من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن.
بهذه العبارة الخالدة غير رسول الله معادلات نتائج النصر على العدو، فلم تعد المسألة انتقاماً رخيصاً من المهزومين الذين لا حول لهم ولا قوة، بل هو العفو عند المقدرة.
هذه الأيام يستن النظام السعودي سنناً جديدة فمن دخل سفارة بلاده فهو غير آمن.
في العادة فإن شعور الفرد عندما يكون في بلد أجنبي فيدخل سفارة بلاده فكما لو أنه دخل
بيته فأرضها هي جزء من بلاده ، وناسها هم ناسه الذين لا يراهم في كل مكان في البلد الأجنبي الذي يزوره أو يقيم فيه.
بيته فأرضها هي جزء من بلاده ، وناسها هم ناسه الذين لا يراهم في كل مكان في البلد الأجنبي الذي يزوره أو يقيم فيه.
ولكن لا أعتقد أن هذا الشعور بالارتياح ينتاب المواطن العربي مهما كانت جنسيته ، فالهوة كبيرة بين المواطن العادي وهذه السفارات التي لا تمثله بل تمثل نظام بلاده فقط، بل إن بعض المواطنين العرب يشعر بالغم والهم إذا كان له معاملات في سفارة أو قنصلية بلاده.
كل سفارات العالم تطبق قول الرسول السابق فأي فرد مهما كانت جنسيته يدخل أي سفارة في العالم فهو أمن.
وليس بعيداً مثل جوليان آسانج ، ناشر وثائق ويكيليكس، الذي يعيش منذ فترة طويلة في سفارة الإكوادور وهناك أكثر من حكومة في العالم على رأسها السويد والانتربول الدولي تطالب به وتكمد غيظها منتظرة خروجه منها.
ها نحن نرى النظام السعودي يستن قانوناً جديداً في العلاقات الدولية وفي مفهوم (السفارة) منذ نشوئها.
مفهوم القنص والاصطياد للمواطنين العاديين الذين يريدون خدمة بسيطة تساعدهم في حل مشاكلهم في الغربة.
ولكن لم يكن جمال خاشقجي مواطناً عادياً بل كان صحفياً معروفاً وله علاقات دولية واسعة ، ومن هنا جاءت هذه الضجة الكبرى حول اختفاءه بعد دخوله .
والنظام السعودي يردد بغباء ليس له مثيل أنه خرج من القنصلية بينما تقف خطيبته خارجها منتظرة ذلك منذ لحظة دخوله.
هل يمكن القول أن جمال خاشقجي معارض للنظام السعودي ؟ والجواب بالنفي فالمعارضين لا يدخلون عرين الأسد بأرجلهم فلن يسأل أو يهتم بهم أحد ، أما جمال فهو من نوع :
نعم ولكن يمكن تناول الأمر بطرق أخرى .
أي أنه الناصح الأمين وبمعنى آخر يمكن أن يكون مستشاراً للنظام ولكن حتى هذه الاستشارة العلنية غير مقبولة عند هذا النظام المغلق.
والاستهانة بالحياة الإنسانية واضح في كل تصرفات هذا النظام
فلا يقتصر الأمر على الأفراد بل على شعوب بأكملها، فبصمات هذا النظام واضحة في العراق وسوريا وليبيا واليمن، حيث قتل ويقتل منذ فترة طويلة مئات الألوف من البشر ويتم تشريدهم وتجويعهم وبدون أن ترف لهم جفن.
ومع كل التمنيات أن لا يصاب الأستاذ جمال خاشقجي الصحفي المرموق بأي مكروه ولكن الحدث أثبت أن هذا العالم منافق ومرائي ، فكيف يسكتون ولا يتألمون لمشاهد شعب اليمن البريء وهو يذبح ويقتل ويشرد ويجوّع بالفعل المباشر من طائرات النظام السعودي وليس له في ذلك أي ذنب.
ولو قال أحدهم أن رجلاً ضخماً صحيح العافية في مقتبل شبابه يحفر قبراً ليدفن نفسه فيه لأصبح عرضة للسخرية.
ولكن أنظمة مثل النظام السعودي وبتصرفات كهذه إنما تحفر قبرها بنفسها، فعدم المبالاة بالعواقب وكأنها وحدها في هذا العالم تطبق شريعة الغاب وتضع كل من ينبس ببنت شفة في السجون والمعتقلات، على أقل تقدير، أو التصفية كما حدث مع كثير من المعارضين.
وهذا مرض أصيبت به الكثير من أنظمة الحكم الفردي وكان سبباً في مقتلها يسمى غرور القوة
أما إذا أضفنا التهور والطيش إلى الغرور فإن هذه وصفة للانتحار السريع.
سيدخل النظام السعودي التاريخ كمجرم حرب مثله مثل الفاشية والنازية ومن على كل هذه الشاكلة.
وليس ذلك ببعيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق