وترضخ لشروط وظيفة وحيدة هى تبرير الظلم والقمع، تفتقد بلادنا مكونا جوهريا من مكونات تحقيق العدل والتقدم والانتصار لحرية المواطن واستعادة السلم الأهلى للمجتمع والحفاظ على تماسك الدولة الوطنية.
وﻷن السلطوية الجديدة لا ترى فى منظمات وهيئات المجتمع المدنى سوى القوى الهدامة والفوضوية التى يتوهم الحاكم الفرد وتتوهم المؤسسات والأجهزة الأمنية دوما حضورها ما أن تطلب الديمقراطية ويقاوم العصف بسيادة القانون وﻷن السلطوية الجديدة تعمل زيفا على احتكار مضامين الوطنية والصالح العام لكى تمرر فى خطوة تالية الادعاء المتهافت بانتفاء حرص المجتمع المدنى على الوطن، تتعرض بوجه خاص المنظمات الحقوقية ومبادرات الدفاع عن الحريات والهيئات المعنية بالعدالة الانتقالية لصنوف متنوعة من القمع تبدأ بتمرير القوانين الاستثنائية وتتواصل بسلب حرية العاملين فى المجتمع المدنى ولا تنتهى أبدا عند حملات التخوين والتشويه وإسكات الأصوات المستقلة عبر ممارسات الاغتيال المعنوى.
ولأن السلطوية الجديدة تتعامل مع المجتمع المدنى كعدو ــ شأنه هنا شأن المواطن المتمسك بحرية الفكر والتعبير عن الرأى والرافض للصمت على المظالم والانتهاكات ــ تهجر المنظمات الحقوقية ومبادرات الدفاع عن الحريات وهيئات العدالة الانتقالية، بل وكافة أشكال العمل التطوعى بين المواطنات والمواطنين، بعيدا عن المجال العام وتهميش أطروحاتها الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية تماما كالقانوية والسياسية.
ولأن السلطوية الجديدة تخلق بين الناس الانطباع الكارثى أن الحاكم الفرد المسيطر على مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية هو الوحيد القادر على «دفع البلاد نحو الاستقرار والتقدم والتنمية» وأن المجتمع المدنى فى المجمل ما هو إلا عنصر تعويق يتعين إما إخضاعه أو إزاحته بالكامل، شأنه فى هذه الحالة شأن المصالح المتوسطة والصغيرة فى القطاع الخاص التى تعانى اليوم بشدة فى سعيها لإطلاق المبادرة الفردية والنجاة من ثنائية الاستتباع نظير الحماية والعوائد التى تعتاش عليها حيتان السوق الكبيرة، تخسر مصر مواطنا ومجتمعا ودولة طاقات منظمات ومبادرات وهيئات طوعية وواعية تستطيع نشر قيم العقل والعلم والعدل والحرية والمساواة والجمال والتنوير فى مواجهة الجنون والجهل والظلم والتطرف والكراهية، وتستطيع العمل بفاعلية ﻹنجاز قيم الاستقرار والتقدم والتنمية المستدامة التى نريدها حقيقة مجتمعية راسخة لا تختزل فى دعاية السلطوية الجديدة أو أوهام طيور الظلام والمكارثيين، وتستطيع أن تكون قاطرة مصر نحو الديمقراطية. والأخيرة هى التى يحاربونها ويحاربون المطالبين بها بقسوة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق