمرت الشرطة على خطف جثمان مصطفى النحاس، ونشأت معركة حقيقية بغير مبرر بين الشرطة وبين جماهير الشعب، أيهما يفوز بالجثمان، وهل تستمر الجنازة أم تتبدد، وانتصر الشعب بطبيعة الحال، وكان أغرب المناظر التي سجلتها العين بعد انحسار المعركة بانتصار الجماهير هو هذا المنظر شديد المفارقة والتناقض الذي قد يحير أساطين علم النفس وقد لا يحيرهم، منظر شيخ في الستين استولى على الجثمان ووضع النعش فوق عربة الموتى، وأخذ يرقص أمامه “عشرة بلدي” فرحًا بالنصر على الشرطة في هذا المشهد الحزين، ودالت دولة الحمقى وبقي الشعب لأنه هو الباقي دائمًا”.
الحكاية الثالثة
“الله يخرب بيت الثورة اللي ضيعت البلد وقسمت صف الشعب”، عبارة بالتأكيد قالها ولكن باللغة الفرنسية كثيرون من الذين حاولوا أن يصوروا النظام الفرنسي في القرن الثامن عشر بوصفه فترة ظللها الهدوء السعيد الذي أنهته الثورة الفرنسية إلى الأبد.
في كتابه (التاريخ الاجتماعي للثورة الفرنسية) يقر المؤرخ نورمان هامبسن بحقيقة أن الثورة جعلت المجتمع الفرنسي منقسمًا؛ “حيث لم يجمع الفرنسيون في أي فترة من الفترات التالية للثورة على شكل الدستور، ولا على السياسة الاقتصادية التي يجب أن تتبعها الحكومة، ولا على مكان الكنيسة من الدولة”. لكنه يلفت الانتباه إلى أن تصوير الفترة التي سبقت الثورة بأنها فترة الهدوء السعيد هو محاولة للتضليل الخطير؛ لأن الانقسام الذي عاشه الفرنسيون لم يوجد فجأة مع الثورة، بل كان بسبب “الاستقرار الظاهري” الذي عاشته فرنسا في ظل حكم الملكية وفي ظل وجود المجتمع الإقطاعي المتنافر مع تقدم العصر، وفي ظل السلطة الصورية التي كانت تتمتع بها كنيسة فقدت سمعتها، وأن كل ذلك ظل يقوم بتوليد مشكلات وصراعات تحت السطح أخذت تشتد حتى كان مصيرها الانفجار الذي لم تعد بعدها فرنسا كما كانت.
لم تتعلم فرنسا بسهولة أن الديمقراطية لا تعني أن يتفق الناس مع بعضهم في الرأي، بل أن ينجحوا في إدارة صراعاتهم مع بعض في ظل القانون الذي يمنع تحول المجتمع إلى غابة، وبالتأكيد لم تحل فرنسا كل مشاكلها حتى الآن، لأنه لن توجد على الإطلاق دولة تحل كل مشاكلها، لكنها بالتأكيد أصبحت أكثر تقدمًا، ربما لأنها لم تعد تعتبر اختلاف الناس في الرأي مشكلة.
حكاية ليست أخيرة
في 23 مارس 1933 عقدت الجلسة الافتتاحية للبرلمان الألماني (الرايخستاج) في دار أوبرا كرول الواقعة بوسط برلين بعد أن دمر حريق مبنى البرلمان الأصلي قبل أسابيع، وكما يروي كيفن باسمور في كتابه عن (الفاشية): دخل النواب إلى القاعة وسط احتشاد من جموع من شباب يرتدون شارة الصليب المعقوف وينادون النواب بأوصاف مثل خنازير الوسط أو خنزيرات الماركسية، برغم أنه كان قد سبق اعتقال النواب الشيوعيين لاتهامهم بإحراق مبنى الرايخستاج، وتم احتجاز عدد غير قليل من الاشتراكيين، وألقي القبض على أحدهم لدى دخوله المبنى، واصطف أفراد كتيبة العاصفة النازية وراء الاشتراكيين وسدوا مداخل المبنى ومخارجه.
كان البرلمان يومها منعقدًا لهدف واحد هو تمرير قانون تمكين يمنح الزعيم الألماني أدولف هتلر سلطة إصدار قوانين دون موافقة البرلمان، حتى إذا كانت قوانين تخالف الدستور، لكن إصدار ذلك القانون نفسه كان يتطلب تعديل الدستور، وهو ما لم يكن يمكن أن يتم بدون موافقة أغلبية الثلثين، ولذلك كان النازيون يحتاجون إلى دعم المحافظين، وهو ما جعل هتلر في خطابه أمام البرلمان يتعهد للمحافظين بأن تمرير هذا القانون لن يهدد وجود البرلمان ولا منصب زعيمهم الرئيس هيندنبورج، لكي يصوتوا لقانون التمكين، في البدء نجح هتلر في السيطرة على نفسه خلال إلقاء الخطاب بشكل استثنائي، لكنه انفعل فجأة داعيًا لإعدام مدبر حريق الرايخستاج متوعدًا الاشتراكيين بأشد العقوبات، ليهتف النواب النازيون في نهاية كلمته “ألمانيا فوق الجميع”.
يومها، امتلك رجل وحيد الجرأة ليشق الصف الواحد الذي بدا أنه يقود ألمانيا إلى سماوات المجد، كان ذلك النائب الاشتراكي أوتو فيلز الذي وقف ليرد على هتلر بشجاعة مستندًا إلى “مبادئ الإنسانية والعدالة والحرية والاشتراكية”، وبرغم أنه كما يروي السفير الفرنسي الذي حضر الجلسة كان يتحدث بنبرة أشبه بصياح طفل مضروب، إلا أن الجميع كان مذهولًا من كلمته، خصوصًا أنه ختمها بالإعراب عن أطيب أمنياته لأولئك الذين تحفل بهم السجون ومعسكرات الاعتقال، كعادة الطغاة لم يكن هتلر سعيدًا بما قاله فيلز، لم يكن كافيًا له أن تصفق له كل ألمانيا وأن يجتمع الكل على محبته وتأييده، ولذلك فقد قام ليرد على فيلز بعصبية محمومة، متّهمًا الاشتراكيين بأنهم قد عذبوا النازيين طوال 14 عامًا، مع أن النازيين لم يكونوا يعاقبون على أنشطتهم غير المشروعة إلا بأخف العقوبات، وعندما أطلق النواب الاشتراكيون صيحات استهجان، تعالت صرخات النازيين من داخل القاعة وخارجها “سوف تعدمون شنقًا اليوم”.
يومها وافق البرلمان على قانون التمكين لهتلر، بأغلبية 444 صوتًا مؤيدًا مقابل 94 صوتًا معارضًا من الاشتراكيين الذين جرؤوا يومها على شق صف الأمة الألمانية، وهو ما أطاح بسيادة القانون وأرسى الأساس لسلطة قائمة على إرادة الفوهرر، ليمنحه ذلك القانون الحق في اتخاذ ما يراه مناسبًا لتحقيق المصالح العليا للشعب الألماني ضد أي شخص يعتبره عدوًا للأمة الموحدة، وكان الاشتراكيون الذين جرؤوا على الرفض أول ضحاياه، لكن قائمة الضحايا اتسعت فيما بعد لتشمل كل مؤيدي هتلر ومنافقيه وموالسيه والمبررين له والصامتين عليه، لتتخلص ألمانيا من كل أعدائها وتصبح بلدًا موحّد الصف، دون أن يدري أهلها أن ذلك الصف الموحد لم يقدها إلا إلى الدمار الشامل.
خاتمة
ولعلك كنت تعلم قبل قراءة هذه الحكايات أنه عندما تتحدث وسائل إع.. لامنا عن ضرورة اجتماع المصريين على قلب رجل واحد، فإنها لا تعني أبدًا أن يتوحدوا على أرضية مبادئ مشتركة مثل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وغيرها من المبادئ التي اجتمع عليها أحرار المصريين في ميادين التحرير، ليس لأنهم نسوا اختلافاتهم، بل لأنهم أدركوا أن اختلافاتهم لا تتعارض مع أن يتفقوا على مبادئ مشتركة أصبحت من شروط التقدم الإنساني، أما التوحد الذي تعنيه وسائل الإع.. لام الآن وبالأمس ودائمًا هو توحد على تمجيد شخص القائد الملهم الضرورة، وعلى الحفاظ على حق مؤسسات الدولة المترهلة الفاشلة في أن تمارس المزيد من النهب والسلب والفساد دون رقيب ولا حسيب.
وإن كنت لست متأكدًا من ذلك، جرب أن تتحدث مع أحد الذين يتحدثون عن أهمية التوحد وخطورة شق الصف، لتقول له في البداية إنك من أنصار الرئيس الملهم القائد الضرورة عبد الفتاح السيسي، وإنك لا ترى غيره بديلًا ولا أملًا، وستجد منه حفاوة شديدة فور أن تقول له ذلك، ثم جرب بعدها أن تقول له نقدًا لممارسات جهاز الشرطة التي تقوم كل يوم بتجذير مشكلة الإرهاب وتعميقها، أو نقدًا لارتفاع ميزانية الشرطة والجيش على حساب ميزانية الصحة والتعليم اللتين لن تنهض البلاد إلا بهما، أو أي نقد من أي نوع لأي من مؤسسات الدولة الفاشلة، وعندها ستجد نفسك وقد تحولت فجأة من خانة الأحرار المحبين لمصر إلى خانة الأعداء الراغبين في شق الصف، لتدرك أن دورك في الصف الوطني المفترض أن تتحول إلى حيوان أخرس يسير خلف قائد القطيع دون أن يمتلك حتى حق السؤال على وجهة سير القطيع، فضلًا عن حق الاعتراض على طريقة قيادته للقطيع، وعندها ستحمد الله لأنه جعل لك قلبًا اخترت له أن يظل حيًّا بدلًا أن تميته بإرادتك، لكي يظل الرجل الواحد باقيًا على كرسي الحكم.
اللهم لا تجمعنا على قلب رجل واحد، واحفظ لنا قلوبنا نابضة بالحياة والسؤال والشك حتى يأتينا اليقين.

نيويورك تايمز تعرض ملامح استعادة الموصل وتوقيت الهجوم على داعش


المصدر وطن
نقلت صحيفة نيويورك تايمز في عدده الصادر في 3 تشرين الثاني 2014 عن قادة عسكريين أمريكيين قولهم بأن القوات العراقية مدعومة بالطائرات الأمريكية المقاتلة ومئات الخبراء العسكريين الأمريكيين المتواجدين في العراق، تخطط لشن هجوم عسكري واسع ضد معاقل قوات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وذلك بحلول فصل الربيع المقبل في العام 2015.
وذكر مراسلا الصحيفة مايكل غوردون و ايريك شميدت بأن الحملة العسكرية التي يتوقع لها المسؤولون الأمريكيون أن تواجه مصاعب لوجستية وسياسية جمة تهدف إلى القضاء على قوات (داعش) وانهاء قبضة التنظيم على محافظتي نينوى والأنبار، وفتح الطرق الرئيسية التي تربط محافظات العراق الشمالية والغربية ببعضها البضع وتأمين الحدود مع سوريا بغية بسط سلطة الحكومة في بغداد على البلاد. كما تقضي الخطة المقترحة بعزل قوات (داعش) في مدن مثل الموصل والرمادي واضعاف قدراتها ومن ثم تشن القوات الحكومية وقوات البيشمركة هجوما عليها بعد أن تكون قواها قد انهكت.
أضافت الصحيفة بأن الهجوم المزمع تنفيذه يجري التخطيط والاعداد له بمساعدة الخبراء الامريكيين الذين أكدوا بأن القوات الحكومية في بغداد ستكون بأمس الحاجة لاضافة ثلاث فرق عسكرية إلى صفوفها من أجل البدء بالحملة، أي نحو عشرين ألف جندي حكومي اضافي.
وأوضحت الصحيفة أن القوات الأمريكية قد هيأت مقراً لقائد القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط الجنرال جيمس تيري الذي سيشرف على قوة مهمات خاصة انشئت لهذا الغرض يكون مقرها في الكويت، في حين سيكون الجنرال بول فونك مشرفاً على مئات الخبراء والمدربين الأمريكيين الذين يعملون مع القوات الحكومية في بغداد.
وتتوقع المصادر الأمريكية بأن تكون القوات الحكومية في بغداد بحاجة إلى مشورة القوات الامريكية على غرار ما حدث في الهجوم الذي شنته هذه القوات سنة 2008 على الميليشيات الشيعية في البصرة حيث انهارت القوات الحكومية أمام تلك الميليشيات لحين وصول القادة الأمريكيين الذي اشرفوا على القوات العراقية وغيروا اتجاه المعركة.
من جانب آخر، أكدت الصحيفة بأن واحدا من المعوقات التي تواجه التخطيط لانجاح الحملة هو تحديد الإدارة الأمريكية عدد الخبراء العسكريين الأمريكيين في العراق بنحو 1600 جندي، في حين ذكرت الصحيفة بأن عدد الجنود الأمريكيين المتواجدين اليوم في العراق بلغ 1414 جنديا أمريكيا. وفي الوقت الذي يأمل فيه القادة العسكريون الأمريكيون بتعزيز تواجدهم في العراق بنحو 3500 جندي امريكي إضافي، تفيد المصادر بأن القوات الحكومية تكبدت خسائر فادحة في معارك شنتها مؤخرا ضد المتمردين. إلى ذلك، أكد مسؤول عسكري رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة تعتمد أيضا على ما سيقدمه حلفاؤها لدعم الجهود العسكرية حيث تعهدت كل من استراليا وكندا والنرويج بارسال المئات من القوات الخاصة إلى العراق

06 نوفمبر 2014

عبدالله النجار يكتب: حقيقة الصراع



مصر ليست دولة هامشية بموقعها الجيوغرافي وتعدادها السكاني وطبيعتها التاريخية وبالتالي تؤثر بشدة وكذا تتأثر بمجريات الأحداث حول العالم كل العالم وبالتالي ينبغي الأخذ في الاعتبار كل مستوى من مستويات الصراع عند تحليل أي حدث في الداخل المصري وحتى لا نشعب الموضوع في المستوى العالمي الذي يحتاج لكثير من الدراسة والتحليل سأتناول حقيقة الصراع على مستوى الداخل المصري مع الإشارة أن القضية الأم هي الانعتاق من الاستعمار ومخلفاته والسعي للامتلاك الإرادة ، في الداخل المصري ليس الصراع بين إسلام وكفر وبين إخوان وعسكر وإنما حقيقة الصراع بين دولتي يوليو 1952 ويناير 2011 بين دولة عسكرية تحولت إلى مملكة الجنرالات يملكون البلد تماما كما الملوك وزرعوا لذلك تنظيما طليعيا في كل مرافق الدولة ورسخوا لبيروقراطية مقيتة تقيد الدولة وتجعلها عصية على تغير سياستها العامة الداخلية، زرعوا تنظيما طليعيا في مؤسسات القوة العسكرية والأمنية (دفاع وداخلية) وفي مؤسسات العدالة (القضاء والنيابة) وفي مؤسسات المال والأعمال (رجال الأعمال) وفي مؤسسة التسويق لدولتهم والاغتيال المعنوي للخصوم وخلق الرأي العام (الإعلام) هذا التنظيم الطليعي قائم على المصالح المالية يمنح نفوذا لكبار منتسبيها في كل أرجاء الدولة فهم السادة الأمراء أفراد الأسرة المالكة وفي المقابل يرسخ هذه الإمتيازات عل شكل قناعات لدى قواعد جماهيرية ويشكل وعيا عاما يبرر من تلقاء نفسه مفهوم السادة والعبيد فجيش عظيم دون مبرر للعظمة وشرطة باسلة وقضاء شامخ وإعلام عريق كلها دون أي مبررات والجماهير تقتنع وتغني سابقا للزعيم الخالد ثم اخترناك وأخيرا تسلم الأيادي إنها جماهير وقاعدة شعبية شئنا ذلك أم تعامينا عنه، لم يكن ثمة تنظيم مناهض للطليعي هذا قادر على التنغيص عليه من خلال قواعد شعبية سوى التيار الإسلامي وفي القلب منه الإخوان المسلمون لذا عمل التنظيم الطليعي بماكينته الجبارة على مواجهة التيار الإسلامي ليس كونه إسلاميا وإنما كونه القادر على زعزعت الطليعي، واختلفت وتيرة وأسلوب المواجهة بين فصيل وآخر وبين حقبة وأخرى، ناصر والإخوان، السادات والجماعة الإسلامية، مبارك والمواجهة التدريجية مع الجميع وخلق سقف للحرية لم تكن الظروف مواتية لرفعه أو تحطيمه حدث ذلك حتى ثورة الياسمين التونسية والتي تأثرت بها مصر فكانت ثورة يناير الهادفة لبناء دولة يناير 2011 والقضاء على دولة يوليو 1952 وبدأ الصراع الماثل أمامنا اليوم والذي أصبح صفريا بين الدولتين، هذا الصراع كان حتميا وكاد أن يكون في أي وقت سابق عن انقلاب الثالث من يوليو لكنها أولا أقدار الله ثم تدابير دولة يوليو المخابراتية لتوقيت المواجهة حيث التوقيت الأصعب عل التيار الإسلامي وفي القلب منه الجماعة ثم عجز دولة يناير عن إدارة المشهد واشعال المواجهة في توقيتات أفضل بكثير وكان الأسلوب الإصلاحي لجماعة الإخوان هو السبب في ذلك والذي استغلته دولة 1952 جيدا، واقع المواجهة الآن أن الصراع محتدم للغاية والأطراف الخارجية تترقب وتذكي الصراع باتجاه عدم الانعتاق من الاستعمار وإمتلاك الإرادة أظن أن الواقع لن يكفيه بضعة أسطر لتوصيفه ويحتاج لمقالات أخرى وهنا فقط حقيقة الصراع.

مهزلة.. شاهد كيف تناول الاعلام حوادث السير في عهدى مرسي والسيسي

 

عبدالله شبيب يكتب: في عالمنا..طغاة عملاء يحاربون شعوبهم!

قد يذكر التاريخ في المستقبل أعاجيب ظهرت في هذا القرن- وفي منطقتنا العربية بالذات!- ...ونادرا ما كانت تحصل ..حيث يشن بعض الطغاة الفاسدين ..العملاء الدمويين .. حروبا طاحنة ضد شعوبهم- أو قطاعات عريضة منها!- مستعملين الجيوش التي حشدوها لخدمتهم[ أي خدمة الطغاة] ومولوها وسلحوها من دماء وأقوات الشعوب التي يذبحونها !! بينما مهمتها أن تدافع عن تلك الشعوب وبلادها !
هذه ظاهرة غريبة شاذة .. لو قيلت من قبل لما صدقها احد لكننا نعيشها واقعا أليما مشهودا مأساويا مجردا من الإنسانية ومن كل ما يمت إليها بصلة!!
ذلك أن العبث الصهيوني بلغ مداه ؛ فمعروف من قبل أن بعض الشعوب تكون كارهة لحكامها لاستئثارهم ونهبهم وتجاوزهم وظلمهم..وأن الشعوب تثور على الطغاة كما تثور على المستعمرين والمعتدين-..ولكن أن يستعمل الطغاة كل تلك القوة والأسلحة لتدمير الشعوب ..وبنيتها التحتية ..التي من المفروض أن يحافظ عليها أي مسؤول فهي من مسؤوليته!..ولكنهم يدمرون حتى بيوت الناس وأكثر الأحيان فوق رءوسهم ..كما يفعل مجرم الشام .. الذي يشن حربا قذرة بلا هوادة ضد شعبه منذ أكثر من ثلاث سنوات!
وقد كانوا يستجدون الدخول قي خدمة أمريكا المعتدية وحلفها ..وتحت [بنديرتهم] فلما لم يأبهوا بهم..رحبوا - على لسان المعلم وزير خارجيتهم- بالعدوان الأحنبي وقالوا أنهم يستفيدون منه! ..يعني تصديق نظرية أن العدوان التحالفي لتثبيت عرش بشار واستمرار الحرب الطائفية النتنة المشبوهة!
ومثل بشار طغاة عملاء آخرون في مصر وفي العراق .. ولأن الصنم اليهودي الفاسد في ليبيا قد قتل اختار الموساد والسي آي إيه أحد ضباطه الذين تدربوا جيدا في الولايات المتحدة – على عين السي آي إيه .. فجمع حوله [ فلولا] من الموتورين والجناة الذين كانوا أدوات لطغيان ابن اليهودية القذافي .. وكانوا سياطا يجلد بها شعبه ويظلمه ويسرقه ويهتك أعراض من يشاء منهم – وأولهم هؤلاء الأتباع الأذلة!-..فانضم هؤلاء وغيرهم ممن أغرتهم الرشوات السخية من بعض أعداء الإسلام الممولين لكل من حارب الإسلام الصحيح وأنصاره.. !
[ ملاحظة وإضافة محدثة: قضت المحكمة العليا في ليبيا مؤخرا ببطلان مجلس النواب الليبي ! وهذا يذكرنا بقرارات المحكمة الدستورية المصرية أيام مرسي في مصر[ محكمة محمود عبدالمجيد وتهاني الجبالي!] ..وكيف تبين – وأثبتنا ذلك بالوثائق والبراهين- أنها مخترقة بالكامل من أمريكا واليهود!.. فهل تكررت المأساة في ليبيا؟ خصوصا وأن فيها حكومتين ومجلسين .. فيا ترى ما حدود [ شرعية] ما يسمى المؤتمر الوطني الليبي؟ إذا كان الذين انتخبهم الشعب ليسوا شرعيين .. فما مدى شرعية من احتشدوا دون انتخاب ولا ما يشبهه ولا يمثلون أحدا؟!!
فإذاعرفنا أن المجلس المطعون في شرعية انتخابه مع الوطنيين الليبيين المتمسكين بالثورة والحرية – وفيهم الإسلاميون ( انتبه!) ..وأن المؤتمر الوطني مع المشبوه حفتر[عميل الموساد والسي آي إيه ومبعوثهما ..وخليفة القذافي ].. ومن معه من فلول النظام الفاسد البائد ..والمرتشين بالمال الحرام الوافد ! .. وبعض القبليين المخدوعين والجاهليين .. عرفنا سر الأمر!
ترى هل السر في رشوات صبيان الموساد أعداء الإسلام .. المشار إليهم سابقا؟! ..فمن اشترى الذمم في مصر يشتريها في غيرها ..وثبت أن القضاء الذي يجب أن يكون بعيدا عن أي غرض او تأثير .. يشترى ويباع ..كما نرى في [ القضاء القرقوشي البعكوكي المصري ] !!
وعلى كل فقد رفض المجلس المطعون في شرعيته وأنصاره حكم المحكمة ..وطعنوا فيه وثاروا ضده !
وللأسف .. فإن ذلك سيفاقم الوضع في ليبيا أكثر !! خصوصا وأن التدخلات الخارجية من عملاء الموساد – خاصة – لا تنتهي .. وسيول الرشوات لا تنقطع!!
وقريبا كان [الخنزير برنار ليفي في الجوار بتونس وقال إنه جاء بخصوص ليبيا لا تونس _ يعني أنه يواصل التآمر والتحريض ..وهو صاحب نظرية الانقلابات والإبادات لتجنب صعود الإسلاميين ..!
فهل يعقل العاقلون؟ وهل يبصر المبصرون؟! أم على قلوب وعيون أقفالها؟]
اللهم ألهم الليبيين الرشاد ووفقهم لمصلحة وحماية البلاد؛ وخلصهم من كل عوامل الفساد ؛ واحقن دماءهم!. ..واحم ليبيا من جميع أعدائها الداخليين والخارجيين ..ورد كيد المتآمرين في نحورهم..واحرمهم كل أدوات تآمرهم ..إنك على كل شيء قدير!!..آمين ..أمين..]
أما اليمن فهي على الطريق .. وقد عربد فيها أذناب إيران [ الحليفة الخفية للولايات المتحدة والصهيونية] ..,وإن غطت خيانتها بشعارات براقة كذابة ! وفي البلدين – يجري استهداف الإسلاميين المعتدلين الإصلاحيين خاصة!
فتش عن الموساد..!:
.. لا شك أن معظم ذلك من تدبيرات الموساد الذي يعمل – وشركاؤه – ليل نهار لتوهين هذه الأمة ..وإثارة الفتن فيها –وبعتبر الإسلام الصحيح المتكامل ودعاته خطرا عليه وعلى عملائه وأذنابه!- ..ولما خشي أن تخرح النظم عن طاعته – وتبطل الالتزام بحمايته .. تدخل – بمؤامراته المعروفة وكيده المحكم ..وشبكاته المتنوعة والمعززة والممتدة .. فأشعل ثورات مضادة..! وقلب الربيع العربي على رؤوس أصحابه !!..وكاد يحوله خريفا بل فعل كما في مصر والعراق واليمن..إلخ ..وأخر تحركه في بلاد أخرى كانت تنتظر!
.. ولكننا نبشره ونبشر أدواته ..أن الحال لن يدوم وأن الشعوب لا بد ان تبلغ غاياتها وتتحرر وتملك قرارها وقيادها بنفسها !

فيديو .. انهم قتلوا البطل سليمان خاطر



"الابواب الخلفية" حلقات نارية تفضح الجواسيس المزودجين

الصبي الذى خدع السادات
الجاسوس الذى بكت عليه مصر واسرائيل معا
دور سعد الشاذلي في حرب اكتوبر
اميرة الجواسيس التى خدمت اسرائيل كثيرا
طارق عبد الجابر يكشف حقيقة لقائه برئيس الموساد
اشرف مروان كنز اسرائيل الاول
طارق عبد الجابر ورئيس الاكوادور
سر مايك هراري

توفيق بوعشرين : من المسؤول عن شيطنة الإسلاميين؟

كاتب وصحفي مغربي، رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" المغربية. 
الإعلام الغربي مسرور بهزيمة حزب النهضة الإسلامي في الانتخابات أمام "نداء تونس". والديبلوماسيون في أوروبا يتنططون فرحاً لقدرة حزب علماني، يقوده شيخٌ على حافة الغروب، من هزيمة حزب أصولي في انتخابات مفتوحة، من دون تزوير ولا انقلاب ولا تعليق للعملية السياسية. ووكالات الأنباء العالمية مهتمة كثيراً بالنتيجة، وبردود فعل راشد الغنوشي الذي أقرَّ بالهزيمة، وهنأ خصمه. الجميع فوجئ من ردة فعل غير معتادة في هذه المنطقة، حيث الرابح يأخذ كل شيء والخاسر يفقد كل شيء.
لعقود، سادت القناعة في أوروبا وأميركا أن اليساريين والليبراليين وعموم العلمانيين، في العالم العربي، لن تقوم لهم قائمة أمام المد الأصولي الذي يستحوذ على القاعدة الاجتماعية الفقيرة والمتدينة والغاضبة، وأن الحل هو الرهان على الأنظمة السلطوية، لأنها الذراع الواقي من آفة الأصولية الدينية التي لا تحب الغرب، ولا ترى أن مصالحه يمكن أن تتعايش مع مصالحها. الديمقراطية آلية صالحة لكل زمان ومكان، إلا في العالمين، العربي والإسلامي، بحسب منظّري اليمين الأوروبي والأميركي، لأن هذه الديمقراطية تلد من بطنها عدواً لها. لهذا، لا داعي لزراعة هذه النبتة في الصحراء العربية.
كيف سقط الغرب، بمراكزه العلمية ومؤسساته السياسية وإعلامه القوي وأجهزة مخابراته المطلعة، في هذا الفخ، وأصبح يرعى الاستبداد باسم الخوف على الديمقراطية من أعدائها، وينظّر للاستغناء العربي من القاعدة الديمقراطية؟
ثلاثة تفسيرات لهذا المأزق الذي وضع الغرب نفسه فيه، ووضع معه مستقبل الانتقال الديمقراطي في البلاد العربية في أزمة كبيرة. أولها التفسير التقليدي أن للغرب مصالح، وليس له مبادئ خارج حدود دوله، فلا يخجل من دعم الاستبداد إذا يخدم مصالحه ويرعى امتيازاته، ويضمن تدفق النفط إلى مصانعه، ويبقي الأسواق مفتوحة أمام منتجاته، وإن تناقض هذا الاستبداد مع قيم الحداثة والتطور. ويعطي هذا التفسير مثالاً ملموساً بعلاقة الولايات المتحدة مع السعودية، حيث تدعم واشنطن نظاماً يناقش أحقية المرأة في قيادة سيارة في القرن الحادي والعشرين.
يقول التفسير الثاني إن اليمين المسيحي الإسرائيلي، النافذ في مراكز قرار عدة في أميركا وأوروبا، خطف العقل الاستراتيجي والسياسي في الغرب، بخصوص هذا الموضوع، وهو الذي يشوه صورة الحراك العربي وثوراته ونضالاته لصالح إسرائيل والاتجاهات المسيحية المتعصبة، والتي لا تطيق أن ترى زواجاً محتملاً بين العرب والديمقراطية، لأن ذلك يكسر الصورة النمطية التي تسوقها عنهم في العالم. لهذا، لا تتوقف عملية شيطنة الإسلاميين في الغرب، ونقل كليشيهات مضللة عن الشرق الخامل سياسياً، والذي لا يلد إلا الأصوليات المتشددة في طبعاتها المتعددة، كلما أتيحت له الفرصة، وذلك بفعل تأخر ثقافي بنيوي مزعوم، وبفعل فشل مهمات الإصلاح الديني، فشعوب العالم العربي، حسب هؤلاء، لم تخرج بعد من القرون الوسطى الأوروبية قبل خمسمائة عام. إذن، الحل هو دعم النخب المستبدة العلمانية، لأنها أقل ضرراً من مفاجآت صندوق الاقتراع. 
يعيد التفسير الثالث الموقف الغربي المتردد في دعم مسار التحول الديمقراطي في العالم العربي إلى عامل ذاتي لدى الحركات الإسلامية نفسها، والتي لم تنجح في الدفاع عن قضيتها، ولا اهتمت بتشكيل رأي عام في الغرب، يدعم مطالبها، وينحاز للقيم المشتركة بينها وبين الأمم الأخرى، وفي مقدمها الحرية (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً). الإسلاميون، ومنذ نصف قرن، وهم يخاطبون أنفسهم فقط، ويحشدون للعداء مع الغرب كل الغرب، من دون تمييز، وينظّرون للمفاصلة والتميز عن الآخر، وتركوا لخصومهم مهمة بيع صورتهم لدى الغرب. وعندما أتيحت لهم فرصة الحكم، أقاموا نظاماً للملالي في إيران، أو نظاماً للعسكر (المؤمن) في السودان، أو نظام أمير المؤمنين كما نحته الملا عمر أولاً والبغدادي ثانياً.

لماذا لا يوصم عبد الناصر والسادات بالإرهاب؟

بقلم: د صفوت حسين
المتأمل للمشهد السياسى على الساحة المصرية منذ سنوات يلاحظ بوضوح وجلاء هذا الكم الكبير من فقدان الموضوعية والمصداقية، وسياسة الكيل بمكيالين وأحيانا بعدة مكاييل، ولقد تجلى هذا الأمر بأوضح صوره بعد الانقلاب حيث تساقطت الأقنعة، وتهاوت النجوم الفضائية التى صنعها الإعلام على عينه طوال السنوات والعقود الماضية، وانقشع غبار الانقلاب عن سقوط مدو ومزر للنخبة التى تصدرت الساحة، ولم تتوقف عن الحديث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان فلما جاءت ساعة الاختبار الحقيقى وقفت فى صف الانقلاب والديكتاتورية وانتهاك كل الحقوق والحريات، وتنكرت لكل ماصدعت به رؤؤسنا من مبادى وقيم ولم يثبت إلا أقل القليل الذين قبضوا على الجمر، وتمسكوا بمبادئهم، ولم يدفعهم الاختلاف أو الخصومة السياسية أو الفكرية مع فصيل آخر الى التغاضى عما تؤمن به من قيم ومباديء وأتوقف هنا عند قضية وصم الإخوان بالإرهاب بعد أن تحولت الجماعة فى ظل الانقلاب من الجماعة المحظورة الى الجماعة الإرهابية،وبعد أن أخذ الانقلاب يسوق نفسه على أنه حامى حمى المنطقة والعالم كله ضد الإرهاب والحقيقة أنه بعد بحث عن هذا الإرهاب المنسوب الى الإخوان لن تجد فى النهاية إلا الحادثتين اللتين يتم الحديث عنهما منذ عهد السادات ومبارك وهما حادثتا مقتل الخازندار والنقراشي، واللتان يتم استدعائهما على عجل والعزف عليهما، وتردديهما كالاسطوانة المشروخة منذ عقود فى مواسم الهجوم على الإخوان من جانب أبواق وكتبة النظام ومعارضى الإخوان، ومن يقرأ مبررات قرار الانقلاب فى 25 /12 /2013 باعتبار الإخوان جماعة إرهابية لن يجد فعليا - بعيدا عما احتوى عليه القرار من أخطاء وأكاذيب - غير حادثتى الخازندار والنقراشى واللتين تعتبران فى حد ذاتهما دليل على نبذ الإخوان للعنف بدليل أنهما لم يجدا مايستشهدان به على قيام الإخوان بأعمال عنف إلا حادثتين وقعتا فى عام 1948،وهما كانا محل إدانة من مرشد الجماعة الشيخ حسن البنا والحقيقة ليس الهدف هنا مناقشة وتقييم دور النظام الخاص المعروف إعلاميا بالتنظيم السري،أو الحديث عن ملابسات هاتين الحادثتين،وهل كانتا بعلم قيادة الجماعة أم لا ؟ ولكن أتوقف هنا عند المعيار الذى يستخدمه معارضوا الإخوان وأبواق الانقلاب فى رمى الإخوان بالإرهاب استنادا الى حادثتين وقعتا منذ أكثر من ستين عاما فى الوقت الذى يغضون فيه الطرف عن بعض الكيانات والشخصيات التى تورطت فى مثل هذه الأعمال فى تلك الفترة فى إطار سياسة الكيل بمكيالين،وانتقاء بعض أحداث التاريخ وتوظيفها فى خدمة الصراعات السياسية.. فهل كان فكرة الاغتيالات السياسية للقوى المتعاونة مع الإنجليز قاصرة على الإخوان فقط؟ وهل الإخوان فقط هم الذين تورطوا فى هذه الأعمال؟ الواقع أن فكرة الاغتيالات السياسية للمتعاونين مع الإنجليز كانت سائدة فى تلك الفترة من جانب بعض الكيانات والشخصيات التى يضفى عليها البعض أوصاف الزعامة والقداسة،وأعنى هنا تحديدا عبد الناصر والسادات اللذين تورطا فى أعمال لا يمكن أن توصم إلا بالإرهابية بنفس المعيار الذى يطبق على الاخوان بل إن بعض الأعمال الإرهابية التى تنسب لعبدالناصر أشد فداحة لأنها صدرت من رجل مسئول بالدولة، وليس من جانب شخص أو تنظيم فيذكر عبد الناصر فى كتابه "فلسفة الثورة":. "وأعترف - ولعل النائب العام لا يؤاخذنى بهذا الاعتراف - أن الاغتيالات السياسية توهجت فى خيالى فى تلك الفترة على أنها العمل الإيجابى الذى لا مفر من الإقدام عليه إذا كان يجب أن ننقذ مستقبل وطننا.وفكرت فى اغتيال كثيرين وجدت أنهم العقبات التى تقف بين وطننا وبين مستقبله...." ولم يتوقف الأمر عند مجرد التفكير بل اتجه عبدالناصر الى التنفيذ بالفعل وقام بمحاولة فاشلة لاغتيال اللواء حسين سرى عامر قائد سلاح الحدود وقد تحدث عبد الناصر عن الصراع النفسى داخله عقب المحاولة الفاشلة حول وسيلة الاغتيالات السياسية وانتهائه الى أنه ليس الطريق الإيجابى لتحقيق الأهداف الوطنية لدرجة أنه تمنى ألا يموت الرجل "وهرعت فى لهفة الى إحدى صحف الصباح وأسعدنى أن الرجل الذى دبرت اغتياله قد كتبت له النجاة" فهل كان عبد الناصر صادقا فى مشاعره وأقواله تلك ؟ الواقع أن عبد الناصر لم يكن صادقا فى موقفه،وهذا ليس رجما بالغيب ولا تفتيشا فى النوايا فالرجل الذى أبدى الندم على محاولة الاغتيال وتمنى نجاة حسين سرى عامر هو نفس الرجل الذى سار فى نفس التفكير والتدبير بعد ذلك وتحديدا فى أزمة مارس 1954 فبعد اضطرار عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة الى إعادة محمد نجيب تحت ضغط الجماهير،واشتداد الصراع بين محمد نجيب ومعه خالد محى الدين المطالبين بالديمقراطية وباقى أعضاء مجلس قيادة الثورة اقترح عبد الناصر فى 4 مارس 1954 كما يذكر عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة فى مذكراته " انسحاب مجلس الثورة على أن يعمل كل فرد من أعضائه على تكوين(team) فريق له مكون من عشرة أفراد مهمته التخلص من العناصر الرجعية والأفراد الذين يناهضون الثورة والذين يقفون فى طريقها كسياسى الأحزاب القديمة والإخوان المسلمين والشيوعيين ولكن لم يتجاوب أحد من أعضاء المجلس فى هذا الاتجاه" وفى يوم 19 مارس وقعت عدة انفجارات فى القاهرة فى مبنى محطة السكة الحديد والجامعة ومحل جروبى ويذكر البغدادى فى مذكراته أنه توجه هو وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم أعضاء مجلس قيادة الثورة لزيارة عبد الناصر فى بيته نظرا لمرضه يوم 21 مارس " فأبلغنا أن الانفجارات التى كانت قد حدثت فى اليوم السابق وأشار إليها فى اجتماع المؤتمر، إنما هى من تدبيره لأنه كان يرغب فى إثارة البلبلة فى نفوس الناس ويجعلها تشعر بعدم الأمن والطمأنينة على نفوسهم وحتى يتذكروا الماضى أيام نسف السينمات... إلخ. وليشعروا بأنهم فى حاجة إلى من يحميهم على حد قوله" فى صباح يوم 27 مارس اندلعت المظاهرات التى تم تدبيرها من جانب عمال النقل وهيئة التحرير وأفراد الحرس الوطنى والبوليس الحربى الذين ارتدوا الملابس المدنية، والتى أخذت تهتف بسقوط الحرية والديمقراطية وقد أتت المظاهرات أكلها وتقرر إرجاء تنفيذ القرارات الديمقراطية التى اتخذها مجلس قيادة الثورة من باب المناورة حتى نهاية الفترة الانتقالية فى 10 يناير 1956، ونزلت قوات الجيش الى الشوارع وتوجه عبد الناصر لزيارة اتحاد نقابات النقل المشترك الذى كان لرئيسه الصاوى أحمد الصاوى الدور الأكبر فى هذه المظاهرات ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تم توجيه المتظاهرين الى مجلس الدولة بعد نشر أخبار عن انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الدولة لاتخاذ موقف ضد قرارات مجلس قيادة الثورة حيث تم اقتحام المجلس والاعتداء بالضرب على رئيسه السنهورى باشا لقد ثبت أن إضراب عمال النقل كانت من تدبير عبد الناصر وقد رتب الأمر إبراهيم الطحاوى، وأحمد طعيمة من زعماء هيئة التحرير بالاتفاق مع الصاوى أحمد الصاوى سكرتير اتحاد عمال النقل نظير أربعة آلاف جنيه ويذكر خالد محى الدين عضو مجلس قيادة الثورة فى مذكراته الآن أتكلم "ولك عزيزى القارئ أن تتصور إضرابا لعمال النقل تسانده الدولة وتحرض عليه وتنظمه وتموله وأتوقف تحديدا أمام كلمة تموله هذه فلقد سرت أقاويل كثيرة حول هذا الموضوع لكننى سأورد هنا ما سمعته من عبد الناصر بنفسى فعند عودتى من المنفى التقيت عبدالناصر وبدأ يحكى لى ماخفى عنى من أحداث أيام مارس الأخيرة وقال بصراحة نادرة لما لقيت المسألة مش نافعة قررت أتحرك وقد كلفنى الأمر أربعة آلاف جنيه" أما أنور السادات فيتحدث بالتفصيل فى مذكراته "البحث عن الذات" عن دوره فى محاولة اغتيال زعيم الوفد النحاس باشا، واغتيال أمين عثمان،والذى كان يرى أن من "المهم أن نتخلص ممن كانوا يساندون الإنجليز فى ذلك الوقت وكان على رأس هؤلاء فى نظرنا مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد الذى سقط فى نظرنا منذ أن فرضه الإنجليز بقوة السلاح فى 4 فبراير 42" وبالرغم من فشل محاولة اغتيال النحاس التى جرت فى سبتمبر 1945 - أى قبل ثلاثة سنوات تقريبا من حادثتى الخازندار والنقراشى - فقد قرر السادات وجمعيته السرية التى شكلها اغتيال أمين عثمان الذى كان وزيرا للمالية فى وزارة النحاس،والذى كان قد صرح أن العلاقة بين مصر وبريطانيا زواج كاثوليكي،وقد تم تنفيذ العملية فى يناير 1946 حيث أطلق عليه حسين توفيق النار فأرداه قتيلا وعلى عكس عبد الناصر لا يبدى السادات أى قدر من الشعور بالذنب ولو ظاهريا كما فعل عبد الناصر بل على العكس نجد أن الرجل يشعر بالتيه والفخر لما قام به،ويفرد الصفحات الطوال فى مذكراته للحديث بكل أريحية عن الدور الذى قام به بعد القبض عليه وبعد اعترافات حسين توفيق التفصيلية فى تقويض أدلة الجريمة ولعل السؤال للأخوة التى تجرح مشاعرهم الرقيقة،وتنغص عليهم حياتهم حادثتى الخازندار والنقراشى – وهما محل إدانة فى كل الأحوال – اللتين وقعتا منذ أكثر من ستين عاما ...وهم الذين ماتت مشاعرهم إزاء المذابح التى ارتكبها الانقلاب بالأمس القريب... لماذا تجمدت مشاعركم الرقيقة عما قام به عبد الناصر والسادات؟ وهل ما قاما به أعمال وطنية أم إرهابية ؟!!!!