23 أبريل 2015

محمود المختار الشنقيطي يكتب : الغرب .. حين يراقبنا مراقبة من يرى؟

حين أفكر في الفرق بيننا وبين الغرب،والسؤال التقليدي .. متى أو كم تبلغ المسافة – الضوئية – بيننا وبين التقدم الغربي؟
أتذكر قول الدكتور جلال أمين :
(اكتشفنا – أو اكتشف بعضنا على الأقل – أن التقدم ليس حتميا،وأن التاريخ الإنساني ليس كالسلم الذي يقف البعض على درجاته العليا والبعض الآخر على درجاته الدنيا،ولا هو كالطريق الواحد الذي يتقدم فيه البعض خطوات على الآخرين،وإنما كمجموعة من الطرق المتشعبة،لكل طريق مزاياه وعيوبه،واختار الغرب أن يسير في أحدها فكسب أشياء وخسر أشياء،وأن هذا الاختيار كان تحكميا إلى حد كبير،ومحكوم بظروف اجتماعية وبيولوجية ونفسية مختلفة،ومن السخف محاولة إقناعنا بأن هذا هو "الطريق الوحيد"الذي يمكن السير فيه،ويجب السير فيه بسرعة وإلا كنا متخلفين (..) أما التخلف فأنا أعرفه الآن ما هو إنه ليس إلا هذا الشعور بالعار فأنت لست متخلفا إلا بقدر شعورك بالعار إزاء هؤلاء الذين يسمون أنفسهم"متقدمين"وسوف تظل متخلفا مهما زاد متوسط دخلك ومهما ارتفع معدل نموك ومهما زاد ما في حوزتك من سلع وخدمات طالما أنك تشعر بالعار لأنك لا تملك ما يملكونه){ (التنوير الزائف ) / د.جلال أمين / دار المعارف / سلسلة اقرأ}.
القضية التي أكتب عنها لا تتعلق بالطريق الذي اختار الغرب أن يسلكه،والبحث عن طريق آخر يناسب أمتنا حسب ظروفها الدينية والبيولوجية والنفسية .. فتلك قضية أخرى تماما.
الحديث هنا عن دراسة الغرب لنا،لتكون ردة فعلنا متوقعة بالنسبة له،وسعيه الدائب لنظل (مكانك سر) ونحن نظن أننا نعدو!!
قبل أن أنسى العنوان أعلاه يشير إلى قصة تراثية،تقول أن رجلا أكل عند آخر،فنبهه إلى وجود شعرة في لقمته،فرد عليه :
هل تراقبني مراقبة من يرى الشعرة في اللقمة؟ والله لا آكلتك أبدا.
هذه الأسطر متعلقة بالحديث عن كتابين،وعن مراقبة الغرب لنا – إن صح التعبير – مراقبة من يرى (قولبة أجساد النساء) .. ولكن هذه نقطة من الأفضل تأخيرها لوقتها،خصوصا أنها تكشف – ربما كأنموذج – سطحية كاتب هذه الأسطر،في مقابل (تعمق) ذلك الغربي!!
الكتاب الأول يتعلق برحلة قام بها مجموعة من العلماء سنة 1761 م. وأعني كتاب (من كوبنهاجن إلى صنعاء)،لمؤلفه توركيل هانسن،وقد نقله إلى اللغة العربية،الدكتور محمد أحمد الرعدي،ونشرته دار العودة ببيروت،والطبعة التي بحوزتي هي الطبعة الثانية 1983م.
سنلقي نظرة على بعض التوصيات،أو النصائح التي أعطيت للعلماء :
(6 - على كل منكم التعامل مع (المحمديين) في حذر شديد،واحترام دينهم،وعدم التصرف مع نسائهم،بحرية كما يتصرف،مع النساء الأوربيات. (..)وحين تقومون بحساب خطوط الطول والعرض،عليكم أن تجمعوا المعلومات لعمل خرائط للمناطق التي تمرون بها،وعليكم ملاحظة الاختلافات التي يمكن أن تكون بين الفصول الجافة والفصول الممطرة،وعليكم الاهتمام بأي شيء أثري من العصور القديمة،ووجهوا هممكم أيضا إلى حجم السكان وإلى خصوبة الأرض.وأكثر من هذا عليكم أن توجهوا أهمية خاصة لحركة المد والجزر في البحر الأحمر،والعلاقات بين الأحياء والأموات،وإلى تأثير تعدد الزوجات في زيادة ونقصان السكان،وإلى العلاقات بين الرجل والمرأة،وإلى عدد النساء في المدينة والريف.
على الدكتور كرامر أن يولي اهتمامه بالأمراض الخاصة بالمناطق المزارة،وبالقيام بمكافحتها،وستكسبون ثقة العرب بمساعدة مرضاهم.
11- على البروفيسور فون هافن أن يلاحظ تقاليد وعادات أهل البلاد،وخاصة تلك التي ألقى عليها القليل من الضوء الكتاب المقدس والقوانين اليهودية،وعليه أن يعمل ليكتشف بقدر الإمكان كل شيء عن العرب والإسرائيليين والسوريين،وأن يطلع على طقوس وعادت الوثنيين قبل الإسلام،ويسجل أي اختلافات يجدها عما جاء في التوراة المكتوبة باللغة القديمة،وعما جاء في المخطوطات اليونانية. وأية مخطوطات قديمة عربية أو شرقية لا يستطيع تفسيرها،عليه أن ينقلها طبق الأصل.
12- على البروفيسور فورسكال أن يجمع المعلومات عن الحيوانات والنباتات وعلى الأخص تلك التي جاء ذكرها في التوراة.){69 – 71 ( من كوبنهاجن إلى صنعاء)}. 
من اللافت للنظر أنه حتى قبل الوحدة الأوربية،وإبان الصراع – والحروب – بين أوربا،خصوصا على المستعمرات،كان هناك نوع من التعاون العلمي بين الجامعات،وقد كان من مهام البعثة أن تجيب على التساؤلات التي تأتيها من الجامعات،وعند وصول البعثة إلى القسطنطينية : 
(كان البريد في انتظار أعضاء البعثة لدى السفير،وقد حوى رسائل كثيرة من كل الجامعات الأوربية تطلب من أعضاء البعثة أن يقوموا بفحص ودراسة جميع المشاكل التي يمكن إدراكها،صغيرها وكبيرها،ابتداء من موضوع،هل يجد الرجل المختون متعة "جنسية"أكبر من الرجل غير المختون .. وانتهاء بموضوع،إلى أي مدى يمكن اعتبار الصحراء العربية المجدبة بداية توسع الجفاف وزحفه على العالم أجمع.){ص 101 (من كوبنهاجن إلى صنعاء)}.
من سنة 1761 سننتقل إلى العصر الحديث،وإلى سفير فرنسا لدى إيران،وقد عمل هناك بعد 2001م. رغم كل التغيرات،إلا أن هذا السفير لا زال يرسل للغرب رصدا لأحوال دول الشرق الإسلامي!!
هنا أعود إلى الاعتراف السابق بنظرتي السطحية !! نعم. ما أكثر المرات التي أشدت فيها بحجاب مذيعات قناة المنار الشيعية – وقناة السودان السنية – وأن حجابهن يدل على اقتناعهن بالحجاب،عكس بعض مذيعاتنا (المُهَرّبات) .. أي لخصل شعرهن ... إلخ.
يبدو الأمر (أعمق) من تلك الصورة السطحية التي ارتشفتها من نظرة هنا وأخرى هناك .. إن السفير الفرنسي،فرانسوا نيكولو .. يتحدث بـ(عمق) عن حجاب،وما وراء حجاب المرأة الإيرانية،والصراع الدائر هناك في إيران .. يقول السفير .. ( في البداية قاتلت المرأة من أجل التعبير العام عن نسويتها،وسبب هذا أن ما يعتبر في أماكن أخرى من أمور الموضة الصغيرة،يأخذ في إيران بعدا في المراوغة السياسية.
إنها مراوغة سياسية أن قامت الفتيات الشابات بتقصير معطف "الروبوش"إلى خط الركبة،حيث شوهد هذا حتى في الأحياء الشعبية،مع أن معايير النظام أن يصل الطول حتى منتصف ربلة الساق،إنها مراوغة سياسية،أن ترتدي الفتيات"البيمبو الإسلامي"يتجولن به في شوارع شمال طهران : حذاء عالي الكعب يسبب الدوار،بنطال من الجينز مع قميص ذي طيات،ربوش قصير جدا بثلاث قصات مختلفة،وقميص وردي فاتح،أو أخضر بلون النعناع،أو أزرق بلوم الخزامى يضيق في الأسفل كأنه من قماش السترش فيقولب الجسد ويبالغ في إبراز الردفين،وغطاء رأس صغير يسمح بانفلات خُصلات كبير من الشعر الداكن اللون،و"ماكياج"متعدد الألوان مرسوم بشفافية،وأظفار مطلية بعناية في القدمين كما في اليدين،ونظارات شمسية،,قطعى لبان "تطقطق"في الفم توحي بالتحدي.
إنها مراوغة سياسية،أن ترتدي الفتيات الشابات واقيات الوجه الواسعة للاعبات الجولف أو التنس وخاصة في الصيف،وقد استخدمت المتنزهات من مختلف الأعمار وحتى داخل المدينة.){ص 148 – 149 العمامة والوردة ) / فرانسوا نيكولو / ترجمة : مروان حموي / العبيكان / الرياض / الطبعة الأولى 1429هـ = 2008م}.
ونصل إلى "دليل السذاجة"يقول السفير : :
( إنها مراوغة سياسية أيضا،وأخيرا،هذا الانقياد الكاذب للنساء المرتبطات بالحياة العامة واللاتي يتمتعن بثقة شخصية بالنفس. إذ تستخدم الكثير منهن هذا الإشارب أو حتى الحجاب المتدلي على الكتفين،في المكاتب وفي الجامعة لأنه سيبقى في مكانه طول النهار كي يرسم بدقة استدارة الوجه دون أن ينتهك معايير الحشة الإسلامية،ونادرا ما يكشفن طرفا من شعرهن،كما أن الجسد لا يترك مجالا لمعرفة تفاصيله إلا إذا أطلقنا المجال للخيال،أما الأجزاء الظاهرة للعيان،أعني بها الوجه واليدين،ثم القدمين،تمضي هذه النسوة وقتا طويلا في فصل الصيف خاصة،للعناية بها بشكل خاص في جلسات تدليكالأظفار،الحاجبين،الرموش،الجبهة،الأنف،الوجنتين،خط الشفتين،ووضاءة البشرة،كل ذلك يصبح موضوعا يحتل المركز الأول في التفكير،وإذا لزم الأمر لا مانع من إجراء عملية تجميلية،كل ذلك لجعل كل هذه التفاصيل عملا فنيا.
إذا لم يمت تحت الإثارة في إيران،وحتى إنه – كما تقول الفحوصات الدماغية – أصبح يواجه ضغطا أكبر،لقد ظهر من شهادات لشبان جمعها علماء اجتماع – وهذا متوقع – أن الشادور نفسه قد انتهى به الأمر ليصبح أداة إثارة وتغذية للمخيلة،ومثلما يحدث عندنا – في الغرب – حاملات الجوارب النسائية "الجرتيير". إنه مجرد استبدال للأشياء.
وما يدعو للكثير من الاستغراب،أن لعبة القط والفأر والتي تلعبها النساء مع المعايير الإسلامية ما زالت تمارس في عهد الرئيس أحمدي نجاد ..) {ص 150 ( الوردة والعمامة}.
ختاما .. لافتٌ جدا قول السفير :
(إذا لم يمت تحت الإثارة في إيران،وحتى إنه – كما تقول الفحوصات الدماغية – أصبح يواجه ضغطا أكبر،لقد ظهر من شهادات لشبان جمعها علماء اجتماع – وهذا متوقع – أن الشادور نفسه قد انتهى به الأمر ليصبح أداة إثارة وتغذية للمخيلة،ومثلما يحدث عندنا – في الغرب – حاملات الجوارب النسائية "الجرتيير". إنه مجرد استبدال للأشياء.).
إذا .. فالمرأة تحجبت، مثل الإيرانية،أو تعرت،مثل الفرنسية .. فهي فريسة للرجل .. وسيتفرس الرجل في المرأة العارية .. ويعمل"المخيلة"في المرأة المحجبة!!

22 أبريل 2015

الكاتبة الاردنية إحسان الفقيه: لن يعود إيوان كسرى.. لكن عليك أن تعرف

قال أحدهم :
بطولاتنا التاريخية ليست منا، ولا نحن منها، لأننا ثوريون بأخلاق ثورية،وعواطف ثورية، و أفكار ثورية....وهزائم ثورية .و نتنكر لأمجادنا، فنستحي أن نحارب تحت راية محمد، و نفخر أن نحارب تحت راية "جيفارا"..
*تذكّرني هذه الحال بنيرون الذي نصب حصانه حاكما على روما..و بالشاعر الروماني "كاتول"
الذي نظم قصيدة يُهيء فيها نفسه للموت لأن فلانا من بني قومه قد أصبح قنصلاً...
*ترى ماذا كان يصنع الشاعر "كاتول" لو قُدّر له أن يعيش بيننا اليوم؟
حيث يستأسد الأذلة و يتنمّر السفاحون ويتباهى الثيران بمعجبات متطرّفات بإظهار التودّد؟!
والى الماضي - كما العادة - أعود ...
كان نصر بن سيار (آخر ولاة الأمويين) على خراسان في أواخر العقد الثاني وأوائل العقد الأول من القرن الثاني للهجرة، وكان والياً محنكاً حازماً.
استشعر بوادر الانفجار ونذر الخطر وكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق في تلك الأيام، يعلمه بأحوال خراسان وما يُشاع من اضطرابات تتكوّر في طور التفقيس ويحذّره من خطورة وضع يتفاقم وفتنة تتعاظم .. ويصارحه أنه إذا استمر في التدهور ولم يعالج معالجة حازمة فسيؤدي ذلك لا محالة إلى عاقبة وخيمة وكارثة عظيمة..
الا أن والي العراق لم يمدّه بأحد لأنه كان مشغولا بمجالدة الخوارج في العراق فاستغاث نصر بن سيار بآخر خلفاء بني أمية في دمشق مروان بن محمد.. وأعلمه حال أبي مسلم، وخروجه، وكثرة من معه، ومن تبعه.
وأخبره بغوائل الفتنة القائمة ودواهي الكارثة القادمة، إن لم ينجده بمدد من عنده..
فكتب ينذره ويحذره شعراً

أرى تحت الرماد وميض جمر
ويوشك أن يكون له ضرام

فإن النار بالعودين تُذكى
وإن الحرب مبدؤها كلام

فإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام

فقلت من التعجب ليت شعري
أأيقاظ أمية أم نيام

فإن يقظت فذاك بقاءُ مُلكٍ
وإن رقدت فاني لا أُلام

فإن يك أصبحوا وثووا نياماً
فقل قوموا فقد حان القيام

ففرّي عن رحالك ثم قولي
على الإسلام والعرب السلام

وقد وردت بعض أبيات (نصر بن سيار) في مقدمة الشيخ عبد الله الغريب (وهو اسم مستعار لا اسم الكاتب الحقيقي) في كتابه الماتع "وجاء دور المجوس".. لأرثي-كما رثى هو- أمتي في غفلتها وتغافلها عن الخطر الإيراني المجوسي الصفوي فأعود لأحذرها مجددا قبل فوات الأوان:
يا أمتي هلا صحوت على الصواعق والرعود
عجبا كأنك لعبة في قبضة الخصم اللدود

ومن مستنقع الغفلة التي رقدنا فيها عن خطر المشروع الإيراني المجوسي، نعق البعض مندّدا بالربط بين إيران التي تسمي نفسها بالجمهورية الإسلامية وبين الفرس المجوس، وينكر هذه النسبة دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن البعد القومي لإيران ومشروعها.
قَدرُ أمتي أن تلقى الكيد من أبنائها ينالون منها، بينما ينبري هؤلاء للدفاع عن أعدائها..ولكن قبل أن تكال لي الاتهامات كالعادة، وقبل أن تطير أعناق الحقائق في كلماتي بمقصلة التأويل والتحريف التي ينصبها المغرضون، أؤكد على أنني لا أتحدث عن الفرس الذين دخلوا في الإسلام وانصهروا مع إخوانهم في بوتقته..ولا على الأطياف التي تسكن الأراضي الإيرانية من بلوش وأحواز وغيرهما..ولا على أي إيراني بسيط ينتسب للإسلام، لا علاقة له بالقوميات مع ما تلبّس به من عقائد ضالة...إنما أعني في هذا السياق أولئك الإيرانيين الذين لديهم مشروع قومي لإعادة مجد الدولة الفارسية، مرتكزين في مشروعهم هذا على الطائفية المتمثلة في المنهج الإمامي الإثنى عشري، لبسط سيطرتهم وهيمنتهم على العالم الإسلامي، والوصول إلى ذلك على رفات السنة وأهلها.
أحفاد زرادشت:
كانت ولا تزال إيران تستحضر جذورها الفارسية، التي هي أحد الملامح الأساسية للذهنية الإيرانية، بل إن هذه الدولة كانت إلى عهد قريب تحمل اسم "فارس" حتى غيّرها الشاه إلى "إيران" عام 1935م.
ويوم اعترضت إيران عام1822م، على الاتفاقيات التي أبرمتها بريطانيا مع الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين، بدعوى أن البحرين تابعة لإيران، وطالبت إيران بحقوقها المزعومة في البحرين، نفى وزير الخارجية البريطاني أحقية إيران على أي موضع بالخليج.
*أتدرون بم ردّ عليه رئيس وزراء إيران؟
ردّ على الخارجية البريطانية بمذكرة قال فيها:
"إن الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسية المتعاقبة، أن الخليج الفارسي من بداية شط العرب إلى مسقط، بجميع جزائره وموانئه بدون استثناء، ينتهي إلى فارس، بدليل أنه خليج فارسي وليس عربيا".
*هل تعلم يا من تناضل لتبرئة إيران عن تلك النسبة الفارسية، أنه في عام 1930 قلّص شاه إيران رضا بهلوي التعليم الديني في المدارس الحكومية، وفرض اللغة الفارسية بدلا من اللغة العربية؟
أتعرف لماذا؟
لأنه يريد إيران فارسية..
*بالطبع ستقول من حقّه .. أكاد أسمع صوتك الانتقائي بتعاطفه المريض ..!!
وعلى نهجه سار نجله الشاه محمد رضا بهلوي، فعمل على إحياء أمجاد فارس، بل كان يرى أن مبادئ المجوسية تكفي لإسعاد البشرية، وليست أقل من المبادئ التي أتى بها الإسلام.
*استمع إلى شهادة الدكتور موسى الموسوي إذ يقول:
"من يزور الشاه في مكتبه الخاص لابد وأن يرى تلك اللوحة الذهبية التي كتبت عليها العبارات الثلاث: الفكر الحسن والعمل الحسن والقول الحسن، وقد وُضعت على جانب مكتبه ليسعد بقراءتها في كل صباح".
أتدري ماذا تعني هذه الكلمات الثلاث؟
إنها مبادئ زرادشت المعروفة يا من تذود عن أحفاد عُبّاد النار أكثر من المجوس أنفسهم ..
الثورة الخمينية والحلم الفارسي:
لئن كان الإيرانيون قبل ثورة الخميني ينشدون عودة المجد الفارسي ويفتخرون بجذورهم، إلا أن الثورة جمعت الإيرانيين على مشروع قومي كبير يختلف عن القومية العربية البائدة في أنه يرتكز على الدين، حيث جعل من المنهج الإمامي الاثنى عشري فكرة مركزية جامعة يستطيع أن يستفيد بمقتضاها من كل الروافض في شتى بقاع الأرض من العرب والعجم، لخدمة مشروعه الفارسي.
وهناك العديد من دلائل الصبغة الفارسية في المشروع الإيراني الذي أفرزته ثورة الخميني:
*فبم تفسر إصرار الخميني وجميع عمائم قُم وقادة الثورة وحتى اليوم على تسمية الخليج العربي بالفارسي؟
حتى أن الحركات الإسلامية دعت الخميني إلى العدول عن ذلك رغبة في إزالة الاحتقان مع الدول العربية السنية، إلا أنه رفض بحزم أن يطلق عليه غير ما ارتضاه "الخليج الفارسي".
*وانظر إلى هذه النعرة القومية الفارسية في خطاب قادة الثورة الخمينية، فها هو هاشمي رافسنجاني يصف العرب الإيرانيين بقوله: "غجر متخلفون".
*ووصفهم مرشد الثورة علي خامنئي بقوله: "متخلفون وجاهليون"..
*وتراهم يتداولون ما تناثر في كتب التراث الرافضي مما يبرهن على نزعتهم الفارسية وبغضهم للعرب، مثل قول الطوسي في كتابه "الغيبة": "اتق العرب فإن لهم خبر سوء، لم يخرج مع القائم منهم واحد".
*وقال المجلسي في كتابه "بحار الأنوار":
"ليس بيننا وبين العرب إلا الذبح".
*اقرأوا المادة (15) من الدستور الايراني الحالي، تنص على أن "اللغة والكتابة الرسمية المشتركة لشعب إيران هي الفارسية، فيجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية والكتابة بهذه اللغة".
*وأصدر الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد قرارا في 2006م، يقضي بتفريس (أي: جعْلها فارسية) كل جوانب الحياة الإيرانية: العلمية والثقافية والأدبية ....
*وأما الأحواز فيحظر عليهم التسمية بأسماء عربية أو التحدث باللغة العربية حتى الشيعة منهم.
*وامتدت هذه النزعة القومية الفارسية إلى بلاد العرب أيضا، فقد أورد الدكتور محمد بسام يوسف في كتابه "المشروع الإيراني الصفوي الفارسي" رصدا لجريدة الشرق الأوسط عن الشباب في الجنوب العراقي ، حيث يتعلمون اللغة الفارسية بديلا عن اللغة الإنجليزية، وينخرطون في الثقافة الفارسية إلى درجة أنهم اعتادوا الاستماع إلى الأغاني الفارسية.
*كما انتشرت اللغة الفارسية في الجنوب العراقي حيث تمركز الرافضة، وانتشرت في إدارات الدولة في تلك المناطق بما في ذلك الأوراق الرسمية للمسافرين.
*وذكرت صحيفة الشرق الأوسط في أحد أعدادها في مايو 2007 عن بعض الأهالي من بلدة المدائن العراقية قولهم، إن الهجمات التي استهدفتهم من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة العميلة لإيران، كان هدفها إخلاء المنطقة من سكانها أهل السنة، ليتاح للإيرانيين الاستيلاء على المدائن وإعادة ترميم إيوان كسرى باعتباره صرحا فارسيا يذكرهم بأمجادهم التاريخية".
*وفي تأثر واضح بالجذور الفارسية والربط بين الرموز الفارسية قديما وحديثا، وصف المفكر الإيراني داريوش شايغان الخميني بقوله:
"الحقيقة أنه يشبه في صورة مدهشة الصورة الغابرة لإيران القديمة. وكان يجسد كل الدراما العتيقة، الدينية المأساوية.. لم يكن الخميني بطريقة ما يكف عن أن يكرر مع أصحاب الإمام الغائب – كما كان يفعل زرادشت مع ملائكة السماء السبع – هذه العبارة التي تهز كل إيراني من أعماقه: هل نكون من الذين سيغيرون صورة العالم؟"
*وينبغي أن يُعلم أن ترنم إيران بجذورها الفارسية ليس باعتبارها جذورا حضارية انتهت بالذوبان في الإسلام على غرار نظرة كثير من العرب لحضاراتهم السابقة كالفرعونية والبابلية، وإنما ترى إيران في نفسها امتدادا لحضارة الفرس بأبعادها ومكوناتها، إلا أنها جعلت مركزها دين الرافضة بدلا من عبادة النار. ..
فلا تلومونا إن وصفنا المشروع الإيراني بالفارسي المجوسي.
====
لكن ما هي جذور الحقد الإيراني ضد العرب؟
وما هو تأثير التراث الفارسي على النفسية الإيرانية؟
وما هو دور الثقافة الفارسية في الترويج للمشروع الإيراني؟
أسئلة تحتاج إلى إجابات تفصيلية، حتما سيكون لنا معها حديث آخر، لنُميط اللثام عن هذا الارتباط بين المشروع الإيراني والحضارة الفارسية، قبل أن يعود إيوان كسرى.
وللحديث بقية..

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب:كشف حساب الأمن القومى العربى

ما هى حقيقة الامن القومى العربى الذى يتشدقون به هذه الايام و يتقاتلون فى شرق البلاد ومغاربها باسمه زورا و بهتانا، وهو منهم برئ.
اننا نفهم انه الامن الموحد للأمة العربية شعبا وارضا ومصيرا.
والذى يعنى ان استقلال وامن و تقدم الاقطار العربية وإشباع احتياجات شعوبها لا يمكن ان يتحقق الا بوحدتها الشاملة.
وان اى تهديد او خطر او عدوان تتعرض له اى بقعة عربية هو قضية ومشكلة كل العرب، لا يمكن حلها الا بأدوات وامكانيات وقيادة عربية موحدة (دولة عربية واحدة).
ينطبق هذا على مخاطر الهيمنة الخارجية، سواء كانت امريكية او اوروبية او روسية، وعلى وجود الكيان الصهيونى ومشروعه، وعلى قضايا التنافس والنزاعات الاقليمية، وعلى عجز الاقطار العربية الصغيرة عن الدفاع عن نفسها ووجودها، وعلى عجز الاقطار العربية الكبيرة الفقيرة عن سد احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية، وعن عجز مصر وحدها عن مواصلة الحرب و المواجهة العسكرية مع اسرائيل المدعومة امريكيا، وعن عجز سوريا عن تحرير الجولان بدون مصر، وعن عجز المقاومة الفلسطينية عن تحرير ارضها منفردة، وعن عجز المقاومة العراقية وحدها فى مواجهة الاحتلال الامريكى والاختراقات الايرانية، وهكذا.
***
ان فشل وانهيار الامن القومى "المنفرد" هو حقيقة تاريخية وموضوعية ثابتة منذ ما قبل الميلاد، منذ ان عجزت شعوب المنطقة وقبائلها عن الاحتفاظ باستقلالها، وسقطت تحت الاحتلال الاجنبى الاوروبى لما يقرب من 1000 سنة متصلة.
فمصر على سبيل المثال منبع الحضارة واكبر دول المنطقة سقطت تحت الاحتلال اليونانى ثم الرومانى فالبيزنطى منذ 332 ق.م حتى فتحها عمرو بن العاص عام 642 م. وهو ما تكرر مع كافة دول وحضارات المنطقة فى تلك الحقبة بدون استثناء.
ولم ننجح فى التحرر من الاحتلال الا بعد الفتح العربى الاسلامى الذى صهر المنطقة ووحدها وحررها وعرَّبها، وحكمها بدول قوية على امتداد أكثر من 10 قرون.
وهو ما يعنى ان نظرية الامن القومى المصرى ونظيراتها فى كل الاقطار الاخرى، قد سقطت الى غير رجعة منذ ما يقارب 2500 عام. لتحل محلها حقيقة ونظرية الأمن القومى العربى. ولتتأكد هذه الحقيقة مرة أخرى مع الحملات الصليبية.
ولكننا وبسبب عصور التخلف والاستعمار الحديث وتسويات الحربين العالمية الاولى والثانية، عدنا مرة أخرى للرهان على حلول فشلت منذ عشرات القرون، فراهنا على التجزئة والتقسيم والدولة القُطرية والأمن القومى القُطرى، التى أخذتنا من هزيمة الى أخرى.
فلقد اثبتت التجارب على امتداد قرون طويلة، ان الامن القومى العربى الشامل وامن أى من أقطارها لا يمكن ان يتحقق الا بوحدتها الشاملة.
وأثبتت فشل ما دون ذلك من اشكال للتضامن او للتعاون او للدفاع المشترك التى لا تُفَّعَل ولا تدوم، وكذلك أى انخراط جماعى فى أحلاف دولية.
كما اثبتت ان الامن القومى ليس هو الناتج الحسابى لمجموع امن كل دولة عربية على حدا، لأنه فى كثير من الاحيان يتناقض الامن القُطرى مع الامن القومى العربى.
فعلى الرغم من كل الاعتداءات والمخاطر والمخططات الخارجية التى استهدفت ولا تزال الامة العربية واستقلالها وامنها، الا ان الاعتداءات الداخلية على الأمة، من قبل الانظمة العربية الحاكمة لم تقل عنها خطورة، وفيما يلى بعض الامثلة:
هزيمة 1967:
ربما تكون نكسة 1967، هى اقوى ضربة وجهت الى الامن القومى العربى، والتى لا نزال نسدد فواتيرها حتى الآن، بدءا من انسحاب مصر من الصراع مقابل استردادها لسيناء مقيدة القوات والتسليح، أو احتلال اسرائيل لمزيد من الارض العربية فى الجولان والضفة الغربية والقدس وغزة. الى آخر حالة الانقسام السياسى والايديولوجى العميق التى ضربت الامة وتياراتها، على اثر صدمة الهزيمة.
***
كامب ديفيد :
انسحاب مصر بعد حرب 1973 من الصراع ضد الكيان الصهيونى، وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد والاعتراف باسرائيل، الذى تمت تحت شعارات الامن القومى المصرى، كان اكبر عدوان وتهديد للامن القومى العربى، من حيث انه مهد لتصفية القضية الفلسطينية، وجرد الامة من قيادتها التاريخية فى مواجهة الاعتداءات الخارجية، وثَبَّت وجود اسرائيل، وادى الى تحولها الى القوة الاقليمية الكبرى فى المنطقة، وانفرادها بباقى الاطراف العربية، والإجهاز على قدراتهم العسكرية واحدا تلو الآخر.
***
الممثل الشرعى الوحيد:
انسحاب الدول العربية من اى مسؤولية تجاه فلسطين، وترك الفلسطينيين يواجهون اسرائيل وامريكا ومجتمعهما الدولى منفردين، تحت شعار "منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى" الذى تبنته الجامعة العربية فى 1974، كان احد الضربات الخبيثة لقضية العرب المركزية، والتى ادت الى انكسار القيادة الفلسطينية وإخضاع ارادتها والاعتراف باسرائيل، بعد أن وقفت بمفردها فى مواجهة العدوان الصهيونى على لبنان 1982 الذى انتهى بطردها من لبنان ونفيها الى تونس بعيدا عن الارض المحتلة.
***
الاستسلام العربى الجماعى لاسرائيل :
وهو ما نتج عنه وتبعه قيام منظمة التحرير الفلسطينية فى اوسلو 1993 والأردن فى وادى 1994 وجامعة الدول العربية فى مبادرة السلام العربية 2002، بالتنازل عن الحق الفلسطينى والعربى فى ارض فلسطين التاريخية، والاعتراف بإسرائيل فعليا او ضمنيا، والتنازل عن الحق فى المقاومة والكفاح المسلح بل وتجريمهما، مما عمق من الضرب فى اسس الامن القومى العربى الذى بدأته مصر كامب ديفيد فى 1979. وهو ما أدى من ناحية أخرى الى عزوف وهروب قطاعات كبيرة من الشباب من الهويات الوطنية والعربية المهزومة والمستسلمة الى انتماءات وهويات طائفية بحثا عن بدائل للكرامة المهدورة، مما كان له دورا كبيرا فى تفشى جرثومة الصراعات والحروب الطائفية والمذهبية التى ضربت الواقع العربى مؤخرا.
***
ايلول الاسود:
استهداف المملكة الاردنية الهاشمية للمقاومة الفلسطينية عام 1970، وطردها من هناك، وجه ضربة كبيرة للامن القومى العربى بتجريده من احد ساحات النضال والمواجهة للعدو الصهيونى.
**
الحرب الاهلية اللبنانية:
تفجير الوضع اللبنانى عام 1975 على أيدى الدول العربية الرجعية والتابعة، بالتحالف مع القوى اللبنانية الطائفية وبرعاية امريكية ودعم اسرائيلى، فى استهداف للوحدة الوليدة بين المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية، والذى انتهى بطرد المقاومة من لبنان عام 1982 بعد ان سبق طردها من الاردن، جرد الامة العربية من ساحة اخرى من ساحات مواجهة العدو الصهيونى.
***
تل الزعتر :
مشاركة النظام السورى فى حصار وضرب المقاومة الفلسطينية فى لبنان فى سنوات الحرب الاهلية اللبنانية، لكى يكون له اليد الطولى فى الملف اللبنانى، كان هو ايضا احد الضربات القوية لجبهة المقاومة ضد اسرائيل.
***
الهيمنة الامريكية على الخليج:
استمرار تبعية المملكة السعودية ودول الخليج للغرب بقيادة الولايات المتحدة، الذى بدأ بإمارات الخليج مع بدايات القرن الثامن عشر، وتم تثبيته بعد الحرب العالمية الاولى وتعمق بعد الحرب العالمية الثانية، مَثَّل خنجرا خطيرا فى الجسد العربى، نجحت الولايات المتحدة من خلاله ان تعيد المنطقة الى عصر الاستعمار العسكرى التقليدى المندثر منذ نصف قرن، واحتلالها للخليج العربى 1991 ثم للعراق حتى الان. مع النهب المستمر والمزمن لمقدرات الامة من النفط وعوائده.
***
الصراع السورى العراقى:
الصراع المرير بين حزبى البعث الحاكمين فى سوريا والعراق، بدلا من سعيهما الى توحيد القطرين العربيين الشقيقيين، ومشاركة السوريين فى حرب الخليج الثانية تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية التى انتهت بحصار العراق ثم بغزوه، كان ضربة قوية هى الاخرى فى جسد الامن القومى العربى.
***
الحرب العراقية الايرانية :
تورط العراق بتحريض من النظام الرسمى العربى ودعم امريكى وغربى، فى حرب طويلة مع ايران 1980- 1988، بدلا من التركيز على مواجهة اسرائيل، خاصة بعد مأساة كامب ديفيد، أدت الى انهاك العراق وإضعافه، وإجهاض مشروع التعاون العربى الايرانى فى مواجهة الولايات المتحدة والمشروع الصهيونى.
***
الاحتلال العراقى للكويت والاستدعاء الخليجى للأمريكان:
الاستدراج الامريكى للعراق لاحتلال الكويت فى اغسطس 1990، واستنجاد العائلات المالكة السعودية والخليجية بالأمريكان لاسترداد عروشهم او حمايتها. والذى انتهى باحتلال الخليج وحصار العراق واحتلاله وتدميره وتقسيمه على امتداد الربع قرن التالى، كان فعلا كارثيا على الامة العربية ووجودها وامنها.
***
التواطؤ العربى:
الصمت والتواطؤ العربى فى مواجهة الاعتداءات والحروب الاسرائيلية على فلسطين ولبنان، وغاراتها على تونس والعراق وسوريا والسودان، والمشاركة العربية فى حصار الشعب الفلسطينى، وادانة المقاومة وحظر تسليحها، فى تماهى كامل مع المشروع الصهيونى وتصفية القضية الفلسطينية.
وكذلك الصمت والتواطؤ والمشاركة فى كل الحملات الامريكية ضد العراق، التى لم تتوقف منذ 1990، وآخرها ما يسمى اليوم بالتحالف الدولى .
***
الاستئثار بالسلطة والثروة:
واقصد بها كل السياسات الرسمية، التى حرمت المواطن العربى من حقه الثابت والعادل فى المشاركة فى ثروات بلاده وفى ادارة شؤونها، والتى يندرج تحتها سياسات القهر والاستبداد والاستغلال والإفقار والتهميش، والتى أضعفت مشاعر الانتماء الوطنى لدى قطاعات كبيرة من الشعوب العربية، فأضعفت الجبهات الداخلية، وجعلتها فريسة سهلة للهزيمة والانكسار والانقسام.
وما ارتبط بذلك مؤخرا من الانقضاض بالقوة والقهر او بالاحتواء و الإفساد، على الثورات العربية وإجهاض أحلام الشعوب فى الحرية والكرامة والعدل والعدالة. وما سينتج عن ذلك من مشاعر هائلة بالظلم قد تسفر عنها موجات غير مسبوقة من العنف، تقضى على البقية الباقية من الامن والاستقرار.
***
كان ما سبق مجرد عينات على سبيل المثال وليس الحصر، وكلها تكشف حجم وعمق الأضرار التى اصابت الامة العربية واستقلالها واستقرارها وأمنها على أيدى النظام الرسمى العربى والأنظمة الحاكمة والحكام العرب، والتى كانت أضعاف مضعفة مما أصابنا على أيدى القوى والأعداء الخارجيين.
ليصبح السؤال الواجب هو: من يمكنه بعد كل ذلك أن يصدقهم أو يؤيدهم او يعطيهم الثقة والأمان ؟
*****
موضوعات سابقة :

21 أبريل 2015

زهير كمال يكتب: حول الموقف من إيران

في مقال هام للأستاذ محمد سيف الدولة بعنوان عرب وإيرانيون وبعض التعليقات الواردة عليه أود إيراد النقاط التالية علها تلقي بعض الضوء على هذه العلاقة المتشابكة بين العرب وإيران والتي تنعكس أو يتم عكسها على المذهبين السني والشيعي.
1. في التاريخ القديم عاشت الدولة الفاطمية لمدة 250 عاماً على معظم أراضي الوطن العربي وكانت عاصمتها القاهرة ، والمعروف أن هذه الدولة كانت دولة شيعية ، مع أسفي الشديد على استعمال هذا الوصف الذي لم يستعمله سوى مثقفينا في العصر الحاضر ، كان يمكن للمجتمع العربي السني أن يتشيع في هذه المدة الطويلة من الزمن ، أليس الناس على دين ملوكهم ؟ ألم يكن الأولى بأهل مصر السنة ومركز صنع القرار في عاصمتهم أن يفعلوها . لم يحدث هذا والدليل أنه في الوقت الحاضر يدين جميع الشعب المصري بالمذهب السني .
ولن نستطيع وصف حكام ذلك الزمن بأنهم ديمقراطيون وأنهم يؤمنون بحرية الرأي والمعتقد. ولكن لأنهم ببساطة شديدة لم يكونوا يشعرون بأي فرق بين المذهبين .
وعلينا أن نسجل هنا أنهم لم يكونوا يدينون بالتبعية للدول الكبرى في ذلك الزمن ، فهم دولة كبرى ويشعرون بالعظمة وليس مثل الفئران المذعورة، كما في يومنا هذا، والتي ترتمي في أحضان الأجنبي وتستمد حمايتها منه.
2. قبل قيام الثورة الإيرانية احتل شاه إيران ( الشيعي) سلطنة عمان وسيطر على مضيق هرمز من الجانبين ، هذا المضيق الذي تمر منه معظم الصادرات النفطية وتقوم أساطيل العالم المختلفة بحمايته وضمان بقائه مفتوحاً، كان هدف الشاه القضاء على ثورة أهل ظفار ( السنة). يومها لم يعترض النظام السعودي وشيوخ الخليج وسلطان عمان على قتل الشيعة للسنة في عمان ، يومها لم يهدد أحد بالويل والثبور وعظائم الأمور لتلك الفعلة الشنيعة ، ولم يتباكَ أحد على المذهب السني الذي يضيع على أيدي الشيعة. فلماذا لم ينظر أحد الى هذه الفروقات المذهبية قبل نصف قرن ؟ أليس واضحاً أن ولي أمر الطرفين كان واحداً وليس من مصلحته إثارة هذه النقطة التي تعصف بعالمنا العربي؟
3. بعد قيام الثورة الإيرانية ظهر في العالم الإسلامي طراز جديد من الحكام ، يجلسون على الأرض في بيوت متواضعة ويتناولون الخبز وبعض حبات التمر مع اللبن ، يعطون مثلاً مغايراً للأبهة والفخامة والبذخ عمن يتناولون طعاماً مثل ألسنة بعض أنواع العصافير القادم من باريس بطائرات خاصة. وكان لابد من القضاء على هذا المثل المنبه للشعوب العربية الغافلة التي تؤمن بأن الله قد قسم لها رزقها وأن طاعة ولي الأمر من طاعة الله. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها النظام السعودي ضد ثورات الشعوب فمنذ الخمسينات من القرن الماضي وقفوا ضد الثورة المصرية وحاولوا اغتيال قائدها واستمر هذا النهج حتى يومنا هذا، فهي مسألة مبدأ لا يحيدون عنه.
4. تلاقت مصالح صدام حسين الذي وقع اتفاقية مذلة مع شاه إيران في الجزائر مع مصالح النظام السعودي وتم شن حرب ضد الثورة الإيرانية الوليدة مات فيها مليون شاب من الطرفين واستمرت ثماني سنوات وتم ضرب صواريخ على سكان طهران، اضطرت الخميني الى الاعتراف بالهزيمة. في نفس الوقت الذي استقبل فيه السادات شاه إيران السابق واحتضنه بعد أن لفظته كافة دول العالم بما فيها السيد الأمريكي.
5. ما يعنينا من هذا السرد التاريخي هو إبراز الحالة النفسية التي وصل اليها الشعب الإيراني وهو يرى العرب يقومون بكل ما يستطيعون فعله ضده من أعمال تقتيل وتآمر وإذلال ، ألا يشبه هذا حالة الشعب المصري بعد نكسة 1967 وهم يرون دولة صغيرة مثل إسرائيل تهزم دولتهم وهم يعدون عدة أضعاف سكان إسرائيل. يومها عبر الخميني عن حالة شعبه قائلاً إنه تجرع السم ، بينما عبر عبد الناصر عن ذلك بتقديم استقالته الى شعبه. طبعاً مضى زمن طويل على شعوبنا العربية لم تر فيه زعماء يشعرون بشعوبهم ويعبرون عنها.
ومن الجدير بالذكر أن حرب الخليج الأولى كانت بداية الحملة العنصرية ضد شعب إيران ، وصلت الى حد تكفيره بعد أن أطلق صدام اسم القادسية على حربه ضدهم. وهناك صفة تمتاز بها كافة شعوب الأرض وهي التعميم فما يفعله الزعيم ينطبق على شعبه كله حتى ولو كان هذا الزعيم مفروضاً بالقوة .
6. هذه الحالة النفسية التي يصل اليها شعب من الشعوب هي الدافع له لكي ينهض من كبوته وسباته ، وقد استطاع شباب مصر الانتصار في حرب أكتوبر المجيدة ، أما إيران فقد أطلقت أقماراً صناعية الى الفضاء الخارجي ، بينما نجد أن الملك السعودي يذهب الى العلاج في الخارج. وهذا مثل على حالة الأمم التي لا تتقدم الى الأمام.
ويرجع ذلك الى علة واحدة تسري على كل الدول العربية وهي نظام الحكم غير المناسب للعصر الحالي ، إن لم يكن غير مناسب أساساً لأي عصر. فشعوبنا حباها الله الذكاء والفطنة والقدرة على تحمل الصعاب وحل مشاكل عصرها إن منحت الفرصة ، الأمر الذي لم يحدث حتى تاريخنا هذا.
7. من المعروف علمياً أن الطبيعة لا تقبل الفراغ وينطبق هذا على النفوذ والقوة أيضاً وفي الحالة العربية الراهنة ، نجد كلاً من إيران وتركيا تحاول ملء الفراغ الموجود في المنطقة ، فهل نلوم إيران أو تركيا على ما تفعلانه أم نلوم أنفسنا؟ لم يستطع النظام السعودي ملء الفراغ الناتج عن تخلي مصر عن دورها الإقليمي والدولي، فالمال وحده لا يشتري النفوذ ناهيك عن استقلال القرار والتمثيل الحقيقي للشعب ولكافة شعوب المنطقة.
8. كانت المحاولة الأولى للشعوب العربية للخلاص من حالة الجمود التي فرضت عليها لمدة طويلة ما عرف بثورات الربيع العربي التي فشلت في معظمها نتيجة الضعف الشديد الذي أصاب الطبقات الوسطى في معظم البلاد العربية ، ضمن هذه المحاولات الأولى كانت الثورة السورية التي أيدها الجميع في بدايتها. لم يع قادة الثورة ومفكروها ولم يحللوا أوضاع المنطقة والمحاذير الكثيرة التي تصاحب ثورة شعبية في منطقة ملتهبة وكان أولى بهم أن يحافظوا على سلمية الثورة مهما كانت الظروف والتضحيات، كما هي حالة تونس ومصر التي نجح فيها الشعبان في إزاحة رأس السلطة ، ولكن هؤلاء المفكرين استسهلوا الحل فبدأ العنف. واليوم حين نلخص الوضع بسؤال نقول:
ما هذه الثورة التي يمولها النظام السعودي ويقوم بتدريب أفرادها المخابرات الأمريكية والأردنية ويقوم بعلاج جرحاها الكيان الإسرائيلي؟
9. في نقاط الخلاف مع إيران حول الجزر الثلاث المحتلة في الخليج ، علينا أن نعمم المسألة فالجزر الثلاث هي جزء من وضع عام في العالم العربي الذي تطير أطرافه بسبب الضعف العربي، سبتة ومليلة والجزر المغربية، ولواء الاسكندرون الذي تحتله تركيا، والأحواز الذي تحتله إيران .
وقد يحلم ملك المغرب باسترجاع المسروقات الى ملكه السعيد ، غير أن الأمر لا يتعدى الحلم المجرد ، ولكن شيوخ الخليج يستعملون الموضوع للتجارة وكسب المال. فمنذ الحظر الغربي المفروض على إيران كانت دبي متنفس إيران المالي على العالم الخارجي ، وخشية التجار أن تنقل إيران تعاملاتها الى مراكز مالية أخرى في آسيا مثل هونج كونج أو سنغافورة تجعلهم يغضون الطرف عن أمر صغير مثل احتلالها لبعض الجزر الصغيرة. ولكن للأمانة يقوم إعلامهم بتذكيرنا بالواقعة التي مر عليها ردح من الزمن كلما احتاج الأمر.
10. بالنسبة لموضوع إيران وتصدير المذهب الشيعي الذي يخيف مثقفينا، يخطر على البال سؤال افتراضي وهو ما الذي يحدث لو تحول أهل السنة الي المذهب الشيعي أو العكس؟
لن يتغير شيء من واقع هذه الشعوب فالمسألة الخلافية بين المذهبين هي مسألة تاريخية لا علاقة لها بحاضرنا المعاش. كما أن التاريخ نفسه لن يتغير ولعل المذهب الزيدي في اليمن هو الحل الوسط بين السنة والاثنا عشرية فهم يحترمون صحابة رسول الله وزوجاته ولهذا لم نجد أية مشكلة مذهبية عبر العصور في اليمن السعيد والمظلوم. ولم أجد أسخف من اتهام إيران بهذا الموضوع ، إذ لم يستطع الحكام الفاطميون عبر 250 عاماً تحويل السنة فما الذي يستطيع بعض الدعاة إضافته؟
11. إن موقف المثقفين من القضية الفلسطينية ووجود إسرائيل كجسم سرطاني هو المعيار الحقيقي وهو البوصلة، ولن نتطرق الى موقف الدول من هذا الموضوع فهو معروف للجميع. ولكن دعونا نتخيل منطقة الشرق الأوسط بدون حركات المقاومة كما يريدها النظام السعودي وباقي الأنظمة العربية ، فما مبلغ الإحباط والخذلان واليأس التي ستشعر بها شعوبنا ؟ 
يقول أهلنا في الجزائر : لا يبق في الواد إلا الحجارة .
أما مظفر النواب ( الشيعي) فيقول:
يا حامل مشكاة الغيب بظلمة عينيك ترنم بلغة القرآن فروحي عربية

19 أبريل 2015

د. مصطفى النجار يكتب: التنوير بحرق الكتب

يمكنك أن تفعل أى شىء فى مصر الآن مهما كان متجاوزا أو مرفوضا أو مخالفا للقانون والأعراف، طالما أنك ترفع شعارا من ثلاثة شعارات ومبررات (أصلهم إخوان – الحرب ضد الإرهاب – التنوير)، يمكنك أن تقتل شخصا بلا ذنب وحين تتم مساءلتك تقول لقد كان إرهابيا، يمكنك أن تعبث بالمناهج التعليمية دون رؤية تربوية لتنتزع منها ما تشاء وإذا سألوك فقل إننى أحارب الإرهاب، بل يمكنك أن تحرق الكتب مثلما فعل التتار حين احتلوا بغداد وإذا سألوك فقل أنا أنشر التنوير وأحارب التطرف!
شاهد العالم هذه الصور التى ستدخل التاريخ بلا شك لهذه المجموعة التى كانت تحمل أعلام مصر بفرحة وتقوم بحرق مجموعة من الكتب فى فناء إحدى مدارس محافظة الجيزة، قد يصيبك مزيد من التعجب إذا علمت أن من تورطوا فى هذه الجريمة قاموا بإحضار مصورين لتصوير الحدث وعرضه على القنوات الفضائية! وتمت عملية الحرق بالتزامن مع إذاعة بعض الأغانى الوطنية (يا أحلى اسم فى الوجود – بلادى بلادى لك حبى وفؤادى – هتافات تحيا مصر).
من الكتب التى تم حرقها كتب لشيخ الأزهر الأسبق المرحوم الدكتور عبدالحليم محمود والعلامة والحجة القانونية والدستورية الدكتور عبدالرازق السنهورى وكذلك الشيخ على عبدالرازق صاحب كتاب (الإسلام وأصول الحكم)، أحد أبرز من خاضوا معارك فكرية فى بدايات القرن العشرين من أجل مدنية الدولة. وحتى تكتمل الكوميديا تم حرق كتابين لمؤلفين كلاهما كان من أعمدة نظام مبارك الإعلامية وتم تبرير كل ما مضى بأن هذه الكتب تحرض على العنف وتدعو للإرهاب.
•••
يرى البعض أن ما حدث هو محاولة مبتذلة من البعض للتقرب من السلطة التى رفعت شعار التجديد الدينى وحرب الارهاب ولكنها تحولت لمحاولة رخيصة ذات أثر عكسى. لكن الحقيقة بعيدا عن الانغماس فى تفاصيل الواقعة الكارثية فإن ما يحدث فى مصر الآن باسم التجديد الدينى والتنوير جريمة فى حق الدين والإنسانية.
نحن أمام هجمة عشوائية تفيض بالجهل والرعونة والسطحية البالغة، فحين تستضيف إحدى الفضائيات شخصا يقول (إن 99% من العاهرات محجبات) فى إطار دعوته لخلع الحجاب فلا يمكن اعتبار ذلك وجهة نظر ولا رؤية تنويرية بل هو سب وقذف وتشويه لكل امرأة مصرية ترتدى الحجاب!
يتشدق هؤلاء بالليبرالية وهم لا يدرون عنها شيئا، فالليبرالية لا تقول للناس البسوا أو اخلعوا بل تترك الحرية لكل فرد فى عمل ما يريد طالما أنه لن يضر المجتمع أو يتجاوز القانون العام. هؤلاء المهرجون على كل لون وشاكلة يجمع بينهم ضحالة الفكر والخلو من المضمون والتبجح بالجهل، والعجيب هو تمكينهم من منابر الإعلام وخطاب الناس.
تخيل أن التلميذ الصغير الذى يحاول أهله تنشئته على حب القراءة شاهد معلميه وهم يقومون بحرق الكتب ويحتفون بذلك ويعتبرونه ضربا من الوطنية الخالصة! أى تشوه سيصيب هذا الجيل؟ وأى عداء للمعرفة؟ إن فكرة حرق كتاب فى القرن الواحد والعشرين الذى صارت فيه المعرفة متاحة للجميع عبر شبكة الانترنت هى فكرة مختلة تستدعى ماضيا سلبيا لفترات انحطاط إنسانى وفكرى عاشتها الانسانية.
الأفكار ذات أجنحة لا يمكن منعها من التحليق وأيا كان محتوى أى كتاب فحرقه ليس الحل بل تفنيد أفكاره وغرس القيم السليمة والفكر الصحيح وتأصيل ذلك بالإقناع ومواجهة الحجة بالحجة وليس اللجوء لبيئة محاكم التفتيش والعصور الوسطى.
لا يمكن وصف هؤلاء بالتنويريين بل هم دعاة التنوير الظلامى وممارساتهم هذه لا تختلف عن فاشية من ينتقدونهم ولا علاقة لها بالوسطية او الاعتدال بل هم وقود لهوس دينى مضاد وتطرف انتقامى قادم سيجد المبررات للتحول للعنف من أجل حماية الدين الذى يرون أن هؤلاء يحاربونه ويسيئون إليه.
•••
إذا قمنا بعقد مقارنة بين مدعى التنوير من هؤلاء وبين تنويرى حقيقى مثل الإمام الشيخ محمد عبده سندرك كم هو الفرق شاسعا بين فهم هؤلاء لحرية الفكر واستقلال الارادة، يقول الشيخ (إن الإسلام أطلق سلطان العقل من كل ما كان قَيَّده، وخلَّصه من كل تقليد كان استعبده، وردّه إلى مملكته يقضى فيها بحكمه وحكمته، مع الخضوع مع ذلك للَّه وحده، والوقوف عند شريعته، ولا حدَّ للعمل فى منطقة حدودها، ولا نهاية للنظر يمتدّ تحت بنودها، بهذا تمَّ للإنسان بمقتضى دينه، أمران عظيمان طالما حرم منهما، وهما: استقلال الإرادة، واستقلال الرأى والفكر، وبهما كملت له إنسانيتُه، واستعد لأن يبلغ من السعادة ما هيّأه اللَّه له بحكم الفطرة التى فطر عليها).
مصر تمضى إلى مستقبل مظلم إذا استمر هؤلاء فى تصدر منابر الفكر والإعلام وخطاب الجماهير. السلطة التى تبنت خطاب التجديد الدينى لا يمكن أن تغسل يديها من هذه الخطايا التى يمارسها من يحاولون التقرب منها بهذه الترهات والأحاديث الفارغة والأفكار المغلوطة.
لا نطالب بقمع أى فكرة مهما كانت تفاهتها ولكن لابد من توفير البيئة المناسبة لنقاش الأفكار وتصارعها، ولا يمكن حصر منابر الاعلام فى المقربين من السلطة الذين يتبنون هذه الأفكار العبثية دون وجود معادل ومكافئ موضوعى يفند هذه الأوهام.
نريد تنويرا حقيقيا يجدد الأفكار ويحفظ الثوابت والويل لأمة تهدم ثوابتها وتعبث بهويتها وليبقى هدفنا الواضح هو تجديد لا تبديد

محمد رفعت الدومي يكتب: ويحبُّ ناقتها بشيري!

انتهي العرس الديمقراطي في نسخته السودانية، وكعادة كل الأعراس الديمقراطية في هذه البقعة الرديئة من الكون كان مجرد استربتيز سياسي رخيص من الواضح جدًا أن الغرض الوحيد منه هو إضفاء لون من ألوان شرعية الصناديق علي مجرد استفتاء تشتعل ملامحه كفضيحة تدق أجراسها في كل ألاروقة السياسية علي سطح الكوكب، هذا هو النصف الفارغ من الكوب يا سادة، أما النصف الممتلئ فهو أننا كعرب قد ظفرنا بعُرفٍ أصبح الآن دارجًا، وهو تمديد أعراسنا الديمقراطية يومًا إضافيًا أخذ السودانيون فيه "غسطًا" من الراحة بين "ليلة الحنة" و "ليلة الدخلة"! 
كيف يفكر هؤلاء؟ هل يظنون حقَّاً أن الممسكين بخيوط الكوكب الذين تقام أعراسنا الديمقراطية لإرضائهم هم فقط، ولتبديد انزعاجاتهم الكاذبة هم فقط، لا لإرضاء القطيع وتبديد مخاوفه الحقيقية، يحتاجون إلي الاسترخاء فوق معجزة ليكتشفوا ما يدور وراء كواليس السياسة في أي مكان علي سطحه؟
هؤلاء يعرفوننا حتي جذور أعصابنا وحتي تلك الأفكار السوداء التي تلتحق بكوابيسنا، يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا، لذلك، ما قد ينطلي علي قطعان العبيد التي صنعتها الأنظمة علي عيونها وعلي عيون جلاديها لا يمكن أن يمرَّ علي أذهان أولئك المنهكين بالحرية دون أن ينبه نظرية أو يرتطم بعوائق النقد والتحليل، ولنفترض جدلاً أن أذهانهم قد تمتص المكيدة لجودة تنسيقها وهذا مستحيل، فلا أقل من أن يتسائلوا:
- في بلد تزداد جراحه عمقًا كل صباح، ويقف علي مشارف الركود وعلي حواف الإشتعال من كل جانب، أي انتخابات تلك التي يكون الفائز فيها معروفًا قبل إجرائها، والأغرب أن الفائز، قولاً واحدًا، هو هو السبب المفصليُّ في أمراض هذا البلد؟
"عمر البشير" طبعًا هو العريس المنتظر، وعما ساعات سوف يفض بكارة السودان مرة أخري، لذلك، فالإنتخابات السودانية أشبه بعملية ترقيع أخري لتزييف عذرية دولة بلغت من النحافة علي كل الأصعدة حدًا لا تستحقه، ولسوف تظل السودان في عصمة "البشير" عقيمًا! 
و"البشير" يذكرني دائمًا، أو لأكون أكثر دقة، تذكرني به دائمًا طرفةٌ بطلها الطبيب الشاعر "إبراهيم ناجي"، ربما، لأنني، لم أعرف وعاءًا يحمل اسم "بشير" أشهر منه، تمامًا، كما تذكرني دائمًا بالعظيم الراحل "نيلسون مانديلا" علي الرغم من ضمور العلاقة بينهما لوحة "أم ويسلر"، لسبب لا أعرف من أين يهب.. 
كان لدي الشاعر الطبيب "إبراهيم ناجي" ممرض، أو "تومرجي" أغلب الظن أنه من بلاد النوبة اسمه "بشير"، وكان من بين المترددات علي عيادته شابة حسناء اعتادت أن تأتي العيادة برفقة جارية لها سوداء، حدث أن أفرط "بشير" ذات يوم في الترحيب بها بالقدر الذي ألهم "ناجي" أن يترك لنا من بين إرثه الشعري طرفةٌ موزونة، لقد عارض بيت "المنخل اليشكري" الأشهر من "المنخل" نفسه:
وأحبُّها وتحبُّني / ويحبُّ ناقتها بعيري
فقال "ناجي":
بالأمس.. طوَّف بالعيادةِ شادنٌ حلو العبير
وأحبُّها وتحبُّني/ ويحبُّ عبدتها (بشيري)
كان إصرار "إبراهيم ناجي" علي الإخلاص لإبداع الهزل من حين لآخر كهذه الطرفة وغيرها هو مصدر نقمة "طه حسين" عليه، ولقد بلغ به الغيظ منه ذات يوم مرتفعًا لم يخجل معه أن يجرده تمامًا من شاعريته ومن معرفته بالطب حتي عندما وصفه قائلاً:
- "إبراهيم ناجي" شاعرٌ بين الأطباء وطبيبٌ بين الشعراء!
لكن.. كيف نصدق هذا الكلام ونصدق في الوقت نفسه أن المعنيَّ به هو القائل:
وَمِنَ ٱلشَّوْقِ رَسُولٌ بَيْنَنَا/ وَنَدِيمٌ قَدَّمَ ٱلْكَاسَ لَنَا
هَل رَأَى ٱلْحُبُّ سُكَارَى مِثْلَنَا/ كَمْ بَنَيْنَا مِنْ خَيَالٍ حَوْلَنَا
ومَشَيْنَا فِي طَرِيقٍ مُقْمِرٍ/ تَثِبُ ٱلْفَرْحَةُ فِيهِ قَبْلَنَا
وضَحِكْنَا ضِحْكَ طِفْلَيْنِ مَعًا/ وَعَدَوْنَا فَسَبَقْنَا ظِلَّنَا..
وبعيدًا عن الهزل وأشياء "إبراهيم ناجي"..
لا شك وأيم الله في أن السودانيين يستحقون أفضل ألف مرة من "عمر البشير" ليدير شئونهم، وليس لدي شك في أن معظمهم يفطن تمامًا إلي هذه البديهية، تمامًا، كما ليس لدي شك في أن غليانًا مريبًا يتحرك في أعماقهم قد يحطم القدر عما شهور من كل جانب!
ليسوا الكسالي والكسالي غيرهم، فلا هم يأخذون عند الاستيقاظ من النوم كما يشاع "غسطًا من الراحة"، ولا هم عندما يكون أحدهم راقدًا علي ظهره ويشعر بالرغبة في البصق يمنعه الكسل من الاعتدال ليبصق، لذلك، هو يبصق إلي أعلي ثم بعد أن يستريح يزيل بصاقه من فوق ثوبه.. 
ولا هم المعنيون بتلك النكتة التي انتشرت عندما كان منحني الثورات العربية في ذروة النقطة:
زعموا أن "البشير" خاطب الشعب السوداني قائلا: 
- يا جماعة، لو ما دايرني ودايرين تطلعوا مظاهرات كلموني..
فأجابه الشعب السوداني:
- آآآآي، لا لا خليك يا ريس نحن ذاتنا ما فينا حيل للمظاهرات!
ولا هم أيضًا ينظِّرون لتبجيل الكسل وإغراء الآخرين به كباحثهم هذا الذي قال:
- لو كان المشي مفيدًا للصحة لكان ساعي البريد أحسن الناس صحة بالعالم!
- لو كانت السباحة وأكل السمك مفيدًا للصحة فلماذا الحوت يسبح طوال اليوم، وأكله كله سمك، ومع هذا يشتكي من السمنة وزيادة الوزن؟
- والأرنب يقفز ويجري ومع هذا لا يعيش أكثر من 15 سنة!
- أما السلحفاة فهي تنام كثيرًا، ولا تجري نهائيًا، ولا تأكل سمك، ولا تقوم بأي عمل شاق، ومع هذا تعيش 450 سنة!
كلام مقنع والله ويحترم المنطق ويحرض فعلاً علي الكسل، أنا أيضًا، لماذا أكتب؟ ولمن؟ ولماذا؟
كثرٌ من كتبوا قبلي وغادر الضوء أسمائهم بعد ساعات من رحيلهم، بينما من لا يعرف الكتابة أو القراءة متي قتل أو خان صار زعيمًا ملهمًا، وإن كان صنمًا صناعياً من غبار أو أقل شأنًا!
كذلك، كان الخائن "أمين عثمان" يسافر للاسترخاء في "سويسرا" مرتين في العام عندما كان العظيم شاعر البؤس "عبد الحميد الديب" ينزف بيته الشهير:
كأنِّي حائطٌ كتبوا عليه/ هنا يا أيها المزنوق طرطرْ!
المجد للكسالي

مصادر عراقية .. الرفيق عزة ابراهيم الدوري بخير

وردنا من مصدر بعثي موثوق به ان المجاهد عزة ابراهيم الدوري بصحة وعافيه يرأس رفاقه المجاهدين بكل ارض العراق ولا صحة بتاتا لما نشر من اكاذيب وتلفيقات من قبل رائد الجبوري محافظ صلاح الدين حول مقتل الدوري في جبال حمرين , اشاعة هذا الخبر الكاذب الملفق المفبرك يراد منه التغطية على خسائر الحشد الشعبي "جحش" والجيش الصفوي بصلاح الدين والانبار وبيجي والصور التى نشرتها الصحف ووكالت الانباء نهائيا ليست لعزة الدوري وتصريح الدكتور المرشدي المرفقة صورة منه ادناه صحيح مئه بالمئه .. اليكم صوره عزة الدوري وصورة الشخص الذي ادعوا انه عزة الدوري
ومن جانبهم قال مراقبون ان آذنى عزت الدوري التى جاءت في الصور متباعدة بمنطقة الصيوان العليا عن جانب الجمجمة بينما الذي عرضوا صورته آذانه لصيقة الصيوان بالجانب، وكانت هناك صورتان : في إحداهن الأسنان الأمامية مفقودة بعدد إثنين وفي الأخرى الأسنان الأمامية موجودة ، هل تعرضت الجثة للضرب كما فعلوا مع جثة صدام حسين وقتها بحيث تحطمت الأسنان قبل تصوير اللقطة التالية؟
من جهة أخرى يبدو تأثير الزمن و فارق العمر أقل بالقياس للفترة التي مضت ( 2003 - 2015)، كل هذا يقف مقابله شبه قوي لا يمكن تجاهله ، لذا يصعب القول هنا بصحة الموضوع، ثم هل ينكر الحزب شيئاً كهذا في حالة حصوله ويسجل موقفاً على ذاته بينما فحص الحمض النووي وشيك ( هذا في حالة توفر قاعدة بيانات أو أقرباء مباشرين يتم مقارنة النتائج بهم )؟ كان عزة الدوري بحمرين بقرية لاحد القبائل العربية هناك حيث كانوا يخفونه لديهم ، اعرف هذا منذ عام 2004 لكن الأمور تتغير!!!

18 أبريل 2015

محمد العمدة يكتب : السيسي والعسكر ونهب مصر

رغبة من المشرع في حماية المال العام من السلب والنهب لاسيما في الحالات التي تشرع فيها الحكومة في إنشاء مشروعات استثمارية مثل إقامة مباني حكومية أو سكنية أو رصف طرق أو إنشاء كباري علوية أو أنفاق أو ما شابه ذلك من مشروعات ، أصدر المشرع المصري قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 يهدف منه إلي وضع قواعد لتنفيذ المشروعات الحكومية بحيث لا تستغل هذه المشروعات من قبل الموظفين العموميين لنهب المال العام من خلال إثبات مشتريات بأعلى من قيمتها أو تنفيذ مشروعات وإثبات قيمة التنفيذ بأعلى مما تم إنفاقه ليحصل الموظف العام علي الفارق لنفسه .
وكانت الوسيلة الأساسية لمواجهة هذه المخاوف هي عرض المشروع المطلوب إنشاؤه في مناقصة عامة ، بمعني إذا أرادت الحكومة إنشاء مدرسة بمواصفات معينة فإنها تعرض المشروع بمواصفاته في مناقصة عامة ، بحيث تتقدم الشركات ، وكل شركة تقدم عرضا يتضمن تكلفة المشروع علي ضوء تقديرها ، وتقوم الحكومة بعد الاطلاع علي هذه العروض بتكليف الشركة التي قدمت أقل تكاليف للبناء ، فإذا عرضت شركة بناءها بمليون جنيه ، بينما عرضت شركة أخري بنائها بمبلغ سبعمائة وخمسون ألف جنيه ، تم تكليف الشركة الأخيرة ببناء المدرسة .
ولذلك نصت المادة ( 1 ) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات علي أنه : 
" يكون التعاقد على شراء المنقولات ، أو على مقاولات الأعمال أو النقل ، أو على تلقى الخدمات و الدراسات الاستشارية و الأعمال الفنية ، عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة . و يصدر بإتباع أي من الطريقين قرار من السلطة المختصة وفقا للظروف و طبيعة التعاقد . و مع ذلك يجوز استثناء ، و بقرار مسبب من السلطة المختصة ، التعاقد بإحدى الطرق الآتية : -
أ - المناقصة المحدودة .
ب - المناقصة المحلية .
ج - الممارسة المحدودة .
د - الاتفاق المباشر . ............. " 
هل يعني النص السابق أن من حق الحكومة أن تسند المشروعات لهذه الجهة أو تلك بالإسناد المباشر بدون مناقصات استنادا إلي الفقرة (د) من المادة ، نقول أن المشرع لم يجعل مسألة إسناد المشروعات " بالاتفاق المباشر " مطلقة وإلا أصبح قانون تنظيم المناقصات والمزايدات عديم الجدوى ، ولذلك قيد المشرع إسناد المشروعات بالاتفاق المباشر لتصبح في أضيق نطاق وفي ظل توفر ظروف استثنائية معينة ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 7 ) من القانون بقولها :
" يجوز في الحالات العاجلة التي لا تحتمل إتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة بجميع أنواعها ، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من :
أ - رئيس الهيئة ، أو رئيس المصلحة و من له سلطاته في الجهات الأخرى ، و ذلك فيما لا تجاوز قيمته خمسين ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل ، و مائة ألف جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال
ب - الوزير المختص و من له سلطاته ، أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته مائة ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل ، و ثلاثمائة ألف جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال. 
و لرئيس مجلس الوزراء ، في حالة الضرورة القصوى ، أن يأذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المنصوص عليها في البند ب من الفقرة السابقة .
إذن إسناد المشروعات لهذه الجهة أو تلك بالاتفاق المباشر بدون مناقصات يستلزم الشروط الآتية : 
1 - توفر حالة الاستعجال التي لا تحتمل إتباع إجراءات المناقصة .
2 - ألا تزيد قيمة المشروع عن مائة ألف جنيه إذا تم الإسناد من رؤساء المصالح ، وألا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه إذا تم الإسناد من الوزير أو المحافظ .
3 - ويجوز لرئيس الوزراء أن يتجاوز قيمة أل 300 ألف جنيه في حالات الضرورة القصوى .
وهنا نود أن تستعرض بعض الحالات التي أسند فيها رئيس الوزراء مشروعات للقوات المسلحة بالإسناد المباشر ، ونبحث عن مدي توفر حالة الضرورة القصوى التي خولت لرئيس الوزراء إسناد هذه المشروعات التي تزيد قيمتها بالضرورة عن ثلاثمائة ألف جنيه :
1 - إسناد مشروع العشوائيات للقوات المسلحة :
نشرت بوابة الأهرام بتاريخ 12/12/2013 أن اللواء / عادل لبيب في رده على سؤال" بوابة الأهرام" حول مشكلة العشوائيات والتي رصد لها 2 مليار جنيه ولم يحدث أي شيء على أرض الواقع ، قال : إنه تم إسناد مشروع تطوير العشوائيات إلى القوات المسلحة .
لاحظ أن قانون المناقصات والمزايدات يمنع إسناد المشروعات التي تزيد قيمتها عن 300 ألف جنيه بالاتفاق المباشر إلا بموافقة رئيس الوزراء وفي حالات الضرورة القصوى ، وفي الحالة المعروضة يتم إسناد مشروع بقيمة 2 مليار جنيه دون وجود أي حالة ضرورة تستدعي ذلك .
2 - إسناد تنفيذ كوبري النيل الجديد بمحافظة بني سويف للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة اليوم السابع بتاريخ 4/2/2015 أن المستشار مجدي البتيتى محافظ بني سويف اليوم الأربعاء أكد موافقة وزير النقل المهندس هاني ضاحي على إسناد تنفيذ كوبري النيل الجديد إلى إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة .
3 - إسناد هدم مبني الحزب الوطني الرئيسي للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة المصري اليوم بتاريخ 15/4/2015 تصريح الدكتور عبد الله المغازي مساعد رئيس الوزراء بأنه قد تم إسناد عملية هدم مبنى الحزب الوطني المنحل بكورنيش النيل للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، لأنها الأقدر على العملية .
4 - إسناد مشروع الرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ للقوات المسلحة .
نشر موقع أهرام اليوم الدولية بتاريخ 5/2/2015 أن المستشار محمد عزت عجوة محافظ كفر الشيخ ، أكد أن مشروع الرمال السوداء ببلطيم انتهي به المطاف إلي إسناده للقوات المسلحة والمحافظة والمواد النووية وبنك الاستثمار وهيئات أخري؛ مؤكدا انه تم الانتهاء من عمل الدراسة لإنشاء شركه خلال فبراير الجاري ووضعها بحيازة القوات المسلحة .
5 - إسناد مشروع النادي النهري لنقابة الصيادلة للقوات المسلحة .
نشرت جريدة البورصة بتاريخ 24/11/2014 النقابة العامة للصيادلة مشروع إنشاء النادي النهري الخاص بأعضائها والبالغ تكلفته 4 ملايين جنيه للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة لتنفيذه خلال الفترة المقبلة .
6 - إسناد صيانة 27 كوبري ونفق للقوات المسلحة . 
نشرت الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء بتاريخ 21/11/2013 أنه تقرر تنفيذ أعمال صناعية لعدد 27 كوبري ونفق بتكلفة إجمالية تبلغ 4.471 مليار جنية، وسوف تقوم القوات المسلحة المصرية بالتنفيذ من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لضمان سرعة التنفيذ وانضباط الأداء .
7 - تطوير 40 مستشفي علي مستوي الجمهورية .
في الثاني من مارس 2014 أعلن الدكتور عادل عدوى وزير الصحة والسكان أن هناك خطة لتطوير 40 مستشفى على مستوى الجمهورية ستنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من خلال ميزانية عاجلة .
8 - إسناد إنشاء منظومة متكاملة لتطوير إشارات المرور بالقاهرة للقوات المسلحة .
في 22 فبراير 2014 أعلن الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة ، أن المحافظة بصدد تركيب منظومة متكاملة لتطوير إشارات المرور ومراقبتها بأحدث أنظمة التحكم في الإشارات باستخدام كاميرات مراقبة لـ250 تقاطعاً في العاصمة بتكلفة تبلغ 260 مليون جنيه . وقال إنه تمت ترسية المشروع على جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ليتم الانتهاء من تنفيذه في مدة لا تتجاوز الـ6 أشهر لتضاهي أحدث أنظمة المراقبة في دول العالم المتقدم وتدخل العاصمة عصر تكنولوجيا المرور .
9 - إسناد إنشاء وتوسعة 6 مدارس بمحافظة البحر الأحمر للقوات المسلحة .
في الأول من مارس 2014 قررت هيئة الأبنية التعليمية إسناد إنشاء 6 مدارس بمحافظة البحر الأحمر إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طبقًا للبروتوكول الموقع بين الهيئتين بتكلفة تبلغ 22 مليونا و280 ألف جنيه ، ويشمل إنشاء مدرسة الميناء الثانوية للبنات بتكلفة إجمالية تبلغ 4.3 مليون جنيه ، وتوسعات بمدارس الغردقة الإعدادية والسلام الابتدائية بتكلفة 3.7 مليون جنيه ، على أن يتم التنفيذ خلال 12 شهرًا . كما يتضمن البروتوكول عملية توسيع وتعلية مدرسة الشلاتين الإعدادية الثانوية وحلايب الابتدائية بتكلفة إجمالية تبلغ 10.7 مليون جنيه ، وتوسعة مدرسة رأس حدربة الابتدائية بمبلغ 3.7 مليون جنيه ، ويبلغ إجمالي الإسناد بمدارس البحر الأحمر 22 مليونا و280 ألف جنيه .
10 - إسناد إقامة كوبريين علويين جديدين في القليوبية للقوات المسلحة .
في 28 فبراير أعلن المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية عن البدء في تنفيذ الخطة التنفيذية الشاملة لتطوير مدينة بنها والمناطق المجاورة لها.. حيث تشمل خطة التطوير إقامة كوبريين علويين جديدين لعبور السيارات أعلى مزلقان منشية النور والحرس الوطني ببنها لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم وحل أزمة المرور الطاحنة بمداخل مدينة بنها . وأكد المحافظ أنه تقرر إسناد المشروعين للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة للبدء في إنشائهما بتكلفة 80 مليون جنيه .
11 - إسناد إنشاء مجمع خدمي بالغربية بتكلفة ٢٤٠ مليونًا للقوات المسلحة .
في 28 يناير 2014 قرر اللواء محمد نعيم محافظ الغربية البدء في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لإنشاء مجمع خدمي على مساحة 6 آلاف متر أمام محطة السكة الحديد بطنطا بتكلفة تصل إلى 240 مليون جنيه . يقوم بتنفيذ المشروع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ويتضمن المشروع جراجا متعدد الطوابق للسيارات ومولا تجاريا وعيادات ومعامل تحاليل ووحدات سكنية وإدارية وقاعات أفراح وسينما وصالات ألعاب رياضية .
12 - تخصيص 4 أفدنة لقوات المسلحة لبناء مجمع مخابز بالفيوم .
والمشروعات من السادس وحتي الثاني عشر نشرها موقع " يناير صحافة مش خوافة " في تقرير مؤرخ 29/3/2014 ، وأثبت في تقريره المصادر التي ارتكن إليها فيما أثبته من معلومات ، والتقرير منشور علي موقع جوجل تحت عنوان " بالأمر المباشر / القوات المسلحة تسيطر علي تنفيذ المشروعات . ونحتفظ بصورة منه ، كما نشرت ذات المعلومات في صحف ومواقع إلكترونية أخري .
13 - إسناد مشروع تنمية قناة السويس للقوات المسلحة .
كتب محمد أحمد طنطاوي علي موقع " بورسعيد اليوم " : 
قال العميد محمد سمير المتحدث العسكري ، إنه في إطار متابعة أعمال مشروع قناة السويس الجديدة ، والذي يتم تنفيذه تحت إشراف القوات المسلحة وهو المشروع الذي يسهم في إثراء حركة النقل البحري والتجارة الدولية على مستوى العالم ، فقد تم البدء في تنفيذ أعمال حفر المشروع اعتبارًا من يوم الأربعاء الموافق 6/8/ 2014.
وأوضح المتحدث العسكري أنه نظرًا لالتزام القوات المسلحة بالانتهاء من تنفيذ المشروع ، في مدة لا تتجاوز (12) شهرا بدلًا من (36) شهرا فقد قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة يوم السبت الموافق 9/8/2014 بتقسيم أعمال الحفر إلى قطاعات تنفيذ وإسناد تنفيذها إلى عدد (33) شركة مدنية مصرية متخصصة في أعمال الحفر، بالإضافة إلى عدد (2) كتيبة طرق .
وأشار المتحدث العسكري إلى أنه سيتم الإعلان بصورة دورية عن معدلات إنجاز الأعمال ، وذلك حرصًا من القوات المسلحة على إحاطة جموع الشعب المصري العظيم بتطورات أعمال هذا المشروع القومي العملاق .
14- إسناد أعمال تطوير مكتبة البحر الأعظم للقوات المسلحة .
نشرت صحيفة فيتو بتاريخ 29/1/2015 تصريح محمد عبد الحافظ وكيل وزارة الثقافة بالجيزة ، خلال اجتماع المجلس التنفيذي للمحافظة اليوم الخميس ، إنه جار تنفيذ أعمال تطوير مكتبة شارع البحر الأعظم بالمنيل ، وإسناد الأعمال للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، وذلك لسرعة تنفيذ الأعمال والانتهاء منها على أكمل وجه.
15 - إسناد مشروع وحدات سكنية للشباب بشبرا الخيمة إلى القوات المسلحة .
نشر موقع مصراوي بتاريخ 12/3/2014 أعلن المهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية، اعتماد بناء 1000 وحدة سكنية جديدة للشباب ومحدودي الدخل بمدينة شبرا الخيمة ، على قطعة أرض مساحتها 5 أفدنة تابعة لهيئة أملاك الدولة.
وأشار محافظ القليوبية - في تصريح له اليوم الأربعاء - إلى أنه تم تكليف لجنة متخصصة لإجراء الرفع المساحي للأرض ، بعد إزالة جميع التعديات عليها ، والبدء في وضع مخطط لمشروع الإسكان الجديد 
وأكد أنه تم إسناد المشروع لصالح القوات المسلحة لإقامة مجمع سكني متكامل بالمنطقة للمساهمة في حل مشكلة الإسكان بشبرا الخيمة .
16 - إسناد الطريق الزراعي الحر بقيمة مليار جنيه للقوات المسلحة .
نشرت بوابة الوفد الإلكترونية بتاريخ 1/6/2014 أنه تقرر إسناد مشروع الطريق الزراعي الحر الجديد إلى القوات المسلحة بنظام "B.O.T" لخدمة آلاف المسافرين من مختلف المحافظات يومياً ، وتبلغ الاستثمارات في هذا المشروع الحيوي نحو مليار جنيه ، شاملة التعويضات التي سيتم صرفها للمتضررين .
أعلن المهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية أن إحياء هذا المشروع يمثل بداية انطلاقة نحو إحداث نقلة نوعية في حركة النقل والمواصلات لخدمة مشروعات التنمية المستقبلية بالدلتا بعد أن أصبح الطريق الزراعي القديم لا يستوعب الحركة المرورية المتزايدة عليه 
17- إسناد تأهيل موقع الضبعة لبناء المحطة النووية الأولي للقوات المسلحة .
نشر موقع البديل بتاريخ 3/2/2014 أن هيئة المحطات النووية أعلنت اليوم ، الاثنين عن توقيعها بروتوكول تعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ، للبدء في إعادة تأهيل موقع الضبعة ، تمهيدًا لتنفيذ مشروع المحطة النووية الأولى .
قال المهندس أحمد إمام وزير الكهرباء والطاقة ، أنه تم الاتفاق على قيام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتأهيل الموقع من خلال توفير البنية الأساسية للموقع من مبنى إداري ، ووحدة مخازن ، مع توفير عدد من الورش وجراج ومظلة سيارات، إلى جانب وحدة إعاشة ووحدتين للمعامل ودراسات الموقع ، بالإضافة إلى المرافق اللازمة لهم من مياه وكهرباء وصرف صحي .
وقامت هيئة المحطات النووية بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للبدء في تنفيذ المشروع طبقا للجداول الزمنية المحددة له .
18 - إسناد مباني فرع جامعة الإسكندرية بمطروح إلى الجيش بالأمر المباشر .
نشر موقع الحصاد أن مجلس الوزراء وافق على طلب الموافقة على إسناد عملية تصميم وإنشاء مباني فرع جامعة الإسكندرية بمحافظة مطروح ، إلى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة ، بالأمر المباشر، ضمن الخطة الاستثمارية للعام المالي 2014- 2015.
19- إسناد مشــروع الحديقـــة الترفيهيــة علـــــي 
طريق السويس الصحراوي للقوات المسلحة.
نشر موقع " الوادي مستقبل بلادي " بتاريخ 12/2/2015 ما يأتي :
انتهت القوات المسلحة من تطوير وإنشاء حديقة الأسرة ، أكبر حديقة ترفيهية وثقافية وخدمية لخدمة الأسرة والطفل والمساهمة في التنمية المجتمعية على مساحة 95 فدانًا بطريق مصر السويس الصحراوي ، والتي صممت على غرار حديقة "العجائب" بباريس ، حيث حضر مصمم الحديقة الفرنسية لمصر وخطط وأنشأ الصرح الكبير بطريق كيلو 26 طريق القاهرة السويس الصحراوي ، وهى حديقة من الجيل الثالث كي تكون صرحًا ترفيهيًا وعلميًا وتثقيفيًا ، تدار من خلال شبكة نظم ومعلومات متكاملة .. وتهدف القوات المسلحة من إقامة هذا المشروع إلى توفير بيئة للتعلم من خلال التجربة والاستكشاف والبحث والترفيه للطفل ، وتقدم منهجا مكملا للتعليم الدراسي بالنسبة للأطفال من خلال توفير سبل جديدة لإثراء عقولهم بالمعلومة المفيدة.
وتعود فكرة المشروع قبل 7 سنوات من خلال جمعية مصر الجديدة ، بالاشتراك مع بعض الوزارات المعنية منها الإسكان والزراعة والري والكهرباء والإسكان، وقدمت الوزارات كل إمكانياتها لإنشاء هذه الحديقة ، وعقب أحداث الانفلات الأمني في 2011 تم تدمير الحديقة وسرقة كافة محتوياتها ، وتم إسناد الحديقة إلى وزارة الزراعة من أجل الحفاظ على المساحات الخضراء .
وفى يناير 2013، أصدر الرئيس السابق المستشار عدلي منصور قرارًا جمهوريًا بإسناد الحديقة إلى وزارة الدفاع من أجل الحفاظ عليها ، وكلف جهاز مشروعات الخدمة العامة للقوات المسلحة بتولي مسئولية إدارة الحديقة ، وقامت أجهزة القوات المسلحة بدراسة وعلاج المشكلات القائمة بالحديقة وإصلاح الأعمال التالفة نتيجة الانفلات الأمني ، وإعادة ترميم المباني وإنشاء شبكة نظم ومعلومات متكاملة داخل الحديقة وإتمام أعمال الري واللوحات الاسترشادية وتشغيل المصاعد وأجهزة التكييف ودورات المياه ، إلى جانب تشغيل الأبراج ومصاعدها وتم تزويد 20% من الأرض بالمساحات الخضراء وأيضًا رصف الطريق الدائري الذي يقع بجوار الحديقة ليعود هذا الصرح الكبير في أفضل صورة .
كما تم الاستعانة بالضباط المتقاعدين وضباط الصف والقطاع المدني وذوى الخبرة للعمل بالحديقة .
20 - إسناد تنفيذ محور روض الفرج للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
21 - إسناد محور المشير الجمسي للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
22 - إسناد مشروع كوبري المشير أبو غزالة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
23 - إسناد مشروع كلية الطب الخاصة بالقوات المسلحة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
مع ملاحظة أن تبعية المشروع للقوات المسلحة لا تعني أن يسند للقوات المسلحة دون إتباع الإجراءات التي نص عليها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات .
24 - إسناد مبني وزارة السياحة الجديد بمدينة الشيخ زايد للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
25 - إسناد مبني وزارة الداخلية الجديد بالقاهرة الجديدة للقوات المسلحة .
من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله بتاريخ 11/5/2014 لتستفسر منه عن السر وراء إسناد كم كبير من المشروعات للإدارة الهندسية للقوات المسلحة .
26 - إسناد مشروع تطوير طريق القاهرة الإسماعيلية من مدينة 
السلام وحتى مدينة العاشر من رمضان للقوات المسلحـــــة .
المصدر الحوار المشار إليه ووصف المشروع حسبما جاء في الحوار " تطوير طريق القاهرة الإسماعيلية من مدينة السلام وحتى مدينة العاشر من رمضان ، وصولا إلى خمسة حارات مرورية ، وتنفيذ كباري علوية جارٍ الاستكمال حتى بوابة الرسوم بالكم 86 بطول 34 كم .
27 - إسناد تطوير طريق القاهرة / الإسكندرية الصحراوي للقوات المسلحة .
المصدر الحوار المشار إليه ، ووصف المشروع كما جاء في الحوار " تنفيذ أعمال تطوير طريق القاهرة / الإسكندرية الصحراوي لمدة 6 سنوات ، تم تكليف الهيئة الهندسية لإنهاء أعمال التطوير خلال ستة أشهر ، بتطويره من بوابة السوق القاهرة إلى الإسكندرية بطول 169 كم ، واستكمال إنشاء عدد 17 كوبري على الطريق ، وإنشاء كوبري القرية الذكية.
وقد اتضح لنا من واقع الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أن حجم المشروعات التي أُسندت للقوات المسلحة أكبر بكثير مما قمنا بحصره منذ أغسطس 2012 فقط ، لدرجة تؤكد لكل عاقل أن أغلب مشروعات الحكومة إن لم تكن جميعها تسند للقوات المسلحة بالأمر المباشر ، وفيما يلي بعض هذه المشروعات :
أولا : 854 مشروع في مختلف المجالات .
وفي ذات الحوار الذي أجرته صحيفة المال مع اللواء أركان حرب مهندس / طاهر عبد الله والمنشور علي موقع جوجل تحت عنوان " طباعة – جريدة المال " ، كشف لنا اللواء / طاهر عبد الله ما يأتي : 
أنه يمكن تلخيص المشروعات التي قامت بها الهيئة منذ أغسطس 2012 حتى الآن ، في أن الهيئة قامت بالتخطيط لتنفيذ )854( مشروع في مختلف المجالات ، وقد تم إنجاز )473 ) مشروعاً من المستهدف منها ( 286 ) مشروعات رئيسية ، تخدم خطة التنمية الشاملة للدولة في مختلف المجالات ، شملت «13» مشروع في مجال النقل والمواصلات بإجمالي أطوال ( 450 ) كم ، و(43) مشروعاً في مجال الرعاية الصحية ، و( 29 ) مشروعاً منشآت تعليمية ، و(13) مشروعاً في المجال الثقافي الترفيهي ، و( 20 ) مشروعاً في مجال الخدمات العامة ، و( 30 ) مشروعاً في مجال الإمداد بالمياه ، و( 55) مشروعاً في مجال تطهير الأرض من الألغام. 
هل كل هذه المشروعات توافرت فيها حالة الاستعجال والضرورة القصوى التي تبيح لرئيس الوزراء أن يتجاوز الحد المسموح به للإسناد بالاتفاق المباشر وقدره 300 ألف جنيه ليسند للقوات المسلحة مشروعات بمليارات الجنيهات .
ثانيا : 48 مشروع في مجال تنمية شبه جزيرة سيناء .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة قامت الهيئة بتنفيذ (48) مشروعاً في مجال تنمية شبه جزيرة سيناء .
ثالثا : 10 مشروعات في مجال الإسكان .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة نفذت ( 10 ) مشروعات في مجال الإسكان بإجمالي ( 53.728 ) ثلاثة وخمسون ألف وسبعمائة وثمانية وعشرون وحدة سكنية .
رابعا : 13 مشروع في مجال تأمين الأهداف الحيوية .
كشف اللواء / طاهر في ذات الحوار أن الهيئة نفذت 13 مشروع في مجال تأمين الأهداف الحيوية .
خامسا : 11 مشروع في مجال إنشاء وترميم المنشآت .
كشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة نفذت ( 11 ) مشروعاً في مجال إنشاء وترميم المنشآت التي أُضيرت بالأحداث الأخيرة .
سادسا : المعاونة في استصلاح وزراعة (30) ألف فدان .
كشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة قامت المعاونة الهندسية في استصلاح وزراعة ( 30 ) ألف فدان بمنطقة شرق العوينات .
سابعا : ترميم مساجد وكنائس ومدارس .
كشف اللواء / طاهر أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة قامت رفع كفاءة وترميم وتطوير مسجد وميدان رابعة العدوية ، وجارٍ رفع كفاءة وترميم 10 كنائس ومدارس بمختلف محافظات الجمهورية .
ثامنا : جميع المشروعات الممولة من الإمارات .
كشف اللواء / طاهر عبد الله علي - حد زعمه أن الجانب الإمارتى - طلب قيام القوات المسلحة ، بتنفيذ كل المشروعات بمختلف المجالات لما تتميز به من الالتزام والانضباط . 
ومن أهم المشروعات التي تنفذها الهيئة المساهمة في تمويل أعمال صناعية على عدد (4) مزلقانات ، من إجمالي ( 18) مزلقان جارٍ تنفيذها ، وتشمل ( 8 ) كباري سيارات من إجمالي ( 24 ) كوبري ، و( 2 ) كوبري مشاة من إجمالي ( 18 ) كوبري على المزلقانات ، حيث يساهم هذا المشروع في الحد من حوادث القطارات التي تؤثر على أمن وسلامة المواطن ، بالإضافة إلى إنشاء (100) مدرسة بإجمالي ( 1500) فصل تعليمي ، موزعة جغرافياً على محافظات الجمهورية ، وإنشاء (50) ألف وحدة إسكان اجتماعي شاملة الخدمات والمرافق ، بمختلف محافظات الجمهورية . 
وقد روعي أثناء التصميم تكامل المشروع وتوافر جميع الخدمات ، لتشمل مساجد ومولات ومحال تجارية وساحات رياضية ومدارس، ومراكز طبية، وحضانات ومخابز .
تاسعا : 78 وحدة صحية بمختلف المحافظات .
كما اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة تنفذ(78) وحدة صحية ، طبقاً للنموذج الموحد من وزارة الصحة والخاص بطب الأسرة بالمناطق العشوائية بمختلف المحافظات .
عاشرا : شبكات صرف صحي لعدد 151 قرية .
كما كشف أيضا أن الهيئة تستكمل شبكات الصرف الصحي لتوفير البنية الأساسية لعدد (151) قرية ، من القرى الأكثر احتياجاً بمحافظات الجمهورية ، وربطها بمرافق البنية التحتية للدولة .
حادي عشر : إنشاء عدد 25 صومعة غلال .
وكشف اللواء / طاهر عبد الله أن الهيئة تنفذ مشروعات إنشاء (25) صومعة غلال ذات سعات ما بين ( 60 و70 ) ألف طن للصومعة الواحدة ، بإجمالي ( 1.5 ) مليون طن لتخزين القمح وتقليل نسبة الفقد والتالف .
وبعد استعراض ما تمكنا من حصره من المشروعات التي أسندها مجلس الوزراء للقوات المسلحة بالأمر المباشر ، نود أن نثبت الملاحظات الآتية : 
(1)- إذا كان رئيس الوزراء لا يملك التعاقد بالأمر المباشر لتنفيذ أية مقاولات أو أعمال تزيد قيمتها عن 300 ألف جنيه إلا إذا توافرت حالة استعجال وصفها النص القانوني بالضرورة القصوى ، فهل يعقل أن كل هذه المشروعات كانت الدولة في حالة استعجال توصف بالضرورة القصوى لتنفيذها ، أم أنه النهب والسلب لمقدرات الوطن والذي أوصل الدولة إلي حالة الإفلاس التي وصلت إليها
(2)- ينبغي أن نلاحظ أيضا أن إسناد هذه المشروعات للقوات المسلحة بالأمر المباشر يعني أن القوات المسلحة هي التي تحدد قيمة المشروعات التي تنفذها ، وهذا هو باب الفساد الذي أراد أن يتحاشاه قانون تنظيم المناقصات والمزايدات حين قرر أن يكون الأصل في تنفيذ المشروعات الاستثمارية للحكومة من خلال المناقصات بحيث يمنع التلاعب والاستيلاء علي المال العام . وهنا نتساءل عن حجم المليارات التي ضاعت علي الشعب المصري من جراء هذا الكم من المشروعات منذ أغسطس 2012 ، وما قبله .
(3)- هل يعقل أن الإدارة الهندسية تملك تنفيذ كل هذه المشروعات المسندة لها في ذات التوقيت أو أزمنة متقاربة ، بالطبع لا يعقل ، إذن حقيقة الأمر أن القوات المسلحة تتسلم هذه المشروعات من الحكومة بالقيمة التي تحددها والتي بالقطع ستكون قيمة مغالي فيها ، ثم تسند المشروع لشركات أو مقاولين من الباطن ، وبالقطع لن يكون هذا مجانا ، وإلا ما الذي يجعل القوات المسلحة تورط نفسها في مثل هذه المشروعات وتلتزم بتسلمها وتسليمها طبقا لمواصفات متفق عليها .
(4)- ولنا أن نتساءل هل يمكن للجهاز المركزي أو أي جهاز رقابي أن يراقب هذه المشروعات الحكومية المسندة للقوات المسلحة ، وإذا جاز ذلك ، فهل تملك هذه الجهة أن تنشر لنا تقريرا عن مخالفات تم ارتكابها في عملية واحدة من العمليات التي مرت علينا .
(5)- أنني لم أعرض كل ما عثرت عليه من مشروعات وامتيازات ، فقد مر علي امتيازات تم منحها للقوات المسلحة للانتفاع بالعديد من الطرق لمدد منها خمسين عام ، ومنها 99 عام ، ومر علي شكاوي المواطنين من رفع قيمة رسوم المرور علي طرق للقوات المسلحة علي سبيل المثال رفع رسوم مرور السيارات النقل علي بعض الطرق من 35 جنيه إلي 235 جنيه .
بالنسبة لي شخصيا أدركت من خلال ما تم عرضه أحد الأسباب التي دعت السيسي والعسكر للانقلاب علي الشرعية ، وهدم كل ما تم بناءه ، فالموضوع كبير ، كبير للغاية ، لأن ما قرأناه هو أمثلة حديثة علي مسلك قديم ، فمنذ زمن بعيد والحكومات المتتابعة للحزب الوطني تسند للقوات المسلحة تنفيذ مشروعات استثمارية حكومية ، وأعتقد أن ما يحدث يفسر لنا لماذا أفلست مصر ، وتخطت ديونها الخارجية والداخلية التريليون جنيه بكثير ، وتخطي عجز الموازنة 350 مليار جنيه أو أكثر بكثير . 
وليس أمامنا سوي أن نسأل الله عز وجل باسمه المغيث أن يغيث الشعب المصري من أكبر عمليات نهب منظم يتعرض لها شعب منذ أن نشأت فكرة الدولة .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

محمد رفعت الدومي يكتب: خمسون درجة من الرمادي.. أو.. رماد النور!

مع تنامي وطأة الديكتاتورية في مصر لم يعد ثمة سبيل لتطويق الجلاد إلا استئناف الثورة حتي سحقه لآخر نبضة أو التواري مجددًا في ظلاله، ما من حلول أخري، من قال لك غير هذا الكلام فهو كاذبٌ أو مضلل، فالمعركة باتت صفرية فعلاً، وباتت المهادنة ومحاولات التنقيب عن نقاط نائمة لتنشيطها والتقاء الخصوم عندها خيارًا تجاوزته تداعيات النزاع وارتفعت عنه فوق الأرض بآلاف الأميال!
وإنني، لا أجد تعليلاً لسعار الأيام الأخيرة أكثر عدالة من أن النظام قد استوعب تمامًا جسامة المأزق الذي هو الآن فيه، بحماقاته الخاصة لا بإبداع الثوار وإدراكهم المواطن الصحيحة لركله في مؤخرته بأحذيتهم من كل جانب، كان إحراق مجموعة من الكتب في فناء مدرسة "فضل الحديثة" آخر هذه الحماقات الكبيرة!
وما من شك في أن الاحتفال بذلك الطقس الذي تجاوزه الزمن بالشكل الذي رأيناه وتركيز كل تلك الأضواء المسيسة علي حواف الحادثة يفصح بوضوح عن أنها مرتبة ومعدٌّ لها قبليًا! 
كما أن وجود كتاب "إلاسلام وأصول الحكم" بين الكتب التي الآن صارت رمادًا يقتل كل مساحة يتحرك فيها المتشككون في أن أيًا من الذين قيل لهم علي عجل أن يقترفوا تلك الجريمة الأخلاقية قد قرأ أياً من تلك الكتب ولا سمع حتي ولا لديه علم بمن يكون الشيخ "علي عبد الرازق" ولا بتلك الأفكار التي انطوي عليها كتابه " الإسلام وأصول الحكم"!
لذلك، لابد أن تولد من غرابة الحادثة وسذاجة تنسيقها عدة أسئلة مشروعة:
ما هي مؤهلات من يديرون مصر؟ هل نالوا قسطًا وإن ضئيلاً من التعليم؟ هل قرأوا كتابًا واحدًا في حياتهم؟ 
بل قد يرتفع سقف الأسئلة إلي: 
هل يجيدون القراءة والكتابة؟ 
هل يدركون أن موكب الإنسانية يتسكع الآن في طرقات العام 2015 بعد ميلاد المسيح؟
وفي العام 1925 بعد ميلاد المسيح، نزف ذهن الشيخ "علي عبد الرازق" فكرة علي حزمة هزيلة من الورق دون أن يدور بباله عند الفراغ منها أنه كان مقدمًا علي إلقاء حجر في ماء آسن سوف تثور له عما قليل كل السواحل البعيدة! 
لقد ملأ الدنيا وشغل الناس، وأهاج الضجيج في كل مكان، وأشعل معارك دينية وسياسية ربما لم يهدأ غبارها حتي يومنا هذا! 
لقد سفه الشيخ الأزهري فكرة الخلافة ورأي أن مدنية الدولة هي الآن التعبير المحميُّ لبناء دولة يمكنها الانخراط في العالم الكبير.. 
وكالعادة، جاء تعقيب هيئة كبار علماء الأزهر عصبياً، لقد قضت بمصادرة الكتاب وطرده من زمرة العلماء ومن العمل في القضاء الشرعي! 
حدث هذا بتحريض من الملك "فؤاد الأول" الذي كان يطمح في أن يكون خليفة للمسلمين بعد سقوط الخلافة في مركزها، تركيا، ولقد عصف ذلك المعمم بحلمه من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر، وربما، لفداحة الصفعة، لم يكن عقاب هيئة كبار العلماء كافيًا لامتصاص غضب الملك!
لذلك، هو، من وراء حجاب، أصدر أمرًا ملكياً بالبدء في اندلاع حملة مسعورة ضد الشيخ وكتابه! 
وكالعادة، أيضًا، تحمس للانخراط في تلك الحملة عدد كبير من شيوخ السلطان لعل أشهرهم تونسي الجنسية "محمد الخضر حسين"، أول شيخ أزهر في عهد العسكر، فأضاف إلي المكتبة العربية كتابه "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم"!
علي الجانب الآخر، جعل الكثيرون من أقلامهم ومواقفهم دروعًا تحمي الشيخ "علي عبد الرازق" من غارات المعممين العصبية، كان "د.محمد حسين هيكل" واحدًا من هؤلاء، "عباس العقاد" أيضًا، و "سلامة موسي"، كما استقال "عبد العزيز باشا فهمي" من وزارة العدل تضامنًا مع الشيخ المفكر!
هذا بعض ما كان من صدي لهذا الكتاب الذي أربك كل آفاق التلقي لسنوات طويلة والآن يحرقه الذين يغازلون اليهود والكنيسة برغبتهم في إشعال ثورة علي النصوص التي يقدسها المسلمون!
من الجدير بالذكر أن حرق الكتب للأنظمة الديكتاتورية عادة مشهورة، علي طول التاريخ وبعرض التحفظ الصحِّي، والسبب شديد الوضوح، فمثل هذه الأنظمة لا يمكن أن تعيش إلا علي حواف وسط مظلم تسكنه قطعان بشرية تعتبر العقول مجرد زوائد لحمية مثلها مثل الوحمات أو الدمامل وتؤمن إيمانًا طليقًا بأن بالخبز وحده يحيا الإنسان، لذلك، يجب أن لا صوت يعلو فوق صوت الديكتاتور ولا ضوء يندلع لقراءة الواقع فيه إلا الضوء الذي يقننه نظامه! 
والديكتاتور يعيش دائمًا علي الحواف كعادة الغجر الشهيرة، ومتي أيقظ القهر في صدور القطيع شدوًا مريبًا أسلم قدميه للريح المذعورة لا يلتفت إلي عزيز، فهو لا يحرس الإخلاص لوطن إلا حقيبة السفر، ولا لشخص إلا الأنا!
لذلك، متي قرأت أو سمعت رواية عن إحراق الكتب في بلد ما، وفي أي لحظة زمنية ما، فتأكد أن سكان هذا البلد كانوا آنذاك في أتون معركة حقيقية مع الغزاة انتهت بسحقهم، أو، كانوا يخوضون معركة مذهبية أهلية، أو، كانوا منهكين بالقمع تحت وطأة نظام ديكتاتوري، وكل الدروب بعد ذلك لا تصل! 
هضابٌ لا يمكن إحصائها من الرماد الذي كان ذات يوم بعيد مجرد هواجس تتردد في أذهان ممتازة تعمل علي اصطيادها حارة في لحظةٍ مجردة يتناثر الآن في أروقة التاريخ، وهذه أشهر جرائم حرق الكتب!
قبل ميلاد المسيح بحوالي ستة قرون، عندما سحق البابليون الآشوريين واستولوا علي عاصمة ملكهم "نينوي" كان أول ما فعلوه هو أن أحرقوا مكتبة "آشور بانيبال"!
وقبل ميلاد المسيح بحوالي 213 سنة، كان يحكم الصين الامبراطور "تشين شي هوانج"، مؤسس أسرة "تشين" ومؤسس الصين الموحدة وسورها العظيم، ولقد أفرط ذلك الديكتاتور في اضطهاد الكونفوشيوسية، وبدد أيامًا من حياة الصين لإحراق 100,000 كتاب من كتب مفكريها، ليس هذا كل شئ، فعندما احتج 400 عالم من الكونفوشيوسيين أمر بدفنهم أحياءًا!
وقبل ميلاد المسيح بحوالي خمسين عامًا، تعقيبًا علي خطأ ارتكبه بعض جنوده، أحرق "يوليوس قيصر" مكتبة الإسكندرية! 
كان قد أمر بإحراق السفن خشية الاستيلاء عليها فامتدت ألسنة اللهب إلي المكتبة فدمرتها، ويؤكد بعض المؤرخين الذين يهتمون بمخاطبة الحواس وإضفاء ظلالٍ من الأدب علي التاريخ أن "قيصر" كان آنذاك يمارس الجنس مع "كليوباترا" علي الأضواء الناجمة عن الحريق!
ومكتبة الإسكندرية مرة أخري..
بعد ميلاد المسيح بحوالي 640 سنة، استولي "عمرو بن العاص" علي الإسكندرية، وهناك، تعرف علي عالم لاهوت مسيحي قديم العمر اسمه "يوحنا فيلوبونوس"، حدث أن اشتبك الرجلان ذات يوم في جدال عقائدي كان التثليث محوره، وسأل "يوحنا" في النهاية القائد المنتصر الحفاظ على الكتب الموجودة في مكتبة الإسكندرية! 
عندما ارتاب "عمرو" في حرص الرجل علي الكتب إلي هذا الحد سأله عما فيها، فقص عليه قصة المكتبة منذ تأسيسها، لكن "عمرًا" رأي أن يستشير الخليفة "عمر بن الخطاب" قبل أن يحسم أمره فيها، وبالفعل، أرسل إليه رسالة يسأله فيها المشورة، وجاء الرد، للأسف، مخيِّبًا للآمال، قال في بعضه: 
"وأما الكتب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غني، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها"!
وبالطبع، امتثل "عمرو بن العاص" لأمره وأمر بدوره بتوزيع الكتب على حمامات المدينة لإستخدامها في إطعام النيران التي تُبقي حرارة الحمامات!
هذه الحادثة مثار جدل كبير، حتي أنني وأن أحدًا أياً كان لا يستطيع أن يؤكدها أو ينفيها، مع ذلك، لقد أكد "القفطي" في "تراجم الحكماء" صحتها، كما أكد أيضًا أن إحراق كل الكتب قد استغرق حولي نصف العام، كذلك فعل "تقي الدين المقريزي"، وهو أسطوري أكثر منه مؤرخ، ومشهور أيضًا بالوقوف علي حافة الإختلاق!
ذهب "ابن خلدون" أيضًا إلي صحتها بالقياس علي حادثة أخري مؤكدة كان "عمر بن الخطاب" أيضًا محورها، عندما أمر "سعد بن أبي وقاص" بإلقاء كتب الفرس في الماء والنار، وقال كلامًا يكاد يتحد بكلامه لـ "عمرو بن العاص":
"إن يكن ما فيها هدي فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله"!
وفي بدايات العقد الثامن من الهجرة أمر الخليفة "سليمان بن عبدالملك" بحرق مخطوطات ورد فيها ذكر الأنصار في معركة بدر!
وفي عصر الدولة العباسية أفرط الخليفة "المهدي" في استنطاق النوايا ورجم الكثيرين بالإنتماء إلي المانوية واتهامهم بالزندقة وإحراق كتبهم وإزهاق أرواحهم، كان المفكر "عبد الله بن المقفع" أحد ضحايا تلك الحملة الشعواء، كذلك، كان الشاعر الكبير "بشار بن برد" من ضحاياها!
ولم تمض عقود طويلة علي تلك الحملة المسعورة حتي بدد المغول تراث الدولة العباسية المكتوب كاملاً!
وجيوب التاريخ مفعمة بالكثير من الروايات عن حرق "صلاح الدين الأيوبي" لكتب الفاطميين!
في السياق نفسه..
في الأندلس، يوم 16 فبراير عام 1198، بتحريض من بعض شيوخ السلطان، جمع العوام كل الكتب التي في مكتبة "ابن رشد" وقاموا بحرقها في الساحة الكبرى بـ "إشبيلية" وهم يهللون ويكبرون!
لكن "ابن رشد" كان في ذلك الوقت قد نجا، ذلك أن أفكاره كانت قد اقتحمت كل أسيجة أوروبا فطربت لها صدور الأوربيين، ولأول مرة، بفضله، فهموا "أرسطو" كما ينبغي، وقدروا قيمة الشك فحلقوا في مطلق غير مطلق آبائهم! 
لقد أدركوا أنهم سوف لا ينتهون من الدوران في الفشل ما لم يتجاوزوا آبائهم ويتجاوزوا أوروبا التي يبني قطيعها منظومة معرفته علي كتاب واحد فقط، وهو الإنجيل! 
ويوجه خطوات قطيعها عقل كعقل البابا "جريجوري التاسع" الذي طلب من الملك "لويس التاسع" عام 1242 إتلاف كل نسخ التلمود في "باريس" فاستجاب له! 
لكل ذلك، كان يجب أن تحدث عما عقود من محرقة أفكار "ابن رشد" أكبر محرقة للكتب في التاريخ، قيل!
إنها محرقة "غرناطة"، آخر معاقل المسلمين في أسبانيا، عندما أمرت الملكة الاسبانية "إزابيلا " و "فيرديناند" ملك "آراجون" بحرق أكثر من مليوني كتاب، قيل، وهو عدد مبالغ فيه جدًا في اعتقادي، مع ذلك، كانت هي تقريبًا كل تراث المسلمين في الأندلس، وكان من بين تلك الكتب كتاب "في الفلسفة" لـ "ابن رشد" وكتاب "طوق الحمامة" لـ "ابن حزم" ودواوين "ابن زيدون"، ولحسن الحظ، كانت كل هذه الكتب قد رحلت قبل ذلك شرقًا!
في اعتقادي الخاص، لولا إحراق كتب "ابن رشد" في دولة ملوك الطوائف لما كانت محرقة "غرناطة"! 
لو أن المسلمين قد انتبهوا لقيمة الرجل، ألا ليتهم فعلوا، ذلك أن مجتمعات اللون الواحد هي مجتمعات عقيمة ومحكوم عليها بالنحافة كلما تقدمت في العمر، وبحتمية سقوطها في نهاية المطاف!
أحرق الإسبان أيضًا كل مخطوطات المايا، كما قامت محاكم التفتيش هناك بإحراق كل النصوص اليهودية والعربية! 
وقامت محاكم التفتيش في إيطاليا القرن 14 بإدانة "كيكو داسكولي" بالهرطقة، وأحرقوه تعقيبًا علي كتابه "دي سيفيرا"!
وفي بداية القرن الـ 15 أقر البرلمان الإنجليزي قانون "حرق المهرطقين"، وهو قانون يقضي بجمع كل الأعمال التي تنظر إلي الحياة من زاوية غير زاوية السلطة الروحية للمملكة وحرقها أمام العوام..
وفي عام 1624 أحرق الكاثوليك ترجمة "مارتن لوثر" الألمانية للإنجيل فأحرق "لوثر" من جانبه المراسيم البابوية..
كما أن المهاجرين الأوائل حملوا معهم عادة حرق الكتب إلي الولايات المتحدة، غير أن الروح الأمريكية لفظت هذه العادة، مع ذلك، هناك علي الدوام شئ رقيق للغاية ودقيق للغاية يضيع، فللولايات المتحدة في حرق الكتب حضور ضئيل، وفي القرن الـ 17، عندما ظهر كتاب "ثمن تضحياتنا المستحق" للكاتب "ويليام بينشون" مفعمًا بنقد التطهيريين وتسفيه أحلامهم حظرته السلطات وأحرقت كل نسخة منه استطاعت الوصول إليها أمام العوام!
كما أن "أنتوني كومستوك" الذي كان "رئيس جمعية نيويورك لمكافحة الرذيلة" عندما أقنع الكونجرس الأمريكي بتمرير قانون الدعارة الفيدرالي عام 1873، اتخذ حرق الكتب من جراء القانون طابعًا رسميًا، ذلك أن الختم الذي كانت الجمعية تستخدمه يظهر علي أحد جانبيه شرطيٌّ يقود مجرمًا إلي السجن، ورجلٌ يشعل النار في الكتب علي الجانب الآخر!
وبطبيعة الحال، فعل ذلك الذي لا نشك في أنه يفعلها، "هتلر" طبعًا! 
لقد اعتبر وزير دعايته "جوزيف جوبلز" كل كتاب لا ينسجم مع أفكار "هتلر" كتابًا مفعمًا بالروح غير الألمانية يرتقي حرقه إلي الواجب الوطني، كما اعتبر كل كتابٍ ينطوي علي تبجيل الليبرالية أو الماركسية وقودًا مشروعًا، ولقد وقعت كل أعمال "سيجموند فرويد" تحت طائلة النار في احتفال "برلين"!
كما واجهت المصير البائس نفسه كتب حزمة من العقول الممتازة مثل "بيرتولد بريخت" و "ليون فويشتفانجر "و "ألفريد كيروكان"، وكان تعقيب "سيجموند فرويد" علي تلك الجريمة ساخرًا ومفعمًا بالمرارة في الوقت نفسه، قال:
- التقدم الذي وصلنا إليه أنه في العصور الوسطي كانوا سوف يحرقونني أنا، أما الآن، فقد اكتفوا بحرق كتبي!
من الجدير بالذكر، أن كل ديكتاتور في كل مكان وزمان غبيٌّ يثير الشفقة والسخرية، وأيًا منهم حتمًا يفكر بنفس طريقة الآخرين، وكلهم، يحملون علي الدوام عقولاً بسيطة أشبه بعقول الكائنات الأولية، ولا يمتلكون خيالاً، ولا يرون أبعد مما تري عيونهم..
في ستينيات القرن الماضي زار "نيكيتا خروتشوف" معرض "مانيج" للفن التجريدي فوصم كل الفنانين بالعار، ووصف إحدي اللوحات في لهجة تنم عن استعلاء غير مبرر، كأنه "بيكاسو" مثلاً، قائلاً:
- إن الحمار يرسم بذيله أفضل منها!
ووصف لوحة أخري قائلاً:
- إنها غازات في المعدة!
وقال لأحد الفنانين بدون مواربة:
- لو ذهبت إلي القبر لكان خيرًا لك من تبذير وقتك في رسم مثل هذه اللوحة!
فرد عليه الفنان الشاب قائلاً:
- لحسن الحظ يا سيدي أننا تجاوزنا المرحلة التي كان القبر فيها يقوم مقام الطبيب!
ولم يستوعب "خروتشوف" بكل تأكيد تلك الأطراف الحادة لكلمات الفنان..
أود هنا أن أبرئ ساحتي من تهمة الإشارة ضمنًا إلي "السيسي" كديكتاتور، فهو أقل من هذا بكثير، بكثير جدًا، ولقب الديكتاتور لا يستطيع "السيسي" أن يمر من تحت أقواسه وإن امتلك قامة أطول من قامته آلاف المرات، إنها ديكتاتورية منظومة مسلحة ومسنة!
والآن..
ما من شك في أن حرق كتاب جريمة كبري، لكن، لكل قصة جانب آخر، فلا أعتقد أن إنسانًا آخر علي سطح الكوكب تضاهي بهجته بهجة الكاتبة البريطانية "إي أل جيمس" يوم الخامس من نوفمبر من كل عام، وهو يوم "جاي فوكس" تكريمًا لما يعرف في أدبيات الإنجليز بـ "خيانة البارود"!
وفي الخامس من نوفمبر عام 1605 تلقت الشرطة البريطانية رسالة مجهولة المصدر تفضح مؤامرة علي حياة الملك، عندما أخذت الشرطة الرسالة علي محمل الجد، ضُبط "جاي فوكس" وهو يحرس كومة من المتفجرات زرعها المتآمرون في نفق أسفل مجلس اللوردات! 
ابتهاجًا بنجاة الملك "جيمس الأول" من مؤامرة الكاثوليك أشعل العوام النيران في أنحاء مدينة لندن، ويبدو أن ردود أفعال العوام حازت إعجاب الملك فأصدر مرسومًا بتقنين الإحتفال في الخامس من نوفمبر من كل عام كأحد أعياد الإنجليز الرئيسية، لكن، مع تقدم الحادثة في العمر، اتخذ العيد شكلاً ترفيهيًا لا ينخفض إلي علة العيد نفسها، الكاثوليك الآن أيضًا يشاركون البروتسانتيين الاحتفال بيوم "جاي فوكس"، أحد الضالعين في مؤامرة البارود الفاشلة، وكلنا يعرف حتمًا "جاي فوكس"، وكان شريكًا للمصريين في ثورة 25 يناير وكل تداعياتها الاحتجاجية بوضوح أكثر مما ينبغي، فهو المصدر الجذري لقناع "Vendetta"!
لكن ملجأ النساء المُعنفات في بريطانيا يحتفل منذ أعوام بيوم "جاي فوكس" بطريقته الخاصة، فهو بالنسبة إليهنّ يومٌ عام لشراء وحرق رواية "خمسون درجة من الرمادي" للكاتبة "إي أل جيمس"، وهي رواية تنبض بالكثير من مشاهد الإغراء العارية جدًا، وبالكثير من الممارسات الجنسية التي تبجل العبودية والخضوع والماسوشية والتواري في ظلال السيد، أذابها مؤخرًا المخرج "سام تايلور جونسون " حتي آخر قطرة في فيلم يحمل نفس الإسم "خمسون درجة من الرمادي" أيضًا، وبالطبع، تعقيبًا علي حماقة ملجأ النساء المعنفات الموسمية من الطبيعيِّ أن يشتعل الضوء في اسم الكاتبة مجانًا وترتفع مبيعات الرواية بعصبية!
لكن، لماذا كل هذه العصبية من أجل حرق حزمةٍ من الكتب، فهل فوق أنوار قديمة صارت الآن رمادًا؟ 
يجب أن نرثي للجناة لا للكتب المحترقة، ولعل في هذه القصة العزاء:
بكى أحد تلامذة "ابن رشد" وهو يري العوام يحرقون كتب معلمه، فالتفت إليه "ابن رشد" وقال له:
- إذا كنت تبكي حال المسلمين فاعلم أن بحار العالم لن تكفيك دموعًا، أما إذا كنت تبكي الكتب المحروقة فاعلم أن للأفكار أجنحة وهي تطير لأصحابها!
نعم، للأفكار أجنحة، لذلك لم يستطع جلادٌ عبر التاريخ الإنساني كبح تحليق فكرة ما في مطلق ما، كيف حدث هذا؟ لا أدري، لكن، بكل تأكيد، للفكرة الطليعية امتداداتها التي تخصها، والتي بمقدورها أن تجعل الزمن دائريًا، وهي أيضًا كالوردة ولا تُسأل الوردة عن عطرها، أو هكذا أظن!..
ابكِ عليهم، أو، ابشر باقتراب غروبهم، فمتي وصل إرهاب الجلادين إلي درجة الإرهاب الفكري تأكد أنهم علي مشارف العقاب، فما استهان أحد بكتابٍ ونجا، لذلك، سوف أسمح لنفسي أن أحرف شطر بيت "المتنبي":
وخيرُ جليس ٍ في الزمان كتابُ
ليصبح في هذه الجملة الاعتراضية الركيكة التي الآن يفشل في إعرابها تاريخ مصر:
وخيرُ بشير ٍبالخلاص كتابُ
رحم الله كل أصحاب الأنامل الثرية التي وقفت وراء إبداع كل خيوط النور التي الآن صارت رمادًا في فناء مدرسة "فضل الحديثة"، رحم الله الشيخ "علي عبد الرازق" بشكل خاص!