04 أغسطس 2012

"عيزرا ناجي زلخا"الجاسوس اليهودي الذي قتل الطيار العراقي لرفضه التعامل مع اسرائيل


  غزة- دنيا الوطن
عندما رآها مقبلة هتف في نفسه: "يا الهي . . من أي سماء أتيت؟ . . ومن أي بطن ولدت؟ . . أمثلك يمشي على الأرض مثلنا ويلوك الشعير ؟؟".
ولكي يفوز بها، اشترط أبوها مهراً غالياً.. خيانة الوطن. فتزوجها. . واستطاعت بأنوثتها الطاغية، أن تجند "جيشاً" من الخونة.
ومثلما قتلت زوجها عشقاً.. وخضوعاً. . قادها هو بنفسه الى حبل المشنقة، ليخنق الحب والجمال . . والحياة.
ويسدل الستار على أغرب قصة حب بين ثعبان وحية. . داخل حجرة الإعدام. . !!
كلهم عيزرا
بانكشاف أمر الدكتور عيزرا خزام وأعوانه، توالى سقوط شبكات الموساد في العراق، نتيجة الخطأ الجسيم في نظام الاتصال بين الشبكات.
ذلك الخطأ الذي أفاد العراقيين، ومكنهم بسهولة من كشف تسع شبكات دفعة واحدة، مما أحدث فراغاً مخابراتياً كبيراً في إسرائيل، بسبب توقف سيل المعلومات عن الحياة المختلفة في العراق.
كان "عيزرا ناجي زلخا" أحد هؤلاء الرؤوس... واحداً من أشرس الجواسيس وأمهرهم، الذين قادوا الصراع بالأدمغة بين المخابرات الاسرائيلية والمخابرات العراقية. .
فهو يهودي عراقي، ماكر كالثعلب، وديع كالأرنب، شرس كالنمر ذو ألف مخلب، سهل جداً أن يتلون كالحرباء وفقاً للظروف والمواقف، لكنه على كل حال ثعباني الخطر، قلما يفلت مخلوق من لدغته.
ولد عيزرا ناجي زلخا بالموصل شمالي العراق أو يناير 1927، وحصل على شهادة متوسطة أهلته للعمل موظفاً في أرشيف وزارة التجارة ببغداد.
تعرف بمعلمة يهودية اسمها "ملاذ" في المعبد اليهودي، لا تحمل قدراً كبيراً من الجمال، لكنها رقيقة تفيض عذوبة وحناناً. . فأحبها بإخلاص وتزوجا عام 1952، وعاشا معاً هانئين ترف حولهما السعادة، الى أن أصيبت فجأة بالحمى التيفودية التي سرعان ما فتكت بها، ورحلت بعد عام واحد من الزواج، فعاش حياته من بعدها وحيداً، مهموماً، منشغلاً عن متع الحياة بالسباحة في بحر الذكريات.
أشفق عيله نفر من صحبه، وفي محاولة لمساعدته ليخرج من محنته، دفع دفعاً للعمل فترة مسائية بأحد المختبرات الطبية، فاستنزفه العمل ليل نهار، لكنه برغم ذلك، ظل وفياً لزوجته الراحلة، لم يغتنم فرصة واحدة للتجاوب مع اية امرأة أخرى تتقرب اليه.
وفي أحد الأعياد اليهودية، حمل باقة زهور الى قبرها، استند برأسه الى جدار القبر، وهجمت عليه الذكريات كالأعاصير. فاستغرقته تماماً، وتلبد حاله لينخرط في بكاء مرير، حفرت دموعه التخينة أخدودين نازفين على خديه.
التفت فجأة الى صاحب اليد الحانية التي تربت على كتفه، فوجد رجلاً قارب الستين نحت الزمن آثاره على وجهه. جذبه الكهل فمشى الى جواره يقص عليه حكايته، وأحزانه فتأثر الرجل وطالبه بالصبر، وأخذ يقص هو الآخر حكايات ومأثورات ليخفف عنه، ثم حدثه عن نفسه وعن زوجته فائقة الجمال، التي ماتت هي الأخرى في شبابها وهي تلد، فلم يعثر على من تماثلها جمالاً، وعاش بلا زوجة واهباً حياته لابنته الوحيدة التي أنجبها.
كان اليهودي الكهل – واسمه "بوشاط – يعمل تاجراً متجولاً بين أحياء بغداد الشعبية، يبيع بضائعه المختلفة بالأجل، فاشتهر بين النساء الفقيرات اللاتي أقبلن على سلعه، باسمات فرحات بحديثه العذب، ومداعباته الرقيقة لأطفالهن.
وكانت زيارة عيزرا لبوشا لأول مرة. . بداية مثيرة لقصة من قصص الحب، والجاسوسية، والتوحش.
فبوشا التاجر المتوسط الحال، وقع منذ زمن في شرك الجاسوسية، وانضم لإحدى الخلايا السرية التي تعمل لصالح إسرائيل. وكانت مهمته جمع المعلومات عن فقراء اليهود في الأحياء الشعبية، ظروفهم المعيشية، وأعدادهم، وتعليمهم، وحرفهم، واتجاهات الرأي عندهم في مسألة الهجرة. فكان لذلك يكثف من زياراته للأحياء اليهودية ليكتب تقاريره عنهم. ويتردد على القبور لتصيد الأخبار من أفواه المكلومين، دون أن تعلم ابنته بنشاطه التجسسي، أو يحاول هو جرها الى العمل معه.
ذهب عيزرا مطمئناً الى صديقه الجديد بوشا الذي استقبله بترحاب كبير، وصارحه بأنه مغتبط لوفائه العظيم لزوجته الراحلة مثله. ونادى على ابنته، فأقبلت. . أقبلت "روان". . كأنما أقبلت معها رائعات الحياة جميعها، وتجمعت في وجهها الرائق الصافي الساحر.
كالأبله فغر فاه، لا يصدق أن هناك من بني البشر من هي بمثل ذلك الجمال الفتان.
مدت يدها مرحبة بالضيف فارتبك عقله، إذ سلب بريق عينيها النجلاوين ما بقي عنده من إدراك. ومست أصابعها يده فمست فؤاده. . ووجدانه.. حتى النخاع. . وهتف في نفسه:
"يا الهي . . من أي سماء أتيت.. . ؟ ومن أي بطن ولدت.. ؟ أمثلك يمشي على الأرض مثلنا ويلوك الشعير .. ؟. . !!"
رجع عيزرا الى مسكنه إنساناً آخر، يشعر في قرارة نفسه بأن ابنة بوشا دحرته، وانتصرت على ذكرى الراحلة. فها هي قدماه تقودانه رغماً عنه الى "روان". وها هو القلب يدق كلما ذكرها في خياله، أو جلس قبالتها، إن شرايينه عادت تنبض بالعشق من جديد، في تحنان وانتعاش، حتى الحياة كلها من حوله، تبدلت فيها الصور. . وتجملت.
زار بوشا ذات مساء وكانت روان بمفردها .. . دعته ابنة السابعة عشر للدخول فلبى، وجلس اليها كالتلميذ الغبي البليد الذي يجهل النطق والكلام.
تمنى لحظتئذ أن يصارحها بحبه. أن يضمها بين أحضانه ويدفن رأسه بين شعرها المنسدل كأستار الليل، أن يلثم أناملها وراحة يدها، ويتأمل هذا الوجه الساحر عن قرب.
استجمع جرأته وسألها هل تقبل به زوجاً، ضحكت كطفلة بريئة ملأى أنوثة، وقالت له: إن هذا الأمر بيد والدها لا بيدها، فصارح بوشا برغبته، ولحظتها. . ضحك العجوز ساخراً، وسأله كم ديناراً يملك مهراً لها؟
فأجابه عيزرا بأنه يدخر ألف دينار، ولديه سكناً وعملاً حكومياً، وراتبه يفي بمتطلبات الحياة الزوجية.
قهقه اليهودي الذي يدرك مدى هيامه بابنته، وأخبره أن مهر ابنته الوحيدة عشرة آلاف لا تنقص ديناراً واحداً.
وجم عيزرا العاشق الموله، وغادر المنزل مقهوراً، تسبح روان بدمه وتسيطر على عقله، وفؤاده، وأعصابه.
مرت به ليال طويلة مريرة وهو يفكر ما العمل؟ وصدق حدس بوشا عندما زاره عيوزرا عراضاً ألفي دينار مهراً لروان.
سأله العجوز بخبث عن مصدر الألف الثانية فقال إنه تقدم الى العمل بطلب "سلفة" تخصم من راتبه. ولما رفض طلبه للمرة الثانية، عرض عيزرا أن يستكتبه صكاً بألف دينار أخرى. لكن بوشا وافق أن تكون قيمة الصك ثمانية آلاف دينار.. على شرط.
سأله عيزرا عن شرطه الأخير، فأحكم اليهودي الخبير خنقة الشد، عندما عرض عليه مساعدته في إقناع من يعرفهم من اليهود للهجرة الى إسرائيل، فإن تحديد موعد زواجهما مرهون بمدى ما يبذله من جهد في هذا المجال.
وافق عيزرا على الفور طالما أزيلت عثرة المهر، أما مسألة هجرة اليهود فذاك أمر واجب ولا يعد تضحية في نظره. فالدولة اليهودية كانت عبر إذاعتها العربية، تبث دعايتها ليل نهار بأحقية يهود العالم في أرض الميعاد. وهو كيهودي. . تمنى أن يسافر لإسرائيل ليراها فقط قبل أن يقرر. فالدعاية المضادة في الإعلام العربي، كانت تصف إسرائيل أنها دولة الإرهاب والمذابح، وتصور الحياة بها كأنها الجحيم، وتنشر الكثير من الحوادث المؤسفة، تفضح إدعاءات إسرائيل التي واجهت كل ذلك بالرفض والاستنكار، متهمة الإعلام العربي بأنه يكذب، ويدعي، ويتحايل، لخداع اليهود، والكذب عليهم ليحجموا عن الهجرة.
كانت الحرب الدعائية دائماً في حالة غليان لا يتوقف. وكان إيمان عيزرا ناجي زلخا بقضية الوطن – إسرائيل – مزعزعاً. فهو ما عرف سوى العرق وطناً. . آمناً، يضم عشرات الآلاف من اليهود على أرضه، وينعمون جميعاً بالحرية والأمن.
وتساءل: لما لا تكون إسرائيل صادقة فيما تدعيه؟ أن اليهود عاشوا على أرض فلسطين منذ آلاف السنين، ولهم حق تاريخي في فلسطين. فلماذا يحاربهم العرب؟
ثم ماذا سيخسر ليكسب روان. . ؟ إن مجرد "إقناع" بعض اليهود بالهجرة ليس بالأمر الصعب. فالفقراء الذين سيتكلم معهم، يحسون بالضيق لسوء أحوالهم المعيشية، وقد يروا في الهجرة مخرجاً لهم من أزمتهم . إذن. . ماذا سيخسر؟
هكذا استطاع بوشا اصطياد عميل جديد للموساد، يعمل "مجاناً" عن قناعة . . واثقاً من إخلاصه للعمل، لكي يفوز بابنته الرائعة بعد ذلك. . !!
كانت تعرف
في تلك الفترة التي تأهب فيها عيزرا للعمل. . حدث انقلاب كبير على الساحة العربية. إذ وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، واحتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، وبتدخل الولايات المتحدة انسحبت الجيوش المعتدية.
كان احتلال سيناء أمراً مدهشاً لليهود العرب، فقد ارتابوا كثيراً من قبل في قدرة الجيش الاسرائيلي على مواجهة الجيوش العربية، وتراجعوا عن فكرة الهجرة، ثقة في القوة الرادعة العربية.
أما وقد حدث العدوان واحتلال سيناء ثم الانسحاب – فقد اهتزت الصور . . واعتقد أكثر اليهود فهماً لأمور السياسة، أن العرب فوجئوا بالقوة العسكرية الإسرائيلية.. وهم بلا شك يستعدون، ويتحينون الفرصة المناسبة لضرب إسرائيل والقضاء عليها بعدما أضحت خطراً على المنطقة كلها.
هذا الرأي انتشر كانتشار النار في الهشيم بين اليهود العرب في سائر الأقطار. وبدلاً من الثقة في القدرة اليهودية، انعكس الأمر، وتحول احتلال سيناء الى نكسة مدمرة لاستراتيجية إسرائيل السياسية والعسكرية. . فتراجع أكثر اليهود عن رأيهم، وبالتالي. .. أخفقت محاولات كثيرة للتأثير على اليهود وحثهم على الهجرة.
لهذا تعمدت المخابرات الاسرائيلية إذاعة حديث إبراهام دار بطل عملية "توشيا" وهي أجرأ عملية قام بها بتهريب 65 يهودياً من بورسعيد إبان العدوان الثلاثي – وكان المقصود بإذاعة حديثه عبر الراديو لعدة أيام مغزى مخابراتي.
واكب ذلك مقتل تاجر يهودي عراقي بيد لصين اقتحما داره. وأشاع عملاء الموساد أن العملية مدبرة لبث الرعب في قلوب اليهود.
انتهز بوشا حادث مقتل اليهودي لإثارة حمية عيزرا .. وتهيئة المناخ النفسي لإيقاظ حماسته. فانفعل عيزرا بغريزته كيهودي حامل لفيروس الخيانة، وأخلص كثيراً في عمله.
وإن هي إلا شهور قليلة حتى كان رصيده اثنتي عشرة أسرة يهودية، تمكن من إقناعها بالهرب الى إيران.. ومنها الى إسرائيل، ورحلة الهرب كثيراً ما كانت تبدأ من الشمال الشرقي، حيث يقوم فيها بعض العملاء من الأكراد بدور رئيسي وفعال. إذ يقودون الهاربين عبر الجبال والسهول والممرات الوعرة الى الحدود الإيرانية. . حيث يتعهدهم حرس الحدود وضباط الموساد.
هكذا ابتدأ عيزرا العمل، بداخله إحساس بالبطولة، والفخر بقدراته الخداعية التي مكنته من مؤازرة إسرائيل. فاستهوته اللعبة الخطرة المصيرية.. وقطع فيها شوطاً منحه الثقة في ألا يتراجع، لذلك كافأه بوشا بحق عندما زوجه روان.
أيام جميلة وعيزرا في العسل يمتص النعيم مصاً. . ويخوض بحور اللذات سابحة وغرقاً بين أحضان عروسه. ولم تكد تمر فترة وجيزة حتى مات بوشا .. فمات بالتالي الدين الذي صكه.
وأثناء تشييع جنازته، اقترب منه رجل لا يعرفه... همس له ببضع كلمات واختفى. وعاد الى منزله تشوبه ملامح القلق. وسألته روان عما بداخله فصارحها بأمر أبيها ومعاونته له في تهريب اليهود. "إذن أنت بطل". . هكذا كان تعليقها وهي تعانقه، وتفجر القنبلة التي كان يمسكها بيده عندما قالت: كنت أعرف.
لقد اختصرت الطريق عليه. . وطالما هو بطل في نظرها فكل شيء يهون.
وفي مقهى قاسم جاءه الرجل الغامض. . منحه خمسمائة دينار وطلب منه أن يتلاقيا بعد أسبوع في ذات المكان والساعة.
إنه أحد عملاء الموساد في العراق. مهمته تدريب الجواسيس الجدد، وحصد المعلومات منهم وتجميعها، والربط بين الشبكات.
توالت لقاءاتهما بأماكن مختلفة ببغداد، وأخضع عيزرا لدورات في فنون التجسس. وفي غضون مرحلة قصيرة تعلم الكثير . . وأقبل على مهنته في شغف بالغ وقد تخرج في مدرسة الموساد جاسوساً مدرباً ملماً بهذا العالم المثير العجيب. . عالم الجاسوسية.
لقد انصب عمل عيزرا على تكثيف جهوده لتهريب يهود العراق. . وفي خلال عامين تمكن من تهريب أكثر من أربعمائة منهم الى عبادان عبر شط العرب. وسلك في ذلك أساليب شيطانية أنجحت مهمته، برغم التواجد الأمني المشدد، فأصبح بذلك أمهر جواسيس الموساد في بغداد.
وبينما عيزرا يتقدم في عمله بنجاح، كانت روان مشغولة بأمر فشلها في الإنجاب، يملؤها الحنين الى طفل يضيء حياتها.
وبرغم صمت زوجها وعدم اهتمامه بالأمر، إلا أنها سعت للأطباء واهتمت بالوصفات الشعبية دون فائدة. فأكلها الهم ومزقها الأسى، وحدثتها نفسها أن تفاتح زوجها برغبتها في الهرب معاً لإسرائيل، حيث تدوالت الأقاويل إمكان علاجها هناك.
لقد ظلت كثيراً تقلب هذه الفكرة في رأسها الى أن تشجعت وعرضت الفكرة عليه، فثار رافضاً في البداية ثم عاد وطلب منها الانتظار حتى "يأذنوا" له بالهرب. وانتهز الفرصة وتكلم مع مندوب الاتصال الذي يلتقي به في مواعيد محددة. فطلب منه مهلة ليعرض الأمر على رؤسائه في الموساد.
بالطبع لم يكن من السهل على الموساد أن تسحب عيزرا بعدما اتقن عمله وأجاده بحرفية عظيمة .. فعملية سحب العملاء تخضع لحسابات معقدة أهمها أن تصل درجة ثقة العميل في نفسه الى حد الغرور. . مما قد يوقعه في خطأ فادح يكشفه، نتيجة الثقة الزائدة في قدراته، والاستخفاف بقدرات رجال الأمن في القطر الذي زرع فيه. لم يصل عيزرا الى حد الخوف عليه بعد. فالمنتظر منه لا زال آتٍ بالطريق. . ولا بد من استغلاله و "استهلاكه" قبل الإذن له بالتوقف، أو السماح له بالمغادرة.
جاءه الرد كما كان متوقعاً. . فحزن كثيراً لأجل روان، وتملكه الزهو عندما أعلم بأنه منح رتبة عسكرية في الجيش الاسرائيلي، تضمن له ولأسرته معاشاً محترماً عندما ينتهي من مهمته ويفر الى إسرائيل. وأخضع لدورة تدريبية جديدة لتعلم كيفية استعمال اللاسلكي في الإرسال بعدما سلموه جهازاً لاسلكياً متطوراً. . ولا يمكن رصده بأجهزة تتبع الذبذبات التي لم تكن موجودة أصلاً بالعراق.
بذلك .. وثق عيزرا في أهمية دوره لخدمة مصالح إسرائيل في العراق، فطور كثيراً من مهامه التجسسية لتشمل جمع التقارير المهمة التي يحصل عليها من عمله في وزارة التجارة.
أيضاً نجح في تنمية علاقاته ببعض المسؤولين، وطلب الإذن بتجنيد ما يراه منهم فلم يأذنوا له. وبقدر ذهول مرؤوسيه في الموساد لمهارته في البث اللاسلكي.. أذهلهم أكثر تغلغله داخل فئات المجتمع وإرسال تقارير غاية في الأهمية عن الاقتصاد والزراعة. . وأصبحت المعلومات التي يبثها الى تل أبيب تقيم في الفئة (أ) التي تستحق عن جدارة مكافآت مالية ضخمة اتخمت بها جيوبه وبدلت نظام حياته وإنفاقه.
أشفق عيزرا على حال روان التي انزوت بين همومها بسبب حنينها الى طفل. فعرض عليها من باب "التسلية" مشاركته . . أيضاً. . طمعاً في المزيد من أموال الموساد، وكان المطلوب منها أن تبدي بشاشة لموظف بوزارة الخارجية صادقة أخيراً.
بدت المهمة صعبة في البداية، فهي لم تعرف بعد حدود تلك البشاشة، إذ ترك لها تقدير الموقف بنفسها. . وهذا يعد إذناً لها بأن تمشي في الطريق الى نهايته. .
وطني أكثر من اللازم
حاولت روان ببساطة الأنثى المثيرة التي تعد أمراً. . وبسهولة شديدة أوقعت الموظف المسيحي في حبائلها.. فأوهمته بأنها تحبه، وبأنها أصبحت لا تفكر بالهرب الى إسرائيل من أجل أن تظل الى جانبه.
انزعج "كامل" عند سماع اسم "إسرائيل" ولكي تذهب عقله وتشل تفكيره، أسلمت له نفسها فانزلق بين أحضانها يحسو الخمر نشواناً. . لا ينفك يطلب المزيد والمزيد. وهل امرأة صغيرة رائعة مثلها يشبع منها رجل . .؟ أو يفيق من سكره. . ؟
ففي غيبة الإدراك أعلنها كامل صريحة بأنه معها في أي مكان. . ولو في إسرائيل .. . ولما تأكدت من إتمام سيطرتها عليه. . طلبت منه الثمن. . ثمن دخولهما إسرائيل.. فتدفقت الوثائق والتقارير من أرشيف الوزارة السري. . وكلما سلمها عشرات الوثائق الخطيرة ادعت بسخرية تفاهتها.
ومرت بهما الأيام وقل حديثها عن الحب والهرب. . إذ شغل الحديث عن مغامراته لجلب الوثائق كل المساحة بينهما.
لقد أدرك كامل بأنه وقع لأذنيه في بئر الخيانة. . فانغمس غصباً عنه لا يستطيع التراجع أو الخلاص. .
واستلذت روان اللعبة. . والمغامرة، والقتل بسلاح أنوثتها، إنها لعبة مثيرة ترضي غرورها. . وتبعدها عن التفكير في الإنجاب. فانساقت في الطريق وقد استهواها العمل واستغرقها.
أما عيزرا فلم يضيع وقتاً طويلاً في الثناء على شريكته الجديدة. إذ كلفها باصطياد ملازم أول مطار بغداد مغرور ببزته الرسمية وبالسيارة الحكومية التي تذهب به وتجيئه كل يوم.
ولأنه يسكن بالمنزل المواجه. . كان الأمر هيناً جداً. . عندما أشهرت روان أسلحتها الأنوثية الفتاكة في وجهه، فاستسلم. .. وتقرب الى عيزرا الذي هيأ له المناخ الصحي للسقوط .. فسقط الشاب الصغير بلا تفكير .. وتدفقت من خلاله المعلومات الأكثر سرية عن المطار، وطائرات الشحن المحملة بالمعدات العسكرية، التي تفرغها بداخل حظائر خاصة تخضع لإجراءات أمنية صعبة، وكذا، وأعداد الخبراء السوفييت والتشيك الذين يتوافدون ويغادرون، والرحلات السرية لطائرة الرئاسة.
معلومات أشد سخونة كان يبثها عيزرا فتثير شهية الإسرائيليين.. وتدهشهم جرأة عميلهم الذي امتلك قلباً من فولاذ . . لا يقهره خوف .. أو يرتجف رعباً إذا ما قرأ بالصحف العراقية عن سقوط جواسيس للموساد أو إعدامهم.
كانت التحذيرات تجيئه آمرة إياه بألا يقرأ تلك الأخبار "الكاذبة" التي يروجها العراقيون. لكنه لم يكن يأبه لتلك المخاوف، بل كان يقرأ ليستفيد من الأخطاء التي أدت لسقوط الجواسيس، فيتجنبها، وتتضاعف بذلك خبراته. . وثروته.. بفضل حسه الأمني. . وبالمعلومات الثمينة التي يحصل عليها بفضل جسد زوجته. خاصة وقد أخبرهم بأمر انضمامها الى العمل.. وقدراتها الفائقة على السيطرة وتجنيد عملاء جدد. فكان ردهم بأنهم يقدرون ذلك. . وأن روان قد تم منحها هي الأخرى رتبة ملازم أول في جيش الدفاع الإسرائيلي . . تقديراً لتعاونها المشرف .. !!
ولأسبابا أمنية بحتة .. اشترى عيزرا منزلاً جديداً من طابق واحد في حي الكاظمية . . كان بالمنزل حديقة خلفية ذات أشجار كثيفة. . وباب يؤدي الى منطقة مهجورة مليئة بالأحراش. . وبواسطة تلسكوب مكبر كان "يمسح" المنطقة المحيطة المؤدية الى منزله قبل خروجه. . أو قبل زيارة عميل مهم.
هذا المنزل تحول الى غرفة عمليات خطيرة.. وتتم فيه عملية السيطرة على من يراد تجنيدهم.
وخلال ثلاث سنوات من انخراط روان في الجاسوسية. . استطاعت وحدها تجنيد ثلاثة عشر موظفاً عاماً في مواقع مهمة. أربعة منهم ضباط برتب مختلفة في الجيش العراقي.. وضابط بأمن المطار. . وستة آخرين يشغلون مناصب إدارية بالوزارات المختلفة. جميعهم سقطوا في قبضة روان بفضل لغة الجسد والإثارة. وتدفقت بواسطتهم أسرار العراق أولاً بأول الى إسرائيل.
وحدث أن نصبت روان شباكها حول طبيب بالجيش يحمل رتبة نقيب.. وكانت خطة استدراجه بواسطة أحد العملاء لتوقيع الكشف على زوجها. إذ تهيأت الحية الرقطاء وبدت كأن الفتنة كلها حلت بذاك الجسد.. فطابت ثمارها شوقاً لقاطفها.
ولما جاء الطبيب الأعزب تسمر مكانه.. وبدا كطفل جائع تتلوى أعضاؤه وترتجف. . فثوبها العريان لم يخف من مفاتنها أكثر مما كشف، وجسدها الأملود كان ينادي: أيها الجائع المبهوت. . هيا . . تذوق اللذات براكين من الفوران. . قناطير من النعيم السرمدي، والقطف.
وكمثل سابقيه. . فقد الطبيب مقاومته وغرق فيها عشقاً وذوباناً . وشوقاً الى الذروة . . فلم تكن تمنحه إلا بمقدار . . حتى تجيء اللحظة التي يفقد فيها العقل تماماً، فتبدأ معه المبادلة. . فكل شيء له مقابل.. وثمن.
ولما جاءت لحظة المكاشفة. . والسقوط. . لم يصدق النقيب الطبيب حسين علي عبد الله أنه بين أحضان جاسوسة محترفة، في وكر للجواسيس، فانتفض بين أحضانها وقد غاصت نشوته وقام فزعاً يرتدي ملابسه ويتوعدها بمصير مظلم.
هددته بتسجيلاته الجنسية معها فرد عليها بأنه رجل ولا عار عليه فهي تؤكد رجولته. هددته ثانية بما تفوه به في السياسة والعسكرية وأن مستقبله بيدها. فبصق عليها قائلاً إنهم سيكافئوه بالترقية لأنه سلمهم جاسوسة إسرائيلية. وهجم عليها محاولاً تكبيلها واقتيادها للسلطات، لكنه فوجئ بعيزرا أمامه يشهر مسدسه.
أحس بخطئه الكبير كرجل عسكري، فقد كان يجب عليه مسايرتها حتى يخرج من بيت الأفاعي. لكنه "كان يعتقد" أنهما بمفردهما.
لم يترك له عيزرا فرصة للتعامل معه. بل انطلقت الرصاصات الى رأسه، وتناثرت شظايا عظام جمجمته على جدران الغرفة.
صرخت روان في هلع.. وكتمت صراخها عندما بحلق فيها غاضباً. . بعينين ترسلان نظرات كاللهيب، وتكورت ترتجف في أنين خافت. .
أخذ عيزرا يسبها لأنها عجزت عن السيطرة عليه كسابقيه.. وتسرعت كثيراً في مكاشفته ثقة في جمالها.
وبخوف يشع رعباً دافعت عن نفسها، مؤكدة له بأنها طوعته جدياً لكنه "وطني مخلص أكثر من اللازم" وظلا طوال الليل يحفران قبره في الحديقة الخلفية. . ثم أهالا التراب فوق الجثة. . وانكمشت روان يفتك بها الهلع. . فهي تنام بين أحضان قاتل. . وعلى بعد خطوة من فراشها. . يرقد قتيل.
الطيار القتيل
. .. حلت الكآبة بالحية تفتت عقلها. . لكن الثعبان السام لم يكن ليستسلم. . فالمجد ينتظره في إسرائيل . . وهو الآن يصنع تاريخه..
ومضى الجاسوس الداهية في طريقه قدماً تحفه الثقة ويملؤه الغرور. تسع سنوات كان لا يكل ولا يخاف. . وأعوانه منتشرون في كل مؤسسات العراق الحيوية . . يمدونه بما يذهل الإسرائيليين من معلومات عن أحشاء العراق، وشرايين الحياة المختلفة به.
وفي رسالة التكليف التي تلقاها بواسطة الراديو. . كان الأمر مختلفاً عليه. فقد كان المطلوب تجنيد طيار عسكري عراقي – وبأي ثمن – يقبل الفرار بطائرته الحربية ميج 21 الى إسرائيل.
بدأ عيزرا رحلة البحث عن طيار خائن. . ومن خلال الخونة العسكريين أعضاء شبكته، تعرف عيزرا – بشكل يبدو عفوياً – بالنقيب طيار شاكر محمود يوسف ، المولود في "محلة حسن جديد باشا" عام 1936، وسبق له أن التحق بدورات تدريبية في موسكو ولندن لزيادة كفاءته كطيار للميج 21 القتالية الاعتراضية التي ترعب إسرائيل.
التقى به عيزرا وزوجته في إحدى الحفلات. . وحاولت روان بأسلحتها الأنثوية الطاغية أن تلفت انتباهه لكنه تجاهلها. . فاغتاظت وتملكها الضيق وشكت في كونها أنثى لا ترد.. حتى إذا ما استجمعت نفسها بعدها بأيام، أعلنت عيزرا بقرار اعتزالها مهمة اصطياد عراقيين جدد.
لكنه فاجأها ذت مساء حينما جاء وبرفقته شاكر، وأسر لها بأن الطيار الشاب تجاهلها في الحفل لوجود زوجته معه، وأن "الوسيط" استدرج شاكر ورأى منه الرغبة في التعرف اليها.. فتظاهر بمصاحبته وبدأت الاتصالات بينهما.
وما كادت روان تسترجع من جديد ثقتها في جاذبيتها وسحرها. . وتوشك أن تسيطر على أعصاب الطيار الولهان، حتى سافر فجأة الى أمريكا للحصول على دورة في "قيادة التشكيل" في تكساس.
هناك تولت المخابرات المركزية أمره. . فدفعت بحية أخرى في طريقه. . جيء بها خصيصاً على وجه السرعة من النمسا حيث تعمل كممرضة بالمستشفى الأمريكي بفيينا.
إنها "كروثر هلكر". . فاتنة الحسن طاغية الجمال .. التي عملت كمشرفة في نادي الطيارين الشرقيين في قاعدة التدريب الجوية بتكساس. . ونصبت شباكها حول شاكر يوسف فوقع في حبائلها لا حول له ولا قوة. فقد كان يريدها عشيقة مؤقتة بأمريكا، بينما كانت تريده زوجاً لتكتمل الخطة. . رفض رغبتها بالطبع لأنه متزوج ويحب زوجته. لكنها لم تيأس . . وظلت تحاول . . مرات ومرات الى أن فشلت. . ووضح جيداً جهل الموساد و الـسي اي اي ، فالعسكريون العرب محظور عليهم الزواج بأجنبيات.
لكن تملكت الاسرائيليين والأمريكان رغبة عارمة في السيطرة عليه وتجنيده. . ليهديهم سر أسرار الطائرة السوفييتية اللغز .. ولما عاد الى بغداد دون أن يحقق حلمهم. . طارت كروثر خلفه ونزلت بفندق بغداد الدولي واتصلت به.
ولأنها حضرت لأجله – تحرج كشرقي – واستأجر لها شقة مفروشة بمنطقة الكرادة الشرقية تطل على نهر دجلة.. وأخذ يتردد عليها خفية، محاولاً إقناعها بالعودة لأنه متزوج ويعول طفلاً فلم تنصت اليه.
وعندما حدثته عن "منظمة السلام العالمي" المهتمة بنشر السلام حول العالم، صرخ فيها وهددها بأن تسافر فوراً خارج العراق، وإلا فهو مضطر لإبلاغ السلطات بسعيها لتجنيده لصالح جهات أجنبية.
عند ذلك . . ولأنها تحمل تصريحاً بالقتل، رأت أنه لا بد من تصفيته في أسرع وقت خشية افتضاح الأمر. وتنكشف بذلك نوايا الأمريكيين والإسرائيليين، فيمنع الطيارون الذين أوفدوا في بعثات للخارج من قيادة الميج 21، وصدرت الأوامر لعيزرا ناجي زلخا بالتخلص من النقيب الطيار شاكر يوسف.
وهنا قد يتساءل البعض:
ما علاقة عيزرا جاسوس الموساد بكروثر هلكر جاسوسة الـ C.I.A..؟
الإجابة بسيطة جداً. . فالموساد والـ C.I.A. ترتبطان معاً بعلاقات وثيقة ترسمها المصالح والنوايا المشتركة. وسواء جند طيار عربي بواسطة الموساد أو بواسطة الـ C. I.A. فسوف يهرب بطائرته الى إسرائيل، ليفحصها الأمريكان.
من هنا . . لجأت الـ C.I.A. لمعاونة الموساد في تصفية شاكر بواسطة عملائها ببغداد. وبثت الموساد امراً عاجلاً لعيزرا بالاتصال بكروثر التي تجيد العربية، وتم الاتفاق بينهما على الخطة..
وأثناء زيارة النقيب شاكر الأخيرة لهلكر بالشقة المفروشة، عمد كما في المرات السابقة الى ترك سيارته على بعد شارعين تحسباً لأي طارئ، واحتدم النقاش بينهما فهددته بأفلام وصور جنسية أخذت لهما في أمريكا فلم يهتم.
وفي آخر محاولة لإبقائه حياً، عرضت عليه مليون دولار ثمناً لطائرة الميج 21 يفر بها لإسرائيل، فلطمها على وجهها لطمة قوية انبثق لها الدم من فمها. وقبل أن يخرج من الحجرة ثائراً لإبلاغ السلطات، فاجأه عيزرا بطلقات مسدسه الكاتم للصوت، وسقط شاكر في الحال قبلما يتمكن من استعمال مسدسه.
وبينما هلكر تعد حقيبتها للحاق بالطائرة المتجهة الى لندن، انشغل عيزرا بإزالة الآثار والبصمات، وجر جثة الطيار لأسفل السرير ملفوفة ببطانية، ثم فتح أجهزة التكييف ... وغادر الشقة.
اكتشفت الجثة في 6 يوليو 1965 بعد وقوع الجريمة باسبوع. كان عيزرا في ذلك الوقت يمضى أسوأ أيام حياته على الإطلاق. إذ نشرت الصحف العراقية نبأ مقتل كروثر هلكر بأحد فنادق لندن في ظروف غامضة، بعد يومين من مغادرتها لبغداد، وصرح مسؤول أمني أن الجثة وجدت ممزقة، وبها ثلاثون طعنة بعدد سنين عمرها، هكذا تخلصت الـ C.I.A. من كروثر لإخفاء معالم الجريمة الى الأبد. فماذا عنه هو؟
دارت الدنيا بعيزرا وضاقت به على وسعها. وصور له خياله أن الموساد سوف تقتله أيضاً لأنه ستراً للجريمة. . وما كان يعلم أن أسلوب قتل العملاء بعد انتهاء مهامهم تستخدمه الـ C.I.A. فقط. أما الموساد فالجواسيس لديها بمثابة أبطال عظماء تفخر بهم وتخلدهم. لم يكن يعلم ذلك عندما عطّل جهاز اللاسلكي. واختبأ بإحدى الشقق لا يخرج هو أو روان إلا للضرورة.
وبعد احتفالات رأس السنة . . وما إن هلت أيام يناير 1966 الأولى، حتى انكشف أمر شبكته ضمن الشبكات التسع .. وجرى البحث عنه وتعقب آثاره في كل العراق.
كان يجهل أمر البحث عنه من قبل جهاز المخابرات – المكتب الثاني – فعلاقته بأعوانه كانت منقطعة طوال تلك الشهور الخمسة.
ولأن المجرم دائماً يحوم حول مسرح جريمته، تصادف أن توجه وروان لمنزل الكاظمية حيث يخبئ أجهزة التجسس. فاطمأن على وجودها، وفي المساء قاد سيارته وحده الى منزل بوشا القديم، فنام مرهقاً حتى الفجر، وأسرع بالعودة الى روان مرة أخرى وما كان يدري بما ينتظره.
ففي غبش الفجر اقتحمت المنزل قوات الأمن، وكانت روان بمفردها كالشبح.. متكورة كجنين ببطن أمه. . فلم تبد أية دهشة أوتصعق للمفاجأة.
سألوها عن عيزرا قالت بهدوء: "لن يتأخر"..
واعترفت من تلقاء نفسها بأنها جاسوسة إسرائيلية، استطاعت أن تجند جيش من اليهود العراقيين وسائر الملل بالغواية والجنس. وأرشدت عن مقبرة الضابط الطبيب بالحديقة الخلفية، وقادتهم الى مخبأ سري بداخله جهاز اللاسلكي المعطل وكتاب الشفرة وعدة كاميرات سرية، وأفلام ووثائق لم تبعث بعد للموساد.
كانت سيارات الأمن قد اختفت من المكان الذي بدا طبيعياً. واختبأ عدة ضباط بداخل المنزل ينتظرون الثعبان الكبير. وما أن جاء وخطا خطوات قليلة الى الداخل حتى هوجم وكبل في الحال.. واقتيد الى مكان سري للاستجواب، فاعترف اعترافات تفصيلية بنشاطه لمدة عشر سنوات لصالح الموساد، وسدت اعترافاته ثغرات عديدة كانت تحول دون الوصول لبقية الشبكات.
وبينما هو بالقفص، بانتظار سماع الحكم بإعدامه وروان شنقاً مع تسع آخرين، وبالرصاص خمسة عسكريين، نظرت اليه روان وقد أكلها الهزال وبرزت عظام وجهها، وقالت له إنها تشعر بالأسف على كل شيء.. . لكنها سعيدة جداً لعدم إنجابهما أطفال يتعذبون من بعدهما طوال حياتهم. . حيث سيصيح الناس في كل شوارع بغداد: هؤلاء أبناء الثعبان والحية.. !!
y
(
6ln[1]­% @) 27px; font-size: 18pt; ">.
وهنا قد يتساءل البعض:
ما علاقة عيزرا جاسوس الموساد بكروثر هلكر جاسوسة الـ C.I.A..؟
الإجابة بسيطة جداً. . فالموساد والـ C.I.A. ترتبطان معاً بعلاقات وثيقة ترسمها المصالح والنوايا المشتركة. وسواء جند طيار عربي بواسطة الموساد أو بواسطة الـ C. I.A. فسوف يهرب بطائرته الى إسرائيل، ليفحصها الأمريكان.
من هنا . . لجأت الـ C.I.A. لمعاونة الموساد في تصفية شاكر بواسطة عملائها ببغداد. وبثت الموساد امراً عاجلاً لعيزرا بالاتصال بكروثر التي تجيد العربية، وتم الاتفاق بينهما على الخطة..
وأثناء زيارة النقيب شاكر الأخيرة لهلكر بالشقة المفروشة، عمد كما في المرات السابقة الى ترك سيارته على بعد شارعين تحسباً لأي طارئ، واحتدم النقاش بينهما فهددته بأفلام وصور جنسية أخذت لهما في أمريكا فلم يهتم.
وفي آخر محاولة لإبقائه حياً، عرضت عليه مليون دولار ثمناً لطائرة الميج 21 يفر بها لإسرائيل، فلطمها على وجهها لطمة قوية انبثق لها الدم من فمها. وقبل أن يخرج من الحجرة ثائراً لإبلاغ السلطات، فاجأه عيزرا بطلقات مسدسه الكاتم للصوت، وسقط شاكر في الحال قبلما يتمكن من استعمال مسدسه.
وبينما هلكر تعد حقيبتها للحاق بالطائرة المتجهة الى لندن، انشغل عيزرا بإزالة الآثار والبصمات، وجر جثة الطيار لأسفل السرير ملفوفة ببطانية، ثم فتح أجهزة التكييف ... وغادر الشقة.
اكتشفت الجثة في 6 يوليو 1965 بعد وقوع الجريمة باسبوع. كان عيزرا في ذلك الوقت يمضى أسوأ أيام حياته على الإطلاق. إذ نشرت الصحف العراقية نبأ مقتل كروثر هلكر بأحد فنادق لندن في ظروف غامضة، بعد يومين من مغادرتها لبغداد، وصرح مسؤول أمني أن الجثة وجدت ممزقة، وبها ثلاثون طعنة بعدد سنين عمرها، هكذا تخلصت الـ C.I.A. من كروثر لإخفاء معالم الجريمة الى الأبد. فماذا عنه هو؟
دارت الدنيا بعيزرا وضاقت به على وسعها. وصور له خياله أن الموساد سوف تقتله أيضاً لأنه ستراً للجريمة. . وما كان يعلم أن أسلوب قتل العملاء بعد انتهاء مهامهم تستخدمه الـ C.I.A. فقط. أما الموساد فالجواسيس لديها بمثابة أبطال عظماء تفخر بهم وتخلدهم. لم يكن يعلم ذلك عندما عطّل جهاز اللاسلكي. واختبأ بإحدى الشقق لا يخرج هو أو روان إلا للضرورة.
وبعد احتفالات رأس السنة . . وما إن هلت أيام يناير 1966 الأولى، حتى انكشف أمر شبكته ضمن الشبكات التسع .. وجرى البحث عنه وتعقب آثاره في كل العراق.
كان يجهل أمر البحث عنه من قبل جهاز المخابرات – المكتب الثاني – فعلاقته بأعوانه كانت منقطعة طوال تلك الشهور الخمسة.
ولأن المجرم دائماً يحوم حول مسرح جريمته، تصادف أن توجه وروان لمنزل الكاظمية حيث يخبئ أجهزة التجسس. فاطمأن على وجودها، وفي المساء قاد سيارته وحده الى منزل بوشا القديم، فنام مرهقاً حتى الفجر، وأسرع بالعودة الى روان مرة أخرى وما كان يدري بما ينتظره.
ففي غبش الفجر اقتحمت المنزل قوات الأمن، وكانت روان بمفردها كالشبح.. متكورة كجنين ببطن أمه. . فلم تبد أية دهشة أوتصعق للمفاجأة.
سألوها عن عيزرا قالت بهدوء: "لن يتأخر"..
واعترفت من تلقاء نفسها بأنها جاسوسة إسرائيلية، استطاعت أن تجند جيش من اليهود العراقيين وسائر الملل بالغواية والجنس. وأرشدت عن مقبرة الضابط الطبيب بالحديقة الخلفية، وقادتهم الى مخبأ سري بداخله جهاز اللاسلكي المعطل وكتاب الشفرة وعدة كاميرات سرية، وأفلام ووثائق لم تبعث بعد للموساد.
كانت سيارات الأمن قد اختفت من المكان الذي بدا طبيعياً. واختبأ عدة ضباط بداخل المنزل ينتظرون الثعبان الكبير. وما أن جاء وخطا خطوات قليلة الى الداخل حتى هوجم وكبل في الحال.. واقتيد الى مكان سري للاستجواب، فاعترف اعترافات تفصيلية بنشاطه لمدة عشر سنوات لصالح الموساد، وسدت اعترافاته ثغرات عديدة كانت تحول دون الوصول لبقية الشبكات.
وبينما هو بالقفص، بانتظار سماع الحكم بإعدامه وروان شنقاً مع تسع آخرين، وبالرصاص خمسة عسكريين، نظرت اليه روان وقد أكلها الهزال وبرزت عظام وجهها، وقالت له إنها تشعر بالأسف على كل شيء.. . لكنها سعيدة جداً لعدم إنجابهما أطفال يتعذبون من بعدهما طوال حياتهم. . حيث سيصيح الناس في كل شوارع بغداد: هؤلاء أبناء الثعبان والحية.. !!
***
وبينما هو بالقفص، بانتظار سماع الحكم بإعدامه وروان شنقاً مع تسع آخرين، وبالرصاص خمسة عسكريين، نظرت اليه روان وقد أكلها الهزال وبرزت عظام وجهها، وقالت له إنها تشعر بالأسف على كل شيء.. . لكنها سعيدة جداً لعدم إنجابهما أطفال يتعذبون من بعدهما طوال حياتهم. . حيث سيصيح الناس في كل شوارع بغداد: هؤلاء أبناء الثعبان والحية.. !!

د. حلمي القاعود يكتب عن: مأزق الإعلام الإسلامي!



يبدو أن مقالي عن إعلام الإسلاميين وفقه الواقع؛ قد أثار شجونًا بل غضبًا لدى كثير من القراء والمعنيين، من أجل إعلام إسلامي قوي وفعال ومؤثر، فالإعلام في زمننا سلاح أساسي يندرج تحت قوله تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.. " ( الأنفال :  16)، القتال، أو الصراع ليس قاصرا على استخدام الطائرات والمدافع والصواريخ والدبابات، ولكن لا بد أن يرافقه بل يسبقه سلاح الإعلام، وقناة cnn  الأميركية مثلا تمهد للغزو، وتهيئ  له وتدافع بالباطل عن خطايا الغزاة وجرائمهم.. وأظن أن أصحاب الحق أولى أن يملكوا هذا السلاح الفعال ليدافعوا عن أنفسهم ويعرضوا قضيتهم العادلة بأوضح بيان!.
المسلمون في عصرنا محتاجون إلى إعلام حقيقي مهني محترف، يختلف عن إعلام صفوت الشريف وصبيانه وأنصاره. إعلام يقدم كلمة الله إلى الناس بصورة لائقة، ويدافع عن المسلمين بصورة فاعلة، ويواجه حملات الإجرام المعادية المسلحة بالمال والخبرة والذكاء الشيطاني.
بعض الناس يتصور أن انتقاد ما يسمى بالإعلام المحسوب على الإسلاميين فيه تجاوز وافتئات على الحركة الإسلامية وانتقاص لجهود قام بها أصحابها ابتغاء وجه الله، وهذا غير صحيح، لأن المسلم الحق هو الذي يسعى إلى نجاح حقيقي مؤثر، وليس لبعض النجاح غير المؤثر.
في ظل النظام المستبد الفاشي عبر ستين عاما، كانت هناك مثلا مجلة " الاعتصام " التي كانت تصدر بجهد فردي وإمكانات هزيلة، وتواجه عقبات أمنية وفنية عديدة، ولكنها كانت تؤثر في الواقع الاجتماعي والسياسي العام، وتزعج السلطة الغشوم أيما إزعاج، لسبب بسيط أنها كانت تتحرك بالإخلاص وليس بالنرجسية أو تسديد الخانة، وتواجه قضايا الواقع على الأرض بأسلوب مباشر وبسيط ومهني أيضا. الأمر نفسه كان مع مجلة " الدعوة ".
وأذكر أن لقاء شهريًّا كان يجمع المحررين والكتاب وغيرهم مع الأستاذ عمر التلمساني - يرحمه الله - عقب صدور كل عدد، وكان الاجتماع يتناول مضمون العدد وموضوعاته وشكله وطباعته وألوانه وخطوطه وكل ما يتعلق به من أول صفحة الغلاف حتى صفحة الغلاف الأخيرة، وكان الحوار حرا ومباشرا حول السلبيات والإيجابيات، لا أحد يجد غضاضة فيما يطرح أو يقال، ما تتفق عليه الأغلبية يتم تنفيذه في العدد التالي سواء بتركه إن كان سلبيا، أو تحسينه إن كان إيجابيا. وكانت المحصلة في النهاية لصالح الصحافة الإسلامية مع تواضع إمكاناتها.
لقد أتيحت بعد الثورة فرصة إصدار بعض الصحف الإسلامية أو المحسوبة على الإسلاميين، ولكن التجربة حتى الآن تبدو متواضعة ومليئة بالسلبيات سواء ما يتعلق بالحرفة والمهنة أو ما يتعلق بالإدارة والتمويل، وفي كل الأحوال فقد باتت الأمور غير مرضية سواء من ناحية التوزيع أو التأثير مع أن الجمهور القارئ لها يفترض أنه يمثل كتلة أكبر من أية كتلة أخرى!.
ولعل المشكلة الأولى تتعلق بما يمكن تسميته بالمفهوم الإسلامي الإتقان. إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. ولكن الإتقان في معظم الصحف الإسلامية غائب إلى حد كبير. لا توجد كوادر تحريرية أو إدارية ناشطة، يبدو الأمر وكأنه موكول للبركة بالتعبير العامي، أو مشي حالك تحت أي وضع. المهم أن هناك صحيفة تصدر والسلام. الحس المهني والإنجاز الحرفي لا وجود لهما. صحافة قاعدة أو نائمة، تعبئة الصفحات غاية المراد، أما الخبر، أما السبق، فلا محل له غالبا. بعضهم ينظر إلى المسألة من منظور تجاري بحت، ولكنه في الغالب منظور فاشل، لأنه يحسب ما ينفقه دون أن يفكر فيما يمكن أن يكسبه.
ولذا تجد الصحيفة الإسلامية خالية غالبا من الإعلانات، وهي أساس التمويل في الصحافة. في الصحف المعادية للإسلام تجد إنفاقا باهظا على الكتاب والمحررين، ومع ذلك لديها جهاز قوي للإعلان يتحرك بذكاء وتخطيط. إضافة إلى الإتقان الذي يبدأ من الصورة إلى الإخراج إلى الرسم إلى السلامة اللغوية.. تصور أن بعض الصحف المحسوبة على الإسلاميين لا يوجد بها مصححون، وإن وجدوا فكأنهم غير موجودين، ولذا تغص بالأخطاء النحوية والصرفية التي تطال العناوين  ؛ ناهيك عن علامات الترقيم.
المشكلة الثانية الاعتقاد أن الصحافة الإسلامية مجرد مقالات تكتب وكفي الله المؤمنين القتال. الصحافة حركة تتوازى مع حركة المجتمع أو الناس. تتناول كل ما يجرى فيه، لا تحول وجهها عن بعض ما يجرى بحجة أنه مخالف أو غير مرغوب فيه، إن تسليط الضوء على الكرة والفنون والحوادث والمرأة وما يتعلق بها، والإذاعة والتلفزيون، والظواهر الاجتماعية الطارئة، وتناول كل ذلك من منظور إسلامي هو أمر مهم للغاية،والقارئ يبحث عادة عما يجرى في المجتمع، وهنا تكون الفرصة لتقديم التصور الإسلامي الذي يصحح ويقوم ويرشد.
الموضوعات التي تتناولها الصحافة الإسلامية تبرز الأولويات التي تخدم المجتمع والدعوة معا، ورئيس التحرير الرسالي هو الذي يملك حسا ثقافيا راقيا يدفعه للتركيز على الأولويات وعدم الاستغراق في الهوامش حتى يأتي وقتها، وهو الذي يحرك محرريه بل وكتابه في سياق الأولويات.. ثم هو الذي يكتشف الكتاب الجيدين أو الكتابات الجيدة التي تصل إلى الجريدة من غير المحترفين أو ممن لا يطرقون الأبواب ويكتفون بطابع البريد في توصيل ما يكتبون، شكا إلى كاتب جيد يعيش بعيدا عن القاهرة أنه أرسل عشرات المقالات والقصص والموضوعات إلى صحيفة كذا أو مجلة كذا ولكن ما أرسله يقابل بالصمت، وهذا منهج غير سليم على كل حال. إن ما يرسله القراء قد يكون فيه زاد حقيقي تفيد منه الصحيفة أو المجلة، فضلا عن أن التواصل مع القارئ الكاتب بصورة ما قد يكون طريقا لاكتشاف كتاب موهوبين وأدباء مرموقين في المستقبل.
المشكلة الثالثة مشكلة الأجور والمكافآت، وهي أمر حيوي خاصة بالنسبة للمحررين. والتعلل بقلة الإمكانات وقلة الموارد لا يصلح في إنشاء صحافة إسلامية يفترض أن تكون نموذجا للآخرين، فالبطون لا تنتظر، ثم إن إحساس المحرر بالغبن لا يؤهله للعمل أو الإنجاز، والإدارة الصحفية الواعية هي التي تعرف كيف تزيد الموارد وترضي هيئة التحرير.
أما الاعتماد على مقولة قلة الإمكانات فالأولى حينئذ إغلاق الصحيفة كي لا يظلم أحد.
كان المهندس محمد توفيق أحمد صاحب البريد الإسلامي – رحمه الله - يخدم الدعوة الإسلامية من حر ماله المحدود،وأسلم على يديه أكثر من أربعة آلاف مسلم في مشارق الأرض ومغاربها من خلال الرسائل الدعوية الصغيرة التي كان يطبعها باللغات الحية، وكان يدعو بعض الكتاب للكتابة في البريد الإسلامي وبعد النشر يرسل إليهم صورة شيك مملوء بالدعاء الصالح والتعبير عن ظروف المجلة المتواضعة التي كان يحررها وحده من الغلاف إلى الغلاف، وكانت هذه المكافأة من أغلى المكافآت لأنها كانت تصدر عن إخلاص في عمل تطوعي صرف.
ونواصل الحديث إن شاء الله عن القنوات الفضائية.

03 أغسطس 2012

عن قيود مرسي.. وإعلام عكاشة - بقلم سيد أمين

اعتقد البعض ممن يتابعون ما أدونه - ومنهم أصدقاء بل وأساتذة لا أشك مطلقا فى وطنيتهم وحالتهم الثورية – أنني قد وقعت شيكا على بياض لصالح جماعة الإخوان المسلمين ’ وأننى صرت أبرر كل ما يتخذونه من قرارات حتى لو كانت تخالف مرجعيتي الفكرية ’ واعتبروا ذلك انقلابا منى على الفكر القومي والتجربة الناصرية.
ولعل من يتهمونني بهذا الاتهام لاسيما هؤلاء الرفاق الجادين المخلصين ’ قد فاتهم أنهم ارتكبوا خطأ فادحا بتغليبهم مصالحهم الفكرية وانتماءاتهم الحزبية على إيمانهم بالديمقراطية ’حينما انساقوا وراء مغرضين مخادعين من أزلام مبارك ممن رضعوا الاستبداد وصاروا لا يبصرون الحقيقة إلا من خلال منظاره ’ ورفعوا وهم "أعداء" عبد الناصر صوره وراحوا يتغنون بثورة يوليو وكأنهم كانوا ناسكين فى محرابها ’ وليس من مقوضيها وممن لعنتهم تلك الثورة على تحالفهم مع الفساد والامبريالية حتى أوصلونا لما نحن فيه الآن ’ فأساءوا بمسلكهم ذلك ابلغ إساءة إلى الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر.
دعونا نؤمن بالديمقراطية ’ ونقول أننا نختلف مع الإخوان المسلمين فكريا ولكن مع ذلك نؤمن بحقهم فى اتخاذ القرار الذى يرونه صائبا’ ونؤمن بحق اختلافهم معنا او اختلافنا معهم دون تخوين او ادعاء او تلفيق ’ بمعنى اننا ننادي بوضع قواعد مضمونة وراسخة لتداول السلطة لا يمكن اختراقها او الاحتيال عليها ’ وبعد ذلك نحترم من يختاره الشعب فى انتخابات حرة نزيهة أيا كان’ اعمالا بمقولة الشاعر الفرنسي فولتير " قد أخالفك الرأي.. ولكنني على استعداد لأن أدفع عمري ثمنا لأن تقول رأيك".
قولوا لى بربكم ’ أليس من الديمقراطية ان نعطى الفرصة كاملة للرئيس المنتخب حتى ينجز برنامجه الانتخابي ’ وندعه يختار فريق العمل الذى يختاره ويثق فيه من اجل تحقيق هذا المطلب فى هذه الظروف السياسية الحرجة ؟ أليس من الظلم أن نطلب منه التخلي عن "شخوص" الجماعة التي رشحته ودعمته ليصير اعزلا مجردا من أنصاره الصادقين’ وهو يخوض معركته الناعمة من اجل انجاح برنامجه مع فلول النظام السابق ؟
ودعونا نقولها بصدق ’ من يطالبون مرسي الآن بخلع ردائه الفكري هم يدفعونه دفعا لعقد صفقة مع رموز نظام حكم مبارك الذين يسيطرون على مفاصل الدولة ويعملون بجد لتصدير الأزمات له ’ من ثم الارتضاء باقتسامه السلطة معهم’ وربما هذا الهدف وراء الحملة الإعلامية المسعورة التى تقاد ضد الرجل واستثمار عوائد الضغط المستمر عليه فى صالح الفلول.
ونحن جميعا نرى رئيسا بلا سلطات تجعله يتدخل كمشرط طبيب يستأصل الاورام الخبيثة ’نري رئيسا اختاره الشعب الذي يجب أن نرتكن إلى حكمه جميعا ’ يواجه حربا إعلامية مكشوفة - ندركها نحن كاعلاميين - لتقويض شرعيته ’حربا تعتمد على الأكاذيب وخداع البسطاء ’عبر تكنيك دعائي يعرفه المصريون جيدا يلخصه المثل القائل "العيار اللى ما يصيب يدوش" ’ ونتائجها ليست لصالح الثورة بأي حال من الأحوال ما لم تصب في صالح أعدائها ممن يتربصون بالثورة والثوار.
كنت أتمنى من الرئيس مرسي أن يخرج علينا فى مؤتمر صحفي عالمي ليكاشف الناس بمدلولات تلك الضغوط وأهدافها وإبعادها ’ تلك الضغوط التى جعلته يصدر- على سبيل المثال - بيانا لرثاء عمر سليمان وهم – أى الإسلاميين - أكثر الناس الذين ذاقوا مرارة سجونه ومؤامراته وإجرامه مع غيرهم من أبناء شعبنا المصري بل والعربي عامة ’ وان يقوم بفضحها وتعريتها وتعرية منفذيها ’ فقط وقتها سيجد الناس تلتف حوله من جديد وسيخرج الشعب لإعادة الشرعية للرئيس.


كنت أتمنى من الرئيس ألا يقف مكتوفا إمام الحملة الإعلامية وان تحصر مؤسسة الرئاسة الادعاءات التى يهاجم بها الرئيس وتخرج بمؤتمر صحفي لتفندها فيه ’ والا يستجيب للضغوط التى تجعله يقبل قرارا على غير قناعاته ’ قد يستخدم فيما بعد للهجوم عليه من خلاله ’ ومن نفس هؤلاء الأشخاص الذين مارسوا الضغط عليه.
اعلام توفيق عكاشة:


لقد جعلنى توفيق عكاشة على يقين كامل بقدرة الإعلام الضخمة فى تشكيل أذهان الناس عبر فضائيته التى تصطاد ضحاياها من الاغلبية المسطحة فراح يبنى فى أذهانهم منظومة متكاملة من الأفكار الراسخة المبنية علي الأكاذيب ’ ورحت استرجع تجربة "جوبلز" وزير الدعاية الألماني فى عصر هتلر التى لخصها فى عبارة واحدة " لكى يصدق الناس الكذبة لابد أن تكون ضخمة " .
نحن لم نسمع عن توفيق عكاشة من قبل ثائرا أبدا ’ بل وجدناه شخصا من "الآضيش" جمال مبارك ومداحا فى محرابه ورجلا يعمل فى أجهزته ’ فمنحه فى نهاية التسعينيات خمسة ألاف فدان فى طريق مصر الإسكندرية بمبلغ ستين ألف جنيه فأقام عليها جمعية وهمية تسمي "جمعية الاعلاميين والصحفيين" وقام ببيعها لصحفيين الحزب الوطنى – اعرف عددا منهم - بما يقارب الخمسة ملايين جنيه ’ وهو مبلغ كبير للغاية فى هذا الوقت ’ فضلا عما يتردد عن ان الرجل خصصت له قرابة 150 رخصة استيراد وتصدير قام ببيعها بملايين الجنيهات ’ ثم نجده الان يتحدث عن الشباب ’ ولا ادري عن اى شباب يتحدث وهو واحد ممن سرقهم ’ واغتصب حينما كان عمره لا يتجاوز الثلاثين عاما حقوق الالاف ممن يبحثون عن عشرة أفدنة ليزرعوها ويؤسسون اسرهم البسيطة عليها .
الإجابة ستكون واضحة لو عرفنا ان الحرس العسكرى الذى يحرس بيت عكاشة وبوقه"قناته" قد يفوق الحرس الذى يحرس فيلا الرئيس.
Albaas10@gmail.com

لماذا أؤيد سوريا الأسد بقلم محمود عرفات



الآن وصلنا لمفترق الطرف و بتنا على مجرى نهر لا ينفع معه السكوت لذا قررت كتابة رأيي و إجابة سؤال هام هو لماذا أؤيد (كمصري) الأسد ، أكتب معبراً عن وجه نظر خاصة هدفها المصلحة المصرية وحدها و معبرة أيضاً عن مصلحة سورية .
قبل أن نتحدث عن الآني من الأحداث علينا أن نقوم بإطلالة على الماضي حتى يستقيم مجرى النهر و لا يكون تحليلنا السياسي مبنياً على فرع الشجرة لا جذعها حيث تضرب جذورها في الأرض ، إطلالتنا لحدثين هما نسخة كربونية من أحداث اليوم بسوريا الفارق الوحيد أنها اليوم في ظرف دولي خاص مختلف عن الحدثين السابقين و لهذا إمتدت النيران كثيرا و لم تنطفئ سريعاً..
*احداث 1964:
بالعام 1964 بدأت سلسلة من الأحداث العدائية للدولة البعثية عبر مساجد المدن الرئيسية بتنظيم من الإخوان المسلمين ضد السلطة البعثية و اعتبارها سلطة لا دينية ملحدة وجبت إزالتها و لعبت السفارتين العراقية -!!- و المصرية دور أساسي في دعم الاضطرابات و معهم مد سعودي ندر ان يلتقي بالمد المصري في تلك الحقبة ، كانت حماة معقل الإخوان المسلمين مركز الإضطرابات و منها خرج السلاح لإزالة حزب البعث متحالفين مع ملاك الأراضي الكبيرة بحمص و حماة و أصحاب روس الأموال ، مع ابريل 1964 إنفجرت الحرب المسلحة بين الاخوان و حلفائهم و الدولة السورية و لعب الشيخ محمود الحامد و مروان حديد دوراً أساسياً في التحريض على المواجهات بأُسس دينية شملت قتل البعثيين و تمزيق الجثث و الهجوم على محلات الخمور و تدميرها ، انتهت الاحداث حين تدخل آمر الحرس القومي حمد عبيد بالدبابات و قصف الاحياء السكنية حيث يتحصن المسلحون و تم تدمير مسجد كبير يخزنون فيه السلاح و الأفراد لتنتهي الأحداث مؤقتاً الى مرحلة قادمة.
*أحداث 1982:
بدء من يونيو 1979 قامت ميليشيا اسلامية متعددة تتصدرها ميليشيا الاخوان بعمليات ضد الكليات العسكرية و مخافر الشرطة و نقاط الجيش و مسئولي حزب البعث في اغتيالات و تفجيرات و خطف و قتل مستمرين و مارست الميليشيا أعمالها كالمعتاد من بين الاحياء الصغيرة المكتظة بالسكان بل و امتد الامر لقتل الشيوخ المعارضين لعملياتهم مثل الشيخ محمد الشامي المذبوح في المسجد امام الكل -!- و استمر الصدام مع النظام على هيئة ضربة ضد ضربة الا أن الأمر انفجر بالعام 1980 حين تولى رفعت الأسد قيادة عمليات تصفية الإرهاب و قد قدم رأيه (و كان على حق عسكريا على الاقل) أن الصمت و تبادل الضربات لن يصلح شئ فالقضاء على الخصم هو الحل ، عبر عامي 1980 و 1981 قامت القوات البرية و المحمولة جواً حتى وصل الأمر لقيام زوج إبنة رفعت الاسد بالانتقام لموت مجموعة من الطلاب العسكريين بقتل 500 سجين من الاوان في زنانزينهم -!!!- و مع العام 1982 كانت التفجيرات المفخة بالشوارع تحصد العسكريين و المدنيين في عمليات استهدفت كل ما يمت للدولة بصلة لكن القوات العسكرية كانت قد قلصت وجود الميليشيا حتى باتت محاصرة بحماة معقل الاخوان المسلمين ، في فبراير 1982 تم قتل 20 جنديا بحماة فكان الحادث دافعا لرفعت الاسد (مع حوادث اخرى) لإنها الازمة تماماً و القضاء على المسلحين المحتشدين بالاحياء السكنية تماماً و بأي ثمن ، قامت قوات رفعت الاسد بالهجوم الشامل على المدينة حتى أجبرت بقايا المسلحين على الهرب لأحياء الكيلاني و البارودي و هناك تمت عملية تدمير الاحياء و تم القضاء على ميليشيا الاسلاميين بعد خسائر بلغت عشرات الالاف من المدنيين و العسكريين و كانت الاتهامات تتجه للأردن و السعودية و المخابرات الامريكية بتدبير الاحداث و أقر الملك الحسين بعد سنوات بأن الاردن كانت على خطأ لإشتراكها في صناعة الأحداث.
هنا نجد أن الماضي قد شارك الحاضر في عدة نقاط:
-1- المسلحون يحتشدون بالضواحي و الأحياء الصغيرة حتى يضطر الجيش لعدم ضربهم و الا قتل مدنيين و في حالة ضربهم يتم تصوير المدنيون باعتبارهم ضحايا للجيش بغض النظر عن المسئول أصلا عن موتهم حين عرضهم للخطر و احتشد وسطهم بخلاف دور الجيش أصلا في قمع أي محتج لدرجة الاعتقال و التعذيب أو القتل الفوري.
-2- الاردن و السعودية لعبا دور رئيسي في صناعة أزمتي 1964 و 1982 و اليوم تتكرر المواقف بالاضافة لدور تركي و لهذا قصة أخرى في هذا المقال.
-3- الجيش دوما يواجه بموقف ديني عقائدي تكفيري و الميليشيا سنية بقيادة أغلبها إخوانية مسلحة تكفر الحكم و الدولة لكن (و الى اليوم) يتعامل الخارج معها بإعتبارها حركات مدنية تسعى لدولة حديثة.*1*
فماذا عن اليوم؟
في التالي أسئلة أجيب عنها و فيها وجهة نظري الكاملة:
لماذا أرفض تأييد المعارضة؟
-1- المعارضة المسلحة عبارة عن ميليشيا متعددة سلفية متطرفة في أغلبها من عدة جنسيات و لا يمكن قبول أن يحلوا محل النظام و الا دمرت سوريا بحكم قيادة الميليشيا كما رأينا في الاسلوب الميليشياوي بالصومال و أفغانستان فهم أهل حرب عصابات لا حكم و إدارة.
-2- الميليشيا مدعومة من الخارج مما يجعل المصلحة السورية مخترقة بمصالح اجنبية من دول ذات أطماع في سوريا (تركيا تحديدا كعدو تاريخي لسوريا و هنا التاريخ يتحدث و علينا الصمت) مما يجعل وصول الميليشيا للحكم خطر على الوطن السوري.
-3- المعارضة السياسية ممزقة تماماً و مختلفة لدرجة الشجار و التطاحن و تكرر هذا مرتين بإستانبول و مرة في القاهرة فالمعارضة لا يمكن أن تكون مؤهلة لامساك زمام الأمور و ستسقط البلاد في فوضى مدمرة.
-4- الميليشيا المعارضة طائفية و هي صاحبة النفوذ على المعارضة السياسية الممزقة سلفاً أحاديثهم تدور على غرار دولة السنة إزالة الحكم النصيري الدولة السورية الاسلامية بل إن كتائبهم يتم إعلانها بأسماء القعقاع و حذيفة و أم المؤمنين الخ الخ و هذا في بلد كسوريا معناه حرب أهلية طائفية على غرار الحرب اللبنانية 1975-1990.
ما هي مصلحة مصر (من وجهة نظري الخاصة) في بقاء الاسد؟
-1- ليست من مصلحة مصر الاستراتيجية أن تنفرد الولايات المتحدة بالنفوذ في الشرق الاوسط فلا بد من توازن و لو بسيط بين النفوذ الامريكي و محور سوريا إيران و الاختلال لصالح النفوذ الامريكي بإزالة نظام الاسد سيضر مصر بشدة بحكم أنه سيزيد موقف إسرائيل قوة بالمنطقة.
-2- سوريا هي الداعم الوحيد للمقاومة بالمنطقة و مصدر تسليحها من ايران و لو زال الاسد سيزول حزب الله بمرور الوقت و يدخل لبنان حرب داخلية ي سبيل هذا و النظام البديل بحكم داعميه و ممولية و اتجاهاتهم و طائفيتهم لن يساعدوا المقاومة.
-3- سوريا دولة متعددة الطوائف و الحكم العلماني العسكري نجح في حفظ توازنها لكن لو إنتهى لصالح المعارضة الهشة سياسياً المحكومة بميليشيا مرتزقة و طائفية فسنرى إنفجار طائفي سيمتد الينا سريعاً و العراق نموذج.
-4- سوريا تساعد على الضغط السياسي ضد إسرائيل بدعم المقاومة فهي تعجز عن شن حرب ضد إسرائيل لأن العرب قبل الغرب لن يساعدوها بل سيقفوا متفرجين و ربما مؤيدي لاسرائيل (حرب لبنان 2006 نموذجاً) فليس من صالح مصر إزالة الضغط بالمنطقة و إقامة نظام يتضح الان من تحالفاته و مموليه و خلفياتهم انهم سيتخلوا عن دعم المقاومة.
-5- النظام البعثي الاشتراكي السوري مثل لمصر فرصة للتصدير المستمر الذي تجاوز المليار دولار ، النظام البديل سيطيح بالمنهج الاشتراكي و يفتح السوق السوري للبضائع الاوروبية مما سيدمر قدرات التصدير المصرية كما حدث مع العراق بعد الاحتلال الامريكي.
ماذا تريد تركيا من سوريا؟
-1- الحلم الاتاتوركي القديم بمد الحدود التركية لتشمل حلب-الموصل و يبدوا أن هذا الحلم العبثي مؤثر بشدة لدي الحكومة التركية.
-2- تركيا تريد فرض النظام في المناطق السورية الكردية بالقتل كما يحدث لكرد العراق أو بالاحتلال كما هو متوقع، فمع انهيار الادراة المركزية و تولي ميليشيا متعددة الحكم بإدارة سياسية مهلهلة سيكون الحل التدخل الاجنبي و الذي سيصير غالبا قوات عربية مشتركة و تدخل تركي على الحدود السورية.
-3- لتركيا مصالح اقتصادية كبرى مع سوريا و هي بدأت العداء مع النظام السوري الحالي فهي تريد نظام بديل للأسد يصادقها و يساعدها لضمان التدفق الاقتصادي.
-4- تهدف تركيا لتحويل سوريا لسوق للمنتجات التركية فالمنهجية الاشتراكية و أفكار الصناعة الوطنية و الاكتفاء الذاتي ليست مناسبة تماما للمصالح التركية و سوق حر مفتوح أفضل و هذا لن يتم إلا بإزالة نظام الاسد.
ماذا تريد الولايات المتحدة من سوريا؟
-1- تفكيك الجيش العربي السوري بإعتباره الجيش الوحيد الذي مازال يعلن العداء لإسرائيل و يمثل خطر مستقبلي عليها.
-2- إزالة النظام السوري المتعاون مع إيران و إحلال نظام عبر الميليشيا المدعومة منها و من شريكتها الاطلسية تركيا يحل الولايات المتحدة محل ايران و روسيا عسكرياً.
-3- إعادة تكوين الجيش السوري بعقائد (مسالمة) و سلاح امريكي و قوة نيران محدودة بحيث يكون القرار العسكري بيد الولايات المتحدة (النموذج المصري الساداتي) كما حدث بالعراق بعد الاحتلال.
-4- إزالة النهج الاشتراكي الاقتصادي و الغاء نظريات السوق المحدود و الاكتفاء الذاتي و فتح السوق السوري للبضائع الغربية (نموذج التحول الاشتراكي للرأسمالية باوروبا الشرقية تحديداً) مع خصصة ادوات الانتاج الحكومية و تسليمها لقطاع خاص بنسبة أجنبية محددة.
-5- قدر الامكان الحصول على (تسهيلات) عسكرية بسوريا على غرار نفس التسهيلات الممنوحة لإيران و روسيا تدعيم التواجد العسكري (مع العلم بأن امريكا عمليا ربما لا تحتاج هذه الفقرة لوجود قواعد لها بإيطاليا و تركيا و تسهيلات بإسرائيل و مصر و لبنان).
ماذا تريد إسرائيل؟
بالنسبة لإسرائيل فهناك جناحان متصارعان:
أ) جناح يرى أن نظام الأسد أفضل فهو معروف و لن يشن حرب لضعف جيشة و استحالة تأييد سوريا من أي بلد عربي و دوره التخريبي قاصر على تمويل حزب الله و هذا الاخير ساكن منذ عام 2000 لم يتحرك الا لرد الضربات الاسرائيلية اما البديل فهو الفوضي و تفكك الحدود و هجوم عناصر مسلحة متطرفة دينياً على إسرائيل مما يجعل بقاء النظام الأسدي أفضل من الفوضى القادمة.
ب) جناح يرى أن إزالة نظام الأسد أفضل بكثير فهو نظام يمول أو يمرر كل طلقة تضرب إسرائيل منذ وصول البعث للحكم و العقيدة الاسدية ترفض أي سلام بدون الجولان أما النظام الضعيف القادم فسيقبل كذلك النظام الحالي لدية جيش متماسك و جيد مسلح من روسيا بعلاقات قوية مع ايران اما بديل الاسد بطائفيته سيفكك الجيش حتماً على غرار ما حدث بلبنان (الجيش العربي اللبناني-الفرقة السادسة-القوات المارونية الخ الخ) مما يجعل إزالة النظام أقل ضرراً من بقاء النظام بإعتبار البقاء يجعل خطر دعم حماس فلسطين و حزب الله مستمر و إسرائيل منذ 1973 لم تقاتل ضد أي جيش بل فقط ضد حماس و المقاومة اللبنانية.
*الى الآن تميل الحكومة الاسرائيلية الى الجناح الثاني مع تبني الجناح الاول من قبل سياسيين كُثر لكن المؤكد أن إسرائيل هي الرابح لو أزيل جيش عدو و نظام متماسك على الحدود ، و الواقع أنه بتحليل بسيط نصل الى أن إسرائيل قررت إزالة نظام بشار فالدول الداعمة للميليشيات هي تركيا=أمركيا و الاردن=امركيا و قطر =أمريكا و السعودية=أمريكا فالسؤال كيف تدعم أمريكا لمدة عام و نصف عمليات عسكرية على حدود إسرائيل نتائجها (إزالة بشار) تضر بأمن اسرائيل و بدون موافقة إسرائيل؟ إن الاتفاق الاستراتيجي الامريكي الاسرائيلي عام 1964 جعل أمريكا ليس فقط ضامنة أمن إسرائيل كما تعهد ترومان بل اسرائيل حليف أساسي و لا تتدخل أمريكا في المنطقة إلا بالشراكة مع القرار الاسرائيلي فدعم دول خاضعة لأمريكا لتلك الميليشيات لن يتم الا بأمر (أو إذن أيهما يروق للقارئ) أمريكي و هذا الاذن لن يتم في شئ تراه إسرائيل مضر لأمنها..إنها معادلة بسيطة.
نهايةً فإن الضمير الوطني و العقل السياسي يحتمان تلك الكلمة:
*لا شئ إسمه حقوق إنسان حين نتحدث عن سياساتنا الخارجية ، فقط مصلحتنا بأي وسيلة و بأي طريق فالآخر لن يتعامل الا بهذا النهج فقط ، إن الزمان الذي كانت فيه قيم العروبة و الاخوة تحرك سياساتنا قد انتهى و يحضرني موقف شكري القوتلي الذي فجر انابيب البترول المارة بأرض سوريا و هو رئيس الجمهورية السورية أثناء العدوان الثلاثي على مصر تضامنا معنا و أدى هذا لإنهيار لقيمة الجنية الاسترليني ، هذا الزمان حيث نحيا من العبث أن نجد فيه من يصيح بالعروبة لتبرير عمليات ضد الاسد بينما يهين العهد الناصري -!- مصلحة مصر في بقاء بشار الاسد و مصير سوريا (من وجهة نظري) سيكون سئ بعد الاسد و لا قيمة حقيقية للتحليل السياسي بدون ربط تاريخي و لا منطق سليم في القرار الخارجي بدون إعلاء قيم المصلحة المصرية ، بإسم الثورة ندعم ميليشيا سلفية متطرفة لتدمر الجيش السوري و بإسم الثورة ندعم تدخل دولي بسوريا و بإسم الثورة سنلعن الثورة السورية يوماً ما.
* نسمع دوما إتهام مبني على حقيقة هو أن الجيش السوري لم يطلق رصاصة بالجولان من 40 سنة ، القتال بالجولان يعني حرب مع إسرائيل و الجيش السوري لا يقدر على هذا و لا أي جيش عربي و الوسيلة الوحيدة هي حرب عربية مشتركة و لن كل الجيوش هادنت او سالمت اسرائيل الا الجيش السوري فلم يعد بالامكان الى حيولان فانتقل الجيش الى تمويل و دعم كل عمل حربي من حماس و حزب الله ضد اسرائيل ، يعني الجيش يفعل كل القادر عليه بكل شكل ممكن بأقصى حد ممكن و لا يجلس يراقب الحدود فكل رصاصة و كل صاروخ و كل قنبلة ضربت اسرائيل طوال 40 سنة اما سورية أو مرت بأرض سوريا لتصل للمقاومة ، صواريخ حزب الله مثلا التي ضربت اسرائيل 2006 سورية ، السلاح الفلسطيني بغزة سوري أو هربته سوريا ، سوريا لو حاربت فرضا بالجولان كم بلد عربي سيقاتل معها ، بل انني لا أخجل أن أقول كم بلد عربي لن يساند اسرائيل ضدها ، لا تهاجموا سوريا كأنها تقف صامتة فهي الداعم العربي الوحيد للمقاومة و الممول العربي الوحيد للمقاومة و الدولة الوحيدة التي لم تسالم اسرائيل و لا شئ بيدها الان أكثر من هذا..
*أخشى أنه -و بدون دليل بل هذا إعتقاد شخصي- أن مسيحيي سوريا مقدر و مخطط لهم الانتقال الى لبنان بعد مجازر ترتكب بحقهم بعد رحيل بشار و تنسب الى (فلول بشار) الذين سيتم ابتكارهم و تحميلهم كل ما سيرتكبه السوريون و الاسلاميون و الميليشيات ، سيتم ترحيله الى لبنان لزيادة الحجم المسيحي و يتم توجيههم سياسياً الى التحالف مع خط الجميل/جعجع/الحريري بحيث يكونوا زيادة و توثيق لموقف 14 آذار ضد 8 آذار في بداية مرحلة تصفية حزب الله الذي فقد شريكه و مموله بالصواريخ (الصواريخ التي ضربت إسرائيل في تموز 2006 سورية !) و العتاد الايراني.
*لو رحل الأسد فسنجد محمد مرسي رئيس الغفلة الزمنية يدفع الجيش للإشتراك في قوات حفظ سلام عربية ستكون مهمتها تصفية الميليشيا -!!- لكي تصلح ما إرتكبه الآخرون و تسعاد على تنصيب (الاصدقاء) ، هذا في رأيي سيرافقه دخول سعودي حربي بتغطية حفظ السلام و الغرض دعم و تسليح السنة و دخول تركي بغرض السيطرة على أرض الكرد (حلم كاد يتحقق عام 1998 حين كادت مدرعات الجيش الاتاتوركي تندفع الى حلب) و تندفع الاردن و ربما لبنان للدخول و كل طرف يرفع شعار الأمان و السلام و غرضه اقتسام الغنيمة و توصيل الحلفاء للسلطة و هذا سيصنع حرب جديدة إذ سيتخاصم القادمون لحفظ السلام و تنشأ معارك بين مؤيدي هذا و مؤيدي ذاك في مواقف عبثية رأيناها في حرب لبنان الاهلية مع دخول قوات الردع العربية ، لكن نحن كمصريين لن نكون إلا أنفار نموت في سبيل لا شئ و لإصلاح خطأ أو جريمة أرتكبت بعيد عنا و لن نستفيد شئ منها.
*إن الجيش السوري في مجمل من قتلهم من مدنيين لا يتحمل وحده المسئولية بل ميلشيا الجيش السوري الحر تقتل مدنيين و الميليشيا السلفية تقتل و تهجر مدنيين لكن نحن فقط لسبب ما نهتم بالجيش السوري ، الجيش السوري قتل محجين في البداية و هذه حقيقة مؤكدة لكن الان و منذ شهور طويلة تغير الامر فحين يقصف مدينة فإنه يقصف مراكز تمركز مسلحين في أحياء سكنية و قد قتل المسلحون هؤلاء المدنيين قبل أن يقتلهم الجيش السوري فالميليشياويون من حولوهم لدروع بشرية فهل المطلوب من الجيش في أي بلد ترك مدنة لميليشيا مسلحة لأنها حولت المدنيين لدروع؟
*الاخوان المسلمون واهمون إن تصوروا أن دعم قطر و تركيا لهم سيوصلهم للحكم فهناك من الوقائع الطائفية و الميليشياوية و الدولية ما يمنع الاخوان ، الحقائق على الأرض تقول ان الاخوان ميليشيا واحدة من ضمن عدة ميليشيات و حتى يكون لها الأمر فهي بحاجة لسلاح جيش كامل ، الطائفية ستعيق أي تنظيم من الوصول للحكم تماماً و السلاح سيجعل مهمة الاخوان مستحيلة و التداخلات الدولية ستحول مهمتهم لحلم كبير فسوريا لا يحكمها الا نظام سياسي قوي بجيش قوي أما الميليشيا مهما دعمت من الخارج فستظل ميليشيا تتقاتل و لا تنتصر إلا بدعم حقيقي أي بجيش حقيقي ، حتى لو حدث هذا و تم وصولهم و استقرت البلاد فجيشها سيصير امريكي و الطائفية ستمزق البلاد و ستصير سوريا التي نعرفها دولة باهتة مرتبكة مع شكي الكبير في إمكانية حكم أي فصيل لسوريا فالميليشيات و الطائفية عوائق قاتلة..
*إن الديموقراطية ليست حجة لتبرير التدخل الامريكي فامريكا ذبحت الديموقراطية كثيراً من اجل المصلحة و أطاحت بنظم منتخبة و أحلت محلها نظم عسكرية إتبدادية فككت النظام الاشراكي و صنعت رأسمالية أمريكية بإمتياز (شيلي و بنما و الاكوادور و غواتيمالا و إيران مصدق نموذجاً) و تكرر الأمر بأشكال عديدة سياسية و عسكرية الى اليوم فالديموقراطية حجة سخيفة لتبرير القبول بدور أمريكي ما بالمنطقة و في سوريا ، الولايات المتحدة دعمت صدام و خلعته و دعمت مبارك و تركته و صنعت الشاة و هرولت منه فالكوميديا الحقيقية أن نعتبر تدخل أي بلد -بالذات امريكا- لأسباب ديموقراطية فالديموقراطية نكتة عبثية حقيقية في عالم السياسية الخارجية تماماً كحقوق الانسان.
*عن الجيش السوري الحر (إضافة) :
عدة أسئلة لا بد من طرحها لأنها تظل بلا إجابة الى الان:
-1- هل هناك حقا شئ إسمه الجيش السوري الحر كقوة على غرار الكتائب الليبية التي عملت ضد القذافي ضمن عمليات الناتو ، إن ذا الجيش الافتراضي عبر صفحة ويكي الانجليزية و موقع الكتروني و صفحات على الفيس بوك و تويتر لا نعرف عنه الا أن قادته منشقين سنة من الجيش هاربين الى تركيا فقط و خلاف هذا لا شئ عنهم الا بياناتهم و تقارير دول الحلف الامريكي فقط التى حتى لا يمكن التثبت من صحتها من مصدر محايد ، الاغرب انهم يدعون كون عددهم 30000 و هذا أمر مدهش بحكم كونه مموه فلم لا يعلنون كامل اسماءهم و ارقامهم العسكرية لإثبات حقا العدد و الانشقاقات بالجيش خاصة مع أن هذا يعد انتصار نفسي على الجيش العربي السوري ، في ظني أن العدد صحيح لكن ليس عدد المنشقين فهو لن يزيد عن مئات و الباقي خليط مألوف من متطوعين و مقاتلين بالاجر و عناصر غير سورية و الغلاف هو المنشقين .
-2- نجح الاعلام العربي في تحويل الواقع الى خيال و العكس ، مهما كان موقفنا فهناك حقائق فالجيش العربي السوري جيش رسمي و مسلح لكنه في الاعلام بات كتائب الاسد و الميليشيا المدعومة من دول الجوار باتت جيش دون أن تملك أي مقومات كجيش بالمرة في تكرار لمأساة الجيش الليبي الذي حولناة لميليشيا و حولنا الميليشيا المدعومة من الناتو لجيش و كانت النتيجة تسريح الجيش الليبي فور دخول طرابلس و نتيجة هذا اكتساح الميليشيا لليبيا و الان يدور محمود جبريل حول نفسه في محاولة يائسة لإعادة بناء الجيش لمواجهة الميليشيا -!- و سوريا في الريق فالجيش العربي هو كتائب و الكتائب التي يقيم قائدها بركيا هي جيش وطني.
-3- المنظمات الدولية تلقي اتهامات واسعة بانتهاك حقوق الانسان للميليشيا المحلية و اعلامنا صامت لا يهتم و يتعامل مع الامر كأنه لم يكن ، في هذا اكمال لسيناريو تأليه الميليشيا و تنزيهها و أسلمتها (لأسباب شعبية) و شيطنة الجيش و النتيجة لن تكون مرضية أبداً فهم لو هزموا الأسد لن يتركوا أحد و لن يرحموا أحد بالذات من الطوائف القليلة كالارمن و العلويين و حينها سنسمع الاعلام يصرخ أن (فلول الاسد) هي المسئولة و هذا مفهوم سلفا و تكرر من قبل.
-4- كتائب الجيش الحر سنية بشكل واضح ، حين اسمي كتائبي ابو عبيدة بن الجراح و خالد بن الوليد و معاوية بن ابي سفيان و الابابيل الخ الخ و يكون قادتها سنة و قادة الجيش سنة و المنشقين سنة لدرجة أنني وجدت مؤخرا احتفالات على اليوتيوب لأن هناك مسيحي بعد عام و نصف انضم لهم -!- فمن المنطقي أن اتهم ما يحدث بالطائفية بل و السنية في التسمية بشكل واضح فحتى لو كنت سني و مشروعك سني بحت فكن عاقل و سمي الكتائب بأسماء وطنية لا تسميها بأسماء دينية طائفية.
* أخيراً لا أجد إلا سؤال إطرحه على ضميرك: هل قطر و السعودية و تركيا و الولايات المتحدة و فرنسا إجتمعوا لمصلحة سورية؟..حقاً؟؟
*1* يرجى العودة لمجلد الصراع على الشرق الاوسط (باتريك سيل) ومجلد ويلات وطن (روبرت فسيك).
المجلد الاول هو الافضل عالميا و المعتمد في كل مواقع رواية الحدث كأفضل سرد لتاريخ سوريا الحديثة .
المجلد الثاني شهادات روبرت فيسك عن الأحداث و الصراع الدامي و مسئولية كل طرف.

مزادات الحرب على إيران تغلق أبوابها .



علاء الريماوي
 يزدحم الفضاء الإسرائيلي منذ عام في حديث صاخب  وخلاف محتدم حول ضربة عسكرية لإيران .
 مناكفة الحرب ومعارضته شقت في الرأي مجموعة الثمانية في الحكومة الإسرائيلية  و فتحت موجة غير مسبوقة من التسريبات الإعلامية حول نوايا باراك – نتنياهو تجاه ايران  .
صخب الخلاف وصل  قادة أمن من العيار الثقيل فتحدثوا  في سابقة للجمهور عن تحديات الحرب مما إضطر مجموعة إعلامية على القناة الأولى الإسرائيلية الوقوف والصراخ لحالة الإرباك التي تصنع في المجتمع خاصة بعد التصريح الشهير لداجان الذي قال في الماضي  " إن الهجوم العسكري على إيران هو "أغبى" فكرة استمع إليها " مما جعل ديسكن يعتبر التصريحات هرطقة غير مسئوله .
الهرطقة هذه  وصلت عدواها الى إستراتيجيين في الكيان إعتبروا أن مسألة الهجوم على إيران ليست نزهة ليائس في بحر الوجود  يبحث عن مجد سياسي عبر نار لا يعرف حدودها في الاشارة الى باراك .
باراك في ذات السياق يقود حملة عالمية محمومة لحشد تأييد واسع لضرب إيران في أوروبا ولكن التركيز يؤتي أكله في الولايات المتحدة من خلال اللعب على ورقة الانتخابات واللوب الصهيوني وموازين القوى في ذلك .
هذا ما بفسر خمس زيارات في الشهر الماضي والحالي  لعسكريين وسياسيين ومستشارين من الولايات المتحدة كان منهم  مستشار الامن القومي للرئيس الامريكي باراك أوباما  والذي بحسب صحيفة هآرتس قام بإطلاع نتنياهو على خطة أمريكية طارئة لمهاجمة إيران اذا فشلت الدبلوماسية في كبح برنامجها النووي .
اللافت في الامر موجة التعبئة التي تقوم بها وزارة الحرب ومكتب نتنياهو والذي يعتمد على دعاية مهولة عبر الاعلام تتناول شكل إيران النووية والتي تحمل الفناء للكيان في مقارنة بين مئات القتلى الذين قد يسقطون في حال الحرب عليها  .
في حديث الحرب على إيران وجدنا أن هناك مجموعة من المتغيرات تحكم السلوك الصهيوني وتضبطه بعيدا عما يشاع في صخب الاعلام المستعر ونلخص حديثنا في الآتي .
1 . موقف الولايات المتحدة الامريكية من جديد حرب في المنطقة لا تضمن فيه سلامة النفط وإستقرار الخليج وبنيته السياسية أثناء الحرب وبعدها .
2. قناعة الاتحاد الأوروبي في خطر إيران النووية على مصالحه خاصة أن إنعكاس الحرب على الاقتصاد الاوروبي ستكون وخيمة إذا ما إستهدف النفط في موجة الحرب غير المتوقع حدودها .
3. اطمئنان دول الخليج للسلوك الإيراني في حال الحرب والذي يعد من الهواجس الرئيسية التي يخشى منها أوباما في حال نشوب حرب طويلة الأمد .
4. موقف الجبهة الشيعية من الضربة المحتملة لإيران خاصة في عراق الدولة النفطية المهمة ، وحراك الطائفة في الدول المحيطة .
5. خارطة جبهة النار المتوقع إندلاعها في حال ضرب إيران والتي تشير الى حتمية مشاركة جبهة لبنان ، سوريا ، وأماكن رخوة مثل غزة ، سيناء في حال وقوع ضحايا كثر .
6. الملف السوري و التطورات على الارض ، والذي يجعل القرار السوري معها سريع التفاعل في إتخاذ  وجهة المواجهة على حساب ملفات الداخل الملتهب .
7. توقعات الحراك المتفاعل في المحيط ، ووجهة الغضب التي تحرك بيئة قابلة للثورة ومدى إنعكاسها على حلفاء الغرب ومصالحهم .
8. الحساب الدقيق لكلفة الدم والنار التي يمكن للكيان دفع فاتورته والتي تحاول أوساط نتنياهو تقليلها لكن دون حقيقة دامغة وبينة تستند اليها .
9. تماسك جبهة موالاة داعمة في الكيان  للضربة ومقتنعة في قدرتها على تحمل كافة النتائج المتوقعة وأهمها سلوك الداخل وجبهته التي تحوي قرابة 2 مليون من غير اليهود .
10 . فهم واضح للسلوك الإيراني في حال ضرب إيران من إسرائيل أو الولايات المتحدة والذي يعزز بنسبة أو يمنع بنسبة معتبرة ووازنه .
هذه النقاط العشر تعد المتغيرات الأساس في التحليل لفهم السلوك الإسرائيلي والغربي في تعاطيه مع الملف الإيراني ويمكن إضافة موقف الروس والصين .
في المتابعة المنهجية فإن أيا مما ذكر سابقا لا يصب في مصلحة خيار الحرب على إيران ، لكن في حال إختلال أي من المعايير يصبح خيار الحرب أقرب اليه من حال الهدوء .
اليقين الذي نراه ملخصا للشهور القادمة ، لاضربة في ظل الإنتخابات الأمريكية ، وضبابية الوضع السوري ، وتوجسات الامن الذي تكتنف سلامة نفط المنطقة وخاصة الخليج .
في التحليل السياسي يغلب أحيانا منطق اللا منطق ، ويسبق الجنون حركة الفهم الواعي ، ويظل بحر التوقعات مفتوحا برغم تدني فرص خيار النار الى حد الاختفاء في السنة الحالية والقادمه .