27 أغسطس 2012

من هو ناجي علوش؟



د. إبراهيم ناجي علوش

نشرت الصحف ومواقع الإنترنت، في الأيام والأسابيع التي تلت وفاة المفكر والمناضل القومي ناجي علوش،  عشرات المقالات التي تناولت جوانب مختلفة من حياته ونضاله وشعره وفكره، كانت أغلبيتها الساحقة منصفة، وحاولت بإخلاصٍ أن تقترب من حقيقة ذلك الرجل وكنهه، وأن تفيه حقه.   لكن ما يذهل في تلك المقالات، لمن يستعرضها بالجملة وبالتتالي، أكثر مما حملته في الحديث عنه، هو الخلفيات المتنوعة، لا بل المتناقضة أحياناً، لمن كتبوها، وبالتالي للزوايا التي تناولوا الفقيد من خلالها.  فكأنهم اختلفوا على كل شيء وأجمعوا على تقدير ناجي علوش واحترامه، وهو المنظار الذي لا غنى عنه لرؤية ذلك الشفاف الغامض كضوء القمر.

وها قد مضت سبعُ عشرة دقيقة وستُ عشرة ساعة وأربعة أيامٍ وثلاثةُ أسابيع، عند الشروع بكتابة هذه السطور، منذ توفي ناجي إبراهيم سالم علوش قبيل فجر نهار الأحد الموافق في 29/7/2012...  ولا زلت أتأمل كرسيه المتحرك وفراشه الفارغ الذين تحيط بهما رفوف الكتب إلى السقوف كجدران حصنٍ منيع لا تزال ترفرف في فضائها روح الجاحظ والمتنبي القومية العربية أبداً ودوماً ولسان حالها يقول: "خيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ"...

ولا يزال هنالك من يرسل فيه شعراً أو نثراً أو سطراً من الذكرى... بعضهم أحبه كإنسان دمثٍ رقيق، وبعضهم عرفه كمناضل شرس، وبعضهم عرفه كقائد أو كمقاتل مقدام، وبعضهم ارتبط به كبعثي أو كفتحاوي سابق، وبعضهم تلقح بفكره القومي اليساري، أو بنزعته الثورية الرافضة أبداً للمهادنة مع أعداء الأمة، وبعضهم رافقه في سنوات "حركة التحرير الشعبية العربية" وعرف معه المطاردة والعمل السري واستهداف الرفاق بالقتل والسجن والاضطهاد، وبعضهم قدره كرمز ثقافي أو كمجدد شعري، أو كرئيس لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، أو كمدافعٍ حقيقي عن الديموقراطية والحريات لدى الأنظمة الوطنية والقومية والممانعة، وعند نقيضها، وداخل التنظيمات الثورية نفسها، وبعضهم احترمه وزامله كرمز قومي جذري، أو كأحد رعاة التحالف القومي-الإسلامي المدافعين عن المقاومة في التسعينات، وبعضهم لم يعرفه، إنما أحس به، أو سمع عنه أو قرأه، فتلهف له قلبه، وحزن عليه، أما كاتب هذه السطور، فقد أدرك شيئاً من ذلك كله، لذا رأى أن من واجبه أن يحاول للتاريخ أن يرسم ملامح هذا الهرم الثوري الذي نبت من رحم تربة بلادنا كسنبلة القمح وشجرة الزيتون، والذي تصاعد وعلا حجراً حجراً من خلال قدرته على إدارة الخلاقة متلازمات جدلية ما برح يوصلنا فهمها بشكل مبتسر وأحادي إلى الانحراف ذات اليمين أو ذات اليسار.

وما كان من الممكن لناجي علوش أن يحيط بكل تلك المتلازمات، وبحلولها الجدلية، وأن يحافظ على ثباته وتوازنه في المستنقعات الضحلة والرمال المتحركة لو لم يكن هرماً عملاقاً متماسكاً بكل ما للكلمة من معنى، لا كالصنم، فقد كان يحتقر الأصنام،  بل كان هرماً من إنسان، لم تحوله كل الخطوب والخيانات والممارسات الانتهازية التي تعرض لها إلى حجر، ولم يحوله حلمه القومي أو إنجازاته إلى متعالي، وقد كان إحساسه بالآخرين أصيلاً لا مفتعلاً، وكان وظل متواضعاً، لأنه نبت من أعماق الأرض، وعجن بزيت الزيتون، وعرف معاناة الفقراء حتى شبابه، فتقمصتها روحه، وحولته إلى هرمٍ من إيثار.

كلنا يجتذب من هم مثله، وإن الطيور على أشكالها تقع... أما ناجي علوش فقد كان يسرق قلب الخصم حتى والخصم يعاديه... فيكرهه خصمه أكثر بسبب تلك "السرقة"، وهو يتمنى لو لم يعرفه، أما من احبه فقد كان يتمنى لو أنه انسل إلى أعماق قلبه فنُسي هناك.   

ولد ناجي علوش لعائلة فلاحية بسيطة في قرية بئرزيت في فلسطين المحتلة، وبقي يحتفظ بطيبة الفلاح وببساطته في التعامل مع الناس، لكنه اختلف عن غيره ممن ولدوا وعاشوا في نفس الظروف أو أحسن منها، بقدرته على تجاوز الصغائر، عادة بالعفو عن حقه الشخصي، وبقدرته على التطور والارتقاء، لا على صعيد الفكر فحسب، بل على صعيد نمو الشخصية وتطورها، وكأنه مثال آخر على ما جاء في القرآن الكريم في سورة إبراهيم: "كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ".

كانت تلك إحدى الثنائيات الفذة التي تميز شخصية ناجي علوش.  فقد كان بسيطاً مركباً، بسيطاً في التعامل مع الناس، مركباً في تفهمه العميق للحالات الإنسانية والاجتماعية والعاطفية، وفي استيعابه للشخصيات الصعبة، وفي قدرته على لمس الأوتار الحساسة في شغاف القلب، أو في سبر كنه أكثر النوازع المظلمة استتاراً في شخصيات السياسيين أو المثقفين غير الثوريين.

وسنمر هنا لماماً على بعض تلك الثنائيات في شخصية ناجي علوش، دون أن نتمكن من تغطيتها كلها، إنما تأتي هذه السطور للتعريف بشخصية الرجل وبأساس خطه السياسي.  أما فكره السياسي، فيحتاج لكتابٍ منفصل، وكذلك سيرته الذاتية، التي تحتاج لكتابٍ بدورها، ونعد بإعداد كلا الكتابين إن اسعف العمر، أما تجربته الشعرية ودراساته الأدبية، فنأمل أن نتعاون فيهما مع من يجد في نفسه القدرة والرغبة والاستعداد للإخلاص لسيرة الرجل وموقفه وتجربته.

قلنا أن ناجي علوش نشأ في بيئة فلاحية فقيرة، وكان جدي إبراهيم، بسبب قلة حجم أرضه، يعمل في أرضٍ الفلاحين الموسرين في بناء "السناسل" الحجرية وتطعيم الأشجار المثمرة، وسنمر على هذا الجانب بتفصيلٍ أكبر في الكتاب الذي يتناول سيرة ناجي علوش.  إذن بقي بسيطاً في تعامله مع الناس العاديين، لكن عقله المتعطش أبداً للمعرفة، والذي اصطدم مع عالمٍ متغير في أوائل الخمسينات، جعله في سنوات المراهقة، بالإضافة لتعلم عشق اللغة العربية في تلك الفترة مع عمي المرحوم جميل، يسارياً، مبهوراً بخطاب اليسار الذي يتبنى قضايا الكادحين.  وكانت علاقته السياسية الأولى مع أحد الشيوعيين في القرية، حتى بدأ الأخير يهاجم من يتحدثون عن الوحدة العربية ويدعون لها، وهي الفكرة التي اجتذبت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، كما اجتذبت أبي أيضاً.  فلما زجره صديقه الشيوعي عن هذا قائلاً أن تلك "أفكار أيتام هتلر"، سأله أبي: "ومن هؤلاء؟"، فأجاب: "البعثيون!"، فقرر أبي أن يبحث عن البعثيين وانضم إليهم على خلفية حسه القومي المرهف الذي كان قد نماه فيه جدي الفلاح الذي لم يكن قد دخل المدرسة في حياته إلا ثلاثة أشهر، وعلم نفسه القراءة، بالرغم من ذلك، وكان يقرأ الشعر القديم والقرآن الكريم، كما أخبرني أبي، في تسجيل بصوته أعددناه خلال فترة مرضه لكتابة سيرته.

المهم أن الانضمام لحزب البعث العربي الاشتراكي، بقوة الحس القومي، لم ينسه حسه الاشتراكي، وبقي أبي اشتراكياً حتى وفاته، وهي الثنائية الأخرى التي أود الإشارة إليها.  فقد كان قومياً عروبياً حتى النخاع، وكان قومياً أولاً، قبل أن يكون أي شيء أخر، لكنه لم يكن قومياً تقليدياً، فقد كان عقله الباحث عن العلم والمعرفة لا يفتأ يبحث عن القوانين التي تحكم حركة التاريخ والسياسة والمجتمع، وكان حسه الكادح لا يدفعه للتقشف فقط في حياته (ولم يكن يستعرض تقشفه بالمناسبة بالأسمال أو قلة الذوق في التصرف، بل كان أنيقاً على تواضع... أناقة من يتسرب الحس الجمالي من سلوكه وذوقه المرهف لا من ماله)، بل كان حسه الكادح حساً جمعياً، يجعله يفكر بالفلاح والعامل والموظف والطالب والجندي، ويجعله يشعر بالسليقة بتأثير أي سياسة أو بنية اقتصادية-اجتماعية على عامة الناس، وكان ذلك الحس العفوي أساس اشتراكيته، قبل النظريات الاشتراكية التي أفنى سنواتٍ طوال في دراستها وفي الكتابة فيها، ومن هنا بعض عناوين كتبه مثل "الماركسية والمسألة اليهودية" أو "الطبقات والصراع الطبقي في الوطن العربي" وغيرها.  

المهم أن ناجي علوش كان ينفر من "الفذكلة" النظرية لبعض الاشتراكيين والماركسيين، ومن استعراض المفردات الأجنبية والسلوك الغريب عن مجتمعنا باسم "الاشتراكية"، ولذلك كان يحب ماوتسي تونغ من كل قلبه، كما أحب هوشي منه، وكما أحب تشافيز خلال سنوات مرضه.  فقد كانت الاشتراكية بالنسبة له إحساساً  وموقفاً قبل أن تكون نظرية، مع أنه بلور توليفة قومية يسارية متماسكة، بعد خروجه من حزب البعث، الذي اصبح فيه الأمين القطري للحزب في الكويت عام 1959، قبل أن يتركه على خلفية الصراع بين ميشيل عفلق وعبدالله الريماوي (مع أن الوالد لم يكن ريماوياً).   وقد نمت التوليفة القومية اليسارية التي أصبحت أساساً لفكر ناجي علوش من خلال التفاعل مع نفس المدرسة التي اشترك فيها ياسين الحافظ والياس مرقص الذين فتح لهما ناجي علوش أبواب نشر فكرها عبر "دار الطليعة" التي كان يديرها في بيروت خلال الستينات.   وقد وجهت تلك المدرسة نقداً نظرياً وسياسياً حاداً للشيوعيين العرب بسبب موقفهم آنذاك من الوحدة العربية وتحرير فلسطين، سوى أنها تمسكت، بالرغم من ذلك، بالمنهج العلمي في التحليل، وبطرح برنامج قومي يستند إلى الطبقات الشعبية العربية، أي يستند لرؤية طبقية.

وبالنسبة لناجي علوش بالذات، اقترن ذلك بممارسة العمل المسلح في صفوف الثورة الفلسطينية، وقد نتج عن ذلك دراسات وكتب مهمة نظرت لتجربة الثورة الفلسطينية ونقدتها، وشكلت لفترة من الزمان حصناً فكرياً منيعاً في مواجهة التيار التسووي في حركة فتح خاصة وفي منظمة التحرير الفلسطينية عامة.  وكانت الثنائية هنا مزج النظرية بالممارسة، وهو الأمر الذي أشار له أكثر من كاتب تناول ناجي علوش بعد وفاته، ولذلك لن نتوسع فيه هنا.

لكن النقطة الأخرى التي ميزت فكر ناجي علوش هنا كانت علاقته الوجدانية بالشعب والناس، لا السياسية فحسب، ولذلك فقد احترم ثقافة الشعب وتشربها غريزياً، وعندما كان يتحدث عن معارك العرب ضد الغزاة، خاصة معارك سيف الدولة الحمداني ضد الروم وكيف وحد العرب حوله، أو عن الثقافة العربية والإسلامية، عن إنجازات العرب الحضارية في الإندلس مثلاً، فقد كان يتحدث بشغف، قومي أساساً، ينبثق من حس الناس، كان يؤاخذه عليه كثيرٌ من المنظرين القوميين واليساريين.  ولم يجد إبي وأمي غضاضة في إرسالنا، عندما أغلقت المدارس في بيروت بسبب الحرب الأهلية، لمدرسة المقاصد الإسلامية في صيدا في جنوب لبنان لنقيم فيها، ونحن لا نزال صغاراً.

كان أبي لا يشرب الخمر ولا يدخن ولا يسمع الموسيقى ولا يشاهد الأفلام أو المسلسلات أو المباريات الرياضية، وكان قد قال لي مرة، فيما بيننا، أن الرجل الذي لا يستطيع أن يمر يومه دون احتساء القهوة أو الشاي مدمنٌ يقلل إدمانه على المنبهات منه.  ولكن ناجي علوش، على الرغم من زهده بالحياة، كان رقيقاً دمث الخلق واجتماعي الطبع، وهنا الثنائية الأخرى الجذابة في شخصيته، فلم يكن قاسياً أبداً في الحكم على الناس، بل كان ديموقراطياً متفهماً إلى أبعد الحدود، ومتقبلاً لمن لا يوافقه، ولم يكن ليؤذي الناس بكلامٍ جارح أو سلوكٍ متشدد، ولم يكن ليقاطع من لا تروق له عاداتهم، بل لم يكن ليشعرهم برأيه فيما يفعلونه، إلا عندما تسنح له الفرصة، وبرفقٍ شديد.  والكلام يدور بالطبع، حول السلوك الشخصي، لا حول الموقف السياسي الذي لم يهادن فيه ولم يساير ولو على قطع رأسه، حتى لا يؤول الرجل بشكل ليبرالي رث، فذلك رجلٌ كان يعرف أين تكمن أولوياته في الحياة.

ولعل أكثر ما كان يجتذب الناس لناجي علوش هو حرصه الشديد على كرامة الإنسان، حتى أعدائه، فلم أسمعه يوماً يشتم أحداً بكلمة نابية حتى عندما كان يسيل الدم وينطلق الرصاص والقذائف وتحل حجة القوة محل قوة الحجة وتذر الحرب قرنها، فتلك هي القوة التي لا أدعيها والتي لم أرها في غيره أبداً.  لم يضربني مرة، بل كان يعتمد وسيلة الحوار والإقناع، والهيبة، وعندما ألقت الوالدة القبض عليّ مرة وأنا أدخن في سنوات المراهقة، وشكتني للوالد، وكان آنذاك يعيش متخفياً متشرداً بين البلدان بعد أن حكم عليه ياسر عرفات بالإعدام وطارده وأعدم عدداً من رفاقه، تم الترتيب للقائي به في العراق، وحدثني عن مساوئ التدخين طويلاً، ثم قال لي: "لن أمنعك إذا قررت التدخين، ولا تكن جباناً فتخفي الأمر كاللص، بل دخن أمامي"، ولم اصدقه، فأمسكت بسيجارة واشعلتها، ولم يفعل شيئاً سوى أنه أشاح بوجهه عني، وكان شعوري أنني قطعت حبل الود كافياً لكي اطفئها...

ذلك هو الرجل الذي كان يعود من خطوط القتال ببدلته العسكرية ليضع بندقيته ومسدسه جانباً ("إبراهيم لا تلعب بالكلشن بالبيت")، وليساعد المرحومة الوالدة سميرة عسل (أم إبراهيم) بجلي الصحون أو تنظيف المنزل، ليعود بعدها إلى قراءة المتنبي ليرتاح قليلاً قبل أن يأخذ قسطاً من النوم ليعود لمواقع القتال، وهذا وهو يحتل موقعه كرئيس لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين!  أي مثقفٍ عربيٍ كبيرٍ هذا!  ومن مثله؟!  لقد كان نسيج وحده.  كان فلاحاً من بيرزيت قرر أن الرجولة لا تمارس على الزوجة والابنة والأخت، بل على من يحتلون الوطن ويضطهدون الشعب...  وهي ثنائية أخرى وددت لفت النظر إليها.

أما بعد، فقد كان  خمر ابي هو دواوين الشعر، وكنت أتعجب كيف "يرتاح" من جلسة متواصلة تمتد ما بين اثنتي عشرة  وثماني عشرة ساعة من القراءة والكتابة، بقراءة دواوين الشعر القديم، خاصة المتنبي الذي عشقه وكتب عنه دراسة متميزة.   وكان ذلك المقاتل الشرس... مرهف الحس، وكان يتأثر بشدة في حضرة الشهداء، ولكنه لم يكن شاعراً وطنياً فحسب، أو ملتزماً، بل كان قبل كل ذلك إنساناً، وقد كتب مرة:
غيري يمنّي من يحب بالنجوم
أما أنا، فليس عنديَ غيرُ بعض الشعر
حصادُ رحلتي وغربتي
عزيزتي، هذا الذي لدي...
فهل تراه يستحق الذكر؟!

ولم يسعى ناجي علوش يوماً لمالٍ أو أملاكٍ أو رفاهية، وعندما أصيب بالجلطة الدماغية بعد عودته من الحدود الأردنية-السورية صبيحة يوم 25/11/1997، عدت من الولايات المتحدة لأجد في حسابه ستمئة دينار أردني فقط، وكان منذ ترك بيرزيت في أواسط الخمسينات يسكن بالإيجار، ومات وهو لا يملك باسمه قرشاً واحداً، ولا شقة ولا أصول، إلا ما ورثة وأخوته عن جدهم في أرض بيرزيت، وهو بضع دونمات، وقد عمل في الكويت تسع سنوات في بداية شبابه، كان يرسل خلالها معظم ما يجنيه لأهله.  وقد ترك لنا الوالد سمعةً طيبةً وتراثاً نفتخر فيه وعلماً نافعاً وسيرةً عطرة... وآلاف الكتب.  اما مكتبته في بغداد، فقد تبرع بها لبيت الحكمة، وتم إحراقها يوم احتلال بغداد في 9 نيسان 2003 من قبل الرعاع الذي جاؤوا مع الاحتلال مع بقية مكتبة بيت الحكمة، وهو ما حز في نفسه كثيراً.  أما مكتبته الكبيرة في دمشق، فقد تبرع بها لمكتبة جامعة بيرزيت، في فلسطين المحتلة، وهذا غير مئات الكتب التي توزعها الاصدقاء في لبنان،  أما مكتبته في عمان، فهي ما تبقى منه... وقد بقي الرجل مصراً على التعاطي مع الورق، صحفاً وكتباً، ورفض التعاطي مع الإنترنت بشكل مطلق، وكان يطلب مني أن أقرأ له أي خبر أو موضوع مهم أجده، أو أن اطبعه على الورق... فناجي علوش كان يعشق الورق.

قلت أنني أصف شخصية ناجي علوش البسيطة المركبة من خلال توليفة الثنائيات الجميلة التي تكونت منها، فليس المقصود هنا هو السرد فحسب، ولذلك فإن ما يتمم خاصية التقشف عند ناجي علوش، ما عدا في اقتناء الكتب، هو الفرص الكبيرة للفساد التي أتيحت له، حتى دون أن يساوم على مبادئه.  وأذكر هنا ما جرى عندما كان مديراً لدار الطليعة في بيروت، يتلقى راتباً من بضع مئات الليرات اللبنانية، أنه أشرف على عملية ترجمة الأعمال الكاملة للزعيم الكوري الراحل كيم إيل سونغ، وبعد تهيئة فريق المترجمين والقيام بالتدقيق والطباعة الخ... كان والدي سعيداً بالإنجاز، وجاء إلى المنزل بعد الدوام ليتناول الغداء، وهناك أخبر والدتي بالإنجاز، ومن ثم عبر لها عن استغرابه لأن الكوريين أحضروا له شيكاً بخمسين ألف دولار مكافأة له على جهوده في إدارة المشروع، وكان ذلك في بداية السبعينات، فسألته ماذا فعل بالشيك، فأجابها أنه رفضه وأعاده إليهم طبعاً... واعتقد أن والدتي، ضمن وضعنا آنذاك، لم تكن سعيدة جداً بقراره، لكنها عادت ودعمته وأيدته وافتخرت بما قام به وظلت تسوقه مثالاً على نزاهة زوجها.  وهذا مجرد مثال صغير، ولن أخوض في الأمثلة الأخرى المستقاة من الثورة الفلسطينية أو غيرها، وفرص الفساد الكبيرة التي كانت متاحة له فيها لو خالطه فساد.

وبالعودة لتجربة المطاردة والعيش تحت الأرض، أذكر أنه اضطر للاختفاء بعد مداهمة قوات فتح للقواعد التي أقامها هو وأبو داوود في الجنوب اللبناني بعد احتلال الشريط الحدود من قبل الكيان الصهيوني في 15/3/1978.   وكان ياسر عرفات قد اعتبر أن توصل فيليب حبيب، المبعوث الأمريكي آنذاك، لاتفاق معه حول وقف إطلاق النار وإدخال القوات الدولية، والشريط الحدودي محتل، يمثل اعترافاً أمريكياً ودولياً بمنظمة التحرير مما يمهد لدخولها في التسوية!!! وقد رفض ناجي علوش وأبو داوود هذا المنطق وأصروا ومن معهم على ممارسة العمل المسلح ضد العدو الصهيوني ما دام الشريط الحدودي محتلاً، مما استتبع هجوماً ضارياً من قبل القيادة على التيار الذي يقودانه في فتح.

وكان في الدامور، على الساحل الذي يصل بيروت بالجنوب قاعدة من أهل مخيم تل الزعتر المهجر يقودها أبو أحمد وأبو عماد بطلا الصمود في مخيم تل الزعتر، وكان أبو أحمد وأبو عماد يرتبطان تنظيمياً بالوالد وبأبي داوود، فتمت دعوتهما لاجتماع، كان في الواقع كميناً، وتم اختطافهما وإعدامهما من قبل محكمة صورية أسسها ياسر عرفات في منطقة الفاكهاني، وكان 120 مقاتلاً فتحاوياً من القواعد المداهمة في الجنوب لا يزالون في سجون أمن فتح بتهمة تهديد أمن العدو الصهيوني، والسعي للإخلال بقرار وقف إطلاق النار، وقد تم الإفراج عن معظمهم بعد حوالي شهرين، وبقي 16 من قادتهم أكثر من سنة ونيف في السجن، وخلال ذلك انطلقت في فتح حملة اجتثاث لتيارها المعارض أو تركيعه، ممن ارتبطوا بعلاقة تنظيمية مع ناجي علوش بالأخص، كانت حملة اجتثاث وتنكيل في الواقع... وهكذا صدر الحكم بإعدام الوالد وبالبحث عنه لاعتقاله وتنفيذ ذلك الحكم.

وكانت تلك لحظة فاصلة، فقد انفض قادة التيار المعارض في فتح عن مشروعهم، وتراجعوا عن مواجهة ياسر عرفات، إلا الوالد، الذي رفض أن يخضع للترهيب أو أن يعلن الولاء، أو أن ينحني أمام الموجة، وثمة الكثير من التفاصيل المرتبطة بتلك المرحلة التي سأتجاوز عنها هنا... بل سنتركها للسيرة.  ما يهمنا هنا هو انتهاء علاقته بحركة فتح فعلياً، وللأبد، مع أنه كان عضواً في مجلسها الثوري. وقد انتهت علاقته حتى مع حلفائه السابقين فيها، على خلفية تلك الحملة الاجتثاثية بالذات، وانفضاضهم عنه، بسبب تمسكه بالأمر حتى النهاية، والمقصود هنا بالطبع أمر مواجهة العدو الصهيوني، ومن ثم مواجهة ياسر عرفات بعد حملة التصفية والتنكيل التي أطلقها، وهي حملة طالت حتى عام 1979، ولم تكن بلا سوابق، ومنها اعتقال الوالد عام 1974، وتضمنت فيما تضمنته محاولة اغتيال فاشلة لمؤسس إعلام فتح حنا مقبل (أبو ثائر) في بيروت من قبل ياسر عرفات أمام مكتب القدس برس، الذي عاد ليستشهد عام 1984 في قبرص على يد أبو نضال...

ما يهمني شخصياً هنا هو الفرصة التي أتيحت لي لاحتكار الوالد بعيداً عن كل شيء أخر، وأنا لا أزال في الرابعة عشرة من عمري وقتها، وكان قبلها لا يأتي للبيت إلا للزيارة، منذ اغتيال الكيان الصهيوني للقادة الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في 10 نيسان 1973.  وهنالك كثيرٌ من الناس لا يفهمون أن المناضل لا يملك نفسه، ولا تملكه عائلته، فيصبح الأب عندها كنزاً مفقوداً.  ولكن في نيسان 1978، وبعد اشتداد حملة التصفية والاعتقالات، تم اتخاذ قرار بنزول عدد من الرفاق تحت الأرض، وتم اتخاذ قرار بإخفائي مع الوالد.

وقد تنقلنا بين أماكن متعددة في تلك الفترة، وحملات المداهمة والتفتيش على أشدها، ولكن أجمل ما في تلك المرحلة بالنسبة لي كان الفترة التي سكنا فيها وحدنا في منزل معروض للإيجار في أحد أحياء بيروت الغربية، لم يكن يفترض بسكان العمارة أن يعرفوا أن هنالك من يقطنه، فكنا لا نشعل النور عندما يحل المساء، ونبقي دفتي خشب النوافذ مغلقتين، ولا نشغل تلفزيوناً، ولا نفتح مياه الحمامات في الليل، ولا نحدث صوتاً ولا جلبة لأي سبب، خاصة في الليل. 

وكان المنزل لمغتربين أقرباؤهم مع تيار الوالد في فتح، وقد وضعوا إعلاناً لتأجير البيت، وكانوا يأتون مرة أو مرتين في الأسبوع، وهم يحملون لنا أكياساً  فيها صحف وطعام ورسائل، ويخرجون بنفس الأكياس وهي فارغة، وكانو يأتون أحياناً ببعض الزوار "الراغبين باستئجار البيت"... وقد كانت تلك المرة الأولى، بعد بدء إدراكي السياسي للعالم، التي سنحت لي للعيش مع الوالد بشكل متواصل، طبيعي، هو في الواقع غير طبيعي على الإطلاق.  وكانت فرصتي لكي اتعلم منه وأفهم بالضبط كل ما أريد أن أعرفه.  كانت ذئاب الأمن تبحث عنه على مدار الساعة، وكان ينام ويصحو وسلاحه (الشتاير) بجواره، لكنني كنت سعيداً به جداً وكان كعادته مستغرقا بالقراءة والكتابة، ولم استطع ان أجاريه، فقد كانت المدة القصوى التي استطعت القراءة فيها بشكل متواصل وقتها لا تتجاوز أربع إلى ثماني ساعات، كنت بعدها أزعجه وأتحرش به لمناقشة أي موضوع، من الصراع الصيني-السوفييتي إلى جذور خلافه السياسي مع خالي منير شفيق إلى تقييم الدور السوري في لبنان الذي تحول في تلك الفترة إلى صراعٍ حادٍ مع الكتائب اللبنانية... وكانت فرصة ذهبية لا تعوض لكي أغرف من ذلك البحر وحدي دون بقية الرفاق، لمدة تجاوزت الشهر ونصف الشهر.

ولكنه كان، في أقسى حالات الوحدة والمطاردة الدموية، ينشغل في الليل بشيءٍ لا يملكه إلا من كان في حالة سلام تام مع ذاته.  فقد كنا نذهب في الليل إلى الغرفة الوحيدة في المنزل التي لا يطل عليها أي مبنى مجاور، وكان يشعل شمعة، ويجلس على الأرض، وخشب النافذة مغلق، وينشغل بكتابة قصيدة... وهناك ولدت قصيدته "حوار مع أبي الطيب المتنبي" (المهداة لوالدتي "الرفيقة سميرة") والتي أكملها لاحقاً في فيتنام، ومطلعها:

لليل رهبتهُ
وبي شوقٌ إلى سفرٍ طويل
امتد فيه حيث لا تصل
العيون الزئبقية
لأحط في حدق الرفاق المولعين
بطلعة النجم البهية
والساهرين على السبيل
لليل رهبتهُ
وبي شوقٌ إلى سفرٍ طويل.

وأذكر يوماً بعدها أن مرافق والدي جاء ليبلغه على عجل في جوف الليل بأن أحد زواره من الأيام السابقة ثمة شكوك ومؤشرات، حسب رأي بعض الرفاق في الخارج، بأنه "تساقط" أو تم اختراقه أمنيا.  في تلك اللحظة اتخذ القرار بتغيير مكان إقامتنا فوراً.  وبعد أن لملمنا بعض الحاجيات على عجل، نزلنا بالمصعد، وعلى مدخل العمارة مباشرة فوجئنا، ونحن نغادر مدخل المبنى، بدورية لأحد أجهزة أمن فتح تقابلنا وجهاً لوجه، وكادت تحدث مجزرة: السلاح ملقماً بمواجهة السلاح، والمسافة لا تزيد عن مترين إلى أربعة أمتار.

في مثل تلك اللحظات تعرف معادن الرجال، لا من حيث الشجاعة والجبن بالضرورة، ولكن من حيث رجاحة العقل والقدرة على التصرف ورباطة الجأش، و"الرأي قبل شجاعة الشجعان"...  كانت أقل من لحظة صمت قد مرت، بفعل المفاجأة الرهيبة على الجهتين، فقد جاؤوا ليكسروا الباب ومفاجأتنا... عندما سمعنا والدي يأمر الجميع: الكل ينزل سلاحه! مشيراً بيده اليسرى إلى أسفل... مخفضاً سلاحه باليد اليمنى.  لم أصدق كيف يقول ذلك... ولم أصدق أكثر عندما رأيت عناصر الدورية التي أتت لمداهمته يخفضون سلاحهم... ثم اندفع الملازم قائد الدورية فجأة لمعانقة والدي وتقبيله... وأنا ومرافقه، وعناصر الدورية المقابلة، جميعاً، كالمشدوهين.  وهمس الرجل شيئاً في أذن والدي، ثم انصرفنا بسرعة.  لقد أخطأ من أرسل ذلك الملازم الفتحاوي الأصيل لاعتقال ناجي علوش لأن الرجل كان قد خاض أكثر من معركة إلى جانبه، وكان يدين له بالولاء، وكان ما همسه في أذنه: لا تذكر أنك قابلتنا.  سنقول أننا لم نجدك...

أين سنذهب الآن؟!!  لم يكن الرفاق قد أعدوا مكاناً آمناً بعد... وكانت ثمة آلية محددة للاتصال لتفعيل المكان البديل، وكان الوقت يتجاوز منتصف الليل، ونحن ندور بالسيارة بعيداً عن الطرق الرئيسية.   كان الوضع خطراً جداً، خاصة ونحن غير متأكدين مما سيرشح عن عناصر الدورية التي كدنا نشتبك معها لقيادة الأمن، وهنا جاء القرار الأخر الذي أذهلني وأذهل مرافق والدي: اذهب إلى منزلنا (المعروف للقاصي والداني) في حي زريق في المزرعة، وهو أحد أحياء بيروت الغربية المعروفة.  المرافق: أبو إبراهيم...  إبي: اذهب هناك، فهو أخر مكان سيتوقعوننا فيه..  وهكذا ذهبنا، ونمنا هناك حتى الصباح، وكنا قد تركناه قبل أشهر... وكانت المرحومة والدتي مصرة أن تبقي منزل ناجي علوش مفتوحاً متحدية قيادة فتح أن يأتوا لاعتقالها، فبقيت فيه وحدها مع رفيقة، ووضع الأمن سيارة تراقبه على مدار الساعة حوالي شهر ونصف، ثم تعبوا، فصاروا يأتون لماماً، ومن هنا نشأت الثغرة التي تسللنا عبرها، وفي اليوم التالي انتقلنا إلى مكان آمنٍ في منطقة الشوف في جبل لبنان بقينا فيه فترة مع عائلة صديقة.

استمرت هذه الحال، ونحن نتنقل من مخبأ آمن إلى آخر كل أسبوعين أو ثلاثة، حتى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1978، أي حوالي ستة أشهر، قرر والدي بعدها التسلل إلى العراق، وهكذا كان... ومن المهم أن نذكر هنا تلك الخلفية التي أدت لانتقاله للعراق وبدء صفحة جديدة بالعلاقة مع إبي نضال.. وكانت الخلافات تستعر داخل التنظيم في العراق، وهو ما جعل شراكة الوالد المباشرة مع أبي نضال لا تستمر أكثر من عام، انتهت بالانفصال، وبإعلان تنظيم جديد هو "حركة التحرير الشعبية العربية" عام 1979، وهو التنظيم الذي تم حله رسمياً عام 1992.  وقد شارك عناصر ذلك التنظيم مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في إطلاق المقاومة ضد العدو الصهيوني بعد الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، وقدموا الشهداء والكثير من التضحيات التي تبقى صفحاتها مطويةً حتى الآن إلا على قلة، كما شاركوا بمجموعتين في بيروت في مواجهة الاجتياح الصهيوني للبنان في صيف عام 1982 من خلال مواقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان كاتب هذه السطور أحد عناصر تينك المجموعتين اللتين بقيتا على خطوط التماس مع العدو الصهيوني من 6 حزيران حتى 11 آب 1982.

وهي قصة أخرى سنتركها للسيرة أيضاً، سيرة ذلك التنظيم، لا سيرة الوالد فحسب.   لكن الثنائية الجدلية هنا التي تضيف لجاذبية أبي إبراهيم هي أنه كإنسان ثوري آمن بالعمل المسلح، كان يراه منبثقاً من خط سياسي والتزام أخلاقي، وكان يراه موجهاً ضد أعداء الأمة من قبل تنظيم شعبي ثوري، ولم يكن ليرضى، بالرغم من تصفية عرفات لكثيرٍ من رفاقه، ومحاولة قتله شخصياً، أن يتحول العنف المسلح إلى عنف إرهابي يقوم على الاغتيالات الفردية ضد عناصر فتح التابعين لياسر عرفات أو لأبي نضال نفسه، وقد مارس أبو نضال القتل ضد الفئتين، على أساس الشك في معظم الأحيان، ومن ثم ضد عناصر حركة التحرير الشعبية العربية نفسها، وهي المعادلة التي لم يفهمها الأحمق باتريك سيل في تناوله السطحي للوالد في كتاب "بندقية للإيجار" عن تنظيم أبي نضال...

وكان من الذين اغتالهم أبو نضال من حركة التحرير الشعبية العربية مسؤول إقليم أوروبا في التنظيم نبيل عرنكي، الذي اغتاله أبو نضال في مدريد في أسبانيا... وكانت الكثير من خلايا أبي نضال مخترقة للموساد ولأجهزة مخابرات عربية مختلفة، كما اكتشف أبو نضال بنفسه لاحقاً، وعرف الوالد بعدها من قيادات الصمود الفلسطيني في السجون الصهيونية أن من اغتال نبيل عرنكي من خلية أبي نضال في إسبانيا أدين بالتعامل مع العدو الصهيوني... وقد رثا الوالد نبيل عرنكي، الذي كان يحبه كثيراً، ورأيته يبكي بكاءً مريراً على فراقه في قصيدة "عن الدم الذي يزهر في كل المواسم" من ديوان "الزهر والنار":

قلت للمهرة هذا البرق لاحْ
من ثنايا الغيم في الأندلسِ
فالمسي صدري الذي
ناشته آلاف الرماحْ
وانظري:
هذا دمي المنذور من
وجهي يسيلْ
واعرفي القاتل
إن الومض أعطاني
تقاسيم القتيلْ
ها هو النجم على الأفق
يميلْ
ها هو النجم على الدرب هوى
هل رأيت الوجه والقامة
والرمح الطويلْ؟

آه عفواً يا نبيلْ
إن أصابتنا سهام العسسِ
والميادين تنادينا إلى عرسٍ جليلْ
آه عفواً
إن تلهى بالسيوف القتلة
وانتشى الأوباش من خمر الجراح
يسرح الخفاش في عتمته
عفو الجناح
وتباهي في العراء الحجلة.

نصل هنا إلى الثنائية الأخيرة في هذه المعالجة في شخصية ناجي علوش وخطه السياسي.  فقد اختار البعض أن يركزوا بشكل أحادي على اهتمامه بالحريات الديموقراطية، وحقوق الإنسان، في داخل الأنظمة القومية والممانعة عندما لم يكن أحد يجرؤ أن يثيرها، وله في ذلك مواقف مشهودة، وليس فقط ضمن تنظيم أبي نضال.

وسأقتبس هنا فقرة أو فقرتين من مذكرات ناجي علوش غير المنشورة:  "لم أقم علاقة مع نظام عبر جهاز أمني، وكانت علاقتي تمر دائماً عبر الرئيس... ولم أقم بالترويج لنظام معين، كتابةً أو شفوياً، ولم أدافع عن الإجراءات التعسفية، وكنت على علاقات دائماً بالمعارضات للأنظمة، وكانت علاقاتي هنا علنية ومكشوفة.  حتى أنني كنت مرة في بغداد، وسمعت أن الحزب الشيوعي العراقي أخذ قراراً بالعودة إلى الاختفاء، فقررت زيارة مقر الحزب، فاتصلت وأخذت موعداً، وذهبت في الليل، وكان مكتب الحزب وسط بستان... كان الصمت رهيباً... دخلت فوجدت ماجد عبد الرضا، وجلسنا وتحدثنا...".

الحديث طبعاً عن زيارة مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد... ولكن، عام 1979، تم طرد الجبهة الشعبية والديموقراطية ... وحركة التحرير الشعبية العربية (تنظيم الوالد) من العراق، وتم إبلاغ قيادة التنظيم بمنع نشاط حركة التحرير الشعبية العربية في العراق إلا على الصعيد الفلسطيني.  فهل كان موقفه، من جراء ذلك،  انتقامياً؟  لا طبعاً، تشرد الوالد في أوروبا الشرقية حتى عام 1981، ورأسه مطلوبٌ لياسر عرفات وأبي نضال في آنٍ معاً، ولم تكن العلاقة مع القيادة السورية جيدة بعد.  وبالرغم من ذلك، عندما اندلعت الحرب العراقية-الإيرانية، لم يتردد لحظة في الاصطفاف مع العراق، فالموقف الديموقراطي عنده محكومٌ بسقف السيادة الوطنية، وهذا ما علمنا إياه.  وقد جن جنونه عندما اقتربت القوات الإيرانية من البصرة عام 1986.   ولنلاحظ جيداً أنه عبر عن ذلك الموقف علناً وهو يقيم في دمشق منذ عام 1981، وقد استدعاه الرئيس حافظ الأسد للحوار مراراً، وهو ما لم يكشفه لي إلا قبل عام...

وعلى كل حال، إليكم هذه الفقرة من مذكراته غير المنشورة: "غادرت في اليوم التالي إلى براغ، بدعوة من منظمة الصحفيين العالميين I.O.J، فوجدت اثنين من كوادر الحزب الشيوعي العراقي ينتظران الطائرة، فسلما علي، وتناقشنا ونحن وقوفٌ بشأن الحرب مع إيران... وكان الرفيقان يعتقدان أن الحرب مع إيران ستسقط النظام.. فقلت لهما: لا اعتقد أنكم تعرفون النظام.  النظام قوي ومستعد.  على كل حال، ومهما كانت الظروف، فأنتم في مأزق... اقترح أن تعودوا إلى بلادكم وأن تقاتلوا مع النظام، لأنكم إذا انتصر النظام ستعاقبكم جماهيركم، وإن هزم ستعاقبكم.  فسأل أحدهما: هل تعتقد أن النظام سينتصر في الحرب مع إيران؟  فقلت: هنالك إمكانية كبيرة، ولكن أي شرف ستكسبون إذا انهزم وديس شعبكم وبددت ثرواتكم؟".

ويضيف لاحقاً: "لكن الذين لم تحقق لهم إيران مناهم عادوا وطلبوا النجدة من الولايات المتحدة الأمريكية.. وسقط النظام، فدفع شعبهم ثمناً باهظاً... وليس هناك دلائل على وجود مستقبل مطمئن وكرامة واستقلال.  الوضع يتشظى ويتفتت، والحرب الأهلية تأخذ أشكالاً متعددة، وكل شيء في العراق يتآكل".

ونرجو أن لا يبتسر أحدٌ هذه الملاحظات خارج سياقها، فالسياق هنا هو الحرب العراقية-الإيرانية، (لا الدعم الإيراني لسورية اليوم مثلاً!)، وقد زار والدي إيران بعد مرضه، في نيسان عام 2001، للمشاركة في مؤتمر هناك، وزار العراق في عام 2002، ولا تزال الأختام موجودة على جواز سفره القديم.
وفي صفحةٍ أخرى من مذكراته غير المنشورة بعد: "كنت معارضاً دائماً لأسباب جوهرية منها: 1) أن النظام العربي قطري وأنا وحدوي، 2) النظام العربي استبدادي، وأنا ديموقراطي مع الديموقراطية وحقوق الإنسان، 3) النظام العربي يتواءم أو يسعى إلى التطابق مع الإمبريالية وأنا معادٍ للإمبريالية، 4) النظام العربي مع الاستسلام للعدو الصهيوني، وأنا معادٍ للكيان الصهيوني، مع المقاومة المعادية له، ومع محاصرته ومقاطعته، ومع الإعداد للمقاومة.  ولذلك كنت اقترب من الأنظمة بمقدار اقترابها من هذه الاعتبارات، وابتعد عنها بمقدار ابتعادها عنها.  ولكنني كنت أحرص دائماً على عدم اعتبار الدول الكبرى مساندة للحرية والديموقراطية، وأرفض دعوتها أو قبول تدخلها بحجة حماية الحرية أو تمويل النشاطات من أجلها.  وكنت أؤكد دائماً أن حريتنا وديموقراطيتنا يجب أن تأخذ بعين الاعتبار حاجات الشعب الأساسية، وأن تأخذ باعتبارها حاجة الأمة لقيام الوحدة العربية، وإلى تحقيق التحرر من الاستعمار والنفوذ الإمبريالي ورفض استخدام دعوات الحرية والديموقراطية لتفكيك مجتمعاتنا كما يجري الآن".

العبرة من مثال العراق أعلاه أن الدعوة الديموقراطية محكومة بالضرورة بالسيادة الوطنية وبالمصلحة القومية، وهي الثنائية المركزية في فكر ناجي علوش القومي الديموقراطي، التي يسعى البعض لتشويهها ولما يبرد التراب على قبر الوالد بعد.  والعبرة من الفقرات الأخيرة واضحة لا تحتاج إلى تفسير، فالمعيار الأول لتقييم الأنظمة العربية هو موقفها من الوحدة العربية، والمعيار الثاني هو موضوعة الحريات، والثالث هو موقفها من الإمبريالية، والرابع هو موقفها من الصهيونية، ولا يجوز أن نأخذ المعيار الثاني وحده، وبشكل يتعارض مع المعايير الأخرى، لمن يريد أن يستشهد بناجي علوش.  وقد كان هذا أساس موقفه ضد التدخل الأجنبي مؤخراً في سورية وليبيا، ودعمه بالاسم لقيادتيهما، كما جاء في التسجيل المصور الذي قام به في 7/9/2011 والموجود على اليوتيوب تحت عنوان "طلقة تنوير".

يا أيها الفذ الفريد في كل المواضع، لقد مضت خمسٌ وأربعون دقيقة وخمسة أيامٍ وثلاثة أسابيع منذ غادرتنا، وهيهات أن نجد مثلك، أو أن يملأ فراغ عقلنا وقلبنا بعدك أمرؤٌ بحجمك.

لنكتب عن الجانب المشرق من الحياة - نازك ضمرة



*نازك ضمرة - امريكا
شعرت براحة وبشيء من سعادة يوم أمس السبت الموافق 25 أغسطس آب  2012، دعوت والد كنتي من آل ابو راس من قرية عيلوط قضاء الناصرة في فلسطين، وقد حضر لزيارة ابنته زوج ابني  حاتم، ومكث هنا في أمريكا طيلة شهر رمضان المبارك، دعوت في معيته جميع أبنائي وبناتي الثلاثة عشر وزوجاتهم وأزواجهن، وأولادهم وأولادهن احفادي أي إن المدعوين زادوا عن خمسة وخمسين شخصاً، لان ضيفنا ابو علي ابو راس يرافقه ابنه وزوجة ابنه وابنة اخرى له، وكانت الحفلة في متنزه عام وحديقة على شواطئ بحيرة كراب تري على الأطراف الغربية لمدينة رالي عاصمة نورث كارولاينا ، أكل الجميع من المشويات مختلفة الأنواع من لحم البقر ولحم الدحاج والهامبرجر والهوت دوحز على نار الفحم القوية ، وقام بمهمة الطبخ  والشواء صهري محمد منصور من البيرة أصلاً وهو زوج ابنتي البكر تغريد، وساعده ابني خالد، وزوج ابنتي فادية واسمه محمد خصاونة وهو من النعيمة  اربد، وزوج ابنتي بثينة واسمه ناصر فايد أصله من بيت دجن / يافا، مشينا بعد ان اكل الجميع على شواطئ البحيرة ، وصعدنا إلى البرج المنصوب عند شاطئ الإبحار والمراقبة، وتجولنا عبر أشجار المتنزه الكبير والمجهز بالماء والمرافق الصحية، وشاركتنا الطيور البرية فرحة الجميع بالجمع ، واختلطت الحان العصافير ومناجاتها مع عبث الأطفال ولهوهم وحواراتنا  خلال المشي او بعد أن جلسنا للاستراحة، ذكرتنا هذه المناسبة بوطننا المسلوب والمنهوب فلسطين، وتذاكرنا في سيرة أشجار الزيتون والتين والرمان والبرتقال وجميع أنواع اشجار الفواكه المثمرة والتي يهتم بها الإنسان  الفلسطيني ويحبها ويعتني بها اينما حل، وهنا في أمريكا لا تهتم العائلات والأفراد العاديون بالآشجار المثمرة، فعندهم ينطبق المثل الفلسطيني القائل: (مشترات العبد ولا تربايته) معذرة على الكلمة غير المناسبة، وانما كل اهتمامهم ينصب على الأشجار الحرجية وهي التي تتكاثر بشكل عجيب وسريع دون ان يعتني بها احد لكثرة الأمطار، وتكرار نزوله، وخاصة صيف هذا العام، فلم يمض اسبوع دون أن تمطر الدنيا ليوم اويومين، وأغلب الأمريكان يشترون الشجيرات الصغيرة  يزرعونها أمام بيوتهم، ويقصونها بأشكال هندسية تجميلية، وتهتم النساء بالورود  والزهور ، اما الرجال فيهتمون بالعشب الأخضر خلف البيت او  حوله،  ويتباهون بخضرته وكثافته ويقصونه ليبدو حقلاً  مفروشاً بسجاد أخضر كالملاعب الرياضية  العالمية الشهيرة، وتمنى الجميع لو أمكن زراعة الزيتون حتى نتذكر  حب الفلسطيني لشجرة  الزيتون لقدسيتها ولثمارها المباركة، ثم للجلوس في ظلالها أثناء شهور الصيف، أخذنا الصور التذكارية  التي تخلد هذه المناسبة  العائلية والتاريخية مع اننا نلتقي في مناسبات أخرى كالأعياد او الزواج او حفلات الميلاد، لكن ليس بكمال ما تم  يوم أمس، وافكر كيف سأوصل مجموعة الصور التي حزنتها في جهازي الكمبيوتر بعد ان سحبتها من الكاميرا،
أحس بالرضا عن الحياة وأحمد الله على الصحة  التي انعمها علي وعلى أسرتي من  حولي، وحتى وانا في الخامسة والسبعين من العمر، وأثناء مشينا على شواطئ البحيرة، مررنا بالبرج الكبير المقام هناك عند موقع الإبحار، وصعدنا إلى البرج على أدراج عادية، حيث لا يوجد مصعد كهربائي،  وأخذنا صوراً تذكارية هناك مع ضيفنا ، ثم عدنا للتحدث والاستراحة قبل افتراق كل عائلة إلى بيتها عند غروب الشمس، وكان الجو مهيئاً لسقوط أمطار ، لكن الجميع هنئوا بالجو البارد اللطيف والغائم، دون بر د ولا حر، ولعب الأولاد والبنات الكرة  الطائرة ، ومرحوا وتمازحو ا وتقاربوا، في مجتمع عربي أسلامي غريب نوعاً ما عن  البيئة التي وجدوا انفسهم يعيشون بها ويحيون،  وها أنا اعود لمواصلة قراءة رواية الكاتبة الأمريكية السوداء  اليس ولسون والمعنونة  (اللون  القرمزي) وهي من الكتاب الأمريكان الذين يناصرون حق الشعب الفلسطيني على ارضه ووطنه وترابه، ولقد سبق وزارت تلك الكاتبة الأمريكية غزة مع سفينة الحرية، وتأثرت لما يحيق بالشعب الفلسطيني من ظلم وخنق لحقوقه ونكران لها، ورفضت ترجمة روايتها إلى اللغة  العبرية احتجاجاً على العنصرية الصهيونية،
تحية لإخوتنا المتشبثين بوطنهم وعلى أرض فلسطين يحيون ويموتون، يخلدون تواجد الإنسان العربي الفلسطيني على ثراك يا فلسطين المقدسة والمباركة، وسلام على الأحياء والأموات من شعبنا العربي الفلسطيني، وسيعود الحق وسينتصر، وستعود الحرية والأرض لشعبنا الجبار الصامد .
*كاتب هذه السطور العجوز او  الختيار ابوخالد نازك ضمرة  من بيت سيرا قضاء رام الله في الأصل/ ومقيم مع عائلته في امريكا - قاص وروائي باللغة  العربية

الجنس والثورة السورية وطاعون العصر




نوارقسومة( رائد شما)

ربما سيكون من المفيد التطرق إلى العلاقة بين الجنس وما يسمى بالثورة في سوريا ، والتي أُفضّل إطلاق الاسم العلمي الملائم لها وهي "تمرد إسلامي مسلح" مدعوم بشكل مباشر من دول الخليج وتركيا.

الجنس هو محرك الإسلاميين والكبت الجنسي هو مهيجهم الرئيسي. بمنطق السبايا والجواري والحور العين يتم غسل أدمغة الشباب وتحويلهم إلى قنابل موقوتة، وهكذا يكونون جاهزين لفعل أي شيء مقابل أن يتذوقوا طعم ما حُرموا منه. ومن هنا جاء احتقار المرأة و"تنقيبها" ليبقى خيال الشباب نشطا ومشغولا ومتوترا وفي حالة بحث دائم عن هذه المغارة العجيبة والجنة الموعودة.

مطلّقات الثورة

لا توجد إحصائية عن عدد المطلقات اللواتي دخلن الثورة الإسلامية أوعدد النساء اللواتي دفعتهن مشاكلهن "الزوجية" إلى "الثورة"، لكن أؤكد لكم أن العدد كبير جداً ، وربما أغلب إن لم أقل كل نجمات "الغزوة" الإسلامية السورية هنّ من هذه الفئة! إنها ثورة "الوسادة الخالية" وعذاباتها التي لا ترحم.

فاتح الحرائر طلاس

قصص المجاهد عبد الرزاق الطلاس ومن قبلها قصص الشيخ المجاهد عمر الرحمون (ومن بعدها الكثير والله المستعان)، ورغم القرف المترافق معها، كشفت بالتأكيد عن انحطاط الرعاع "المتأسلم" في سوريا. الكل شاهد حقيقة اللحية الوهابية وكيف تُحول هذه اللحية صاحبها إلى حيوان مسعور همه الوحيد أن ينكح ما تيسر له من "الحرائر".

ظهرالبطل المجاهد طلاس بعد الفضيحة ولأول مرة، هادئاً لا يصرخ أو ينبح كالعادة، بل كان يتكلم بصوت خافت وناعم كصوص مكسور الجناح، يكفينا مراقبة حركات قدميه المتوترة لنستغني عن جهاز كشف الكذب. البطل لم يكتف بالنفي والكذب ، بل إن الأحمق والمصاب بجنون العظمة المبكر اتهم إيران وروسيا والصين بفبركة الفيديو لتشويه صورته أمام قطيعه ومعجباته لأنه بطل مقدام وشخص مهم جداً!!! طبعا أنا لم أقتنع ولا أي انسان طبيعي "غير مسعور" سيصدق كلام طلاس وتبريره المضحك. فالوجه وجهه والندبة التي تظهر على وجهه سببها إصابة طفيفة تعرض لها، والصوت الذي ظهر في الفيديو الثاني صوته أيضاً وهروبه "تكتيكياً" إلى تركيا (بطلب من مرشده الروحي) هو دليل على جبنه وخوفه. لكي يقتنع المرء بكلام طلاس يجب أن يكون من أحد المعتوهين المعجبين بصفحة شيخه عدنان العرعور أو من مرتزقة الغزوة الإسلامية ، وهم إما بنفس قذارة طلاس أو يتفوقون عليه بمراحل. انتهى طلاس ، وهو أيقونة الثورة الوهابية ، كما انتهت كذبة "ثورته" ، ولن يبقى له سوى بعض الذكريات الحلوة في المنفى التركي.
موضوع طلاس هو شأن شخصي يتعلق بحريته الشخصية... مشكلتي هي مع لحية طلاس السلفية الزانية والتي تنكح كل شيء "متحرك" و"ثابت" باسم الحرية، تنكح البشر والشجر وحتى البقر، وتنكح كل شيء جميل في بلدي ، وتنكح حتى ذكرياتنا وأحلامنا.

مع سبق الإصرار والغباء

لواء درع العاصمة "الوهابي" قام مشكوراً بحماقة تثبت وتبرهن "نظريتي"، وهي عبارة عن تطوير لنظرية "داروين" الشهيرة "النشوء والارتقاء"...-أصل الانسان قرد، وأصل القرد وهابي-. فقد قام مجرمو هذه العصابة باختطاف العميد عبد الباري عبد الله وعدد من عناصر الشرطة وبثوا صورهم على أنهم شبيحة ، وختموا الشريط بعبارة "لا تنسونا من صالح دعائكم"، ثم عادوا وبثوا فيديو جديدا للأسرى وهم مذبوحون على طريقة "العرعور"، وطبعاً التهمة الجاهزة هي أن "كتائب الأسد" و"الشبيحة" قامت بارتكاب مجزرة بحق المواطنين العزل في منطقة الشيفونية بدوما!!! المجرمون كُشفوا وفُضحت جريمتهم بسبب فرط الغباء الذي يعانون منه، فصور الضحايا وثيابهم تتطابق مع صور الأسرى المخطوفين في الشريط الأول. أصدر جزارو لواء درع العاصمة، وبعد فضح الجريمة بتاريخ 25 آب / أغسطس، بياناً يعلنون فيه براءتهم من دم هؤلاء الأسرى. السؤال هنا لماذا انتظر الثوار "الأبرياء" كل هذا الوقت ليعلنوا أن العميد وباقي الأسرى كانوا قد انشقوا وانضموا للجيش الوهابي الحر؟! وأنهم أبرياء من دمائهم الطاهرة وأن اعتقالهم وتصفيتهم "ذبحاً" تم بواسطة حاجز "طيار"!؟ وأين فيديو انشقاق هؤلاء الضحايا؟!

يقتلون الأسرى ثم يتاجرون بجثثهم!!!!! نعم هذا هو الفكر الوهابي وهذه هي الغزوة "الإسلامية" ... الإسلاميون المرتزقة هم من يقتل ويذبح بالسكاكين ومن يسبي ويغتصب "الحرائر" ويخطف ويطالب بفدية ويفرض جزية....ويجب أن يتم تطهير سوريا منهم قبل التفكير بتغيير أو إصلاح النظام...

لا توجد سوابق في تاريخ النظام السوري أو الجيش السوري تدل على قيامه بالنحر بالسكاكين، فلدى الجيش ذخيرة كافية لإبادة شعب بالملايين ، وهو ليس بحاجة لأن يقتل على الطريقة الوهابية البدائية... الجميع يعرف ماهية الفكر الحيواني الذي يبيح الذبح والنحر وقطع رؤوس "الكفار". من يجيد الذبح والنحر ، وعندهم سوابق في ذلك ، هم ثوارأبو مصعب الزرقاوي وعنتر الزوابري ( في الجزائر) ومن يتبع هذا الفكر. القتل محلل عندهم، ويكفي ترديد عبارة "الله أكبر" لتصبح الجريمة في سبيل الله ويصبح الله شريكهم فيها.

رواية "القتلة" وبيانهم يعتمدان على استغباء العقل البشري بل وحتى عقل القردة، ( وهنا أعود "لنظريتي") ... من يصدق هؤلاء الرعاع هو بالتأكيد مازال يعيش في مرحلة تسبق مرحلة القردة وهي الوهابية..

ولباقي الطوائف نصيب من الغزوة

صفحة "الاستحمار الإسلامي الإخواني ضد بشار الأسد" بثت فيديو للواء المخطوف فرج المقت يعلن فيه انشقاقه، وعرفته بأنه ضابط ينتمي إلى الطائفة الدرزية "الكريمة". اللواء وكما نعلم جرى خطفه قبل عدة أسابيع ونشر الرعاع فيديو له مع العميد في فرع فلسطين منير شليبي. أستغرب كيف يقوم الحمقى الذين يديرون هذه الصفحة بعرض فيديو مفضوح ومكشوف إلى هذه الدرجة، إلى درجة أن آثار كدمات "الانشقاق" تبدو بشكل واضح على عيني اللواء المخطوف. إلا أن الإسلاميين يدركون على ما يبدو أن جمهورهم هو قطيع من الغنم ، وأن أي شيء تذكره الصفحة "المؤمنة" هو كلام منزل لا ريب فيه.

كيف سيقتنع الانسان "الطبيعي" بأن اللواء المخطوف فرج المقت وهو "درزي"، قرر أن ينضم إلى ميليشيات تكفيرية تهدف إلى تطهير سوريا من أقلياتها، وأن آثار الكدمات التي على وجهه هي بسبب صحوة ضميره وحماسته لغزوة "الله أكبر" واكتشافه للجرائم التي ترتكبها "العصابات الأسدية" بحق الرعاع المسلحين!!.

لم نسمع أي مرتزق من المعارضة السورية ينتقد إجرام عصاباتهم الثائرة، فقط يحدثوننا دائماً عن إجرام النظام والذي ثبت أنه مبالغ فيه إن لم نقل أنه في أغلب الأحيان مبرر وضروري. من حق الجيش السوري ، وهو جيش الوطن ورمز وحدته ووجوده أولاً وآخراً ، أن يدافع عن حرمة الأرض السورية وعلم البلاد وتصفية كل المرتزقة من السوريين والأجانب الذين يسعون لتدمير كل شيء جميل في سوريا.

الفكر المتخلف واضح وجلي ونوع الحرية التي يطالبون فيها أيضاً واضحة ولم يعد لأي شخص حجة للدفاع عنهم وعن هيجانهم. تهديد المسيحيين واستهدافهم وتهجيرهم من عدة أماكن ، واستهداف مناطقهم كما حصل مؤخراً في دمشق، بل وحتى إدخالهم "بنور" الإسلام كما حصل مع أحد العسكريين المخطوفين الذي لم يكتف خاطفوه بإجباره عن إعلان انشقاقه عن جيشه بل أجبروه على الانشقاق عن ملته وأهله. ومن هذه المهازل الإسلامية ما لا يعد ويحصى في هذه الغزوة . فحتى صحفي ياباني نطق الشهادة ودخل الإسلام في جبل التركمان بعد أن ذُهل من أخلاق المجاهدين !!

المسيحيون هم سكان هذه الأرض وملحها وجزء لا يتجزأ من تاريخها، ومؤامرة تهجيرهم واضحة، فالإسلام الوهابي التكفيري لا يعترف بأي شكل من أشكال الاختلاف حتى مع المسلمين أنفسهم... حريتهم هي في القتل والتدمير والإكراه، وشعارهم هو"أسلم تسلم" وربما لن تسلم... والله أعلم!!

استهداف المزارات الشيعية

استهداف المقامات الدينية الشيعية هو ليس سوى حلقة من حلقات المسلسل الإرهابي الإسلامي في سوريا. الشيعة والذين يشكلون أقل من 1% من السكان في سوريا هم العدو الأول للغزوة الإسلامية . فهم مجوس وأبناء متعة وقتلهم وإبادتهم فرض عين على كل مسلم تكفيري. الفكر المتوحش نفسه هو الذي يقوم الآن بتدمير الأضرحة "الصوفية" في ليبيا وهو من يعتدي على الناس في تونس ومصر.

بابا العربية حكم

من يقف وراء انحطاط القناة الوهابية وفبركتها لأخبار كاذبة على شاكلة (فلان قتل، انشقاق، انقلاب، الأسد هرب....) ، والمسؤول الأول عن هذا الأمر، ليس قطيع الصحفيين ومذيعات "السيليكون والبوتكس" فيها! بل هو السيد حكم البابا. أفهم أن يكون البابا حكم حاقداً ومسعوراً ضد النظام السوري ، لكن لا أجد له  مبرراً بأن يصبح مرتزقاً أفاقاً في قناة الوهابية، مهمته الوحيدة هي فبركة الأخبار الكاذبة والمنحطة التي تنفذ أجندات أسياده والتعتيم على حقيقة ما يجري في بلد لا يستحق أمثاله أن يحملوا هويته.

حتى أنتِ يا بي بي سي

تفاخر بريطانيا بحرية الصحافة فيها، لكن الحقيقة أن هذه الحرية "المنافقة" تتوقف عندما تبدأ مصالح الدولة. هيئة الإذاعة البريطانيا بثت تقريراً في 22 آب/أغسطس 2012 مأخوذاً بالأساس عن تقرير للنيويورك تايمز يتحدث عن قيام مجرمي "أسود التوحيد" باستخدام أحد الأسرى كمفجر انتحاري دون علمه. بي بي سي اختتمت التقرير بعبارة "إن استغلال السجناء كمفجرين انتحاريين يعتبر دون شك جريمة حرب"، وهو ما لم يعجب الحكومة البريطانية  التي تريد أن تُقنع العالم بأن حلفاءها القتلة يقاتلون من أجل الحرية. الإسلاميون هم حلفاء الغرب في معركته لتدمير سوريا وإضعاف إيران ولا داعي هنا إلى إرهاقهم "بخزعبلات غربية" كعبارة جرائم الحرب. استمروا بجرائمكم ونحن معكم إلى أن تدمروا سوريا، هذا هو المفهوم من فضيحة حذف هذا التقرير.... سمعة ال بي بي سي أصبحت في نفس المزابل التي تضم العربية والجزيرة.

خياران لا ثالث لهما

النظام أو عصابات الطيفور والعرعور. النظام أو دولة إسلامية سيتم فيها تطهير سوريا من الأقليات أو سيناريوهات تقسيم وفدراليات الخ..... الشريحة المتمردة هي الشريحة المتخلفة والجاهلة ، وهي عبارة عن أشخاص يدفعهم حقدهم وتعصبهم الديني إلى حمل السلاح والانتقام.... لا وجود لفكر يحركهم سوى غرائزهم البدائية وفتاوى شيوخهم وأموال الخليج. من يقود التمرد المسلح هم الشيوخ ومن يحمل السلاح هم رجال تم غسل عقولهم بالمال والخرافات. القتل والذبح والإرهاب هي أدواتهم الرئيسية في محاربة الدولة وكل من يقف ضدهم. لا داعي للبكاء والنحيب! الموت قادم لكم! ولأهليكم ومن يأويكم! هذا هو خياركم منذ البداية! أهلي وأصدقائي موجودون في دمشق ولم أسمع وبعد 17 شهراً من ثورة الرعاع أن الشبيحة دخلت إلى بيت أحدهم وقتلته أو ذبحته!!! الذي سمعته هو قصص عن أشخاص تم خطفهم في دمشق من قبل ثوار العرعور مقابل فدية! رجاءاً!! موتكم هو خياركم ...ارحلوا بصمت!! فهذا قضاء جهلكم وقدره!

الإسلاميون طاعون العصر... إن كيدهم عظيم!!

من يعتقد بإمكانية إصلاح رعاع يحملون فكراً تكفيرياً وأجندة إسلامية هو حالم ومنفصل تماماً عن الواقع، ومن يعتقد أنه بدعمه لثورة هؤلاء الوحوش ينتقم من النظام لأسباب خاصة هو حاقد ومعتوه.

برأيي كل انسان عاقل ومتوازن (وقد كررت هذه العبارة أكثر من مرة لأني أعرف أن كمّا هائلا ممن سيقرأ هذه الكلمات هم خارج هذا التصنيف) يجب أن يقرر مراجعة مواقفه في لحظة محددة من حياته. الكثيرون ممن كانوا يقفون مع هذه "المهزلة" التي تجري في سوريا والتي يسميها الإسلاميون وأذنابهم ب"الثورة"، اكتشفوا حقيقتها المؤلمة وخداعها. المشروع الغربي واضح ونتائجه نراها على الأرض في كل بلاد ربيع "الناتو"، ولا يمكن إنكارها بعد الآن. الكثيرون خدعوا بالكذب والتلفيق منذ أول أيام "التمرد المسلح" وقصص أطفال درعا البلد "مهد التهريب" في حوران، الذين اقتلعت أظافرهم ولم أعثر على أي دليل ملموس على هذه الأظافر(وإن كانوا اعتقلوا بكل تأكيد) ،إلى قصة حمزة الخطيب البطل الذي تضع صفحته صورة له وهو بعمر أصغر بست سنوات من عمره الحقيقي عندما قتل في "غزوة مساكن الجيزة / صيدا".

منذ أول أيام الثورة وهناك تصميم على إقحام حزب الله في المسألة السورية . وكان أهل درعا هم السباقين إلى تلفيق هذه القصة الكاذبة ، وهم أيضاً أول من أدخل السلاح وقتلوا وهاجموا واستفزوا الأمن والجيش طبعاً بأوامر من قطر والسعودية (إلى حد أن أحد الأشخاص من درعا قال لي متباهياً أن جثث كلاب الأمن تملأ الملعب البلدي في درعا).الحديث هنا في الأسابيع الأربعة الأولى لانتفاضة حوران "السلمية". وكان الجميع يهزأ من ادعاءات النظام بوجود سلاح ومسلحين.

أصبحت وبعد استمرار مسلسلات الكذب والإجرام التي يخرجها ويقوم ببطولتها ثوار قناة الجزيرة والناتو، أتلذذ بمنظر القتلى "الإسلاميين". أقول هذه العبارة وأدرك معناها وقسوتها لأني أعرف تماماً أن "نفوقهم" خير ، وبقاءهم طاعون قاتل، وأنهم يتمنون قتلي وقتل كل من يخالفهم بالرأي. كل أنواع الفضلات الإسلامية المجاهدة من ليبيين وشيشان وأفارقة وأتراك وغيرهم... أرسلت لتنضم إلى رعاع سوريا ، لا لتنشر الحرية ولكن لتحارب المجوس وتقيم حكم إسلامي.

الإسلاميون لا يفهمون سوى لغة القتل، وهم يقتلون كالحيوانات ، وينحرون من يقع بأيديهم ، ويهاجمون كالكلاب المسعورة بطريقة غادرة وجبانة، ثم يختبؤون بعدها في جحورهم أو بين المدنيين ، وهو ما يعرف بمنطق الجرذان بالإنسحاب التكتيكي. لا مجال لإصلاح أو حتى التحاور مع أشخاص يرغبون بتدمير الدولة والجيش، الذي هو عماد أي دولة وأساس وجودها، لتنفيذ مصالح أسيادهم ومموليهم الجيوسياسية وإقامة حكم إسلامي متخلف. لا أتوقع أن عصابات السلفيين والوهابيين والإخوان يقاتلون النظام من أجل إسقاطه وإقامة دولة ديموقراطية في سوريا، أو من أجل حرية الشعب السوري. كما لا أتوقع أن يلقوا السلاح وأن يصبحوا أفرادا صالحين في المجتمع إذا ما انتصروا على النظام. الثورة بالنسبة لهذه العصابات هي جهاد ضد الكفرة في سبيل إقامة دولة إسلامية يمسكون فيها بزمام السلطة ، أما الثورة بالنسبة لأسيادهم فهي استخدام هؤلاء المرتزقة وفكرهم الإجرامي لتدمير الدولة والجيش السوري وتحويل سوريا في المستقبل إلى جمهورية أو جمهوريات موز.

انتصار الجيش على هؤلاء الوحوش هو الأمل لبقاء سوريا دولة موحدة ذات كيان وثقل.

يا أبناء هذه الأرض! قاتلوا الإسلاميين وعذبوهم "بأيديهم" واشفوا هذه الأرض من طاعونهم والعنوا كل من يقف وراءهم ويغطي عهرهم.

القتل والدم سيستمر وربما أطول من المتوقع ... لكن لنتذكر أن القتل هو خيار الطرفين وهو الحل الوحيد في سوريا.

نجلاء..مواطنة مصرية اختلفت مع اميرة سعودية فجلدت 500 جلدة



"بأي ذنب جلدت" هو عنوان الحملة التى دشنها عددا من أعضاء مواقع التواصل الإجتماعى على موقعى الفيس بوك وتويتر تضامنا مع المواطنة المصرية المحتجزة بالسعودية نجلاء وفا على خلفية خلافها مع إحدى الأميرات في العائلة الملكية الحاكمة، كانت تربطهما شراكة في أعمال تجارية، والتى تم الحكم عليها بالجلد 500 جلدة والسجن خمسة اعوام، وسيتم استئناف جلدها بعد شهر رمضان بعد ان اتممت بالفعل 300 جلدة سابقا.
وطالب المشاركون فى الحملة المصريين بالاتصال بالخارجية المصرية وبالرئيس محمد مرسى لحثهم على القيام بدورهم والتدخل لحل ماتواجهه المستثمرة المصرية بالسعودية ووقف جلدها.
وكانت البديل قد نشرت مناشدة مؤسسة الكرامة لحقوق الانسان للأمم المتحدة للتدخل لوقف جلد المواطنة المصرية التى ألقت السلطات السعودية القبض علىها في 30 سبتمبر 2009، بإيعاز من إحدى الأميرات في العائلة الملكية الحاكمة، كانت تربطهما شراكة في أعمال تجارية، حيث داهمت قوات الأمن السعودية منزل السيدة نجلاء وصادرت منها الأوراق و الممتلكات الشخصية الخاصة بها وبأعمالها كمستثمرة مصرية داخل المملكة.
وأضافت الكرامة أن المواطنة المصرية استجوبت من قبل محققين تابعين لشرطة السليمانية لمدة أربعة أيام، عانت خلالها من سوء المعاملة وتعرضت للسبّ من قبل المحقق ومن محامي خصمها، كما لم يسمح لها توكيل محامى بإيعاز من الخصم.
وأكدت الكرامة أن المواطنة المصرية احتجزت لمدة سنة و8 أشهر احتجازا تعسفيا دون محاكمة ، ثم عرضت على المحكمة الجزائية بالرياض، ولم يقدم لها أيّ دعم قانوني، كما لم يسمح لها بتوكيل محامي خلال 13 جلسة محاكمة، قبل أن تصدر ذات المحكمة عليها حكماً في 14 يونيو 2011 ، بالحبس لمدة 5 سنوات والجلد 500 جلدة.
وتقدمت السيدة نجلاء بالاستئناف أمام محكمة التمييز التي نظرت فى طلب الاستئناف وأقرت إسقاط العقوبة لعدم وجود أسباب تدينها، غير أن ملف القضية عاد مرة أخرى للمحكمة بطريقة غير قانونية، فأجبرت على الموافقة على الحكم.
وقال المحامي أحمد مفرح، باحث قانوني بمنظمة الكرامة أن السيدة نجلاء عانت داخل السجن من التعذيب وسوء المعاملة من طرف الحارسات، بالإضافة إلى منعها من الزيارة و حرمانها من الاتصال بعائلتها وأهلها طيلة 6 أشهر.
كما أكد مفراح أن السلطات السعودية بدأت في تنفيذ عقوبة الجلد بحق السيدة نجلاء ابتداءً من نهاية مايو الماضي، حيث جلدت بداخل سجن الملز 300 جلدة، بواقع 50 جلدة أسبوعيا، في حين يتبقى عليها 200 جلدة يتوقع تنفيذها عقب شهر رمضان، رغم أنها تعاني من اعوجاج فى العمود الفقري، طبقا لما أكدته تقارير طبية.

جنرالات العار - دكتور عبد الحليم قنديل





ذهبوا دون أن يبكيهم أحدا، فلا شعبية لهم في الشارع، ولا في الجيش، ثم أن الذين استخدموهم استغنوا عن خدماتهم بالتقادم، وعاملتهم الحكومة الأمريكية كالخيل العجوز، تكفيهم طلقة الرحمة من الرئيس محمد مرسي الذي أصبح جنرال أمريكا الأول فى مصر، وحتى إشعار آخر.

لم يكن المشير طنطاوي ولا الفريق عنان، ولا سواهما من الأدنى درجة في المجلس العسكرى، لم يكن هؤلاء من الجنرالات الذين تعتز بهم العسكرية المصرية وتفخر، فلم يخض الجيش المصري حربا وطنية منذ معركة 1973، ولم يكن هؤلاء من الذين لحق بهم أو حق لهم مجد الحرب، وقد شارك المشير طنطاوي ـ مثلا ـ في الحرب المجيدة، ودون أن يحرز شيئا يضاف للسجل العسكري، فقد كان وقتها قائد كتيبة مشاة، وقتل كل أفراد كتيبته في معركة المزرعة الصينية، ولم ينج أحد إلا طنطاوي نفسه في واقعة تثير العجب، وربما الريبة، وشاءت الأقدار التعسة أن يكون طنطاوي أطول وزراء دفاع مصر عمرا في منصبه، فقد ظل في موقع القائد العام للقوات المسلحة أكثر من إحدى وعشرين سنة، وكان قبلها لسنوات قائدا للحرس الجمهوري، ولم يكن اختيار مبارك له من فراغ، فقد أراد أن يختار رجلا يشبه الفراغ، وأن ينهي سيرة القادة العظام في الجيش المصري، وسعى بعد التخلص من المشير أبو غزالة آخر قائد ذي شعبية طاغية في صفوف الجيش، سعى مبارك إلى وضع الجيش في مقبرة، واختار طنطاوي كشاهد مقبرة، ثم انقلبت الأقدار على مبارك، وقامت الثورة الشعبية، ولم يكن بوسع طنطاوي أن يعاند الثورة، ولا أن يحمي مبارك من مصير الخلع، ولو فكر طنطاوي أن يفعل العكس، فلم يكن يستطيع، فليست له من شعبية في الجيش، ثم أن الجيش المصري ليس عصابة، وشاءت الأقدار أن تمنح طنطاوي فرصة أخرى يكفر بها عن سيئاته، وجعلته في وضع الرئيس نفسه، ولمدة قاربت العشرين شهرا بعد الثورة، لكن عجزه الخلقي جعله كالزوج المخدوع آخر من يعلم، وقد كان آخر من علم بنية الرئيس مرسي تنحيته، وتعيين رئيس جهاز المخابرات الحربية وزيرا للدفاع في دولة الرئيس المنتخب هذه المرة.
ومن منظور ديمقراطي، فإن من حق الرئيس المنتخب تنحية المشير، وإلغاء إعلانه الدستوري المكمل، وإنهاء إزدواجية السلطة، وترك السلطات للرئيس مرسي، وحتى يمكن محاسبته ومحاكمته شعبيا، سواء بحركة الشارع، أو عبر صناديق الانتخابات، وكل هذا حق لا مراء فيه، لكن القصة أكبر من مجرد إستعادة لصلاحيات رئيس، وكلنا يذكر زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية للقاهرة عقب تنصيب مرسي رئيسا، وتصريحاتها العلنية بإنهاء المرحلة الانتقالية، وإنهاء دور المشير والمجلس العسكري في السياسة، وهو ماذكرت به الجهات الرسمية الأمريكية في أول ردود أفعالها المستريحة لقرارات مرسي بإزاحة المشير وصحبه، وهو ما يعني ـ ببساطة ـ أن مرسي اتخذ قراراته، وهو يعلم أن الإشارة الأمريكية خضراء، فقد لمس من كلينتون مباشرة رغبة واشنطن في إزاحة الجنرالات القدامى، ليس لأنهم من المعارضين أو الممتنعين عن طاعة أمريكا، بل لأنهم كانوا جزءا من إدارة ذهب رأسها المخلوع مبارك، بينما تريد أمريكا قلب الصفحة، وتوحيد صوت وشخوص الإدارة الجديدة في مصر، خاصة بعد اطمئنانها التام إلى مرسي وجماعته الإخوانية، وتأكدها من جدية تعهداتهم بضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية الكبرى في مصر، وقد بدت كلينتون في غاية النشوة والسعادة وقتها، وهي تغادر مصر إلى لقاءات لاحقة مع قادة تل أبيب، وسخرت في خفة من سيول الطماطم والأحذية التي ألقيت عليها من جماهير مصرية غاضبة، فلم يكن يهمها رد فعل الشارع، بل كان الأهم ـ عندها ـ موقف السلطة الجديدة في مصر من حول الرئيس المنتخب.

وربما لايروق الكلام عن دور أمريكي للرئيس مرسي وجماعته الإخوانية ،لا بأس، فبمقدورهم أن يثبتوا العكس لو أرادوا، ودعونا نفترض جدلا أن مرسي رجل وطنى جدا، وأن المصالح المصرية الوطنية عنده فوق كل اعتبار، وقد عرف ـ بالممارسة ـ عمق التغول الأمريكي في السياسة والجيش المصري، وأن مصر بلد واقع فعليا تحت الاحتلال السياسي الأمريكي، وقد استطاع مرسي أن يتحرر من ضغط جنرالات المجلس العسكري بقرارات الإطاحة الأخيرة، وهذا شيء حسن جدا، لكن الأحسن أكثر أن يتحرر ويحرر بلده من الضغط الأمريكي، وهو يملك أن يفعلها بجرة قلم لو أراد، أو أرادت جماعته الإخوانية، يمكنه ـ مثلا ـ أن يقرر الإستغناء عن المعونة الأمريكية، وحجمها المالي هزيل، ويزيد قليلا عن مليار دولار ونصف المليار في السنة، وبخصم أجور الخبراء الأمريكيين المصاحبين للمعونة، تنزل قيمة المعونة السنوية إلى مليار دولار لا غير، ومقابل هذه المعونة التافهة تدفع مصر استقلالها الوطني بالكامل، وتنكشف كل أسرار جيشها، وتتحكم أمريكا في تسليح الجيش بالكامل، وتجعله في وضع متخلف بمئة خطوة عن الجيش الإسرائيلي، فهل يمكن لمرسي أن يفعلها ؟، هذا إن كان حقا يريد تجديد دم الجيش المصري، لا أن يوحي فقط بتجديد الواجهات، واختيار أشخاص يأنس لهم، أو ترتاح إليهم جماعته الإخوانية، ودون أن يعني ذلك تحريرا للجيش المصري من قيوده، ولا عتقا لمصر من ربقة هيمنة أمريكية إسرائيلية متصلة على مدى الأعوام الثلاثين الأخيرة.

نعم، ليست القصة في إزاحة رئيس لجنرالات، فهذا أمر معتاد جدا في مصر، والمؤسسة العسكرية المصرية غاية في الانضباط، وتطيع أوامر الرؤساء ما لم تكن مدعوة إلى مواجهة لا تريدها مع الشعب، وقد اكتسبت طابعها الاحترافي الصرف بعد إعادة بنائها من القاعدة للقمة عقب هزيمة 1967، لكن كفاءتها الكلية تعرضت للتجريف منذ عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتي أعقبتها المعونة الأمريكية الضامنة، ومن وقتها جرى تعطيل الاهتمام بقوة الجيش والصناعة الحربية، بل وتفكيك المصانع الحربية، وتحويلها إلى صناعات مدنية، وتضخم قطاع الخدمة الوطنية في الجيش، والذى بدأ عمله مع بدء سريان المعاهدة المشؤومة، ونما وتوسع بترحيب وتشجيع أمريكي، وخصما من حساب الاهتمام بأولوية السلاح وعقائده وتطوراته، وإلى حد وضع نشاط اقتصادي مدني كبير تحت تصرف الجنرالات، يقدر حجمه بحوالي ثلث الاقتصاد المصري، وهكذا توزع الاهتمام، وزاغت أعين الجنرالات عن واجب السلاح إلى عوائد البيزنس، وتحول كبار الجنرالات إلى كروش منتفخة، تهتم بحساباتها في البنوك وشركات الأنجال، وإقامات القصور والحياة المترفة، والرواتب المليونية، ومقاولات الباطن من المعونة الأمريكية العسكرية، وفي انفصال تام عن عقـــيدة الجيش الوطنية والقتالية، وهو ما انتهى بنا إلى زمن الجنرالات المشوهين، ومن نوع طنطاوي وعنان وأمثالهما، والذين هم أقرب إلى طبع رجال الأعمال لا طبع رجال السلاح، ويخافون على ثرواتهم لا على أوطانهم، ويفخرون بالسجل المالي لا بالسجل العسكري الخالي، ويخشون أن يحاسبهم أحد على ما اقترفت الأيدى، ويطمحون إلى "خروج آمن" تصوروا أن مرسي كفله لهم برعاية وضمان الأمريكيين، بينما بدا الخروج مذلا، وهم يستحقون إذلالا أكثر بمحاكمات آتية لا محالة، تلحق جنرالات العار بكبيرهم الذي علمهم الخزي في سجن طرة.

25 أغسطس 2012

دم فلسطيني أصفر بقلم/ توفيق أبو شومر



أثناء تصفحي لجريدة جورسلم بوست الإسرائيلية اليوم 25/8/2012 ، قاطعني إعلان باللون الأحمر الكبير في رأس صفحتها ومعه صورة جديدة للقدس، ليس بقبة الصخرة بل بالهيكل الثالث ومما جاء فيه:
"انتبهوا فإن (الماشيح) يسكن اليوم إسرائيل، ويقول لكم:
 إن أمريكا ستغرق في البحر، ومعها مدنٌ كثيرة، وستغرق لندن أيضا، وسينشر في العالم العداء للسامية، اهربوا من كوارث الزلازل والبراكين، فحرب يأجوج ومأجوج قادمة، إن حكومة إسرائيل الحالية هي آخر الحكومات، أما الحكومة  التالية هي حكومة الماشيح المنتظر، احزموا أمتعتكم وتعالوا لإسرائيل!!"
 وعندما تابعتُ جذر هذه الدعاية  وجدتُ تحذيرا آخر:
" احذروا العربَ في إسرائيل، إنهم في كل مكان!!!"
إن ما جرى وما يجري في إسرائيل يقع في إطار الدعاية السابقة، فإسرائيل ترتدي اليوم اللباس الحريدي المتزمت، وتطبِّق تعاليم المتطرفين حرفا حرفا، فما جرى في أسبوع واحد للفلسطينيين يؤكد انتشار التيار العنصري في إسرائيل ليصبح هو القاعدة، أما الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة فهي الاستثناء!!
إن حرق أسرة غياظة من بيت لحم يوم 16/8/2012 وهم يركبون  سيارتهم الفلسطينية بزجاجة مولوتوف من قبل أحد المتطرفين، ليست حادثة عرضية، بل إنها تقع ضمن إطار هذا التسونامي العنصري الذي يجتاح إسرائيل، كما أن حادثة التمثيل بالشاب الفلسطيني جمال جولاني في اليوم نفسه في ميدان صهيون بالقدس من قبل أكثر من ثلاثين شابا إسرائيليا، وكانت جموع غفيرة تشاهد حادثة التمثيل بجسد الشاب الفلسطيني، ومن بينهم أفراد من الشرطة، بدون أن يقدموا المساعدة للشاب الفلسطيني، وكانت جموع الغوغاء تصيح الموت للعرب!!
وفي اليوم نفسه جرت محاولة أخرى للتمثيل بشاب فلسطيني في يافا، ولكن هذه الحادثة لم ينشرها الإعلام الإسرائيلي، بل أشار إليها بعضُ الصحفيين اليساريين.
وللأسف فإننا اعتدنا سيلان الدم الفلسطيني ، وأدمنا أن نستمع إلى مآسينا، لدرجة أننا فقدنا الحماس لمتابعة جداول الدم الفلسطينية التي تسيل في كل مكان، ويبدو أن دمنا الفلسطيني أخذ يفقد لون الحمرة، فلم نقم بتكبير وإظهار هذه الصور العنصرية البشعة!
وليس من قبيل المبالغة القول بأن حادثة (اللنش) بالشاب جمال جولاني أثارت اشمئزاز كثير من الإسرائيليين ، والغريب أن الحادثة لم تستثر نخوة الإعلاميين، ولا حرضتْ الموسوعات البلاغية للسياسيين الفلسطينيين، حتى أن الحادثة أثارت حاخاما لحركة ماسوراتي وهو أندرو ساكس فكتب في صحيفة جورسلم بوست يوم 24/8/2012 يقول:
"شارك في العملية أكثر من عشرين شابا على مرأى ومسمع من المتفرجين، وكان هناك من يردد:
 إنهم عرب يستحقون، إن جماعة لهافا(1) التي تدعو لمنع اختلاط العرب بالفتيات اليهوديات، يطاردون الشبان العرب بالتهديد تحت شعار:
ابتعد عن الفتيات اليهوديات، فهن عرضنا! ويضيف الحاخام:
إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن 68% من اليهود يرفضون العيش في مكان واحد مع العرب، وإن 46% من اليهود لا يسمحون لعربي بأن يدخل بيوتهم، وأن 50% من طلاب المدارس العليا لا يوافقون على مساواة العرب بهم!!"
(1)
(جماعة لهافا هي حزب حريدي شبابي من أنصار حزب كاخ المنحل بزعامة المتطرف مائير كاهانا الذي اغتيل في ستينيات القرن الماضي، وهو يدعو لترحيل وطرد كل العرب من إسرائيل، وتقوم الجماعة المتطرفة بأنشطة أخرى في تل أبيب والقدس، وأبرز أنشطتها مطاردة العمال الإفريقيين وحرق منازلهم، وهناك ارتباط بين هذه الجماعة وعصابات دفع الثمن التي تنفذ عمليات التهديد والضرب والقتل والتهجير بحق الفلسطينيين)

تقرير للايكونومست: السعودية تحتل رقم 6 فى العالم الاسلامى استهلاكا للخمور



صحيفة المرصد:
كشفت مجلة الإيكونومست في تقرير لها، عن استهلاك الخمور في بعض اكبر الدول الاسلامية ، وبدا في الدراسة ان الدولة الاكثر استهلاكا هي لبنان على الرغم من صغر مساحتها وقلة عدد السكان ، بينما جاءت الباكستان في مرتبة متأخرة ، وجاءت السعودية في المرتبة السادسة من بين ثمانية شملتهم العينة متقدمة على استهلاك ليبيا وباكستان ,
الصورة المرفقة .. الاستهلاك السنوي للمشروبات الكحولية لبعض الدول الإسلامية المصدر: مجلة الإيكونومست .
يذكر ان الخمور ممنوعة في السعودية ، ويحضر بيعها او استهلاكها ، ولاتمر ابدا عبر المنافذ الرسمية ، ولكن يتم تهريبها عبر وسائل غير شرعية ، ويتم معاقبة كل من يهربها او يتعاطها مخالفا للقانون

ثلاثة أهداف للحملة الصليبية – الصهيونية على العرب والمسلمين (في ضوء الإستراتيجيات المرسومة)


ثلاثة أهداف للحملة الصليبية – الصهيونية على العرب والمسلمين
(في ضوء الإستراتيجيات المرسومة)

شبكة البصرة
د. أبا الحكم
المقدمة :
هذه الحملات لا شك في أنها متداخلة مع بعضها بحكم ترابطها الإستراتيجي في الأهداف والوسائل، ويتم تطبيقها في ضوء الإستراتيجيات القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى المرسومة للمنطقة العربية ولمنطقة الشرق الأوسط وللعمق الأسيوي حيث تخوم المجال الحيوي لكل من الصين وروسيا الاتحادية، حتى وأوربا!!
المرتسمات الإستراتيجية هذه تعمل على خط التناقضات بأسلوب خلق النقيض في مكونات التناقض على المستوى (الديني- المذهبي) و (القومي- القومي) و (القبلي- العشائري) و (الفئوي- الواجهي) و (المناطقي).. وهو الأسلوب الإمبريالي- الصهيوني، الذي يتفادى فيه واضعو تلك الإستراتيجيات كلف الحروب وانعكاساتها الداخلية وتفاقم نتائجها الخارجية على أوضاعهم، وهم يحاولون معالجة أزماتهم المستعصية بعولمتها.

أليات الفعل الإستراتيجي.. كيف تعمل؟
أولاً- تحديد مكونات المجتمعات وطبيعة نسيجها الاجتماعي (مذهبياً وقومياً).. ولهذا التحديد أولويات شملت المجتمعات العربية والإسلامية.. لماذا : لأنها مركز الصراع الإستراتيجي الكوني، والعدو الوهمي الذي تحدث عنة " هنري كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، بعد انهيار الإتحاد السوفياتي وحصول اختلال حاد في التوازن الإستراتيجي، أخل بدوره في التوازنات الإقليمية، التي بدورها مهدت لتطبيق نظرية (الفوضى المنظمة) في ساحة تغلي بصراعات شعوبها مع أنظمتها القمعية الفاسدة والعاجزة والمتواطئة مع أعدائها.
ثانياً- تحديد وسائل استخدام القوة المسلحة.. بتحويل استخدامها من الحالة العسكرية المباشرة، التي تنتهي بالاحتلال العسكري إلى الحالة غير المباشرة التي تنتهي بالفوضى العارمة.. حالة العراق نموذجاً، وحالة ليبيا وتدخل الناتو نموذجاً، وحالة سوريا وتدخل العناصر المرتزقة نموذجاً.!!
ثالثاً- نموذج التدخل العسكري المباشر لن يتكرر، وذلك بفعل عوامل عديدة تقع في مقدمتها :
1- التطور النوعي في قدرات كل من روسيا الاتحادية والصين في سياسة الردع المؤكد والمعبر عنها في الفيتو المستخدم من لدن قيادة العاصمتين موسكو وبكين وبما ينسجم مع القانون الدولي والنظام الدولي القائم على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي أعاد التوازن الإستراتيجي لنظام العلاقات الدولية.
2- المحددات الداخلية، والمعبر عنها بالأزمات الاقتصادية والمالية التي تعصف بالاقتصادات الأمريكية والأوربية، فضلاً عن استفحال العجز في موازين المدفوعات وارتفاع معدلات المديونية الخارجية (بلغت الديون الخارجية الأمريكية جراء الحروب والتدخلات الخارجية أكثر من أربعة تريليون دولار)، الأمر الذي جعل الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي يرى أن لا مصلحة قصوى للموافقة على استخدام القيادة الأمريكية للقوة العسكرية.
3- المقيدات في استخدام القوة العسكرية، إذ أن الإستراتيجية الأمريكية ترى من الضرورة الاعتماد على (شراكة إستراتيجية) وإذا لم تتحقق فيمكن الركون إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لاستخدام القوة، التي تصطدم بتفويض مجلس الأمن الدولي، حيث الفيتو الروسي والصيني بالمرصاد لأي خرق للقانون الدولي ولمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.. في حرب الخليج عام 1991، كانت قد تحققت شراكة إستراتيجية تحت ظروف معينة.. وفي حروب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر2011 كانت هنالك شراكة إستراتيجية تحققت في العدوان على أفغانستان والعراق، وقد انفرطت هذه الشراكات ولم يتبق منها سوى عدد قليل يمثل أعضاء (الناتو) الذين قرر وزراء خارجيته في مؤتمر (لشبونه) الانسحاب من أفغانستان على وفق جدول زمني.. فيما انسحبت قوات الاحتلال الأمريكي من العراق تحت ضغط شديد أفقدت المقاومة العراقية الباسلة توازنها وكبدتها خسائر لم تستطع الإدارة الأمريكية الإفصاح عنها ولا عن خسائرها المادية، فأوكلت أمر العراق، في إطار التوافق الإستراتيجي بين واشنطن وطهران إلى إيران لرعاية المصالح النفطية الأمريكية تحت يافطة النهب الأمريكي المنظم لمخزون نفط العراق، الذي قدر عمره أكثر من مائه وعشرون عاماً، على معدل إنتاجه الحالي، مقابل سيطرة إيران على مقدرات العراق والعمل على ربطه إستراتيجياً واقتصادياً ومذهبياً بالدولة القومية الإيرانية!!

إذن... لا تفويض من مجلس الأمن الدولي، ولا شراكة إستراتيجية لشن الحروب من اجل إسقاط الأنظمة السياسية وتغيير النظم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما ينسجم وطبيعة منهج العولمة.. فما الأسلوب غير المكلف بشرياً ومادياً، الذي يمكن أن يستخدمه الغرب الصهيوني ويحقق نتائج تدميرية تفوق نتائج الحروب العسكرية المباشرة؟!
4- نرى في النموذج السوري الأسلوب الذي يعتمده الغرب المتصهين وأتباعه، طالما :
أ‌- يتم التمويل من أطراف عربية بدون تحفظ.
ب‌- يتم تجهيز ميادين الصراع المسلح بعناصر المرتزقة من عناصر السلفيين والقاعدة وغيرهم ومن جيش العاطلين عن العمل (وهم كثر في وطننا العربي وأمتنا الإسلامية).!!
ت‌- يتم تجهيز عناصر مسلحة بكل احتياجاتها اللوجستية والسلاح والذخيرة والإيواء المؤقت في بؤر التوتر وفي خارجها.
ث‌- يتم تدريب عناصر المرتزقة في معسكرات مدن أطلق عليها توصيف مضحك هو (الربيع العربي).
ج‌- يتم إيواء هذه العناصر الأجنبية والعربية في فنادق مدن تركية قريبة من الحدود السورية، ريثما تحين الفرصة لتسللهم من أجل القتل والتدمير في مدن سوريا وأريافها الواسعة.
ح‌- يتم الدعم الإستخباري (الأمريكي- الأوربي- الإسرائيلي- التركي- العربي) المشترك لعناصر المرتزقة في مسائل الخرق لأجهزة الأمن القومي السوري وقواتها المسلحة، فضلاً عن القيام بتفجيرات نوعية، ومحاولات إنهاك للجيش.
خ‌- يتم التنسيق السياسي والدبلوماسي والإعلامي لكافة الأطراف، التي ترى مصلحة لها في تكريس ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني.
د‌- تتم محاولات الالتفاف على القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بأسلوب التفتيش عن ما يسمى (الملاذ الآمن للنازحين السوريين - والممرات الآمنة للإمدادات الإنسانية – وحظر الطيران – وانتقال السلطة –والتنحي عنها– والخطر من الأسلحة الكيميائية- إلخ)!!
ذ‌- تتم محاولات للمساومة على إضعاف نهج التمسك بقراري الفيتو الروسي والصيني، اعتقاداً من عقلية الغرب المتصهين أن تلك المحاولات سوف تغري صانع القرار في كل من موسكو وبكين على قبول مساومات وإغراءات المصالح.. وهذا الاعتقاد في هذه المحاولات هو اعتقاد مراوغ ومخادع لا يؤدي إلى نتيجة، طالما الصراع بات كونياً.!!

الخيارات كلها تنصب على الداخل السوري، فيما باتت محاولات استخدام القوة العسكرية من خلال (الناتو) محض تمنيات صهيونية أمريكية تركية للإمساك بالفرص التاريخية من أجل تطبيق مشاريعها في المنطقة العربية والإسلامية.. والأهداف المرسومة هي:
أولاً- نزع سلاح الجيوش العربية، وخاصة الخط الأول والثاني الأكثر أهمية، حسب نظرية الأمن الإسرائيلية، تبعاً لمراحل الصراع.. (إخراج مصر، باعتبارها تمثل ثقلاً قوميا، من دائرة الصراع وتكبيلها بمعاهدة كامب ديفيد... إخراج العراق، باعتباره مركزاً إستراتيجياً، من دائرة الصراع باحتلاله ونزع سلاحه وتفكيك جيشه، الذي يعد حسب هذه النظرية يشكل خطراً داهماً ومؤكداً، وإدخاله في متاهات التصادم الطائفي والحلقة المفرغة التي تسمى بالعملية السياسية... احتلال ليبيا ونزع سلاحها وتفكيك قواتها المسلحة، وإشاعة أجواء الاقتتال المليشي في شوارع المدن الليبية... الآن، تبذل محاولات لنزع سلاح الجيش السوري وتفكيكه وإحلال تشكيلات مليشية تحت مسميات مختلفة محله وفي مقدمتها جيش سوريا الحر، وتشكل العناصر المرتزقة فيه قرابة 93% من مجموع تشكيلاته المتناقضه والمختلفة... ويأتي دور الجيش المصري بتحجيمه بطريقة مختلفة تتمثل بخلق نزاع بين مدنيين وعسكريين، الأول ينحى الاتجاه السياسي " الديمقراطي"، والثاني ينحى التشدد والتصلب بحكم واقعه وطبيعته العسكرية، الأمر الذي يؤدي إلى تجميد إمكاناته وقدراته بقرارات سياسية تخدم بالتالي اتفاقية " كامب ديفيد".
نزع سلاح الجيوش العربية على خط الصراع مع العدو الصهيوني، يعد المرحلة الأولى، تتبعها مرحلة ثانية تتناول الجيش الأردني والسعودي واليمني، وبقية الجيوش العربية على أهميتها وقدراتها في ضوء واقع التطبيق العملي لنزع السلاح العربي كلياً.

ثانياً- انتزاع حق الشعب العربي في ثرواته النفطية والغازية، فقد (ألغي قرار تأميم النفط في العراق عملياً بعد الاحتلال وعادت شركات النفط الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها تستحوذ على معدلات الإنتاج وحقول الآبار المكتشفة والخاضعة للمسوحات الجيولوجية من أجل السيطرة على مخزون النفط الإستراتيجي في العراق)... فيما (تم توزيع النفط الليبي حصصاً بين كل من فرنسا 40% وبريطانيا 30% وكذلك أمريكا وإيطاليا)... أما (السودان فقد شمله التقسيم لمنعه من أن يشكل عمقاً حيوياً لمصر أولاً وللسيطرة على مخزونه من النفط ثانياً)... فيما (بات اليمن مرتعاً للشركات الفرنسية والأمريكية والبريطانية من أجل النفط من ناحية، ومنع وصول روسيا إلى مواقع نفوذها في عدن وإشرافها على البحر العربي ومدخل البحر الأحمر استراتيجياً).

ثالثاً- منع اكتمال عناصر القوة في كل من روسيا الاتحادية والصين، والضغط على مجالهما الحيويين جيو- إستراتيجياً، وعرقلة نهضتيهما عن طريق التلويح بزحف ما يسمى بالفوضى الخلاقة صوب جغرافيتهما – السياسية، ومحيطهما الخارجي... بيد أن هذا الأسلوب قد تم وضعه في دائرة التشخيص المبكر، وهو سلاح ذو حدين يمكن أن يفجر أوضاعاً مرعبة في قلب المجتمع الأمريكي الضعيف أصلاً!!
21/8/2012

دول العطش بقلم / توفيق أبو شومر



أرسل لي المهندس والباحث في شؤون المياه محمود شعبان بحثا  أعدَّهُ عن أخطر قضايا الصراع في عالم اليوم، والتي لا يرغب العربٌ في فتح ملفها، لأنهم- للأسف- يعيشون يومهم، ولا يخططون لمستقبلهم!
 يحتوي البحث على رقميات مائية خطيرة، تشير إلى حقائق عن إدراك إسرائيل لجوهر الصراع المستقبلي، وأنه لن يكون صراعا حربيا، بل إنه سيكون صراعا مائيا بالدرجة الأولى، وهذا يؤكد حقيقة مهمة ، وهي عودة حياتنا البشرية إلى نطفتها الأولى، وهي [ الصراع على الماء والكلأ]!!
ومن هذه الحقائق:
تسيطر إسرائيل على 85% من مصادر المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، على الرغم من أن الأحواض المائية( الحوض المائي الغربي، والشمالي الشرقي والشرقي) تقع كلها في الضفة الغربية، كما أن إسرائيل ترتكب جريمة أخرى في حق غزة عندما تحاصرها مائيا وتمنع تدفق المياه باتجاه غزة وتحاصرها بالسدود، وهذا حصار غير منظور للأسف، ولا يرصده معظم القادة والمسؤولين، ولا يشير إليه المحللون السياسيون!!
كانت إسرائيل تغتصب 33% من مساحة غزة لإسكان أقل من خمسة آلاف مستوطن!!
كان نصيب الفرد الإسرائيلي من المياه 370 لترا في اليوم، في مقابل أقل من سبعين لترا للفلسطيني!
ويشير البحث إلى جرائم الصرف الصحي، وإلى تسرب التلوث للخزان الجوفي الذي يغذي الأراضي الفلسطينية، وأن إسرائيل تحتكر 32 محطة صرف صحي ضخمة، وخمسين محطة متوسطة الحجم.
 ويشير البحث أيضا إلى قدرات إسرائيل في مجال إعذاب مياه البحر، بالإضافة إلى مشاريع عديدة لشراء المياه من الدول التي تملك فائضا، مثل تركيا.
إنَّ الفارق بين الدول (النائمة) والدول(النامية) يكمن في حقيقة جوهرية، وهي  الوعي بالثروات المائية وأهميتها في المستقبل، وأن توفير المياه هو خطوة مركزية لبناء الأوطان!!
إسرائيل من الدول القليلة في المنطقة التي استطاعت أن تنجز مسحا شاملا للمياه في المنطقة العربية المحيطة بها ، ويمكن القول بأنها هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعرف المخزونات المائية في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن ومصر  وقليلون يعلمون بأن إسرائيل عندما احتلت غزة عام 1967 أسست كل مستوطناتها فوق البحيرة المائية النقية الضخمة في رمال خانيونس ورفح وبيت لاهيا، وأن كل المستوطنات التي بنيت هناك كانت مستوطنات تكتيكية ليست للسكن والإقامة ، بل لتكون (مظلات) واقية لهذا المخزون المائي الجوفي!!
وقليلون يعرفون  أيضا بأن أكثر من نصف سكان إسرائيل كانوا يشربون ماء هذه البحيرة التي كانت تضخ عبر الشبكة المركزية الإسرائيلية ، وكان التحكم في تلك الآبار يتم الكترونيا من مقر الشركة في تل أبيب .
ولست مقتنعا  بأن إسرائيل حين تركت هذا المكان  ، قد تخلت عن هذا المخزون المائي الهائل ، وليس غريبا أنها تمكنت من تأسيس نظام تحت الأرض لامتصاص هذا المخزون اعتمادا على جهلنا بالأمر ، وعدم قدرتنا على رصده ومتابعته ، بالنظر إلى الخبرات الإسرائيلية الهائلة في هذا المجال!!
كانت إسرائيل قبل خروجها من المستوطنات عام 2005 تضع شروطا قاسية على حفر الآبار الارتوازية ، لا لهدف المحافظة على المخزون المائي في غزة ، بل للمحافظة على النظام البيئي المائي في المنطقة كلها ، لأن من يدرس المخزونات المائية يعرف بأنها لا تنتمي إلى حدود دولة من الدولة ولا تعترف إلا بنظامها المائي فقط.
وما أن خرجت إسرائيل من غزة حتى شرع كل بيت وكل عمارة سكنية وكل صاحب مزرعة صغيرة في حفر بئره الجوفي الخاص به ، بحيث صارت مياه قطاع غزة اليوم تماثل تماما مياه بحر غزة في ملوحتها بعد استنزافها ، أما عن التلوث فحدث ولا حرج لأن غزة تعيش فوق مجاريها ، وتنام فوق فضلاتها ، وتسير على بقاياها  وهذا بالطبع جعل البحر شاطئا من شواطئ المجاري ، ووصل التلوث إلى المخزون المائي الجوفي كذلك.
إن الشعارات السياسية ، والدعايات الحزبية  والخطابات البلاغية  لا يمكنها في الألفية الثالثة أن تسقى مائة ألف طفل مياها عذبة نقية ، ولا يمكنها أن تؤسس إلا دول العطش !
ولا يمكن لعاقل أن يصدق بأن السودان ومصر تعاني من ضائقة مائية ، على الرغم من أن النيل يمر في شرايينها ويتغلغل في جوفها!!
 ومن السخف أن نختبر أبناءنا في المدارس في جغرافيا أنهار الوطن العربي، فنسألهم في الاختبارات:
أين ينبع وأين يصب نهر النيل والفرات ودجلة؟
 ويخرجون بعد إجاباتهم وهم لا يعرفون بأن مياه هذه الأنهار تضيع سدىً فتصبُّ مياهها العذبة في النهاية في البحر، ونمضي حياتنا كلها نشتكي الظمأ لينطبق علينا قول المتنبي وهو يصف الإبل (غير الذكية)!!التي تحمل الماء على ظهورها:
كالعِيسِ في البيداءِ يقتُلها الظما
والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ

23 أغسطس 2012

نص بيان القوى والأحزاب المصرية بشأن تظاهرة 24 أغسطس



يعلن الموقعون على هذا البيان أنهم يقرون حق التظاهر السلمي لكل المواطنين لكنهم يرفضون ما دعى إليه المحرضون على تظاهرة 24 أغسطس وذلك للأتي:-

أولاً :- لأن المحرضين على هذه التظاهرة لم يخفوا نياتهم في التخريب والتحريق وهو ما يتجاوز بالضرورة حق التظاهر السلمي الذي يكفله القانون وهو ما يوقع أصحابه تحت طائلة العقاب.
ثانياً:- لأنهم يعلنون صراحة نيتهم في إسقاط الرئيس المنتخب شعبياً د / محمد مرسي وهو ما يجعل هذه التظاهرة فى مواجهة الإرادة الشعبية لأن الرئيس لم يصل إلا عن طريق انتخابات رئاسية نزيهة لم يشهد تاريخ مصر الحديث مثلها.
ثالثاً:- وحتى لو كانت التظاهرة سلمية فإنها تتعارض مع أهداف ثورة 25 يناير التي أسقطت نظام مبارك ولا نزال نطارد بقاياه ولم تسمح بعودتهم للحكم مرة أخرى بأى شكل من الأشكال سواء كان ذلك عن طريق رموز ذلك النظام أو سياساته أو رجال أعماله أو قادة حزبه.
الموقعون على البيان:- 
حركة 6 أبريل 
حزب البناء والتنمية 
الجماعة الاسلامية 
حزب العمل الجديد 
حزب الأصالة 
حزب الفضيلة 
حزب الإصلاح 
حزب التوحيد العربي 
حزب الإصلاح والنهضة 
جبهة الإرادة الشعبية 
حزب السلامة والتنمية
 حزب مصر البناء
 التيار الاسلامي العام

بالفيديو- رجل دين لإلهام شاهين: "كم واحد اعتلاكي بإسم الفن؟"



قد ترى إلهام شاهين في ساحات القضاء قريبا بعد هذه التصريحات!
وقال الداعية الإسلامي الدكتور عبد الله بدر في رسالته على قناة "الحافظ" مخاطبا إلهام شاهين: "أنا نفسي أسألها سؤال لله.. والله لله: "كم واحد قبلك في أفلامك بإسم الفن.. وكم واحد اعتلاكي بإسم الفن؟"!
وجاءت تصريحات بدر بعد مهاجمة بطلة "قضية معالي الوزيرة" للتيار الإسلامي في حوارها مع نيشان في برنامج "أنا والعسل" في رمضان الماضي.
وأضاف "ربنا يتوب عليكي من الفضائح وقلة الأدب اللي دخلتيها بيوتنا وعلى ستاتنا وعيالنا".
وتابع بدر مخاطبا رجال الإعلام "بطلوا بقى ارحمونا من الأشكال اللي بتطلع علينا دي".
وكانت إلهام شاهين في حوارها مع نيشان قالت: "أنها تتفق مع مدير المخابرات الراحل عمر سليمان في قوله إن الشعوب العربية ليست مستعدة للديمقراطية والدليل أننا استخدمنا الديمقراطية في "شتيمة بعض".
واعتبرت أن لقب نجمة الفلول لا يزعجها لأن الشعب المصري كله فلول وعاش في ظل نظام مبارك.