20 أكتوبر 2010

التعليم فى مصر.. العدد فى الليمون


سيد أمين

منذ أيام قرأت تقريراً عن التعليم في مصر لعل كل ما أثارني فيه فعلق في ذاكرتي تأكيد الباحث على أن الصين وهى الدولة ذات المليارى نسمة تقريبا قامت جامعة بكين "العاصمة" فيها بتخريج نحو 40 ألف طالب منذ إنشائها في حين أن جامعة القاهرة قامت بتخريج نحو 128 ألف طالب رغم أن عدد سكان مصر نحو 1 من 20 تقريبا بالنسبة الى عدد سكان الصين.

وأردف الباحث معلقاً " العدد في الليمون " بمعنى أن كم الخريجين لا يعنى بالضرورة أنهم متعلمين .

ان مراقباً جيداً للحالة التعليمية فى مصر يستطيع أن يجزم أن المليارات التى تنفق عليه قد ذهبت هدراً و أنه لا يمكن لوطن يعلم أولاد بتلك الطرق وهذه الوسائل والمناهج أن يحقق نجاحاً ولا يضع تعليماً مفيدا.

فالمناهج التي انتقدوا فيها من قبل اعتمادها على الحفظ تحولت إلى مواد يعتمد فيها على "الصدفة " اى ان اجابات الطالب تعتمد على الصدفة لا الوعى، وفى كلا الحالتين يغيب الفهم وإن كان الحفظ قد ينتج فهما فيما بعد.

وكادر المدرسين الذي ملأت به وزارة التربية والتعليم الدنيا ضجيجاً كرافع لمهارات المدرسين واعتبرت أنه بتنظيم امتحانات الكادر له ستكون قد رفعت من مستواه ، هو اجراء فاشل ايضا , حيث يؤكد المدرسون الذين اجتازوا هذا الكادر بأنهم دفعوا الرشا للمراقبين وأن اللجان كانت "بوظة".

فضلاً عن ان العديد من المدرسين فى المدارس والمعاهد الخاصة هم أساساً لا يجيدون القراءة و الكتابة بشكل يمكنهم من تعليم آخرين بالإضافة إلى أن ما يتقاضونه من راتب يعتبر "وصمة عار" ليس في جبين وزارة التربية والتعليم فقط ولكن للعامل والعمل فى مصر بشكل عام .

المشكلة أن قد لا يمكن لمدرس يتقاضى راتبا لا يكفى لثلاثة أيام أو ربما أسبوعياً في أفضل الأحوال و اختير بهذا الشكل أن يعلم أحد فضلاً عن كونه أصلاً غير مؤهل للتدريس .. علماً بأن العديد من المدرسين لا يحملون مؤهلات عليا .

أليس العدد في الليمون كما يقولون .

وفى الواقع وبحكم عملي و معايشتي لأعداد من خريجي الجامعات اليوم أكاد اجزم أن الغالبية من هؤلاء الطلبة فاشلين وانهم حرموا من ابسط مسلمات العلم بحيث أنهم لا يجيدون الإملاء - أي القراءة و الكتابة - وليس الوصول لإجادة العلوم و الفنون !!

لقد تولدت بداخلي قناعة أن العملية التعليمية في مصر برمتها فاشلة و تحتاج إلى إعادة بناء بحيث يراعى فيه تغيير المناهج وربطها بثقافة الشعب الأصيلة عربياً وإسلامياً و تغيير أحوال المدرسين المادية بحيث يتم الانفاق عليهم بما يفرغهم تماما للإبداع والعطاء في المدارس والابتعاد عن الدروس الخصوصية فضلاً عن تبسيط المناهج بما يكفل سرعة التحصيل و كثافة المعلومات وهو الأمر الذي من شأنه أيضا القضاء على الكتب الخارجية .

ومما أثار حزني الشديد ما تناقلته الصحف من أنباء عن تلاميذ و طلاب يقومون بالاعتداء على مدرسيهم أو مدرسين يقومون بإجبار تلاميذهم على أفعال غير لائقة .

اندهشت مما انقلبت إليه الأحوال فى مدارس مصر خاصة بعدما عرفت أن قطاع كبير من اصحاب المدارس الخاصة يقومون بتعيين حملة الدبلومات الفنية المتوسطة فيها كمدرسين للتلاميذ ويقوم مدير المدرسة كل عام برشوة مراقبي امتحانات مراحل الشهادات من أجل أن يسمحوا بالغش وعادة ما يجمع ناظر المدرسة قيمة الرشوة من أولياء الأمور ومن لا يدفع يرسب!ّ!

نعم .. يقوم مسئولو المدارس بتعيين منخفض الكفاءات والمؤهلات كمدرسين لاسيما الفتيات نظراً لانخفاض أجورهن بحيث يصل مرتب الفتاة نحو 200 جنيه شهرياً فضلاً عن قيامهن بالتوقيع على استقالة مسبقة وشيك على بياض لضمان عدم إتلاف أية منقولات بالمدرسة أو لتجنب أية مشاكل أخرى يحدثنها ، و بالطبع تقبل الفتيات هذا الواقع نظراً لأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ولأنهن يردن الخروج من أجل تحسين فرصهن فى الزواج نظراً لمستويات العنوسة العالية.

هذا بالنسبة للمدارس الخاصة أما المدارس الحكومية وإن كانت أفضل تعليما إلا أن التلميذ قد لا يجد منضده او حتى كرسي يجلس عليه وإن وجده فأرباب الأسر يتخوفن من انتقال سلوكيات سيئة من تلاميذ لاسر من ذوى الحالة الاجتماعية المنخفضة .

اننى فى الحقيقة افخر بان المدرس كان ملاكاً فى ايامنا وكان معلما حقيقيا فى حين اننا كنا كطلبة نجله ونحترمه لدرجة القداسة.

اما الان فلا يوجد تعليم جيد ولا طالب جيد ولا مدرس جيد ولا مدرسة جيدة ولا مناهج جيدة ولا اسر جيدة.

أنا لازلت أتذكر الأستاذ محمد فراج مدرس اللغة العربية في مدرسة عزبة البوصة الثانوية بأبوتشت لقد كان جهبذاً في اللغة العربية جعلني وغيري من أقراني نعشقها ونرتدي ردائها ونفهم عميق معانيها وسامي ألفاظها ولازلت أيضاً أتذكر الأستاذ عبد اللاه محمد عبد اللاه مدرس التاريخ والجغرافيا وهو الشخص الذى اقسم بالله انه لم يكن إلا مؤرخاً كبيراً يعادل أفضل مؤرخي مصر .. وهو الذي علمنى ان قراءة التاريخ هى قراءة في المستقبل .. بل انه قراءة فى السياسة والفلسفة والدين والاجتماع والاقتصاد .

هل يمكن أن نجد من بين المدرسين الجدد الآن من هم بكفاءة الأستاذ محمد فراج و عبد اللاه محمد ؟

أنا لا اعتقد

إنني حقاً أدين لهما بالكثير واعترف إنني لطالما تذكرتهما لعدة مرات قبل نومي إلا أنه ما أن يأتي الصباح إلا و تأخذنا دوامة الدنيا.

Albaas10@gmail.com

Albaas.maktoobblog.com

26 سبتمبر 2010

سيد أمين يكتب: عن المسألة القبطية

فى البداية، كان ضرورياً قبل الحديث عن المسألة القبطية التأكيد على أن المقصود منها لم يكن قط مسيحى مصر فقط ولكن بعض مسيحييها ومسلميها بوصفهم أقباط وعلى اعتبار أن القبطية ليست جنسا ولا دينا ولا لغة ولكنها تنطبق على كل من سكن مصر قبل الفتح العربى الكبير والأخير لها على يد عمرو بن العاص، وعلى اعتبار أن عدد لا بأس به من القبط دخلوا الإسلام بعد الفتح العربى وإلا فبماذا نفسر السر وراء كثرة وغلبة عدد المسلمين على المسيحيين فى مصر بعد نحو قرن واحد من الفتح كما يؤكد المؤرخون.

وإذا شرعنا فى الحديث عن المسألة القبطية ومن هم أصل البلاد التى فجر الأنبا بيشوى الرجل الثانى فى الكنيسة الشرقية مرقدها واصفا المسلمين بالمحتلين وأن المسيحيين هم أصل البلاد وجب علينا حينئذ تقسيم بحثنا عبر مرحلتين.

الأولى مرحلة تنظر فى تاريخ مصر وتاريخ المصريين والثانية تنظر فى حاضر مصر وحاضر المصريين ولكن قبل هذه أو تلك وجب التأكيد على أن هناك حالة من الاستقواء والاستجابة للمغريات الامبريالية من قبل بعض المسلمين أولا ثم المسيحيين ممن قرأوا بشىء من العجالة سطور التمدد الأمريكى فى العالم العربى، خاصة والإسلامى عامة واعتبروها تعبيرا مجازيا عن حرب صليبية جديدة تشن لتخليص مسيحيى الشرق من العبودية الجديدة وهم بذلك لم يقرأوا ما بين السطور بأن الامبريالية الأمريكية لا دين لها سوى الصهيونية والتخديم لصالحها حتى ولو على حساب المسيحيين انفسهم وهم الذين يعانون الاحتلال مع أشقائهم المسلمين فى فلسطين.

ويجزم عدد كبير من المؤرخين بأن مصر عبر تاريخها القديم كله لم تكن سوى بوتقة صهر لجميع الأجناس والأمم لاسيما العرب، ممن قاموا بغزو تلك البلاد فى حملات الهكسوس الشهيرة قادمين من بلاد الشام وكنعان ثم حكموا البلاد لفترة طويلة من الزمان وانصهروا فى شعبها، كما أن هناك موجات أخرى من الانتقال العربى إلى مصر حدثت من قبل أفواج من العبرانيين ثم قبائل كالغساسنة والكنعانيين والفينيقيين وهم العناصر التى فرت من اضطهاد اليهود لهم كمسيحيين فى بلادهم.

ويقول بعض المؤرخين أن مصر قبيل الفتح العربى لها كان يتحدث قطاع كبير من شعبها اللغة العربية وأن تلك القبائل كانت تدين بالمسيحية ثم تحول قطاع منهم إلى الإسلام بعد الفتح فى حين كانت الوثنية هى الديانة الثانية فى البلاد وأنصارها من أهل الجنوب.

ويتخذ المؤرخون من سرعة فتح مصر وانتشار الإسلام فيها على يد القلة الفاتحة وانتشار اللغة العربية مع انقراض اللغة المصرية تماما كبرهان على أن عمرو بن العاص لم يكن أول الفاتحين بل آخرهم.

وفى هذا الصدد لا ينكر أى من الباحثين التاريخيين أن مصر كانت بوتقة صهر لجميع الأجناس، فقد حكمها العرب متمثلون فى الهكسوس وحكمها الرومان وحكمها النوبيون لمدة 25 عاما كما حكمها السودانيون بل أن قطاع ما من سكان مصر آنذاك كانوا وافدين من بلاد «بونت» وهى الصومال حالياً.

ومن هذه العرض السريع بحسب ما تيسر لنا من اطلاع يتأكد أنه لا أصحاب لمصر سوى المصريين وهم من يسكنونها وأن الفرعونية ليست جنسا بل نظام حكم.

أما الحديث عن فهم الواقع فهو يفرض علينا الاتفاق على مفاهيم تقول أن الديمقراطية تعتمد اساسا على نظام حكم الأغلبية ، وأنه رغم كل نقاط ضعفه، يعد هو الحل الأمثل للقضاء على كل مشكلات الحكم ، بما قيه من احتكام الى صندوق الاقتراع فإن ما تقوله الأغلبية من اى جنس او دين او لون يصبح هو الاطار المعيارى او بمعنى اصح "دستور" البلاد الذى تحتكم اليه الاغلبية سواء او الأقلية , وانه بتحقيق معيارية الاحتكام لصندوق الانتخابات ستكون الدولة قد ضربت مثالا يحتذى به عالميا فى الديمقراطية وتحول ان تسيطر فئة على حقوق الفئة الاخرى لطالما كان الجميع مواطنين فى دولة مدنية.

إذا سلمنا بهذه المرحلة وجب علينا الانتقال لمرحلة ثانية فى تشخيص وتجسيد مصالح الأقلية بما لا يخالف ولا ينتهك مصالح الأغلبية.

إذا حدث ذلك فهل يكون هناك انتقاص لمصالح الأقلية وهل يبقى مبررا أن تتحدث الأقلية عن طغيان يمارس ضدهم؟

فى العام قبل الماضى صدر تقرير أمريكى يؤكد أن أعداد المسيحيين فى مصر تتأرجح بين 10 إلى 12 مليون نسمة من اجمالى سكان مصر البالغ عددهم بضع وثمانين مليون نسمة أى بنسبة تقارب واحد على ثمانية من السكان فى حين تؤكد إحصاءات حكومية مصرية بأن عدد مسيحيى مصر يتأرجح بين 8-10 ملايين نسمة وهو دون تلك النسبة.

ويقول بعض المسيحيين فى مصر انه لا اضطهاد فى الحقوق الدينية لهم ولكنهم مضطهدون فى حقوقهم السياسية وأنهم لا يتقلدون المناصب العليا رغم أنه يوجد فى الحكومة ثلاثة وزراء مسيحيين من أصل 29 وزيرا ومن بين هؤلاء الوزراء وزير المالية الذى كان والده وزيرا للخارجية كما أن كبار رجال مجلس الشعب والشورى هم من المسيحيين فضلا عن قيادات الوزارات لاسيما العدل والداخلية،

كما أن من يتبنون تلك المطالب يتجاهلون تماما أنه لا أساس دينى لعدم منحهم مناصبا عليا ولكن هناك حالة من الفساد الشديد تضرب بأطنابها النظام الحاكم فى البلاد فحالت دون تداول السلطة بين معظم قطاعات الشعب مسلميه سواء اومسيحيه وورثتها فى عائلات بعينها سواء كانت مسلمة أم مسيحية وهو الورم الخبيث الذى يعاني منه الشعب كله بكافة اطيافه أى ان الأزمة ليست أزمة قبطية كما يقولون ولكنها أزمة فسادية، فضلا عن أن من يقولون إنهم مهمشون فى البلاد يوجد بينهم رجل أعمال واحد يقول إنه يستطيع أن يشترى كل أرض صعيد مصر بفلوسه، إذن هل هناك تفرقة؟! أنا لا اعتقد.

أنا اعتقد أن الدولة المصرية هى دولة ذات أغلبية مسلمة وينبغى لهذه الأغلبية أن تحافظ على مكاسبها التى منحتها لها الديمقراطية وصناديق الاقتراع فى أن يكون الدين الرسمى لهذا البلد هو الدين الإسلامى وأن اللغة العربية هى لغتها الرسمية وأى اعتراض على هذين الخيارين يعتبر استقواء ورفضا للديمقراطية لاسيما أن مصر أعلنت مرارا وتكرارا عن تبنيها نظام الدولة المدنية التى تنظر لرعاياها جميعا نظرة واحدة كمواطنين واتخذت من «المواطنة» شعارا لها.

أن مطالب قبطية تثور بين الحين والآخر يتلقاها الجانب الآخر "المسلم " كرفض له واستقواء غير مبرر عليه، فعندما يخرج علينا شخص يطالب بمنع الأذان فى مكبرات الصوت فهو شخص يتدخل فى صميم عقيدة الآخر بدون وجه حق وكذلك حينما يطالب بمنع تدريس الدين فى المدارس وهكذا الأمر حينما يطالبه باغفال آيات قرآنية تتحدث عن النصارى ويعتبرونها بالآيات التحريضية مع أن المسلمين يؤمنون بالمسيحية وبالسيد المسيح عليه السلام فى حين يرى المسيحيون المسلمين ككفار.

أنا اعتقد أن مشكلة قلة من الاخوة المسيحيين فى بر مصر أنهم لا يستطيعون تصديق أن مصر دولة ذات أغلبية مسلمة وأن ما لهم من حقوق وواجبات لا يجب أن تقل أو تزيد عن نسبة أصواتهم فى صناديق الاقتراع وأن ما حصلوا عليه من حقوق فى عهد الرئيس مبارك ما كان لهم أن يحصلوا عليه فى أى عهد آخر وهو ما لم تحصل عليه اى أقلية فى اى بلد فى العالم.

كما أنه ينبغى على الجميع مسلمين ومسيحيين أن يدركوا أن لا أحد منهم قادر على التخلص من الآخر وأن ثمة هناك زواجا كاثوليكيا لا فكاك منه بين مسلمى ومسيحيى مصر وعلى كل منهم أن يحترم ما أعطته الديمقراطية والدولة المدنية وصندوق الاقتراع للآخر.

ولأننى اهتم بالمنطق فان حديث الانبا بيشوى انطوى على شىء من االاستقواء واحيانا عدم الوعى .. فالرجل راح يهاجم القرأن الكريم فى بلاد اكثر من 85 % من سكانها مسلمين ورغم ذلك لم نجد فوضى لا هنا ولا هناك , ولربما لوقال مثل تلك التصريحات شخص يعيش فى اى بلد غربى لانقلبت مصر تطالب بالقصاص منه , أليس ذلك تسامحا وديمقراطية وصلت لحد التفريط.

هذا بخصوص الاستقواء اما بخصوص عدم الوعى فان الانبا قال ان هناك ثلاثة ايات قرأنية محرفة ووضعت بعد وفاة الرسول ولو كان الامر كذلك اذن انت تؤمن بالاسلام والقرأن الكريم!!

Albaas10@gmail.com

Albaas.maktoobblog.com

التوريث الفئوي .. أخطر أنواع الفساد المصري

سيد أمين

قائمة المسكوت عنه في مصر لاتنتهي ..وحنفية الفساد لا تكاد ان تقيد حتي تنفتح علي مصراعيها بحيث صار الناس يمتدحون شخصا ما وينزهونه ليس الا لكونه اقل فسادا من شخص اخر افتضح امره .. ثم اخذوا يبالغون في امتداح خصاله حتي صاروا يمجدونه .
لقد اعتاد الناس علي الفساد والفاسدين .. وتكونت ثقافة نفسية واخلاقية وعرفية تشرع له ليكون ثالوث الماء والهواء.. وصار اختلاف الناس حول الفاسد يدور حول الاختلاف في حجم المسروقات .. فاباحوا ان تسرق ارنبا ومنعوا سرقة الجمل.
وراح البعض ينتقد الفساد بشدة وذلك ليس لكونهم خيرين خالصين ولكن لأنهم لم يتمكنوا من سرقة الجمل فاكتفوا بالارنب.
ولا يفوتني الاشارة الي انه ليس معني ذلك الكلام ان جميع المصريين صاروا لصوصا فذلك يتنافي تماما مع المنطق والعقل ومع ما يتسم به المصريين من تدين فاذا كان هناك سارقا لابد ان يكون هناك مسروقا منه .. والذي هو بالطبع شعب مصر.
وعودة الي الامور المسكوت عنها وهي كما قلت كثيرة للغاية .. ولكن كان اخطرها التوريث الفئوي .. فاذا كان بمقدور اي مصري ان ينتقد ما يسمي التوريث الرئاسي الا أنه ليس بمقدوره أبدا انتقاد التوريث الفئوي والا سيكون بذلك قد القي بنفسه الي التهلكة .. وبالقانون.
انا واثق انه تدور في كل قرية ومدينة في بر مصر رحي قضية توريث مصغرة .. ابن العمدة عمدة .. وابن ضابط الشرطة ضابط شرطة .. وابن الصحفي صحفي .. وابن واستاذ الجامعة استاذ جامعة ..وهكذا.. وبالطبع هذا التوريث مبني علي اعتبارات غير موضوعية اعتبرات تعلي من قيمة الحسب والنسب والمحسوبية والمدفوعات وتلقي بالكفاءات علي الارض لتحاصرها تفاصيل الفقر حتي تموت هما وكمدا او تنتبذ في الصحراء مكانا قصيا.
ان ظاهرة التوريث الفئوي تبدو واضحة وبشكل فج في اربعة فئات كان ينبغي ان تنأي بنفسها عن الزج بنفسها في هذا السلوك المشين وهم السلك القضائي والسلك الدبلوماسي والشرطة والاعلام.
فلك ان تتخيل ان اسرة واحدة مكونة من ثلاثة اشخاص مثلا تجدهم هم الثلاثة يعملون في السلك القضائي فضلا عن اولاد اعمامهم واولاد عماتهم واولاد الخال واولاد الخالة وهكذا.. وبالطبع ما ينطبق علي السلك القضائي ينطبق علي الفئات الثلاثة الاخري.
ويحضرني هنا الاشارة الي مفارقة علي قدر ما فيها من سخرية الا انها مؤلمة ودلالاتها خطيرة .. فقد حدثني صديقي عن انه توجد في قريته عائلتان احداهما العائلة التي ينتمي اليها هو وتضم نحو11شخصا يعملون بالسلك القضائي وعائلة منافسة اخري يعمل فيها نحو 14 شخصا في الشرطة .. وكان بسطاء الناس يطلقون علي الاولي المحكمة والثانية المديرية وهم بذلك لايقصدون السخرية.
وخطورة ظاهرة التوريث الفئوي لا سيما في تلك المجالات الحساسة في انها تقتل الشعور بالعدالة في مقتل وتدفع الناس دفعا لليأس الذي هو مفجر لكل الجرائم.
ودعوني اتسائل هل انزل الله العدالة علي فئة معينة من الناس حتي يصيروا جميعا - وبربطة معلم - قضاة ؟ وهل الرؤية الأمنية توافرت لعائلة بعينها فصاروا ضباطا في الشرطة ؟ وهل تصلح عائلة بعينها ليعمل كل افرادها في السلك الدبلوماسي ويحق لها دون غيرها تمثيل مصر وتشكيل رؤيتها الخارجية ؟ واذا كان من المفروض في الصحافة تشكيل وعي الناس من جانب ومراقبة اداء السلطات الثلاث من جانب اخر فكيف نورث تلك المهنة الحساسة لفئات من الناس ليسوا علي اساس الكفاءة والمعرفة ولكن علي اساس الاقارب والاصدقاء؟
وهل ينكر زملائي الأجلاء في الصحف القومية - وايضا الحزبية والخاصة - انه توجد أسر يعمل افرادها في مؤسسات بعينها كصحفيين او حتي في الشئون المالية والادارية بحيث تجد الام والاب والابن والابنة والاخ وابن الاخ والاخت وابن الاخت …الخ ؟
لا اجد اي وجه للعدالة في هذا اوذاك .. فقرار بمنع تعيين شخصين تجمعهما صلة قرابة حتي الدرجة الخامسة في عمل واحد قطعا سيصب لصالح البلد.. وقطعا سيفتح المجال للجد والاجتهاد والابداع.. اما لو استمر نظام التوريث الفئوي فحتما ستترهل البلد ولن تتقدم خطوة للامام.
ان التوريث الفئوي هو نوع من انواع الارهاب واخطر انواع الفساد واشدها فتكا وينبغي أن تقف ضده القوي الوطنية وقفة رجل واحد وذلك حرصا منها ومنها علي مصلحة البلاد العليا.
اما لو لم نتخذ هذا القرار سنكون قد تواطئنا جميعا بالصمت وتركنا الوطن بمفرده ينزف الكفاءات التي اهدرت في مفرمة الفساد والمصالح والخوف.

albaas10@gmail.com

albaas.maktoobblog.com

21 أغسطس 2010

صور المساخر فى بلاد المفاخر

سيد  أمين يثير الظلم فى اى بلد فى العالم مشاعر السخط والحنق والرغبة فى الانتقام الا فى بلادنا العربية خاصة والاسلامية عامة فالظلم يثير الضحك وانا فى تقديرى ان هذا الضحك يأتى ليس لبساطة فعل الظلم ولكن لشدته وقسوته وكتعبير ساخر عن مدى جبروت الجلاد من جهة واستكانة واستسلام الضحية المجلودة والتى بدأت تستطيب الجلد والجلاد من جانب اخر.
وكانت من اكثر الاشياء التى اثارت ضحكى أو سخريتى فى الاونة الاخيرة ما تناقلته وسائل الاعلام عن وجود احزاب وجمعيات ونحو الالف شخصية عامة فى تونس وقعوا عريضة تطالب الرئيس زين العابدين بن على بالترشح لفترة رئاسة رابعة وتعديل الدستورالذى يمنع ذلك.
والاكثر اضحاكا ان تلك الدعوة انطلقت قبيل انتهاء فترة ولاية الرئيس بنحو اربع سنوات وهى الفترة الكافية لتمكين السلطات بمحاسبة و"تطيين عيشة" من لا يوقع على تلك العريضة .
ويبدو ان المسئول الذى خطط لهذه الوقائع كان يريد اظهار ان الشعب هو الذى اجبر الرئيس - وليس العكس - على الاستمرار الى ما لا نهاية فى حكم هذه البلاد الا انه نسى ان هذه الحيل لا يمكن ان تنطلى على الشعوب العربية التى تكتوى بنفس جموح النزوات للنظم الحاكمة.
المضحك ان النظام التونسى طور فى الطريقة وكأنه يريد ان يقول لاقرانه انه الاذكى مع ان الجميع يعلم ان تونس هى الدولة العربية الوحيدة التى يعاملها رئيسها كشركة "قطاع عام" بحيث يروح يدفع للصحف والصحفيين فى العالم العربى لينشروا خبر افتتاحه اى شىء حتى لو كان لمحل "طرشى" ولذلك لا يمكن ان تجد صحيفة واحدة تهاجم نظامة اللاخلاقى الذى انفرد استبداديا بالتدخل بين العبد وربه وجعل الصلاة فى المساجد بتذكرة وحرم الطلاق واحل الزنا وقام - بحسب ما تواترت الروايات- بالظهور بطلعته البهية عبر شاشات التلفزة وقام باحتساء الخمر فى نهار رمضان حاثا موظفى الدولة على الافطار والا فالعقاب .
هذه صورة لاخطر النظم الاستبدادية فى عالمنا العربى الذى يكرس للقيم العلمانية الاتاتوركية التى تقريبا انقرضت فى بلدانها.
أما ثانية صور المساخر ففى مصر وهى تتمثل فى قيام خمسة اشخاص يتزعمهم سائق نقل ثقيل والثانى صحفى لم يكتب طوال حياته الصحفية عشرة اسطر والثالث مساعد مخرج فاشل كما فشل من قبل كـ"طبال"والرابع شخص كل امانية قيد اسمه فى جداول نقابة الصحفيين رغم اته ذا مؤهل متوسط والخامس "سمسار" متواضع للغاية للرخص الصحفية الاجنبية وقام الخمسة بتكوين حركة لدعم السيد جمال مبارك لحكم مصر اسبغوا عليها صفة الشعبية وقامت المنابر الاعلامية المصرية بـ"اللت والعجن" فى الموضوع الذى موله رجل اعمال "شرقاوى" ينتمى للحزب الوطنى.
ومع ذلك فهذا لا يعنى اننا ننكر حق السيد جمال مبارك الترشح لرئاسة الجمهورية فى اجواء انتخابية صحية وديمقراطية.
ومن المساخر التى هى حقا تؤلم اى عربى نظرا لمكانته العالية فى النفوس ما يحدث فى اليمن فالجميع يتذمر ويطلب المزيد من نظام لا يوجد معه ما يقدمه , فالجميع يعانى التهميش ولم يقل هذا الحزب او ذاك من هذا الذى لا يعانى ايضا وعلى رأسهم النظام "الحاكم" نفسه , فالمشكلة ان اليمن بلد فقير ولا رفاهية فيه لحاكم او معارض.
اليمن يحتاج الى جهود التوحيد والعمل والانتاج وليس الى جهود التجزئة والتفتيت والتى تصنع كانتونات قزمية تضيف مأساة جديدة الى مأسينا القائمة خاصة فى هذا البلد الذى يلقبونه بالسعيد مع انه لم يكن سعيدا بالمرة.
ومن المساخر ايضا علاقة الجزائر بجبهة البوليساريو ذات النزعة الانفصالية عن المغرب.
ولا ادرى ما شأن الجزائر قى ذلك وما علاقتها بتلك الجبهة وماذا ستستفيد من انقسام المغرب الى دولتين احداهما شمالا وعاصمتها الرباط والاخرى جنوبا وعاصمتها العيون .. وقد يقول قائل ان جبهة البوليساريو تدعم الدخل الجزائرى عبر اجراءات جمركية لصادراتها ووارداتها ولكن اى حكيم يقول وهل يكون المقابل تقسيم دولة عربية جارة ولماذا لا تطرح ان تأخذ مزايا مغربية مقابل دعم الاتحاد والوحدة لا الانفصال والتشرذم؟
ألم تجد الحكومة الجزائرية معركة قومية اكثر نبلا من معركة لا ناقة للجزائريين فيها ولا جمل؟!!!
وعدوى المساخر العربية انتقلت الى البلاد الاسلامية وعلى رأسهم باكستان التى تعد بكل معنى الكلمة دولة فاشلة تفتقد فيها كافة مقومات الدولة فالجيش الوطنى يقف عاجزا امام كل ازمة والجيش الامريكى وحركة طالبان المتنازعان لهما اليد الطولى فى معظم اقاليم الشمال.
المدهش انه حينما ضربت السيول البلاد طولا وعرضا وعرضت حياة نحو 20 مليونا للموت فى ابشع كارثة انسانية يشهدها العالم تفردت حركة طالبان " طلاب الشريعة" بمهام الانقاذ واطعام الجوعى وعلاج المرضى فى حين ظل الجيش لفنرة طويلة عاجزا عن التحرك , وبدلا من ان يتم تقديم الشكر للحركة تم حظر مساهمتها فى اعمال الانقاذ وهو ما يذكرنى بمثل شعبى مصرى يقول "لا يرحم ولا يدع الرحمة تنزل".
albaas10@gmail.com
albaas.maktoobblog.com

الاسبوع اون لاين تنشر نص الاتفاق السرى بين مسئولين عراقيين وايرانيين على تقاسم الحكم فى بلاد الرافدين

كتب - سيد أمين
نقل مصدر مقرب من مكتب نوري المالكي رئيس الوزراء العراقى المنتهية ولايته - تحت الاحتلال- معلومات مهمة وخطيرة للغاية قال انه اطلع عليها من شخصية حضرت الاجتماع الذي هيأ مكانه سرا بين الجانب العراقي الذي يمثله كل من الوفدين "حزب الدعوة والتيار الصدري" والجانب الإيراني بإشراف علي لاريجاني وعدد من كبار ضباط الاطلاعات " المخابرات " وهى المعلومات التى ترسم بالغة السواد للعراق الجديد الذى بناه الاحتلال الامريكى مع الحرس الثورى الايرانى وميليشيات المحاصصة الطائفية الحاكمة.


واضاف المصدر الذى لم بفصح عن اسمه فيما نقله الي "الاسبوع اون لاين" عبر الانترنت انه قبل أكثر من عشرة أيام وصل إلى طهران وفدان بمثلا قائمة دولة القانون ويترأسها علي الأديب عن حزب الدعوة ووفد عن التيار الصدري الذي يترأسه مدير مكتب الصدر في طهران وعند وصولهما إلى طهران اجتمعا فورا مع الجانب الإيراني الذي كان يشرف عليهما علي لارجاني وقائد الحرس الثوري و عدد من كبار ضباط الاطلاعات ".


وقال المصدر انه في الاجتماع تم الاتفاق على تطبيق البنود السرية حول تشكيل حكومة موالية لإيران برئاسة نوري المالكي , وتحييد المجلس الأعلى باستثناء الأمين العام لمنظمة بدر "هادي العامري"و" طه درع" و"عامر ثامر" لارتباطهما بقيادة الحرس الثوري .


‌وتقرر اثناء الاجتماع إطلاق سراح جميع المعتقلين من التيار الصدري بما فيهم المحكوم عليهم بالإعدام.


وتعهد علي لارجاني بالاتصال والتنسيق مع رئيس الجمهورية جلال الطلباني كونه يملك صلاحيات للعفو ويكون إطلاق سراحهم على شكل مجموعات.


كما تم الاتفاق على إعطاء التيار الصدري أربعة وزارات منها وزارة الداخلية فيما يكون الإشراف على التعيينات في وزارة الداخلية والدفاع والمخابرات من قبل علي لاريجاني.


كما اتفق ايضا على تعيين خمسة قادة فرق وخمسة أمراء ألوية وعدد من السفراء المحسوبين على التيار الصدري.


كما تقرر إعطاء التيار الصدري ستة وكلاء وزارات تعرض أسماؤهم على علي لاريجاني.


وأكد المصدر المقرب جدا من الدائرة الضيقة لمكتب نوري المالكي أن رئيس الوزراء ومعه ممثل التيار الصدرى وافقا على جميع المقترحات التي قدمها علي لارجاني , واقترح علي الأديب ممثل رئيس الوزراء نوري المالكي في هذا الاجتماع ثلاثة مقترحات مشروطة بتنفيذ ما ورد بمقترحات علي لاريجاني.


يشمل المقترح الأول ان يغادر جميع سجناء تيار الصدري العراق بعد إطلاق سراحهم إلى أية دولة يختارونها وبصحبة عوائلهم مع تعهد رئيس الوزراء نوري المالكي بتخصيص رواتب مجزية لهم وصرف مخصصات سكن , ويمكن عودتهم إلى العراق لاحقا.


وهنا اقترح لاريجانى بان تكون تلك الدولة التي تستقبلهم هى سورية وأوصى بان يقوم سماحة مقتدى الصدر بزيارة مسبقة لها لغرض ترتيب أوضاعهم.


اما المقترح الثاني فينص على أن يقدم مقتدى الصدر تعهدا خطيا أمام القيادة الإيرانية في حالة إعطائه خمس فرق عسكرية وعدد من الألوية بان لا يقوموا بعمل عسكري ضد رئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته.


ونص المقترح الثالث على ان يدار جهاز المخابرات مناصفة بين التيار الصدري وحزب الدعوة , وتشكل لجنة برئاسة سمير حداد ممثل حزب الدعوة الذي سيشغل منصب مدير عام في الجهاز ومنحه رتبة لواء من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي , وممثل عن التيار الصدري في موضوع توزيع المناصب في الجهاز والتعيينات التي ستقتصر على كلا الطرفين في الجهاز.


وحمل علي الأديب ممثل رئيس الوزراء نوري المالكي أثناء عودته إلى العراق رسالة من علي خامنئي سلمها له لاريجانى تتضمن توجيهات خاصة إلى رئيس الوزراء نوري المالكي لغرض تنفيذها حرفيا كونها تصب في مصلحة تنصيبه رئيسا للحكومة.


وتتضمن تلك الرسالة المطالبة بإطلاق سراح مجموعة من أمراء القاعدة المعتقلين في سجن أبي غريب والذين اعتقلتهم القوات الأميركية في قاطع أبي غريب والاعظمية والعامرية , وتم تحديد تلك المطالبة بالأسماء والأعداد ومن بعد إطلاق سراحهم بجعلهم تحت إشراف الاطلاعات من الناحية التمويلية والتسليحية لغرض تكليفهم بتنفيذ التفجيرات والاغتيالات الخاصة بالعلماء والأئمة والمساجد والموظفين وتفجير المنازل في منطقة أبي غريب وضواحيها , ثم أوصى علي لاريجاني رئيس الوزراء نوري المالكي من خلال رسالته بان يكون لهؤلاء الأمراء دعم لوجستي من قوات الجيش المتواجدين في قاطع أبي غريب والاعظمية .للإعداد والتهيئة إلى الاقتتال الطائفي من جديد ليتسنى للحكومة من جراء ذلك في استغلال الظرف لتقوم بحملات واسعة تشمل جميع المعارضين للتوجهات الإيرانية ومنها قيام حكومة عراقية موالية لإيران.


كما وجه علي لاريجاني رئيس الوزراء نوري المالكي من خلال رسالته بتقديم الدعم المالي والتسليحي واللوجستي الذي يتضمن تهيئة السيارات الحكومية والمستمسكات الحكومية لمجاميع عصائب أهل الحق المنشقة عن سماحة مقتدى الصدر كون هذه المجاميع تحت إشراف الحرس الثوري على شرط أن يتولى ممثل رئيس الوزراء نوري المالكي (علي الأديب ) مهمة التنسيق بين المقدم حرس ثوري (حسين وحيد) المشرف على عمليات العصائب لغرض تنفيذ عمليات اغتيال لعناصر الجيش والشرطة في عموم مناطق الجنوب ومدينة بغداد وإلصاق التهم بالبعثيين مما يسهل في تصفيتهم جميعا قى مناطق سكنهم أوفي المؤسسات الحكومية.


وكذلك القيام بعمليات تفجير ضمن الطرق الرابطة بين المحافظات الجنوبية والوسط والأسواق والأماكن المكتظة بالسكان وفي مناطق محدده طائفيا لإلصاق هذه التهم أيضا بعناصر القاعدة والبعثيين والذي سيساعد الحكومة أيضا لشن حملات من الاعتقالات الواسعة , وكذلك وحسب ما ذكره المصدر المقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي في تقديم أشخاص على وسائل الإعلام بعرضهم أمام الشعب بأنهم وراء هذه الأعمال الإرهابية والذي سيساعد الحكومة أثناء تقديمهم إلى وسائل الأعلام وخاصة فضائياتها من خلال اعترافاتهم بالجهات الداعمة لهم وخاصة من أعضاء القائمة العراقية.


وأكد علي لاريجاني لنوري المالكي من خلال رسالته بان مجاميع عصائب أهل الحق ستدخل عن طريق محافظة ميسان خلال الأيام القادمة للقيام بعمليات شبيهة بما حدث في الاعظمية وفي كل من الموصل وديالى والانبار وصلاح الدين والكوت وكركوك

18 أغسطس 2010

في فهم حقبتنا التاريخية

سيد أمين


من أصعب فترات التاريخ فترة "اللاشيء ", وهي الفترة التي عادة ما تكون طويلة جدا زمنيا ومهملة وتافهة للغاية حدثيا وفكريا وهي ايضا الفترة التي عادة ما يقفز فوقها المؤرخون ليذهبوا الي الفترات ذات الفعالية بعدها او قبلها.
ومن اعراض فترة "اللاشيء" ان بطولات ابطالها بالغة الصغر لدرجة لا يمكن معها رؤيتها بالعين المجردة , وربما لم تكن موجودة اصلا , والمدهش ان ابطالها يبذلون الغالي والنفيس لانجازها ولذلك هم يعدونها من عظائم الاعمال ومعجزات التاريخ , والاكثر دهشة


في تلك الفترات ان يمسي مبررا ومعتادا ضياع الجميع في صمت ضحايا لها , ومع ذلك يبقي من اصعب صفاتها ان العذابات فيها قاسية للغاية بما لا يتناسب مع تفاهة "اللاشيء" الذي تذخر به.


وانا اعتقد ان تعاسة الانسان منا - نحن بني البشر - او سعادته يقع جزء كبير منها علي العصر الذي خلق فيه , فاذا كان الواحد منا مبدعا او مفكرا او حكيما سيصبح من المفيد ان يكون قد خلق في زمن مهم , لأنه في الازمان المهمة ينقب الناس عن المفكرين والموهوبين ليستفيدوا اعظم الاستفادة منهم ولكي يعطونهم حقهم من التقدير والاجلال , أما في الازمان غير المهمة فان الناس ينقبون عن المفكرين والمبدعين ليشبعوهم قتلا او سجنا وذلا وفقرا وتحقيرا وذلك لأن الحاكم المستبد يسعي جاهدا الي تجهيل وتغريب شعبه - كما بقول عبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد.


اعذروني يا سادة .. لو قلت لكم انني اعتقد اننا كعرب نعيش في حقبة تاريخية تافهة من حقب "اللاشيء " وان كاتبا محترما للتاريخ سيقفز متجاوزا الخمسين عاما الماضية - مع ما يضاف اليها مستقبلا - دون ان يكتب حرفا واحدا عن العرب , وان كتب فلن يعرفها الا "بحقبة الانحطاط والاضمحلال العربي".


اعذروني لو قلت انها أزمنة ضحي العرب فيها بالعرب , من اجل استمرار "اللاشيء", هي فترة تآمر فيها العرب علي فلسطين حتي تأكدوا من ضياعها , مدينة مدينة , وحارة حارة , وراحوا بعد ذلك يقلبون المفاهيم فاطلقوا علي الخيانات دهاء الساسة والسياسات , واعتبروا التبلد والبرودة دبلوماسية , ولقبوا الهزائم بالتضحيات , وما الي ذلك , مع ان من يمتلك ولو ادني توثيق تاريخي سيدرك بلا ريب ان فلسطين قدمت قربانا لاستمرار ملوك فوق العروش .


وليت الامر انتهي , حيث استمروا في تقديم القرابين لغول لا يشبع , فما ان فرغوا من تقديم فلسطين حتي شرعوا في ذبح العراق وراحوا جميعا بكل جد واخلاص في تجفيف منابع الحياة لها طيلة 20 عاما - 13 للحصار و7 بعد الاحتلال - حتي سقطت حاضرة الرشيد قربانا جديدا عظيما من اجل استمرار البقاء علي تلك الكراسي.


ومن ضمن مسلسل القرابين الذي لايجيد ساسة العرب شيئا سوي الاستمرار فيه في ظل حقبة "اللاشيء" التافهة , الوقوف علي مشارف انفصال وتفتت السودان , والسعي لتقسيم اليمن السعيد الذي لم يكن سعيدا في تلك الحقبة.


قد يخالفني احدكم الرأي - ويطرح رؤية اخشي طرحها وان كنت لا استبعدها - بانها ليست ازمنة تافهة ولكنها علي النقيض هي شديدة الخطورة والاهمية , وانها بمثابة مفصليات في جسد التاريخ تتحكم في توجهه لينتصر لكل رذائلنا ونقائصنا ونصبح أمة مهددة حقا بالزوال والانقراض كامم كثيرة خلت من قبلنا.


بصراحة صارت الاخطار والمؤامرات المحدقة بالامة العربية لا تعد ولا تحصي ولأن تيار المقاومة ينحسر فموجة العدوان الخارجي تزداد شراسة والنظم - او اللانظم - الرسمية تزداد انبطاحا وتنازلا لدرجة جعلتها مجردة من كل امكانية للمساومة علي التنازل.


لقد صرنا امة مهددة في كل شيء بدءا من الثقافة الي الاقتصاد مرورا باالادارة واالقوة , امة تفتقد لكل مقومات البقاء والاستمرار.


ومهما كانت تلك الحقبة التاريخية شديدة الاهمبة اواللأهمبة الا انها قطعا حقبة غير معتادة , استعمرت فيها بلادنا عسكريا وقاومت وتحررت ثم عاد الاستعمار الينا عبر وكلائه من بني جلدتنا والاقطار التي خلت من الوكلاء استعمرت عسكريا , لدرجة صار فيها الحكم مرادفا للانبطاح والموالاة لامريكا وربما اسرائيل.


albaas10@gmail.com


albaas.maktoobblog.com

24 يوليو 2010

أنا.. أنا.. ولست أنا - حداثة منتهى الحداثة


بقلم سيد أمين

1

كنت أتحسس وجهي.
وكانت الطرق متشعبة ومظلمة.
وقفت حائراً عند المنعطف.
فإذا به فتي قوي يركض نحوي وحينما اقترب تفرست ملامحه وندبات وجهه.
كان شيخاً طاعنا في القدم.. خفت منه فلم أنبس ببنت شفة.
قال بصوت عفي ووقار شيخ:
سأوصيك خيراً لوجهتك.. لو أهملتها تهت.
الطرق جميعها ذات اتجاه واحد.. ولكن السائرين لا يصلون جميعا إليها.
كلما تخلصت من حواسك تقترب نحوها.. أما لو تلاشيت فستقف عليها.. حقيقتك في هجائك والحق مفتاح بابك .. لو جعت شبعت ولو صبرت تلاشيت.. ولو تلاشيت وصلت.
استجمعت شجاعتي.. حاولت أن أهدئ من روعي وهممت لكي اسأله فزمجر وتلاشي.

2

حينما وصلت الملتقي.. كانت الغربة قد أضنتني.. فاخترت حقيقتي.. تحسست وجهي.. عدت كما أنا.. شيء يدفعني نحوه.. لابد أنه هناك لأنني أنا ذاهب إليه.
كنت أنا مشتاقا لمنزله.. وقدمي مترددة.
فكرت فيما لو لم أقابله أو يقابلني.
عدت إليَ أكثر فأكثر.. وجدتني أشجع من أي وقت مضي.. إلا وقتا لم اتذكره حينما أنا كنت أنا.
طرقت بابه حتي احمرت يدي.
أتراه موجوداً حقاً؟
أم أنه يرفضني كما أنا؟
لابد أنني لست أنا
خطوت إلي الخلف.. كانت الطريق حولي مظلمة.. إلا ظلال نور خافت علي البعد في طريقها سرت.. فأخذت تتوهج حتي غمرتني.. وقتها تأكدت من عودتي أنا.
قلت لي: إنه يعرفني قبلي لأنه لم يجهلني أبداً.. فلو جهلني ما كان
هو.. ولم يرفضني أبداً فهو من دعاني.. ولم أبرح قط منزله.. فليس لي غيره منزل سواء أنا كنت أنا أو لست أنا.. لكنه دائما يريدني أنا أنا.

3


تلفت أمامي.. فجأة .. وجدته ماثلاً .. تأملت هيئته.. واسترجعت زمن العنفوان.. ضحكت من فرط البلاهة.. فكيف لم يكن مرة صديقي رغم أنه كان دائماً برفقتي؟
عزمت أنا علي أن أسأله أسئلة كثيرة .. لكنه قال بثقة أخافتني:
ما سأقوله ما قلته قط لمضيف .. أنا لم أغب لأنني حاضر كما لم يحضر أحد من قبل .. ضيف لحوح أطرق كل الأبواب.
تعرفني قبل معرفتي.. وأعرفك.. غريمي مهزوم وصديقي مكلوم.. معرفتي شر لمن أوصد بابه.. خير لمن صادقني واسكنني معه.
قلت له: من فرط تأخرك ظننت ألا قدوم لك.. ومن رهبتي إياك عمدت أن أنساك.
قال مؤكداً: ما تأخرت فأنا ألازمك لزوم نفسك.. وما أتيت لأنني فيك.
الكثيرون احتفوا بي فراعوني.. والكثيرون جحدوني فراعوني.
منهم من جاء معي وبجسده سار.. فأحببته.
ومنهم من جاء معي وبروحه سار.. فكرهته.
وللتو.. أنت معي ذاهب.
قلت: هل من تأجيل؟
قال: قلت إنني أمهلتك كثيراً.. واللحظة لا تأخير.. فالموعد محدد ودقيق.
فهمت مغزي كلامه.. فزعت.. صرخت فما سمعت صوتي:
إلي أين.. فأنا عن هناك غريب؟
قال: إلي حيث يذهب كل ضيف ومضيف.. إلي حقيقة كل حقيقة وأم كل الحقائق.
استسلمت.. فليس بمقدوري سوي الرعب.. كلي ينتزع من كلي.. أردت الغوث فما مغيث.. تراءي لي الماضي في لمح.. قدرة أفنيت في عجز.. ونماء أفني في جدب.. وفرج أسرف في يسر.. وللعسر.
في الهلاك أسير أسير.. كنت صغيراً صرت كبيراً.. وكنت كبيراً صرت صغيراً.
قلت لضيفي دون كلام: أكرمت ضيوفي إلا أنت.. أضحكوني فبكيت.. وأبكيتني فضحكت.
سألته: هل الطريق مستقيم؟
فقال: ستعرفه بنفسك.. والسيد جواد.
قلت: أرحني فأنا ضال.. كل حبيب خلا.. ومالي من حبيب.. وشردت يوما في الفلا.. واليوم قد ولي المغيب.. ولولا جهل بك لعرفتك.. ولوعرفتك لأحببتك.. ولو أحببتك لأكرمتك.
تحشرجت واشتد بي الضيق فقلت له: أرحني فأنا ضال
فقال: ما ضاقت إلا انفرجت.
تفاءلت وبدا لي ضيقي فرجا.. وأخذت أسبح معه في الأكوان خلف الحدود.
تأملت نفسي فلم أجدها .. فسألته: هل أنا موجود بين الحدود؟
قال: لكل حدود حدود.. وللا حدود حدود.. ولا حدود للا حدود له وكل هباء موجود.. وكل موجود هباء.. أنا درج الارتقاء.
قلت له: أخبرني يا صادق.. هل أنا موجود؟! وهل للحدود وجود؟
قال: اسألني عن الوجود؟! فهو موجود.. ولا حدود بلا وجود.
وعن وجودك؟ فمن اللا وجود خلق الوجود.. ثم الاختبار المؤكد.. ثم الوجود في منتهي الوجود.. فالوجود عكس الفناء.. ولا يتفقان.
فالموجود لا يفني .. لأنه موجود .. لكنك الأنت مت .. والأنت أنت.. موجود.
قلت : الأنا أنا موجود.. فماذا عني أنا؟
قال: قلت لك كل موجود موجود.. انت سواء أو الأنت أنت.
والسيد جامع

4

طار بي صديقي .. وكنت اري الكون حولي فسيحا كما لم اكن قط اتوقع .. وكان الجو منعشا ذكيا رطبا جافا .. وكنت لا اشعر بالجوع او بالعطش لانني انا فقط الموجود ..وكنت سعيدا.
قادني فضولي فسألت : - صديقي الصدوق هل كل ضيوفك ومضيفيك يأتون اليك هنا؟
قال :- لكل مضيف وضيف حق الاختيار.. في الاختبار.
قلت :- صديقي الصدوق في الاختبار..شقيت بالسؤال .. ما انا هنيت؟
قال :- منكم من أعسر فأيسر ومنكم من ايسر فأعسر ومنكم من اعسر فأعسر ومنكم من ايسر فأيسر وانك اذا بليت فأمسكت كرمت.
وويل لمن امسك فما امسك .. ولكن من امسك فأمسك سينال ما امسك بلا انقطاع.
قلت امسكت فتًعست في الاختبار.
قال ما امساك المتاع الا يسر دائم.
طار بي صديقي الي لا حدود الجنان.
واخبرني ان كل موجود متاح .. لأن كل حرمان مصيره الي وفر .. وكل وفر الي زوال .. ولا زوال الا لمن لم يعد.. وقال لي :- مبلغ العناء الصبر.. ومبلغ الصبر الصبر علي الحرمان .. ومبلغ الحرمان حرمان من عوز.
وفي لمح كان بي في ملتقي الفرقاء .. فرحت فرحا لم تسعه الحروف.. وصرت كشعاع نور اجري وكأن الأنا انا اكتملت.
فقال لي الصادق :- انهل مما حرمت وجاءت نحوي.
فمن فرط بهائها ما ابصرت بينما اريجها الذي اسطلني ما جعلني ادركت .. رفعت صوتي :- ماذا يا صدوق ؟من؟
قال :- انك في معية فتاة الهوي والعشق لم يفصل بينكما الا الحدود.
قلت :- اني اتعذب من فرط شبع الهوي ؟
قال :- كل شئ بقدر حتي منتهاك ستنال.
ووجدتني قادرا علي النظر.. فاذا بها بهية كما لم اتصور .. راقدة في مخملها الذي لم أتصور ..علي الهيئة التي لم اتصور.. ووجدتني اذوب فيها كما لم اتصور حتي انني ظننت ما انتهاء.
حدثتني فأمتعت كما لم اسمع من قبل .. وقلت هل انت من اجلي؟
قالت :- سخرني السيد لك.
قلت :- انت يا له من جزاء.
قالت :- وكل ما ومن تشتاق .
قلت :- وهل شوق بعدك الا الي لقاه؟
قالت :- اشواقكم كثرت والعطّاء سرمدي.
قلت :- العطّاء لا يمل واشواقنا تبلي.
قالت :- وهل لك ان تأخذ ما حرمت؟
قلت:- ما ان قابلتك حتي انطوت كل النساء .. ولأجل دعوتك ما بحثت.
اومأت فوجدتني امام من حرمت.

5


كنت اظنني سأنهار.. كنت اظنني سأتوهج .. سأنتشي .. كنت لا أتخيل أبدا ان نلتقي .. هكذا حال الاختبار.
ورأيتها وحلة ازينت بها .. وخلفها يطير شعرها الحرير الاسود.. البهجة هذه ما رأيتها قط من قبل .. كأنها ليست هي بكل ما هي.. حدثتني .. فأستمعت واستمتعت وغرقت بحواسي الحقيقية فيها.
قلت:- لماذا كنت انت؟ولماذا كنت انا ؟
قالت :-لأنني ما كنت انا وانت ما كنت انت.
قلت :- ما تخيلت البعيد قريبا!!
وحينما وثقت رددت اليًّ .. ولولا الردة ما كنت هنا .. شقيت منك هناك .. في دار البعد بالبعد .. وسعدت بك هنا في دار القرب بالقرب.
ولو لم أرتد ما كانت منيت .. كنت سأشقي شقائي اثنين .. كنت سأعاني بعدي عني .. وعنك .. الا ان ما اعجزني بعدي عنه لولا اني ادركت .. فسلّمت.. فسلمت.
قالت وكأنها تبرأ من ذنب :- لولا الحرمان ما وصلت.
قلت وكأني اؤيدها :- في القرب اليك طاعة للنفس.. وفي البعد طاعة السيد.
قالت :- وطاعة السيد وثقي؟؟
قلت:- طاعة السيد وثقي .. وخير الطاعة صبر علي جمر.. ولولا انني رددت كما انا ما اطعت .. والسيد ما اغناه.
قالت :- أما أنا ..أما أنا..
أرادت ان تبكي.. لولا ان البكاء هنا مستحيل .. فقالت مستطردة :- حكمت القلب فخدعت .. وحكمت العقل فضللت ..وحكمت العزة فذللت.
قلت مندهشا :- ما ذل من وصل.
قالت :- وصلت عندما حكمت السيد.. ورردت اليَّ.
وأضافت :- قبل الردة عندك كنت انا .. وقبل الردة عندي كان غيرك .. وأنا وأنت خدعنا..لأننا لسنا كلينا.
قلت مغازلا :- أنت في القرب .. أنت في البعد ..أنت وصولي ..
ان كنا نحن أو كنا.
كنت سأسعد .. والسعادة طريق لسعادتي أنا.
فكم من سعد زائف أوصل الي سعد دائم.
لكن بشقائي الزائف صبرت .. فوصلت للسعد الدائم.
والصبر .. لو تدري عذاب .. والردة لو تدري صبر .. وطريق محفوف بالشك .. لولا اليقين.
أكملت متفاضلا : - لكن فضولي يدفعني عما أنا كان.
قالت : أنت كان الفتي الضال .. وأنا كنت الفتاة الضالة .. هناك.
أنت كنت رحيقا للشوق مسكوبا في الأرض النتنة.
وتساءلت :- أما أنا ماذا كنت؟
قلت : - أنا أنت الجسد وأنا أنت الروح.
أنت الخلجة والسهوة والفكرة والذكري .. أنت الغضبة والفرحة.. أنت الوحدة والجمع .. أنت الرعش الساري والدم.. لولا ان رددت الي فوصلت اليك.
قالت وقد سبلت عينيها اشفاقا : - عوضك السيد عني بي .. ولولا اللو .. لرجوت العودة الي الاختبار .. ولك.. ولكن المقادير مقدرة ولولاها ما التقينا الأن.
تسألت مقاطعا :- أصدق تقولين ؟
قالت :- ما أقول ولا تقول الا صدقا .. ولا يوجد الا الصدق في دار الصدق.
قلت خجلا :- معذرة فما لي عهد بكم..وبي أنا.
قالت :- وماذا بعدما ضاع فيَّ الأمل.
قلت متسائلا :- لو تنتشر روحك مرة ماذا تصبر ؟ لو تشربها الأرض الخصبة والمقادير؟ لو تنهمر بأقصي الكون .. تروي شجرا.. تبقي غديرا؟ ماذا تصير؟ لو تنشطر للنصفين .. نسمة صيف .. أو أعاصير؟
نصف منها يزرع عيشا .. نصف منها حصد هدير؟ ماذا تصير؟
قالت :- هباء!!
قلت :- أنا كنت ولم أكن .. أبدا ما هنيت ؟
قالت تمنيني :- السيد وهبني لك .. واليوم لا حدود .. ولا انتماء ولا شئ سوي اليقين.
قلت متعجبا :- قادني صبر الزيف لنيل اليقين.!!
وأضفت مستدركا :- ما زلت في شوق للاحدود.. فما زلت حديث العهد.
قالت :- أنا معك كما أنا.

6


ناديت للصدوق فجاء وقد تغيرت هيئته بحيث لم أدركها .. طلبت منه أن يلازمنا.
فقال :- لكل منكما حدود .. في اللاحدود.. وأنتما متشابها الحدود .. مهما طرتما في اللاحدود .. ففي الحدود .. لأن كل متاح لكما متاح .. وكل ما ليس متاحا ليس متاحا لكما .. وفضولكما يقودكما للمعرفة.
وطرت أنا وهي .. نستكشف جمال الوجود وأتساءل عما لم اعرفه.
كانت كل المعلومات مجهولة .. وكل المعلومات معلومة .. وكانت حواسي تعمل كحواسي .. التي ما تخيلتها حواسي.
تمر اللحظات وكلها اضافات.. احساسي ينير لي عيني .. وعيني تطنب لي سمعي .. وسمعي يشبع لي امعائي.
الوقت لايشبع ولا يمل .. لا يقصر ولا يطول.. تشره في التملي ولا تشبع.
تنال أحاسيس الفيض بعد الجدب في كل وقت .. وما كان أبدا هنا
جدب وأحاسيس الارتواء عن عطش .. وما كان هنا عطش .. كل حسياتي مكتملة ولكنها لا تزال في عوز لكل اكتمال.
طرنا الشوق ينثرنا ويجملنا ويجمعنا.. وجدنا السابقين فسألناهم لكي نستزيد.. تحدثوا بأصوات وكأنها الهزج .. وما قالوا سوي السيد. جلسنا علي الموضون .. تقابلنا.. أئتمر ولدان بالطواف علينا.. وشربنا .. جلسنا كما لم نجلس من قبل .. وشربنا كألذ ما طرق علي خيال .. بل يزيد .. وقدم للسقاية نادل في أروع شكل .. حتي شبت عيوننا بشبابه.
تراقصت حولنا قطع من البدر .. أجمل من أي جمال تخيلناه.. الأشياء حولنا علي الأطلاق .. حتي كدنا لا نعرف سواه حسنا .. قلت لمن كدت اشتاق :- أليس علي للاطلاق طلاق؟
قالت :- للأطلاق اطلاقا طبعا.
قلت : - أليست هناك حدود للاطلاق حتي لو حدا قبل السيد؟
قالت :- كل حد قبل السيد ..لأن اطلاقه غير كل اطلاق .. وكل اطلاق غير اطلاقه يسير في اطلاق غير اطلاقه .. وفي مطلقات غير القصر لو قورنت بأطلاقه.
والفرق بين الأطلاقين .. كالفرق بين أنا.. وأنا أنا.
قلت خجلا :- اللفظ يخدعني .. لكن اليقين يملكني.
أخذنا نسير بلا سير .. وكان يومنا كأبرك أيامنا .. فأذا لكل الساكنين
مجتمعين .. جليس أرضهم بالمسك والكافور .. كجليس لؤلؤهم وياقوتهم ..أنواتهم خاشعة في حياة الخشوع.
تهطلهم سحابة بالطيب في معناه .. وفيما لا نعرف معناه ..زغردت القلوب وذهلت العقول .. وغمرهم الجلال حينما برز لهم عرش النور .. وبرز السيد فيما تعجز الألسنة عن وصفه ويعجز الخيال عن ادراكه .. ويعجز الادراك عن احاطة ما سمح به كي يدرك..وتوقف كاتب السطور عن الكلام فيما لا يمكن ان يخطه قلم ولا يكفيه مداد ولا يفهمه عقل.
ولما انتهوا ذهبنا مع المجتمعين حيث سوق الحقيقة وما زالت ادراكاتنا القادرة عاجزة.. ومشاعرنا تفيض حولنا .. والسعادة تشكل اجسادنا ..والأنوات ترفرف بهجة.
وسوقنا سوق لا للبيع ولا للشراء .. بل أمنيات تتحقق.. وحاجات تقضي .. وما هي بحاجات.. فالحاجة عوز.. والشبع غير العوز .. ولا عوز بعد الشبع .. وما اشبع من بروز عرش السيد للعيون.
ما نظرنا الي حلة احد الا ولبسنا افضل منها , وما اخذنا شيئا الا
اعطيناه .. ولا يوجد في الحقيقة شئ قديم ..فالزمن يمضي وكأنه لا يمضي.. او كأنه لا يمضي.. كما لو كان يمضي.. وذلك لان مضي الزمن له منتهي وهنا لا يوجد منتهي .. سوي الحقيقة وحقيقة الحقائق.

يتبع

نشر في عدة مواقع ومنتديات

14 يوليو 2010

اتحاد الصحفيين العرب يرفض مذكرة من صحفيين عراقيين ضد الزميل سيد أمين

الأسبوع أونلاين*
رفض اتحاد الصحفيين العرب السبت الماضي 10 يوليو قبول مذكرة تقدم بها عدد من منتسبي " نقابة الصحفيين العراقيين " ضد الزميل سيد أمين مدير تحرير الاسبوع اون.. لاين يتهمونه فيها بسب الصحفيين العراقيين. وكان شخص يدعي ياس خضير العلي "يقول انه صحفي عراقي" ومدير مركز يسمى "ياس العلي للأعلام المستقل" قد تقدم وآخرين بمذكرة يتهمون فيها الزميل بسبه للصحفيين العراقيين في تقرير كتبه يقول فيه ان الاحتلال الامريكي حينما غزا العراق قتل نحو 400 صحفي من اصل 950 كانوا مقيدين بنقابة الصحفيين العراقية في حين فر نحو 300 صحفي عراقي الي الخارج هربا من الموت ولجأ الاحتلال الي فتح أبواب النقابة علي مصاريعها لمستشاري الشخصيات الطائفية التي جلبها الاحتلال فضلا عن عدد من مرتادي المقاهي ليتم ضمهم الي عضوية النقابة بوثائق مزورة وهو الأمر الذي كشفت عنه الصحف الامريكية نفسها وكشفت ايضا علي لسان جنرالات امريكيين انهم كانوا يكتبون التقارير ويغطونها للحفي العراقي ليضع عليها اسمه ومرفق مع كل مقالة من 50 الي مائة دولار. وقد انهالت رسائل السب والقذف ضد الزميل الذي فضح امرهم عبر بريده الاليكتروني اتهموه فيها بابشع الالفاظ التي تعبر عن افكارهم المريضة التي شكلها الاحتلال الامريكي الايراني. وقد رفض الاتحاد قبول المذكرة دون ابداء اسباب الامر الذي اعتبروه طعنا في نزاههتهم وموضوعيتهم..

وكان الزميل سيد أمين قد كشف فى جولة سابقة من الصدام عن حقيقة شخص يدعى انه صحفى عراقى ويدعى احمد المهدى الياسرى حيث نشر الزميل سيد أمين معلومات صادمة عن شخصيته الايرانية واسمه الفارسى والصحيفة التى يكتب فيها فى طهران والتى تعرف بدعم الباسيج الايرانى لهامما اثار حفيظته وتقدم بمذكرة ضد الزميل لنقابة الصحفيين العراقيين.

19 يونيو 2010

عن الحزبية .. والتدجيل

سيد أمين


قد تهاجمونى جميعكم، قد يتهمنى بعضكم بالفاشية وربما الرجعية ولكن ذلك لن يغير من قناعتى شيئا، فدعوني أبوح لكم بأننى ضد الحزبية بل إننى اعتبر الأحزاب لاسيما فى عالمنا الثالث والعربى تحديدا مجرد مجملات لوجه الاستبداد القبيح.


هذا الوجه الذى ما انفك من تجهيز حيلة حتى يبدأ فى الأخرى بما يضمن له السرمدية والدوام، وبالطريقة التى يساير بها روح العصر، فإذا كانت الروح السائدة فى العالم هى روح نظم الحكم المتفردة فهو قطعا نظام حكم متفرد , وإذا كانت روح التمثيل والديمقراطية , فهو نظام ديمقراطى , وإذا كانت شيوعية فهو شيوعى وإذا كانت رأسمالية فهو رأسمالى , ومع هذا وذاك يبقى هو بشخوصه وسياساته وتختلف فقط الأقنعة والمسميات.


يا سادة .. أنا لم أعد مقتنعًا بالحزبية والنيابية فى بلادنا ,لأنها تحولت إلى انتهازية وفساد يرتدى ثوب الوطنية والديمقراطية , التى لا يعرف أحدا ما هى.

ففى كل بلادنا العربية ربما بلا استثناء نجد أن الحزب الحاكم وهو بالمناسبة حزب لا يقوم على أساس الأفكار بل على أسس ترابط مصالح الأعضاء والشلليات، يقوم بصناعة معارضيه ويمدهم بالأفكار والأشخاص بما يضمن لهم دورا مقنعا فى تمثيلية «المعارضة» وهو الأمر الذى يضفى له المشروعية ويجمل وجهه القبيح.

أنا أعجب من اناس يقصرون قياسهم على فساد النظام الحاكم أو صلاحه فى أى دولة عربية على مجرد وجود أحزاب معارضة فى هذا البلد من عدمه , وهم لا يحتاطون من أن يكون هذا النظام هو نفسه صانع تلك الأحزاب وملهمها الأول وراسم أدوارها.

ويحضرنى هنا وصف الزعيم الليبى معمر القذافى للحزبية بأنها "تدجيل" و"النيابية" ب"التمثيل" وأنا اؤيده فى ذلك وأضيف أنها فى بلادنا قد تتحول إلى خيانة عظمى للشعب بما تمارسه عليه من تغييب وتجميل للطغيان.

وأعرف إن بلادى تحوى نحو 24 حزبا جميعها صناعة تكاد تكون خالصة للحزب الحاكم وشخوصها هم شخوصه , رجال يعينهم هذا الحزب، بل إنه من ملهيات القدر أن تلك الأحزاب التى لا يستطيع مثقف مهما كان مهتمًا بشئون تلك الأحزاب أن يحصى فقط ولو مجرد أسمائها أو أسماء أو حتى توجهات برامجها , وذلك لأنها أحزاب تنشأ بليل بدون أعضاء أو حتى برامج على موائد الحزب الحاكم.

وقد بلغ الاستهتار فى "التدجيل" اقصاه حينما كان أحد أهم تلك الأحزاب وأكثرها وضوحا فى البرنامج وفى الأعضاء شقيقًا لوزير فى الحزب الحاكم.

إن خطورة الحزبية وضحت بجلاء لمن لديه أدنى بصيرة فى دولة مثل العراق , فهؤلاء الذين لطالما هاجموا العراق فى عهده الوطنى قبل 2003 بحجة كونه لا يسمح بتكوين الأحزاب هم الآن ربما صاروا على قناعة بمصداقية ووطنية هذا الموقف، فأحزاب العراق نشأت من ميليشيات ارتكبت جرائم فى حق الشعب وتحولت الحزبية على يديهم إلى طائفية بغيضة أكلت وستأكل الأخضر واليابس فى هذا البلد المنكوب بالخونة والعملاء الذين يعتلون الحكم الآن.

وفى العموم وفى المجمل تقاس العدالة فى البلدان بالمستوى الاجتماعى للسكان وبالنهضة الصناعية على المستوى العالمى، وهنا نجد انه ما صنعت الحزبية فى بلادنا لا عدالة ولا نهضة ولا تداولاً للسلطة ولكنها كرست لسرمدية الحاكم كما أنها لم تصنع دولة صناعية متطورة كما صنعتها نظم لا تتخذ ديكورا لنخبتها الحاكمة فمنعت الأحزاب مثل الصين.
بل إن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية التى تدعى التعددية وتعد مثالا للديمقراطية عند الكثيرين , نجد أن حزبين فقط يتداولان السلطة فيها منذ تأسيسها وأن هذان الحزبان لا يختلفان عن بعضهما فى التوجهات والمقاصد والسياسات إطلاقا وإن اختلفت الشخوص والأزمان كما أننا لم نسمع عن حزب ثالث لهما ذا توجه شيوعى أو قومى أو راديكالى أو يحمل فكرا مختلفا.
كما أن هناك أحزابا – وهى فى الأغلب جادة وناجحة - تعلى من أهمية الانتماء إليها وتربيطات منتسبيها المصالحية عن أهمية الانتماء للوطن ومصلحته وقد يلجأ بعضها الى العدو الخارجى فى محاولة للانتقام من خصمه ويدفع الوطن والمواطن الفاتورة الباهظة لتلك المهاترات , بل ان الصراعات السياسية بين تلك الأحزاب عادة ما يدفع ثمنها المواطن البسيط الذى هو فى الحقيقة الوطن.
إننى بحق أدعو إلى إلغاء الأحزاب فى بلداننا العربية والكف عن التمثيل والتدجيل وممارسة لعبة الخداع ضد الشعوب وهو الأمر الذى قد يوفر الجهد المنصرف إليها ليتم تحويله إلى التنمية والتصنيع والعدالة كما كان الحال فى مصر عبد الناصر.

ALBAAS10@gmail.com


AL BAAS. maktoobblog.com

07 يونيو 2010

القدرة والطالع.. رؤية تاريخية

سيد أمين
أجدني رغم ما يحيط بنا من أحزان قومية اعتدناها جراء مذابح 'الحريات' التي ترتكب ضدنا ليل صباح والتي لن يكون آخرها مذبحة قافلة الحرية علي يد الصهيونية الفاشية، أجدني أميل إلي عدم خوضها لأن الجميع قد تحدث فيها وانتحي بقلمي جانباً للحديث في أشياء بعيدة قد لا يبدو للوهلة الأولي الحديث فيها مستساغاً في تلك الأوقات.

وعلة هذا الميل يرجع إلي أن أقلام الوطن كثيرة وأقلام الإنسانية أكثر ورب كثرة أفقدت الكلمات وحيها فباعدت بين لفظة 'الجرح' وآلام 'المجروح' وبين مفردة 'الموت' وبين 'رهبته' وآلام اليتامي، هنا وجدت نفسي أنأي عن تكرار ما ردده غيري وهو واجب عليَّ وعليهم وأدلف للحديث عن 'الطالع والقدرة' ولعل مسألة 'الطالع' توحي أول ما توحي بأن من يؤمن بها أو حتي يرددها هو شخص غيبي ينكر قدرة العقل ويفضل إلقاء اللوم علي المجهول في كل فشل.


وفي الحقيقة، وبقراءة ولو سريعة في التاريخ قد يتأكد لنا أن لـ'الطالع' دوراً كبيراً في رسم خريطة العالم.
ويرصد نيقولا ميكافيللي - في كتابه الأمير - قصصاً كثيرة لفشل أو نجاح كان لسوء أو حسن الطالع، الدور الأساسي فيها إلا أن ميكافيللي الذي عاني هو نفسه من حسن وسوء الطالع يؤكد أنه لا جدوي للطالع دون القدرة، كما أنه لا جدوي للقدرة والذكاء دون توافر حسن الطالع.


ويضرب ميكافيللي لنا الأمثال عن صانع الفخار الذي تحول بفعل حسن الطالع في ليلة وضحاها إلي أمير للبلاد، حينما هاجم الأعداء إمارته وقتلوا الأمير ورجاله جميعاً وبعد نهب ثرواتها عادوا أدراجهم، هنا وجد البسطاء أن صانع الفخار هو أكثر السكان شهرة فنصبوه أميراً خاصة لما يمتاز به من قوة وبسطة في الجسم وحكمة في التصرفات.


هنا اختلط حسن الطالع بالنسبة لصانع الفخار وليس شعبه، مع القدرة وهي التي جعلت هذا الرجل من أشهر أمراء إيطاليا القديمة ودام حكمه وحكم أسرته بضعة قرون.


وعلي النقيض يضرب ميكافيللي مثلاً بالأمير الحازم الذي أوتيت له كل إمكانات الدوام والبقاء إلا حسن الطالع فهزم في معركة كان يجب أن ينتصر فيها ولو بربع جيشه، رغم ما عرف عنه من دهاء.


ويقول ميكافيللي أن قدرة بدون حسن طالع تعني فشلاً وأن حسن طالع مع نصف قدرة يعني انتصاراً.


وتأكيداً لهذه الرؤية يؤكد أحمد ميشيل عفلق أنه لا يستطيع أن يصدق أن هذه الأجيال العربية المتعاقبة لم تنتج لنا سوي ابن سينا وابن النفيس والخوارزمي وغيرهم ويشير إلي أن الحياة فرن جبارة احترقت بداخلها ملايين العبقريات والإبداعات وحرمت عالمنا العربي من ثمارهم، وأنه متي هيأنا للمواطن العربي عيشة رغدة جنبنا انصراف جهده إلي تلبية حاجات بيولوجية تحول دونه والإبداع.


ويقصد عفلق أنه ليس بالتأكيد أفضل كتابنا وعلمائنا من هم يطفون علي السطح الآن وأنه لولا سوء الطالع لكان بيننا بدلاً من أحمد زويل ويحيي المشد أو فاروق الباز الآلاف أمثالهم فقط لو تهيأ لهم حسن الطالع من خلال إمكانية في التعليم وتوفير لقمة عيش سهلة وموضوعية في التعيين والتدرج الوظيفي ومناخ عام يساعد علي الإبداع.


وفي التاريخ العربي يلعب حسن الطالع دور الأسد علي مسرح الأحداث، فها هو قطز يفر من آسيا ويباع في سوق العبيد ويرسو به المطاف إلي مصر فيهئ له حسن الطالع كاملاً للقيادة ويصير هذا الفتي المطارد من قبل المغول أميراً للبلاد فيلتحم حسن الطالع مع القدرة ويحقق النصر التاريخي علي المغول في بلد كان يصحو فيه الشعب كل يوم تقريباً علي صليل سيوف الانقلاب والانقلابيين.


وها هو محمد علي الجندي الألباني حاكماً لمصر بعد ثورة شعبية عزيزة في التاريخ المصري، حيث هيأت الظروف السيئة الثورة للمصريين ضد الوالي العثماني خورشيد باشا الذي فر دون قتال ولم يعد رغم أنه كان قادراً علي طلب النجدة فقام المصريون العازفون عن لعبة كراسي الحكم بتقديم محمد علي والياً للبلاد وهم يقصدون جعله قرباناً لغضب الخليفة العثماني إلا أن محمد علي صنع أعظم امبراطورية عرفتها مصر ودام حكم أسرته نحو القرن ونصف القرن وسار مؤسس مصر الحديثة.


وحتي في تأسيس الجيش المصري الحديث قصة عجيبة فالكولونيل 'سيف' وهو جندي من جنود نابليون المنهزم عز عليه أن يصير فلاحاً وقاده الشوق إلي حياة الحربية وتنامي إلي مسامعه أن بلاد فارس تؤسس جيشاً حديثاً من المرتزقة فقصد الالتحاق بهذا الجيش ولكن توقفت السفينة التي تقله قبالة سواحل الاسكندرية لعدة أيام، فراح يعرض نفسه علي حاكم الاسكندرية الذي أرسله إلي محمد علي بالقاهرة والذي قام بدعوته لتأسيس الجيش المصري ويكون وزيراً له.


وفي ثورة يوليو المجيدة 1952 يؤكد الضباط الأحرار أنه لو كانوا قد تأخروا يوماً واحداً عن يوم 23 يوليو لكانوا قد أعدموا في المقاصل الملكية بعد افتضاح أمرهم.


وحتي بعد الثورة ما كان للرئيس السادات أن يتصور وهو يعمل 'حامل أمتعة' في محطة قطار نجع حمادي في حيلة للتخفي من البوليس السياسي الملكي أن يصير بعد نحو 20 عاماً حاكماً للبلاد.


وحتي الرئيس مبارك ما كان يتصور حينما كان ضابطاً في الكلية الحربية أن يحكم هذه البلاد لولا دوره في حرب أكتوبر.


نعم هناك حسن للطالع ولكن لابد أن يقترن بالقدرة.. فقدرة كبيرة وحسن للطالع تعني خلق زعيم كبير وهو ما حدث مع سايس الخيول خروشوف الذي تحول إلي رئيس للاتحاد السوفيتي أحد قطبي العالم وقواه الضاربة.


نحن لا ننفي القدرة ولكن قدرة بمفردها لا يمكن أن تنجح لولا حسن الطالع الذي هو بالتأكيد التوفيق الرباني، والخلاصة أن حسن الطالع والقدرة التي هيأت للكيان الصهيوني البغيض الولادة في عام 1948 آخذة في الاندثار وأن أياماً مقبلة سيئة الطالع تواجهه ولن تغني عنها قدرتها.


albaas10@gmail.com


albaas.maktoobblog.com