بالامس تصفحت قرابة 10صحف اثيوبيه في محاوله لمعرفة اخر اخبار سد النهضه وموعد افتتاحه الذي كان الاثيوبيين قد قالوا من شهرين انه سيكون في منصف شهر سبتمبرولم اجد اي خبر يتعلق بالسد الذي يبدو انه قد تحول لمشروع سري محاط بالكتمان التام ليس هناك اي فرصه لمتابعته الا عبر صور الاقمار الصناعيه والتي حتما تعرف طريقها الي عيون الجنرال.
في المقابل لا يوجد اي خبر معلن في صحف النظام المصري يقول من قريب او بعيد ان له صله بمواجهة الاثار التي ستترتب علي استكمال بناء سد النهضه بغض النظر عن التفاوت في التقديرات بين وصول هذه الاثار الي التوقف النهائي لحصتنا المائيه كما يعتقد كاتب هذه السطور او عدم وصولها الي ذلك كما يعتقد البعض ممن يحصرون دائرة الخطر في تاثير سنوات التخزين علي حصتنا السنويه ويعتقدون في صدق الخطاب الرسمي لاديس ابابا القائل ان هدف السد لا يتعدي توليد الكهرباء.
النظام الاثيوبي لا يريد الاعلان عن اي تقدم في بناء السد حتي لا يعرض نفسه لصراخ حكم السيسي مهما يكن عدم جدواه والاخير لا يريد ان يستدل الشعب علي الحقيقه القاسيه المرعبه من اي ممارسات يقدمها علي انها تاتي في سياق مواجهة الكارثه.
وبحكم اهتمامي بهذه الكارثه والذي فرض علي متابعة تفاصيلها ومتعلقاتهاعن كثب فلقد فضلت ان اطلع المتابعين من القراء والزملاء علي اخطر الشواهد الخاصه بحكم السيسي في محاولة معالجته لهاوالتي لا تقل في حد ذاتها عن كارثه مكمله للكارثه الاصليه التي قد تقضي نهائيا علي فقراء البلاد بصوره لم تعرفها مصر المعروفه.
حيث يمكنني ان اشير الي اربعة شواهد او تطورات لها دلالتها في هذا السياق :
اولا :
تراجع خطة استصلاح ال 4 مليون فدان التي تهته بها حكم السيسي الي 150 الف فدان في مصر و150 الف فدان اخري في سودان البشير, فبعد ان تراجع عن احلام هند وكاميليا في استصلاح 4 مليون فدان كان يتصور انه يمكن ان يحصل علي تكاليف استصلاحهاوالتي لا تقل باي حال عن نصف تريليون من الجنيهات من جيوب المصريين لان الاقدام علي ذلك في ظل الانفضاض المبكر السريع للجماهير عن الجنرال لم يكن يتساوي الا مع اطلاق موجه ثوريه عاتيه لن يتراجع باحتمالها التوجه لمصارحة الشعب بالكارثه المائيه بل سيدفعها ذلك الي ابعد ما يكون في مواجهة النظام ولقد تأكد للسيسي ذلك بوضوح وهو يشاهد بام عينيه مدي تضرر الشعب من اسعار المشتقات البتروليه قبيل انتخابات الرئاسه.
وعندما حاول الاكتفاء بمليون فدان يجول العثور علي تمويله لدي الشركات والمؤسسات العالميه اصطدم بموقف البنك الدولي قبيل مؤتمر شرم الشيخ الذي كان هذا المشروع يشكل احد محاوره الرئيسيه حيث ركز البنك علي الموارد المائيه الكفيله بهذا الاستصلاح ومواصلة الزراعه اعتمادا عليها في ظل مخزون جوفي لا يتعدي 4 مليار متر مكعب واكثر من ذلك لا يعني الا تكاليف باهظه لا يمكن ان تحقق زراعة هذا المليون فدان في ظلها الا خسائر بالغه وجسيمه.
وهكذا عرفت اوهام السيسي هبوطها الراهن الي المساحات المشار اليها عاليه مع احاطتها باوهام التكرار طبعا كلما كان ذلك ممكنا.
وتجدر الاشاره والتاكيد الي ان هذا الاستصلاح لا ياتي في سياق تطوير زراعي تقليدي غير ملهم بالمره في لحظه من انخفاض اسعار المحاصيل الزراعيه عالميا وفي بلد يمر بازمه ثوريه لها تبعاتها الاقتصاديه المتواصله والاخذه في التعقيد بعيدا عن الكارثه المائيه ,بل يأتي علي هذا المقياس الكبيربهدف توفير بديل زراعي لزراعتنا التي ستذهب مع الريح بعد استكمال السد المشئوم .
والطموحات السيساويه في هذا الاستصلاح الواسع الكبير لا تشير الا الي مدي تاكد النظام من اتساع نطاق التهديد الضذي تعد به كارثة سد النهضه.
كما يشير هبوط هذه الاحلام الي مستوي مئات قليله من الافدنه الي مدي استعداد حكم عسكرالراسماليه المصريه للتضحيه بالمصريين علي مذبح مصالحها وارباحها حيث لا تستطيع راسمالية الكاكي ومعها بيروقرطيتها المدنيه بحكم طبيعتهم الوظيفيه الطبقيه تحقيق استمرارها كفئات مالكه من خلال الهجره برؤؤس الاموال كما فعلت بالفعل اقسام وعناصر وشركات من الراسماليه الخاصه التقليديه التي يشارك بعضها الان في الزراعه الاثيوبيه المتوجهه الي نهب كامل نهر النيل.
ثانيا :
اعلان رئيس الوزراء (المقال) في اوائل شهر اغسطس فجأة وبدون ان يستدعي اي من الامور المثاره ان الدوله قد وضعت بحيرة ناصر تحت الحراسه الكامله المشدده لماذا ؟ للحفاظ علي ما في البحيره العتيده من ثروات !!
ولقد جاء هذا التصريح قبيل الموعد الذي كان قد اطلقه الاثيوبيين لاستكمال سد النهضه
ثالثا :
تواكبت مع تصريح محلب زيارتين لا مبالغه في تسميتهما زيارتين نيليتي الطابع من جانب السيسي الي موسكو لتسفرعن اتفاقية بناء المفاعل النووي بالضبعه الذي رغم ان بنائه سيستغرق عدد من السنوات الا انه يمكن ان يقدم الشروع فيه تخليصا لمشكلة الطاقه الكهربائيه من اي ابعاد مأساويه مع توقف كهرباء السد العالي التي وان تكن لا تتعدي 8,5 % من الطاقه الكهربائيه الا ان توقفها سيثير ذعرأ لدي الشعب ولدي اي استثمار متخيل في هذه الاجواء المرعبه.
اما الزياره الثانيه والتي جاءت مفاجئه فقد كانت الي سنغافوره والتي عرف المتابعين اثناءها انها متعلقه باستيراد محطات تحلية مياه حيث ان سنغافوره تعتبر من البلدان المتفوقه في احدث تقنياتها الان والتي لحقت بها زياره الصين بما يشير الي ارتفاع
تكلفة محطات سنغافوره.
والمهم في الامر ان هذا السعي الحثيث من جانب السيسي من اجل توفير محطات
تحلية مياه يأتي كتصريح محلب قبيل موعد الكارثه.
ثالثاُ :
وهو ما تعلق في ظل هذه الاجواء من حمله متواصله ومشدده لم تتعرض للتراخي البيروقراطي المعروف علي مدار اكثر من شهور وشامله لجميع المحافظات خاصه بازالة التعديات علي نهر النيل وهو ما قد يبدو للبعض ان شيئا طبيعيا ومنطقيا مشابها للتعديات علي الاراضي الزراعيه وعلي اراضي الدوله التي توسعت خلال العامين الاولين لثورة يناير.
وفي الحقيقه اجد من الضروري ربط ذلك بسياق اخر هو السياق الذي نناقشه والمتعلق بمصير نهر النيل مع ملاحظة ان التصور السالف ليس مخطئا بل علي العكس يشير الي ما يؤكد علي صحة ما ندعو اليه من تقدير فنحن لم نجد من جانب النظام حمله بهذه القوه والاستمرار وعدم الاستعداد للتراخي فيما يخص التعديات الاخري.
واعتقد ان الامر يتعلق باطلاق يد النظام تماما في كل ما يتعلق بالنيل الذي يمكن بل ان ذلك بدء بالفعل ان يتعرض منسوبه المعروف للانخفاض حيث سيعمل النظام علي اطالة عمر استخدام مياه بحيرة ناصر التي اصبحنا بالفعل لا نملك سواها من مياه النيل وهي اطاله لا يمكن ان تتحقق الا عبر تخفيض المنسوب من ال 240 مليون متر مكعب يوميا التي تنطلق كل صباح من السد العالي الي اقل ما يمكن تقليله من هذه المياه في الحدود التي لا تطلق في وجه النظام غضب غير محتمل لا من جانب الفلاحين الذين يمكن ان تتوسع صفوف من لا تصل المياه الي اراضيه منهم ولا من جانب السكان الذين ستصبح علاقتهم بالدوله واجهزتها المختصه في موضوع المياه النقيه علاقه صراعيه يوميه تشبه علاقة القط بالفار
تهبيط منسوب النيل سيترتب عليه توسيع مساحات ما يطلق عليه طرح البحر وهو ما سيوفر اغراء شديد خصوصا في المدن لتوسع عملية التعدي علي النيل وهو ما يحاول النظام قطع الطريق عليه بل قطع دابره مع ما يمكن ان يصل اليه ويسهله من تعدي علي المياه ذاتها مع اشتداد ازمة انقطاع المياه وندرتها ورفع اسعارها فمياه النيل الخام ورغم انها غبر منقاه الا انه يمكن ان تستخدم بصوره واسعه في كل ما يمكنه ان لا يتاثر يشده من عدم التنقيه او يتاثر تاثر محتمل او محدود بل يمكن ان يصل الامر الي محاولات اهليه للتنقيه مع وصول الازمه الي مستويات حاده ستتجه البيها حتما بكل بوضوح.
وبالاضافه الي ذلك فان تهبيط المنسوب سيصل في لحظه محدده لا لمجرد تقليل المياه بل الي الاحتياج الي رفع قاع النيل عبر عملية جباره تدريجيه علي مدار عامين علي اكثر تقدير من ردم بالحصي والزلط بهدف اضافة ما في النيل من مياه اعمق الي رصيد البحيره الذي لن يكفينا اكثر من عام ونصف وفقا لمعدلات الاستهلاك الراهنه للمياه وبهدف اكبر سيطرح نفسه بنفسه بحكم طبيعة الامور ولا اعتقد ان عيون النظام الذي ورطته مصالحه في هذه الجريمه النكراء قد اغفلته وهو استكمال ردم مجري النهر الخالد وبيعه كاراضي استثماريه للخلايجه والراسماليين المصريين من اجل التوسع لاقصي حد في عملية تحلية المياه والتي يحتاج مقابل
مياه النيل منها الي ما لا يقل عن نصف تريليون جنيه سنويا مع التوجه لانظمة ري احدث مثل الرش والتنقيط.
رابعا :
وهو الامر الاشد اهميه والذي دفعني لسرعة تقديم هذه الملحوظات وهو ما حدث خلال الايام القليله الماضيه من قطع للمياه عن مناطق سكنيه واسعه في محافظة الجيزه وصل بعضها الي اسبوع من انقطاع المياه عن السكان بالاضافه الي منطقة حلوان اي ان النظام شرع بالفعل في تهبيط المنسوب النيلي للدرجه التي اسفرت عن انقطاعات الجيزه وحلوان فالمنسوب الجديد قد يؤثر علي طاقة سحب ماكينات الفلاحين للمياه من النهر ولكنه لن يعرضهم لانقطاع المياه ولكن علي مايبدو فانه
اثر علي قدرةالمياه للوصول الي مآخذ سحب مياه محطات التنقيه في الجيزه
وحلوان وهو الامرالذي يبدو ان الاجهزه ستقيم حدود التوسع فيه في علاقتها
بتصدي الجماهير الشعبيه لهذه الكارثه وقدرة الدوله علي ادارة العلاقه بغضب
الشعب دون دفعه للجدارالاخير والاندفاع للميادين.
ان هذا التطور في توجهات حكم السيسي يستدعي علي الفور دعوة الجماهير المتضرره لتشكيل لجان شعبيه في الاحياءللتصدي للانقطاعات وايضا لمحاولات مسعوره من اجل رفع فواتير المياه علي وجه التحديد كما يوفر بيئه شعبيه موجوعه ومعتدي عليها خارج دوائر المثقفين المترهله تسمح بتوفير ضعوط شعبيه حقيقيه من اجل اجبار النظام علي تغيير هذه الوجهه الكارثيه التي تسعي بكل همجيه ووقاحه لتحميل فقراء شعبنا اعباء الكارثه المائيه الرهيبه وتحويلها من جانب الحكم الراسمالي البغيض الي مجال للبيزنيس والاستثمار في تحلية المياه واستصلاح الاراضي واحتكار المحاصيل و صولا الي الاستيلاء علي مجري النيل و وحتي ردمه وتشيعه الي مثواه الاخير في حساباتهم الملياريه حتي لو تعرض ملايين المصريين للتعطيش بل للفناء.