16 أبريل 2016

هل يستطيع الملحق العسكري السابق في الرياض أن يقول لها لا؟

بقلم: زهير كمال
يتفق الجميع على أن دول العالم كافة ، صغر شأنها أم كبر، تحاول تجميع نقاط القوة لحماية مصالحها أو لتدخل في روع الآخرين وحساباتهم مدى قدرتها على التأثير. 
هل ينكر أحد أن جبل طارق هو أرض إسبانية ؟ ومع هذا تحتفظ به بريطانيا منذ قرون؟ ورغم مطالبات إسبانيا المتكررة ووصول العلاقات بين الدولتين الى حد الأزمة في الماضي القريب، إلا أن بريطانيا لن تعيده الى إسبانيا، فالمضيق له أهمية استراتيجية كبرى وصانع القرار يفكر بأنه يوماً ما ستتم الحاجة اليه. 
وفي العصر الحديث، احتلت إيران الجزر الإماراتية الثلاث دون وجه حق وادعت أنها إيرانية، وهذه الجزر ليست بأهمية تيران وصنافير في فم خليج العقبة.
وكثيراً ما نوقش موضوع التخلي عن الجزر من الناحية الشرعية وهل تتبع الحجاز أم مصر، وهي دوامة ليس لها آخر، فمصر والحجاز ومنذ ألف وأربعمائة عام كانتا ضمن دولة واحدة، ولكن في العصر الحديث خضعت الجزر للسيادة المصرية ودفع جنود وضباط مصر ثمناً غالياً فيها ومن أجلها.
ومن يطرح مسألة الشرعية والقوانين، عليه أن لا يكيل بمكيالين. على النظام السعودي مثلاً إعادة نجران وعسير الى السيادة اليمنية ، وعلى الكويت أن تعترف بأنها المحافظة العراقية التاسعة عشرة وأن تتصرف على هذا الأساس.
هذه الشرعية هي آخر ما يفكر فيه المخططون الإستراتيجيون عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي وإنما يناقش الموضوع من ناحية الأهمية والميزات العسكرية . ولا شك أن العسكرية المصرية الحقة ، رغم رئيسها، قد أصيبت بصدمة كبرى وهي تراه يتخلى عن موقع هام وورقة ضغط بيدها، هذا التخلي الذي يؤدي الى الإخلال بموازين القوى والإضرار بالأمن القومي المصري، ومن ثم بالأمن القومي العربي ، إذاً فلماذا قام السيسي بهذا العمل المستغرب؟
قيل على ألسنة الكثير إن الوضع الاقتصادي السيء هو السبب ، ويقوم الإعلام التافه بتضخيم هذا السوء ويصور مصر وكأنها على شفا الإفلاس حتى يدخل في روع الجماهير بأن السيسي على حق وأن هناك إنقاذاً لمصر ومنفعة مادية عظيمة ستعود على مصر واقتصادها.
وفي هذا المجال لا بد من التذكير بقضية إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة بسبب تصريحه الشهير عن الفساد وحجمه الأسطوري في مصر والبالغ ستمائة مليار جنيه في العام الواحد، ولو كانت هناك نية صادقة من قبل رئيس النظام في إصلاح الوضع الاقتصادي ووضعه على قدميه لقضى على الفساد المستشري في كل مرافق الدولة، كيف لا وهو العسكري المحترف كما يدعي.
أما بالنسبة للمنفعة الاقتصادية المرجوة فستظل حبراً على ورق ، فالنظام السعودي غير قادر على تنفيذ تعهداته ، فهو يعاني من صعوبات اقتصادية جمة بسبب سياساته البترولية الحمقاء والإنفاق الهائل على الحروب وشراء الأسلحة، وأفضل مثل على عدم قدرة النظام على توفير رأس المال هو وقف المعونة العسكرية للبنان والبالغة 3 مليارات دولار ، ولحفظ ماء الوجه وجد النظام ذريعة حزب الله وضرب بعرض الحائط بكل أصدقائه في لبنان.
وربما يجب التذكير بموقف السادات الذي سوّق السلام مع إسرائيل أنه سيجلب الرخاء لمصر وسينعم المصريين بعدهابالراحة والعيش المريح. أما اليوم فيتم تصوير الوضع بأن مصر فقيرة ومحتاجة وأن النظام السعودي هو المنقذ من الإفلاس والغرق. ويسوّق الإعلام التافه هذه الإسطوانة عن تنمية سيناء.
ويقول المثل الأمريكي الشهير: ليس هناك وجبة غذاء مجانية.
ولكن لن يلدغ الشعب المصري من نفس الجحر مرة أخرى. إذاً ما هي الأسباب الحقيقية التي أجبرت السيسي على إهداء الجزيرتين الى النظام السعودي؟
بداية لا بد من التنويه أن مكانة مصر الدولية وتأثيرها في الأحداث الدولية قد تدهور فوصل الى الحضيض بفضل جهود حسني مبارك ، فأصبحت مصر في الشرق الأوسط مثل نيجيريا في جنوب غرب إفريقيا، دولة ذات مساحة كبرى وعدد سكان ضخم إنما مجرد دولة من العالم الثالث تطحنها الأمية والتخلف المصاحب للفقر والمرض والفساد. وهكذا فقدت أهميتها في نظر الولايات المتحدة خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. وقد سمح هذا الانحسار للاعب إقليمي يعمل تحت المظلة الامريكية، مثل النظام السعودي بمحاولة شراء النفوذ في مصر وغيرها خلال عدة أساليب من بينها:
الأسلوب الأول : الإعلام إما مباشرة بشراء والصحف والقنوات التلفزيونية أو شراء الصحفيين وحملة الأقلام.
الأسلوب الثاني: إغداق المال على السياسيين وصانعي القرار ورجال الجيش سواء من يملكون النفوذ أو من يتوقع لهم مستقبل في صنع السياسة المصرية.
أما مبارك فلم يمانع أبداً في تخريب الذمم والأخلاق كونه عسكري فاسد.
وضمن هؤلاء الذين تم شراؤهم كان عبد الفتاح السيسي الملحق العسكري في السفارة المصرية في الرياض. وقد تم الدفع به الى الأمام حتى يصبح وزيراً للدفاع في حكومة مرسي. ومن أجل الدفع به أكثر ليصبح رئيساً للجمهورية ضحى النظام السعودي بصداقته مع الإخوان المسلمين التي طالت لأكثر من ستين عاماً ، بل وصل الأمر الى اعتبارها جماعة إرهابية.
كل الدلائل كانت تشير الى تبعية السيسي للنظام السعودي ، ولعل ذهاب رئيس مصر الى طائرة الملك عبدالله في مطار القاهرة دون اعتبار لمكانة مصر وقيمتها كان عملاً تخطى الأعراف والتقاليد الدبلوماسية بين الدول.
ولو اقتصر الأمر على ذلك لهان الأمر ، ولكن التأييد الأعمى لعبث النظام بأمن الدول العربية وتدميرها وتهجير أبناءها وتجويعهم إنما ضريبة يدفعها السيسي ومصر لأخطاء الماضي. وقد وصلت هذه الضريبة اليوم الى إهداء الجزيرتين للنظام السعودي ومن يعلم بعد ذلك ما هي الهدايا الأخرى التي سيقدمها على هذا الطريق.
ما العمل:
لم يعد الأمر يتعلق بتغيير رئيس عميل أو فاسد أو خائن ، فطبيعة نظام الحكم الفرعوني ستولد أمثال هؤلاء دائماً، وإنما لا بد من التغيير الى النظام البرلماني حيث يملك الرئيس ولا يحكم ويكون رئيس الوزراء مسؤول أمام مجلس النواب، ولن يكون هناك خلاص لمصر أو للدول العربية إلا بتبني هذا الأسلوب في الحكم

14 أبريل 2016

لا تنتظروا خيرا من برلمان او استفتاء .. أنسيتم ما حدث فى كامب ديفيد؟

بقلم محمد سيف الدولة
أكدنا من قبل ان التنازل عن ارض الوطن محظور دستوريا ومجرم جنائيا، وانه ليس لرئيس الجمهورية ولا السلطة التنفيذية ولا البرلمان ولا السلطة القضائية ولا الاستفتاءات الشعبية، أى حق أو صلاحية للتنازل عن أراضى الوطن.
ولكننا نسمع اليوم دعوات من بعض المعارضين للتفريط فى جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، يطالبون فيها البرلمان برفضها، والبعض الآخر يطالب بعرضها على استفتاء شعبى، متجاهلين انه لا يجوز، اصلا، مناقشة اتفاقية باطلة وفقا لمواد وقواعد الدستور ناهيك على مناهضتها للثوابت والمصالح الوطنية.
ولكن مع ذلك رأيت ان أُذَّكر حَسِنى النية منهم بما حدث لنا من كوارث، على امتداد عقود طويلة، حين سلمنا مصائرنا لبرلمانات مصنعة فى مؤسسات السلطة التنفيذية وأجهزتها الامنية، أو لاستفتاءات مزورة وسابقة التجهيز.
ولنا فى حكايه البرلمان مع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، المشهورة باسم كامب ديفيد، عبرة لا تنسى.
***
قلبت كامب ديفيد حياتنا رأسا على عقب
خطفوا مصر و باعوها للأمريكان
وجعلوا من العدو الصهيوني ، قطر شقيق
وقبل أن نستوعب الموقف ، كانت الطبخة قد استوت ، والمؤامرة قد اكتملت ، والإجراءات قد استوفيت .
وعلى رأس هذه الإجراءات، أتت موافقة مجلس الشعب على المعاهدة المشئومة، وما تلاها من مهزلة الاستفتاء الشعبى.
فى معظم بلدان العالم تأخذ مثل هذه القضايا المصيرية جهودا شاقا ومناقشات حامية و حقيقية، أما عندنا، فكل شىء مضمون وسهل ، فيمكن ان تباع مصر كلها فى غمضة عين بمبايعة "الشعب" ومباركة البرلمان.
والى حضراتكم القصة الكاملة كما حدثت منذ 37 عاما :
***
الحكاية
· 26/3/1979 تم توقيع اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل في واشنطن.
· 4/4/1979 وافق مجلس الوزراء بالإجماع في جلسة واحدة على الاتفاق .
· 5/4/1979 أحيلت الاتفاقية الى لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية والأمن القومي والتعبئة القومية بمجلس الشعب لإعداد تقرير عنها.
· فى 7/4/1979 اجتمعت اللجنة ودرست و اطلعت على 31 وثيقة تتضمن مئات الأوراق والمستندات والخرائط ، وفيها ما ينص على نزع سلاح ثلثى سيناء .
· 8/4/1979 أصدرت اللجنة تقريرها بالموافقة على الاتفاق .
· 9/4/1979 إنعقد مجلس الشعب برئاسة سيد مرعى لمناقشة الاتفاقية وتقرير اللجنة و قرر إعطاء 10 دقائق فقط لكل متحدث من الأعضاء .
· 10/4/1979 أغلق باب المناقشة بعد إعطاء الكلمة لـ 30عضو فقط
· 10/4/1979 وفى نفس الجلسة اخذ التصويت على الاتفاقية وكانت نتيجته : 
o 329 عضو موافق
o 15 عضو معترض
o واحد امتنع
o 13 تغيبوا
· 11/4/1979 أصدر الرئيس السادات قرارا بحل مجلس الشعب ، وبإجراء استفتاء على الاتفاقية وعلى حل المجلس وعلى عشرة موضوعات مختلفة حزمة واحدة .
· 19/4/1979 تم استفتاء الشعب على المعاهدة بدون أن تنشر وثائقها ، وبدون أن يتعرف على خباياها .
· 20/4/1979 أعلنت وزارة الداخلية ان نتيجة الاستفتاء كانت كما يلى :
o وافق الشعب على المعاهدة التى لم يقرأها ولم يتعرف على بنودها .
o ووافق فى نفس الوقت على حل مجلس الشعب الذي كان قد وافق هو الآخر على ذات المعاهدة .
o وجاءت نسبة الموافقة 99,5 %
· و منذ تلك اللحظة ، أصبحت مصر الرسمية ملتزمة بالمعاهدة.
***
مر على هذه الأحداث ، أكثر من 37 عاما،
ناضلت خلالها ، ولا تزال ، كل قوى مصر الوطنية ضد هذه المعاهدة وضد قيودها وآثارها ، وطالبت بإلغائها او بتجميدها او بتعديلها .
وبذلت فى سبيل ذلك جهودا هائلة ، ودفعت أثمانا فادحة .
ولكن بلا طائل ، فالمعاهدة باقية و مُفَعَّلة على قدم وساق .
وبالطبع لم يعد أحد يتذكر الآن تزوير انتخابات برلمان 1976-1979 ولا تزوير استفتاء كامب ديفيد.
ولم يعد أحد يطرح بطلان المعاهدة لفساد الإجراءات وتزويرها .
فالأمر الواقع الحالي ان المعاهدة قائمة وسارية و مؤبدة، ممنوع الاقتراب منها او لمسها، بل اصبحت هى دستور مصر الفعلى والمصدر الرئيسى للتشريع.
هذا نموذج واحد فقط من آلاف التشريعات والاتفاقيات والقرارات، التى دمرت بلادنا، وأفسدت حياتنا رغم أنفنا.
***
فهل يعقل بعد كل هذه الكوارث، أن نظل نراهن على برلمان صنعوه بأيديهم، أو على استفتاء، نتيجته مُعَّدة ومعلومة مسبقا ؟!
وهل الخلاف بيننا وبين بائعى "الجُزُر" يقتصر على شكل واخراج واجراءات صفقة البيع ؟
هذا كلام لا يعقل ولا يليق.
*****
القاهرة فى 14 ابريل 2016
موضوعات مرتبطة:

13 أبريل 2016

ردا على السيسى ..لن نسكت ولن نفرط فى أرض مصرية

بقلم : محمد سيف الدولة
طالب السيسى فى كلمته اليوم، المصريين بالثقة فيه وقبول القرار المصرى الرسمى بالتنازل عن جزيرتى تيران و صنافير للملكة العربية السعودية، والكف عن معارضته واغلاق باب النقاش فيه.
ونحن نقول له عفوا لن نسكت ولن نقبل التفريط فى ارض مصرية، فالشعوب لا تفرط فى ترابها الوطنى لمجرد سماعها لكلمتين ناعمتين من رؤسائها، يزكون فيها أنفسهم ويقسمون بأغلظ الايمان انهم وطنيون. فكل أوطاننا وحقوقنا التى ضاعت، أضاعها ملوك ورؤساء.
من الذى اضاع فلسطين وتصالح مع العدو الصهيونى واعترف بشرعية اسرائيل وطبع معها؟ ومن الذى ينسق أمنيا وعسكريا معها ليل نهار؟ ومن الذى وقع على معاهدة تجرد مصر من حقها فى نشر قواتها وسلاحها فى سيناء؟ ومن الذى باع مصر للامريكان، وأعطاهم ٩٩٪ من أوراق اللعبة ؟ ومن الذى يقدم التسهيلات والتشهيلات اللوجيستية لقواتهم فى قناة السويس ومجالنا الجوى فى عغزوها للمنطقة وعدوانها على العراق؟ ومن الذى فكك وضرب الاقتصاد الوطنى وباع القطاع العام تنفيذا لروشتات صندوق النقد والبنك الدوليين ولصالح المنتجات والشركات الرأسمالية الأجنبية؟
أنكم انت رؤساء وملوك وحكام الدول العربية، انه نظام مبارك الذى جئت انت لإعادة إنتاجه وإحيائه من جديد. ان إسطوانة أنكم وطنيون وان مؤسسات الدولة كلها وطنية لا يمكن ان تقبل بالتفريط فى ارض الوطن، هو كلام لم يعد يقنع احدا، فلا تراهنوا عليه، واعلموا ان الغضب عارم، وان الناس لن تسكت هذه المرة.
*****
القاهرة فى 13 ابريل 2016

11 أبريل 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة: التنازل عن الأرض محظور دستوريا ومُجَرَّم جنائيا

تنص المادة 151 من الدستور على ((يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة))
***
وتنص المادة 77 من قانون العقوبات على أنه ((يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى الى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها))
***
وتنص المادة 77 (هـ) على أنه (( يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة فتعمد اجراءها ضد مصلحتها ))
وهنا تجدر الاشارة الى أن نص المادة 77 هـ ، تناول مصلحة البلاد، بصرف النظر عن طبيعة القضية المثارة، وبصرف النظر، فى قضية مثل الجزر المثارة حاليا، عن هويتها والسيادة عليها، مصرية كانت أو سعودية. فالضرر بمصالح البلاد هو الشرط الوحيد الذى اشترطه المشرع لاعتبار الجريمة متحققة.
وبتطبيق ذلك على حالتنا سنجد أن فى التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، اضرارا بالغا بالمصالح العليا للبلاد وبأمنها القومى، اذن انها تؤدى الى تجريد مصر من سلاح فعال ومهم وخطير فى مواجهة اسرائيل فيما لو تجددت الحرب بيننا، اذ تجردها من قدرتها على إغلاق الملاحة فى وجه السفن الاسرائيلية، وتجعل منه قرارا سعوديا، بل تجردها منه، فى غير حالة الحرب، كسلاح ردع محتمل، تحسب له اسرائيل ألف حساب قبل أن تقدم على أى مغامرات عدوانية جديدة. وهو ما يمثل ثغرة إضافية فى جدار الأمن القومي فى مواجهة هذا الكيان الصهيونى العدوانى غير المؤتمن، تضاف الى الثغرات بل الفجوات الأخرى التى وردت فى معاهدة السلام، وقيدت وجردت غالبية ارض سيناء من السلاح والقوات الا بموافقة اسرائيل، وأخضعتها لمراقبة قوات اجنبية تحت ادارة امريكية لا تخضع للأمم المتحدة.
*****
القاهرة فى 11 ابريل 2016

10 أبريل 2016

ليس لرئيس الجمهورية ولا للبرلمان ولا للاستفتاء الشعبى أن يتنازل عن أرض الوطن

بقلم : محمد سيف الدولة
تيران و صنافير ارض مصرية، آلت الينا بالاختصاص التاريخى، وأصبحت جزءً لا يتجزأ من أرض الوطن. ولا تخضع للقواعد المنظمة لترسيم الحدود البحرية.
والأوطان، لا يحق لكائن من كان ان يتنازل عنها للغير، سواء كان رئيس الجمهورية او البرلمان المصرى او السلطة القضائية، او كلهم مجتمعين، كما لا يحق التنازل عنها ولو باستفتاء شعبى.
لان الارض هى ملكية تاريخية مشتركة بين كل الاجيال؛ الحالية والماضية والقادمة، فلا يحق لجيل واحد ان يتنازل عنها.
ولو افترضنا جدلا أن كل الشعب المصرى قد أجمع على التفريط فيها أو التنازل عنها، لكان هذا تصرفا باطلا، لانه بذلك يعتدى على ملكية الاجيال القادمة لها. فليس له سوى الانتفاع بهذه الارض التى ورثها عن آبائه وأجداده الذين ناضلوا لعشرات القرون لكى يستقروا عليها ويختصوا بها ويدافعوا عنها ويسلموها له كأمانة، ليقوم بدوره بحمايتها والحفاظ عليها والاحتفاظ بها كعهدة وأمانة غالية ومقدسة الى ان يسلمها هو الآخر الى الجيل التالى حرة ومستقلة وآمنة وهكذا.
ولذلك نقول ان الاوطان لا تباع ولا تشترى ولا تستبدل.
وبناء عليه، فان الاتفاقية التى تم بموجبها تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، هى اتفاقية باطلة. وكل من يوقعها او يوافق عليها يستوجب المسائلة والمحاسبة.
*****
القاهرة فى 10 ابريل 2016

06 أبريل 2016

سيد أمين يكتب: سقطة اليوبيل الماسي للصحفيين

اقرأ المقالعلى  الجزيرة مباشر من هنا
آخر تحديث : الأربعاء 06 أبريل 2016   12:39 مكة المكرمة
"سقطة" كبيرة لنقابة الصحفيين المصريين حينما "تفرد" مجلسها بدعوة رئيس السلطة التنفيذىة عبد الفتاح السيسي لرعاية اليوبيل الماسي لها بمناسبة مرور  75 عاماً على إنشائها ،في سابقة تاريخية لم تشهدها النقابة من قبل حتى في أعتى عصور "الزعيم العسكري" في الستينيات.
وهى دعوة عجيبة وغير مفهومة وتأتى خارج السياق لأسباب كثيرة ،أهمها أن من دعته النقابة لرعاية اليوبيل الماسي لها "تفرد" عصره عن أقرانه من  الحكام العسكريين في مصر  بأكبر عدد من الصحفيين المقتولين، الذين قتل بعضهم بطريقة يمكن "تلبيسها" لغير عناصر الشرطة، ومنهم من قتل بشكل واضح برصاص الشرطة وبتغطية الكاميرات، وذلك دون أن تقدم السلطة قاتلاً واحداً حقيقياً للمحاكمة.
كما شهد عصره أكبر عدد من الصحفيين المعتقلين والذين استكثروا عليهم صفة "الاعتقال" فَلُفْقَتْ لهم "القضايا الجنائية " ليصبحو مساجين "جنائيين" مع تجار الكيف وبغاة الدعارة.
وأيضا "تفرد" عهده بأكبر عدد من الصحفيين الفارين لخارج البلاد من جحيم التربص والمداهمات والمطاردات، وأكبر عدد من الصحفيين المفصولين، وأكبر عدد من الصحفيين الذين منعوا من الكتابة ، وأكبر عدد من الصحفيين الذين غُلقت في وجوههم أبواب العمل بأمر من "اللهو الخفي" المتحكم في كل ما ينشر أو يكتب داخل هذا البلد.
يأتى ذلك رغم أن النقابات هى مؤسسات غير خاضعة لسلطة الحكومة، وأن عمل الصحفيين يأتى على طرفي النقيض من السلطة التنفيذية التى يترأسها من دعته لرعاية احتفالها، وبالتالي فهذه الدعوة سياسية بحتة.
ورغم ذلك فأنا لست مقتنعاً بتاتاً بأن قريحة بعض أعضاء مجلس النقابة تفتقت عن هذا الاقتراح العبقري من تلقاء نفسها، واعذرونى إن كنت أشك، بل أجزم، أنه قد طلب منهم طرح تلك الدعوى،خاصة لأنهم يعلمون جميعا  حجم الاستهجان والمعارضة التى سيلاقيها هذا الطرح، ليس من مجموعة الصحفيين النشطاء نقابيا فحسب، ولكن أيضا من قطاع عريض من الصحفيين الذين يخشون الجهر بالاعتراض.

التحول إلى العنصرية
السقطة تلك سببها أن النقابة ومَن أوعزَ لها بالسقوط ،حاولت التواطؤ على دماء وآلام أعضائها ، وأن تقدم بشكل بائس شهادة زور ، تزين وجه الحقيقة القبيح للعالم عن واقع هو يراه ويلم بتفاصيله أكثر منها ، وحَزم وجَزم بأن "المحروسة" ثانى أكبر دولة في العالم تنتهك حقوق الصحفيين ، وأنها على شفا أن نكون "كوريا شمالية" أخرى في العالم.
وما يحز في نفوس كثير من الصحفيين المنتهكة حقوقهم ، أنهم رأوا نقابتهم التى كانوا يعتبرونها بيتا من بيوتهم ، تتنكر لهم وتتعامل معهم بسياسة الفصل العنصري التى انقرضت حتى في أوطانها، في لحظات هم يعانون فيها الويلات في السجون الانفرادية من المرض والجوع والنوم على الأرض فضلا عن شتات أسرهم وفقدانهم عائلهم ، فتقلص حلمهم إزاء كل هذا الغبن في مجرد زنزانة بها تهوية وبها "حصيرة" ينامون عليها، خاصة أنها هى ذاتها نقابتهم تلك التى كانت تنتفض في الأيام الخوالى ليلا ونهارا وفي الأبكار والأسحار  لو "عثرت" قدم صحفي "مختوم" أمنيا في الطريق، وعلى أساس أن مرسي لم يُعَبْدها له.

دليل التواطؤ
وكشف مجلس نقابة الصحفيين عن عظيم تواطئه وانحيازاته السياسية، حينما قام بإعداد فيلم وثائقي عن النقابة ،دارت به شاشات العرض في كل الأدوار إحياء لليوبيل الماسي ، قاموا من خلاله بممارسة الدعاية السياسية الخرقاء لنظم الحكم العسكرية ، وبدلا من أن يتم استعراض أوضاع النقابة في كل العهود ، راحوا ينهون الفيلم فقط حتى العام اليتيم للدكتور "محمد مرسي" الذى استعرضوه بشكل تحريضى فيه قدر من السخرية والإساءة للرجل ، ناهيك عن وصف عام حكمه بحكم "الإخوان"، ومع ظهور صورة "مرسي" ظهرت الدماء على الأرض تسيل بغزارة ، وعناوين "المقاومة" في الصحف لهذا النظام "الفاشي" وصور الشهيد الحسينى أبو ضيف تم استدعاؤها بكثافة مع التلميح بأن "الإخوان"هم من قتلوه ، ولا نعرف كيف أثبتوا ما لم تثبته حتى تحقيقات النيابة أو القضاء.
وبدلا من أن يكملوا العرض إلى عام 2016 تجنبوا الخوض في ينابيع الدم التى تفجرت في ربوع مصر بعد ذلك.
الغريب أنه رغم وجود 15 صحفيا استشهدوا منذ يوليو 2013 ، إلا أن "الزهايمر" أصاب ذاكرة معدى الفيلم ولم يتذكروا منهم إلا ثلاثة فقط ،لقطة عابرة عن الشهيد محمد محمود في أحداث ثورة يناير، والحسينى أبو ضيف صاحب نصيب الأسد من التغطية كما هو الحال على الجدران الخارجية والداخلية للنقابة، وميادة أشرف التى استشهدت في عهد السيسي لكن التقرير راح يزج بها وكأنها استشهدت في عام حكم مرسى، أو كأنها كانت ضحية له .

العمل بالسياسة
ورغم دعوة السيسي لرعاية اليوبيل الماسي ، ورغم  أن الفيلم تباهى بخروج 11 مسيرة من النقابة مناوئة لحكم"الإخوان"، إلا أن النقابة راحت تتهم الصحفيين الرافضين لدعوة السيسي لرعاية اليوبيل الماسي بأنهم من ذوى المواقف السياسية ، وهو قول هزل في موضع الجد ، لأن من دعا رئيس السلطة التنفيذية ورئيس البلاد هو مَن يمارس السياسة ، ومن أنتج فيلما بمثل كل هذا القبح هو من يمارس السياسة على حساب دماء زملائه.
والأهم  القول إنه من حق الصحفي أن يعبر عن رأيه السياسي، فهو محلل وكاتب وناقد ومواطن، وليس حمارا يحمل أاسفارا، لكن ما لا يحق أبدا هو أن تعبر نقابة الصحفيين عن السياسة، فهى كيان اعتباري يضم كل الناس من شتى التيارات، ومواقفها السياسية يجب أن تكون بالإجماع وليس حتى بالأغلبية.

مجدى حسين
فى الحقيقة يظهر غبن مجلس نقابة الصحفيين جليا في تعاملها مع الكاتب الصحفي مجدى أحمد حسين أحد أعضاء مجلسها السابقين ، فالرجل صدرت ضده أحكام مغلظة بالحبس ثماني سنوات في قضايا نشر وتعبير ، ولكن لم تكلف النقابة نفسها حتى بإصدار بيان لدعمه كذلك الذى أصدرته لـ"اسلام بحيري" أو"فاطمة ناعوت" وهما ليسا أعضاء بها.
بل أن الغبن لم يلحق بالرجل المعتقل فقط في حاضره ومستقبله، بل امتد  ليلحق بماضيه وماضى الزملاء "محمد عبد القدوس" و"صلاح عبد المقصود"، فلم يظهر أحدهم في أى لقطة من لقطات الفيلم المؤامرة ، رغم أن بعضهم أمضى نصف عمره عضوا بمجلس النقابة أو وكيلا لها، كل هذا فقط لأنهم رفضوا الدخول في بيت الطاعة الذى ضم المجالس الحالية.

05 أبريل 2016

زهير كمال يكتب:نصرالله وحمل الراية ضد الرجعية

هذا المقال لايعبر بالضرورة عن رأى المدونة .. وان كان المدون يتفق مع الكاتب الكبير زهير كمال في كثير من التفاصيل حول الشيخ حسن نصر الله وحزب الله .. لكن لنا موقف رافض أيضا للزج بالحزب في سوريا وللمسحة المذهبية التى اتشح بها فانتقصت منه بهائه كمشروع مقاومة

«ابكِ مثل النساء ملكاَ مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال»
أم محمد أبو عبدالله المعروف بعبدالله الصغير.
في عام 1489 استدعاه فرناندو وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه ضربا حصاراً على المدينة. فقام عبد الله الصغير بتوقيع اتفاق ينص على تسليم غرناطة، على الرغم من رفض المسلمين لهذه الاتفاقية. وبسبب رفض أهل غرناطة هذه الاتفاقية، اضطر المسلمون الى الخروج في جيش عظيم للدفاع عن المدينة ، ولأن أبا عبد الله الصغير لم يستطع الإفصاح عن نيته في تسليم المدينة، قام بدب اليأس في نفوس الشعب من جهات خفية الى أن توقفت حملات القتال وتم توقيع اتفاقية عام 1491م التي تنص على تسليم المدينة, وتسريح الجيش .
المصدر ويكيبيديا
ماذا خطر ببال من بقي من الأمراء العرب الذين حكموا الأندلس وهم يعيشون في المنافي بعد أن فقدوا عزهم وسطوتهم ونفوذهم ؟ ألم يفكروا بأنه لو عاد التاريخ الى الوراء لكانت أفعالهم مختلفة ؟ هل كانوا مثلاً تآمروا وكاد بعضهم الدسائس ضد بعضهم الآخر ؟ هل كانوا تحالفوا مع أعدائهم سراً وعلانية ليحققوا بعض الانتصارات الصغيرة ؟ حتى كانت النهاية المحتومة خسارة فادحة للجميع.
ما أشبه اليوم بالبارحة ، ولكننا نبالغ إن قلنا إن بلادنا اليوم ستلقى نفس المصير ، فالأراضي العربية ليست بخصوبة وجمال بساتين غرناطة ، فمن يرغب في احتلال أراض عربية معظمها صحاري قاحلة؟ أليس أسهل وأرخص كثيراً توظيف الأمراء ليقدموا المواد الخام بسعر بخس ثم استرداد هذه الأموال ببيعهم أسلحة يقتل بها بعضهم بعضاً؟
هذا ما نراه اليوم والأمراء يتحالفون سراً وعلانية مع العدو ويختلقون أعداءً بهدف إشعال الحروب الأهلية في الوطن العربي. 
كان اعتقادي أن محمود عباس هو الوحيد بين حكام العرب الذي يؤمن بأن الاستسلام هو خير طريقة لتحصيل الحقوق المسلوبة. ولكن يثبت لنا كل يوم أنه ليس فريداً من نوعه أو فصيلته ، بل تفوق عليه أمراؤنا الذين لا يعترفون أصلاً بوجود حقوق للفلسطينيين في أرضهم، وينكشف كل يوم رياؤهم ونفاقهم.
ما زاد الطين بلة اعتقادهم أن حماية العدو لهم أفضل وأبقى من حماية شعوبهم ، وبالتالي فمقاومة الشعوب للعدو هي إرهاب في عرفهم ، وفي اعتقادهم أيضاً أن شعوبهم نفسها إرهابية ينبغي التخلص منها ، وهو ما نراه في ممارسات الخنق والتخويف والسجون والاعتقالات التي تحدث كل يوم في هذا الوطن العربي الكبير المبتلى بمرض اسمه نظام الحكم المتخلف.
في ثلاث مناسبات أجمعت الجامعة العربية عبر وزراء الداخلية والإعلام ثم الخارجية على أن حزب الله إرهابي. وكنت أبحث عن رجل من بين هؤلاء الوزراء يقول لا، عن رجل يستعمل المنطق، ويغار على المصلحة العربية العامة، لكنهم كما وصفتهم في مقال سابق إنما خدم في قصور الأمراء ، ومعيار كفاءتهم الوحيد هو الطاعة العمياء للأمير.
كان الرئيس عبد الناصر أول من أطلق تسمية الرجعية العربية على الأمراء العرب ( ملوكاً ورؤساء )، أمثال هؤلاء الذين ضيعوا الأندلس، ووضعهم في سلة واحدة مع أعوان الاستعمار وإسرائيل ومعه كل الحق في ذلك .
في زمن عبد الناصر كانت الرجعية العربية مختبئة في جحورها لا تستطيع ولا تقوى على المواجهة وإن واجهت فمن خلف ستار، تكيد وتصنع الدسائس والمؤامرات للقضاء على القوى الناهضة في مجتمعاتنا العربية ، ونجحت في ذلك بمعاونة إسرائيل عبر هدية كبيرة هي الهزيمة الماحقة للجيش المصري في حرب 1967، مما اضطر الرجل لمهادنة الرجعية على مضض.
بعد هذه الهدنة الاضطرارية لم يستعمل أحد هذه الكلمة ، وغابت الكلمة ( أو تم تغييبها )عن القاموس السياسي العربي ولم يكن هذا محض صدفة ، كان المطلوب تغيير وعي الجماهير ، فالأنظمة العربية لا غبار عليها أو على سياساتها. وإنما هناك بعض من الأقلية الرافضة التي تغرد خارج السرب.
بعد وفاته ، صالت الرجعية العربية وجالت ولم يكن هناك أحد لردعها والوقوف ضدها. وما نشاهده اليوم من الدمار والتخريب الذي حاق بمعظم دول هذا الوطن الكبير إنما نتيجة منطقية ، فالرجعية العربية ليس لها برنامج ولا طموحات ، فهي لا تواكب العصر لاتسامها بضيق الأفق والجهل المطبق ، وكل هدفها الحفاظ على الوضع الراهن الذي يتيح لها المزيد من نهب الثروات العربية وتضييعها أو بعثرتها في الهواء.
خلت الساحة لفترة طويلة ، اللهم إلا من أقلام بعض المثقفين الذين كانوا ينبهون الى خطورة الوضع العربي ، أما الدول وحركات المقاومة المناهضة للتيار الجارف فقد تدرجت من وصفها بجبهة الصمود والتصدي الى معسكر الممانعة ، على ما في هذه الكلمة من ميوعة . وواكب هذا التدرج نقص هذه الدول إما بالاحتلال المباشر كما العراق أو الانشغال بالمشاكل الداخلية كما الجزائر. 
ضمن معسكر الممانعة كان حزب الله على رأس هذا المعسكر. كيف لا وهو الفاعل الوحيد الذي واجه إسرائيل وانتصر عليها. وكون الحزب مقاومة شعبية فقد كان تركيزه على إسرائيل فقط ، أما الموقف من الرجعية فكان محايداً ، وربما لعب الانتماء المذهبي -كونه أقلية في بحر سني كبير- موقفاً في النأي بالنفس عن اتخاذ موقف واضح وصريح من هذه الأنظمة . وعلى سبيل المثال كان موقف الحزب باهتاً بعد أن انكشف تأييدها الواضح والصريح لإسرائيل في حربها على لبنان في تموز 2006.
كان رد الفعل الوحيد لنصرالله : نحن نعرف.
وكأنّ لسان حاله يقول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
وخلال السنوات الخمس الأخيرة تطورت نظرة نصرالله الى الرجعية من الوقوف على الحياد في البداية الى الوقوف ضدها مضطراً ، فهو يجدها تشمر عن سواعدها وتضرب في كل مكان وتعيث في الأرض قتلاً وتدميراً على امتداد الوطن العربي.
وهكذا حمل نصر الله الراية من جديد بعد أن تركت لفترة طويلة مهملة وملقاة على الأرض.
ولعل الفرق واضح بين مواجهة عبد الناصر للرجعية ومواجهة نصرالله لها ، بين حسابات الدولة ومصالحها وبين رأس حربة لشعوب مقهورة ، آن الأوان لاسترداد حقوقها.
وهكذا تعود المعادلة من جديد الى حيث بدأنا:
الرجعية وأعوان الاستعمار الجديد وإسرائيل من جهة ، وقوى التقدم والتغيير في المنطقة من الجهة الأخرى .
يعرف نصرالله جيداً أن المواجهة مع الرجعية العربية وإسرائيل لا رحمة فيها ، فهناك منتصر واحد في هذا الصراع ، وينتظر العدو فرصة للانقضاض والتدمير مستعملاً كافة الأسلحة التي في جعبته ، ولا توجد لديه ضوابط أو محرمات ، فمن كان يتوقع قتل وتهجير الملايين من العراقيين والسوريين وتجويع الملايين من اليمنيين؟
ولكن مهما فعلوا فلن يستطيعوا وقف هزيمتهم المؤكدة، ففي عصرنا هذا، عصر الإنترنت والاتصالات ووصول الخبر الى الجميع ، وعصر معرفة الحقيقة ، حقيقتهم المخزية، فسينضم الى ركب المقاومة المزيد من القوى الحية في المجتمعات العربية ، فالعصر الحديث هو عصر الشعوب بلا جدال أو شك.

27 مارس 2016

سيد أمين يكتب: سوق الكلام


يُحْكَى أن امرأً عُرِف عنه الاتزان والثقة في النفس، اتفق بعض أصدقائه المقامرين على أن يُفْقِدُوه ثقته تلك.. فعزموا جميعًا أن يتناثروا على طول الشارع الذي سيسير فيه، وأن يسألوه سؤالًا واحدًا "عن كيفية سيره برأسه المقطوعة".
التقاه الأول فسأله هذا السؤال مبديًا تعجبًا، فاندهش صاحبنا أشد اندهاش واعتبرها مزحةً من صديق مازح ، فما أن سار عدة أمتار حتى وجد آخر يسأله ذات السؤال فلم يُعِرْه انتباهًا بوصفها مزحة بدت مُمِلّة، وطرح عليه السؤال ثالث فبدأ صاحبنا يتململ من تلك التساؤلات السخيفة.. فكرره عليه رابع فنهَره, ثم مرَّ بجوار سيدتين لا يعرفهما فوجدهما يبديان تعجبًا لسيره بدون رأس.. هنا اعتقد صاحبنا أنَّ الأمر فيه شيء من الجِدّ، وهو ما تأكَّد حينما فرّ طفل من جواره خائفًا وهو يتطلع إلى رأسه، هنا اهتزت ثقة صاحبنا وفقد صوابه وراح يبحث عن مرآةٍ ليرى فيها ما جري لوجهه، حدث ذلك رغم أنه كان يسير بنور عينين ويسمع بأذنين ويتحدث بلسان, وكل تلك الأجزاء كانت من مكونات رأسه، وتشملها من كل الجهات تقريبًا.

تكلم حتى أراك..

وفي أثر الكلام قال الله تعالي {اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ" وقوله للرسول {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وغير ذلك من آيات تؤكِّد مدى تأثير الكلام.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام)).. فيما يعرف جميعنا الظروف التي قيلت فيها رواية "آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه" وقبل ذلك كله قول سقراط الحكيم لتلميذ جديد حل على مجلسه "تكلم حتى أراك".
ويعتبر الشيخ في منبره والصحفي في صحيفته والإعلامي عبر فضائيته هم أبرز روَّاد سوق الكلام.

سوق السحر..

وإذا كان "الزّنّ على الودان آَمَرّ من السحر" كما يقول المثل الشعبي فانَّ "الإعلام" يعتبر هو السوق الأوسع لبضاعة "السحر" لذلك فنُظُم الحكم على تنوعها- على ما يبدو- تعنى دائمًا بالاستحواذ على هذا المجال كل بطريقته، فالنظم الشمولية والعسكرية – طبقًا لما ألفناه منها في مصرنا المقهورة على سبيل المثال- لا تدع أحدًا يتكلم غيرها وإذا سمحت للآخرين بالكلام فلا كلام مسموحا به أن يتردد إلا كلامها، وعلى الجميع أن يتحولوا إلى صدى صوت لها. 
أما النظم الرأسمالية والليبرالية فهي تتحكم بهذا السوق أيضًا ولكن من خلال سيطرة رجال أعمالها على سوق المال لأنه متى توافر ذلك المال سيصبح بإمكانك أن ترفع صوتك أكثر وأن تسمعك آذان أكثر، وهذا النوع من التسلط يبدو ذهبيًا مقارنة بسابقه لأنه لا يحرمك من حقك في الكلام، ولا يحرمك أيضا من حقك في استخدام مهاراتك الخاصة في توصيل صوتك للناس دون خوف أو وجل.

لسان الحقيقة أم النظام؟

ووصل الغبن في التعامل مع الإعلام والاعلاميين في النظم العسكرية التي حكمت مصر في العقود الماضية على سبيل المثال أن جعلت في بعض الأوقات من يترأس منظومة الإعلام قائدًا عسكريًا، ومن يحرر الصحف ويرأس تحريرها قائدًا عسكريًا أيضًا، وجعلت من يراقبها رقابة سابقة رجلاً عسكريًا، فضلا عن طبيعة الحال بأن من يراقبها رقابة لاحقة رجلًا عسكريًا.
وكما تطورت فنون "سوق الكلام" و"الإعلام" نظرًا لكوننا جزءًا من هذا العالم، تطورت أيضا فنون الرقابة عليه في مصر ووطننا العربي، فاختفى الرقيب الذى يرتدى بدلة عسكرية وجاء النقيب الذى يرتدى لباسًا مدنيًا, وكلاهما يتصرفان نفس التصرف ويوجهان بنفس التوجيهات ويرسلان تقاريرهما لذات الجهة الأمنية الواحدة التي عينتهما أو وجهت باختيارهما في منصبيهما.
وبدلاً من أن يتلقى المخبر الصحفي تعليماته من مخبر المباحث راح الأخير بنفسه يرتدى ثوب الصحفي ويحلّ محله, محاولاً أن يتصرف كما يتصرف الصحفي, إلا أنَّ تقمُّصه هذا أبدًا لا ينطلي على النابهين الذين أدركوا للحظة الأولى أنه لا يكتب إلا كما يكتب مخبر المباحث، ولا يرى إلا بعين مخبر المباحث. 
ولأنَّ النظم الديمقراطية دأبت على الاحتفاء بالإعلام والإعلاميين بوصفهم عيون الحقيقة وضمير الشعب وجعلت من حريتهم وحرية الناس في "الكلام والتعبير" بشكل عام, برهانًا على بُعْد المدى الذى وصلت إليه ديمقراطيتها، نجد أن النظم الشمولية القمعية تحتفي أيضا بهم، ولكن الاحتفاء هنا لكونهم هم من يطمسون عيون الشعب ويزيفون وَعْيَه, ويفعلون فيه ما لم تفعله أشد القنابل فتكًا وتطويعًا, ويضمنون لاستبدادهم أن يبقي ويستمر.

خطاب الاستبداد

والخطاب الإعلامي في النظم الاستبدادية هو نص واحد منسوخ من أقصى الكرة الأرضية شرقًا إلى أقصاها غربًا, فإعجازات الزعيم هي محور أي نشرة أخبار, كما أن أي خير يصيب البلاد فهو قطعًا منه وأي شرّ يضربها فهو بلا شك من الشعب، وهو المُوحَى إليه الذى لا يخطئ، هو من يصنع معجزة يومية ليطعم شعبه الكسول الذى يتكاثر ولا يعمل.
فمن يجرؤ أن ينكر أن الزعيم لا ينام الليالي سهرًا على راحة وأمن السيد "المواطن" وأنه صنيع العناية الإلهية ومبعوثها, وهو من بحكمته دائمًا ما يختال علينا وهو "القلب الكبير" كما قالت صدفة هانم في المسرحية الشهيرة. 
لذلك أنا لا أستبعد مطلقًا أن تكون جيوش المستقبل لدى النظم الاستبدادية من أولئك المخبرين الذين تقمصوا أدوار الإعلاميين.