07 ديسمبر 2014

بلال فضل يكتب : دين سيادة القاضي‎

كنا، يومها في أواخر يونيو/ حزيران 2011، نسجل حلقة مع بعض أهالي الشهداء في برنامج (في الميدان) الذي شاركت في تقديمه عدة أشهر، في قناة التحرير قبل بيعها، وكنت أسأل السيدة نجية عبد الملك، والدة الشهيد مصطفى كمال (25 عاماً) عن ملابسات استشهاد ابنها أمام قسم الزاوية الحمراء، لأفاجأ بها تمدّ يدها إليّ برصاصةٍ، أخرجتها من ملابسها، قائلة "دي الرصاصة اللي كانت جوه ابني، وقعت وهو على المغسلة، نزلت من صدره وهم بيعدلوه، كان واخد رصاصتين، التانية في بطنه جابت له نزيف داخلي، وديتها النيابة طلبت منهم يخلوها معايا لما تطلبوها أنا أوديها، مش هاين عليا أسيبها فيها ريحة ابني، كل يوم أشمها بالليل وأبص فيها، ماباشيلهاش من صدري".
في هذا الفيديو الذي لم يبق من الحلقة كلها سواه على الإنترنت، سترى كيف فشلت في التخلص من ارتباكي، لأكمل الحوار، وأسأل أم الشهيد عن سجله الجنائي، للرد على موجاتٍ تصاعدت، وقتها، تتهم كل من استشهدوا أمام أقسام الشرطة ومديريات الأمن بأنهم بلطجية وأرباب سوابق، ليتم تصوير الحكاية بوصفها خناقة بين حرامية وعسكر، لتهرب الدولة الشائخة من مواجهة حقيقة إسقاط الثائرين، خلال ساعات، لنظامها القمعي الذي صرفت عليه مليارات الجنيهات، وكأن وجود سابقة جنائية لبعض الضحايا ربما كانت ملفقة في عهد ساده الظلم والتزوير، يبرر القتل الجماعي، ويعفي القتلة من المحاسبة والعقاب.
لم يكن لدى الشهيد مصطفى كمال سجل جنائي يدينه، بل إن علاقته بالسياسة لم تبدأ إلا يوم جمعة الغضب التي ذهب فيها إلى "التحرير" بصحبة عمه الحداد الذي كان يعمل في ورشته، بعد أن زهق من العمل حسب التساهيل مع والده، مبيض المحارة، ولم يصدق مصطفى، يومها، أنه عاد من "التحرير" سالماً، ليستحم ويأكل وجبته الأخيرة من يد أمه، قبل أن يغادر البيت للاطمئنان على عمه الموجود مع المتظاهرين حول قسم الزاوية الحمراء، والذين كان قد بدأ إطلاق النار بكثافة عليهم من داخل القسم، وحين حاول مصطفى إسعاف شاب مصاب، جاءته الرصاصة القاتلة في صدره، ليزيد في فجيعة أسرته أنها خسرت، برحيله، مصدر رزقها الأهم، المتمثل في الثلاثين جنيهاً التي كان يعطيها لأمه، كل يوم، من حصيلة يوميته، البالغة 50 جنيهاً. 
وقت تصوير الحلقة، كان أمين الشرطة الذي أطلق النار على الشهيد مصطفى، هو رجل الشرطة الوحيد الذي تلقى حكمين بالمؤبد والإعدام، لقيامه بقتل المتظاهرين، قبل أن تتوالى بعد ذلك أحكام البراءة على كل الضباط ومدراء الأمن المتهمين بقتل المتظاهرين، فيحصل هو، أيضاً، على البراءة، بعد محاكمات عبثية، حصل فيها القتلة على البراءة، لأنهم حوكموا بقوانين، وضعها الذين أمروهم بإطلاق الرصاص، لتدور الأيام، ويستند القاضي الظالم محمود كامل الرشيدي على نتائج تلك المحاكمات الظالمة، لتبرئة مبارك كبير القتلة وأعوانه، متصوراً أنه لو قام بوعظ المصريين بكلام عن الدين ومكارم الأخلاق والبعد عن اللغو، سيمحو عار حكمه المستند على أباطيل برامج التوك شو وأكاذيب أذرع دولة عبد الفتاح السيسي.
دين سيادة القاضي هو كدين غيره من القضاة واللواءات والمسؤولين الذين يعتبرون ما يحصلون عليه من امتيازات وأموال عطاءً ساقه لهم الله تعالى، لأنهم يذهبون، دوماً، إلى العمرة والحج، ويؤدون الفروض والنوافل والصدقات. ولذلك، حين ينحاز القاضي وزملاؤه لمن قتلوا مصطفى ورفاقه، فهم، بذلك، يؤدون شكر النعمة ليديمها الله، لأنها لو زالت لن يحظى أبناؤهم وأقاربهم بالامتيازات التي يُحرم منها مصطفى، وغيره من "الرعايا" الذين جعلتهم الثورة يسعون إلى استرداد حقهم في وطنهم الذي يريدون لهم أن يعيشوا فيه غرباء، كما عاش آباؤهم وأجدادهم.
ليس مقبولاً في دين سيادة القاضي أن يعترض المواطن على قضاء الله، فيرفض أن يبقى منهوباً مسلوباً منزوع الكرامة، وليس من مكارم الأخلاق، كما يعرفها كل السادة المنتفعين بمصر أن يثور شباب مصر من مختلف الطبقات على كبير العائلة الذي جعل بلادهم تقبع في مؤخرة الأمم. المقبول في دين سيادة القاضي فقط أن يتقرب إلى الله، بمطالبة كبير القتلة الجديد بهز جيب دولته أكثر ببعض الفتات لأهالي الشهداء والمصابين، ليدفنوا أحزانهم، ويقبلوا بإفلات قتلة أولادهم من العقاب، لتبقى الرصاصة التي سكنت قلب الشهيد، ساكنةً دائماً إلى جوار قلب أمه، تنتظر عدلاً يطفئ نار "قهرتها" من هذه البلاد التي أضاع أهلها الحق، واختاروا بناء حياتهم على الباطل، مع أن ما بُني على باطل لن يقود إلا إلى المزيد من الدم والعفن.
"وبكره تشوفوا مصر"

باكستان تتبرع للأونروا بأكبر مبلغ في تاريخها

Description: cid:image005.png@01CF029B.35126C60
07 كانون الاول 2014
القدس الشرقية
رحبت الأونروا اليوم بتبرع مقداره 1 مليون دولار مقدم من حكومة الجمهورية الإسلامية الباكستانية. وسيعمل هذا التبرع على دعم الاحتياجات الطارئة في غزة، بما في ذلك إعادة الإعمار. وقام الممثل الدائم للجمهورية الإسلامية الباكستانية لدى الأمم المتحدة السفير مسعود خان بتقديم مبلغ التبرع لمدير مكتب الأونروا التمثيلي في نيويورك السيد ريتشارد رايت.
وأعرب بيير كرينبول المفوض العام للأونروا عن شكره للحكومة الباكستانية على هذا التبرع السخي بالقول "إن الأونروا ممتنة للغاية لحكومة وشعب الباكستان على هذه اللفتة الاستثنائية التي ستعمل على تخفيف معاناة لاجئي فلسطين في غزة، وتحديدا أولئك الذين يعيشون في ظل معاناة شديدة في أعقاب الأعمال العدائية التي حدثت في الصيف الماضي والدمار واسع النطاق الذي خلفته. وإنني آمل أن تقوم الدول الأخرى، مثلما فعلت الباكستان، بإظهار سخائها وإعلان مساندتها للاجئي فلسطين".
وتلعب الأونروا دورا رائدا في معالجة الدمار الذي ألحقه النزاع الأخير في غزة والآثار المستشرية للحصار. وكانت الوكالة قد أطلقت مؤخرا مناشدة تطلب فيها مبلغ 1,6 مليار دولار من أجل عمليات الإنعاش وإعادة الإعمار.
تأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين من لاجئي فلسطين المسجلين لديها. وتقتضي مهمتها بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسورية ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل لمحنتهم. وتشتمل خدمات الأونروا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والإقراض الصغير.
لم تواكب التبرعات المالية للأونروا مستوى الطلب المتزايد على الخدمات والذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين المسجلين والحاجة المتنامية والفقر المتفاقم. ونتيجة لذلك، فإن الموازنة العامة للوكالة والتي تعمل على دعم الأنشطة الرئيسة لها والتي تعتمد على التبرعات الطوعية بنسبة 97% قد بدأت في كل عام وهي تعاني من عجز متوقع كبير. وفي الوقت الحالي، يبلغ العجز المالي في الموازنة العامة للوكالة ما مجموعه 56 مليون دولار.

للمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال ب:
الأونروا
سامي مشعشع
الناطق الرسمي للأونروا
خلوي: +972 (0)542168 295
مكتب: 0724 589 2(0) 972+

فيديو .. الشهيد صدام حسين عام ١٩٨٢ في جبهات القتال وبين الاهالى.. فيلم يعرض لأول مرة


نقلا عن شبكة ذى قار




صدام حسين يزور مدينة عنة عام ١٩٨٢ فلم نادر وحصري

بلال فضل يكتب: «دليل الثائر المخنوق للإفلات من الخازوق»!


التقرير

سبع وصايا لثائر استبد به اليأس
أولًا: لا تخجل من اليأس 
يبدو لي أن من أطلق شعار “اليأس خيانة” فعل ذلك لكي يخفي عن الناس شعوره الدفين باليأس، أحيانا أظن أن من يبالغون في رفع هذا الشعار لا يفعلون ذلك عن إيمان مطلق بمضمونه، وإنما لكي ينكروا تسرب اليأس إلى دواخلهم، تماما كما يصرخ التقي مستعيذا من الشيطان لينفي افتتانه إن وقع بصره على مفرق صدر سكارليت جوهانسون. لو قلت لك إنه ليس من حق أحد أن يصادر على مشاعر وأفكار الآخرين لكي يتهمها بالخيانة، سيكون ذلك أيضا مصادرة على مشاعرك وأفكارك حتى لو كانت عدوانية، ما يمكن أن أقوله إن اليأس شعور إنساني إذا أصبت به فأنت إذن إنسان طبيعي لا تشكو من تبلد الحس، عليك فقط ألا تسمح بتبلد أحاسيسك و”تبليطها” في خط اليأس، وأن تواصل البحث عن الأمل لعلك تصاب يوما به كما أصبت باليأس، وحتى تحدث تلك الإصابة السعيدة، لا أظن أن هناك وصفة للنجاة أكثر حكمة وواقعية من تلك التي صكها العم نيتشه عندما دعا إلى الجمع دائما بين تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة، إذا كنت تسب سنسفيل أفكاري الآن فدعني أهنئك لأنك أثبت أنك إنسان طبيعي لا تنقصك البذاءة التي لم تعد الحياة ممكنة بدونها.
ثانيًا: لا تواسِ أحدًا
في ظل مناخ فاشي هستيري لا يوجد أمل في أن تقنع من حولك بأن كل ما يحدث يؤكد أن السلطة القمعية تصنع لنفسها كل يوم بغبائها مأزقا جديدا وعدوا شرسا، لأن البعض سيظنك متفائلا والعياذ بالله، وسيصرخ في وجهك إن كان مهذبا صرخة محمود عبد العزيز الشهيرة “يا عم باقولك أنا مش أنا.. صدق العليل ولا تصدق التحاليل”، لذلك لا تحاول عندما ينعي لك ثائر ثورته أن تواسيه مثلا بعبارة المفكرة روزا لوكسمبورج الرائعة: “الثورة هي شكل الحرب الوحيد الذي لا يأتي النصر فيه إلا عبر سلسلة من الهزائم”، فكثيرا ما يكون الشعور باليأس أكثر راحة للنفس البشرية من تحفيزها على الصمود حتى يتحقق نصر غير مضمون الموعد.
ستتبدد حتما سكرة نصر راكبي السلطة الموهومين، ليجدوا أنفسهم مطالبين بتقديم حلول لمشاكل الواقع التي تسببت أصلا في اندلاع الثورة، وعندها لن تنفعهم رطرطة الكلام عن المؤامرات الدولية والثوار الملاعين، لأن الناس يمكن أن تأكل الأونطة، لكنها لا يمكن أن تعيش عليها إلى الأبد، وحتى يحدث ذلك سيبقى ما يشعر به أي ثائر من مشاعر المرارة والحزن أمرا يخصه وحده، وربما حمل له بعض العزاء إدراكه أن نهر الثورة لم تفجره إلا مطالب شعبية، ولذلك، مهما تم تحويله ليصب في مصلحة مؤسسات الدولة الفاسدة، أو وضعوا سدودا قمعية لتمنع تدفقه، فإن الوسيلة الوحيدة للسيطرة على نهر الثورة، ستكون بإيقاف الأسباب التي فجرته منذ البداية، والتي يمكن أيضا أن تجدد ثورته في أي وقت.
ثالثًا: لا تدعها تأكلك.. بسهولة
نحن الآن نعيش تلك الأيام التي تأكل فيها الثورات أبناءها، فلا تدع ثورتك “تاكلك”. كان الكثيرون من أبناء هذه الثورة يتعاملون مع جملة (الثورات تأكل أبناءها) باستخفاف لأنهم يعتبرونها قادمة من عصور المشانق والمقاصل التي لم يعد لها مكان في زماننا، لكنهم لم يدركوا أن معنى العبارة أعمق من الأكل بمفهومه المادي القمعي، فالثورات تأكل معنويا أبناءها الذين لا يدركون تقلبات الخلق أيام الثورات، ولا يكونون مستعدين للتعامل مع تلك التقلبات العنيفة التي تجعل المرء يصبح ثائرا ويمسي خائرا، ليس بتغيير جلودهم وفقا لتلك التقلبات، بل بفهم أسبابها والتعامل الإيجابي معها، حتى لا يأكل الثائر نفسه من الغيظ.
لكي أكون صادقا معك، ليس هناك أي ضمانة ستنجيك من أن تأكلك ثورتك، لكن حاول قدر ما استطعت تأخير ذلك، ودعني أذكرك بما سبق أن كتبته منذ ثلاثة أعوام في هذا الصدد لكي تتضح لك رؤيتي أكثر: “الثورات تأكل أبناءها، ليس لديّ أدنى ميل لمقاومة هذه الحقيقة، أنا ابن ثورة الخامس والعشرين من يناير كما يسميها الكثيرون، أو ثورة الثامن والعشرين من يناير كما أسميها أنا وقليلون غيري، وأعلم أنني كأي ابن لأي ثورة، سأؤكل قريبا، كل ما أستطيع أن أعد به أنني حتى تعرضي لذلك وأثناءه سأجعل آكليّ يقضون وقتا طويلا سيئا في مضغي وابتلاعي وهضمي وتمثيلي الغذائي، وأنهم سيترددون بعد أكلي كثيرا على الحمامات وأطباء الباطنة ومعامل التحليل، هذا كل ما أملكه للمقاومة، وهو لو تعلمون عظيم”.
رابعًا: تمسك بذاكرتك
عندما يغني كُلٌ على ليلاه، تمسك بذاكرتك فهي سلاحك الوحيد، وتذكر أن “ليلاك” هي مصر الحالمة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولذلك لا تدخل في مناقشات عبثية تستهلك طاقتك الإيجابية، ولا تضيع عمرك وأنت تحاول إقناع الذين اختاروا العبودية بأن كل ما نشكو منه من فضلات لم يخرج إلا من مؤخرة نظام مبارك، وأنه لا سبيل لنا لكي نحظى بالتقدم والرخاء إلا بتفكيك القنابل المفخخة التي تركها لنا نظام مبارك. تذكر أن من ترغب في إقناعه ببديهيات كهذه، ربما كان يحتفل مع مبارك وأنجاله بكأس الأمم الأفريقية في اليوم التالي لغرق عبارة ممدوح إسماعيل وعلى متنها ألف ومائة مصري في قاع البحر الأحمر، وأنه بالتأكيد لم يكن يجد أدنى أذى في كونه يعيش في وطن يتم فيه انتهاك كرامة الناس وتعذيبهم وهتك عرض حريمهم ونفخهم وصعقهم بالكهرباء، لذلك هو يرى الحل لكل ما نحن فيه أن يعود ثانية ذلك العهد المبارك ليفعل ذلك بمن يكرههم من رافعي الشعارات الإسلامية، دون أن يسأل نفسه: “إذا كان ذلك حلا فلماذا ظللنا نحتفظ بمشكلة انتشار تيارات الشعارات الإسلامية في بلادنا برغم كل ذلك القمع؟”، ومثل هذا لا تحاول أن تسأله “كيف تدعي أنك تحارب الفاشية الدينية وكل ما يخرج من فمك ليس سوى فاشية وعنصرية واستعلاء على البشر وكسل عن مواجهة تعقيدات الواقع واستسهال للقمع والتعذيب”، لا تسأله كيف تشجع الميليشيات التي تحرق ممتلكات الناس وتعتدي على المدنيين دون أن تفكر أنها سلاح ذو حدين يمكن أن يستخدمه من يعارضك الرأي، صدقني لا أمل بإقناع هذا، فقط اترك الواقع لكي يلقنه نفس الدرس الذي سيلقنه للمتطرف الإسلامي، ذلك الدرس الذي يمكن تلخيصه في “يا نعيش سوا عيشة فل.. يا نخربها إحنا الكل”.
خامسًا: انس المنطق أحيانًا
“إنما الأمر في نظري أن مسائل الحياة لا تجري على المنطق دائما، وخاصة أيام الثورات، وحوادثنا القريبة في ثوراتنا الحديثة أكبر شاهد على ذلك، فكم انتقل رأي الكبراء من ناحية إلى ناحية تحت تأثير تيار الرأي العام”، هذه العبارة البليغة كتبها المفكر العظيم أحمد أمين في كتابه (زعماء الإصلاح في العصر الحديث) وهو يروي سيرة الإمام محمد عبده وموقفه من الثورة العرابية الذي بدأ بكراهية مفرطة لأحمد عرابي الذي كان يراه رجلا بالغ الضرر على المصريين لأن حلمه الثوري سيجهض الحلم الإصلاحي الذي كان يسعى إليه محمد عبده بشتى السبل. كان محمد عبده متشككا في جدوى الثورة العرابية مع أنه -كما يقول أحمد أمين- كان بدعوته الإصلاحية “سببا بعيدا من أسبابها ولم يكن سببا قريبا كعبد الله النديم… لكن شكه فيها استمر حتى رأى كل الأمة في ناحيتها، فاشترك فيها المسلمون والأقباط واليهود، ولم يصبح الأمر أمر حزب أمام حزب، بل أمر مصر أمام الإنجليز”، هنا انضم محمد عبده إلى الثورة متأخرا، لكنه دفع ثمن ذلك غاليا، حيث حوكم وسُجِن ونُفي خارج مصر، تماما كعرابي الذي ظل محمد عبده يلومه دائما على مواقفه العنيدة المتصلبة، لكن أعداء الثورة عندما قاموا بكسرها لم يفرقوا بين الإصلاحي والثائر، لم يفرقوا بين من كان مع الثورة من بدايتها ومن انضم إليها متأخرا بل سعوا للقضاء على الثورة وكل من ارتبط بها، لكن الثورة العرابية برغم انكسارها بقيت كفكرة، ونجحت بعد مرور سنوات قليلة في أن تتغلب على اتهامها بأنها هوجة عابرة، لتنبعث ثانية في وجدان المصريين، ولينصف الزمن فرسانها كلٌ حسب دوره وجهده وعطائه، ولتبقى سيرتها ملهمة للثائرين بكل بطولاتها العظيمة وأخطائها الجسيمة أيضا.
سادسًا: اتبع قلبك
عندما تتعدد الاجتهادات وتتضارب الاختيارات وتتناقض التفسيرات وتترطرط الجبهات وتبدو كل الروايات مقنعة، “فُكّك” من كل هذا واتبع قلبك، فلن ينجيك غيره، لا يعني هذا أن تلغي عقلك، على العكس في أيام كهذه لن يستجيب عقلك لأي محاولة إلغاء، وسيظل يعمل طيلة الوقت بشكل مرهق، وستكون محاولة تعطيله الكاملة غباوة مفرطة ومضيعة للوقت والجهد، كل ما في الأمر أنك محتاج لأن يكون قلبك هو صاحب القرار، فنحن في أيام يسهل فيها أن يضل العقل ويزل الإدراك ويصبح الحليم حيرانا ويمسي الحيران ملدوعا.
لذلك تذكر أن الثبات الانفعالي سلاحك الوحيد للبقاء في قارب النجاة الذي يصارع الأمواج العاتية، ولن يساعدك على ذلك سوى التشبث بمجدافين: الفهم والسخرية، إذا كنت قد وصلت إلى قارب النجاة ولم تغرق أصلا تذكر أنه لن يصل إلى بر النجاة الذي هو موجود بالتأكيد في مكان ما لا نراه الآن سوى من يتمسك بالفهم والسخرية، لأن الاكتفاء بمجداف السخرية وحده بلاهة واستخفاف بالخطر، والاكتفاء بمجداف الفهم وحده سيفضي بك إلى الاكتئاب وكسر المجداف ولبسه، والسخرية هنا بالغة الأهمية لأنها ستذكرك دائما أن كل ما تصل إليه من فهم للعاصفة التي تصارعها ليس سوى استنتاج مبدئي قابل للمراجعة مع أول هجوم لموجة شاهقة العلو تهدد بقلب المركب رأسا على عقب.
أهم ما يجب أن تنتبه إليه الآن أن الظروف حكمت عليك أن تركب في نفس المركب إلى جوار كثيرين يقومون بالتجديف معك بنفس الهمة بحثا عن بر النجاة، لكن أول ما سيفعلونه فور الوصول إليه قتلك أو تسخيرك لتكون عبد الجزيرة الأول، ليس لديك للأسف خيار ترك المعركة ورمي نفسك في البحر، لأن الشهادة أكثر شرفا من الانتحار العاجز، وضميرك لن يقبل بخيار رمي المجداف والاستسلام للمصير المجهول، لأن الطرف الآخر لو حقق النصر ستكون أنت أيضا هدفه الأول، فأنت وحدك الذي تهدد الجميع في هذه البلاد، فلولاك لاستمروا في التعايش مع الخرابة التي ألفوا عفونتها وعرفوا مداخلها ومخارجها واتخذوها مستقرا ومستودعا، لذلك ليس أمامك سوى خيار وحيد أن تأخذ دائما زمام المبادرة على متن المركب وأنت تقاتل بكل شرف وذكاء من أجل ما خرجت مضحيا بروحك من أجله في الثامن والعشرين من يناير 2011، وأن تحرص على إعلان أهدافك ونواياك دائما وأبدا لأن ذلك هو وحده السبيل الذي سيجعلك تتبين عدوك من حبيبك.
سابعًا: ابنِ ذاتك فعليها يتوقف كل شيء
أكثر ما يمكن أن يلهمك في هذه الأيام الخنيقة التي تمر بها البلاد كلمات المفكر الثوري علي شريعتي في كتابه الرائع (بناء الذات الثورية) وهو يقول بعد تأمل طويل لتاريخ الثورات: “إن الإنسان لا يستطيع أن يبقى مخلصا وصادقا في ثورة اجتماعية حتى النهاية ووفيا لها، إلا إن كان ثوريا قبلها ومتناسقا معها، فليس الإنسان الثوري هو الذي يشترك في ثورة اجتماعية فحسب، فما أكثر الانتهازيين والمغامرين والنفعيين الذين يشتركون فيها، وهم جرثومة الانحراف في كل الانتفاضات، وفشل كل الانتفاضات من جراء اشتراكهم فيها، لأن الثوري قبل كل شيء جوهر أعيدت صياغة ذاته”. لذلك لا تراهن على أحد سوى على نفسك وأحلامك ومبادئك، فلن تنتصر هذه الثورة إلا بالقليلين الذين آمنوا بها قبل أن يروها، صدقني لن ننتصر إلا عندما يعيد كلٌ منا بناء ذاته الثورية وننجو من آفة الزياط الثوري التي تجعل بعضنا يجبن عن مواجهة الواقع بما فيه من عك وتناقضات وأخطاء بما فيها الأخطاء التي نرتكبها والتناقضات التي نقع فيها، لأننا إذا هربنا من تلك المواجهة لن نكون قد اختلفنا عن الخرفان الذين نسخر من إدمانهم لنطاعة السمع والطاعة.
أنت يائس، وماله؟ مجهد؟ ليس عيبا. اتخنقت؟ ومن منا ليس كذلك؟ اليأس ليس عيبا، ليس خيانة كما نحب أن نقول أحيانا لكي نحمس بعضنا البعض، لا تستسلم لمن يلعن اليأس، ولا لمن يروج للأمل، لا تستسلم لمن يقول أي شيء، بما فيه ما أقوله أنا، يمكن فقط أن تتذكر “أبونا” صلاح جاهين وهو يجيب قرار الحياة بقوله “صبرك ويأسك بين إيديك وإنت حر.. تيأس ما تيأس الحياة راح تمر.. أنا شفت من ده ومن ده عجبي لقيت.. الصبر مُرّ وبرضك اليأس مُرّ”. فاختر لنفسك ما شئت، ونم على الجنب الثوري الذي يريحك، لكن لا تستهن بقوة اليأس أبدا، فلولا اليأس ما انفجرنا في 28 يناير، ومن يدري، ربما كان اليأس أملنا الوحيد الآن، وربما لا، الله أعلم.
(هذه الوصايا مقتطفات من كتابات متفرقة نشرتها على مدار عام 2013، وكانت نافعة لي وللبعض كما زعموا، إذا كنت ممن يستبد بهم اليأس الآن، جَرِّبها، فإن نفعتك كان ذلك خيرا، وإن لم تنفعك فاعتبرها بجملة خسائر الأعور الذي ضربوه على عينه فقال: أهي خسرانة خسرانة).

06 ديسمبر 2014

فيديو للمتحدث العسكري يؤكد تحفظ الجيش على الرئيس محمد مرسي


خبر قديم في "الوطن" يؤكد صحة المعلومات التى اوردها "مرسي" و"التسريبات"

في اطار مساعي التحقق من التسريبات التى اذاعتها فضائية "مكملين" وما اعلنه اليوم الرئيس الدكتور محمد مرسي امام المحكمة من انه كان محتجزا في قاعدة عسكرية ننشر نص الخبر الذى نشرت جريدة "الوطن" الموالية للانقلاب في 1 مارس 2014 وهو ما يدعم صحة هذه المعلومات.
حيث قالت الصحيفة تحت "النيابة العامة تكشف: مرسي كان محتجزا بقاعدة عسكرية بقرار من وزير الداخلية"ما يلي:
كتب : وليد إسماعيل وطارق عباس
كشفت النيابة العامة للمرة الأولى رسميا عن مكان احتجاز الرئيس السابق محمد مرسي بعد عزلة فى 3 يوليو الماضي، وأكد المستشار إبراهيم صالح، ممثل النيابة العامة، أن مرسي كان محتجزا في قاعدة أبو قير العسكرية بالإسكندرية، بعد صدور قرار اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، باعتبار قاعدة أبو قير العسكرية سجنا عموميا سمي بسجن "أبو قير شديد الحراسة" وأنه تم نقل مرسي اليه لتنفيذ قرار حبسه الصادر من النيابة العامة فى 5 يوليو الماضي.

فيديو .. معاق يرفع "رابعة" أمام "السيسي" بحفل الأولمبياد الخاص


لأول مرة.. الرئيس مرسي يتحدث عن مقر احتجازه بعد الانقلاب

تحدث الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي أمام محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة برئاسة المستشار شعبان الشامي أمام هيئة المحكمة من مقر اجتجازه وذلك بعد يومين من التسجيلات التي أذاعتها قناة"مكملين" الفضائية الخميس الماضي. 
ما قاله الرئيس محمد مرسي خلال جلسة اليوم من قضية التخابر، تعقيبا على تسريبات مكتب السيسي :
- خرجت من دار الحرس الجمهوري من يوم الجمعة بعد العصر، بالقوة الجبرية بعد تعليمات من قائد الحرس محمد ذكي
2/10
- قلت لمحمد ذكي: انت المفترض تسمع كلامي.. قال لي: انا بسمع كلام الناس اللي برا.. ووقتها علمت أنه يسمع كلام قائد الانقلاب
- ركبت الطائرة واتجهنا إلى قناة السويس بجبل عتاقة وجلسنا هناك دقائق.. ثم إلى مطار فايد وجلسنا نصف ساعة.. وأخيرا إلى الاسكندرية
- عرفت وأنا هناك أنني في وحدة القوات الخاصة للضفادع البشرية، وحُجزت به من يوم 5 يوليو إلى 4 نوفمبر 2013
- لم يحتك بي خلال هذه الفترة سوي ابراهيم صالح و8 من الحرس الجمهوري وبعض القضاة مثل ثروت حماد
- سمعت وكيل النيابة في قضية الاتحادية هنا ان وزير الداخلية قرر اعتبار قاعدة عسكرية سجن تابع للداخلية؟
- و أضاف مرسي موجها حديثه للقاضي: اذا اردت ان تعرف الحقيقة سأقول لك الامر بيني وبينك في وجود السيسي وزير الدفاع ورئيس الاركان وعنان وطنطاوي .
- لا أقول إن طنطاوي وعنان لهم علاقة بالانقلاب، لكن لهم علاقة بالمعلومات
- و ختم مرسي حديثه قائلا : أطالب بجلسة سرية لكي احكي للتاريخ وما حدث حقيقة، ما فعلته مصر من أجل فلسطين وأمن مصر القومي وقت حكمي
ويحاكم إلى جانب الرئيس مرسي كلًا من"الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، ونائبيه المهندس خيرت الشاطر ، والدكتور محمود عزت ، ورئيس مجلس الشعب السابق الدكتور محمد سعد الكتاتني ، والدكتور عصام العريان عضو مجلس الشعب السابق ، والدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب السابق والاستاذ بطب الأزهر ، والمهندس سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ الشرعي ،والدكتور حازم محمد فاروق عبد الخالق منصور نقيب أطباء الأسنان ، والدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي ، والدكتور محيى حامد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط والمتابعة ، والأستاذ صلاح عبد المقصود وزير الإعلام الشرعي ، والدكتور أيمن علي سيد أحمد مساعد رئيس الجمهورية ، والداعية الإسلامي صفوت حجازي ، وعمار أحمد محمد فايد البنا ، وخالد سعد حسنين محمد ، وأحمد رجب سليمان ، والحسن خيرت الشاطر ، و جهاد عصام الحداد ، وسندس عاصم سيد شلبي ، وأبو بكر حمدي كمال مشالي ، أحمد محمد عبد الحكيم ، والدكتور فريد إسماعيل ، وعيد محمد إسماعيل دحروج ، و الصحفي إبراهيم خليل محمد الدراوي ، ورضا فهمي محمد خليل ، وكمال السيد محمد سيد أحمد ، ومحمد أسامة محمد العقيد ، وسامي أمين حسين السيد ، وخليل أسامة محمد العقيد ،والدكتور أحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية ، وحسين القزاز عضو الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية ، وعماد الدين علي عطوه شاهين أستاذ علوم سياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وإبراهيم فاروق محمد الزيات ، ومحمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية ، وأسعد الشيخه نائب رئيس الديوان الرئاسي.
ويواجه الرئيس مرسي 5 قضايا رئيسية بدأت محاكمته في بعضها بعد عدة أشهر من الانقلاب العسكري عليه في الثالث من يوليو من العام الماضي.
والقضايا التي يواجهها الرئيس مرسي هي"، قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية ، وقضية التخابر مع منظمات أجنبية ، وقضية الهروب من سجن وادي النطرون ، وقضية إهانة القضاء ، وقضية تسريب مستندات لدولة خارجية" ولم تبدأ بعد محاكمته في القضيتين الأخيرتين.

سليم عزوز يكتب : تسريبات «مكملين».. «البلاهة» تحكم مصر!


العربي الجديد
المثل الدارج يقول: «إن الله يضع سره في أضعف خلقه»، وقد رأينا هذا المثل حقيقة ماثلة قبل ساعات من كتابة هذه الزاوية، تتمثل في هذا الإنفراد التاريخي لفضائية «مكملين»، بإذاعة «قنبلة الموسم»، التي تمثلت في التسريبات الخاصة بعبد الفتاح السيسي وأركان انقلابه، وهم يغرقون في «شبر ماء»، في رحلة بحثهم عن طريقة يسترون بها سوءاتهم التي تبدت للناظرين بخطفهم للرئيس المنتخب!
لا أظن أن كثيرين كانوا قبل هذه الليلة الليلاء قد عرفوا باسم «قناة مكملين»، وهي واحدة من القنوات المتواضعة الموالية للشرعية، وتقف ضد الانقلاب، وتبث من بلاد «المهجر» لأن الانقلاب صدره ضيق حرج كأنما يصعد في السماء كلما استمع للرأي الآخر، ومنذ اللحظة الأولى لإسقاط المسار الديمقراطي وعزل الرئيس محمد مرسي.
فضائيات الشرعية فقيرة، وميزانيتها كلها لا تكفي لإطلاق قناة واحدة ناجحة، وفي مجال الإعلام لست مؤمناً بأن «الشاطرة تغزل برجل حمار»، فما قام نجاح على جهل وإقلال. وميزانية قناة «مكملين» السنوية لا تكفي لشراء هذا التسريب الذي جاء كاشفاً عن تواضع إمكانيات من سرقوا ثورة الشعب، ومن كان يظن كثيرون أنهم أصحاب عقول جبارة، فإذا بهم كالعنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت!
نعلم أن الانقلاب إختطف الرئيس، بدون سند قانوني، وجاءت وجه الشؤم كاترين أشتون إلى القاهرة تتمطى والتقت بالرئيس في مقر اختطافه، ولم تكشف ما دار في هذا اللقاء، وعلمنا أنها كانت في مهمة من قبل الإتحاد الأوروبي «الشريك الضالع» في هذا الانقلاب، وكانت مهمتها هي أن تسبغ شرعية دولية على هذا الانقلاب وشرعية على اختطاف الرئيس المنتخب وتغييبه القسري، وكان اللقاء لإضعاف عزيمة مرسي، ولتقنعه «الحيزبون» بقبول الدكتور محمد البرادعي رئيساً للحكومة، كشرط لعودته للحكم، لكن الرجل فاجأها بصموده، كما فاجأها برفضه قبول الدنية في أمره.
هذا الصمود الأسطوري الذي فاجأنا به الدكتور مرسي، هو الذي جعل معنى لكلمة الشرعية، وأيضاً للثورة المصرية، فلولا هذا الصمود لانتهت الثورة، ولكان حكم العسكر لا يسمعون فيه، وهم الذين استمعنا لتسريباتهم فوقنا على الخطر المحدق بالأمن القومي المصري .
بعد إختطاف الرئيس محمد مرسي، بدون مبرر قانوني، وفي قاعدة عسكرية، تتبع سلاح البحرية، جلسوا يلفقون له القضايا فكانت قضيتا «التخابر»، ومقتل شابين أمام قصر «الاتحادية» عندما تم حصاره، وكنت شاهداً على التقاعس الأمني في حماية القصر الرئاسي بشكل لا تخطئ العين دلالته!
التزوير والتلفيق
لكن هناك فترة من الزمن سابقة على مرحلة محاكمة الرئيس ووضعه في سجن «برج العرب»، والقاعدة العسكرية ليست ضمن أماكن الحبس التي حددها القانون، وبدا القوم في «حيص بيص» كناية عن الارتباك، ودارت اتصالات هاتفية بين أضواء المسرح العبثي حرض فيها النائب العام على التزوير والتلفيق، بدأت بمكالمة لقائد القوات البحرية، مع اللواء ممدوح شاهين، الذي كان المجلس العسكري في مرحلة حكم العسكر، يقوم بتقديمه على أنه عقلية قانونية ومعملية فذة، وقد كانت تتم استضافته في برامج تلفزيونية فيطفح جهلاً مطاعاً، حيث يجري الإستماع له باهتمام وإنصات من قبل الضيوف ومقدمي البرامج على حد سواء، إذ كان يعوض النقص في معلوماته القانونية بهيبة الزي العسكري، وبالمرصوص على أكتافه، من نسور ونجوم، باعتباره يحمل رتبة «اللواء»، وكتبت محذراً من هذا الإنصات المبالغ فيه، فممدوح شاهين ليس هو الفقيه الدستوري الراحل عبد الرازق السنهوري، ولا ينبغي أن يعامل على أنه السنهوري.
المكالمات الهاتفية المسربة ضمت مدير المخابرات الحربية، ومدير مكتب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي «عباس كامل» قبل أن تضم السيسي نفسه، لنقف على أن الإختراق كان حاصلاً لهم جميعاً، والتسجيلات لم تكن من نتاج إعتراض مكالمتهم الهاتفية، والتجسس على اتصالاتهم، كما كانوا يفعلون مع ضحايا برنامج «الصندوق الأسود» الذي كان يقدمه من هو وثيق الصلة بالأجهزة الأمنية، لكن من الواضح أن مكاتب قادة الجيش هي الخاضعة للمراقبة وهي واقعة تحت السيطرة، ليطرح هذا سؤالا عن حدود الأمان المتوفر للمعلومات الأخرى التي تدخل في حيز الأمن القومي المصري!
لقد كشفت التسجيلات عن أن مصر تحكم بالبلاهة، إذ غرق القوم في «شبر ماء» وهم يفكرون في تلفيق مبني على أنه السجن، والنشر في ملاحق لأعداد قديمة للجريدة الرسمية قرارا لوزير الداخلية يفيد أن المبنى من الأماكن الخاصة بالسجن حتى إذا اضطرت المحكمة لزيارته، ومعها دفاع الرئيس محمد مرسي وقفوا على أن الرئيس لم يكن مختطفاً. مع أن الفترة السابقة قبل أول قرار من النيابة بحبسه كانت 28 يوماً، تؤكد أنه مختطف إن كان في قاعدة عسكرية، أو في سجن قانوني!
«على ودنه»
لقد تبدت عورات الانقلاب للناظرين، فالنائب العام هو من حرض على التزوير الذي شارك فيه وزير الداخلية وعبد الفتاح السيسي نفسه. واستمعنا في التسجيلات إلى ما يجعل المرء يضع يده على قلبه لأن يكون الأمن القومي المصري في يد هؤلاء «البلهاء».
أداء متواضع حد البؤس ظهر في التسجيلات، وحديث عن التزوير بعبارات سوقية، مثل أنه «على مياه بيضاء»، أو «على ودنه»، ولم أكن مع وصف الدكتور عمرو دراج بأنهم «عصابة»، فنحن أمام أناس يمثلون «الخيبة الثقيلة»، ولا يمكن للمرء أن يطمئن على البلاد في أيديهم، بعد هذا الفيلم الهندي الهابط، الذي أثبت أن قادة البلاد بالتعيين الحر المباشر من مبارك، هم ممثلون «كومبارس»، وعندما قدر لهم أن يقوموا بدور البطولة وتمددوا في الفراغ، كنا أمام أداء لا يخرج إلا عن قدرات من تقرر له منذ البداية أن يكون «كومبارس»، ولهذا وقع اختيار مبارك عليهم منذ البداية وقام بترقيتهم للمناصب العليا في دولته.
لم تشغلني براءة مرسي، فلم يكن يساورني شك في أنه بريء، لكن الذي شغلني ليلتها هو هذا المستوى الرديء، لقادة البلاد، ولعل هذا التواضع اللافت في القدرات هو الذي جعل الرئيس محمد مرسي يأنس لعبد الفتاح السيسي ولا يصدق النصائح المتواترة للبعض بأن الرجل يمكن أن ينقلب عليه.
فالسيسي لا يمتلك المؤهلات اللازمة، لشغل منصب وزير الدفاع، ليخطط للانقلاب على الحكم، ولا يعلم الرئيس أن ضعف المقومات الشخصية هو الذي يمكن أن تجعله ألعوبة في يد الغير، ويخطئ من يظن أن الانقلاب هو قرار مصري داخلي خالص، ومن مأثورات الكاتب صلاح عيسى: «ربنا يكفيك شر عديم الموهبة»، وذلك في المجال الصحافي، وأكثر الرجال شراسة في معاملة زوجاتهم هو «العنين»!
اللافت أن التسجيلات المسربة، كانت لمن يديرون البلاد والمؤسسة العسكرية الآن، فعبد الفتاح السيسي هو الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية، وصهره الذي كان وقت التسجيلات قد خلفه في منصب مدير المخابرات الحربية، هو الآن رئيس أركان الجيش المصري، وممدوح شاهين عضو المجلس العسكري وعقله المفكر، هذا بالإضافة لمدير مكتب وزير الدفاع، وهو عسكري برتبة لواء، وهي ذات الرتبة التي يحملها قائد القوات الجوية، وجميعهم غرقوا في «شبر ماء»!.
ليبدو السؤال الأهم: من فعلها؟!
مذيع قناة «مكملين» قال إن التسريبات وصلتهم من عسكريين نافذين، وقال إن دلالة هذا أن هناك من هم داخل المؤسسة العسكرية مع الشرعية وضد الانقلاب.
وقد يكون هذا صحيحاً، لكن معنى هذا أننا سنشهد سيلاً من التسريبات في المرحلة القادمة، وقد لا تكون الدوافع هي الانحياز للشرعية، كأن يكون القرار قد صدر بالتضحية بالسيسي، على القاعدة القديمة التي ذكرتها وهي «تدوير الانقلاب»، من «تدوير القمامة»، وكانت عملية التدوير قد تم التفكير فيها عندما أرادت الدول الخليجية الراعية للانقلاب إقناع السيسي بعدم الترشح للرئاسة وأن يستمر وزيراً للدفاع، وفكر هو في أن يكون البديل له هو مدير المخابرات العامة، وفكرت السعودية في سامي عنان، وكان لدى الإمارات بديلها وهو أحمد شفيق!
المهم ألا يكون البديل بينه وبين الناس عداء فلم يكن طرفا في الانقلاب على الرئيس المنتخب، ولم يعتقل الآلاف، ولم يأمر بالمذابح التي ارتكبت ولم يحدث في عهده انتهاك أعراض الحرائر، لتسهيل مهمته في الحكم!
البديل
قد يظل السيسي رئيساً لنهاية فترته الرئاسية، لكن كلما اشتد الحراك الثوري ضده، كان البحث الخارجي والداخلي عن بديل يوقف حالة الحراب، قبل أن يفاجأ الجميع وعلى رأسهم البيت الأبيض، بسقوط الانقلاب بواسطة الثوار، عندها سيكون التعامل ليس وفقاً لقواعد الثورة المصرية المسالمة، ولكن التصفيات ستكون على قواعد ثورة الامام الخوميني، لكثرة المظالم، والشارع سيكون سيد قراره، ولن يستمع للمرشد ومكتب إرشاده، ولمن هم سلميتهم أقوى من الرصاص!
اللافت أن «مكملين» و«الجزيرة مباشر مصر» وغيرهما، كانت تبث التسريبات الفضيحة بينما فضائيات عبد الفتاح السيسي وعموم إعلامه لم يتطرق إليها في هذه الليلة فقد كان إعلامه في غيبوبة. ربما لآن «دوام» من يعملون في الشؤون المعنوية في الجيش قد إنتهى مبكراً، وهم الذين يوجهون الإعلام، فالليلة ليلة الخميس، وهي «ليلة مفترجة»، وقد تكون التسريبات قد نزلت عليهم نزول الصاعقة، فعقدت الدهشة الألسن من هول الصدمة، وعندما تنشر هذه السطور، قد يكون القوم قد استردوا وعيهم المفقود وبدأوا خطة مواجهة الفضيحة وستر العورات بطرف الثياب!
ومهما يكن، فهذه الفضيحة أخطر من «ووترغيت»، التي أسقطت رئيساً منتخباً وليس شخصاً مغتصباً للسلطة. إنها فضيحة تسقط الإنقلاب ومن أيدوه ولو بشطر كلمة!
أهؤلاء هم أسيادكم.. بئس العبيد أنتم!
صحافي من مصر

د. مصطفى النجار: محمد يسري سلامة مات وماله لازم يتحاكم

من فرط إحباطه ويأسه وغضبه قال لى صديقى لم يُدن أحد بقتل المتظاهرين، والشهداء الآن أصبحوا كما يقول إعلام مبارك إما بلطجية ولصوص أو مخربون يستحقون القتل ولذلك فلا نستبعد أن يأتى يوما من يطالب بإخراج جثث الشهداء وعقابهم على المشاركة في ثورة 25 يناير التي أعادت كرامة المصريين واستردت حريتهم بعد عقود من القمع والاستبداد.
مرت الأيام وإذا بنا نطالع هذا الخبر الغريب الذي نشرته أغلب الصحف المصرية وكان ملخصه كالتالى (قررت نيابة شرق الاسكندرية إحالة 18 عاملا من العاملين بمكتبة الإسكندرية إلى المحاكمة، بتهمة التظاهر، في واقعة احتجاج العاملين، شهر أكتوبر عام 2011. 
ومن ضمن المتهمين المرحوم محمد يسرى سلامة عضو حزب الدستور..
وقال المحامى الذي يتابع القضية نيابة عن دار الخدمات النقابية والعمالية إن الدعوى كانت في شهر يناير 2012 ضد ستة من العاملين بمكتبة الإسكندرية، وكانت دعوى سب وقذف مرفوعة من الدكتور إسماعيل سراج الدين رئيس مجلس إدارة المكتبة، على خلفية احتجاج العاملين بها، للمطالبة بإقالته، حيث قام العاملون وقتها بجمع توقيعات، لإقالته، بلغت 1700 توقيع، من إجمالي 2400، هم كل العاملين بالمكتبة. 
إلا أننا فوجئنا بأن النيابة قد قامت بإعادة تكييف الدعوى من السب والقذف، إلى التظاهر، وتعطيل العمل وإضافة متهمين جدد إليها، بمن فيهم بعض شهود النفى، والمرحوم محمد يسرى سلامة حيث تشمل قائمة الاتهام خمسة من أعضاء المكتب التنفيذى للنقابة المستقلة بالمكتبة، من بينهم رئيس النقابة أشرف صقر، وشريف المصري نائب رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي )
التدقيق في الخبر وتفاصيله يصيبك بالدهشة ليس لضم إنسان مات للقضية فقط بل لإعادة التكييف الذي يبدو أنه عقاب بأثر رجعى لمن فكر يوما في محاربة الفساد وعبر عن آرائه بشكل سلمى وسط تأييد كبير يشير له رقم الموقعين المذكورين الـ 1700
سخرت الصحف الغربية مما يحدث في مصر ولخصت الوضع إحدى كبريات الصحف العالمية قائلة بتهكم (في مصر.. كل شىء ممكن)، أخطر ما يحدث الآن في مصر أن الناس تفقد الثقة في كل شىء وتتشكك في كل شىء سواء أفراد أو مؤسسات أو حتى فكرة دولة القانون ذاتها، ويساعد على ذلك أبواق إعلامية مأجورة تحولت لمنصات شتائم وتخوين وتحريض وإصدار أحكام على الناس بالتوازى مع ممارسات غير مسؤولة تشعرك بأن الدولة صارت متقطعة الاجزاء وكل جزء يعمل بمفرده في مساحته ولا يعنيه بقية الأجزاء.
هذا الوضع يغرى كل عشاق صناعة الفوضى واذا كان المختلون يتحدثون عن مؤامرات فإن أخطر مؤامرة تحدث الىن في مصر هي إفقاد الناس الأمل في العدالة وسيادة القانون، واذا كفر الناس بالقانون وتحللوا منه ينهار العقد الاجتماعى الذي يربطهم بالدولة ويعطى كل فرد في المجتمع الحق لنفسه في فعل ما يريد دون أي معيار أو قيد وهذه علامة بارزة في دورة تحلل أي دولة وانهيار بنيتها الداخلية.. فمن يرضى لمصر ذلك؟
إن عمليات الانتقام السياسي والاستقطاب طالت كل شىء وشوهته وزرعت الأحقاد والضغائن ومرارة الثأر في النفوس وهذا ينذر بخطر داهم، فكل من أوغر صدره بألم ووجع واضطهاد وظلم سترتد على المجتمع يوما مراراته والتى قد تكون فردية أو جماعية وعشوائية أو منظمة، الأمر يتخطى الآن أطر السياسة والاختلاف المقبول ويذهب لمساحات أخرى تتراكم فيها مفردات (الثأر وهاخد حقى بايدى وخلاص محدش يقول لى قانون.. إلى آخره).
من يريد أن ينقذ مصر فليرسخ صرح العدالة وليُرجع للقانون بهاءه وقدسيته واحترامه عبر الغاء القوانين الجائرة وتنقية القوانين القائمة وتبرئة الابرياء وضحايا التلفيق ومحاسبة المجرمين، ستظل أصوات النباح والعواء تطارد كل من يطالب بدولة القانون ولكن مهما ذهبنا وتخبطنا كثيرا في البحث عن المستقبل لا مستقبل بغير دولة القانون والعدالة وكل من يطالب بتأجيل الحرية وتعطيل القانون وتسييس العدالة هو مجرم يمسك بمعول هدم يفكك به بنيان الدولة ويعطى المبرر لخلق الدواعش الجدد ونشر الفوضى وإسقاط الدولة.
أوقفوا الهدم في جدار الدولة المصرية واعلموا أن من يهدمون من الداخل في دولاب الدولة هم أخطر الأعداء، حفظ الله مصر من كل سوء