14 مايو 2015

ديفيد هيرست يكتب: هل ما زال «السيسي» يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟

*كاتب ومفكر امريكى
تعقب المال. في الواقع لم تجر تلك العبارة على لسان عميل المباحث الفيدرالية المسمى «الحنجرة العميقة»، أو «دبليو مارك فيلت» الإبن – كما كشف عن نفسه من بعد، أثناء حديثه مع مراسل الواشنطن بوست «كارل وودوارد». ومع ذلك، لم يحل ذلك دون أن تصبح هذه العبارة، وهي أفضل ما قيل بعد تفجر فضيحة واترغيت، أول فكرة تخطر بالبال عند كل فضيحة سياسية منذ ذلك الوقت. وبناء عليه، إذا أردت أن تسبر غور التوترات العجيبة الحاصلة بين المملكة العربية السعودية ومصر، أي بين المانح والمستجدي، فعليك بتعقب المال.
بإمكاننا الآن الاستغناء عن استخدام مفردة «مزعومة» حين نتكلم عن محتويات ساعات من المحادثات التي سجلت سراً لـ«عبد الفتاح السيسي» وأقرب المقربين إليه من كبار المسؤولين، وذلك أن صوت «السيسي» في الأشرطة المسجلة تم إثبات صحته من قبل خبراء في معمل التحليل الصوتي في بريطانيا، والذين أثبتوا من قبل صحة صوت «ممدوح شاهين» مستشاره العسكري القانوني.
كشف «السيسي» ومدير مكتبه «عباس كامل»، ضمن أشياء أخرى، عن المبلغ الحقيقي من الأموال الخليجية التي تدفقت على خزائن الجيش التي تبدو كما لو كانت بلا قرار. لقد منحت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت لمصر 39.5 مليار دولار نقداً، ومشتقات نفطية وقروض ما بين يوليو 2013 – تاريخ الانقلاب – ويناير أو فبراير 2014. وتدفقت عليهم مبالغ أخرى منذ ذلك الوقت، يقدر البعض المبلغ الإجمالي بما يقرب من خمسين مليار دولار.
لو كنت في موقع من ورث لتوه العرش السعودي لربما تساءلت عما آل إليه مصير كل هذه الأموال قبل أن تفكر بإغداق المزيد منها. ولكن، ليس هذا الذي حدث. ما فعله «السيسي» هو أنه بادر بحركة هجومية مفادها أنه طلب من العاهل السعودي إعطاءه المزيد. هذا هو ما قاله في اجتماع لكبار الضباط العسكريين المصريين في قاعدة المزه الجوية شرق القاهرة، حيث أخبرهم السيسي بأنه «ذكر السعوديين بمسؤولياتهم».
وهذا بالضبط نفس الخط الذي تبنته إحدى مدللات «السيسي»، مقدمة البرامج التلفزيونية «أماني الخياط»، التي أذاعت بأن «السيسي» أخبر «سلمان» خلال لقائه الأخير معه: «عليك أن تدفع ثمن اختياراتك».
هذا الشجار ما بين الدولة التابعة والدولة التي تنفق عليها يكشف الكثير. منذ أن وصل «سلمان» إلى العرش تلقت مصر ست مليارات دولار من دول الخليج الثلاث – ولكني فهمت أن هذا المبلغ لم يكن نقداً، وإنما هو عبارة عن قرض من المفروض أن يسدد بفائدة قدرها 2.5%، وهي فائدة أعلى مما يفرضه عادة صندوق النقد الدولي نفسه.
منذ اللحظة الأولى جعل «السيسي» قراره الإطاحة بالرئيس «محمد مرسي» مرتبطاً بالدعم المالي الذي سيتمكن من استخلاصه من المملكة العربية السعودية ومن دول الخليج الأخرى. في الأشهر التي سبقت يونيو 2013 كان «السيسي» مترددا، ولم يقرر المضي قدماً بتنفيذ خطته للانقلاب إلا بعد أن حصل على التزام قطعي من الملك «عبد الله» بأن الانقلاب العسكري سيكافأ بمبلغ 12 مليار دولار. كان الانقلاب متعدد العناصر، وكان أحدها بالتأكيد العرض المالي. فإذا لم يعد هذا العنصر قائماً، يبدو أن الرهان سيكون مختلفاً جداً بالنسبة لـ«السيسي». إذن، تعقب المال.
يمكن للمرء أن يتشكل لديه انطباع عن السلوك الذي ينتهجه «سلمان» تجاه «السيسي» من خلال ما جرى خلال لقاء طويل تم بين العاهل السعودي ورئيس جمهورية تركيا «رجب طيب إردوغان»، قال «إردوغان» إن لديه ثلاثة شروط قبل أن يوافق على مصالحة علنية مع «السيسي»، والذي كان موجوداً في السعودية في نفس الوقت. والشروط الثلاث هي: إطلاق المعتقلين السياسيين، وإلغاء أحكام الإعدام، وأن يسمح «السيسي» بحرية التنظيم والتظاهر. ولما كان ذلك من شأنه أن يهدم الأسس الثلاث التي قام عليها الانقلاب، فقد كان واضحاً أن شروط «إردوغان» لم يكن ليوافق عليها.
لم يكن في التقرير الذي قدمه «إردوغان» عن الاجتماع ثمة ما يشير إلى وجود توافق بشأن الوضع في مصر. قال «سلمان» إن مصر كانت باستمرار تُحكم من قبل دكتاتور عسكري، فإذا لم يكن ذلك هو «السيسي»، فمن عساه يكون؟ كان هذا هو سؤاله للجانب التركي من المحادثات. وذلك أن المملكة العربية السعودية كانت تريد شيئاً واحداً من مصر، وهذا الشيء لا صلة له لا بالربيع العربي ولا بميدان التحرير، إنه الاستقرار. والسؤال هو: كيف يمكن لك ضمان الاستقرار دون أن يكون الجيش هو المسير للأمور؟
تلك كانت وجهة نظر «سلمان». ولكنها لا تعبر عن دعم مطلق للسيسي كما قد يبدو للوهلة الأولى. هناك فرق بين القول إن الرياض تدعم الاستقرار في مصر والقول إنها تدعم «السيسي». ماذا لو تقدم جنرال آخر بدعم من العسكر بخطة ناجحة لتطبيع البلاد؟ إلى متى سيظل «السيسي» هو الرجل الذي يحظى بالدعم؟ ماذا لو غدت البلاد أقل استقراراً لا أكثر؟
يؤثر عن «فراكلين دي روزفيلت» أنه رد على وزير خارجيته «سامنر ويليس» حينما قال عن دكتاتور نيكاراغوا سوموزا «إنه ابن حرام» بالقول «نعم، إنه ابن حرام، ولكنه رجلنا». لا ينطبق ذلك على «السيسي». فالدكتاتور المصري ليس رجل «سلمان»، وإنما هو واحد من الأخطاء الكثيرة التي جناها أخوه غير الشقيق عبد الله في السنوات الأخيرة من عهده. لا ينبغي على «سلمان» أن يشعر بالمسؤولية تجاه مصير «السيسي»، ولا نظنه منشغلاً بذلك، هو لا يأبه إلا بمصير مصر.
لو مضينا مع المنطق الذي تقوم عليه وجهة النظر السعودية لقلنا إن مستقبل السيسي يعتمد على قدرته في إثبات أن بإمكانه جلب الاستقرار إلى مصر. ولكن كل الأدلة تثبت عكس ذلك تماماً. فكما يقول المفكر السياسي المصري «عماد شاهين» في ورقة أعدها مؤخراً، غدا حكم «السيسي» بشكل متزايد مركزاً حول شخصه هو في غياب برلمان منتخب. لقد أصدر 263 مرسوماً منذ أن استلم السلطة، ولم يفلح في تشكيل قاعدة سياسية من خلفه. في نفس الوقت لم يعد بإمكانه التخلص من وزير الدفاع الحالي بفضل الدستور الذي قصد منه أن يحصن موقعه السابق في نفس الوظيفة. والآن، وبعد أن خلع بزته العسكرية، بات «السيسي» رئيساً مدنياً حبيس أحبولة نسجتها يداه.
الوضع الأمني في مصر آخذ بالتدهور، فقد بلغ عدد أحداث العنف السياسي خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام 1641، بمعدل حادث واحد كل 90 دقيقة.
ولقد عبر بعض كبار الشخصيات في المؤسسة العسكرية المصرية عن ذعرهم من ذلك وباحوا بما يؤرقهم لبعض زملائهم في مؤسسات موازية خارج البلاد. وهؤلاء (العسكريون المصريون) لم يكونوا مسرورين بالانقلاب ابتداءً، وإنما أيدوه لأنهم شعروا بعدم وجود خيار آخر. أما الآن، فهم يشككون بشكل متزايد بالمسار الذي يقودهم «السيسي» من خلاله.
وبلغني أن أحد هؤلاء المسؤولين المصريين حسبما نقل عنه، قال «لم يكن الوضع في مصر بهذا السوء في يوم من الأيام». والخلاصة التي استنتجها من سمعهم مفادها أن ثمة تصدعات بدأت تظهر داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
يمكن للمرء أن يتفهم وجهة نظر مثل هؤلاء الجنرالات، فهم لا يعتقدون أن الجيش قادر على الاستجابة لكل ما يطلب منه، حيث إنه بات الآن الجهاز الأمني المحلي الأول. وهم لا يريدون أن يحمل الجيش المسؤولية عن الفوضى الاجتماعية السائدة. ولعل هذا هو أحد الأسباب وراء تسجيل المحادثات التي كانت تجري في مطبخ إدارة «السيسي» ثم القيام بتسريبها بعد أسبوعين فقط من وصول «سلمان» إلى السلطة. ولما كان الهاتف النقال الذي يستخدمه عباس كامل مزوداً من قبل جهاز المخابرات العامة فلابد أن عملية تسجيل مكالمات «السيسي» وبطانته كانت قرارا داخليا. إذن، يبدو أن شخصاً ما رغب في أن يسمع «سلمان» بنفسه ما الذي يقوله «السيسي» وما الذي يفكر به تجاه المانحين الخليجيين الذين هو عليهم عالة.
ومصدر القلق الأكبر هو إمكانية، والبعض يقول احتمالية، أن ينتقل التمرد المسلح من شبه جزيرة سيناء إلى داخل الأراضي المصرية. سعياً منه لقمع هذا التمرد، لجأ الجيش المصري إلى أساليب في غاية الوحشية، بما في ذلك تدمير نصف مدينة رفح المصرية المحاذية لقطاع غزة، وفرض منع التجول، وإطلاق النار على القرى، وتدمير ما يقرب من عشرة آلاف بيت. يقطن سيناء ما يقرب من نصف مليون نسمة موزعين في عدة مناطق منها، لكن ماذا لو تكررت نفس الإجراءات العقابية في صعيد مصر ذي الكثافة السكانية التي تبلغ ما يقرب من ثلاثين مليون نسمة؟
صعيد مصر يغلب على سكانه التدين والمحافظة، صوتت أغلبيتهم الساحقة لصالح «الإخوان المسلمين»، والصعيد منطقة مهمشة من الناحية الاقتصادية. وهي المنطقة التي تنوي «ولاية سيناء»، وهي فرع من أفرع تنظيم «الدولة الإسلامية»، إقامة مركز عمليات لها فيها. وهذا ما أعلن عنه «أبو سفيان المصري»، العضو في تنظيم الدولة الإسلامية من فرع «ولاية سيناء»، حين قال بأنهم سيدشنون مركزاً لهم هناك قريبا. أسيوط والفيوم، كلاهما في صعيد مصر، واشتهرا بمعارضة بل ومعاداة الدولة طوال تسعينيات القرن الماضي. يقول أحد أنصار الدولة الإسلامية من أهالي الصعيد «لا يمكن مواجهة العنف إلا بالعنف – لا يمكن لهذه المنظمات أن تقعد مكتوفة اليدين دون أن ترد». إلا أن الجنرال «محمد محفوظ»، الخبير العسكري المصري، اعتبر إعلان ولاية سيناء مجرد حدث إعلامي لا قيمة له.
وقال «محفوظ»: «نحن نختلف عن سوريا وعن ليبيا وعن العراق. مازال جيشنا عاملاً فعالاً، ولم تحظ أي منظمة (خارج إطار الدولة) بالسيطرة على أي مناطق محددة كما هو الحال في سوريا».
وأضاف أن «من سوء الطالع أن تكون حدود مصر إلى الشرق وإلى الغرب وإلى الجنوب كلها مع دول تدعم التيار السياسي السلفي أو تحتوي على مساحات كبيرة من الأراضي تخضع لسيطرة هذا التيار. وهذه الجماعات تستغل الفجوات الموجودة على امتداد الحدود لتدفع بعناصرها إلى داخل مصر».
لسوف نرى. ليس في مصلحة القوى الغربية التي دعمت «السيسي»، وبشكل خاص الاتحاد الأوروبي، أن ترى الأزمة تتفاقم في مصر بينما هي محجمة عن فعل شيء يحول دون وقوع الانفجار. وها نحن نشاهد نتائج الانتظار دون فعل شيء في كل من ليبيا وسوريا واليمن. ولو سارت مصر على نفس النهج فلن يكون الانفجار من النوع التقليدي الذي عهدناه أو تعودنا عليه (في تلك الدول). بل سيكون انفجاراً نووياً. فالمصريون الفارون لن يكون أمامهم سوى وجهة واحدة يسافرون إليها، سيستقلون القوارب المتجهة شمالاً إلى أوروبا. فإلى متى ستبقى أوروبا متفرجة بينما يتفاقم الوضع في مصر ويفارقها الاستقرار؟

13 مايو 2015

أحمد صبري يكتب : طارق عزيز ورفاقه.. من ينصفهم؟

لم يحظ مسؤول عراقي على ثقة الرئيس الراحل صدام حسين، بمثل ماحظي به طارق عزيز، ماوضعه بالصف الاول في قيادة الحزب والدولة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، هو الان معتقل منذ نيسان عام 2003 وحتى الان
يوصف عزيز بأنه اليد اليمنى لصدام وأبرز معاونيه وأحد أبرز من يقومون بكتابة خطاباته وبصياغة القرارات التي كانت تصدر عن إجتماعات القيادة العراقية
وبحسب مقربين من طارق عزيز فانه أكد مرات أنه اقرب إلى الاسلام من المسيحية،لكنه بقي مسيحيا .
وتحمل عزيز مسؤولية قيادة الدبلوماسية العراقية في اصعب المراحل التي واجهت العراق مشرفاً على السياسة الخارجية بعد قطاع الثقافة والأعلام في أحلك الظروف مدافعا عن وجهة نظر العراق في المحافل العربية والدولية، وتشهد له قاعات مجلس الامن واروقة الامم المتحدة بذلك
لقد كان طارق عزيز صاحب موقف ورأي يجهر به أمام الرئيس الراحل صدام حسين وفي إجتماعات القيادة العراقية عند مناقشة أخطر القضايا التي كانت تواجه العراق ،وكان صدام ينصت اليه وياخذ بارائه ومقترحاته، ماوضعه في الخلية المقربة منه وموضع ثقته.
عندما نتحدث عن طارق عزيز السياسي والدبلوماسي،فأن الوجه الآخر لشخصيته تتسم بالبساطة والتواضع حسب مايرويه مدير مكتبه السفير السابق سامي سعدون /أن طارق عزيز، مجيد في الكتابة باللغة العربية ومتميز في الحديث والكتابة باللغة الانكليزية وعلى معرفة جيدة بالموسيقي
.وعزيز كفوء وله ذاكرة قوية وعقل منظم ، فهو لا ينسى أي شيء ، وكان يثير استغراب العاملين في مكتبه عندما يسأل عن أوراق وملفات كان قد طلب الاحتفاظ بها قبل عدة سنوات
.في لقائه الشهير مع (جيمس بيكر) وزير الخارجية الامريكي في جنيف عشية العدوان على العراق عام 1991، وبعد تهديدات (بيكر) بأن أميركا ستعيد العراق إلى ما قبل العصر الصناعي، وأنها ستّغير القيادة العراقية وتنصب حكاماً من أتباعها .رد عليه طارق عزيز.. نعم أنكم تستطيعون تدمير العراق بما تملكون من قوة ولكنكم لن تستطيعوا القضاء على العراق فعمره سبعة آلاف سنة قبل الميلاد ورفض باباء استلام رسالة بوش للقيادة العراقية
حاول طارق عزيز من خلال موقعه ومسؤوليته بادارة الملف العراقي مع الامم المتحدة وفرق التفتيش الدولية أن يدرأ العدوان على بلاده و نجح باقناع القيادة العراقية بالسماح لفرق التفتيش الدولية زيارة القصور الرئاسية التي كانت الادارة الامريكية تروج أن أسلحة الدمار الشامل مخزونه فيه،في محاولة لنزع فتيل أزمة كادت أن تعرض العراق إلى ضربة عسكرية امريكية.
وعميد الدبلوماسية العراقية طارق عزيز ومجموعة من مسؤولي العهد الوطني معتقلين في سجن الناصرية جنوبي العراق يعانون من الاهمال والامراض وانعدام الرعاية الصحية ومعزولين عن عوائلهم والعالم في ظل صمت منظمات حقوق الانسان الامر الذي يستدعي حملة لنصرة هؤلاء الرجال الذين خدموا العراق ودافعوا عن هويته ووحدته ارضا وشعبا وقدموا اغلى التضحيات في سبيله

محمد رفعت الدومي يكتب: من خطاباته يجب أن تتوقعوا أطلال دمشق

كثرٌ هم الذين يدونون جراح سوريا، وأكثر منهم من يظنون أن الصراع هناك مؤهلٌ للحسم بأدواته الحالية، لكن الذين استمعوا يومًا إلي "بشار الأسد" يخطب يجب أن يتوقعوا أطلال دمشق قبل أن يزور نهايته البائسة! 
ذلك أن التسويف وأن الإطالة غير المبررة بعض طباعه، لتتأكد من هذا، أستثني مرضي القلوب والمرشحين للجلطات، شاهد أحد خطاباته وتفقد الملل وهو يركض حتي علي وجوه أنصاره، وكما يقول المصريون:
"اللي فيه طبع عمره مايقدر يغيره، أصل الطبع غالب"!
أظنه قد اكتسب هذا الطبع خلال مرحلة عمله طبيبًا للعيون، وبطبيعة الحال، لأنه فقط ابنٌ لـ "حافظ الأسد"، وهذا واحدٌ من أمراض الشرق، ليس من الوارد أن يمر مؤتمر طبي قبل أن يجود ابنُ الزعيم الملهم بعلمه العريض علي الأطباء الذين أحرزوا ألقابهم بترويض الليالي في البحث والدراسة، وتصفق الجماهير!
بمناسبة التسويف وأطباء العيون أتذكر الآن نكتة كانت منذ عشرين عامًا جديدة، سوف أقولها الآن كحكاية، وحلالٌ.. (لعزَّة من أعراضنا ما استحلَّتِ)!
دكتور عيون قاعد مع حبيبته ع البحر، مسك وردة وقال لها: 
- شايفة الوردة دي يا حبيبتي؟ 
قالت له: 
- شايفاها 
فرجَّع إيده لورا، وقال لها: 
- طب وكده؟
إذا جاز لنا أن نتخيل "بشار الأسد" بطلاً لهذه النكتة سوف تنهار بعض التفاصيل، فمثل "بشار" ما كان ليكتفي بأن يرد يده إلي الوراء فحسب، إنما، يعبر البحر ويشير لحبيبته بالوردة من الضفة الأخري..
وبمناسبة التسويف وغلبة الطباع، قال "الجاحظ":
أتى رجلٌ "الهيثم بن العريان" بغريم له قد مطله حقه، فقال: 
- أصلح الله الأمير، إن لي على هذا حقاً قد غلبني عليه! 
فقال الآخر: 
- أصلحك الله، إن هذا باعني عنجداً، واستنسأته حولاً؛ وشرطت عليه أن أعطيه مياومة، فهو لا يلقاني في لقم إلا اقتضاني ذهباً!
فقال له الهيثم: أمن بني أمية أنت؟ 
قال: لا 
قال: أفمن بني هاشم أنت؟ 
قال: لا 
قال: أفمن أكفائهم من العرب؟ 
قال: لا 
قال: ويلي عليك، انزعوا ثيابه! 
فلما أرادوا أن ينزعوا ثيابه، قال: 
- أصلحك الله، إن إزاري مُرَعْبل! 
قال "الهيثم": 
- دعوه، فلو ترك الغريب في موضع لتركه في هذا الموضع!
حتي وقت غير بعيد، كنت أتهم "الجاحظ" عند هذه الحكاية بالوقوف علي حافة الاختلاق، لكن، بعد "كفتة عبد العاطي" لم أصدق فقط أن الواقع يتجاوز الخيال أحياناً، بل صرتُ أحترم الأساطير!
وبرغم كل شئ، لحكاية "الجاحظ" نبضٌ يجعلنا نلمس العمق السحيق لأمراضنا الخاصة ونهمس في دهشة: 
- ما أشبه الليلة بالبارحة!
فالرجل ما دام لا ينتمي إلي "بني أمية" أو إلي "بني هاشم" أو أكفائهم من العرب من السهل أن يرتفع القانون عن الأرض أميالاً ويصبح جلده مباحًا، تمامًا، كما يحدث الآن، فما لم تكن "ياسمين النرش" أو ابن "عبد الفتاح حلمي" فأنت حتمًا هدف مشروع وفريسة سهلة لوقت الحاجة!
وهذه حكاية أخري عن غلبة الطباع، كنت شاهدًا عليها، أرويها للمرة الثانية:
كل المنتمين إلي قريتي يعرفون أن أشهر ما تركه الجد "جاد الكريم" من إرث هو تلك العادة الغريبة التي واظب علي حراسة الإخلاص لها حتي النهاية! 
لقد اعتاد أن يبدأ أي حكاية من حكاياته التي لا تنتهي من النهاية ثم يبدأ، أي، (يحرق الحكاية)، وعندما اشتري نصف الفدان الذي كان يستأجره من مالكه المسيحيِّ ظل يدور علي حلقات الساهرين في ليل القرية، ويصيح قبل أن يصل كل حلقة بعدة أمتار:
- وكتبنا العقد!
ثم يجلس ليبدأ الحكاية من البداية..
لم يفطن الجد "جاد الكريم" أبدًا إلي أهمية الإثارة والتشويق في نيل رضا المستمعين والاستحواذ عليهم، وفيما بدا أن تلك العادة كانت طبعًا فيه لا مجرد أسلوب يحترمه لم يتخلي عنها في موطن لا مكان للأساليب فيه، لقد كان موته أيضًا خالياً من الإثارة، فهو لم يمت كغيره في مقهي أو في سوق أو في معركة، ولا مات فجأة، إنما قبل أن يموت ظل طريح الفراش 8 سنين يتوقع خلالها الناس موته كل يوم!
مع ذلك، سوف نتجاوز اللياقة عندما نلوم "بشارًا" وحده علي مآلات الصراع، ولسوف نتجاوز اللياقة أيضًا عندما نوجه اللوم لـ "حزب الله" علي انخراطه في المعركة، فهو يدافع عن وجوده، وهو يدرك أنه و"بشارًا" كركبتي البعير، إن سقطا سقطا معًا، وإن قاما، قاما معًا، كما قال "هرم بن قطبة"!
فتش عن "داعش"، ذلك القبح المشفر، فعندما ظهرت ضخت الهواء في رئة نظام "بشار" المحتقنة، كما شوَّهت الأفق الثوري تمامًا فتماهي تعريف الثوار مع تعريف رجال العصابات!
عندما تدخلت دول الخليج أيضًا طارت طرق الثورة واتخذ الصراع شكلاً ينبض بالمذهبية!
والصراع في سوريا أكثر تعقيدًا مما يعتقد الذين يعتبرون الإشادة بالإنسان قيمة دونها كل قيمة، وهذا صحيح، لكن الجغرافيا قيمة مهمة أيضًا، ومتي أردت أن تبقي بلدًا علي قيد الإذعان، أو، تبقيه مرشحًا للانفجار متي أردت، كل ما عليك القيام به هو أن تشوه جغرافيته! 
لقد فطن الاستعمار إلي هذا، فهو، وهو الذي كان قادرًا علي تزوير الإنسان العربي من الداخل لو كان مخلصًا لهذا الهدف، لم يفعل سوي أن زوَّر الجغرافيا بالقدر الذي الآن يكفي لإندلاع مئات المعارك قبل أن تعود الأمور إلي نصابها!
لذلك، يجب ألا نضحي بجغرافية "سوريا" في سبيل سقوط "بشار" الذي لا مفر منه!
يجب أيضًا ألا نلمس الصراع السوري أو نتكهن بمدي قدرة "بشار" علي الصمود قبل أن نحصي بدانة "إيران" في العالم، ذلك البلد المسيج بقوة تستطيع أن تزرع الخوف في عقول جيرانها حتي القشرة الأكثر سمكاً، "روسيا" أيضًا، خلاصة الكلام:
ما لم تتدخل القوي القارية تدخلاً مباشرًا لإزاحة "بشار"، وهذا مؤقتاً بعيد، يجب أن نتوقع أطلال دمشق!

12 مايو 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: أوباما مندوبا للمبيعات

حين يعلن الرئيس الامريكى "حسين باراك أوباما" نيته دعوة دول الخليج لنشر منظومة دفاع صاروخية تغطى المنطقة لحمايتها من الصواريخ الباليستية الإيرانية، فنحن فى الحقيقة بصدد تاجر او سمسار سلاح، يقوم بالتسويق لشركات الاسلحة الأمريكية، لا يختلف كثيرا عن اى مندوب مبيعات فى اى شركة تجارية، فيما عدا نوع وقيمة البضاعة التى يسوق لها، وطبيعة منصبه كرئيس لأقوى دولة فى العالم.
قال ذلك فى معرض الحديث عن جدول اعمال اجتماعه المرتقب مع القادة الخليجيين فى كامب ديفيد، هذا المنتجع الشرير، الذى كان مطبخا لغالبية مصائبنا الكبرى.
يدَّعى أوباما انه يستهدف طمأنة دول الخليج القلقة من الاتفاق النووى الايرانى، بينما هو فى الحقيقة يُبشر و يُطمئن شركات السلاح الامريكية.
ان تكلفة القبة الفولاذية لاسرائيل (فلسطين 1948) التى لا تتعدى مساحتها 21 كيلو متر مربع، ستبلغ بعد الانتهاء منها، مليار دولار.
فكم ستتكلف الدروع الصاروخية الامريكية المراد انشائها لحماية الجزيرة العربية التى تزيد مساحتها عن ثلاثة ملايين كيلو متر؟
وهل كانت ضمن المكاسب الإضافية المستترة فى بنك الاهداف الامريكية فى الاتفاق النووى مع ايران؟
***
ان الحقيقة وراء ما يحدث فى منطقتنا، ترتبط ارتباطا وثيقا بمبيعات وأرباح ومصالح شركات السلاح الامريكية ومثيلاتها.
فلا يمكن أن يوجد اى تفسير منطقى لكل هذه الصراعات الطائفية والحروب الاهلية المجنونة التى ضربت العراق وسوريا واليمن وليبيا فى أوقات متزامنة، سوى نفوذ وعبقرية ونشاط اداراتالمبيعات فى هذه الشركات، وشبكة العلاقات والمصالح المرتبطة بها فى المؤسسات الرسمية الامريكية، او المتحالفة معها والمرتشية منها فى انظمتنا العربية.
انهم يخدعونا ويضللون الرأى العام العالمى، فيختفون وراء عناوين ومنظومات دولية وأمنية وسياسية مثل الامن والسلم الدوليين، والامن القومى الامريكى، والامن الاقليمى للشرق الاوسط، ومكافحة الارهاب والقاعدة وداعش....الخ
ولكن الحقيقة هى انهم انما يبيعون أسلحتهم ويوسعون تجارتهم، ويراكمون أرباحهم، ويحلبون ثرواتنا، ويتواطئون مع حكامنا وأنظمتنا لاستهلاك وتفريغ المخازن العربية من السلاح المتراكم الذى قارب على الصدأ، لشراء غيره.
وهم يبيعون للجميع، لكل من يدفع، لا فرق فى ذلك بين الانظمة والمعارضة، أو بين السنة والشيعة والأكراد، بين داعش والحشد شعبى والبيشمركة ، ولا بين الحوثيين وقوات التحالف السعودى، الجميع يتقاتل ويَقتل ويُقتل بأسلحتهم. الفرق فقط فى علانية الصفقات او سريتها. هل تتذكرون "الكونترا ـ جيت". وهم لا يقلقون من النتائج، فبإمكانهم دائما التدخل فى الوقت المناسب، لزيادة او تقييد المبيعات والدعم العسكرى، لإمالة الميزان لصالح طرفا عن آخر، حسب الظروف ووفقا للأجندات السياسة وتكتيكاتها. 
وهم يقيسون مدى نجاح الادارات الامريكية المتعاقبة بمدى قدرتها على خلق الاضطرابات والأزمات والحروب التى تزيد من مبيعاتهم.
يشاركهم فى ذلك بطبيعة الحال "كارتلات" صناعية ونفطية أخرى، من اهمها فى مجال "بيزنس الحروب" شركات المقاولات العالمية التى تتوافق وتتكامل ادوارها ومصالحها مع شركات السلاح وفقا لقاعدة "اليوم قتلٌ ودمار وغداً إعمار".
اما عن الطريقة التى يروجون بها لبضاعتهم، فهم يفعلونها من خلال"معارض للقتل الحى" على الهواء، يعرضون ويختبرون فيها القدرات التدميرية والقاتلة لمنتجاتهم على شعوبنا.
ونجم اعلاناتهم الاول، هو هذا الكيان الارهابى المتوحش المسمى باسرائيل، والذى يقدم عرضه شبه السنوى فى غزة، ومن قبلها لبنان، عرضا يستعرض فيه قوة ودقة الاسلحة المطلوب التسويق لها وبيعها. ويستخدم هؤلاء المجرمون اهالينا وأطفالنا، كفئران تجارب لفنون القتل والإبادة.
وللأسف، استطاعوا بالفعل تحقيق نجاحات باهرة، فالسلاح الامريكى والغربى هو السلاح الاول المطلوب والمرغوب فيه اليوم فى غالبية الجيوش العربية.
أسلحة يقتلنا بها الصهاينة فى فلسطين ولبنان وسيناء والجولان، ويقتلنا بها الامريكان فى العراق وافغانستان ... الخ، فنهرول نحن للتعاقد مع قاتلينا لشراء مثلها وتخزينها، وتوزع العمولات على المتعاقدين من المسئولين.
ولكنهم بالطبع لا يبيعون لنا ذات الأسلحة، بل يعطونا الفرز الثالث والرابع، ويشترطون عدم استخدامها فى مواجهة اسرائيل او اى من حلفاء أمريكا، ويضمنون ذلك من خلال قدراتهم على تعطيلها الكترونيا عن بعد، وفقا لما ورد فى عديد من دراسات الخبراء العرب.
ولا يقتصر الامر بالطبع على عمولات القادة والمسئولين، بل ان الاعتراف الامريكى بالأنظمة وبالحكام العرب والرضاء عنهم وحمايتهم، مرهون ومرتبط الى حد كبير، بتمكينهم للولايات المتحدة من احتكار تسليح جيوشهم وأمنهم وتدريبهم.
ان اى قراءة لتسليح الجيوش العربية فى الاربعين عاما السابقة، تكشف حقيقة هذه المهزلة، والمثل الابرز بالطبع هو ما قام به نظام كامب ديفيد فى مصر منذ السبعينات بإحلال السلاح الامريكى محل الغالبية الغالبة من السلاح السوفيتى.
***
يرتبط هذا الموضوع بطبيعة الحال، بملفات الفساد والعمولات والرشاوى فى الانظمة العربية، والتى تمثل بئرا عميقا، لا تزال أسراره وحقائقه محرمة وخافية عن الرأى العام، فيما عدا ما يتسرب بين حين وآخر من وسائل الاعلام الغربية، ومن امثلتها ما ذكره نيكولاس جيلبى فى كتابه (الخداع فى الاماكن العالية)، من حصول أسر سعودية على أكثر من 60 مليون جنيه استرليني في شكل فوائد ونقدية من شركة بي ايه اي بين عامي 1989 و 2002"
وكذلك ما تم الكشف عنه فى الشهور الاولى لثورة يناير، من عمولات حسين سالم وآخرين الخاصة بالمعونة الامريكية العسكرية لمصر، البالغة 1.3 مليار دولار سنويا، والتى تم ادانتها وتجريمها من محاكم امريكية.
وكلها تسريبات لا تتعدى نقطة فى بحر العالم السرى والخطير لتجارة السلاح.
***
ولهواة الأرقام والإحصائيات، فان هناك عشرات الدراسات والتقارير المنشورة التى كشفت عن حجم وتفاصيل سوق التسليح فى العالم وفى المنطقة، من أهمها ما ينشره معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم (SIPRI)، ومن أمثلة ما ورد بها ما يلى:
· بلغ الإنفاق العسكري العالمي 1.75 تريليون دولار في 2013.
· فى 2012 بلغت مبيعات أكبر مائة شركة 395 مليار دولار و 402 مليار دولار فى 2013، ومثلت مبيعات شركات السلاح الموجودة فى الولايات المتحدة 58%، بينما كانت نسبية مبيعات شركات غرب أوروبا 28%.
· من بين أكبر 100 شركة، هناك 44 شركة أمريكية، 10 شركات بريطانية، 9 شركات فرنسية، و8 شركات إيطالية، و7 شركات روسية، و4 ألمانية، و5 كورية جنوبية، و3 إسرائيلية إلى جانب شركات كندية وبرازيلية وأوروبية أخرى.
· أنفقت بلدان الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيا، نحو 170 مليار دولار على الدفاع في عام 2013.
· أنفقت المملكة العربية السعودية أكثر من 80 مليار دولار على الأسلحة في 2014، وهو أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من فرنسا أو بريطانيا، وأصبحت رابع أكبر سوق للدفاع في العالم.
· بحلول 2020، سيصل سوق الدفاع في الشرق الأوسط إلى نحو 820 مليار دولار.
***
وفى الختام، علينا ان ندرك اننا نتقاتل ونسفك دماء بعضنا البعض وندمر بلادنا، ليس دفاعا عن مصلحة وطنية أو قومية، وانما نفعلها، فى الأغلب الأعم، كجزء من خطط التسويق والمبيعات السنوية لشركات الاسلحة الامريكية وأخواتها.
*****

10 مايو 2015

محمد رفعت الدومي يكتب: لا مكان للدلافين في المستنقعات

الطفيليات الضارة فقط هي التي تستطيع أن تنمو بصوت مسموع في المستنقعات، كما أن المنحطين أخلاقيًا وحدهم هم الذين بإمكانهم أن يستحوذوا علي بقعة من الضوء الرخيص في بلد يحكمه عسكر، والمقاربة واحدة، فكل بلد وأي بلد تحت حكم العسكر حتمًا هو مستنقع بشري لسبب بسيط، فهؤلاء، لأنهم لا يحبون القراءة، لا يتمتعون برؤية وإن هزيلة تسمح لهم بتفهم الواقع فضلاً عن تجاوز مظاهره! 
تفقَّدِ التاريخَ من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر سوف لا تجد بلدًا أصيب بهم وسار ملليمترًا واحدًا نحو الأفضل، هذه واحدة من المسلمات، أو، اترك التاريخ وشأنه وراقب فقط علي من يختزلون الآن الضوء مع سبق الإصرار، سوف لا تجد إلا أصحاب الحد الأدني في كل أفق، وإلا (المحللين السياسيين) و (الخبراء الإستراتيجيين) الذين اختزلهم الساخر الكبير "جلال عامر" في كلمات:
- كان نفسي لما أكبر أكون خبير استراتيجى بس أهلى ضغطوا عليا عشان أكمل تعليمى!
سوف لا تجد بالضرورة "د.مصطفي حجازي" أو "د.عصام حجي" أو "د. زياد بهاء الدين" وأشباههم من المفردات البشرية المتهمة باللياقة وبشبهة البحث عن الكمال الإنساني، علي الرغم من أن هؤلاء كانوا جذوعًا أكيدة استخدمها العسكر في الإستيلاء مرة أخري علي الحكم!
ذو الذهن الممتاز "عباس محمود العقاد" الذي لم يتنبأ بسقوط الشيوعية في وقت كانت فيه في ذروة النقطة فحسب؛ إنما تكهن بسيناريو سقوطها كما حدث، تنبأ بالحفرة التي حتمًا سوف يقود العسكر إليها مصر، وأبي أن يحرس بوابات الصمت وأن ينسحب كغيره إلي هامش آمن ينفق في ظلاله ما تبقي من أيام عمره القليلة، لقد جلد "عبد الناصر" بقلمه أكثر من مرة، وللغضب إغواءٌ علي الكتابة لا يستطيع كاتب صحيح أن يتجنبه مهما كانت الخسائر، كما أن مكان المثقف هو الشارع، أو هكذا يجب أن يكون!
لذلك، أهاجت دهشتي جدًا وما زالت أمواج الصخب تلك التي أهاجها علي كل ساحل قرار التحفظ علي ممتلكات اللاعب "محمد أبو تريكة"!! 
ما الغريب في الأمر؟ 
أي نجوم أليفة فقدت وضوحها عند هذا القرار؟ 
هل خرجوا بهذا القرار عن نص المرحلة؟!
إن هؤلاء يا سادة لا يحبون أولئك الأشخاص الذين يتحولون بقدراتهم الفردية إلي جُمَلٍ روحية عابرة للقلوب، أو إلي قصائد إنسانية يتزاحم القطيع حول ترديدها، ولا يطيقون أن يندلع الضوء في اسم خارج حدود سيطرتهم، وهذا، بالضبط، هو منطق فتوَّات عالم "نجيب محفوظ"، ويبقي بعد ذلك لصاحب أي اسم في دائرة الفتوَّات مرشح ٍلأن يحمله الناس يومًا ما فوق أكتافهم ويهتفون له: "إسم الله عليه.. إسم الله عليه" ترف المفاضلة بين الإذعان لسلطة الفتوَّات وبين تبديد الضوء حوله بأساليبهم الخاصة، وقد يصل الأمر إلي تبديد روحه أحيانًا، معنويَّاً علي أقل تقدير، وهذا تمامًا ما فعله " جمال عبد الناصر" مع أغلب أعضاء مجلس قيادة (الثورة) وعلي رأسهم "محمد نجيب"، وهذا تمامًا ما فعله "السادات" مع أغلب قادة حرب أكتوبر التي انتهت بين بين، لا نصر ولا هزيمة، لا تصدق التاريخ الذي كتبه مؤرخوهم فهو مزوَّر من أقصاه إلي أقصاه!
أيضًا، عندما أدي "شعبان عبد الرحيم" رائعته الخالدة: بحب "عمرو موسي" وباكره إسرائيل، وانتشرت سريعًا في لهجات العوام، علي الرغم من استيعاب "حسني مبارك" لشخصية وزير خارجيته وإدراكه التام لأبعاده الهزيلة التي لا تختلف كثيرًا عن أبعاد أي خادم في بلاطه، أبي إلا أن يركله إلي أعلي ويدفنه في المقبرة التي يسمونها "جامعة الدول العربية"!
هذا هو الضوء الصحيُّ لقراءة قرار التحفظ علي ممتلكات "محمد أبو تريكة" فيه! 
ثمة ضوءٌ آخر أشد خشونة وأشد لياقة: 
قد يكون هذا القرار انعكاسًا لتحطيم العظام عن عمد وللصراع الدائر خلف الكواليس بين الجنرالات! 
وضوء ثالث.. 
ربما كان النظام قد اختار "أبو تريكة" ليجعل منه صندوقاً لإيصال رسالة سياسية معينة لتثبيط عزائم الثوار وهي أنه لا يحصي مخاوفه من أية ردود أفعال غاضبة، وأن لا حصانة من البطش خارج القانون لأي أحد يرفض أن يتواري في ظل النظام الكبير مهما كان حجمه وكانت سعة الموجة التي يمكن أن يحدثها في محيط العالم!
ويجب علينا أن نعترف الآن بأن هذه الجملة الإعتراضية في تاريخنا لا مكان للدلافين ولأسماك الزينة فيها، لقد ملأ الطفيليات المكان والزمان وسدوا كل الفراغات! 
لأكون أكثر دقة، منذ أكثر من ستين عامًا، لم تنجح مصر في عبور تعريف الحارة التي اختزلها العظيم "نجيب محفوظ" كعادته واختزل المصريين في كلمات:
- في حارتنا إما أن يكون الرجل فتوَّة وإما أن يُعدّ قفاه للصفع!

09 مايو 2015

هايد بارك الاداء النقابى للصحفيين.. النقد اللاذع مسموح والزعل مرفوع

قهوة تنظيم القاعدة ترحب ب سعد بيه واسرة الشروق .والمشاريب على المعلم
بعد نشر البعض لما اسموه حوارات مع تنظيم " داعش " اتحفنا سعد عبد الحفيظ " الشروق " بعدد من المقالات (ليس مقالا واحدا!) عن انه صادف بشارع البطل احمد عبد العزيز بالمهندسين عددا ( أى ليس شخص ولا اتنين ولا تلاته اربعة!) من اعضاء تنظيم القاعدة الذين ارتبطوا بشكل مباشر بمؤسس التنظيم الراحل اسامه بن لادن وخلفه الظواهرى ( أى ليسوا اعضاء عاديين !) وتناول دردشته معهم
بصراحة اذا كان الامن لم يلتفت لمثل هذا التنظيم الذى يمرح فى شارع جامعة الدول بالمهندسين وكأنه يبحث عن شقة هناك ، او يتسامر على كافتيريا .. فمن المتوقع ان نجد كاتبا يروى عن مقابلته ل محمد بك ابو الدهب وهو يضع خطة لانتصارالمماليك وهو فى طريقة الى مستشفى الامراض العقلية
يا مثبت العقل ...... عزام ابو ليله

حملات على حجر كل نظام
ابراهيم عيسى ساعة الجد عفا عنه مبارك وأوقف تنفيذ الحكم الصادر بحبسه، ولما دارت الأيام على مبارك وجت ساعة الجد راح إبراهيم عيسى للمحكمة ليشهد أمامها أن مبارك لم يأمر بإطلاق النار على الثوار ، والمحكمة أخدت بشهادته اللي ما لهاش أي قيمة، وبرأت مبارك ..ساعة الجد .. إبراهيم عيسى ـ واللي زيه كتير ـ ها تلاقيهم على حجر النظام.. أي نظام ..........
 محمد حماد

اعلان للاهرام للتدريب على الكتابة .. الله يرحم المواهب
اعلان منشور بأن جريدة الاهرام تنظم دورة ب 1500 للفرد للتدريب على كتابة المقال .... مافيش حاجة اسمها التدريب على كتابة المقال ، ممكن التدريب على الفنون الصحفية زى الخبر والتقرير والتحقيق ، فيه تعريف للمقال زى مقال افتتاحى مقال عمودى مقال تحليلى.. أما كتابة المقال ذاتها ليس لها قواعد ولا أبنية ثابتة غير وضوح الفكرة وده موضوع مش محتاج تدريب ..... 
محمد منير

المقاله شطاره مش شيكاره
فى المسألة الصحفية ليست الشطارة فى ان تكون كاتبا ..ولكن الشطاره فى ان تكون مقروءا ! .....
 مصطفى على محمود

هاى .. شله
أخر شييء مطلوب اﻵن في الصحافه المصريه هو الخبره..وﻻ عزاء لمن ضيع في اﻷوهام عمره.. شعار المرحله "تحيا الشله" !
 هبه عمر

وجود الصغار فى تقييم المشاركين فى جوائز دبى
يصاب المرء بصدمة وراء الاخرى وهو يرى الاشباه والانصاف يتم تكريمهم يوميا من مؤسسات كنا نحترم مهنيتها
صارت جوائز دبى فى الاعلام وغيره الارفع عربيا ، رغم وجود الصغار فى لجنة تقييم المشاركين .... 
سيد على 

الرايح يقول للجاى كفايا لعب عيال بالالهاءعن القضايا الوطنية
أي إعلامي يتورط في نشر الغسيل القذر واللغوصة في بطن المجتمع المهتريء لنشر سخامات زنا المحارم او المتحولين جنسيا او الشواذ او موضوعات الجن وغيرها من الغيبيات ، هو انسان منحط وساقط اخلاقيا ويشارك في جريمة صرف الانظار عن القضايا الجادة التي تهم الناس ويتعين ان يتركز حولها كل الاهتمام.. 
 احمد طه النقر

خواطر متقاطعة حول محرقة الكتب 
* والتر جي أونج في كتابه الشفاهية والكتابية كان بيقول كلام معناه إن الكتاب الذي يتلو الباطل إذا لم يحرق يظل يتلو الباطل.... لما استشهدت بالفكرة في ندوة مرة العلمانيين هاجوا وماجوا!
* في مقال له بجريدة القاهرة حكى صلاح عيسى عن عمليات حرق كتب تمت سرا بعد انقلاب وحكى إزاي هو نفسه أنقذ بعضها واحتفظ بيه ... يعني مش المسلمين ودعاة الثيوقراطية اللي بيحرقوا !!!!
* اللي بيهللوا دلوقت لحرق الكتب هما الي صدعونا عشرات السنين بالدفاع عن إن حرق الكتب - مهما كان محتواها - لا يجوز .... وعمل بربري ... وجريمة .... وعيب .... وما يصحش.............!
* بالصلاة ع النبي كله مقتنع حتى العلمانيين - وحتى في الخلافات الصغيره - إن "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"!!!!!!!
الأصولية العلمانية أكثر بشاعة وتبجحا 
 ممدوح الشيخ

المحرقة للجميع
الواقعة الخطيرة بكافة تفاصيلها حالة استمراء واستباحة الهجوم على كل ما يمت للدين الإسلامي بصلة كدليل براءة من التطرف والإرهاب.. فليس من الضروري أن يكون من قام بحرق هذه الكتب الإسلامية والدينية في مدرسة فضل علمانيين ولا ليبراليين ولا يساريين فالأكيد أنهم مجموعة من رجال ونساء جهلة فكريا ويسعون فقط لنفي تهمة الانتماء للإخوان بأي طريقة حتى لو كانت حرق كتب تتحدث عن الحضارة الإسلامية ومكان المرأة والتسامح وكلها أفكار تنويرية .....
 محمد يوسف

البتاع .. بتاع دعوة خلع الحجاب .. ( مرة جديدة ) !!
لم يكن يوما صحفيا او كاتبا مرموقا ، ولم يكن يوما من اصحاب الحملات الصحفية او المقالات المؤثرة .. البارز في تاريخه انه تم انتدابه من الصحيفة التي يعمل بها للعمل كوكيل وزارة لاحدي الوزارات التي احاطت بوزيرها شبهات اخلاقية، وفي عهد ذلك الوزير ، تم بيع تراثنا السينمائى وتراجعت تأثيرات قوانا الناعمة وضاعت اسس الثفافة السوية واهينت اقدار المثقفين الحقيقين واضمحل الفكر العام، وساد المشهد كثير من مدعي الثقافة الفاشلين في كل شيئ الا التفاهة برزوا فيها جدا كما ترون !!!!!....
 محمد صلاح الزهار.

 البحيرى ظاهرة صوتية وفاقد للمنهج العلمى
خلصت من حلقة التليفزيون الى الأتى:-
-ان اسلام البحيرى ظاهره صوتيه قامت على نقل كلمات مجتزئه من سياقها وقد كشفه الدكتور اسامه الازهرى فى هذا
-ان الرجل فاقد للمنهج العلمى فى بحث اى مسألة من المسائل التى أثارها سواء فى الحلقه او فى برامجه
-ان من ناقشوه لم يمكنوه ان يجر الحديث معه لمنطقته التى تعتمد على الشوشره والتشويش
-ان العلماء فندوا ما تناوله البحيرى تفنيدا علميا حتى ظهر ان بضاعته مكذوبه غثه ونقله غير امين
-يكفيه ان الحبيب الجفرى فند منطق تناوله انه على شاكلة داعش بتحكيم الهوى فى تفسير الدين
-واظهره الشيخ الدكتور اسامه اﻻزهرى بانه يتبع منهج تفكير سيد قطب الذى ضرب بكتب العلماء الاوائل عرض الحائط واعتمد على هواه هو
-ثم ختم الحبيب الجفرى الحلقه بأن طالبه ان يمرر النقاش على منطقة هل يود ان ينتصر لرأيه ام انه اراد ان ينتصر لله ورسوله
-واخيرا اظهروا وبأدب اسلوب تناوله ونقده انه اسلوب غير اخلاقى
واخيرا...اقول لمؤسسة الازهر تخليتم عن رسالتكم فترة طويله بفعل عدة عوامل نعم ...لكن رسالتكم اسمى من ان نستكين ونستسلم لامثال معاول الهدم للدين الماضية بلا مقاومة حقيقيه بإعداد الفقيه الجيد والطالب المستنير الذى سيكمل المسيره بعدما يغيب الموت العلماء الكبار الافاضل
اﻻمر جد خطير ....ولا وقت ان تكونوا ردة فعل بل عليكم ان تكونوا الفعل نفسه ....وذلك بإقتحام عقول الناس بحقيقة وسماحة الدين اﻻسﻻمى العظيم
ألم يأن لمؤسسة الأزهر الشريف ببث فضائيتها بعلماء فطاحل لهم قبول عند الناس 
 عبد الرحمن فهمى

08 مايو 2015

علياء نصر تكتب : محاولة انقاذ المجرة

(أى محاولة للتقريب بين شخصيات الرواية وبين شخصيات واقعية فى عالمنا هو محض خيال من خيالات القارىء , وهذا على مسئولية القارىء الشخصية)

اهداء ...
الى كل المواطنين الشرفاء , فى مجرة درب التبانة الموقرة

المحاولة الأولى
(1)

فى احدى مقاطعات كوكب بلوتو , وفى حارة مزنوقة , كان الكائن الفضائى البائس , وليد الظروف التعسة على هذا الكوكب الموحش يلهو مع أترابه من رفاق الكوكب , لتعاسته يتم التهكم عليه والتندر به وحده من دون باقى الرفاق , لم يكن يدرى أنه ستتم محاسبته على شىء خارج عن ارادته , على اسمه الذى لم يكن له يد فى اختياره , اسمه المثير للسخرية الذى يتكون من مقطعين , "تى تى " , كان رفاقه يصرخون فى وجهه ساخرين دائما بلغة كوكبهم الركيكة " بس ياض يا تيتي" , وكان يبتلع سخريتهم فى صمت ومهانة , يوما ما أبرحه رفاقه ضربا . فاستثاروا حميته لكرامته وغيظه الدفين , مما حدا به الى الصراخ فى وجوههم منفعلا ومتوعدا " لما هاكبر هاضربكم " ...
كان يعلم أن اضطهادهم له ليس بسبب اسمه الذى يحمل اسم كائن أضأل مكانة منهم على ذلك الكوكب , ولكن بسبب أمه التى أتت مهاجرة الى كوكبهم الموقر من كوكب آخر يحمل ثقافة مغايرة لثقافتهم , مما حدا برفاقه الى أن ينظروا عليه دائما باعتباره دخيلا شاذا, كان وضعه معقدا ومنذرا بشخصية ملأى بالتشوهات والرضوض النفسية ., وفى ليلة ليلاء من ليالى "التيتى " جائته الفكرة طائرة على جناح نيزك شارد , هاهى الفكرة تلتمع فى ذهنه وتبرق فى وهج شديد , أتاه الخاطر العبقرى ففغر فاه وصرخ منتشيا فى انتصار مفتعل ,... وجدتهااااااااااااااااااا 
نعم لقد اتخذ التيتى قراره الحاسم ...قراره الجرىء , انه سيسعى , للسيطرة على الكوكب ,..
سقطت من فمه بقية من طعام مجفف كان يتناوله , بينما تراوده الفكرة العبقرية , وحزن مستشعرا الأسف لعدم وجود أمه لتمسح عنه هذا الطعام المتساقط , .. وتذكر تندر رفاقه الدائم عليه , وغامت عيناه فى حزن عميق ..
بشارة جديدة تجتاح التيتى , وتؤكد له على أن شعوره العميق بأنه يوما ما سيصبح ذا شأن عظيم أمر مفروغ منه , لا يعدو كونه مسألة وقت واحتمال لا أكثر , ها هو يرى فى منامه ما يعضد خواطره الجريئة , فقد شاهد فى منامه وكأنه يحمل صاروخا فضائيا أحمرا على كتفه الضعيف , وكأنما يرتدى آلة الوقت الفضائية الأكثر شهرة على كوكبه , ثم وأخيرا يقابل فى منامه الرائع امبراطور كوكب المريخ الذى يهديه البشارة الكبرى بأنه يوما سيصبح سيدا على هذه المجرة الموقرة, .. يقفز التيتى متهللا , وتجتاحه أحلامه الواعدة من جديد , وينطلق يرقص فى مقاطعات الكوكب , ملوحا بيده للنيازك والشهب المارقة من نظام المجموعة , مبتسما للمستقبل فى رضا وخيلاء ...
(2)" أنا لا أعلم شيئا عن حماتى الآتية , أنا لا أذكرشيئا عن مراتى الماضية " ,, 
بصوت مزعج نشاذ راح يدندن "التيتى" أمام لجنة الفنون الفضائية المخولة بتقييم المواهب البلوتية , بانفعال بالغ يصرخ السادة أعضاء لجنة التقييم فى نفاذ صبرواشمئزاز واضحين , آمرين التيتى بالتوقف فورا عن هذا النشاذ المزعج , فى أسى بالغ , يطأطىء رأسه , ويمشى فى تؤدة وتباطؤ , وقد أثقلته الخيبة وجرجرت خلفه أذيالها ,يحرك فكه السفلى فى حنق شديد ,و تتردد فى اصداء نفسه الكلمات الحانقة ذاتها فيهذى مغمغما , (عشيرة النقاد الفنيين الجاهلة لا تقدر فنى , وشاعريتى , وأدائى الرومانسى العالى , كعادتهم يصدرون أحكاما سطحية تافهة , يوما ما سيعلمون حجم قدراتى وتأثيرى ) , من جديد تلح بارقة خاطفة على رأسه الصغير, خاطرة تفسر له حقيقة هذا الوضع الظالم المقلوب , انه على يقين من كونه فنان وموهوب , فلا بد وأن سبب مأساته الحقيقية هى أنه لا يجيد اختيار جمهوره , نعم .. المشكلة ليست فى أسلوب التيتى وأداؤه الرفيع , ولكنها تكمن فى غياب الجمهور الراقى الذى يقدر هذه الطاقات وهذه المواهب , للحظة يشرد متفكرا فى كيفية الوصول الى جمهور عريض , ليس هذا فحسب هو نهاية المشكلة , بل لابد من ضمانة لعدم تململ الجمهور أو نفوره أو هروبه من أمام التيتى وهو فى ذروة انفعاله وأدائه الدرامى , لامفر من اكراه هذا الجمهور على الاستماع اليه والانصات بل والتحلى بالصبر فى أعلى درجاته وبالتحمل فى أقصى مراحله , يوسوس فوتون شرير فى رأس التيتى الفضائية , بأنه لا أحد يحظى بهذه الميزات من الاصغاء والصمت فى حضرته الا شخص واحد فقط , .. انه رئيس الكوكب ... نفض التيتى عن رأسه هذه الوسوسات الفوتونية مستعيذا و واستبدلها بأفكار شخصية وتطلعات ذاتية اقوى كثيرا من تلك الوسوسات الساذجة , فانطرح أمام التيتى أخيرا هذا الحل الفذ العبقرى , انه سيسعى ليوجد جمهوره الكبير الذى سيشبع أمامه مواهبه وطاقاته الدرامية الهائلة , انه لن يسعى فقط ليصبح رئيس الكوكب كما وسوس له الفوتون الرجيم , بل ..ان طموحه أعلى من ذلك وأبعد .. انه .. سيصبح رئيسا للمجرة .. فى سلامة صدر واسترخاء نفس , يعود التيتى ليؤدى المشهد العاطفى بصورة أكثر مبالغة وافتعالا , ويتخيل الجماهير الغفيرة وهى تستمع اليك فى اصغاء واكبار , وهو يردد من أعماقه عاقدا حاجبيه ملوحا بيده هامسا فى حنان بالغ" أنا لا أعرف شيئا عن حماتى الآتية و أنا لا أذكر ...عن مراتى الماضية " ..

رضا حمودة يكتب: الوجه الآخر الخفي في قصة سيدة المطار

المصدر
في الوقت الذي نسمع ونرى فيه الانتهاكات اليومية التي ترتكبها وزارة الداخلية المصرية وأجهزتها المختلفة بحق المواطنين تحت بند حماية المواطن، وتحقيق الأمن والاستقرار للوطن، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية فيديو لسيدة المطار، كما أُطلق عليها، تضرب ضابط شرطة على وجهه، وتكيل له سيلاً من قواميس الإهانات و(الشرشحة)، إن صح التعبير، لا تنم إلا عن بيئة استعلائية نمت فيها برعاية مجتمع لا يحترم سوى القوي أو صاحب السلطة والمال. 
ما يثير الأمر ريبة هو هذا الهدوء المستفز والأدب الجم الذي هبط على ضابط المطار فجأة من السماء! وحالة الاستسلام التام أمام جبروت امرأة تُدعى ياسمين النرش، نجلة ملياردير كبير يملك استثمارات ضخمة في مجال السياحة، حسبما قالت بنفسها إنها سيدة مال وأعمال وأفادت المعلومات والتقارير، الأمر الذي يُظهر عن عمد نوعاً من التعاطف والشفقة على الضابط المسكين. لنتساءل عن من سمح بتصوير الفيديو أصلاً الذي يخدش هيبة الدولة الأمنية العسكرية في مقتل في مطار العاصمة (واجهة البلاد وعنوان السيادة)، والمفترض أن يكون مُحاطاً بأعلى درجات الأمن، بما لا يترك شاردة ولا واردة إلا وقد قُتلت شكاً وبحثاً، ما يجعلنا نتشكك في القصة برمتها والبحث والتعمق في ما وراء الصورة من منظور مختلف لا يخرج عن أحد وجهتي نظر: 
أما وجهة النظر الأولى فتعززها حالة الضابط الانهزامية والمستسلم تماماً لما تفعله سيدة المطار قولاً وفعلاً، ولا ندري أهو من باب الأخلاق الحميدة والأدب الجم الذي يتمتع به الرجل وتعففه عن الرد على الإساءة بالإساءة؟! أم رضوخاً لجبروت ونفوذ سيدة أعمال من صفوة المجتمع المتزوج بالسلطة في الحرام، لكنه زواج صار على المكشوف في العلن ودون خجل في دولة 3 يوليو؟! 
أما وجهة النظر الأخرى فتميل إلى كونها مجرد تمثيلية رخيصة ولعبة مكشوفة وتقليدية من تدبير الأمن، بغرض إبراز نوع ما من مظلومية رجال الشرطة (الشرفاء) الساهرين على راحة المواطن، في محاولة بائسة لتبييض وجه الأجهزة الأمنية الأسود المدنس بالعار والانتهاكات اليومية بحق الوطن والمواطن، خاصة في ظل الانقلاب العسكري مع تزايد حملات الاعتقالات وانتهاك حرمات المنازل وحفلات التعذيب المستمرة، إلى حد الموت في أقبية الشرطة وزنازين ومعسكرات النظام، ومحاولة يائسة لتلميع صورة جهاز أمني لم تعد تجدي معه كل أنواع "الورنيش" أو الطلاء، ليكون الهدف النهائي هو الإلهاء عن الفشل المريع على كافة الأصعدة والمستويات، وغض الطرف عن جرائم السلطة. 
وفي السياق ذاته الذي لا ينفصل بدوره عن الحالة العامة، تطاردنا صورة تعكس مدى التناقض الفج في التعامل مع المواطنين على أساس الهوية السياسية والاجتماعية، فنشاهد بأم أعيننا كيف يدوس أمين شرطة بقدمه على صدر مواطن بسيط، لكونه مختلفاً مع السلطة الحاكمة أو معارضاً لها، وحيث لا ظهر له ولا سند من سلطة أو مال، فكان حقاً عليه التنكيل والإهانة والتعذيب والموت أيضاً في مجتمعٍ لا يحترم الضعفاء أصحاب الحق، بينما لا ينتفض أو يهتز له ضمير سوى لأصحاب المقام الرفيع، لا سيما إذا كانت سيدة في حملة السيسي كسيدة المطار، حتى لو خلعت ملابسها قطعةً قطعة، والويل والثبور وعظائم الأمور لسيدة محجبة تتفاخر بانتمائها الإسلامي، فمصيرها السحل والإساءة والاغتصاب وانتهاءً بالقتل. 
لا ننتظر خيراً من نظامٍ مات أخلاقياً قبل سقوطه ميدانياً، ومجتمع يتآمر على نفسه ويزدري ذاته المُكرّمة بالأساس، ولا يحترم سوى أصحاب السلطة والنفوذ، وربما تجار المخدرات والفنانين والفنانات ولاعبي كرة القدم، بينما يحتقر الشرفاء والمناضلين من أجل انتزاع حريته وكرامته التي دِيست بالبيادات العسكرية تحت وقع الجبن وحب الاستعباد، أو إيثاراً للسلامة الوهمية. وأخشى ما أخشاه أن تقع فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.. في مرحلةٍ صار فيه الجأر بالشكوى فقط والبكاء على حالنا من باب نواح وعويل النساء

النائب محمد العمدة يكتب : بيزنس المخابرات العامة المصرية

*المصدر
تحدثنا في المقالات الخمس السابقة عن الإمبراطورية الاقتصادية للقوات المسلحة، حيث كشفنا في أحد المقالات المشروعات الاستثمارية الحكومية الضخمة المسندة بالأمر المباشر للقوات المسلحة بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات ، وكشفنا في المقال الثاني حجم الثروة العقارية للقوات المسلحة والمتمثلة في العمارات السكنية والفلل والقصور التي تم ويتم بنائها بشكل مستمر لأبناء القوات المسلحة ليقوموا ببيعها بعد ذلك ، فضلا عن المشروعات الاستثمارية العقارية التي تقوم بها القوات المسلحة وتعرضها للبيع بالمزاد العلني ، وتحدثنا في المقال الثالث عن المشروعات السياحية للقوات المسلحة وحصرنا ما استطعنا حصره من فنادق وقري سياحية ومنتجعات ونوادي ، وفي مقال رابع حصرنا ما استطعنا حصره من شركات ومصانع تمتلكها وتستغلها القوات المسلحة .
وبالطبع كل هذه المشروعات تتم من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، والذي أنشأه السادات عام 1979 أي في نفس عام توقيع معاهدة كامب ديفيد وتقرير الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لمصر قدرها مليار وثلاثمائة مليون دولار سنويا ، وهو ما يُفسر بأحد تفسيرين ، الأول أن قادة القوات المسلحة فكروا في إنشاء جهاز لإقامة مشروعات اقتصادية للقوات المسلحة من خلال الاستفادة من هذا المبلغ السنوي الضخم الذي كان يعادل وقتها أكثر من 70% من ميزانية القوات المسلحة ، أما التفسير الثاني فهو أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أشارت عليهم بإنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والبدء في إنشاء مشروعات اقتصادية خاصة بالقوات المسلحة حتي يُمكنوا لحكم العسكر في مصر باعتبار أنهم عميلهم المستقبلي بعد تقرير المساعدات العسكرية ، ومن ثم تطمئن الولايات المتحدة الأمريكية علي أن أموالها لن تذهب هدرا ، إذا ما انتقلت السلطة لأي جهة أخري غير العسكر المصري .
ويبدو أن الأمر لا يقتصر علي مشروعات القوات المسلحة التي تقوم بها من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والإدارة الهندسية التابعة لها ، حيث اتضح أن بعض فروع القوات المسلحة أيضا لها مشروعاتها الاقتصادية الخاصة بها .
فها هو حسين سالم يكشف لنا أن المخابرات العامة المصرية تقوم بمشروعات خاصة بها ولكن من خلال رجال أعمال هو أحدهم ، وأنه أقام العديد من المشروعات بناء علي تكليف منهم وذك في حوار مع صحيفة المصري اليوم بتاريخ 29/4/2015 أجرته الصحفية / فتحية الدخاخني والتي تقول في تقريرها وحوارها :
" تحدث «سالم» في الحوار عن علاقته بجهاز المخابرات العامة ، وكيف أن كل المشروعات التي قام بها كانت بتكليف من الجهاز....... "
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : لكن لماذا كل هذا الهجوم والجدل حول حسين سالم؟
حسين سالم يجيب :
" أنا لا أدرى ما المشكلة التي سببها حسين سالم للبلد ، أنا دائما كنت أقدم المصلحة العامة على أي مصلحة خاصة ، وأفنيت حياتي مؤمنا ومخلصا لهذا المبدأ ، وهو ما تشهد عليه الأعمال التي قمت بها ، وأنا قمت بكل شيء بناء على توجيهات من المخابرات ، وعمر سليمان والتهامي ، رئيسا المخابرات السابقان ، شهدا بذلك في المحكمة ، وقال القاضي في حيثيات الحكم إن شركتي هي تابعة للمخابرات ، فكيف أحاكم وأنا كنت أعمل لمصالح الدولة .
ثم يكشف لنا حسين سالم العديد من المشروعات التي نفذها لحساب المخابرات العامة المصرية منها :
( 1 ، 2 ) شركتي الشرق والبحر الأبيض المتوسط 
لتصــدير الغـــاز للأردن و لإســرائيــــل :
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : وما قصتك مع الغاز الطبيعي ، وهل كان إنشاؤك لشركات الغاز بتكليف من المخابرات ؟
حسين سالم يجيب :
نعم ، كلفني الجهاز – يقصد المخابرات العامة المصرية - تأسيس شركة الشرق للغاز لتصدير الغاز إلى الأردن ، وتنازلت عن أسهمي في الشركة وكل ما دفعته فيها للمخابرات دون مقابل وعن طيب خاطر، ثم كلفت بتأسيس شركة البحر الأبيض المتوسط للغاز لتصدير الغاز إلى إسرائيل ...
ويضيف حسين سالم في موضع آخر :
لكن إرادة الله وعدالة القضاء المصري ألغتا معظم الأحكام التي صدرت ضدي ، كما أن اللجان الفنية التي شكَّلتها الدوائر المختلفة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم تكن هناك محاباة في إسناد عقد تصدير الغاز إلى شركة البحر المتوسط للغاز، التي ساهمت في رأس مالها بمبلغ ٩٥ مليون دولار، لتعادل حصتي ٦٥٪ من رأس مال الشركة ، وأكدت اللجان أنه لم يكن هناك إهدار للمال العام ، حيث لم يثبت تصدير الغاز لإسرائيل بسعر أقل من تكلفته الحقيقية.
ويقول القاضي في حيثيات حكمه إنه لا يطمئن للاتهامات التي وجهتها لي النيابة في هذه القضية ، لأنها صدرت في ظروف كانت البلاد تعج فيها بالفوضى والانفلات والمظاهرات والاحتجاجات على ما كان قبل يناير ٢٠١١، ومن بينها تصدير الغاز لإسرائيل الذي تعتبره الجماهير من الكبائر ولا يقوى أحد على معارضة الجماهير وإلا تعرض للهلاك ، كما أن اللواء محمد فريد التهامي واللواء عمر سليمان ، رئيسي المخابرات السابقين ، شهدا بأن تصدير الغاز لإسرائيل كان ورقة للضغط على إسرائيل ، ولتدبير موارد للدولة ونفقات المخابرات العامة ، وشهد المهندس شريف إسماعيل وزير البترول بأن سعر الغاز في التعاقد كان يغطى تكلفة الإنتاج ويزيد، وأن العائد من العقد يفوق العائد من بعض العقود الأخرى .
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : كل المشروعات التي نفذتها كانت بتوجيه من المخابرات ، فهل هذه كانت سياسة للمخابرات في استخدام رجال الأعمال في بعض المشروعات ؟
حسين سالم يجيب :
طبعاً.. هناك إدارة في المخابرات أسستها أيام حرب الاستنزاف في الستينيات ، تحولت إلى وحدة وهى متخصصة في عمل منظمات ومؤسسات تكون واجهة للجهاز، وهذا معروف في العالم .....
كما نشرت صحيفة المصري اليوم أيضا بتاريخ 21/1/2012 تحت عنوان " الديب : المخابرات قادت «تصدير الغاز».. و4 أدلة لتبرئة مبارك في القضية " ما يأتي :
شهدت الجلسة الـ22 لمحاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ، ونجليه علاء وجمال ، وحبيب العادلى ، وزير الداخلية الأسبق ، و6 من كبار مساعديه ، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ، مفاجآت وأسراراً خطيرة في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل ، وفجر المحامى فريد الديب ، الذي واصل السبت مرافعته عن الرئيس السابق ونجليه، مفاجأة بقوله إن جهاز المخابرات العامة المصرية هو الذي قاد عملية إتمام الصفقة ، وإنه اختار شركة حسين سالم ، لكونه الرجل الأول للمخابرات ، وإن المخابرات وافقت على التصدير لأسباب ذكرها اللواء عمر سليمان ، رئيس الجهاز السابق ، أمام المحكمة في الجلسة التي تم حظر النشر فيها ".
جدير بالذكر تعليقا علي حديث رجل الأعمال / حسين سالم أن شركة الشرق للغاز والتي تصدر الغاز للأردن ، وشركة البحر الأبيض المتوسط التي تصدر الغاز لإسرائيل هي مستودع نهب المال العام ، لأن كل من الشركتين حصلت علي الغاز بالأمر المباشر دون مزايدات ، وهو ما أدي إلي بيع الغز بسعر متدني وبأقل من تكلفة إنتاجه ، كما أن التصدير كان من الممكن أن يتم بمعرفة الهيئة العامة للبترول أو أي من شركاتها ، ولكن تم عمل الشركتين سالفتي الذكر حتي يتم تحويل الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع لصالح جهاز المخابرات ، وأما عن إدعاء حسين سالم بأن وزير البترول قد شهد بأن سعر البيع يغطي تكلفة الإنتاج ، فنحن نسأله وأين سعر الغاز نفسه .
ومما يؤكد ما ذكره حسين سالم بشأن أنه كان يقوم بمشروعات معينة بتكليف من المخابرات أي لحسابها ، ما نشرته صحيفة الموجز بتاريخ 8/4/2013 تحت عنوان " حكاية بنات عمر سليمان في عهد الرئيس مرسي " حيث قالت الصحيفة :
" فمؤخرا أصدر جهاز الكسب غير المشروع قرارا بمنع ابنتين من بناته الثلاثة وهن داليا ورانيا من السفر ، بعد فتح التحقيق معهن ، بسبب وجود علاقة عمل تجمع بين حسين سالم رجل الأعمال الشهير والمتورط في عدد من القضايا والهارب حاليا بأسبانيا ، والمهندس عبد الحميد حمدي ابن الشهيد احمد حمدي وزوج رانيا عمر سليمان .....
أما ابنته الثانية رانيا فهي تفضل الابتعاد عن الأضواء متزوجة من نجل الشهيد أحمد حمدي- المسمى على اسمه النفق الشهير - وربما السبب الرئيسي في صدور قرار الكسب غير المشروع الأخير المهندس عبد الحميد حمدي كان يعد الأقرب إلى قلب سليمان ويلقبه بالجنرال.. لكن في الوقت ذاته يعتبر الأكثر إثارة للمشاكل لكونه يشغل منصب مدير المشروعات بشركات حسين سالم رجل الأعمال الهارب والصديق الحميم للرئيس السابق مبارك ، ويدير حاليا فنادق سالم الشهيرة jollie ville بالأقصر وعدد من الفنادق والقرى السياحية بشرم الشيخ .. الأمر لا يقتصر على ذلك بل وجهت اتهامات له بأنه كان الطرف الذي يمثل حسين سالم في مفاوضات تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل ، وأنه يعرف مالا تعرفه الأجهزة الرقابية والأمنية عن سالم وعلاقاته المتعددة ".
( 3 ) مشروع إنشاء مصفاة البترول " ميدور " بالإسكندرية :
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : وكيف أنشأت مصفاة بترول «ميدور»؟
حسين سالم يجيب :
أنشأت مصفاة بترول «ميدور» بالإسكندرية ، بتوجيه من الجهات نفسها ، ولم تدفع فيها الحكومة مليما واحدا، وكانت تكلفتها في ذلك الوقت مليار دولار، وتزيد قيمتها الآن على ٨ مليارات دولار، وأرباحها السنوية تتراوح ما بين ١٧٪ و١٨٪ على الدولار، أي حوالي ٢٠٠ مليون دولار سنوياً ، واستتبع هذا المشروع ، كما هو معمول به في العالم كله ، إنشاء محطة للكهرباء ، وهى التي ساعدت على استمرار المشروع دون توقف ، حيث إن الكهرباء في مصانع التكرير إذا قطعت أكثر من ١٠ ثوان، تتوقف جميع المشروعات ولا يتم تحميلها مرة أخرى إلا بعد ٤٥ يوماً، مما يكبد مصنع التكرير خسائر مالية باهظة ، لذلك أنشأتُ «ميداليك» للكهرباء لخدمة المشروع ، بموافقة وزارة الكهرباء الكتابية ، وتكالبت مصانع التكرير بالإسكندرية على المحطة لتزويدها بالكهرباء ، حيث كان هناك فائض غير مقصود في تصميم المحطة ، وحصلت مصانع التكرير على الكهرباء بالسعر الحكومي.....
وجدير بالذكر أن حسين سالم يقول حقائق فيما يتعلق بعمله لحساب جهاز المخابرات العامة المصرية ، ولكنه يغلف هذه الحقائق بالأكاذيب حين يدعي أنه بالاشتراك مع المخابرات يقوما بأعمال خيرية لصالح مصر ، فإذا كانت هذه المشروعات خيرية ، فكيف أصبحت ثروته علي حد زعمه سبعة مليارات من الجنيهات ، وأحد عشر مليار جنيه علي حد زعم وكيله ، ومن أكاذيبه مثلا قوله في ذات الحوار " أنا أعيش الآن في شقة «غرفتين» في ضيافة أحد الأشخاص ، ولولا أن أولادي اشتروا منازلهم في التسعينيات لم يكونوا ليجدوا أي مكان للإقامة به في إسبانيا ، وجميع أموالنا مجمدة ، أنا بشحت أنا وأولادي وأعيش على المعونات من أصدقائنا في أبوظبى ، وهذا ممكن أن يتوقف في أي وقت ، فمن أين سنعيش أنا وأولادي وأحفادي ".
( 4 ) المشروعات الاستثمارية بشرم الشيخ :
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : ولماذا اتجهت إلى شرم الشيخ؟
حسين سالم يجيب :
اتجهت للاستثمار في شرم الشيخ ، بناء على نفس التوجيهات ، حيث كانت صحراء جرداء بعد تحريرها من إسرائيل ، وقبلت التحدي للبدء في تنمية شرم الشيخ والعمل على خلق تجمعات جاذبة للسكان ، لما في ذلك من تأثير إيجابي على الأمن القومي المصري ، وبالتعاون مع الراحل محمد نسيم ، رئيس جهاز الخدمة السرية سابقاً، اشتريت الأرض من محافظة جنوب سيناء بالأسعار والشروط التي أعلنتها المحافظة ، والتي حصل عليها جميع المستثمرين الآخرين ، وبدأت بالعمل الجاد والمتواصل حتى أنشأت ٣ فنادق في خليج نعمة وخليج أم مريخة ، والفندق الثالث ملحق بقاعة المؤتمرات الشهيرة ومملوك للمخابرات العامة ، وأنشأت طريقاً أسفلتياً بطول ١٢ كيلومتراً في قلب الصحراء لتكون الشرايين التي تساهم في امتداد رقعة التنمية في سيناء ، ثم أنشأت شركة مياه جنوب سيناء بمشاركة المخابرات العامة، وهى التي وفرت المياه لكل المشروعات التنموية في شرم الشيخ ، وتنتج هذه المحطة ١٧ ألف متر مكعب يومياً ، أي حوالي ٦ ملايين متر مكعب سنوياً ، واحتاج هذا المشروع مدّ حوالي ١٢٠ كيلومتراً من الأنابيب تحت الأرض ، إضافة إلى الخزانات اللازمة في خليج نعمة وهضبة أم السيد، ثم أضفتُ لشركة مياه جنوب سيناء وحدة جديدة بسعة ٦ آلاف متر مكعب يومياً، لتنقية مياه الصرف الصحي واستخدامها في ري المسطحات الخضراء .
كما قال أيضا حسين سالم في بداية الحوار فيما يتعلق بطلبه الخاص بالتصالح :
سأتقدم للحكومة بطلب للتصالح ، والمساهمة في الاقتصاد بالتنازل عن أصول عينية تقدر بمبلغ ٤.٦ مليار جنيه، أي ما يعادل ٥٧.٥٪ من إجمالي ثروتي داخل وخارج مصر، وذلك من خلال التنازل عن ٣.٤ مليار دولار، هي قيمة فندق الجولف في شرم الشيخ ، حسب تقييم ثلاث شركات عالمية تابعة للبنك المركزي ، ويمكن أن يحل هذا العرض أزمة أرض الجولف البالغ مجموعها ٥٥٠ ألف متر، على أن يتم التنازل عن الأرض لصالح صندوق تحيا مصر، وأن يقوم مقاولون موثوق بهم ببنائها ، بشرط التنازل عن ٢٢٪ من المباني لصالح صندوق تحيا مصر، ويتطلب ذلك تغيير أرض الجولف من ملاعب إلى سكن عن طريق محافظة جنوب سيناء .
ويتضمن طلب التصالح أيضا مبلغ ٥٠٠ مليون جنيه ، هي قيمة محطة التحلية في شرم الشيخ ، ومحطة التنقية والأنابيب والخزانات الخاصة بهم كهدية لمحافظة جنوب سيناء ، وسيتم نقل الملكية مباشرة عن طريق التنازل عن أسهم الشركة ، إضافة إلى مبلغ ٧٠٠ مليون جنيه قيمة ٣٦ فداناً بجزيرة البياضية ، وسيتم نقل الملكية عن طريق التنازل، وهذه الأصول مسجلة وليس عليها ديون .
ومما يؤكد ما ذكره حسين سالم تقرير منشور علي موقع جوجل بتاريخ سابق بكثير لحواره مع المصري اليوم عنوانه " المخابرات وحسين سالم " جاء فيه :
" وكان سالم يقيم بصفة شبه دائمة في شرم الشيخ وله استثمارات في مجالات السياحة والطاقة ويعتبر هو الأب الروحي لمدينة شرم الشيخ حيث أنه أول من أستثمر بها منذ عام 1982 وهو تقريبا يمتلك خليج نعمه بالكامل بالإضافة إلى أنه يمتلك عده منتجعات منها منتجع " موفنبيك جولى فيل " في مدينة شرم الشيخ أكبر المنتجعات السياحية بهذه المنطقة وهو الفندق الذي يقام به كافة المؤتمرات الدولية ومنتجع " الجولى فيل " بالأقصر وهو من أكبر المنتجعات السياحية في محافظة الأقصر من حيث المساحة وعدد العاملين وأنه أمر ببناء قصر كبير على أطراف منتجع شرم الشيخ على أحدث الطرق العالمية ، والمفاجأة أنه أهداه للرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك " .
( 5 ) مشروع أبراج النزهة " ميلسا " :
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : وماذا عن مشروع أبراج النزهة ؟
حسين سالم يجيب :
أنشأت بعد ذلك ١٥٠٠ وحدة سكنية من خلال ٣٩ برجاً سكنياً في منطقة النزهة المعروفة باسم «ميلسا» لصالح القوات المسلحة بسعر ١٠٠ جنيه للمتر مع التشطيب ، ولا يخفى على أحد ما في هذا السعر من تضحيات وفاء لمصر ورجالها.
وقد مر علينا هذا المشروع قبل ذلك ، وهو عبارة عن وحدات سكنية ومحلات تجارية وتم نشر إعلان عن بيع وحداته بالمزاد العلني ، ونشر الإعلان علي صفحة لوزارة الدفاع .
( 6 ) مشروع نقل أسلحة المساعدات العسكرية من أمريكا إلي مصر :
حسين سالم يقول :
العملية كلها كانت أيام كمال حسن على رحمه الله ، عندما جاء لي وقال أثناء مفاوضات كامب ديفيد إن الرئيس الأمريكي أعطانا ٥٠٠ مليون دولار، فقلت له أنت تبيع مصر وقضية السلام بـ٥٠٠ مليون ؟.. «عايزين مليار» ، وفى اليوم الثاني قال لي إن كارتر زاد المبلغ إلى ١٥٠٠ مليون فقلت له لا تقترب من المبلغ وادفعه down payment فأنا تاجر.
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : تقصد مبلغ المعونة العسكرية الأمريكية لمصر المقدر بمليار و٣٠٠ مليون دولار سنويا ؟
حسين سالم يجيب :
نعم .
صحيفة المصري اليوم تسأل :
س : وماذا حدث بعد ذلك ؟
بعد ذلك قال لي كمال حسين على إن البنتاجون حرامية عايزين يأخذوا الشحن بقيمة ٢٦٪ ، وبناء على تعليمات المخابرات دخلت المناقصة لشحن الأسلحة وقمت بشحن الأسلحة المصرية من الولايات المتحدة بعد مناقصة مطولة وشاقة ، وفزت بالمناقصة لشركتي بسعر ٦.٥٪ بدلا من ٢٦٪ كانت ستتقاضاها الشركات الأجنبية.
هذه بعض المشروعات كشف لنا رجل الأعمال / حسين سالم أنه نفذها لصالح المخابرات العامة المصرية ، ولا ننسي أنه قال أن المخابرات تنفذ مشروعاتها من خلال العديد من رجال الأعمال .
ولاشك أن ما ذكره حسين سالم هو بعض ممتلكات وأنشطة المخابرات العامة الاستثمارية ، وأن من يبحث سيجد ما لذ وطاب ، ونذكر من هذه الأنشطة :
( 7 ) شركة وادي النيل للمقاولات والاستثمارات العقارية :
- ومما يكشف أيضا عن الأنشطة الاستثمارية لجهاز المخابرات العامة ما نشرته صحيفة المصري اليوم بتاريخ 6/3/2013 بشأن بلاغ تم تقديمه للنائب العام من حسين أحمد عبد الرحمن المنسق العام للحركة الثورية للعاملين بالتأمينات الاجتماعية ، وأحمد يحيى أحمد المنسق العام لائتلاف خريجي الحقوق والشريعة والقانون، يتهم وزير التأمينات والشؤون الاجتماعية وآخرين باستغلال النفوذ ....
وأفاد البلاغ رقم (689 لسنة 2013 بلاغات النائب العام) ، قيام وزير التأمينات بتخصيص مبلغ 28 مليون جنية للرعاية الصحية للعاملين بالتأمينات الاجتماعية ، وتم التعاقد مع شركة وادي النيل للمقاولات والاستثمارات العقارية التابعة لجهاز المخابرات العامة ، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات ، وبالمخالفة للائحة المالية بالهيئة مما تسبب في إهدار 13 مليون جنية للسنة الأولى للتعاقد .
و ما نشره موقع إسماعيلي بتاريخ 5/5/2015 من أن " اللواء فؤاد سعد الدين عضو مجلس إدارة شركة وادي النيل للمقاولات قال أن البدء في مشروع النادي الإسماعيلي الجديد سيبدأ علي الفور ، و ذلك عقب وصول أمر التخصيص المالي للمشروع من قبل المجلس القومي للرياضة كأمر مباشر من المجلس في البدء بالتنفيذ علي الفور . 
و أوضح اللواء فؤاد سعد الدين عضو مجلس إدارة شركة وادي النيل للمقاولات التابعة للمخابرات العامة و الذي كان يشغل منصب محافظ الإسماعيلية الأسبق عام 2004 انه لا خلاف علي القيمة التقديرية للمشروع بالاتفاق مع المجلس القومي للرياضة و لكن التعامل متعارف عليه في العديد من المشاريع الحكومية التي تقوم بتنفيذها شركة وادي النيل ومن المعلوم أن مجلس الإدارة قام بالتنسيق مع شركة وادي النخيل منذ أربعة أشهر.
و من جهة أخري تقوم المهندسة عبلة احمد مدير الإدارة الهندسية بالمجلس القومي للرياضة بزيارة النادي الإسماعيلي و أرض النخيل لاستكمال الملاحظات الهندسية علي المذكرة الخاصة المقدمة من النادي الإسماعيلي بخصوص المشروع و ذلك لتمرير الدعم المالي المخصص لإنشاء المباني بالأندية الرياضية .
ونلاحظ من التصريحات السابقة أن شركة وادي النيل للمقاولات التابعة للمخابرات تسند لها مشروعات حكومية بشكل مستمر وبالأمر المباشر علي ضوء ما تقدره الشركة نفسها ، وهو نفس النهج الذي يسلكه جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة والذي ينفذ المشروعات المسندة إليه بالأمر المباشر من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة .
( 8 ) مستشفي وادي النيل للمخابرات العامة :
- وكذلك إعلان منشور علي صفحة باسم " kompass " عن " مستشفي المخابرات العامة بجميع التخصصات " باطنة – عيون – قلب " - وادي النيل خلف مجلس الدفاع الوطني ، بجوار عمارات السعودية حدائق القبة القاهرة .
( 9 ) شركة فالي للاستثمار العقاري :
ومن الأخبار أيضا عن الأنشطة الاستثمارية للمخابرات العامة ما نشره موقع " مدي " عن قضية شراء سوزان مبارك لقصر العروبة ، والذي جاء فيه :
" في يوم 13 مايو 2011 أصدر جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل قرارا بحبس سوزان مبارك 15 يوما على ذمة التحقيق معها في تهم تتعلق بالفساد المالي بعد أن فشلت في تفسير ثروتها الضخمة.
أثناء التحقيق مع سوزان ظهرت معلومة مذهلة : فقد اتضح أن قصر العروبة ، الذي أقام فيه آل مبارك منذ عام 1979 وقتما كان حسني مبارك نائبا لرئيس الجمهورية ، تم بيعه سرا في عام 2002 من الدولة المصرية لسوزان مبارك التي قامت بتسجيله باسمها الأصلي . ومن أجل إتمام صفقة البيع تم تصميم عملية معقدة قامت الخزانة العامة بمقتضاها ببيع القصر كملكية عامة إلى جهاز المخابرات العامة ، الذي قام بدوره ببيعه إلى شركة خاصة تملكها المخابرات باسم شركة "فالي للاستثمار العقاري " ، التي باعت القصر فيما بعد كملكية خاصة لسوزان.
بعد أربعة أيام قضتها سوزان مبارك في سجن النساء بالقناطر تم إخلاء سبيلها وحفظ التحقيق معها..... ومن أجل حفظ التحقيقات قامت سوزان ، وفقا لبيان صدر وقتها عن وزارة العدل ، بالتنازل عن ثروتها الخاصة التي قدرت بمبلغ 24 مليون جنيه لم تتمكن من تحديد مصادر مشروعة لها . أما فيما يخص قصر العروبة فقد حضر إلى جهاز الكسب غير المشروع مندوب عن جهاز المخابرات العامة وتطوع بتقديم إقرار يُظهر أن المخابرات كانت قد قامت ببيع القصر لسوزان " لأسباب أمنية ". ووفقا لبيان وزارة العدل فإن سوزان وافقت على توقيع عقد بإعادة بيع قصر العروبة مرة أخرى للحكومة المصرية مقابل حفظ التحقيق معها .
( 10 ، 11 ) شركتي الطيران " بلو سكاي " و " دهب " .
نشر موقع المصريون بتاريخ 23 - 03 - 2013 تحت عنوان " مصر تستعين بشركات تابعة ل"المخابرات" لنقل السياح الإيرانيين "
" تستعد مصر لاستقبال عدد من الأفواج السياحية الإيرانية والمقرر وصولها إلى البلاد خلال الأيام القادمة ، حيث أسندت وزارة السياحة مهمة استجلاب ونقل السائحين الإيرانيين ل 4 شركات سياحية ، منها شركتان تابعتان للمخابرات العامة وشركتان تابعتان للقطاع الخاص الأولى يملكها رجل الأعمال القبطي رامي لكح ، والثانية يملكها عدد من رجال الأعمال الإيرانيين . يأتي ذلك وفقًا للاتفاقية التي تمت بين مصر وإيران بشأن تبادل السياحة ، والتي وقعها وزير السياحة هشام زعزوع خلال زيارته إلى إيران. وأشارت الوزارة إلى أنها قامت بعدد من الإجراءات بشأن تقنين دور السائحين الإيرانيين في مصر بما يتناسب مع الأمن القومي للبلاد .
وقال حسام العكاوى ، أمين عام حركة "سياحيون بلا حدود"، ومنسق الائتلاف العام للسياحيين ، إن وزير السياحة اتفق مع 4 شركات بشأن استقبال أفواج سياحية إيرانية إلى مصر من بينها " بلو سكاي " " ودهب "ومصر للسياحة وإبر ميجر، مؤكدًا أن الشركتين الأوليتين تابعان للمخابرات العامة . وأوضح العكاوى أنه تم الاتفاق مع عدد من الشركات الخاصة في إيران على إرسال السياح الإيرانيين إلى مصر مع ضرورة الالتزام ببعض الضوابط .
هذه بعض المشروعات الاستثمارية لجهاز المخابرات العامة المصرية ، وسوف نوافي حضراتكم بكل جديد لحظة ظهوره.

محمد رفعت الدومي يكتب: هي دي حمير مصر يا ثعالبي

تعوَّدتُ ألا أحترم كلَّ من يحترم الانطباعات الأولي، ولا كل من يتبني أفكارًا مسبقة بشكل متحيز عن أي شئ فقط لأن الأغلبية تتزاحم حول صحتها، فالحقيقة ليست كما تبدو أحيانًا، وليست هي الإجماع علي الدوام! 
علي سبيل المثال، الحمار ليس غبيَّاً أبدًا، إنما وظائف إدراكه تعمل علي نحو أكثر لياقة من عقول الكثير من البشر، يعرف هذا جيدًا كل من تعامل مع هذا الكائن الوديع من مكان قريب، القرويون علي وجه الخصوص، فهو يستطيع أن يتذكر تفاصيل الطرقات برحلة واحدة وإن كانت في الظلام، كما أن ذاكرته تستطيع أن تلتقط حدود الأرض التي يملكها صاحبه بدقة بالغة وتحفظها كأي رجل مساحة حقيقي، لذلك، عندما يتجاوز هذه الحدود إلي حدود الجيران ليسطو علي بعض الحشائش تستطيع العيون ببساطة الماء أن تضبط ارتباكه والذعر في نظراته!

رجم الحمار بالغباء في عهدة هذه الآية:
"مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين"..
أو في عهدة الذين لا يحبون السباحة في الأعماق فأولوا الآية من علي الساحل تأويلاً ليس كله صحيحًا، وبطبيعة الحال، سرعان ما اتكأ الشعر علي خاصرة تلك التأويلات واحترم مضمونها السطحي حتي بات من الصعب تبديده، وظهرت أبيات كثيرة في الهجاء تنبض بجلد الحمار بالغباء، كهذا التعريض الذكي بـ "زياد بن أبيه" من قبل شاعر خبيث استغل أن "أبا زياد" اسم من أسماء الحمار فقال:
زيادٌ لستُ أدري مَنْ أبوهُ/ ولكنَّ الحمارَ أبو زياد..
الغريب، أن هذه النظرة السفلية للحمار حكر علي كوكب الوطن العربي فقط، والأغرب، أن الحزب الذي الآن يدير كوكب الأرض شعاره الحمار!
بدأت قصة ارتباط الحزب الديمقراطي الأمريكي بالحمار عام 1828، عندما اختار "أندرو جاكسون" المرشح الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة في ذلك الوقت "لنترك الشعب يحكم" شعارًا، وكما يحدث في مثل هذه الظروف علي الدوام، اندلعت سخرية الجمهوريين من الشعار ووصفوه بالرخيص، كما وصفوا مرشح الديمقراطيين بـ "أندرو جاكاس" التي توازي في درجة من درجات الإنجليزية "أندرو الحمار"، تعليقاً علي هذا، اختار "جاكسون" من جانبه حمارًا رماديَّ اللون وألصق على ظهره شعار حملته، وقاده وسط القرى والمدن المتاخمة كلون من ألوان الترويج لبرنامجه الانتخابي ضد منافسه الذي كان نخبويَّاً يفضل الوقوف علي مسافة بعيدة من العوام! 
من الجدير بالذكر أن تصرف "أندرو جاكسون" لم يكن كافيًا لإلصاق الشعار بحزبه لولا ضلوع رسام الكاريكاتير الشهير "توماس ناست" في الأمر، عندما نشر "ناست" في مجلة "هاربر" الأسبوعية رسمًا ساخرًا بعنوان "الحمارُ حيٌّ يرفس أسدًا ميتاً" في وكز ساخر للمواقف الإرتجالية المتشنجة للديمقراطيين التصق رمز الحمار بالحزب الديمقراطي ربما إلي الأبد!
من الجدير بالذكر أيضًا، أن "ناست" أيضًا عندما رسم فيلاً ضخمًا مكتوبًا علي جسمه "الصوت الجمهوري" ألصق بالحزب الجمهوري شعار الفيل، أيضًا، ربما إلي الأبد! 
هناك أيضًا من مكان أشدَّ قربًا حزب الحمير الكردستاني الذي كان قائمًا حتي وقت قريب!
وللحمار في التراث حضور وافر وأخبار بعضها قادرٌ علي استقطاب الضحكات كهذا الخبر:
كان "محمد بن عبد الله بن نُمير الثقفي" يعشق "زينب بنت يوسف"، فقال فيها ذات يوم شعرًا عندما بلغ "الحجاج" أقسم أن يوقع به، لكن، عندما ابتلعت القصيدة المسافات ووصلت بلاط "عبد الملك بن مروان" كتب إلى الحجاج: 
- قد بلغني قول الخبيث في زينب، فالهُ عنه وأعرض عن ذكره، فإنك إن أدنيته أو عاتبته أطمعته وإن عاقبته صدقته! 
عندما أدرك "النميري" أن خلاصه من بطش "الحجاج" في عهدة "عبد الملك" وحده هرب إليه واستجار به، فقال له عبد الملك: 
- أنشدني ما قلت في زينب، فأنشده:
تضوع مسكاً بطنُ نعمان إذ مشت/ به زينبٌ في نسوةٍ عطرات
يُخمِّرن أطرافَ البنان مِنَ التقى/ ويخرجن جُنْح الليل معتجرات
فلما انتهى إلى قوله:ولما رأت ركبَ النميريِّ راعها/ وكنَّ من أن يلقينه حذرات
سأله "عبد الملك": - وما كان ركبك يا نميري؟
فقال: - أربعة أحمرة لي كنت أجلب عليها القطران؛ وثلاثة أحمرة تحمل البعر!
كان هذا هو كل ركب الشاعر الطيب الذي روَّع حبيبته وأضحك "عبد الملك" حتى استغرب ضحكاً، ثم قال له:
- لقد عظمت أمرك وأمر ركبك!
وكتب له إلى "الحجاج" أن لا سبيل عليه!
وأشهر الحمير في التاريخ "حمار عزير"، وسوف لا أضغط علي هذا الحمار لأنه حمارٌ من الصعب العثور علي مثله إلا في الأساطير أو أدب الرحلات، تفاصيل القصة نفسها تحتاج إلي عقول خاصة لامتصاصها، وسوف لا أتوقف أيضًا عند حمار "جحا" أو "حمار الشيخ الذي وقف في العقبة" فللخيال الشعبي، وللفراغ، في صناعتهما نبض أكيد!

وهناك أيضًا الحمار الذي ركبه "يسوع" عندما ذهب إلي أورشليم:
"لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ"
ذلك الالتباس في الآية جعل الكهنة، كعادة الكهنة، ينزلقون بإسراف في شروخ الحادثة الجانبية ويتجاهلون مركزها، لقد اختلفوا حول هل هو جحشٌ وأتان أم جحشٌ فقط ولم يضغطوا عنيفًا علي تلك التجليات في دخول "يسوع" أورشليم، ولا أدري ما الذي سوف يتوقف عن الدوران إن كان "يسوع" قد ركب جحشًا أو حمارًا، لكن، أكد بعضهم أن الحادثة كانت تحقيقاً لنبوءة "زكريا":
(هوذا ملكُكِ يأتي إليكِ وهو وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان) "زك 9 : 9"
والنبوءة واضحة، لقد كان "يسوع" يركب علي حمار وعلي جحش في نفس الوقت، وكل من رأي عربة كارو بحمارين ورأي كيف يكون الحماران قريبين جدًا إلي حد الالتصاق سوف لا يجد غضاضة في أن يصدق أن "يسوع" كان يمتطي ظهر الحمارين معًا في نفس الوقت، ربما، ليروِّع اليهود، تمامًا، كـ "ركب النميريِّ، إن لم يكن الأمر هكذا، فلا أقل من أن يكون دخل أورشليم علي عربة كارو، ما المانع؟!
وهناك "حمار أبى الهذيل" شيخ المعتزلة في عصر "المأمون"، ذاك الحمار صار مضرب الأمثال لكل كلام يقال في غير موضعه أو وقته لهذا السبب:
لقد زار أبو الهذيل بلاط "المأمون" فاحتجزه ليأكل معه، وعندما وضعت المائدة قال "أبو الهذيل" قبل أن يشرع في الأكل:
- يا أمير المؤمنين، إن الله لا يستحى من الحق، غلامى وحمارى بالباب!

فقال: - صدقت يا أبا الهذيل!
ودعا حاجبه وأمره أن يعتني بحمار أبي الهذيل وغلامه!
و"حمار طياب السقاء" الذي جعل منه شعر "أبي غلالة المخزومي" مثلة وعارًا بين الحمير، ومن شعره فيه:
وحمارٌ بكت عليه الحمير/ دقَّ حتى به الذبابُ يطيرُ
كان فيما مضى يقومُ بضعفٍ/ فهو اليوم واقفٌ لا يسيرُ
كيف يمشى وليس يعلفُ شيئاً/ وهْو شيخٌ من الحمير كبيرُ..
وعلي النقيض من "حمار طياب" هناك حمار "أبي سيارة" الذي ظل يحمل عليه الناس من مزدلفة إلي مني أربعين سنة، وهذا أمر غريب أبي ذهن "الجاحظ" أن يمتصه كما قيل له، فردده وتبرأ من صحته أو يكاد، قال:
- أعمار حمر الوحش تزيد على أعمار الحمر الأهلية، ولا يعرف حمار أهلى عاش أكثر وعَمَّر أطول من عير "أبى سيارة"، (فإنهم) لا يشكون أنه دفع عليه أهل الموسم أربعين عامًا!
كما أن آخر خلفاء بني أمية كان يلقب بـ "مروان الحمار"، وقتل في مصر!
ومصر مشهورة بكثرة الحمير، ربما، لهذا، خصص "الثعالبي" في الموصوف والمنسوب مكانًا لائقًا لـ "حمير مصر" التى لا تخرج البلدان أمثالها، والتي، كان الخلفاء لا يركبون سواها فى دورهم وبساتينهم، كما كان "المتوكل" يصعد منارة "سر من رأى" على حمار مريسى، ودرج تلك المنارة من خارج وأساسها على جريب من الأرض وطولها تسع وتسعون ذراعًا، و "مريس" قرية بمصر إليها ينسب "بشر المريسى"!
وآخر نجم لمع في سماء الحمير هو "حمار المطار"، والأضواء حظوظ، ولكي أكون منسجمًا مع المنطق سوف أسميه "حمار مكيدة المطار"، فلا شك أن الحادثة غريبة بالقدر الذي يكفي ليوقظ في العقول شدوًا مريبًا، ولا شك أن لها دلالاتها التي تعكس حدة الصراع بين أجنحة الثورة المضادة، لا شك أيضًا أنها تحمل في طياتها نذرًا بيضاء لكل المقهورين!
سوف ينتصر الحلم بالتأكيد الزائد عن الحد، وسوف تعاود الحرية اكتشاف مصر مجددًا، ليس فقط لأن شعبًا استطاع أن يرج الرعب في قلوب جلاديه في ثورة يناير يمكن أن يسمح لأي أحد أن يُربِّي أعماقه بالعُصيِّ مرة أخري، بل لأن ما يحدث الآن في مصر ليس طبيعيَّاً إنما محاكاة للطبيعة، السيسي يدرك هذا أكثر من أي شخص آخر، يدرك أنه يؤدي دور ثانويَّاً تحت الأضواء الرئيسية في مسرحية أبطالها الرئيسيون هم الذين يسكنون الأدوار الثانوية ووراء الكواليس وجمهورها هم البالون وأصحاب الحد الأدني فقط!
لكن السؤال الأشد عسرًا الآن أيهما سوف يسبق الآخر لاكتشاف مصر، الحرية أم التقسيم؟
ذلك أن ثمة خبرين يلتحمان التحامًا صريحًا تجاوزا الآن أياماً دون أن يغوص في النذر السوداء التي يحملانها الكثيرون، لكن القلائل.. القلائل فقط، حدقوا النظر في امتداداتهما من علي الساحل فقط بأذهان مشوشة، هذان:
- الولايات المتحدة تدرس توجيه ضربة لـ "سيناء"..
- اندلاع الحديث عن "داعش" وولاية الصعيد في إعلام السيسي!
هل انعقد عزم الغرب أخيرًا علي تنشيط السيناريو القديم لتقسيم مصر إلي ثلاث دول؟
هل؟

05 مايو 2015

محمد المولدي الداودي يكتب: تراجيديا المشهد المصري

 *العربي الجديد
*كاتب من تونس
على نحو من مسارات التراجيديا الإغريقية، تطوّر المشهد المصري بعد ثورة يناير، ليعيد الوصل بين فكرتي التاريخ والتصوّر الأدبي للفعل الإنساني ومساراته. كانت شخصيّة الرئيس محمد مرسي صورة للبطل التراجيدي في المسرح الإغريقي، كما كان البناء التراجيدي للثورة المصريّة محاكيا للفعل الدرامي وتحوّلاته وتطوّراته، انطلاقا من مستوى العرض، وانتهاء بالنهاية الفاجعة. ولئن حاولنا رصد هذا العمق الأدبي لمرحلة تاريخيّة ملهمة للمؤرّخين والأدباء فإنّنا سننأى قليلاً عن استعارة آليّات التحليل الأدبي، لحوادث الساحة المصريّة وأحداثها، لنبحث في ثنايا السياسة ومدركاتها، لعلّنا ندرك فنونها وشروطها في بلاد العربان.
لم تتفق الثورتان، التونسيّة والمصريّة، مع تعريفات الثورة وبنائها المفهومي في أبعاده التاريخيّة والفلسفيّة والسياسيّة، وظلّت عصيّة على التحديد الاصطلاحي، فهي، أحياناً، انتفاضة شعبيّة، وهي حركة تمرّد شعبي، وهي ثورة عند بعض المتباهين بقدرة الشعوب المستكينة على التغيير الاجتماعي والسياسي، غير أنّ رصد المسارات وأشكال الفعل الثوري يسقط كثيرا من معالم الثورة وأشكالها، ويضعها في منزلة بين المنزلتين: الانتفاضة والثورة .فلقد أقصت هذه الثورات (باستثناء الثورتين، الليبيّة والسوريّة، وهما الأقرب إلى مفهوم الثورة، وهما الأقدر على النجاح) رأس النظام في ابن علي ومبارك، لكنّها أبقت على الأساس العميق لهذه الأنظمة، كالمؤسسة الأمنيّة والعسكريّة والقضاء والإعلام والفاعلين الإداريين والماليين والمنظمات المهنيّة والمدنيّة، وبذلك توهّم الفاعلون الثوريون" أنّهم حققوا فعلا ثوريّا لا تشوبه شائبة، وأخذتهم نشوة الانتصار الزائف إلى البحث عن معالم سلطة ثوريّة، سرعان ما لاحت مظاهر سقوطها وتفكّكها، بعد أن خرج ذلك العمق المخفي لتلك الأنظمة من صدمة "السقوط"، واستعاد مبادرة الفعل السياسي مستعينا بقدراته في التوظيف السياسي لارتباك " الثوّار" وتعثّر مسار الثورة وإخفقاته.
لم تسقط العناصر الأساسيّة لبنية الدولة العميقة، وظلّت قادرة على التأثير، وتحريف المفاهيم الثوريّة، بل إنّها نجحت في تحويل الثورة من فعل بطولي يستحقّ التمجيد إلى فعل مستهجن وملعون. ولذلك، ظهرت حركات في تونس ومصر، لا تتردّد في الكشف عن انتمائها إلى تلك الأنظمة التي توهّم بعضهم سقوطها، وتؤكّد أحقية دورها في البناء السياسي لمرحلة ما بعد الثورة، ففقدت الثورة قدرتها على الدفع الذاتي، أي ذلك الوجدان الثوري الذي حرّك المظاهرات والثورة التي تفقد وجدانها الثوري حتماً ستؤول إلى الموت.
لم تتمكّن الثورة في تونس ومصر من بناء أساس فكريّ، يحدّد ملامحها وتصوراتها ورؤاها لمرحلة ما بعد الثورة، بل إنّها ظلّت منشدّة في رسم مساراتها إلى أفعال عفويّة وارتجاليّة، تبدع شعارها وسلوكها الثوري من صميم المقام والسياق (اعتصام القصبة 1 و2)، ولم تتمكّن الثورات من "صناعة" الرمز الذي له القدرة على الدفع بها إلى تخوم ثوريّة، تتفق مع ذلك الطموح الشعبي، ويحرسها من شراسة الدولة العميقة. كانت الثورات يتيمة، تتدافعها رياح سموم، وتلقي بها في مهاوي الانتهازيّة والارتجاليّة، فتحوّلت إلى كابوس يخيف عموم الشعب الذي لم يكن شريكا فعليّا في الثورتين.
لم يكن الوقت كافيا لبناء فكر ثوري، وفلسفة ثوريّة لها حاضنة شعبيّة تمكنها من صناعة "الرمز" والفكر والشعار والشعب القادر على حراسة الثورة، وحمايتها واختط "الثوّار" مسارات تناست بديهيّات الثورة، وسارعت في الانتقال من مستوى الثورة إلى مستوى الدولة التي لم تكن محلّ اتفاق بين الفرقاء والشركاء فيها. ولذلك، انجذبت الثورة إلى تجاذبات الفكر والسياسة، وصارت "سلعة غالية " في ميادين المتاجرة السياسيّة وفنون الاحتكار والاتجار، وأضحت معالم ضياعها جليّة ظاهرة.
أفرزت الانتخابات التي اختارها " الثوّار" مساراً مناسبا لتحقيق أهداف الثورة، فوز الأحزاب المنتسبة فكريّا إلى ما يسمّى الإسلام السياسي. وبذلك، أكّدت مستوى الحضور الشعبي لهذه الحركات والتيّارات، وكان الاختيار الشعبي مدفوعاً، في كثير من مواطنه، بحالة التعاطف والتضامن الوجداني الذي تعلّق بذلك القمع الذي عاناه المنتسبون للحركات الإسلامية، على امتداد سنين الجمر والقهر. ولكنّ هذا الاختيار حرّك الآلة الخفيّة الفاعلة في بنية الدولة العميقة، وألهمها ضرورة العمل، لأنّ المعركة مع الإسلاميين بالأساس معركة وجود، فكيف يرضى من ربّي على كره الإسلاميين يرضى بهم حكّاما وسادة، فالعقيدة العسكريّة والأمنيّة، في أغلب البلاد العربيّة، تقوم على محاربة هؤلاء الناس، باعتبارهم نظيراً للأعداء.
لم يكن الإسلاميون، شركاء في الوطن، بل كانوا معزولين وممنوعين من الإدارة والعسكر والأمن والوظائف العموميّة والمنظمات المدنيّة. كانوا جزءا من الشعب، تختبر فيه السلطة قدرتها على القمع والقتل. كانوا التهمة التي يتجنبها المسالمون من بسطاء الشعب و"العيّاشة" والمسايرين للحيطان في بلاد العرب، والمكتفين بالسعي وراء "الخبزة " من دون سؤال أو مقال. ومن هذا الإرث الدامي من الصراع بين السلطة والفكرة الإسلامية، وجد الإسلاميون أنفسهم، بعد رياح الثورة، في مقام السلطة، وفي سياق سياسي واقتصادي واجتماعي، تحرّكة الآلة اللعينة للدولة العميقة. كانوا عنصرا نشازا ومقيتا، يترصّده الكلّ الذي تربّى على قتاله وعدائه. في هذا الإطار، كان التناقض بيّنا بين حكم الإسلاميين ومؤسسات الدولة في حدّ ذاتها، وتمكّن الفاعلون في الدولة العميقة من إعادة تحريف الشعار الثوري، ليتحوّل إلى مطالب يوميّة، تؤمن بقدرة الجوعى على الثورة. ولذلك، ارتفعت الأسعار، وزاد الاحتكار، وضيّق على الناس في أرزاقهم، وتحرّك الناس مدفوعين بإعلام مازال يحتفظ بولائه لأصحاب النعم من أصحاب المال والسياسة. تمكنوا من تحويل الصراع السياسي المشروع إلى صراع اجتماعي، مقنّع بأقنعة المطالب الثوريّة، فكانت موجات الاعتصامات والإضرابات، واشتدّت مظاهر العداء الإيديولوجي للإسلاميين، وتحالف الكل للقضاء على فكرة المشروع الإسلامي، باعتباره بديلا ممكنا للحكم في فضاء الحريّة.
أسقط العسكر الرئيس المنتخب محمد مرسي، وحاول أن يخفي انقلابه بشعارات استقاها من مسارات الثورة، واستفاد من القدرة على التجييش والتزييف، وأخرج الانقلاب على نحو من الصناعة الهوليوديّة لأفلام الإثارة، وحضر الإعلام باعتباره شريكاً في الانقلاب، واهتزّت أساسيّات الثورة، وتحوّل المشهد المصري إلى ما يشبه المشهد المسرحي الذي تتعاضد فيه كل مدارس المسرح على اختلافها.
سقطت كل الأقنعة التي حاول من خلالها الغرب والنظام العالمي الجديد إخفاء عدائه للمشروع الإسلامي، وكان شريكا في المؤامرة. ولكن، تناسى الكل من العسكر والغرب المرعوبين من إمكانيّة عدوى الثورات، فحاولوا وأدها في المهد، وفي أرضها تناسى كل هؤلاء أنّ الفكرة روح سارية في أعماق الوجود لن يقتلها الرصاص، ولن تحاصرها السجون والمعتقلات. وسيذكر التاريخ مرسي بطلا شجاعا، وان كان غريبا في قومه غربة الأنبياء والعلماء.

المفكر محمد سيف الدولة يكتب: تحت أبصارنا .. اللمسات الأخيرة لتقسيم العراق

تحت أبصارنا جميعا، ورغما عن أنوفنا، بل وبمشاركة أنظمتنا، يشرع الامريكان اليوم فى وضع اللمسات الاخيرة فى مشروع تقسيم العراق، الذى لم يخفوا نواياهم فيه أبدا، بل اعلنوه جهارا نهارا، مرارا وتكرارا، هم والصهاينة منذ سنوات طويلة، ادراكا منهم ان العرب لم يعد لهم حول ولا قوة.
فبذريعة تزايد النفوذ الايرانى فى العراق، والسياسات الطائفية للحكومة العراقية، مررت لجنة القوات المسلحة فيمجلس النواب الامريكى فى الايام الماضية، مشروع قانون يدعو صراحة لاعتبار الاكراد والسنة بلدانا مستقلة، حتى يجوز تسليحهما مباشرة بعيدا عن السلطة المركزية العراقية.
قد تبدو الذرائع حقيقية، لكن النوايا والتوصيات والمخططات والمشروعات شديدة الخبث.
***
الهدف الحقيقى:
لقد حذرنا مرارا، منذ بدايات الحملة الامريكية الاستعمارية الثالثة على العراق، المسماة بالتحالف الدولى لمواجهة داعش، حذرنا من ان الهدف الحقيقى للحملة هو حماية واستكمال مشروع بناء دولة كردية فى شمال العراق، تقف هى و جنوب السودان جنبا الى جنب مع الدولة اليهودية الصهيونية فى فلسطين، كنماذج للدويلات الطائفية والعرقية التى يريدون تخليقها على انقاض الوضع العربى الناتج عن ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الاولى.
***
القانون الأمريكى :
أما عن دور مشروع القانون المذكور الذى طرحه النائب"ماك ثورنبيري"، فانه يفرض "شروطا" لتخصيص مساعدات عسكرية أميركية للعراق بقيمة 715 مليون دولار من ميزانية الدفاع لعام 2016.
فينص على أن يذهب 25 % منها مباشرة إلى قوات البيشمركة والقوات السنية، وأن يتم صرف الـ 75 % المتبقية بعد أن تقدم وزارتا الدفاع والخارجية ما يثبت التزام الحكومة العراقية بعملية المصالحة الوطنية، وفي حال فشلتا في إثبات ذلك، يذهب 60 % من المبلغ المتبقي أيضا للقوات الكردية والسنية.
كما نص المشروع صراحة على ان هذه الخطوة تقتضى اعتبار كل من السنة والأكراد "بلادا مستقلة"، حتى يتسنى تسليحهما بشكل مباشر بعيدا عن السلطة المركزية، وفقا للقانون الامريكى.
***
وثائق التقسيم والعجز العربى:
ليست المشكلة أو المأساة الحقيقية والوحيدة، فى القانون ولا فى المخططات والنوايا الامريكية والصهيونية، وانما فى المجتمع العربى الذى يقف عاجزا مستسلما لعملية ذبحه وتقسيمه، رغم درايته بها من البداية، منذ كانت مجرد اوراق فى الادراج وهمهات فى الكواليس، ورغم أن باحثيه ومفكريه وإعلامه وحتى حكامه لم يكفوا عن الحديث عنها والتحذير منها على امتداد سنوات طويلة.
لم يكن اولها الاعلان الصريح من"جوزيف بايدن" نائب الرئيس الامريكى الحالى، الذى دعى صراحة الى تقسيم العراق الى ثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي.
ولكن مشروعات التقسيم ووثائقه، وردت فى عديد من الوثائق والكتابات الامريكية والصهيونية منذ الخمسينات من القرن العشرين، نورد منها على سبيل المثال وليس الحصر الوثيقتين التاليتين:
***
أولا ـ محاضرة وزير الامن الداخلى الصهيونى الأسبق " آفى ديختر " ، التى القاها يوم 4 سبتمبر 2008 ، فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائيلى، والتى جاء فيها ما يلى عن الساحة العراقية:
· ان تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر.
· وان كان تحييد مصر قد تحقق بوسائل دبلوماسية (كامب ديفيد) لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا .
· و ان المعادلة الحاكمة لاسرائيل فى البيئة العراقية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية فى دولها الرئيسية من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومى لإسرائيل .
· العراق الذي ظل فى منظورنا الاستراتيجى التحدى الاستراتيجى الأخطر بعد أن تحول الى قوة عسكرية هائلة، فجأة تلاشى كدولة وكقوة عسكرية بل وكبلد واحد متحد، العراق يقسم جغرافيا وانقسم سكانيا وشهد حربا أهلية شرسة ومدمرة أودت بحياة بضع مئات الألوف.
· وان تحليلنا النهائى و خيارانا الاستراتيجى هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسما ومعزولا داخليا بعيدا عن البيئة الإقليمية.
· و ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف فى العراق أكثر مما خططنا وأعددنا له .
· فنحن لم نكن بعيدين عن التطورات هناك منذ عام 2003
· وما زال هدفنا الإستراتيجى هو عدم السماح لهذا البلد أن يعود الى ممارسة دور عربى واقليمى ، لأننا سنكون أول المتضررين .
· ونحن نستخدم فى ذلك كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسى والأمني لتحقيق اهدافنا.
· وذروة اهداف اسرائيل هو دعم الاكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الامنية من اجل تأسيس دولة كردية مستقلة فى شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان.
· ولقد كان من المستحيل ان تنجح اسرائيل فى تحقيق ما حققته الولايات المتحدة فى العراق الا باستخدام عناصر القوة لديها بما فيها السلاح النووى
· وان استمرار وجود الولايات المتحدة فى العراق لعقد او عقدين سيكون ضمانة لاسرائيل ضد عودة العراق لمواجهة اسرائيل
· وان الاتفاقية الامنية الامريكية العراقية ستتضمن بنودا تضمن تحييد العراق فى اى حرب مع سوريا او لبنان او ايران كما تضمن عدم السماح للعراق بالالتزام باى مواثيق تعادى اسرائيل مثل معاهدة الدفاع العربى المشترك.
***
ثانيا ـ وثيقة صهيونية هامة و قديمة عن العالم العربى، نشرتها مجلة "كيفونيم" لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982تحت عنوان " استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات " ، ونشرناها نحن بعنوان : "الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية "، حيث جاء فى الجزء الخاص بالعراق ما يلى :
· ان العراق لا تختلف كثيرا عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والاقلية من السنة، ان 65% من السكان ليس لهم أى تأثير على الدولة التى تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% الى جانب الأقلية الكردية الكبيرة فى الشمال.
· ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول، لما كان بالامكان ان يختلف مستقبل العراق عن ماضى لبنان وحاضر سوريا .
· ان بشائر الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم، خاصة بعد تولى الخمينى الحكم، والذى يعتبر فى نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقى وليس صدام حسين .
· ان العراق الغنية بالبترول والتى تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلى هى المرشح التالى لتحقيق أهداف اسرائيل .
· ان تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا.
· ان فى قوة العراق خطورة على اسرائيل فى المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى.
· وسوف يصبح بالإمكان تقسيم العراق الى مقاطعات اقليمية طائفية كما حدث فى سوريا فى العصر العثمانى
· وبذلك يمكن اقامة ثلاث دويلات (أو أكثر) حول المدن العراقية.
· دولة فى البصرة، ودولة فى بغداد، ودولة فى الموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية فى الجنوب عن الشمال السنى الكردى فى معظمه .
***
ملاحظات أخيرة:
1) رغم ان مشروعات التفتيت لا تقتصر على العراق، فالحروب الاهلية والطائفية وأشباح التقسيم ضربت عديد من الاقطار العربية فى سوريا واليمن وليبيا، الا انه لو نجح مخطط تقسيم العراق، لا قدر الله، فانه سيؤدى الى انهيارات متتالية سريعة وحتمية فى دول عربية أخرى، مما يستوجب استنفارا وتصديا ومواجهة شعبية عربية طارئة وملحة فى الايام والأسابيع القادمة.
2) كما انه ليس لنا عذرا فى السماح بتمرير هذا المشروع؛ فان كان اسلافنا قد تذرعوا بان مخططات سايكس بيكو الاولى كانت سرية ومجهولة، ولم يتم الاعلان عنها الا على ايدى الثورة الروسية عام 1917، بعد ان قاربت الحرب العالمية الاولى على نهايتها، وكانت ترتيباتها وغنائمها موزعة ومحسومة ومتفق عليها مسبقا بين الدول المنتصرة. فانه ليس لنا ان نتذرع بذلك اليوم، فمشروعات التقسيم الجديدة معلنة ومنشورة منذ سنوات طويلة.
3) ولقد آن الأوان أن نتحرر من جرثومة الاستقطاب التى ضربتنا جميعا فى كل الاقطار العربية، وان نتوحد فى مواجهة كل القوى والظروف الخارجية والداخلية التى ادت الى خلق بيئة قابلة للاختراق والتقسيم ومحرضة عليه، مثل ضعف الانتماءات الوطنية بسبب التبعية والاستسلام للعدو، ومثل المذهبية والطائفية، والاستغلال والافقار، والظلم والقهر والاستبداد.
*****
موضوعات مرتبطة: