لطالما خضنا حوارات ومعارك فكرية ضد العنصرية والطائفية بكافة أشكالها، ولطالما دافعنا عن اليهود غير الصهاينة وغير الإسرائيليين، ودعونا لعدم تحميلهم جرائم (اسرائيل)، والى التفرقة بين اليهودية والصهيونية، وانتقدنا بعض الاسلاميين فى هتافهم الشهير (خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود). وأكدنا وشرحنا كيف ان المشروع الصهيونى هو مشروعٌ استعماريٌ وليس مشروعا دينيا، وقمنا بتسليط الأضواء على اى يهودى او اى جماعة يهودية فى العالم تنتقد (اسرائيل) وتناهض الصهيونية وتتبرأ منها.
وهو نهج وسياسة ومواقف صحيحة سنستمر فى انتهاجها باذن الله.
***
ولكن من حقنا ان نسأل ونتساءل عن حجم الجهود والتأثير والفاعلية التى يبذلها يهود العالم من الشخصيات والجماعات المناهضة للصهيونية، فى التصدى للدعم الامريكى والغربى اللامتناهي لاسرائيل.
فاذا كنّا نشاركهم معاركهم فى الدفاع عن اليهودية ضد اى دعوات عنصرية تزدريها وتصفها بالدونية أو تساويها بالصهيونية، فمن حقنا ان نتساءل عن حجم وجدية مشاركتهم لنا، فى المقابل، فى معركتنا ضد هذا الكيان المجرم العنصرى الارهابى القاتل اللص المغتصب الذى يقدم نفسه بصفته وطنا لكل يهود العالم وحامى حماهم.
من حقنا ان نحاسبهم ونسألهم ماذا يفعلون فى القضايا التالية تحديدا:
· نقد ودحض وهزيمة الافكار والاساطير والروايات الصهيونية الزائفة وسط تجمعات اليهود فى العالم الغربى.
· الضرب فى المنظمات والجماعات واللوبيات الصهيونية فى العالم، مع هزيمتها وتفريغها من منتسبيها وانصارها.
· مع تأسيس لوبيات وجماعات ضغط مضادة من اليهود غير الصهاينة تماثل وتتفوق على منظمات مثل منظمة الايباك، قادرة على تغيير اتجاهات الرأى العام وموازين والقوى الانتخابية وتركيبة المجالس التشريعية فى بلدانها ضد الصهيونية و(اسرائيل).
· نزع وتجريد (اسرائيل) من اى شرعية لتمثيل يهود العالم.
· ادانة وتجريم وتعويق هجرة اليهود الى (اسرائيل)، والتاكيد والنضال من أجل اندماجهم فى اوطانهم.
· تشجيع ودعم وتمويل الهجرة المضادة من (اسرائيل).
· الضغط على الحكومات والبرلمانات فى مجتمعاتها لسحب دعمها لاسرائيل والامتناع عن مدها بالاموال وبالسلاح.
· مع المطالبة بتطهير المنظومات التشريعية الامريكية والاوروبية من اى قوانين تنحاز لاسرائيل وتناصر الصهيونية.
· التصدى لحملات التبرع لاسرائيل.
· بل وتنظيم حملات مضادة لدعم الشعب الفلسطينى.
· رفض المساواة بين العداء لاسرائيل ومعاداة السامية.
· تنظيم لقاءات مع الدول والحكومات العربية المعترفة باسرائيل، ومطالبتها بسحب اعترافها والغاء معاهدتها مع الاحتلال وقطع علاقاتها معه.
· تنظيم حملات يهودية عالمية للمطالبة بعودة قرار الامم المتحدة باعتبار الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، الذى تم الغائه عام 1991.
· وأدوار ومعارك أخرى كثيرة
***
أكتب هذه السطور اليوم لعديد من الاسباب ساكتفى بذكر أربعة منها فقط:
أولا ـ لأنه ما أحوجنا هذه الايام ونحن بصدد تآمر امريكى صهيونى عربى رسمى مشترك، لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن، ما احوجنا الى حشد جهود كل انصار فلسطين ومناهضى (اسرائيل) فى العالم، وفى القلب منهم جماعات اليهود المناهضين لاسرائيل الذين سيكون لهم، ان صدقوا، تأثير اكبر من غيرهم على الراى العام الامريكى والغربى، حيث لن تفلح الدعايات الصهيونية باتهامهم بمعاداة السامية.
ثانيا ـ ان هناك بعض الاصوات الفلسطينية والعربية التى تشكك فى مصداقية ظاهرة "يهود ضد الصهيونية"، وتدعى انها جماعات موجهة من قبل الحركة الصهيونية العالمية، بهدف تخفيف آثار الاحتلال والارهاب الصهيونى على سمعة اليهود واليهودية فى العالم.
ثالثا ـ انه بالفعل اذا لم تلتزم حركات اليهود المناهضة لاسرائيل بتنفيذ ما ورد عاليه من اهداف ومعارك، فانه لا جدوى تذكر من التفاخر كل حين وآخر بمواقفهم وبياناتهم الشاجبة لاسرائيل، بدون اى فاعلية تذكر او تاثير.
رابعا ـ ان فى المقارنة بين ما يتعرض له العرب والمسلمون من شيطنة وهجوم واسلاموفوبيا نتيجة مواقف واعمال ترتكبها عناصر قليلة ومحدودة منهم، وبين فرض امريكا والغرب لحظر حديدى على توجيه اى نقد لليهود عامة او لاسرائيل على وجه الخصوص نتيجة كل اعمال العدوان وجرائم الحرب التى ترتكبها ليل نهار، نقول فى المقارنة بين الحالتين، كشف لمدى العنصرية والاستخفاف والاحتقار والكراهية لكل ما هو عربى واسلامى، بشكل لا يمكن قبوله او التعايش معه. فاما أن تكفوا عن تحميلنا وزر ما تفعله داعش واخواتها، واما أن تقوموا بادانة اليهودية وكل يهود العالم على جرائم (اسرائيل)، على غرار ما تفعلونه كل يوم من ادانة وتجريم للاسلام ولكل المسلمين فى العالم.
وذات الشئ يمكن أن يقال بطبيعة الحال على التاريخ الأسود للاستعمار الغربى، الذى لم يدفعنا أبدا لالقاء اللوم على العقيدة المسيحية وعلى اهالينا من المسيحيين العرب الذين ناضلوا معنا كتفا بكتف ضد كل أشكال الاستعمار.
*****
القاهرة فى 28 يونيو 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق