نقدر أن نحو ثمانية آلاف من مصابينا وصلت إصاباتهم ــ التى تلقوها على أيادى الجيش والشرطة وبلطجية وزارة الداخلية ــ درجة من الحدة أو الإعاقة لا تسمح لهم بالعودة إلى حياتهم الطبيعية وأشغالهم التى اعتادوها.
بعض المصابين كُسِروا، والبعض ما زال يكافح، والكل يحتاج إلى رعاية طويلة المدى. كثيرون يحتاجون عملا يقدرون على إنجازه والتعيش منه. أغلبيتهم مسئولون عن بيوت. كشفت لنا الثورة كم من الشباب يعولون أهاليهم، كم منهم أيتام يحملون مسئولية أمهات، ومسئولية أخوات يحتجن إلى التعليم وإلى الزواج. الكثير من الإصابات ــ وبالذات إصابات العيون ــ كان من الممكن تداركها. لكن المصابين، بعد إسعافات المستشفى الميدانى، دخلوا منظومتنا الصحية البالغة الرداءة. الكثير من الأطباء تطوعوا ففتحوا عياداتهم ليسعفوا ويعالجوا المصابين بدون أجر، جاءنا من الخارج أطباء مصريون وأجانب، ولكن لم يوجد طريق يضمن تلاقى المريض والطبيب. والواقع أن الرعاية التى لاقاها أكثر المصابين كانت عن طريق أهل الخير، والنشطاء من الشباب الذين كرسوا (وما زالوا حتى وقت الكتابة يكرسون) مجهوداتهم لهذا العمل. وهناك اتهامات لبعض الجهات الحكومية بأنها لم ترغب ــ فى الحقيقة ــ فى العناية بالمصابين على الإطلاق، بل علمنا فيما بعد أنهم كانوا ــ إذا اضطروا إلى تقديم العلاج ــ يستعملونه كنوع من العقاب، فيخيطون الجروح ــ مثلا ــ دون استعمال البنج، أو يكلبشون المصاب فى سرير المستشفى بأشكال مؤلمة. ولا أدرى لماذا استغربنا هذا وقتها ــ فمن الذى أصاب المصابين بإصاباتهم أصلا؟ ركزت الحكومة على إصدار التصريحات حول «تعويض» المصابين وتحديد القيمة المالية لإعاقة الساق وفقء العين، وتحمست أحيانا فحذرت الشعب من أن البعض يحاول استغلال كرمها وينتحل صفة المصاب الثورى.
ظل المصابون يطالبون الحكومة بالعون الطبى والعملى، وتهكم عليهم اللواء محسن الفنجرى ــ صاحب التحية العسكرية لأرواح الشهداء، أداها فى فبراير حين تعهد المجلس العسكرى بـ«حماية الثورة» ــ فقدم لهم النصيحة بالتوجه بمطالبهم للميدان ربما نفعهم. ونزل بعض المصابين فعلا إلى ميدان التحرير فبدأوا فيه اعتصاما فى يوم الجمعة ١١ نوفمبر. وبعد أسبوع، فى يوم الجمعة ١٨ نوفمبر (وكان قد تم إعلانها «مليونية المطلب الواحد: تسليم السلطة» ــ أن يسلم المجلس العسكرى السلطة إلى كيان مدنى منتخب فى موعد أقصاه إبريل ٢٠١٣)، توجه مئات الآلاف منا إلى التحرير لنعبر عن إصرارنا على إجراء الانتخابات يوم ٢٨، وعلى أن يحدد المجلس العسكرى تاريخا لتسليم السلطة.
كانت منال (زوجة ابن أختى، علاء عبد الفتاح) على بعد أسبوع واحد من موعد وضع طفلها، وبالرغم من كل شىء ــ بالرغم من حبس علاء، ومن الأثاث الذى لم يزل فى البحر مشحونا من حياتهم فى جنوب افريقيا التى هجروها من أجل عيون مصر والثورة، بالرغم من البيت المقلوب، وغرفة الطفل التى لم تكتمل، كانت منال مضيئة، مبهرة. أما ليلى سويف، فكانت فى اليوم الخامس عشر من إضرابها عن الطعام (مطالِبة بمحاكمة الشباب المحبوسين على ذمة قضية ماسبيرو أمام قاضيهم المدنى الطبيعى وليس أمام محكمة عسكرية)، وكانت الناس ــ المئات من الناس ــ تقترب منها، تسلم عليها، تربت على كتفيها، تقبل رأسها. ظللت أنا لصيقة بها، أزِنّ عليها بانشغالى، بأسئلتى المتكررة. تقول محاولة طمأنتى «بجد أنا كويسة؛ مش حاسة بتغيير؛ يعنى حاسة عادى زى أيام ما كنت باكل». خمسة عشر يوما على الماء فقط وكل ما ألاحظه هو انخفاض صوتها. رضَخَت لأوامر خالتنا الطبيبة، الدكتورة ليلى موسى، بإجراء بعض الفحوصات الطبية فاطمأنينا بعض الشىء، لكنى قلقة. أجرب مدخلا جديدا: «مش صعب على علاء إنه يبقى محبوس وعارف إنك مضربة عن الطعام؟»
قالت «لأ. إحنا بنثق فى قوة بعض. دى علاقتنا».
وها قد جاء عيد ميلاد علاء: اليوم عنده ٣٠ سنة*. أتى أصدقاؤه بتورتة ضخمة إلى الميدان، وأشعلنا الشموع وعصى الشمس والقمر ورفعنا أصواتنا بالغناء «سنة حلوة يا جميل» أمام مجمع التحرير حيث تجمع أهالى الشهداء والمصابين.
التحرير عاد من جديد. محاولة المجلس العسكرى التحكم فى كتابة الدستور (عن طريق مبادرة السلمى) شحذت الهمم، وجاءت الدعوة للاحتجاج من جميع الأحزاب والحركات والتحالفات. امتلأ الميدان والشوارع المجاورة، وكان مزاج الناس عاليا وأرواحهم مستبشرة. هتافات شباب الألتراس وأناشيدهم ملهمة للجموع، وشماريخهم تضىء السماء. وكان المتفق عليه أن الكل سينصرف فى نهاية اليوم، ونفَّذ معظم الناس الاتفاق. ولكن، وكالمعتاد فى المواقف التى يشعر فيها الشباب أنهم ربما يخذلون الشهداء والمصابين وأسرهم، قرر البعض أن يظل معهم فى اعتصامهم الصغير الذى بدأ منذ أسبوع.
وفى صباح اليوم التالى، يوم السبت ١٩ نوفمبر، تحركت قوات الأمن المركزي: هاجموا خيام الاعتصام فهدموا بعضها وأشعلوا النيران فى البعض الآخر، ضربوا المصابين وأحاطوا بالصينية وبحديقة المجمع وتمركزوا على مخارج الميدان. انتشر خبر هجمة الداخلية فنزلت أعداد من المواطنين إلى التحرير ليتضامنوا مع المصابين وحين أتى العصر كان الميدان حولنا مسرحا للدخان والغاز المسيل للدموع والرصاص والخرطوش والمئات من جنود الأمن المركزى بالمدافع والبنادق والشوم والمئات من المحتجين يردون عليهم بالحجارة.
الطريق المفضل لقوات الأمن المركزى من وزارة الداخلية فى لاظوغلى إلى التحرير هو شارع محمد محمود. ولهذا اعترض الثوار طريق الجنود فى شارع محمد محمود وبعد فترة نجحوا فى استيقافهم. ولمدة أربعة أيام وقف الشباب فى شارع محمد محمود يدافعون عن ميدان التحرير. صَوَّر إعلام الدولة هذه المعركة على أنها «الثوار والبلطجية يحاولون اقتحام وزارة الداخلية»، بينما الشباب فى الحقيقة كانوا يضعون أجسادهم، غير المسلحة، فى طريق قوات الأمن المركزى ليحموا، مرة أخرى، المصابين والمتضامنين المدنيين فى التحرير. خمسون مترا بين حياة شبه عادية فى الميدان، وجبهة قتال فى محمد محمود. وحكى لنا الشباب حين خرجوا من محمد محمود إلى التحرير ليلتقطوا أنفاسهم، حكوا لنا كيف أشار الجنود لهم وطلبوا «السلام» ثم بدلوا الورديات وباغتوهم بالهجوم. وحكوا لنا، ونحن على بعد خمسين مترا، كيف كسر الأمن هدنة الصلاة التقليدية. وشبت النيران فى عمارة سكنية، وتسلق الشباب جدران المبنى لينقذوا السكان واستغل الأمن اللحظة فأطلق عليهم الرصاص.
فى السادسة من مساء ٢٣ نوفمبر ٢٠١١ كتبت:
«قرأت للتو هذه التغريدة: «إفطر كويس. خد شنطة فيها قناع واقى من الغاز ونضارة بحر. اكتب اسمك على دراعك، واكتب بياناتك فى رسالة على موبايلك وانزل الميدان»
أُعلِن أمس، الثلاثاء، يوما لـ«إنقاذ الوطن»، وطالب الشعب فى أرجاء البلاد بتنحى المجلس العسكرى. ومساء الثلاثاء، وبينما تركز كاميرات الإعلام على التحرير، كان الجيش والشرطة يهاجمون المواطنين فى الإسكندرية وأسيوط وأسوان ودمياط والإسماعيلية والأقصر والمحلة والمنصورة وسوهاج والسويس. ولكن، وفى عصر المشهد التليفزيونى الذى نعيشه، كانت صور التحرير هى المتداولة: الميدان مزدحم بالناس، مزدان بالأعلام، مغيم بالغاز.
بالأمس توافد الآلاف إلى التحرير. الساعات الأولى من الأحد السابق كان المستشفى الميدانى الصغير فى مسجد عباد الرحمن يستغيث طالبا سماعة طبيب وجهاز قياس ضغط وبيتادين وقطن طبى. الثلاثاء بعد الظهر رأى سبعة مستشفيات ميدانية فى محيط التحرير مكدسة بالأدوية والمعدات، كلها أتى بها الناس متبرعين. جامع عمر مكرم وكنيسة قصر الدوبارة تشاركا فى تنسيق التخصصات الطبية، وعلى جدار قريب منهما كتب أحدهم: «إحنا الميدان: جامع وكنيسة وبرلمان».
وبالأمس دخل مائتا طبيب وطبيبة من الشباب إلى الميدان، دخلوا معا فى مسيرة بالبلاطى الطبية البيضاء وتوزعوا بين المستشفيات، وخلال ساعات كانت إحدى الطبيبات، الدكتورة رانيا فؤاد، قد استشهدت اختناقا بالغاز.
الثورة تستعمل ما تعلمته فى يناير وفبراير وتضيف إليه: يُفط الطريق، مواقع معلومات، إرشادات، شباب على موتوسيكلات ينقلون الجرحى من خطوط المواجهة إلى المستشفيات، التنظيم التلقائى العضوى مبهر، والإبداع المتماهى مع الإنسان واللحظة: حين اتضح أنهم يستهدفون العيون، فأصابوا عين الدكتور أحمد حرارة الباقية، وأصابوا عين مالك مصطفى ــ وهو من أكثر الثوار شعبية وأيضا عريس جديد ــ وغيرهما، ظهرت ضمادة بيضاء على عين أحد الأسود البرونزية الضخمة على مدخل كوبرى قصر النيل فكانت أيقونة جديدة ورمزا للثورة.
على سطوح إحدى عمائر التحرير كانت عيوننا داخل الأقنعة تبكى من الغاز.
المتظاهرون لا يحملون سلاحا. يهاجمهم الجنود فيقاومون ببسالة؛ يستعملون حجارة الطريق، يلتقطون قنابل الغاز ويعيدونها مقذوفة إلى مرسليها، يثابرون على الدق المخيف على أعمدة النور ولوحات الطريق المعدنية، يقذفون المعتدين أحيانا بالألعاب النارية. الميدان يعى جيدا التعارض بين طبولِه وصواريخه وبين فحيح قنبلة الغاز وسكون القناص الخائن.
نقول هذه «أيام الفرز».. الآن، وأنا أكتب، فى تلك البقعة الحرجة فى شارع محمد محمود حيث عقدت هدنة فى الثالثة وكسرت فى الخامسة، أطلق الجيش/الشرطة النار على المتظاهرين أثناء صلاة المغرب. المستشفى الميدانى فى كنيسة قصر الدوبارة وفى جامع عمر مكرم ينادى طالبا جراح مخ وأعصاب، الموتوسيكلات أتت بأكثر من خمسين جريحا فى العشر دقائق الماضية».
فى «أحداث محمد محمود» أصيب أكثر من ثلاثة آلاف وثمانمائة شاب وشابة واستشهد اثنان وأربعون، وكان هذا فى الإسكندرية والإسماعيلية والقاهرة ومرسى مطروح.
اثنان وأربعون أمًا، فقدن أولادهن فى هذه الأيام الأربعة. أعلنت الثورة يوم الجمعة ٢٥ نوفمبر «جمعة الشهداء» و«جمعة الفرصة الأخيرة»، وامتلأ الميدان بأعداد وجموع غير مسبوقة من المواطنين تكرر المطالبة بتنحى المجلس العسكرى فى الحال وتسليم السلطة لرئيس مدنى مؤقت. لم يعد الناس على استعداد للانتظار حتى إبريل. الشارع مستعد لتقبل أى من محمد البرادعى أو عبد المنعم أبو الفتوح أو حمدين صباحى، سواء واحد منهم كرئيس منفرد أو معا كمجلس رئاسى. الهتافات والبانرات تطالب بمحاكمة حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية. الثورة والمطالب فى التحرير هى نفس الثورة والمطالب فى كل المدن المصرية.
ولكن، فى القاهرة، ظهرت حركتان احتجاجيتان بديلتان: أعلن الإخوان المسلمون ــ الذين تغيبوا تماما عن مؤازرة الثورة فى محمد محمود ــ أعلنوا موقفا مغايرا لموقف التحرير، وأقاموا احتجاجا خاصا بهم فى الأزهر (ومن جانبه، تباعد شيخ الأزهر عن موقفهم هذا وأرسل ممثلا للتحرير يطالب بمحاكمة قتلة الشباب)، وفى محاولة واضحة لسحب الأنظار عن «جمعة الشهداء» أطلق الإخوان على الجمعة ٢٥نوفمبر «جمعة الأقصى»، وكأنه من الصدفة البحتة أن يختاروا هذه الجمعة بالذات للتضامن مع الأقصى الذى تتهدده إسرائيل منذ عقود. وسارع الفلسطينيون ينأون بأنفسهم عن هذا القرار ويتهمون الإخوان بالانتهازية وباستعمال القضية الفلسطينية لتقويض ثورة مصر.
وفى ميدان العباسية، وبالقرب من وزارة الدفاع، قامت أول مظاهرة داعمة للمجلس العسكرى، وأصبح هذا الجمع ــ وكان يحصى فقط بالمئات يصورها تليفزيون الدولة لقطات «كلوز أب» وينقلها كموازية أو مساوية لجموع التحرير ــ أصبح نواة الحملة الانتخابية للمرشح الفريق أحمد شفيق، فى الانتخابات الرئاسية. وقال بعض أهالى العباسية إن المتظاهرين كانوا غالبيتهم من أجهزة الأمن يرتدون الملابس المدنية.
وفى شارع محمد محمود أتت قوات الجيش بكتل اسمنتية ضخمة مكعبة، وضعتها فى مجرى الطريق، ومثلما بنوا سورا على الطراز الإسرائيلى عند نهاية كوبرى الجامعة فى مايو، أقاموا اليوم شبيها له يقطع عرض شارع محمد محمود، ليحموا، كما ادعوا، وزارة الداخلية من الثوار. وتغير الشارع تغيرا عبقريا، فتحول من مجرد طريق يصل ما بين ميدان التحرير وميدان الفلكى ولا يتمتع بأى طابع خاص إلى المنزل الروحى للثورة ومَحَجَّها. توافد الناس ليزوروا موقع المعركة، وليشاهدوا الجدار الذى أقامه الجيش، ليحاولوا استيعاب المكان الذى استشهد فيه هذا العدد من الشباب وقنصت فيه هذه الأعداد من العيون دفاعا عن التحرير والثورة. وجاء إلى المدينة مجموعة من الفنانين الشباب من الجنوب، فتجلى على أحد الأعمدة مينا الملاك الجالس متربعا على الأرض، ثم استبقى حائط حرم الجامعة الأمريكية مجموعات من الملائكة فى طريقها الصاعد من الرصيف إلى السماء وكانت الملائكة ترتدى أقنعة الغاز، وإلى جانب الملائكة المقَنَّعة ارتسمت مشاهد فرعونية ورموز إسلامية وأيقونات قبطية وأشعار، وازدهرت على الحوائط جداريات ضخمة بهية مبهجة. وفى ديسمبر، حين ارتقى الشيخ عماد عفت شهيدا، تبدى على جدار المدرسة اليونانى متفجر الضوء والطاقة، تتفجر من كتفيه أجنحة زاهية، وتفيض يده الممدودة بالآية الكريمة: «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنا كَبِيرا». نبتت فى الشارع كراسى من البلاستيك ونصبات شاى متواضعة، وكان الناس يجلسون مع الأصحاب أو الكِتاب أو اللابتوب ــ فى حضرة الشهداء. وفاضت الألوان من محمد محمود على الميدان نفسه، وعلى شوارع وسط البلد. اللواء محمد البطران، الذى قتل فى يناير ٢٠١١، ظهر هنا ببدلته الرسمية وأجنحته الملائكية فدخل رسميا فى عداد شهداء الثورة. وبعدها، فى فبراير ٢٠١٢، حين قتلوا شباب الألتراس فى بورسعيد فارتقوا شهداء كان الاحتفاء بهم هنا، على هذه الجدران. وطوال ذلك الشتاء المظلم البارد كانت جدران المبانى فى شارع محمد محمود تتفجر وتشرق بالتعليقات وبالانتحاب وبالاحتفال. قطع الجيش أوصال وسط البلد بستة جدارات فتحولت كلها إلى تابلوهات راقصة وشواطئ بحار وأقواس قزح وأطفال تلعب وجزر استوائية ثرية بالنبات وبالحياة وخدعات وألعاب بصرية ومشاهد شوارع وطرق تنادى وتتماوج كالسراب.
هُزموا. فى إعادة لهزيمتهم فى ٢٥ و٢٨ يناير، هُزِمت الداخلية فى محمد محمود. تراجعت قواتها وراء الجدار الذى بنته لها القوات المسلحة. صار الهتاف «اشهد يا محمد محمود / كانوا ديابة وكنّا أسود»، وعلى نهاية الأحداث كان رئيس المجلس العسكرى، محمد حسين طنطاوى، قد وعد بأن الانتخابات ستبدأ يوم ٢٨ نوفمبر كما كان مقررا، وقَبِل استقالة الدكتور عصام شرف، وحَوَّل قضية ماسبيرو من المحكمة العسكرية إلى محكمة مدنية (فأنهت ليلى إضرابها عن الطعام).
انتهى كل حديث عن أن الجيش والشعب «إيد واحدة»، وأصبح من المعتاد أن نهتف ونسمع هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر».
أكتوبر ٢٠١٢
• وجاء عيد ميلاد علاء مرة أخرى فى هذا الأسبوع الماضى وقد دخل فى الأسبوع الثالث لإضرابه عن الطعام، فانضم مرة أخرى إلى «معركة الأمعاء الخاوية» مع رفاقه المعتقلين فى السجون المصرية. وإضرابه مثبت فى محضر رسمى على أنه احتجاج على «حبسه احتياطيا على ذمة نفس القضية، بعد أن دفع كفالة إخلاء سبيل مرتين متفرقتين، واحتجاج على قانون التظاهر الباطل، وعلى دوائر الإرهاب الباطلة التى يحاكم أمامها المحبوسون، وعلى المحاكمات التى تنعقد بداخل معهد أمناء الشرطة».