12 أغسطس 2019

سيد أمين يكتب: "تدويل المقدسات" الحديث الشائك


الاثنين 12 أغسطس 2019 23:08
على ما يبدو أن النظام العالمي، الذي يعلم الجميع من يديره، هو من يصر على أن تبقي جميع مقدسات المسلمين سواء في فلسطين أو في الأراضي الحجازية تحت السيطرة، بهدف استخدامها رهينة أو أداة ضغط لابتزاز المسلمين أو بعضهم وتركيعهم للإرادة الغربية.
 فيما تظل أصداء نداءات تدويل الأراضي المقدسة أو حتى استقلال إدارتها في شبه الجزيرة العربية تتردد كثيرا على مر التاريخ الحديث وذلك خوفا على سلامة تلك المقدسات وحرصا على سهولة وحرية الوصول إليها ، أو خوفا من سوء وفساد وانحراف السلطات السياسية المشرفة عليها ، أو خشية أن تستغلها الإدارة الراعية لها سياسيا منحا ومنعا، وذلك بداية من تلك المطالبات التي نادت بها مصر واندونيسيا والهند عام 1927 مع هدم المساجد والأضرحة التي بدأت الدولة السعودية الثالثة عهدها بها ، نهاية بنداءات معمر القذافي وصدام حسين عام 1990 التي كانت ترددها اذاعة العراق انذاك وأنشد لها المطربون العراقيون الأناشيد وصولا إلي المطالبات الإيرانية المتكررة.
 وامتدت الدعوى حتى وصلت للنقابات ومنها مطالبات نقابة الأئمة بتونس بذلك حتى وصل الأمر لإنشاء بعض المتحمسين منظمات تطالب بذلك ومنها "الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين" أو"الحرمين ووتش"، والتي عقدت مؤتمرها الأول في 9 من يناير/كانون الثاني قبل الماضي بأندونيسيا.
وكان حزب "مصر الفتاة" المصري أبرز الأحزاب التي كانت دعوة تدويل المقدسات سببا في تجميده.

منجم لا ينضب

 لكن تلك الأصداء ترتفع وتخبو بين الحين والأخر طبقا للتداعيات الناجمة جراء إساءة استغلال النظام السعودي لهذه المقدسات سياسيا وهو له في هذا تاريخ طويل، حيث يعتبرها جزءا من ميراثه الخاص يتصرف فيها وفي زائريها كما يشاء، وليست ملكا لأمة تعدادها يقترب من الملياري مسلم، معتبرا أن دعوات التدويل بمثابة إعلان حرب، وهوما يفسر العداء الشديد الذي كانت تكنه السعودية لعبد الناصر وصدام لا سيما تجاه العقيد الليبي معمر القذافي بسبب إصراره على هذا المطلب.
والحقيقة أن المقدسات الإسلامية لا تمثل ثقلا سياسيا كبيرا للنظام السعودي فحسب بل تمثل منجما هائلا لا ينضب من الثروة لا يبذل في استخراجها أدنى مشقة، فعائدات الحج والعمرة تدر عوائد مالية ضخمة تقدر بحسب بعض المصادر بنحو 16 مليار دولار سنويا فيما قدرها مركز "بي.إم.إي ريسيرش" - إحدى شركات مجموعة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني - بنحو 12 مليار دولار وذلك من خلال حجوزات الفنادق والمواصلات والهدايا والطعام والرسوم وغيرها.
هذا المعين الذي لا ينضب شجع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على طرح خطة لتنويع مصادر الدخل بالمملكة لتستقل عن النفط وتركز على "السياحة الدينية"، حيث يقصد المملكة بسبب تلك المقدسات نحو 20 مليون حاج ومعتمر سنويا، وهناك خطط للوصول بهم إلى 30 مليون حاج ومعتمر في رؤية 2030 التي يروج لها الإعلام السعودي.


المنع والتضييق

وتأتي إجراءات المنع والتضييق والترويع التي اتخذتها السلطات السعودية تجاه حجيج دولة قطر وقيام الإعلام السعودي بتخيير القطريين بين خيانتهم لوطنهم أو الحج، كواحدة من تلك الإجراءات التعسفية التي تخلط فيها بين ما هو ملك لها وما هو ملك للإسلام والمسلمين.
ورغم أن قطر من أكثر دول العالم التي اتهمتها السعودية بالسعي لتدويل المقدسات، إلا أن الواقع يقول أن قطر رغم أنها هى الدولة الوحيدة التي مورست ضد حجيجها أوسع الانتهاكات من قبل السلطات السعودية ، ومع ذلك لم تطلب من الأمم المتحدة آو اليونسكو أو أية جهة أخرى تدويل الأراضي المقدسة و- هو مطلب مشروع لها ولغيرها - واكتفت بمطالبة تلك المنظمات الأممية وقف استمرار استغلال السعودية لهذه المقدسات بشكل انتقائي خاصة بعدما فشلت الوساطات، وغيبت الجامعة العربية ، وأصاب الشلل مجلس التعاون الخليجي، وتعاظمت المضايقات لحجيجها، ورفضت الجِهات المسئولة عن الحَج في السعوديّة تسجيلهم الكترونيًّا، وتأمين سلامتهم، خاصة بعد حَصْر ذهابِهم وعودتهم لأداء مناسك الحج عبر طريقين مَحدودين وغير مباشرين، واستخدام شركات طيران أخرى غير الخطوط الجوية القطرية وهو ما حدث العام الماضي، وهذا يَعني "تَصعيب" سفر الحجّاج القطريين والمقيمين.
والواقع أن هذه المضايقات والإهمالات تتم مع حجيج كل دولة أو جهة أو طائفة لا تتفق وهوى الإدارة السعودية، وهو ما لفت نظر الهيئة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF) ، فراحت تسلط الضوء عليها وتصفها بالانتهاكات الجسيمة للحرية الدينية خاصة ضد الشيعة ، وهو أيضا ما جعل طهران تؤكد تعرض حجيجها للكثير من تلك المضايقات والتي تسببت في أحد المرات عن مقتل 500 حاج إيراني رميا بالرصاص المباشر بعد مشاركتهم في مظاهرات البراءة من تل أبيب ، وقبلها قتل أيضا 1500 آخرين في نفق المعيصم عام  1990 ووقائع أخري متعددة.
ولقد وصل الاستخدام السياسي للشعائر المقدسة أن قام أحد أئمة النظام السعودي في فبراير 1998بسب الشيعة وتكفيرهم، بينما كان الرئيس الإيراني هاشمي رافسنجاني أحد المصلين خلفه في خطبة الجمعة بمكة المكرمة، وبالطبع كلنا نعرف أن لا شيء هناك يحدث إلا بتوجيه خاصة مع السجال الدائم بين إيران والسعودية.
وفي عام 2006 قامت الإدارة السعودية بمنع الحجاج العراقيين من الحج وراحت تخوض سجالا سياسيا مع تلك الحكومة الحليفة لطهران، كما أنها لذات السبب منعت الحجاج السوريين من الحج لبضعة سنوات على التوالي رغم عدم الإعلان عن ذلك رسميا، وهو الأمر نفسه الذي اتبعه مع الحجاج اليمنيين الذي تخوض السعودية حربا شرسة ضد بلادهم.
ومن المدهش ان تمتد المضايقات للدرجة التي تجعل السلطات السعودية تمنع حجاج بعض الدول من العودة بقارورات مياه زمزم أو التصوير داخل الحرم.
ويتعرض الكثير من الحجاج لاسيما اللاجئين السياسيين المعارضين للدول الحليفة للسعودية للاعتقال وتسليمهم لدولهم.


دلائل التملك

وتشير وقائع التاريخ أن السلطات السعودية تعتبر منذ نشأتها أن المقدسات الإسلامية التي تحت رعايتها هي ملك لها، بدليل أن من أوائل القرارات التي أصدرها الملك المؤسس عبد العزيز أل سعود بعد قيام الدولة الثالثة عام 1929 قرارا لا يزال معمولا به حتى الآن يقضي بأنه "لا يسمح بعقد اجتماعات لمناقشة الدين أو المسائل الدنيوية الخاصة به من دون موافقة من الملك".
ومن دون استشارة المسلمين، قامت الدولة السعودية بعد تأسيسها بهدم الأضرحة والآثار الإسلامية، حتى طال الأمر هدم البيت الذي ولد فيه الرسول في مكة المكرمة وضريح السيدة خديجة وبيت أسد الله حمزة وجميع بيوت أل البيت، فضلا عن هدم غار ثور وسد غار حراء بالصخور، كما هدموا المساجد التي تركها العثمانيون بحجة أنها مساجد صوفية رغم أنها ليست بها أضرحة، واحتج المسلمون حول العالم لكل ذلك لكنهم استسلموا على ما يبدو لضغوط بريطانية.
ونقل موقع "بي بي سي" البريطاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تقريرا للكاتب المهتم بالآثار الإسلامية في السعودية أندرو جونسون تحت عنوان (مكة تحت التهديد: خطة لتدمير منطقة مسقط رأس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستبدالها بقصر ملكي كما أن 95 % من المباني والمناطق الأثرية التي تعود لآلاف السنين تم تدميرها وإحلال فنادق ومراكز للتسوق محلها، مشيراً إلى أن عمليات التوسعة دمرت مؤخرا أعمدة شيدت قبل 500 عام لتخليد ذكرى الإسراء والمعراج.
فيما أشارت الباحثة السعودية وابنة مدينة مكة هتون الفاسي أستاذ تاريخ المرأة والكاتبة في جريدة الرياض سابقا في فيديو مصور لها أن هناك تدميرا وإزالة ممنهجة للآثار المقدسة في مكة والمدينة من أجل محو هويتهما وان عامودا عرف باسم عامود المعراج يجري استخدامه كلوحة لكتابات ملاحظات البناء في المدينة. 
وتدل كافة الشواهد أن الحديث حول تدويل الأراضي المقدسة في السعودية ووضعها تحت إدارة منظمة العالم الإسلامي أو أية جهة إسلامية متفق عليها، حديث غير مرض عنه غربيا بدليل أنه رغم كثرة تلك الدعوات في الغرف المغلقة إلا أن القليل فقط من الدول هي من جهرت بها.
الحقيقة أن تحرير المقدسات من هيمنة أي نظام سياسي او جماعة او طائفة او مذهب اسلامي يعد في حد ذاته امرأ مقدسا لو كنا نطلب حقا فصل السياسة عن الدين ولا يمثل ذلك عملا عدوانيا ضد النظام السعودي إن كان يريد من أمره رشدا.


06 أغسطس 2019

سيد أمين يكتب: البعض يخوضونها حربا على الاسلام

لا تنفصل الحروب المتكررة التي تتعرض لها تركيا بتاتا عن التوجه الذي انتحته بالانفتاح باتجاه الوطن العربي والإسلامي والعودة للثقافة الإسلامية بعد طول تغريب، وقد وعى حزب العدالة والتنمية والسيد رجب أردوغان ذلك وراح يؤكد متحديا بان تركيا دولة

30 يوليو 2019

زهير كمال يكتب : احتضار عرش



تاريخياً، تبدأ الأنظمة الشمولية في التخبط عند نهاياتها، قد تعطي تصرفاتها الانطباع بأنها قوية ومتمكنة، فهي تضرب يميناً ويساراً وصوتها عالٍ يهاجم الجميع، وفي الحقيقة فهي حالة ارتباك وعدم وضوح رؤيا.

وأفضل مثل على ذلك: نهاية عهد السادات الذي امتلأت سجونه بكل أطياف شباب مصر ابتداءً من الشيوعيين وحتى الأخوان المسلمين.

كان السادات قد أحدث صدمة كبرى في المجتمع المصري بعد زيارته للقدس وعقده لاتفاقيات كامب دافيد مخالفاً قناعة مصر الثابتة بأن إسرائيل هي العدو وضارباً عرض الحائط بالأمن القومي المصري والعربي.

ونرى اليوم النظام السعودي

29 يوليو 2019

سيد امين يكتب : تساؤلات حول الزعيم

لم اندهش أبدا من مشاركة نتنياهو في احتفالات “ثورة” 23 يوليو1952 بالسفارة المصرية بتل أبيب، ولا من كلمته فيها التي جاءت كوصلة غزل فيها وفي رأس الحكم الحالي، ولا من الفرحة التي نطقت بها ملامح وجهه قبل كلماته، فهذا يؤكد ما ذهب له الناقل والعاقل وهم كثر بأنها كانت

28 يوليو 2019

سيد أمين يكتب: فخاخ الديمقراطية العربية


الجمعة 26 يوليو 2019

تستخدم الديمقراطية ونظام حكم الأغلبية في كل بقاع العالم أسلوب إدارة يستنبط منه رغبات الناس وتوجهاتهم في الطريقة المثلى التي يرونها لإدارة شؤون بلادهم، وقد رسخ في وجدان المجتمعات الغربية أنه لا بديل عن اللجوء للمسارات الديمقراطية وإلا فإن البديل سيكون العودة لعصور الظلمات.
أما المجتمعات العربية حيث تهيمن عليها النظم العسكرية والاستبدادية، فان للديمقراطية استخداما أخر، ألا وهو اعتبارها مجسات لمعرفة من يؤيدون هذه البدعة وأعدادهم ومواطن قوتهم من ثم الانقضاض عليهم وتغييبهم في سراديب السجون والمنافي أو إبادتهم وإلباسهم رداء الخيانة وإعطاء من يفكر بالطريقة نفسها درسا بليغا بأنه يمضي على طريق الهلاك.
المؤسف أن الغرب الذي آمن بفكرة الديمقراطية ومنتجاتها وتسببت في كل نهضته الحالية، هو نفسه من يدعم مغتالي تلك الفكرة في الوطن العربي ويحمي من يفجرون بحار الدم في وطننا من أية هبات شعبية.

مصائد عربية

ففي مصر استخدم هامش الديمقراطية الذي تم السماح به فيما بعد ثورة يناير من أجل هذا الغرض، ولما انتهي الرصد والإحصاء انقرض معه هذا الهامش ليصل لما هو أضيق مما كان قبلها، وصار كل رموزه وأحزابهم وحركاتهم في المنافي والسجون والقبور.
وفي الجزائر أقيمت مصيدة الديمقراطية وما إن وقع الصيد فيها حتى أقيمت المقاصل ووقعت المجازر وغرقت البلاد في الدم والظلام عشر سنوات سوداء، وحدث الأمر نفسه في لبنان إلى أن انتهت الديمقراطية هناك بمحاصصة طائفية مدعومة بما يشبه الوصاية الدولية لكل مكون من مكوناتها، وفي اليمن انتهت فترة الديمقراطية القصيرة بحرب طائفية ثم حرب إقليمية وغزو خارجي مدعوم غربيا، وفي ليبيا تكرر ما حدث في اليمن ولكن تم الغزو الأجنبي عبر وكيل محلى، أما المشهد السوداني فهو يسبر بخطوات المشهد المصري نفسها وقد يكون له المآل نفسه.
ولقد علمتنا الحوادث أنه ما إن يتعرض النظام الاستبدادي لموجة من الانتقادات أو المطالبات الديمقراطية حتى يسارع بالرد عليها بإعادة تصديرها في شكل صراع وطني أو قيمي، يزداد هذا الطرح قوة وتكرارا وإلحاحا كلما ازدادت حدة تلك المطالبات وارتفع صداها واتجهت إلى طريق الحسم.
وتأتى المقارنة بين قيمتي "الأمن والحرية" أو "الاستقرار والحرية" كنموذجين أوليين من تلك الصراعات القيمية التي يتم التلويح بها إعلاميا ويرافقها عادة تنفيذا عمليا على الأرض عبر وسائل الترويع المتعددة والتي غالبا ما تكون في صورة غير رسمية كي ترسخ بها هذه النظم أطروحاتها في الأذهان.
وتخشي هذا النظم أكثر ما تخشي من قيمتي"الحرية والعدالة" نظرا لكونها راسبة رسوبا مدويا فيهما أقعدها مقاعد الاستبداد بجدارة فصار ذلك وسماً لا تعرف إلا به.
كما تأتى أيضا مقارنات تتميز بالإسفاف والابتذال في مقدمة ما تروج له وسائل إعلام النظم المستبدة وكأنها مسلمات عرفت بتلازمها، مثل الربط بين الصحة التي "يمتعون" بها الفقير والمرض الذي يلاحق الغنى وكذلك السعادة التي يعيشها من لا مال له والثراء الذي لا يشعر صاحبه معه بالسعادة.
وتستمر مثل هذا النظم في طرح تلك اللامنطقيات متحاشية في الوقت ذاته التذكير بفضائل منطقية قيمتي الحرية والعدالة، بل إنها كثيرا ما تتطرق لوصم الحرية بالفوضى والعدالة بسوء التقدير وإهدار الكفاءات متجاهلة أن المرض في الغالب لا يصيب إلا الفقراء أما الأغنياء فيتغلبون عليه بأموالهم، والسعادة لا يشم ريحها الجائع.

فشل عام

والواقع أن النظم المستبدة عادة ما تكون فاشلة في احترام كل القيم حتى تلك التي تقول إنها تنجح فيها بجدارة، كالأمن وذلك لأنه لا مفهوم للأمن لديها إلا الأمن السياسي وما عدا ذلك من أمن فهو مجرد مكرمات تتكرم بها على الرعايا، وحتى مفهوم الأمن السياسي يقوم لديها على إفناء الآخر أو على الأقل إقصائه نهائيا بحجة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وهى المعركة التي لا تكون لدى مثل تلك النظم إلا ضد الشعب نفسه في اغلب الأحيان.
والواقع أن حجم الإسهامات في "خلطة" القيم يعد الفيصل الأول في تصنيف ديمقراطية النظم السياسية أو استبدادها, فقد لا يحقق نظام ما تطورا في تداول السلطة ومع ذلك يصعب وصمه بالنظام الاستبدادي نظرا لكونه يحترم كل القيم الأخرى لا سيما قيمتي "الحرية والعدل" فضلا عن حرية التفكير والاعتقاد , ويحقق لمواطنيه السعادة والأمن وغيرها , ولعله لا يكون مصادفة أن نعتبر أن نظاما ملكيا كبريطانيا هو قلعة الديمقراطية في هذا العالم مع أنه لا يوجد به تداول للسلطة نظرا لطبيعة نظام الحكم فيها.
بينما هناك جمهوريات أخري نظامها يدعى تداول السلطة ويسمح لمواطنيه بالحريات الشخصية ومع ذلك يتصدر النظم الموغلة في الاستبداد حيث لا عدل ولا قانون ولا حرية سياسية وبالقطع لا سعادة، ولدينا جمهوريات أمريكا اللاتينية نموذجا لمجتمعات أفعمت بالحرية الشخصية من دون السياسية وغابت عنها العدالة.
خلاصة القول إن الأمم الحرة الراسخة تدوم بالديمقراطية فيما تزول الدول المستبدة بانكارها واستخدامها كفخاخ للخداع والتخبئة.

اقرأ المقال هنا على الجزيرة  نت

16 يوليو 2019

سيد أمين يكتب حول الاستخدام السياسي للرياضة


الثلاثاء 16 يوليو 2019 20:51
بعد وقبل وأثناء كل جريمة سياسية مباراة لكرة قدم، وبقدر حجم  وأهمية المباراة تكون الجريمة، هذا هو الحال في أغلب دول وطننا العربي عامة وفي مصر خاصة، ولم يعد خافيا على أي راصد الربط المذهل بين استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي قبيل أيام من بطولة كاس الأمم الأفريقية وفي نفس يوم إعلان فوزه بانتخابات الرئاسة عام 2012،  وما تلاه من رفع أسعار الكهرباء والوقود والمياه ورسوم النقل والعديد من السلع، وتمرير العديد من القوانين المرفوضة شعبيا ومنها قوانين بيع الجنسية مثلا، كل ذلك حدث أثناء إقامة مباريات تلك الدورة الرياضية.
الاستخدام السياسي للكرة لا يخفى على أحد مطلقا، بل إن يد الأمن امتدت لمسافة طويلة في التحكم في مشاهير تلك اللعبة وتوجيههم أو صناعتهم ووأد من لا يسير على نهجهم، وهناك أيضا من يتحدث عن أن النفوذ السياسي امتد حتى في نتائج القرعة والمباريات باتفاقات سرية مع الحكام وفي تشكيلات الفرق وغيرها خاصة أثناء الأحداث السياسية الساخنة، خاصة إن كان من شأن ذلك إشباع عواطف ورغبات قطاعات من الجماهير في الشعور بالانتصار، وهو الشعور الذي إن لم يتحقق في الكرة قد يتحقق في مجالات أخرى أهمها السياسة. كما أنه من المهم جدا صناعة ولاءات فكرية تقدم جاهزة لحشود الشباب بدلا من تركهم يقومون بتكوين تلك الولاءات بأنفسهم وما ينطوي على ذلك من مخاطر سياسية.
وتحاول تلك النظم أيضا ترسيخ اعتبار وجود هذا المنتخب وانتصاراته كدليل قاطع لا يقبل الشك على وطنية القيادة السياسية وعلى عظمة إنجازاتها، وعن نهوضها بالبلاد، محاولة أيضا عبر ابتداع تلك النماذج من الوطنية الزائفة إخفاء فشلها أو تأمرها على شعبها.

نماذج سريعة للاستغلال
ولعل ما تردد مؤخرا عن قيام رأس الحكم في مصر بتوبيخ نجم ليفربول محمد صلاح مؤخرا بسبب إصراره على الارتباط بالنجم المغضوب عليه من تلك السلطة محمد أبو تريكة صحيحا، خاصة أن توجهات الرجل المدافعة عن القدس وعن المسار الديمقراطي في مصر لم تكن ظاهرة أو متوقعة لديه من قبل وإلا لكانوا تدخلوا مبكرا لمنعه من تحقيق مكانته تلك.
وعربيا، هناك واقعة فريدة ظهر فيها جليا الاستخدام السياسي للرياضة، إذ طفق الصراع السري بين رموز فساد نظامي مبارك وبوتفليقة ليخرج للعلن عبر صراع دامٍ في مباراة حدثت عام 2009 في مدينة أم درمان السودانية بين منتخبي البلدين وتم إنتاج هذا الصراع ليبرر النظامان أسباب فساد العلاقات بينهما.
وأيضا يأتي ما حدث في كأس بطولة آسيا 2019 التي أقيمت في أبو ظبي حينما رفضت السلطات الإماراتية وجود مشجعين للفريق القطري واضطهدت مشجعيه ولاعبيه على خلفية الصراع السياسي بين النظامين، إلا أن المنتخب القطري رد هذا الغبن بمنتهي الاحتراف والسلمية حينما استطاع الفوز بالبطولة.

 الاقتصاد الرياضي

والحقيقة أن هناك أموالا ضخمة تضخ في سوق الرياضة المصرية والعربية، ولكن للأسف تضخها الدولة من جيوب دافعي الضرائب لتذهب إلى جيوب قلة من الإعلاميين والصحفيين وطواقم العمل الرياضي.
ولما انكشف هذا الاستنزاف الرياضي راحت تلك النظم تشيع أن اهتمامها بتنظيم المباريات وإنفاق الملايين عليها، رغم الجهل والفقر المستشري، يأتي لكونها نشاطا اقتصاديا، وأنها يمكن أن تتقوت كدول كثيرة من ريع هذا العمل وتجهزه ليكون مصدر دخل قومي!
ومصيبة المصائب أن التوجيه الإعلامي الذي تمارسه تلك النظم نجح في إقناع الملايين بأن المواطن "الصالح" هو ذلك المواطن المنغمس بالاهتمام الرياضي ببساطته ووداعته وسلميته وخدمته لنفسه وللمجتمع، والمنسحب من الاهتمام بالشأن العام لبلاده، لا سيما السياسي منه، العازف عن الخوض في غمار الأشياء المعقدة التي تضر ولا تنفع، والتي لا يمارسها إلا مأجور خائن من خونة الأوطان "الطالحين".
كما تروج الميديا" دائما لعقد مقارنة ليست في محلها بين انغماس المرء فى تشجيع الرياضة وبين أن ينضوي في قائمة "الحشاشين" و"المدمنين"؟ متجاهلة عشرات الخيارات الأخرى.
والحقيقة أن هناك شبابا واعيا ووطنيا ومثقفا ومع ذلك يحبون مشاهدة الرياضة ولا يمارسونها، رغم أنهم لم يقعوا ضحية لتضليل الإعلام وتوجيه السلطة، ويرون أن هذا القمار قمارا محمودا لا ضرر منه، وإلا ما ميز المشجع لاعبا عن آخر بسبب ثقافته وسلوكه فضلا عن أدائه الرياضي.
وفي المقابل أيضا، هناك قلة من النظم تهتم بتنمية وعي شبابها ورفاهية مواطنيها ومع ذلك تهتم أيضا بتنظيم مهرجانات الرياضة.
ومن شواذ القاعدة أيضا أن نظاما عربيا سابقا راح يحظر بث مباريات كرة القدم إعلاميا ويحظر وجود المشجعين في الملاعب أصلا وقال إن الكرة من يلعبها.

الرياضات الجماعية لا الفردية

لكن قوى الحكم المحلية الاستبدادية شجعت الرياضات الجماعية ككرة القدم مثلا ورسخت مشاهدتها - لا لعبها - في عقول البسطاء وراحت تضفي على فعالياتها صفة الوطنية، فصار المنتخب المحلي منتخبا وطنيا وصار فوزه من الأعمال الوطنية الكبرى التي ينبغي على الوطنيين الشعور بالمجد والفخار إزاءها.
ولعل السبب وراء التشجيع المتزايد من قبل تلك النظم للرياضات الجماعية لا الفردية هو عدم رغبتها في خلق زعامات فردية قد يتعلق بها الجمهور فتمثل صوتا قد يعلو على صوت القيادة شخصيا التي لا يجب أن يعلو صوت على صوتها، ولذلك راحت "الميديا" الصهيونية تحارب نجومية الراحل "محمد على كلاي" بسبب إسلامه، فيما جرى التركيز على نجوم الشذوذ وأغاني البوب وغيرها.
وأيضا ظاهرة حب الجماهير لـ "أبو تريكة" لاعب كرة القدم الشهير والمعروف بمعارضته للنظام العسكري الحاكم في مصر مثال جيد على مدى خطورة "الزعامات الرياضية الفردية"، وذلك لأن الجماهير أيدت سلوكه وتوجهه الفكري قبل أن تؤيد سلوكه الرياضي، وقد نجح الرجل في الحالتين.
كما أن السلطة حاولت مرارا استثمار شعبية النجم محمد صلاح في عدة مواضع أهمها الادعاء بتبرعه لصندوق "تحيا مصر" وهو ما تم نفيه بشكل أو بآخر ثم مطالبته بتأييد انتخاب السيسي لولاية ثانية، ثم محاولة استثماره سياسيا في موضوع شركةwe .

15 يوليو 2019

سيد أمين يكتب: السر الحقيقي في أزمة الصحافة المصرية

تتعالى أصوات من داخل إعلاميي النظام الحاكم حاليا في مصر تردد أن غالبية أعضاء نقابة الصحفيين المصريين حاليا ليسوا بصحفيين حقيقيين، وأنهم حصلوا على عضوية النقابة حينما كانت حكرا لتيارات سياسية معينة كاليساريين والإخوان المسلمين حينما كانت شخصيات منهم تهيمن على النقابة في فترات سابقة، ومؤخرا قال

10 يوليو 2019

سيد أمين يكتب : تاريخ الظلم أوطاني


نقلا عن موقع رسالة بوست 
كلما تلفت مصري حوله خصوصا في تلك الأيام الكئيبة التي تعيشها مصر، حيث جري تأبيد السلطة للحكم الشمولي، ومقاصل تعمل بلا كلل أو ملل لتقص رقاب خيرة شباب مصر في محاكمات صورية يعلم حقيقتها القاصي والداني، لدرجة تجعل أحدهم

28 يونيو 2019

محمد سيف الدولة يكتب هل هناك يهود ضد الصهيونية؟



لطالما خضنا حوارات ومعارك فكرية ضد العنصرية والطائفية بكافة أشكالها، ولطالما دافعنا عن اليهود غير الصهاينة وغير الإسرائيليين، ودعونا لعدم تحميلهم جرائم (اسرائيل)، والى التفرقة بين اليهودية والصهيونية، وانتقدنا بعض الاسلاميين فى هتافهم الشهير (خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود). وأكدنا وشرحنا كيف ان المشروع الصهيونى هو مشروعٌ استعماريٌ وليس مشروعا دينيا، وقمنا بتسليط الأضواء على اى يهودى او اى جماعة يهودية فى العالم تنتقد (اسرائيل) وتناهض الصهيونية وتتبرأ منها.
وهو نهج وسياسة ومواقف صحيحة سنستمر فى انتهاجها باذن الله.
***
ولكن من حقنا ان نسأل ونتساءل عن حجم الجهود والتأثير والفاعلية التى يبذلها يهود العالم من الشخصيات والجماعات المناهضة للصهيونية، فى التصدى للدعم الامريكى والغربى اللامتناهي لاسرائيل.
فاذا كنّا نشاركهم معاركهم فى الدفاع عن اليهودية ضد اى دعوات عنصرية تزدريها وتصفها بالدونية أو تساويها بالصهيونية، فمن حقنا ان نتساءل عن حجم وجدية مشاركتهم لنا، فى المقابل، فى معركتنا ضد هذا الكيان المجرم العنصرى الارهابى القاتل اللص المغتصب الذى يقدم نفسه بصفته وطنا لكل يهود العالم وحامى حماهم.
من حقنا ان نحاسبهم ونسألهم ماذا يفعلون فى القضايا التالية تحديدا:
· نقد ودحض وهزيمة الافكار والاساطير والروايات الصهيونية الزائفة وسط تجمعات اليهود فى العالم الغربى.
· الضرب فى المنظمات والجماعات واللوبيات الصهيونية فى العالم، مع هزيمتها وتفريغها من منتسبيها وانصارها.
· مع تأسيس لوبيات وجماعات ضغط مضادة من اليهود غير الصهاينة تماثل وتتفوق على منظمات مثل منظمة الايباك، قادرة على تغيير اتجاهات الرأى العام وموازين والقوى الانتخابية وتركيبة المجالس التشريعية فى بلدانها ضد الصهيونية و(اسرائيل).
· نزع وتجريد (اسرائيل) من اى شرعية لتمثيل يهود العالم.
· ادانة وتجريم وتعويق هجرة اليهود الى (اسرائيل)، والتاكيد والنضال من أجل اندماجهم فى اوطانهم.
· تشجيع ودعم وتمويل الهجرة المضادة من (اسرائيل).
· الضغط على الحكومات والبرلمانات فى مجتمعاتها لسحب دعمها لاسرائيل والامتناع عن مدها بالاموال وبالسلاح.
· مع المطالبة بتطهير المنظومات التشريعية الامريكية والاوروبية من اى قوانين تنحاز لاسرائيل وتناصر الصهيونية.
· التصدى لحملات التبرع لاسرائيل.
· بل وتنظيم حملات مضادة لدعم الشعب الفلسطينى.
· رفض المساواة بين العداء لاسرائيل ومعاداة السامية.
· تنظيم لقاءات مع الدول والحكومات العربية المعترفة باسرائيل، ومطالبتها بسحب اعترافها والغاء معاهدتها مع الاحتلال وقطع علاقاتها معه.
· تنظيم حملات يهودية عالمية للمطالبة بعودة قرار الامم المتحدة باعتبار الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، الذى تم الغائه عام 1991.
· وأدوار ومعارك أخرى كثيرة
***
أكتب هذه السطور اليوم لعديد من الاسباب ساكتفى بذكر أربعة منها فقط:
أولا ـ لأنه ما أحوجنا هذه الايام ونحن بصدد تآمر امريكى صهيونى عربى رسمى مشترك، لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن، ما احوجنا الى حشد جهود كل انصار فلسطين ومناهضى (اسرائيل) فى العالم، وفى القلب منهم جماعات اليهود المناهضين لاسرائيل الذين سيكون لهم، ان صدقوا، تأثير اكبر من غيرهم على الراى العام الامريكى والغربى، حيث لن تفلح الدعايات الصهيونية باتهامهم بمعاداة السامية.
ثانيا ـ ان هناك بعض الاصوات الفلسطينية والعربية التى تشكك فى مصداقية ظاهرة "يهود ضد الصهيونية"، وتدعى انها جماعات موجهة من قبل الحركة الصهيونية العالمية، بهدف تخفيف آثار الاحتلال والارهاب الصهيونى على سمعة اليهود واليهودية فى العالم.
ثالثا ـ انه بالفعل اذا لم تلتزم حركات اليهود المناهضة لاسرائيل بتنفيذ ما ورد عاليه من اهداف ومعارك، فانه لا جدوى تذكر من التفاخر كل حين وآخر بمواقفهم وبياناتهم الشاجبة لاسرائيل، بدون اى فاعلية تذكر او تاثير.
رابعا ـ ان فى المقارنة بين ما يتعرض له العرب والمسلمون من شيطنة وهجوم واسلاموفوبيا نتيجة مواقف واعمال ترتكبها عناصر قليلة ومحدودة منهم، وبين فرض امريكا والغرب لحظر حديدى على توجيه اى نقد لليهود عامة او لاسرائيل على وجه الخصوص نتيجة كل اعمال العدوان وجرائم الحرب التى ترتكبها ليل نهار، نقول فى المقارنة بين الحالتين، كشف لمدى العنصرية والاستخفاف والاحتقار والكراهية لكل ما هو عربى واسلامى، بشكل لا يمكن قبوله او التعايش معه. فاما أن تكفوا عن تحميلنا وزر ما تفعله داعش واخواتها، واما أن تقوموا بادانة اليهودية وكل يهود العالم على جرائم (اسرائيل)، على غرار ما تفعلونه كل يوم من ادانة وتجريم للاسلام ولكل المسلمين فى العالم.
وذات الشئ يمكن أن يقال بطبيعة الحال على التاريخ الأسود للاستعمار الغربى، الذى لم يدفعنا أبدا لالقاء اللوم على العقيدة المسيحية وعلى اهالينا من المسيحيين العرب الذين ناضلوا معنا كتفا بكتف ضد كل أشكال الاستعمار.
*****
القاهرة فى 28 يونيو 2019

حمزة تكين يكتب : حميدنا.. رسالة نبوية أبكتنا وأبكت السلطان عبد الحميد

شاهدنا جميعا ضمن مسلسل السلطان عبد الحميد الذي يُعرض على التلفزيون التركي الرسمي، ما وصفه الكثيرون بأنه “أعظم 5 دقائق” في هذا المسلسل. 
هو مقطع من 5 دقائق من هذا المسلسل الذي يحكي قصية آخر خليفة للمسلمين السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى، ولكنه لم يكن مقطعا عاديا إذ أخذ ضجة كبيرة بين متابعي المسلسل وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر بكثافة بين أصحاب القلوب الحية المحبين لحضرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، العارفين بقدر عبد الحميد خان، التوّاقين لزمن كانت فيه الأمة تـُحكم من أهل الله وأهل الصلاح، لا من أهل الفساد وأهل الدنيا. 
يحكي المقطع (مرفق في آخر المقال) قصة حقيقة جرت مع السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، يوم أن أتى إلى القصر أحد المواطنين مدعيا أنه له دينا من المال مع السلطان، رافضا مغادرة القصر رغم حصوله على المال إلا بعد لقاء السلطان. 
باختصار، تم اللقاء وروى المواطن رؤيا رأى فيها حضرة النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول له :”قل لحميدنا، أنه يذكرنا بالصلاة والسلام كل ليلة، ولكنه نسي ذكرنا ليلة البارحة، فاذهب واطلب حاجتك منه (الدين)”. 
ما إن أنهى الرجل كلام حتى انتفض السلطان رحمه الله تعالى، وسأل “ماذا قال؟” مرات ومرات، وعند كل مرة يبدأ فيها الرجل بإعادة رؤياه يسكته السلطان عند كلمة “حميدنا” ويعطيه المال الكثير، استغرب مساعد السلطان من هذا الفعل وسأل السلطان “كاد هذا الرجل أن يأخذ كل ما لديك”. 
أجابه السلطان باكيا “والله بالله لو طلب كل ثروتي وسلطتي لكنت أعطيته.. كنتُ أعمل ليلة البارحة يا باشا، غفوت على طاولتي ونسيت الصلاة على النبي عليه الصلاط والسلام.. لقد أخطأتُ يا باشا”. 
هنا بكى السلطان وبكى الباشا وبكينا معهما… مقطع من دقائق قليلة أكد أنه مازال في الأمة الكثير الكثير الكثير من المحبين الصادقين لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام، ينتظرون حاكما محبا للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليعيد له أمجادا عظيمة انتهت مع الانقلاب والتآمر على آخر خليفة للمسلمين قبل أكثر من 100 عام. 
السلطان عبد الحميد رحمه الله كان من الصادقين مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، وسيرته وحكمه خير دليل على ذلك، والحرب التي تعرض لها من المنافقين خير دليل على ذلك… كان مواظبا كل يوم وليلة على ورد الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولصدقه أتته الرسالة النبوية فورا يوم أن نسي ورده. 
لو لم يكن صادقا لما أتته هذه الرسالة، رسالة هزت مشاعره، أبكته، كاد منها أن يتخلى عن كل ما يملك، لحظة أن سمع أن النبي عليه الصلاة والسلام ينسبه إلى نفسه وإلى أمته بلفظ “حَمِيدُنا”. 
حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل “قل لعبد الحميد”، بل قال “قل لحميدنا”… ما أعظم هذه النسبة التي نالها ذاك السلطان المفترى عليه، وما أعظم هذه النسبة لو حصلتَ عليها أنت أيضا! 
نعم فالصدق مع النبي عليه الصلاة والسلام، والصدق تجاه أمة النبي عليه الصلاة والسلام، والصدق تجاه ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام تجعلك منسوبا مباشرة لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام… تـُسعِد بذلك قلب النبي عليه الصلاة والسلام فيسعَد قلبك وتطيب حياتك وتهنأ معيشتك وتـُنار بصيرتك ويعلو ذكرُك وتسمو روحك ويرتفع قدْرك ويسهل أمرك وتـُفرّج كروبك.


الصلاة على حضرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، امتثال لأمر الله تعالى القائل في القرآن الكريم ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

فيها ذكر لله تعالى القائل في القرآن الكريم ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾، وذكرُ الله تعالى يكون بكل أنواع الطاعات التي أمر الله، وهو مِن أعظم السبل لشكره سبحانه على نعمِه، والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من أقرب السبل لذكر الله العظيم.

بها يبلغ سلامك وصلاتك لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام بشكل مباشر، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليّ إلا ردّ الله عليّ رُوحي حتّى أردّ علَيهِ السّلام”… إنها الصلة القوية بينك وبين حضرة النبي عليه الصلاة والسلام.

هي من علامات الإيمان، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”… والمحبةُ هي طاعةُ الله فيما أمر به وطاعة النبي عليه الصلاة والسلام في كلّ ما أمر به، والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من هذه القرباتِ والطاعات التي تنمّي هذا الحبّ.

بها تنال شرف صلاة الله عليك، وبها تـُمحى خطاياك وترتفع درجاتك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من صلى عليّ صلاةً واحدةً، صلى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطت عنه عشرُ خطيئاتٍ، ورُفعَت له عشرُ درجاتٍ”… فالسعيد كل السعادة مَن لازم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ فهي نبع للحسنات التي تثقل الميزان، وممحاة للخطايا التي تثقل كاهل المرء يوم القيامة، ورافعة للدرجات التي تجعلك بصحبة الأولياء والصالحين.

هي سبب لمغفرة ذنوبك والتخلص من همومك، فعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :”يا رسولَ الله، إِني أُكثِرُ الصلاةَ عليكَ، فكم أجعلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال: ما شِئتَ”،، قال :”قلتُ: الربعَ؟ قال: ما شِئتَ، فإِنْ زدتَ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شِئتَ، فإِنْ زدتَ فهو خير لكَ”، قال :”قلتُ: فالثلثين؟ قال: ما شِئْتَ، فإِن زدتَ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذا تُكْفَى همّكَ، ويغفر لكَ ذنبُك”.

نعم، هذا هو حضرة النبي عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله تعالى لنا ليرشدنا إلى طريق الحق ويهدينا إلى سواء السبيل… هذا حبيبك الذي تتمنى رفقته في الجنة وشفاعته يوم القيامة، هذا هو الأمين.

هذا هو نبيك الذي من حقه عليك أن تصلي عليه، خاصة بعد أن علمت كم لهذه الصلاة على من أفضال.. كي تكون كـ”حميدنا”.

إذا كان هذا الأجر العظيم تحظى به كلما صليت وسلمت على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فكيف إذا كنت عاملا صادقا ـ من حيث أنت ـ همّك أمة حبيبك عليه الصلاة والسلام تخدمها وتعمل لأجلها بمنطق وعقل وإخلاص وفهم، لا بجعل وتطرف وشعارات رنانة بعيدة عن الواقع؟!

إذا كان هذا الأجر العظيم تحظى به كلما صليت وسلمت على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فكيف إذا ثبّت الإيمان في قلبك وأديت ما عليك من العبادات وفرائض وواجبات كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام؟!

ذاك المقطع من مسلسل السلطان عبد الحميد، لم يكن مجرد مشهد تمثيلي، بل كان رسالة لنا جميعا لنعيد ترتيب أمورنا مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام ونصحح أخطائنا، فالسلطان عبد الحميد نسي صلواته ليلة واحدة فأتاه العتاب الممزوج بالحب النبوي العظيم… نحن كم ليلة نسينا؟!

إن أردنا نسبة حقيقية لحضرة النبي عليه الصلاة والسلام كنسبة “حَمِيدُنا”… فعلينا بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وعلينا أن نهتم بأمته قولا وفعلا وعملا كما كان نهج ومنهج سيدنا عبد الله محب نبيه السلطان “عبد الحميد خان” تغمده الله برحمته وأكرمه برضاه.