13 أكتوبر 2018

سيد أمين يكتب: من مظاهر السخرة والتمييز


السبت 13 أكتوبر 2018 17:06
 بينما تجتهد دول العالم الحر في رصد ومكافحة كل العوامل المسيئة لآدمية الإنسان، وثبت مصر وثبات قوية للغاية نحو تعزيز حالة "العبودية" سواء تحت شعارات خدمة الوطن ، والتي كان آخر مظاهرها جلد مواطن بسبب إصراره على ضرورة التزام ضابط جيش بالدور في الحصول على "البنزين" في محطة وقود بسيناء ، أو تحت شعارات اقتصاديات السوق الحر، والعرض والطلب ، والتي كان آخرها احتفاء الإعلام المصري بخريج لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يجيد خمس لغات وحصل على دراسات عليا في العلوم السياسية، ولكنه يعمل ماسح أحذية في الشارع ، وتجاهل هذا الإعلام أن المواطن أهدر كل ما تعلمه في عمل لا يحتاج أي علم ، وأن مسلكه لا يشجع الشباب على حب العمل ولكنه يحرض على عدم التعلم.
السخرة الرسمية
وتتمركز غالبية مظاهر العبودية في العمل بالسخرة والإكراه وهو ما تمددت رقعته مؤخرا، بعد أن كانت قاصرة فقط على العمل في "الجهات السيادية" بصفة عامة، وعلى بعض الظواهر الخاصة التي تتفشى في هذه الجهات والتي تتمثل في استغلال بعض القادة للمجندين بشكل شخصي بطريقة فجة، فيجعلونهم سعاة لقضاء حاجات أسرهم أو سائقين لسياراتهم، أو حراسا لممتلكاتهم، وهى الممارسات التي جرأت ثورة يناير الإعلام للتحدث عنها بشكل رسمي وتوجيه اتهامات لوزير داخلية مبارك ومساعديه بمثل تلك الممارسات.
بل إن الدولة راحت عبر كبار مسؤوليها تقر بأن أولاد الفقراء وأصحاب الوظائف المتدنية لن يتولوا الوظائف العليا مهما كان مستواهم التعليمي، وذلك كان خلاصة ما عبر عنه صراحة وزير "العدل" حينما قال إن أولاد جامعي القمامة لن يصبحوا أبدا قضاة، بينما جهر رئيس نادي القضاة عبر الإعلام بأنهم هم السادة -أي القضاة- وغيرهم هم العبيد!
جاء ذلك رغم ما هو معروف في مصر بالتوريث الفئوي لوظائف السلطة العليا مثل "القضاء والشرطة والجيش وأجهزة الاستخبارات" حيث صار العمل في تلك الجهات حكرا على بضع عائلات بعينها، وصارت ممارسات أفرادها فوق القانون والمحاسبة، كما احتكرت أيضا - ولكن بدائرة أكثر اتساعا - الوظائف الجالبة للثروة والمال والنفوذ.
وتمادت الدولة الجائرة في غيها فسنت قوانين تميز بين الناس تارة على أساس العمل كأن تعفي مشتغلي المهن السيادية من كثير من الصعاب التي يتعرض لها أبناء الشعب، بل ورحت تقنن حق الأب في تعيين الابن في عمله بما يتضمن ذلك من حرمان الأكفأ من العمل بتلك الوظيفة.
تمييز
وتمارس الدولة المصرية التمييز بين مواطنيها على أساس طائفي خدمة لأهداف سياسية، فإذا توفي مواطن من فئة ما نتيجة إهمال الدولة تكون ديته 5 آلاف جنيه " أقل من ثمن خروف"، أما لو مات مواطن أخر من فئة مقربة من السلطة فديته تبدأ من 100 ألف جنيه لتصل إلى المليون، وتلك المعادلة قد تنقلب عكسيا طبقا لخريطة المصالح.
كما أن هناك تمييزا على أساس جغرافي حيث إن محافظات بعينها يحتكر أبناؤها العمل بالجهاز الإداري للدولة ويتولون مناصب المحافظين ورؤساء المدن والأحياء والأندية وغيرها، وفي المقابل هناك محافظات مصرية يكون مجرد الانتماء إليها جالبا لشقاء صاحبه، وإذا خرج مواطنوها بعيدا عنها ينتظرهم الويل والتنكيل، فضلا عن منعهم من تولى أي مناصب بالدولة بل إنه لا يتم منحهم هويات مصرية دائمة كما هو الحال في سيناء.
وكذلك امتدت ظاهرة التمييز الجغرافي عبر انتشار حملات التبرع تارة بالبطاطين وتارة بمحطات مياه الشرب أو أضحيات العيد من أجل فقراء الصعيد، وهو ما أعطى انطباعا سلبيا لدى المراقبين الأجانب، والمصريين أيضا، بأن أهل محافظات الصعيد هم الأقل شأنا، مع أن الفقر لا يقتصر على محافظات الصعيد بل يتمدد على كل رقعة مصر.
طيلة العقود السابقة كانت هناك مظاهر تمييز ديني ضد المسيحيين في مصر - وهو أمر مرفوض بالقطع -  لكن هذا التمييز أبدا لم يكن كالتمييز الحادث لهم اليوم، والفرق بين "التمييزين" كان صارخا حيث كان التمييز الأول اضطهاديا يتمثل كله في عدم منح الأقباط تراخيص بناء الكنائس، بينما التمييز الثاني كان احتفاء بهم وإغداقا في العطايا لها بما يهدر مبدأ المساواة بين مواطنيها، وتمثل التمييز الأخير في منح الكنائس مساحات شاسعة وغير مبررة من الأراضي لها لدرجة وصلت إلى منحها مناطق مصنفة محميات طبيعية، كما هو الحال في اقتطاع الكنيسة مساحات شاسعة من وادي الريان بالفيوم.
 استعباد المعارضة
الآن تمايز السلطة بين مصري وأخر بقدر ما تتحصل عليه من معلومات حول مدى ولائه للنظام، فلو كان المواطن مؤيدا للسلطة فكل أخطائه يتم التجاوز عنها وتتعامل معه الدولة بكل اللين والهوادة، أما لو كان معارضا للسلطة فقد لا يرى الشمس مرة أخرى مع التنكيل بأسرته.
هذه مجرد خطوط عريضة لمظاهر التمييز والسخرة والعبودية في مصر وفي التفاصيل يكمن الشيطان.

يرجى قراءة المقال في موقع الجزيرة نت

12 أكتوبر 2018

محمد سيف الدولة يكتب: لماذا يكرر السيسى الرواية الاسرائيلية

دأب قادة (اسرائيل) منذ عقود طويلة على الدفاع عن حقهم "الباطل" فى التمسك والاصرار على القيود والشروط التى فرضوها على مصر فى اتفاقيات كامب ديفيد مقابل اعادة سيناء، بذريعة ان القوات المسلحة المصرية لم تستطع ان تحرر فى حرب 1973 سوى بضعة كيلومترات قليلة شرق القناة، فاذا اراد المصريون بقية سيناء التى عجزوا عن تحريرها فى الحرب، فعليهم ان

زهير كمال يكتب: دخل ولم يعد

من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن.
بهذه العبارة الخالدة غير رسول الله معادلات نتائج النصر على العدو، فلم تعد المسألة انتقاماً رخيصاً من المهزومين الذين لا حول لهم ولا قوة، بل هو العفو عند المقدرة. 
هذه الأيام يستن النظام السعودي سنناً جديدة فمن دخل سفارة بلاده فهو غير آمن.
في العادة فإن شعور الفرد عندما يكون في بلد أجنبي فيدخل سفارة بلاده فكما لو أنه دخل

07 أكتوبر 2018

سيد أمين يكتب: وجهة نظر حول سوريا وايران والربيع العربي

غياب الرؤى العميقة ، والأمية السياسية ، والتزمت والرعونة والانتهازية ، هي من الأسباب الأصيلة المسئولة عن تحول وطننا العربي إلى قطعة من الجحيم ، ووقوعه بين سندان الاستمرار في الاستبداد مضافا إليه غالبا التبعية للخارج ، وسحق النبوغ وعوامل الرقي أو الاستقلال الوطني الحقيقي ، وبين التحول إلى أمة من اللاجئين والمشردين.

01 أكتوبر 2018

محمد سيف الدولة يكتب: المحميات الامريكية فى بلادنا 6+1

لا يترك "دونالد ترامب" فرصة، الا ويكرر قولته الشهيرة بكل وقاحة: ((بان هناك دولا فى المنطقة لن تصمد اسبوعا واحدا لو رفعنا عنها حمايتنا))
***
لم يأت الرئيس الأمريكى بالطبع بخبر جديد، فالجميع يعلم من هى المحميات الامريكية فى بلادنا، والتى كانت غالبيتها محميات بريطانية من قبل.
انها

27 سبتمبر 2018

سيد أمين يكتب: مطلقو الشائعات



الأحد 23 سبتمبر 2018 15:01
 لو كنت مصريا وأنت تتابع المشهد في مصر لعرفت من أول برهة أن هذا الضجيج الكبير في إعلام النظام المصري حول حرب الشائعات، هو مقدمة للجم الافواه والاجبار على تبني الخطاب الرسمي للدولة، وذلك في محاولة لحصار العقل والمنطق و"التوقع والتحليل والاستنتاج" عبر اتهام كل صاحب وجهة نظر بأنه من مروجي الشائعات.
ويؤكد هذه المخاوف أن رأس النظام شخصيا هو من أعلن عن رصد نظامه 21 ألف "اشاعة" في 3 أشهر معتبرا أن انهيار الدول يبدأ من الداخل عبر الشائعات، وهو التصريح الذي سبقته تمهيدات إعلامية كبيرة اتفقت على طريقة مواجهة مروجي الشائعات عبر القوة الغاشمة واختلفت في الأرقام التي تدرجت ما بين 60 ألف شائعة - ووصلت بعد ضبط جهاز رصد الشائعات - إلى 21 ألف شائعة فقط.
المهين حقا هنا أن الإعلام المصري راح يردد حينها نفس اللفظ الخاطئ الذي ردده السيسي فنطقوا الكلمة بلفظ "إشاعة" والصحيح "شائعة" لأن الإشاعة نجدها عند معامل "الإشاعات الطبية" فقط، بحسب اللفظ الدارج لـ "الأشعة"!
ويعتقد الكثيرون أن السلطة نفسها هي من تطلق عبر أدواتها غير الرسمية من إعلاميين ومسؤولين محليين الشائعات، ثم تقوم رسميا بتكذيبها وتدلل على ذلك بوجود مؤامرة ضدها يجب لجم منفذيها.
حول الشائعة
ولم يقل لنا هؤلاء ما هو الفرق بين الشائعة والاستنتاج؟ وهل هناك تعريف للشائعة وتعريف أخر للاستنتاج يجعلنا نفرق بين الشرير المغرض والباحث المتأمل المفكر؟ وهل يمكن أن يصدق الناس أي شائعة دون أن يتوافر شيء ما يدلل عليها؟ فرجلا الشرطة والنيابة الجادان مثلا يقومان بجمع المعلومات المتوافرة لديهما عن أمر ما ليستنتجا منها احتمالات معينة، هذه الاحتمالات تكون في تلك اللحظة غير مؤكدة وفي إطار "الإشاعة" حتى يثبت صدقها.
وبالتالي فإن تغييب المعلومات الصادقة والحقائق وعدم الإجابة عن التساؤلات بشكل منطقي - وهو ما تفعله السلطة في مصر- هو ما يصنع بيئة خصبة للشائعات، وليس من الإنصاف أن نعاقب الناس لأنها أكملت "حلقات" البحث باستخدام أدمغتها التي خلقها الخالق خصيصا لمثل هذه المهام، بعد أن ساقت السلطة نتائج لا تتسق مع المقدمات المتوافرة.
ولهذا لم يصدق الناس الأمر وراحوا يفكرون بأنفسهم مع أن الدول الحرة تشجع مواطنيها على التفكير بعد تقديم كافة الإجابات المقنعة لكل الأسئلة التي يطرحها الناس دون ضجر أو ملل أو تخوين أو إكراه لهم.
والحقيقة أن كل تجارب التاريخ الناجحة بنيت على اعتقاد ما، وكل اعتقاد قد يحتمل الخطأ والصواب، وكل خطأ هنا هو في الأصل كان شائعة تحتمل أيضا الصواب، وإيجازا فإن كل ما يشاع هو أمر قد يحتمل الصواب أو الخطأ كليا أو جزئيا.
وكل ما يخشاه المرء أن يكون النظام هو نفسه من يطلق الشائعات تارة ليكذبها بعد أن يرددها معارضوه فيصبح هو ضحية لمؤامرة كبيرة وتارة لكي يأخذها ذريعة لاجتثاث كل من يقول خلاف ما يقول هو، خاصة أن الشائعات تعد واحدة من أهم معالم الحرب النفسية التي يتم تدريسها في الكليات الحربية ليس في مصر بل العالم بأثره للتأثير في نفسية العدو.
وهناك اعترافات لقيادات سابقة بالمجلس العسكري منها ما قاله اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية السابق يؤكد فيها أنهم كانوا يطلقون الشائعات للتحكم في أحداث الثورة وذلك في مداخلة له أجراها على قناة دريم في أواسط عام 2011.
ومن المعروف أن النظام العسكري الحاكم في مصر اعتاد منذ عقود إطلاق الشائعات قبل اتخاذ أي قرار يخشى عواقبه، وكان يسمي ذلك بسياسة جس النبض.
شائعة أم تحليل؟
 اختلطت الشائعة بالاستنتاج كاختلاط مكونات الماء، فالصحف الإسرائيلية تتحدث مرارا عن خطة لتبادل الأراضي بسيناء، وقال مبارك في تسريب صوتي له إن رئيس وزراء الكيان عرض عليه إقامة دولة للفلسطينيين في شمال سيناء مقابل ضم إسرائيل لغزة لكنه رفض.
ثم تتكرر فجأة بعد 2013  أحداث إرهابية في المنطقة المراد إقامة تلك الدولة عليها تحديدا دون غيرها ، تلاها تهجير لأهاليها بحجة مكافحة الإرهاب، ثم تتدفق الاستثمارات من دول داعمة لإسرائيل لإحداث تنمية في تلك المنطقة، ويتم افتتاح سحارات سرابيوم لتوصيل مياه النيل إليها ، ثم يتحدث السيسي في لقاء مع ترمب عما أسماها "صفقة القرن"، ثم حصار إسرائيلي مصري خانق لقطاع غزة المراد تهجيره، والسؤال: هل لو قلنا بعد كل هذه المعلومات أن ما يجري في سيناء هو تمهيد لإقامة تلك الدولة المزعومة - والمرفوضة فلسطينيا قبل أن تكون مرفوضة مصريا - نكون نحن بذلك من مروجي الشائعات أم من المحللين السياسيين؟ وهل حينما نشك في أن الإرهاب هناك حدث مبتدع لخلق هذه الحالة، نكون نحن من المغرضين؟
وخذ مثالا أخر ، شرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة الذي سيحجب نحو نصف حصة مصر السنوية من ماء النيل وكنا نتوقع إعلان مصر الحرب لذلك السبب، لكن وجدنا السيسي برفقة الرئيسين السوداني والإثيوبي يوقعون اتفاقا لم يطلع عليه أحد حينها، وخرجت في اليوم الثاني الصحف المصرية بعنوان موحد "السيسي حلها".
ثم تتجدد دعوات قديمة بعد ذلك بتوصيل مياه النيل لإسرائيل، ثم نجد أموالا من بنوك مصرية وإسرائيلية وخليجية قد تدفقت سرا على إثيوبيا لبناء هذا السد، تلاها فتح سحارات سرابيوم وترعة السلايل مياه النيل لإسرائيل نكون بذلك من مروجي الشائعات أم من المحللين السياسيين؟م لنقل المياه من النيل إلي شرق القناة ..فهل حينما نقول أن النظام المصري يسعى لتوص
وهل حينما ترفع الكاميرات من المتحف المصري بعد رئاسة السيسي لمجلس "أمنائه" ثم تطفئ أنوار مطار القاهرة ثم يعلن عن سرقة 23 ألف قطعة أثرية من المتحف وبعدها بأسابيع تفتح دولة الأمارات – حليفة السيسي- متحفا كبيرا عرضت فيه الكثير من تلك المسروقات، فهل حينما نقول إنه تم تهريب الآثار إلى الإمارات نكون بذلك نستنتج أم نطلق شائعات؟
ولو قلنا إن ترديد معلومات مجهولة يعد علامة من علامات الشائعات كما يزعم الإعلام المصري، فإننا أيضا حينما نقول بوجود رب للكون نكون بذلك من مرددي الشائعات، ولا يمكن أن نخرج من تلك الورطة إلا بالعودة للإيمان بالشواهد والمقدمات، وأن ندلل على وجود الله كما دلل عليه الإعرابي بأن: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟!
الخلاصة أنه حتى لو كان نظامكم عادلا - وهو أمر لا يصدق من فرط استحالته - فهو مدان لأنه أشاع الضبابية وخلق الشائعات وليس "الإشاعات"!

اقرأ المقال كاملا في الجزيرة نت هنا

10 سبتمبر 2018

محمد سيف الدولة يكتب: الإعدامات السياسية

Seif_eldawla@hotmail.com
هذا ليس حديثا عن الحق والباطل ولا حديثا عن السياسة والثورات والانقلابات والثورات المضادة، ولا عن الدستور والقانون والحقوق والحريات، ولا عن الديمقراطية والصناديق والانتخابات، ولا عن المدنيين والعسكريين والاسلاميين، ولا عن الاستبداد والمستبدين أو الظلم والمظلومين، ولا عن القضاء واستقلاله والاحكام القضائية المسيسة، ولا عن حق المتهم فى محكمة عادلة امام قاضيه الطبيعى..الخ
***
وانما هو حديث عن نقطة واحدة فقط هى "الاعدام السياسى" التى أود أن نناقشها معا فى النقاط التالية:
اولا ـ خريطة القوى والصراعات:
تعيش مصر منذ يناير ٢٠١١ حالة صراع سياسى حاد وشرس، بين عدة أطراف:
1) الدولة المصرية العميقة والنظام الحاكم وفى القلب منه القوات المسلحة والاجهزة الامنية وكل مؤسسات الدولة وكل شبكات المصالح الطبقية والبيروقراطية المرتبطة بهم.
2) المعارضة السياسية المصرية التى فجرت ثورة يناير بجماهيرها ومدنييها واسلامييها.
3) الولايات المتحدة والغرب ومجتمعهما الدولى ومؤسساتهم المالية، وقوى الرأسمالية العالمية ممثلة فى شركات متعددة القومية.
4) (اسرائيل).
5) الأطراف الاقليمية الأخرى مثل السعودية وإمارات الخليج على اختلافاتهم بالإضافة الى تركيا وإيران.
***
ثانيا ـ المنتصرون:
كل من هؤلاء له مصالح وعلاقات وارتباطات فى مصر، وله تصور لما يجب ان يكون عليه الحال ونظام الحكم فيها، وكل منهم تدخل واشتبك مع ما يجرى بما لديه من امكانيات وادوات وأموال واجهزة لتحقيق مصالحه.
ولقد أسفرت المحصلة النهائية لكل موازين القوى المذكورة وتفاعلاتها وصراعاتها مع ثورة يناير بكل قواها وتياراتها وإيجابياتها وسلبياتها وأخطائها وخطاياها وسذاجتها وأحيانا غباء بعض اطرافها، ان انتصرت حتى تاريخنا هذا، الدولة العميقة والنظام الحاكم القديم وحلفائها الدوليين والاقليميين، مع تغيير فقط فى الرموز والوجوه والقيادات، وانهزمت كل قوى الثورة من اسلاميين ومدنيين.
***
ثالثا ـ غنائم المنتصر ومغارم المهزوم:
وفى مثل هذه الحالات، يقوم المنتصر بحصد كل شئ ويقوم المهزوم بدفع أثمان فادحة لخسارته، على رأسها ان يتم الزج بكل من شارك فى الثورة وكل من لا يزال يمثل خطرا على المنتصرين، فى السجون الى ان يزول خطرهم او يتمكن النظام من تثبيت نفسه وفرض قبضته الحديدية على الجميع.
كما يتم حظر العمل السياسى على كل المعارضين، وعادة ما تدخل البلاد بعد فشل وانكسار اى ثورة فى سنوات طويلة من القمع والاستبداد.
***
رابعا ـ مخاطر الاعدامات السياسية وكارثيتها:
كل هذا مفهوم ومعلوم، وان كان غير مقبول، ولكنه حكم القوى على الضعيف أو حكم المنتصر على المهزوم.
· اما غير المفهوم وغير المقبول هو اعدام المعارضين الذين قاموا بالثورة أو شاركوا فيها، لأننا فى البداية والنهاية بصدد صراعا سياسيا، قد تتبدل فيه المواقف والمراكز والظروف والقيادات فى اى لحظة.
· كما انه يحسب لكل من شارك فى ثورة يناير من كل التيارات، انهم لم يقوموا بإعدام اى من قيادات النظام القديم او محاكمتهم امام أى محاكم استثنائية. فلماذا لا نطبق عليهم قاعدة المعاملة بالمثل على أضعف الايمان؟!
· كما انه وهو الأهم، كان هناك عقدا واتفاقا ضمنيا بين قوى الثورة وتياراتها المختلفة، وبين الدولة ونظامها ومجلسها العسكرى، وهو إطلاق حق التظاهر والاعتصام بلا حدود وعدم التعرض بالضرر او الايذاء لاى متظاهر، فلا اعتقال او محاكمة او سجن أو قتل او اعدام، ومن كان يُقتل من المتظاهرين، كان يُقتل خارج القانون والشرعية على أيدى ما يسمى "بالطرف الثالث".
· وعلى هذا الأساس قامت كل القوى والتيارات بعمل حساباتها وادارة معاركها السياسية ووضع خططها واستراتيجياتها واتخاذ مواقفها وقراراتها.
· وإذا بطرف واحد فقط من المتعاقدين والفرقاء، يقرر منفردا، تمزيق العقد وتغيير قواعد اللعبة وقواعد الصراع، وهو ما يتنافى مع أصول الاتفاقات والعقود وقواعدها حين بين الخصوم والفرقاء.
· فقامت الدولة باتخاذ قرارها بفض الاعتصامات بالقوة وتصفية وقتل من يتصدى لها من المعتصمين، والقبض ومحاكمة وادانة من نجا منهم.
· وهو ما لم يكن يخطر على بال منظمى الاعتصام، لأنهم كانوا يشاهدون ويراقبون آلاف المتظاهرين الذين يحاصرون قصر الرئاسة بدون ان تتعرض لهم اجهزة الامن او تطالبهم بالانصراف أو تأمرهم بفض تجمعاتهم. ولقد سمعت بنفسى أحد قيادات الاخوان المسلمين وقتها، وهو يستبعد تماما احتمال لجوء الدولة الى القوة لأنها تعلم وفقا لتصوره "بانهم لو أسقطوا لنا رئيسنا بهذه الطريقة اليوم، فسنسقط لهم رئيسهم بنفس الطريقة غدا، وبذلك لن يعمر فى مصر رئيس."
· فلم يكن أى منهم ليتصور فى أسوأ كوابيسه أن القواعد ستتغير، وانه لن يسمح لهم بعد اليوم لا بالتظاهر وحده، بل بالمشاركة فى الحياة السياسية من أصله. ولو كانوا قد علموا، فربما كانوا سيتخذون قرارات مختلفة، على غرار ما كانوا يفعلون فى سنوات ما قبل الثورة من تفاهمات مع السلطة واجهزتها الامنية، مثل التفاهم على انتخابات برلمان 2005، بان نسبة النزاهة فيها لن تتخطى الـ 20 % باى حال من الاحوال، مما يسمح بدخول عدد لا يزيد عن 100 عضو من الاخوان الى البرلمان.
· فكيف نأتى اليوم لنحاسبهم على افعال كانت مباحة وفقا للتعاقد والاتفاق الأصلى والقديم، وندينهم بموجب قواعد جديدة لم يعلموا عنها شيئا، تحظر تظاهراتهم واعتصاماتهم؟ الا يستحقون مثل اى متهم تطبيق ذات الفلسفة والمنطق والروح التى تقضى "بعدم رجعية القانون" او قاعدة "القانون الاصلح للمتهم."
· وحتى لو فعلنا وقررنا ان ندينهم وان نضعهم فى السجون الى ما شاء الله، فلا يجب على وجه اليقين أن نقوم باعدامهم، فكل شيئٍ قابل للتغيير والإصلاح والتفاوض والتراجع، الا القتل والإعدام.
· وأرجو فى النهاية الا يحدثنى احد على انهم جماعة ارهابية، لان قانون تصنيفهم كإرهابيين صدر بعد رابعة واخواتها، وفض الاعتصامات بالقوة. كما ان الارهابيين فى تصورى لا يتظاهرون او يعتصمون ولا يرفعون اللافتات والشعارات، وانما البنادق والمفرقعات. ولا يؤسسون احزابا او جبهات ولا يشاركون فى الانتخابات ولا يصدرون الصحف ولا يظهرون فى المنابر الاعلامية وليس لهم حسابات حقيقية على وسائل التواصل الاجتماعى ولا يمارسون اى انشطة علانية ولا يخطبون على الملأ فى الميكروفونات كما انهم لا يستسلمون للسلطات حين تذهب لاعتقالهم.
· والأهم من كل هذا فى النهاية ومن منظور المصالح العليا للبلاد، هى المخاطر والعواقب الوخيمة التى يمكن ان تترتب على تنفيذ سياسة الاعدامات بالجملة، وما يمكن ان تسفر عنه من صناعة قاعدة بشرية واسعة من آلاف الاسر والاهالى والانصار، تكون حاضنة شعبية لنمو جيل جديد من الارهاب والارهابيين أكثر شراسة واوسع انتشارا وتغلغلا مئات المرات مما هو قائم اليوم فى سيناء.
·فافعلوا ما بدا لكم، فهذه ضريبة كل الثورات المهزومة، ولكن اياكم والاعدامات السياسية.
*****
القاهرة فى 9 سبتمبر 2018

06 سبتمبر 2018

ابطال مصر الحقيقيين

ابراهيم ناصف الورداني


ابراهيم ناصف الورداني

في عام 1910، عندما كانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي، وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني ،كان رئيس وزراء مصر حينها بطرس باشا نيروز غالي، وكان قد جهز مشروعا لمد امتياز قناة السويس لمدة 40 عاما أخرى ، وفي أكتوبر 1909 استطاع محمد فريد رئيس الحزب الوطني أن يحصل على نسخة من المشروع ، ونشرها في صحيفة "اللواء"- داعيا لحشد المصريين ضد القانون في جمعية عمومية.
وافق الخديوي على عرض المشروع على الجمعية، وحُدّد يوم 10 شباط/فبراير1910م لعقد جلسةٍ لمناقشته. في تلك الجلسة حضر شاب يدعى إبراهيم ناصف الورداني ورأى دفاع غالي عن المشروع (كان سعد زغلول حاضراً بصفته وزيراً ويقال إنه كان من مؤيّدي المشروع)، وتأثر بالمناقشات وخرج عازماً على وضع حدٍّ لحياة بطرس غالي.
خاصة ان جرائم غالي قد عظمت فهو من ترأس محاكمة فلاحين دنشواي، وأقر قانون المطبوعات الذي كان يصادر الصحف ويغلقها، واقر اتفاقية الحكم الثنائي لإقليم السودان التي جعلت إنجلترا تحكم السودان بالمشاركة مع مصر، كما انه اقر محطط دانلوب لتغريب المجتمع المصري عن لغته العربية وهويته الاسلامية فضلا عن محاربة التوسع في التعليم ومعاقبة المتعلمين المصريين النوابغ.
(دوجلاس دانلوب وهو قس ومبشر اسكتلندي عين  سكرتيرًا عموميًا للمعارف في 8 مارس سنة 1897 ثم مستشارًا في 24 مارس سنة 1906، وقد كان في أول أمره قسًا مبشرًا عمل في وظيفة مدرس للغة الإنجليزية والخط الإفرنجي في مدرسة رأس التين الثانوية ثم لفت نظر "كرومر" فدفعه إلى العمل في نظارة المعارف فما زال يترقى بها حتى أصبح مسيطرًا سيطرة تامة على شئون التربية والتعليم.)
كان من ضمن من حضر الجمعية العمومية لمناقشة تمديد تأجير قناة السويس شابا يدعى إبراهيم ناصف الورداني كان في الرابعة والعشرين ربي يتيماً فكفله أحد أقاربه من الباشوات وأرسله بعد إنهاء دراسته المدرسية بتفوقٍ ليدرس الصيدلة في لوزان-سويسرا (06-1908) ثم إلى إنجلترا حتى عام 1909 ليحصل على شهادةٍ أخرى في الكيمياء، وعاد إلى مصر في (كانون الأول/يناير1909) ليفتتح بمساعدة قريبه الباشا صيدليةً في شارع عابدين بالقاهرة. انضم عضواً في الحزب الوطني الذي يرأسه محمد فريد، والذي غدا بعد ذلك على ارتباطٍ بجمعية مصر الفتاة التي أصبح الورداني عضواً فيها أيضاً وكذا جمعية "اليد السوداء"، وأخذ يكتب في "اللواء" صحيفة الحزب الوطني، وصحيفة "المؤيد". ثم أسس "جمعية التضامن الأخوي" السرية التي نصّ قانونها على أن من ينضم إليها يجب أن يكتب وصيته، والتي قامت خلية منها فيما بعد بمحاولة اغتيال الخديو عباس حلمي الثاني.
مثل الورداني أمام المحكمة في 21 نيسان/أبريل1910م برئاسة الإنجليزي دلبر وجلي، وكان من المحامين الذين حضروا للدفاع عنه "أحمد بك لطفي السيد" و"عبد العزيز بك فهمي" و"علي بك علوبة" وإبراهيم بك الهلباوي. حاول الإنجليز دفع عملائهم لإعطاء القضية بعداً طائفياً فأخرجوا مظاهرةً تهتف "تسلم إيدين الورداني، قتل بطرس النصراني"، فخرجت رداً عليها مظاهرة وطنية تهتف "تسلم إيدين الورداني، قتل بطرس البريطاني".
وعند التحقيق معه قال إنه قتل بطرس نيروز غالي "لأنه خائن للوطن"، وكرر اعترافه أثناء المحاكمة وأكد بكل شجاعةٍ عدم ندمه، واعترف أنه فكر في قتله عندما حضر جلسة الجمعية العمومية ورأى بعينيه تصرفات غالي المتعجرفة تجاه أعضاء المجلس، وقبض على كثيرٍ من أعضاء جمعية "التضامن الأخوي" في حينه، لكن الورداني وبشجاعةٍ أصر على أنه قام بعمله بنفسه وتخطيطه دونما معونةٍ من أحد فبُرّئ المتهمون الآخرون جميعاً. كشف التحقيق بمقتل عالي عن خمسٍ وثمانين جمعيةً سريةً تعمل خفيةً.
وجهت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار للورداني، وهي جريمة عقوبتها الإعدام، وانشغل الرأي العام المصري بالحادث انشغالاً كبيراً، حتى فشت تلك الفترة خطابات التهديد إلى النظار (الوزراء) وكبار المسؤولين في الدولة.
قام بالتحقيق في القضية النائبُ العام عبد الخالق باشا ثروت (رئيس الوزراء بعدئذٍ مرتين في العشرينات)، وذكر في مرافعته أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة جريمةٌ سياسيةٌ وليست من الجنايات العادية (نظرت لدى محكمة الجنايات جرّاء إصرار الممثل العام البريطاني السير ونجت نتيجة عقابيل المحكمة الخاصة بحادثة دنشواي وأحكامها)، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهراً منها" وطالب بالإعدام، فيما نافح الدفاع عن أن الورداني مختل عقلياً، لكن النقطة التي دار الجدل حولها هي ادعاء الدفاع أن الوفاة -الي حدثت صباح اليوم التالي- تمت بسبب العملية التي أجريت لغالي لاستخراج الرصاصات من جسمه، وأن الاعتداء عليه لم يؤدِّ للوفاة مستنداً إلى أنه لم يتم تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة، فشكلت لجنة من ثلاثة أطباء؛ إنجليزيان ومصري للدراسة والتقرير، وكعادتهم -في الحالات التي تمس قضيةً وطنيةًً- غالباً ماينقسم الإنجليز والمصريون، فقرر الطبيبان الإنجليزيان الوفاة بسبب إطلاق النار فيما أناطها الطبيب المصري بالعملية الجراحية، وأخذت المحكمة بالرأي الأول.
ويوم 18 أيار/مايو1910م أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام، وأرسل الحكم إلى المفتي الشيخ بكري الصدفي لإقراره، لكنه تعاطفاً رفض ولمح إلى ما جاء في مرافعة الدفاع من إحالة المتهم إلى لجنةٍ طبيةٍ لمراقبة قواه العقلية، إلا أن المحكمة لم تأخذ برأيه، وكانت تلك سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات، ونفذ الحكم في 28 حزيران/يونيو.
في هذا الوقت تحول إبراهيم ناصف الورداني إلى بطلٍ شعبي ورمزٍ وطني تنظم فيه الأشعار والأزجال، ومنها الشعر الشعبي: "قولوا لعين الشمس ماتحماشي لاحسن غزال البر صابح ماشي" والذي استعير مطلعه لأغنيةٍ شهيرةٍ في الستينات، وانتشرت حملات توقيع العرائض للعفو عنه، وخرجت المظاهرات -وخاصةً يوم إعدامه-، وشاعت صوره في المقاهي والأماكن العامة حتى لقد صدر قرار يُجرّم أي مصري يحتفظ بصورة الورداني وبقي القرار سارياً حتى ثورة يوليو 1952م.

........................................

مصطفى البشتيلي

ولد مصطفى البشتيلي في قرية بشتيل بالجيزة ونشأ بها ومنها كانت كنيته، ذهب إلى القاهرة وعمل تاجرا واصبح مالكا لوكالة كبيرة للزيوت، كان معروفا بأمانته وسمعته الطيبة التي كانت عونا له في أن يصبح شابندر تجار منطقة بولاق، رفض الاتفاق والتحالف مع الاحتلال الفرنسى، رغم تجارته ومصالحه ورفض الظلم الذي وقع على الشعب وشارك في تنظيم شعبى لمقاومة الاحتلال. و ذكره الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار كأحد زعماء الثورة ضد الفرنسيين حيث قاوم الاحتلال الفرنسى عام 1798 ولاحقا عندما اشتعلت الثورة الشعبية التي بدأت في القاهرة في 20 مارس سنة 1800.
قام البشتيلي بتخزين البارود في براميل الزيت الذي كان يتاجر به استعدادًا ليوم الثورة، حتي وشى به بعض جيرانه للسلطة الفرنسية، التي أمرت بتفتيش محله، وهنا اكتشفوا البارود في مخازنه، فقبضوا عليه، وأدخلوه السجن بضعة أشهر ثم عفو عنه. ولم تضعف عزيمة التاجر الثرى من حياة السجن وظل مؤمنا برسالته وجهاد المحتل ومع اندلاع ثورة القاهرة الثانية في ٢٠ مارس ١٨٠٠م التي أثبتت كل كتب التاريخ انه اشترك فيها مع المصريين بعض من الاتراك والمغاربة والشوام وأعراب الجزيرة الذين ركبوا البحر ليكافحوا معا المحتل الفرنسى الغاصب.فبعد أن تسلم الجنرال كليبر قيادة الحملة الفرنسية، نتيجة اضطرار نابليون للعودة إلى بلاده بعد أن وصلته الأخبار بتأزم موقف فرنسا داخليا وخارجيا، اندلعت ثورة القاهرة الثانية ضد الاحتلال الفرنسي لمصر في 20 مارس عام 1800م، وقد انطلقت هذه الثورة من حي بولاق أبو العلا بقيادة الحاج مصطفى البشتيلي، أحد أعيان بولاق، ثم انتقلت الشرارة إلى باقي الأحياء، وكما انتقلت شرارة الثورة من حي بولاق إلى باقي أحياء مصر، تنوع أيضًا زعماء الثورة في أحيائها المختلفة، مثل السيد عمر مكرم نقيب الأشراف، وكبير التجار أحمد المحروقي، والشيخ الجوهري.
في هذا الوقت، وعلى أطراف القاهرة، كانت تدور المعارك في منطقة عين شمس بين قوات الحملة الفرنسية بقيادة الجنرال كليبر وفرق من الجيش العثماني، وما أن وصلت أسماع أهل القاهرة أصوات المدافع في ميدان المعركة حتى دبت الثورة في حي بولاق، يقول الجبرتي في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»: «وأما بولاق فإنها قامت على ساق واحد، وتحزم الحاج مصطفى البشتيلي وأمثاله وهيجوا العامة، وهيأوا عصيهم وأسلحتهم ورمحوا وصفحوا، وأول ما بدأوا به أنهم ذهبوا إلى وطاق «نطاق» الفرنسيس، الذي تركوه بساحل البحر «يقصد النيل» وعنده حرسية «أفراد حراسة» منهم، فقتلوا من أدركوه منهم، ونهبوا جميع ما فيه من خيام ومتاع وغيره، ورجعوا إلى البلد وفتحوا مخازن الغلال والودايع التي للفرنساوية، وأخذوا ما أحبوا منها، وعملوا كرانك «حصار» حوالي البلد ومتاريس واستعدوا للحرب والجهاد».
بعد ذلك اتجه ثوار بولاق نحو قلعة قنطرة الليمون لاقتحامها، فردت حامية القلعة بنيران المدافع، ودار القتال بين الطرفين حتى انتهى بقتل 300 من الثوار، وكان من نتيجة ذلك أن هب بعض من أهالي الأحياء الأخرى لنجدة ثوار بولاق، ثم عمت الثورة أحياء القاهرة، خاصة بعد انتشار شائعات بهزيمة كليبر وجيشه في معركة عين شمس، فرغم عدم صدق هذه الأخبار، حيث إن الجيش الفرنسي كان هزم العثمانيين في هذه الموقعة، إلا أن انتشار هذه الشائعات زاد من حماسة المصريين وانتفضت معظم أحياء القاهرة وعمت الثورة أحياء المدينة كافة. 

فوجئ كليبر بضراوة الثورة فعرض على المصريين الثائرين الصلح فرفضوا ، هنا هجم الجيش الفرنسي هجوما كاسحًا على القاهرة، وقتل الاف المصريين وسبي نسائهم ونهب أموالهم ومتاعهم، ,واحرقت القنابل الفرنسية حي بولاق وأحياء أخرى في القاهرة.
تمكن الفرنسيون من إطفاء الثورة المصرية، وبحثوا عن مصطفى البشتيلي ونجحوا في القبض عليه، واراد كليبر الانتقام منه شر انتقام، واستعان بالخونة من المصريين، واعتقل العشرات من أقاربه ومعارفه والعاملين في تجارته وممن شاركو في الثورة، ورغم أن كليبر حصل على اعترافات من الضعفاء في صفوف المقاومين، فإنه لم يفكر في إعدامه كما فعل نابليون مع محمد كريم (حاكم الإسكندرية)، حيث كان يريد أن يشفي غليله ويرد على إهانته، قبل أن ينهى حياته، وأن تكون عقوبته التجريس. لم يجد أنكل من قتله بيد عوام المصريين وسط حى بولاق، ليأخذوه مربوطا على عربة يجرها حمار ويدورا به في الارجاء ، قبل أن يقتله العوام بالنبابيت والأحذية.

...............................................


محمد كريم

ولد محمد كريم ونشأ بالإسكندرية، وبدأ حياته فيها قبانياً" يزن البضائع" في الثغر، كان عنده خفة في الحركة وتودد في المعاشرة فأحبه الناس وذاع صيته بالمدينة فلم يلبث الحاكم المملوكي مراد بك أن ولاه أمر الديوان والجمرك بالثغر، فأصبح صاحب الكلمة العليا في المدينة والحاكم الفعلي لها. شهد وصول الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت فقاوم الجيش الفرنسي ومعه أهل الإسكندرية في مواجهة غير متكافئة حتى قبض عليه، فاستقبله نابليون بنفسه تقديراً لاستبساله وشجاعته ورد إليه سلاحه وأبقاه حاكماً على الإسكندرية، وعين معه الجنرال كليبر حاكماً عسكرياً للمدينة.
ظل محمد كُريم حافظاً لعهده في الدفاع والنضال عن وطنه، ولما تأكد الفرنسيين من دعمه للمقاومة وإثارته للأهالي ضدهم قبضوا عليه، وأرسلوه إلى القاهرة، فحوكم في 5 سبتمبر 1798 بتهمة خيانة الفرنسيين، وأصدر نابليون أمر إعدامه رمياً بالرصاص، فنفذ الحكم بميدان الرميلة في 6 سبتمبر.

وتقول التفاصيل انه بعد بعد مقاومة (محمد كريم) للحملة الفرنسية تم القبض علىه  والحكم عليه بالإعدام إلا أن نابليون أرسل إليه وأحضره وقال له : يؤسفني أن أعدم رجلا دافع عن بلاده بجرئتك ولا أريد أن يذكرني التاريخ بأنني أعدم أبطالا يدافعون عن أوطانهم، لذلك عفوت عنك مقابل ثلاثون آلف قطعة من الذهب تعويضاً عن من قتل من جنودي.
 في البداية رفض محمد كريم العرض ولكن نصحه مقربون بان يقبل العرض ويفتدي روحه فقال له محمد كريم: ليس معي ما يكفي من المال ولكن لي دين عند التجار بأكثر من مائة ألف قطعة من الذهب، فقال له نابليون سأسمح لك بمهلة يوم لتحصيل أموالك فما كان من كريم إلا أن ذهب إلى السوق وهو مقيد في أغلال ومحاط بجنود المحتل الفرنسي وكان عنده الأمل فيمن ضحى من أجلهم من أبناء وطنه فلم يستجب تاجر واحد له ليرد له دينه، بل اتهموه أنه كان سبباً في دمار الاسكندرية وسبباً في تدهور الأحوال الاقتصادية.
فعاد إلى نابليون مخذولا فقال له نابليون ليس أمامي إلا اعدامك.. ليس لأنك قاومتنا وقتلت جنودنا ولكن لأنك دفعت حياتك مقابل أناس جبناء تشغلهم تجارتهم عن حرية الأوطان.
 عناني أحمد عواد "عواد باع أرضه"
https://www.youtube.com/watch?v=blxXf6VL7_A

02 سبتمبر 2018

لغز إنجيل برنابا.. رواية للاديب والدبلوماسي الموريتاني محمد السالك ولد إبراهيم

"لغز إنجيل برنابا" هو عمل أدبي روائي، كتب بأسلوب سردي يمزج بين فنون الرواية التاريخية والقصص البوليسية على طريقة"Polar"  في حبكة تشبه سيناريو أفلام الجاسوسية. 
تقع هذه الرواية، الصادرة مؤخرا عن دارE-Kutub  بلندن، في 430 صفحة من القطع المتوسّط، وتوزع نسختها الورقية عن طريق "أمازون" ونسختها الإلكترونية بواسطة "كيندل" و"غوغل بوكس" و"بلاي-ستور"، بينما توزع دار النشر "إي-كتب" نسختها الفاخرة.  
تحكي الرواية قصة مخطوطة قديمة كتبت بالآرامية لغة المسيح عليه السلام، قبل أكثر من ألف وخمسمائة سنة، ثم اختفت في ظروف غامضة في منطقة بشمال إفريقيا في حقبة سيطرة الرومان على مملكة موريطانيا القديمة، لتظهر من جديد بعد أن وجدت محفوظة في جراب داخل جرة فخارية مخبأة في مغارة بجبل "انطرزي" المطل على "القلعة القديمة" في "آزوكي" بشمال موريتانيا.
ظل بطل الرواية، البروفسور"حامدون" وهو عالم في الأنتربولوجيا، نمساوي الجنسية، موريتاني الأصل، طيلة حياته مهتما بتتبع أخبار تلك المخطوطة. لكن، بعد أن قبلت المكتبة الوطنية النمساوية في فيينا- التي يعمل بها مديرا لقسم المخطوطات والكتب النادرة- اقتراحه القاضي بالبحث عن المخطوطة الأصلية لإنجيل "برنابا"، لعرضها في الاحتفالية الكبرى بقاعة الإمبراطور "كارل السادس"  "State Hall" بمناسبة تخليد ذكرى مرور ستمائة وخمسين سنة على إنشاء المكتبة التي تأسست في الأصل حول نسخة من ذلك الكتاب، تضاعف حماس البروفسور"حامدون" وأشتد عزمه للوصول إلى المخطوطة باعتبارها تحديا جديدا، وأخذ يبحث عنها بهمة ونشاط في كل مكان..
لكن ما لم يكن يتصوره البروفسور"حامدون" هو أن تكتشف المخطوطة بهذا القرب من المكان الذي عاش فيه جزء من طفولته، حيث كان يقضي العطلة الصيفية عند خالته "الدبيه"، يلعب مع أترابه عند سفح ذلك الجبل في "مدينة كلاب" حاضرة "البافوريين"، التي أسستها قرب مدينة "أطار" الملكة "تينهنان"  (Tin Hinan)الأم الروحية والزعيمة الملهمة لقبائل "صنهاجة" اللثام في الصحراء الكبرى، قبل أن ترحل عنها إلى "أباليسا" بسلسلة جبال "الهوقار" في الجزائر.
في أحضان جبل "انطرزي" المطل على القلعة القديمة، بقيت المخطوطة نائمة لعدة قرون قبل أن يعثر عليها بعض الهواة.. وتنتهي في حقيبة سائحة غربية تعمل لصالح عصابة دولية لتهريب الآثار، هي الآنسة "ماريانا"، التي حملتها معها عبر مطار"أطار" الدولي سنة 2008 في رحلة متجهة إلى باريس.
أكد فحص الخبرة بأن المخطوطة هي النسخة الأصلية لإنجيل "برنابا"، الذي كان متداولا إلى حدود  القرن الخامس الميلادي، أي قبل ظهور الإسلام بقرنين من الزمن على الأقل. وقد ظلت المسيحية تعمل بذلك الإنجيل، الذي ينفي عقيدة التثليث وصلب المسيح ويؤكد على توحيد الذات الإلهية، كما يبشر بظهور الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ إلى أن أمر البابا "دماسس"  Damase  سنة 366م بالكف عن مطالعته قبل أن  يحكم البابا "جلاسيوس" الأول نهائيا بتحريمه سنة 492م. في تلك الفترة اعتمدت الكنسية أربعة أناجيل فقط وتم تصنيف بقية الأناجيل، التي كانت تزيد على العشرة، كأناجيل "محرفة".
كانت منطقة  شمال إفريقيا هي الموطن الثاني للمسيحية بعد فلسطين. وصلت إليها في وقت مبكر قادمة من الشام. في برقة بليبيا ولد القديس "مرقس البشير"، الذي هو ابن أخت القديس "برنابا"، وكاتب السفر الثاني من العهد الجديد المعروف بـ "إنجيل مرقس"، وبها توفي سنة 68م، بعد أن أسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر في منتصف القرن الأول الميلادي.  وقد عرف منتصف القرن الثاني ميلاد "فلورنس ترتوليان"، الذي كان أبرز لاهوتي في قرطاج (تونس حاليا) وتوفي فيها حوالي 220م.
أعتنق العديد من سكان شمال إفريقيا، الذين هم أساسا من البربر، الديانة المسيحية. وبدأ تشييد الكنائس الإفريقيَّة وتنظيمها في القرن الثاني الميلادي على يد القدِّيس" قبريانوس" القرطاجي. وما لبث أن أصبحت المنطقة مركزا رئيسيَّا للمسيحية، قبل أن يتم تبنيها بوقت طويل، كدين رسمي من طرف الإمبراطورية الرومانية. 
في تلك الحقبة، كانت منطقة شمال إفريقيا أو بلاد "الأمازيغ" تضم أربعة شعوب كبيرة من البربر هم "النوميديون" في الأجزاء الشرقية والوسطى، من طرابلس إلى الجزائر؛ و"المورييون" في الغرب، من وهران إلى المغرب وحتى موريتانيا الحالية؛ و"الجتيليون" في جبال الأطلس؛ ومجموعات "الغارامانثش" (آغرمان) في الصحراء والساحل وصولا إلى جنوب ليبيا. 
لكن الإمبراطورية الرومانية لم تكن مرتاحة لدخول الأهالي في الولايات التابعة لها بشمال إفريقيا في الديانة المسيحية، وسرعان ما بدأ الاضطهاد الروماني ضد مسيحيي شمال إفريقيا، الذي استمر طيلة قرنين ونصف. فقد طلب الإمبراطور " ديكيوسمن" في سنة 250م من جميع رعاياه أن يُبرهنوا على وطنيَّتهم بالتمسُّك بالديانة الرومانية الوثنية والتنصُّل من كُل العبادات الأُخرى وخاصَّةً المسيحيَّة. وكان الإمبراطور قد أصدر قبل ذلك مرسوما يجبر المسيحيين الأفارقة على تقديم القرابين والصلاة من أجل خلاص الإمبراطور.
في عهدها الوثني، كان اضطهاد الإمبراطوريَّة الرومانية ضد المسيحيين في شمال إفريقيا نوعا من العقاب الجماعي على عدم المشاركة في العبادة الإمبراطورية ورفض الالتحاق بالجيش؛ أما بعد تبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية كدين رسمي للدولة، فقد تحول ذلك الاضطهاد إلى اتهامهم بالهرطقة والتحريف ضمن إستراتيجية  لاحتكار المسيحية واستثمار تأثيرها السياسي لصالح الإمبراطورية.
 صدرت الأوامر بهدم أماكن العبادة ومنازل المسيحيين وجمع كتبهم المقدسة وإحراقها. اعتقل المسيحيون وعذبوا، وشوهوا، وأحرقوا، وجوعوا. واستخدم البعض منهم في مسابقات المصارعة من أجل تسلية المتفرجين في المسارح والمدرجات الرومانية. ولم ينته الاضطهاد حتى بعد إعدام القدِّيس "قبريانوس" القرطاجي بِقطع رأسه.
في غمرة تلك الصراعات السياسية والدينية، وفي مناخ الاضطهاد الروماني ضد مسيحيي شمال إفريقيا، نزحت مجموعات سكانية بربرية من "الغارامانثش" (آغرمان) و"البافوريين" و"الموريين" وبعض الأقليات الإثنية والدينية الأخرى مثل اليهود نحو الجنوب. 
كان آلاف المهاجرين يبحثون عن أماكن آمنة في الصحراء الكبرى. سلكت بعض المجموعات "طريق العربات" الذي شقه الملك القرطاجي "حنون" سنة 480 ق.م في رحلته للبحث عن الذهب  والملح في بلاد السودان،  وصولا إلى واحات "آدرار" بموريتانيا. 
عبر آخرون البحر متجهين إلى "رأس تميريس" على شواطئ المحيط الأطلسي حيث "قمنورية" حاضرة "گنار" الذين هم أسلاف الموريتانيين الحاليين. وصلوا إليها عن طريق جزر "الكناري" التي سبق أن استكشفها في القرن الأول الميلادي ابن ملك موريطانيا الرومانية، "يوبا الثاني" Juba II. بعد ذلك، هاجرت إليها مجموعات قديمة من قبائل الشاطئ الگدالي. 
في كل رحلة، كان النازحون من الشمال يجلبون معهم بعض الكنوز والكتابات المقدسة القديمة. وهناك في قلب الصحراء.. دفنوها.. خوفا من بطش الإمبراطورية الرومانية المتغولة. وصل بعض المهاجرين القادمين عبر البحر مرورا بجزر "الكناري". وكانوا يحملون معهم جراب مخطوطات نفيسة إلى مرفأ صغير يقع قرب مدينة انواكشوط الحالية على شاطئ المحيط الأطلسي يسمى "تانيت" آلهة قرطاج. 
من هناك، حملت قافلة "آكابار" التجارية العملاقة التي تتألف من ألف جمل، المخطوطة في متاعها عبر الصحراء، متجهة إلى حي "أويشاط اليهود" قرب مدينة "وادان" التاريخية. ومن هناك انتقلت المخطوطة إلى مدينة "آزوكي"، التي استوطنت في بعض نواحيها من جهة بلدة "آكني" جالية رومانية مسيحية بيضاء البشرة، قبل مجيء "البافوريين" و"آسوانك" وقبل أن تصبح تلك المدينة- في القرن الثاني عشر الميلادي- العاصمة الأولى لدولة المرابطين وتؤوي ضريح كبير قضاتها الإمام الحضرمي المرادي.
بعد مئات السنين التي مكثتها في سكينة الصحراء، استأنفت المخطوطة النادرة رحلتها في دوامة عبر العالم. بدأ سباق بوليسي محموم بين كل من شبكات تهريب الآثار، والمافيا العالمية، والمنظمات السرية من جهة، ومصالح الاستخبارات الدولية والشرطة الدولية "الإنتربول" من جهة أخرى، بغية وضع اليد على تلك المخطوطة الفريدة. 
لكل طرف حساباته الخاصة بطبيعة الحال. فالمخطوطة هي مستند قديم يكتسي أهمية بالغة.. ربما تكون حلقة الوصل المفقودة بين المسيحية والإسلام، وهي وثيقة تمثل مرجعية دينية كبرى قد تهز استقرار العالم المسيحي الغربي. وقد تستخدم في أتون الصراع الحضاري لتغيير الموازين بين الشرق والغرب. وربما شكلت أكبر إدانة لعقدة التمركز حول الذات المتضخمة لدى الغرب وموروثه الإغريقي-الروماني. وقد تعطي ميزة الأفضلية في التحكم في تقرير مصير الشرق الأوسط. وهي فضلا عن كل ذلك، قد تمنح للإنسانية جمعاء قوة دفع هائلة من أجل تدبير ملفات كبرى، يترتب عليها مستقبل الاستقرار والتعايش السلمي في العالم، وهي ملفات عالقة في الوقت الراهن مثل حوار الحضارات وحوار الأديان.. 
في لحظة معينة من ذلك السباق، دخلت بعض التنظيمات الإرهابية على الخط للحصول على المخطوطة الثمينة من أجل تسويقها في مزاد الحرب السورية وتداعياتها الإقليمية على المنطقة والعالم. 
نقلت مافيا تهريب المنقولات الثقافية، التابعة للزعيم "لوتشيانو بانديتا"، بكل سرية وتحت أغطية لا تخطر على بال، المخطوطة من باريس إلى "سان تروبيز" على شاطئ "الرفييرا"، ومن هناك إلى البندقية من أجل تحديد ثمنها، ثم إلى نيويورك من أجل تسويقها. 
وعلى هامش مؤتمر للمافيا في "بيفرلي هيلز" بكاليفورنيا، حصل خلاف بين زعمائها، فطارت الآنسة "ماريانا" بالمخطوطة مخبأة في تابوت يحمل جثمان إبنها "آنجلو" إلى مرسيليا، ثم أودعتها في مخازن مؤسسة الموانئ الحرة بجنيف، قبل أن تعثر لها على مشتر يريد إتمام الصفقة في قبرص. 
لكن، بينما كان "الموساد" الإسرائيلي يسابق المخابرات الإيرانية من أجل اقتناء المخطوطة في "لارنكا"، جرى اختطفها من طرف "داعش" التي هربتها إلى مدينة الرقة السورية، قبل أن يتوهم مهرب آثار تركي بأنه حملها معه في رحلة قادمة من بيروت. لكن، بعد إلقاء القبض عليه في اسطنبول تبين بأن المخطوطة قد اختطفت من جديد أثناء الرحلة عبر مطار الملكة "علياء" في عمان.. 
نجح الجناح الأمني لجماعة "غولن"، بعد اختراقه للمخابرات التركية، في استبدال الحقيبة داخل الطائرة قبل هبوط رحلة الملكية الأردنية رقم 406 في مطار "آتاتورك" الدولي. وتم وضع حقيبة مكانها تحتوي على صورة مكبرة من مشهد إعدام رجال من الطائفة الأرمينية أمام الملإ في اسطنبول. كانت رسالة لتضليل الحكومة حول حقيقة الجهة التي اختطفت الوثيقة داخل الطائرة. 
الأتراك ابتلعوا الطعم، لكنهم استعملوا الحيلة للحفاظ على ماء الوجه أمام الرأي العام. جرى استعمال نسخة من إنجيل آشوري قديم أخذ من الموصل، وكانت السلطات التركية قد صادرته مخبأ في شحنة خضار مصدرة إلى روسيا. في اليوم التالي أعلن وزير الثقافة  من خلال التلفزيون، العثور على النسخة الأصلية لإنجيل "برنابا" وتم إيداعها في متحف اسطنبول الأثري.
لكن مخطوطة إنجيل "برنابا" وجدت طريقا آخر لخلاص غير متوقع.. بعد أن تأكدت "السائحة" الغربية (الآنسة ماريانا) التي هربت المخطوطة أصلا، بأن لعنة سخط إلهي تطاردها من جراء خطيئة سرقة المخطوطة، خاصة بعد أن فقدت ابنها الوحيد "آنجيلو" بشكل مفاجئ، كما لقي والده السيد "كلاوديو" حتفه في ظروف غامضة بعد ذلك بأسابيع قليلة، إثر تعرضه لجلطة دماغية. وبعد مفاوضات شاقة ومعقدة مع البروفسور "حامدون" بطل الرواية وبالتنسيق مع "الإنتربول"، قررت الآنسة "ماريانا" أن تعيد المخطوطة مستعينة بصديقتها القديمة "فاسلافيتا"، التي تقمصت شخصية أرملة ملياردير من آذربيجان من أجل اختراق شبكة المهربين،  كما قررتا أن تسلما نفسيها للعدالة الدولية في روما.

حمل الرواية الان


** * **


نبذة عن المؤلف
محمد السالك ولد إبراهيم ولد أحمد بانم، باحث وكاتب موريتاني الجنسية، من مواليد سنة 1963 في مدينة أطار بشمال موريتانيا، حاصل على عدة شهادات جامعية عليا في الفلسفة وعلم الاجتماع،  والعلاقات الدولية والإدارة العمومية الدولية. 
عمل خبيرا استشاريا في مجال تحليل و تقييم السياسات العمومية مع العديد من المنظمات الدولية و المعاهد المختصة، و باحثا في الشؤون الإستراتيجية  وقضايا التغيير الاجتماعي و الإصلاح السياسي.
كما عمل دبلوماسيا في باريس وأوتاوا، وناطقا رسميا باسم وزارة الخارجية الموريتانية في انواكشوط.
يمارس المؤلف الكتابة والنشر الرقمي على الإنترنت web curator عبر أكثر من 10 مجلات scoop.it  على  و عبرBeta 2.0 . على الإنترنت. كما يمكن الإطلاع على بعض مقالات الباحث باللغتين العربية و الفرنسية  على مدونته على الرابط التالي: http://mohamed-saleck-brahim.blogspot.com/
رواية "لغز إنجيل برنابا" هي باكورة الأعمال الأدبية المنشورة للمؤلف.
للاتصال بالمؤلف البريد الالكتروني:
medsaleck@gmail.com