31 مارس 2022

سيد أمين يكتب: في هذا نجحت الدراما التركية!

استطاعت الدراما التركية في السنوات الأخيرة كسب اهتمام شرائح واسعة من الجماهير داخل أراضيها وخارجها، وصارت سلاحا أمضَى وأحدّ من كثير من وسائل الردع المعروفة.

فبعدما نجحت سابقا في لفت انتباه الشباب والمراهقين عبر قصص الحب والغرام أحيانا، والمؤامرة والجريمة أحيانا أخرى، وثبت وثبة قوية نحو مستهلكين أكثر عددا ونضجا وتأثيرا، بدرامتها التاريخية، لتزيل عقودا من التجهيل المتعمد بهذا التاريخ المجيد.

حيث استطاعت أن تزيل بسلاسة ولين تحسد عليهما، اللبس والغموض الذي أريد له أن يكتنف تاريخ الدولة السلجوقية مثلا، وهي دولة لها تضحيات عظمى في إفشال أعظم الحملات الصليبية، وكذلك الدولة العثمانية التي كان لها تأثير عميق في تاريخ العالم الإسلامي والعالم أجمع.

فقد أغنت هذه الدراما بذلك عن عدد كبير من الكتب والوثائق والمحاضرات والندوات، وتركت لدى النشء والأجيال القادمة رواية موثقة تتحدث عن الحقيقة التي يريد كثير من النافذين في واقعنا المخزي أن تختفي إلى الأبد، وسط طوفان من الروايات الأخرى التي صُنعت بإتقان وصُرفت عليها مليارات الدولارات من أجل تزوير التاريخ.

ولقد زادت الدراما التاريخية التركية -مثل “قيامة أرطغرل” و”المؤسس عثمان” و”كوت العمارة” و”السلطان عبد الحميد” و”ألب أرسلان” و”بربروسا” و”الملحمة” و”يونس إيمرة” و”الفاتح” وغيرها- من وعي الناس بتاريخ الإسلام والمسلمين، حينما شرحت للعالم حقائق كان يصعب على غير المراقبين إدراكها بسهولة.


الفتح والغزو


ومن تلك الحقائق أن الإسلام لم ينتشر بالسيف كما يدعي أعداؤه، بل كان الفتح أو الغزو هو السلوك السائد في تلك الأزمنة، عملًا بقاعدة إن لم تبادر أنت بادر أعداؤك، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو حتى وثني مغولي.

لكن الفرق الناصع الذي أضافه الإسلام في فتوحاته عامة، وهو دين الرحمة والأمر بالعدل والإحسان، هو أنه لم يجبر أهل البلاد المفتوحة على الدخول فيه، ولم يتخذهم عبيدا.

ولذلك بقي الكثير من رعايا الدولة العثمانية في عشرات الدول الأوربية التي خضعت لحكمها عدة قرون على دينهم، في حين ظلت محاكم التفتيش في الأندلس ومتحف الإنسان في فرنسا شواهد واضحة على مر الزمان للاستخدام الوحشي الحقيقي لنظرية حد السيف التي أريد وصم الإسلام والمسلمين بها.

وهذا ما نجحت الدراما التركية في تقديمه للناس بما يلامس حقيقة الإسلام وحقيقة التاريخ.

وفي رأيي أن هذا الفرق الخطير كان في حد ذاته سببا لملامسة الإسلام قلوب الباحثين عن الحرية، خاصة مع وصول المجتمعات الغربية حينئذ، حدا من الاستهانة بالإنسان جعلها تنقسم إلى أربع فئات: غالبية كاسحة من العبيد تملكها أقلية ضئيلة من السادة، وبينهما يتناثر قليل من الأحرار، وكثير من “الأقنان”.

ولمن لا يعلم فالأقنان هم فئة من العبيد ارتقت إلى خدمة الكنيسة، حيث ارتهنوا هم وأسرهم وأحفادهم وأجيالهم القادمة، ليكونوا خداما لقسّ بعينه في الكنيسة ولذريته ومن يخلفه، وبالطبع كلما زادت رتبة المتبوع زادت قيمة الأتباع.

وعموما فهم أفضل حالا من العبيد حيث كانوا يحصلون على كم أكبر من الطعام، مقابل جهد أقل في العمل.


النظافة والمدنية

كثيرا ما حاولت الميديا الغربية وصم الإسلام والمسلمين بالتخلف، وبأنهم بدائيون يفتقدون للنظافة الشخصية أو البيئية، وأن الحملات الاستعمارية الغربية هي التي انتشلتهم من هذا الوحل.

والمؤسف أن تسير الدراما التاريخية العربية أيضا خلف هذا التصور، لدرجة جعلت بعض “المستغربين” من بني جلدتنا في مصر يحتفلون بـ”الحملة الفرنسية” بوصفها حملة تنوير، رغم أنها قتلت عشرات الآلاف من المصريين وسرقت كل ما أمكنها سرقته، من الآثار حتى أبواب المنازل.

وقد أبرزت الدراما التركية التاريخية عكس ذلك تماما، فأظهرت المسلمين وهم يقفون على قدم المساواة مع أبناء الحضارات الغربية، بل إن نظافة المسلمين وتحضرهم كان سببا في دخول الكثير من الأوربيين الإسلام.

والحقيقة أن الأوربيين كانوا يعتقدون أن الاغتسال كفر، فلا يقرب المرء منهم الماء إلا مرة أو مرتين طيلة حياته، بحسب مذكرات النمساوي ساندور موراي والمؤرخ الفرنسى دريبار وغيرهم.

أما بخصوص المدنية، فإن كتاب “ما هية الحروب الصليبية” للدكتور قاسم عبده قاسم -وهو مرجع فريد وموثق في هذا المجال- يسوق عشرات الشهادات على أنه لم يكن في أوربا كلها في هذه الأزمنة ما يمكن تسميته مدينة، بل كانت كلها قرى متفاوتة البدائية.

“بطلوع الروح”

ما كان للدراما التركية التاريخية تحديدا أن تنال تلك المكانة الكبيرة بمئات الملايين من المشاهدين في العالم أجمع، إلا بسبب احترامها لثوابت مشاهديها ومعتقداتهم، وقيامها بالعمل لخدمة قضاياهم الكبرى التي تتعدى المصالح السياسية والحزبية والقطرية الضيقة.

وعلى النقيض من ذلك تماما، تأتي بعض الأعمال الدرامية المصرية لتطعن الإسلام في مقتل، بتشويه من لديهم التزام ديني وإظهارهم بمظهر المخادعين والجاهلين والخونة والمجرمين، مع تحبيذ من يسلكون عكس هذا المسلك.

وبدلا من أن تنقرض تلك الظاهرة التي كان من ضمن أعمالها قديما “الإرهابي” و”الجزيرة 2″ و”غرابيب سود” وغيرها، عادت مجددا بـ”بطلوع الروح” وهو المسلسل الذي وُجِّهت إليه انتقادات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشويهه صورة المسلم الملتزم تحت مبررات واهية.

ورغم أن بعض هذه الأعمال أُعد بشكل ما لدعم مواقف السلطة تجاه الحياة السياسية، فإن الحماسة الفنية وانفلات المعيار نقلا هذه الأعمال من الحرب السياسية إلى الحرب على الإسلام نفسه، بما لا يخدم مصالح الدولة المصرية.

ولن نستفيض في تقديم النماذج المسيئة لتاريخنا وديننا في الدراما المصرية لأنها كثيرة ومعروفة وقديمة.

نصيحة لكل من يقوم على أمر هذه الصناعة في أي مكان: المشاهد يفرز الغثّ من السمين، فإما أن يدير ظهره فتخسروه، وإما يستقبلها فتكسبوه.

رابط تخطي الحجب: https://ajm.me/6c72cr
لقراءة المقال كاملا: https://ajm.me/dee4yt

29 مارس 2022

عندما تدهن نساؤنا أجسادهن بروث البقر تجنبا للاغتصاب؟


شاهدت الليلة الماضية بقناة فرنسا 24 العربية ( بعد التاسعة بتوقيت القاهرة) تقريرا بالتسجيلات المصورة الأرشيفية والشهود و المؤرخين عن فظائع فرنسا الاستعمارية في الجزائر قبل الاستقلال، وتحديدا اغتصاب عسكرها لشقيقاتنا الجزائريات. وكان من بين الشهود والمؤرخين أيضا فرنسيون أحرار.
بقلم كارم يحيى
وعلمت أن جزائريات كن يتجنبن الاغتصاب بدهن أجسادهن بروث البقر حتى ينفر منهن المستعمرون المجرمون.
وتذكرت مع انتهاء عرض هذا التقرير المهني والصادم الشجاع مسرحية شاهدتها في القاهرة قبل سنوات من إخراج الاستاذة "ليلى سليمان" ابنة الأستاذة "درية الكرداني" زميلتي ودفعتي في كلية الإعلام ( قسم صحافة ) جامعة القاهرة 1980 والفنان التشكيلي "حسن سليمان" رحمه الله.
أتذكر أن المسرحية اسمها "زج زج" ، وتعالج في دراما حديثة وقائع اغتصاب جنود الاحتلال البريطاني لفلاحات مصريات من بنات قرية "نزلة الشوبك" جنوبي القاهرة. وهذا استنادا إلى وثائق الخارجية البريطانية و تحقيقات مديرية الجيزة و "الكتاب الأبيض" الذي تقدم به الزعيم الوطني "سعد زغلول" في مؤتمر باريس طلبا لاستقلال مصر . وكان فلاحو القرية قد تصدوا للاحتلال في اثناء ثورة 1919 وقطعوا خط السكك الحديدية بين القاهرة والصعيد المار بجوار القرية، وهاجموا بفؤوس الفلاحة قطارا يقل جنودا للإحتلال.
كانت المسرحية وفق ما أتذكر ـ وربما شاهدتها على مسرح "الجزويت" بالقاهرة قبل سفري إلى تونس عام 2016 ـ حافلة بأصوات النساء المغتصبات بعد مقاومة ، ومن واقع ما تم تدوينه من شهاداتهن في تلك الفترة في التحقيقات التي تم إهالة النسيان عليها . وكان من بين المغتصبات أمهات وزوجات.
وأظن أن تسمية "زج زج" للمسرحية تعود إلى هذا اللفظ الذي استخدمه العسكر الإنجليز حينها للتعبير عن رغبتهن في ممارسة الجنس مع الفلاحات وبالقوة والقمع والاغتصاب.
والآن أتذكر أيضا أنني عندما زرت "بومباي" بالهند في خريف 1988 وأقمت بها أسبوعين، استمعت إلى اللفظة ذاتها من قوادين هنود في شوارع وسط المدينة الكوزموبوليتانية يعرضون بضاعتهم على زبائن محتملين . وهذا مع إضافة فعل عربي خليجي، وعلى هذا النحو :" تسوى زج زج ؟".
..لعن الله الاستعمار بريطانيا أو فرنسيا أو بأي جنسيةأو لون أو مبررات دينية أو قومية أو غيرها . ولا يقل سوءا وخزيا ووحشية وهمجيه عنه حكم وقهر الاستبداد والفساد باسم الوطنية والدين، أو حتى باسم العمال والفلاحيين.
وهل احترم حكامنا الذين توالوا بعد الاستقلال عن الاستعمار الاجنبي تضحيات ونضالات شعوبنا؟
.........

(*) االصورة من موقع " أصوات مصرية " للمصور "روود غلينيس" من خلال شبكة الإنترنت

11 مارس 2022

سيد أمين يكتب: أوكرانيا.. فضحت الشرقي والغربي

كشف الغزو الروسي لأوكرانيا، وما رافقه من مواقف ودعوات وتصريحات من البلدين أو حلفائهما، عن التناقضات الجسيمة للسياسات الدولية، حيث ظهرت جلية مرة أخرى المعايير المزدوجة التي يتعامل بها المجتمع الدولي غربه وشرقه في قضايا العالم.

فإذا أجرم القوى فسيلتزمون معه بحدود السياسة والدبلوماسية، وإذا اخطأ الضعيف أو أساء التقدير نسفوه من وجه البسيطة نسفًا.

وتجلت تناقضات ما يسمى بالمجتمع الدولي، وغالبا ما يقصد به الدول الأقوى في العالم، في مواقف هذا المجتمع من اجتياح الدول المستقلة والاستيلاء عليها أو تدميرها، وفي عمليات الإغاثة واللجوء وحماية المدنيين، وفي توصيف عمليات المقاومة: هل هي مقاومة وطنية أم ميليشيات إرهابية؟

ولتوصيف هذه الحالة بشكل أدق دعنا نتفق على أن المعركة الدائرة الآن بين القوات الروسية والأوكرانية هي في الحقيقة معركة بين روسيا وحلفائها كالصين وكوريا الشمالية، وبين أمريكا وحلفائها الأوربيين، والفرق فقط في أنها تدور على أرض التماس بين المتصارعين وهي أرض أوكرانيا.


اجتياح الدول


مما لا شك فيه أن قيام روسيا وهي قطب عالمي يحسب له حساب، بمحاولة اجتياح دولة ضعيفة كأوكرانيا، جريمة تخلّ بنظام العالم، وتؤسّس لنظام متوحّش يلتهم فيه القويّ الضعيف.

ومما لا شك فيه أيضا أن هبّة أمريكا لنجدة الضعيف هي أمر يساعد على استمرار بقاء النظام الدولي، الذي يبقى رغم هشاشته أفضل بكثير من سيادة منطق الغابة.

لكن للأسف لا هذه ولا تلك يهمها كثيرا فكرة احترام استقلال الدول، فالقوي دائما يفرض منطقه بقوته، وهو واثق من أنه سيحدث في النهاية تقاسم المصالح بين الأقوياء.

فلم تلتفت روسيا ولا أمريكا لمنطق احترام استقلال الدول واستقرار النظام العالمي، حينما اجتاحت كل منهما دولة صغيرة اسمها أفغانستان، وقتلت الناس وأزالت حكومات شرعية وعينت حكومات تابعة بدلا منها.

ولم تلتفت أمريكا إلى هذا المنطق حينما غزت العراق وقتلت مئات الآلاف من شعبه، كما لم تأبه روسيا بإرادة الشعب السوري وحقه في تغيير نظام حكمه، بل أقامت هناك أبشع مسلخ بشري شهده القرن الحادي والعشرين لأبناء هذا الشعب الشقيق، ونفس الأمر تماما فعلته في الشيشان أيضا.

ولم نجد قلقا روسيا أو صينيا على نظام العالم حينما أحدثت أمريكا مأساة العراق، لم نجد كذلك قلقا أمريكيا وأوربيا حينما أحدثت روسيا مأساة سوريا أو الشيشان.

كنا نسمع فقط تصريحات إعلامية سرعان ما تخفت حينما تتم التسويات بين الأقوياء.


مقاومة أم مليشيات إرهابية؟

لا يوجد تعريف محدد يميز الفرق بين المقاومة والمليشيات الإرهابية، لكن الواقع أثبت أنه يتم تعريفها حسب المستفيد منها أو المتضرّر.

فإذا كانت تحقق مصلحة أيّ دولة كبرى فستصبح هنا “مقاومة” وسهبّ كل الحلفاء لنجدتها، وإذا كانت ستضر بمصالح ذات الدولة، فهي قطعًا مليشيات إرهابية، وسيهبّ الجميع لعقابها.

ولما كان الأمر كذلك، أعلن الرئيس الأوكراني عن فتح باب التطوع للأجانب من خارج البلاد في الجيش الأوكراني، وصمتت على ذلك أمريكا التي كانت في حرب ضروس ضد المقاومة العراقية والمقاومة الأفغانية، وكانت تسمّيهما المليشيات الإرهابية، مع أن عناصر هذه المقاومة هم أبناء البلد، وأمريكا هي الغازية.

وفي المقابل نددت روسيا بالدعوة الأوكرانية واعتبرت ذلك تحشيدا للمرتزقة والمليشيات الإرهابية، في حين أن مليشيات “فاغنر” الروسية تسرح وتمرح في شرق ليبيا، وتقتل أبناء البلد الحالمين بالحرية في بلدهم.


إغاثة اللاجئين وحقوق الإنسان

لم ينفطر قلب أيّ رئيس روسي أو أمريكي أو أي من الحلفاء الغربيين على مأساة اللاجئين السوريين الذين شبعت أسماك البحر المتوسط من التهام أجسادهم، وجمّد الجليد أبدانهم.

فلم تسع روسيا لإقناع بشار الأسد بحق شعبه في اختيار رئيسه، والبقاء في أرضه، وأنه هو الذي يجب أن يرحل وليس هم، وهذا هو ألف باء المنطق.

وعلى الجانب الآخر، لم تقم أمريكا بالذهاب إلى سوريا من أجل إنقاذ الأبرياء، بل اتجهت إلى زيادة تدفق شلالات الدماء هناك بقتل المزيد من الشعب بوصفهم إرهابيين.

ولم تفعل روسيا شيئا للاجئين العراقيين الذين تسببت أمريكا في مأساتهم، كما لم تفعل أمريكا شيئا للاجئين الشيشان الذين تسببت روسيا في مأساتهم.

لكن حينما يتعلق الأمر باللاجئين الأوكرانيين فإن قلب أمريكا وحلفائها يتسع لهم جميعا، نكاية في روسيا. وقطعًا ستجد روسيا المناسبة التي ترد فيها على أمريكا بالمثل.

وفي نفس الأزمة تجلّى أحد مظاهر التفريق في التعامل بين اللاجئين، حينما شكا قسم منهم خاصة الأفارقة والعرب من قيام الدول التي فروا إليها في أوربا بمعاملة اللاجئين الأوكران معاملة تفضيلية.

هذه مجرد مقابلة كاشفة لموقف واحد من مواقف قطبي العالم، وكيف أنهما ينظران إلى العالم من نظاراتهما الخاصة، وأن قوة كلّ منهما تكفي لأن تفرض رؤيتها على من حولها من الصغار، ويجلس العالم مستمعًا بإنصات وترقّب وحذر.


روسيا أم أمريكا؟

أنا شخصيا لو خُيِّرت بين مرجعية أمريكا ومرجعية روسيا، لاخترت الاستقلال التامّ لبلادنا عن التبعية للقوى العظمى، ولكن لو فاضلت بين الدولتين فقطعًا سأختارأمريكا، لأن لديها على الأقل الديمقراطية التي نحلم نحن بها، حتى لو كانت تطبقها فقط داخل حدودها.

أوكرانيا نالت الجزء الأكبر من التعاطف في الشارع المصري والعربي لأنها تذكرنا بمآسينا في العراق وسوريا وليبيا، ومع ذلك يبقى الشارع العربي أيضا حذرًا من المواقف الأمريكية، بسبب انحيازاتها للنظم الاستبدادية في عالمينا العربي والإسلامي.

حينما يكون الضحايا عربًا أو مسلمين فإنهم يقعون عادة بين فكّي كماشة الاستبداد الشرقي والغربي ولا نصير لهم إلا سواعدهم.

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر

لتخطي الحجب | https://ajm.me/wt3hat

02 مارس 2022

سيد أمين يكتب: لطمة إسرائيل في أفريقيا.. مثالية تحتاج إلى استكمال

 


الجهد الذي بذلته دولة الجزائر الشقيقة، برفقة جنوب أفريقيا ونيجيريا، من أجل الحصول على الدعم الأفريقي اللازم لتجميد القرار السابق لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بإضافة إسرائيل بصفة “مراقب”، هو قطعا جهد مشكور يستحق التقدير، وهو محط ثناء كبير في الشارع العربي والإسلامي بالفعل.

لكننا إذا نظرنا نظرة أكثر تعمقا، فسنجد أن الأمر برمته يمثل وصمة عار كبيرة في جبين الدول العربية، حينما عجز بعضنا أو حتى تواطأ لمنع إصدار القرارالأصلي محل الحديث.

وكان الاتحاد الأفريقي قد شكّل في القمة الـ35 له، لجنة من ستة رؤساء دول -بجانب الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ماكي سال- وهُم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس النيجيري محمد بخاري، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، ورئيس الكاميرون بول بيا، ورئيس رواندا بول كاغامي، لبحث الأمر.

ونجحت اللجنة في تجميد القرار، مع أن هذا الانتصار يحتاج إلى مزيد من الجهد والدعم، ليكون قرارا نهائيا وليس مؤقتا كما هو الحال الآن.


تبدل المواقف


المهم في الموضوع ليس تجميد القرار أو تأييده، ولكن في انهيار النفوذ العربي لدرجة جعلت إسرائيل تتجرأ وتطرح هذا الطرح، ويصمت عليه الجميع العام الماضي، في قارة كانت منذ عقود قليلة داعمة بشكل شبه كلي للقضية الفلسطينية والحق العربي، وكانت تقف في نفس الخندق الذي يقف فيه العرب. وكانت دولة فلسطين تشارك منذ زمن منظمة الوحدة الأفريقية بصفتها ضيف شرف في القمم الأفريقية.

والحقيقة أنه يجب عدم إلقاء اللوم على دول الاتحاد الأفريقي، خاصة دول جنوب الصحراء الكبرى التي تعاني الفقر ومعضلات متنوعة، ودفعت ضريبة رفضها مصافحة يد إسرائيل الممتدة إليها بينما الدول العربية تهدر أموالها في الغرب والشرق إلا في أفريقيا.

لأنه لا يُعقل أن تبقى هذه الدول على مواقفها من إسرائيل، بينما العرب أصحاب القضية هم من هرولوا للتطبيع مع إسرائيل، ووصل بهم الانحدار إلى درجة التحالف معها عسكريا، بعد أن كانت هى العدو الأول والوحيد لأمة العرب.

بل إن هناك تقارير تتحدث عن قيام دول عربية -يكاد يعرفها الجميع- بفرض عقوبات اقتصادية على دول أفريقية لإكراهها على سرعة التطبيع.

بينما تتحدث صحف إسرائيلية مثل “جورزاليم بوست” عن أن هناك 21 دولة ذات أغلبية مسلمة في القارة السمراء خاضت معركة لتجميد القرار، من إجمالي 55 دولة أعضاء بالاتحاد.

والمؤسف حقا في هذا الادعاء -إن صح- أن تعارض القرار 21 دولة فقط، بينها دول ليست ذات أغلبية مسلمة مثل جنوب أفريقيا، في حين أن القارة بها 26 دولة ذات أغلبية مسلمة، وكثير من باقي الدول يمثل المسلمون فيها الأقلية الكبرى.

والمفجع أن “تدّعي” الصحيفة الإسرائيلية أن دولا مثل السودان والمغرب وتشاد كانت تقف مع الموقف الإسرائيلي.

ولعله من المهم أن نذكر أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد الذي اتخذ قرار الضم بشكل منفرد في يوليو/تموز 2021، كان رئيسا لمجلس وزراء تشاد، مما يؤكد وجود تدخلات لحكومة بلاده في هذا الموقف.


البعد الأمني


في العقد الأخير أهمل العرب أفريقيا تماما، وتركوها نهبا للتدخلات الدولية، فتصارعت الضباع جميعا للاستحواذ على الفرص الخصبة فيها، واحتدمت التدخلات الإسرائيلية والفرنسية والروسية والأمريكية والصينية والبريطانية والهندية فيها، ولم نجد دولة عربية أو مسلمة واحدة تدرك هذا الخطر إلا تركيا التي دخلت هى الأخرى في الصراع بمشروعات تنموية واستثمارية في العديد من دولها.

ولم تدرك الدول العربية -لا سيما في الجزء الأفريقي منها- أن علاقاتها مع الدول الأفريقية ليست ترفا، لكنها هدف وجودي لأمنها القومي، لا يقل بتاتا عن أهمية التسليح.

بينما قامت دول عربية أخرى بالاستثمار في أفريقيا ليس من أجل دعم المصالح العربية، ولكن من أجل دعم مصالح تحالفاتها مع إسرائيل.

ونجم عن هذا الغياب تفجّر مشكلات غاية في الخطورة أهمها، إنشاء سد النهضة الإثيوبي، وانفصال جنوب السودان، والانفراد الفرنسي بدول الصحراء الكبرى.


صاحب النفوذ الأوسع

وإحقاقا للحق، فقد أدرك الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي أهمية أفريقيا مبكرا، فكان لنفوذه دور ملموس داخل القارة السمراء، استطاع من خلاله تعويض غياب الدور العربي، حتى إن فكرة تأسيس الاتحاد الأفريقي جاءت بمبادرة منه خلال القمة الأفريقية في مدينة سرت عام 1999، قبل انتخابه رئيسا له عام 2009.

وكان الهدف من ذلك أن يكون الاتحاد مظلة جامعة لجميع الدول الأفريقية الـ55 وليس 35 دولة فقط، كما كان الحال في منظمة الوحدة الأفريقية المنحلة، مع تعديل آليات التصويت فيه.

وكان للقذافي أنشطة كبيرة ومتنوعة في معظم أرجاء القارة، لدرجة جعلت وكالات الأنباء العالمية تصفه في تقارير لها بأنه صاحب النفوذ الأوسع في القارة السمراء.

وقد حذّر الباحث المتخصص في الشؤون الليبية بكلية دارتموث بالولايات المتحدة ديرك فاندويل عام 2010 من تنامي نفوذ ليبيا بقوله إن دورها إحدى القصص التي لم تسطر بعد، ولم يلتفت إلا قليلون لخطورته، والأمر المثير بالطبع هو حجم ما يمكن أن يمنحه القذافي لها وما ترغب الدول الواقعة جنوب الصحراء في تقديمه له.

في الختام، نقول إن اللطمة التي تلقتها إسرائيل في أفريقيا كانت قوية ومستحقة، ولكن ينبغي الحذر من اتفاقات تحت الطاولة.


المزيد:

18 فبراير 2022

الاثرية علياء نصر تكتب : عقدة الخواجة من لغتنا الاصيلة


منذ تخصصت في الحضارة المصرية القديمة.. وفي نفسي شئ ملتهب يثلجه هذا المقال ،..وأهديه لكل مبتلى بعقدة الخواجة، ولأي متنصل من هذه اللغة المكينة ،اللسان الأقوى والوعاء الأعظم لكل المعاني، مهما زاد تعقيدها ودقت دلالاتها، ففيها متسع لما لا يتسع له غيرها، وبها من التفرد والرشاقة والعمق والجمال والدقة ما لاينكره إلاكل سطحي جاهل، ولطالما كان في نفسي شئ منذ تخصصت في دراسة الحضارة المصرية القديمة من تدريس اللغة المصرية القديمة باللغة الانجليزية .
وقد رأيت أن اللغة الانجليزية أفقر كثيرا من أن تكون وعاءا للغة في قوة وعمق اللغة المصرية القديمة ،فالانجليزية فقيرة كوعاء للمعاني(فتجدهم يترجمون يصرخ ويصطرخ على نفس المعنى cry،وذلك لضعف الانجليزية عن استيعاب دقة الفارق بين الكلمتين،من حيث زيادة قوة المعنى بزيادة عدد الأحرف،وهو ما ابتلينا به في ترجماتهم السقيمة للقرآن التي تفقده الكثير من القوة وتشح بإفلاسها عن إيصال دقة المعنى،بل وتتجاوز هذا وصولا إلى حد التحريف الكامل للمعنى)،ولا غرو،فليس بعجيب أن يعجز الضعيف عن احتمال من هو أشد منه وأقوى.
وأقيس على ضعفها هذا في احتمال العربية ضعفا أفدح منه في احتمالها للمصرية القديمة ،هذا فضلا عن هزالتها من حيث القيم الصوتية ،فلدينا من القيم الصوتية في اللغة المصرية القديمة مالا نجد له نظيرا في تلك اللغة الشاحبة،التي يعييها الوفاء بنطق الكثير من مجموعة الأحرف الحلقية إلا لأيا وعلى تحريف كبير وبمشقة تثير الشقفة والاشمئزاز_فتجدهم إفلاسا يضعون حرف h مرة منقوطا من أسفل ومرة مشروطا من أسفل بشرطة عرضية ومرة يحده قوس سفلي صغير للدلالة المفلسة على الأحرف الحلقية التي تعجزهم وتفضح فقرهم اللغوي ( الحاء والغين والخاء)، وكذا الحال مع بعض أحرف المجموعة اللهوية(كالقاف ) ،وما يعتري لسانهم من خلط بين بعض الحروف النطعية واللثوية،علاوة على زعمهم بخصوص الباء الانفجارية والمهموسة(وقياسهم الفاسد في نطق بعض القيم الصوتية عزوه إلى القياس على النطق في القبطية،وهو قياس فاسد،كون القبطية مرحلة تشوه وانحراف للغة المصرية القديمة داخلها دخن واعوجاج بتأثير لسان المحتل الذي تأثرت به اللغة المصرية القديمة سلبا،ولا ندري أنحمد لأجدادنا لجؤهم لحيلة تدوين المصرية بأحرف يونانية،إضافة لسبعة أحرف مصريةكونها حيلة حفظت اللغة بزعم البعض؟ أم ننقم عليهم تخليهم عن اللغة المصرية الأصيلة
والحق أن مرونتهم الزائدة تلك كلفتنا خسارة تميز اللغة الأصلية كتابة ونطقا،فاستوردت لطامتنا الكبرى طريقة نطق أعجمية انحرفت باللسان المصري الفصيح _انحرافا قاسوا عليه قياسات شوهاء فيما بعد إفكا، وصولا لإسقاط نهايات الكلمات نطقا وكتابة كالراء والتاء،فضلا عن إقلاب العين الحلقية ألفا والحاء هاءا،وكذا استيراد قواعد لغوية مشوهة ليس فيها من لغتنا الأصلية إلا ضباب نلقاه عرضا فيما يسمونه التصريف القديم للفعل) وما أميل له_بلا دليل حتى الآن _ أن الباء المصرية هي الانفجارية،والمهموسة دخيلة على نطقنا الفصيح،وربما كان الفرق بينهما_علامتي المقعد والساق_ هو فارق في الاستخدام لا النطق ،تماما كالفارق بين حرف السين حين يكتب بعلامة القماش المطوي وبعلامة المزلاج،ولا يؤثر هذا على نطق الحرف....
ولا يستقيم أن يعول علي الانجليزية أبدا كوعاء للغة المصرية القديمة كونها لا تشبهها في شئ، هذا فضلا عن افتقارها لدقة التصنيف والحركات المنطوقة في اللفظ الواحد مما يجعل الكلمة _المسموعة لا المكتوبة_ تحتمل أكثر من معنى،وهذا خلل كبير..وإني لأعجب أن نجد الكلمة الواحدة(من حيث النطق وإن اختلف المخصص) تنطق بنفس الحركات،..فكلمة (عنخ تحمل على معنى حياة وعلى معنى أذن، تنطق كلتاهما بفتح الحرف الأول وتسكين الثاني والثالث) ،وكلمة (رع هي الشمس واليوم والمعبود رع وتنطق جميعا بفتح الحرف الأول وتسكين الثاني) لايمايزهم إلا اختلاف المخصص التصويري ،وهنا ينفجر السؤال... إن كان بإمكاننا تمييز دلالة الكلمة من حيث المعنى من خلال المخصصات التصويرية،فكيف يميزها من يسمع الجملة سماعا ولا يراها كتابة؟،وهب أنك تنطق أمامي كلمة عنخ فكيف أفهم إن كنت تقصد أذنا أم حياة؟وأذني قطعا لا ترى مخصص الكلمة الكتابي.. ويعجزنا ادعاء أن السياق يشرح المعنى فكم من سياق خادع،وهي ورطة أورطتنا بها النخبة الأجنبية من العلماء الأوائل الذين قاموا بأمر اللغة المصرية القديمة ،ولا نجد لها مخرجا إلا أن تكون للكلمة حركات كحركات العربية رفعا ونصبا وجرا تتمايز بها طريقة نطق الكلمة الواحدة وعليه يزول اللبس،..وهذا ما تفتقر له اللغة الإنجليزية ،فكلمة can عندهم تعني( يستطيع ويعلب وعلبة)،وهذا عوار عندهم فلماذا يلزموننا عوارهم وفي منطوق لغتنا عوض عن نطقهم الأعرج،الذي لا يعطي الكلمة حركات بها نمايز اختلاف معاني الكلمة الواحدة وتباين دلالاتها،.. ولما كان من قام بسبق الدراسة لهذه اللغة العميقة هم الأجانب فقد قاسوها قياسا باطلا على لغاتهم ومن هنا حدث هذا الخلل الكبير،..فالحق أن تقاس اللغة المصرية القديمة _عوضا عن القياس الفاسد على الإنجليزية_على أقرب اللغات بها شبها،وهى العربية أو في الحد الأدنى أن تقاس على المصرية المعاصرة التي هي امتداد للمصرية القديمة على ما شابها من دخن اختلاطها بلغات المحتل يوناني وفارسي وتركي وانجليزي وفرنسي و#عربي_وهو ما أزعم أنه عود لها لا شذوذ عنها
لكن يبقى أثرها حتى اليوم في الكثير جدا من مفرداتها وتراكيبها اللغوية،وفي الوقت الذي تأخذنا فيه الترجمات الانجليزية لأقصى بعد عن المعنى الواضح جدا الذي يلتمسه المصري الناطق بالعربية نجد في اللغة العربية حلا لكل ما يرد من ألغاز اللغة وكشفا لأسرارها الدلالية،فضلا عما تحويه من قيم صوتية مما يطابق تماما تلك القيم الموجودة في لغة الحضارة الأقدم في تاريخ البشرية ،وعليه تصح في تصوري تلك الفرضية العلمية_إن صح النقل واستخدام المنهج الأكاديمي المعتمد في الوصول لنتائجها_ التي أدعمها بقوة،..فالعربية وثيقة الصلة باللغة المصرية القديمة وهي في نظري أصح وأنسب وعاء لاحتواء تلك اللغة من حيث القيم الصوتية والمفردات بل وأتعدى ذلك إلى بلوغهما حد التطابق في القواعد الأجرومية،وهي حقيقة يسهل التوصل إليها بأقل مجهود يبذل ،فلننظر ولو شذرا لقواعد اللغة المصرية قديما ونضعها في مقارنة بنظيرتها-ووالله لا تناظرها إلا مجازا-الانجليزية او الألمانية مقارنة بوضعها على الوطاء نفسه مع العربية،.
يتشابه الأمر حدا بلغ تطابق الكلمات التي بها يتعدى الفعل لمفعولين (مثل أعطى وعين ووظف وأرى) وهي ذات الكلمات المتعدية لمفعولين في كلتيهما ،وحتى وصولا إلى (لام المداومة والصيرورة ولام التوكيد) والتي تدخل على الفعل في العربية كإضافة لأغراض أدبية بلاغية،.
يماثله تماما دخول الأداة (حر) على الأفعال في المصرية القديمة ،ولكونها لا تناظر قواعد الانجليزية تجدهم _العلماء الأجانب_في تخبطهم يسمونها (تركيبة خادعة)،وليس فيها من الخداع شئ لو أننا قسناها على نظيرتها في العربية،فبالقياس على العربية يزول كل لبس ويكشف كل سر ويتعمق الفهم ويتضح المعني، وهذا فقط يدركه المتخصصون في اللغة الذين يخرج عن إمكانهم إنكار ذلك، وإني لأزعم أن مناهج اللغة المصرية القديمة إن تم تدريسها بالعربية لفوجئنا بكم التقارب الكبير في المفردات والقواعد الأجرومية بل ويمتد التقارب إلى معاني ودلالات التراكيب اللغوية، فالكثير من الكلمات العربية هي بكليتها مصرية قديمة أو بالحد الأدنى مشتقة من جذر منها ،وإن كان دأبنا هو استيراد لغة أجنبية لفهم لغة أجدادنا التي هي بالأساس لغتنا التي مازال منها على لساننا الكثير،.. فبئس ما نستورد ،..فما أخزى أن يتسول أحفاد السقائين ماء بئر حفره أجدادهم من صحراوي فقير،..ولست أنشر هذا المقال للعالمين بقدر هذه اللغة ففي عمق وعيهم ما يغني عن تعريفهم بما هو معلوم بالضرورة،وقد سبق لهم من المولى الاجتباء والمن بإدراك تلك الحقائق قبل أن تتوصل إليها أية أبحاث أو دراسات للمتخصصين في علوم اللغة،وإنما أنشره للمتباهين بلي ألسنتهم بلغات أقل ما فيها من وبال هو فقرها حتى على المستوى الدلالي ، فضلا عما فيها من انفجارات صوتية شاذة تؤذي من امتن الله تعالى عليه بسمع سليم . وإني لأرجوا أن يصل رأيي هذا لأساتذتي الكبار علماء اللغة المصرية القديمة الكرام الذين أفتخر بهم وأقدرهم كثيرا،وأكن لهم محبة صادقة، وأعتز بهم اعتزازا لا يضاهيه اعتزاز بغيرهم،..وكذا أرجوا أن يصل هذا المقال لكل المهتمين بعلوم اللغات على الكلية،..فأعيروا المقال وعيكم، لعل الوهاب يمن على البعض بنعمة الفهم... #علياء_نصر

(المقال القادم المشار إليه منقول وعلى مسؤلية الباحث، ...

ولا أتفق معه إلا بقدر استحساني لنتائج هذا البحث_ إن صح ما ذكره الباحث_،ولا تمثلني آراؤه الأخرى في أي قضايا لغوية وعليه عهدة النقل. #علياء_نصر)

مقال عن.. #اللغـــــــة_العـــــــربية

لغة (كون) و ليست لغة (قوم)

- لكل من لديه رغبة تأملية في أسرار اللغة العربية التي يكشفها العلم الحديث فهذا البحث لديه بعض الإجابات !

- و هو نتاج بحث عشرة علماء من كل أصقاع الأرض ،،،

- توصّلوا مؤخّرا إلى اكتشافٍ عظيم فكّك كل الشيفرات اللغوية و استطاعوا وضع شجرة عائلية للغات الأرض، وضع خارطة الجينوم اللغوي التي يستطيعون من خلالها معرفة كل لغة ومن أي عائلة انحدرت و من هم أقرباؤها و أولادها وأحفادها فيما يشبه الجينوم البشري ، ما يُعتبر معجزة القرن الحادي والعشرين فأسسوا لذلك في مؤتمر عقد في لندن سنة 2003 علما جديدا أسموه علم اللغة الكونية ، و أصبح يدرس في الجامعات البريطانية خصوصًا جامعة لندن و غيرها من الجامعات.

- و يحدد هذا العلم العلاقة الصوتية بين اللغات ، بعد أن وجدوا في كل لغة عددًا من الأصوات كان أكثرها عددا في اللغة الصينية التي بلغت 60 صوتًا بينما لغة الزولو كانت أقل هذه الأصوات عددًا و حددوا لها 11 صوتًا فقط، بينما الإنجليزية بلغت 44 صوتًا و الفرنسية 42 صوتًا ، و تتوسط اللغة العربية هذه اللغات بعدد37 صوتًا ، و يبلغ مجموع الأصوات التي تصدر عن كل لغات العالم 199 صوتًا ! و نذكر أهم خلاصات هذه البحوث و إلى ماذا توصّلوا ؟

- يقول البروفيسور سعيد الشربيني و هو العالم المسلم العربي الوحيد بين العلماء العشرة و هو بريطاني من أصل مصري: أنَّه في بداية البحث كانت اللغة العربية في ترتيب متأخر في جدول اللغات !

- حيث كانت اللغة الصينية تتربع على رأس الجدول تليها اللغات الأشهر والأكثر تداولًا كالإنكليزية والفرنسية و غيرها ، لكن بعد وضع المعايير العلمية لعلم اللغة الكونية و هي معايير علمية بحتة لا عواطف فيها و لا تحيز و لا أدلجة بدأت اللغة العربية تصعد نحو المراتب الأولى حتى وصلت إلى المرتبة الثانية بعد الصينية !فكلما وضع العلماء معيارا ثابتا جديدا لعلم اللغة الكونية يجدون بأنه لا ينطبق سوى على اللغة العربية حصرًا !

- لكن سيَرِدُ في أذهاننا فورًا سؤالان مهمان:

ما هي أهم هذه المعايير العلمية لعلم اللغة الكونية ؟

- و لماذا ما زالت اللغة الصينية تتفوق على باقي اللغات و خاصة العربية و تحتل المرتبة الأولى في الجدول ؟

- في الإجابة على هذين السؤالين سأختصر لكم ما قاله *البروفيسور الشربيني* أحد العلماء العشرة المؤسسين لهذا العلم حيث يقول:

- بعد دراسة معمقة لسنوات عدة لجميع الأصوات التي تصدر عن جميع اللغات التي يتحدث بها البشر والتي تم حصرها بعدد 199 صوتًا ( اللغة الكونية تتعامل مع صوت الحرف ) وجدنا أن هناك ثوابتاّ تحكم مسيرة أية لغة أهمها:

- عدد اللغات التي سادت في الأرض منذ بدء الخليقة حوالي 1000 لغة مات منها ( نعم تموت اللغة !) حوالي 400 لغة و جميع اللغات السائدة الآن المتبقية عددها 602 لغة !

- حتى تاريخ نشر هذا البحث ، و أن هذا العصر الذي نعيشه أسماه هؤلاء العلماء عصر كوليرا اللغات حيث تموت كل أسبوع لغة و آخر اللغات موتًا هي اللغة النوبية ! و أنه و وفقًا لهذا المعدّل بنهاية هذا القرن سيبقى بحلول العام 2090 لغتان أو ثلاث لغات فقط و بنهاية العام 2100 ستكون هناك لغة واحدة فقط على قيد الحياة ! *ما هي هذه اللغة ؟*

- يقول العلماء هناك عوامل ثابتة تحكم حياة أو موت أي لغة و منها:

1- لا يمكن لأي لغة في العالم أن تعيش بدون صوت حرفي الألف و اللام ( ال ) و هما يمثلان جذر شجرة هذه اللغة ، فاللغة التي تفقد هذين الحرفين أو أحدهما تموت فورًا ،،

2- يمثل صوت حرف الميم (م) التربة التي تعيش فيها أي لغة ، و عندما تفقده ستصبح في حالة نزع سيؤدّي لموتها ..

3- صوت الراء (ر) هو روح اللغة أو يخضور الشجرة فعندما تفقده اللغة تصبح جسداً بلا روح سيتلاشى ثم يزول

- 4 صوت حرف الباء جذع الشجرة أو ما يقابل العمود الفقري !

- *فعندما ينحني هذا العمود و يعوجّ تشيخ اللغة و تتجه نحو حتفها ، لكن لو سألنا و كيف ينحني أو يشيخ الحرف ؟*

- يجيب العلماء بأن ذلك يحدث عندما يتشظَّى صوت الحرف لعدة أصوات كما في الانكليزية مثلًا حيث تشظّى صوت حرف الباء إلى ( B, P ,V ) و هذا مؤشر على بدء شيخوخة هذه اللغة و اتجاهها نحو موتها ، (اعتمد العلماء صوت حرف الباء العربية مرجعاً معيارياً لقياس سلامة العمود الفقري لأي لغة) ،،

- 5 تمثل الضمائر الأغصان أو الأطراف لأي لغة ، و هذه الميزة فقدتها اللغة الصينية كما يقول العلماء ، و هذا ما يجعلهم يتجهون إلى إنزالها للمرتبة الثانية و ارتقاء اللغة العربية لمركز الصدارة ، حيث أنَّ بقاء اللغة الصينية في الصدارة ناجم عن ميزة وحيدة تتقدم بها على اللغة العربية و هي قدم التدوين !

- 6 اللغة تتنفس و المقصود بتنفس الحرف هو إشباعه و تمثل حروف *( ا ، ي ، و ،)* و هي حروف المدّ الطبيعي في اللغة العربية الرئة التي تتنفس منها كما أنها تتنفس بعمق من خلال المدود حيث تنفرد اللغة العربية بهذه الميزة !

- حرف الضاد هو بمثابة النُّسغ أو النخاج الشوكي للعمود الفقري و الذي يحميها من أي شلل أو رعاش ،،

- بناءً على كل ما سبق و على مجمل الأبحاث التي قاموا بها قرّر علماء اللغة الكونية أنّ اللغة العربية هي أم اللغات. و هي اللغة الوحيدة التي جميع أصواتها حميدة و لم يتشظّ أي حرف من حروفها ! بل و تجعل من حرفي الألف و اللام الضروريان لبقاء أي لغة على قيد الحياة أداة تعريف لجميع الأسماء ، و ميمها تربة باقية وراؤها روحها الحية و عمودها الفقري ( حرف الباء) لم يتشظّ و بقي معيارًا تقاس عليه أحوال باقي اللغات !

- ( و قبل أن نواصل نقول فقط تذكروا *"ألم " ألر " ألمر"* و غيرها من الحروف المقطعة في فواتح بعض سور القرآن الكريم و علاقتها في سرّ نشأة هذه اللغة و سرّ بقائها ) !!

- و يمكنك بعدها فهم قرار علماء اللغة الكونية أنها لغة مخلوقة كآدم و لم تنحدر من أي أصل لغوي سابق لها ، *( و علَّمَ آدمَ الأسماءَ كُلَّها ) !* و يمكنك فهم قرار جامعة لندن حفظ جميع بحوثها الهامة باللغة العربية لحفظها من الضياع و فهم قرار وكالة الأبحاث النووية الأمريكية كتابة العبارات التحذيرية المكتوبة على حاوياتها النووية باللغة العربية ! طبعًا لأنهم يؤمنون بالعلم و نتاجه أيقنوا أن اللغة العربية هي الباقية !

- و نصل إلى أعجوبة هذه الأبحاث التي أُجرِيَت و نتاجها الأهم و هو القاموس الصوتي للغة الكونية ، وهو عبارة عن جهاز إلكتروني يقوم بإحصاء عدد الأصوات في أي كلمة ثم يعطي معنى الكلمة و دلالاتها ، فعندما تنطق أمامه كلمة بأي لغة من لغات البشر يعطيك عدد الأصوات فيها و معانيها ! لكن الحدث الذي أذهل العلماء كما يروي *البروفيسور الشربيني* ، هو عندما نطقوا لفظ الجلالة الله أمام الجهاز كان الرقم الذي سجله الجهاز هو 1 رغم أنَّ اللفظ مكون من 5 حروف ! حيث أعادوا التجربة مرات و مرات ، و النتيجة لم تتغير عدد الأصوات 1 و المعنى الواحد !!!

- بل يقول البرفيسور شربيني قمنا بتقطيع اللفظ فلفظنا ال منفردة فسجل الجهاز 3 أصوات الهمزة و فتحتها و حرف اللام.

- و عندما أكملنا اللفظ عاد الجهاز لتسجيل رقم 1 !! مما جعل أحد العلماء و هو الذي كان يصر على إعادة التجربة لمرات عديدة يعلن إسلامه و لسان حاله يقول علينا إمَّا أن نُكذب العلم و نمارس التنجيم أو أن نؤمن بخالق هذه اللغة الأم التي بثّ لغات عديدة معظمها مات أو سيموت و ستبقى ما بقيت الحياة .. البحث مستمر و هناك العديد من النتائج المذهلة الأخرى ...

- و نتيجة بحوث علمية بأجهزة تصوير طبقي محوري فائقة الدقة قامت بتكبير الدماغ 35 مليون مرة كانت

- النتيجة: اللغة العربية تتربع وحيدة في القسم الأيمن من الدماغ بينما باقي لغات البشر مجتمعة تتزاحم في قسمه الأيسر ؟؟!! فهي اللغة التي:

ننتمي لها

و لا تنتمي لنا .

15 فبراير 2022

سيد أمين يكتب: فضفضة حول الفشل “الجمهوري” العربي

المتأمل في طبيعة نظم الحكم في عالمنا العربي والإسلامي، لا يحتاج إلى أن يبذل جهدًا كبيرًا ليكتشف جليًّا أن سيادة ثنائية “الاستبداد والفساد”، هي القاسم المشترك بينها، وأنه إذا كانت هناك خصال أخرى واصفة لها، فستكون بلا شك “التخلف”، ولو أوهمت شعوبها، والعالم بخلاف ذلك، عبر اتباع نظام “البهرجة” بمشروعات الأكبر والأطول والأضخم.

الفشل الجمهوري

ولن يمكث هذا المراقب طويلا ليكتشف بسهولة أيضا، أن هناك صفة رابعة تخص تحديدا البلدان ذات النظام الجمهوري منها، وهي “الاضطراب السياسي”.

ثم سرعان ما يخرج بيقين أن نظام رأي الأغلبية -وهو جوهر فكرة الاحتكام إلى الجمهور- مهدر تماما في تلك البلدان، وأنه لا يعدو عن أن يكون ديكورا زائفا، ظاهره تمثيل الأغلبية، وحقيقته تحمل أقسى وأقصى درجات الإقصاء لهم، وأنه تعبير صادق عن حكم الأقلية.

ومكمن الخطورة هنا، أن هذا النظام الجمهوري، في حال فساد آليات اختياره، يحمل في طياته خداعا كبيرا وظلما بينا لشعوبه، فيحرم الناس من حقهم في الجهر بالمظلومية، تحت زعم أن هذا الحكم هو في الأصل من اختيارهم.

وفي ظل هذا الوضع الملتبس، يتنامى الشعور بالغبن الوطني، وعدم الانتماء، وتزداد الفجوات بين طبقات المجتمع، وتتفكك اللحمة الوطنية، وتكون النتيجة الصراع والاضطراب وغيرها من الصفات، التي تتسم بها جمهورياتنا العربية على وجه الخصوص.

ومن عيوب النظم الجمهورية العربية، أو التي من المفترض تعبيرها عن اختيارات الأغلبية، أنها إذا أصابت وأنجزت؛ فذلك بفضل حكمة رأس الحكم، وإذا عجزت وفشلت؛ فذلك بسبب قلة وعي الشعب، وعدم قدرته على مواكبة وطنية الزعيم ودأبه وحكمته.

وفي أحيان أخرى، حينما تتصارع أجنحة أجهزة الحكم في الدولة فينتصر الفرع الأضعف، على الأصل المتحكم، يتم عزو الخراب إلى فشل الحكام السابقين المتحكمين.

وبذلك تتوزع المكافآت لتصب في يد شخص واحد ودائرته الضيقة، وتتبدد العقوبات على المجهول غالبا، أو يتم استخدامها لتصفية حسابات سياسية.

أرسخ الديمقراطيات

الديمقراطية لا تفرق بين الممالك والجمهوريات أبدا، فرغم أن “المملكة المتحدة” مملكة فإن دعاة الديمقراطية والجمهورية ومنظريها حول العالم، ظلوا لقرون -وما زالوا- ينظرون إليها بوصفها النموذج الأمثل  لحكم الأغلبية، والتعبير الصادق عن إرادة الجماهير.

والمدهش أن تجد أن الكثير من النظم الوراثية الأوربية كإسبانيا والسويد والنرويج والدنمارك وبلجيكا ولوكسمبورج وغيرها، صاروا هم أيضا مضربا للأمثال في حكم الأغلبية واحترام حقوق الإنسان.

هذا في حين أن كثيرا من النظم الجمهورية في الغرب والشرق، لا سيما في وطننا العربي، صارت هي الأخرى مضربا للأمثال في العالم أجمع، ولكن للقمع والاستبداد وحكم الأقلية.

وقد يستنكف البعض أن أضرب مثلا بديمقراطية بريطانيا ويقول إنها كانت قوة استعمارية عالمية، وهذا صحيح جدا، بل ونزيد أنها ارتكبت من الجرائم في مستعمراتها ما يندى له الجبين، وهي المتسببة في مأساة الشعب الفلسطيني، وهي التي أسست النظم الجمهورية الخادعة في مستعمراتها السابقة.

لكنها مع ذلك كانت أكثر رحمة من الاستعمار الفرنسي، الذي من المفترض فيه أن يكون تعبيرا عن خيارات الجماهير، وثورته الشهيرة التي حولت الحكم من دكتاتورية وراثية، إلى دكتاتورية عسكرية متوحشة.

ومع ذلك فالحديث هنا لا يدور أساسا حول سلوك هذه النظم خارجيا، ولكن حول سلوكها الداخلي مع شعوبها.

العدالة هي الحل

كان من الممكن أن نستخلص أن النظام الجمهوري نظام فاشل لا يحقق العدالة، ولا حكم الأغلبية، لولا أن مد الخط باستقامته يجعلنا نراه ناجحا جدا في تركيا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وإيطاليا وكندا، وغيرها.

كما أن التطبيق الصحيح لفكرة الجمهورية في هذه البلدان، خلق حالة مثالية من العدالة، نراها نحن في بلادنا نوادر تستدعي الاندهاش، مع أننا نحن الأمة التي جعلها الله تعالى تأمر بالعدل والإحسان.

فقدان تلك العدالة في عالمنا العربي هو المشكلة الحقيقية، سواء في الممالك أو الجمهوريات، وبسبب غيابها تحول السجال السياسي الطبيعي الناجم عن اختلاف الآراء بين البشر، إلى صراع دامٍ، يأكل فيه القوي الضعيف، وتدفع البلاد بسببه الثمن فادحا.

نخلص من تلك الفضفضة إلى أن النظام الجمهوري العربي، هو في الواقع استبداد مقنّع، يعادي الجماهير، ويسومها سوء العذاب، ويحتال على الديمقراطية.

والواقع يشهد.

تخطي الحجب: https://ajm.me/3g8rcf
للمزيد: https://ajm.me/n8cpqp

01 فبراير 2022

زهير كمال يكتب: اليمن والإمارات أو الأصل والفرع

تاريخياً، معظم سكان الإمارات هي قبائل عربية هاجرت من اليمن واستوطنت سواحل الخليج العربي ، ولهذا يكنّ شعب الإمارات الإحترام والتبجيل لكل ما هو يمني ، وهذا إحساس طبيعي يشعر به الفرع نحو الأصل. ترجم هذا الشعور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عندما قام بإعادة بناء سد مأرب القديم على نفقته عام 1984 وتم استكماله عام 2003 بتمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية.

تلك الأيام كان حكام الإمارات يهتمون بشؤونهم الخاصة وكانوا بمثابة حمامة سلام بين الدول العربية التي تتشاجر فيما بينها لأتفه الأسباب.

هذه الأيام دخل خلف الشيخ زايد في صراعات إقليمية كبرى قد تطيح بهم وبحكمهم ومن الممكن أن تنهار الدولة بأكملها بسبب تورطهم في أمور أكبر من حجمهم ، وقد يعتبر البعض أن موضوع الإنهيار مبالغ فيه ولكن إذا درسنا التركيبة الديمغرافية سنجد أن عدد سكان الإمارات الأصليين لا يتجاوز مليون نسمة بينما يبلغ العدد الإجمالي للدولة عشرة ملايين، أي أن تسعة ملايين مقيم هم أجانب من كل أقطار العالم يديرون عجلة الدولة وليس لهم مصلحة في الدفاع عنها إذا ما هوجمت بشدة، ومن الغبن والإجحاف وصف مقيمين منذ فترة طويلة وربما ولد أبناءهم هناك بأنهم أجانب ولكن هذا ما يعتبره النظام الإماراتي الذي يريد الاستئثار بالثروة وعدم توزيع جزء منها على مواطنين جدد.   

الدول مهما صغر حجمها لا تنهار إذا كانت تتمتع بحكم ديمقراطي ، فالشعب بأكمله يحمي الدولة. وما يؤسف له أن معظم الدول العربية آيلة للإنهيار لهذا السبب، فنظام حكم الفرد الأوحد المستمر منذ مدة طويلة  لم يعد صالحاً للحياة في هذا العصر.

رغم تبجح الدول الغربية بأنها تدافع الديمقراطية وتطلب من حكامها تحقيق ذلك ولكننا نجد على أرض الواقع أن معظم المستعمرات السابقة لهذه الدول وخاصة دولنا العربية لم تخط أية خطوة ولو صغيرة نحو الديمقراطية منذ نيلها استقلالها وحتى هذا التاريخ.

تتبع الدول الغربية في سياساتها نحو كافة مستعمراتها السابقة سياسة ( من يسيطر على الرأس يسيطر على الجسد) وهكذا تضمن استمرار تدفق ثروات هذه المستعمرات الى خزائنها.

يتحقق السيطرة على الرأس في الدول ذات الحكم الجمهوري عبر الانقلابات العسكرية وتولي رئاسة الدولة عسكري متواضع الذكاء ، وليس بعيداً أن يكون قد تم شراءه وتجنيده عندما كان ضابطاً صغيراً وفقيراً، ثم الدفع به الى الأمام حتى يتولى مناصب عسكرية هامة. وربما كان هذا تفسير لانقلاب السودان الأخير الذي يرفضه شعب السودان بعناد لافت للانتباه رغم التضحيات الجليلة التي قدمها وسيقدمها.

في الدول ذات الحكم الوراثي يتم تربية الورثة عبر مربيات فاضلات من الدول المستعمرة ( بكسر الميم) حيث يتم تعليمهم وتثقيفهم لضمان تبعيتهم المطلقة للغرب.

قديماً كان شيوخ القبائل العرب يرسلون صغارهم الى الصحراء حتى يقوى عودهم ولكن في العصر الحديث يقوم الملوك والشيوخ بتوظيف مربيات أجنبيات وشتان بين تربية على شظف العيش والتعامل مع فرس حرون لابد من ترويضه وبين تربية مرفهة يرطن بها الأطفال بلغة غير لغتهم ويطلبون رضا مربيتهم ويتجنبون عدم إغضابها.

وربما هذا تفسير لاندفاع أمراء الخليج ، بما في ذلك ملك البحرين، الى درجة غير معقولة في الارتماء في أحضان الصهيونية، مخالفين بذلك التوجه العالمي نحو رفض السياسات الإسرائيلية العنصرية حيث لم تعد تنطلي على شعوب العالم سياسات المسكنة والمظلومية التي استعملها الصهاينة لمدة طويلة .

منذ أن بدأت حرب تحالف الرجعيات العربية ضد شعب اليمن ذكرت في مقال لي أن أحد أهم أسباب هذه الحرب هي السيطرة على باب المندب ، المضيق الاستراتيجي الهام ، وكلنا يذكر أن السبب المباشر لحرب 1967 كانت اغلاق عبدالناصر لخليج العقبة في تيران وصنافير.

واستمرار حكم موال للنظام السعودي في صنعاء هي الضمانة لاستمرار بقاء الملاحة الإسرائيلية حرة وطليقة. وهكذا تستمر هذه الحرب طيلة هذه المدة وكانت النتيجة انهاك الشعب اليمني وتدمير مقدراته في نفس الوقت الذي تستنزف فيه أموال شعوب الجزيرة العربية التي يتحكم بمقدراتها أغبياء جهلة لا يعرفون قيمة المال في التنمية والازدهار ونقل شعوبهم خطوات على طريق التقدم ، وليس هناك مبالغة في القول نقل شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية كذلك.

معظم الحروب العربية العربية لا تأتي لتحقيق مصالح الدول المتحاربة بل لتحقيق مصلحة الحاكم الشخصية ، وحرب اليمن أكبر مثل على ذلك.

كان هدف محمد بن سلمان تحقيق نصر سريع يتباهى به مستهلاً فترة حكمه بعد توليه السلطة.

كان هدف محمد بن زايد إضافة الى مساعدة صديقه بن سلمان التباهي بأنه صانع النصر الذي يدعم به مركزه ، وقد ظن الاثنان أن هذا نصر سهل يصنع في عدة أشهر على أقصى تقدير ضد جماعة مارقة خاصة أن رئيس اليمن وعدد كبير من رموز الحكم السابقين الذين ثار عليهم شعب اليمن بعد أن عاثوا فيه فساداً، هم مثل خاتم في اصبع بن سلمان.

وبالطبع فإن جهل الإثنين بالتاريخ والجغرافية أدى الى اطالة أمد الحرب الى 8 سنوات ، وما تزال، وإلى استنزاف ضخم للدولتين.

وفي نفس الوقت تثبت هذه الحرب أنها حرب الأغنياء ضد الفقراء ولا يعدو الكيان الصهيوني سوى سمسار ذكي للأغنياء يشجعهم على صب أموالهم في جيوبه، بينما يحققون مصالحه ويحافظون عليها.

أخيراً ينبغي الاشارة الى أن التصعيد الأخير في الغارات الأخيرة على اليمن مختلف عما سبقه  من الغارات ووارد جداً أن الطيارين في دولتي التحالف هم من المرتزقة الذين يقومون بتنفيذ الغارات بدون اعتبار للضحايا البشرية من المدنيين، قديماً في الحروب التي خاضها النظام السعودي ضد الحوثيين كان طيارو النظام يرمون قنابلهم في الصحراء ، كما حدث في معارك جبل الدخان، فلم تسمح لهم قيمهم في قتل عرب مسلمين.          

لا شك أن مواطني الإمارات يشعرون بالأسى والحزن لما يفعله محمد بن زايد بشعب الأصل في اليمن ولكنهم لا يستطيعون التعبير عن عدم رضاهم وسخطهم على تهور الرجل، ولن ينقلب هذا الشعور الى فعل على الأرض لسببين أولهما عدم وجود حرية تعبير بالمعنى الحقيقي وثانيهما وهو الأهم فتات الثروة التي يوزعها النظام الإماراتي على مواطنيه مما يجعلهم يستكينون لما يفعله شيخ القبيلة، ولهذا فإن اي تغيير في الواقع الحالي سيتم بفعل التاثير الخارجي، وهنا يبرز السؤال الأساسي الذي لا يعيه الجهلة محدثي النعمة:

إذا كان بيتك من زجاج فلماذا تضرب الناس بالحجارة ؟ 

محمد سيف الدولة يكتب: لفشل الثورات عواقب محتومة .. ولكن



(تقدير موقف)محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com
حين تفشل اى ثورة أو انتفاضة شعبية، فانه يترتب على فشلها نتائج وعواقب حتمية لا تختلف من دولة الى اخرى ولا من نظام الى آخر الا قليلا؛
1)فيعود النظام القديم بوجوه جديدة ولكن بذات الخصائص والانحيازات والتحالفات الخارجية والداخلية، وبنفس السياسات والادوات القديمة، ولكنه يعود أكثر قسوة وشراسة وتطرفا تجاه اى معارضة.
2)ويبدأ بتصفية كل ما حققته الثورة والثوار من مكتسبات فى مجال الحقوق والحريات وتداول السلطة ونزاهة الانتخابات والفصل بين السلطات واستقلالها.
3)مع الاسراع فى اصلاح وترميم وتعويض ما اصاب بنيته الداخلية ومؤسساته وقواه وطبقاته ومصالحه من خسائر وضربات على ايدى الثورة، فيقوم بالافراج عن كل من تم اعتقالهم من قيادات النظام القديم، وحل كل مؤسسات الثورة من برلمانات واحزاب وتنظيمات ومنابر صحفية واعلامية، والغاء وتعديل الدساتير ومنظومة التشريعات والقوانين التى تنظم الحياة السياسية واعادتها الى ما كانت عليه، وتطهير كل مؤسسات الدولة من كل الذين قبلوا التعامل مع الثورة..الخ.
4)كما يسارع الى اتخاذ سلسلة من الاجراءات الاستثنائية لتامين نفسه ضد اى احتمال لتكرار الثورة مرة اخرى، فيقوم بتأميم الحياة السياسية والبرلمانية ويعيد فرض هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية وعلى الاعلام، ويقوم بحظر المعارضة او حصارها واغلاق اى هامش ديمقراطى كان متاحا لها قبل الثورة، واغلاق كل منافذ العمل السياسى ومنابر الراى مع سيادة الراى الواحد، والتحكم الكامل فى نتائج اى انتخابات برلمانية او رئاسية، واغلاق أي ابواب لتداول السلطة لسنوات طويلة، محصنا اجراءاته بحزمة من التعديلات الدستورية والاستفتاءات الشعبية والتشريعات الجديدة.
5)مع التنكيل الشديد بكل من شارك في الثورة من قوى واحزاب وجماعات وشخصيات، من باب الثأر والانتقام وايضا حتى لا يتجرأ أحد فى المستقبل على محاولة تكرارها مرة اخرى.
6)والقيام بعملية تجديد واحلال واسعة فى القيادات الكبرى، باحالة الحرس القديم الى التقاعد، واستبدالهم بقيادات وكوادر جديدة لشغل المناصب والمراكز القيادية العليا من عناصر الصف الثانى والثالث والرابع فى النظام السابق، والذين يكونون أكثر شباب وقوة وحماسا ونشاطا ولكن اقل خبرة، مما قد يكون له بالغ الأثر على السياسات والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مع الحرص على تأسيس قاعدة جديدة موالية من السياسيين والمثقفين والكتاب والصحفيين والاعلاميين والنواب لدعم السلطة الجديدة والترويج لها.
7)كما يضطر النظام العائد، الى سداد حزمة من الاثمان والفواتير الباهظة فى شكل اتفاقيات وصفقات دولية واقليمية واقتصادية جديدة، تنتقص من استقلال البلاد وسيادتها وثرواتها؛ مقابل الحصول على الاعتراف الدولي، والتغاضي عن اى اجراءات استثنائية تنتهك الحريات وحقوق الانسان، والامتناع عن تقديم على دعم دولى مستقبلى لأى انتفاضات او ثورات جديدة، بالإضافة الى سداد الفواتير الى الدول التي دعمته وساندته لإجهاض الثورة.
8)ودائما ما يستدعى أى نظام عائد بعد اى ثورة فاشلة، خطاب "الأخيار والأشرار" لتبرير كل اجراءاته الاستثنائية العنيفة أمام الرأى العام الداخلي والخارجي. والأخيار بطبيعة الحال هم النظام وكل القائمين عليه والمؤيدين له، والأشرار هم كل من تجرأ على الثورة ضده وكل من يعارضه.
***
أما على الجانب الآخر فلا تلقى القوى التى شاركت فى الثورة الفاشلة ومعها اى معارضة اخرى سوى النتائج التقليدية التى تلحق بالمهزوم فى أى صراع خارجى أو داخلى.
وتظل لسنوات تالية فى حالة من عدم الاتزان تعاني من عواقب هذا الفشل ومن العقوبات السياسية والامنية والقضائية القاسية التى فرضها النظام العائد، فتخفت اصواتها أو يتم اسكاتها قسرا، وتغلق فى وجهها كل الساحات فيما عدا ساحات المحاكم والسجون وسلطات التحقيق، وتتقلص انشطتها وفاعلياتها الى قضية واحدة ومصيرية هى الدفاع عن وجودها وحقوقها وحرياتها فى مواجهة بطش السلطات.
***
ورغم ان هذه هى قواعد الصراع ومآلات الهزيمة والفشل فى اى ثورة تتعرض لتجربة مماثلة، الا انه يظل وضعا استثنائيا مرفوضا لا يمكن ان يستمر لعديد من الاسباب على رأسها: استحالة احتماله والتعايش معه والاستسلام له لفترات طويلة من قبل الشعوب الحرة، وليس تاريخنا وتاريخ البشرية كلها على امتداد قرون طويلة، سوى كر وفر ومعارك ونضالات دائمة ومستمرة فى معارك انتزاع الحرية بكافة اشكالها ومعانيها.
ولذلك يصبح السؤال المطروح فى اى بلد تمر بظروف مشابهة هو متى ينتهى هذا الاستثناء وكيف؟
وتصبح المهمة الأولى الملقاة على عاتق كل المهمومين بالمصالح الوطنية وبالحقوق الشعبية والانسانية هى محاولة الإجابة على هذا السؤال.
*****
القاهرة فى 31 يناير 2022


25 يناير 2022

سيد أمين يكتب: "الاستبداد الديمقراطي" عند عصمت سيف الدولة

 


في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.

ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة نظرية (جورج بوردو) عن الديمقراطية “الحاكمة والمحكومة”، حيث ديمقراطية فعلية “حاكمة” تعبّر عن شعب حقيقي، وغايتها خلق عالم جديد متحرر.

وديمقراطية “محكومة” تستوفي جميع أشكال الديمقراطية: الانتخابات والحياة النيابية والحرية الفردية وغيرها، ومع ذلك فقرارات السلطة الناجمة عنها لا تعبّر عن إرادة الشعب الحقيقي، وتكمن غايتها في تسكين المجتمع لا نهضته.

ويرى أن الديمقراطية المحكومة هي في الواقع “استبداد متحضر” فهذا -مثلا- نظام ديمقراطي كامل شكليا، يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه، لكن كل ما في الأمر أنه “شعب زائف لا يعبّر عن الشعب الحقيقي”.

وأهم ما يميز هذا النوع من الاستبداد، أنه لا يستدعي شعارات الاستبداد ومبرراته القديمة، بل يضفي عليها صفة الخضوع لإرادة المجتمع.


حلم بعيد المنال

والمؤسف حقا أن الانتقال من الاستبداد المتخلف إلى الاستبداد المتحضر، لا يزال حلما بعيد المنال لدى شعوبنا التي ما زالت ترزح تحت نير الاستبداد المتخلف.

ويكشف سيف الدولة أن اتجاها يسود لدى المفكرين الغربيين ينكر صحة التاريخ الديمقراطي الذي يتباهى به الغرب، لا سيما أمام حقيقة أن الحرية والمساواة بين الناس لم تكن موجودة أصلا في الحضارتين الإغريقية واليونانية، ولا شك أن غياب المساواة بين الناس يهدم بديهيات الديمقراطية.

وللتدليل على ذلك، يستدعي رؤية أعظم مفكري هذا التاريخ (أرسطو) القائلة بأن كل إنسان ليس مواطنا، وأن الطبيعة خلقت رجالا ليحكموا وآخرين ليطيعوا، وأنها جعلت من حق العقلاء والحكماء أن يكونوا سادة، وأن يكون القادرون جسمانيا على تنفيذ ما يصدر من أوامر عبيدا.

ويؤكد سيف الدولة أن من البديهيات التي ينكرها المستبدون “تعدد” الأفراد في المجتمع “الواحد”، وهو ما ينتج عنه تناقض محتوم، بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية من شخص إلى آخر، فيلجؤون إلى ممارسة عمليات الإلغاء، فإما إلغاء التعدد، أو إلغاء المجتمع، أو إلغاء الاحتياجات.

وقد يلجأ المستبد المتمكن إلى إلغائها جميعا بحجة أنه “إله” أو يملك الحق الالهي، أو أنه “رب الأسرة” والأكثر دراية بمصالحها، كما الحال في الاستبداد المتخلف، أو الإيهام باحترامها مع عدم تمثيلها تمثيلا صادقا، كما في الاستبداد المتحضر.

ويعزو سيف الدولة جنوح المستبد إلى الاستبداد، بأنه العودة إلى مرحلة الطفولة، وخلالها تبرز ظاهرة النزوع إلى التدمير كما يفعل الطفل، حينما يفتقد مصدر اللذة.

وبالتالي، فإن قرارات السلطة الديمقراطية الحقة -هنا- لا بد أن تكون خاضعة لرأي أغلبية المجتمع، حتى لو كان رأيا مشكوكا في صوابه.


الاستبداد الديمقراطي

فرّق سيف الدولة بين الاستبداد البرجوازي والاستبداد الديمقراطي، ورأى أن أسلوب البرجوازية في استبدادها، أو -على الأصح- في تغطية استبدادها، هو اللجوء إلى نظام التمثيل النيابي، في حين لم يتم التسليم بأن التمثيل النيابي أسلوب ديمقراطي خالص.

وعلى النقيض تماما، يرى سيف الدولة أن الاستفتاء الشعبي هو أصل الديمقراطية، ولا يعترض عليه إلا المستبدون، وهذه الميزة تجعله صالحا ليكون ستارا عصريا مروعا -ولا نقول رائعا- للاستبداد، لأن من يعارض هذا الأسلوب هنا سيكون كمن يعارض الديمقراطية ذاتها.

ولمّا كانت مخالفة الدستور -في ذاتها- استبدادا محرّما، فإن كل استفتاء شعبي يخالف الدستور هو ستار ديمقراطي للاستبداد، أو كما نسمّيه استبدادا ديمقراطيا، إلا الاستفتاء على الدستور وتعديلاته.

وفي المقابل، يكون الاستفتاء الممكن “دستوريا” غطاء للاستبداد، حينما يكون مستحيلا موضوعيا، بمعنى أنه يستثني فئات من المجتمع، بسبب عدم قدرتها على الاختيار الصحيح، بسبب صغر السن وعدم التمكن من الإدراك.

ويعتقد سيف الدولة أن الفارق الدقيق بين الاستفتاء الشعبي الذي يعبّر عن إرادة الشعب، والاستفتاء الشعبي الذي يغطي على قبح الاستبداد، هو أن ينحصر الاختيار بين “نعم” و “لا” في حين أن الموضوع المستفتَى عليه يتطلب أسئلة غير ذلك.

ورغم إيمانه بأن الاستفتاء الشعبي هو أبرز دليل على الديمقراطية، فإن سيف الدولة راح يستعرض عشرات الأساليب والنماذج التي اتبعها المستبدون المصريون، فحوّلوا هذا المظهر الديمقراطي إلى محفل استبدادي يغاير طبيعته تماما.

ويرى سيف الدولة أن المنظمات التي سُمّيت “أحزابا” في فترة الثمانينيات والتسعينيات، جاءت صراحة وعلنا وقطعا نتيجة قرار منفرد تمت صياغته خارج نطاق الدستور وبالمخالفة لأحكامه الأساسية، ولم يهتم أحد حتى بالتظاهر باحترام الدستور، بل اهتم أصحاب القرار والمنتفعون منه بإقامة “المظاهرات الفكرية ترحيبا بالأحزاب الوليدة سفاحا”.

ثم بدأت السلطات البحث عن طريقة التحوّط ضد المسؤولية، بإسناد القرار إلى الإرادة الشعبية أو إشراك الشعب في خرق الدستور عن طريق الاستفتاء الشعبي، فأُقحِم قرار إنشاء الأحزاب في كل الاستفتاءات التي حدثت بعد ذلك.

……..

هذه كانت مجرد قشور لمحتوى كتاب مهم، لكاتب كبير، يُعد واحدا من أهم الكتب العربية التي تحدثت عن فلسفة الاستبداد، وتناولته بشيء من التأطير والتنظير.

رابط تخطي الحجب على موقع الجزيرة مباشر: https://ajm.me/pfsmxd

للمزيد: https://ajm.me/mp8kgy

10 يناير 2022

سيد أمين يكتب: العربية.. أهانها الأعراب وأكرمها الأغراب

 

في الاجتماع السادس عشر للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، المنعقد عبر الإنترنت من 13 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضمّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخط العربي إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

ورغم أن الخبر يبدو سارًّا -وهو فعلًا كذلك- فإنه جاء متأخرًا كثيرًا، خاصة إذا قورن الأمر بلغات وخطوط أخرى اعتنت بها اليونسكو ولم تكن أكثر انتشارًا من اللغة العربية، التي يوجد نحو مليارَي شخص تقريبًا في العالم يتحدثون بها ولو في صلواتهم.

واللغة العربية تستحق أكثر من ذلك، فهي من فرط تداولها بين الناس، جرى اعتمادها عام 1973 ضمن ست لغات رسمية للأمم المتحدة، بجوار الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية والصينية، بجانب أنها لغة رسمية معتمدة في نحو 20 منظمة دولية أخرى.

ومن حيث الأصل، فالعربية تندرج في عائلة اللغات السامية الوسطى، التي تضم الآرامية والأمهرية والكنعانية والعبرية والفينيقية والصهيدية.


عناية الأغراب


ورغم أن الاعتناء باللغة العربية بدأ يتلاشى في موطنها الأصلي، فإن هناك أممًا أخرى قدّرت قيمة تلك اللغة واعتنت بها، منها كوريا الجنوبية التي اختارتها لغة أجنبية ثانية في البلاد بعد الإنجليزية، وتقرّر اجتياز امتحان فيها شرطًا للالتحاق بالجامعة، مع أنها تدرس في 6 جامعات وطنية بالبلاد.

وكذلك فعلت فرنسا وبلجيكا التي بدأت اعتمادها في التعليم الثانوي والاعدادي ضمن لغات عدة أخرى.

وهكذا في بولندا، حيث خصصت جامعة كوبرنيكوس بمدينة تورون قسمًا خاصًّا باللغة العربية، يختص في تدريس الأدب والثقافة العربية.

وأظهر تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات الشرقية أن عدد طلاب اللغة العربية في البلاد ارتفع منذ العام 2001 بنسبة 250% عما كان عليه قبل ذلك الوقت.

وأكدت مجلة (Science) المهتمة بالبحوث العلمية أن العربية ستشغل المرتبة الثالثة بين اللغات الأكثر انتشارًا بحلول العام 2050، بعد الصينية والهندية، وقبل الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وهي اللغات الأكثر انتشارًا الآن.

واشارت المجلة العالمية إلى اتساع شرائح الراغبين في تعلّم العربية، وانتقالها من المستشرقين والمترجمين إلى جميع الشرائح المجتمعية، مثل الصحفيين والحقوقيين والمحامين والأطباء وغيرهم، وأن السبب في ذلك يرجع إلى تزايد أعداد من يعلنون إسلامهم حول العالم.

وخصصت وزارة التعليم الأمريكية دعمًا ماليًّا سخيًّا لتدريسِ اللغات الأجنبية المهمة، وعلى رأسها اللغَة العربية، وقدّمت مِنحًا للراغبين بتعلّمها في مصر والأردن ولبنان وتونس، وصارت محطّ اهتمام العديد من الوزارات الأمريكية وليس فقط المراكز المتخصصة في الشرق الأوسط.


 تفوّق العربية


وتمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات بأنها تحتوي على حروف غير موجودة في أي لغة أخرى، مثل حرف “الضاد” الذي سُمّيت باسمه لتميّزها به، بجانب أنها لغة القرآن الكريم أعظم الكتب التي يتناقلها البشر، ولا يجوز قراءته إلا بها.

كما تحتل اللغة العربية المركز الأول بين اللغات في عدد المفردات التي تبلغ نحو 12 مليونًا و303 آلاف كلمة من دون تكرار، أي أكثر من 20 ضعفًا لعدد كلمات اللغة الإنجليزية التي لا تتجاوز 600 ألف كلمة، في حين أن اللغة الألمانية بها 5 ملايين و300 ألف كلمة، والكورية مليون و100 ألف مليون كلمة، والفرنسية 150 ألف مفردة، و130 ألفًا للروسية، و122 ألفًا للصينية، وهذا المؤشر اللغوي يدل على ثراء تلك اللغة مقارنة بغيرها من اللغات.

ولك أن تتخيل أن العربية تمتلك بمفردها 16 ألف جذر لغوي، في حين أن اللغة اللاتينية التي تنبثق منها معظم لغات أوربا الشرقية تمتلك 700 جذر لغوي فقط.

وأن الحرف العربي يُكتب به العديد من لغات العالم، منها الفارسية والكردية والأردية والملايوية والتركية سابقًا.


قداسة العربية


‏ ناهيك عن القداسة التي أضافها القرآن إلى تلك اللغة، حيث كرّمها في مواقع عدّة، بقول الله تعالي: {بلسانٍ عربيٍّ مُبين}..{إنّا أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{إنّا جعلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{وكذلكَ أنزلناهُ حُكمًا عربيًّا}..{هذا لسانٌ عربيٌّ مُبين}..{وكذلكَ أنزلناهُ قرآنًا عربيًّا}..{قرآنًا عربيًّا غيرَ ذي عِوَج}..{كتابٌ فُصّلتْ آياتُهُ قرآنًا عربيًّا}..{هذا كتابٌ مُصدّقٌ لسانًا عربيًّا}.

وقال عنها رسول الله ﷺ: “أحبُّوا العربَ لثلاثٍ، لأنّي عربيٌّ، والقرآنُ عربيٌّ، وكلامُ أهلِ الجنّةِ عربيٌّ”.

وروى ابْنُ عَبَّاسٍ أن النَّبِيَّ ﷺ قال: “فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ” (رواه البخاري).

وقد قال: “أَوَّل مَنْ فَتَقَ الله لِسَانه بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَة إِسْمَاعِيل” (حديث حسن سنده ابن حجر في الفتح وصححه الألباني).

كما ورد في أهميتها ما قاله عنها الفاروق عمر رضي الله عنه: “تعلَّموا العربية فإنها تُثبت العقل وتزيد في المروءة”، وما كتبه إلى أبي موسى: “أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي” رواه ابن أبي شيبة وسعيد ابن منصور والبيهقي في الشعب.

وقال فيها الخليفة عبد الملك بن مروان: “أَصلِحُوا أَلسِنَتَكُم فَإنَّ المَرءَ تَنُوبُهُ النَّائِبَةُ فَيستَعِيرُ الثَّوبَ والدَّابَةَ ولا يُمكِنُه أنْ يَستَعيرَ الِّلسانَ، وَجَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَتُهُ”.

……

والخلاصة أن لغتنا العظيمة هانت علينا، فهُنّا في ألسنة الناس.


تابع المقال على

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2021/12/31/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D9%83%D8%B1%D9%85%D9%87%D8%A7