28 فبراير 2012

كيف يقف مع الثورات العربية ..من يحرق المصاحف؟!!

كيف يقف  مع الثورات العربية ..من يحرق المصاحف؟!!
بقلم د . رفعت سيد أحمد
إن ما قام به الجيش الأمريكى المحتل فى أفغانستان من حرق للمصحف الشريف ، علناً الأسبوع الماضى وانفجار الشعب الأفغانى البطل فى وجوههم والانتقام منهم فوراً بقتل اثنين من الضباط الأمريكيين ، لهو دليل إضافى على كراهية واشنطن للإسلام والمسلمين ومقدساتهم ، ومن ناحية أخرى يأتى رد الفعل الأفغانى عليهم كدليل حى على مدى وعى هؤلاء الأفغان الأبطال ، بحقيقة العدو الأمريكى ، قياساً بالوعى المغشوش لدى بعض قادة الثورات العربية ، إن حرق المصحف دليل إضافى على أن واشنطن لا يمكن أبداً أن تقف إلى جانب حقوق شعوبنا المظلومة ، أو أن تناصر قضايانا ، وهى عندما تفعل ذلك ، فإننا أمام التباس كبير يحتاج إلى (تحرير) وتفكيك ؛ ففاقد الشىء لا يعطيه ، ومن يحرق المصحف ، من المنطقى أن يخطط لحرق الوطن ، وليس إلى مساعدته .
لذلك دعونا نقول :
أولاً : ما جرى فى أفغانستان هو تصرف طبيعى من الأمريكان مع المسلمين ومقدساتهم وفى مقدمتها (كتاب الله) ؛ وليس تصرفاً شاذاً حتى ينبرى البعض من مثقفينا ، أو إسلاميينا للدفاع عنه ، فلقد سبق ومارسوا هذا السلوك مع معتقلى جوانتانامو ومع سجناء سجن أبو غريب فى العراق ، وتواطئوا بشأنه مع العدو الصهيونى فى فلسطين طيلة 63 عاماً هى عمر الصراع وظلوا يستخدمون الفيتو ضد كل قرارات تصدر عن مجلس الأمن (استخدموا الفيتو 65 مرة ضد الحقوق العربية والفلسطينية) ، وقاموا بالتغطية على ممارسات الصهاينة ضد المسجد الأقصى وضد مساجد وكنائس فلسطين ، بل إنهم حرقوا عبر بعض القساوسة الأمريكان المصحف الشريف عدة مرات (القس جونز نموذجاً) . إذن الأمر ليس استثناء بل قاعدة ، والمسئولون الأمريكيون ينظرون إلى المسلمين على أنهم مجرد (بئر نفط) وسوق تجارة ومشترى لأسلحتهم ليس إلا ، بل يعتبر دفاعنا عن المقدسات والقضايا العادلة فى (العراق – أفغانستان – لبنان – فلسطين .. وغيرها) إرهاباً ، وأن ما يقوم به هو من احتلال وقتل ، وما تقوم به إسرائيل من ذبح وتشريد (6.5 مليون فلسطينى) هو العدل والحق ، إذن ؛ أمريكا بحرقها المصاحف فى أفغانستان لم تكن تخطىء ، خطأ عشوائياً ، استثنائياً ، بل كانت تنفذ قناعاتها الاستراتيجية على الأرض تجاه مقدسات الإسلام والمسلمين .
ثانياً : إذا كان حرق قوات الاحتلال الأمريكى فى أفغانستان للمصحف ؛ فعلاً مدروساً ومخططاً له من قبل صانع القرار الأمريكى فى واشنطن لزرع الفتن وإهانة المسلمين ؛ فكيف نصدق أن مثل هؤلاء يقفون بصدق مع الثورات العربية فى تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ؟! ألا يدفعنا هذا إلى مزيد من الحذر والانتباه بأن ليس كل ما يلمع ذهباً وأن مجرد أن يدعم الأمريكى ، ثورة من الثورات ، بالمال أو بالسلام أو بالكلمة ، فهى ثورة مشبوهة ، وتحتاج إلى أن تتطهر من دنس هذه المساعدة ؟ كيف تصبح اليد التى أحرقت المصحف ، بين عشية وضحاها هى ذاتها اليد التى تمتد لتصافح مرشد الإخوان فى القاهرة وقادة الثورة فى تونس وسوريا وليبيا ، وتعقد صلحاً مع ثوار اليمن ؟! كيف ؟ ثمة إجابة لدينا وهى من خيارين لا ثالث لهما : إما أن أمريكا تريد أن تسرق هذه الثورات ، فإذا طاوعها القادة ورحبوا بها وأدخلوها مجالسهم النيابية ومقرات أحزابهم وجماعتهم ، فقد حققت هدفها ، وإما أنها من الأصل اخترعت بعض هذه الثورات وألبستها ثوباً ثورياً مخادعاً ، وذلك بعد أن فوجئت وصدمت بالثورة المصرية فى بداياتها فسعت بسرعة إلى ركوبها واختراع (ثورات) أخرى فى المنطقة ، لإجهاض مشاريع التغيير الحقيقية !! إنهما احتمالان لا ثالث لهما .. ومتروك لكم الاختيار !! .
ثالثاً : إن حرق المصاحف فى أفغانستان ، فى تقديرنا لا يرد عليه سوى بالمقاومة فى أعز ما يملك المشروع الأمريكى العدوانى فى المنطقة ، ونقصد به (الحلقة الإسرائيلية) ، و(حلقة النفط العربى المحتل) ؛ إن هاتين المصلحتين هما ما يوجع الأمريكى ، ويؤلمه ، فلنصعد عبر المقاومتين السياسية والمسلحة عمليات القصاص ، للمصحف ، ولدماء الشهداء الذين قتلهم الأمريكى والإسرائيلى طيلة الـ 63 عاماً الماضية ، من خلال الضرب وبقوة فى هاتين المصلحتين ، وأى حوار أو استقبال للساسة الأمريكان ، من قبل أحزاب أو جماعات إسلامية مثلما جرى مع آن باترسون (السفيرة الأمريكية بالقاهرة) وجون ماكين و(كيرى) و(بيرنز) ، يعد فى تقديرنا ، مشاركة للأمريكان فى جرائمهم وإجهاض للثورة ضدهم ، وقبل كل هذا وبعده ، خيانة للمصحف الشريف .. الذى أحرقوه ، فى نفس توقيت مصافحتهم لبعض الإسلاميين فى بلادنا ، المقاومة هى الحل وهى الطريق الصحيح للقصاص .. فمن لها ؟! .

E – mail : yafafr@hotmail.com

 

ليست هناك تعليقات: