بيع فلسطين وتصفية الثورة
واضح انه اصبح هناك اعتقادا راسخا لدى كافة المسئولين العرب، ان منصب الحاكم وكرسى الحكم فى اى دولة عربية فى يد الجالس فى البيت الابيض.
وبالتالى على كل من يريد ان يحتفظ بعرشه، وعلى كل من يطمع فى الجلوس على عرش دولته بعد وفاة أو سقوط الحاكم القديم ان يقدم اوراق اعتماده للامريكان
وهذا هو المعنى الوحيد الذى وصلنى بعد تصريحات حميدتى الاخيرة يوم الجمعة الماضى 2 اكتوبر الجارى، فرغم ان كل ما قاله من تصريحات يمكن ان يندرج تحت بند التبعية والخيانة للثوابت الوطنية والعربية، ناهيك على انه سيؤدى الى تشويه سمعته وحرقه جماهيريا وشعبيا ووطنيا فى بلد يعيش حالة ثورية، الا انه من الواضح انه لم يكن يعنيه احدا فى السودان او فى فلسطين او فى العالم العربى او فى العالم كله، الا الامريكان الذين اراد ان يرسل اليهم رسالة واضحة صريحة لا تقبل اللبس بأنه هو رجلهم المناسب فى السودان، وانه على استعداد ان يلبى وينفذ كل الشروط والتعليمات المطلوبة، وعلى راسها اقامة علاقات طبيعية مع (اسرائيل) ودمجها فى المنطقة والمشاركة فى الحفلة العربية الرسمية الدائرة على قدم وساق لذبح فلسطين وتصفية قضيتها، بالإضافة الى اى تعليمات أخرى.
وهو هنا لن يفوز بعصفور واحد فقط، بل بعصفورين بضربة وحدة، والفوز الثانى هو اجهاض الثورة؛ لانه اذا قبلت الولايات المتحدة العرض وقررت تنصيبه حاكما للسودان، فسيتطلب ذلك اجهاض الثورة وتصفيتها والعصف باتفاق تقاسم السلطة الموقع بين قوى الثورة وبين المجلس العسكرى الذى ستنتهى ولايته بعد بضعة شهور لتتسلمها وفقا للاتفاق القوى المدنية التى ستتولى حكم البلاد 18 شهرا قبل ان تنتهى المرحلة الانتقالية باجراء الاستحقاقات الانتخابية.
فتنصيب حميدتى أو من يماثله حاكما منفردا للبلاد، سيتطلب حتما العصف بكل ذلك، وستعمل الولايات المتحدة على الاتيان به بالبارشوت من فوق الجميع ورغم أنفهم، بالاعتماد على نفوذها الدولى ودعمها المالى ومحمياتها العربية فى المنطقة كالسعودية والامارات.
وبطبيعة الحال فان مشروعا مثل هذا سيترتب عليه سفك دماء وتوقيف واعتقال قطاعات واسعة من الثوار والمتظاهرين السودانيين الذين سيتصدون لاى محاولة لسرقة ثورتهم والارتداد عليها، ولكنه سيكون فى هذه الحالة سفكا للدماء مقبولا ومشروعا على المستوى الدولى لأنه سيأتى فى ظلال المباركة والاعتراف والحماية الأمريكية.
***
وهذا هو ما يفسر الجرأة التى تكلم بها حميدتى، غير عابئ بكائن من كان، مما دفعه الى الذهاب فى تصريحاته الى ابعد مدى، فقال ما لم يجرؤ الاماراتيون والبحرينيون انفسهم على قوله علنا، فقال في مقابلة تليفزيونية من مقر إقامته بجوبا:
"إن بلاده ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل، وليس تطبيعًا، وذلك للاستفادة من إمكانياتها المتطورة"
"الشعب السوداني يقرر بعد استطلاع رأي عام، هذه هي الديمقراطية، والرافضون لإقامة علاقات مع إسرائيل، من فوّضهم بذلك؟".
"إن إسرائيل متطورة، ونحن عايزين نشوف مصلحتنا وين"
"كل العالم شغال مع إسرائيل، والدول العظمى شغالة مع إسرائيل من ناحية تقنية ومن ناحية زراعة".
"نحن نحتاج إلى إسرائيل بصراحة، ولا خايفين من زول، عايزين علاقات وليس تطبيع، وماشيين في هذا الخط".
"التطبيع مع إسرائيل الناس مشيت فيه، ونحن إسرائيل لا تربطنا معها حدود، وصحيح أن القضية الفلسطينية مهمة، والشعب الفلسطيني نحن مفترض نقف معه في قضاياه، لكن نحن ما أقرب الآن من الناس العاملين علاقات مع إسرائيل".
"نحن ما أقرب منهم، إسرائيل لها مع مصر حدود، ونحن ما عندنا حدود، ولها مع الأردن حدود، والأردن بها 3 مليون فلسطيني ويمكن أكثر".
"شئنا أم أبينا، موضوع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مربوط مع إسرائيل وهذا ما اتضح لنا، ونحن نرجو ألا يكون مربوطًا بالعلاقات مع إسرائيل".
"نحن ما بنتكلم عن تطبيع، ولكن علاقات، ونحن بنستفيد منها، ودي بتراضي وتشاور كل الناس، والناس تشوف مصلحة السودانيين، نحن تعبنا اتحاصرنا كم سنة وكل الشروط أوفينا بها للخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
***
ان التصدى لحميدتى وجماعته من الطامعين فى حكم السودان من بوابة امريكا و(اسرائيل)، لن يكون دفاعا عن فلسطين فقط وانما دفاعا عن السودان وثورته وثواره وحياة شعبه الكريم وحريته.
*****
4 أكتوبر 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق