06 أبريل 2015

بلال فضل: ماذا حدث للبرنس

أصبح العمر أثمن من بعزقته في البحث عن إجابات للأسئلة الكبرى. ولذلك، لم أعد مهتما بمعرفة "ماذا حدث للمصريين"، ولا ماذا يحدث للدكتور جلال أمين، أشهر من طرح ذلك السؤال على الملأ، لأنشغل، من باب التغيير، بالبحث عن إجابات على أسئلة تفصيلية، قد تظنها هامشية، مثل: ماذا حدث لمطعم البرنس؟
والبرنس، لمن لا يعلم، مطعم شعبي تنامت شهرته بتقديم أطباق الكبدة والسجق وسائر الطواجن، فبات أبرز معالم حي إمبابة الذي لم يشتهر، منذ معركته التاريخية أيام الحملة الفرنسية، إلا بجمهورية الشيخ جابر الإرهابي الطبال في التسعينات، ثم بمصنع الكراسي، وأخيراً بمطعم البرنس الواقع "ورا مصنع الكراسي"، لكن توسع عدد "الفانز" الواقعين في هوى البرنس، وبينهم كثير من المشاهير، لم يقِ صاحبه من شرور "الهيترز"، ففوجئ رواده، في العام الماضي، بإغلاقه وصدور حكم قضائي بحبس صاحبه، بعد سلسلة من الأخبار، تحدثت عن قيام المطعم ببيع لحوم فاسدة أو حميرية المصدر، من دون أن يتواتر ظهور آثار ذلك على زبائنه، خصوصاً من لم يكن منهم من عتاة "الهضّيمة" الذين تخشى الميكروبات وجودها في أحشائهم
ومثلما تم إغلاق مطعم البرنس، وحبس صاحبه فجأة، حصل صاحبه على البراءة قبل أيام فجأة، وأعلن عن فتح المطعم من جديد، من دون أن يخرج مسؤول ليعتذر لرواد البرنس، قبل البرنس نفسه، عما حدث لهم طيلة فترة إغلاقه من أضرار نفسية جسيمة، جعلتهم يفقدون مصدراً ثميناً من مصادر البهجة التي شحّت في البلاد، حتى أصبحت أكثر نُدرة من الشعرة في فخذ هوجان، وهو ما زاد من وجاهة تحليلاتٍ رأت أن إغلاق البرنس لم يكن حرصاً من الحكومة على صحة مواطنيها، فهي تسمح لكل من تفّ ونفّ أن يفتح مطعماً، أو "عربية أكل"، من دون رقابة صحية صارمة، وإنما لأن البرنس داس على "رجلين"، برنس موغل في النفوذ، فرفض له إما طلب شراكة أو عرض "فِردة" أو تعلية إتاوة، ليدفع ثمن عناده غالياً، ولعله حين تعلم الدرس، وقرر تصحيح خطئه، سمحت الحكومة بإعادة فتح مطعمه، مثلما تسمح لكثير من المطاعم ذات السلاسل والماركات، بالاستمرار في العمل، على الرغم من تكرر الإعلان عن ضبط أغذية فاسدة في ثلاجاتها.
بالطبع، لن يعرف أحد حقيقة ما حدث للبرنس، كما لن يعرف أحد حقيقة ما حدث قبل أسابيع لقاعة المؤتمرات التي احترقت عن بكرة أبيها، فمصمص الجميع شفاههم ساعةً من نهار، ثم اختفى الحادث في غياهب النسيان بعدها بيومين، لتتردد في أروقة الفضاء الافتراضي تساؤلات عن مصادفة ارتباط احتراقها، مع افتتاح جهة سيادية لقاعة مؤتمرات ضخمة، كان سيؤثر على رواجها الاقتصادي وجود قاعة المؤتمرات القديمة، مع أن القاهرة، في الأحوال العادية، يمكن أن تتحمل وجود قاعتين ضخمتين للمؤتمرات، في حين رأى آخرون أن الحريق المفاجئ مريب التفاصيل، لا يمكن فصله عن أطماع قديمة في الموقع المتميز الذي تحتله أرض قاعة المؤتمرات الواسعة. ولذلك، كان لا بد من حرق مبانيها بالكامل، ليسهل بيع الأرض بأثمان خيالية لشركات العقارات، بعد أن يروج في وسائل الإعلام كلام منمق، حول كون البيع أفضل وأوفر من الترميم والتطوير. وبالطبع، سيظل لتلك التفسيرات التآمرية وجاهتها، طالما لم تتم سرعة ترميم القاعة، لتعود إلى كامل بهائها، ولم تتم قبلها محاكمة كبار المسؤولين عن الحريق، من دون الاكتفاء بكباش الفداء الهزيلة، ومن دون المراهنة على أن "كل شيء في مصر يُنسى بعد حين"، كما قال أمير الشعراء.
لا ألومك إن اخترت تغليب حُسن الظن، لتفترض أن ما حدث لمطعم البرنس وقاعة المؤتمرات، وما حدث وما سيحدث لغيرهما، ليس إلا سوء حظ أو قلة بركة أو تقصيراً في "دعاء الوالدين"، فلا أحد يحب شعور العيش في غابة، يجهل متى وكيف سينقض عليه وحش كاسر ليفتك به، حتى وإن مشى داخل الحيط، وربط الحمار مطرح ما يحب الحمار، لكن ذلك الإنكار لن يعفيك، للأسف، من إمكانية أن تكون الضحية القادمة لأي من سياسات الدولة التي تعمل من أكبر رأس إلى أصغر ظفر، من دون حسيب ولا رقيب، ويفترض أصغر مسؤول فيها، أن من حقه أن تعامله كقائده السيسي الأعظم، فيصبح لزاما عليك أن تبصم بالعشرة على كل ما يقوله، من دون أن تنتقد قراراته، أو تشكك فيها، وإلا أخذك بالصوت واتهمك بالخيانة والعمالة، فإن قاومت ذلك، أتى ضابط غاشم، ليأخذك من قفاك، إلى قاضٍ باطش يأخذك وراء الشمس بالقانون، فلا يعرف أحد لماذا حدث ذلك لك، مثلما لن يعرف أحد ماذا حدث للبرنس، ولا لغير البرنس

04 أبريل 2015

سعيد نصر يكتب: جلسة مكاشفة بين الأسد الجبار والثعلب المكار

فى جلسة صفاء و مكاشفة، سأل الأسد الجبار الثعلب المكار : صديقى قل لى بكل صراحة ، ما رأيك فىّ؟ ، فرد الثعلب : يمكن أن أجيب، ولكن لى شرطان ، أولهما ألا تغضب منى، وثانيهما أن تعطينى الأمان، فقال الأسد للثعلب : لك ما طلبت ، فتشجع الثعلب، وقال للأسد : أنت لست أسدا، ولا تعرف معنى الأسودية ، ولن تكون أبدا أسدا ، حتى ولو أردت، لأن الأسد كائن طبيعى، ولا يمكن أن يكون "كائن صناعى ! " , 
فغضب الأسد و قبض على رقبة الثعلب بشدة ، قائلا له : ألم تر أنك تعديت حدود الأدب ولم تلتزم معى بقواعد البروتوكول؟ ، فقال له الثعلب وفى صوته إرتجافة خوف: ما فعلته الآن سيدى لدليل آخر على أنك لست أسدا ، وعلى أنك دائما تفعل عكس ما تقول ، قال الأسد: كيف ؟ ، فرد عليه الثعلب : ألم تقل لنا أنك لا تريد أن تكون ملك الغابة ، وبعدها كنت ؟ ، ألم تقل لنا أن الغابة ستتسع بك عندما تصبح ملكا ، وبعدها قلت أنها ستضيق وتختنق؟ ، ألم تعدنى بجزيل العطاء ، ثم فاجأتنى بعبارة " مفيش ، أنا مش قادر أديك ؟" . 
فنظر الأسد الى الثعلب وقال له: وهل لديك أدلة أخرى على عدم أسودتى ، فرد عليه الثعلب : نعم لدى أهم دليل ، وهو دليل قاطع ، قال الأسد : و ما هو ؟ ، فرد الثعلب : أنت تأكل العصافير وتسجن الحمام واليمام وتستعدى كل الطيور، وهذا شىء لم يفعله أسد فى أى غابة قبلك ، ألم تسأل نفسك أيها الأسد؟ ، لماذا لم تعد تقترب من أسنانك عصافير الغابة؟ ، ألم تشعر بألم لهذا السبب فى أسنانك يؤثر بشدة على مخ سيادتكم؟ 
نظر الأسد للثعلب وقال له : أنا أعطيتك الأمان لذا أوفى لك به ، لكن دعنى أسالك ، لماذا قلت أنت للناس أنى رجل الأقدار ؟ ، و أنى مرشح الضرورة لحكم الغابة ؟ ، ولماذا صنعت منى أسدا ، وأنت تعرف أنى لست أسدا؟ ولماذا لم تصنع منى طيرا ، ما دمت أنت تحب الطيور و تتعاطف معها؟ 
وقبل أن يرد الثعلب ، قال له الأسد: إنتظر فأنا لم أكمل كلامى ، ألم تكن أنت صاحب نظرية أنها كانت مؤامرة على أبى، ولم تكن أبدا ثورة عليه ؟، ألم تقل أنت لى فى الغرف المغلقة : لكى تستقر المملكة لابد من سجن الطيور وتشويه رموزهم عن طريق القرود ؟ ، ألم تقل لى أن الطيور هم مصدر الخيانة ، و أن وجودهم خارج السيطرة فيه خطر شديد على أمن المملكة ؟ إرتعد الثعلب وإنكمش وأحس بالخطر ، و أخذته نوبة تفكير ، ماذا سيحدث لى لو سرب الأسد ما دار بينى وبينه فى الغرف المغلقة ؟ ، فأنا لم أترك أحدا فى الغابة ،إلا وعليه حرضت وأوشيت ، وفى شرفه السياسى خضت وشوهت ، ليس بعيدا أن يحدث ذلك ،
 فمنذ أن وصل الأسد للحكم والتسريبات من قصره تتوالى على الجميع ، وبعد أن فاق الثعلب من نوبته، نظر الى الأسد وقال : سيدى، كنت أقصد من البداية أنك أسد بحكمتك ولست أسدا بقوتك ، والحكمة تغلب القوة ، والدليل على ذلك ، هو ما سوف أقوله لمواطنى الغابة غدا ، فسأله الأسد وماذا ستقول ؟ ، فرد عليه الثعلب : سأقول لهم : كان أسدا، لذا كان مرشح الضرورة ، والآن صار حكيما ، لذا أصبح رئيسا بالإختيار ، وهو إختيار من كل أسود الغابات فى كل ممالك العالم الذى ننتمى إليه وينتمى لنا ، فنظر الأسد الى الثعلب وقال: وماذا عن العصافير والطيور؟ ، فقال الثعلب: دع أمرهم لقرودك على فضائيات الغابة ، واطلب منهم إيهام الشعب بأن كل طير بمنقار خطر ! ، عندها قال الأسد للثعلب : ونعم المستشار ونعم المشورة ، فالقرود أفضل لنا من ضرب الطيور بالرصاص !!

03 أبريل 2015

سيد أمين يكتب: في بيتنا نقَّاش

جاء الرجل بالنقّاش إلى البيت.. والنقّاش هو اللفظ المصري الذى يُطلق على فنى الديكورات .. ليعاين الشقة .. وبعد أن عاينها سارع لممارسة العمل .. دون أى اتفاق لا على الأجر ولا الطلبات ..طالبه رب البيت بالتوقف عن العمل لحين الاتفاق على المراد إنجازه والأجر اللازم ..فما كان من النقَّاش إلا أن استل سكينا وعاجل بها صاحب البيت في قلبه.. ووسط ذهول أبناء الرجل راح النقَّاش يسكب مواد حارقة على الجثة ويشعل فيها النار.. ولما خمد الحريق قام بإلقاء الجثة من النافذة.. وحينما ثار الأولاد الصغار على ما حدث انتقاما لدم أبيهم .. راح النقَّاش يصيب منهم بآلته الحادة من يصيب ويحبس منهم من يحبس في إحدى الحجرات. 
وبعد ذلك أغلق الباب بالضبة والمفتاح وراح يمارس عمله في انتشاء وسعادة وكأن شيئا لم يحدث.. لكن ثمة أصوات بكاء وتأوهات وهمهمات تخرج بين الحين والأخر هنا أو هناك من بين أولئك المصابين وهؤلاء المحبوسين فكانت تثبّط من حماسته وتقلل من شعوره بالسعادة.
قال موجها كلامه إليهم : ها أنا ذا أقوم بطلاء حوائط شقتنا.. وأزيل من على جدرانها ملامح الكآبة والألوان الباهتة الحزينة.
اخذ أحد الأولاد يتقلب على الأرض في محاولة لاستجماع قوته .. فعاجله النقَّاش بضربة قوية من عصا كانت بجواره علي رأسه فسقط مغشيا عليه وراح يوجه له كلامه : سأطليها بألوان زاهية تجعل من هذا المكان تحفة فنية رائعة.
 راح يدخن سيجارته .. وفتش في "جيب بنطاله" على كبسولة "الترامادول" التى التقطها وابتلعها بسرعة بينما كان يتأمل الحائط بدقة .. هل أدهنها بالمعجون أولا وكم مرة تري يجب أن أفعل ذلك أم أقوم بطلائها ـ"بالبوية" بدون المعجون ثم أضيف عليها لمسات جمالية ورسوما معينة .. أم أقوم بلصق ورق حائط ملون عليها .. أم كل هذا.
واصل الصمت والتفكير ثم حزم أمره أخيرا .. سأفعل كل هذا .. حتى لا يقولوا إننى أبخل على نفسي.
تململ الولد مرة أخري.. وراح يسعى للنهوض في حذر بالغ .. فنظر إليه النقاش نظرة ضجر.. وقال له: دعنا نكمل عملنا .. لا يمكننى الانتظار كثيرا على هذا الشغب .. يمكنك أن تستمتع بمشاهدة الانجازات التى تحدث في الشقة.
 همّ النقاش ليشير إلى علب ألوان خضراء وحمراء وصفراء وقال : هذه هى الألوان التى سيتم طلاء الشقة بها بدلا من الألوان الكئيبة التى كانت من قبل.
ثم أشار إلى أشكال جبسية مزركشة وقال: هذه سوف توضع في الأسقف وتتخلها مصابيح خافتة وأخري ناصعة.
ونظر إلى الأرض فقال: وهذه الأرضيات أيضا سيتم تغييرها بأنواع فخمة من الرخام.
علت دقات الاحتجاج من خلف حجرة الحجز.. اشتاط النقَّاش غضبا .. نظر حوله وكأنه يبحث عن وسيلة عقابية ناجعة .. فأخذ مواد حارقة معه وفتح باب الحجرة وقام بسكبه فيها .. وامسك بعود ثقاب مشتعل وهدد من فيها بأنه إن لم يصمتوا سيقوم بإلقائه على المادة الحارقة ليحترقوا.. فصمتوا ..فاطفأ عود الثقاب .. وسبهم باقذع الألفاظ وعاود إغلاق باب الحجرة جيدا.. وساد الصمت.
خاف الولد أن يتكلم والتزم هو الأخر بالصمت .. بينما حدق النقَّاش فيه قليلا وقال له: أعرف أنك ولد طيب.
ثم ذهب إلى الثلاجة وأحضر ثمرة تفاح وقدمها له وقال: يبدو أنك من الشخصيات المجتهدة التى لا تضيع الوقت في التربص والحقد والكراهية.. يجب أن ننطلق سويا لتعمير هذا المكان وجعله جنة من جنان الله سبحانه وتعالى في الأرض.
صمت وواصل الحديث بينما بدأ عمله: ربنا سبحانه وتعالى خلقنا لتعمير الارض وليس تخريبها.. ولكن هناك من يسعون للتخريب .. ورفض التعمير والمدنية.. هم مستعدون لقتل كل من يقف في طريقهم.. لأنهم أهل جريمة وارهاب.
 استمر النقاش يحكى ويحكى بينما الولد ينصت إليه..هنا دق باب الشقة بقوة ..فرح الصبي كثيرا باعتباره الفرج.. بينما انزعج النقاش بشدة ..فمن هذا الى يقتحم عليه خلوته ولا يعتبر لحرمات البيوت.. تحسس سكينه ومادته الحارقة وفتح الباب .. كان الجيران غاضبون بشدة من العثور على جثة متفحمة اسفل النافذة .. واستنكروا أن تُلقَي الجثثُ المتفحمة بهذا الشكل في الشوارع..دون يتم القائها في صناديق القمامة اعتبارا لحرمة الموت.!!
 وراحوا يطلبون من صاحب البيت العون في إزالة هذه القمامة ..ابدى النقاش تعاطفا كبيرا مع الواقعة وقال إنها لوالد هذا الصبي .. فقد قام أخوته بفعل هذا به .. وأنه أمسكهم وحبسهم في الحجرة تنفيذا للعدالة.
 أخذ الجيران يتندرون من عقوق الأولاد وأشادوا بعدل النقاش وسعيه للقصاص.
 كان النقاش قد قام بكل مراحل الديكورات ولكن بطريقة حديثة .. فبدلا من أن يقوم بطلاء الحوائط بالمعجون ثم الطلاء أو المعجون ثم أوراق الزينة راح يضع الطلاء والمعجون وورق الزينة فى خلطة واحدة .. ما بدا معه منظر الحائط مثيرا للتقزز.. دخل الجيران الشقة وراحوا يتأملون النقاشة.. فانقسموا بين نفر يعتبرها مجرد "شخابيط" تعبر عن قصر أُفق وبين رهط اعتبرها "فنا راقيا يعبر عن الحداثة" بل إن بعضهم جزم بأنه فنان عالمى.
وأخذوا يحجزون مواعيدَ منه لتنفيذ هذه الأعمال في بيوتهم ..هنا أدرك الصبي أنه وحده من يستطيع تحرير أشقاءه والقصاص لوالده من "القاتل".
albaas10@gmail.com

سعيد نصر يكتب: مسابقة الـ 30 ألف معلم .. إساءة كبيرة لدولة السيسى

لو كنا فى دولة محترمة ، يحترم مسئولوها القانون ، ويحترمون عقول مواطنيها ولا يستخفون بها ، لكنا وجدنا تدخلا فوريا من مؤسسة الرئاسة أو من رئاسة مجلس الوزراء قد تم بالفعل ، وألغى مسابقة الـ 30 ألف معلم المزورة ، أو على الأقل شكل لجنة محايدة من خارج وزارة التربية والتعليم لمراجعة ما حدث وتقييمه للوقوف على مدى التزوير الذى شابها ، والرشوة والمحسوبية والوساطة التى تخللتها ، و رسمت فى أذهان جميع المصريين صورة ذهنية لنظام السيسى بأنه أسوأ عشرات المرات من نظام مبارك ، وذلك من منظور التلاعب فى مسابقات تعيين الموظفين فى الحكومة . 
وقد تكون الصورة الذهنية مغايرة للواقع ، وقد يكون فيها تجنيا على نظام السيسى ، وقد يكون الرئيس السيسى برىء منها ، مع تحفظنا الشديد على نظامه فيما يتعلق بقمع الحريات، ولكن عدم إهتمام الرئيس بهذا الموضوع الخطير ، برغم تعهده باقصاء أى مسئول فساد مهما كان حجمه ، يثير علامات إستفهام أخطر بشأن مدى التقارب والتباعد بين تصريحات الرئيس وبين ما يحدث على أرض الواقع ، فالتصريحات خيال وردى لدولة عدالة ، والتصرفات واقع سىء لدولة ظالمة ، ولذا لابد و أن يتخذ الرئيس السيسى القرار المناسب الذى يمسح تلك الصورة الذهنية من أذهان المواطنين. 
ما دفعنى للتحدث فى هذا الموضوع ، هو أن الأمر خطير للغاية ، وتعكس معالجته سبهللة ادارية من جانب وزارة التربية والتعليم ، فالوزارة ممثلة فى وزيرها الدكتور محب الرافعى ، تتبع المراقبة اللاحقة للتزوير ، بدلا من المراقبة السابقة ، بمعنى أنها تعاقب المتقدمين المزورين بعد إنتهاء المسابقة وبعد إعلان نتيجتها ، وليس فى بدايتها ، فأى سخافة وأى استحمار للشعب أكثر من ذلك ؟!. 
وقد يرانى البعض متحاملا على مسئولى وزارة التربية والتعليم ، لكنى فى حقيقة الأمر لست متحاملا على أحد ، فمن بين قرابة 1200 فائز فى المسابقة بالجيزة وحدها تبين أن هناك 35 متقدما زوروا أوراقهم وفازوا فى المسابقة ، وهذا فى حد ذاته كفيل بالغاء المسابقة بكاملها ، وباقالة وزير التربية والتعليم وبتطهير الوزارة من كل المسئولين الفاسدين فيها ، فما الذى يفيد المتقدمين الذين لم يفوزوا فى المسابقة من الرقابة اللاحقة للتزوير فى المسابقة . 
وأود هنا أن أسأل الوزير كيف لخريج حاصل على جيد جدا ، يصدق الدولة أو يشعر بالإنتماء لها ، وهو يرى حاصل على مقبول يفوز فى المسابقة بالتزوير وبالوساطة ، وكيف له أن يصدق الدولة وهو يرى حريجون فى 2014 فازوا لأنهم حاصلون على ماجيستير ، وخريجين فى 2012 حاصلين على دكتوراه ، وما أود أن اقوله هنا للوزير أيضا ، كفى إستخفاف بعقولنا بتصريحات مفادها أن أبناء مسئولين كبار رسبوا فى المسابقة كدليل للشفايفة ، لأن الدلائل الدامغة على الفساد الذى طال المسابقة لا يمكن تبريره أو التغطية عليه بمجرد تصريحات خيالية .

02 أبريل 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: الزيارة المحرمة

((لا زيارة للقدس فى ظل الاحتلال تحت اى ظرف)
((لا دخول لفلسطين بتأشيرة إسرائيلية))
((لا ذهاب للقدس الا بعد تحريرها ، و كتفا بكتف مع الإخوة المسلمين))
كان هذا هو القرار الوطني الذى اتخذته الكنيسة القبطية بقيادة البابا شنودة منذ توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية عام 1979 . بل انها قررت معاقبة كل من يخالف هذا القرار بالحرمان من سر التناول ، أحد أسرار الكنيسة السبعة .
وعندما رحل البابا شنودة كان هذا هو الموقف الذى تصدر قائمه مآثره فى كل شهادات النعى والرثاء التى قيلت فى حقه تدليلا على وطنيته ومصريته الأصيلة .
ولم يكن هذا الموقف من الكنيسة المصرية سوى امتدادا طبيعيا لتاريخ الكنيسة الوطنى منذ ثورة 1919 وما بعدها .
ولقد مثلت هذه المواقف الوطنية للكنيسة اكبر نقد ودحض ورد على كل الذين كانوا يحاولون التشكيك فى الولاء الوطني للمسيحيين المصريين والعرب بحجة انهم يشاركون اليهود الإيمان بكتاب مقدس واحد هو العهد القديم والذى ورد فيه وعد الرب لهم بأرض فلسطين .
وكانوا هؤلاء المشككون يدافعون ، من هذا المنطلق الخاطىء ، عن مبدأ استبعاد الاخوة المسيحيين من اى مناصب تمس الأمن القومي المصري بسبب إمكانية وجود تضارب بين معتقداتهم الدينية وولاءهم الوطنى . وكانوا يستشهدون بمواقف أشخاص معدودين مثل المحامى موريس صادق من أقباط المهجر الذي دأب على بعث رسائل تأييد واستغاثة لإسرائيل ، يدعوهم فيها إلى مساعدة الأقباط على تحرير مصر من الغزو العربي الاسلامى على غرار ما فعلوه فى ارض إسرائيل .
ولكن كانت كل دعوات التشكيك تتكسر دائما على صخرة تاريخ الوحدة الوطنية المصرية فى مواجهة العدو الخارجى ، وعلى صخرة صلابة موقف الكنيسة المصرية ضد التطبيع مع إسرائيل رغم كل الأثمان الباهظة التى دفعتها من جراء ذلك فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات ، ناهيك عن رفضها العقائدى للتفسير الصهيونى للكتاب المقدس .
وحين نقلت لنا وكالات الإعلام الاسبوع الماضي أنباء عن تنظيم رحلات دينية مسيحية للقدس ، حاول البعض توظيف الحدث لإعادة التشكيك فى موقف الأقباط المصريين من إسرائيل .
ولكن على الفور توالت الأخبار التي تؤكد على استمرار صلابة هذا الموقف : فلقد أكدت الكنيسة القبطية وكل فروعها فى المهجر على موقفها الرافض لاى زيارات إلى القدس قبل تحريرها ، وكذلك فعلت الكنيسة الانجيلية، بل قامت الكنيسة المصرية في القدس برفض استقبال الزائرين القادمين من مصر.
وهو ما يطرح تساؤل مهم حول سر هذه الزيارات المريبة ومن هي الجهة المنظمة ؟ وما هي أهدافها فى هذا التوقيت بالذات ؟ خاصة وأنها انطلقت من عدة مطارات ودول مختلفة فى وقت واحد : من مصر وأمريكا وايطاليا حسب المعلن حتى الآن . وهل هى محاولة لزرع فتنة من نوع جديد ؟
أيا كان الإجابة ، فانه يتوجب التصدي لها بحزم والوقوف صفا واحدا وراء الكنيسة المصرية الوطنية فى موقفها الثابت برفض هذه الزيارات وتحريمها .
*****
القاهرة فى 9 ابريل 2012

بلال فضل يكتب: محاكمة الضحايا


قبل أن تدخل إلى المقال، هل تسمح لي بأن أرجوك أن تترك أفكارك المسبقة خارجه، حتى لو أحببت أن تحتفظ بالحذاء؟
ثم دعني أسألك، وأسأل نفسي معك: نحن، الآن، نركب معاً سيارة بيجو سبعة راكب، يقودها سائق أرعن، إما أنه "مونون حبتين"، أو أنه غير كفء على الإطلاق، أو أنه، وهذا الأغلب، يجمع بين الونونة وانعدام الكفاءة. ولذلك، هرب الركاب من الرعب الذي خلقته قيادته الرديئة في نفوسهم، كلٌ بطريقته. هذا أخرج مصحفاً من جيبه، وبدأ يقرأ بتركيز، وتلك أخرجت الموبايل، وبدأت تلعب في زرايره، وتلك احتضنت طفلها وسلمت أمرها لله، وهذا راح في نوم عميق، وذلك انشغل بالنظر من الشباك، وهو يبسمل ويحوقل، وأنا وأنت نجلس مزنوقين في الكرسي الخلفي الحقير. في البدء، تبادلنا النظرات الغاضبة، وبدا أننا مستاءون جداً من تلك القيادة الرديئة، ونفكر في الاعتراض عليها، لكن السائق جاءه اتصال من زميلٍ، يحذره من الرادار، أو من كمين يعرف الجميع مكانه على الطريق، فدوّى صوته المزعج في فضاء العربية، منطلقا بالشتائم واللعنات وقلة الأدب، فعدنا ثانيةً، لنتبادل النظرات القلقة هذه المرة، وقرأ كل منا أفكار الآخر "ده باين عليه راجل قليل الأدب وشراني، وبما إنه ضارب حاجة.. فأكيد مش هنسلم من لسانه.. مش طالبة الواحد يتهزأ ويسمع له كلمتين.. أنا عارف هيقول إيه.. هو أنا باسوق كده عشان أمي.. مش عايزين توصلوا وتلحقوا أشغالكو.. وساعتها مافيش حد من الركاب هيفتح بُقّه ويوقف معانا.. وساعتها مش بعيد يعمل علينا دكر وينزلنا في الطريق.. حصلت مع واحد صاحبي قبل كده.. نعمل إيه طيب.. نخليها على الله وربنا يسترها".
السؤال بقى: بِعد الشر، لو وقعت للسيارة حادثة من تلك الحوادث المريعة التي تقع كل ساعة في طُرق مصر، ألسنا نتحمل جزءاً من المسؤولية عما حدث؟ ولو كنا بكل ما فينا من قوة، تكاتفنا ورفضنا تلك القيادة الرديئة، وأجبرنا السائق على أن يلم نفسه ممارسين حقوق دافعي الأجرة في قيادة آمنة، إلى أي حد كنا سنقلل من فرص "أن تعمل بنا العربية حادثة"؟ آه، هل أخذت بالك أساساً من التعبير الذي نقوله، كمصريين، في حالات كهذه "العربية عملت بيهم حادثة". كعادتنا، نلقي المسؤولية على جماد العربية، لا على قادتها المتهورين، أو عديمي الكفاءة، أو على ركابها الذين سابوا له الحبل على الغارب، أو حتى على أجهزة العربية التي أغفلنا عدم صيانتها، أو على الطرق الرديئة الخالية من الإضاءة، والمليئة بمفاجآتٍ، لا ينجيك منها إلا الله، أما نحن فلسنا مقصرين، ولا مهملين، ولا مسؤولين عما "يتعمل بينا" من فساد وظلم ونهب وتجهيل وإفقار. لأ، العربية هي التي عملت بينا الحادثة.
إذا كانت سيرة حوادث العربيات المقبضة قد أغمّتك على الصبح، فدعني أنتقل بك إلى سيرة أكثر غمّا، وتخيل، معي، أننا نعمل معاً في هيئة أو شركة أو مصلحة، ونركب معاً في أتوبيس الشركة كل يوم، عندما يقف أحد الموظفين الكبار من زملائنا ليتحدث مع السائق، ببذاءة وغلظة، ويمارس عليه الفرعنة التي بتنا نمارسها جميعا على بعضنا، من أول بائع السندوتشات في مطعم الفول الذي يكاد يفتك بك، بنظراته وهو يأخذ منك بون السندوتشات، وحتى بائع الوطن الذي يستغرب، لأنك لازلت قادراً على أن تقول "أي بيوجع". للأسف، لن يقف أحدنا ليقول "عيب مايصحش كده.. إزاي تكلمه بالطريقة دي"، لن نناصر السائق ضد الموظف الكبير الذي يمكن أن يحطنا في دماغه، سنجلس لنستمع إلى السخريات القاسية التي تنهال على السائق، وسننظر إلى زملائنا في الأتوبيس. هذا يقرأ في المصحف، وذلك يلعب في الموبايل، وذلك ينظر من الشباك، وتلك راحت في النوم. وسنكتفي، أنا وأنت، كعادتنا، بتبادل نظرات الاستياء، ويقرأ كل منا أفكار الآخر "وأنا إيه اللي يدخلني يا عم ما بين الناس دي.. هاخد لي كلمتين.. خليني ساكت.. يصطفوا مع بعض.. المهم نوصل في معادنا.. وبعدين هو السواق، لو كان عنده كرامة، ما كانش يسيبه يكلمه كده.. حاجة تقرف.. نعمل إيه طيب.. نخليها على الله وربنا يسترها"، ثم نفيق جميعا على الواقعة، وهي تقع على رؤوسنا، حين ينفجر السائق، ويطيح فينا قتلا. 
سأقولها معك: اللهم الطف بنا في ما جرت به المقادير، لكنني سأذكرك بالحقيقة المرة: للأسف، أنا وأنت، كشأن كل المصريين، نتكلم في الدين طول الوقت، نحب كثيرا الأحاديث التي تتكلم عن الحجاب والأذكار وموجبات الكفر وتحريم الغناء وعذاب القبر، لكننا لا نفضل الآيات والأحاديث التي تتحدث، مثلاً، عن إعمال العقل وطلب العلم وفضيلة الحرية، أو عن الناس الذين إذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده. ولذلك، نحن نصمت دائما على كل ما يحدث في سيارة الوطن التي نركبها من أخطاء، سواء كانت من السائق أو من الركاب الأعلى صوتاً. كل ذلك على أمل أن نصل في موعدنا، قائلين "هنعمل إيه طيب.. نخليها على الله، وربنا يسترها.. المهم نوصل". وللأسف، في النهاية لا نصل أبدا. 
(نشرت هذه السطور في عمود اصطباحة في "المصري اليوم" بتاريخ 17 يوليو/تموز 2010، ولعلك تتفق معي في أنها لا تزال صالحة للنشر).
*المصدر «العربي الجديد»

31 مارس 2015

الكاتب السعودى جمال بيان: طائراتنا الشجاعة تقتل اليمنيين

كتب الكاتب السعودى جمال بيان على صفحته على تويتر تغريدات تهاجم الضربات التى توجهها بلاده الى اليمن
وقال بيان في التغريدات:
منذ بدء العملية وحتی الآن لم أرَ جثة جندي حوثي واحد. فقط أشلاء نساء وأطفال ومدنيين أبرياء. وهدم للبيوت والمستشفيات والمرافق الخدمية .
**
علمت أن طائرات بلادنا الشجاعة قصفت مخيما للنازحين اليمنيين في اليمن بمنطقة حجة .
**
طائراتنا السعودية الباسلة قتلت عشرات اليمنيين الأبرياء في مخيم للنازحين تابع للأمم المتحدة .
**
ماذا بعد اعتراف وكالة واس بأن طائراتنا قصفت البيوت في اليمن ؟!! لقد ساء وجه من لا يستنكر من المسلمين
**
المضحك . قناة العربية تقول ان علي صالح سعی لجعل الحكم وراثي في اليمن من خلال تنصيب ابنه أحمد . يبدو أن الحكم في السعودية جمهوري انتخابي .
**
سلمان أمر السيسي العمل علی إنزال الفضائيات المعادية للحرب علی اليمن من النيل سات وسيتحمل تكاليف فسخ العقود .
**
الطيران القطري يقصف بوابات سجون في اليمن لمساعدة سجناء القاعدة على الهروب .
**
ونحن نخسر المليارات لقصف أطفال ونساء اليمن. سعر برميل النفط يرتفع لينعش الاقتصاد الإيراني
**
ونحن نقصف أطفال ونساء اليمن . أصدقاء إيران يتقدمون في هذه الأثناء باتجاه قلب تكريت شمالاً. وقلب عدن جنوباً. مبروك انتصار العاصفة !!!
**
للعلم، وفق اتفاقية الحماية الأمريكية. ممنوع علينا تشكيل قوة برية للقوات المسلحة يتجاوز عدد أفرادها 20 ألفا. لذلك نحن مضطرون لشراء مرتزقة .
**
قبل أن تحرروا أرض غيركم . تعالوا حرروا جزركم الثلاث في الخليج . لماذا لا تذهب طائراتكم لقصف القواعد الإيرانية في الجزر الإماراتية ؟
**
عندنا مثل يقول (أبوي ما يقدر إلا علی أمي) . إذا كانت مشكلتنا مع إيران ليش ما نروح نضربها مباشرة بالعاصفة ؟ ليش نضرب الضعفاء في اليمن وغيرها
**
من قيم الجاهلية . اكتب مقالا ضد اليمن وأيد الحرب ثم تعال القصر لتستلم شيكا ماليا .
**
كل قيم الجاهلية تم استحضارها في الحرب ضد اليمن . وعلی رأسها إعادة افتتاح أسواق النخاسة لشراء العبيد من باكستان ومصر ودفعهم للقتال بالنيابة .
**
تماشيا مع موضة الشرعية والعواصف الجاهلية. أقترح علی قطر وتركيا تشكيل تحالف لشن (عاصفة مرسي) لإعادة الشرعية إلی مصر. ﻷن مرسي غيران من هادي
**
سجلوها. إن حصل رد عسكري يمني ضد بلادنا. فبعد الرد بأسابيع تفرجوا علی إرهاصات تقسيم بلادنا . وعلی إحتلال قطر للبحرين. هذا هو المشروع الأمريكي
**
سجلوها . صوروا هذه التغريدة واحتفظوا بها . سلطنة عمان سوف تعلن رسميا إنسحابها من مجلس التعاون في شهر شعبان كحد أقصی .
**
إعتقال الشيخ محمد راشد المالكي في مكة ﻷنه دعا الله في مجلس بأن تتوقف الحرب ووصفها بالخاسرة علی الطرفين. فأبلغ عنه أحد المخبرين فتم اعتقاله .
**
أشلاء الأطفال في اليمن بقذائف طائراتنا ستتسبب في لعنة على بلادنا وسيلاحقنا العار طول التاريخ. أبعدوا المراهقين عن الحكم قبل فوات الأوان.
**
إن لم يتم تحكيم العقل فوراً، فإن الاسابيع القادمة ستشهد تطورات خطيرة في مناطق مختلفة من بلادنا، وهذه وفق معلومات استخباراتية موثوقة.
**
من بطولات دولتنا السعودية الثالثة . حشد الجيوش لضرب شعب عربي مسلم فقير ماديا. غني في أخلاقه ودينه وحكمته . وشهد له الرسول بالإيمان والحكمة .
#تويت

المفكر القومى محمد سيف الدولة: فلسطين تكشف الجميع

فى ذكرى يوم الارض، وفى شرم الشيخ، مدينة "السلام"، مدينة كامب ديفيد، وعلى بعد امتار من فلسطين المحتلة منذ 1948، من اخطر عدو واجهته الامة منذ قرون، اجتمع الحكام العرب ليقرروا شن حملة عسكرية على الحوثيين فى اليمن. بعد ان كانوا قد قاموا قبلها ببضعة شهور بالانضمام والمشاركة فى الحملة الامريكية الاستعمارية الثالثة ضد العراق المسماة بالتحالف الدولى.
وبعد بضعة شهور من مشاركتهم، صمتا او تواطؤً، فى العدوان الاخير على غزة، الذى اسقط ما يزيد عن 2000 شهيد فى اكبر مذبحة ضد الفلسطينيين منذ صابرا و شاتيلا .
وبعد بضعة شهور أيضا من اجتماعهم فى القاهرة مع آخرين، فيما سمى بمؤتمر اعمار غزة، للاتفاق على انه لا اعمار قبل نزع سلاح المقاومة، وقبل تسليمها الى سلطة اوسلو "الشرعية".
وبعد سنوات قليلة من مشروعهم لادارة واحتواء واجهاض الثورة اليمنية، بما سمى بالمبادرة الخليجية، التى أدت الى ما فيه اليوم.
وبالتزامن مع اتفاقهم على اجهاض الحلم العربى و الاطاحة بالثورات العربية، ومطاردة ثوارها بكافة الطرق والوسائل، بما فيها القتل والقنص والاعتقال وتكميم الافواه. الأمر الذى لم يستطيعوا اخفاؤه فى قمتهم الأخيرة، فكان التجاهل التام لذكر كلمة واحدة عن الربيع العربى او الثورات العربية، مما كشف مدى كره وعداء حكام العرب لثورات العرب، ربما فيما عدا أمير الكويت الذى لم يكتف بالصمت، بل هاجم الربيع العربى صراحة!
***
فى قمتهم هذه غابت فلسطين تقريبا، من كلمات حكام الدول الرئيسية مثل مصر و السعودية، الا من بضع كلمات معدودة مستهلكة عن الدولة الفلسطينية فى حدود 1967 وفقا لمبادرة السلام العربية.
ليظهر بوضوح لكل من يهمه الأمر أن فلسطين لم تعد قضية العرب المركزية، بل اصبحت على العكس هى قضية العرب "الهامشية" بامتياز
وربما كان بان كى مون الامين العام للأمم المتحدة هو الوحيد الذى انتقد اسرائيل، وذكر عدوانها على غزة، وضرورة اعمارها وفك الحصار عنها. ربما تصور انه بذلك يجامل العرب وقادتهم وجامعتهم فى يوم قمتهم، فاذا به يكتشف ان لا احداً سواه معنى بالِشأن الفلسطينى.
فيما عدا ابو مازن بطبيعة الحال، ممثل السلطة الفلسطينية، الذى تحدث عن سعيه لنيل الحماية الدولية للفلسطينيين فى مواجهة اسرائيل، ولم يتجرأ على مطالبة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، بحماية عربية، لانه يعلم ان أياديهم والقبر فى كل ما يخص فلسطين.
ولكنه حين اراد الاستنجاد بالدعم العسكرى العربى، طلبه فى مواجهة المقاومة الفلسطينية، حين طالب "بعاصفة حزم" لفلسطين فى مواجهة الانقسام، مسجلا رقما قياسيا فى التماهى مع المطالب والاحلام الاسرائيلية.
***
ليس فيما سبق اى دفاع عن داعش العراق، او عن حوثيي اليمن؛ فالاولى حركة طائفية ارهابية وحشية ومشبوهة. والثانية حركة طائفية قبلية اقصائية، تابعة ومخترَقة، تخدم مشروعا أجنبيا ايرانيا يبنى نفسه على انقاض المشروع العربى التحررى.
ولكن من ناحية أخرى هذه الانظمة العربية التابعة للأمريكان والمتحالفة معهم، والمتصالحة مع العدو الصهيونى، والمستأثرة بثروات البلاد والعباد، والمستبدة بكل خلق الله من شعوبها، لا تعبر عنا.
انهم يتقاتلون ويقتلون بعضهم البعض باسمنا ونحن براء منهم جميعا، ليس فيهم من يمثلنا، لا فى اليمن ولا خارجها.
***
وربما كانت هذه هى المرة الاولى التى يسمع فيها الرأى العام العربى ان دولا مثل السعودية والخليج لها انياب عسكرية، وانهم قادرون على الحرب والقتال مثل باقى دول العالم. فالمتعارف عليه انها تعيش تحت حماية الغرب منذ نِشأتها على ايدى الامبراطورية البريطانية. ولقد ظهر هذا جليا فى عديد من الاحداث والازمات، أبرزها كان ما سمى بحرب تحرير الكويت، التى استدعى مشايخها الخواجة الامريكانى لكى يخلصهم من صدام، ومن يومها لم تغادر القوات الامريكية المنطقة. وآخرها ما صرحت به الادارة الأمريكية مؤخرا على لسان بريت ماجيرك، مبعوث اوباما الخاص لقوات "التحالف السعودى"، بأن ((واشنطن تؤكد أنها ستحارب بكل قوتها من يعتدي على السعودية)) .
وبالتالى ان كانت لديكم مثل هذه القدرات القتالية، فلماذا تخاذلتم امام اسرائيل وسمحتم لها بالبقاء والسيطرة والتمدد والتغلغل والسيادة والتفوق العسكرى فى المنطقة.
ولقد انتفضت السعودية فورا لمواجهة الخطر الايرانى/الحوثى على حدودها الجنوبية قبل مرور اسابيع عن وقوعه. وماذا عن الخطر الصهيونى القابع فى قلب الامة على حدود مصر وسوريا والاردن ولبنان، منذ ما يزيد عن ستة عقود
ثم ان اى حرب تسمح بها الولايات المتحدة وتدعمها، وتباركها اسرائيل، ويؤيدها الاتحاد الاوروبى، هى حرب مشكوك فى غاياتها ونواياها الحقيقية.
هكذا فكر الرأى العام العربى
***
ان كل ادعاءات الوطنية والقومية و الاسلام أو ادعاءات الدفاع عن الامن القومى العربى او الوطنى، التى لا تبدأ وتمر عبر بوابة تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيونى وتحرير الوطن العربى من الهيمنة الامريكية، عبر استراتيجيات وانحيازات وتحالفات وسياسات ومواقف واضحة وجلية و" حازمة"، هى دعوات زائفة، صادرة من حكام وأنظمة تابعين لا يمثلون الامة ولا الشعوب ولا يعبرون عن مصالحها.
كذبوا علينا فى السبعينات، وقالوا أن حرب اكتوبر هى آخر الحروب، واذا بنا نكتشف انها لم تكن سوى آخر الحروب الشريفة. لأننا منذ توقفنا عن مقاتلة عدونا الصهيونى، ضربت الأمة سلاسل قذرة، لم تتوقف ابدا، من الحروب العربية/العربية والصراعات الطائفية، والحروب الامريكية بالوكالة، بدءا بحروب الخليج الأربعة 1980، 1991، 2003، 2014. وانتهاءً بحروب اسرائيل واعتداءاتها المتكررة على لبنان وفلسطين فى غياب كامل لاى موقف عربى رسمى.
وفى كل ذلك لم نسمع أبدا عن أى عواصف عربية او نشم رائحة أى حزم عربى.
***
لو كان المنصب هو المعيار، فهى قمة عربية بلا شك. اما لو كان المعيار هو استقلال الامة ووحدتها وطموحات شعوبها فهو مؤتمر القاع العربى بامتياز.
*****
موضوعات مرتبطة :

30 مارس 2015

محمد رفعت الدومي يكتب: أخيتاتون - ميدان التحرير.. أو.. كاهنة تيتانيك!

الجمال يولد من رحم المأساة أحيانًا، ولكل شئ نظنه اعتباطياً جذور ينسحب إليها، علي سبيل المثال، لولا غرق السفينة "تيتانيك" ما كان لـ "سيلين ديون" أن تجد وعاءًا تعتق فيه للخلود كلماتٍ ككلمات "My Heart Will Go On"، أنا أيضًا، لولا غرق "تيتانيك"، ولولا أن التاريخ دائري يستطيع كل من أراد أن يصل مباشرة إلي أي حدث تاريخي أراد انطلاقًا من أي حدث تاريخي، وكل حدث، ودون أن يضل، ما كان لي أن أجد ذريعة لأبدأ كلامًا عن الثورتين المضادتين اللتين لا ثالث لهما في تاريخ مصر بكلام عن "سيلين ديون"، فالعلاقة وإن بدت غريبة وطيدة جدًا، أو، هكذا يخيل إليَّ!
في ربيع العام 1912 غرقت السفينة "تيتانيك"، كانت مأساة يعرفها الآن حتي الأطفال، أضاف إليها بعض العلماء مؤخرًا تفاصيل بكر، مذهلة! 
لقد اكتشفوا أن "تيتانيك" كانت تحمل على متنها مومياء فرعونية لكاهنة "إخناتون" مكتوبًا تحت رأسها تعويذةٌ تقول:
(انهض من سُباتك يا أوزوريس، فنظرةٌ من عينيك تقضى علي أعدائك الذين انتهكوا حرمتك المقدسة) 
كانت مومياء الكاهنة قد اكتشفت في معبد العيون بـ "تل العمارنة" في محافظة المنيا، أول بقعة علي ظهر الكوكب دق بها إنسانٌ لا مراء في وجوده أجراس وحدانية الله، "إخناتون" طبعًا!
كان قبطان السفينة المنكوبة " إدوارد جون سميث" خوفاً علي مومياء الكاهنة قد وضع التابوت خلف غرفة القيادة، وأكد الكثيرون ممن كرّسوا وقتهم لتوثيق تلك النهاية المؤسفة للسفينة وملابسات غرقها علي ضوء ما تمكنوا من الوصول إليه من شهادات بعض الناجين أن القبطان "سميث" أصيب قبل ساعات من وقوع الكارثة بالهذيان، ولقد سمعه بعضهم وهو يصرخ:
- الأشباح، العفاريت.. كلّا، إنني سيد هذه الجزيرة العائمة أفعل بها ما أشاء!
أعرف أن مثل هذه الحكايات تروق المزدحمين بيقين ممتلئ في صحة ما تعارف الناس علي تسميته بـ "لعنة الفراعنة"، لست من هؤلاء، مع ذلك، أعلم أن شخصًا آخر أصيب بالهذيان لمدة أسبوعين سقط علي إثرهما في الفجوة التي لابد له منها، أقصد، مات، عندما اكتشف دودة البلهارسيا في مومياء فرعونية، إنه العالم الألماني العظيم "تيودور بلهارس"!
"جان فرانسوا شامبليون" الرجل الذي أيقظ لهجة المصريين القدماء من سباتها بعدما اعتقد العالم أنها ذهبت إلي المجهول كما ذهبوا لم يسلم من مصير مشابه، لقد أصيب هو الآخر بالهذيان وبالشلل قبل أن يموت في شرخ شبابه، لكن، هذا الأمر لا يرتقي أبدًا لأن يحصي كأنه ظاهرة!
في ربيع العام 1912 غرقت السفينة "تيتانيك"، وفى ربيع العام 1912 أيضًا، عثرت إحدي البعثات الألمانية على رأس الملكة "نفرتيتى" الشهير بين أطلال "تل العمارنة"! 
وفيما بدا أن روح الثورة التي أججها "إخناتون" في "أخيتاتون" التي هي الآن "تل العمارنة" أوحت إلي النحات "تحتمس" بأن يخصص أوقات فراغه لإبداع ما يليق بالخلود ويرج أعماق المؤجلين بقسوة، حتي تلك الأعماق العامرة بالشر، كان تأمل ذلك الرأس الشهير الذي أبدعه "تحتمس" هو أول طقوس "أدولف هتلر" الصباحية! 
فإن مما هو الآن في حكم المؤكد ألا شيئًا جعل الدموي "هتلر" يقف فعلاً علي مشارف الجنون كما فعل رأس "نفرتيتي"، واسمها يعني : الجميلة أقبلت، لم تنعكس الروح التي كانت تهيمن علي "تل العمارنة" علي أصابع "تحتمس" وحده، إنما، كان ثمة إيقاعات جديدة تتحرك في أعماق كل المبدعين هناك نستطيع أن نلمسها بوضوح في كل ما وصل إلينا من فنون تلك الحقبة وأدبها، ذلك التمرد الإيجابي علي الفن القديم وتجاوزه، تلك الوجوه الطولية المسالمة، النظرات الإسكاتولوجية السائلة، فضلاً عن البساطة التي تجعل العيون لا تري في "إخناتون" وعائلته إلا مجرد مواطنين مصريين لا عائلة حاكمة تعيش في عزلة عن العوام! 
أيضًا، هي هي روح "أخيتاتون" التي، في واحدة من أوائل السرقات الأدبية في التاريخ، جعلت بعض اليهود يخصصون أوقات فراغهم للسطو علي أناشيد "إخناتون" حرفيّاً وينسبونها إلي أنفسهم في كتابهم الأدبي المعروف بـ "مزامير داود"، لكن، من الجيد أن كل العالم الآن يعلم الجذور الحقيقية التي ينخفض إليها أدب اليهود، ولقد انحاز الصواب إلي "سيجموند فرويد" تمامًا عندما قال:
- إن الحضارة المصرية هي عقدة اليهود التاريخية!
ثمة بابٌ آخر مفتوحٌ علي مصراعيه للدخول إلي "تل العمارنة" من تلقاء غرق "تيتانيك"!
لقد ورد في التعويذة المكتوبة علي مومياء الكاهنة اسم "أوزوريس"، وهو إله جوهري لأشياء كثيرة من بينها الزراعة، والسماد من أشياء الزراعة المفصلية، وهناك حكايتان شهيرتان كان البحث عن السماد بدايتهما وانتهت كلتاهما بضجةٍ تناثر غبارها علي كل القارات وجعلت الكثير من الافتراضات التي اجتهد المؤرخون لكي يملأوا بها الفراغات الزمنية لبعض الأحداث التاريخية الملتبسة بلا قيمة!
هاتين:
في أحد صباحات العام 1945، كان الفلاح " محمد السمان" يبحث عن سماد لأرضه بالقرب من مدينة "نجع حمادي" بصعيد مصر، فوجد أثناء الحفر علي بعد أمتار من دير "القديس باخوم" جرة خزفية عندما كسرها وجد بداخلها 13 مجموعة من لفافات البردي، هي التي تعرف الآن بمخطوطات "نجع حمادي" أو مكتبة "نجع حمادي"، وبفضل ذلك الاكتشاف غير المقصود أصبح العالم الآن يعرف أدق تفاصيل أول معركة شعواء بين الغنوصية والمسيحية القويمة، كما أصبحت الأناجيل التي تصنفها الكنيسة علي أنها أناجيل منحولة ظنت أنها نجحت في إخفائها إلي الأبد تباع الآن علي الأرصفة في كل مكان، ألا إن الكنيسة لم تجد ذرة من الرحمة في قلب العم "محمد السمان"!
وفي أحد صباحات العام 1887، كانت امرأة مسنة من قرية "الحاج قنديل" القريبة من "تل العمارنة" تبحث أيضًا عن السماد بين أطلال "أخيتاتون"، كعادة أهل القرية جميعًا، عندما ارتطمت أصابعها وهي تملأ وعاءها بالسماد بجسم صلب أخرجته فشهقت من فرط الدهشة، لقد أدركت علي الفور أنها عثرت علي كنز عليها أن تبحث علي الفور عن تاجر يشتريه، كانت قد عثرت علي قوالب من الطوب المحروق عليها نقوش، الطريف، أن تاجرًا مدلسًا اشتري من المسكينة كنزها بعشرين قرشًا فقط! 
عندما شاع الخبر في قرية "الحاج قنديل" أصيب أهلها بما يشبه الجنون، وانتشرت بينهم حمي البحث عن قوالب الطوب، ووجدوا الكثير منها، بل وجدوا جدارًا من طوب أصفر وأحمر وأسود رصت بطريقة منظمة فى صفوف، حملوها على حميرهم وعادوا إلى القرية، ولم تمض على ذلك أيام حتى كانت هذه القوالب بين أيدى التجار فى "أخميم" و "ألاقصر" و "القاهرة"، كانت المرأة بكل بساطة، ومن بعدها أهل قريتها، قد اكتشفت رسائل "تل العمارنة"، وهي مراسلات دبلوماسية مكتوبة بالخط المسماري من حكام كثر إلي "إخناتون"، تلك الرسائل تمثل أول شكل للعلاقات الدبلوماسية في العالم!
وكما كانت أول دعوة للتوحيد في العالم، وأول سرقة أدبية في العالم، وأول شكل للعلاقات الدبلوماسية في العالم من نصيب "أخيتاتون" ، ذهب الكثيرون من علماء المصريات إلي أن أول اغتيال سياسي في العالم كان من نصيب الفرعون الشاب "توت عنخ آمون" ابن "إخناتون" كما أكدت اختبارات الحامض النووي، ولعلَّ العثور علي آثار صريحة لعدة كسور فى عظام فخذه وجمجمته، بالإضافة إلي زواج وزيره بأرملته الطفلة بعد وفاته وتنصيب نفسه فرعونًا، يجعلنا غير محتاجين أن نتوغل في التنقيب عن الذي وقف خلف ظلال نهايته المريبة!
الغريب أن "توت عنخ آمون" أشهر الفراعنة علي الإطلاق لم يسجل التاريخ له إنجازًا واحدًا يوازي شهرته أو يؤكدها، كان السبب الوحيد لذيوع صيته، في واحدة من وثبات الصدفة الحيوية، هو، فقط، وصول عالم الآثار "هوارد كارتر" إلي مقبرته وكل كنوزه ليضعه في قلب الديمومة قبل وصول لصوص المقابر إليها، لقد وجدها سليمة لم يُلحقِ الزمن بأي من محتوياتها التلف، بدت للوهلة الأولي كأنما أغلقها عمال المقابر قبل قليل وانصرفوا إلي مراقدهم في الأبدية، هذا تمامًا ما ذكره "كارتر"، وهذا غريبٌ، لماذا؟
مما لا شك فيه أن تلك القوة التي تصدي بها "إخناتون" لإرث آمون المقدس وجرأته عليه وعلي كسر ما اعتبره غيره قانونًا طبيعيًا للحياة، وذلك الجموح في معركته العصبية التي خاضها ضد الكهنة، أيقظ في صدور الكثيرين من العوام شدوًا مريبًا؛ كما ألهمهم إمكانية ميلاد عالم جديد بقوانين أخري، ألهمهم؛ أيضًا، الحاجة الملحة إلي ميلاد هذا العالم، هؤلاء العوام؛ بدورهم، تحت ضغط تلك المشاعر الجديدة التي تتحرك في أعماقهم، استهانوا بتراث آبائهم؛ وبكل شئ، وهم، وهذا هو الأهم؛ أحسوا أنهم يستحقون واقعًا أفضل من ذلك الواقع الذي بذَّرَ آباؤهم فيه أعمارَهم متوارين في الظلال الكبيرة لحزمة من اللصوص والكهنة الفاسدين يسرقون مقدراتهم وحرياتهم بإسم "آمون" وقوانينه؛ وهم، أيضًا؛ عقب موت "إخناتون"، عندما أدركوا استحالة ميلاد عالمه الأبيض مع صلابة العضلة الأمنية للدولة قرروا أن يسرقوا حياة اللصوص الآخرة؛ لم تردعهم التعاويذ السحرية علي مقابر السادة ولا تهديدات الكهنة، لم يردعهم شئ عن انتهاك حرمة كل مقبرة وأي مقبرة تطالها أيديهم وسرقة محتوياتها وبيعها لمن يجود بأي ثمن، أي ثمن! 
كانوا، لأول مرة، قد لمسوا فعلاً القانون العميق للحياة!
مقبرة "توت عنخ آمون"؛ فقط، حتي يجد جديد، هي المقبرة الوحيدة التي هربت من نقمة العوام، ولهذا سبب!
لموته المفاجئ، وغير المتوقع، ربما، يبدو أن قرارًا صدر بحفر مقبرة "توت عنخ آمون" علي عجل، كما يبدو أن الاختيار وقع علي مكانها ارتجالًا لم يكن بناءًا علي أفكار مسبقة، علي الرغم من ذلك، يبدو أن حزمة من البنائين والفنانين المشتعلين بروح الثورة التي بثها أبوه في الصدور بددوا في بنائها الكثير من إبداعهم وإخلاصهم، عندما فرغوا من بنائها وتلوينها ونقشها واكتملت طقوس التحنيط والجنازة وأغلقوا علي الفرعون أبوابها، حدث، بالصدفة، أن مقبرة أخري لإمرأة من الأسرة الحاكمة كان يتم تشييدها إلي جوار مقبرة "توت عنخ آمون" فألقي العمال تراب الحفر علي الباب المفضي إلي مقبرة "توت"، ذلك التراب كان درعًا إضافيَّاً عن غير عمد حمي "توت" من غارات العوام، وهذا كل شئ!
بصرف النظر عن أهمية المآلات في الحكم علي الناس، كان "إخناتون"، قائد أول الثورات البيضاء في تاريخ الإنسانية، واحدًا من أصحاب العقول الممتازة بعرض التاريخ الإنسانيِّ وعلي طول التحفظ الصحيِّ؛ مع ذلك، كان، أيضًا، وبنفس القدر، واحدًا من السلبيين العظام، فهو، علي الرغم من استيعابه التام الدوائر لما يمتلكه كهنة "آمون" من أدوات القوة ولما لصلابة مفاصل دولة "آمون" من عمق غائر، لم يحاول أبدًا أن يغضب، وأن يمطرَ في أوجاعهم العائلية بقوة السلاح، كان كل ما فعله فقط، ومتأخرًا جدًا، عندما أفرطوا في رجمه بالمكيدة تلو المكيدة فأوجعوه فعلاً، هو أن قام بهدم صنم "آمون" وتمزيق صوره في كل مكان، وما من شك في أن وجود الفن القديم ونجاته من الدمار حتي ذلك الوقت كان من العوائق التي واجهتها الروح الثورية في تسللها من نفس إلي نفس!
كان "إخناتون" خطأ نفسه وارتكاب ذاته، ذلك أنه عندما احتدم الصراع وبلغ ذروة النقطة ارتكب أكبر حماقاته علي الإطلاق وقرر في العام السادس من حكمه الرحيل عن العاصمة التاريخية "طيبة"! 
وفيما بدا أنه كان قد اتخذ ذلك القرار قبل تنفيذه بوقت طويل لم يفكر طويلاً قبل أن يقع اختياره علي "أخيتاتون"، "تل العمارنة" الحالية عاصمة بديلة لدولته؛ تلك اللحظة، كان منحني ثورته قد بدأ في الانهيار تدريجياً، وحتي النهاية!
إن المرء الآن ليعجب كيف لامرئ في رجاحة عقل "إخناتون" أدرك القانون العميق للحياة لم يفطن إلي أنه كان يخوض معركة حقيقية، ومفتوحة علي مصراعيها لكل الأساليب، ومن كل جانب، وبلا قوانين تحكم الطرف الآخر الذي يعتبر كل من يحاول الاقتراب مما يظنه ملكًا له ولعائلته من بعده هدفًا مشروعًا للقتل والتنكيل، كيف؟!
أعتقد أن وجه التاريخ المصري كان سوف يكون أجملَ ملامحًا وأكثرَ وسامةً لو أن "إخناتون" التقي في ذلك الوقت "فريدريك نيتشه"، أو، قرأ كتابه "هكذا تكلم زرادشت"، أو هذه الجملة من "هكذا تكلم زرادشت" علي الأقل:
"بعض الناس لا يحقُّ لك أن تمدَّ يدك إليهم؛ بل كفَّ الوحش؛ وأريد أن تكون لكفك مخالبُ أيضًا"
نعم؛ متي أردت العصف بفكرةٍ ما لا يلزمك سوي أن تقدِّسها، لكن، يجب عليك أن تفعل الكثير لضخ نقاط الدم في وجه فكرة شحب لونها، لا أقل من ترميم جراحها المشرعة للرجم حتي لا يجد الطاعنون موطئًا للدخول بأحذيتهم إلي قلبها؛ ولا أقل من أن يكون لك درعًا يحميها لوقت الحاجة، فالعالم كريه كوجه بلادي الكريه؛ ولا يحترم إلا الأقوياء!
لقد نجحت الثورة المضادة، أول ثورة مضادة في التاريخ؛ بعد أن نجح الكهنة في تصميم سيناريو الدولة الفاشلة للنيل من "إخناتون" وتأليب القلوب عليه، لا جديد تحت شمس مصر، لكن المفارقة المثيرة أن حدثًا إقليمياً هو الذي لعب الدور الجذريَّ في إنزال الهزيمة بمشروع "إخناتون" وجعله طللاً مفتوحًا علي مصراعيه لآخر غارات الكهنة، لقد انهارت المملكة الآسيوية علي يد الحيثيين، وبطبيعة الحال؛ راجت تعليقًا علي ذلك الحدث تجارة الكهنة في كل عصر، لقد بعثروا الشائعات في كل مكان بأن سقوط المملكة الآسيوية هو انتقام "آمون"؛ حيلة بسيطة ومستهلكة، لكنها تنجح، لا تلمسوا شيئاً!
إذًا، لقد انتصرت الآمونية، وعاد القطيع من تلقائه إلي حظيرته الأولي، لكن "إخناتون"، قام بآخر تجلياته العظيمة وأنزل بالكهنة آخر لطماته الموجعة ليثبت فعلاً أنه كان داهية بطقس بسيط، لقد مات! 
انتقامًا منه، نشط الكهنة في العمل علي طمس اسمه تمامًا من كل السجلات الملكية المكتوبة أو المنقوشة حتي أنَّ ذلك أحدث التباسًا لدي علماء المصريات ظل قائمًا لعقود حول وجوده من عدمه، كما نشطوا في تأليب العوام والهمج علي عاصمته فخربوها واعتبروها تلالاً ملعونة ظلت أطلالاً مهجورة حتي مجئ الرومان وحتي استوطنتها بعد رحيل الرومان قبيلة "بني عمران" ومن هؤلاء اكتسبت اسمها الذي الآن تحمله "تل العمارنة"! 
ولأنه لا شئ يولد من تلقائه، ولأن الفراغ لا ينحسر إلا عن فراغ، ذهب الكهنة إلي هوامش قذرة في ذاكرة التاريخ، وبقي "إخناتون" في القلب، عظيمًا ونقيًا وجميلاً كحلمه العظيم النقي الجميل، وبقيت الفكرة حية ودافقة وبيضاء تلهم الكثيرين، هذا جعله سرًا مغلقًا وشخصية غامضة ومنفتحة علي الكثير من التأويلات، هذه بعضها: 
ذهب البعض إلي أن النبي "إبراهيم" لم يأت من مدينة "أور" فى شمال العراق إنما من "تل العمارنة"، وأنه هو هو "إخناتون"! 
وأكد آخرون أن النبي "موسي" ما هو إلا الإسم العبري لـ "إخناتون"!
العالم الكبير "سيجموند فرويد" كان أقل تهورًا من هؤلاء، فهو فقط يرد الريادة في فكرة وحدانية الله إلي"إخناتون"، لكنه، يري أن "موسي" قد اطلع علي أفكاره وفلسفته وآمن بها!
كل هذا الاستربتيز اللفظي لا أساس له من الصحة، وأياً كان الأمر؛ كانت تلك الأحداث هي أول انقلاب علي ثورة نظيفة في تاريخ مصر، كما كان انقلاب 30 يونيو علي ثورة يناير العظيمة هو الانقلاب الثاني علي ثورة عظيمة في تاريخها، وهذا طبيعي، فلم تحدث في مصر أبدًا ثورات حقيقة، حتي ثورة سنة 1919، أضخم انفعال جماعي استجاب له شرائح واسعة من المصريين وتزاحموا حوله لم تكن أبدًا ثورة بالمعني الذي يتحد بتعريف الثورة، يمكن أن نسميها مطالب فئوية، أو رغبة في بعض الإصلاحات والامتيازات وهذا كل شئ! 
في السياق نفسه، كان انفعال المصريين الأقل بقيادة "مصطفي كامل" عقب حادثة "دنشواي" الشهيرة مطلبًا فئويًا باستبدال اللورد "كرومر" بمعتمد بريطاني آخر ليس أكثر! 
فقط، ثورة يناير 2011 هي الأقرب شبهًا بثورة "إخناتون"، و "ميدان التحرير"، عاصمة الثورة، هو الأقرب شبهًا بـ "أخيتاتون"، وهي تعني: أفق إله الشمس!
مصرُ عادت شمسُك الذهبُ!
وكما نجح انقلاب الكهنة نجح انقلاب يونيو، وكما حاول الكهنة بكل ما في وسعهم تشويه الصورة الذهنية لـ "إخناتون" في أذهان العوام، استنفر النظام المصري كل أدواته لتشويه كل ما أو من يمت إلي "ميدان التحرير"، ويواصل، والغيوم كثيرة وحبلي بالأسود، ومفاصل النظام القديم تزداد صلابة كل صباح، والظرف العالمي ينحاز إلي جانبه، لا أحب الثعالب، لذلك سوف لا أستسلم لحذر الحكاية، وسأقول مباشرة أن ما أعرفه وما يغرد لي به البوم صباح مساء أن أدوات المعركة بشكلها الذي الآن نعرفه لا يمكن أن تسفر إلا عن المزيد من الخسائر المجانية، وأن المعركة لابد أن تتخذ شكلاً آخر وأبعادًا حادة أخري تناسب معركة صفرية، إما الدوران في هامش السيد وإما الحرية بكل تجلياتها وصورها، إما الشعب وإما العسكر، خاصة أن الصراع لم يعد مجرد صراع علي أحلام مسروقة إنما لون من ألوان الدفاع عن النفس!
لابد من جرح عريض يتناسل في دمه الجميع، لابد من إحداث فجوات تسمح بمرور كل الموتورين إلي قلب الدولة العميقة مباشرة، صفع النظام في الأطراف يزيده لياقة وقوة، كما لابد، بنفس القدر، أن نصدق، قبل كل شئ، أن النظام المصري لا يقاتل منفردًا، إنما (الوطن) العربي من الماء إلي الماء في خندقه، ولديهم أسبابهم التي نتفهمها، لون آخر من ألوان الدفاع عن النفس، بل في خندقه العالم، بل الكون من القطب إلي القطب تكريمًا لأمن "إسرائيل"، لكن، كل هذا المدد سوف لا يتبخر إلا بعد ياردتين أو أقل من الإحساس بالخطر وبسيولة المشهد، فلا أعتقد أن فأرًا بقي علي ظهر "تيتانيك" لدقائق من بداية الغرق، هذه بديهية لا تحتاج إلي الوقائعية للحكم علي صحتها!
في النهاية، أسألكم أن ترددوا معي تعويذة كاهنة "إخناتون"، وهي مسك الختام، وإنَّ المسكَ بعضُ دم الغزال:
(انهض من سُباتك يا أوزوريس، فنظرةٌ من عينيك تقضي على أعدائك الذين انتهكوا حرمتك المقدسة)

الزام "الصحف القومية" بضم فترة التدريب لأقدمية الصحفيين

 
ارست محكمة استئناف القاهرة مبدءا قانونيا هاما بالزام المؤسسات الصحفية القومية بضم مدة التدريب ( قبل التعيين ) كاملة في اقدمية الصحفيين المعينين مع ما يترتب على ذلك من اثار استنادا الي القواعد القانونية والدستورية التي تؤكد احقية الصحفيين في ضم مدة التدريب . قضت الدائرة العمالية بالمحكمة في اﻻستئناف رقم 1831 لسنة 17 قضائية بالزام مؤسسة دار التحرير الطبع والنشر بضم مدة التدريب للصحفي مصطفى عبيدو بجريدة الجمهورية ورفضت اﻻستئناف المقدم من المؤسسة علي حكم أول درجة الصادر لصالح مصطفى عبيدو كما الزمت مؤسسة دار التحرير بالمصروفات واتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها ان اللائحة النموذجية للمؤسسات الصحفية لعام 2003 الصادرة نفاذا للقانون 96 لسنة 1996بشأن سلطة الصحافة أكدت احقية المتدربين في احتساب مدة التدريب في أقدمية من يتم تعيينه وضم مدة التدريب كاملة الي الاقدمية مع ما يترتب علي ذلك من اثار ولا يؤثر في ذلك تعديل القانون او اللائحة لانه في ضوء احكام النقض والاصول الدستورية المقررة ان احكام القوانين لا تسري الا علي ما يقع من تاريخ العمل بها وانه لايترتب عليها اثر فيما وقع قبلها ولا يجوز امتداد اثر القانون او اللائحة الجديدة اوالمعدلة علي ما يقع قبل العمل به من تصرفات او تحقق من اوضاع اذ يحكم هذه او تلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها اعمالا لمبدأعدم رجعية القوانين وتاكيدا لمبدأسلطان الارادة في نطاق المشروعيه اعمالا لمبدأ الاثر المباشر للقانون واحكامة والتي ابرمت علاقة العمل في ظله وبالتالي سريان احكامة علي ما يتولد من اثار مستقبلة ولو ادركها قانون جديد وان ذلك مقيد بعدم تعلق قواعد القانون الجديد بالنظام العام اما حيث تتعلق به فانها تسري باثر فوري مباشر علي ما يقع منذ العمل به من تصرفات او ينشا من اوضاع .
وقالت الحيثيات ان المادة 70 من قانون العمل رقم12 لسنة2003 المعدل بقانون180 لسنة2008 قد حددت مدد قانونية للتسوية في حال نشوء نزاع بين صاحب العمل والعامل وهو ما التزم به المدعي(مصطفى عبيدو) وأكده تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وبالتالي يحق له ضم مدة التدريب كاملة الى الاقدمية .
واضافت الحيثيات ان من القواعد الدستورية والقانونية انه ان لم يثبت دليل علي سبق قيام المنازعه اعتبر تاريخ اقامة الدعوى هو تاريخ بداية النزاع .. وقالت محكمة اﻻستئناف ان عدم ضم مده التدريب من قبل أمر معيب يتعارض مع حقوق الصحفيين التي يجب ان تصان وﻻ يجوز النيل منها خاصة بين أبناء العائلة الصحفية اذ تقوم المؤسسات علي اكتاف أبنائها من الصحفيين فهي منهم وهم منها وﻻ يصح ان تحاول الجور علي أحد أبنائها من أجل عدة سنوات تضاف الي مدة خدمته ولن تحمل المؤسسة اﻻ الفتات مهما كانت قيمتها.
وكان مصطفى عبيدو الصحفي بالجمهورية قد أقام دعواه ضد جريدة الجمهورية أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالبا بضم مدة تدريبه قبل تعيينه بالجريدة لفترة عمله وحكمت المحكمة الابتدائية لصالحة الا ان المؤسسة استأنفت فقضت محكمة الاستئناف بالحكم المتقدم .