26 أكتوبر 2020

علياء نصر تكتب: - ودخلت الخيول الأزهر

#فرنسا_والإسلام

حينما تغضب من شخص كان بينك وبينه سجال في العداء؛..و بعد هدنة طويلة تظاهرتم خلالها بالتصافي والوفاق؛ ..ومع أول خلاف يدب بينكما ستبدأ دون وعي في استدعاء كل ملفاته القديمة.. وستستيقظ فورا نار كانت خامدة تحت الرماد؛ هذا ما يحدث للأفراد و.... للدول أيضا. 

على خلفية اساءة الإدارة الفرنسية الأخيرة للإسلام عقب  مقتل مدرس فرنسي  على يد شاب مسلم شيشاني فارت دماؤه غيرة على الرسول محمد؛ ..عن حقيقة توجهات الإدارة الفرنسية التي لم تتغير يوما تجاه الإسلام؛...عن تاريخ العداء الإسلامي الفرنسي ومؤشراته عبر التاريخ؛..عن أسوأ نموذج لعلمانية متطرفة شرسة غير متصالحة مع الأديان... عن #فرنسا_والإسلام ..نلقي الضؤ في هذه الأسطر القليلة القادمة.. 

يصعب فهم كل ما يصدر عن الإدارة الفرنسية من اساءة للدين الإسلامي مع غياب فهم جذور العلاقة التاريخية بين فرنسا والإسلام؛..القديمة قدم التاريخ الإسلامي ذاته؛ ..لكن دعونا نبدأ بالتاريخ الحديث..  بداية من خيول نابليون والتي اجتاحت الأزهرعام 1798؛ والتي حكى عنها المفكر المصري محمد جلال كشك باستفاضة في كتابه العظيم #ودخلت_الخيول_الأزهر ..

.وصولا إلي مقاصل العلماء والمشايخ و استخدام الإسلام كدعاية رخيصة للترويج السياسي لنابايون بونابرت؛ الذي ادعى أنه مسلم؛ وبدأ يلقب بالحاج محمد نابايون..

 أجداد #شارلي_ايبدو.

لم يكن ما قامت به شارلي ايبدو من تطاول على الإسلام غريبا على تاريخ فرنسا مع الإسلام؛ ..بل هو متسق معه تماما؛..فلطالما كان استخدام الفكر والإعلام في فرنسا سلاحا هاما لتشويه الإسلام؛وهو  ليس بالجديد؛..فمن هجمات فرنسا العسكرية ننتقل إلى حملات الهجوم الفكرية التي تزعمها قيادات الفكر الفرنسي.. ليس فقط مع شارلي ايبدو وإنما قبل ذلك بكثير .. بداية من #مونتسكيو الذي رأي العالم الإسلامي بنظرة دونية وسمه فيها بالتخلف لما أسماه ب (عوامل البيئة والمناخ القاسي) ؛ والتي تسببت في نظره في الشخصية القاسية العدوانية الكارهة للحياة وللآخر؛ ..ثم والشئ بالشئ يذكر؛ وبما أننا ذكرنا فرنسا والإسلام فلامفر من ذكر #فولتير الأديب الفرنسي الذي بدأ حياته الفكرية منتهجا معاداة الأديان؛ ومنها بالطبع الإسلام.. حيث قام بتأليف مسرحية ( #حياة_محمد) والتي عرضت على المسرح الفرنسي عام 1742ورأي فيها الإسلام  دينا متسلطا همجيا؛ والمفارقة الغريبة بل والمدهشة.. هي أن المسرحية صودرت بعد عام واحد بناءا على طلب واحتجاج حاد من (الكنيسة الفرنسية) ؛ ..والتي رأت في مسرحية فولتير اسقاطا عليها في استخدامه لرمزية الاسلام والرسول محمد؛ قاصدا بهذا_بحسب الكنيسة_الهجوم على الكنيسة ذاتها وعلى البابا...  وصولا إلى مسرحية #محمد ل #مارك_دي_بورنير. التي حملت هجوما شديدا على الرسول.والتي تدخل السلطان عبدالحميد بنفسه لمنع عرضها على المسرح الفرنسي.. 

وللإنصاف ولتحري الأمانة ظهرت في فرنسا مجموعات من الأدباء المحبين أو (المعجبين) بالرسول محمد على رأسهم الشاعر والأديب #لامارتين وكذلك الفيلسوف والمفكر #جان_جاك_روسو  اللذين وصفا الرسول محمد بالعظمة والقوة وبأنه أيقونة للنجاح؛ . وحقيقة لا أدري هل هذا الإطراء الذي لم يصل بهم إلى إعلان إيمانهم برسوليته هو اعجاب برجل آمن بفكرته وحققها فحسب _بحسب تصوراتهم_؛ ..أم أن إعجابهم كان مؤشر إيمان لم يلق ظروفا مواتية لإعلانه بسبب توجه فرنسا العدائي للإسلام. وكذلك من العار أن ننسى المفكر والفيلسوف الفرنسي العظيم #روجيه_جارودي..والذي اعتنق الإسلام.

وأخيرا.. #شارلي_إيبدو ..المؤسسة الصحفية الفرنسية الكارثية؛ ذات المبادئ المنحطة والتي تستخدم السخرية والتهكم على الآخر والاستخفاف بالعقول والمشاعر الدينية سلاحا؛ ..بدأت شارلي إيبدو مشوارها القمئ منذ نشأتها عام 1970 حيث بدأت بالحط من قدر الأديان في النفوس من خلال السخرية من جميع الأديان ورموزها؛ وبالطبع من الإسلام؛...وتم إيقافها مدة عشر سنوات لتعود من جديد غير تائبة ولا نائبة بعدد صارخ ليتم بعده مصادرة المجلة الأسبوعية من جديد؛ ...ثم ومن جديد تعود  للعمل مواصلة مشوارها الخبيث ومنهجها العفن...  

تصادف دائما أن نجد فرنسا هي أكثر الدول استفزازا للمشاعر الإسلامية ؛ من محاولة إرغام رعاياها من المسلمين على الالتزام بخلع الحجاب وإلا حرمانهم من دخول المؤسسات الفرنسية؛ ومابين تصريحات مستفزة لمرشحي اليمين المتطرف حول مسلمي فرنسا؛ لطالما واجه العالم الإسلامي احساسا بالعنف الفكري من خلال رسائل الكراهية والإقصاء التي دأبت فرنسا على توجيهها للمسلمين. 

#الرسوم_المسيئة_للرسول  في عام 2006..والتي كانت أكثر ما أثار مشاعر العالم الإسلامي وغضبه ازاء هذه المؤسسة.. وبسبب هذه الرسوم الغير مسؤلة؛..بدأت موجة من العنف تجتاح العالم؛.. بداية من تدمير مقر الجريدة وإحراقه في نوفمبر 2011؛ وصولا إلى الهجوم الشهير على مقر المؤسسة  في يناير 2015؛والذي أسفر عن مقتل عشرين صحفيا منهم 8من مؤسسيها؛ ..ثم وأخيرا واقعة قتل مدرس التاريخ الفرنسي الذي عرض هذه الرسوم على طلابه مؤخرا..  ؛ليفضي الأمر إلي مقتله على يد طالب مسلم شيشاني في 16من أكتوبر الحالي؛.. لتعود من جديد التوترات بين فرنسا والعالم الإسلامي إلى السطح... 

لم يكن من العالم الإسلامي المجروح والمطعون في الشخصية الأولى والرمز الأكبر في العالم الإسلامي إلا أن يستخدم وسائله البسيطة المتاحة في التعبير عن الاحتجاج والغضب؛ ...ما بين حصار لسفارة فرنسا؛ ومظاهرات احتجاجية ؛ وصولا إلي وسوم (هاشتاجات)  #إلا_رسول_الله التي تصدرت منصات التواصل الاجتماعي فيسبوك و تويتر في الأيام القليلة الماضية.. وما بين استدعاء سفراء فرنسا من قبل قيادات في العالم الإسلامي ؛ إلى تصريحات مستنكرة وغاضبة من المؤسسات الدينية و على رأسها مؤسسة الأزهر الشريف ؛ ..وحتى تصريحات رسمية من  بعض رؤساء وحكام العالم الإسلامي ..

ليبقي ورغم كل التغاضي والتناسي ؛ انطباع فرنسا العلمانية المتطرفة والمعادية للإسلام حاضرا في أذهان الجميع.. 

ولتعود من جديد إلي الأذهان المشاهد القاسية لخيول فرنسا تدهس أرضية الأزهر الشريف ؛ ولمشهد علماء الأزهر وطلبته وقد سالت دماؤهم تحت حوافر خيول بونابرت.. 

وليبقى العالم بأسره.. بسبب مجموعة غير مسؤلة من ذوي الأفهام الضيقة محدودي الفكر.. ملتهبا على..صفيح ساخن. 

ليست هناك تعليقات: