28 مارس 2013

انفراد :"الشعب" تكشف رقم حساب به 15 مليار دولار أخفاها العقدة وعامر وصيام



انفراد: مصر تتسول 4.8 مليارات دولار ولديها 15 مليار دولار و450 مليون إسترلينى أخفاها العقدة وعامر وصيام بالبنك المركزى!!
بالمستندات.. مصرى غامض يكشف المبلغ من قطر و«الشعب» وشوكت والعقيد مصطفى يقدمون بلاغا إلى عبد المجيد محمود فيدفنه بمكتبه!!
البلاغ يتهم العقدة وعامر وسرى صيام بالاستيلاء على 4.5 مليارات دولار و450 مليون جنيه إسترلينى

وقائع هذه الكارثة المرعبة والتى عاشتها «الشعب» فى كل خطواتها وحققتها على مدار عامين بعد ثورة 25 يناير مباشرة تدور حول اغتصاب مجموعة من أكبر المسئولين المصريين من رجال الاقتصاد والقضاء مبلغ (4.5 مليارات دولار و450 مليون جنيه إسترلينى من إجمالى مبلغ 15 مليار دولار).. أموال قذرة تم تحويلها إلى مصر من قطر قبل الثورة مباشرة، وقد أخفاها تماما العقدة وطارق عامر وسرى صيام فى مقبرة البنك المركزى!!!
وهى أموال بقوة القانون تحت يدنا بالبنك المركزى ومدفونة فى دهاليزه وملك للحكومة المصرية بالحساب رقم 11003163287 والذى يدور حوله البلاغ رقم 7607 إلى عبد المجيد محمود فى 16/5/2011 والذى تم فيه التهديد العلنى وإرهاب مقدم البلاغ رغم أنه ضابط شرطة!!
وقد سبق أن قدمت «الشعب» إلى الدكتور مرسى العديد من الأفكار الاقتصادية الوطنية لإنقاذ مصر لكنهم فضلوا عليها الحلول الأمريكية والتى تتطابق تماما مع سياسة المخلوع مبارك.. ومع ذلك تقدم إليه «الشعب» اليوم هذه الأموال وتتساءل: ما مصيرها؟ ولماذا لم تستخدمها الدولة بدلا من اتجاهها إلى التسول والذل أمام أمريكا وبعثة صندوق النقد الدولى لسد عجز الموازنة الذى تجاوز مائتى مليار جنيه؟ ولماذا تصر حكومة قنديل على تطبيق سياسات المخلوع مبارك وهو ما يعترض عليه المصريون جميعا؟!!
وكانت «الشعب» ممثلة فى كاتب هذه السطور ليست شاهدة على كل وقائعها فحسب، بل كنا شريكا أساسيا فاعلا مع أبطال كشف هذه الجريمة فى كل خطواتهم.. كنا معهم نخطط ونفكر ونتحرك.. مع الصحفى البطل (صابر شوكت) مدير تحرير أخبار اليوم، الذى تعرض للموت مرارا فى سبيل مبادئه ودفاعه عن مصر فى الواقع والحقيقة بعيدا عن وهم وخرافة الفضائيات التى تصنع من الوهم والخرافة ومن تخريب مصر بطولة وأبطالا!!
ولن ينسى له التاريخ عمله البطولى فى كشف مافيا نخنوخ والحزب الوطنى وتهديده بالقتل ثم محاولة رشوته بعشرة ملايين جنيه، وسجل كل هذا بقرار النائب العام وهو ما نشرته «الشعب»، كما لن تنسى مصر العقيد «مصطفى محسن حسين» أحد أبرز رجال الشرطة الشرفاء وصاحب الدور الكبير هنا، والذى فقد أصابعه من قبل فى إحدى العمليات الوطنية.
اليوم تنفرد «الشعب» لأول مرة بكشف أسرار رحلتها مع الـ15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى التى استمرت قرابة عامين، وذلك بدءا من المعلومة التى جاءت لصابر شوكت والتى كان يمكنه بسهولة أن يستخدمها فى ابتزاز البنكين المركزى والأهلى والحصول على إعلانات بعشرات الملايين، بل بمئات الملايين لضخامة المبلغ، لكن مبادئه وقيمه ودينه ووطنيته والكلمة التى قالتها له زوجته الفاضلة -والتى قالها لى منذ عاملين ولا يزال وقعها فى أذنى- حين قالت له ليلة زواجه منذ ثلاثين عاما «أستحلفك بالله ألا تدخل علينا قرشا حراما»، ولا تزال هذه الكلمة تزلزل كيانى لنقاء وأخلاق هذه السيدة النادرة.
لقد دبر «شوكت» وخطط ليحصل على المستندات وحين حصل عليها سرنا معا فى طريق الآلام الذى استمر عامين مع هذا الملف بدءا من بلاغنا رقم 7607 فى 16/5/2011 لعبد المجيد محمود النائب العام السابق والذى تعامل معه ليحمى هذه العصابة هو ونائبه عادل سعيد، ثم ذهابنا إلى مجلس الشعب والدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والمجلس العسكرى، وأخيرا الدكتور مرسى رئيس الجمهورية، حيث قدمنا إليه هذا الملف بمستنداته، ولا نزال ننتظر تحركه ولو خطوة واحدة نحو الـ15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى المخفية بالبنك المركزى تمهيدا لاغتصابها كلها بعد أن تم اغتصاب 4.5 مليارات دولار و450 مليون جنيه إسترلينى منها.. فهل يتحرك الدكتور(مرسى) نحوها أم سيظل يول وجهه شطر أمريكا.. شطر الشيطان.. وشطر صندوق النقد الدولى؟!
يقول محاورنا «صابر شوكت»: كثيرة هى الموضوعات الصحفية التى تأتى إلينا بمستندات موثقة تضعنا نحن الصحفيين فى حيرة مرعبة، وقد عشت أنت معنا كل هذا؛ فإما أن ننظر إلى السبق الصحفى وننشرها للرأى العام. وإما أن نضع فى اعتبارنا مصالح الدولة العليا التى يمكن أن تتأثر وتهتز بنشر مثل هذه الموضوعات.
وفى هذا الإطار جاءت إلينا وثائق مرعبة تثبت وجود 15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى بالبنك المركزى والبنك الأهلى الفرع الرئيسى، وهى أموال غامضة قادمة من قطر إلى مصر قبل الثورة بشهور. وقد اتخذ المسئولون بالبنك المركزى الإجراءات القانونية معها (بتجنيبها)، وذلك باعتبارها -وفقا للقانون- أموالا قذرة جاءت من غسيل الأموال. وكما هو معروف فإن غسيل الأموال يأتى من عمليات قذرة منها المخدرات وتجارة السلاح والإرهاب والدعارة.

نهب عشرات المليارات بالبنك المركزى بإدارة الالتزام


- «الشعب»: توجد فى البنك المركزى المصرى لجنة لمراقبة عمليات غسيل الأموال تسمى (إدارة الالتزام) يرأسها عادة رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى. ما هو موقف هذه الإدارة من هذه الأموال؟
«شوكت»: نعم، توجد لجنة لمراقبة عمليات غسيل الأموال بالبنك المركزى تسمى (إدارة الالتزام) كان يرأسها المستشار «سرى صيام» رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس محكمة النقض السابق. لكن الكارثة أنه لم يتحرك والتزم الصمت التام أمام هذه الجريمة. بل وبحسب معلوماتى فإن هذه الإدارة الغامضة المفترض السرية الشديدة فى عملها، فلا يعرف أحد عنها أى شىء ولا يعرف أحد مصير الأموال القذرة التى تجنبها ولا أين تذهب، وهى حجم مرعب جنبته هذه الإدارة فى عهد المخلوع مبارك، ولا نعرف أين ذهبت. وهو ملف يجب فتحه وفورا والتحقيق فيه والمحاسبة القانونية للأموال التى دخلته ومن تصرف فيها، وهى فى تقديرنا المتواضع أموال بعشرات المليارات من الدولارات.. وما تحت يدنا من مستندات يثبت ذلك. ففى ملف واحد تم تحويل 15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى أموالا قذرة أخفوها فى بئر البنك المركزى ومقبرته واغتصبوا منها 4.5 مليارات دولار و450 مليون جنيه إسترلينى، وهذا ما أثبتناه بالمستندات. لذلك يجب أن تتحرك الأجهزة الرقابية والقانونية لفتح الملفات المليئة بالنهب والفساد فى هذه الإدارة المرعبة (إدارة الالتزام) بالبنك المركزى.

- «الشعب» وما هى حقيقة المستندات التى حصلتم عليها والتى تثبت تحويل 15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى أموالا قذرة من قطر إلى مصر؟
«شوكت»: لقد علمت من أحد أهم مصادرى حقيقة هذا الملف، وأن هذه الأموال موجودة فى دهاليز ومقبرة البنك المركزى. وأن أصحاب هذه الأموال الغامضين فى دولة قطر قد حرروا توكيلا رسميا لأحد أقاربهم فى مصر -ويعمل محاميا فى بنى سويف- لصرف هذه الأموال، وأن صاحب التوكيل ظل يطارد الدكتور (فاروق العقدة) محافظ البنك المركزى حينذاك (هرب العقدة خارج مصر، ونشرت ذلك «الشعب» فى عددها قبل الماضى خوفا من محاكمته جنائيا على جرائمه العديدة)، لكن العقدة تهرب من لقائه، واضطر الرجل إلى أن يستعين بشخصية قانونية وسياسية شهيرة، هو المحامى المعروف (بهاء أبو شقة) نائب رئيس حزب الوفد، كى يساعده فى صرف المبلغ، وفحص (أبو شقة) المستندات واستطاع الحصول على أرقام الحسابات. لكنه فجأة انسحب تماما.. وهذا الانسحاب الغامض أثار شكوكنا أكثر وطرح علامات استفهام كثيرة وأسئلة مرعبة؛ فهل تم تهديد أبو شقة.. أم هل تم إغراؤه مقابل صمته؟!
وقد وصلت هذه المعلومات إلى العقيد (مصطفى محسن حسين) وهو من رجال الشرطة الوطنيين الشرفاء ويعمل حاليا بمديرية أمن الجيزة، وقد أخطرنا بها، فقررنا أن يلقى العميد (مصطفى) نفسه فى طريق صاحب التوكيل، ويقنعه بأنه سيصرف له كل هذه الأموال، وذلك حتى نحصل على المستندات الكاملة لمبلغ 15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى. وبعد فترة استطاع العقيد مصطفى محسن أن يحصل على جميع المستندات وأحضرها لنا فى مكتبنا. وقد كانت «الشعب» حاضرة ومشاركة معنا فى كل خطواتنا وفى رحلة التحقيقات التى قمنا بها مع هذا الملف المرعب طيلة العامين الماضيين. وهذه هى مستندات الـ15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى.

- «الشعب»: نعم، هذا ما حدث وقد حضرنا كل وقائعه. والآن دعنا نشرح لقارئ جريدة «الشعب» قصة هذه المستندات.
«شوكت»: من هذه المستندات التوكيل الصادر من قنصلية مصر بدولة قطر الذى تم تحريره أمام قنصل جمهورية مصر العربية يوم الأربعاء 4/5/2011 الثابت فيه حضور الموكل (طارق سيد مجاهد إبراهيم) جواز سفر مصرى رقم (2111429) الصادر من الدوحة بتاريخ 29/6/2005 ومهنته شريك ومدير وتاريخ ميلاده 8/2/1966 فى الواسطى ببنى سويف والمقيم بدولة قطر. وقد أقر بأنه وكل عنه (رجب مرعى لطيف سعيد) المستشار بالتحكيم الدولى، وقال بالنص فى التوكيل: «لينوب عنى ويقوم مقامى فى التعامل مع جميع البنوك العاملة بجمهورية مصر العربية وجميع فروعها، وله الحق فى السحب والإيداع، وله الحق فى التوقيع بدلا منى، وله الحق فى التعامل مع جميع الحسابات الموجودة والتحويلات المحصورة لصالحى، ولا يلغى هذا التوكيل إلا بوجود الطرفين أو بإخطار رسمى من البنوك، وله الحق بتوكيل الغير، وهذا توكيل منى بذلك».
وتثبت هذه المستندات حول هذا الحساب رقم (11003163287) أنه قد تم فتحه بناء على حوالات مرفق بها طلب الفتح ومرفق بها طلب الفتح، وأن هذا الحساب عديم الحركة. وأنه تم استدعاء العميل لتحديث البيانات. ثم تم تجميد الحساب بناء على قرار إدارة الالتزام فى البنك المركزى فى 15/6/2010 وهى الإدارة المختصة بمراقبة غسيل الأموال. وأنه صدرت التعليمات من هذه الإدارة بأنه فى حالة رصد أى حركات غير عادية وتتوافر فيها معايير اشتباه يتم إخطار إدارة الالتزام، وأنه عند تقدم أى عميل للتعامل أو للاستفسار عن الحساب بموجب توكيل عام أو مصرفى يتم الحصول على صورة منه وصورة تحقيق الشخصية لإخطار إدارة الالتزام.
ويضيف الأستاذ (صابر شوكت): كما حصلنا على مستندات رسمية بأعمال صاحب هذه الأموال الـ15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى فى دولة قطر، وهى محاولة لبيان مصدر أمواله، وقد أرسلها إلى بنوك مصر لإقناعهم بعدم وجود أية شبهة فى أمواله بمصر. ومنها مستند رسمى صادر من وزارة الداخلية القطرية موضح به اسم المنشأة التجارية (شركة المدن الخارجية للتجارة والمقاولات) وثابت فيه أن المفوضين بالتوقيع هما: أحمد محمد يوسف الحمادى وهو قطرى الجنسية، وطارق سيد مجاهد إبراهيم المصرى الجنسية، وهو الذى حوّل هذه المبالغ المرعبة إلى مصر.
وحصلنا أيضا على السجل التجارى رقم 32772 من شركة المدن الخليجية للتجارة والمقاولات الصادر من وزارة الاقتصاد بدولة قطر إدارة الشئون التجارية قسم السجل التجارى بتاريخ 27/4/2006 وعنوانها ص. ب 20357 ورقم الهاتف 5773090/ 4819044، والشركاء هما: طارق سيد مجاهد إبراهيم المصرى الجنسية المولود فى 1966 والشريك بنسبة 49%، وأحمد محمد أحمد يوسف الحمادى القطرى الجنسية المولود فى 1972 وبنسبة 51%، وأن المخول بالتوقيع هو المصرى طارق سيد مجاهد إبراهيم.
وكذلك رخصة تجارية صادرة عن وزارة الشئون البلدية والزراعة بدولة قطر بلدية الدوحة رقمها 53973 صادرة فى 14/3/2007 لشركة المدن الخليجية للتجارة والمقاولات، والثابت فيها نوع العمل المقاولات والنقل البرى بالشحنات نقليات، وثابت فيها أيضا أن المدير المسئول هو طارق سيد مجاهد إبراهيم.
وكذلك بطاقة المنشأة الصادرة من وزارة الداخلية بدولة قطر، وثابت فيها أن المفوضين بالتوقيع هما أحمد محمد يوسف الحمادى ورقمه الشخصى 27263400764، وطارق سيد مجاهد إبراهيم ورقمه الشخصى 26681800269، وكذلك حصلنا على شهادة عضوية غرفة تجارة وصناعة قطر.
كما حصلنا على أربعة مستندات أخرى يحاول فيها طارق سيد مجاهد إبراهيم الذى حول مبلغ الـ15 مليار دولار و450 جنيه إسترلينى إلى مصر أن يثبت للبنوك المصرية أن لديه أحد أكبر محلات الماس فى لندن وأن قيمتها 2 مليار دولار، وهذه محاولة لإثبات عدم شبهة غسيل أمواله المهربة إلى مصر.
وحين فحصنا هذه المستندات وتأكدنا من خطورتها على الاقتصاد المصرى قررنا معا (وأنت معنا فى كل هذا مشارك فيه وشاهد عليه) أن نذهب إلى المسئولين فى الدولة ونضع الموضوع كاملا بين أياديهم. وكانت أولى خطواتنا فى رحلة الآلام مع هذا الملف المرعب هو البلاغ رقم 7607 بلاغات النائب العام الذى قدمناه معا إلى النائب العام السابق عبد المجيد محمود فى 11/5/2011، وقلنا فيه (إننا تأكدنا من وجود مبلغ مالى فى البنك الأهلى المصرى بالمقر الرئيسى يتجاوز 15 مليار دولار و450 مليون جنيه إسترلينى باسم المدعو «طارق سيد مجاهد إبراهيم» المقيم بدولة قطر، وأنه فى تاريخ 4/5/2011 وكّل المدعو «رجب مرعى لطيف سعيد»، موثق من الخارجية المصرية لسحب هذه المبالغ. علما بأن هذا المبلغ بالبنك المركزى المصرى. كما علمنا وتأكدنا بأنه تم سحب 4.5 مليارات دولار و450 مليون جنيه إسترلينى بوساطة السيدين «طارق عامر وفاروق العقدة» فى وقت سابق ومرفق الوثائق الدالة. مع رجاء التكرم باتخاذ اللازم قانونا) والتوقيع المقدم «مصطفى محسن حسين» و«صابر شوكت» مدير تحرير أخبار اليوم. وقد خرج للقائنا مسرعا عادل السعيد رئيس المكتب الفنى للنائب العام والنائب العام المساعد السابق بعد أن اطلع على البلاغ ومستنداته الخطيرة.

فى الحلقة القادمة تكشف «الشعب» كيف هدّد النائب العام السابق وأرهب مقدم البلاغ، ثم نكشف رحلة الآلام لهذا الملف بدءا من عصام شرف رئيس الوزراء السابق، والمجلس العسكرى، ثم رئاسة الجمهورية.

قمة الدوحة تشرّع الفوضى السورية

سـلـب مقـعـد دمشــق وتبنــي علــم المعـارضــة وتسـويـقـهــا دوليــاً وتسـلـيـحـها

عن السفير اللبنانية

كسرت القمة العربية في الدوحة أمس الاعراف السياسية والديبلوماسية التي كانت تشكل الحدود الدنيا للعمل العربي المشترك، حيث كرس الزعماء العرب تحت الرعاية القطرية، مسيرة طرد سوريا، الدولة المؤسسة للجامعة، من عضويتها في الجامعة، وجرى منح وفد من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض المقعد المخصص للدولة السورية كما غيروا علمها، في سابقة في تاريخ العرب المعاصر، تفتح الباب امام الانظمة العربية المختلفة كلما تنازعت الى سلب الشرعية والتمثيل السياسي من بعضها البعض. 
كما أن الدول العربية ومن مثلها في قمة الدوحة، باستثناء لبنان والجزائر والعراق، تبنوا الدعوة إلى تسليح المعارضة، ما ينذر بسفك المزيد من الدماء والدمار في سوريا. 
وقالت مصادر ديبلوماسية عربية في العاصمة القطرية لـ«السفير» ان وظيفة قمة الدوحة كانت سورية بامتياز، وقد حصلت سابقة في تاريخ جامعة الدول العربية عندما تم تغيير العلم السوري وتحديد من يمثل دولة عربية ذات سيادة. وأضافت ان «الموال القطري» يقضي بالذهاب من خلال هذا التثبيت القانوني العربي إلى الأمم المتحدة، من أجل فرض واقع قانوني دولي مماثل باستبدال العلم السوري وتعيين ممثل لـ«الحكومة» السورية المزمع تشكيلها، وبناء على طلبها، ما يؤدي عمليا إلى طرد ممثل سوريا الحالي في الأمم المتحدة بشار الجعفري. 

وأشارت المصادر إلى أن المساعد السياسي للأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان كان شريكا كاملا للقطريين في قمة الدوحة في إدارة الملف السوري من ألفه إلى يائه. 
وأوضحت المصادر أن «هذا السيناريو القطري دونه عقبات كثيرة، في مجلس الأمن (الموقفان الروسي والصيني)، فضلا عن اعتبارات متصلة بالقانون الدولي». وأشارت الى أن الوفد السوري المعارض عبر عن انزعاجه علنا من موقف لبنان في القمة بالنأي بالنفس عن القرار المتعلق بسوريا. وقالت ان الوفد الرئاسي اللبناني حرص على عدم إجراء أي لقاء ولو عرضي مع الوفد السوري المعارض المشارك في القمة، «مع تشديده على احترام ميثاق جامعة الدول العربية، ودعوته الجهات السورية المتعارضة إلى الامتناع عن استعمال لبنان وأراضيه للأعمال العسكرية». ونفت ما تردد في بعض وسائل الإعلام بأن وزير خارجية لبنان عدنان منصور قد غادر قاعة القمة أثناء إلقاء معاذ الخطيب كلمته. 
وتحول أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى ما يشبه الوصي على «الائتلاف» المتشرذم، ومرر خلسة موضوع إجلاس رئيسه احمد معاذ الخطيب في المقعد المخصص لسوريا، حيث «استأذن» القادة العرب الموافقة على هذا الأمر ما ان تسلم رئاسة القمة من نائب الرئيس العراقي خضر خزاعي. وجلس خلف الخطيب «رئيس الحكومة الموقتة» غسان هيتو وسهير الاتاسي وبرهان غليون وجورج صبرا. 
وألغت قطر بإجلاسها الخطيب في مقعد سوريا، كل الاعتراف بوجود القوى المعارضة الأخرى، كما أنها سمحت بذلك بتغيير علم الجمهورية العربية السورية. ولم يأبه حمد إلى أن «الائتلاف» لا يمثل جميع قوى المعارضة السورية، في وقت يواجه «الائتلاف» حالة تشرذم تجسدت بإعلان الخطيب نفسه استقالته من رئاسته وتعليق عدد من قياداته عضويتهم فيه بسبب اعتراضهم على انتخاب غسان هيتو «رئيسا للحكومة الموقتة». 
وخرقت قمة الدوحة احد ابرز بنود ميثاق الجامعة العربية. وجاء في المادة الثامنة من الميثاق «تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقا من 
حقوق تلك الدول، وتتعهد ألا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها». 
كما خرقت المادة 18 التي جاء فيها «إذا رأت إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها، أبلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل تنفيذه بسنة. ولمجلس الجامعة أن يعتبر أية دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها». وتجاوزت القمة مبدأ التوافق في الجامعة مع تخطي تحفظات العراق والجزائر عن القرار الخاص بسوريا. 
ولا يأتي في أي من بنود ميثاق الجامعة ذكر لموضوع تسليم أي مجموعة معارضة مقعد الدولة التي تنتمي إليها في القمم العربية. وما زالت تسع دول في الجامعة تقيم علاقات ديبلوماسية مع سوريا، وهي لبنان والجزائر والسودان والأردن ومصر واليمن والعراق وسلطنة عمان وفلسطين. 
ولم يغط التلفزيون الحكومي السوري اجتماع الجامعة العربية في قطر، وعرض برنامجا عن مساحيق التجميل للمرأة، بينما شنت الصحف السورية هجوما على الجامعة العربية. 
ومنذ لحظة افتتاح القمة الـ24، ظهر توجه القادة العرب إلى مواصلة دعم المسلحين المعارضين في سوريا وإغلاق الباب أمام أي حل سياسي، بالرغم من تأكيدهم، في البيان الختامي، «أهمية الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي كأولوية للأزمة السورية». 
وذكر البيان الختامي للقمة «رحبت القمة العربية بشغل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية مقعد الجمهورية السورية في جامعة الدول العربية ومنظماتها ومجالسها إلى حين إجراء انتخابات تفضي إلى تشكيل حكومة تتولى مسؤولية السلطة في سوريا، وذلك باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري والمحاور الأساس مع جامعة الدول العربية، وذلك تقديرا لتضحيات الشعب السوري والظروف الاستثنائية التي يمر بها، مع الأخذ في الاعتبار تحفظات كل من الجزائر والعراق والنأي بالنفس بالنسبة للبنان». 
وأكد البيان «أهمية الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي كأولوية للأزمة السورية مع التأكيد على الحق لكل دولة وفق رغبتها بتقديم كافة الوسائل للدفاع عن النفس بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر». وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في مؤتمر صحافي في ختام القمة التي اختصرت إلى يوم واحد، ان «الحق بإرسال المزيد من الأسلحة إلى المعارضة لا ينهي الجهود السياسية، لكن محاولة لإيجاد توازن بين الأطراف». ودافع رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني عن دعم القمة تسليح المعارضين، قائلا انه «رغم انها ليست السياسة المفضلة الا انه ليس هناك بديل يذكر». واعتبر ان «العرب فعلوا كل ما يمكن عمله من اجل ايجاد حل سلمي، لكن مع الاسف فان هذا الحل لم يتحقق لان النظام كان يراهن على فرض حل بالقوة». 
وحث القرار «المنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري، وكافة المؤسسات لتقديم كل المساعدة لتمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه». 
وأشادت القمة «بالجهود التي تقوم بها الدول المجاورة لسوريا والدول العربية الأخرى ودورها في توفير الحاجات العاجلة والضرورية للنازحين، والتأكيد على ضرورة دعم تلك الدول ومساندتها في تحمل أعباء هذه الاستضافة، والعمل على مواصلة تقديم كافة أوجه الدعم والمساعدة لإيواء وإغاثة النازحين في لبنان والأردن والعراق». 
ودعا البيان إلى «عقد مؤتمر دولي في إطار الأمم المتحدة من أجل إعادة الإعمار في سوريا وتأهيل البنية التحتية لجميع القطاعات الأساسية المتضررة جراء ما حدث من تدمير واسع النطاق وفق الخطوات التالية: أولا دعوة الدول الأعضاء للمشاركة الفعالة في هذا المؤتمر وتقديم كل ما من شأنه توفير الإمكانيات اللازمة لإعادة الإعمار، وثانيا تكليف المجموعة العربية في نيويورك متابعة الموضوع مع الأمم المتحدة لتحديد مكان وزمان المؤتمر، وثالثا قيام الأمانة العامة بمتابعة الموضوع وعرضها على وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم المقبل». 
وكان الخطيب قال، خلال جلوسه على مقعد سوريا الذي وضع عليه علم الانتداب، انه طلب من وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن تساعد القوات الأميركية في الدفاع عن مناطق في شمال سوريا تسيطر عليها المعارضة بصواريخ «باتريوت» متمركزة في تركيا، لكن حلف شمال الأطلسي وواشنطن سارعا إلى رفض الفكرة. (تفاصيل ص 12) 
وقال أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، في افتتاح القمة، «اننا نكرر ما طالبنا به مجلس الأمن بأن يقف مع الحق والعدالة ويستجيب لصوت الضمير الإنساني ضد الظلم وقهر الشعوب، وأن يستصدر قرارا بالوقف الفوري لسفك الدماء في سوريا وتقديم المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق شعبها إلى العدالة الدولية». 
(«السفير»،

فـى بــلــد اللــحـى..قصة قصيرة يقلم حسام عادل



- (1) -

فى حارتنا الصغيرة يسكن العشرات من الناس بمختلف ألوانهم وطباعهم....لا يشبه أحد منهم الآخر , فكل منهم له شخصيته وصفاته التى أعرفها جيدا بحكم عملى...ورغم هذا الاختلاف إلا أنهم يشتركون فى صفة واحدة....جميعهم بلا استثناء زبائن لمتجرى الصغير....وهذا المتجر إن لم تكن تعرفه , هو متجر صغير أبيع فيه المسابح وسجاجيد الصلاة والمصاحف والجلابيب و.....واللحى

.

- (2) -

نعم...ففى نهاية المتجر أحتفظ بهذا الدولاب الكبير الذى يحوى مئات اللحى بمختلف ألوانها وأشكالها وحتى أطوالها....يكفى أن يختار الزبون اللحية التى تتلائم مع وجهه ولون بشرته حتى يؤجرها منى لمدة معينة وبسعر محدد يناسب اللحية التى اختارها , أو قد يشتريها لتكون ملكه دائما فيرتديها ويخلعها متى يحب...وسواء هذا أو ذاك يكون السعر بسيط للغاية , لا يقارن مع الفائدة التى تعود عليه من اللحية التى سيرتديها....وتلك الفائدة تختلف دوما من شخص لآخر وأيضا من غرض لآخر...فمن الناس من يريد اللحية لأنه سيتقدم لوظيفة فى شركة إسلامية جديدة من التى بدأت تنتشر بقوة فى بلدنا , أو مثلا لأن عريسا سيتقدم لابنته ويريد اقناعه بالعائلة المسلمة التقية التى سيخطب منها , أو ربما يريد أن يلتحق بإحدى المناصب الهامة فى حكومتنا الإسلامية الجديدة والتى تشترط شكلا لموظفيها لا يجب تغييره مهما حدث...وغير ذلك الكثير والكثير من الفوائد التى يكون مفتاحها دوما اللحية.



- (3) -

بالطبع لا يتعامل الجميع معى فى هذه التجارة...فمازال هناك الكثير من المسلمين الحقيقيين فى كل أنحاء البلد والذين أطلقوا لحاههم سنة عن النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) وليس رياءا وخداعا كما يقولون عن زبائنى...وهؤلاء يمقتوننى بشكل لا يوصف ويدعون أنى شيطانا أعلم الناس النفاق والخداع....وأنا حقيقة لا أعلم سر غضبتهم تلك , فليس معنى أنى أبيع الناس شيئا أنى بهذا مقتنعا ببضاعتى التى أتاجر بها....مثلى مثل مندوب المبيعات الذى يروج لمنتجاته وهو أصلا غير راضى عنها...هذا هو عملنا الذى لم نختره فلا تحاسبونا من فضلكم...ألا يكفى أننا اضطرننا لهذا العمل أصلا بعد أن وصلت الجماعات الإسلامية إلى حكم البلد وفرضت على المواطنين النقاب والجلابيب البيضاء القصيرة وإطالة اللحى بالأمر؟....أم كنتم تريدون أن نكون مثل جماعة (الفاسقون)؟...تلك الجماعة التى ضربت بأوامر الحكومة الجديدة عرض الحائط وظلوا كما كانوا دوما فى السابق أشخاصا طبيعيين يلبسون ملابسهم القديمة ويمارسون حياتهم العادية التى اعتبرتها الحكومة فسقا ومجونا لا ترض به أبدا...فقط حين فعلوا هذا أسقطتهم الحكومة تماما من حساباتها , ولم تعد تعتمد لهم معاشا ولا تأمينا صحيا ولا أى خدمة أخرى من التى توفرها لمواطنيها الباقين , عقابا لهم على تمردهم هذا....ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب بل أغلقت كل المصالح فى وجوههم وطردت معظمهم من أعمالهم ليتولاها غيرهم ممن ترضى عنهم الحكومة...بل ووصل الأمر إلى أنه لم يعد أحد يتزوج بناتهم ولا يرضى بأبنائهم زوجا أبدا خشية ما يمكن أن تفعله بهم الحكومة إن ارتبط مصيرهم بمصير أحد منهم....باختصار أصبح (الفاسقون) - كما تسميهم الحكومة - منبوذين تماما فى بلدهم دون ذنب جنوه.

أما من تبقى منهم والذين استمروا فى أعمالهم بمعجزة ما , فتكفل الناس بنبذهم أكثر بتجاهلهم التام وكأن لا وجود لهم من الأساس , بعد أن أصبح كل مواطن يخشى التعامل أو مجرد الحديث معهم حتى لا تعتبره الحكومة ضمنهم فيناله ما نالهم .

وكان من تلك الفئة الأخيرة أخى (سعيد) الذى يسكن بجوارى فى نفس الحارة , ولكن شتان بين تعامل الناس معى وتعاملهم معه....فالمسكين قد أصبح منبوذا ومكروها تماما من كل أهل الحارة ومجبرا على التعامل هو وطفلته الوحيدة مع أشخاص يراهم يخشون منه ويخافونه وكأنه الطاعون....حتى الطعام والشراب أحضرهم إليه سرا فى ظلمة الليل حتى لا يراه أحد , أو بالأحرى يرانى أنا فينشرون الخبر بينهم وعندها تكسد بضاعتى ويقاطعنى الناس مثله.



- (4) -

إن (سعيد) يحبنى لأنى أخيه الوحيد ولكن صورتى أمامه لا تتغير....مجرد شيطان يمشى على قدمين يبث فى الناس السموم والنفاق والخداع...لا أتذكر مرة أنه ألقى التحية علي...دائما ما يبدأ يومه بأن يغادر المنزل متجها إلى أول الشارع ليوصل ابنته إلى مدرستها قبل الذهاب إلى عمله...يكفيه فحسب تلك النظرة الصامتة السريعة المعتادة التى يلقيها على كل يوم وهو يعبر أمامى قبل أن يدير وجهه ويسير هو وطفلته فى صمت....نظرته تلك تحمل مئات الكلمات والمشاعر , ولكنه أبدا لا يجرؤ على البوح بها حفاظا على نفسى قبل كل شىء....ولكنى أمامها لا أملك سوى أن أطرق بوجهى أرضا فى خجل من تلك الجريمة التى أرتكبها فى إصرار شديد يوما بعد يوم , قبل أن أتناسى الأمر مؤقتا لأعود إلى عملى وزبائنى...أنا أعرف مصيره جيدا وأعرف أن الأسوأ بينه وبين الحكومة قادم لا محالة , ولكن ماذا بيدى لأفعله؟...هو فى نظرهم عم (سعيد) الموظف الكهل والفاسق عدو الدين وعدو أولى الأمر من الحكومة...أما أنا فالمسلم التقى وبركة الحارة عم (إسماعيل)....بائع اللحى .

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

- (1) -

لم أقدر أبدا أن أكره أخى (إسماعيل)....رغم ريائه ونفاقه وإدعائه التقوى والورع , لكنى لم أقدر لحظة على كراهيته....لقد تغير جلده بالكامل مع الظروف التى مرت بها البلد , ونجح أن يركب الموجة كما يقولون ليزيد ربحه من هوجة التدين المزيف التى انتابت الناس , ولكن رغم كل هذا لم تزل هناك في نفسه بقايا من عناد قديم وحرية لم تضيعها الحكومة بأوامرها وتعنتها....أرى هذا من شرفة دارى كل يوم حين نسمع أذان الصلاة فينتشر رجال الحكومة لإغلاق المتاجر حتى يصلى أصحابها....حينها أراه يطفىء أضواء متجره ويدخل إليه ليقبع منتظرا انتهاء الصلاة...إنه لا يصلى فقط لأنه لا يريد تنفيذ أوامر الحكومة حتى وهو بهذا يعاند نفسه ويعصى الله سبحانه وتعالى...وبعد كل هذا يستغرب إصرارى على موقفى واعتراضى مثل غيرى على أوامر الحكومة العجيبة وتعنتها مع المواطنين بشكل لا يرض الله أبدا....إننا لا نقبل أن يفرض علينا شيئا بالقوة , فما بالك بشىء شديد الحساسية كهذا؟...ألا يعلمون أن هذه علاقة بين الله وعباده لا يحق لأحد أبدا أن يتدخل فيها؟...من نصبهم وسطاء أو باباوات بيننا وبين إلهنا العليم بنا وبقلوبنا؟....ثم ماذا يعنى أن تكون بزى معين أو أن تكون لحيتك طويلة بعض الشىء؟....أهكذا فقط تكون مسلما وتستحق أن تحمل تلك الصفة؟...هكذا فقط يقبلك الناس بينهم وإلا فلا؟...أى سخف هذا.

ولكن دون أن أدرى تغير كل شىء من حولى تماما وانقلبت حياتى رأسا على عقب فى ذلك اليوم الذى لن أنساه أبدا ما حييت.



- (2) -

بدأ الأمر بعد وصولى بدقائق إلى المكان الذى أعمل فيه , وبعد أن انتهت الإجراءات المعتادة فى معاملتى باحتقار والتى أصبحت شبه رسمية فى هذا المكان...فمن نظرات البواب المقيتة حين مررت به إلى زملائى أنفسهم الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء رد تحيتى عليهم وكأن ليس لى وجود من الأصل....وحتى مديرى فى النهاية الذى واصل إهانتى وتقريعى مجددا لتأخرى عن العمل رغم وصولى فى ميعادى بالضبط , قبل أن يختم كلامه بخصم يومين من مرتبى لأتذكر أن أستيقظ مبكرا فى الغد...وأخيرا ما أن كدت أستقر فى مقعدى وأبدأ فى العمل حتى دق جرس الهاتف بجوارى ليأتينى صوت مدير المدرسة يخبرنى أن ابنتى تم نقلها للمستشفى العام بعد أن فاجأها ألم شديد لم تتحمله ولم يعرفوا له سببا.

نهضت كالملسوع من مكانى لأغادر المكان بسرعة غير عابىء بشىء من حولى....وحين وصلت للمستشفى طالعنى الطبيب المعالج بنظرة قرف بالغة - بعد أن رأى ملابسى المغايرة وعرف لأى جماعة أنتمى- وهو يخبرنى بمنتهى البرود أن ابنتى تحتاج إلى عملية لإستئصال الزائدة منها , وهى عملية لا تحتمل التأخير وينبغى أن أجريها لها فورا.

حاولت أن أفهمه أن حالتى المادية لا تسمح بأن أجريها فى مستشفى خاص وأنه لا مفر من إجرائها هنا فى المستشفى الحكومى....حينها زاد الضيق على وجهه وهو يخبرنى بنفس اللهجة الباردة أن الطابور أمامى طويل حتى يأتى الدور على ابنتى...أتريد الانتظار؟...انتظر كما تحب , ولكن بعد إذنك قليلا...التالى.

وفى لمح البصر تهللت أساريره وهو يطالع هذا التالى والذى كان رجلا وقورا قوى الجسم وله هيبة مميزة رغم ملابسه المعتادة التى أصبحت سمة مميزة فى أغلب المواطنين , ولكن زاد عليها هذا الشماغ الفاخر الذى انسدل على رأسه والذى دل على أنه أحد أعضاء الحكومة ذوى المناصب الهامة....انشرح الطبيب للغاية وهو يحدث هذا الرجل بمنتهى التواضع وكأن أحدا غيره كان يحدثنى منذ قليل وليس هو أبدا , بعد أن اختفت نظرة التقزز من عينيه وتلاشت ابتسامة التعالى والبرود من شفتيه لتحل ابتسامة التزلف والتذلل مكانها.

ولعشر دقائق ظل الطبيب يشرح لهذا الرجل حالة ابنة شقيقته التى كانت تجرى عملية على نفقة الدولة لتجميل أنفها وأنه بنفسه يتابع حالتها يوما بعد يوم إكراما لخاطره و...

وعندها كان الوضع قد أصبح لا يمكن السكوت عنه أكثر من هذا...وجدت نفسى أنفجر فيه وأثور وأرغى وأزبد , مهددا باللجوء لأعلى السلطات...ولكن يبدو أنى نفسى لم أقتنع بما أقول فانعكس هذا على صوتى المرتجف الذى حاول التماسك أمامه , وعليه بالتالى وهو ينظر إلى فى استخفاف شديد مطالبا إياى أن أخفض صوتى لأن هذه مستشفى وليس حظيرة.

بصعوبة شديدة سحبنى الممرضون من أمامه قبل أن أفتك به حتما...وأقنعونى أنه ليس أمامى فرصة معه خاصة وأنا من تلك الجماعة المحظورة التى يعرف الجميع أنه لا صوت لها فى بلدنا وليس لها تأمين صحى أصلا....إذن أنا أطالب بخدمة لا يحق لمن مثلى أن يطلبها...كل ما يمكنهم تقديمه لى ولخاطر تلك الطفلة المسكينة هو أن يبقوها فى المستشفى لرعايتها لليلة واحدة فحسب حتى أقرر ما سأفعله بالضبط , وهذا أقصى ما يمكن أن أناله هنا....فلا ينبغى أن أطمع فى المزيد.



- (3) -

إذن لا يوجد حل سوى إما أن أوفر المال لأجرى العملية فى مستشفى خاص حتى أرحم طفلتى من هذا الألم الذى لا يحتمل , أو أن أجد شخصا له علاقات قوية ونفوذ يكفى لتقديم دور ابنتى للأمام وجعل الطبيب يجرى لها العملية بأسرع وقت ممكن.

لم أجد أمامى إلا هذا الحل الأخير...فبالطبع لم تكن نية السرقة متوفرة لدى ولن يكفى بيتى بكل ما يحويه لسداد ربع المبلغ الذى سيطلبه المستشفى الخاص.....لذا ليس أمامى سوى أن أجد هذا الشخص الى تتوافر فيه تلك الثفات....شخص مثل الطبيب ومثل باقى الناس فى البلد , يقول جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ويكفى زيه وهيئته والأثر الضخم الذى يزين جبهته من كثرة السجود لتنفتح أمامه الأبواب المغلقة....يا إلهى...أين سأجد هذا الشخص والكل يكرهنى هكذا؟.



- (4) -

سرت فى الطرقات مكتئبا وشاردا أبحث فى وجوه البشر عن هذا الشخص المجهول حتى قادتنى قدماى لبيتى حينها رأيته ساهرا فى متجره...(اسماعيل) أخى...نعم هو الأصلح لهذه المهمة...حتما يعرف شخصا أو اثنين ممن لهم سلطة قوية ونفوذا يحققان ما أتمناه لابنتى...يارب يا كريم.

دخلت متجره لأول مرة منذ أن افتتحه , ودون مقدمات شرحت له كل شىء والدموع تنهمر من عينيى كالمطر , فرق (إسماعيل) لحالى وقرر أن يساعدنى بأى ثمن....كاد يوافق على طلبى ويأتى معى فى البداية حتى ينهى الأمر بنفسه , ولكنه وجد شيئا أفضل لفعله ويحقق لى الفائدة من كل الجهات...شيئا سيعطيه لى مجانا لأنى أخوه الوحيد ويعلم ظروفى جيدا.

غاب قليلا فى الداخل قبل أن يخرج حاملا تلك اللحية الطويلة فى يد , وفى الأخرى أفضل جلباب عنده مع تلك الزجاجة الصغيرة من المسك...فى البداية استنكرت بشدة أن أخالف ضميرى ومبادئى لكنى بعد برهة ترددت ثم ضعفت وفى النهاية تخاذلت وقبلت.



- (5) -

وفى غضون أسبوع واحد أجرت طفلتى العملية بنجاح تام , وتجاوزت الخطر لتعود وتمارس حياتها الطبيعية....

أما أنا فتغيرت حياتى إلى النقيض تماما....أصبحت الشيخ (سعيد) المعروف عنه تقواه وورعه , وأصبح الجميع فى كل مكان يحبنى ويحترمنى كثيرا...وحتى يومنا هذا لم أخلع الجلباب ولا اللحية التى أخذتهما من (إسماعيل) , وظللت أحافظ عليهما بحياتى...

فهما الآن يمثلان حجمى ومكانتى التى أستحقها...

فى بلد اللحى .

26 مارس 2013

مفاجأة ..قذاف الدم مواطن مصري ولا يجوز ترحيله الى ليبيا


أحدث الأستاذ الدكتور/ محمد مصطفي حسين حموده - المحامي بالنقض مفاجاه تقلب موازين قضيه تسليم/ أحمد محمد قذاف الدم إلي السلطات الليبيه حيث أدلي اليوم في التحقيقات امام السيد/ محمد أحمد حبيب رئيس النيابه بالتعاون الدولي بمعلومات مؤكده وشهادات ميلاد وأرقام قوميه صحيحه توضح أن / محمد قذاف الدم والد احمد محمد قذاف الدم ووالدته السيد/ فاطمه فضل هما مصريان قبل ولادة/ احمد محمد قذاف الدم مما يعني أنه مصري الجنسيه بالمولد ومتمتع بالجنسيه المصريه ميلاداً عن أب وام مصريان ولا يجوز دستورياً ولا قانوناً ولا عرفاً تسليم مصري بالمولد إلي أى جهه أو دوله في العالم وإلا عُدت جريمه ضد كل المسئولين الذين سيوافقون علي هذا .
وأعلن الدكتور/ محمد حموده أنه بالفعل قد أنذر كل المختصين بإنذار يسلم لهم باكر بعدم جواز وإستحاله تسليم/ أحمد قذاف الدم دستورياً.
أحدثت تلك المفاجأه قلباً للموازين حيث انه وفقاً للقانون علي السلطات الليبيه ان ترسل إلي مصر إجابه قضائيه وملفات الإسترداد كي يحاكم المواطن المصري الليبي / أحمد محمد قذاف الدم وفقاً للدستور علي الأراضي المصريه وأمام المحاكمه المصريه 

سيف الدولة لمحيط : لا معنى للثورة بدون تحرر من أمريكا وهذه حقيقة أكاذيبها




- ثورتنا منزوعة الدسم لم تذاكر الكتاب الوطنى
- مفاوضات فض الاشتباك الأول الغائبة عن الشعب
- 1675 شيخ ووطنى كتبوا تاريخ مصر الحقيقى
- الغرب يوهمنا بتبنى الثورات و يعمل لإذكاء الصراع

محيط : شيماء فؤاد
" لم نتحرر من أيام الحملة الفرنسية على مصر ، و نحن حتى الآن فى 2013 نعايش الحملة الصليبية الثالثة " تلك كلمات المفكر محمد عصمت سيف الدولة مؤسس حركة " مصريون ضد الصهيونية " و المستشار السابق للرئيس محمد مرسى، خلال مؤتمر " أمة واحدة " .
أكد سيف الدولة أن أى ثائر يريد التحرر من نظام مبارك عليه التحرر من أمريكا ، نابذا التفرقة ، مشيرا أنه لا يوجد ليبرالى و إسلامى ، بل وطنى و غير وطنى ، رافضا أن من بدأ الثورة ننادى بـ " مصر " فقط فى حين أننا أمة واحدة .
و صرح لشبكة " محيط " أن الجامعة العربية مازال أمامها الكثير حتى تتأثر بالربيع العربى ، و أن دورنا كشعوب عربية أن نحرر أنفسنا و نساعد باقى الدول العربية أن تتحرر ، و حينها ستنهض جامعة الدول العربية .
و استرجع بشكل سريع تاريخنا من 5 آلاف سنة و ما فيهم من ثلاث غزوات استعمارية استهدفت استعمار الفكر و الثقافة و جعلتنا تابعين للغرب ، قائلا أن " جيل صلاح الدين لم يظهر بعد " .
تحدث سيف الدولة عن أن الثورة حررتنا من هؤلاء الخائفين من أمريكا و إسرائيل ، و لكن من الخطأ أن نتحول من يد واحدة إلى الصراع مع بعضنا البعض فى الاتحادية و المقطم ، بل الثورة الحقيقية فى أن نتحد و نتحرر من تبعية الغرب .
أوضح سيف الدولة مدى توغل التبعية فى مصر فى ظل النظام السابق ، مدللا بسيطرتهم على الاقتصاد ، والمعونات التى تفرض الصناعات الأمريكية على حساب الصناعات الوطنية ، و أن وزراة التعليم كان بها 21 ألف خبير أمريكى يحددون للطلبة المناهج التى يتعلمونها .
و عن النظام الحالى قال سيف الدولة أن هناك أمور كثيرة فى مصر كانت يجب أن تتم و لم تتم ، و قال عن تصريح عصام العريان عن عودة اليهود أنه خاطئ تماما ، وأن الدولة إن كانت ضعيفة المناعة لا تستطيع أن تقول لا لأمريكا و الصندوق النقدى ، فإن الشباب ليسوا كذلك ، و أنهم من يستطيعوا أن يخرجوا الحكومة من خوفها ، حتى تطالب بالتفاوض و تعديل اتفاقية السلام ووقف التدخل الأمريكى .
أوضح المفكر أن حالة الانقسام ليست لصالحنا و تقلل مقاومتنا من الضغط و المساوامة مع الخواجة " الغرب " ، كما قال أن الموضوع أكبر من رئيس و ثورة ، و أننا يجب أن ننظر على الصورة الأكبر من خلال تاريخنا الطويل ، و نكف عن النظر إلى فتافت الأمور .
" كانت ثورة منزوعة الدسم لأنها لم تذاكر الكتاب الوطنى " هكذا عبر سيف الدولة ، مشيرا أن تاريخ مصر الحقيقى كتب فى الفترة من 1974 لـ 1981 ، وصل عدد كتابها إلى 1675 شخصية من الشيوخ و الوطنين اتفقوا أن أنور السادات و خليفته مبارك انتهجوا تبعية الغرب .
و قام السادات باعتقالات 3 سبتمبر دخل فيها والد سيف الدولة السجن و عندما كان يزور والده بمشفى القصر العينى كان يجد بجواره مختلف الأطياف عمر التلمسانى و أحمد سراج الدين و الشيخ كشك و نخبة مصر من كافة التيارات ، يروى أنه كان لا يريد أن يتركهم و يعود إلى البيت ، شاعرا أن مصر محبوسة بالداخل .
و أكد سيف الدولة أن الغرب لا يتبنى الثورات كما يظهر إنما يريد أن يولد نظام موال له كنظام مبارك ، مدللا بما حدث فى لبنان عندما انتصر حزب الله على اسرائيل ، و بدلا من أن يحتفوا به فى لبنان هاجموه و انقسمت لبنان ، و الخصومة بين فتح و حماس ، مشيرا أن ذلك طريقة الأمريكان فى إدارة الصراع بالوطن العربى .
كما ذكر أن لبنان فى عام 1984 استطاعت أن تسقط الاتفاقية التى أجبرتها عليها إسرائيل بالمقاومة ، فى حين جعل مبارك الحديث عن أمريكا و إسرائيل و الاقتصاد المصرى من الممنوعات ، مسخرا مصر لمصلحة أمريكا و إسرائيل .
أشار سيف الدولة أن بمدونته ذاكرة الأمة بها مختلف نصوص معاهدة السلام التى جعلتنا فى خدمة مصالح اسرائيل ، و قال أن الكثير من الشعب لا يعرف شيئا عن مفاوضات فض الاشتباكات الأول الذى أمر فيها السادات بالانسحاب رغم أننا كنا نحقق النصر .
و الآن الحديث الدائم عن ضمانات حفظ معاهدة السلام مع إسرائيل و التى تكلم عنها وزير الدفاع الإسرائيلى حتى من قبل الثورة ، و ما حدث فى قضية " التمويل الأجنبى " عندما صرح ماكين أنه ذاهب إلى مصر لا للإفراج عن المتهمين الأمريكان بل ليذكر مصر بعواقب ما يفعلون ! و بالفعل جاءت طائرة أمريكية و أخذوا الأمريكان غصبا عن القضاء .
كما ذكر سيف الدولة أن بعد ما حدث صرح خبير عسكرى سابق أنهم اضطروا لفعل ذلك ، بسبب تهديد أمريكا بعملية عسكرية إسرائيلية بسيناء .
و تساءل مع استمرار هذه الضغوط كيف تنجح الثورة و تبنى و هناك طبنجة فوق رأسنا ، مشيرا أن ما يجب أن نركز عليه هو التخلص من هذا التهديد ، من خلال الوعى و الضغط الشعبى من أجل تعديل المعاهدة و فرض الأمن فى سيناء .
و ختم حديثه عن الوضع بمصر بقوله " المصدر الرئيسى للتشريع ليس الشريعة الإسلامية بل كامب ديفيد " .

الوضع العربى

عن إيران و سوريا و القاعدة تحدث سيف الدولة قائلا أن الأمة العربية المجزأة فى سايكس بيكو و الأمة الإيرانية و الأمة التركية هم أصحاب الأرض من الآلاف السنين و هكذا سيظلوا .
كما عبر أن اتخاذ مواقف ضد إيران أو تركيا لصالح أمريكا أمر غير وطنى ، و أن ما يقال أن إيران أخطر علينا من إسرائيل ليس حقيقيا ، و هى قصة أمريكية اسرائيلية بإمتياز ، قائلا أن الموقف مع إيران متعدد نؤيد دورها فى فلسطين و نختلف معها بشأن العراق .
و هكذا يجب أن تسير الأمور ، نختلف و نتفق مع جيراننا ، و العدو واضح " اسرائيل و الخواجات " على حد تعبير سيف الدولة .
و علق سيف الدولة على تنظيم القاعدة بوصفه باللغز الكبير لأنه برغم رفعه شعارات معادية للأمريكان و لكن كانت دائما أمريكا تستخدمهم لتبرير وجودها فى المنطقة .
أما فى سوريا فرأى سيف الدولة أن الوضع ملتبس ، مطالبا بدعم عربى إسلامى ، متشككا فى أى تدخل غربى ، و تابع أن الوضع فى سوريا رغم بؤسه ، و لكنه يثق أن ثوار سوريا لن يقبلوا بتقسيمهم ، و لن يوافقوا على التدخل الاجنبى الذى يقوم بتسليح الطرفان لمصلحته لإذكاء الصراع ، و يفتح لنفسه طريق للتدخل .

السيادة المجروحة فى سيناء ـ ارقام وحقائق -محمد سيف الدولة



محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
قد تكون هذه هى المرة المائة التى اعيد فيها نشر هذه الدراسة ، التى كنت انشرها مع كل تهديد امريكى او عدوان صهيونى جديد ، بهدف الكشف والتحذير من حقيقة ان "سيناء كامب ديفيد" هى نقطة ضعفنا الاساسية والثغرة الاكبر فى امننا القومى ، كما انها فزاعة خطيرة ودائمة فى ايدى الولايات المتحدة واسرائيل لاخضاع الارداة المصرية الرسمية وكسرها على كافة المستويات .
وكان الصدمة و الانزعاج والذهول والغضب هم ردود الفعل الفطرية و التلقائية لكل من يتعرف على هذه الحقائق للمرة الاولى ، ولكن سرعان ما كان ينسى الجميع وينتقلون الى موضوعات اخرى اكثر اثارة وتشويقا فى عالم المصالح والسياسة والاعلام العجيب ، هذا العالم الجهنمى القادر على تجاهل وتهميش الاساسيات ، وابراز وتضخيم الفروع والهوامش ، لتبقى قضايا المصيرية مهملة و متروكة يديرها الاعداء والخصوم ، ولنصحو فجأة على عدوان جديد وشهداء جدد ، فنعاود الكرة وهكذا !
وفيما يلى نص الدراسة :
* * *

اولاـ التدابير الامنية :


وهى ما ورد فى الملحق الاول من الاتفاقية ( الملحق الامنى ) ، ولقد وردت به القيود الاتية على حجم وتوزيع القوات المصرية فى سيناء :
· تم لاول مرة تحديد خطين حدودين دوليين بين مصر وفلسطين ، وليس خطا واحدا ، الاول يمثل الحدود السياسية الدولية المعروفة وهو الخط الواصل بين مدينتى رفح وطابا ، اما خط الحدود الدولى الثانى فهو الخط العسكرى او الامنى وهو الخط الواقع على بعد 58 كم شرق قناة السويس والمسمى بالخط (أ).
· ولقد قسمت سيناء من الناحية الامنية الى ثلاثة شرائح طولية سميت من الغرب الى الشرق بالمناطق ( ا ) و ( ب ) و (ج )
· اما المنطقة (أ) فهى المنطقة المحصورة بين قناة السويس والخط (أ) المذكور عاليه بعرض 58 كم ، وفيها سمح لمصربفرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 الف جندى مشاة مصرى مع تسليح يقتصر على 230دبابة و126 مدفع ميدانى و126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37مم و480 مركبة
· ثم المنطقة (ب) وعرضها 109 كم الواقعة شرق المنطقة (أ) وتقتصر على 4000 جندى من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة
· ثم المنطقة (ج) وعرضها 33 كم وتنحصر بين الحدود الدولية من الشرق والمنطقة (ب) من الغرب و لا يسمح فيها باى تواجد للقوات المسلحة المصرية وتقتصر على قوات من الشرطة ( البوليس) ، بالإضافة الى 750 جندى حرس حدود سمحت بهم إسرائيل عام 2005 لمراقبة حدود غزة .
· ويحظر إنشاء اى مطارات او موانى عسكرية فى كل سيناء
· فى مقابل هذه التدابيرفى مصر قيدت الاتفاقية إسرائيل فقط فى المنطقة (د) التى تقع غرب الحدود الدولية وعرضها 3 كم فقط ، وحدد فيها عدد القوات بـ 4000 جندى
· وللتقييم والمقارنة ، بلغ حجم القوات المصرية التى كانت الموجودة شرق القناة على ارض سيناء فى يوم 28 اكتوبر1973 بعد التوقف الفعلى لاطلاق النار ، حوالي 80 ألف جندى مصري واكثر من الف دبابة .
· ولكن الرئيس الراحل انور السادات وافق على سحبها جميعا وإعادتها الى غرب القناة ما عدا 7000 جندى وثلاثون دبابة ، وذلك فى اتفاق فض الاشتباك الاول الموقع فى 18 يناير 1974
· ان مراجعة خطة العدوان الاسرائيلى على سيناء فى حربى 1956 و1967 ، تثير القلق فيما اذا كانت الترتيبات الحالية قادرة على رد عدوان مماثل لا قدر الله .
· وللتذكرة فلقد تم العدوان الاسرائيلى عام 1967 على اربعة محاور:
1) محور رفح ، العريش ، القنطرة
2) محور العوجة ، ابو عجيلة ، الاسماعيلية
3) محور الكنتلا ، نخل ، السويس 
4) محور ايلات ، دهب ، شرم الشيخ جنوبا ثم الطور ، ابو زنيمة شمالا ليلتقى مع هجوم المحور الثالث القادم من راس سدر
· وتجدر الاشارة الى ان المنطقة المسلحة الوحيدة (أ) تنتهى قبل ممرات الجدى ومتلا والخاتمية التى تمثل خط الدفاع الرئيسى عن سيناء .
· سبق للرئيس السادات ان رفض هذا الوضع ، اذ انه صرح فى 19 مارس 1974 " آن الحديث الدائر في اسرائيل عن نزع سلاح سيناء يجب آن يتوقف 0 فاذا كانوا يريدون نزع سلاح سيناء فسوف اطالب بنزع سلاح اسرائيل كلها 0 كيف انزع سلاح سيناء 00انهم يستطيعون بذلك العودة في وقت يريدون خلال ساعات "
* * *

ثانيا : القوات الاجنبية فى سيناء :

وهى القوات متعددة الجنسية MFO او ذو"القبعات البرتقالية" كما يطلق عليها للتمييز بينها وبين قوات الامم المتحدة ذو القبعات الزرقاء . ويهمنا هنا التاكيد على الاتى :
· نجحت امريكا واسرائيل فى استبدال الدور الرقابى للامم المتحدة المنصوص عليه فى المعاهدة ، بقوات متعددة الجنسية ، وقع بشانها بروتوكول بين مصر واسرائيل فى 3 اغسطس 1981.
· تتشكل القوة من 11 دولة ولكن تحت قيادة مدنية امريكية
· ولا يجوز لمصر بنص المعاهدة ان تطالب بانسحاب هذه القوات من اراضيها الا بعد الموافقة الجماعية للاعضاء الدائمين بمجلس الامن .
· وتقوم القوة بمراقبة مصر، اما اسرائيل فتتم مراقبتها بعناصر مدنية فقط لرفضها وجود قوات اجنبية على اراضيها ، ومن هنا جاء اسمها (( القوات متعددة الجنسية والمراقبون ـ MFO ))
· وفيما يلى بعض التفاصيل :
· تتحدد وظائف MFO فى خمسة مهمات = ( 4 + 1 ) هى :
1) تشغيل نقاط التفتيش ودوريات الاستطلاع ومراكز المراقبة على امتداد الحدود الدولية وعلى الخط ( ب ) وداخل المنطقة ( ج )
2) التحقق الدورى من تنفيذ احكام الملحق الامنى مرتين فى الشهر على الاقل ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك
3) اجراء تحقيق اضافى خلال 48 ساعة بناء على طلب احد الاطراف
4) ضمان حرية الملاحة فى مضيق تيران
5) المهمة الخامسة التى اضيفت فى سبتمبر2005 هى مراقبة مدى التزام قوات حرس الحدود المصرية بالاتفاق المصرى الاسرائيلى الموقع فى اول سبتمبر 2005 والمعدل فى 11 يوليو 2007 ( ملاحظة : لم يعلن عن هذا الاتفاق ولا نعلم ما جاء به ، ولقد وقع بعد سيطرة حماس على غزة )
· مقر قيادة القوة فى روما ولها مقرين اقليميين فى القاهرة وتل ابيب
· المدير الأمريكى الحالي ديفيد ساترفيلد David M. Satterfield ومدة خدمته أربعة سنوات بدأها فى اول يوليو 2009 . وقبل ذلك شغل منصب كبير مستشاري وزيرة الخارجية كونداليزا ريس للعراق ونائب رئيس البعثة الامريكية هناك ، كما كان سفيرا للولايات المتحدة فى لبنان .
وكان المدير السابق جيمس لاروكو James A. Larocco امريكى الجنسية ايضا وكذلك سيكونون على الدوام بنص البروتكول .
تتمركزالقوات فى قاعدتين عسكرتين : الاولى فى الجورة فى شمال سيناء بالمنطقة ( ج ) والثانية بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة
· بالاضافة الى ثلاثين مركز مراقبة
· ومركز اضافى فى جزيرة تيران لمراقبة حركة الملاحة !
* * *

تكوين القوات وتوزيعها :

· تتكون من قيادة وثلاثة كتائب مشاة لا تزيد عن 2000 جندى ودورية سواحل ووحدة مراقبة ووحدة طيران حربية ووحدات دعم واشارة
· الكتائب الثلاثة هى كتيبة امريكية تتمركز فى قاعدة شرم الشيخ والكتيبتين الاخرتين احداهما من كولومبيا والاخرى من فيجى وتتمركزان فى الجورة فى الشمال وباقى القوات من باقى الدول موزعة على باقى الوحدات وفيما يلى جدول يبين عدد وتوزيع وجنسية القوات :

الولايات المتحدة - كتيبة مشاة فى شرم الشيخ -425 
الولايات المتحدة -وحدة طبية ووحدة مفرقعات ومكتب القيادة المدنية - 235 
الولايات المتحدة - القيادة العسكرية - 27
كولومبيا - كتيبة مشاة فى الجورة فى الشمال- 358
فيجى - كتبة مشاة فى الجورة فى الشمال -329
المملكة المتحدة - القيادة العسكرية -25
كندا -القيادة العسكرية والارتباط وشئون الافراد  28
فرنسا -القيادة العسكرية والطيران -15
بلغاريا -الشرطة العسكرية - 41
ايطاليا - دورية سواحل من ثلاثة سفن لمراقبة الملاحة فى المضيق وخليج العقبة -75
نيوزيلاندا -دعم وتدريب واشارة - 27
النرويج -القيادة العسكرية ومنها قائد القوات الحالى -6
اورجواى - النقل والهندسة -87

يلاحظ من الجدول السابق ما يلى :
· تضطلع الولايات المتحدة بمسئولية القيادة المدنية الدائمة للقوات كما ان لها النصيب الاكبر فى عدد القوات 687 من 1678 فرد بنسبة 40 %
· وذلك رغم انها لاتقف على الحياد بين مصر واسرائيل ، ( راجع مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تعتبر احد مستندات المعاهدة )
· وقد اختارت امريكا التمركز فى القاعدة الجنوبية فى شرم الشيخ للاهمية الاستراتيجية لخليج العقبة والمضايق بالنسبة لاسرائيل
· رغم ان جملة عدد القوات لا يتعدى 2000 فردا ، الا ان كافية للاحتفاظ بالمواقع الاستراتيجية لصالح اسرائيل فى حالة وقوع اى عدوان مسقبلى منها ، خاصة فى مواجهة قوات من الشرطة المصرية فقط فى المنطقة ( ج )
· ان الوضع الخاص للقوات الامريكية فى بناء الـ MFO قد يضع مصر فى مواجهة مع امريكا فى ظل اى ازمة محتملة ، مما سيمثل حينئذ ضغطا اضافيا على اى قرار سياسى مصرى .
· تم استبعاد كل الدول العربية والاسلامية من المشاركة فى هذه القوات
· ومعظم الدول الاخرى عدد قواتها محدود وتمثيلها رمزى فيما عدا كولومبيا وفيجى
· ان القيادة العسكرية كلها من دول حلف الناتو
* * *

الميزانية والتمويل :

· تقدر الميزانية السنوية الحالية للقوات بـ 65 مليون دولار امريكى
· تتقاسمها كل من مصر واسرائيل
· بالاضافة الى تمويل اضافى من اليابان والمانيا وسويسرا
* * *

وفى اسرائيل :

اما على الجانب الاخر فى المنطقة (د) فلا يوجد سوى مراقبين مدنيين قد لا يتعدى عددهم 100 مراقب ، حيث رفضت اسرائيل وجود اى قوات على (اراضيها)
* * *
كان ما سبق هو حجم ازمة السيادة فى سيناء ، وان لم نسارع للتحرر منها فورا بتعديل المادة الرابعة من المعاهدة على اضعف الإيمان ، فستظل ارادتنا مكبلة وسيظل شهدائنا يتساقطون واحدا تلو الآخر بلا حول ولا قوة .
* * * * *
القاهرة فى 6 اغسطس 2012

نخب الدماء - عبد الرازق أحمد الشاعر


في واحدة من معارك التاريخ التي لا تنتهي، التقت كتيبة إنجليزية بحامية فرنسية عام 1745، ويومها وجد اللورد تشارلز هاي نفسه على بعد خطوات من غريمه الفرنسي أوتيروث. كان الرجلان متعبان جدا ومنهكان للغاية، لكنهما لم يجدا من التقدم نحو مصيرهما المعلوم بدا. تقدم هاي قليلا ليكسر حاجز الرهبة في نفوس مريديه، ورد أوتيروث التحية الإنجليزية بمثلها، لكن خطواتهما المتعثرة لم تغير من الموقف المتأزم شيئا. كان على أحدهما أن يبدأ بالتلويح إيذانا بالهجوم، لكنهما لم يجدا في عروق أياديهما نبضا يكفي. واستمرت حالة جس النبض بين الطرفين دقائق مربكة. 
ولأن اللورد الإنجليزي المتعب كان أدرى بحال جنده، فقد طلب من الحامية الفرنسية أن تبدأ القتال. لكن أوتيروث مرة أخرى رد التحية بأفضل منها، وانحنى قائلا: "سيدي اللورد، نحن الفرنسيين لا نبدأ أبدا بإطلاق النار. لتبدأ أنت." لم يكن الرجلان يتعازمان على وجبة عشاء في الإليزيه، ولا يتناولون الغداء في مطعم تشايناتانج بدورشستر، ولكنهما كانا يضربان أقداح الدماء في صحة إمبراطوريات فاشية تتمدد فوق التاريخ فوق العظام والأشلاء. 
لكن الإعياء حتما لم يكن الوازع الوحيد وراء هذا الكرم الدموي المدهش. فقط وجد الرجلان نفسيهما في سبخة موحلة لا يريان للزوجتها يابسة. فقد ظل الرجلان يدوران في حرب همجية كثيران حقل معصوبي الأعين. فجأة، اكتشف الرجلان أن أقدامهما لا تحرز تقدما أو تسجل تراجعا على مقياس التاريخ. فلطالما كسبا أرضا ثم خسراها بقوة السلاح أو قهر المساومات. فقط كانت الدماء تسجل في تاريخهما ارتفاعا مضطردا لا يمكن تخفيضه بحال.
ما معنى أن يقاتل الرجل معذبا مثله قادته الولادة لانتماء، وقادته الحدود للحرب؟ ما معنى أي يرفع أحدهما بارودته ليخترق جمجمة رجل كل إثمه أنه يظن كما يظن هو - أنه يدافع عن بلاده؟ وما معنى أن يفرط القائد برجال لطالما جالسهم وشرب معهم أقداح الشاي الدافئ كي يشبع نهمه البهيمي في القتل والسحل؟ أي بطولة تلك التي يمكن أن يدعيها الرجلان وهما يغامران بترك زوجتيهما وأبنائهما في ذمة تاريخ لا يأبه لذكرى، وسرعان ما يستبدل نياشينهما بالتراب؟ 
في معركة فونتنوي الحاسمة، وقف قائدان صغيران أمام التاريخ بأسئلة كبيرة لم يجدا لها في قاموس المنطق مبررا، لكنهما وقفا يومها على حقيقة تاريخ غبي تستحثه الأطماع والكروش المنتفخة التي تتكوم خلف الطاولات لتشاهد مباريات العنف من وراء حجاب. توقف القائدان عن الحسم، لأنه لا حسم هناك. فالدماء لا تصنع البطولة، وإنما تصنع تيجانا قبيحة يلبسها قرود التاريخ الهمجيون الذين لا يرون في تخدد الأرض بالدماء غير لوحات فولكلورية ماجدة. 
لم يعد المجد للشهداء بعد أن نال لقب الشهادة في ميادين المعارك الخاسرة البلطجية والمأجورون. ولم يعد المجد للشهداء في بلاط تاريخ يلوثه التافهون بدماء الأغبياء ليصنعوا مجدا تافها سرعان ما يتنازلون عنه طوعا أو كرها. ذات فونتنوي أدرك المتعبان من همجية القتل أن خطوات محدودة فوق بلاط مؤقت لا تستحق كل هذه الدماء التي تسفك في شوارع التاريخ. 
فمتى يدرك قادة همجيتنا ما أدركه قائدان متعبان فوق ساحة دامية ذات صدق؟ متى يدرك قادة القتل والسحل والحرق أن الدماء التي تراق فوق أرضنا في سبيل التمكين لمكرهم أغلى من كل انتصاراتهم التافهة وعروشهم المؤقتة؟ ليتهم يدركون وليتنا ندرك وليت الزمن يتوقف عاما أو عامين ليمنح الخائضين في دمائنا فرصة لإعادة النظر في خطواتهم العابثة.
أديب مصري مقيم بالإمارات
Shaer129@me.com

نائب بالكنيست :الجيش الصهيونى يدرب كلابا بوليسية تهاجم من يقول "الله أكبر"

25 مارس 2013

فلاح صعيدي اصيل يمسح بجبهة خراب مصر الارض

في مصر عبد الناصر لا ناصرية .. ولا ناصريين بقلم محمد رؤية ناظم

هذا المقال
نختلف فكريا فى اجزاء منه مع مؤلفه ولكننا نتفق معه فى ضرورة العمل الديمقراطى للانتصار لعبد الناصر ..ضد من يحاولون وصم التجربة الناصرية بالبلطجة والاقتتال وتدمير الوطن لصالح شخص او عدة اشخاص .. سيد أمين

في مصر عبد الناصر.. لا ناصرية .. ولا ناصريين  

بقلم محمد رؤية ناظم
· لم تقف الناصرية عند حدود "الحرية والاشتراكية والوحدة" ولكنها شملت قيماً أخلاقية نبيلة ومواقف مبدئية ثابتة من كافة قضايا الإنسان.. ولهذا ترسّخت في وجدان شعبنا العربي ووجدت لها صدى عميقاً لدى شعوب الأرض التي تتطلع للحرية.
· كانت مصر بالناصرية منارة عالمية وحظيت بها الأمة العربية بشرف ريادة العالم من جديد.
· لقد أسّس جمال عبد الناصر بقيمه ومبادئه ومواقفه التي طرحها وتبناها لبناء مجتمع إنساني عادل صالح لكل زمان ومكان، يحقق الحرية للإنسان والمجتمع في آن واحد.
· كانت ثورة يناير فرصة أضاعها الحزبيون والسلطويون وعشاق المال والتمويل الاجنبي، فهل يضيّعها الناصريون الذين عاشوا من أجل هذا اليوم العظيم..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يكن جمال عبد الناصر رجل مرحلة حتى ينساه شعبه ويعبره التاريخ.. ولكنه كان بطلاً تاريخياً وإنسانياً وقف عنده التاريخ طويلاً، ولم يعبره، ولن يعبره التاريخ، فجمال عبد الناصر ثائر وإنسان مؤمن بقيم الحرية والعدل والمساواة، استطاع أن يلوى عنق التاريخ لصالح الإنسانية، وغيّر مجراه ومساره، وأنسن العلاقات المجتمعية بصفة مطلقة، وعبّر بقيمه ومبادئه ومواقفه ـ التي طرحها وتبناها ـ عن تلك القيم الفطرية التي تأسس لمنظومة أساسية لحقوق الإنسان الأساسية المقدسة، ووضع القوانين الصالحة لبناء مجتمع إنساني عادل صالح لكل زمان ومكان، يحقق الحرية للإنسان وللمجتمع في آن واحد، فصنع بذلك تاريخاً جديداً، وإذا كان الفلاسفة والمفكرون على مر التاريخ، قد صاغوا أفكاراً إنسانية، وأضافوا قواعد جديدة للفكر الإنساني بمختلف توجهاته ومناحيه، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلا أن تلك الأفكار في مجملها فشلت في عمل التوازن الضروري بين حاجات الإنسان الأساسية التي تضمن تحقيق حرية الفرد والجماعة، في مواجهة تطلعات الإنسان وطموحاته التي لا تقف عند حد، كما فشلت في صناعة النموذج الضامن لتحقيق تلك القيم العادلة التي تحقق الأهداف الإنسانية السامية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يكن جمال عبد الناصر رجل مرحلة، ولكنه بطل تاريخي ورمز تاريخ، فقد غيّر وجه التاريخ، ليس في مصر والوطن العربي فحسب، ولكنه استطاع بوعيه الإنساني الثوري أن يخرج بواقعه وفلسفته وتجربته إلى قارته الإفريقية، وعالمه الرحب الممتد على طول اليابسة وعرضها، حتى أنه كان ملهماً ومحفزاً لثوار العالم الذين استطاعوا بالزخم الإنساني الرائع والخالد لهذا القائد الملهم، وروحه الكفاحية، وصلابته، وعزمه، أن يقتلعوا جذور الاستعمار العالمي في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وأن يبنوا، فرادى وجماعات، عبر ملاحم شعبية كفاحية رائعة، حضارة إنسانية جديدة، غيّرت وجه العالم، وقلبت موازينه السياسية، وأعادت العلاقات الدولية إلى طبيعتها العادلة عبر منظومات دولية ثلاث، هي منظمة الوحدة الإفريقية، وحركة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والتي كانت لعدة عقود ركائز أساسية في حماية شعوب العالم من خطر الاستعمار العالمي، وهيمنة القوى الغاشمة على مقدرات الشعوب، وقام بتفعيل جامعة الدول العربية لاحتواء الرجعية العربية وتحديث آليات العمل العربي المشترك بهدف تحقيق الأمن القومي العربي.
وبعد أكثر من (42) اثنين وأربعين عاماً على رحيل البطل، ونحن نرى الدمار الهائل الذي لحق بالبنية السياسية في مصر، وهذا الفراغ السياسي الموحش، الذي يعرّض مصر وشعبها لتغيير الهوية والانفصال عن التاريخ، بل والتيه، بتولي تلك العصابات المنظمة التي تحاول الانتساب إلى الدين الإسلامي الحنيف تستراً على أهدافها السلطوية، وهي تتطلع للتمدد لاحتواء الهويات الوطنية والقومية للشعوب المسلمة، خداعاً للمواطن المسلم، وتدليساً على الحق والتاريخ، وبعد أن اختلط الحابل بالنابل، وتحولت قضايانا الأساسية وهي أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة إلى صراع حول مفردات وجمل وتفسيرات، ودرنا في دائرة مفرغة صنعوها لنا حتى التمكين (الأخونة)، وبدأنا نتدحرج من سهل إلى جرف إلى أخدود إلى هاوية، ونحن نحتضن الأحلام الوردية التي زرعتها فينا تلك الثورة النبيلة، ولا ندرك أن قراءة كافة السياسيين للثورة كانت قراءة سطحية، وأن غياباً واضحاً للمنهج هو الذي أحدث فراغاً في الحوار، وأن غياباً واضحاً للرمز هو الذي أحدث فراغاً في القيادة، وأن غياباً واضحاً للإيمان بقضايا شعبنا العظيم وأهداف الثورة على جانبي الصراع جعله جولات من الصراخ والعويل، وتأكد الشعب أنه ضحيةً للمنتفعين، وأن الثورة قد سرقت من قبل تنظيم رجعي متعفن، فخرج من الصراع، ربما ليعد نفسه للثورة الثانية..
هنا.. من حقنا أن نتساءل، أين الناصرية ...؟ وماذا فعل الناصريون؟؟!
الناصرية.. التي لم تقف عند حدود "الحرية والاشتراكية والوحدة" ولكنها شملت قيماً أخلاقية نبيلة ومواقف مبدئية ثابتة من كافة قضايا الإنسان، وترسّخت ـ وما زالت حتى اللحظة ـ في وجدان الشعب المصري عبر سواده الأعظم، تحالف قوى الشعب العامل من عمال وفلاحين ومثقفين ورأسمالية وطنية وجنود، وترسّخت ـ وما زالت حتى اللحظة ـ في وجدان شعبنا العربي، فطهرت أمتنا العربية العظيمة من رواسب الإقليمية والرجعية، الناصرية التي وجدت لها صدى عميقاً ـ وما زالت حتى اللحظة ـ لدى أحرار العالم وشعوبه التي تتطلع لتحرير إرادتها وترابها، لقد كانت مصر بالناصرية منارة عالمية، وحظيت بها الأمة العربية بشرف ريادة العالم من جديد. 
ومن حقنا ـ بعد قراءة الواقع أن نقول بوضوح شديد، إن الناصرية باقية ما بقي الدهر، لأنها فكر، وقيم، ومبادئ، ومواقف مبدئية وثابتة من كافة قضايا الإنسان، فالناصرية باقية في الوجدان الإنساني، وباقية في الضمير الوطني والقومي، ولكن..!! أين الناصريون..؟!!!
عندما رحل البطل.. كان الميراث ثقيلاً، لأنه ميراث أخلاقي، وإنساني، وثوري، وشعبي، ومسؤولية تاريخية عن إنجازات تحققت على الأرض لا مناص من استكمالها، وعناوين كبيرة وواضحة عن طموحات شعب وأمة، وحلقات مترابطة ومتتابعة في الوطن العربي وإفريقيا والعالم الإسلامي والعالم، لا بد وأن تتواصل فعالياتها، وحركتها، كانت تركة ثقيلة إلا على الرجال الأنقياء، المؤمنين، كان الميراث ثقيلاً على أشباه الرجال والمتسللين والوصوليين والسواعد الخائرة، كان الميراث ثقيلاً على المترددين وعشاق السلطة والسلطان، ولم تمض غير أشهر قليلة حتى بدا واضحاً أن من أحنى رأسه لتمثال عبد الناصر وافتخر ـ زوراً ـ بأنه كان شريكاً، تنصّل من كل الميراث، وبدأ "السادات" "عصر الردة"، واستمر عصر الردّة لأكثر من أربعة عقود، وتأتي ثورة يناير المجيدة لتثبت للذين خارت قواهم أن الناصرية مترسخة في وجدان شعبنا العظيم، وقد عبّرت عنها الثورة الشعبية الهادرة في موجاتها المتعاظمة بشعارها الشهير "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية"، وكان تحالف قوى الشعب هو الطوفان الهادر، ولقد كان تحالفاً شعبياً لا أثر فيه لحزب أو تنظيم أو جماعة أو ما شابه من تكوينات سياسية، تحالف شعبي نقي يقوده ثوار أشاوس، أسقطوا عصر الردّة، وحلموا بأن يستردوا عصر الحرية والمساواة والعدل الاجتماعي.
جاءت ثورة يناير المجيدة لتكشف أن الأحزاب الناصرية أشكال هلامية، وأن القيادات الحزبية أصابتها الشيخوخة، وغلب عليها العجز فلم تستطع تنظيم صفوفها، وغلب عليها حب المال والسلطة فانقسمت تلك الأحزاب على نفسها، وضاع الهدف الأساس، أربعة أحزاب ناصرية، لم تستطع الوفاء بتبعات المرحلة، ففقد الشارع المصري الاحساس بوجود من يعبّر عن الناصرية، وأدركت الجماهير عجزهم عن الدفاع عن الطرح والميراث، وبلغت المأساة ذروتها بانهيار مروّع، فقد أصبح الشعار التاريخي في "الحرية والاشتراكية والوحدة" طي النسيان إلا في بعض المناسبات القومية حيث يرفعه بخجل شديد بعض الخطباء للتعبير عن فخرهم بالانتماء للماضي العظيم، ولعلّ الأدهى والأمر أن الناصرية تحوّلت إلى تجارة بالموقف، وبعد الانهيار الذي حدث للناصرية في مصر، انسحب الانهيار على الناصريين العرب، فقد خرجوا في معظمهم عن العقل، ولا غرابة في هذا، فعلى الدوام كانت مصر الريادة والقيادة، حتى في الانكسار والهزيمة، وخرجت الأحزاب "الناصرية" في مصر والوطن العربي عن الثوابت الناصرية وتقلبت المواقف، وعمّت التجارة والمتاجرة بالناصرية، تضليلاً لشعبنا العربي العظيم وتدليساً عليه.
فهل يصدق عقل، ومهما كانت الأسباب، أن من "الناصريين" الليبيين، وغير الليبيين، من وقف مع استجلاب "الناتو" لضرب الشعب الليبي وسحق بنيته التحتية ونهب ثرواته من قبل قوى الاستعمار العالمي الغاشمة..؟!! وهل يصدق عقل أن من "الناصريين" في مصر من حالف جماعة "الاخوان المسلمين"، وهم أعدى أعداء الناصرية، ونزل الانتخابات على قوائمهم للفوز بكرسي في مجلس الشعب...؟!!، ومنهم من وقف في أروقة المحاكم دفاعاً عن الرأسماليين المستغلين ضد مصالح العمال الكادحين وحقوقهم المشروعة، ومنهم اليوم من يجمع أموالاً لحساب الحزب الناصري الموحّد الذي لم ير النور بعد، وهل يصدق عقل، ومهما كانت الأسباب، أن من "الناصريين" السوريين، وغير السوريين، من يقف مع العصابات الإرهابية التي تجتاح سوريا وتهدد وحدة أراضيها، لحساب المخطط الامبريالي الصهيوني، ولتسلمها للعصابات التي تدعي أنها إسلامية..؟!! هل يصدق أحد أن من الناصريين العرب من يعتبر أن الفوضى التي أحدثها الغرب في الوطن العربي هي ربيع عربي، وأنها ثورات شعبية، لتحقيق الديمقراطية..؟! وهل يصدق أحد أن ناصرياً عربياً يقبل تمويلاً من الرجعية العربية لدعم عمل قومي أياً كانت صفته أو اسمه..؟!! وهل يصدق عقل أن ينعقد "المؤتمر الناصري العام" الذي يضم تنظيمات "ناصرية" عربية، بناءً على طلب من حكومة عربية رجعية لاتخاذ موقف داعم لقوى الاستعمار العالمي، وللغزاة الذين يحاولون تقسيم سوريا، ولتسليم شعب صامد في وجه الصهاينة لأعداء العروبة والاسلام من تيارات سياسية ارهابية تعمل تحت ستار الاسلام..؟!!
هذا غيض من فيض لا يتسع المقام لسرده، فهذه مجرد أمثلة لما فعله "الناصريون" في مصر عبد الناصر، وفي الوطن العربي الذي يدين لعبد الناصر بالكثير، وفي المقدمة، حرية التراب والإرادة.
ونقول مصر عبد الناصر، لأنه هو من حدّثها، وبنى لها هذا المجد الذي تعيش عليه اليوم، فقد حقق لها الريادة والقيادة، والمكانة الدولية الرفيعة، وهو من حرّر ترابها بعد عقودٍ طويلة من الاحتلال الأجنبي، وهو من وضعها في مصاف الدول التي تحظى باحترام العالم وشعوبه، وينسحب على الوطن العربي ما انسحب على مصر العظيمة بكفاح عبد الناصر وانتصاراته وما حققه على المستوى الاقليمي والعالمي.
وبعد:
أمام المحنة المفجعة التي تعيشها مصر، ومعها الوطن العربي، وتأكد انهيار التنظيمات والهياكل التي تعبّر عن الناصرية، وتأكد أن الأزمة ليست تنظيمية فحسب، ولكنها أزمة قيادات انحرفت عن دورها التاريخي، ورغم ذلك تمسكت بالفشل متمثلاً في بقايا تلك الأحزاب الخاوية الخائرة، واشعلت حرباً في المحاكم، وتركت الشارع للتنظيمات المعادية للحرية، التي تعمل تحت ستار ديني، محدثة بذلك فراغاً سياسياً هائلاً، وقد قاطعت جماهيرها المؤمنة بالناصرية وعبد الناصر، وبذلك ساهمت بجهد وافر في توريط مصر وشعبها في محنة ستكلفها عدة عقود، من ثرواتها، ومن تاريخها، وقد استمر الصراع بين الجديد والقديم في محاولة لرأب الصدع، وتجميع الهياكل الناصرية التي فقدت حيويتها، ليصب فيها تحالف قوى الشعب المصري طاقته المبدعة الخلاقة، ويعيد بناء مصر التي خرّبها المرتدون، ولكن هيهات.. لقد بدا واضحاً أن لكل من القيادات الحزبية شروطه، ولم يعد هناك بد من هدم المعبد على رؤوس أصحابه..(..........).
لقد كانت ثورة يناير المجيدة فرصة تاريخية للناصريين لإعادة تنظيم الصفوف، فقد أثبت شعب مصر أن الناصرية تعيش في وجدانه، وقد رفع صور الزعيم الراحل في كافة ميادين مصر وشوارعها وحاراتها، وكانت الثورة فرصة ذهبية لإستعادة مكاسب العمال والفلاحين والطبقات الكادحة والمطحونة، كانت الثورة فرصة لاستعادة التعليم المجاني والعلاج المجاني وتمديد مظلة التأمين الاجتماعي لتشمل شعب مصر عن بكرة أبيه، كانت الثورة فرصة لنقل مصر إلى القرن الحادي والعشرين، كانت الثورة فرصة لأن تستعيد مصر دورها الريادي، والحضاري، في أمتها وقارتها والعالم، كانت الثورة فرصة لتحقيق "الحرية والاشتراكية والوحدة" فشعب مصر تواق لعودة تاريخه العظيم، وشعبنا العربي ما زال يتطلع للناصرية ليتخلص من الرجعية والهيمنة ونهب الثروات، وكانت ثورة يناير المجيدة فرصة ذهبية لإلحاق الهزيمة بالمخططات الصهيونية والإمبريالية في الوطن العربي والعالم، بضربة موجعة، وقاضية، وأخيرة، ولكن هيهات..
فرصة اضاعها الحزبيون والسلطويون وعشاق المال والتمويل الاجنبي، فهل يضيّعها الناصريون الذين عاشوا من أجل هذا اليوم العظيم..؟ هل يضيّعها شعب مصر ..؟
ولن تغيب الإجابة..