12 أكتوبر 2014

محمد رفعت الدومي :ماجدة الرومي .. لهذا اكتشف أجدادك الغوريلا

التي ..
مصفَّفٌ صوتها المثقف مثل تسريحة حرة تنساب علي جبهة الوطن المتخلف، و سوف يواصل تخلفه حتي ينظر إلي الحرية كأنه يقف أمام باب هام ..
و التي ..
صاحبة الصوت المائيِّ مثل ثقافة لبنان المائية، و جغرافيتها أيضاً..
و لذلك الماء وحده يرجع الفضل في جمال لبنان، فإن عظمة هذا البلد الصغير، لا تتجلي أبداً فيما يمثله الآن، إنما في تاريخه المائيِّ الممتاز، لا أحب وظيفة المؤرخ، غير أني سوف أكون انعكاساً لبعض مما قال المؤرخون عن "لبنان"، قليلاً ..
لقد باح البحارة الفينيقيون قديماً بكل ألوان الرياح في أشرعة سفنهم ولم يبخلوا بشئ، و داروا، انطلاقاً من "لبنان"، في رحلة بتمويل فرعونيٍّ، حول أفريقيا من طرفيها، لأول مرة!
خلال هذه الرحلة، اكتشفوا "قرطاج"، تاج "تونس الحالية، و هي تحريف للمفردة فينيقية الجذور " قرْت حَدَشْتْ" وتعني "المدينة الجديدة"، الغريب، أن اسم "حدشيتي" ما زال نابضاً في "لبنان" حتي يومنا هذا!
اكتشفوا أيضاً مدينة "طنجة" الحالية، كما اكتشفوا جزر "ماديرا" و جزر " الكناري"، و وصلوا "الكاميرون"!
بالإضافة إلي أنهم توغلوا في "اسبانيا" الحالية، و أنشأوا مدينة "قرطاج الجديدة"، وهي مدينة ساحلية في منطقة "مرسية" الحالية، "نوفا كارثاج"، فوق كل هذا، لقد عبروا مضيق "جبل طارق"!
من الجدير بالذكر أنهم كانوا يبنون مستوطناتهم دائماً علي الماء ..
و حدث أن أصبحت "قرطاج"، بعد عقود قليلة من هبوط الفينيقيين عليها، تاج العالم القديم، مزرعة حبوب الكون، و أصبحت أيضاً، أكبر لطمة وجهت إلي اقتصاد "روما"، سيدة العالم القديم في ذلك الوقت ..
و في ذلك الوقت، كانت هذه هي الذريعة الشائعة لنشوب الحروب، و كانت الحروب بين القوتين العظميين سجالاً، لكن ظهور "هانيبال"، اللبنانيِّ الجذور، غير قواعد اللعبة، فلقد كان ظهوره آخر وثبات الشرق الحيوية!
ولقد وقف هذا القائد الشرقيُّ بجنوده، لأول و آخر مرة، علي مرمي البصر من أسوار "روما"، حتي جمع الرومان أمتعتهم ومهدوا قلوبهم للفرار، لولا أنهم عثروا بين جوقة الشيوخ في "مجلس شيوخ روما"، علي عدة أصوات تغرد خارج سرب المتشائمين الذين كانوا يرون ضرورة التخلي عن المدينة والفرار من وجه الهول القادم، هؤلاء كانوا يفضلون الانتظار قليلاً، كأنهم كانوا يعرفون كيف تسير الأمور في الشرق السياسيِّ!
لم يخذل مجلس شيوخ "قرطاج" ظنون هؤلاء، و تخلي عن "هانيبال" في لحظة حاسمة، ففك الحصار ورجع كسيراً ومكتئباً، ليُهزم بعد ذلك، حول أسوار بلده، في مواجهة طاحنة مع قائد روما العظيم "سكيبيو الأفريقي"، و يفر إلي "تركيا الحالية"، و تضع "روما" المحراث في أرض "قرطاج" وتزرعها بالقمح، كان هذا تقليداً تعارف عليه القدماء يؤكدون به زوال خصمهم إلي الأبد!
انتحر، في النهاية، "هانيبال" بالسم، علي بعد مئات الموجات من مسقط رأس أجداده، "لبنان"!
مسقط صوت "ماجدة الرومي" أيضاً ..
تلك القطعة من المعني في قلوبنا، من الماء إلي الماء، السامقة كالأرز، بتصرفات مرتفعة، حتي أنها تندلع في أي وقت كالعطر الجارح من جميع الجهات ..
بصفة شخصية، لم يدر في بالي يوماً أني سوف أقف يوماً من "ماجدة الرومي" موقف عتاب، قد لا يصلها إطلاقاً، لكن الدفاع عن الحرية قيمة دونها كل قيمة أخري ..
ذلك أن، ماجدة الرومي ..
بسبب الضوء الذي يعشش في اسمها، و بسبب تلك الغابات من القلوب التي تلتف حولها، و بسبب النجمة التي تسكنها قبل كل شئ، تم استخدامها في الأسابيع الماضية للترويج للمشهد الذي يريدونه مقدساً، علي الرغم من كونه شديد الهشاشة في الوقت نفسه، و معروفاً بغريزة الديكتاتورية، في برنامج تليفزيوني أدارته (حرباء)، استطاعت أن تستدرج لسانها إلي شرخ الحديث عن "الإخوان المسلمين"، و"مصر" التي توشك علي السقوط، و ضرورة تكريس المشهد الذي ولد عند نهاية منتصف العام الماضي!
وهذه بالإساس هي ذريعة استضافتها ..
سيدتي، يؤلمني والله أن أراك تؤدين، و إن بحسن نية، دور "سما المصري"، و هذا ليس اسماً بقدر ما هو وظيفة، بل الوظيفة الوحيدة الشاغرة في غابات يونيو ..
سيدتي، المعركة ليست، كما تتصورين، معركة "الإخوان المسلمين" وحدهم، إنها معركة كل الراغبين في الحرية، و لا يمكن، بعد ثورة عظيمة، ودماء كثيرة سالت، أن يقترب من قلوب المصريين أيُّ شخص يقرأ الحرية بعين مظلمة ..
و أن يكون الإنسان حراً لابد له من أن يعيش الحرية لا أن يعيش انعكاسها ..
سيدتي، المشهد المصري أكثر تعقيداً من المشهد في "لبنان"، لذلك، يجب أن يكون انعكاسه في مرايا الزائرين مضللاً، من حيث إدراك أبعاده أولاً، و من حيث الإسقاطات قبل كل شئ، بمعني أكثر دقة، ثمة فارق رحب بين "الإخوان المسلمين"، و "حزب الله" ..
سيدتي، إن كل المناهضين للمشهد السخيف الحالي قد اختاروا الحرية بمحض مشيئتهم، و عليه فقد اختاروا بالتحديد القيمة التي حرموا، لسنين طويلة، من تذوقها باسم المعايير السخيفة لصوت المعركة ..
سيدتي، إن اندلاع الإحساس بالغربة في الوطن احساس أليف لقلوب كل المصريين، الجديد في الأمر، هو تفاقم الوعي بهذا الإحساس، وتفاقم التوتر الناجم عنه في القلوب بين ما كان في عام "د. مرسي" من حرية، و بين ما هو كائن الآن من انحسارها المروع، فضلاً عن الدم الذي أفرط في النزيف مجاناً!
سيدتي، إن للإرهابيِّ حتي منطقاً، و للظلاميِّ منطقاً، فكل أمراض الماضي حقائقٌ يتمسك بها المنبوذون، و أفكارٌ راسخة يؤمنون بها كملجأ، يظنونه أميناً، يربطهم بأي أرض تهدئ قلب مخاوفهم ..
سيدتي، "الإخوان المسلمون"، و لستُ منهم، أغبياء فقط، ليسوا إرهابيين، و ليسوا ظلاميين، و كل ما نسب إليهم في هذا السياق، مثل الرغبة في استئناف دولة الخلافة، و "هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر"، صدر عن آخرين، بالأمر المباشر بصدوره من أربابهم الضالعين في سماء مظلمة، و كل هؤلاء الآن، يا سيدتي، من ألمع أشجار غابة يونيو ..
ما يومُ حليمةٍ بسرّْ!
سيدتي، تذكري دائماً أن التمرد علي الواقع الرأسيِّ، هو ما دفع أجدادك للتمدد علي زنود الماء أفقياً، فاكتشفوا "تونس"، و اكتشفوا "الغوريلا" في الطريق إلي هناك، لأول مرة أيضاً،
لذلك السبب أيضاً يثور المصريون الراغبون في الحرية، إنهم يرحلون من نطاق أنفسهم، لكن إلي الداخل، بحثاً عن منطق أجمل للحياة، عن وطن للجميع، أبيض، يتساوي فيه النخبة و الناطقين بالعامية من بسطاء القوم، و تكون قوة الإبداع الفرديِّ فيه، لا الولاء، هي المعيار الوحيد للنجاح ..
سيدتي، دام الذهب مواظباً علي حراسة صوتك، و دام عطرُك مؤلماً، و رحباً ..

وثيقة تسليم غرناطة تغادرها بعد أكثر من 500 سنة من توقيعها

في عام 1491 وقع الملك أبو عبد الله الصغير (1459- 1533) على وثيقة تسليم مملكة غرناطة، جنوب إسبانيا، إلى الملكة إيزابيلا والملك فرناندو الثاني، وجرى تنفيذ الاتفاق في الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) من عام 1492، حيث دخلت القوات الإسبانية المدينة. 
هذه الوثيقة ستخرج لأول مرة من مدينة غرناطة، استجابة لطلب الحكومة المحلية في إقليم أراغون، شمال إسبانيا، وهي محفوظة حاليا في مكتبة الأرشيف التاريخي في غرناطة، وتعتبر من أهم الوثائق التاريخية في إسبانيا، ولم تخرج من غرناطة منذ تاريخ توقيعها، أي منذ 523 عاما. 
وتأتي استجابة بلدية غرناطة للطلب للمشاركة في معرض تقيمه الحكومة المحلية في محافظة سرقسطة تحت عنوان «فرناندو الثاني ملك أراغون، الملك الذي وحد إسبانيا وانفتح على أوروبا». والمعرض مخصص للتعريف بشخصية فرناندو الثاني (1452-1516) ملك أراغون، ونشاطه السياسي في إسبانيا وأوروبا. 
وستعار الوثيقة لمدة 3 أشهر، بين 10 مارس (آذار) و7 يونيو (حزيران) من عام 2015، وصرح النائب البلدي لويس فرنانديز لصحيفة «إيديال» الإسبانية بأن «الوثيقة معدة لإعارتها، وجرت الإجراءات الخاصة بتسليمها، ومنها تقييم الوثيقة بسعر مليون ونصف المليون يورو»، إضافة لشروط اشترطتها بلدية غرناطة، ومنها أن يقوم أحد المختصين بمرافقة الوثيقة، وأن تكون بيئة المكان معدة بشكل جيد لحفظ الوثائق. 
يشار إلى أن الوثيقة تحتوي على 77 مادة، وأهم ما جاء فيها من مواد هو أن يقوم أبو عبد الله الصغير بتسليم قصر الحمراء ومدينة غرناطة، ويتعهد الإسبان بأن يحتفظ المسلمون بديارهم وممتلكاتهم، وأن يستمروا بممارسة شعائرهم، ولا يجبرون على التحول إلى المسيحية، وأن تطبق فيما بينهم القوانين الإسلامية. وبعد سقوط غرناطة خرج أبو عبد الله منها متجها إلى منطقة البشرات جنوب غرناطة، ثم انتهى به المطاف في مدينة فاس المغربية، ليتوفى هناك عام 1533. وفي عام 1609 قرر ملك إسبانيا فيليب الثاني طرد جميع المسلمين من إسبانيا، فاضطروا إلى الهجرة إلى شمال أفريقيا، في ظروف صعبة للغاية، ولا تزال الكثير من آثارهم هناك، لكن بعضهم أصر على البقاء، وظل متخفيا في إسبانيا. 
وكان الغرناطيون قد استنجدوا مرارا بالعرب والمسلمين لمساعدتهم، لكن المساعدات كانت قليلة مقارنة بالمساعدات التي تلقاها الجيش الإسباني الذي حاصر مملكة غرناطة وأجبرها في النهاية على الاستسلام، منهيا بذلك 8 قرون من الوجود العربي في إسبانيا.

بلال فضل يكتب: آن الأوان ترجعي يا دولة الجواسيس

آن الأوان ترجعي يا دولة الجواسيس "الحلقة الاولى"

ـ كيف نجحت دولة الزعيم الملهم في أن تجمع كبار مثقفي مصر وسياسييها بكل اختلافاتهم على شيئ واحد هو كتابة التقارير؟
ـ تقارير مرفوعة لعبدالناصر في منتصف الستينيات: المسيحيون يقومون بفتح حنفيات المياه في منازلهم كل ليلة لتخريب البلاد والإخوان يكتبون شعارهم على الأتوبيسات وينشرون الشائعات وموظف بشركة «بسكو مصر» يحمل أفكارا خطيرة تهدد الوطن.
كل ثلاثة أيام تقريبًا يصلني منه نفس "الإيميل" الذي يختار له نفس العنوان (تحذير من مواطن شريف: عمارة يتم تأجيرها بالكامل للإرهابيين والإخوان المسلمين)، واضعا في المتن اسم صاحب العمارة وعنوانها بالكامل، ولاعنا سنسفيل صاحب العمارة وكل سكانها بل وكل سكان الشارع الذين يتسترون على جريمة تسكين إرهابيين يتآمرون على مصالح الوطن، ثم بدأت إيميلاته بعد فترة تصبح أكثر حدة ومبالغة، ربما لأنه لم يجد اهتماما من الكتاب والصحفيين الذين أرى أسماءهم معي في قائمة من يتسلمون الإيميل، لدرجة أنني أصبحت أراه في خيالي يزعق وهو يكتب ليصل صوته للجميع مرددا عبارات حفظها من خلال متابعته الدائمة لوسائل الإعلام (جريمة خطيرة في وضح النهار ـ مصر تضيع تحركوا لإنقاذ مصر ـ نحن نفضح بالأسماء والعناوين ـ لك الله يا مصر)، وكان آخر ما وصلني منه قبل أيام رسالة غاضبة يشتم فيها سنسفيل أحد الذين كان اسمهم موضوعا في القائمة لأنه رد عليه طالبا منه أن يذهب إلى طبيب نفسي بدلا من أن يصفي حساباته مع أحد جيرانه بهذه الطريقة.
قلت لنفسي: بالتأكيد يشعر ذلك الرجل بحزن عميق، لأنه تلقى طعنة غادرة في وطنيته، فهو لم يفعل شيئا سوى الإمتثال لقيادته الحكيمة التي خصصت في العام الماضي خطوطا ساخنة تحث فيها المواطنين على الإبلاغ عن أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وربما حاول الرجل أن يفعل فكان حظه كحظ من يتصل بخطوط الإسعاف أو النجدة أو المطافئ، لعله لم يلجأ للإبلاغ المباشر عن جيرانه في قسم الشرطة لأنه اقتنع بخطورة عناصر الطابور الخامس الموجودة في كل مواقع الدولة كما كشف الخبراء الإستراتيجيون، لكنه مع ذلك لم ييأس بل قرر أن يلجأ لرجال الإعلام الذين يراهم دائما يحضون المواطنين على الإيجابية وحماية الوطن، لكنه لم يكن يتوقع أبدا أن يكون رد فعلهم سلبيا ومتباطئا، لعله قرأ الأخبار المنشورة عن اتجاه حكومي للإستعانة بالطلاب الوطنيين في الجامعات للإرشاد عن زملائهم المشاغبين، فتمنى أن يكون هناك مكان رسمي يمكن أن يشبع فيه رغبته الوطنية في الإرشاد عن جيرانه من الإرهابيين، لعله تذكر ما كان يحكيه له والده عن العصر الذهبي للإرشاد الوطني في الخمسينات والستينات، حين لم تكتف السلطة بكل ما كان لديها من مخبرين تابعين لكل الأجهزة السيادية والأمنية، بل أنشأت تنظيما سياسيا سريا أسمته (التنظيم الطليعي) كان يقوده في أزهى عصوره وزير الداخلية شخصيا، ولعله استبشر خيرا بعودة هذه الأيام عندما قرأ وسمع وشاهد المطالبات المتلاحقة للرئيس عبدالفتاح السيسي بأن يشكل حزبا خاصا به، يتجمع فيه "بتوع السيسي" كما أسمتهم ابنة الزعيم الملهم ـ الأولاني ـ هدى جمال عبدالناصر في حوار أخير لها شكت فيه من أنها تبحث على الساحة السياسية عن "بتوع السيسي" فلا تجدهم.
قبل خمسين عاما كانت مصر قد أصبحت مليئة عن آخرها ببتوع والد الدكتورة، وكان "البتوع التانيين" أيا كان انتماؤهم مرميين في السجون أو منفيين خارج البلاد أو ماشيين جوه الحيطان دون أن ينسوا أن لها ودان، ومع ذلك لم يكتف والدها بكل ما لدولته من بتوع ومخبرين تابعين لكل الأجهزة السيادية والأمنية، ولم يقنع بتأميم السياسة لتصبح ممارستها حكرا على من ينتمي إلى كيانات مشوهة تنشئها دولته لتراقب دولته، فقرر أن ينشئ "التنظيم الطليعي" الذي قام فيه بتجنيد خيرة كتاب مصر ومفكريها ومبدعيها وسياسييها، ليكون من أبرز مهامهم كتابة تقارير سرية عن كل "مظاهر الإنحراف التي تهدد مسيرة الثورة وعن كل أعدائها الداخليين المتعاونين مع الخارج"، ولم يجد إلا قلة نادرة ترفض التعاون معتذرة بكل أدب لأنها لا تصلح لهذه المهمة الوطنية الجسيمة، في حين وجد مئات آخرين يوافقون على التحول إلى كتبة تقارير سرية، دون أن يشعروا بأنهم ارتكبوا خطيئة تستوجب العار، فالإنسان حيوان مبرر بامتياز، ومسألة أن تقنع نفسك بأنك تكتب التقارير خدمة للوطن ليست مجهدة ولا تحتاج إلى أن يحرق المخ الكثير من السعرات الحرارية، وربما لذلك ظل ـ ولا زال ـ أغلب أعضاء هذا التنظيم يتصدرون الساحة السياسية في مصر، دون أن يشعروا بالعار أو حتى الحرج، فيقرروا اعتزال الحياة السياسية التي شاركوا في تأميمها وإفسادها.
للعلم، لم تكن التقارير التي يكتبها هؤلاء تقارير فكرية أو استشارية تكتب من باب مساعدة صانع القرار على إتخاذ قراره، كما ادعى الكثير من هؤلاء فيما بعد تبريرا لما شاركوا فيه، فقد كشفت الوثائق عن تقارير شخصية كان يتلقاها وزير الداخلية شعراوي جمعة ليتخذ في أغلبها إجراءاته الأمنية اللازمة على الفور بتنسيق كامل مع جمال عبدالناصر الذي كان يهتم بهذه التقارير جدا، نعم كان هناك من يكتب تقارير سياسية واقتصادية عامة يأمل بها أن تفيد الوطن، لكنه بالتأكيد رأى خلال اشتراكه في التنظيم كيف يتم استخدام تقارير كثيرة أخرى للتنكيل بكل من له رأي معارض أو مختلف، ومع ذلك فقد وافق على الاستمرار في ذلك التنظيم الإجرامي الذي كان سببا في رمي الكثيرين في السجون وقطع أرزاقهم وتشريدهم وتطفيشهم من البلاد.
ولكي لا نلجأ إلى الإستشهاد بما صار معلوما للجميع من قمع دموي للإخوان والشيوعيين والوفديين في تلك الفترة، دعونا نرى كيف كان خطر ذلك التنظيم أشمل وأوسع حتى على من لم يثبت انتماءهم السياسي لأي تنظيم من التنظيمات التي وصمت بتهمة العداء للثورة والقائد والوطن، ولنختر مثلا شهادة واحد من أنبل وأبرز علماء مصر، أستاذ الجيولوجيا الدكتور رشدي سعيد، الذي أتمنى إن لم تكن تعرفه أن تبحث في مكتبات دار الهلال عن إصداراته الرائعة وعلى رأسها كتابه الموسوعي عن نهر النيل ومذكراته الممتعة (رحلة عمر) التي يحكي فيها عن شعوره بخيبة الأمل عندما أدرك أن عبدالناصر وقيادات يوليو لم يكونوا راغبين في الحوار مع أساتذة الجامعات طبقا للمهمة التي كلفه عبدالناصر بها، وأنهم "لا يرغبون في الأخذ والعطاء مع المثقفين كما تصورت بل كانت غايتهم هي بناء تنظيم طليعي سري من بعض التابعين لهم من الأساتذة يمكن به إحكام القبضة على الجامعة... أما الحوار وبناء مصانع الأفكار فلم يكن واردا عندهم، وقد كانوا يحضرون اجتماعاتنا بين الحين والآخر من باب نقل ما يدور فيها من أفكار وقد سببت ملاحقة هذه العناصر لي أكبر الإزعاج وألجأتني ولأول مرة في حياتي إلى استخدام حبات الفاليوم المهدئة، فقد أصبحت منذ ذلك التاريخ تحت المراقبة المستمرة، وموضوعا للتقارير الكثيرة التي أوكلت كتابتها لمن جندوهم من موظفي مكتبي أو من بين أعضاء مجلس الشعب الذين كانوا يُلحقون لهذا الغرض بالوفود البرلمانية التي كنت دائم الإنتظام فيها".
ويصف الدكتور رشدي سعيد هذه التقارير التي أتيح له عن طريق بعض الساخطين على الأوضاع والمتعاطفين معه أن يطلع عليها بأنها "... تقارير لم تكن تكتب لكي تُقرأ بأي عين فاحصة بل إنها كانت تكتب بغرض إبلاغ المسئول عن رأي وانطباعات الأجهزة في المشكو في حقه، فكل التقارير وبلا استثناء مكتوبة بأسلوب متدن ضعيفة المبنى ليس للإستنتاجات فيها أية علاقات بالمقدمات التي بدأت بها كما أنها كانت مؤسسة على إشاعات غير موثقة"، ويتمنى الدكتور رشدي في كتابه ـ وقد كان دائما حسن النية ـ على المسئولين وقت صدور كتابه عام 2000 أن يتيحوا للمشتغلين بكتابة تاريخ مصر الإطلاع على هذه التقارير لبناء صورة مصر في تلك الفترة وفهم ما جرى لمصر بسببها.
لحسن الحظ، تحقق جزء كبير من أمنية الدكتور رشدي سعيد عندما قام أستاذ التاريخ الدكتور حمادة حسني في عام 2008 بنشر دراسة خطيرة مصحوبة بالوثائق التي حصل عليها من عدد من شهود المرحلة بعنوان (عبدالناصر والتنظيم الطليعي السري 1963 ـ 1971) وهو كتاب تواطأت أغلب وسائل الإعلام على تجاهله، برغم أهمية ما فيه، ربما لأن رموز ذلك التنظيم من كتبة التقارير كانوا وقت نشر الكتاب ملء السمع والبصر، أذكر أنني عندما أشرت إليه في إحدى حلقات برنامجي (عصير الكتب) طيب الله ثراه، مطالبا جميع من تورط في هذا التنظيم بالإعتذار العلني عن مشاركتهم فيه ورواية شهادتهم عليه، تلقيت لوما من بعض الكتاب الكبار لأنني أساعد على الإشارة إلى كتاب ينكأ جراحا لن يستفيد الوطن من فتحها، وأنني أتغافل عن أن كتابة التقارير من أجل الوطن كانت مرتبطة بخطورة المرحلة، وقد عشت وعاشوا حتى رأيت هؤلاء الأساتذة يباركون بالتهليل والتأييد وبالصمت أيضا عودة ملامح ذلك العصر القبيح ثانية بسبب "خطورة المرحلة"، ومن يدري فربما كانوا الآن عرّابين لتنظيم طليعي سري تتولى فيه أجيال مختلفة كتابة التقارير من أجل حماية الوطن من الأخطار والإرشاد عن أعداء الداخل المتآمرين مع الخارج، دون أن يكون لأخينا المبلغ عن جيرانه حظ الإنضمام إليهم حتى الآن. 
ربما يكون أفضل ما نفعله لفهم طبيعة الخراب الذي أحدثه في مصر تشكيل ذلك التنظيم، هو أن نتأمل عناوين بعض التقارير السرية التي حصل عليها الدكتور حمادة حسني وأوردها في دراسته، لترى كيف نقوم بشكل مؤسف بإعادة تاريخنا بكل خطاياه دون أن نتعلم منه شيئا، متوقعين أن نصل إلى نتائج مختلفة لمجرد أننا غيرنا اسم الزعيم الملهم هذه المرة، تعالوا نقرأ العناوين سويا وسأترك لكم التعليق عليها:
ـ 25 يوليو 1965: مذكرة بخصوص كتابة شعار الإخوان المسلمين على بعض خطوط الأتوبيس خط 40 ورقمه 1963 نقل عام.
ـ 10 يوليو 1965: مذكرة عن بعض العائلات القبطية تقوم مساء كل ليلة بفتح جميع حنفيات المياه بمنازلهم.
ـ 31 مارس 1965: تقرير من العميد جمال هدايت بشأن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير وتولي بعض المسيحيين مراكز قيادية هامة.
ـ 30 مايو 1965: مذكرة حول تزايد نشاط الإخوان المسلمين وإعادة تأسيسهم للأجهزة السرية.
ـ 22 مارس 1965: مذكرة بشأن قيام الأمير دعيج السلمان الصباح بتهريب نقد مصري. مقدمها محمد حسنين هيكل.
ــ 21 سبتمبر 1965: مذكرة عن الطلبة العرب المشكوك في انتمائهم للإخوان.
ـ 8 أكتوبر 1965: مذكرة حول جنازة مصطفى النحاس. مقدمة من ابراهيم الشهاوي.
ـ 18 أكتوبر 1965: تقرير حول ميول واتجاهات أساتذة جامعة القاهرة. مقدمه عثمان عزام.
ـ 13 يوليو 1965: مذكرة من محمد حسنين هيكل بشأن الشيوعي إدوارد يونان.
ـ 8 مايو 1965: مذكرة مقدمة من محمود أمين العالم حول بعض الندوات السياسية بين طلبة الجامعة والطلاب العرب.
ـ 15 سبتمبر 1965: مذكرة حول الاشتباه في عضوية بعض الطلاب للتنظيم السري للإخوان المسلمين.
ـ 17 ابريل 1966: مذكرة بخصوص ما حدث من سائق ومحصل الأتوبيس رقم 54 حول عدم تنكيس الإعلام لوفاة الرئيس عبدالسلام عارف. مقدمة من محمود الصفطاوي.
ـ 7 مايو 1966: تقرير من الدكتور جلال أمين (مجموعة خالد محيي الدين) بشأن سفره إلى لندن.
ـ 12 مايو 1966: تقرير الدكتور حسين كامل بهاء الدين عن نشاط معادي بدكرنس الدقهلية.
ـ 14 مايو 1966: مذكرة معلومات عن شخص يدعي حلمي غير مؤمن بالثورة وسبق تطهيره.
ـ 14 مايو 1966: مذكرة حول تعليمات كنسية للمسيحيين بعدم تنظيم الأسرة. مقدمة من أحمد كامل.
ـ 6 سبتمبر 1966: مذكرة عن أسرة يهودية.
ـ 15 أغسطس 1966: تقرير يقترح سحب الجنسية من مواطن مصري في ألمانيا الغربية.
ـ 7 سبتمبر 1966: تقرير عن نشاط إخواني في حلوان مقدم من عبدالغفار شكر.
ـ 11 يونيو 1965: تقرير حول الخلاف بين أحمد حمروش وأحمد بهاء الدين وانعكاس هذا على العمل في دار روز اليوسف.
ـ 10 أكتوبر 1966: تقرير من أحمد حمروش بشأن مقابلته مع فؤاد نصار.
ـ 13 فبراير 1966: مذكرة بخصوص الشك في وجود اثنين من الطلبة بكلية الهندسة في جامعة الإسكندرية من الإخوان المسلمين. مقدمة من سمير حمزة.
ـ 14 مارس 1966: تقرير عن نشاط بعض الشيوعيين الموجودين في شركة النصر لصناعة الخشب الحبيبي بالمنصورة.
ـ 16 مارس 1966: مذكرة مقدمة من جمال هدايت بشأن ما حدث في حادث انحراف بعض الفتيات من طالبات معهد التربية الرياضية للبنات.
ـ 19 مارس 1966: تقرير عن نشاط معاد يقوم به مدرس القاهرة للثانوية الميكانيكية.
ـ 25 يونيو 1966 تقرير حول إشاعات يرددها محمود وفيق شلبي المراجع بشركة بسكو مصر.
ـ 1 ابريل 1967: تقرير عن مجلس الكنائس العالمي والإنحرافات بجريدة وطني.
ـ 22 مايو 1967: مذكرة بحديث بين الدكتور رفعت المحجوب والدكتورة فوقية حسين.
ـ 26 يونيو 1966: مذكرة بخصوص انحراف علي كامل محمد راجي معادي للثورة والإشتراكية. مقدمة من فاروق راجي شقيق المذكور.
نكتفي بهذا القهر ونكمل الأسبوع القادم بإذن الله.

آن الأوان ترجعي يا دولة الجواسيس (الحلقة الثانية)

كيف يمكن أن ينتصر نظام يخاف من نكتة؟
سيقول السفهاء من أنصار الدولة الباطشة: وما هي المشكلة في أن يكتب المواطن فاروق راجي تقريرا في شقيقه علي، إذا كان ذلك بهدف الحفاظ على الدولة والثورة ومكتسبات الإشتراكية التي اتهمه بمعاداتها؟، وهل ستتأخر أنت في الإبلاغ عن أقرب الناس إليك إذا رأيته يتخابر مع أعداء الوطن؟، وما هي المشكلة في أن يكتب كل مواطن صالح سواءً كان مثقفا أو بسيطا تقارير سرية يرفعها إلى أعلى رأس في الدولة إذا كان ذلك بهدف الصالح العام؟
لا يدرك هؤلاء أن إيمانهم بهذا المنطق الذي اتخذه من قبلهم سبيلا لراحة الضمائر هو أكبر طريق نحو هدم الدولة ـ بفرض وجودها أصلا في حالتنا ـ فالدولة الحديثة لا تحتاج إلى أن يتحول كل مواطن إلى مخبر من أجل الحفاظ عليها، بل تمتلك من أجل حماية مواطنيها أجهزة أمنية مدربة وفعالة وكفئة، وفي نفس الوقت لا تترك هذه الأجهزة تسرح وتمرح على هواها، بل تكفل وجود آليات رقابية تقيّم أداءها وتطوره وتحاسبها على انحرافها وتقصيرها إن حدثا، أما الدول المتخلفة وإن اختبأت خلف قشرة الدولة الحديثة، فهي بزعم الحفاظ على الأمن تحول الأجهزة الأمنية إلى دولة داخل الدولة، ثم يتحول كل جهاز من هذه الأجهزة حسب قربه من قائد الدولة إلى دولة أكثر قوة أو بطشا، وتحت شعارات حماية الوطن من الأعداء والحفاظ على استقلاله ووحدته.
بالطبع تعمل كل هذه الأجهزة دون ضابط ولا رابط، فتخلق بين عموم المواطنين يقينا أن موقعك داخل الدولة يحدده رضا أجهزة الأمن عنك وعلاقتك الوثيقة بأي من مسئوليها أو منتسبيها، وهنا تتراجع أهمية الكفاءة والمعرفة والإجتهاد، لصالح العلاقات والوسايط والمحسوبيات، ولذلك لا يجد المواطن غضاضة في أن ينسى دوره الرئيسي في الموقع الذي يعمل فيه، ليلعب دور المخبر على من حوله أيا كانوا، دون أن يشعر بأدنى ذنب، لأنه يحمي الوطن، معتبرا أن ما يقدمه له الوطن من مكاسب وامتيازات لقاء هذا الدور، ليس سوى رد جميل له لكي يدفعه لتجويد عمله أكثر، ولأن هذا المواطن في البدء والمنتهى بشر له أخطاؤه وتحيزاته، ولأنه لا يوجد من يراقبه ولا يحاسبه، لا هو ولا المسئولون عنه في الأجهزة الأمنية، فإن مهمته الوطنية المفترضة تتحول غالبا إلى وسيلة لتصفية الحسابات وخلق التربيطات، لكن ذلك لا يلفت انتباه أحد من المسئولين عنه، لأن ما يهمهم أكثر هو أن يثبت ولاءه بالانتظام في تسليم التقارير، وكلما كانت هذه التقارير عن أقرب الناس إليه من أهل وزملاء وجيران وأصدقاء كلما أثبت ولاءه أكثر فتوجب ارضاءه أكثر.
ضع هذا كله في بالك ونحن نواصل تصفحنا لكتاب الدكتور حمادة حسني (عبدالناصر والتنظيم الطليعي السري) وتعال نتأمل المزيد من عناوين تقارير أعضاء التنظيم الطليعي السري التي كانت تصل إلى مكتب جمال عبدالناصر شخصيا، وضع نفسك مكان عبدالناصر وتخيل كيف يمكن أن يتصرف رئيس تصله تقارير من كبار مثقفي البلاد ومن مغموريها أيضا، عن كل شيئ يجري في البلاد مهما كان تافها، وعن كل شخص له نشاط من أي نوع سواءً كان مشهورا أو مغمورا، مواليا له أو معارضا أو محايدا مجهول الموقف، خذ عندك على سبيل المثال هذه التقارير التي تتركز في الفترة ما بين عامي 1965 وما قبل هزيمة خمسة يونيو 1967: 
مذكرة حول نشاط أحمد سعيد مدير صوت العرب (كونه من أهم أصوات نظام عبدالناصر لم يمنعه من التجسس عليه) ـ مذكرة عن موضوع إشكال عبدالحليم حافظ مع أم كلثوم بخصوص حفلة 23 يوليو 1965 ـ مذكرة بشأن نشاط الإخوان بالدقهلية ـ مذكرة بشأن نشاط الإخوان بأسيوط ـ مذكرة بشأن نشاط الشيوعيين بالدقهلية ـ مذكرة حول سلوك مدكور أبو العز محافظ أسوان من حسين أبو الحسن جاد وسعد الدين محمد مدني عضوا التنظيم ـ مذكرة عن نشاط الإخوان في بعض قرى بني سويف ـ مذكرة عن نشاط المدرسين المصريين من الإخوان الموجودين في قطر ـ مذكرة من محمود العالم عن الهتاف العدائي لمرضى مستشفى الصدر بالجيزة ـ مذكرة معلومات عن جماعة الخروج في سبيل الله تنتمي إلى جماعة الإخوان مقدمة من محمود سامي العفيفي ـ مذكرة عن برنامج مواجهة الإخوان في الجامعة ـ مذكرة مقدمة من إبراهيم الشهاوي حول تصرفات مصطفى البرادعي نقيب المحامين إزاء موضوع الإخوان المسلمين (بالمناسبة هو والد الدكتور محمد البرادعي فتأمل سخرية القدر) ـ تقرير عن أسماء بعض الإخوان المسلمين من نابلس وتأشيرة السيد الرئيس لسامي شرف "كل من يثبت أنه من الإخوان يرحّل" ـ مذكرة حول قصة نجيب محفوظ "ثرثرة فوق النيل" ـ مذكرة عن أحد الأفراد يقوم بجمع تبرعات لأسر المعتقلين.
في نفس الفترة ستجد تقارير أخرى عن: محاولة مريبة لتنظيم في الإسكندرية ـ تقرير حول مسرحية "الفتى مهران" ـ مذكرة من أدهم جمال هدايت بشأن إيفاد طلبة مغتربين إلى أمريكا للدراسة في المدارس الأمريكية ـ تقرير علي الراعي حول مسرحية "الشبعانين" ـ تقرير مقدم من صلاح زكي وميشيل كامل وراجي عنايت وسعد كامل وصلاح حافظ (مجموعة أحمد فؤاد) بشأن تعيين جلال الحمامصي مشرفا عاما على التحرير بأخبار اليوم ـ رسالة واردة من مواطن يزعم فيها أن الإنتهازيين والمنحرفين يسيرون دفة الأمور في الأمانة العامة للإتحاد الإشتراكي (لم يتم اتخاذ أي اجراء بخصوصها والله أعلم ماذا حدث للمواطن نفسه) ـ معلومات عن العناصر الشيوعية الموجودة بمصانع الغزل والنسيج ـ تقرير من المخابرات العامة بشأن قيام علام محمود علام بالتخلص من أرضه الزراعية ـ تقرير مقدم من الدكتور توفيق حسين عن محادثة تليفونية بينه وبين الدكتور محمد حنفي الدين أبو العز (تخيل معي أستاذا جامعيا ينهي مكالمة ليقوم بكتابة تقرير عنها) ـ تقرير مقدم من جمال بدوي عن اتصالات حول تشكيل شيوعي ـ تقرير عن تصرفات المهندس أحمد محرم ـ مذكرة حول ما يتردد عن عبدالحميد غازي مقدمه محمد عبدالغفار ـ مذكرة عن مسرحية "بير السلم" ـ مذكرة بما يدور بين الرأي العام عن شراء زكريا محيي الدين نجف بألف وسبعمائة جنيه ـ معلومات من أفراد يعملون بمصنع صباغة الخيوط بالوايلي (موقع خطير للغاية كما تعلم!) ـ تقرير حول تعليمات كنسية للمسيحيين بعدم تنظيم الأسرة مقدمه أحمد كامل ـ تقرير من جمال بدوي عن تصرفات رأسمالية مريبة ـ تقرير من جمال بدوي عن الإقطاع بقرية القشيش مركز شبين القناطر.
في موضع آخر ستجد تقريرا يحمل عنوان (تقرير عن نكتة وتعليقات تمس النظام)، لاحظ هنا أن عبدالناصر لم يكن يتعامل بأريحية مع النكت التي تقال عنه والتي كان يجمعها له جواسيس تنظيمه السري، فهو الرئيس المصري الوحيد الذي خرج علنا في خطاب ليهاجم النكت التي يطلقها المصريون على نظامه، فضلا عن انتقاده حتى للكاريكاتيرات الإجتماعية التي كان يرسمها الفنان العظيم حجازي في مجلة (صباح الخير)، لاحظ أن عنوان التقرير يعتبر أن هناك (نكتة وتعليقات) يمكن أن تمس النظام، وربما لو تأملت هذا المعنى لأدركت لماذا توجد تقارير تتحدث عن أشخاص عاديين لا يبدو لنا الآن أنه كان لهم دور سياسي خطير تذكره كتب التاريخ مثلا، لأن الفكرة هنا لم تكن وجود خطورة للشخص من عدمه، بل ضرورة مراقبته سواءً كان مواليا أم معارضا لتكتمل السيطرة على البلاد، لذلك تجد في عناوين التقارير ما يأتي: تقرير بخصوص الصحفي محمد جلال كشك ـ تقرير من كمال الحناوي عن ممتلكات كمال رشاق ـ تقرير من الطالب حازم حسين عن منظمة الشباب بأسيوط ـ مذكرة من عبدالغفار شكر عن محاولات التهريب للأراضي الزراعية ـ تقرير إلى شمس بدران بشأن العاملين بالقوات المسلحة من عائلة التلاوي والفقي ـ تقرير إلى حسن طلعت بشأن صلة السيدة مفيدة يوسف الفقي بعائلة الفقي من عدمه ـ تقرير عن سلوك محمد كمال الدين دسوقي ملاحظ مباني بإدارة الأشغال وانحراف اتجاهاته السياسية إخوان مسلمين ـ مذكرة معلومات حول ما يجري في مدرسة السنية الثانوية عن نشاط سياسي مريب إخوان مسلمين ـ تقرير من صلاح حافظ حول تقرير للدكتور عبدالقادر حاتم ـ تقرير إلى شعراوي جمعة بشأن كشوف أسماء معادية من موظفي الدولة والقطاع العام مطلوب فصلهم واعتقالهم ـ تقرير عن الدكتورة فوقية حسن محمود ـ تقرير مقدم ضد الدكتور محمود عبده بمؤسسة الدواجن بأسيوط ـ مذكرة من جمال هدايت بشأن انحرافات فكري فرج الأخصائي الاجتماعي بمدرسة إسماعيل القباني الثانوية ـ تقرير عن التنظيم السري الجديد للإخوان المسلمين بمركز منوف ـ تقرير عن نشاط للتنظيم الشيوعي بمركز بيلا كفر الشيخ ـ تقرير بشأن نشاط شيوعي بكلية الحقوق بالإسكندرية ـ تقرير عن تصرفات حمزة الشبراويشي صاحب شركة الشبراويشي ـ تقرير عن مجلس الكنائس العالمي والإنحرافات بجريدة وطني ـ تقرير بشأن أعضاء التنظيم الطليعي الذين تم إيفادهم للحج سنة 1967.
ضع نفسك مكان قائد البلاد وأنت ترى المئات من هذه التقارير تتدفق عليك كل يوم من رجال اخترتهم بنفسك ومنحتهم كافة الصلاحيات لكي يكونوا هم عيونك وآذانك التي ترسم حركة أذرعك الباطشة وقبضتك الساحقة، ألن تشعر عندها بالرضا عن النفس لأنك تقود دولة قوية عفية لا يتسرب إليها الوهن أبدا، هل يمكن أن يخطر على بالك في ظل لحظة انتشاء كهذه أن تلك الشبكة التي قمت بتشكيلها للسيطرة على الدولة ليست سوى شبكة عنكبوتية تصطاد الضعفاء وعاثري الحظ، لكنها ستنهار على الفور إن هوت عليها يد ثقيلة؟، وهو ما حدث للأسف الشديد عندما اجتاحت اسرائيل سماء مصر وأرضها، لتسقط كل الأكاذيب التي عاش عليها المصريون طيلة عقدين من الزمان، فيكتشفوا أن البلد لم تكن مؤمنة من الأعداء الذين امتلأت سجونها بهم حتى الثمالة، لكن هل أدرك جمال عبدالناصر بعد تلك الهزيمة المريرة أخطاء دولته الأمنية المدعومة بتنظيمه الطليعي السري؟، هل قام بتغيير طريقته في التعامل مع الواقع المهترئ الذي أنتجه؟، للأسف لم يحدث ذلك أبدا، ودعونا لكي نحكم على ذلك نواصل قراءة عناوين بعض الوثائق التي رصدها الدكتور حمادة حسني في كتابه (عبدالناصر والتنظيم الطليعي السري) مركزين على الفترة التي أعقبت الهزيمة مباشرة:
ـ 13 يونيو 1967 : تقرير إلى سامي شرف حول ما يتردد في الأوساط الصحفية (لاحظ أن من كتبوا التقرير ليسوا جهازا أمنيا بل صحفيون يتجسسون على بعضهم).
ـ مذكرة معلومات بتاريخ 18 يونيو 1967 عن اعتقال بعض الشيوعيين بالجهاز المركزي للمحاسبات (كأن الشيوعيين كانوا سبب وقوع النكسة وليس عبدالناصر وقادته الذين سلم لهم حبل البلاد على الغارب).
ـ 29 يونيو 1967: تقارير حاتم صادق ـ زوج ابنة عبدالناصر ـ عن الدكتور حسين كامل بهاء الدين.
ـ 11 يوليو 1967: تقرير عن مصطفى كامل مراد عضو مجلس الأمة.
ـ 24 يوليو 1967: تقرير من الدكتورة فوقية حسين لسامي شرف حول زيارات سيدات القاهرة.
ـ 26 يوليو 1967: معلومات عن ضابط الجيش من محمود أمين العالم.
ـ 13 سبتمبر 1967: مذكرة بمعلومات من محمود العالم عن أخبار اليوم.
ـ 12 فبراير 1968: تقرير من نبيل نجم بخصوص محمد عامر زهار.
ـ 6 مارس 1968: تقرير عن ترشيحات شرق القاهرة وسجل عن بعضهم بأن لهم نشاط شيوعي وإخواني ومعزولين.
ـ 23 مارس 1968: مذكرة حول تعيين محمود أمين العالم رئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم.
ـ 26 مارس 1968: تقرير عن النشاط الطلابي في كلية العلوم بجامعة القاهرة.
ـ 29 مارس 1968: تقرير عن الدكتور ممدوح الموصلي.
ـ 16 مايو 1968: محضر اجتماعات مجموعة عبدالله إمام.
ـ 19 مايو 1968: تقرير معلومات عن كسر سرية التنظيم بشركة مصر للمستحضرات الطبية.
ـ 16 يناير 1969: تقرير من الصحفي سامي داود عن البرنامج التليفزيوني الكاميرا إدراك.
ـ 28 يناير 1969: تقرير عن اتصال السيد أنور السادات بمحمود أمين العالم وإبلاغه استلام إحسان عبدالقدوس للعمل في أخبار اليوم.
ـ 11 مايو 1969: تقرير مقدم من محمود أمين العالم فيه معلومات متفرقة.
ـ 15 سبتمبر 1969: مذكرة بمعلومات عن إعفاء محمود العالم من أخبار اليوم.
نكتفي بهذا القهر ونكمل في الأسبوع القادم بإذن الله بعيدا عن استعراض عناوين باقي التقارير لنستطلع بعض تفاصيلها المفزعة، ونرى أيضا كيف أسهمت عقلية تحويل المواطنين إلى جواسيس في تخريب السلطة القضائية بشكل لم تنج منه مصر أبدا حتى الآن.

عبدالله خليل شبيب يكتب: الدواعش كثيرة

يلاحظ الكثيرون ..أن هنالك من تصرف بحماقات أكثر مما تصرفت داعش ..ومع ذلك لم يحشد لها مثل هذه الحشود!!
فهل ما يحدث في فلسطين وسوريا.. أو العراق ..أو بورما ..- وأمثالها .. قتل وتدمير وتنكيل مباح؟..
ألا يستحق الذين يدمرون المدن والقرى تدميرا شاملا ويبيدون أهلها – كما يجري في سوريا - إلا يستحقون أكثر مما يستحق مجانين داعش ؟؟!
..وهل تدمير المدن فوق رؤوس سكانها المدنيين ..وقتل مئات الألوف من الأطفال والنساء والعزل الأبرياء.. وما يشهده العالم من جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية – على مقاييسهم- ..كل ذلك لا بأس به ..ولا يستدعي تحريك الفصل السابع والضربات الجوية ..التي تخفف من قتل المدنيين وتدمير كل شيء حتى وسائل ورجال الإسعاف والمساجد إلخ ؟!
أيهما أبشع وأشنع؟..قطع الرؤوس أم ثقبها وثقب الصدور والعيون للأحياء بالثواقب الكهربائية[ الدرل] كما يفعل بعض الروافض الصفويين التكفيرييين..؟
وهل قطع رؤوس أفراد أو فرد أوعشرات أو مئات ..أفظع من تدمير المنازل والمباني فوق رؤوس الآلاف ومعظمهم أطفال ونساء ..ومدنيون .. وليسوا مسلحين ولا محاربين ولا جواسيس.إلخ وإبادتهم بالجملة بالكيماوي كالحشرات؟!
.. بل هل جرائم الإبادة بالطائرات أيا كانت .. مسموح بها ..وغير مسموح بعشرها أن يقتل الإنسان بطرائق بدائية غبية ..خصوصا وأن القتلة المشيوهين يصورون جرائمهم ..وينشرونها على الملأ ليتعمدوا الإساة للإسلام والخلافة وتشويههما والتنفير منهما؟
.. لانزال نضع علامات الاستفهام والاعتراض والاتهام على داعش وأمثالها ..لما يخالفون به صريح الشرع وظاهره ..ولما ينشرون من جرائمهم القبيحة التي يريدون أن يشوهوا بها الإسلام ..مع أن خصومهم ..لا يقصرون في[ زيادة ] تشويههم..وإثارة الناس ضد الإسلام – عبرهم-!!
..ولكننا نرى – بوضوح – أن الضربات الجوية :
1- لم تؤثر كثيرا في داعش
2- وأنها قتلت من المدنيين أكثر مما قتلت من المحاربين!
3- وأنها لم توقف تقدم داعش في كثير من المناطق بل زادوا تقدما وانتصارا!
4- ..وأنها رفعت أسهم داعش كثيرا جدا ..حتى بتنا – أكثر الأحيان – وغيرنا – نتردد في انتقادها ..وحتى تعاطفت معها كثير من الجماهير ..وأعلنت الانضمام إليها – خلايا وفلول ..في مناطق عديدة!
5- وأن الضربات لم تقتصر على داعش فقد ضربت فئات إسلامية أخرى
6- وأن أي تحركات أو ذخائر أو خسائر جراء الضربات مدفوعة الثمن بالكامل – وبتقديرات مبالغ فيها من عبيد معروفين مأمورين مليئين!!
6- وأن كل – أو جل ما يستهلك ويدمر من سلاح وسيارات ومعدات وغيرها .. يرجع بالمليارات على الغزاة ..لأنهم مصدر معظمها !!!
7- يحتارون في إطلاق اسم على عملياتهم..ونحن نريحكم ..سموها [الحروب الصليبية للتحذير من التفكير في إقامة دولة أوخلافة إسلامية]!
لا زلنا عند رأينا في رفض التدخلات الأجنبية ..وإبادة الطائرات الاستعمارية وحلفائها لمزيد من المسلمين بحجج – هم – أي المستعمرون – أوجدوها واخترعوها!
ولو كانوا يريدون الحق لتدخل بعض الطيران العربي – بقرار من الجامعة العربية – مثلا- ليوقف حمام االدم والتدمير الوحشي لشعب سوريا والعراق وغيرهما!..؟ إذن لما انتشرت داعش بل لما ظهرت أصلا! فهناك معالجة جذور البلاء وأصل الداء ..فما دام هنالك ظلمة وفاسدون ولصوص قتلة سفلة ..يحق للشعوب أن تثور – بأي شكل مهما عنف- لتدافع عن كراماتها وحرياتها وأعراضها ! ولكل فعل رد فعل مساو له في القوة مضاد له في الاتجاه ..كما تقول القوانين العلمية .
ويتساءل الكثيرون: إن داعش ليست وحدها في الميدان ..وأن هنالك عصابات كثر تفعل كما تفعل داعش وأكثر وأبشع- وإن لم تصوره ولم تنشره .. ولكن بعض هيئات حقوق الإنسان توثق بعضه وتوصله للأمم المتحدة مباشرة ..!! فلماذا لا تضم تلك العصابات للتحريم والتجريم والعقاب الدولي ؟..
هنالك تحو 12 عصابة عراقية – تعمل في قتل الأبرياء في العراق وسوريا ..وكذلك حزب الله الطائفي المتطرف الذي انضم منذ زمان إلى قتلة الأطفال والنساء ومميتي الآلاف تحت التعذيب [ بمعدل 4 يوميا يموتون تحت التعذيب ] في سجون عصابات البعث النصيري في سوريا ..وكم ذبح الروافض من أطفال المسلمين عمدا .. وتحت مزاعم وأحقاد الانتقام؟!
الخلافة الراشدة الحقة المحقة قادمة لا محالة ! :
.. تكرر قول الغزاة ..أن العمليات الجوية لا تكفي للقضاء على داعش ! وماذا تعمل داعش أوعشرة أمثالها إزاء إجلاب عالم الكفروالنفاق عليها؟
ولا يفوتنا أن نقول ..ونذكر : إن من الغباء الاعتقاد بأن القضاء على فكرة .. يكون بالقضاء على حامليها أو أصحابها ! كما يجرب العميل السيسي بأوامر أسياده الصهاينة ..وبالتعاون مع أمثاله من عبيدهم!!مع أنه – وآمروه – لا يمكن أن يجهلوا أنها ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها المشبوهون والعملاء القضاء على الحق وفكرته وعقيدته واتجاهه!
إن المسلمين جميعا يتوقون إلى عودة خلافتهم ..وذلك أمر حتمي بشر به الله في كتابه ..وبشر به نبيه العظيم عليه أفضل الصلاة والتسليم ..ومهما تآمر المتأمرون واعتدى المعتدون ..وحشد الحاشدون ..وافترى المفترون ..وشوه المشوهون .. فإن الخلافة قادمة .. قويةً عظيمة ؛ معتدلة عادلة؛ منصفة فاضلة ؛ متحضرة إنسانية – مكرمة للإنسان ( ولقد كرمنا بني آدم) وليس المسلمين وجدهم! .. رحمة للعالمين ..وتخليصا للإنسانية من براثن تجار الحروب وسفاكي الدماء والفاسدين المفسدين وناهبي أقوات الجياع ..ومحتكري الخيرات والسلطات..إلخ
( والله غالب على أمره)!..( إن الله بالغ أمره)

الإعلام العربي : قطع رأس الحقيقة..فاسدون يتقمصون دور خبراء ومختصين!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل
لو كنت رسام كاريكاتور سياسي لرسمت العربي مسلح بفضائيه او وسيله اعلاميه وذخيرته اخبار في اخبار فيما يحمل على ظهره وخسره حزام مليئ بالخبراء والمختصون الذين من المفروض ان يرسموا لجمهور المشاهدين والقراء والمستمعين خارطة طريق فهم الاحداث وتفسيرها في محاولة مساعدة هؤلاء " الغلابه" على فهم ما يدور حولهم وبالاضافه للمختصين نشأت شريحه من الاعلاميين من انشأوا لهم مواقع الكترونيه في الوطن او المهجر وجمعوا حولهم جيش من المعقبين على كتاباتهم الى حد ان اكثرية هؤلاء المعقبين لايقراون فحوى مقالة " فارس الكلمه" ويمطرونه بالمديح في ظل غياب الراي الاخر بالكامل بمعنى ان الراي الاخر ان وُجد لا يُنشر رايه حتى لا يؤثر على قدسية مصداقية هذا الكاتب المغترب او ذاك في وسيلة الاعلام هذه او تلك وهذه المصداقيه لا علاقه لها بالموضوعيه ولا ببناء وعي الانسان العربي لابل لها علاقه بزيادة رصيد هذا الكاتب من المعقبين والقراء اوزيادة عدد المشاهدين لهذه الفضائيه او تلك وبالتالي المراقب لمزاج القراء والمتابعين والمشاهدين الغلابه يلحظ ان ثقافة مديح الحاكم والبلاط امتدت الى جميع وسائل الاعلام العربيه وتجلت في مديح هذا الكاتب او الشخص التي صنعته فضائيات السلاطين واخرجته للعامه كخبير ومختص بهذا الشان او ذاك رغم انه ليس ذلك وفي اكثر الاحيان يكون سليل ثقافة هذا النظام العربي او ذاك او سليل هذه المؤسسه او تلك في منظومة الانظمه العربيه الفاسده..معنا من بيروت ومعنا من لندن ومعنا من الرياض ومعنا من عمان الخ الخبير فلان او علان سمفونيه تعود عليها المشاهدين للفضائيات العربيه وهذه السمفونيه خلقت جمهورها ووجدانها الخاص حين تطرح او تعرض الفضائيات او وسائل الاعلام الاخرى هذا الشخص او ذاك كخبير دون التطرق لخلفيته السياسيه او موقعه في هذا النظام الدكتاتوري العربي او ذاك ليقوم الاخير بدوره تمرير فكر الفساد والتضليل الاعلامي على مراى من جمهور عريض من الشعوب العربيه واللافت للنظر ان بعض المغتربون العرب الذين يزعمون " الفهم والوطنيه" يكتبون لجمهورهم: اكتب اليكم من هذه العاصمه العربيه او من بنت خالتها من عواصم عربيه اخرى وهذا الفهمان التضليلي لا ينشر في موقعه ولو مقال واحد ناقد لانظمة الهلاك والفساد العربي ويترك فقط المواضيع العائمه على شبر ثقافه زائفه تمر وتذهب للنشر لابل كما هو حال مدرسة الفساد الاعلامي العربي هذا " الفهمان الدونكيشوتي" يترك اصدقاءه يعتلون قائمة المقالات والكتابات لعدة ايام على الصفحه الاولى بينما يضع الاخرون في اسفل القائمه فيما هم في الحقيقه افضل كتابيا وموضوعيا من الصديق المفضل لهذا الناشر البهلوان..؟


...ناشر يستهتر بعقول القراء من جهه وبالقاب الكُتاب من جهه ويفضل عليهم صديقه من جهه ثانيه وبالتالي هذه ظاهره ثقافيه دونيه منتشره في المواقع الالكترونيه لبعض الصحف والصحف الالكترونيه التي تصدر من لندن وغيرها من عواصم الحكام العرب..صحف ومواقع الاغتراب العربي تحولت الى اذرعه لنشر ثقافة البلاط العربي ونشر البطولات" الدونكشوتيه" لهذا المحرر او الناشر الذي يفتخر بعلاقته مع الانظمه ويسرد الامر كبطوله والمهم ان يكون جيش المعقبين بخير والبطل اللتي خلقته فضائيات البترول بخير...بطل الى حدود نقد هذا النظام العربي او ذاك...هنا تنتهي البطولات ويقوم البطل المزعوم بالتهميش والتعتيم على المقالات الناقده مثلا للنظام السعودي وتبعيته للسياسه الامريكيه.. لا ينشرها خوف من سيده واسياده الذين يضمنون له تكرار زيارة العواصم العربيه والكتابه لجمهوره:اكتب اليكم من عمان او الرياض او القاهره...ياحيف.. لا فلسطين حررنا ولا ثقافه وطنيه صنعنا ورقاب الشعوب العربيه ما زالت تعيش في ظل المقاصل والسيوف الحاده في حين يقوم جيش من الاعلاميين الفاسدين والخبراء والمختصون المزعومين بحرث العقل العربي وحرفه عن مسار الوعي نحو تبجيل الحكام والفاسدين و الاشخاص و الكُتاب والخبراء المزعومون التي تستضيفهم وسائل الاعلام العربيه سواء المرئيه منها او المكتوبه او المسموعه.. هنالك ظاهرة تهميش وتعتيم على كثير من الكُتاب والمختصين الوطنيين الحقيقيين في العالم العربي بينما يظهر الاعلام العربي وعلى راسه فضائيات السلاطين صناعاته من كُتاب ومختصين يلائمون مساره الاعلامي البلاطي ليصبحون نجوم الاعلام ونجوم المرحله.. خليط من الكتاب الاسلامويون والعلمانيون والفرانكفونيون انضموا لفضائيات السلاطين وساهموا ويساهموا في تضليل الراي العام العربي بما يتعلق بمصير الشعوب العربيه الى حد تبرير وتمرير التدخل والعدوان الغربي على الاوطان العربيه...هؤلاء هم دواعش اعلام البلاط العربي...سبحان الله..داعش البعبع صنع تحالف عالمي ضخم مضاد له بينما لم يجد اطفال غزه احدا يتحالف معهم او ينصرهم حين قطَّعت القنابل الامريكيه الاسرائيليه اجسادهم اربا اربا...اطفال ونساء العراق وسوريا يُذبحون ويُسلخون منذعقد من الزمن والمجرمون طليقون واحرار ويتحالفون مجددا فيما بينهم لقتل وتشريد ما تبقى من عرب سوريين وعراقيين..!!


الاستبداد والفساد توأمان ولدا تاريخيا من رحم واحد لكن الاخطر من خطير ان يصبح الفساد والاستبداد ظاهره ثقافيه اعلاميه دورها الحفاظ على كينونة الجهل والتضليل بهدف تبجيل الانظمه الفاسده والخائنه ومشتقاتها من فاسدون يتقمصون دور الخبراء والمختصون ويبجلون افعال الانظمه في وسائل الاعلام المختلفه لابل يعيدون تاهيل قصة" لورانس العرب" من جديد بحجة " داعش" وعرب لورانس الجدد هم نسخه طبق الاصل من عرب لورانس القدامى ولورانس يعيد قصته كامله من خلال تحويل الغرب العرب والاكراد الى جنود مرتزقه يحاربون في صفوف تحالف غربي هدفه النهائي بالتأكيد ليس داعش وحرب الثلاثون عاما القادمه لابل هدفه تقسيم العالم العربي من جديد وإطالة عمر حكم طال عمره في الجزيره العربيه والخليج العربي...الفاسدون اللذين يتقمصون دور الخبراء والمحللين والمختصون في الشؤون الدوليه والعربيه يسوقون التحالف الغربي والعربي الرجعي كضروره ضد " داعش" ولا يتطرقون لمساهمة انظمة الدواعش العربيه في خلق تنظيم داعش ولا حتى لهذا التحالف الامريكي الغربي الذي هو اصل كل المصائب والمأسي في المشرق والمغرب العربي.. الامانه الاعلاميه اصبحت اكبر خيانه في العالم العربي حين يحارب الاعلام اصحاب الاقلام والضمائر الحره والنظيفه واصحاب المبادئ ويترك الملوثون يلوثون العقول العربيه ويبررون خيانة الحاكم العربي الذي يعيش داخل المحميات الامريكيه في الوطن العربي..الفضائيات العربيه وعلى وجه الخصوص الخليجيه خلقت نجومها وخبراءها ومختصونها المزعومون بمقومات ومعطيات تناسب الخط الاعلامي التخديري والتضليلي اللتي تنتهجه هذه الفضائيات ولُب هذا النهج عدم نقد الحكام والتعرض لهم في الاعلام والامر نفسه يجري على المواقع الالكترونيه التابعه لهذه الفضائيات او التابعه لمشتقات هذه الفضائيات كالمواقع العربيه التغريبيه الصادره في لندن..عطيوه الصحفي"الكومي" وبشيره المفكر " العريبي"هم قصة كذاب لندن وكذاب الدوحه ومثال على ارتزاق المرتزقه بمرتزقه تتطرق لكل شئ ماعدى جلالة الملك وسمو الامير وفخامة الرئيس..نسيوا فلسطينهم في هيعة الشهره والمجد!...فاسدون يضللون الشعوب لا يتعرضون للحكام الخونه لا من قريب ولا من بعيد...خبراء عسكريون مزعومون خريجي مدارس جيوش الهزائم العربيه يخرجون بإخراج خاص للمشاهد العربي.. ومعنا من بيروت او عمان الخبير العميد المتقاعد ابو هزيمه... وظيفتهم تحليل الاهداف والمناطق العربيه المرشحه للقصف الامريكي والغربي..قصف وقتل وتشريد ملايين العرب مش مهم..صار امر عادي والمهم والاهم هو تحييد ونترلة العقل والوعي العربي الى حد قبوله قسريا بشرعنة ذبح فلسطين وشعبها من جهه وقبول وتقبل العدوان الغربي على سيادة الاراضي العربيه من جهه ثانيه وتحضرني في هذه الاثناء هذه المفارقه الهزليه وهي ان الجيش اليمني وبدلا من تحرير صنعاء قام بإلباس الحوثيين الزي العسكري اليمني حتى يبدو كجنود يمنيون في شوارع صنعاء؟...غدا سيجلبون للمشاهدين العرب خبراء عسكريون من هكذا جيش؟؟


نحن لا نعتقد ان تسلل وتغلغل الانتهازيون والبلاطيون والجهله الى دوائر وصفوف ما يسمى بالخبراء والمختصين دون حملهم المؤهلات اللازمه لهذا الدور كان محض صدفه لابل ان الامر مدبر ومفبرك بفبركه مشتركه بين وسائل الاعلام العربيه وهؤلاء الفاسدون سليلي وخريجي مدارس البلاط المناط بهم دور تحييد الشعوب العربيه وترويضها وترسيخ شيم الجبن والخنوع الى حد القبول بالعدوان الخارجي عليها بمؤازره من الحكام والطغاه العرب..هؤلاء الخبراء المخبرون يقدمون للمشاهدين والمستمعين العرب كخبراء وهم في الحقيقه نماذج سيئة الذكر وعاشت في ظل انظمه فاسده وكجزء لا يتجزأ من منظومة الفساد والديكتاتوريه ...خبراء في صفوف الثورات الرجعيه المضاده كانوا اصلا معارضين لثقافة الديموقراطيه يأخذون دور الخبير والمختص والملم في الامور اللذي يتكلم للشعوب العربيه عبر الفضائيات ونشرات الاخبار والبرامج الحواريه.. الصنف الاخر هم الخبراء العرب المغتربون ويعيشون في الغرب الذين يبحثون عن موطأ قدم في الوطن العربي عبر الفضائيات وهؤلاء يعيشون البحبوحه والحريه في الغرب وينظرون ويروجون لعكسها في فضائيات السلاطين..الصنف الاخطر من خطير هو صنف ما يسمى بالخبراء والمختصين الامريكيون والغربيون بشكل عام فهم سفراء الامبرياليه الغربيه في الاعلام العربي ودورهم مكمل لاصدقاءهم" العرب" في عملية تضليل وتخدير عقول ووعي الشعوب العربيه...هؤلاء يتحدثون للشعوب العربيه وكأنهم قطيع غنم ؟..بمعنى انهم يتحدثون عن المعارضه الرشيده والحكم الرشيد وعن ضرورة تصدي الاكراد والعرب لداعش على الارض وكأن امريكا والغرب لاعلاقه لهم لا بعيد ولا من قريب بالجاري وما حدث.. ببساطه خبراء ومختصون فضائيات العرب يعفون الغرب وامريكا من اي مسؤوليه ويجعلون منهم مصححي مسار ومقدمي نصائح في كيفية محاربة " الارهاب" الذي هو بطبيعة الحال من انتاج العرب والمسلمين ولا علاقه لامريكا والغرب بهذه الظاهره..!


واخيرا وليس اخرا واذاكانت داعش تقطع رؤوس البشر وامريكا وحلفاءها من عرب الرده يذبحون ويشردون ملايين العرب لكن في نفس المسار والمنوال يقوم الاعلام العربي بقطع رأس الحقائق ومعها قطع راس الوعي والوجدان العربي... الاعلام العربي : فاسدين يتقمصون دور خبراء ومختصون بهدف قطع راس الحقائق وتشويه وعي العرب حول ما هو جاري قي العالم العربي ؟؟!

افتتاحية "نيويورك تايمز": آن الأوان ليدرك العسكر المصري حقيقته

المصدر: افتتاحية نيويورك تايمز (04/10)
ترجمة: إيهاب محمد
اعتاد قادة مصر على تصور المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر البالغة 1300 مليون سنويا كحق أبدي مكتسب مقابل توقيعهم معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979. 
ولم تفعل أمريكا شيئا لتخلصهم من هذه الفكرة. لقد آن الأوان لذلك. عدم تخفيض المساعدات بشكل كبير هذه السنة، عندما تحدد حكومة أوباما خياراتها الصعبة في مصر للسنوات القادمة، سيكون خطأ غير مقبول. 
منذ سيطر عبد الفتاح السيسي على مصر عبر انقلاب في يوليو 2013 عادت البلاد لماضيها التسلطي، بما في ذلك اعتقال الخصوم السياسيين وإخراس الناقدين وتشويه الإسلاميين السلميين.
يقبع قادة الإخوان المسلمين، التي أصبحت الحركة السياسية الرئيسة في مصر بعد ثورة 2011، في السجن متهمون ظلما بأنهم إرهابيون...
مصر اليوم أكثر قمعية في نواحي كثيرة مما كانت في أحلك فترات حكم المتسلط المخلوع حسني مبارك. فقد قمعت حكومة السيسي المظاهرات وشددت القيود على وسائل الإعلام الحكومية وإضطهدت الصحفيين.
وسيشدد قانون جديد ذو صياغة عائمة العقوبات على الأفراد الذين يتلقون مساعدات أجنبية، لتصبح جريمة عقوبتها السجن مدى الحياة. والقانون الذي يُدعى أن هدفه مكافحة الإرهاب، شبيه بسياسات إستخدمتها الدولة لحظر عمل منظمات مؤيدة للديمقراطية.
أما في سيناء، حيث انتقلت حرب الجيش المصري ضد المسلحين للمناطق الآهلة بالسكان، فتنقل الأخبار استخدامهم دبابات أمريكية الصنع لقصف مناطق مدنية. 
وعندما حاولت منظمة "هيومان رايتس وتش" الإعلان من مصر عن تقريرها بشأن قمع وحشي لاعتصام في القاهرة العام الماضي قتل خلاله أكثر من 900 متظاهر، مُنع ممثلوها من دخول البلاد.
ويبدو أن السيد السيسي الذي جاء للحكم بانتخابات مزورة يظن أن باقي العالم لا يدري عن ذلك شيئا. 
ففي خطابه أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي زعم، بشكل مثير للدهشة، أنه يبني مصرا جديدة "تحترم الحقوق والحريات" و"تضمن التعايش بين كل مواطنيها دون تمييز أو اضطهاد".
نقد المسؤولين الأمريكين كان حتى الآن محدودا، على أساس أن الاحتفاظ بمصر كحليف ولو كان طاغوتيا أفضل من خسارتها. وتاريخيا فهم يقدرون كثيرا أهمية الإحتفاظ بأولوية البحرية الأمريكية في المرور من قناة السويس بسرعة، وبحق الإستخدام المطلق للمجال الجوي للبلاد.
سيتاح للحكومة الأمريكية فرصتين في الشهور القادمة لتصحيح مسارها، وإيضاح أنها لن تقبل بعد الآن بالوحشية.
أولا: يجب على الحكومة الأمريكية التوقف عن السماح للجيش المصري باستخدام النظام المتميز "الشراء تحت الحساب" لشراء المعدات العسكرية. وهذا النظام الذي لا يُسمح باسخدامه إلا لإسرائيل ومصر، يشبه بطاقة الإئتمان، ويسمح للدولة بشراء معدات على أساس أن مجلس البرلمان سيسدد ثمنها لاحقا من المساعدات التي يقرها لهذه الدولة.
ثانيا: يشترط القانون أن يشهد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عند البرلمان قبل نهاية هذا العام أن مصر تسير باتجاه الديمقراطية ليسمح بتسليم عدة شحنات معونة عسكرية طلبتها مصر. 
وكان البرلمان قد أصر على اشتراط هذه الشهادة عندما أقر المساعدات العام الماضي. إذا لم يشهد كيري بذلك قبل نهاية العام، سيوقَف تسليم دبابات وطائرات الأمريكية تقدر قيمتها بـ 650 مليون دولار لمصر. الإجابة الوحيدة المعقولة من كيري هي: لا.
تقدر مصر السلاح الأمريكي، واستمرار التعاون مفيد للبلدين. والمسؤولية على القاهرة لتحصل عليها.

جورج مونبيوت: لماذا نتوقف عند داعش ما دمنا نستطيع قصف العالم الإسلامي كله؟

بقلم: جورج مونبيوت / صحيفة "الغارديان"
2014-10-1 | خدمة العصر
الحجج الإنسانية، إذا ما طبقت على الدوام، يمكن استخدامها لسحق منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
دعونا نفجر العالم الإسلامي - كله - لإنقاذ حياة شعوبه. بالتأكيد هذا هو المسار الأخلاقي الوحيد الملائم؟ لماذا التوقف عند الدولة الإسلامية، ألم يقتل ويعذب النظام السوري الكثيرين؟ وقد كان هذا هو الواجب أخلاقي في العام الماضي، فما الذي تغير؟
ماذا عن تفجير الميليشيات الشيعية في العراق؟ واحدة منها قبضت على 40 شخصا في شوارع بغداد خلال يونيو الماضي وقتلتهم لكونهم سنة. وذبحت أخرى 68 شخصا في مسجد في أغسطس. وهم الآن يتحدثون بصراحة عن "التطهير" و"المحو" بعد هزيمة داعش، حتى إن سياسي شيعي بارز حذر قائلا: "نحن بصدد عملية إنشاء تنظيم قاعدة شيعي مشابه في تطرفه لتنظيم القاعدة السني".
ما المبدأ الإنساني الذي أرشدك للتوقف عند داعش؟ في غزة هذا العام، ذُبح 2100 من الفلسطينيين، بمن في ذلك الأشخاص الذين اتخذوا من المدارس والمستشفيات مأوى هربا من قصف إسرائيل. بالتأكيد هذه الفظائع تتطلب حربا جوية ضد إسرائيل؟ وما هو الأساس الأخلاقي لرفض تصفية إيران؟
أُعدم محسن أمير أصلاني هناك في الأسبوع الماضي لـ"ابتداعه في الدين" (حيث أشار إلى أن قصة نبي الله يونس في القرآن). بالتأكيد يجب أن يكون هذا التصرف (وفقا للقيم الغربية) ملهما لتدخل إنساني من فوق؟ باكستان تصرخ طلبا لقنابل دية: رجل مسن بريطاني من أصل باكستاني، محمد اصغر، الذي يعاني من مرض فصام الشخصية وجنون العظمة، هو، مثل غيره من المجدفين، ينتظر تنفيذ حكم الإعدام هناك بعد أن ادعى النبوة، وقد أطلق أحد حراس السجن النار وأصابه في ظهره.
(ويواصل الكاتب بأسلوبه الساخر التهكمي) أليس هناك واجب عاجل لتفجير المملكة العربية السعودية، وقد قطعت رأس 59 شخصا حتى الآن هذا العام على الجرائم التي تشمل الزنا والسحر والشعوذة؟
وقد قُدمت (أي السعودية) منذ وقت طويل على أنها تشكل تهديدا أكبر بكثير على الغرب مما تمثله داعش اليوم. ففي عام 2009 حذرت هيلاري كلينتون في مذكرة سرية من أن "المملكة العربية السعودية لا تزال قاعدة دعم مالية حساسة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان ... وغيرها من الجماعات الإرهابية".
وفي يوليو الماضي، كشف الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية الخارجية، السير ريتشارد ديرلوف، أن الأمير بندر بن سلطان، شغل إلى وقت قريب رئيس المخابرات السعودية، قال له: "إن الوقت ليس بعيدا في الشرق الأوسط، ريتشارد، عندما نردد حرفيا "كان الله في عون الشيعة". فأكثر من مليار سني لديهم ما يكفي منهم".
ويتهم الدعم السعودي، واسع النطاق، للميليشيات السنية المتطرفة في سوريا خلال فترة بندر بأنه وراء الصعود السريع لداعش، فلماذا ضرب الفرع دون المقر الرئيس؟
الحجج الإنسانية التي سيقت في البرلمان (البريطاني) الأسبوع الماضي، إذا ما طبقت بشكل مستمر، يمكن أن تستخدم لتدمير كامل الشرق الأوسط وغرب آسيا، وهذا يعني أنك يمكن أن تنتهي كل المعاناة البشرية بتحرير شعوب هذه المناطق من أنهار الدمور التي يغرقون فيها.
ربما هذه هي الخطة: باراك أوباما قصف إلى الآن سبع دول إسلامية كبيرة، وفي كل حالة يتحجج بالواجب الأخلاقي. النتيجة، كما ترون في ليبيا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال وسوريا، فهل قضى على الجماعات الجهادية والصراع والفوضى والقتل والقمع والتعذيب...؟

مقال موثق وخطير جدا حول الخطة الأمريكية لإغتيال الأمم


موسى الفقي يكتب: الخطة الأمريكية لإغتيال الأمم

لو تحدث باحث أو مؤرخ عن إمكانية إبادة سكان القارة الكندية المعروفة بـ “الأمريكية”، قبل أن تتم إبادتهم، لأتهم بالجنون، ولما صدقه أحد.
غير أنّ التاريخ يسجل إبادة خُمس سكان كوكب الأرض تقريباً خلال القرن السابع من الألفية الماضية؛ ذلك أنّ سكان قارة من بين خمس قارات دون مبالغة أبيدوا عن أخرهم. حيث لم يتبق منهم سوى مئات الالاف جمعوا في محميات أشبه ما تكون بمحميات كائنات مهددة بالانقراض، بل إنّ هذا النوع من المحميات يمنح في العادة عناية تفوق حتماً العناية بمحميات السكان الأصليين للقارة الكندية “الأمريكية”، والذين تسموا زوراً بالهنود الحمر. تقول الروايات بأنّ السكان الأصليين كانوا يؤمنون بأساطير تتحدث عن ألهة بيضاء تأتي من الشرق تخلصهم من كافة الشرور والخطايا والأرجح أنّ تكون هذه الأساطير من نسج البحارة الأوربيين الذين كانوا يعدون العدة لغزو قارتهم. فكانوا يجمعون الذهب والمعادن الثمينة ليقدموها كقرابين لتلك الآلهة حال ظهورها.
وكافة المؤشرات تشير إلى أنّ أحفاد قتلة سكان القارة الأمريكية، قد وجدوا الفرصة السانحة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، للالتفات إلى بقية سكان الكوكب، وأنّهم يعدون الخطط والسيناريوهات للتخلص منهم كما تخلصوا من سكان القارة الكندية “الأمريكية”.
المستوطنون البيض واغتيال أمم القارة الكندية “الأمريكية”:
تقول الروايات أنّ عدد سكان القارة الكندية “الأمريكية” عند وصول كولمبس للقارة يتراوح بين الـ 90 مليون و112 مليون(1)، أباد جلهم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، وشاركهم في حملات الإبادة بقية المستوطنين البيض، عن طريق استخدام الأسلحة النارية التي لم يعرفها سكان القارة المعزولة، وعن طريق الاسلحة البيلوجية: كالجدري والحصبة، والطاعون والكوليرا، والتيفوئيد والدفتريا، والسعال الديكي والملاريا وغيرها. وكذلك عن طريق الخداع؛ ذلك أنّ المستوطنين الأوائل كانوا ينتزعون أراضي سكان القارة باستراتيجية القضم، وينتزعون معها أرواح ساكنيها؛ حيث قدموا أنفسهم أول الأمر على أنّهم مسالمون وتجار، ويرغبون في الحصول على قطعة أرض، يقيم فيها عدد منهم، ليسافر الأخرون لإحضار السلع الصناعية من بلدانهم الأصلية، ليتبادلوها معهم. وما أن تحصلوا على قطعة الأرض الأولى، حتى صاروا يجهزون لمد سيطرتهم على الأراضي المجاورة، وما أن قدم مهاجرون جدد وتحصلوا على المزيد من الأسلحة النارية، حتى هاجموا السكان الأصليين، وانتزعوا منهم المزيد من الأراضي التي تؤهلهم قوتهم آنذاك للسيطرة عليها، ثم عقدوا معهم اتفاقاً يقضي بعدم الاعتداء، والاكتفاء بما حصلوا عليه من أراضي. واستمروا في ممارسة نفس التكتيك القاضي بأنّهم ما أن يتحصلوا على مهاجرين جدد وأسلحة جديدة، حتى يمزقوا الاتفاق السابق مع السكان الأصليين، ويهاجمونهم طلباً للمزيد من الأراضي. وما أن يتحصلوا على الأرض التي تكفيهم حتى يعقدوا اتفاقاً أخر، ليعودوا لنقضه عند زيادة عددهم وعدتهم، إلى أن أتوا على كامل أراضي القارة وساكنيها. وفي فترات الصلح والسلام مع الهنود يوزعون عليهم هداياهم، المتمثلة في معدات ملوثة بالجراثيم ليقلصوا أعدادهم. ولم يقتصر ممارسة سياسات الإبادة الجماعية لسكان القارة المعزولة، على الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، بل مارسها أيضاً الأسبان في جنوب القارة. ودون القس الأسباني برتولوميو دي لاس كاساس في كتابه “مذبحة الهنود الحمر”(2)، العديد من المذابح الوحشية التي أوقعها الإسبان بالسكان الأصليين في جنوب القارة المعزولة.
ولم تتوقف حملات الإبادة ضد السكان الأصليين حتى تم التخلص منهم نهائياً. حيث تتحدث الروايات عن إبادة 112 مليون إنسان ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب، كانوا يملأون أرجاء القارة الكندية “الأمريكية”، لم يبق منهم في إحصاء مطلع القرن العشرين الماضي سوى ربع مليون، كانوا ضحية حوالي ثلاثة وتسعين حرباً جرثومية، وألاف الهجمات والحروب التقليدية التي شنها المستوطنون البيض بالسلاح الناري وهو ما أدى إلى إستئصالهم من القارة. كتب القائد الإنجليزي العام اللورد جفري أمهرست عام 1736 أمرا إلى مرؤوسه الكولونيل هنري بوكيه يطلب منه أن يجري مفاوضات سلام مع الهنود الحمر، ويهديهم بطانيات مسمومة بجراثيم الجدري من أجل “استئصال هذا الجنس اللعين! “(3)
ومن بين الوقائع الصادمة والجديرة بالوقوف عندها، أنّ السلطات الأمريكية كانت تفرض التعقيم الإجباري على نساء السكان الأصليين للقارة (4) إلى غاية العام 1980 وذلك بهدف إيقاف توالدهم والحد من تزايد أعدادهم. وسندعوا سلسلة الخدائع للسكان الأصليين في القارة الكندية “الأمريكية” بالخدعة الأولى.
خطط ما بعد الاغتيال الأممي الأول:
ما أن تمكن المستوطنون من اغتيال أمم القارة الكندية “الامريكية”، حتى انقلبوا على الامبراطورية البريطانية التي أتوا منها، والتي دعمتهم بالرجال والسلاح والمؤن، وسميت خيانة المستوطنين لأمتهم وإمبراطوريتهم زوراً بحرب الاستقلال! وتصوروا معي ماذا لو قاتل المستوطنون والجنود الفرنسيين، الذين كانوا يحتلون الجزائر امبراطوريتهم الفرنسية ليستحوذوا على خيرات الجزائر، أكان يمكن للعالم أن يقبل تسميتها بحرب الاستقلال؟ إنّها الخديعة الكبرى للأمريكيين، وللامبراطورية البريطانية، وللسكان الأصليين للقارة بل وللعالم. وما أن نجحت الخديعة الثانية حتى بنى أولئك القتلة والسفاحون، الذين كان معظمهم ينتمون لعصابات الجريمة، والذين كانوا يقضون عقوبات في السجون البريطانية – قدر أحد المصادر الذين أرسلوا من السجون بحوالي 50000 سجين- والمغامرون والباحثون عن الذهب والمعادن الثمينة، فيما سموه العالم الجديد، دولة من القتلة والسفاحين، التي ما أن تمكنت من دحر جنود الامبراطورية حتى تفرغ بناتها لبناء القوة ليأتي اليوم الذي يفرغون فيه القارات الأخرى من ساكنيها. وبادروا لتوهم لاستهداف القارة الأفريقية ليحصلوا منها على العبيد والقوى المنتجة، فأرسلوا سفنهم لإصطياد السود، وشحنهم عبر سفن الموت، التي كان فيها السود يقيدون بالسلاسل في أيديهم وأرجلهم ورقابهم، ويجبرون على الأكل بأفواههم كالحيوانات، بل وتلقى أعداد منهم في البحر أحياء، أمّا بسبب المرض، أو عدم الانصياع للأوامر، أو عند تعرض السفينة للغرق بسبب تقل الحمولة، أو بسبب العواصف واضطراب البحر.
غير أنّ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف انتظر هؤلاء القتلة كل هذه الفترة قبل أن يشرعوا في إفراغ قارة أخرى من ساكنيها؟
لقد أدرك هؤلاء القتلة بأنّهم سيدفعون ثمناً باهظاً لاغتيال أمم قارة أخرى، إذا لم يمتلكوا سلاحاً نوعياً يختلف عن اسلحة تلك الأمم، كما كان دور السلاح الناري حاسماً في تمكينهم من اغتيال أمم القارة الكندية “الأمريكية”، وهو ما اكتسبوه عند حصولهم على السلاح النووي، فضربوا به بلاد النيهون “اليابان” حتى دون الحاجة إلى استخدامه، واستخدموه فقط ليقولوا للعالم: إننا سادة العالم الجدد، وإنّ الأمم التي لن تستسلم لنا سيكون مصيرها كمصير النيهونيين “اليابانيين”، غير أنّ امتلاك الاتحاد السوفيتي للسلاح النووي، حال دون أولئك القتلة والشروع في خططهم لتفريغ القارات من ساكنيها والسيطرة عليها.
الاغتيال الاقتصادي للأمم:
ساهم امتلاك الاتحاد السوفيتي للسلاح النووي، في إنقاد سكان الكوكب من مصير السكان الأصليين للقارة الكندية “الأمريكية”، وسكان هيروشيما ونجازاكي. وجعلهم يستخدمون تكتيكات أخرى سماها جون بركنز بالاغتيال الاقتصادي للأمم؛ ركزوا فيه على نهب ثروات العالم، من خلال فرض خطط اقتصادية على البلدان الأضعف تخدم الاقتصاد الأمريكي، وتمنح شركاتهم المتعددة الجنسية السيطرة المطلقة على المشروعات الاستثمارية في تلك البلدان(5). غير أنّه يسجل لحقبة الحرب الباردة ظهور تشريعات أممية تحترم سيادة الدول، وتدعوا إلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما مكن بعض البلدان النامية من تسجيل معدلات نمو هائلة، وأنقذتهم من سياسات الاغتيال الاقتصادي للأمم، والتي تخللتها سياسات اغتيال الحكام الخارجين عن بيت الطاعة الأمريكي، والمعترضين على سياسات الاغتيال الاقتصادي لأممهم، وتدبير الانقلابات العسكرية ضدهم، ولعل أشهر تلك الاغتيالات: هو اغتيال عمر توريخوس رئيس بنما، وأشهر الانقلابات هو الانقلاب على أليندي رئيس تشيلي.
سياسات تعقيم سكان الكوكب:
كشف د. منير العكش أستاذ الإنسانيات واللغات الحديثة، ومدير البرنامج العربي في جامعة سفك في بوسطن في الولايات المتحدة، منير العكش، في كتابه المعنون “أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض(6)، عن وجود خطط أمريكية لتعقيم بعض الأمريكيين ونساء سكان 13 دولة من دول العالم الثالث خلال 25 سنة. وضعت بتوجيه من إدارة الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، والدافع المعلن في تلك الوثيقة هو محاربة الفقر، أمّا الهدف غير المعلن فهو الحفاظ على النقاء العرقي للجنس الأبيض في الولايات المتحدة، والقضاء على النمو السكاني في العالم الثالث. كما كشف الدكتور رايمرت رافنهولت، مدير مكتب الحكومة الاتحادية للسكان التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في العام 1977 عن تورط جامعتي واشنطن وجونز هوبكنز في وضع هذه الخطط، وعن شروع الحكومة الاتحادية في الإجراءات العملية لتطبيقه، حيث رصدت له ميزانية وحددت له الوسائل اللازمة لتعقيم ربع نساء العالم من النساء القادرات على الحمل، وهن آنذاك 570 مليون امرأة (7).
العودة إلى سياسات اغتيال الأمم والتدخل في الشؤون الداخلية للدول:
ما أن انهار الاتحاد السوفيتي حتى تجدد الحلم الأمريكي باغتيال الأمم، وهو ما دعا الليبراليين الجدد، الذين اشتهروا بتسمية المحافظين الجدد، إلى طرح فكرة: “أنّ القرن الواحد والعشرين ينبغي أن يكون قرناً أمريكياً” وهو ما يعني في بنيته السطحية: قرن السيطرة الأمريكية على العالم، وفي بنيته العميقة: قرن اغتيال ما تبقى من أمم في هذا الكوكب! وهو ما شرعت فيه النخبة المسيطرة على الجاه والمال، وصناعة القرار في الولايات المتحدة. وتتنازع صناع القرار والسياسات في واشنطون عقيدتان، فيما يتعلق بخطة اغتيال الأمم: الأولى توفير الظروف المناسبة والمسوغة للحرب على أمم الأرض، تحت شعارات الحرب على الإرهاب، أو نشر الديمقراطية، أو التدخل لأسباب إنسانية، والمسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة في العالم! وما إلى ذلك من المعزوفة النشاز المتسقة مع معزوفة عبء الرجل الأبيض لتمدين بقية الأمم! والعقيدة الثانية: وهي الأخطر، تتمثل في سياسات إشعال الحروب الأهلية والطائفية وتتخذ السيناريو التالي:
1- مساندة المعارضة أعلامياً وسياسياً للإنقلاب على الحكومة الشرعية بحجة كونها دكتاتورية.
2- دفعها للتحشد في الشوارع والميادين للاعتصام والمطالبة بإسقاط الحكومة المنتخبة والشرعية.
3- تدريب عناصر من المعارضة أو عملاء اللمخابرات الأمريكية على أعمال الشغب والأعمال القتالية لتحويل الصراع إلى صراع مسلح.
4- شن حرب إعلامية على الحكومة الشرعية بحجة قتلها للمدنيين وفرض عقوبات غربية ودولية على الحكومة الشرعية.
5- وما أن تصل المعارضة إلى السلطة، حتى يبحث صناع القرار والسياسات في الولايات المتحدة عن معارضين جدد تدفعهم لمقاومة السلطة الجديدة، بحجة فشلها في إدارة الدولة، لتقوم بتسليحها ودفعها لخوض حرب ضد السلطة الجديدة. وهكذا دواليك.
وهذا ما حدث في مصر وتونس، واليمن وليبيا، وهو ما يحدث اليوم في أوكرانيا وفنزويلا وكمبوديا. ودعنا نأخذ مصر كمثال: حيث دعم صنّاع القرار في الولايات المتحدة وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة، ثم تأمروا مع المعارضة والجيش فأطاحوا بالإخوان، ولم يكن ذلك من أجل سواد عيون المعارضة في مصر، بل كان ذلك لمجرد تطبيق سياسات اغتيال الأمم، والقاضي بمحاولة اعداد خط إنتاج لحرب أهلية في مصر، وهذا ما وقع؛ ذلك أنّ الإخوان لن يسكتوا على انتزاع السلطة، التي تحصلوا عليها عبر صناديق الاقتراع منهم بوسائل انقلابية وغير شرعية، ومن هناك فالأجندة لدى صنّاع القرار في الولايات المتحدة ترمي إلى إعادة إنتاج الحالة الجزائرية في مصر، على أسوى الفروض لديهم، وإعادة انتاج الحالة السورية في أحسنها، فلا تتعطل أجندة صنّاع القرار في الولايات المتحدة في اغتيال الأمم! ونذر المخططات الأمريكية تلوح في الأفق في مصر؛ فجماعة أنصار بيت القدس المعادل الموضوعي لكتائب عبد الله عزام، التي أسسها الموساد تحظى بالدعم الأمريكي والإسرائيلي/ ودعم وكلاء الحرب الخليجيين، وبدأت تعيث في أرض الكنانة قتلاً وفساداً.
وإذا انتقلنا إلى سوريا فصنّاع القرار في الولايات المتحدة نجحوا تماماً في بناء خط إنتاج لحرب أهلية وطائفية، قد تستمر لعقود. وتمكن صنّاع القرار في الولايات المتحدة من التظاهر بأنّهم يتبنون سياساتهم الظاهرة والداعمة لحق الشعب السوري في الديمقراطية، وفي دولة دستورية، ومجتمع مدني، واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان. بينما هم يعملون جاهدين على توفير كل الظروف الملائمة لصناعة حرب طائفية، تؤدي إلى اغتيال العرب أو شعوب جنوب شرق المتوسط. فعمل صنّاع القرار في الولايات المتحدة جاهدين على تسهيل إحضار الجهاديين إلى سوريا، وتسليحهم وتدريبهم من خلال وكلاء أعماله في الخليج السعودية وقطر والإمارات، كما حرصوا على السكوت على تدخل حزب الله، إن لم يسعوا إلى جره للمستنقع السوري، والسكوت على تدفق المتطوعين الشيعة لمساندة النظام السوري، وعلى تسليحه من قبل إيران وروسيا، وكل ما من شأنه تحقيق توازن بين طرفي النزاع، ليستمر النزاع إلى أطول أمد ممكن. وبلغة الاقتصاد كل ما يضمن عدم توقف خط انتاج الحرب الأهلية والطائفية في سوريا، من مواد خام ومواد تشغيل وطاقة وموارد بشرية وإدارة إلخ.
وبتعبير أخر فإنّ عين صناع القرار في الولايات المتحدة على ميزان القوى في النزاع الأهلي والطائفي في سوريا فإذا رجحت كفة المعارضة سارعوا إلى الحد من دعمها وأثاروا جدلاً حول مصير السلاح الذي سيمنح لها وإذا رجحت كفة النظام سارعوا إلى التهديد بتوجيه ضربات عسكرية لسوريا وهكذا, وضمن هذا الإطار يأتي رفع العقوبات عن ايران الذي يأتي من أجل أحداث توازن في تمويل الحرب في سوريا: السعودية وقطر لدعم المعارضين، وايران لتمويل ودعم الحكومة السورية. وحتى حين يلوح صنّاع القرار في الولايات المتحدة بالتدخل في الحرب الأهلية السورية، فلا يتجاوزون هدف إعادة التوازن للقوى المتنازعة في الميدان، وبما من شأنه الحيلولة دون توقف خط انتاج الحرب الأهلية والطائفية فيها. كما يعمل صنّاع القرار في الولايات المتحدة على إعادة دوران عجلة الحرب الأهلية والطائفية في العراق، واستمرار دورانها في اليمن، أو الاستعاضة عنها بحرب أهلية بين جنوب وشمال اليمن، وعلى تكرار السيناريو المصري في تونس، وليبيا أو تعزيز النزعات الانفصالية لدى أهل برقة في ليبيا، لإشعال حرب أهلية ليبية حول حقول النفط وموانيه أو حول بقاء البلد موحداً. وكافة هذه السيناريوهات ترمي إلى اغتيال شعوب المنطقة في النهاية ولا ترضى بهدف أدنى من ذلك.
دور المنظمات الدولية في تسويغ الاغتيال الأمريكي للأمم:
استخدم صناع السياسات وصناع القرار في الولايات المتحدة والغرب المنظمات الدولية في العقود التي أعقبت انهيار التوازن الدولي، وخاصة خلال فترة تولي يلتسن لرئاسة الاتحاد الروسي، استخدمتها في تسويغ وإضفاء طابع الشرعية على الأعمال العدوانية للولايات المتحدة والناتو ضد البلدان الأخرى. ففي حين كان القانون الدولي يدين التدخل في شؤون الدول الأخرى، ويؤكد على مفهوم السيادة الوطنية، كسياج يمنع الأمم القوية من غزو الأمم الضعيفة أو التدخل في شؤونها. نزعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى تقويض مفهوم السيادة الوطنية من خلال المنظمات الدولية، فمارسوا ضغوطاً مختلفة لفرض صيغة “حق التدخل لأسباب إنسانية”، بدعوى أنّ مفهوم احترام السيادة الوطنية قد تحول إلى مجرد أداة لحماية الحكام المستبدين الذين يسيئون لشعوبهم من العقاب الدولي(8).
الدور الروسي المطلوب أمريكياً:
استراتيجة اغتيال الأمم تقتضي وجود قوة منافسة للولايات المتحدة؛ ذلك إنّ إشعال فتيل النزاعات الأهلية يقتضي وجود طرفين داعمين للمتنازعين، وهو ما يجعل روسيا المعارضة للسياسات الأمريكية مطلباً أمريكياً قبل أن يكون مطلباً روسياً أو دولياً. والأمر أشبه ما يكون بحوار السادات مع إبراهيم شكري مؤسس حزب العمل في مصر، في رحلة بالقطار داخل مصر، والذي أدى إلى أن يطلب منه السادات أنّ يؤسس حزباً للمعارضة المهذبة، التي من شأن وجودها تلميع ليبرالية السادات. ولا يعني هذا القول اتهام روسيا بكونها ضالعة في الخطة الأمريكية، أو أنّها تلعب دوراً يرسمه لها صنّاع القرار في واشنطون، غير أنّ صناع القرار في أمريكا ساهموا في تضخيم دور روسيا في النزاعات الدولية، لجرها لممارسة هذا الدور، حتى مع استبعاد فكرة التنسيق المسبق معها. وهو ما دفع صناع السياسات وصناع القرار في الولايات المتحدة والغرب إلى تضخيم هذا الدور إعلامياً وسياسياً كل يوم. ولو كان صناع القرار الأمريكيين غير راضين عن الدور الروسي الجديد، لما سمحوا لبوتين أن ينشر مقالاً في أحدى كبريات الصحف الامريكية، ولشنوا حملة إعلامية شديدة على روسيا، ولصوروها على أنّها نازية جديدة أو امبراطورية شر جديدة، وما إلى ذلك من سمفونيات الحرب الإعلامية الأمريكية على الخصوم غير المرغوب فيهم.
غير أنّ السؤال الهام الذي ينبغي طرحه هنا هو ماذا لو طُبق سيناريو اسقاط الحكومات المنتخبة بالمظاهرات والاعتصامات، مع إطلاق العنان لعنف الشارع، وتلقي الدعم من الخارج، في الولايات المتحدة أو واحدة من شركائها الغربيين في تنفيذ خطة اغتيال الأمم؟
إنّهم حتماً سيرمون قادة تلك المظاهرات بالخيانة الوطنية، وستعاد الحياة لمرسوم الولاء السيئ الذكر لترومان، بل وسيطعمون للكلاب، وقد يعاد الحياة لمنظمات قامعي الإضرابات والمظاهرات، والكوكلاس كلان لتكلف باغتيال قادة تلك المظاهرات، وربما يربط بعضهم في مداخن تدفئة المنازل كما حدث لمواطن أمريكي أسود ذات يوم.
ما العمل؟:
أمام هذا الخطر المحدق بأمم العالم، فليس أمام أمم العالم غير التوحد أمام هذا الخطر، والتوقف عن إتباع سياسة القطيع في تجنب الوقوع فريسة للذئاب، والمتمثلة في طلب النجاة الفردي، الذي لن يؤدي إلاّ إلى هلاك كامل القطيع. فسياسات النائي بالنفس التي تتبعها الأمم التي لم يصلها قطار الاغتيال بعد، لم تجدِ سوريا وليبيا نفعاً حين كانتا تتفرجان على غزو العراق، ولو قاتل البلدان مع العراق لكان من الممكن أن يتردد صنّاع القرار في الولايات المتحدة في استهداف بلد عربي جديد، لكن محاولاتهم الدءوبة لنيل رضاء الذئب الأمريكي، هو ما جعلهم فريسته القادمة. ولعل بقية الدول أو بقية الأمم تعتبر من الدرسين الليبي والسوري، ليتوحدوا أمام هذا الخطر المحدق، الذي يضرب بفعل سذاجة الشعوب في سوريا وأوكرانيا وكمبوديا في ذات الوقت، وقبل أن تتعافى ضحاياه في وأفغانستان والعراق واليمن وليبيا ومصر وتونس من ضرباته القاتلة. وعلى الذين يتحالفون مع الذئب الأمريكي، أن يعوا بأنّ الذئاب لا حلفاء لهم، وإنّهم سيفترسونهم في النهاية إذا انتهوا من غيرهم، ولهم في بن علي ومبارك ومرسي خير دليل على غدر الذئب الأمريكي بالحلفاء.
الهوامش والمراجع:
أولاً الهوامش:
1. جمال لعلامي، استأصلوا هذا الجنس اللعين: إبادة 112 مليون أمريكي في حروب جرثومية، الشروق اون لاين
2. المرجع السابق.
3. المرجع السابق.
4. المرجع السابق.
5. جون بركنز، الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصادي، دار الطناني للنشر،ط 2، 2010.
6. د. منير العكش، أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت
7. المرجع السابق.
8. موسى الأشخم، التمدد الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية، إسلام ديلي.
المراجع:
1. جمال لعلامي، استأصلوا هذا الجنس اللعين: إبادة 112 مليون أمريكي في حروب جرثومية، الشروق اون لاين
2. جون بركنز، الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصادي، دار الطناني للنشر، ط 2، 2010.
3. د. منير العكش، أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت
4. موسى الأشخم، التمدد الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية، إسلام ديلي.

11 أكتوبر 2014

سيد أمين يكتب: نحو تأريخ منطقي حديث لمصر

أحيانا يقف الواحد منا حائرا وهو يفكر في المنحنيات الكبرى لتاريخنا العربي لاسيما الحديث منه , ويصل جراء ذلك إلى نتائج مرعبة نأمل أن تكون خاطئة , خاصة أن التاريخ كما هو معروف يكتبه المنتصرون , حيث صبغ تاريخنا بنكهة صناعه وهم فيما يبدو مدلسون, فلو كانت نخبة حكمنا تنتصر دوما لإرادتنا كشعب , ما صار حالنا هكذا.
فبريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس , فجأة ودون سابق إنذار تخلى مستعمراتها في الشرق وخاصة في وطننا العربي على وقع أنفلونزا انقلابات تأخذ شكل ثورات هزلية – على غرار ربيعنا العربي الهزلي أيضا الأن - وهى الانتفاضات التى لطالما مرت بها بريطانيا طوال تاريخها الاستعماري , وسحقنها باستخدام القوة المفرطة المعروفة بها , والسؤال لماذا لم تستخدم قبضتها الحديدية المعتادة لسحق تلك الثورات بضربة واحدة كما كانت تفعل من قبل ؟ ولماذا ظلت تلك المستعمرات المتحررة وفية لبريطانيا وربيبتها أمريكا وتدين لهما بالولاء حتى الآن؟
وهل لتطبيقات النموذج الثالث من نماذج مكيافيللي في الاستعمار شأن فيما حدث ولا زلنا نتجرع كأسه المر حتى الآن حينما نصح مكيافيللي أميره بأنه لو أراد غزو بلدا ما وضمان دوام السيطرة عليه فيجب بعد احتلاله تنصيب حكاما تواليه من أهل هذا البلد يختارهم دون إرادة الأغلبية من أقليتهم بل من أحقر الناس فيهم ثم يرحل حيث سيظل هؤلاء الحكام الجدد يحتمون به من شعبهم ويسلبونه ليعطوه.
ففي مصر, ماذا كان المانع من أن يقوم الجيش البريطاني الذي يستولى على كل مقدرات البلاد , وكان يتحكم في القرار السياسي للملك, من اعتقال أو قتل كل "الضباط الأحرار" البالغ عددهم قرابة المائة ضابط ؟ وهو يدرك جيدا أن تسليحهم يكاد يكون بدائيا بالنسبة للسلاح الذي يمتلكه, وكانت كتيبة واحدة من كتائبه تكفي لإنجاز هذا الأمر, أم إن الانجليز كانت لديهم رغبة في التخلص من هذا الملك الذي كان يتوق لانتصار الألمان في الحرب العالمية الثانية لدرجة أنهم حاصروا قصره بالدبابات في نوفمبر1942 من اجل تمكين حزب الوفد الخاسر في الانتخابات والموالى لبريطانيا من تشكيل الحكومة والبرلمان بالقوة من أجل تأمين ظهرهم في مواجهة قوات القائد الألماني روميل بليبيا.
أم أن أمر تشكيل تنظيم "الضباط الأحرار" جاء في إطار التجهيز للنظام الجديد الذي تعتزم أمريكا الوريث الجدد إنشائه في مصر بعد جلاء الانجليز منها دون طلقة نار واحدة عام1954, في إطار اتفاقية أبرمت عام 1951 بين بريطانيا وأمريكا تتنازل فيها بريطانيا عن مستعمراتها القديمة لأمريكا حيث ابتكرت الأخيرة استعمارا حديثا يتماشى مع طبيعتها ومع روح عصر التقنية المتطورة خاصة في الاتصالات والمعلومات يقوم على الاحتلال من خلال التصنيع والتجهيز والتحكم الدقيق في النخب العسكرية النافذة ,كعوض عن الاستعمار التقليدي؟.
وما يعد قرينة تدعم هذا الزعم , أن مصر بعد 23 يوليو 1952كانت تتجه سياسيا نحو أمريكا وظل الأمر كذلك حتى مطلع الستينيات حيث توجه عبد الناصر بمصر شرقا نحو الاتحاد السوفيتي بعد "أزمة تمويل السد العالي" فيما قد يفسر بـأنه انقلاب حميد قاده عبد الناصر ضد الراعي الأمريكي ودفع حياته ثمنا له بعد ذلك.
ومن القرائن أيضا , انه في إطار وصم "السادات" بالتاريخ النضالي المشرف ليكون حاكما لمصر – حسب اعتقادي الشخصي - تم توجيه السادات لقتل الورقة البريطانية المحروقة "أمين عثمان" ولم يتم القبض عليه حتى قيام الثورة المزعومة , لا من الانجليز ولا الشرطة المصرية الموالية لهم , وظل يتنقل هنا وهناك دون خوف أو وجل , بل انه هذا الرجل "المطارد" راح يتعرف على جميلة الجميلات جيهان السادات ذات الأصول البريطانية ويتزوج بها رغم انه من المفترض أنه هارب من الشرطة ومن الانجليز, ورغم أنه فقير, ورغم أنه معاد للأغنياء وللانجليز والباشاوات , ورغم أنه أصلا متزوج ولديه أطفال , ورغم أنه ليس بالفتى الوسيم الذي يمكن أن يكون حلما لفتاة أرسطوقراطية كجيهان السادات.
ثم حينما ينقلب عبد الناصر على الإرادة الأمريكية يجري تصعيد السادات بشكل متسارع بين رفقائه من الضباط الأحرار حتى يصبح نائبا للرئيس عبد الناصر , وهنا يسقط عبد الناصر ميتا ويتولى السادات حكم مصر وبدلا من أن تتحرر سيناء بعد حرب 6 أكتوبر نجده سلم مصر كلها لإسرائيل في كامب ديفيد , وما تلاها وارتبط بها من التزامات حددها المفكر القومي محمد سيف الدولة في "الكتالوج الأمريكي الذي يحكم مصر" والذي يتضمن جعل سيناء رهينة دائمة لإسرائيل - وبيع القطاع العام لضمان عدم الإنفاق على الجيش , وإنشاء نظام اقتصادي موالى لأمريكا وإسرائيل من خلال المعونة التجارية الأمريكية وبرنامج صناعة الجواسيس , وصناعة مناخ سياسي يشترط في لاعبيه الاعتراف كامب ديفيد , وعزل مصر من محيطها العربي!!
ومن اللافت .. أننا نجد لجيهان السادات ومن بعدها سوزان مبارك جذور نسب بريطانية , فضلا عما يشاع - ولا ندري مدى صحته - بان للرئيس عبد الناصر جدة يهودية وأنه تربي في حارة اليهود بالجمالية قبيل سفر الأسرة للإسكندرية , ومن المعلوم أيضا أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تربي أيضا في نفس الحارة وكان يسكن بجوار البيت الذي كان يسكنه شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق؟
والحقيقة ان المرء الغيور على جيش بلاده الوطني قد يجد نفسه مستاء من أن هذا الجيش لم يحقق أي انتصار حقيقي يذكر في كل معاركه , ففي حرب فلسطين عام 1948 وجد جنودنا البواسل أنفسهم يحملون أسلحة تنفجر فيهم عند إطلاقها, وكان قادة الجيش في مصر سواء أو الأردن والعراق متواطئون من أجل تحقيق النكبة وقيام دولة إسرائيل وليس العكس , وفي العدوان الثلاثي عام 1956 لم يجد المصريون في مدن خط القناة لجيش بلادهم أي وجود يذكر , حيث تركوا نهبا للعدوان الثلاثي , ولولا المقاومة الشعبية التي شكلوها هناك والموقف الروسي لسحقوا سحقا, وفي 1967 انتكس جيش مصر نكسة ما كانت تليق بتاريخها خاصة أنها تأتى من جيش دويلة عمرها 19عاما فقط , وفي أكتوبر 1973 حقق المصريون نصرا تاريخيا - تاريخيا بسبب كثرة الهزائم التي تعرضوا لها - سرعان ما سلب منهم قبيل انتهاء شهر أكتوبر ذاته , وبعد أن سلب هذا النصر حدثت عملية تسليم مصر لإسرائيل في كامب ديفيد.
وهزيمة مصر في نهاية حرب أكتوبر هو ما قاله حرفيا المشير سعد الدين الشاذلي بطل هذه الحرب وغيره الكثيرون وهو ما قاله من الناحية الأخرى الكثيرون وكان أخرهم رئيس الأركان الحالي، بيني غانتس، الذي كان رئيس الأركان الأول بعد عام 1973 حيث لم يشترك بهذه الحرب، فقد كان في المرحلة الإعدادية من دراسته أثناء نشوبها. حيث صرح بشكل قاطع قائلا: "إن حرب تشرين بدأت كوسيلة دفاعٍ لصد العدو، وتحولت، فيما بعد، إلى انتصار كبير للجنود"وهو بالتالي ما يلقي بظلال من الشك حول هذه الحرب ودور السادات فيها وفي الانتكاسات السياسية الرهيبة التي حدثت بعدها , وكذلك يطرح شكا كثيفا حول السبب الذي جعل قادة الجيش الجديد "جيش كامب ديفيد" يتخلصون من السادات وعما إذا كان هذا الفعل يأتي في إطار إنقاذ البلاد من التوغل في اتفاقية الاستسلام أم الدفع نحو مزيد من التوغل في تطبيق هذه الاتفاقية وتثبيت للمشهد على صورة كامب ديفيد لمدة ثلاثين عاما تالية؟
وفي الحقيقة التساؤلات لا تقتصر حول أركان النظام السياسي بعد 1952 فقط , ولكن تمتد أيضا لتشمل كل قادة تاريخنا المصري في مطلع القرن العشرين وما قبله بدءا من أحمد عرابي الذي اعتبره شخصيا الرمز المصري الوحيد الذي مجده التاريخ بما يستحق وان كانت ثورته "الثورة العرابية "خرجت في الأصل لمطالب فئوية خاصة بالجنود المصريين في الجيش وكانوا آنذاك قلة تمثل الطبقات الدنيا من الجيش إلا أن عرابي استطاع أن يأخذ منصبا كبيرا بسبب كونه الجندي الوحيد الذي نجا من الموت في حرب غير مبررة أرسلهم الخديوي إليها في الحبشة , لكن تلك الغضبة تطورت لتكون ثورة للدفاع عن استقلال مصر, ثم خسرت القوى الوطنية المعركة , وسقطت مصر تحت نير الاحتلال بسبب خيانة الخديوي والبدو والأجانب فضلا عن الجهل المتفشي آنذاك بين المصريين.
فخذ مثلا سعد زغلول باشا تم ترسيمه بالزعامة ليقودوا من خلاله طوائف المصريين , فالرجل الذي فوضه الطلاب للحديث باسم مصر في طلب الاستقلال بعد الحرب العالمية الأولى بعدما رأوا نفوذه عند سلطة الاحتلال وتقديرهم له , وجدناه يذهب للمفاوضات ويعود خاوي الوفاض , ولما صعد الطلاب مطالبهم بدستور جديد ينص على الاستقلال التام لمصر, وجدنا دستور 1923 الذي يعلن استقلالا اسميا لمصر دون ترجمة ذلك على ارض الواقع , وبدلا من تصاعد الحراك المنادى بتحقيق "الاستقلال التام أو الموت الزؤام" وجدنا الحراك الطلابي يكتفي بمعارك تشكيل الحكومات تحت نير الاحتلال.
كما أنني لا أفهم كيف يكون الواحد منا مناضلا بينما يكون شقيقه هو القاضي الذي لبي مطالب الاحتلال في إعدام فلاحى دنشواي ,أليس هذا الرجل تربي معه في "بيت الأمة" حتى أن هذه التسمية لبيته كانت كما وردت في عدة مصادر شعار رفعه طالب تشاجر مع طلاب آخرين أثناء اجتماع طلابي أمام منزل سعد زغلول وحينما طالبهم زغلول بالانصراف, راح الفتى يتخلص من الحرج صائحا "هذا ليس بيتك ولكنه بيت الأمة" هنا التقط زغلول وأنصاره الخيط ليكرسوا الشعار لإتمام مراسم الزعامة.
وهناك أيضا مصطفي كامل باشا ومحمد فريد باشا حيث نجد كتب التاريخ تعج بإضفاء مراسم النضال عليهما دون اى مبرر لذلك فكلاهما مع سابقهما مترفون مقربون للسلطة الحاكمة في الداخل فتكرمت عليهم بالبشوية ومقربون للاحتلال فسافروا ليناضلوا في ضيافته , وأتيح لهم من النعيم ما لم يتح لملايين من المصريين الذين ناضلوا وعانوا وماتوا في صمت , دون أن يذكر التاريخ حرفا واحدا عنهم.
و"للحديث بقية"
albaas10@gmail.com

د. مصطفى باحو : العلمانيون العرب.. إلحاد وتطرف وعنف

العلمانيون العرب ليسوا باحثين صادقين، ولا رجال فكر موضوعيين، ولا مثقفين محايدين بل هم في حقيقتهم الواضحة أصحاب مكاييل مزدوجة، فـ(أركون) الداعي لهدم الإسلام من جذوره يتغنى بالإسماعيلية والبهائية، ويمتدح الأفاق (آغا خان) الذي يقدسه الحمقى من أتباعه ويقدمون له الخمس من مالهم ليعيش عيشة مترفة وماجنة على حسابهم في الغرب، و(القمني) يعترف بأنه متقلب ويمارس التقية فيبطن غير ما يبديه! والاعتراف سيد الأدلة كما يقال.
الكتاب: العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام
تأليف: د.  مصطفى باحو
الناشر: المكتبة الإسلامية بالقاهرة 2012م
400 صفحة
هذا الكتاب الجيد سبقه كتاب للمؤلف نشره في عام 2011م هو: (العلمانية : المفهوم والمظاهر والأسباب) وقد نشرته صحيفة السبيل في الرباط.
ولعل الميزة الأولى له، تتمثل في أنه استند إلى 143 مرجعًا أساسيًا في القضية التي يناقشها، وهي مراجع أكثرها علمانية عربية من تصنيف كبار كهنتهم (محمد أركون، طيب تيزيني، محمد عابد الجابري، محمود سيد القمني، رفعت السعيد، فرج فودة، خليل عبد الكريم) وأخرى أقل عددًا من تأليف مخالفيهم الذين فندوا دعاواهم ودحضوها بالحجة الساطعة مثل الشيخ (يوسف القرضاوي، والدكتورين عبد الوهاب المسيري، ومحمد عمارة).
أما الدافع الذي حفز باحو على تأليف كتابه هذا، فيتجلى في المخادعات الإعلامية العلمانية فقد استفزّته تلك المحاولات لتمويه الحقائق وتزوير المحتوى الفعلي للعلمانية، وتقديمها للشخص العادي بغلاف زائف يخفي سمومها الفتاكة، فهو يُثْبِتُ بنقوله عن كهنة العلمانية العرب أن العلمانية الحقيقية ملحدة، وأنه لا يوجد علماني يؤمن بالدين إلا إذا كان يجهل العلمانية، ولذلك ترى غلاة العلمانيين ينتقدون العلمانيين الباحثين عن لقاء من نوع ما بين الإسلام والعلمانية.
فموقف العلمانية من الدين يجري التلاعب به وحجب هويته من خلال الحديث عن موقفها من التدين، وإخفاء موقفها من الدين نفسه، وكأن على الإسلام وهو صاحب الدار أن يستجدي من حفنة العملاء أن يسمحوا له بالحضور الفردي، وكأن الأصل فيه المنع كالمخدرات، بل إنهم في العمق يتسامحون مع تلك السموم باعتبارها شأنًا خاصًا وحرية فردية!
لقد نجح الكتاب في إقامة الحجة على تبعية العلمانيين الفكرية العمياء للغرب، وعلى تعصبهم واعتمادهم على الأحكام المسبقة والجاهزة، وكذلك عنفهم في مواجهة مخالفيهم وهم كذابون، فمثلاً يسعون إلى محاربة الدين لكن جبنهم يجعلهم يزعمون أنهم يعترضون على قيام دولة دينية -بالمعنى الغربي للكلمة حيث تحكم الكنيسة زاعمة العصمة لرجالاتها بالتواطؤ مع حكام يزعمون أنهم يحكمون بموجب حق إلهي- بالرغم من أن الإسلاميين بينوا بالأدلة القاطعة على أن الدولة الإسلامية ليست كذلك.
فالعلمانيون العرب ليسوا باحثين صادقين، ولا رجال فكر موضوعيين، ولا مثقفين محايدين بل هم في حقيقتهم الواضحة أصحاب مكاييل مزدوجة، فـ(أركون) الداعي لهدم الإسلام من جذوره يتغنى بالإسماعيلية والبهائية، ويمتدح الأفاق (آغا خان) الذي يقدسه الحمقى من أتباعه ويقدمون له الخمس من مالهم ليعيش عيشة مترفة وماجنة على حسابهم في الغرب، و(القمني) يعترف بأنه متقلب ويمارس التقية فيبطن غير ما يبديه! والاعتراف سيد الأدلة كما يقال.
والحقيقة أن العلمانيين العرب يتفاوتون في الدرجة والتوقيت فقط، وإلا فالهدف الوضيع واحد وإن تنوعت الأساليب من سخرية وطعن وتشويه ودعوة إلى نسف الدين وتنحيته عن الحياة.
ويسرد المؤلف هجمات رموز القوم بعضهم على بعض: أركون الجابري، علي حرب صادق جلال العظم أدونيس، حامد نصر أبو زيد، كما يوثق حقدهم على سائر علماء الأمة من رسميين وغير رسميين، سواء أكانوا موسومين بالاعتدال أم متصفين بالتشدد، فالجميع عندهم أعداء، ولذلك يُحرِّضون النظم المستبدة للقضاء عليهم، في حين يعمل أدعياء الحرية هؤلاء خَدَمًا للحكام الطواغيت، يبررون استبدادهم في عيون البسطاء باسم التقدم تارة، وتحت شعار الاستقرار تارة أخرى..
ومن النماذج التي اختارها المؤلف لبيان تهافت القوم وعوج فكرهم الببغاوي، علماني سوداني اسمه: (عبد الله أحمد النعيم) الذي يدعو إلى علمانية الدولة لا الإنسان والمجتمع، ويتباهى بالتجربة الغربية لكن ما ينقله عنها بنفسه يشهد بنقيض ادعاءاته، مثل اعترافه: "بأن فرنسا تتيح للبروتستانت واليهود تنظيم علاقة جماعته بالدولة وتمنع المسلمين منه، والدولة ملزمة بتعليم الكاثوليكية، وتسمح للبروتستانت واليهود بتوفير معلمين لدياناتهم في المدارس، وتستثني المسلمين من الأمرين معًا فلا تسمح لهم بدراسة دينهم ولا بتوفير معلمين له".
*مصطفى باحو أحد الشيوخ المغاربة السلفيين البارزين في ميدان التصنيف الشرعي بعيدا عن أضواء الإعلام و الشهرة