23 يوليو 2014

سيف الدولة:السيسى قدم أوراق اعتماده..ويجرى مراسم الاعتراف بنظامه

بارك الكاتب والمفكر القومى المصرى المهندس محمد سيف الدولة، لقائد الانقلاب العسكرى عبدالفتاح السيسى، على التجهيز للاحتفال والاعتراف الكامل والتنصيب الاسرائيلى الامريكىى الدولى، للسيسى ونظامه.
‫وقال سيف الدولة فى تدوينة عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "‏‫#‏مبروك_للسيسى‬
يجرى ضمن ما يجرى الآن فى العدوان الصهيونى البربرى على ‫#‏غزة‬ ، مراسم الاحتفال والاعتراف الكامل والتنصيب الاسرائيلى الامريكى الدولي، للسيسى ونظامه، بعد أن قدم أهم أوراق اعتماده، وهى التزامه المقدس بكامب ديفيد، ليس فقط بالصمت والحياد والتنسيق مع اسرائيل، بل بالانحياز والمساعدة والتمهيد للعدوان، من خلال هدم الأنفاق مع اغلاق المعبر والتحريض الاعلامى ضد كل ما هو فلسطينى على امتداد عاما كاملا، واستبدال العدو الصهيونى بالعدو الفلسطينى، بالاضافة الى، وهو الأهم، تقليم أظافر القوى الوطنية المصرية المعادية لاسرائيل، والتى طالما تظاهرت وانتفضت غضبا ضد كل الاعتداءات الصهيونية المماثلة فى السابق.

الاعلامى محمد الاسوانى يكشف حقول الغاز وراء تدمير اسرائيل لغزة

أنه من أهم الأسباب في الهجوم الاسرائيلي على غزة هو ذلك البئر ( حقل الغاز ) الذى هو بعمق 600 مترا تحت مستوى سطح بحر غزة والذى يقع بعرض 30 كيلومترا من سواحلها أى في المياه الإقليمية الفلسطينية و يقدر بحوالي 30 مليار متر مكعب الذى تقدر قيمته بالمليارات من الدولارات وهذا حسب الخريطة التى أعدتها “يو . أس. جيولوجيكل سيرفيس وهى وكالة أمريكية) ، وكما هو معلوم بأن تلك الإكتشافات كانت في عام 1999 و بموجب الإتفاق الذى وقع عليه ياسر عرفات كممثل للسلطة الفلسطينية بأن السلطة لديها الحق بالإستثمار في مياه غزة الإقليمية وتم التعاقد مع مجموعة شركات مكونة من ( بريتيش جروب وكونسوليدايت كونتراكترز ومع شركة فلسطينية خاصة ) بحيث يصبح للشركات الأجنبية حصة مقدرة بـ60 بالمئة و فلسطين 30 بالمئة على أن يكون نسبة رأس مال السلطة الفلسطينية الإستثماري هو 10 بالمئة لبدأ حفر البئرين ( الحقلين ) : غزة مارين 1 و غزة مارين2 لكن المشروع لم يتم بسبب تعنت إسرائيل التي أشترطت بأن تحصل على الغاز كله بأسعار منخفضة جداً ولكن حماس هى التى كانت تشكل العائق في إتمام الصفقة الظالمة .
وأما بخصوص التعاقد الذى تم مع الشركة البريطانية كان هناك تحريض إسرائيلي دائم لإفشال المشروع الفلسطيني ولذلك وجدنا رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذى كان مبعوث “اللجنة الرباعية للشرق الأوسط” قد أبرم إتفاق مع إسرائيل بحيث يحرم الفلسطينيين مستقبلا من ثلاثة أرباع إيرادات الغاز على أن يكون شرط إتمام التعاقد بإيداع الحصة الفلسطينية التي تعود اليهم في حساب بنكي دولي و تسيطر عليه واشنطن ولندن ولكن حماس رفضت الاتفاق بعد فوزها في انتخابات 2006 و وصفته بأنه اختلاس وتعدي على حقوق الشعب الفلسطيني وطلبت إعادة التفاوض بشأن التعاقدات وكان هذا في عام 2007 وقد أشار وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي موشيه يعلون إلى أن ” الغاز لا يمكن استخراجه من دون عملية عسكرية تجتث سيطرة حماس على غزة”.
وهكذا إستمر المخطط الصهيوني التآمري في عام 2008 و برضى غربي أمريكي وبضوء أخضر من حسني مبارك قد شنت إسرائيل عملية “الرصاص المصبوب” على غزة ، و في سبتمبر 2012 أعلنت السلطة الفلسطينية أنها استأنفت المفاوضات مع إسرائيل حول الغاز وعلى الرغم من معارضة حماس على تلك الإتفاقيات الغير شرعية والتى تبخس حقوق شعب فلسطين ولكن المافيا الصهيونية والعربية والأمريكية أرادت تمرير تلك التعاقدات المشبوهة ولكن السلطة بقيادة ابو مازن كانت متواطئة ولاسيما بعد قبول فلسطين في الامم المتحدة كـ” دولة مراقبة غير عضو “ كان موقف السلطة الفلسطينية متماهي مع إسرائيل في المفاوضات حول المياة الإقليمية الفلسطينية أى بحر غزة الذى به حقول الغاز ومع ذلك ظل كل شيئ مجمد وكانت إسرائيل تشكل عائق للفلسطينيين في منعهم من إستغلال الثروات الطبيعية التي بحوزتها ، و في 23 يناير 2014، خلال لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرئيس الروسي بوتين تم مجموعة تفاهمات ومن أهمها إمكانية إسناد تشغيل بئر الغاز بمعرفة غازبروم الروسية في مياه غزة وحينها جن جنون إسرائيل وهذا حسب ما نشرته وكالة ( ايتار تاس للانباء ) و مشيرة إلى أن روسيا وفلسطين بصدد تعزيز التعاون في مجال الطاقة و في هذا السياق سيتم استغلال بئر الغاز الفلسطيني وكذلك يــتوقع استغلال حقل نفط أخر يوجد في ضواحي مدينة رام الله الفلسطينية في الضفة الغربية و تستعد الشركة الروسية تكنوبرومكسبورت للمشاركة في بناء موقع كهرو-حراري بقوة 200 ميغاواط. و قد عزز هذا الإتفاق ما توافق عليه الفلسطينيين من تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية جديدة بتاريخ 2 يونيو 2014 مما يعضد الاتفاق بين فلسطين وروسيا ،
وبعد مرور عشرة أيام من حكومة الوحدة الوطنية قد حدث ذلك الإختطاف للشباب إلاسرائيليين الثلاثة حسب الإدعاءات الإسرائيلية وقد تم العثور عليهم مقتولين يوم 30 يونيو وفي الغالب كانت الموساد من ورآء هذه المؤامرة حتى تقطع على الفلسطينين تلك الوحدة الوطنية بين حماس ومنظمة التحرير وإتهمت دولة الكيان الصهيوني ضلوع حماس في عملية القتل وليس هناك دليل واحد على هذا الإدعاء الكاذب ولكن هذا المخطط كان ضمن استراتيجية تل أبيب الهادفة الى تدمير غزة حتى تتكن من السيطرة على جميع مصادر الطاقة في الأراضى المحتلة وبهذا تصبح جميع احتياطيات الطاقة في حوزتها من بينها احتياطيات الغاز الفلسطيني وكذلك مخطط سيطرتها على الحقول( اللبنانية والسورية والمصرية ) وكما هو معلوم إن ذلك المخطط يقع ضمن الأستراتيجية الأمريكية التي تسعى من خلال في دعمها اسرائيل حتى تسيطر على الشرق الأوسط بأكمله ومنع روسيا من مد نفوذها في المنطقة .
المصدر نقلاً عن خبير الطاقة 
مانيلو دينوتشي

مصطفي منيغ يكتب : مصر المصير ومبادرة العصير

لأول مرة تحس إسرائيل أنها مقبلة على أيام سوداء غير مسبوقة، لم تألفها، وهي المدللة كانت تشير لشيء فيركع خوفا منها وجيشها الموصوف بالبراعة الحربية والدهاء العسكري والانتصار الدائم. ولول مصر "السيسي" لفر نتنياهو وزمرته المجرمة للاستقرار في ولاية "الإسكيمو/ ألسكا" المبتاعة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية في زمن الغفلة هناك . حَالَةٌ تَجَمَّع لتخليص الدولة العبرية منها ، كل أعمدة الحكم الذاهبة لتكريس حلف ، طالما أشرنا إليه، لن يُبقى الشرق الأوسط كما كان، وإنما كما يناسب مصالحهم الجديدة التي لم تعد مبنية على النفط ومشتقاته بل مشيدة هذه المرة على التلاحم الفكري الفارز منهجية لا تعترف بملة أو دين ، ولا تسعى لمناصرة حقوق الإنسان بالمطلق بل لتكريس الطبقة المنتجة المكونة مما يقاربون به لقب العبيد في عهد روما / اسبارتاكوس المتعامل معهم بأسلوب يبقيهم تحت السيطرة وفق حراسة أمنية تعتمد ما ظل العلماء في مختبرات الولايات المتحدة بإشراف البنتاغون على ابتكاره يفوق أدوات القمع المسوقة لدى الأجهزة الأمنية من شرطة وحرس الدول المعنية، عشرات المرات من حيث القدرة على تجميد أشرس المظاهرات ، وجعل المشاركين فيها ينظرون ويحسون ولا يتحركون ، لتسهيل مهمة اعتقال من يطاله هذا التصرف لمعارضته الشكل 
والمعيار الجديد المتحكم في المنطقة مغيبا الأخلاق ومقصيا التعبد بأي شعائر كانت . السعودية لم تحس حتى اللحظة أنها المقصودة قبل إيران ، لازالت غارقة في عسل الثراء القابل للتبخر في أية لحظة لو رفعت صوتها بكلمة تعاكس ما هو مدبر لتخطيط قائم منذ اعتلاء أوبانا دفة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية .
السعودية معروفة بدفع رواتب بعض الجيوش العربية لهدف الملك عبد الله يحمل سره في قلبه ، لكن الحساب هذه المرة لم يعد ينفع أحدا بزعامة السعودية حينما ساندت "السيسي" وبواسطته إسرائيل لضرب غزة ، وإن حصنت نفسها لتبقي في هذا الموضوع بالذات خارج التغطية (إن جاز التعبير) فقد دق ناقوس يرن بالحقائق في أذان أحرار فلسطين البعيدين عن محمود عباس وخدماته المجانية المقدمة لمحتلين أرضه من صهاينة انتهي بهم الأمر للبقاء بلا نوم منذ بداية عدوانهم على أرض الأطهار الشرفاء الأخيار مقاومي غزة الذين فاجؤوا العالم بمواقفهم البطولية على أرض معركة شرسة ، كل يوم ، رغم الثمن المُقدم المترجم بعدد الشهداء ، يربحون ما يؤكدون به أنهم ليسوا نعاجا كما مثلهم "عباس" ، في مفاوضات عبثية غير قائمة على مصداقية أو أساس ، بل أسد تسبب زئيرهم في إغلاق مطار بن غريون ، وامتناع مؤسسات الطيران الكبرى عبر العالم الاتجاه إليه وهو تحت رحمة صواريخ "القسام" لأجل غيرمسمى .
القاهرة صاحبة المبادرة اللاعادلة (المتلعثم صائب عريقات في شرح بنودها وما ترمي إليه لصالح المعتدي وهو كبير المفاوضين) ستجد نفسها منزوية مُبعدة أمام ضغط الشعب المصري العظيم الذي لن يرضى أبدا التضحية بما عُرف به من عروبة هو قلبها النابض ، وما اتسم به من شيم نصرة المظلومين المغلوبين على أمرهم ، من أجل سواد عيون إسرائيل المعانقة للسيسي في تحدي سافر لمشاعر المصريين الذين لقنوا نفس إسرائيل درسا لن تنساه على مر الدهر وإلى يوم النشور، في العاشر من أكتوبر ، وما المظاهرات التي اجتاحت كل المدن داخل جل المحافظات منادية حشودها بفتح معبر رفح ، سوى مقدمة مباركة لتحرك يتعاظم مع الأيام تعيد به مصر التحامها الأصيل مع الأمة العربية الكبيرة الممتدة وجودها من المحيط إلى الخليج .
* الرباط
مدير نشر جريدة الأمل المغربية
عضو الأمانة العامة لحزب الأمل
المحمول : 00212675958539*
البريد الإلكتروني :
mustaphamounirh@gmail.com

السفير د. عبدالله الأشعل يكتب : الصهيونية غير اليهودية فى الإعلام العربى

فى عدد ديسمبر 1985 أصدرت ريجينا الشريف فى سلسة عالم المعرفة فى الكويت كتابا بعنوان الصهيونية غير اليهودية، وعرضت لنماذج مختلفة منها فى دوائر السياسة الأمريكية فى سياق تحليل العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وواشنطن. ويقصد بالصهيونية غير اليهودية أن المشروع الصهيونى لالتهام وإذلال العالم العربى تمكن من تجنيد اليهود فيه حتى قامت إسرائيل بجهود اليهود المتحمسين للمشروع، ولكن إلى جانب اليهود هناك فيالق أخرى من المتعاطفين معهم وقدموا للمشروع خدمات كبرى. معنى ذلك أن الصهيونية هى مشروع سياسى يتجاوز الدين اليهودى ولاعلاقة لها به رغم زعم كبير الحاخامات فى الولايات المتحدة بأن دعم المشروع هو التزام توراتى، يقابله عشرات من الأحبار الذين يرون المشروع وقاعدته على الأرض إسرائيل تخالف صحيح التوراة. المهم أننى عندما قرأت هذا الكتاب منذ أربعين عاماً لم أتخيل للحظة أن فى المنطقة العربية سوف يجاهر البعض بأنه صهيونى، لأن الصهيونية هى الجزار الذى يوجه خنجره إلى العرب وهم الضحية، فكيف يساند الضحية جزاره حتى لو كان يذبح خروفاً آخر؟ هذا الموقف النفسى صادفته عند الخراف وفى أحد أعياد الأضحى وبينما كنت أنتظر دورى عند الجزار ليذبح خروفى، وصلت عربة الخراف فلما رأت زملاءها ينزلون ويذبحون فإن الخراف التى أهلها الله بالفطرة للذبح بكت وثارت وكادت تفلت جميعاً لولا قبضة الجزار الذى وضعها أمام قدرها المحتوم ، بل إن الخراف تعرف الكلمات التى يهمهم بها الجزار وهم يهم بالتهام فريسته، كما أعرف من أبناء الأسرة من قاطع أكل الخراف والأرانب بسبب هذه القسوة. هذه المشاعر والتأملات ألحت على وأنا أتابع مذابح ومشاهد الإبادة فى غزة، وتصورت لو أن غزة هذه تسكنها كلاب أو قطط فهل موقف جمعيات حقوق الإنسان سيكون مثل جمعيات حقوق الإنسان التى نشطت فى بلادنا لتجنيد الأنصار وتمويلهم حتى يسكتوا فى هذه اللحظات، ثم يتلقون إشارة الحركة فى أوقات معينة. وإذا كان ذلك مفهوماً عند الغرب الرسمى الذى يتمنى أن يذبح المسلمون والفلسطينيون خصيصاً ويتم شواؤهم على نار هادئة فكيف نبرر المواقف الغربية المجافية للمشاعر الإنسانية ناهيك عن النخوة والمشاعر القومية والتضامن التى يجب ان تسود بين أبناء العرق الواحد من الحيوانات. 
قد أفهم أن بعض الناس ممن لا يعرفون غلبت عليهم حماقتهم فرأوا الأمور معكوسة، وقد أعذر من خلطوا عملاً صالحاً بعمل فاسد بسبب عجزهم عن التمييز بين ما ينفع وما يضر، وقد أغفل من لوث الإعلام سمعهم وأبصارهم وعقولهم بخطط موسادية معدة بإتقان لدفع الناس إلى سلوك ومعتقدات تخدم مخطط الموساد، لكن كيف تفسر أن قنوات مصرية وعربية وصحفاً تفتح ذراعيها لصوت واحد لا يصمد لحظة واحدة أمام وهج الحقيقة، وينفق على هذا الإعلام المليارات ويتقاضى جنرالات الإعلام الملايين سنويا ويوضعون فى صدارة المشهد والإعلام منهم براء؟ 
وإذا كانت الشماتة فيما يحدث فى غزة من سوءات بعض النفوس، فكيف تسمح النظم بالجهر بهذا الفجوروالتشفي فى المشاعر الإنسانية والقومية؟ 
لقد شعرت بالذعر وأنا أتابع من قبيل الفضول مجموعة من القنوات الفضائية المصرية لأفاجأ بأن أحدهم يمتدح نتانياهو ويدعو للجيش الصهيونى القاتل بالنصر حتى ينهى هذا العرق الفلسطينى! ويمتدح له إكمال رسالته الجهنمية ، بل على قناة أعلم أن بعض الجهات السيادية كانت فى نشراتها الداخلية توصى بمتابعتها لمنسوبيها رغم الفجاجة والخروج عن أبسط آداب الظهور الإعلامى. فى نفس الوقت، كنت أتابع حادث الطائرة الماليزية المؤلم التى سقطت بصاروخ فوق أوكرانيا وموقف الزعماء الغربيين أوباما وكاميرون وميركل وغيرهم وإصرارهم على ردع روسيا الداعمة لانفصال شرق أوكرانيا والبكاء على الضحايا لأنهم غربيون أساسا بينما يجاهر أوباما وكاميرون وميركل فى نفس اللحظة على مساندة إسرائيل فى إبادتها لفلسطين وغزة وحرق الناس أحياء بجيش "الدفاع الإسرائيلى" بزعم أن لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، وهذه الدول نفسها مع فرنسا هى التى قررت فى الأمم المتحدة يوما فى يناير من كل عام لإحياء ذكرى هولوكوست اليهود فى ألمانيا بينما يشجع هؤلاء علنا أحفاد الهولوكوست على محارقهم ضد شعب لا علاقة له بمأساة اليهود. 
السؤال كيف سمحت الدولة بهذه السياسة الإعلامية الواضحة ضد المشاعر الإنسانية والحسابات الاستراتيجية؟ وكيف أتيح لهذه الرويضات أن تنفرد بالشاشة لتطل كل ليلة بوجهها القبيح دون خجل أو مراعاة لحرمة الدم ويدعمون القاتل ولا يرعون حتى حرمة الشهر الفضيل، وأن القتلى من المسلمين الآمنين فى بيوتهم وكانوا صائمين قائمين. 
إننى أشعر بالقهر والخجل أن تكون الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، فأصبح الليبرالى العربى هو الذى يفرط فى دينه وعرضه ومقدساته القومية وضاعت بوصلته فى القضايا الداخلية والخارجية. فهل يفعل هؤلاء ذلك عن جهل بحقائق الأمن القومى المصرى، وإذا كانوا كذلك فمن سمح لهم بالظهور المستمر والمبرمج واستضافة من على شاكلتهم حتى أعوذ بالله أن تكون بلادنا قد وصلت عقيدتها السياسية إلى هذا الدرك الاسفل. صحيح أننا نشهد زمن الانحطاط وتصدر الرويبضات للمشهد وتوارى الشرفاء والقامات بعد احتلال هؤلاء للواجهات بما يقدم مصر والعرب للعالم ولعدوهم الأبدى على هذا النحو المشين. 
لقد سار خطاب الصهيونية العربية على مستويات متعددة سياسية وثقافية وإعلامية ودينية وحتى المؤسسات الدينية والدعاء لغزة و مناضليها وشهدائها صار موقفاً سياسياً ودعماً لعدو للوطن . لكنى كنت واثقا منذ أكثر من عشرين عاماً أن بعض منابر الإعلام العربى قد جندت عناصر الصهيونية العربية فى جميع المجالات، وأن هذا الظهور المنهجى كان جزءا من مخطط أكبر هدفه النهائى أن يشعر المسلم بالخجل من إسلامه، ولا يقيم حرمة لها طابع دينى، وان يخجل العربى من عروبته وأن لبراليته تقضى بأن يدعم عدوه بدعوى الموضوعية والانفتاح، وهذا خلل خطير فى الإعلام والثقافة والسياسة أدى إلى خلل فى العقل العربى نفسه فأدى به الخلل إلى فقدان القدرة على التمييز بين الضرر المحض والنفع المحض، وهذا فى القانون هو الشخص غير المميز، أو اذا كان تجاوز السابعة هو الشخص الأبله الذى يجب الحجر على تصرفاته فكيف يسمح لهؤلاء البلهاء أن يعتلوا المنابر الإعلامية مهما كان عدد المشاهدين قليلا بهذا الخطاب الفاحش ويحسب فى النهاية على ما يصدر من مصر. إننى نيابة عن شرفاء مصر والعالم العربى أقول بكل تأكيد أن العدو هو الذى هبط علينا كالجراد فاعمل القتل والنهب وهو العدو الصهيونى، وأن طابوره الخامس فى إعلامنا ومختلف دوائرنا دليل على نجاحه فى اختراقنا، وصدق تقرير عاموس يالدين مدير المخابرات العسكرية الصهيونية السابق الذى قدمه للحكومة الإسرائيلية عام 2010 وكتبت عنه عدة مرات ان الموساد تمكن من تحقيق إنجازات كبرى وأهمها اختراق معاقل الدولة فى مصر من جميع الجهات ، وطالبت المرحوم عمر سليمان يومها أن ينشر أسماء هؤلاء قبل أن تبادر إسرائيل بكشفهم ولكن يبدو أن القائمة أطول من أن تنشر وأنهم فى محرقة غزة كشفوا بأنفسهم عن أنفسهم، ولذلك وجب فضحهم ومن يفتحون لهم فى عقول الناس آفاقا للفتنة والضرر. 
وليس سراً أن خطة إسرائيل فى إحراق غزة اعتمدت أساساً عليهم ومنهم للأسف فلسطينيون تنكروا لفلسطينيتهم ومصريون وعرب تنكروا لمصريتهم وعروبتهم، وهذا أكثر ما يثير مرارة ضحايا المحرقة فى غزة أن يدعم القريب العدو بدلاً من أن يهب للنجدة ودفع العدو الغادر. فتشوا بينكم عن الطابور الخامس الصهيونى بأسماء عربية وديانة إسلامية وقد يبالغ سبكا للدور فى عروبته وإسلاميه حتى تنطلى اللعبة على البسطاء، فلا يفرقون بين العداء السياسى والتنافر الجينى، ولا يمكن لهؤلاء أن يغيروا الجينات العربية الإسلامية. 
أما الحياء فهو فطرة دلنا عليها القرآن الكريم حين أطاع آدم وحواء الشيطان وبدت لهما سوء تهما، فسعيا إلى ستر العورة، فما بالنا بهؤلاء لا يحرصون على ستر عورتهم بل يباهون بكشفها، فقدوا دواعى الاعتبار وباعوا أنفسهم للشيطان وخطابهم الشيطانى يجب عزله حتى لا يختلط الماء باللبن. ستنتصر إرادة الله فى غزة وستبقى فلسطين أرض الأنبياء ومسرى رسول الله إلى السماوات العلا وأمجاد مصر العسكرية ضد المغول والتتار على أرض فلسطين حتى وإن تسلل مغول العصر الصهاينة فى الضباب.

********************
هل قررت إسرائيل القضاء على المقاومة الفلسطينية؟

السفير د. عبدالله الأشعل

الغارات الإسرائيلية على غزة منذ نهاية يونيو 2014 بعد اتهام حماس بأنها خطفت وقتلت ثلاثة من الصبية الإسرائيليين دون أن تقدم سندا صحيحاً واحدا ، تثير الكثير من القضايا خاصة وأن الغارات الجوية الإسرائيلية أدت إلى مقتل الكثيرين، فضلاً عن إحراق المستوطنين الإسرائيليين فى الضفة الغربية لصبى فلسطينى (محمد خضير) حياً بذريعة الانتقام للصبية الإسرائيليين.
الملاحظة الأولى: أن إسرائيل لعبت دوراً بارزا فى تطورات المنطقة التى تخدم إسرائيل وتفتت العالم العربى وتحرم الفلسطينيين من المساندة العربية حتى تخلو الساحة لإسرائيل للانفراد بالفلسطينيين فأصبحت العلاقة طردية بين تفتيت العالم العربى وإضعافه وبين قوة إسرائيل، وتمزيق الصف الفلسطينى، ولهذا السبب يتمسك الفلسطينىون بأن الأمة العربية أمة واحدة وأنهم جزء منها وأن الجسد العربى يجب أن يحمى الجزء الفلسطينى الذى يقتطعه الذئب الصهيونى، بينما الجسد عاجز عن الدفاع، عازف عن الاشتباك تماماً كالفريسة التى تستسلم للوحش المفترس عندما يأتى على مواطن القوة والحركة فيها فى الغابات والبرارى.
الملاحظة الثانية هى أن هناك الكثير من الإشارات على أن إسرائيل اختلقت فكرة خطف الأطفال الصهاينة، بالاتفاق مع واشنطن، حتى تعيد إلى الأذهان قضية شاليط، فإذا كان شاليط قد استخدم ذريعة لأعمال الإبادة الصهيونية ضد غزة ودفع الفلسطينيون أراوح المئات ، في محرقة 2008-2009وعاد شاليط رغم ذلك إلى أهله وذويه، رغم كل الخسائر الفلسطينية مقابل اطلاق وهمي لعدد من الاسري لم تلبث ان اعادتهم الي الاسر ، فإن فكرة الخطف فى ذاتها مألوفة عند الفلسطينيين حتى خارج غزة من وجهة نظر تركيب الصورة الذهنية التي رتبتها اسرائيل كما أن الخطف لواحد أدى إلى حملة الرصاص المصبوب، فما بالنا بخطف ثلاثة من الفتي وقتلهم، إلا أن يكون الرد هو اقتلاع المقاومة وابادة العرق الفلسطيني؟. وإذا كانت تسيبى ليفنى قد اتفقت مع مصر مبارك على عملية الرصاص المصبوب وأعلنت ووجها يفيض حبورا مع وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، وقررت يومها فى 25 ديسمبر 2008 قبل بدء العمليات بيومين أن إسرائيل قررت تغيير قواعد اللعبة، فإن إسرائيل هذه المرة – فيما يبدو – قررت انهاء اللعبة ذاتها وانهاء صفحة القضية. وهذا يقودنا إلى تقصى دوافع إسرائيل للعملية، والآثار والنتائج التى ترجوها منها بقطع النظر عن النتائج.
الملاحظة الثانية هي أن دوافع إسرائيل من العملية هو تصفية المقاومة وإعادة احتلال غزة تمهيداً لاتفاق نهائى يفصل بين إسرائيل ومشروعها الصهيونى النهائى ببضع خطوات. وأما حساباتها تعتمد على خمسة ركائز:
الركيزة الأولى هى أن واشنطن التى كانت تتوسط منذ أسابيع هى التى تدعم هذه العملية دون مواربة وقد كانت واشنطن أيضاً تدعم الرصاص المصبوب.
الركيزة الثانية هى أن تفتيت العالم العربى إضعاف لدوله وشغلهم جميعاً. خاصة مصر، دفعت إسرائيل إلى تقدير الموقف على أنها صارت طليقة إزاء أهدافها. صحيح أن مصر مبارك كانت سندا لإسرائيل وعملياتها، علي اساس أن مبارك كان كنزها الاستراتيجى، فإن مصر مبارك، شهدت معارضة شعبية كاسحة ضد سياسات الحكومة، وكانت المعارضة تتمتع بحرية كاملة فى التصدى للغزو الصهيونى مما كان عاملا مهما فى حسابات إسرائيل المرحلية .أما مصر الآن الرسمية والشعبية فى حال مختلف تماماً بعد أن لعب الإعلام دوراً هاماً فى شيطنة غزة بحماس أو بغيرها. وإذا كان الحد الأقصى لطموح إسرائيل هو القضاء على المقاومة، فإن حده الأدنى هو إحباط المصالحة الفلسطينية، رغم أن حماس صارت جزءا من الكيان السياسى الجديد لحركة سياسية، بعيدة عن حركة مقاومة، بحجة ان السلطة لايجوز ان تحتوي علي حركة" ارهابية" وفقا للوصف المصري والاسرائيلي.
لقد أدانت الدول العربية عدا بعضها عملية الرصاص المصبوب، فهل هناك اتفاق أم انشغال أو عدم اكتراث تجاه الحملة الأخيرة على غزة فى شهر رمضان وتحت الحصار والضيق، فهل يتناسب هذا الموقف مع الجدوى الوهمية لاجتماع مجلس الأمن . أم أن الكل متفق على تقديم غزة قربانا للتحالفات الجديدة فى المنطقة؟ وقد حذرنا عدة مرات بأن إدخال حماس فى معادلة الصراع بين الأطراف فى الأزمة المصرية سوف يغرى إسرائيل بما تقوم به فى غزة، ونؤكد مرة أخرى أن الكراهية لحماس لأى سبب يجب ألا يجر مصر إلى موقف يضر أمنها القومى على المدى الاستراتيجى، فمقاومة إسرائيل فى فلسطين صمام أمان لمصر مهما بدت بعض الحسابات الوقتية مغرية، ومهما كان الخلاف بين غزة وحماس ومصر الجديدة، فإن إسرائيل هى العدو الحقيقى لمصر الدائمة على مر العصور. ولنلاحظ أن العدوان على غزة هو أحد شعب استراتيجية العدوان على كل الأراضى الفلسطينية وعلى عموم الشعب الفلسطينى. الفارق هذه المرة بين موقف مصر مبارك، ومصر الحالية من الحملة الصهيونية الأمريكية على الفلسطينيين هو أن مصر مبارك تواطأت مع إسرائيل، بينما مصر الحالية أدانت بشكل ما هذه الحملة وحاولت الوساطة والتهدئة ثم أبلغت فلسطين بنية إسرائيل وتهديدها، ولكن إسرائيل تعلم جيدا حدود التأثير المصرى الرسمى حتى لو أراد، كما تدرك جيدا أن الشعب المصرى اليوم مشغول عن محنة الفلسطينيين
ولكنى أحدز أيضاً بأن الجينات المصرية الطبيعية عربية إسلامية وأن تحريف هذه الجينات لا تلبث أن تنقلب ولتتأملوا معى إمعان نظام مبارك فى علاقته بإسرائيل وإمعان إسرائيل فى الإضرار بمصر وبمصالحها ثم انفجر الشعب فى ثورة عارمة فى 25 يناير على النظام وتحالفاته. وليس هناك ما يشير إلى أن الشعب سوف يفقد شعوره بالمخاطر الصهيونية، مهما حاول الإعلام المضلل لدرجة أن إحدى القيادات الصحفية فى أقدم جريدة مصرية امتدحت على صفحتها الخاصة نتانياهو وحملته ضد الفلسطينيين. ودعت شيطانها أن يكثر من أمثال هؤلاء السفاحين، نكاية فى حماس. للأسف الشديد جميع الدول العربية لديها ما يشغلها، ليبيا واليمن والسودان وسوريا ولبنان والعراق.
لم تعد القضية هى غزة وحماس، بل هى نضال شعب مظلوم ضد الظلم الصهيونى والأمريكى والتمزق العربى ولذلك فإن السكوت على العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى حسابات خاطئة، وسوف تحول الشعوب العربية دفاعاً عن القدس والشعب المظلوم بعد أن أصبح ينافس بقية الفلسطينيين فى محنة اللجوء فى أوطانهم وفى ربوع وطنهم الكبير. 
المطلوب بصفة عاجلة فتح معبر رفح كألتزام قانونى على مصر، والتمييز بين المصلحة العارضة فى النظام والمصلحة الدائمة فى الوطن، كما أن المقاومة تدافع عن الشعب الذى يتعرض للعدوان، والمطلوب دفع العدوان وليس مساندة المقاومة.
والمطلوب أيضاً أن يقوم الإعلام المصرى والعربى بإستعادة وعيه وشرح الحقائق الثابتة للشعوب العربية.
والمطلوب رابعاً أن يتجاوب المصريون مع حمالات الدعم بكل شئ لمساندة الشعب الفلسطينى ضد إسرائيل ولكن المطلوب العاجل هو بحث أدوات التأثير على قرار إسرائيل بإستمرار العدوان ومن العار أن نتحدث تحت النار عن التحقيق ووقف الاستيطان كما ورد فى البيانات الرسمية.
وأخيراً إذا ارادت مصر الجديدة أن يكون لها موضع محترم فى العالم العربى فهذه فرصتها الوحيدة حتى تفلت من استعباد الآخرين لها وحتى لا تكون مصر الجديدة فى الشئون الداخلية والخارجية نقطة سوداء فى تاريخ مصر المعاصر.

مصطفى إنشاصي يكتب : تأملات في موقف المقاوم والمفاوض الفلسطيني

بداية يجب عدم وقف إطلاق النار قبل الانتهاء من الاتفاق على كل بنود الاتفاق المطروحة وتفاصيلها وعدم تأجيل شيء منها، فلم يعد لدى أهل غزة ما يخسرونه فلقد تم تحميل غزة أكثر مما تحتمل ولم يعد هناك خيارات للتراجع إما أن تكون حرب تحرير وإعادة الاعتبار لقضية الأمة، أو أن نعود إلى اتفاق تهدئة هزيل وضياع دماء مئات الشهداء وآلاف الجرحى وهدم مئات المنازل وتشريد آلاف الأسر، وعلى المقاومة إن فشلت في تحقيق انتصار حقيقي يتجسد في شروط التهدئة يتناسب وحجم التضحيات التي دفعتها غزة في هذه الحرب وكل الحروب السابقة ويكون درساً رادعاً للعدو الصهيوني ألا يفكر في إعادة الكرة مرة ثانية فلترحل من حياتنا إلى الأبد، وإن فكرت أن تحتفل بانتصارات وهمية على حساب أشلاء الشهداء كما هي عادتها فعلى القادرين من الشعب أن يخرجوا بأجسادهم لمنع تلك الاحتفالات حرصاً على مشاعر المصابين والثكالى والمنكوبين!
لذلك على المقاومة الحذر من تكرار نفس الأخطاء التي وقع فيها عند التوقيع على اتفاقيات التهدئة السابقة، وتاريخ طويل من اتفاقيات الإطار التي تم التوقيع عليها وتم نقضها من طرف العدو الصهيوني قبل أن يجف حبرها. ومن الخير للمقاومة ألا يتولى التفاوض أو اتخاذ القرار قيادات الخارج الذين يعانون من جوانب القصور الكثيرة في ثقافتهم السياسية والتفاوضية وقصور الطموحات، إضافة إلى أنه يرزح تحت الضغوط التي تمارس عليه من جهات التمويل أو الدول المضيفة التي تمنعه من حسن استثمار حجم جرائم العدو وحجم تضحيات شعبنا في فرض أفضل الشروط لصالح القضية والشعب والمقاومة.
ومهم جداً وضع جدول زمني ويكون (مقدس) لا قداسة دينية أو صنمية ولكن قداسة التزام من قبل العدو الصهيوني والدول الراعية للاتفاق تجنباً للتسويف كالعادة والمماطلة والنقض له، وقداسة الالتزام بالمواعيد المدرجة فيه يجب أن تكون مقترنة بحق المقاومة في الرد على عدم الالتزام بالطريقة التي تراها مناسبة. كما أن الاستمرار في المعركة يجب أن يكون وسيلة المقاومة لإكراه العدو والموقف الدولي الداعم له على سرعة الاستجابة لشروطها التي يجب أن تؤكد هذه المرة حقيقة أنها هي التي تملك أوراق القوة وزمام المبادرة ومتى تنتهي المعركة لا العدو الصهيوني.
إضافة إلى ذلك علينا أن نؤكد لأنفسنا قبل العالم حقيقة: أن الوضع الداخلي الصهيوني هش ولا يحمل مقومات الصمود والصبر لأكثر من مدة محددة وقابل للانهيار تحت ضربات المقاومة، وكذلك حالة الجندي الصهيوني الجبان الضعيف نفسياً سريع الهروب من أرض المعركة .. وإن كان ذلك الوضع الهش قادر على الضغط على غطرسة حكومته وإجبارها على الاستجابة لشروط المقاومة وألا تنقض اتفاقياتها مرة ثانية، أو قد يكون هشاً فعلاً إلى درجة أنه أيضاً لا يستطيع التأثير على قرارات قادته السياسيين والعسكريين، ونركز هنا على تحطيم أكذوبة الأسطورة الصهيونية عن غلاء الدم اليهودي والتأكيد على أن القادة الصهاينة لا يبالون بدماء الصهاينة ...!

أين الضفة الغربية والأسرى في مفاوضاتكم؟!
أين الضفة الغربية في عقل المفاوض الفلسطيني وشروط مبادرات التهدئة أو الهدنة طويلة الأمد التي إن صح ما نشر عن شروط المقاومة تمتد 10 سنوات؟! أين الضفة التي تئن من سياسة التنسيق الأمنى، ومن استباحة العدو الصهيوني لها اعتقالاً وقتلاً واغتصاباً للأرض وتهويدها وتدمير المنازل ومنع البناء ... أين هي في شروط التهدئة في الوقت الذي يطالبونها فيه أن تنتفض ضد سياسة اللتنسيق الأمني وضد العدو -وهي منتفضة دعماً لغزة الآن- أليست القضية واحدة وهي جزء من الوطن ويجب التأكيد على وحدة القضية والوطن جغرافياً وسكانياً؟! أم أننا نفتكرها ونطالبها بدفع الثمن والتضحية وننساها عند توقيع اتفاقات جني الغنائم؟! ومثل الضفة أين الرهائن (الأسرى والمعتقلين) في سجون العدو الصهيوني وطرح حلول وأفكار لإنهاء معاناتهم في السجون وتحريرهم ومنع عودة اعتقالهم ثانية؟!

القضية قضية أمة لا فصيل
في الماضي تسبب كثير من القادة الفلسطينيين في توصيل رسائل خاطئة للعدو الصهيوني والأطراف الإقليمية والدولية من خلال إدلائهم بتصريحات غير مسئولة أو يطغى عليها الطابع الفصائلي، آن الأوان للكف عن مثل تلك التصريحات! كما أن عليهم الكف عن تقزيم قضية الأمة وحقوق الشعب في تصريحات تسول تهدئة مقابل التهدئة أو مقابل رفع الحصار! عليهم رفع سقف مطالبهم بما يتناسب وحجم قضية بمستوى الأمة لا فصيل يريد أن يثبت أركان حكمه في بقعة صغيرة بعد أن حصر كل تفكيره فيها وأصبحت هي بداية ونهاية القضية وحقوق وتضحيات الشعب الفلسطيني والأمة! أولئك القادة والإعلاميين بحاجة لتلقي دورات تأهيلية في كيفية الإدلاء بالتصريحات السياسية وتوصيل الرسائل بالأسلوب الصحيح، هم بحاجة لدروس في كيفية تجسيد الوطنية والوحدة الوطنية في خطابهم السياسي والإعلامي ومفاوضاتهم ورسائلهم إلى الأطراف المعنية، لأن الروح الفصائلية والرغبة في تحقيق المكاسب الشخصية والحزبية تتصدر المشهد ومهيمنة على أدائهم على جميع الأصعدة، وهنا مقتل المقاومة والقضية في مراحلها الحاسمة التي تحتاج فيها إلى إلغاء الأنا والتركيز على وحدة القضية والموقف! لأن اختزال المقاومة في فصيل دون بقية الفصائل هو إضعاف لوحدة الموقف الفلسطيني، واختزال المقاومة في الفصائل دون الشعب الذي هو المقاوم الحقيقي وهو الجندي المجول الأكثر تضحية وعطاءً وثباتاً هو تقزيم لملحمة البطولة والنضال وبخس أهل الفضل فضلهم من المتصارعين على قطف ثمار معاناة الجماهير ...!
كما أنه في الوقت الذي يجب أن نؤكد فيه على أننا شعب يحب الحياة مثل كل الشعوب يجب أن نؤكد على حقيقة أننا شعب خُلق للحرب والقتال وقادر على الصمود وممارسة الحياة الطبيعية تحت القصف والدمار والقتل إلى أن ينتهي الاحتلال، وأن مستجلبي العدو الصهيوني هم الذين يعجزون عن الصمود وممارسة الحياة بشكل طبيعي تحت القصف وإطلاق الصواريخ وتُشل الحياة ومجالات الإنتاج لديهم ويُدمر اقتصادهم وكل شيء، لذلك إن فرض علينا العدو الصهيوني المعركة في المستقبل فلا يلومن إلا نفسه ولا يظن أننا سنرحب بأي مبادرة للتهدئة بعدها إلا بعد أن نحرر أرضنا ومحيطها لأننا قادرون على ممارسة الحياة في كل الظروف!
كما أنه على القادة والمحليين السياسيين الكف على الفزلكة الفارغة عن سبب العدوان الصهيوني لكسب أصوات الناخبين، أو للهروب من أزمة سياسية داخلية تعاني منها الحكومة، أو للحفاظ على حكومة الائتلاف الصهيوني الحالية ... أو أن صمودنا سيفشل سياسة الحكومة الصهيونية وسيحل الائتلاف القائم وغير ذلك وأن ذلك جزء من انتصاراتنا التي حققناها، فكل ذلك لا قيمة له ما دام كل الحكومات التي تأتِ أو التحالفات التي تشكل حكومة جديدة سرعان ما تعيد الكرة، ذلك شأن داخلي صهيوني وتنافس بين أحزابه وسياسييه على تحقيق مكاسب انتخابية أو سياسية حزبية في ضوء ثبات موقفها من الآخر الفلسطيني وعدائها له واتفاقها على استئصاله وإبادته!

تركيز الصواريخ على المغتصبات القريبة
على المقاومة أن تكف عن إطلاق الصواريخ بعيدة المدى والكلفة العالية مالياً وسياسياً لقضيتنا ويكفِ ما أطلقته وقد أدرك العالم أن لدينا صواريخ تصل إلى أبعد مما يتخيله العدو الصهيوني والدول الداعمة له، وعليها التركيز على المغتصبات الصهيونية المحاذية للشريط الحدودي والقريبة من قطاع غزة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، مثل مغتصبة سديروت التي يصعد سكانها على أسطح منازلهم والمناطق المرتفعة فيها ليشاهدوا أثار قصف جيش عدوانهم على أحياء قطاعنا الحبيب! فتلك المغتصبات تكلفة الصواريخ التي تصل إليها قليل، كما أن القبة الحديدية المزعومة تفشل في إسقاطها لقصر مداها، أضف إلى ذلك أنها الحلقة الأضعف ويمكن تهجيرهم وتشريدهم إلى الداخل المحتل وذلك سيشكل ضغطاً أكبر على حكومة العدو من اختباء سكان المدن البعيدة في الملاجئ أو مواسير الصرف الصحي لبعض الوقت ثم الخروج.
كما أنه يجب أن يكون من شروط المقاومة في المستقبل أنه في حال نقض العدو الصهيوني اتفاق التهدئة الموقع أو هدد حركة المزارعين الفلسطينيين وحرية وصولهم إلى أراضيهم المحاذية للشريط الحدودي، طبعاً بعد نقله إلى حدود ما قبل 4 حزيران/ينويو 1967 واستعادة الأراضي التي صنع منها مناطق عازلة، ولا بأس أن تطالب المقاومة أن تكون حدود قطاع غزة عند نهاية الأرض الحرام (الأراضي التي كانت عازلة قبل عدوان 1967 بين غزة والأراضي المحتلة 1948 وأن يتم تحريرها واستعادتها وتوسيع مساحة قطاع غزة عشرات الكيلو مترات المربعة)، يجب أن تكون رسالة المقاومة في حال نقض العدو الاتفاق أنه سيتم قصف المغتصبات الصهيونية في الأراضي المحتلة عام 1984 القريبة من عزة وتهجير سكانها وإبقائها مهجورة ومنع عودتهم إليها.

استكمال تحرير غزة
يجب أن تتشدد المقاومة في شروطها لتحقق أكبر قدر ممكن منها ولتعلم العدو درساً لا ينساه فهو عدو مستهتر بأرواح أبناء شعبنا متغطرس بقوته العسكرية ظناً منه أنها يمكن أن تكسر إرادتنا واعتاد على فرض شروطه وإملاءاته لذلك يجب كسر هذه المعادلة الجائرة بحقنا!
يجب ان تكون هذه المعركة بعد كل هذه التضحيات معركة استكمال تحرير غزة وذلك ما لفتنا انتباه المقاومة له منذ عام 2005 وما بعدها ولكن قادتها للأسف كما تسابقوا على جني ثمار انتفاضة الأقصى وأضاعوا إنجازاتها وتضحياتها وتسببوا في الانقسام وربنا رحمنا من الحرب الأهلية؛ يبدو عليهم الآن أيضاً يستعجلون قطف الثمار بوعودهم لنا باحتفالات النصر في العيد تلك الاحتفالات التي عادة لا تراعي مصاب الثكالى والمصابين والمشردين بلا مأوى والذين فقدوا مصدر رزقهم .... يحتفلون دون مراعاة لمشاعر الذين دفعوا الثمن غالي وكأنهم حرروا فلسطين! لذلك يجب التركيز على تحميل العدو الصهيوني تكاليف إعادة الإعمار وتعويض الأسر المنكوبة والشهداء .... يجب أن يكون شرط مقترن بحق اللمقاومة في الرد على العدو الصهيوني بالطريقة التي تراها مناسبة في حال عدم الوفاء به أو تعطيله من قبل العدو الصهيوني.

حذاري من التدويل لمرافق السيادية
على المفاوض الفلسطيني التركيز على السيادة الوطنية لا تدويلها لأن التدويل أوقات أو غالباً ما يكون مفسدة وتضييع للحقائق على الأرض في المستقبل وجمود الحال على ما هو عليه ويصبح معيق لحركة المقاومة والرد في بعض الحالات، والأسوأ أنه يمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية على مرافق المناطق المحررة -حسب يزعم البعض أنها محررة-، مثل: الميناء والمطار والمعابر وغيرها! ولا يعقل أن يتم رفض المراقبين الدوليين بحسب اتفاق عام 2005 على معبر رفح وقبوله الآن، أو رفض إرسال قوات مراقبة دولية من قبل فصائل مقاومة قبل سنوات واتهام الذين نادوا به في وطنيتهم واليوم يصبح مقبولاً وعملاً وطنياً لأنه يخدم مصلحة فصيل أو بعض الفصائل وطبعاً يلتقي مع نوايا الذين طرحوا فكرة التدويل سابقاً..!

ترك إدارة غزة للجماهير
يجب أن تبدأ مرحلة جديدة بعد هذه المعركة بحيث يتم تقليص دور الفصائل والسلطة الفلسطينية في إدارة شئون الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) ومنح الجماهير دوراً أكبر، وتتفرغ الفصائل المقاومة للمقاومة فقط ولا تتدخل في شئون الناس وحياتهم التي للأسف لم تقدم نموذج ثوري صحيح يجمع بين السلطة والمقاومة وانعكست تجربتها سلبياً على حياة كثير من المواطنين ومواقفهم، وأن تتفرغ السلطة للمفاوضات العقيمة التي لا نهاية لها ولن يكون لها نهاية ما دام كبير المفاوضين صاحب كتاب "الحياة كلها مفاوضات"!
كما يجب التأكد من تقليص هيمنة حماس وحكمها لغزة وإشراك الفصائل الأخرى وأن تكون مشاركة الفصائل وحماس رمزية وتكون إدارة غزة الفعلية للجماهير ومن يختارونه بعيداً عن الشخصيات التي تزعم أنها مستقلة وما هي بمستقلة، لأن الجميع شركاء في النصر أو في النكبة ويجب أن يكونوا شركاء في اتخاذ القرار في غزة، والجماهير هي المتضرر الأكبر ولها الحق في إدارة شأنها بنفسها!
اشتراط تقليص دور أجهزة حماس الأمنية في ملاحقة واعتقال أبناء شعبنا لأي سبب إلا في حال وجود دليل على جريمة يعاقب عليها القانون أما الاعتقالات السياسية والملاحقات والمضايقات التي تسببت في شرخ المجتمع وإثارة روح الكراهية والعداء بين مكوناته يجب أن يوضع لها حد!
هذه بعض التأملات التي نرجو من الله تعالى أن يأخذها المقاوم والمفاوض الفلسطيني في الاعتبار في هذه الحرب الهمجية التي يجب وضع حد لها تماماً!
التاريخ: 20/7/2014

22 يوليو 2014

الشروط الشرعية في إعلان الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية

بقلم:محمد أسعد بيوض التميمي
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله امام المجاهدين والغر المحجلين
((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ*واتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ*واذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)]الانفال:24-26 [
الإسلام نظام حُكم مُتكامل في جميع نواحي الحياة,جاء لينظم حياة البشر بكل تفاصيلها من أبسط الأمور إلى أعظمها من العبادات في العلاقة بين العبد وربه,وفي العلاقة بين المسلمين أنفسهم وبين غيرهم من الناس في السياسة والاقتصاد والاجتماع والقضاء,فالإسلام جاء ليحكم بين الناس فيما إختلفوا فيه وليُبين لهُم ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات,وما هوالصواب وماهوالخطأ وما يجوز شرعا وما لايجوز,وما هو الحلال وما هو الحرام
وكل من يشك في ذلك أو لا يؤمن به أو يرفضه أو يدعي بأن الإسلام فقط هوعلاقة بين العبد وربه وليس له علاقة بالحياة فهو يكفرويكون محارباً للإسلام لإنه يريد الإسلام فقط أن يكون منعزلاً عن الحياة محصوراً في الزوايا والمساجد وبين الجدران يُمارس المسلمون فيها عباداتهم,فهم يريدون الإسلام طقوسا فارغة من اي مضمون,إسلام بلا روح,يريدونه جثة هامدة لا سياسة فيه ولا اقتصاد ولا حدود ولا حكم ولا دولة,ويريدون أن يُحكم المسلمين بقوانين البشر التي اشقت الإنسانية .
ومن أجل تطبيق الإسلام تطبيقا كاملا شاملا في جميع مجالات الحياة لا بد له من سلطان وقوة تنصر دين الله وتقيم وتنفذ حدود الله وشرعه في الأرض وتحمي ديار المسلمين ودماءهم وأموالهم وأعراضهم
فمن أجل هذا أقام الرسول صلى الله عليه وسلم أول دولة إسلامية في المدينة بقيادته بعد هجرته إليها مباشرة في السنة الثالثة عشرمن البعثة,وبعد أن نزلت الكثيرمن أيات الله التي تبين لنا طريق الهداية وأركان الإيمان وأركان الإسلام وما معنى الإيمان وما معنى الكفر,وكيف تكون عقيدتنا صحيحة لا شرك فيها وكثير من الأوامر والنواهي والأحكام,فكان إعلان هذه الدولة بمثابة إنهاء لحياة الإستضعاف التي عاشها المسلمون في العصرالمكي الذي لم يكن لهم فيها دولة,فالدولة تعني أن يصبح لهم شوكة وشكيمة وهيبة وقوة يدافعون بها عن أنفسهم ودينهم وديارهم فيهابهم ويحسب لهم الكفر ألف حساب.
والرسول صلى الله عليه وسلم أقام هذه الدولة بعد أن أصبح هناك أرض أهلها مسلمون يستطيعون أن يحمونها ويدافعون عنها وعن دينهم وعن نبيهم,لأنه لا يجوز أن يكون هناك سلطان للمسلمين على الأرض ولا يطبق عليه شرع الله بعكس مكة,حيث لم يستجيب للرسول عليه الصلاة والسلام في مكة أكثر من سبعين نفراً خلال ثلاثة عشر سنة قضاها فيها,كان معظمهم من المستضعفين لم يستطيعوا أن يحموا أنفسهم أو يدافعوا عن دينهم,فكانوا يمارسون عبادتهم ولقاءاتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسروكان كل من يُسلم يتعرض للإضطهاد والعذاب,حتى أنهم اضطروا أن يهاجروا إلى الحبشة مرتين هرباً من بطش قريش وأيضا تم حصارهم في شعب بني هاشم ولم يستطيعوا أن يفكوا الحصارعن أنفسهم بالقوة وإنما قامت قريش بفكه بدافع المروءة والقرابة مما اضطرالرسول صلى الله عليه وسلم أخيراً أن يهاجر الى المدينة المنورة بعد أن بايعه أهلها بما عرف ببيعة العقبة الصغرى وبيعة العقبة الكبرى والتي سميت ببيعة الدم, وبموجب هاتين البيعتين عاهدوه على أن يحموه ويدافعوا عنه كما يحمون أبناءهم ويدافعون عنه كما يدافعون عن أنفسهم وفي الطريق الى المدينة نزل عليه قول الله تعالى
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)]الحج:39 [
فهذه الأية كانت بمثابة إعلان إنتهاء عصر الإستضعاف
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمارس صلاحياته الموكولة له من رب العالمين بموجب شرع الله المنزل عليه
(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)]الحج:41 [
فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بتنظيم العلاقات الاجتماعية والإنسانية في داخل الدولة بين المهاجرين والأنصاروبين المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى والمشركين ووضع المواثيق والمعاهدات,وبدأ يرسل السفراء للأمصار ويوجه الرسائل إلى القياصرة والأكاسرة يدعوهم فيها إلى الإسلام,وبدأ يشكل السرايا والكتائب ويقوم بالغزوات وبدأ يُطبق شرع الله على الناس ويقيم الحدود وبدأت هذه الدولة تعلن الجهاد وتغزوا الكفار في عقر دارهم
فكانت بدرالكبرى التي كان إنتصارالمسلمين فيها بمثابة إعلان عن ولادة قوة جديدة في الدنيا لم تكن معروفة من قبل وهي دولة الإسلام ومقرها المدينة المنورة,وهي قادرة على أن تدافع عن نفسها فتصدت للكفار في أحد عندما هاجموا المدينة للأخذ بثأر بدر,ثم كانت معركة الأحزاب التي تحالف فيها الجمع الكافر من يهود ومشركين ومنافقين من أجل إستئصال المسلمين والقضاء على الإسلام,ولكن الله ارسل عليهم ريحا وجنودا لم يروها ولكن رأوا أثرها وفعلها فانهزمت الأحزاب وكان هذا النصرمقدمة لفتح مكة وبفتح مكة دخل الناس في دين الله أفواجاً وصارت وفود القبائل العربية تتوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة مبايعة له على الدخول في الإسلام وعلى السمع والطاعة بما سمي بعام الوفود,فامتد سلطان المدينة ليشمل مكة وبقية جزيرة العرب.
وكما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقامة الدولة الإسلامية بمجرد وصوله الى المدينة المنورة فعل صحابته من بعده عند وفاته صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة للهجرة,فلم يترك الصحابة المسلمين بدون قائد أو إمام ولو ليوم واحد وذلك لخطورة الأمر,فبعض الصحابة إنشغل بتجهيز جثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهر للدفن وبعضهم إجتمع وإنشغل بإختيارخليفة يقودهم من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم,فاجتمعوا في سقيفة بني ساعده التي حصل فيها نقاش وحوار بين الصحابة المهاجرين والانصار كانت نتيجته اختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة لرسول الله,وكان استعجالهم على اختيار خليفة حتى لا ينفرط عقد المسلمين ويصبحوا في حالة من الفوضى وبذلك تذهب ريحهم وليس كما يدعي الشيعة المجوس والعلمانيون بأن الصحابة صاروا يتصارعون على السلطان والحكم,فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول
( إن كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم عليكم)
فكيف إذن سيكون الحال مع أمة الإسلام بكاملها وبمصيرها إذا كان الأمر يتعلق بثلاثة لا يجوز أن يكونوا بدون أمير؟؟
فكيف تكون الأمة بدون أمير وقائد يقودها ويجمع شملها ويمنع إنفراط عقدها ويحميها ويدافع عنها فكما قال الرسول صل الله عليه وسلام(إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه).
فقام أبو بكرالصديق رضي الله عنه بحمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فطبق شرع الله,وحارب المرتدين قائلا
(والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه الى رسول الله لقاتلتهم عليه)
فتصوروا معي ايها المسلمون لو لم يتم إختيار خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ارتدت الجزيرة العربية عدا مكة والمدينة فمن كان سيُجيش الجيوش لمحاربة المرتدين والقضاء على شرهم وخلف من كان ستجتمع كلمة المسلمين,فلو لم يكن هناك دولة وخلافة وخليفة لإنفرط عقدهم وقضي على الإسلام والمسلمين.
وبعد أن قضى ابي بكر رضي الله عنه على المرتدين جيش الجيوش لمحاربة الفرس والروم,وبعد سنتين ونصف تقريبا توفي أبي بكرالصديق رضي الله عنه فتم إختيارعمر بن الخطاب رضي الله عنه بنفس طريقة إختيارأبي بكر,واستمر في حمل الراية إلى أن سلمت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه,ومن ثم انتقلت إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من بعده,ومن ثم انتقلت الراية الى الحسن بن علي رضي الله عنه والذي تنازل بها الى معاوية بن سفيان اللهم ارضى عنه بما عرف في عام الجماعة,وبذلك إنتقلت الخلافة الى بني أمية ومن بعد الأمويين انتقلت الراية إلى العباسيين,ومن ثم جاء العثمانيون الذين استمرت دولتهم إلى عام 1924 عندما قام اليهودي أتاتورك بهدم الدولة الإسلامية وإلغاء الخلافة المتمثلة بالسلطنة العثمانية والتي كانت تعتبر دولة خلافة إسلامية تجمع شمل المسلمين تحت راية واحدة وبذلك لأول مرة يُصبح المسلمون عبر تاريخهم بدون دولة إسلامية منذ دولتهم الأولى التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة,ونتيجة لذلك انفرط عقد المسلمين ووقعوا تحت سلطان الكفارحيث أن الله حرم أن يكون للكافرين على المؤمنين نفوذ وسيطرة
(وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)]النساء:141 [
وهذه الأية خطيرة جداً,فالمؤمنون لا يمكن أن يقبلوا بأن يكون للكفارعليهم سبيلا,فعندما هُدمت دولتهم مُزقت رايتهم وإستُبدلت رايتهم برايات علمانية ودولتهم بدول ودويلات من صناعة الكفار,وصار المسلمون يعيشون في ظل هذه الدول التي لا تحكم بشرع الله وتحت رايات بدلا من راية التوحيد أصبحوا يعيشون في فراغ سياسي وقيادي هائل,صاروا غثاء كغثاء السيل ففقدوا الوزن والقيم والإعتبار بين الأمم,وصاروا كالأيتام على مادب اللئام,وصاروالا موطئا سهلا لكل طامع وغاز ولص ونهاب دولي,وصاروا مضرب المثل بالذل والهوان والتخلف وسرعة الإنكسار,فوقعوا تحت نفوذ وسيطرة الكفار وكل ذلك بسبب عدم وجود دولة اسلامية تجمع شملهم وإمام يقودهم,واستمرهذا الحال إلى أن جاء عام 2003 حيث إحتُلت العراق من قبل الحلف الصليبي الشيعي بقيادة أمريكا وإيران وظنوا أن الأمرقد استتب لهم وإذا بالله سبحانه وتعالى يرسل عليهم عبادا له أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ*إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*ومَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) ]المائدة:54-56[
فبفضل الله وعونه ومدد من عنده استطاع هؤلاء أن يهزموا أمريكا ويُجبروها على الهروب من العراق وأعلنوا أن العرق دولة اسلامية وليست علمانية,وعند هروب امريكا قامت بتسليم العراق إلى الشيعة بقيادة إيران ولكن المجاهدين عباد الله وأحبائه استمروا في الجهاد والقتال ضدهم إلى أن جاء عام 2014
فإذا بهؤلاء المجاهدون أحباب الله يحققون فتوحات وإنتصارات ربانية مذهلة على الشيعة بداية من الموصل الحدباء مدينة الزنكيين الذين قهروا الصليبيين حيث أخذت جحافل الشيعة تنهارأمامهم من الرعب والخوف حتى إستطاع المجاهدون أن يفرضوا سيطرتهم على أكثر من ثلثي العراق وثلث الشام في أيام معدودات مما دفعهم الى الإلتزام بالحكم الشرعي إقتداء برسول الله صل الله عليه وسلم وصحابته من بعده كما حصل عند إقامة دولة المدينة وهذا الحكم هوإعادة الفريضة الغائبة وهذا الحكم هو إعلان قيام الخلافة الإمامة العظمى من جديد على الأرض التي أصبحت تحت سلطانهم في العراق والشام وهي مساحات شاسعة تمتد من حدود ايران شرقا الى البحر المتوسط غربا وهي نفس مساحة دولة الزنكيين في الحروب الصليبية الأولى ونفس المنطقة ولتكون هذه الخلافة بمثابة سلطان المسلمين وقوتهم التي تطبق شرع الله ومنهاجه الغائب عن الحياة منذ سنين طويلة وقاموا بتنصيب خليفة للمسلمين وهو
(إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي القرشي البغدادي المُكنى بأبي بكرالبغدادي حفظه الله ونصره وأيده بمدد من عنده)
والذي فاجأ العالم بإلقائه خطبة الجمعه في مدينة الموصل من على منبر مسجد نور الدين زنكي
وإذا بالعالم يُصاب بزلزال وإذا بالطواغيت يستنفرون مشايخهم وعلمائهم الذين هم طوع بنانهم وإذا بكثير من المشاهيرالذين ينتسبون للعلم الشرعي ومن الذين يُسمون بالإعلام منظري التيارالسلفي يتسابقون على إصدار الفتاوي التي تعتبر إعلان الخلافة باطل شرعاً ولا يجوز مبايعتها وتم شن هجوماً عنيفاً على هذا الإعلان والطعن به من جهات كثيرة ومتعددة من علمانية وإسلامية
(ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ)]المرسلات:24[
ونتيجة هذا الهجوم العنيف حدثت بلبلة عند المسلمين فإنقسموا بين مؤيد ومعارض,فمن الطبيعي أن يهاجم العلمانيون إعلان الخلافة ويطعنون بها بمنتهى الحقد فكفرهم وعداءهم للإسلام يدعوهم إلى ذلك,
أما أن يتسابق كثير من العلماء والمشايخ والجماعات والأحزاب الإسلامية لمهاجمة هذا الإعلان وقيام الخلافة فهذه الطامة الكبرى,
فعندما دققت بفتاويهم وجدتها لا تستند الى شرع الله(الكتاب والسنة)وليس فيها دليل شرعي واحد من أية أوحديث بل كلام فارغ وأقوال وأمثال وضغائن وإتهامات باطلة فيها لهوى النفوس حظا كبيراً وحسداً وتسابق على كسب رضى الشيطان والسلطان معتبرين أن هذا الإعلان هو تجاوز لهم ولم يؤخذ به رأيهم وبأنهم هم أهل الحل والعقد ولا يجوز أن يتم أمر بحجم إعلان الخلافة دون أن تؤخذ موافقتهم وأن يُقروه أو يرفضوه والبعض إعتبر نفسه أحق بالخلافة.
فمن هُم هؤلاء أهل الحل والعقد والمشايخ والعلماء الذين يجب أخذ رأيهم وجعلوا من أنفسهم أوصياء على الإسلام والمسلمين؟؟
المُرجئة أتباع الحكام الظالمين الذين لا يحكمون بما أنزل الله ويعتبرونهم ولاة أمر للمسلمين و وإطاعتهم بمعصية الخالق واجبة ولو جلد ظهرك ولو أخذ مالك وأن من يحتج على ذلك يُعتبر من الخوارج ومن الفئة الضالة ويستباح دمه,والذين يُفتون بغير ما أنزل الله,فيحرمون الجهاد ويتعتبرون المجاهدين خوارج ومفسدون في الأرض ومن الفئة الضالة ويُلقون بالأمة الى التهلكة ويعتبرون الركون للظالمين والإخلاد الى الأرض والخنوع والخضوع لإرادة الكفارهو عين الحكمة وهو من باب جلب المصالح أولى من درء المفاسد هؤلاء الذين كالحمير التي تحمل اسفارا
وهل شيخ الأزهرالقبوري ومجمعه الكنسي أيضاً من أهل الحل والعقد الذين أباحوا دم المسلمين في رمضان وهم ركع سجود وأعتبروا ذلك من أفضل القربات إلى الله والذين يعتبرون عدو الله السي سي الذي هو من أشد الناس عداوة لله ورسوله والمؤمنين ولي أمرللمسلمين ويكفرون من يخرج عن ولايته؟؟
وهل من أهل الحل والعقد من يفتري الكذب ويستشهد بقول يستخدمه الأطفال في الحارات للطعن بالدولة الإسلامية حيث يقول بأن الدولة الإسلامية لسان حالها يقول(يا لعيبب يا خريب)ومعنى هذا القول إما أن تدعوني ألعب كما أريد معكم وإلا أخرب لكم اللعب ؟؟
بالله عليكم هل هذا رأي شرعي؟؟وهل من أهل الحل والعقد من كانت شهرته لأنه أفتى فتوى مخالفة للكتاب والسنة أباح بها دم الأطفال وسبي نساء الجيش الجزائري,فإستغلت هذه الفتوى من الغرب الصليبي والعلمانيين فتم التركيزعليها في الإعلام للطعن في المجاهدين مما سبب شهرة صاحبها والتي تدل على عدم فقه,وصار يوصف في الإعلام بمنظر السلفية الجهادية,فنتيجة هذه الشهرة الزائفة ظن بأنه اصبح وصياً على المجاهدين والأمة.
فمن حُجج هؤلاء أيضاً هو بأن هذه الخلافة أعلنت من قبل جماعة اسلامية ليس لديها قوة وشكيمة ولا تسيطرعلى الأرض وليس لها سلطان عليها وليس لديها مقومات الدولة,وبأنهم قلة وهم جماعة من المسلمين وليسوا جماعة المسلمين وأنها في حالة صراع مع قوى أقوى منها وإعتبروها من الخوارج بل من الخوارج الحروريين نسبة الى مدينة حروراء في جنوب العراق التي إتخذها الخوارج مركزا لهم وكانوا أشد الناس تطرفا في تكفيرالصحابة وإستباحة دماءهم,
والبعض استل خنجره ونزل فيها طعنا وتشويها وأتهم الدولة الإسلامية بأنهم مجموعات من المجرمين واللصوص وقطاع الطرق والمفسدين في الأرض ويستبيحون دماء المسلمين وأعراضهم,واتهموا الدولة بإنها عميلة لإيران والنظام السوري العلوي مكلفة بالقضاء على الثورة السورية والبعض قال أن إعلانها للخلافة هو تسفيه وإبتذال للخلافة وضرب لمشروع الخلافة وبأنها مؤامرة من الغرب على الخلافة.
فهؤلاء الثائرين الغاضبين الرافضين لقيام الخلافة والطاعنين بمن أعلنها وأقامها قد نصبوا أنفسهم أوصياء على الإسلام والمسلمين كما تفعل المجامع الكنسية عند النصارى الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على النصارى والنصرانية,فالقول الفصل يجب أن يكون قولهم والرأي رأيهم وكل من خرج عنهم يُلقون عليه الحرمان
(وآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ* ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)]الجاثية:17-19[
) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)] يونس: 35[
فرداًعلى هؤلاء جميعاً ودفاعا عن مشروع الأمة وهذا الأمرالعظيم الذي يتعلق بالإمامة العظمى وهومما عُلم من الدين بالضرورة الذي كانت الأمة تنتظرإعادة إقامته منذ عقود طويلة ذاقت خلالها الأمرين من العذاب والقهروالظلم على أيدي أعداء الإسلام من العلمانيين وأسيادهم اليهود والصليبين لعدم وجود من يرفع عنهم كل هذا البلاء,
ورداًعلى سؤال هل توفرت الشروط الشرعية في قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام لإعلان قيام الخلافة والذي تلقيته من كثير من الأخوة في جميع أنحاء العالم؟؟
قمت بعرض جميع حُججهم على الكتاب والسنة كما أمر الله سبحانه وتعالى وعلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الرشدين وليس على الهوى
(ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )]النساء:59 [
فوجدت ما يلي
اولاً:قيام دولة اسلامية وتنصيب إماما للمسلمين عليها واجب شرعي على المسلمين,ومن ضرورات الدين وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده ونحن متبعون لهم وإن المسلمين أثمون لقبولهم العيش في غير ظلها وتحت غير سلطانها وقبولهم بهدمها على يد المجرم اليهودي أتاتورك وأن تلك اللحظة التاريخية التي هدمت فيها الخلافة كانت أسوء واسود لحظة في تاريخ المسلمين إنفرط فيها عقد المسلمين ووقعوا تحت سلطان الكفار,فكان واجب على المسلمين ان يعملوا على استعادة دولتهم وإقامة خلافتهم الإسلامية,منذ تلك اللحظة التاريخية السوداء
ثانيا:توفر الشروط الشرعية لإقامة الدولة الإسلامية والخلافة وهذه الشروط هي التي توفرت عند قيام الدولة الإسلامية الأولى التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي...........
1:الفئة المؤمنة فلا يشترط عدد معين لإقامة الخلافة فعدد المسلمين في المدينة كان ما يقارب ثلاثة الاف مسلم تقريبا وكان من بينهم حوالي سبعماية منافق ولكن يشترط وجود الفئة المؤمنة التي تكفل الله بنصرها,فالفئة المؤمنة المتمثلة بالدولة الإسلامية في العراق والشام التي أعلنت الخلافة عددها أضعاف مضاعفة لعدد المسلمين في دولة المدينة وهل هناك مقارنة بين عدد المسلمين يومئذ وعدد إمبرطوريتي الفرس والروم؟؟ لا مقارنة لا بالعدد ولا بالعدة ولا بالمساحة
(إن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)]الانفال:19 [
2:مساحة دولة الخلافة ومقوماتها فلا يشترط مساحة محددة من اجل إعلان الخلافة عليها كما يدعي البعض وإنما يجب أن تتوفر الأرض التي تخضع لسلطان المسلمين,فحدود الأرض التي تخضع لسلطان الدولة الإسلامية في العراق والشام التي أعلنت الخلافة عليها هي أضعاف مضاعفة من مساحة دولة المدينة,حيث تبلغ عشرات الألوف من الكيلومترات في حين أن دولة المدينة لم تكن تتجاوز بضعة كيلو مترات
3:القوة فمن هذا المنطلق كان قيام فئة مؤمنة إمتلكت القوة والشكيمة والأرض أثبتت موجودية في ساحات الجهاد والقتال ضد الكفار وأن الله سبحانه وتعالى بدأ يُمكن لها في الارض ونتيجة هذا التمكين كان لابد من تطبيق شرع الله فوق هذه الأرض التي تحت سلطانهم والتي يستطيعون الدفاع عنها,وبذلك أصبح إعلان الدولة الإسلامية واختيار أميراً لها واجبا شرعيا عليهم لإنهاء حالة الاستضعاف التي تعيشها الأمة منذ مائة عام,وحالة الاستضعاف لا يمكن أن تنتهي إلا بوجود دولة وإمام للمسلمين وهذا لا يمكن أن يكون إلا بالجهاد وهذا ما فعلوه المجاهدون في العراق والشام
((ومَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرً* لَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)]النساء:76-77[
وكما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أقام دولة المدينة مباشرة على الأرض التي أصبحت تحت سلطان المسلمين بمجرد وصوله الى المدينة المنورة وكانت هذه الدولة إعلان بأن حالة إستضعاف المسلمين قد إنتهت كما شرحنا سالفا وأن كل من يقول بغير ذلك إنما هولا يريد إقامة شرع الله في الارض وهو محارب لله ورسوله والمؤمنين ولا يريد أن يُحكم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في رأيه الشرعي وإنما يُحكم هواه في رأيه ولو إدعى بأنه من اشد أنصار الخلافة
فمن مظاهر توفر شرط القوة عند الدولة الإسلامية الإنتصارات الربانية في أرض العراق والشام التي اذهلت العالم,ومن مظاهرها إزالة الحدود التي أقامها الكفارعلى أنقاض الدولة الإسلامية العثمانية والتي تعرف بحدود سايكس بيكو وهذا أول مرة يحصل منذ مائة عام وهذه الدولة تمتلك جميع أنواع الأسلحة الفتاكة وغير الفتاكة التي لم تكن دولة المدينة تمتلكها ولديها عشرات الألوف من الجنود وتمتلك مقومات اقتصادية وفي مقدمتها البترول والأرض الزراعية والمياه والله سبحانه وتعالى أفاء الله عليهم بغنائم كثيرة,فالخلافة الآن تمتلك القوة اللازمة للدفاع عن نفسها ومقومات النجاح والإستمرار.
ثالثاً:أن الدولة الإسلامية في العراق والشام ليسوا من الخوارج,فالخوارج الحروريه يُكفرون علي وعثمان رضي الله عنهما ومعاوية والصحابة وأباحوا دماءهم,فهل الدولة الإسلامية تؤمن بذلك أو تقول بذلك؟؟فهذا الإدعاء هو فجورفي الخصومة وهي من خصال النفاق والعياذ بالله,وإن اتهام الدولة الإسلامية في العراق والشام بأنها ترفض الاحتكام لشرع الله هو افتراء وكذب وتضليل للمسلمين وتدليس عليهم وظلم عظيم لهم يتحمل وزره كل من قال بذلك
فهم أصلا قاموا من أجل تطبيق شرع الله ونصرة للدين وهم الأن يُطبقون شرع الله من خلال المحاكم الشرعية والقضاة الشرعيون في المناطق إلى تخضع لسلطانهم والتي يسود فيه الأمن والأمان ومن أجل ذلك أقاموا الخلافة,فهذه الافتراءات القصد منها هو تنفير المسلمين منهم لمعاداتهم وعدم مبايعتهم وهذا الاتهام هو من أشد أنواع الكذب الذي يُخرج صاحبه من الملة
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)]الكهف:5[
(إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)]النحل:105[
والرسول صل الله عليه وسلم يقول(المؤمن لا يكذب)
رابعاً:أما القول بأن الدولة الإسلامية هي جماعة مسلحة وفي حالة قتال وصراع وجهاد مع الكافرين وليست دولة إسلامية كما كان الحال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن تعلن خلافة,فهذا كلام باطل شرعا فما الذي يمنع إعلان الخلافة وهي في حالة صراع مع الكفار والمشركين كما كان الحال في دولة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده,فعندما أعلنت دولة المدينة لم تكن جزيرة العرب قد فتحت ولا حتى مكة وكانت إمبراطوريتي فارس بالشرق والروم بالغرب تهدد وجودها ومع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخشى على الدولة بل قام بغزوهما في غزوتي مؤتة وتبوك وكان قبل وفاته قد جهز جيشا بقيادة أسامة بن زيد وكان عمره سبعة عشرعاما لغزو الروم,وبعد أن أصبح أبو بكر رضي الله عنه خليفة أمر ببعث جيش أسامة ورفض حل رايته رغم حاجته إليه في حروب الردة قائلاً
(والله لا أحل راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم)
بل وخرج إلى خارج المدينة لوداعه.
وكانت نتيجة هذا الصراع زوال إمبراطوريتي فارس والروم على يد جنود التوحيد الأقل عدداً وعدة وتم إزالتهما في نفس الوقت حيث كانت تدور معركة اليرموك ضد إمبراطورية الروم في الشام وفي نفس الوقت تدور معركة القادسية في العراق ضد إمبراطورية الفرس,
فأي عقل وأي تفكير مادي يقول أن يهاجم أناس قليلي العدد والعدة وليس لديهم تاريخ عسكري وكانوا يعيشون في عمق الصحراء أضخم إمبراطوريتين في التاريخ في ذلك الوقت في وقت واحد ؟؟
إنه الإيمان الراسخ في النفوس والعقول والوجدان رسوخ الجبال بأن النصر من عند الله وأن الله ينصر من ينصره,فبمثل هؤلاء الرجال أصبحت العراق وبلاد فارس والروم تحت سلطان المسلمين وراية التوحيد ترفرف فوقها حتى وقفت جيوش الخلافة على شواطئ الأطلسي غربا وأسوار الصين شرقا والدولة الإسلامية تسير على نفس النهج والمنهج وتحمل نفس العقيدة التي حملها الصحابة والقادة الفاتحين
(ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).]محمد:2[
خامسا:الرد على القول بأن إعلان الخلافة مؤامرة على الخلافة وعلى دُعاتها من قبل الغرب الصليبي والمقصود به تتفيه وتسفيه وابتذال لمفهوم الخلافة,فهذا كلام ساذج وهو أصلا يصب في مصلحة أعداء قيام الخلافة,فالغرب الصليبي لا يمكن أن يستخدم ورقة الخلافة للعب بها ومن أجل منع الخلافة الحقيقية كما يزعمون,فأحد أركان إستراتيجية الغرب الصليبي في بلاد المسلمين منع ومحاربة قيام الخلافة ولو شكليا فهؤلاء ليس لهم عدو إلا الإسلام,فهم يعتبرون الخلافة خطراً على كفرهم وعلى مصالحهم ونفوذهم,فكان من شروط مؤتمر لوزان بعد الحرب العالمية الأولى الموقع بين بريطانيا وبين أتاتورك في عام 1923
((القضاء على الحكم الإسلامي وذلك بإنهاء الخلافة الشكلية المتمثلة بالدولة العثمانية بعد السلطان عبد الحميد وفي عهد أخر سلطان ثماني السلطان رشاد وطرد الخليفة من تركيا ومصادرة أمواله,أن تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة,أن تختار تركيا دستورا بدلا من الدستور الإسلامي,محاربة القرآن))
فالغرب الصليبي يعرف معنى أن يكون للمسلمين خليفة وإماما واحدا اي أن مليار ونصف مسلم يتحركون بحركة واحدة بإشارة من اصبعه الى ساحات الجهاد
وأما القول بأن الدولة الإسلامية في العراق والشام صناعة إيرانية والنظام السوري ويستخدمانها للتأمرعلى الثورة السورية فهذا كلام مفعم بالغباء والجهل,
كيف تكون عميلة لهما وهي التي تقوم بتحطيم المشروع المجوسي الصفوي الشيعي الذي إستفحل أمره قبل الثورة السورية وتقوم بتحرير العراق والشام من نفوذ وإحتلال إيران اكبر حليف للنظام العلوي,والأن وانا اكتب هذه السطور قامت الدولة الإسلامية بتحرير أكبر حقل غاز في سوريا في ريف حمص وقتلت المئات من الشيعة الإيرانيين والنصيريين وأسرت المئات وغنمت ذخائر واسلحة من جميع الأنواع وبكميات ضخمة .
(فإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بغيرهدى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)]القصص:50 [
لذلك وبناء على كل ما تقدم وبالدليل الشرعي أجد أن إعلان الخلافة متوافق مع شرع الله وهو على منهاج النبوة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده وبأن المجاهدين الناصرين لدين الله من المهاجرين والانصار في الدولة الاسلامية في العراق والشام متبعين لهم وهم أصحاب الأمر,فهم في ميدان الجهاد يتحملون مسؤولية مصيرالأمة والدفاع عن دينها وديارها,فالأمر أمرهم والشورى مشورتهم والفعل فعلهم والقرار قرارهم والرأي رأيهم ,فهم قادة الامة وطليعتها وروحها وسيفها ورمحها وعندهم علماؤهم الربانيون الذين يُرجعون كل أمورهم إلى القران والسنة,فهم أهل الحل والعقد,أما الذين يدعون بأنهم أهل الحل والعقد من الذين ينتسبون إلى العلم الشرعي من أتباع السلطان وغيرهم من المشاهير الذين غرتهم شهرتهم فظنوا بأنهم هم الذين يحلون ويعقدون في الأمة ومن لم يقبل بذلك فهو من الخوارج والحروريين وهم أصلا هؤلاء حرموا الجهاد في العراق والشام وإعتبروه محرقة لشباب المسلمين
(فإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بغيرهدى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)]القصص:50 [
فعلى هؤلاء جميعا أن يعلموا بأن إقامة الخلافة في الأرض على منهاج النبوة هو واجب شرعي وفرض على المسلمين وهذا ما فعله المجاهدون في العراق والشام نيابة عن المسلمين وكل من يعترض على ذلك إنما يعترض على الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين ويريدها عوجا,ويعترض على قدر الله ووعده,فمن يستطيع من البشر أن يُعطل وعد الله وقدره,لذلك أدعو جميع المقاتلين في جميع الكتائب في العراق والشام مبايعة خليفة المسلمين وأميرهم أبي بكر البغدادي حفظه الله ونصره وسدد خطاه ورميه .
(وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)]النور:55 [
محمد أسعد بيوض التميمي
bauodtamimi@hotmail.com
https://www.facebook.com/profile.php?id=100005537716697
مدير مركز دراسات وأبحاث الحقيقة الإسلامية
الموقع الرسمي للإمام المجاهد الشيخ
اسعد بيوض التميمي رحمه الله
www.assadtamimi.net

اسطورة حماس تتصدر صحف اسرائيل اليوم .. وكاتب يؤكد انها حركة لا تهزم

الافتتاحيات 

هآرتس – افتتاحية - 22/7/2014 

خطر ليبرمان 

بقلم: أسرة التحرير 

دعوة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لمقاطعة المحلات التجارية العربية التي تضرب احتجاجا على حملة "الجرف الصامد" هي فعل تحريضي انتهازي وخطير آخر من معمل انتاج رئيس اسرائيل بيتنا، الذي يثبت بانه لا يتردد في امتطاء موجات التوتر والقلق هذه الايام كي يجني ربحا سياسيا في أوساط الجمهور اليميني المتطرف. ومن أجل هذا الهدف مستعد ليبرمان لان يشعل الخواطر، أن يحرض المواطنين على بعضهم البعض وان يدوس على مبادىء اساسية للنظام الديمقراطي. 
للفلسطينيين من سكان اسرائيل، مثلما لكل المواطنين الاخرين، الحق الكامل في التعبير عن الاحتجاج ضد سياسة الحكومة، ولا سيما عندما يعبر الناس عن احتجاجهم بطريقة غير عنيفة مثل اغلاق المحلات التجارية. 
ان مبادرة ليبرمان، التي ينسى انه وزير كبير وليس مجرد استفزازي سياسي، هي استمرار طبيعي لموجات تشريعية مشابهة، بادر اليها هو ورفاقه في الحكومة القائمة وتلك التي سبقتها وهدفها اسكات النقد والتحريض ضد الاقليات. فقوانين مثل "قانون المقاطعة" ومشاريع قوانين مثل "قانون الجمعيات" تعد بعقاب مؤطر، ضمن امور اخرى من خلال فرض عقوبات اقتصادية على من ينتقد سياسة الحكومة، وقوانين مثل "قانون النكبة" ومشروع قانون "المتبرعين للدولة" تساهم في تشويه صورة الفلسطينيين في اسرائيل. 
على خلفية هذه السياسة، لا غرو أن الخطاب الاسرائيلي يوجد في احدى نقاط الدرك الاسفل له، وهو مفعم بدعوات الاسكات والعنف. والرسالة التي تنقل الى المواطنين هي أن انتقاد الحكومة يترجم في نهاية المطاف الى ضرر مباشر بالمنتقدين – ان لم يكن أذى جسدي مثل احراق الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير، فأذى اقتصادي أو مهني. مثال على ذلك يمكن أن نجده في حالة شركة "مانو للسفن" التي أقالت الممثلة اورنا بناي بعد أن لقبت نفسها ساخرة بانها "يسروية هاذية تحب العرب"، وأعربت عن تألمها على موت مواطنين في الطرفين ومعارضتها للحرب. 
هذا التحريض، الذي يتدحرج من اوساط حكومة اسرائيل الى داخل المجتمع، يعد في نهاية المطاف أيضا للعنف الجسدي الذي ينتشر في المظاهرات هذه الايام، والتي في اثنائها يهاجم نشطاء اليمين المتظاهرين الذي يحتجون على سياسة الحكومة، بهتافات "الموت للعرب" و "الموت لليسرويين". 
ان التحريض العنصري الذي ينشره ليبرمان، وليس للمرة الاولى، هو جزء من موجة عكرة تهدد صورة دولة اسرائيل. على أعضاء الحكومة، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو أن يشجبوا تماما هذه الاقوال والتنكر لمبادرات وزير الخارجية الخطيرة. 
*****************

يديعوت – مقال افتتاحي – 22/7/2014 

ضغط عسكري ومداورة سياسية 

بقلم: يوفال ديسكن 

(المضمون: تحتاج اسرائيل الى حل استراتيجي للازمة الحالية يشمل الدخول العميق الى داخل المنطقة المأهولة من غزة مع الاتجاه نحو تسوية سياسية طويلة - المصدر). 
لن تنتهي المعركة على حماس في الفترة القريبة دون مداورة سياسية مع المداورة البرية التي ينفذها الجيش الاسرائيلي.
وحتى لو تم احراز وقف اطلاق نار في الايام القريبة فسيعبر عن عدم حسم عسكري حقيقي ويستعمل ساعة الضبط استعدادا للمواجهة التالية. 
من الواضح أن لاسرائيل قوة عسكرية وقدرة على الثبات أكبر مما لحماس بما لا يقبل المقارنة.
والجبهة الداخلية مستعدة لأن تدفع الثمن كي تُحل مشكلة الصواريخ للأمد البعيد، والقبة الحديدية تؤدي عملا ممتازا وتساعد في قدرة الجمهور على الصمود، وعملية تدمير أنفاق الهجوم ضرورية جدا – والمستويان السياسي والامني يتصرفان الى الآن بحذر يقتضيه القتال في ميدان معقد جدا. 
لكن المشكلة الأهم هي أن حماس ليس لها ما تخسره لأن وضعها سيء جدا.
فهي في أزمة شديدة مع مصر وليس لها حليف حقيقي ما عدا قطر وتركيا اللتين تبحثان عبثا عن صلة بالأحداث، ووضع حماس وقطاع غزة الاقتصادي في اسوأ أحواله، فهي غير قادرة على أن تدفع الرواتب الى رجالها وعمال الجمهور في القطاع – والشعور بالعزلة والحصار أعمق مما كان من قبل.
وأشد من ذلك أن عملية المصالحة التي كانت من وجهة نظر حماس عملا استراتيجيا يرمي الى تحسين حالها والحصول على الشرعية فشلت الآن. 

مشكلات حماس 
دُفعت حماس في السنة الاخيرة الى وضع يائس من وجهة نظرها وهي مستعدة لأن تدفع ثمنا باهظا (ولا سيما من القتلى من أبناء شعبها) لتحرق أوراق اللعب الاستراتيجية مجددا. وقد وجدت اسرائيل نفسها تُجر الى ازمة استعدت لها حماس استعدادا جيدا في السنوات الاخيرة من جهة عسكرية، وهي التي تستغل استغلالا قاسيا كل نقاط ضعف القطاع لاسقاط الحصار والعزلة الدولية ولتحرز انجازا مهما ايضا في الساحة الفلسطينية الداخلية. 
لكن حماس تلاقي عدة مشكلات وهي أن رد اسرائيل قاسٍ جدا، والقبة الحديدية تمنع الى الآن انجازا حقيقيا برغم مقادير الصواريخ المطلقة ومداها المذهل. وهكذا أخذت حماس تُدفع الى وضع ليس لها فيه اجراء يكسر التعادل حقيقي ولم يبق لها سوى أن تعتمد على الاستمرار على قدرة اطلاق النظام الصاروخي تحت الارض وعلى بحث يائس عن انجاز تستطيع أن تعرضه على أنه استراتيجي: من تسلل الى بلدة مدنية وتنفيذ مذبحة في مدنيين الى اصابة شديدة لقواتنا واختطاف جندي أو جنود أو مدنيين الى اصابة قذيفة صاروخية تفضي الى مصابين كثيرين في اسرائيل. وأنا أرى أن حماس ستوافق على تليين موقفها كثيرا اذا أدركت فقط أن استمرار حكمها لقطاع غزة موجود على شفا خطر وجودي. 
تملك حكومة اسرائيل خيار الاستمرار بل تعميق العملية البرية الى داخل المناطق المأهولة حيث يختبيء قادة حماس وحيث تُخبأ قواعد الاطلاق في داخل الارض. ويستطيع ضغط عسكري فعال كهذا أن يقلل كثيرا بل أن يوقف تماما اطلاق القذائف الصاروخية (ويتعلق ذلك بالطبع بمساحة المنطقة المأهولة التي ستنقل الى سيطرة الجيش الاسرائيلي)، وأن ينشيء بالنسبة لدولة اسرائيل عددا من الخيارات لانهاء الازمة يمكن أن تراوح بين احتلال كامل وتطهير للقطاع وبين وقف العملية في الوقت الذي تبدأ حماس فيه الشعور بالضغط وتوافق على قبول الشروط التي تعرض عليها. 
يمكن أن تتم هذه العملية في مرحلتين: مرحلة السيطرة الاولى على الارض التي يمكن أن تستمر بضعة اسابيع، ومرحلة تطهير الارض التي سيطرنا عليها من المخربين، من الانفاق والصواريخ ومختبرات التخريب وخطوط انتاج الوسائل القتالية – ويمكن أن تطول بضعة أشهر الى سنة أو سنتين بحسب مساحة الارض التي سيتم معالجتها. 
يمكن أن نتفهم عدم حماسة الحكومة لتعميق العملية في مناطق مكتظة بالسكان من القطاع. فهذا تحد عسكري وانساني وسياسي من الطراز الاول، وسيكون له ايضا ثمن بشري مؤلم جدا. لكنني أعتقد مع ذلك أنه يمكن احراز انجازات حقيقية في هذه العملية لأنه حتى لو وجدت في رأيي جيوب مقاومة شديدة في بعض الاماكن فان قدرة الذراع العسكرية لحماس على الصمود في مواجهة مباشرة مع الجيش الاسرائيلي أقل كثيرا مما يميلون الى اعتقاده. والمشكلة هي أنه من غير هذه العملية سينشأ وضع راهن اشكالي جدا يعني سفك دم متبادلا دون قدرة على الحسم. 
كلما مر الوقت سيحكم الجمهور في اسرائيل على انجازات الحكومة لا بحسب عدد بيوت نشطاء حماس والجهاد الاسلامي التي دُمرت، ولا بحسب عدد الانفاق الذي دُمر، ولا بحسب عدد قواعد اطلاق الصواريخ التي فُجرت، ولا بحسب النسبة بين المصابين من السكان الفلسطينيين والسكان الاسرائيليين. 
يريد الجمهور في اسرائيل قبل كل شيء وقف اطلاق نار مستقرا وطويلا مع حل استراتيجي للتهديد الصاروخي ولتهديد أنفاق الهجوم ولتهديد الارهاب الشديد من قطاع غزة. وأنا أقدر أن هذه المرحلة التي يبدأ الجمهور فيها – وبصدق كبير – يسأل اسئلة صائبة قد أخذت تقترب بخطى واسعة. 

خطر الوضع الراهن 
يجب على اسرائيل أن تحرز انجازا مهما جدا قبل أن تبدأ تعقيدات مثل نشوء جبهات اخرى في يهودا والسامرة، ومظاهرات احتجاج من مواطني اسرائيل العرب أو حتى اشتعال الجبهة الشمالية. ولا يقل عن ذلك خطرا أن التفويض الدولي النسبي الذي تحظى به دولة اسرائيل الى الآن قد يتلاشى سريعا. 
يوجد في الوضع الذي نشأ عدد من الخيارات غير السهلة من جهة عسكرية: فاخراج القوات البرية من القطاع سيُرى انجازا لحماس ولن يُقرب انهاء الازمة؛ وإبقاء القوات في المنطقة غير المأهولة سيجعل هذه القوات عرضة للهجمات ولن يؤثر في الوضع؛ والاستمرار على توسيع العملية لمواجهة حصون حماس في المنطقة المأهولة ينشيء ضغطا كبيرا على حماس لكن يصاحبه مصابون كثيرون. 
موقفي هو أنه يجب علينا من بين هذه الخيارات أن نوسع العملية البرية لأنه لا يجوز أن تنتهي العملية الى الوضع الراهن. ولاحداث ضغط فعال على حماس في الجبهة كلها فهناك مكان لتوسيعها وتعميقها نحو جنوب القطاع خاصة الى منطقة خانيونس ورفح، فهي منطقة يمكن عزلها عسكريا بصورة أفضل كثيرا وفصلها عن شمال القطاع، والسيطرة على خانيونس وعلى رفح وتطهيرهما من البنية التحتية الارهابية. وستكون لهذا العلاج ايضا تأثيرات معنوية في حماس في شمال القطاع. ويجب في نفس الوقت زيادة الضغط من الارض ومن الجو على شمال القطاع لكن دون أن يُعمق في هذه المرحلة الدخول الى مناطق مكتظة بالسكان. 
الاستراتيجية المناسبة في الوضع الحالي ذات رأسين: ففي الجانب العسكري يجب الاستمرار وزيادة الضغط كثيرا، ويجب في موازاة ذلك انشاء مسار سياسي مهم. وكلما أصبح الضغط العسكري على حماس أشد تأثيرا زادت القدرة على تنفيذ العملية السياسية. ومهما يكن الامر فان العملية السياسية المقترحة معقدة جدا وليس نجاحها مضمونا، لكن الطرف المبادر قد تنتظره مزايا حقيقية ايضا في حال فشل المبادرة ايضا. 
يجب أن تكون مبادرة كسر التعادل موضوعة في الوقت المناسب أمام حماس بمنزلة حبة بطاطا ساخنة توجب عليها اتخاذ قرارات مهمة جدا. فاذا قبلت المبادرة التي سأفصلها بعد ذلك نكون قد كسبنا واذا رفضت فسيسوء وضعها أكثر. 
يجب أن تقوم المبادرة السياسية على ثلاثة عوامل مهمة. الاول وهو أكثرها ضرورة – مصر، والعامل الثاني المراد جدا هو السلطة الفلسطينية ورئيسها أبو مازن، والعامل الثالث الحاسم هو الجامعة العربية والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ويجب أن تشتمل المبادرة في الأساس على صفقة منطقها هو: "عمق التفضلات والحوافز للقطاع كعمق نزع السلاح"، وتقوم على العناصر التالية: 
العنصر الامني: 
1- وقف اطلاق نار مطلق زمنا طويلا. 
2- وقف متبادل لجميع انواع الهجمات (ويشمل ذلك الاغتيالات والتصفيات المركزة). 
3- التجريد التدريجي للقطاع من السلاح المائل المسار على اختلاف انواعه. 
4- وقف انتاج الوسائل القتالية و/ أو تهريبها. 
5- اغلاق انفاق الهجوم والتهريب. 
6- رقابة دولية على ما ذكر آنفا. 
العنصر المدني: 
1- رفع الحصار الاقتصادي والبري والبحري عن القطاع بصورة كاملة (ويشمل فتح كل المعابر وإعمال ميناء غزة وهو ما سيُمكن من ادخال السلع والوقود وسائر الحاجات الفلسطينية تحت رقابة دولية). 
2- توسيع منطقة الصيد لتصبح 12 ميلا. 
3- حرية حركة للسكان الفلسطينيين في المناطق الحدودية من قطاع غزة دون مناطق فاصلة. 
4- تنفيذ خطة دولية لاعمار قطاع غزة تُنسق وتنفذ مع حكومة الوحدة الفلسطينية (مع الخضوع لقبول شروط الرباعية) وبقيادة أبو مازن. 
ويجب أن تكون هذه العناصر أساس المبادرة السياسية التي تبادر اليها دولة اسرائيل وتضعها الجامعة العربية أو عدة دول عربية على الطاولة بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وعلى حسب المبادرة كما قلنا آنفا وبمقتضى تجريد القطاع من القدرات العسكرية، ستُمكن اسرائيل ومصر من تسهيلات كثيرة للحصار وحياة سكان القطاع، ويتم البدء بخطة اعمار كبيرة للقطاع هي غاية مناسبة تتسق ايضا مع المصلحة الاسرائيلية البعيدة الأمد. 
وهكذا توضع حماس على قرن المعضلة المعقدة جدا من وجهة نظرها وتضطر الى أن تُبين لماذا هي ليست مستعدة لقبول اقتراح سخي جدا يعد بتحسين ضخم لوضع القطاع في مقابل نزع اسلحتها والحظوة بشرعية دولية وبخطة إعمار عظيمة لقطاع غزة. ولمضاءلة الارتياب وعدم الثقة يجب أن يكون التنفيذ تدريجيا ومشروطا على نحو يتم تحديده مسبقا وتحت رقابة دولية. 

اسرائيل ستكسب فقط 
مع شيء من الرؤيا يمكن أن تصبح هذه المبادرة السياسية بعد ذلك أساسا مهما للتقدم الى تسوية اقليمية يُحل في اطارها بعد ذلك الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. 
أقول من معرفتي الشخصية إن المنطق الذي يقود على نحو عام قيادة حماس السياسية الشرهة المقطوعة عن الواقع لن يفضي بالضرورة الى التسوية المطلوبة. لكن اذا صُرفت هذه المبادرة بحكمة فلن يكون لدولة اسرائيل ما تخسره بها بل ستكسب فقط. 
واذا رفضت حماس الخطة رفضا باتا واستمرت على المواجهة العسكرية فانه يجب على دولة اسرائيل أن تُظهر التصميم على المضي حتى احتلال كامل للقطاع واسقاط سلطة حماس. وهذا سيناريو لن يكون فيه منتصرون حقيقيون، ففي هذا القتال سيوجد مصابون كثيرون جدا من الطرفين، وفي نهايته سيسقط حكم حماس وتحتاج دولة اسرائيل الى أن تبقى هناك سنة أو سنتين كي تطهر المنطقة من عناصر الارهاب ومن البنى التحتية الارهابية الكثيرة التي بنيت فيها. 
اذا احتجنا الى ذلك فانه يحسن أن نبدأ التفكير الآن ايضا في سيناريوهات النهاية السياسية لهذه العملية. ويجب على اسرائيل لذلك أن تكف عن سلوك النعامة والغموض الاستراتيجي. عليها أن تحدد بشجاعة حدودها وعليها أن تضع خطة سلام صادقة تتساوق مع المصلحة الاساسية وهي نيل حدود معترف بها وثابتة والحفاظ على اسرائيل يهودية وديمقراطية. وكما يجب على اسرائيل أن تستعمل قبضة فولاذية لمواجهة الارهاب عليها أن تمد يدها الاخرى لتسوية سياسية. 
******************

التقارير والمقالات 
يديعوت – مقال - 22/7/2014 

نفس طويل 

بقلم: اليكس فيشمان 

(المضمون: عندما يدخل الجمهور الاسرائيلي والجمهور الفلسطيني الى مرحلة التآكل، لا يوجد اي سبب في العالم يجعل الجمهور الاسرائيلي هو الذي يكسر اولا – فالثمن الذي تدفعه غزة كل يوم أعلى الاف المرات - المصدر). 
كل حرب، وليس مهما كم تدربت لها – تجبي في الاوائل الاولى رسوم تعليم، ولا سيما من الجنود الذين هذه هي معركتهم الاولى. هذه ظاهرة كونية. وقد دفع الجيش الاسرائيلي في الايام الاربعة الاولى من القتال على الارض في غزة رسوم تعليم باهظة جدا. كلما كان الجندي أكثر تجربة وخبرة، فان انتقاله من ميدان التدريب الى ميدان المعركة يكون أسرع. هذا صحيح للقادة وللجنود البسطاء على حد سواء. وكلما مر الوقت – يفترض بكمية الخسائر أن تنخفض. والجيش الاسرائيلي على ما يبدو لا يزال في مرحلة دراسة ميدان المعركة في قطاع غزة. 
بين القتلى والجرحى يبرز عدد الضباط في مستويات عالية جدا، حيث يدور الحديث عن مستوى ميداني للكتائب والالوية. هؤلاء الضباط هم العمود الفقري لالوية سلاح المشاة. الالم فظيع وكبير، ولكن هذا هو القول الاشد بالنسبة للقوة المقاتلة: القادة في المقدمة. لم يعد هناك قادة يقودون الجنود بينما يجلسون في الجبهة الداخلية امام الشاشات. 
في غزة احصي حتى يوم امس نحو 550 قتيل، منهم 170 اعتبروا بيقين كمخربين – ولا يزال لم يتم اخراج كل الجثث من تحت الانقاض في الشجاعية. 43 في المئة من اراضي قطاع غزة، نحو النصف – اعتبرتها الامم المتحدة "مناطق نار" أي مناطق دعا الجيش الاسرائيلي السكان فيها الى هجرها قبل أن يطلق النار عليها. 2.300 مبنى سكني دمر تماما، وعدد النازحين في القطاع تجاوز عشرات الالاف منذ الان. وسمحت اسرائيل لوكالة الغوث باستخدام المدارس أو غيرها من المنشآت لاستيعاب اللاجئين، والوكالة من جهتها قدمت للجيش الاسرائيلي نقاط الاشارة الى هذه المباني ورفعت علم كبيرا للامم المتحدة كي لا يصاب بأذى السكان الذين يصلون الى المبنى. غير أن هذا ايضا ليس كافيا وعدد اللاجئين يتزايد. اضافة الى ذلك فان 1.2 مليون من اصل 1.8 مليون نسمة من سكان القطاع لا يتلقون الماء بشكل منتظم، وليس لهم قدرة وصول الى شبكات المجاري. 80 في المئة من سكان القطاع مربوطون بالكهرباء فقط على مدى أربع ساعات في اليوم، و 1.1 مليون نسمة في القطاع يعيشون فقط على الغذاء الذي يأتي من منظمات الاغاثة المختلفة. هكذا بحيث أن الان، عندما يدخل الجمهور الاسرائيلي والجمهور الفلسطيني الى مرحلة التآكل، لا يوجد اي سبب في العالم يجعل الجمهور الاسرائيلي هو الذي يكسر اولا – فالثمن الذي تدفعه غزة كل يوم أعلى الاف المرات. 
ثمة حاجة الى نفس طويل، على الاقل لبضعة أيام اخرى. اذا كانت جملة الطباخين الذين ينبشون في العصيدة السياسية لن ينجحوا في انتاج صيغة تؤدي الى وقف النار، سيقف الجيش امام عدة امكانيات. الاولى هي التمسك بالقاطع الذي تم الاستيلاء عليه والاستعداد لحرب تآكل، بكل آثارها – بما في ذلك فتح خطوط تموين، الدخول الى نمط الخط الفاصل، تغيير القوات وما شابه. فالجنود يوجدون في القتال منذ 96 ساعة متواصلة، والطبيعة تفعل فعلها. ومع ذلك، فان استبدال هذه القوات بقوات احتياط معناه اعادة بدء مرحلة رسوم التعليم، الامر الذي من المتوقع أن يكون اختبارا آخر للحصانة الوطنية لدى الجمهور الاسرائيلي. وهذا الاختبار سيتعاظم فقط اذا ما تقررت الامكانية الثانية، التي هي توسيع مناطق سيطرة الجيش الاسرائيلي في القطاع واستمرار الحركة بهدف جباية ثمن باهظ من حماس والضغط عليها للوصول الى تسوية سياسية. امكانية الخروج من طرف واحد لا تبدو معقولة في الظروف الحالية. 
في هذه الاثناء يوجد أكثر من مؤشر على أن كل الاطراف تستعد منذ الان لليوم التالي لوقف النار. فالمصريون يتعرضون لضغط شديد لفتح معبر رفح في اطار الاقتراح لوقف النار الانساني الطويل – الاقتراح الذي سيحمله الامين العام بان كي مون الى القاهرة. ويرفض المصريون فتح المعبر خشية أن تستغل اسرائيل ذلك كي تلقي عليهم بملف اقتصاد غزة، ولهذا فهم يطالبون بتعهد في أن يبقى معبر كرم سالم مفتوحا. 
في اسرائيل ايضا يتحدثون منذ الان بتعابير مساعدة ابو مازن والسلطة الفلسطينية في مشروع اعادة بناء قطاع غزة في اليوم التالي لوقف النار. ينبغي الافتراض بان هذا المشروع سيكلف به في نهاية المطاف نائب رئيس الاركان اللواء غادي آيزنكوت او منسق اعمال الحكومة في المناطق اللواء يوآف (فولي) مردخاي، الامر الذي يدل على أن في اسرائيل يفكرون بحل سياسي في مركزه الفهم بان على ابو مازن ان يعود الى القطاع، على الاقل في كل ما يتعلق بالادارة المدنية. 
بالمقابل، فان الجدال الذي يثور حول ما يسمى هنا "قصور الانفاق" منقطع عن الواقع. فالمخابرات "الشاباك" المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية داخل القطاع، تتابع نشاط الانفاق منذ سنوات طويلة، وفي شعبة الاستخبارات "امان" ايضا وفي قيادة المنطقة الجنوبية تشكلت طواقم خاصة لهذا الموضوع. وبالنسبة لقسم من الانفاق كانت صورة كاملة، وبالنسبة لقسم أكبر كانت صورة جزئية، ولكن الموضوع عولج كل الوقت. القوات التي دخلت الميدان كانت تعرف اين يبدأ النفق، ولكن لم تعرف دوما اين ينتهي. هنا كانت غير قليل من المفاجآت، بما في ذلك نفق وصل الى مدخل غرفة الطعام في احد الكيبوتسات. وعليه فان الانشغال المركزي للقوات في المناطق الفاصلة في غزة هو لحماية رجال الهندسة الذين يعملون على العثور على مسارات الانفاق وتدميرها. اما حماس من جهتها فتبحث عن نقاط الضعف في القوات المدافعة وتهاجم بنار القناصة، الصواريخ المضادة للدبابات، آر.بي.جي والنار من الجحر. كما تجري هناك معارك هجومية من مسافات قصيرة. طالما ينشغل جنود الهندسة في تدمير الانفاق، توجد حاجة الى كميات كبيرة من القوات لحمايتهم – ما يولد احتكاكا أعلى واصابات. وهذه المهمة ايضا يفترض أن تنتهي في غضون يومين – ثلاثة ايام. وبالتوازي، يلتصق رجال المخابرات بقادة الالوية وينقلون في الزمن الحقيقي معلومات تكتيكية عن التهديدات في محور الحركة. 
ان المسؤولين عن معظم الاخطارات بهجوم المخربين عبر الانفاق هم رجال المخابرات، وذلك لان منظومات الرقابة لا تلاحظهم الا عندما يخرجون من الثغور. المخابرات تعاطي اخطارا طويلا كافيا يسمح للقوات بالاستعداد وانتظار المخربين – هكذا حصل في كرم سالم، في نتيف هعسرا، في صوفا، في كيسوفيم وفي نير عام أمس ايضا. وبالفعل، كان الجيش جاهزا لقاء المخربين أمس وقد صفوا من الجو وبنار مقاتلي "الناحل". والان توجد حاجة فقط للفحص كيف حصل أن قوة اخرى دخلت الى خط النار، رغم الاخطار، وقتل اربعة جنود. 
******************
هآرتس – مقال - 22/7/2014 

لا يستطيع الجيش الاسرائيلي أن يهزم حماس 

بقلم: سامي ميخائيلي 
أديب ورئيس جمعية حقوق المواطن في اسرائيل 


(المضمون: كل يوم يمر في هذه المعركة العبثية بين اسرائيل وحماس يُعرض اسرائيل لخطر القضاء على ديمقراطيتها وانسانيتها وسيطرة القوى الظلامية منها عليها - المصدر). 
كنت أستمع في يوم الجمعة للراديو فانتا­بني حزن مازجته دمعة. فقد أُجري لجندي عربي لقاء صحفي في طريقه من ميدان القتال الى بيته في الجليل لقضاء عطلة سبت قصيرة.
وقد أنشد نشيد المدح للعلم الاسرائيلي ولدولة اسرائيل واخلاص الجندي العربي للجيش الاسرائيلي.
وقال إن ابنه الشاب جندي ايضا ولم يحصل على عطلة فهو منغمس في القتال في غزة.
وقد أخذوا من ابنه الهاتف المحمول، ومنذ ذلك الحين لم تسمع أمه وأبوه الذي يُجرى معه اللقاء في الراديو، لم يسمعا كلمة منه.
وهذا واقع هاذٍ. وحصل حفيدي العزيز ايضا على عطلة سبت قصيرة. وهو يخدم الآن في سلاح البحرية قبالة ساحل غزة. وفي ايام القتال هذه كلها ضعفت أعصاب أمه وأبيه المظلي السابق وأعصابي أنا ايضا. وقد عاصرت بسبب سني المتقدمة عددا من حروب الانسانية السخيفة من حرب اسبانيا الى عملية الجرف الصامد. 
حكمت على نفسي بالصمت منذ الثامن من حزيران 2014 لأنني كنت في شلل بسبب الاهتمام بحفيدي. وأنا أنقض هذا الصمت لا بسبب الجندي العربي الاسرائيلي الذي يهتم بابنه الجندي ولا قلقا على حفيدي بل من خوف على مصير اسرائيل بعد هذه الحرب. في نهاية الاسبوع احتل جيش باروخ مرزيل مركز الكرمل في حيفا، وهذا ما فعله ايضا حينما هيّج شوارع العفولة وهذا ما فعله أشباهه حينما هجموا على متظاهرين يطلبون السلام في تل ابيب. يرى كثيرون أن باروخ مرزيل بطل شمشوني، أما الجندي العربي الاسرائيلي من الجليل ومعه عرب ويهود يدعون الى وقف القتال فيعتبرون خونة. ولم يُخضع الجيش الاسرائيلي الى الآن بلدة ما في غزة، لكن باروخ مرزيل مستعينا بالجرف الصامد والجو الحماسي الذي سبقها، ينجح في تخويف مدن في اسرائيل. 
تعلمني تجربتي أن الحرب – كل حرب – مرض. وكما لا توجد أمراض مقدسة لا توجد حروب مقدسة ايضا. إن سلطة بنيامين نتنياهو المضعضعة والشقاق بينه وبين شركائه من اليمين أحدثا هذا الهياج الحربي. ورفض نتنياهو للمسيرة السلمية عزل اسرائيل في الساحة الدولية. وقد رأيت أول بذور الحرب في العرض المخيف والتمثيلية المثيرة للقشعريرة للرد على الاختطاف والقتل الفظيع للفتية الثلاثة في الضفة. ويبدو أن جنرالي سيمو نتنياهو لم يدع أي وزير أو صاحب منصب آخر يجري لقاءات صحفية مع وسائل الاعلام مدة اربعة ايام. وقد سمع صوته عاليا وهو صوت مشحون بالقدَر. وصوت طبول وأعلام تُعد القلوب للنار وأعمدة الدخان. 
ستكون نتائج الحرب اذا استمرت كارثية لاسرائيل. إن باروخ مرزيل لم يفصل الملابس العسكرية بعد لسراياه لكن تهديده المظلم قد يتحقق اذا واصل بنيامين نتنياهو نهجه الذي كان في بدايته جزءً من موجة تحريض أفضت الى قتل رابين. وقد أضاعت هذه الحرب منذ زمن طريقها. زعموا لنا في البداية أنه يجب أن يعاقب منفذو قتل الفتية الثلاثة في الضفة عقابا شديدا. وقيل لنا بعد ذلك إنه ينبغي انهاء اطلاق الصواريخ من غزة. وبرغم أن مطر الصواريخ أصبح طوفانا فقد أصبح ثانويا في نظر قادة الحرب الكبار، وأصبحت الانفاق اليوم هي الهدف الرئيس. إن شعبا كاملا يُقاد في غفلة من مرحلة الى مرحلة. 
وفي هذا الوقت تسحق قيم اسرائيل الانسانية والليبرالية تحت أقدام كتائب باروخ مرزيل وأشباهه.
ويكشف عدد القتلى في الجانب الآخر عن ميل مريض في المجتمع الاسرائيلي الى الانتقام. وقد اصبح أكثر من مليون ونصف مليون مواطن عربي اجانب بل مريبين في داخل اسرائيل.
وديس صوت الحكمة. وتُصب عليه جامات التنديد والشتم والعنف. ويعلم الجميع أن الجيش الاسرائيلي لم يعد قادرا منذ زمن على أن يهزم حماس، فالخسائر باهظة هنا وهناك والعدوان يستمر بعضهما على سفك دم بعض. وفي كل يوم تستمر الحرب فيه قد تهزم اسرائيل باعتبارها دولة ديمقراطية ويفضي الى بروز سلطة كتائب وعقداء على اختلافهم. 

******************
هآرتس- مقال - 22/7/2014 

القاهرة لم تكن بعيدة عن غزة أكثر مما هي اليوم 

بقلم: تسفي برئيل 

(المضمون: تجري المفاوضات في مسارين، واحد يتعلق بمصالح مصر حيال حماس والاخر يأتي لارضاء الطرف الاسرائيلي - المصدر). 
"أرفع قبعتي أمام اسرائيل... وأقول للجيش، للشعب وللقيادة الاسرائيلية – أنتم رجال". هكذا تحمس توفيق عكاشة، المحرر الرئيس لصاحب محطة التلفزيون المصري "الفراعين". وصحيح انه يوجد لعكاشة حساب شخصي طويل مع الاخوان المسلمين الذين اغلقوا محطته في عهد حكمهم، ولكن مثل هذه الاقوال لم تصدر علنا في مصر منذ أجيال. 
لا شك أن الخطاب الرسمي والعام في مصر اقرب لاسرائيل منه حماس، والقاهرة أقرب الى القمر مما هي الى حي الشجاعية في غزة، ولكن من السابق لاوانه الفرح على تغيير الخطاب الذي يملى من فوق. مثل هذا الخطاب يمكنه أن ينقلب رأسا على عقب في لحظة واحدة. 
مصر غارقة منذ يوم أمس في حداد وطني يشغل بالها اكثر بكثير من تقتيل اكثر من 400 فلسطيني في غزة.
 فمقتل 22 جندي مصري قرب الحدود الغربية على ايدي عصابات ارهابية لم تتضح هويتها بعد دحرت النقاش العام في موضوع غزة. ولكن مصر تواصل التمسك بموقفها في انها هي فقط، وليس تركيا او قطر أو كلتاهما، تدير المفاوضات الدبلوماسية لوقف النار. وليست تركيا وقطر وحدهما وضعتا على بؤرة الاستهداف السياسي للرئيس السيسي. فواشنطن هي الاخرى تلقت منه سهما مباشرا عندما أوضح السيسي عشية وصول كيري الى القاهرة بانه لا يعتزم الوصول الى القمة الامريكية – الافريقية التي دعي اليها كي يلتقي الرئيس اوباما. 
الى هذه القمة، التي ستنعقد في 5 آب سيبعث السيسي برئيس الوزراء ابراهيم محلب ووزير الخارجية سامح شكري. وقد نشبت الضغينة بين القاهرة وواشنطن منذ زيارة وزير الخارجية جون كيري الى القاهرة في 22 حزيران، بعد أن ترددت الولايات المتحدة طويلا في منح السيسي الشرعية قبل الانتخابات. وقد تعاظمت عندما نشر السيسي اقتراحه لوقف النار دون أن يستشير الولايات المتحدة على الاطلاق، وأكثر من ذلك عندما تبين له بان الادارة الامريكية تؤيد المبادرة القطرية التركية. 
الحساب العسير للسيسي مع واشنطن، قطر وتركيا وان كان لا يجمد المساعي الدبلوماسية التي تتواصل بلا انقطاع. ولكنه يدفع بحماس الى زاوية غير معروفة تحرم فيها قيادة المنظمة من كل دعم عربي أو ايراني. وهو لا يدير اتصالات مباشرة مع الحكم المصري، ومتعلق الان بقدرة الاحداث القاسية في غزة على تحقيق انعطافة في الرأي العام العربي والدولي – الذي لا يسارع الى الحماسة. 
ان الحذاء الذي تضعه مصر على رقبة حماس يبدو ملموسا ايضا في النفي الجارف من جانب الناطقين الرسميين في مصر للنبأ الذي يقول ان مصر دعت قيادة حماس الى التفاوض وان حماس رفضت الدعوة. خالد مشعل، الذي يتواجد في قطر كان يفترض ان يلتقي امس بمحمود عباس، سيدعى الى مصر فقط اذا ما وافق على صيغة الاقتراح المصري أو على صيغة اخرى توافق عليها مصر. 
بالاساس، على مشعل أن يوافق على الرقابة المصرية الحصرية على تطبيق وقف النار، والتخلي عن مطلبه برقابة دولية وبالاساس أمريكية على فتح معبر رفح. وفي مصر يوضحون بان فتح معبر رفح، الذي فتح في هذه اللحظة امام عبور الجرحى فقط، سيتم بشكل يضمن الا يبدأ الاف الفلسطينيين باغراق مصر. 
باقي الشروط، مثل رفع الحصار، تحرير السجناء، السماح بدفع الرواتب لموظفي حماس عبر البنوك الفلسطينية، الاذن بالصيد والاذن لاقامة ميناء، هي شروط تتعلق باسرائيل – وليس لمصر في هذه اللحظة نية للحديث باسمها او لاقناعها للموافقة. وبالذات محمود عباس كفيل بان يطرح حلولا جزئية، هناك من يعتقد بانه سيوافق على تحرير رجال حماس المحبوسين في السجون الفلسطينية واقناع اسرائيل بالسماح له بدفع الرواتب. 
وبالتالي، اضطرت المفاوضات الدبلوماسية الى ان تدار في مسارين متوازيين: واحد هو بين مصر وحماس في المواضيع المتعلقة بمصالح مصر، اما الثاني فيأتي لارضاء اسرائيل. ونقطة الاتصال بينهما توجد في مسألة معبر رفح والتي تنسق فيها حاليا اسرائيل ومصر، بينما تعتبر حماس كمن يفترض أن تقبل ما يتفق عليه بين الدولتين. 
لقد أثبتت حماس في الماضي، سواء حيال اسرائيل في اتفاق التهدئة من العام 2012 أم في اتفاق المصالحة مع مصر، بانها عند الضائقة تعرف ايضا كيف تقدم التنازلات الضرورية كي تحافظ على بقائها. والسؤال هو كم من الوقت سينتظر خالد مشعل الى أن يقترح صيغة معدلة للاقتراح المصري، صيغة يمكنها أن تقبل من اسرائيل ومصر وتعرض حماس كمن صاغت "الاقتراح المظفر". 

************

هآرتس – مقال - 22/7/2014 

في مكان لا ناس فيه 

بقلم: يوسي سريد 

(المضمون: خمس نساء اسرائيليات شجاعات يعارضن التيار الرئيس الاسرائيلي المحرض والمهيج والداعي الى الانتقام بشعورهن بالعار والخزي لما تقترفه اسرائيل والشعب الاسرائيلي من أفعال - المصدر). 
هذه مقالة شكر غير عادية. فالمقالة تشكر أورنا بناي وشيرا غيفن وغيلا ألمغور واحينوعم نيني وميرا عواد – وهن خمس نسوة شجاعات تواطيء قلوبهن ألسنتهن، وهن يصدقنن القول. وقد كن نسوة في مكان لا ناس فيه. ونحن نشكر ايضا نساء ورجال آخرين – أخيار ليسوا كثيرين – تخلوا عن حق الصمت وأدوا واجبهم للدولة والمجتمع. فاذا نسيتهم الآن فلن ينساهم التاريخ الذي يتذكر برغم سنه الكبيرة جدا. 
أعلم من تجربتي أنهن يشعرن الآن بأنهن متروكات – وحدهن تماما – ولا يشعرن بأنهن مسكينات. فهن واثقات بأنفسهن لكن عزلتهن يجب أن تضايقنا. إن كل من يحجمون عن التعبير عن آرائهم من المؤكد أنهم سيحجمون عن تأييد رأيهن. ألم تؤثر فينا دائما "نساء ذوات عِلم"؟ وكيف حدث أن أصبحن فجأة ساحرات، يخرجون لصيدهن هن خاصة. 
هل نيني وغيفن وعواد وبناي وألمغور أقل حبا لاولاد سدروت وزيكيم؟ وهل هن أقل قلقا على الجنود مهما كانوا؟ وهل ميري ريغف أكثر حبا واهتماما لهم؟ يقولون إنه يوجد حب وتكافل في الحرب فما هو بالضبط ذلك الحب؟ أما الكراهية في مقابله فهي أوضح كثيرا وهي تفسر نفسها بصوت جهير. 
كنت أتوقع أن تخرج امرأة واحدة اخرى اسمها ليمور لفنات التي تم الاتفاق أنها وزيرة الثقافة ايضا – ووزيرتهن – أن تخرج للدفاع عنهن. ولا يجب عليها أن توافق على كل كلمة، لكن يجب عليها أن تحمي حقهن وواجبهن أن يقلنها؛ لكن ما علاقة وزيرة الثقافة بثقافة الحوار. وكان يمكن أن نتوقع من وزير التربية شاي بيرون ايضا أن يبدي رأيا مناسبا لكنه يملأ فمه بالحديث عن "اسرائيل التي تنتقل الى صف أعلى" وعن "تعليم مهم". وهكذا يتحول "صه إنهم يطلقون النار" الى "صه إنهم يعلمون" ويعلمن. 
إن كل واحدة من الخمس تنبأت باسلوبها. ومع ذلك يوجد بين كلامهن جامع مشترك، فهن في لحظة ما خجلن من اسرائيليتهن، كلهن معا وكل واحدة على حدة في الأساس. فقد خجلت إحداهن حينما بدأت روح الانتقام تغطي هذا البلد وتخيفه؛ وخجلت الاخرى حينما قُتل اربعة اولاد كانوا يلعبون على الشاطيء في غزة؛ وخجلت ثالثة حينما ضرب زعران متظاهرين ضربا شديدا وكان رجال الشرطة يقفون متنحين كما كانت الحال في اعمال تنكيل سيئة الذكر؛ وخجلت الاخيرة حينما قُتل بدو وجرحوا مثل مواطنين شفافين غير معترف بهم في "مناطق مفتوحة". فهل أعوزتنا في المدة الاخيرة فرص للخجل؟. 
إنني أنا ايضا امتلأت خجلا حينما سمعت في هذا الاسبوع لواءً في الخدمة الاحتياطية أو لواءً بقرش يدعو في التلفاز الى محو حي كثير السكان من فوق الارض؛ وخجلت ايضا أن رأيت في منتدى في القناة الثانية مجرم حرب سابق قد دُعي لتقديم المشورة في الحرب الحالية؛ وخجلت أيضا لأنني دسست أنفي فيما كُتب في صحيفة الدولة وهو أن ابن رئيس وزراء سابق، وهو طراز من البشر مريب في حد ذاته، أوصى "بتسوية الحي كله بالارض". "لا ننزع البراغيث عن كلب إلا بغمس الكلب كله في المادة المطهرة"، نبح ذلك الكاتب مثل كلب ضال يسيل لعابه. 
الشكر لكن أيتها الصديقات لأنكن لا تخفن. فمن الواضح "أنهم يخافون" ولولا ذلك لما انقضوا عليكن بغضب شديد. فالخوف يتكلم من حناجرهم وهم غير متأكدين من عدالتهم. 
الشكر لكن لأنكن تُصررن على رأيكن، ولا تندمن ولا تعتذرن، وترفضن الاستسلام لحماس وللغوغاء المحليين. 
إنهم لا يهددون فقط حياتكن وحياة أبناء عائلاتكن، بل يحاولون ايضا العدوان على مصدر عيشكن. لكنكن برهنتن من قبل أكثر من مرة على أن غضبكن أقوى وأهم من مقاعدكن. قرأت أمس في صحيفة "اسرائيل اليوم" أن شركة "مينو للملاحة" – وتوجد شركة كهذه – قد استقر رأيها على التخلي عن أورنا بناي وعن خدماتها وعروضها. فرجال الاعمال في البحر هم أول من يلاحظون اتجاه الرياح السيء، فتتجه سفنهم الضعيفة الى مياه ضحلة وهم يتبولون خشية الجمهور. 
تفحصوا أنفسكم وقولوا: ألم تشعروا قط شعور الخجل بما تقترفه أيدينا أو بالنشيد الذي نقوله؟ اذا كان الامر كذلك فربما هذه هي اللحظة. 

************

معاريف – مقال - 22/7/2014 

القنبلة القطرية 

بقلم: ايلي أفيدار 

(المضمون: اذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تسترجع مكانتها في المنطقة فان الخطوة الاولى يجب أن تكون حل المشكلة القطرية. لقد حان الوقت لوضع عقود النفط والغاز جانبا (للقاعدة العسكرية توجد بدائل). القنبلة القطرية يجب تفكيكها الان - المصدر). 
في ظل الانباء القاسية أول أمس وقعت حادثة دبلوماسية على نحو ظاهر: بالذات عندما وصل ابو مازن والامين العام بان كي مون الى الدوحة للعمل على وقف النار، قال مصدر قطري كبير لوكالة "رويترز" ان الامارة "لن تمارس الضغط على حماس" كي تلطف حدة مطالبها وتوافق على وقف النار. هذا التصريح، الذي اوضح عدم اهتمام قطر بوقف القتال كان مجرد تعبير آخر على المكانة الجديدة للامارة كأحدى الجهات المتطرفة والاستفزازية في الشرق الاوسط. 
قطر هي اليوم محرك عدم الاستقرار الاقليمي، سواء من خلال الملايين التي تسكبها على مجموعات متطرفة ام ببث "الجزيرة". والازمة المالية، التي تدفع فيها قطر حماس الى تعميق القتال هي مجرد طرف الجبل الجليدي. من كانت ذات مرة دولة معتدلة وجهتها نحو الغرب، اصبحت بقيادة الامير تميم بن حمد آل ثاني قنبلة موقوتة. آل ثاني الذي صعد الى الحكم قبل سنة فقط، هجر سياسة التوازنات التي انتهجها أبوه، وباسم الاسلام يستثمر مال الامارة الهائل في تنمية محافل تسعى الى اشعال الشرق الاوسط كله. واذا ما حاكمنا الامور حسب أحداث الاسابيع الاخيرة، فان خطته تتقدم على نحو جيد. 
بوليصة تأمين أمريكية 
على خلفية القتال في غزة يبدأون في اسرائيل بالاستيقاظ على التحدي القطري. أما في الادارة الامريكية بالمقابل فلا يزالون نائمين. ادارة اوباما تعمل منذ سنين في خلاف مع دينامية الشرق الاوسط. تراهن على اللاعبين غير الصحيحين. تخون حلفائها، تترك لمصيرهم محمييها وتحمي المحافل الهدامة. قطر، كما ينبغي الفهم، هي مرعية وربيبة أمريكا. ومن خلف العلاقة الغريبة تقف، مثلما هو الحال دوما، مصالح اقتصادية وعسكرية خاصة. 
ان تاريخ الفصل الحالي في علاقات الولايات المتحدة – قطر بدأ في 1955 عندما أطاح الامير حمد بن خليفة آل ثاني بأبيه واستولى على الحكم في الامارة. بن خليفة، الذي خاف من ثورة مضادة بدعم من السعودية وباقي دول الخليج، سارع الى الاذرع الامريكية، أعلن لهم الولاء التام ولم يمتنع عن الطرفين المتطرفين: قد أقام علاقات مع اسرائيل وسمح لنا باقامة ممثلية في الدوحة العاصمة، ومول اقامة القاعدة الامريكية العوديد، غربي الدوحة، بمبلغ خيالي يصل الى 2 مليار دولار (هذه هي القاعدة الامريكية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة والتي لم يمول الامريكيون اقامتها). 
لقد كان التواجد الامريكي ولا يزال بوليصة تأمين للحكم القطري ولضمان الا يغزو نطاقها جيرانها فيسقطوا حكمها. عند مراجعة السلوك القطري، ينبغي أن نتذكر بان كل يوم يبقى فيه الحكم في الدوحة هو بفضل واشنطن. 
الى جانب بوليصة التأمين العسكرية، اشترت قطر لنفسها سلاحا هجوميا خاصا في شكل شبكة "الجزيرة". وكانت "الجزيرة" خليطا من التطرف الديني، التآمر السياسي والمقاييس الصحفية الشرعية، ولا سيما بمستويات العالم العربي. ويكفي الاشارة الى أنه لغرض اقامة الشبكة اشترت قطر معظم عاملي الـ "بي.بي.سي" بالعربية، كي نفهم لماذا تعتبر "الجزيرة" هيئة اعلامية جدية في العديد من الدول الغربية. 
من لم تنطلي عليها هذه المناورة ابدا هي دول الخليج. وهي تمنع حتى اليوم شبكة الاخبار القطرية من فتح مكاتب لها في نطاقها. ومؤخرا، بدأت مصر ايضا تقيد عمل "الجزيرة" بل وحكم على صحفيين من الشبكة بالسجن. 
وبالتوازي مع إقامة "الجزيرة" وتوثيق التحالف العسكري مع الولايات المتحدة، منح الامير حمد بن خليفة الشركات الامريكية عقود تنمية واستخراج للنفط والغاز، رسخت الدعم الامريكي لنظامه. وفي عهد حمد عرفت قطر بفضل "سياسة التوازنات": العلاقات مع اسرائيل الى جانب دعم حماس؛ الرعاية الامريكية والعلاقات مع طالبان؛ عضوية في مجلس التعاون الخليجي الى جانب علاقات تقارب مع العدو رقم واحد – ايران. 
لقد جعل هذا النهج قطر احدى الدول الاكثر كرها لدى زعماء العرب. فمصر مبارك مقتت القيادة القطرية، وسوريا الاسد الاب ايدت محاولة الانقلاب لمؤيدي الامير المخلوع. وكانت "الجزيرة" ولا تزال الداعمية الاكثر حماسة لحركة الاخوان المسلمين في مصر وليس صدفة ان الداعية المتطرف في العالم السني، يوسف القرضاوي، يتواجد في قطر منذ الستينيات. وسنعود لاحقا للقرضاوي. 
لقد ساعد الدعم القطري للجهات والانظمة المتطرفة للعالم الاسلامي النظام لتسويغ علاقاته الوثيقة مع الغرب في نظر الجماهير العربية. والا كيف يمكن شرح حقيقة أن مصر تهاجم في كل يوم على علاقتها المركبة مع واشنطن، بينما في قطر يتجول الجنود الامريكيون ومن اراضيها اديرت حرب الخليج – ناهيك على المليارات من المال الاسلامي الذي سكب على شراء المونديال وعلى فرق كرة قدم اوروبية – ومع ذلك فان القاهرة هي التي تعتبر العميلة وليس الدوحة. 
غير أنه قبل سنة صعد الى الحكم تميم بن حمد آل ثاني ووضع حدا للتوازنات. من الان فصاعدا الاتجاه القطري كان واحدا ووحيدا. 

لا معنى للتوازنات 
خلافا لابيه، فان تميم بن حمد آل ثاني هو مسلم متزمت. ويصفه عارفوه انفسهم بانه متطرف. وكان قضى صباه في حملات في ارجاء افريقيا سعى فيها الى ادخال سكان القارة الوثنيين الى الاسلام. والمرجعية الروحانية المركزية في حياته هو الشيخ المتطرف القرضاوي. 
بتأثير القرضاوي، لا يرى آل ثاني الكثير من المعنى في التوازنات. فهو مؤيد متحمس للاخوان المسلمين، مؤيد متحمس لحماس، وهو مستعد لان يصطدم بمصر عندما تمنع هذه تحويل الاموال من قطار الى القطاع. وفي الايام التي كانت فيها ايران ايضا منقطعة الاتصال بحماس بسبب تأييد الأخيرة للمعارضة السورية، بقيت قطر هي الممولة الوحيدة لحماس، والتي تتواجد قيادتها في الدوحة. 
لا تستهدف المساعدة القطرية لغزة بناء البنى التحتية وأجهزة التعلم، بل لتمويل الاحتياجات الارهابية الصرفة. ومنذ الان تندم اسرائيل على ادخال كميات هائلة من الاسمنت الى القطاع كانت لها حاجة مزعومة لاعادة البناء وتنمية غزة، بينما استخدمت عمليا لتحصين الانفاق الهجومية الخاصة بحماس. كما ان قطر هي المصدر الاساس للرواتب ولميزانية مشتريات الذراع العسكري لحماس. 
كي نفهم كم دفعت قطر بمواقف حماس الى التطرف، يكفي ان نراجع سلوك المندوبة الايرانية في غزة – منظمة الجهاد الاسلامي. فالجهاد، التي اعتبرت ذات مرة منظمة متطرفة أكثر، اصبحت هي شبه الراشد المسؤول في غزة، التي تطرح مواقف اكثر برغماتية من حماس وتقبل الوساطة المصرية. وقرر رئيس الجهاد الاسلامي علنا بان على مصر أن تقود الجهد للوصول الى وقف النار. اما حماس، بالهام من قطر، فتعارض. 
من يسمح بهذا التطرف هي الولايات المتحدة. فقطر لا تزال متعلقة ببوليصة التأمين الامريكية. ولكن في واشنطن يجدون صعوبة في فهم التقلبات في الشرق الاوسط، بل وأكثر من ذلك يجدون صعوبة في الرد عليها كما ينبغي وفي الوقت المناسب. والنتيجة هي التآكل المستمر في المكانة الامريكية في المنطقة. 
لقد كشف مصدر مصري النقاب أول أمس عن أن وزير الخارجية الامريكي جون كيري ألغى زيارة اخرى كان سيجريها الى القاهرة واشار الى أن هذه هي المرة الاولى في غضون أقل من اسبوع يؤجل فيها كيري زيارة مخطط لها في اللحظة الاخيرة. امريكا، التي فقدت المرساة المصرية، سعت لان تكون ذات صلة في الازمة الحالية، ولكن احدا غير حماس لا يحتاج خدماتها. ووقف النار يوجد في الملعب المصري، وليس في الدوحة أو في أنقرة. ويبدو في هذه الاثناء أن السيسي غير معني بدور امريكي في الازمة، حتى وان كان كيري في النهاية سيصل الى المنطقة. ويمكن ان نرى في ذلك جزء من مسيرة اعادة تربية يجريها لواشنطن منذ أن اطاح بمرسي. 
اذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تسترجع مكانتها في المنطقة فان الخطوة الاولى يجب أن تكون حل المشكلة القطرية. لقد حان الوقت لوضع عقود النفط والغاز جانبا (للقاعدة العسكرية توجد بدائل). قطر ليست الامارة اللطيفة التي اشترت باريس سان جيرمان أو قميص برشلونا، بل عاصمة ارهاب وتآمر. الدوحة هي المحرك خلف الهجمات على الحلفاء الحقيقيين للولايات المتحدة في المنطقة. 
السعودية، الكويت، اتحاد الامارات والبحرين أعلنت منذ الان عن قطر كدولة تعرض أمنها للخطر. ويدعي المطلعون من الخليج بانه لن يبعد اليوم الذي تفقد فيه السعودية صبرها وتبعث الى قطر بلواء من الجنود مثلما فعلت مع البحرين، رغم احتجاجات واشنطن. في حينه ستقف الولايات المتحدة امام معضلة حقيقية، ولكن هذا قد يكون متأخرا. القنبلة القطرية يجب تفكيكها الان. 

***************
هآرتس – مقال - 22/7/2014 

لماذا يُقتل جنود الجيش الاسرائيلي؟ 

بقلم: إيال عوفر 

(المضمون: يجب على اسرائيل أن تنهي ما يخدم مصالحها في غزة وأن تخرج دون أن تخدم مصالح مصر أو السلطة الفلسطينية - المصدر). 
ضرب المحلل المصري الطاولة بحذائه ونعت الاسرائيليين بأنهم "أبطال" لأننا نضرب حماس. وفي ذلك ما يفرح جدا بادي الرأي – فها هو ذا العالم العربي يعترف بـ "عدالتنا" آخر الامر. لكن لا يجوز لنا أن نُبلبل، ففي تاريخ الشرق الاوسط ما لا يحصى من الصراعات من حرب ايران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي الى صراع الاسد الحالي مع داعش – وهي صراعات يتمنى فيها كبار قادة استخباراتنا "نجاح الطرفين". إن مصر في هذه المرة هي التي تنظر متنحية واسرائيل وحماس تضرب احداهما الاخرى، وتتكلفان الاضرار الاقتصادية والعسكرية، وتخسران حياة ناس – ومصر هي التي تربح من هذا الصراع الذي لا حل له. 
"لا توجد حرب أكثر من هذه عدلا"، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومن السهل أن نوافقه على ذلك حينما تسقط الصواريخ في الوسط وتُحفر الانفاق الى قرب غرفة الطعام في الكيبوتسات الحدودية. لكن السؤال هو من يربح ايضا من هذه الحرب وتخدم مصالح من. وللاجابة عن هذا السؤال يجب أن نعود الى سنة 2005 وهي السنة التي انفصلت فيها اسرائيل عن غزة بادي الرأي. كيف حدث أننا ما زلنا غارقين في الرمل الغزي بعد "الانفصال" بتسع سنوات وبعد "غزة وأريحا أولا" بعشرين سنة؟. 
يتناول كثيرون الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وكأنه دين له مصورون يطلبون ضحايا من البشر. وقد حاول وزير خارجية امريكي أو رئيس حكومة اوروبي أكثر من مرة أن يحدثونا كيف ستُحل مشكلاتنا بمثل هذا الاعتقاد الوثني. وعندنا ايضا باللغة العبرية نفوس خيرة تنتقل من منتدى الى منتدى تدعو الى اعتقادها: "باتفاق فقط – وباعادة حكم أبو مازن لغزة فقط ستهدأ هذه البلاد اربعين سنة". وينشيء لنا اصحاب مصالح أكثر احكاما نسيجا شرق اوسطي كاملا يجب على اسرائيل فيه أن تهتم بمصالح مصر والسلطة الفلسطينية وغيرهما باعتبار ذلك شرطا ضروريا لـ "حل" المشكلة الغزية. وقد ذكرنا وزير الخارجية المصري هذا الصباح بقوله: "مصر وحدها هي التي تحدد كيف سيفتح معبر رفح". 
فهل يمكن أن تكون المصلحة المصرية المتعلقة بهذا المعبر في مركز النيران التي نتلقاها من غزة منذ كان الانفصال؟. 
حينما اخترق مليون غزي في بداية 2008 السياج الحدودي في رفح وخرجوا في حملة شراء واسعة في سيناء، كان ذلك أول تحقيق لطموحهم الى الحرية وهذا هو كابوس مصر الأكبر. كانت المصلحة المصرية منذ أيام اتفاق السلام في 1979 أن تدع غزة للاسرائيليين بصفتها مشكلة مرتبطة بالضفة وبدولة اسرائيل لا بمصر. 
حان الوقت لتدرك اسرائيل أنه في العقدة التي تسمى الشرق الاوسط لا توجد حلول سهلة، وأن المسارات التاريخية قد تستغرق مئات السنين الاخرى قبل احراز استقرار. ويمكن أن تُعرف المصلحة الاسرائيلية في غزة تعريفا بسيطا جدا فهي: 1- الهدوء الامني و2- تجريد غزة من الصواريخ (التي هُربت اليها عن طريق مصر في العقد الاخير) و3- فصل مسؤوليتنا المدنية/ الاقتصادية عن غزة. وتستطيع اسرائيل أن تنال هذه الاهداف بسلوك مُركز يُبين للمصريين أنهم يتحملون وحدهم فقط المسؤولية السيادية عن منع التهريب من سيناء. ولا يجوز أن ندع مصر تتهرب من هذه المسؤولية وأن تلقيها على اسرائيل أو على "قوات أبو مازن في معبر رفح". 
من سيحكم غزة؟ الحقيقة أن ذلك ليس من شأننا، فتجربة الماضي في لبنان والتجربة العراقية في العراق ايضا تبرهنان على أنه ليست لجهة خارجية سلطة اخلاقية أو قدرة سياسية على فرض سلطة على سكان يبلغون ملايين. وحينما نرسل أبناءنا ليقتلوا ويُقتلوا في غزة – فانه يوجد تسويغ واحد فقط يمكن أن نعمل به هو المصلحة الاسرائيلية وحقنا في العيش في سكينة. وإن العلاقات بين غزة ومصر أو دور أبو مازن في غزة لا يمكن أن يكونا السبب الذي يجعل أما عبرية ترسل أبناءها الى ميدان القتال. وليست علاقات اسرائيل الاقتصادية بمصر أو أرباح شركات الطاقة الاسرائيلية من التصدير الى غزة ومصر، ليست ذريعة الى استمرار الغرق في رمال غزة. ينبغي أن ننهي ونخرج وألا نعمل لأجل آخَر
************

المقتطف


الخبر الرئيس – الجرف الصامد – هآرتس: 
موجة تسلل من أنفاق الارهاب: عدد الجنود القتلى منذ بداية الحملة ارتفع الى 25 – في قطاع غزة: 505 قتلى 
موجة محاولات تسلل قامت بها حماس من خلال الانفاق الهجومية الى الاراضي الاسرائيلية: فقد قتل أمس ضابط في الجيش الاسرائيلي وثلاثة جنود في اشتباك مع اكثر من عشرة مخربين تسللوا من نفق بين كيبوتس نير عام وسديروت. وقتل المخربون العشرة في الاشتباك. وفي ساعات المساء اعلنت حالة تأهب عالية في منطقة سديروت وطلب من سكان الكيبوتسات المجاورة البقاء في منازلهم. وبالاجمال قتل أمس سبعة جنود ونحو 120 فلسطينيا. 
ي الجيش الاسرائيلي يقدرون بان الضغط الشديد الذي يمارس على الانفاق ميدانيا في القطاع يدفع حماس لبذل الجهود للقيام بالعمليات عبر الانفاق المتبقية. وفي الجيش يعترفون بان المعلومات الاستخبارية عن الانفاق الهجومية ليست كاملة. وحتى الان كشف 13 نفق داخل القطاع قسمها الشرقي يمر من تحت الحدود مع اسرائيل، وأكثر من نصفها فجرت ودمرت. 
واعترف قائد المنطقة الجنوبية سامي ترجمان أمس بانه "لا توجد قبة حديدية لتهديد الانفاق" وانه حتى اليوم لم يتبلور حل عملياتي وتكنولوجي كامل لهذه المشكلة. 
هذا وتستأنف المسائل الدولية لوقف القتال اليوم، مع وصول الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الامريكي جون كيري. وسيلتقي الاثنان في القاهرة وبعد ذلك سيأتي بان الى اسرائيل ويلتقي برئيس الوزراء ووزير الدفاع. وسيعود الطرفان الى البحث في الاقتراح في الاعلام عن وقف نار انساني على أمل أن يكون ممكنا التقدم لاحقا نحو وقف نار كامل وفقا للمبادرة المصرية. 
* * * * 
يديعوت – من ايتمار آيخنر وآخرين: 
الجيش الاسرائيلي: لا للتوقف الآن 

يدعو مسؤولون كبار في الجيش الاسرائيلي القيادة السياسية عدم وقف حملة "الجرف الصامد" الان. 
تصل الاتصالات الدبلوماسية لوقف النار بمبادرة وزير الخارجية جون كيري والامين العام بان كي مون الى ذروتها. فالادارة الامريكية تضغط على اسرائيل للوصول الى وقف للنار على أساس تفاهمات "عمود السحاب"، ولكن في اسرائيل يصرون على تسويف الوقت من أجل اكمال العملية لتدمير الانفاق. ثلاثة وزراء في المجلس الوزاري على الاقل يعارضون وقف الحملة في هذا الوقت ويعتقدون بانه يجب مواصلتها بل وتعميقها. 
في ضوء رفض حماس قبول المبادرة المصرية يبلور الامين العام للامم المتحدة اقتراحا بديلا هو الاعلان عن وقف نار على مرحلتين: وقف نار انساني لـ 48 ساعة، يصبح لاحقا وقف نار عام. اضافة الى ذلك تحصل حماس على عدة "سكاكر" اخرى – مثل التعهد بمساعدات مالية دولية – وكذا ايضاحات بشأن ما ستحصل عليه في الاتفاق النهائي. كما تتعاظم الاحتمالات في أن يتفق في كل تسوية على أن تحصل السلطة الفلسطينية على السيطرة على معبر رفح. وقد التقى ابو مازن امس في قطر مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وبحث معه المبادرة الجديدة. 
وأفادت شبكة "الميادين" بانه يوجد توافق أولي على وقف النار في غزة. وحسب التقرير، سيكون هذا هدنة انسانية بعيدة المدى تتضمن بندا لرفع الحصار عن غزة ولكن دون تحديد موعد محدد لفتح المعابر. اما مسألة محرري صفقة شاليط فتنقل الى عناية مصر. 
ويقدر مسؤولون كبار في اسرائيل بانه اذا وافقت حماس على المبادرة، سيكون ممكنا الاعلان عن وقف النار ابتداء من الغد أو بعد غد. ويقول مسؤولون في اسرائيل ان الريح التي تهب من جهة رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع يعلون هي الوصول الى وقف للنار وعدم الوصول الى احتلال القطاع. ويتحدث مسؤولون في اسرائيل منذ الان عن أنه "يمكن وقف الحملة حتى لو لم نصفي كل الانفاق حتى آخرها". ومع ذلك في اسرائيل يوجد تخوف من ضغط متصاعد من جانب الولايات المتحدة لقبول الشروط لوقف النار، دون ضمانات تضمن تجريد القطاع لاحق. ومع ذلك ثلاثة وزراء في المجلس الوزاري على الاقل – ليبرمان، بينيت واردان – يعارضون وقف الحملة في هذا الوقت ويعتقدون بانه يجب مواصلتها بل وتعميقها. 
* * * * 

هآرتس – من براك ربيد وآخرين: 
يعلون: اسرائيل تريد لقوات عباس أن ترابط في المعابر كجزء من وقف النار 

صرح وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون أمس في نقاش في لجنة الخارجية والامن بان اسرائيل تريد أن ترابط قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في معابر الحدود في غزة، مع التشديد على الجانب المصري من معبر رفح. وذلك كجزء من كل اتفاق لوقف النار ينهي حملة "الجرف الصامد". 
والى جانب ذلك، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو امس بان الحملة ستتسع حتى تحقيق اهدافها. وقال: "الجيش الاسرائيلي يتقدم في الميدان حسب الخطط، والحملة ستتسع حتى يتحقق الهدف – إعادة الهدوء لمواطني اسرائيل لفترة طويلة"، قال نتنياهو واضاف: "الانجازات على الارض واضحة. وأنا معجب بالعملية لضرب الانفاق، فهي تحقق نتائج تتجاوز توقعاتنا". 
وأفاد نواب شاركوا في المناقشات بان ضابطا كبيرا في شعبة الاستخبارات أطلع لجنة الخارجية والامن بعد يعلون على أن حماس مستعدة لقبول عودة قوات عباس الى المعابر. 
كما أشار يعلون في الجلسة الى أن اسرائيل منفتحة على اقتراحات مختلفة لحل مسألة تحويل الاموال من جهات مختلفة الى غزة لغرض دفع رواتب موظفي الحكومة. وحسب تقديرات شعبة الاستخبارات فان ازمة الرواتب كانت أحد العوامل التي دفعت حماس لتصعيد المواجهة مع اسرائيل لصد الانتقاد الداخلي في غزة. 

* * * * 

معاريف – من ياسر عقبي وآخرين: 
ليبرمان يدعو الى مقاطعة المحلات التي شاركت في اضراب العرب – فأثار عاصفة سياسية 

نشبت عاصفة في الساحة السياسية في أعقاب دعوة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان لمقاطعة المحلات التجارية العربية الاسرائيلية التي شاركت أمس في الاضراب التجاري والذي نظم بسبب "المذبحة في الشجاعية". 
وبعد ساعات من نشر بيان لجنة المتابعة العربية كتب وزير الخارجية ليبرمان في صفحته على الفيسبوك يدعو الى عدم الشراء من المحلات التجارية في الوسط العربي التي تشارك في الاضراب العام تضامنا مع سكان غزة وضد حملة "الجرف الصامد". وقد لاقى تعقيب ليبرمان آلاف الاعجابات وردود فعل عاطفة. 
وردا على الانتقاد الذي اطلقه نواب عرب ويساريون قال النائب دافيد روتم من حزبه ان "دعوة نائب في اسرائيل للحداد في اعقاب "المذبحة في غزة" في الوقت الذي يضحي جنود الجيش الاسرائيلي بحياتهم في الحرب ضد الارهاب – هو مثال آخر على التطرف في المواقف وفي اعمال القيادة العربية في اسرائيل. ودعوة وزير الخارجية تأتي لازمة وطبيعية". 

* * * * 

معاريف – من يوفال بغنو: 

مبادرة اخرى لوزير الخارجية – فحص امكانية منع بث "الجزيرة" في اسرائيل 

أعلن وزير الخارجية افيغدور ليبرمان أمس عن أنه يدرس امكانية منع بث شبكة تلفزيون "الجزيرة" من اسرائيل. وتبث الشبكة لكل العالم العربي والمحيط وممولوها يوجدون في قطر التي هي الممول الاساس لحماس في السنوات الاخيرة. والشبكة معروفة بالتغطية المناهضة لاسرائيل على نحو واضح. 
في لقاء أجراه ليبرمان مساء أمس مع وزير خارجية رواندا قال: "ان شبكة "الجزيرة" هي العمود الفقري المركزي في منظومة الدعاية والاعلام لحماس. وقد هجرت حتى المظهر السطحي لوسيلة اعلام مصداقة وهي تبث تحريضا مناهضا لاسرائيل، الأكاذيب وتهيج وتشجع الارهابيين. وقد بدأنا منذ الان فحصا لنشاط ومكانة "الجزيرة" انطلاقا من النية لعدم السماح لها بعد اليوم العمل في اسرائيل". 
وأضاف ان "في حالة "الجزيرة" هذه ليست مسألة اعلامية بل مسألة تتعلق بنشاط ذراع لمنظمة ارهابية تقاتل في هذه اللحظة ضد اسرائيل". 
وهاجم وزير الخارجية قطر بحدة قائلا: "لقد اصبحت قطر مشكلة عالمية. فهي تشكل العمود الفقري الاقتصادي لمجموعات الارهاب الاكثر تطرفا، وهي تمول ضمن آخرين حماس، وتقدم ملجأ لخالد مشعل".