10 يوليو 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: لا لزيارة سامح شكرى (لإسرائيل)



1) نرفض وندين الزيارة التى قام بها اليوم 10 يوليو 2016 وزير الخارجية المصرى الى (اسرائيل)، انطلاقا من عدم اعترافنا بشرعية الكيان الصهيونى ورفضنا لاى اتفاقيات سلام او تطبيع معه، بما فى ذلك اتفاقيات كامب ديفيد واوسلو ووادى عربة ومبادرة السلام العربية بالاضافة الى دعوات السيسى المتكررة بتوسيع السلام معها.

2) كما نرفض هذه الزيارة النادرة والمريبة لوزير خارجية مصر التى لم تحدث منذ عام ٢٠٠٧، والتى تؤكد مرة اخرى على العمق غير المسبوق للعلاقات المصرية الاسرائيلية الحالية، والتى وصفها السيسى بالسلام الدافئ، واشاد فيها بعمق الثقة والاطمئنان الحالى بينه وبينهم.

3) كما نرفض ما ورد فى كلمة سامح شكرى فى مؤتمره الصحفى مع نتنياهو من حديث عن المخاطر المشتركة التى تهدد كل من مصر واسرائيل ودوّل المنطقة، وهو ما سبق ان ردده كل من نتنياهو والسيسى فى مناسبات متعددة. وسيسجل التاريخ ان اول نظام عربى يتحدث رئيسه ووزير خارجيته عن وجود "مشتركات" بين العرب واسرائيل هو نظام السيسى.

4) ونرفض لغة وخطاب الادارة المصرية ممثلة فى رئيسها ووزير خارجيتها، الذى دأب على تزييف حقائق الصراع، باستخدامه مفردات تنتمى الى الخطاب الصهيونى الزائف: مثل النزاع الفلسطينى الاسرائيلى مساويا بين العدو الصهيونى والشعب الفلسطينى، بين الاحتلال والضحية، وحديثه عن الشعب الاسرائيلى وأمن واستقرار واستقلال اسرائيل، وحقها فى حياة مستقرة داخل حدود آمنة.

5) ونرفض ما يتجاهله النظام المصرى من ان اسرائيل كانت ولا تزال هى اكبر كيان ارهابى شهدته المنطقة خلال قرن من الزمان، لم تتوقف اعتداءاته ومذابحه على شعوبنا.

6) وآخرها كانت العدوان الصهيونى على غزة فى صيف ٢٠١٤، والذى أوقع ما يزيد عن ٢٠٠٠ شهيد غالبيتهم من المدنيين، والذى تحل هذه الايام ذكراه الثانية، والتى لا نزال نتذكر كيف انحاز فيه السيسى واعلامه الى اسرائيل ضد الشعب الفلسطينى ومقاومته.

7) كما ان مصر الرسمية تتجاهل الاعتداءات الجارية الآن فى الارض المحتلة من استيطان مزيد من أرض فلسطين والاقتحام اليومي للمسجد الاقصى بهدف اقتسامه، وأعمال القتل والتصفية اليومية للشباب الفلسطينى الذى فجر انتفاضته الفلسطينية الثالثة منذ أكتوبر الماضى.

8) ونرفض الدور الذى يقوم به السيسى اليوم كعراب للسلام، فيما يقدم نفسه اسرائيليا واقليميا ودوليا بصفته الراعى العربى الاول للسلام مع اسرائيل، ودوره فى رعاية التطبيع السعودى الاسرائيلى من بوابة صفقة تيران وصنافير وما يرتبط بها من اشراك السعودية فى الترتيبات الامنية لاتفاقيات كامب ديفيد.

9) ونرفض دور ومساهمة سلطات كامب ديفيد 1978- 2016، بعد انسحابها من الصراع ضد المشروع الصهيونى، فيما وصلت اليه اسرائيل من قوة ومكانة عسكرية وإقليمية، مكنها من العربدة كما تشاء فى المنطقة، بدءا بجنوب السودان ومرورا بكردستان، وتواطؤها مع قبرص واليونان فى سرقة غاز شرق البحر المتوسط، ثم اليوم مع اثيوبيا و الاتحاد الافريقى و تركيا، والقائمة تطول.

10) اننا لا نعلم على وجه اليقين وكالمعتاد ما هى اجندة وجدول اعمال زيارة سامح شكرى لاسرائيل، فمنذ عقود طويلة اصبح كل ما يدور من اتفاقات وترتيبات وتحالفات وصفقات بين مصر واسرائيل محظور عرضه او نشره على الشعب المصرى والراى العام، الذى لا يعرف ما يدور الا من خلال ما تسربه الصحف الاسرائيلية وهو ما سبق ان تكرر معنا فى اتفاقيات الكويز والغاز، وإخلاء حدودنا الدولية لإقامة المنطقة العازلة التى طالما طالبت بها اسرائيل ورفضها مبارك رغم توصيفه بانه كنزهم الاستراتيجى، واخيرا وليس آخرا ترتيبات تيران وصنافير.

11) كما اننا نخشى ان تتضمن الزيارة دعوة نتنياهو لزيارة القاهرة، وفقا لتسريبات بعض الصحف العبرية، ونحذر من ان مثل هذه الزيارة لو تمت فإنها ستثير ردود فعل غاضبة لا تقل عما اثارته صفقة التنازل عن تيران وصنافير.

12) ونختم هذه السطور بالتأكيد على انه لا احد فى مصر او فلسطين او فى الكيان الصهيونى او فى العالم، يصدق كل هذه الدعوات والثرثرات الصورية غير الصادقة عن السلام وحل القضية الفلسطينية، فلم ترَ منكم الشعوب العربية والشعب الفلسطينى سوى جهودكم الدؤوبة لتصفية القضية وتهميشها وكسر واخضاع ارادة شعبها. ولقد اصبح واضحا للجميع، ان مصر الرسمية تنظر لاسرائيل اليوم بصفتها الدولة الاقرب لها اقليميا وحليفها الامنى والاستراتيجى فى مواجهة عدو مشترك! والاهم من كل هذا هو انها بوابتها لنيل الاعتراف والقبول الامريكى والدولى بشرعية السيسى ونظامه.

*****

القاهرة فى 10 يوليو 2016

01 يوليو 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: رؤية السيسي



Seif_eldawla@hotmail.com


يتساءلون كثيرا عن رؤيته، ويعاتبونه على انه لم يعلن بعد عن خططه واستراتيجياته الرئيسية والكبرى، أو عن توجهاته الفكرية والسياسية، وانحيازاته الاجتماعية والطبقية.


رغم أن كل ذلك واضح وضوح الشمس لمن يريد أن يرى!


*** 
فهو مع ثورة يناير فيما يخص ازاحة حسنى مبارك فقط، وافشال مشروع التوريث، فلولاها لما اصبح وزيرا للدفاع و رئيسا. 
ولكنه فيما عدا ذلك مباركيا أصيلا، يدافع عن النظام الذى ينتمى اليه، والذى خدم فى مؤسساته وتقلد فيه كل مناصبه، ولذا يستميت لإعادة احياءه واسترداد هيبته وسيطرته على كل اجهزة الدولة ومؤسساتها من شرطة وقضاء واعلام، والانتصار والثأر لتحالفته وانحيازاته الرئيسية، مع الحرص الكامل على تصفية كل مكتسبات ثورة يناير وأحلامها فى الحرية والكرامة والعدالة، التى يعتبرها كوارث. 
لقد تربى فى مدرسة أن الرئيس هو الدولة هو مصر، لا مكان فيها لمن يعارضه، واليوم أصبح هو ناظر هذه المدرسة. 
تستطيع ان تعتبره نظام مبارك الفتاة، مبارك موديل 2015، أو "بن على" تونس 1987. 


*** 
وهو ساداتيا حتى النخاع فى توجهاته الاقتصادية وإنحيازاته الاجتماعية والطبقية، رأسمالي التوجه شديد الالتزام بتعليمات صندوق النقد الدولى وكتالوج النيوليبرالية، يؤمن بالاقتصاد الحر وريادة القطاع الخاص، وفتح الاسواق للرأسمال الاجنبى، وتشجيعه بكل التسهيلات والإعفاءات أو التخفيضات الضرائبية. ورفع يد الدولة عن الاقتصاد، وإلغاء الدعم وإفقار الناس وتجاهل مطالبهم واحتياجاتهم، وتعويم الجنيه والخصخصة وتحصين صفقاتها. وهو يؤمن بأن القطاع العام ودعم الفقراء خرب البلد. وينتقد طول الوقت العمالة المصرية التى لا تنتج بقدر أجورها، ولكنها تنشط فى الاضرابات والمطالب الفئوية التى تعطل الانتاج وتضرب الاقتصاد. 
ولكنه قد يستدعى الخطاب الاشتراكي وقت اللزوم مع خصومه من رجال الأعمال، حين لا يتبرعون له ولصناديقه بما فيه الكفاية، أو حين تستضيف احدى قنواتهم الاعلامية معارضا أو ناقدا لسياساته، حينئذ يتهمهم بالسرقة وتهريب الاموال، والفساد والرشوة، والتهرب من الضرائب، ويطلق صبيانه لابتزازهم، ملوحين بالتأميم والمصادرة. 
وهو "ساداتيا أرثوذكسيا" أيضا فى تحالفه مع اسرائيل وتنسيقه معها وفى اخلاصه الوجدانى غير المحدود للسلام معها. بل انه يعتمد عليها فى حلحلة الموقف الأمريكى والدولى تجاهه، وهو ما نجح فيه بجدارة، فلأول مرة فى التاريخ، تضغط اسرائيل على الادارة الأمريكية لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر. 
ولكنه يستدعى الخمسينات والستينات حين يتعلق الموضوع بقضايا الحريات السياسية، أو الدفاع عن تغول الاجهزة الامنية وتجاوزاتها، أو باعتقال واعدام الخصوم السياسيين، أو حين يريد نقد الأحزاب وتشويهها وتهميشها، أو تمرير تزوير الانتخابات أو الترويج لخطورة الحرية والديمقراطية على الامن القومى. 
وهو يستدعي هذه المرحلة أيضا فى مواجهة المطالبين بدولة مدنية، ويؤكد دوما على تفوق العسكريين فى الحكم والإدارة، ويستخف بالمدنيين ويحتقرهم ويتهمم بالفشل والعجز الذى كاد أن يضيع البلد بعد "كارثة" الثورة. ويؤكد فى كل مناسبة على أن الجيش هو الحل الوحيد، ولذا يركز رجاله دائما على ان عبد الناصر بكل زعامته ووطنيته كان عسكريا. 


*** 
يرسم له اعلامه ورجاله أمام الكاميرات، صورة الرجل الوطنى المعادى للأمريكان، ولكنه فى الحقيقة وفى الكواليس هو حليفا مخلصا و أمينا لهم. قالها صراحة فى حديثه لصحيفة وول ستريت (( بأن علاقته الاستراتيجية بأمريكا أهم لديه من أى شئ آخر، وانه لن يدير ظهره لها أبدا، حتى لو أدارت له ظهرها.)) وهو يعمل على صيانة ودعم وتجديد التحالف العسكرى معها، ويحرص على مواصلة تقديم كل التسهيلات والتشهيلات لقواتها فى قناة السويس والمجال الجوى وفى كل حملاتها العسكرية فى المنطقة. كما أنه على غرار أسلافه، يقبل ويبارك استمرار وجود قواتهم فى سيناء ضمن الـ MFO. 
صحيح أنه حريص على تنويع علاقاته الخارجية مع الدول الكبرى، ولكن بالقدر الذى يثير الادارة الأمريكية ويدفعها الى الرضا عنه والاعتراف بشرعيته، وتجديدها لدور مصر الحليفة والتابعة تحت قيادته. 
وهو أسد على شعبه وخصومه ومعارضيه، وحمامة امام الامريكان والأوربيين واسرائيل ومجتمعهم الدولى. 
ومشكلته مع هذا المجتمع الدولى، ليس هى قضية الاستقلال والتحرر من التبعية التى كنا نحلم بها دائما، وانما هدفه الرئيسى هو الاعتراف الدولى بشرعيته، بأى ثمن. 
وهو تاجر شاطر، يجيد عقد المقايضات الدولية، اشترى رضا واعتراف فرنسا، بـ 5.2 مليار دولار قيمة صفقة الـ 24 طائرة الرافال، ورضا واعتراف المانيا بـ 8 مليار يورو قيمة صفقة محطات الكهرباء مع شركة سيمنز. 
وهو قومى عربى حين يتعلق الأمر بأموال السعودية والخليج، ولكنه شديد العداء للعروبة فى كل ما يتعلق بفلسطين والصراع العربى الصهيونى، او بالمشروع الأمريكى فى المنطقة وحروبه بالوكالة. 
هو يصرح على الدوام، مثله مثل باقى الحكام العرب، على أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها، ولكنه يحاصر الفلسطينيين فى غزة ويغلق معبر رفح رغم هدمه الانفاق التى رفض مبارك هدمها. وينحاز الى اسرائيل فى عدوانها الأخير على غزة، ويشيطن الفلسطينيين، ويتفهم مخاوف اسرائيل النووية حسب تصريحه الشهير مع الواشنطن بوست. 


*** 
وهو علمانيا مع العلمانيين ضد خصومه من الاسلاميين، يهاجم توظيفهم للدين سياسيا، ويتهمهم بالتخلف والانتماء للعصور الوسطى، ويستشهد بتقدم الغرب بعد نجاحه فى فصل الدين عن الدولة. ويستخدم هذه الورقة كثيرا فى مغازلة الغرب، الذى يطلق عليه بعض اعلاميوه لفظ "المصلح المنتظر للاسلام"! 
ولكنه يغير موقفه 180 درجة، ويتراجع تماما عن فصل الدين عن السياسة، حين يقوم بتوجيه وتوظيف المؤسسات والقيادات الدينية، للترويج له ولسياساته. 


*** 
وهو مع الاحزاب فقط حين تطالب بإقصاء الاسلاميين، ولكنه ضدها حين تريد القيام باى دور سياسى حقيقى ومستقل، فحينئذ يعمل على تشويهها وعزلها وإضعافها وتهميشها . 
هو يؤكد دوما على قرب اجراء الانتخابات البرلمانية، ولكنه لا يريدها الا بعد أن يضمن انها ستسفر عن برلمان أليف وتابع وخاضع، ولذا تتآمر اجهزته طول الوقت لتعويق او اجهاض أى احتمال لوجود برلمانا مستقلا أو معارضة حقيقية. 
هو مع حرية الاعلام حين يدعمه ويدافع عنه ويروج له ويأتمر بأوامره ويحرض ضد خصومه ومعارضيه. 
ولكنه ضده حين يعارضه أو ينتقده، لا تأخذه فى ذلك رحمة بأى صحيفة أو قناة أو كاتب أو اعلامى، فيطلق عليهم أجهزته وصبيانه للإغلاق أو للتشهير والتخوين. 
وبصفته ضابط مخابرات سابق، فانه يجيد توظيف ما لديه من ملفات ومعلومات وأسرار عن فرقاء السياسة والإعلام والفن والثقافة، فى الضغط والترويض والتجنيد والمساومة والإغواء والإحتواء، ليشكل منهم ظهيرا سياسيا نخبويا، يضفى عليه شرعية شعبية زائفة. 
يدافع كثيرا عن خريطة الطريق والديمقراطية والانتخابات النزيهة فى اللقاءات الدولية، ويعصف بها فى الممارسة الحقيقية. 
يكره الحريات السياسية وحقوق الانسان حتى النخاع، ويعاديها ويتهمها دوما بانها تهدد الامن القومى. 
يدافع بشراسة عن استقلال القضاء المصرى فى المنابر الدولية، ويقسم انه لا يتدخل فى شئونه وليس له سلطة عليه. اما على أرض الواقع، فهو من أهم أدواته التنفيذية للعصف بمعارضيه. 
يهاجم صناديق الانتخابات حين تأتى برئيس من خارج الجيش ويدافع عنها حين تأتى به. ويعاقب كل من تجرأ على التفكير فى المنافسة أو المشاركة فى حكم مصر، بالتصفية قضائيا أو سياسيا أو "معنويا". تماما على غرار ما حدث مع نعمان جمعة و أيمن نور بعد الانتخابات الرئاسية فى 2005. 
يدافع عن 30 يونيو و 3 يوليو، فيما اعطته من غطاء سياسى للاستيلاء على السلطة، ولكنه بعد ذلك يهاجم كل شركائه فيها، ممن صدقوا خريطة الطريق ويطالبوا بتفعيل الدستور وتداول للسلطة وبديمقراطية حقيقية. 


*** 
يكافح الارهاب فى مصر مرة، ويتاجر به مرات، ولكنه يمارس ارهاب الدولة ضد معارضيه ألف مرة. 
فهم يحكمون الشعب المصرى اليوم بسلاح الخوف، يختلقون أخطارا وهمية، او يضخمون الاخطار القائمة، لإثارة الرعب بين الناس؛ الرعب من الارهابيين والاسلاميين، ومن شباب الثورة أو من أى صوت معارض، ومن مصير سوريا والعراق، ومن المؤامرات الخارجية والطابور الخامس والجيل الرابع والفوضى وانهيار الدولة...الخ، ثم بعد ذلك يعصفون بحقوقنا وحرياتنا بذريعة حمايتنا من الأخطار التى اختلقوها. 
وسيكتب عنه التاريخ انه صنع بيديه اخطر بيئة حاضنة لتفريخ الارهاب والارهابيين، دفعت آلاف من الشباب الى الكفر بجدوى السلمية. 
أليس هو صاحب التحذيرات القديمة الشهيرة، بخطورة تهجير اهالى سيناء، واخلاء الحدود، واستخدام القوة فى مواجهة السكان، لما يمكن أن تؤدى اليه من غضب شعبى وتفشى الارهاب وحرب أهلية طويلة. قبل أن يصدر قراراته الأخيرة، بتهجير الاهالى وهدم المنازل لإقامة المنطقة العازلة التى لطالما طالبت بها اسرائيل. 


*** 
يقدم خطابا هادئا مهذبا ودودا معتدلا فى لغته ومفرداته، ولكنه يطلق اعلامييه على المعارضين، ليتولوا بدلا منه مهام السب والقذف والتشويه، التى لم نراها من قبل فى أسوأ عصور الاستبداد. 
لقد خلق أجواء مسمومة، خانقة الجميع، تزخر بالابتذال والنفاق والمنافقين والحصار والحظر والتهديد والترهيب والتحريض والكراهية والانقسام، مع اغلاق كل المنافذ للتعبير أو التنفيس أو الدفاع عن النفس فى مواجهة حملات الظلم والتشهير والتخوين. 
فى أحاديثه، يعطيك انطباعا بانه لا يستطيع ان يؤذى بعوضة، ولكن ملف حكمه حافل بجرائم القتل والتعذيب والاعتقالات والإعدام بالجملة والعصف بالحقوق والحريات. 
يتحدث كثيرا عن وعوده المستقبلية وانجازاته الداخلية ومشروعاته القومية ومؤتمراته الاقتصادية ومقاومته للفساد...الخ، ولكن مع شيوع القهر والقمع والاستبداد، وفى ظل اعلام مؤمم وموالى ومنافق، وفى ظل تعتيم وانعدام كامل للشفافية، ومع غياب للبرلمان ولأى رقابة شعبية، وقتل للسياسة وتضييق ومطاردة للمعارضين، وهيمنة كاملة على السلطة القضائية... الخ، فى ظل كل ذلك، من يستطيع أن يميز الحقائق من الأكاذيب؟ ومن يستطيع أن يناقش ويفند وينتقد ويكشف؟ 


*** 
وهو صاحب شخصية نرجسية، تفشل فلاتره كثيرا فى إخفائها، وتفضحها بعض تصريحاته "المرتجلة"، وآخرها كان تصريحه الغريب "الطريف" غير المسبوق مصريا او عالميا من أى رئيس أو مسؤول، فى لقاءه بالجالية المصرية فى ألمانيا، حين قال أن الله منحه هبة أن يكون كالطبيب القادر على الفهم والتشخيص. وأن ساسة العالم وفلاسفته ومخابراته وإعلامه أصبحوا يتسابقون اليوم للاستماع اليه والتعلم منه. 


*****


القاهرة فى 9 يونيو 2015

25 يونيو 2016

محمد سيف الدولة يكتب: لماذا طعن #السيسى على حكم #تيران و #صنافير؟

1لتنفيذ صفقاته وتفاهماته مع السعودية؛ الراعى المالى الاول له ولنظامه.
2 لتمرير عملية التطبيع السعودى الاسرائيلى من بوابة تيران وصنافير وفقا لملاحق كامب ديفيد الأمنية، فى إطار الترتيبات الإقليمية الجديدة تحت الرعاية الامريكية.
3)لإرسال رسائل متعددة الى السعودية و (اسرائيل) وأمريكا وكل الأطراف الإقليمية والدولية، بانه لا يزال له السيطرة الكاملة والوحيدة على كل ما يدور فى مصر، وانه قادر على عقد اى نوع من الصفقات والاتفاقيات وتمرير اى نوع من التوجهات والسياسات والتحالفات.
4)لإجهاض اى محاولات لاستقلال القضاء وأحكامه عن إرادة وهيمنة وتعليمات السلطة التنفيذية.
5)ولعدم السماح بحدوث سابقة قضائية بإبطال اى اتفاقيات توقعها الدولة مع اى دول او شركات او اطراف خارجية، فى ظل نظام غارق فى التبعية للخارج منذ عام 1974، استمد شرعيته الدولية على امتداد 40 عاما من توقيع عشرات المعاهدات والاتفاقيات الامنية والعسكرية والاقتصادية، التى عصفت باستقلال البلاد واستباحت الارادة الوطنية، من اول كامب ديفيد والمعونة الامريكية، والتسهيلات العسكرية للامريكان فى قناة السويس والتعاون معهم فى مكافحة الارهاب/المقاومة بعد غزو العراق، واتفاقية فيلادلفيا مع اسرائيل لمراقبة غزة، الى الخضوع لتعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين، واتفاقيات الكويز والغاز مع اسرائيل، وضرب الصناعة الوطنية بفتح الأسواق للاستثمارات والمنتجات الاجنبية، وتحصين صفقات بيع القطاع العام ضد الطعن القضائى... الخ.
6) للانتصار على كل معارضيه وخصومه، والتأكيد على ان لا احد يمكنه ان يتحداه او يتحدى قرارات وسياسات "الدولة" وان الخضوع والاستسلام لها هو الخيار الوحيد.
7) لخوفه من ان يتحول اى انتصار نهائي حاسم للقوى الوطنية المعارضة فى قضية تيران وصنافير،الى مصدر تعبئة والهام لتحدى السلطة الحاكمة فى القضايا الاخرى.
8) للحفاظ على ما تبقى من صورته ومصداقيته هو ومؤسسات الدولة أمام الرأى العام، والادعاء بانهم كانوا على حق وأنهم لم يفرطوا فى ارض مصرية.
9)لاستخفافه والنظام الحاكم والدولة العميقة، بالرأي العام والقوى السياسية والمجتمع المدنى وفقا لعقيدتهم المقدسة حول "الأسياد والعبيد"،التى تحظر ان يكون لسواهم اى حق فى ابداء رأى او اعتراض او تعقيب على قرارات السادة الحكام.
10)وأيضا تطبيقا للنظرية "السيساوية" الخاصة بأن "لا أريد لأحد أن يتكلم فى هذا الموضوع مرة أخرى" و" لا تستمعوا لأحد غيرى" .
*****
القاهرة فى 25 يونيو 2016

23 يونيو 2016

سيد أمين يكتب: من خصال الكائن "السيساوى"

آخر تحديث : الأربعاء 22 يونيو 2016 22:49 مكة المكرمة
بدون شماتة أو استهزاء، لو أردنا أن نعدد خصال "الكائن السيساوي" لانبهرنا وربما انبهر العالم معنا ، بقدرته الكبيرة على ابتكار تفسيرات غير معتادة للمواقف ، وتسميات غير تقليدية للأشياء، فضلا عن أن اجماع رهط من الناس "السيساوية" على ذلك النهج ، يجعلنا في حيرة من أمرنا ، هل العيب فينا، أم في المنطق، أم في كلينا معا؟
والحقيقة أن "الكائن السيساوي" يمتاز بمواصفات خاصة في شخصيته، لو أردنا أن نحصيها في كلمات معدودات لقلنا أنها هى ذاتها صفات المواطن "الفاسد" أو "المخطوف ذهنيا" وهى الصفة التى سبق أن اطلقوها من باب "الردح" على معارضيهم ، أو "المغيب" سواء ذلك المغيب قسريا عن ادراك مشاهدة الحقيقة ، أو المغيب طوعيا لعيب في شخصيته، أو ذلك "الغيبوي" الذى يرفض المنطق والقدرة ولا يؤمن إلا بالاتكالية، والمعجزات "السرية" التى يصنعها من يتفضل بالجلوس على كرسي الحكم في مصر.
ويعانى الكائن السيساوى في جملة ما يعانيه ، فسادا مزمنا في التقدير وخللا في ترتيب أولويات القيم ، فهو لا يستوعب من القيم إلا أشباه قيمة الاستقرار ، ولأنه نجح في أن يستوعبها نجده يدافع عنها بشراسة ويعلى من قيمتها بشكل مبالغ فيه حتى إلتهمت كل القيم الاخري بما فيها أهم تلك القيم ، قيمة الحياة ذاتها.
هو يقف دائما مع الاستقرار حتى لو كان استقرارا سلبيا بسجن الرافضين أو نفيهم أو قتلهم، ويقف على حافة الطرف الأخر المستوعب لقيم العدل والحرية والاستقلال والاحسان.


الكائن المغيب
وكما أن توعية الناس تكلف الكثير من الأموال والجهد والوقت ، فإن تجهيلهم وتسطيحهم كلفته أكثر من ذلك ، وبذات المعنى فإن صناعة الإنسان المثقف - ولا أقول المتعلم - تكلف أقل بكثير من صناعة الإنسان الجاهل- ولا أقول الأمى- ومع ذلك يزداد الطلب على صناعة الغيبوبة رغم كلفتها.
وأعتقد أنه كما يكون تعليم الناس وتثقيفهم في الأمم الغربية ضرورة من ضرورات الأمن القومى، يصبح تجهيلهم وتسطيح وعيهم ضرورة من ضرورات الأمن القومى للنظم الفاشية العربية وأولها بالقطع مصر.
بل أن ما ينفق سنويا على ميزانيات التعليم في مصر- على ما به من حشو وتغريب وضرب في صميم التراث الثقافي الوطنى - يصل بالكاد الى عشرة مليارات جنيه - نحو مليار دولار- في حين أن ميزانية الإعلام الحكومى تزيد عن العشرين مليار جنيه ، وتلتهم ميزانيات وزارات الأمن "الداخلية والدفاع" نصف اجمالى الميزانية تقريبا.
والكائن "المغيب" هو كائن لا يعرف من العلم حتى القشور، ومن الوطنية إلا "أمين الشرطة" و"العَلَم" وما تنشره "صحف الصباح" ونشرات "التلفزيون الرسمى"، ومن الممكن أن ترتكب عبر حشده وباسمه أبشع الجرائم كما حدث في "التفويض".


الكائن الفاسد
الأن لم يعد مثيرا للاستنكار لدى كثير من المصريين بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نظام 3 يوليو القول بأن كثيرين ممن يؤيدون الانقلاب في مصر استفادوا بشكل أو بأخر من الفساد وثقافته وممارساته ،وترسخت قناعة بذلك لدى حتى بسطاء الناس ، بأن مؤيديه إما فاسدون سابقون يخشون ضياع مكاسبهم القديمة ، أو فاسدون حاليون- في الغالب من قليلى الوعى والخبرة - أعجبهم أن يوصموا بأنهم لهم ثقل سياسي تم استدعائه على عجل من حالة الضألة والتيه التى كانت تتلقفهم ، فراحوا يسعون إلى التكسب، من ثم التبرير لهذا النظام مهما كانت خطاياه.
وهناك فاسدون مستقبليون تم "تعشيمهم" إما بشكل شخصي من خلال العطايا والوظائف أو بشكل عام من خلال دعايات المستقبل الزاهر والحياة الرغدة التى أغرق نظام السيسي فيها هذا البلد منذ أن جاء دون أى دليل موضوعى ملموس على ذلك.
والمشكلة أن ثقافة الفساد عند هؤلاء الناس ، ليست كما هى في المجتمعات السليمة ، ثقافة منبوذة قانونا، ومرفوضة اجتماعيا ، تجلب لصاحبها العار بين أقرانه ، بل هى في مجتمعنا المريض نوع من أنواع "الفهلوة" أو الذكاء الاجتماعى ، والصلاح والفلاح في الحياة ، فهى تختصر أصعب الطرق وتوفر الكثير من الوقت.
وهذا النوع من الناس يدافع عن الفساد كما يدافع عن ذاته نفسها ، ويبرع في اختلاق الذرائع لمسايرته والاستفادة منه، ويحاول جاهدا اقناع نفسه بتلك الذرائع المختلقة التى نجح في أقناع الناس بها ، دون جدوى.
المهم ان هذا النوع مشغول بالفساد المالى والأخلاقي فقط ، لكنه لا يحبذ اقتران فساده بالدم ولا يشجع على ذلك، ومع ذلك لا يتخذ موقفا قويا حيال رفضه له.
لكن أخطر أنواع هؤلاء الفسدة هؤلاء الذين يبررون قمع حرية الآخر وإقصائه والتنكيل به بل وذبحه وإبادته ، ويعتبرون ذلك عملا من أعمال الوطنية والدفاع عن الدولة التى يحصرونها هى الأخري في ذواتهم وعائلاتهم ، ويؤمنون تماما بأن كل شئ مباح طالما يدافع عن تميزهم ومكاسبهم الخاصة ، ويهربون من ضمائرهم بتبرير الرواية الرسمية لكل عمليات القتل والإبادة التى تنفذ سلطتهم ضد الطرف الأخر حتى يصدقونها من كثرة تكرارهم لها.


الكائن التافه
كثير من الناس ممن حرموا من التوعية السليمة ، يبنون مواقفهم طبقا لمبدأ المكايدة أو من أجل اثبات امتلاكهم لرأى مستقل أو وعى هم في الحقيقة يفتقدونه ، فما أن يدخلوا في نقاش حتى يبنون مواقفهم ليس على أساس القضية التى يدور بشأنها النقاش ولكن على أساس رأيهم في شخصية صاحب الرأى الأخر ، والأغرب أن رأيهم ذلك بنى أيضا على أسباب غير موضوعية ، قد يكون لأنه يتحدث بحدة ما مثلا ، أو بلغة راقية اعتبروه يستعلى بها عليهم ، أو أن مطالبته لهم بالاطلاع على مصادر معرفة مستقلة اعتبروها أيضا اتهام لهم بالجهل ، أو لعداء أسري بين العائلتين ، أو حتى خلاف على ميراث أو زواج أو طلاق ، أو بناء على صورة ذهنية قديمة.
ومن نماذج التفاهة أيضا أن يسعى أحدهم لمحاولة بناء رأى يحدد به شخصيته ، فلما يعجز عن تكوينه نظرا لقلة خبرته فيقوم بتبنى منطقيات جاهزة يروج لها اعلام السيسي ويصم كل من يتبناها بأنه مواطن "واع"، ويدافع عنها باستماتة بالغة لأنه في الوقع يدافع عن شخصيته.

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

21 يونيو 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة: الدلالات العشر للحكم القضائى بمصرية تيران وصنافير


مبروك
قضت محكمة القضاء الادارى اليوم 21 يونيو 2016، "برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبقبول الدعوى شكلاً، وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى أبريل ٢٠١٦ المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية، واستمرار السيادة المصرية عليهما، وحظر تغيير وضعها بأى شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى".
***
وفيما يلى اهم دلالات هذه الحكم التاريخى :
اولا ـ اضافة دليل جديد على مصرية تيران وصنافير، فهى مصرية بالتاريخ والجغرافيا وبالدماء والتضحيات وبالسيادة والريادة وضرورات الامن القومى، وأيضا بحكم قضائى.
ثانيا ـ انه لا يزال فى مصر قضاة وطنيون شرفاء، يحكمون بالعدل والقانون، حيث انه فى سابقة قضائية نادرة، رفضت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص الولائى الذى تدفع وتتذرع به الحكومة دائما من ان مثل هذه الاتفاقيات من امور السيادة التى لا تخضع لولاية للقضاء. وما كان احوجنا الى مثل هذا الحكم لينقذ ما تبقى من الثقة فى القضاء، التى اهتزت كثيرا فى السنوات الاخيرة.
ثالثا ـ سقوط النظرية التى أطلقها السيسى بانه لا يجوز التشكيك فى وطنية مؤسسات الدولة التى اقرت جميعها بان الجزر سعودية، فلقد اثبت هذا الحكم القضائى ان التشكيك كان موقفا وطنيا صحيحا، وهو ما يعيد الاعتبار للحقيقة الموضوعية الثابتة تاريخيا بان الذين يحكمون البلاد ليس اهم اكثر من فيها وطنية بل انهم قد يفرطون فى حقوق البلاد وأراضيها لخدمة مصالحهم وتحالفاتهم السياسية.
رابعا ـ رد الاعتبار لكل المصريين وخاصة من الشباب الذى تم التشهير بهم ومطاردتهم واعتقالهم وتوقيع غرامات عليهم، بعد ان اثبت الحكم انهم كانوا على صواب، وان الدولة كانت على خطأ، وهو ما يستلزم الافراج عمن تبقى منهم حتى اليوم فى السجن وتكريمهم والاعتذار الرسمى لهم.
خامسا ـ ان هناك جيلا جديدا من المحاميين يولد فى مصر اليوم، من أمثال خالد على وزملائه، ليخلف ويرث ويسير على خطى جيل العمالقة الراحلين من شيوخ المحامين الذين كانوا، فى العقود الماضية، يتصدون لاستبداد الدولة وفسادها ويدافعون عن كل المظلومين بلا تفرقة.
سادسا ـ أكد الحكم مرة اخرى انه لا يضيع حق وراءه مطالب، وان الحاضنة الشعبية والوطنية للقضية التى انتفضت فى ١٥ و ٢٥ ابريل كان لها الدور الرئيسى فى تشكيل رأى عام مصرى معارض للاتفاقية، كان من المستحيل على اى محكمة تجاهله.
سابعا ـ وهو ما يجب ان يعيد ثقة الناس فى العمل الوطنى والسياسى والجماعى، والتداعي بين كل الأطراف والقوى السياسية الحية للتصدى لكل المفاسد والمظالم التى نعيش فيها ليل نهار، وأن ننفض عنا كل دعوات اليأس والاحباط والخوف والاستسلام.
ثامنا ـ ان هذا الحكم سيؤدى الى مزيد من اهتزاز الثقة فى مصداقية عبد الفتاح السيسى لدى قطاعات إضافية من المصريين التى لم تكن قد ادركت طبيعة النظام وحقيقته بعد.
تاسعا ـ انه سيرسل رسالة الى كل من يهمه الامر فى السعودية وفى (اسرائيل) وفى المحيط الاقليمى والدولى، انه رغم سيطرة الثورة المضادة على مقاليد الأمور فى مصر اليوم، الا ان مصر لن تعود ابدا الى ما كانت عليه فى الاربعين عاما الماضية من استباحة أوطانها وثرواتها ومصالحها بجرة قلم وباتفاقيات مشبوهة فى الكواليس، وان فى مصر اليوم شعب ورأى عام واع وقوى يستطيع ان يجهض كل الشرور ولو بعد حين.
عاشرا واخيرا فان الحكم الذى اسقط الاتفاقية وقضى ببطلانها قد اسقط معه كل كتائب المنافقين من السياسيين والاعلاميين الامنيين الذين روجوا لسعودية الجزيرة.
***
نحمد الله على هذا الحكم، ونعلم جيدا انه ليس نهاية الطريق فلا يزال هناك احتمال بالطعن عليه امام الإدارية العليا، والذى لو كنت من الحكومة لترددت الف مرة قبل ان اطعن عليه. كما ان فى واقعنا السياسي اليوم ألف قضية مماثلة لتيران وصنافير، تخص الحقوق والحريات والمعتقلين والعدل والقانون والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات والفساد والتبعية والعلاقات الحميمة مع العدو الصهيونى، ولكنها بشرة خير.
*****
القاهرة فى 21 يونيو 2016

17 يونيو 2016

عبدالله خليل شبيب يكتب: مفارقات !!

أوروبا ترشح أكبر عصابة إرهابية متمردة على القانون الدولي لرئاسة لجنة قضايا القانون الدولي ومكافحة الإرهاب !!!
"قامت مجموعة دول أوروبا الغربية بترشيح الدولة العبرية لرئاسة اللجنة السادسة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بمكافحة الإرهاب وقضايا القانون الدولي ! مما أثار احتجاج واستغراب الكثيرين – وخصوصا في فلسطين والعالم العربي والإسلامي..
فمعروف للجميع أن تلك [الدولة الشاذة] لاتقيم وزنا للقانون الدولي..ولا لقرارات الهيئات الدولية – إلا بمقدار ما يتوافق مع مصالحها!
..وهي أكثر الدول تمردا على القوانين والقرارات الدولية .. التي اعتادت أن تضرب بها عرض الحائط ولا تنفذ منها شيئا.. فعلت ذلك ولا تزال تقعله بعشرات بل بمئات القوانين والقرارات التي صدرت منذ إنشائها وفرْضها ظلما – وتآمرا وتحت ستار [القرارات الأممية والدولية] مصادمة ومعاكسة للقوانين الأخلاقية والإنسانية الحقيقية ..التي لا تجيز اغتصاب أرض شعب وتشريده ..لإنشاء دولة لشعب آخر !
..أما الإرهاب .. فتلك الدولة اليهودية الحاقدة قامت عليه من أول يوم ..بل – قبل نشأتها!- فهي نتاج جرائم عصابات إرهابية دموية تتفوق على أعتى حركات الإرهاب في العالم وفي التاريخ..حتى على داعش وأمثالها!
..وتاريخها الدموي الآسود في جرائمها في فلسطين وغيرها معروف مشهود .وما زالت آثاره بادية وتتجدد !..وما زال المجرمون يمارسون جرائمهم- مغطاة بأغطية قانونية في كثير من الأحيان!
.. فكيف يعطَى المجرم مسؤولية مكافحة الإجرام؟!
وكيف يتولى [ بلطجية ولصوص وعصابات] مسؤولية مكافحة الإرهاب؟!
.. نحن نقترح على مرشحي الدولة الصهيونية لرئاسة مكافحى الإرهاب..أن يرشحوا داعش ..وعصابات المافيا ..وقطاع الطرق ..لرئاسة تلك اللجنة ..فهم أولى من الدولة العبرية التي قامت على الإجرام والإرهاب والدماء والجماجم البريئة ...!
..إنه عالم عجيب غريب فعلا..!
..وإنها لإحدى الكُبَر!! ودليل آخر على وجوب تغيير ما يسمى بالنظام العالمي والدولي الذي تحكمه [الدكتاتورية النووية] وتحتكر فيه القرارات النافذة مجموعة من الدول النووية الإرهابية!
ويتجلى فيه النفاق الممجوج ..الذي يجعل تلك الدول – التي من المفروض أنها تحترم نفسها ..ومطلعة على الحقائق والتواريخ والوقائع في مختلف أنحاء الأرض ولا تغيب عنها تصرفات الدولة اليهودية .. ومع ذلك [ لا تخجل] أن ترشحها لمثل تلك المواقع ... مما يحوّل ما يسمى بالمجتمع الدولي والقانون الدولي ..إلى [ أضحوكة كبيرة] سمجة !لا تنطلي حتى على الأطفال السذج!!!

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب : سقطة مشاركة مصر فى مؤتمر هرتسيليا

لا أعلم هل تخطت العلاقات المصرية الاسرائيلية تحت قيادة عبد الفتاح السيسى ، مرحلة الدفء الى مرحلة الفعل الفاضح فى الطريق العام؟ وهل أصبح الحفاظ على الأمن القومى لإسرائيل من أهداف السياسة الخارجية المصرية؟
***
نشرت جريدة الاهرام فى عددها الصادر فى 16 يونيو 2016، خبرا عن مشاركة السفير المصري في إسرائيل حازم خيرت بكلمة فى مؤتمر هرتسيليا السادس عشر.
وهو مؤتمر يعقد فى مدينة هرتسيليا بالارض المحتلة، التى سميت هكذا نسبة الى تيودور هرتزل مؤسسس الحركة الصهيونية ومنظمتها العالمية. وينعقد سنويا منذ عام 2000 تحت رعاية الدولة الصهيونية، ويتناول كل القضايا التى تتعلق بتحديات الامن القومى الاسرائيلى على كافة المستويات، وطبيعة المخاطر المحدقة باسرائيل، والتصورات عن مستقبل اسرائيل فى السنوات والعقود القادمة.
ويشارك فيه ابرز القادة والمفكرين الصهاينة من داخل اسرائيل، وكذلك ابرز الاصدقاء والحلفاء وقادة اللوبيات الصهيونية من خارجها. ولقد شارك هذا العام بنيامين نتنياهو وهنرى كيسنجر وزير الخارجية الامريكى الاسبق وايهود باراك رئيس الوزراء الاسبق وموشى يعالون وزير الدفاع السابق، وقائمة طويلة من النخب الاستخبارية والعسكرية و السياسية والاكاديمية فى اسرائيل، بالاضافة الى السفيرين المصرى والاردنى لدى اسرائيل ومندوب من السلطة الفلسطينية وآخرون.
***
ان اى مشاركة من مصر او اى طرف عربى فى مثل هذه المؤتمرات، والاجتماع والتواصل مع مثل هذه الشخصيات، هو بالطبع موقفا مجردا من الوطنية، ولكنه ايضا لا يمكن ان يكون فعلا سياسيا سويا أو عاقلا حتى من منظور انظمة كامب ديفيد واوسلو ووادى عربة، فهى مؤتمرات مكرسة لخدمة الكيان الصهيونى ومشروعه، والتى يأتى فى القلب منها وفقا للقرارات والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات السابقة: تصفية القضية الفلسطينية واغتصاب مزيد من الارض الفلسطينية والحفاظ على التفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة، وإعادة صياغة المنطقة بدولها وأنظمتها وتحالفاتها وفقا للأجندة والمصالح الاسرائيلية.
ناهيك على ما فيها من رسائل ومواقف شديدة الضرر بالمصالح الفلسطينية والعربية، ففيها تجاهل تام للانتفاضة الفلسطينية وشهدائها الذين يسقطون كل يوم على ايدى قوات الاحتلال، وتجاهل للأنشطة الاستيطانية الحثيثة لابتلاع ما تبقى من فلسطين، وتجاهل للمحاولات الإسرائيلية المستميتة القائمة على قدم وساق لاقتحام واقتسام المسجد الاقصى، وتجاهل للإهانة الاخيرة التى وجهها نتنياهو لاصدقائه وحلفائه؛ السيسى والنظم العربية حين أعلن عن رفضه لمبادرة السلام العربية.
بالاضافة الى ما فى هذه المشاركات من اضفاء مزيد من الشرعية على الاحتلال امام الرأى العام العالمى الذى يعيش حالة من التململ والنقد الحاد للممارسات الإسرائيلية فى الآونة الاخيرة: فها هم أصدقاء اسرائيل من العرب يعترفون بالمخاطر التى تهددها ويجتهدون لمساعدتها على مواجهتها.
واخيرا وليس آخرا، لما فيها من طعنة جديدة للثوابت الوطنية المصرية والعربية والفلسطينية، تعمل على تخريب وعى الأجيال الجديدة عن طبيعة الكيان الصهيونى ومشروعه، حين ترى حكامنا يتحدثون عن السلام الدافئ مع العدو، وخارجياتنا تشارك فى الفاعليات والمؤتمرات المعنية بالامن القومى الاسرائيلى، وسفراءنا يتواصلون مع قادة وشخصيات من مرتكبى جرائم الحرب والابادة، وجرائدنا القومية تنقل اخبار هذه المؤتمرات الصهيونية العنصرية وكأنها مؤتمرات طبيعية فى دولة جارة.
*****
القاهرة فى 17 يونيو 2016

10 يونيو 2016

سيد أمين يكتب: دراما برائحة المؤامرة

آخر تحديث : الجمعة 10 يونيو 2016   16:38 مكة المكرمة
كثيرا ما يحار المرء: أي أعمال درامية يشاهد من تلك الدراما التى تبثها الأف المحطات الفضائية من كل حدب وصوب، والتى تختلف في القصة والأشخاص والوقائع ولكنها تتفق غالبا في الانحياز إلى الإسفاف   والابتذال أو التوجيه السياسي ،لدرجة أنك قد لاتجد عملا فنيا إبداعيا حرا واحدا يستحق أن تشاهده بين كل هذا الخضم من الدراما.
وكثيرا ما يجد الواحد منا نفسه مخيرا بين أحد خيارين مرين: إما مشاهدة أعمال درامية تبدو وكأنها جادة، وهى في واقع الأمر مسمومة. أو أعمال أخري هزلية ولا ينكر مقدموها هزليتها, فنختار الصنف الثانى, لنكون كمن اختار أن يتم استغفاله ولكن بإرادته الحرة وابتلع رذالة الإعلانات وسخافتها التى تقطع العمل إربا إربا حتى يتمكن من تناول وجبة دسمة من الإسفاف.
ومع ذلك فهو غير آسف لهذا، فقد اشتري الرذالة عن الرذيلة والانحطاط.

الدراما والأمن
كان الهدف الأساسي من تقديم "الدراما" هو التوجيه والإرشاد والعظة المجتمعية ونقل تجارب الأخرين, لكن سرعان ما طغت عليها أعمال السياسة وتحولت بقدرة قادر إلى أدوات تعبث في الذهن وتحركها ليست إبداعات الفنان ولا مهارة المخرج ولا خيال المؤلف ولكن موهبة الحاكم وأجهزة أمنه.
 ومسعى السلطة في توظيف الفن لخدمة السياسة كان موجودا طوال تاريخ الدراما بدءا من ديوان القص العباسي حتى "ناصر 56 " و"أيام السادات" و"حسن البنا" و"الإرهابي" وذلك كجزء يسير من سلسة طويلة من الأعمال الفنية التى تسير في إطار التخديم على وجهة نظر السلطة.
وفي المقابل نجح المعترضون في المضمار ذاته ولكن بصورة أقل تفتقد القدرة على التركيز فضلا عن الانتشار وأنتجوا "الكرنك" و"البرئ" و"احنا بتوع الاتوبيس" و"لا" و"هى فوضى" و"حين ميسرة" و"الديكتاتور" و"الفرافير" و"ويوميات نائب في الارياف" وغيرها من أعمال أفلتت من قبضة الرقيب.

تفريغ الكبت
تدخلات السلطة في الدراما حولتها إلى مجرد أبواق تخدم على أهدافها وتصون بقائها- على افتراض الفصل بين السلطة المؤقتة والدولة الدائمة -  لكنه ما صان ذلك للدولة أمنا ولا قدم للمجتمع فنا, حيث شغلت تلك التدخلات المرء طوال الوقت بأعضائه التناسلية أو معدته واعتبار أن إشباع حاجتها هو قمة الإشباع والتشبع.
فإذا فشل الفتى في إيجاد عمل فبدلا من أن يطالب الدولة بتوفيره له فإن الدراما أرشدته إلى أن يحتسي الخمر ويرتاد الكباريهات لينسي فشله, أو أن يتحول إلى نصاب ويرتاد طريق اللصوص, أو يتاجر بالمخدرات ويتعاطاها للغنى السريع أو أن يمارس الاحتيال ليكون رجل أعمال ناجح.
وراحت تعطى مبررات للتمرد على قيود الأسرة والمجتمع فبررت الدراما الخيانة الزوجية بإعتبارها قصص حب وبررت انحراف الفتاة بتعرضها لقصة حب فاشلة وبررت للعاهرة بوصفها ضحية للمجتمع.
وحينما حاربت السلطة في مصر التيارات الدينية راحت الدراما تحارب التدين أيضا فصار الأزهري إما سفيها أو سطحيا أو مخادعا أو إرهابيا أو مثارا للسخرية، ومنعت ممثلاتها من ارتداء الحجاب في دولة اكثر من 90 % من نسائها ترتدين الحجاب وإذا ظهرت محجبة فى عمل ما، فهى إما شمطاء تداري قباحتها أو معقدة نفسيا أو متزمتة رغم أن الحجاب هنا يعبر عن سلوك ثقافي للمجتمع أكثر من كونه رمزا دينيا.

مقارنة فنية
لا شك في أننا حينما نتحدث عن الدراما العربية فإننا نتحدث تحديدا عن الدراما السورية والمصرية بصفتيهما النموذجين البارزين فيها.
ومن أخطر الصور النمطية التى روجت لها كثير من أعمال الدراما المصرية هى تصوير الغش والخداع والكذب والخيانات الزوجية كأنها لازمة عادية جدا من لوازم العمل الاجتماعي والتجاري الناجح وقرنتها دائما بشخصيات درامية تقدمها كنموذج للنجاح يجب الاقتداء بها.
يأتى ذلك على عكس القيم النبيلة التى حملتها الأعمال الفنية السورية، لاسيما القديم منها، قبل ان تصاب بمرض "العصرنة" و"المصرنة".
 وخذ مثلا عملين فنيين يكشفان بوضوح الدعوة لتبنى قيم الهدم في الدراما المصرية وتبنى قيم البناء في الدرما السورية, فالمسلسل المصري "لن أعيش في جلباب أبي" قدم نموذجا لشخصية رجل أعمال نجح نجاحا مبهرا يتمناه لنفسه أي طامح إلا أنه قرن نجاحه بوسائل هدامة منها الرشوة والخداع والانتهازية والاعتماد على الحيلة و الصدفة فضلا عن البذخ والإسراف بل إنه صور ابنه الذى يرتاد المساجد بأنه النقطة السوداء في حياة هذا الرجل.
ولعل انتشار الدراما المصرية على رقعة كبيرة من مساحة الوطن العربي هو ما جعلها عرضة لسهام التضليل والانحراف حتى تتمكن من تخريب ثقافة المجتمع العربي.
وفي المقابل فإن المسلسل السوري "على باب الحارة" قدم نموذجا جيدا يمكن الاقتداء به, حيث مجد النضال ضد المحتل الفرنسي والصهيونى وأثنى على قيم الترابط الاجتماعي واحترام كبير الأسرة وكبير الحارة ومساعدة الفقير وتجريم الكذب والخداع والغش والتدليس واحترام المرأة ونصرة المظلوم وغيرها من قيم البناء، إلا أن يد التآمر طالت للأسف هذا العمل الفني الكبير في الأجزاء الثلاثة الأخيرة وراحت تدس فيه قيم الإنهزامية والتطبيع والتبعية .
الغريب أن كلا النموذجين ـ السوري والمصري ـ استطاعا أن يجذبا المشاهد ويجعلاه يعيش بطلا بين أبطالهما, وهنا مكمن الخطورة، لأنه إن كان العمل هداما فسينتج أبطالا حقيقيين ولكن هدامين.

دراما الاطفال
من أخطر السموم التى يمكن أن تقدمها الدراما هى تلك التى تستهدف الأطفال، فهى بحق تعيد تشكيل المجتمع تشكيلا جذريا, وخطورة تلك الدراما أن الطفل الذى يتلقي تعليما ما فى تلك المرحلة سيصبح هذا التعليم من ركائزه الفكرية والاعتقادية مستقبلا.
ولقد وصل العصف القيمى أشده لدى بعض مسؤولى تلك الفضائيات في وطننا العربي لدرجة أن كثيرا منها يقدم أعمالا تحض الطفل على الكذب والخداع بل ويزج به في مهاترات العنف والجنس، فضلا عن أن بعض الفضائيات لا يستصعب عرض أفلام عن عبدة الشيطان.
ولكننا ونحن نتحدث في هذا المجال ينبغي الاشادة بعدة فضائيات صارت في عكس اتجاه الاعلام الهدام وراحت تقدم دراما مسؤولة وأعمالا تربوية هادفة أهمها "طيور الجنة" و"براعم" و" جيم".

تابع قراءة المقال على الجزيرة مباشر بالنقر هنا

23 مايو 2016

سيد أمين يكتب: وقعنا في فخاخ الثورة المضادة!



آخر تحديث : الإثنين 23 مايو 2016 16:28 مكة المكرمة
كثيرا ما يقع رافضو الحكم العسكري- رغم يقظتهم - في فخاخ الدعاية الخاصة بالثورة المضادة ويستخدمون نفس دعايتها ، وللأسف يساهمون بذلك - دون قصد - في ترسيخ مفاهيم مغايرة لما يدفعون الغالى والنفيس من أجل ترسيخه في وجدان الناس ، مع محدودية امكانياتهم وأدواتهم الإعلامية مقارنة بطوفان المدد والوسائل التى يمتلكها الخصم.
ومن ذلك مثلا أنهم تماهوا بشكل سريع مع غسيل السمعة الذى نفذته الثورة المضادة ، حينما غيرت اسم "جهاز أمن الدولة" إلى "جهاز الأمن الوطنى" فصاروا يرددونه دون أخذهم في الحسبان أنهم يغسلون بذلك الثياب الرثة المحفوظة في العقل الباطن الجمعى للناس حول جهاز نكد عليهم ماضيهم ، وهو الأن يدير الثورة المضادة ضدهم ، لينكد عليهم حاضرهم ومستقبلهم ، فيسبغون عليه صفة الوطنية ، وهى الصفة التى أضيفت عليه حينما تحول من دعم مبارك والحزب الوطنى إلى دعم المجلس العسكري.
وكذلك ضيع الثوار فرصة عظيمة حينما تماهوا مع دعاية الثورة المضادة حول "ستاد 30 يونيو"- وهو الاسم الرسمى له - عندما ردته إلى أسمه القديم الأصلى "ستاد الدفاع الجوى" بعدما وقعت المذبحة الشهيرة ، خشية أن يحدث ربط في وجدان الناس بين المذبحة وتاريخ الانقلاب الذى يسوقونه إعلاميا لهم كثورة.
ومن الأخطاء أيضا - ونحن نحصي أخطاءنا حتى لا نكررها في الموجة الثورية القادمة الأتية بلا ريب - هو انسياق الثوار وراء إعلام خيل إليهم أنه إعلامهم وهو في الحقيقة اعلام الثورة المضادة ، وقفت أدواته على أرض الثورة من أجل شحن جمهور البسطاء الواقفين على أرضيتها - وهم كثر - بشكل أمن ومضمون وسلس إلى ميدان الثورة المضادة ، ولذلك كان ينبغي أن تستقل الثورة بإعلامها ، مستفيدة من الزخم الكبير الذى كان حولها ، وهو الجمهور الذى تنازعه الطير حينما كشرت الثورة المضادة عن أنيابها، ولكن بعد ذلك عاد منهم من عاد واستقر هناك في الأرض الجديدة من استقر، ونحن على يقين أنه سيعود للثورة في مرحلة ما من مراحل وضوح الرؤية.
كما أن من الأخطاء أيضا الاحتفاء المخل بالنخب العائدة من معسكر الثورة المضادة، بطريقة تهدر نضالات وتضحيات الأقدمين، لما يتضمنه ذلك من إمكانية إعادة تقديم تلك الوجوه كنخب للثورة مرة أخري، وبذات الأهمية أيضا لا ينبغي إهانة العائدين أو الاستعلاء عليهم ، بل يجب دمجهم سريعا في الحراك الثوري.

تركيز الخصوم

ومن المشكلات أيضا ، أن الثورة المضادة وضعت جميع معارضيها في وعاء واحد بنعتهم أنهم "إخوان"، ولأنها تملك ثالوث السلطة ، الاعلام الذى يوجه الرأى العام ولو جزئيا ومرحليا ، ومنظومة العدالة التى تسبغ روح القانون على جرائمها ، والقوة التى تنفذ ، حقق لها هذا الجمع نجاحا ، لتخلص مضمون من جميع معارضيها، باختلاف توجهاتهم ، أما أنصار الثورة فقلدوا الثورة المضادة واتبعوا سياسة تركيز الخصوم وجمعوا كل أعدائهم في قدر واحد مماثل مع أنهم لا يملكون أى أداة من أدوات السلطة ، ومن مصلحتهم تفريق الخصوم لا تجميعهم ، خاصة أن هناك من بين الخصوم من هو يختلف معك فقط في الرأى وليس شريكا في المصلحة مع الثورة المضادة ، ويمكن أن يتم جذبه لصالح الثورة في أى مرحلة من المراحل.
وكما تم وضع كل الخصوم السياسيين الذين لا يجدون حرجا في الحكم العسكري في سلة واحدة ، تم أيضا وضع رجال الشرطة والجيش في سلة واحدة رغم أن منهم من يرفضون هذا الحكم بلا شك ، ولذلك فكلما تتراخى قبضة بعض رجال الأمن القمعية ويبدأون في مراجعة أنفسهم ، يعودون لتلك القبضة كلما سمعوا خطابا يسوى بين الصالح والطالح منهم ، ما يجعل هذه الخطابات الجمعية ترسل رسائل طمأنة للقيادات بأن قواعدهم الأمنية لا سبيل لها إلا الإلتفاف حولهم لتحتمى بهم وتحميهم.
ومن أخطاء الثوار لاسيما الإسلاميين منهم ، أنهم استعدوا - من عداء- فئات من المجتمع دون أن تكون هناك أى فائدة من وراء ذلك ، حتى إن كانوا محقين بدرجة ما في بعض الحالات ، ويتمثل ذلك خاصة في هجومهم على عبد الناصر ، وهو رجل يتمتع بشعبية كبيرة نظرا لبرامج الاصلاحات الاجتماعية التى نفذها ، وكذلك الهجوم على الفنانين رغم أنهم لم يكونوا قادرين فعليا على تجريم الفن حتى لو كان مبتذلا، ولا هم أصلا ينتوون ذلك، فقط هم استثاروا عداء قطاع من الناس يحظى بتعاطف الغرب الليبرالى.
كما كانوا أيضا يخلطون بين الفكر الدعوى الشرعي وما فيه من صدق وحلال وحرام ، وبين السياسة التى تعتمد أساسا على الخداع والتخبئة والكذب ، وتعاملوا مع الثانية بمنطق الأولى.
أما الصدق فهو وإن كان محمودا في الخصال العامة للناس إلا أنه ليس عملا حصيفا في السياسة ، خاصة مع خصوم كثر يمكرون كما يتنفسون كخصوم الثورة المصرية في الداخل والخارج، شرقا وغربا ، وهم أصحاب القوة العسكرية والاقتصادية ، ونحن المسالمون العزل بينهم ، ولذلك ما كان ينبغي التعامل المثالى ، ووجب علينا استعارة التقية الشيعية ولو حتى لفترة عبور التحدى.

فقه الواقع

في الحقيقة ، هناك صراع كبير في مجتمعاتنا العربية عامة ، بين ماهو واقع وبين ما هو واجب ، وعادة ما يكون الواقع أسوأ بكثير مما يجب أن يكون ، ولذلك يجب على الثوار وفي القلب منهم "الإخوان المسلمون" ، أن يتعاملوا مع الواقع بشكل أكبر حيوية ومرونة ، خاصة أنهم قبل غيرهم يدركون جيدا أن كل قوى الامبريالية في العالم تناصبهم العداء ، وأن السيسي ما هو إلا بيدق متوسط الحجم أن لم يكن صغيرا يلبي مصالح طابور طويل من الأساطين في رقعة الشطرنج ، أهم هؤلاء بالقطع الكيان الصهيونى الذى عبر قادته بشكل واضح وفي أكثر من محفل ، بأنهم لا يجدون أفضل منه معبرا عن الرئيس النموذج الذى يحلمون به في القاهرة ، وأنهم لن يسمحوا أبدا برئيس اسلامى أو معاد لكامب ديفيد يحكمها.
ولذلك كان يجب علي الثوار أن يطرحوا خطة يمكن أن تقدم حلولا ولو مؤقتة للقضية الفلسطينية ، تخدم النضال العربي الفلسطينى من جانب ويقبل بها الكيان الصهيونى من جانب أخر ، وأن يقدموا تلك الاطروحات ولو مرحليا لحين الامساك بزمام المبادرة أو المبادئة.
ومن الأخطاء أيضا ، أن نعتبر أن كل أتباع السيسي هم أنفسهم كل أتباع مبارك ، وهذا في رأيي خطأ كبير ، لأن المتأمل سيري أن "كل" أتباع السيسي هم "جزء" من أتباع مبارك ، وأن الفرق بين المجموعتين هو أن الفسدة المتحكمون من أتباع السيسي هم الجزء الذى اقترن فساده بالاجرام والتعالى وعدم الاحترافية أو الحنكة ، أما فسدة مبارك فقد اقترن فسادهم بالسرقات المالية فحسب مع مزيد من الحبكة والحيطة.
والقصد هنا ، أن نشير إلى أن كثيرين من أتباع مبارك غاضبون من الطريقة التى يدير بها السيسي البلاد ، ويرونها طريقة دموية وعقيمة وتفتقر للحكمة ، وأنها ستكون وبالا علي مصر وعليهم في نهاية المطاف ، ولكنهم يخشون دعم الثورة صراحة خوفا من أن تلفظهم فيكونون كمن لا طال بلح الشام أو عنب اليمن.
وأمثال هؤلاء ينبغي علينا أن نطمئنهم أنهم لن يضاروا - ما لم يتورطوا في دم - أن ينضموا لطابور الثورة التى ستفتح صفحة جديدة لجميع أبناء الوطن ، ولا يجب علينا ان نضمهم لصف الثورة المضادة قسريا ، ونحن في أمس الحاجة لانهاء حالة الانقسام.
وعموما تحتاج الثورة لرسم خارطة تحدد موقفها من كافة القضايا المحيطة في الداخل والخارج حتى لا ندع مجالا للمخاوف والتكهنات التى قد تصنع من الصديق عدوا ومن العدو صديقا.
اقرأ المزيد من المقال على الجزيرة مباشر هنا