28 أغسطس 2012

كيف نحتج على السلوك السعودى؟



عماد الدين حسين

فى منتصف التسعينيات انتقدت صحيفة العربى الناصرية السلطات السعودية بسبب الانتهاكات التى تعرض لها بعض المصريين هناك.
بعد النشر حضر إلينا فى الجريدة ــ التى تشرفت بالعمل فيها وقتها ــ الدكتور أسامة الباز ــ شفاه الله ــ وكان يعمل مديرا لمكتب الرئيس السابق حسنى مبارك للشئون السياسية.
الدكتور الباز رجا رئيس التحرير الأستاذ محمود المراغى ــ رحمه الله ــ تهدئة حملة انتقاد السعودية لأن تفكير بعض مسئوليها لا يتصور ان هناك صحفا مصرية يمكنها انتقاد الرياض إلاإذا تلقت موافقة الحكومة.
الباز قال أيضا: «جئت لكم راجيا وليس ضاغطا، وعليكم أن تتخيلوا ان بعض المسئولين السعوديين يمكن ان «يضايقوا» العمالة المصرية هناك»، ثم ان السعودية وقتها تعهدت بتمويل شحنة قمح كانت موجودة على السفن فى البحر.
هل القصة السابقة هدفها ان نتوقف عن انتقاد الحكومة السعودية أو أى حكومة أخرى يثبت انها تنتهك حقوق عمالتنا، خوفا على قيام هذه الدولة أو تلك بطرد عمالتنا؟!.
العكس هو الصحيح تماما، بل ربما لو أن الدول العربية كانت تدرك ان حكومات مبارك كانت جادة فى الدفاع عن مصالح رعاياها، ما تجرأت على الإساءة لأى مواطن مصرى.
و كانت لدينا حكومات تحترم مواطنيها كنا سنضمن على الأقل ان البلدان العربية الشقيقة ستتعامل معهم مثلما تتعامل مع العمالة الآسيوية.
إذا كنا نتظاهر ضد حكومتنا والمجلس الأعلى من أجل الحرية والكرامة، فمن باب أولى أن نحتج ضد أى حكومة أخرى تنتهك كرامة أى مصرى.
لكن ــ وفى المقابل ــ وإذا كنا نطالب المتظاهرين ضد حكومتنا بالتحضر فى احتجاجهم، فمن باب أولى نطالبهم بذلك إذا تعلق الأمر بالاشقاء العرب.
فى اللحظة التى يثبت لنا فيها ان مصريا واحدا تعرض للإهانة أو انتهاك الحقوق فى أى مكان بالعالم، علينا أن نلجأ إلى كل وسيلة احتجاجية سلمية ممكنة حتى نعيد له حقه.
الخطأ كل الخطأ ان ينزلق بعضنا إلى المراهقة السياسية ويسىء إلى كل المصريين من حيث لا يدرى.
من أمثلة ذلك ما حدث صباح الثلاثاء الماضى أمام السفارة السعودية حينما تظاهر مصريون احتجاجا على احتجاز سلطات المملكة للمحامى المصرى احمد الجيزاوى بتهم متنوعة تبدأ بحيازة مخدرات وتنتهى بالعيب فى الذات الملكية.
ان نتظاهر ونحتج أمام سفارة السعودية فهو سلوك حضارى، لكن ان يزيل البعض اسم سفارة السعودية ويضع نجمة داود الإسرائيلية مكانها أو يحرق علمها أو يرسم عبارات مسيئة على جدران سفارتها فهو سلوك صبيانى ضرره أكبر من نفعه، خصوصا أن التفكير الحكومى السعودى الذى كان سائدا عام 1994 لم يتغير كثيرا هذه الأيام.
من قبيل النضج السياسى ألا نسىء لشعب بأكمله هو الشعب السعودى أو أى شعب عربى آخر، أو حتى شعب أجنبى، فلا يمكن مثلا ان نقول ان كل الشعب الأمريكى بلطجى أو كل الشعب السودانى كسول، أو كل الشعب العراقى دموى.
من حقنا ان نختلف مع بعض ممارسات الحكومة السعودية لكن ليس من مصلحتنا أن نخسر كل الشعب السعودى.. ليس فقط لان لدينا حوالى مليون مصرى يعملون هناك ويدعمون الاقتصاد بقوة، ولكن ــ وهذا هو المهم ــ لانه شعب عربى شقيق وبعضهم ضد سياسات المملكة نفسها ويتوقون مثلنا للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
علينا ان نقنع الحكومة السعودية وكل الحكومات العربية ان زمن التعامل معنا بطريقة مبارك قد انتهت إلى غير رجعة، وان الكرامة مسألة لا يمكن مقايضتها بكل كنوز الدنيا.. لكن علينا ان نفعل ذلك بطريقة محترمة ومتحضرة.
هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

اخر نكته ..عكاشة : الرئيس مرسي صديقى واؤيد قراراته فى عزل المشير طنطاوي!!

بهذه الكلمات يصف الشاعر الكبير مظفر النواب دمشق




كما يصفها الشاعر والأديب العراقي مظفر النواب

شقيقة بغداد اللدود، ومصيدة بيروت، حسد القاهرة، وحلم عمّان، ضمير مكة، غيرة قرطبة، مقلة القدس، مغناج المدن وعكاز تاريخ لخليفة هرم.‏‏‏‏‏
إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات، وخمسة أسماء وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي ومدرسة عشرين نبيا، وفكرة خمسة عشر إلهاً خرافياً لحضارات شنقت نفسها على أبوابها.

إنها دمشق الأقدم والأيتم، ملتقى الحلم ونهايته، بداية الفتح وقوافله، شرود القصيدة ومصيدة الشعراء.‏‏‏‏‏
من على شرفتها أطلّ هشام ليغازل غيمة أموية عابرة،"أنى تهطلي فخيرك لي!" بعد أن فرغ من إرواء غوطتها بالدم، ومنها طار صقر قريش حالماً، ليدفن تحت بلاطة في جبال البرينيه.‏‏‏‏‏

إنها دمشق التي تحملت الجميع، متقاعسين وحالمين، صغار كسبة وثوريين، عابرين ومقيمين، مدمني عضها، مقلمي أظفارها، وخائبين وملوثين، طهرانين وشهوانيين....

رَضَّعت حتى جفَّ بردى، فسارعت بدمها بشجرها وظلالها، ولما نفقت الغوطة، أسلمت قاسيونها (شامتها الأثيرة) يلعقونه يتسلقونه، يطلون منه على جسدها، ويدعون كل السفلة ليأخذوا حصتهم من براءتها، حتى باتت هذه مهنة من يحبها ومن لا يقوى على ذلك، لكنها دمشق تعود فتية كلما شُرِقَ نقي عظامها.‏‏‏‏‏

إنها دمشق، أيها العرب العاربة والمستعربة، قِبلة سياحكم، ومحط مطيكم، تمنح لقب الشيخ لكل من لبس صندلا واعتمر دشداشة ولا تعترف إلا بشيخها محي الدين بن عربي‏‏‏، هو من لم تتسع له الأرض، حضنته دمشق تحت ثديها وألبسته حياً من أحيائها فغنى لها "كل ما لا يؤنث لا يعول عليه!"

إنها دمشق لا تعبأ باثنين، الجلادين والضحايا، تؤرشفهم وتعيدهم بعد لأي منمنماتٍ تزين بها جدرانها، أو أخباراً في صفحات كتبها، فيتململ ابن عساكر قليلا، يغسل يديه ويتوضأ لوجه الله ويشرع بتغطيس الريشة في المحبرة، لا ليكتب بل ليمرر الحبر على حروف دمشق المنجمة في كتابها.

دمشق التي تتقن كل اللغات ولا أحد يفهم عليها إلا الله جل شأنه وملائكة عرشه.‏‏‏‏‏

دمرَّ هولاكو بغداد وصار مسلماً في دمشق، حرر صلاح الدين القدس وطاب موتاً في دمشق، قدم لها الحسين بن علي ويوحنا المعمدان وجعفر البرمكي رؤوسهم كي ترضى دمشق، وما بين قبر زينب وقبر يزيد خمس فراسخ ودفلى على طريقة دمشق.

إنها دمشق لا تحب أحداً، ولا تعبأ بكارهيها، متغاوية ووقحة، تركت عشاقها خارجاً بقسوة نادرة كي لا ينسفح الكثير من دمهم، وتتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا فجأة وإذ بهم عالقين تحت أظافرها.‏‏‏‏‏

لديها من الغبار ما يكفي لتقصَّ أثر من سرقها فتحيله متذرذراً على جسدها.‏‏‏‏‏ لديها من العشاق ما يكفي حبر العالم.‏‏‏‏‏ من الأزرق ما يكفي لتغرق القارات الخمس.
لديها من المآذن ما يكفي ليتنفس ملحدوها عبق الملائكة، ومن المداخن ما يكفي "لتشحير" وجه الكون.‏‏‏‏‏
لديها من الوقت ما يكفي لترتب قبلة مع مُذنَّب عابر، ومن الشهوة ما يدعو نحل الكون لرحيقها.‏‏‏‏‏
لديها من الصبر ما يكفي لتنتشي بهزة أرضية، ومن الأحذية و"الشحاحيط" المعلقة في سوق الحميدية ما يكفي للاحتفال بخمسين مستبدا.‏‏‏‏‏
لديها من الحبال ما يكفي لنشر الغسيل الوسخ للعالم أجمع، ومن الشرفات ما يكفي سكان آسيا ليحتسوا قهوتها ويدخنوا سجائرهم على مهل.‏‏‏‏‏
لديها من القبل ما يكفي كل حرمان المجذومين، ومن الصراخ ما يكفي ضحايا نكازاكي وهيروشيما‏‏‏‏‏.
لديها من النهايات ما يكفي ثمانين ألف رواية، ومن الأجنة ما يكفي لتشغيل الحروب القادمة.
لديها شعراء بعدد شرطة السير، وقصائد بعدد مخالفات التموين، ونساء بكل ألوان الطيف وما فوق وتحت البنفسجي والأحمر.‏‏‏‏‏
لا فضول لدمشق، لا تريد أن تعرف ولا أن تسرع الخطى، ثابتة على هيئة لغز، الكل يلهثُ، يرمحُ، يسبحُ، وهي تنتظرهم هناك إلى حيث سيصلون.‏‏‏‏‏
دمشق هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تقبل القسمة على اثنين؛ في أرقى أحيائها تسمع وجع "الطبالة"، وفي ظلمة "حجرها الأسود" يتسلق كشاشو الحمام كتف قاسيون ليصطادوا حمامة شاردة من "المهاجرين".‏‏‏‏‏
دمشق لا تُقسَم إلى محورين، فليست كبيروت غربية وشرقية، ولا كما القاهرة أهلي وزملكاوي، ولا كما باريس ديغول وفيشي، ولا هي مثل لندن شرق وغرب نهر التايمز، ولا كمدن الخليج العربي مواطنين ووافدين، ولن تكون كعمّان فدائيين وأردنيين، ولا كبغداد منطقة خضراء وأخرى بلون الدم ....‏‏‏‏‏
دمشق مكان واحد: فإذا طرقتَ باب توما انفتحت لك نافذة من باب الجابية، وإذا أقفل باب مصلى فلديك مفاتيح باب السريجة‏‏‏‏‏، وإن أضعت طريق الجامع الأموي، دلّتك عليه "كنيسة السيدة".
لا تتعب نفسك مع دمشق، ولا تتملَّكَّ الحيرة، فهي تسخر من كل من يدعي أنه يحميها، أو من يهدد بترويضها، فتود أن تعانقها أو تهرب منها، تلتقط لها صورة أو تحمضها كلها، تود أن تدخلها فاتحاً أم سائحاً، مدافعا أو ضحية، ماحياً أو متذكراً كل شيء دفعة واحدة.‏‏‏‏‏ فتخرج سيجارة حمراء طويلة تشعلها بخمسة أعواد كبريت ماركة "الفرس"، وتقول جملة واحدة للجميع: "إنها دمشق"!

شاهدوا كيف احرجت سيدة مصرية بسيطة محمد ابو حامد

27 أغسطس 2012

صحفيون مصريون ينظمون وقفة احتجاجية لدعم ممدوح الولي

ينظم فى الثالثة من عصر غد الثلاثاء 28 اغسطس عدد من الصحفيين من كافة الصحف والتيارات وقفة احتجاجية امام نقابة الصحفيين تأييدا للنقيب ممدوح الولى نقيب الصحفيين , الذى يتعرض لموجه عاتيه من الهجوم من قبل بعض اعضاء مجلس النقابة وانصارهم تنفيذا لمصالح انتخابية.
وكان  ممدوح الولي وهشام يونس عضو المجلس ، قد تبادلا الشتائم والسباب، فى سابقة هى الاولى من نوعها فى نقابة الصحفيين منذ تأسيسها.
يذكر ان الحملة الموجهة ضد نقيب الصحفيين تأتى فى اطار الهجمة التشهيرية ضد جماعة الاخوان المسلمين ككل رغم ان "الولى" نفى مرارا وتكرارا انتمائه لتلك الجماعة.
الولى نجح فى مضاعفة بدل الصحفيين ليصل الى 770 جنيه بدلا من 530 وسيرتفع فى اكتوبر القادم الى 1200 جنيه , ولدية خطة انقاذ وتنمية شاملة لثروات النقابة العقارية.

دعوة إلى المفكرين والكتاب


عزيز الخزرجي

الأخوة ألمثقفين و المفكريين ألأعزاء .. سلام من الله عليكم و رحمة الله و بركاته :ـ
تحية آلأيمان و المحبة و العشق بمناسبة العيد السعيد و بعد:
 لقد تيقنتُ بأنّ عالم القمع المنظم منه و العشوائي، الذي يعيشه إنسان هذا العصر و الحيف ألذي وقع عليه بسبب سياسة آلأستغلال بإسم الله و آلدين؛ هو عالمٌ لا يصلح للإنسان و لا لنموّ إنسانيّته و بآلتالي تحقيق سعادته، بلْ هو عالم يعمل على "حيونة" الإنسان - أي تحويله إلى حيوان - لذا طرحنا مشروعنا الكبير ألذي أخذ مداه مع إطلالة الألفية الثالثة وسط المثقفين من أمثالكم و الحمد لله.
 يُركز ألمنتدى على ثلاث محاور أساسيّة:
أولاً: ألمعرفة و الفلسفة؛
ثانياُ: نظرية المعرفة؛
ثالثاً: ألمعرفة و آلأيبستمولوجيا؛
ومن هنا إمتزج عنوانه مع هدفه و فلسفته بآلذات فكان؛[ألمعرفة و فلسفة ألعلم و آلأيبستمولوجيا].

و من آلمباحث ألأساسية هي:
- مبحث الوجود – ألأنطلوجيا.
- مبحث المعرفة – و به نُميّز بين نظرية المعرفة كفرع فلسفي يهتم بآلمعرفة عموماً و آلأيبستمولوجيا أو ما يسمى بفلسفة العلوم, و تهتم بقضايا و إشكالات تتعلق بآلمعرفة العلمية ألدّقيقة بوجه خاص وعلى كل حال فأن نجاحنا يتوقف على مدى ألألتزام بمبادئ و فلسفة الموضوع المطروح من خلال تفعيل مبادئ (ألمنتدى الفكري).
- مبحث القيم أو ما يسمى بآلأكسيولوجيا و تهتم هي الأخرى بثلاثة قيم عليا هي:
-الحق.
- الخير.
- الجمال.
إن تصورنا للإنسان الذي يجب أن تكوّنه أيّها المثقف ألمفكر .. أمر ليس مستحيل التحقيق، حتى و إنْ كان صادراً عن تصوّر أدبي أو فني أو منطلق فلسفي معرفي أو ديني،ألمهم هو إنقاذه من وحل ألمأساة التي أحاط  به!
  و هذا الأمر يضعنا أمام مسؤولية كبرى خصوصاً حين نرى واقعنا الذي نعيشه و نتلمس حجم خسائرنا في مسيرتنا الإنسانية، و هي خسائر متراكمة و مستمرة طالما أن عالم القمع والإذلال والاستغلال قائم و مستمر من قبل المتسلطين ألطفليين، و سينتهي بنا – في حالة آلنكوص - إلى أن نصبح مخلوقات من نوع آخر كان اسمه "الإنسان"، أو كان يطمح إلى أن يكون إنساناً، و من دون أن يعني هذان بالضرورة، تغيراً في شكله و مظهره.
 إن التّغير الأكثر خطراً على الأنسان هو الذي يجرى في بنيته الداخلية العقلية و النفسية, و لو كان الفلاسفة و المتصوفون والفنانون و المصلحون يسعون، كلٌّ على طريقته و وسعه، للسّمو بالإنسان نحو الكمال الذي خسره، أو اليوتوبيا (أو المدينة الفاضلة) التي يرسمونها، أو يتخيلونها له، فإننا لم نكن لنواجه اليوم ما نواجهه من المحن و الحروب و الظلم و الفساد!
 و في الوقت الذي نطرح البديل ألأمثل بكل تواضع و محبة؛ نعرض بآلضمن عملية ألأنحطاط و آلتقزيم و آلتشويه ألذي تعرّض لها هذا الإنسان كحجة و دليل, هذا مع بحث مدى إمكانية المعرفة .. و حدوده .. و آلأولى بمعرفته من المعارف في هذا الوجود بحسب الأهمية وسيتضمّن برنامجنا أربعة عشر مبحثاً آخر في المعرفة و فلسفة العلم و آلأيبستيمولوجيا .
  نتمنى منكم التعاون الجاد لتفعيل ذلك خصوصاً منك أيها ألمثقف آلعزيز الذي تريد إحقاق آلحق, و الله من وراء القصد إنه نعم المولى و نعم النصير.

من هو ناجي علوش؟



د. إبراهيم ناجي علوش

نشرت الصحف ومواقع الإنترنت، في الأيام والأسابيع التي تلت وفاة المفكر والمناضل القومي ناجي علوش،  عشرات المقالات التي تناولت جوانب مختلفة من حياته ونضاله وشعره وفكره، كانت أغلبيتها الساحقة منصفة، وحاولت بإخلاصٍ أن تقترب من حقيقة ذلك الرجل وكنهه، وأن تفيه حقه.   لكن ما يذهل في تلك المقالات، لمن يستعرضها بالجملة وبالتتالي، أكثر مما حملته في الحديث عنه، هو الخلفيات المتنوعة، لا بل المتناقضة أحياناً، لمن كتبوها، وبالتالي للزوايا التي تناولوا الفقيد من خلالها.  فكأنهم اختلفوا على كل شيء وأجمعوا على تقدير ناجي علوش واحترامه، وهو المنظار الذي لا غنى عنه لرؤية ذلك الشفاف الغامض كضوء القمر.

وها قد مضت سبعُ عشرة دقيقة وستُ عشرة ساعة وأربعة أيامٍ وثلاثةُ أسابيع، عند الشروع بكتابة هذه السطور، منذ توفي ناجي إبراهيم سالم علوش قبيل فجر نهار الأحد الموافق في 29/7/2012...  ولا زلت أتأمل كرسيه المتحرك وفراشه الفارغ الذين تحيط بهما رفوف الكتب إلى السقوف كجدران حصنٍ منيع لا تزال ترفرف في فضائها روح الجاحظ والمتنبي القومية العربية أبداً ودوماً ولسان حالها يقول: "خيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ"...

ولا يزال هنالك من يرسل فيه شعراً أو نثراً أو سطراً من الذكرى... بعضهم أحبه كإنسان دمثٍ رقيق، وبعضهم عرفه كمناضل شرس، وبعضهم عرفه كقائد أو كمقاتل مقدام، وبعضهم ارتبط به كبعثي أو كفتحاوي سابق، وبعضهم تلقح بفكره القومي اليساري، أو بنزعته الثورية الرافضة أبداً للمهادنة مع أعداء الأمة، وبعضهم رافقه في سنوات "حركة التحرير الشعبية العربية" وعرف معه المطاردة والعمل السري واستهداف الرفاق بالقتل والسجن والاضطهاد، وبعضهم قدره كرمز ثقافي أو كمجدد شعري، أو كرئيس لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، أو كمدافعٍ حقيقي عن الديموقراطية والحريات لدى الأنظمة الوطنية والقومية والممانعة، وعند نقيضها، وداخل التنظيمات الثورية نفسها، وبعضهم احترمه وزامله كرمز قومي جذري، أو كأحد رعاة التحالف القومي-الإسلامي المدافعين عن المقاومة في التسعينات، وبعضهم لم يعرفه، إنما أحس به، أو سمع عنه أو قرأه، فتلهف له قلبه، وحزن عليه، أما كاتب هذه السطور، فقد أدرك شيئاً من ذلك كله، لذا رأى أن من واجبه أن يحاول للتاريخ أن يرسم ملامح هذا الهرم الثوري الذي نبت من رحم تربة بلادنا كسنبلة القمح وشجرة الزيتون، والذي تصاعد وعلا حجراً حجراً من خلال قدرته على إدارة الخلاقة متلازمات جدلية ما برح يوصلنا فهمها بشكل مبتسر وأحادي إلى الانحراف ذات اليمين أو ذات اليسار.

وما كان من الممكن لناجي علوش أن يحيط بكل تلك المتلازمات، وبحلولها الجدلية، وأن يحافظ على ثباته وتوازنه في المستنقعات الضحلة والرمال المتحركة لو لم يكن هرماً عملاقاً متماسكاً بكل ما للكلمة من معنى، لا كالصنم، فقد كان يحتقر الأصنام،  بل كان هرماً من إنسان، لم تحوله كل الخطوب والخيانات والممارسات الانتهازية التي تعرض لها إلى حجر، ولم يحوله حلمه القومي أو إنجازاته إلى متعالي، وقد كان إحساسه بالآخرين أصيلاً لا مفتعلاً، وكان وظل متواضعاً، لأنه نبت من أعماق الأرض، وعجن بزيت الزيتون، وعرف معاناة الفقراء حتى شبابه، فتقمصتها روحه، وحولته إلى هرمٍ من إيثار.

كلنا يجتذب من هم مثله، وإن الطيور على أشكالها تقع... أما ناجي علوش فقد كان يسرق قلب الخصم حتى والخصم يعاديه... فيكرهه خصمه أكثر بسبب تلك "السرقة"، وهو يتمنى لو لم يعرفه، أما من احبه فقد كان يتمنى لو أنه انسل إلى أعماق قلبه فنُسي هناك.   

ولد ناجي علوش لعائلة فلاحية بسيطة في قرية بئرزيت في فلسطين المحتلة، وبقي يحتفظ بطيبة الفلاح وببساطته في التعامل مع الناس، لكنه اختلف عن غيره ممن ولدوا وعاشوا في نفس الظروف أو أحسن منها، بقدرته على تجاوز الصغائر، عادة بالعفو عن حقه الشخصي، وبقدرته على التطور والارتقاء، لا على صعيد الفكر فحسب، بل على صعيد نمو الشخصية وتطورها، وكأنه مثال آخر على ما جاء في القرآن الكريم في سورة إبراهيم: "كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ".

كانت تلك إحدى الثنائيات الفذة التي تميز شخصية ناجي علوش.  فقد كان بسيطاً مركباً، بسيطاً في التعامل مع الناس، مركباً في تفهمه العميق للحالات الإنسانية والاجتماعية والعاطفية، وفي استيعابه للشخصيات الصعبة، وفي قدرته على لمس الأوتار الحساسة في شغاف القلب، أو في سبر كنه أكثر النوازع المظلمة استتاراً في شخصيات السياسيين أو المثقفين غير الثوريين.

وسنمر هنا لماماً على بعض تلك الثنائيات في شخصية ناجي علوش، دون أن نتمكن من تغطيتها كلها، إنما تأتي هذه السطور للتعريف بشخصية الرجل وبأساس خطه السياسي.  أما فكره السياسي، فيحتاج لكتابٍ منفصل، وكذلك سيرته الذاتية، التي تحتاج لكتابٍ بدورها، ونعد بإعداد كلا الكتابين إن اسعف العمر، أما تجربته الشعرية ودراساته الأدبية، فنأمل أن نتعاون فيهما مع من يجد في نفسه القدرة والرغبة والاستعداد للإخلاص لسيرة الرجل وموقفه وتجربته.

قلنا أن ناجي علوش نشأ في بيئة فلاحية فقيرة، وكان جدي إبراهيم، بسبب قلة حجم أرضه، يعمل في أرضٍ الفلاحين الموسرين في بناء "السناسل" الحجرية وتطعيم الأشجار المثمرة، وسنمر على هذا الجانب بتفصيلٍ أكبر في الكتاب الذي يتناول سيرة ناجي علوش.  إذن بقي بسيطاً في تعامله مع الناس العاديين، لكن عقله المتعطش أبداً للمعرفة، والذي اصطدم مع عالمٍ متغير في أوائل الخمسينات، جعله في سنوات المراهقة، بالإضافة لتعلم عشق اللغة العربية في تلك الفترة مع عمي المرحوم جميل، يسارياً، مبهوراً بخطاب اليسار الذي يتبنى قضايا الكادحين.  وكانت علاقته السياسية الأولى مع أحد الشيوعيين في القرية، حتى بدأ الأخير يهاجم من يتحدثون عن الوحدة العربية ويدعون لها، وهي الفكرة التي اجتذبت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، كما اجتذبت أبي أيضاً.  فلما زجره صديقه الشيوعي عن هذا قائلاً أن تلك "أفكار أيتام هتلر"، سأله أبي: "ومن هؤلاء؟"، فأجاب: "البعثيون!"، فقرر أبي أن يبحث عن البعثيين وانضم إليهم على خلفية حسه القومي المرهف الذي كان قد نماه فيه جدي الفلاح الذي لم يكن قد دخل المدرسة في حياته إلا ثلاثة أشهر، وعلم نفسه القراءة، بالرغم من ذلك، وكان يقرأ الشعر القديم والقرآن الكريم، كما أخبرني أبي، في تسجيل بصوته أعددناه خلال فترة مرضه لكتابة سيرته.

المهم أن الانضمام لحزب البعث العربي الاشتراكي، بقوة الحس القومي، لم ينسه حسه الاشتراكي، وبقي أبي اشتراكياً حتى وفاته، وهي الثنائية الأخرى التي أود الإشارة إليها.  فقد كان قومياً عروبياً حتى النخاع، وكان قومياً أولاً، قبل أن يكون أي شيء أخر، لكنه لم يكن قومياً تقليدياً، فقد كان عقله الباحث عن العلم والمعرفة لا يفتأ يبحث عن القوانين التي تحكم حركة التاريخ والسياسة والمجتمع، وكان حسه الكادح لا يدفعه للتقشف فقط في حياته (ولم يكن يستعرض تقشفه بالمناسبة بالأسمال أو قلة الذوق في التصرف، بل كان أنيقاً على تواضع... أناقة من يتسرب الحس الجمالي من سلوكه وذوقه المرهف لا من ماله)، بل كان حسه الكادح حساً جمعياً، يجعله يفكر بالفلاح والعامل والموظف والطالب والجندي، ويجعله يشعر بالسليقة بتأثير أي سياسة أو بنية اقتصادية-اجتماعية على عامة الناس، وكان ذلك الحس العفوي أساس اشتراكيته، قبل النظريات الاشتراكية التي أفنى سنواتٍ طوال في دراستها وفي الكتابة فيها، ومن هنا بعض عناوين كتبه مثل "الماركسية والمسألة اليهودية" أو "الطبقات والصراع الطبقي في الوطن العربي" وغيرها.  

المهم أن ناجي علوش كان ينفر من "الفذكلة" النظرية لبعض الاشتراكيين والماركسيين، ومن استعراض المفردات الأجنبية والسلوك الغريب عن مجتمعنا باسم "الاشتراكية"، ولذلك كان يحب ماوتسي تونغ من كل قلبه، كما أحب هوشي منه، وكما أحب تشافيز خلال سنوات مرضه.  فقد كانت الاشتراكية بالنسبة له إحساساً  وموقفاً قبل أن تكون نظرية، مع أنه بلور توليفة قومية يسارية متماسكة، بعد خروجه من حزب البعث، الذي اصبح فيه الأمين القطري للحزب في الكويت عام 1959، قبل أن يتركه على خلفية الصراع بين ميشيل عفلق وعبدالله الريماوي (مع أن الوالد لم يكن ريماوياً).   وقد نمت التوليفة القومية اليسارية التي أصبحت أساساً لفكر ناجي علوش من خلال التفاعل مع نفس المدرسة التي اشترك فيها ياسين الحافظ والياس مرقص الذين فتح لهما ناجي علوش أبواب نشر فكرها عبر "دار الطليعة" التي كان يديرها في بيروت خلال الستينات.   وقد وجهت تلك المدرسة نقداً نظرياً وسياسياً حاداً للشيوعيين العرب بسبب موقفهم آنذاك من الوحدة العربية وتحرير فلسطين، سوى أنها تمسكت، بالرغم من ذلك، بالمنهج العلمي في التحليل، وبطرح برنامج قومي يستند إلى الطبقات الشعبية العربية، أي يستند لرؤية طبقية.

وبالنسبة لناجي علوش بالذات، اقترن ذلك بممارسة العمل المسلح في صفوف الثورة الفلسطينية، وقد نتج عن ذلك دراسات وكتب مهمة نظرت لتجربة الثورة الفلسطينية ونقدتها، وشكلت لفترة من الزمان حصناً فكرياً منيعاً في مواجهة التيار التسووي في حركة فتح خاصة وفي منظمة التحرير الفلسطينية عامة.  وكانت الثنائية هنا مزج النظرية بالممارسة، وهو الأمر الذي أشار له أكثر من كاتب تناول ناجي علوش بعد وفاته، ولذلك لن نتوسع فيه هنا.

لكن النقطة الأخرى التي ميزت فكر ناجي علوش هنا كانت علاقته الوجدانية بالشعب والناس، لا السياسية فحسب، ولذلك فقد احترم ثقافة الشعب وتشربها غريزياً، وعندما كان يتحدث عن معارك العرب ضد الغزاة، خاصة معارك سيف الدولة الحمداني ضد الروم وكيف وحد العرب حوله، أو عن الثقافة العربية والإسلامية، عن إنجازات العرب الحضارية في الإندلس مثلاً، فقد كان يتحدث بشغف، قومي أساساً، ينبثق من حس الناس، كان يؤاخذه عليه كثيرٌ من المنظرين القوميين واليساريين.  ولم يجد إبي وأمي غضاضة في إرسالنا، عندما أغلقت المدارس في بيروت بسبب الحرب الأهلية، لمدرسة المقاصد الإسلامية في صيدا في جنوب لبنان لنقيم فيها، ونحن لا نزال صغاراً.

كان أبي لا يشرب الخمر ولا يدخن ولا يسمع الموسيقى ولا يشاهد الأفلام أو المسلسلات أو المباريات الرياضية، وكان قد قال لي مرة، فيما بيننا، أن الرجل الذي لا يستطيع أن يمر يومه دون احتساء القهوة أو الشاي مدمنٌ يقلل إدمانه على المنبهات منه.  ولكن ناجي علوش، على الرغم من زهده بالحياة، كان رقيقاً دمث الخلق واجتماعي الطبع، وهنا الثنائية الأخرى الجذابة في شخصيته، فلم يكن قاسياً أبداً في الحكم على الناس، بل كان ديموقراطياً متفهماً إلى أبعد الحدود، ومتقبلاً لمن لا يوافقه، ولم يكن ليؤذي الناس بكلامٍ جارح أو سلوكٍ متشدد، ولم يكن ليقاطع من لا تروق له عاداتهم، بل لم يكن ليشعرهم برأيه فيما يفعلونه، إلا عندما تسنح له الفرصة، وبرفقٍ شديد.  والكلام يدور بالطبع، حول السلوك الشخصي، لا حول الموقف السياسي الذي لم يهادن فيه ولم يساير ولو على قطع رأسه، حتى لا يؤول الرجل بشكل ليبرالي رث، فذلك رجلٌ كان يعرف أين تكمن أولوياته في الحياة.

ولعل أكثر ما كان يجتذب الناس لناجي علوش هو حرصه الشديد على كرامة الإنسان، حتى أعدائه، فلم أسمعه يوماً يشتم أحداً بكلمة نابية حتى عندما كان يسيل الدم وينطلق الرصاص والقذائف وتحل حجة القوة محل قوة الحجة وتذر الحرب قرنها، فتلك هي القوة التي لا أدعيها والتي لم أرها في غيره أبداً.  لم يضربني مرة، بل كان يعتمد وسيلة الحوار والإقناع، والهيبة، وعندما ألقت الوالدة القبض عليّ مرة وأنا أدخن في سنوات المراهقة، وشكتني للوالد، وكان آنذاك يعيش متخفياً متشرداً بين البلدان بعد أن حكم عليه ياسر عرفات بالإعدام وطارده وأعدم عدداً من رفاقه، تم الترتيب للقائي به في العراق، وحدثني عن مساوئ التدخين طويلاً، ثم قال لي: "لن أمنعك إذا قررت التدخين، ولا تكن جباناً فتخفي الأمر كاللص، بل دخن أمامي"، ولم اصدقه، فأمسكت بسيجارة واشعلتها، ولم يفعل شيئاً سوى أنه أشاح بوجهه عني، وكان شعوري أنني قطعت حبل الود كافياً لكي اطفئها...

ذلك هو الرجل الذي كان يعود من خطوط القتال ببدلته العسكرية ليضع بندقيته ومسدسه جانباً ("إبراهيم لا تلعب بالكلشن بالبيت")، وليساعد المرحومة الوالدة سميرة عسل (أم إبراهيم) بجلي الصحون أو تنظيف المنزل، ليعود بعدها إلى قراءة المتنبي ليرتاح قليلاً قبل أن يأخذ قسطاً من النوم ليعود لمواقع القتال، وهذا وهو يحتل موقعه كرئيس لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين!  أي مثقفٍ عربيٍ كبيرٍ هذا!  ومن مثله؟!  لقد كان نسيج وحده.  كان فلاحاً من بيرزيت قرر أن الرجولة لا تمارس على الزوجة والابنة والأخت، بل على من يحتلون الوطن ويضطهدون الشعب...  وهي ثنائية أخرى وددت لفت النظر إليها.

أما بعد، فقد كان  خمر ابي هو دواوين الشعر، وكنت أتعجب كيف "يرتاح" من جلسة متواصلة تمتد ما بين اثنتي عشرة  وثماني عشرة ساعة من القراءة والكتابة، بقراءة دواوين الشعر القديم، خاصة المتنبي الذي عشقه وكتب عنه دراسة متميزة.   وكان ذلك المقاتل الشرس... مرهف الحس، وكان يتأثر بشدة في حضرة الشهداء، ولكنه لم يكن شاعراً وطنياً فحسب، أو ملتزماً، بل كان قبل كل ذلك إنساناً، وقد كتب مرة:
غيري يمنّي من يحب بالنجوم
أما أنا، فليس عنديَ غيرُ بعض الشعر
حصادُ رحلتي وغربتي
عزيزتي، هذا الذي لدي...
فهل تراه يستحق الذكر؟!

ولم يسعى ناجي علوش يوماً لمالٍ أو أملاكٍ أو رفاهية، وعندما أصيب بالجلطة الدماغية بعد عودته من الحدود الأردنية-السورية صبيحة يوم 25/11/1997، عدت من الولايات المتحدة لأجد في حسابه ستمئة دينار أردني فقط، وكان منذ ترك بيرزيت في أواسط الخمسينات يسكن بالإيجار، ومات وهو لا يملك باسمه قرشاً واحداً، ولا شقة ولا أصول، إلا ما ورثة وأخوته عن جدهم في أرض بيرزيت، وهو بضع دونمات، وقد عمل في الكويت تسع سنوات في بداية شبابه، كان يرسل خلالها معظم ما يجنيه لأهله.  وقد ترك لنا الوالد سمعةً طيبةً وتراثاً نفتخر فيه وعلماً نافعاً وسيرةً عطرة... وآلاف الكتب.  اما مكتبته في بغداد، فقد تبرع بها لبيت الحكمة، وتم إحراقها يوم احتلال بغداد في 9 نيسان 2003 من قبل الرعاع الذي جاؤوا مع الاحتلال مع بقية مكتبة بيت الحكمة، وهو ما حز في نفسه كثيراً.  أما مكتبته الكبيرة في دمشق، فقد تبرع بها لمكتبة جامعة بيرزيت، في فلسطين المحتلة، وهذا غير مئات الكتب التي توزعها الاصدقاء في لبنان،  أما مكتبته في عمان، فهي ما تبقى منه... وقد بقي الرجل مصراً على التعاطي مع الورق، صحفاً وكتباً، ورفض التعاطي مع الإنترنت بشكل مطلق، وكان يطلب مني أن أقرأ له أي خبر أو موضوع مهم أجده، أو أن اطبعه على الورق... فناجي علوش كان يعشق الورق.

قلت أنني أصف شخصية ناجي علوش البسيطة المركبة من خلال توليفة الثنائيات الجميلة التي تكونت منها، فليس المقصود هنا هو السرد فحسب، ولذلك فإن ما يتمم خاصية التقشف عند ناجي علوش، ما عدا في اقتناء الكتب، هو الفرص الكبيرة للفساد التي أتيحت له، حتى دون أن يساوم على مبادئه.  وأذكر هنا ما جرى عندما كان مديراً لدار الطليعة في بيروت، يتلقى راتباً من بضع مئات الليرات اللبنانية، أنه أشرف على عملية ترجمة الأعمال الكاملة للزعيم الكوري الراحل كيم إيل سونغ، وبعد تهيئة فريق المترجمين والقيام بالتدقيق والطباعة الخ... كان والدي سعيداً بالإنجاز، وجاء إلى المنزل بعد الدوام ليتناول الغداء، وهناك أخبر والدتي بالإنجاز، ومن ثم عبر لها عن استغرابه لأن الكوريين أحضروا له شيكاً بخمسين ألف دولار مكافأة له على جهوده في إدارة المشروع، وكان ذلك في بداية السبعينات، فسألته ماذا فعل بالشيك، فأجابها أنه رفضه وأعاده إليهم طبعاً... واعتقد أن والدتي، ضمن وضعنا آنذاك، لم تكن سعيدة جداً بقراره، لكنها عادت ودعمته وأيدته وافتخرت بما قام به وظلت تسوقه مثالاً على نزاهة زوجها.  وهذا مجرد مثال صغير، ولن أخوض في الأمثلة الأخرى المستقاة من الثورة الفلسطينية أو غيرها، وفرص الفساد الكبيرة التي كانت متاحة له فيها لو خالطه فساد.

وبالعودة لتجربة المطاردة والعيش تحت الأرض، أذكر أنه اضطر للاختفاء بعد مداهمة قوات فتح للقواعد التي أقامها هو وأبو داوود في الجنوب اللبناني بعد احتلال الشريط الحدود من قبل الكيان الصهيوني في 15/3/1978.   وكان ياسر عرفات قد اعتبر أن توصل فيليب حبيب، المبعوث الأمريكي آنذاك، لاتفاق معه حول وقف إطلاق النار وإدخال القوات الدولية، والشريط الحدودي محتل، يمثل اعترافاً أمريكياً ودولياً بمنظمة التحرير مما يمهد لدخولها في التسوية!!! وقد رفض ناجي علوش وأبو داوود هذا المنطق وأصروا ومن معهم على ممارسة العمل المسلح ضد العدو الصهيوني ما دام الشريط الحدودي محتلاً، مما استتبع هجوماً ضارياً من قبل القيادة على التيار الذي يقودانه في فتح.

وكان في الدامور، على الساحل الذي يصل بيروت بالجنوب قاعدة من أهل مخيم تل الزعتر المهجر يقودها أبو أحمد وأبو عماد بطلا الصمود في مخيم تل الزعتر، وكان أبو أحمد وأبو عماد يرتبطان تنظيمياً بالوالد وبأبي داوود، فتمت دعوتهما لاجتماع، كان في الواقع كميناً، وتم اختطافهما وإعدامهما من قبل محكمة صورية أسسها ياسر عرفات في منطقة الفاكهاني، وكان 120 مقاتلاً فتحاوياً من القواعد المداهمة في الجنوب لا يزالون في سجون أمن فتح بتهمة تهديد أمن العدو الصهيوني، والسعي للإخلال بقرار وقف إطلاق النار، وقد تم الإفراج عن معظمهم بعد حوالي شهرين، وبقي 16 من قادتهم أكثر من سنة ونيف في السجن، وخلال ذلك انطلقت في فتح حملة اجتثاث لتيارها المعارض أو تركيعه، ممن ارتبطوا بعلاقة تنظيمية مع ناجي علوش بالأخص، كانت حملة اجتثاث وتنكيل في الواقع... وهكذا صدر الحكم بإعدام الوالد وبالبحث عنه لاعتقاله وتنفيذ ذلك الحكم.

وكانت تلك لحظة فاصلة، فقد انفض قادة التيار المعارض في فتح عن مشروعهم، وتراجعوا عن مواجهة ياسر عرفات، إلا الوالد، الذي رفض أن يخضع للترهيب أو أن يعلن الولاء، أو أن ينحني أمام الموجة، وثمة الكثير من التفاصيل المرتبطة بتلك المرحلة التي سأتجاوز عنها هنا... بل سنتركها للسيرة.  ما يهمنا هنا هو انتهاء علاقته بحركة فتح فعلياً، وللأبد، مع أنه كان عضواً في مجلسها الثوري. وقد انتهت علاقته حتى مع حلفائه السابقين فيها، على خلفية تلك الحملة الاجتثاثية بالذات، وانفضاضهم عنه، بسبب تمسكه بالأمر حتى النهاية، والمقصود هنا بالطبع أمر مواجهة العدو الصهيوني، ومن ثم مواجهة ياسر عرفات بعد حملة التصفية والتنكيل التي أطلقها، وهي حملة طالت حتى عام 1979، ولم تكن بلا سوابق، ومنها اعتقال الوالد عام 1974، وتضمنت فيما تضمنته محاولة اغتيال فاشلة لمؤسس إعلام فتح حنا مقبل (أبو ثائر) في بيروت من قبل ياسر عرفات أمام مكتب القدس برس، الذي عاد ليستشهد عام 1984 في قبرص على يد أبو نضال...

ما يهمني شخصياً هنا هو الفرصة التي أتيحت لي لاحتكار الوالد بعيداً عن كل شيء أخر، وأنا لا أزال في الرابعة عشرة من عمري وقتها، وكان قبلها لا يأتي للبيت إلا للزيارة، منذ اغتيال الكيان الصهيوني للقادة الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في 10 نيسان 1973.  وهنالك كثيرٌ من الناس لا يفهمون أن المناضل لا يملك نفسه، ولا تملكه عائلته، فيصبح الأب عندها كنزاً مفقوداً.  ولكن في نيسان 1978، وبعد اشتداد حملة التصفية والاعتقالات، تم اتخاذ قرار بنزول عدد من الرفاق تحت الأرض، وتم اتخاذ قرار بإخفائي مع الوالد.

وقد تنقلنا بين أماكن متعددة في تلك الفترة، وحملات المداهمة والتفتيش على أشدها، ولكن أجمل ما في تلك المرحلة بالنسبة لي كان الفترة التي سكنا فيها وحدنا في منزل معروض للإيجار في أحد أحياء بيروت الغربية، لم يكن يفترض بسكان العمارة أن يعرفوا أن هنالك من يقطنه، فكنا لا نشعل النور عندما يحل المساء، ونبقي دفتي خشب النوافذ مغلقتين، ولا نشغل تلفزيوناً، ولا نفتح مياه الحمامات في الليل، ولا نحدث صوتاً ولا جلبة لأي سبب، خاصة في الليل. 

وكان المنزل لمغتربين أقرباؤهم مع تيار الوالد في فتح، وقد وضعوا إعلاناً لتأجير البيت، وكانوا يأتون مرة أو مرتين في الأسبوع، وهم يحملون لنا أكياساً  فيها صحف وطعام ورسائل، ويخرجون بنفس الأكياس وهي فارغة، وكانو يأتون أحياناً ببعض الزوار "الراغبين باستئجار البيت"... وقد كانت تلك المرة الأولى، بعد بدء إدراكي السياسي للعالم، التي سنحت لي للعيش مع الوالد بشكل متواصل، طبيعي، هو في الواقع غير طبيعي على الإطلاق.  وكانت فرصتي لكي اتعلم منه وأفهم بالضبط كل ما أريد أن أعرفه.  كانت ذئاب الأمن تبحث عنه على مدار الساعة، وكان ينام ويصحو وسلاحه (الشتاير) بجواره، لكنني كنت سعيداً به جداً وكان كعادته مستغرقا بالقراءة والكتابة، ولم استطع ان أجاريه، فقد كانت المدة القصوى التي استطعت القراءة فيها بشكل متواصل وقتها لا تتجاوز أربع إلى ثماني ساعات، كنت بعدها أزعجه وأتحرش به لمناقشة أي موضوع، من الصراع الصيني-السوفييتي إلى جذور خلافه السياسي مع خالي منير شفيق إلى تقييم الدور السوري في لبنان الذي تحول في تلك الفترة إلى صراعٍ حادٍ مع الكتائب اللبنانية... وكانت فرصة ذهبية لا تعوض لكي أغرف من ذلك البحر وحدي دون بقية الرفاق، لمدة تجاوزت الشهر ونصف الشهر.

ولكنه كان، في أقسى حالات الوحدة والمطاردة الدموية، ينشغل في الليل بشيءٍ لا يملكه إلا من كان في حالة سلام تام مع ذاته.  فقد كنا نذهب في الليل إلى الغرفة الوحيدة في المنزل التي لا يطل عليها أي مبنى مجاور، وكان يشعل شمعة، ويجلس على الأرض، وخشب النافذة مغلق، وينشغل بكتابة قصيدة... وهناك ولدت قصيدته "حوار مع أبي الطيب المتنبي" (المهداة لوالدتي "الرفيقة سميرة") والتي أكملها لاحقاً في فيتنام، ومطلعها:

لليل رهبتهُ
وبي شوقٌ إلى سفرٍ طويل
امتد فيه حيث لا تصل
العيون الزئبقية
لأحط في حدق الرفاق المولعين
بطلعة النجم البهية
والساهرين على السبيل
لليل رهبتهُ
وبي شوقٌ إلى سفرٍ طويل.

وأذكر يوماً بعدها أن مرافق والدي جاء ليبلغه على عجل في جوف الليل بأن أحد زواره من الأيام السابقة ثمة شكوك ومؤشرات، حسب رأي بعض الرفاق في الخارج، بأنه "تساقط" أو تم اختراقه أمنيا.  في تلك اللحظة اتخذ القرار بتغيير مكان إقامتنا فوراً.  وبعد أن لملمنا بعض الحاجيات على عجل، نزلنا بالمصعد، وعلى مدخل العمارة مباشرة فوجئنا، ونحن نغادر مدخل المبنى، بدورية لأحد أجهزة أمن فتح تقابلنا وجهاً لوجه، وكادت تحدث مجزرة: السلاح ملقماً بمواجهة السلاح، والمسافة لا تزيد عن مترين إلى أربعة أمتار.

في مثل تلك اللحظات تعرف معادن الرجال، لا من حيث الشجاعة والجبن بالضرورة، ولكن من حيث رجاحة العقل والقدرة على التصرف ورباطة الجأش، و"الرأي قبل شجاعة الشجعان"...  كانت أقل من لحظة صمت قد مرت، بفعل المفاجأة الرهيبة على الجهتين، فقد جاؤوا ليكسروا الباب ومفاجأتنا... عندما سمعنا والدي يأمر الجميع: الكل ينزل سلاحه! مشيراً بيده اليسرى إلى أسفل... مخفضاً سلاحه باليد اليمنى.  لم أصدق كيف يقول ذلك... ولم أصدق أكثر عندما رأيت عناصر الدورية التي أتت لمداهمته يخفضون سلاحهم... ثم اندفع الملازم قائد الدورية فجأة لمعانقة والدي وتقبيله... وأنا ومرافقه، وعناصر الدورية المقابلة، جميعاً، كالمشدوهين.  وهمس الرجل شيئاً في أذن والدي، ثم انصرفنا بسرعة.  لقد أخطأ من أرسل ذلك الملازم الفتحاوي الأصيل لاعتقال ناجي علوش لأن الرجل كان قد خاض أكثر من معركة إلى جانبه، وكان يدين له بالولاء، وكان ما همسه في أذنه: لا تذكر أنك قابلتنا.  سنقول أننا لم نجدك...

أين سنذهب الآن؟!!  لم يكن الرفاق قد أعدوا مكاناً آمناً بعد... وكانت ثمة آلية محددة للاتصال لتفعيل المكان البديل، وكان الوقت يتجاوز منتصف الليل، ونحن ندور بالسيارة بعيداً عن الطرق الرئيسية.   كان الوضع خطراً جداً، خاصة ونحن غير متأكدين مما سيرشح عن عناصر الدورية التي كدنا نشتبك معها لقيادة الأمن، وهنا جاء القرار الأخر الذي أذهلني وأذهل مرافق والدي: اذهب إلى منزلنا (المعروف للقاصي والداني) في حي زريق في المزرعة، وهو أحد أحياء بيروت الغربية المعروفة.  المرافق: أبو إبراهيم...  إبي: اذهب هناك، فهو أخر مكان سيتوقعوننا فيه..  وهكذا ذهبنا، ونمنا هناك حتى الصباح، وكنا قد تركناه قبل أشهر... وكانت المرحومة والدتي مصرة أن تبقي منزل ناجي علوش مفتوحاً متحدية قيادة فتح أن يأتوا لاعتقالها، فبقيت فيه وحدها مع رفيقة، ووضع الأمن سيارة تراقبه على مدار الساعة حوالي شهر ونصف، ثم تعبوا، فصاروا يأتون لماماً، ومن هنا نشأت الثغرة التي تسللنا عبرها، وفي اليوم التالي انتقلنا إلى مكان آمنٍ في منطقة الشوف في جبل لبنان بقينا فيه فترة مع عائلة صديقة.

استمرت هذه الحال، ونحن نتنقل من مخبأ آمن إلى آخر كل أسبوعين أو ثلاثة، حتى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1978، أي حوالي ستة أشهر، قرر والدي بعدها التسلل إلى العراق، وهكذا كان... ومن المهم أن نذكر هنا تلك الخلفية التي أدت لانتقاله للعراق وبدء صفحة جديدة بالعلاقة مع إبي نضال.. وكانت الخلافات تستعر داخل التنظيم في العراق، وهو ما جعل شراكة الوالد المباشرة مع أبي نضال لا تستمر أكثر من عام، انتهت بالانفصال، وبإعلان تنظيم جديد هو "حركة التحرير الشعبية العربية" عام 1979، وهو التنظيم الذي تم حله رسمياً عام 1992.  وقد شارك عناصر ذلك التنظيم مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في إطلاق المقاومة ضد العدو الصهيوني بعد الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، وقدموا الشهداء والكثير من التضحيات التي تبقى صفحاتها مطويةً حتى الآن إلا على قلة، كما شاركوا بمجموعتين في بيروت في مواجهة الاجتياح الصهيوني للبنان في صيف عام 1982 من خلال مواقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان كاتب هذه السطور أحد عناصر تينك المجموعتين اللتين بقيتا على خطوط التماس مع العدو الصهيوني من 6 حزيران حتى 11 آب 1982.

وهي قصة أخرى سنتركها للسيرة أيضاً، سيرة ذلك التنظيم، لا سيرة الوالد فحسب.   لكن الثنائية الجدلية هنا التي تضيف لجاذبية أبي إبراهيم هي أنه كإنسان ثوري آمن بالعمل المسلح، كان يراه منبثقاً من خط سياسي والتزام أخلاقي، وكان يراه موجهاً ضد أعداء الأمة من قبل تنظيم شعبي ثوري، ولم يكن ليرضى، بالرغم من تصفية عرفات لكثيرٍ من رفاقه، ومحاولة قتله شخصياً، أن يتحول العنف المسلح إلى عنف إرهابي يقوم على الاغتيالات الفردية ضد عناصر فتح التابعين لياسر عرفات أو لأبي نضال نفسه، وقد مارس أبو نضال القتل ضد الفئتين، على أساس الشك في معظم الأحيان، ومن ثم ضد عناصر حركة التحرير الشعبية العربية نفسها، وهي المعادلة التي لم يفهمها الأحمق باتريك سيل في تناوله السطحي للوالد في كتاب "بندقية للإيجار" عن تنظيم أبي نضال...

وكان من الذين اغتالهم أبو نضال من حركة التحرير الشعبية العربية مسؤول إقليم أوروبا في التنظيم نبيل عرنكي، الذي اغتاله أبو نضال في مدريد في أسبانيا... وكانت الكثير من خلايا أبي نضال مخترقة للموساد ولأجهزة مخابرات عربية مختلفة، كما اكتشف أبو نضال بنفسه لاحقاً، وعرف الوالد بعدها من قيادات الصمود الفلسطيني في السجون الصهيونية أن من اغتال نبيل عرنكي من خلية أبي نضال في إسبانيا أدين بالتعامل مع العدو الصهيوني... وقد رثا الوالد نبيل عرنكي، الذي كان يحبه كثيراً، ورأيته يبكي بكاءً مريراً على فراقه في قصيدة "عن الدم الذي يزهر في كل المواسم" من ديوان "الزهر والنار":

قلت للمهرة هذا البرق لاحْ
من ثنايا الغيم في الأندلسِ
فالمسي صدري الذي
ناشته آلاف الرماحْ
وانظري:
هذا دمي المنذور من
وجهي يسيلْ
واعرفي القاتل
إن الومض أعطاني
تقاسيم القتيلْ
ها هو النجم على الأفق
يميلْ
ها هو النجم على الدرب هوى
هل رأيت الوجه والقامة
والرمح الطويلْ؟

آه عفواً يا نبيلْ
إن أصابتنا سهام العسسِ
والميادين تنادينا إلى عرسٍ جليلْ
آه عفواً
إن تلهى بالسيوف القتلة
وانتشى الأوباش من خمر الجراح
يسرح الخفاش في عتمته
عفو الجناح
وتباهي في العراء الحجلة.

نصل هنا إلى الثنائية الأخيرة في هذه المعالجة في شخصية ناجي علوش وخطه السياسي.  فقد اختار البعض أن يركزوا بشكل أحادي على اهتمامه بالحريات الديموقراطية، وحقوق الإنسان، في داخل الأنظمة القومية والممانعة عندما لم يكن أحد يجرؤ أن يثيرها، وله في ذلك مواقف مشهودة، وليس فقط ضمن تنظيم أبي نضال.

وسأقتبس هنا فقرة أو فقرتين من مذكرات ناجي علوش غير المنشورة:  "لم أقم علاقة مع نظام عبر جهاز أمني، وكانت علاقتي تمر دائماً عبر الرئيس... ولم أقم بالترويج لنظام معين، كتابةً أو شفوياً، ولم أدافع عن الإجراءات التعسفية، وكنت على علاقات دائماً بالمعارضات للأنظمة، وكانت علاقاتي هنا علنية ومكشوفة.  حتى أنني كنت مرة في بغداد، وسمعت أن الحزب الشيوعي العراقي أخذ قراراً بالعودة إلى الاختفاء، فقررت زيارة مقر الحزب، فاتصلت وأخذت موعداً، وذهبت في الليل، وكان مكتب الحزب وسط بستان... كان الصمت رهيباً... دخلت فوجدت ماجد عبد الرضا، وجلسنا وتحدثنا...".

الحديث طبعاً عن زيارة مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد... ولكن، عام 1979، تم طرد الجبهة الشعبية والديموقراطية ... وحركة التحرير الشعبية العربية (تنظيم الوالد) من العراق، وتم إبلاغ قيادة التنظيم بمنع نشاط حركة التحرير الشعبية العربية في العراق إلا على الصعيد الفلسطيني.  فهل كان موقفه، من جراء ذلك،  انتقامياً؟  لا طبعاً، تشرد الوالد في أوروبا الشرقية حتى عام 1981، ورأسه مطلوبٌ لياسر عرفات وأبي نضال في آنٍ معاً، ولم تكن العلاقة مع القيادة السورية جيدة بعد.  وبالرغم من ذلك، عندما اندلعت الحرب العراقية-الإيرانية، لم يتردد لحظة في الاصطفاف مع العراق، فالموقف الديموقراطي عنده محكومٌ بسقف السيادة الوطنية، وهذا ما علمنا إياه.  وقد جن جنونه عندما اقتربت القوات الإيرانية من البصرة عام 1986.   ولنلاحظ جيداً أنه عبر عن ذلك الموقف علناً وهو يقيم في دمشق منذ عام 1981، وقد استدعاه الرئيس حافظ الأسد للحوار مراراً، وهو ما لم يكشفه لي إلا قبل عام...

وعلى كل حال، إليكم هذه الفقرة من مذكراته غير المنشورة: "غادرت في اليوم التالي إلى براغ، بدعوة من منظمة الصحفيين العالميين I.O.J، فوجدت اثنين من كوادر الحزب الشيوعي العراقي ينتظران الطائرة، فسلما علي، وتناقشنا ونحن وقوفٌ بشأن الحرب مع إيران... وكان الرفيقان يعتقدان أن الحرب مع إيران ستسقط النظام.. فقلت لهما: لا اعتقد أنكم تعرفون النظام.  النظام قوي ومستعد.  على كل حال، ومهما كانت الظروف، فأنتم في مأزق... اقترح أن تعودوا إلى بلادكم وأن تقاتلوا مع النظام، لأنكم إذا انتصر النظام ستعاقبكم جماهيركم، وإن هزم ستعاقبكم.  فسأل أحدهما: هل تعتقد أن النظام سينتصر في الحرب مع إيران؟  فقلت: هنالك إمكانية كبيرة، ولكن أي شرف ستكسبون إذا انهزم وديس شعبكم وبددت ثرواتكم؟".

ويضيف لاحقاً: "لكن الذين لم تحقق لهم إيران مناهم عادوا وطلبوا النجدة من الولايات المتحدة الأمريكية.. وسقط النظام، فدفع شعبهم ثمناً باهظاً... وليس هناك دلائل على وجود مستقبل مطمئن وكرامة واستقلال.  الوضع يتشظى ويتفتت، والحرب الأهلية تأخذ أشكالاً متعددة، وكل شيء في العراق يتآكل".

ونرجو أن لا يبتسر أحدٌ هذه الملاحظات خارج سياقها، فالسياق هنا هو الحرب العراقية-الإيرانية، (لا الدعم الإيراني لسورية اليوم مثلاً!)، وقد زار والدي إيران بعد مرضه، في نيسان عام 2001، للمشاركة في مؤتمر هناك، وزار العراق في عام 2002، ولا تزال الأختام موجودة على جواز سفره القديم.
وفي صفحةٍ أخرى من مذكراته غير المنشورة بعد: "كنت معارضاً دائماً لأسباب جوهرية منها: 1) أن النظام العربي قطري وأنا وحدوي، 2) النظام العربي استبدادي، وأنا ديموقراطي مع الديموقراطية وحقوق الإنسان، 3) النظام العربي يتواءم أو يسعى إلى التطابق مع الإمبريالية وأنا معادٍ للإمبريالية، 4) النظام العربي مع الاستسلام للعدو الصهيوني، وأنا معادٍ للكيان الصهيوني، مع المقاومة المعادية له، ومع محاصرته ومقاطعته، ومع الإعداد للمقاومة.  ولذلك كنت اقترب من الأنظمة بمقدار اقترابها من هذه الاعتبارات، وابتعد عنها بمقدار ابتعادها عنها.  ولكنني كنت أحرص دائماً على عدم اعتبار الدول الكبرى مساندة للحرية والديموقراطية، وأرفض دعوتها أو قبول تدخلها بحجة حماية الحرية أو تمويل النشاطات من أجلها.  وكنت أؤكد دائماً أن حريتنا وديموقراطيتنا يجب أن تأخذ بعين الاعتبار حاجات الشعب الأساسية، وأن تأخذ باعتبارها حاجة الأمة لقيام الوحدة العربية، وإلى تحقيق التحرر من الاستعمار والنفوذ الإمبريالي ورفض استخدام دعوات الحرية والديموقراطية لتفكيك مجتمعاتنا كما يجري الآن".

العبرة من مثال العراق أعلاه أن الدعوة الديموقراطية محكومة بالضرورة بالسيادة الوطنية وبالمصلحة القومية، وهي الثنائية المركزية في فكر ناجي علوش القومي الديموقراطي، التي يسعى البعض لتشويهها ولما يبرد التراب على قبر الوالد بعد.  والعبرة من الفقرات الأخيرة واضحة لا تحتاج إلى تفسير، فالمعيار الأول لتقييم الأنظمة العربية هو موقفها من الوحدة العربية، والمعيار الثاني هو موضوعة الحريات، والثالث هو موقفها من الإمبريالية، والرابع هو موقفها من الصهيونية، ولا يجوز أن نأخذ المعيار الثاني وحده، وبشكل يتعارض مع المعايير الأخرى، لمن يريد أن يستشهد بناجي علوش.  وقد كان هذا أساس موقفه ضد التدخل الأجنبي مؤخراً في سورية وليبيا، ودعمه بالاسم لقيادتيهما، كما جاء في التسجيل المصور الذي قام به في 7/9/2011 والموجود على اليوتيوب تحت عنوان "طلقة تنوير".

يا أيها الفذ الفريد في كل المواضع، لقد مضت خمسٌ وأربعون دقيقة وخمسة أيامٍ وثلاثة أسابيع منذ غادرتنا، وهيهات أن نجد مثلك، أو أن يملأ فراغ عقلنا وقلبنا بعدك أمرؤٌ بحجمك.

لنكتب عن الجانب المشرق من الحياة - نازك ضمرة



*نازك ضمرة - امريكا
شعرت براحة وبشيء من سعادة يوم أمس السبت الموافق 25 أغسطس آب  2012، دعوت والد كنتي من آل ابو راس من قرية عيلوط قضاء الناصرة في فلسطين، وقد حضر لزيارة ابنته زوج ابني  حاتم، ومكث هنا في أمريكا طيلة شهر رمضان المبارك، دعوت في معيته جميع أبنائي وبناتي الثلاثة عشر وزوجاتهم وأزواجهن، وأولادهم وأولادهن احفادي أي إن المدعوين زادوا عن خمسة وخمسين شخصاً، لان ضيفنا ابو علي ابو راس يرافقه ابنه وزوجة ابنه وابنة اخرى له، وكانت الحفلة في متنزه عام وحديقة على شواطئ بحيرة كراب تري على الأطراف الغربية لمدينة رالي عاصمة نورث كارولاينا ، أكل الجميع من المشويات مختلفة الأنواع من لحم البقر ولحم الدحاج والهامبرجر والهوت دوحز على نار الفحم القوية ، وقام بمهمة الطبخ  والشواء صهري محمد منصور من البيرة أصلاً وهو زوج ابنتي البكر تغريد، وساعده ابني خالد، وزوج ابنتي فادية واسمه محمد خصاونة وهو من النعيمة  اربد، وزوج ابنتي بثينة واسمه ناصر فايد أصله من بيت دجن / يافا، مشينا بعد ان اكل الجميع على شواطئ البحيرة ، وصعدنا إلى البرج المنصوب عند شاطئ الإبحار والمراقبة، وتجولنا عبر أشجار المتنزه الكبير والمجهز بالماء والمرافق الصحية، وشاركتنا الطيور البرية فرحة الجميع بالجمع ، واختلطت الحان العصافير ومناجاتها مع عبث الأطفال ولهوهم وحواراتنا  خلال المشي او بعد أن جلسنا للاستراحة، ذكرتنا هذه المناسبة بوطننا المسلوب والمنهوب فلسطين، وتذاكرنا في سيرة أشجار الزيتون والتين والرمان والبرتقال وجميع أنواع اشجار الفواكه المثمرة والتي يهتم بها الإنسان  الفلسطيني ويحبها ويعتني بها اينما حل، وهنا في أمريكا لا تهتم العائلات والأفراد العاديون بالآشجار المثمرة، فعندهم ينطبق المثل الفلسطيني القائل: (مشترات العبد ولا تربايته) معذرة على الكلمة غير المناسبة، وانما كل اهتمامهم ينصب على الأشجار الحرجية وهي التي تتكاثر بشكل عجيب وسريع دون ان يعتني بها احد لكثرة الأمطار، وتكرار نزوله، وخاصة صيف هذا العام، فلم يمض اسبوع دون أن تمطر الدنيا ليوم اويومين، وأغلب الأمريكان يشترون الشجيرات الصغيرة  يزرعونها أمام بيوتهم، ويقصونها بأشكال هندسية تجميلية، وتهتم النساء بالورود  والزهور ، اما الرجال فيهتمون بالعشب الأخضر خلف البيت او  حوله،  ويتباهون بخضرته وكثافته ويقصونه ليبدو حقلاً  مفروشاً بسجاد أخضر كالملاعب الرياضية  العالمية الشهيرة، وتمنى الجميع لو أمكن زراعة الزيتون حتى نتذكر  حب الفلسطيني لشجرة  الزيتون لقدسيتها ولثمارها المباركة، ثم للجلوس في ظلالها أثناء شهور الصيف، أخذنا الصور التذكارية  التي تخلد هذه المناسبة  العائلية والتاريخية مع اننا نلتقي في مناسبات أخرى كالأعياد او الزواج او حفلات الميلاد، لكن ليس بكمال ما تم  يوم أمس، وافكر كيف سأوصل مجموعة الصور التي حزنتها في جهازي الكمبيوتر بعد ان سحبتها من الكاميرا،
أحس بالرضا عن الحياة وأحمد الله على الصحة  التي انعمها علي وعلى أسرتي من  حولي، وحتى وانا في الخامسة والسبعين من العمر، وأثناء مشينا على شواطئ البحيرة، مررنا بالبرج الكبير المقام هناك عند موقع الإبحار، وصعدنا إلى البرج على أدراج عادية، حيث لا يوجد مصعد كهربائي،  وأخذنا صوراً تذكارية هناك مع ضيفنا ، ثم عدنا للتحدث والاستراحة قبل افتراق كل عائلة إلى بيتها عند غروب الشمس، وكان الجو مهيئاً لسقوط أمطار ، لكن الجميع هنئوا بالجو البارد اللطيف والغائم، دون بر د ولا حر، ولعب الأولاد والبنات الكرة  الطائرة ، ومرحوا وتمازحو ا وتقاربوا، في مجتمع عربي أسلامي غريب نوعاً ما عن  البيئة التي وجدوا انفسهم يعيشون بها ويحيون،  وها أنا اعود لمواصلة قراءة رواية الكاتبة الأمريكية السوداء  اليس ولسون والمعنونة  (اللون  القرمزي) وهي من الكتاب الأمريكان الذين يناصرون حق الشعب الفلسطيني على ارضه ووطنه وترابه، ولقد سبق وزارت تلك الكاتبة الأمريكية غزة مع سفينة الحرية، وتأثرت لما يحيق بالشعب الفلسطيني من ظلم وخنق لحقوقه ونكران لها، ورفضت ترجمة روايتها إلى اللغة  العبرية احتجاجاً على العنصرية الصهيونية،
تحية لإخوتنا المتشبثين بوطنهم وعلى أرض فلسطين يحيون ويموتون، يخلدون تواجد الإنسان العربي الفلسطيني على ثراك يا فلسطين المقدسة والمباركة، وسلام على الأحياء والأموات من شعبنا العربي الفلسطيني، وسيعود الحق وسينتصر، وستعود الحرية والأرض لشعبنا الجبار الصامد .
*كاتب هذه السطور العجوز او  الختيار ابوخالد نازك ضمرة  من بيت سيرا قضاء رام الله في الأصل/ ومقيم مع عائلته في امريكا - قاص وروائي باللغة  العربية

الجنس والثورة السورية وطاعون العصر




نوارقسومة( رائد شما)

ربما سيكون من المفيد التطرق إلى العلاقة بين الجنس وما يسمى بالثورة في سوريا ، والتي أُفضّل إطلاق الاسم العلمي الملائم لها وهي "تمرد إسلامي مسلح" مدعوم بشكل مباشر من دول الخليج وتركيا.

الجنس هو محرك الإسلاميين والكبت الجنسي هو مهيجهم الرئيسي. بمنطق السبايا والجواري والحور العين يتم غسل أدمغة الشباب وتحويلهم إلى قنابل موقوتة، وهكذا يكونون جاهزين لفعل أي شيء مقابل أن يتذوقوا طعم ما حُرموا منه. ومن هنا جاء احتقار المرأة و"تنقيبها" ليبقى خيال الشباب نشطا ومشغولا ومتوترا وفي حالة بحث دائم عن هذه المغارة العجيبة والجنة الموعودة.

مطلّقات الثورة

لا توجد إحصائية عن عدد المطلقات اللواتي دخلن الثورة الإسلامية أوعدد النساء اللواتي دفعتهن مشاكلهن "الزوجية" إلى "الثورة"، لكن أؤكد لكم أن العدد كبير جداً ، وربما أغلب إن لم أقل كل نجمات "الغزوة" الإسلامية السورية هنّ من هذه الفئة! إنها ثورة "الوسادة الخالية" وعذاباتها التي لا ترحم.

فاتح الحرائر طلاس

قصص المجاهد عبد الرزاق الطلاس ومن قبلها قصص الشيخ المجاهد عمر الرحمون (ومن بعدها الكثير والله المستعان)، ورغم القرف المترافق معها، كشفت بالتأكيد عن انحطاط الرعاع "المتأسلم" في سوريا. الكل شاهد حقيقة اللحية الوهابية وكيف تُحول هذه اللحية صاحبها إلى حيوان مسعور همه الوحيد أن ينكح ما تيسر له من "الحرائر".

ظهرالبطل المجاهد طلاس بعد الفضيحة ولأول مرة، هادئاً لا يصرخ أو ينبح كالعادة، بل كان يتكلم بصوت خافت وناعم كصوص مكسور الجناح، يكفينا مراقبة حركات قدميه المتوترة لنستغني عن جهاز كشف الكذب. البطل لم يكتف بالنفي والكذب ، بل إن الأحمق والمصاب بجنون العظمة المبكر اتهم إيران وروسيا والصين بفبركة الفيديو لتشويه صورته أمام قطيعه ومعجباته لأنه بطل مقدام وشخص مهم جداً!!! طبعا أنا لم أقتنع ولا أي انسان طبيعي "غير مسعور" سيصدق كلام طلاس وتبريره المضحك. فالوجه وجهه والندبة التي تظهر على وجهه سببها إصابة طفيفة تعرض لها، والصوت الذي ظهر في الفيديو الثاني صوته أيضاً وهروبه "تكتيكياً" إلى تركيا (بطلب من مرشده الروحي) هو دليل على جبنه وخوفه. لكي يقتنع المرء بكلام طلاس يجب أن يكون من أحد المعتوهين المعجبين بصفحة شيخه عدنان العرعور أو من مرتزقة الغزوة الإسلامية ، وهم إما بنفس قذارة طلاس أو يتفوقون عليه بمراحل. انتهى طلاس ، وهو أيقونة الثورة الوهابية ، كما انتهت كذبة "ثورته" ، ولن يبقى له سوى بعض الذكريات الحلوة في المنفى التركي.
موضوع طلاس هو شأن شخصي يتعلق بحريته الشخصية... مشكلتي هي مع لحية طلاس السلفية الزانية والتي تنكح كل شيء "متحرك" و"ثابت" باسم الحرية، تنكح البشر والشجر وحتى البقر، وتنكح كل شيء جميل في بلدي ، وتنكح حتى ذكرياتنا وأحلامنا.

مع سبق الإصرار والغباء

لواء درع العاصمة "الوهابي" قام مشكوراً بحماقة تثبت وتبرهن "نظريتي"، وهي عبارة عن تطوير لنظرية "داروين" الشهيرة "النشوء والارتقاء"...-أصل الانسان قرد، وأصل القرد وهابي-. فقد قام مجرمو هذه العصابة باختطاف العميد عبد الباري عبد الله وعدد من عناصر الشرطة وبثوا صورهم على أنهم شبيحة ، وختموا الشريط بعبارة "لا تنسونا من صالح دعائكم"، ثم عادوا وبثوا فيديو جديدا للأسرى وهم مذبوحون على طريقة "العرعور"، وطبعاً التهمة الجاهزة هي أن "كتائب الأسد" و"الشبيحة" قامت بارتكاب مجزرة بحق المواطنين العزل في منطقة الشيفونية بدوما!!! المجرمون كُشفوا وفُضحت جريمتهم بسبب فرط الغباء الذي يعانون منه، فصور الضحايا وثيابهم تتطابق مع صور الأسرى المخطوفين في الشريط الأول. أصدر جزارو لواء درع العاصمة، وبعد فضح الجريمة بتاريخ 25 آب / أغسطس، بياناً يعلنون فيه براءتهم من دم هؤلاء الأسرى. السؤال هنا لماذا انتظر الثوار "الأبرياء" كل هذا الوقت ليعلنوا أن العميد وباقي الأسرى كانوا قد انشقوا وانضموا للجيش الوهابي الحر؟! وأنهم أبرياء من دمائهم الطاهرة وأن اعتقالهم وتصفيتهم "ذبحاً" تم بواسطة حاجز "طيار"!؟ وأين فيديو انشقاق هؤلاء الضحايا؟!

يقتلون الأسرى ثم يتاجرون بجثثهم!!!!! نعم هذا هو الفكر الوهابي وهذه هي الغزوة "الإسلامية" ... الإسلاميون المرتزقة هم من يقتل ويذبح بالسكاكين ومن يسبي ويغتصب "الحرائر" ويخطف ويطالب بفدية ويفرض جزية....ويجب أن يتم تطهير سوريا منهم قبل التفكير بتغيير أو إصلاح النظام...

لا توجد سوابق في تاريخ النظام السوري أو الجيش السوري تدل على قيامه بالنحر بالسكاكين، فلدى الجيش ذخيرة كافية لإبادة شعب بالملايين ، وهو ليس بحاجة لأن يقتل على الطريقة الوهابية البدائية... الجميع يعرف ماهية الفكر الحيواني الذي يبيح الذبح والنحر وقطع رؤوس "الكفار". من يجيد الذبح والنحر ، وعندهم سوابق في ذلك ، هم ثوارأبو مصعب الزرقاوي وعنتر الزوابري ( في الجزائر) ومن يتبع هذا الفكر. القتل محلل عندهم، ويكفي ترديد عبارة "الله أكبر" لتصبح الجريمة في سبيل الله ويصبح الله شريكهم فيها.

رواية "القتلة" وبيانهم يعتمدان على استغباء العقل البشري بل وحتى عقل القردة، ( وهنا أعود "لنظريتي") ... من يصدق هؤلاء الرعاع هو بالتأكيد مازال يعيش في مرحلة تسبق مرحلة القردة وهي الوهابية..

ولباقي الطوائف نصيب من الغزوة

صفحة "الاستحمار الإسلامي الإخواني ضد بشار الأسد" بثت فيديو للواء المخطوف فرج المقت يعلن فيه انشقاقه، وعرفته بأنه ضابط ينتمي إلى الطائفة الدرزية "الكريمة". اللواء وكما نعلم جرى خطفه قبل عدة أسابيع ونشر الرعاع فيديو له مع العميد في فرع فلسطين منير شليبي. أستغرب كيف يقوم الحمقى الذين يديرون هذه الصفحة بعرض فيديو مفضوح ومكشوف إلى هذه الدرجة، إلى درجة أن آثار كدمات "الانشقاق" تبدو بشكل واضح على عيني اللواء المخطوف. إلا أن الإسلاميين يدركون على ما يبدو أن جمهورهم هو قطيع من الغنم ، وأن أي شيء تذكره الصفحة "المؤمنة" هو كلام منزل لا ريب فيه.

كيف سيقتنع الانسان "الطبيعي" بأن اللواء المخطوف فرج المقت وهو "درزي"، قرر أن ينضم إلى ميليشيات تكفيرية تهدف إلى تطهير سوريا من أقلياتها، وأن آثار الكدمات التي على وجهه هي بسبب صحوة ضميره وحماسته لغزوة "الله أكبر" واكتشافه للجرائم التي ترتكبها "العصابات الأسدية" بحق الرعاع المسلحين!!.

لم نسمع أي مرتزق من المعارضة السورية ينتقد إجرام عصاباتهم الثائرة، فقط يحدثوننا دائماً عن إجرام النظام والذي ثبت أنه مبالغ فيه إن لم نقل أنه في أغلب الأحيان مبرر وضروري. من حق الجيش السوري ، وهو جيش الوطن ورمز وحدته ووجوده أولاً وآخراً ، أن يدافع عن حرمة الأرض السورية وعلم البلاد وتصفية كل المرتزقة من السوريين والأجانب الذين يسعون لتدمير كل شيء جميل في سوريا.

الفكر المتخلف واضح وجلي ونوع الحرية التي يطالبون فيها أيضاً واضحة ولم يعد لأي شخص حجة للدفاع عنهم وعن هيجانهم. تهديد المسيحيين واستهدافهم وتهجيرهم من عدة أماكن ، واستهداف مناطقهم كما حصل مؤخراً في دمشق، بل وحتى إدخالهم "بنور" الإسلام كما حصل مع أحد العسكريين المخطوفين الذي لم يكتف خاطفوه بإجباره عن إعلان انشقاقه عن جيشه بل أجبروه على الانشقاق عن ملته وأهله. ومن هذه المهازل الإسلامية ما لا يعد ويحصى في هذه الغزوة . فحتى صحفي ياباني نطق الشهادة ودخل الإسلام في جبل التركمان بعد أن ذُهل من أخلاق المجاهدين !!

المسيحيون هم سكان هذه الأرض وملحها وجزء لا يتجزأ من تاريخها، ومؤامرة تهجيرهم واضحة، فالإسلام الوهابي التكفيري لا يعترف بأي شكل من أشكال الاختلاف حتى مع المسلمين أنفسهم... حريتهم هي في القتل والتدمير والإكراه، وشعارهم هو"أسلم تسلم" وربما لن تسلم... والله أعلم!!

استهداف المزارات الشيعية

استهداف المقامات الدينية الشيعية هو ليس سوى حلقة من حلقات المسلسل الإرهابي الإسلامي في سوريا. الشيعة والذين يشكلون أقل من 1% من السكان في سوريا هم العدو الأول للغزوة الإسلامية . فهم مجوس وأبناء متعة وقتلهم وإبادتهم فرض عين على كل مسلم تكفيري. الفكر المتوحش نفسه هو الذي يقوم الآن بتدمير الأضرحة "الصوفية" في ليبيا وهو من يعتدي على الناس في تونس ومصر.

بابا العربية حكم

من يقف وراء انحطاط القناة الوهابية وفبركتها لأخبار كاذبة على شاكلة (فلان قتل، انشقاق، انقلاب، الأسد هرب....) ، والمسؤول الأول عن هذا الأمر، ليس قطيع الصحفيين ومذيعات "السيليكون والبوتكس" فيها! بل هو السيد حكم البابا. أفهم أن يكون البابا حكم حاقداً ومسعوراً ضد النظام السوري ، لكن لا أجد له  مبرراً بأن يصبح مرتزقاً أفاقاً في قناة الوهابية، مهمته الوحيدة هي فبركة الأخبار الكاذبة والمنحطة التي تنفذ أجندات أسياده والتعتيم على حقيقة ما يجري في بلد لا يستحق أمثاله أن يحملوا هويته.

حتى أنتِ يا بي بي سي

تفاخر بريطانيا بحرية الصحافة فيها، لكن الحقيقة أن هذه الحرية "المنافقة" تتوقف عندما تبدأ مصالح الدولة. هيئة الإذاعة البريطانيا بثت تقريراً في 22 آب/أغسطس 2012 مأخوذاً بالأساس عن تقرير للنيويورك تايمز يتحدث عن قيام مجرمي "أسود التوحيد" باستخدام أحد الأسرى كمفجر انتحاري دون علمه. بي بي سي اختتمت التقرير بعبارة "إن استغلال السجناء كمفجرين انتحاريين يعتبر دون شك جريمة حرب"، وهو ما لم يعجب الحكومة البريطانية  التي تريد أن تُقنع العالم بأن حلفاءها القتلة يقاتلون من أجل الحرية. الإسلاميون هم حلفاء الغرب في معركته لتدمير سوريا وإضعاف إيران ولا داعي هنا إلى إرهاقهم "بخزعبلات غربية" كعبارة جرائم الحرب. استمروا بجرائمكم ونحن معكم إلى أن تدمروا سوريا، هذا هو المفهوم من فضيحة حذف هذا التقرير.... سمعة ال بي بي سي أصبحت في نفس المزابل التي تضم العربية والجزيرة.

خياران لا ثالث لهما

النظام أو عصابات الطيفور والعرعور. النظام أو دولة إسلامية سيتم فيها تطهير سوريا من الأقليات أو سيناريوهات تقسيم وفدراليات الخ..... الشريحة المتمردة هي الشريحة المتخلفة والجاهلة ، وهي عبارة عن أشخاص يدفعهم حقدهم وتعصبهم الديني إلى حمل السلاح والانتقام.... لا وجود لفكر يحركهم سوى غرائزهم البدائية وفتاوى شيوخهم وأموال الخليج. من يقود التمرد المسلح هم الشيوخ ومن يحمل السلاح هم رجال تم غسل عقولهم بالمال والخرافات. القتل والذبح والإرهاب هي أدواتهم الرئيسية في محاربة الدولة وكل من يقف ضدهم. لا داعي للبكاء والنحيب! الموت قادم لكم! ولأهليكم ومن يأويكم! هذا هو خياركم منذ البداية! أهلي وأصدقائي موجودون في دمشق ولم أسمع وبعد 17 شهراً من ثورة الرعاع أن الشبيحة دخلت إلى بيت أحدهم وقتلته أو ذبحته!!! الذي سمعته هو قصص عن أشخاص تم خطفهم في دمشق من قبل ثوار العرعور مقابل فدية! رجاءاً!! موتكم هو خياركم ...ارحلوا بصمت!! فهذا قضاء جهلكم وقدره!

الإسلاميون طاعون العصر... إن كيدهم عظيم!!

من يعتقد بإمكانية إصلاح رعاع يحملون فكراً تكفيرياً وأجندة إسلامية هو حالم ومنفصل تماماً عن الواقع، ومن يعتقد أنه بدعمه لثورة هؤلاء الوحوش ينتقم من النظام لأسباب خاصة هو حاقد ومعتوه.

برأيي كل انسان عاقل ومتوازن (وقد كررت هذه العبارة أكثر من مرة لأني أعرف أن كمّا هائلا ممن سيقرأ هذه الكلمات هم خارج هذا التصنيف) يجب أن يقرر مراجعة مواقفه في لحظة محددة من حياته. الكثيرون ممن كانوا يقفون مع هذه "المهزلة" التي تجري في سوريا والتي يسميها الإسلاميون وأذنابهم ب"الثورة"، اكتشفوا حقيقتها المؤلمة وخداعها. المشروع الغربي واضح ونتائجه نراها على الأرض في كل بلاد ربيع "الناتو"، ولا يمكن إنكارها بعد الآن. الكثيرون خدعوا بالكذب والتلفيق منذ أول أيام "التمرد المسلح" وقصص أطفال درعا البلد "مهد التهريب" في حوران، الذين اقتلعت أظافرهم ولم أعثر على أي دليل ملموس على هذه الأظافر(وإن كانوا اعتقلوا بكل تأكيد) ،إلى قصة حمزة الخطيب البطل الذي تضع صفحته صورة له وهو بعمر أصغر بست سنوات من عمره الحقيقي عندما قتل في "غزوة مساكن الجيزة / صيدا".

منذ أول أيام الثورة وهناك تصميم على إقحام حزب الله في المسألة السورية . وكان أهل درعا هم السباقين إلى تلفيق هذه القصة الكاذبة ، وهم أيضاً أول من أدخل السلاح وقتلوا وهاجموا واستفزوا الأمن والجيش طبعاً بأوامر من قطر والسعودية (إلى حد أن أحد الأشخاص من درعا قال لي متباهياً أن جثث كلاب الأمن تملأ الملعب البلدي في درعا).الحديث هنا في الأسابيع الأربعة الأولى لانتفاضة حوران "السلمية". وكان الجميع يهزأ من ادعاءات النظام بوجود سلاح ومسلحين.

أصبحت وبعد استمرار مسلسلات الكذب والإجرام التي يخرجها ويقوم ببطولتها ثوار قناة الجزيرة والناتو، أتلذذ بمنظر القتلى "الإسلاميين". أقول هذه العبارة وأدرك معناها وقسوتها لأني أعرف تماماً أن "نفوقهم" خير ، وبقاءهم طاعون قاتل، وأنهم يتمنون قتلي وقتل كل من يخالفهم بالرأي. كل أنواع الفضلات الإسلامية المجاهدة من ليبيين وشيشان وأفارقة وأتراك وغيرهم... أرسلت لتنضم إلى رعاع سوريا ، لا لتنشر الحرية ولكن لتحارب المجوس وتقيم حكم إسلامي.

الإسلاميون لا يفهمون سوى لغة القتل، وهم يقتلون كالحيوانات ، وينحرون من يقع بأيديهم ، ويهاجمون كالكلاب المسعورة بطريقة غادرة وجبانة، ثم يختبؤون بعدها في جحورهم أو بين المدنيين ، وهو ما يعرف بمنطق الجرذان بالإنسحاب التكتيكي. لا مجال لإصلاح أو حتى التحاور مع أشخاص يرغبون بتدمير الدولة والجيش، الذي هو عماد أي دولة وأساس وجودها، لتنفيذ مصالح أسيادهم ومموليهم الجيوسياسية وإقامة حكم إسلامي متخلف. لا أتوقع أن عصابات السلفيين والوهابيين والإخوان يقاتلون النظام من أجل إسقاطه وإقامة دولة ديموقراطية في سوريا، أو من أجل حرية الشعب السوري. كما لا أتوقع أن يلقوا السلاح وأن يصبحوا أفرادا صالحين في المجتمع إذا ما انتصروا على النظام. الثورة بالنسبة لهذه العصابات هي جهاد ضد الكفرة في سبيل إقامة دولة إسلامية يمسكون فيها بزمام السلطة ، أما الثورة بالنسبة لأسيادهم فهي استخدام هؤلاء المرتزقة وفكرهم الإجرامي لتدمير الدولة والجيش السوري وتحويل سوريا في المستقبل إلى جمهورية أو جمهوريات موز.

انتصار الجيش على هؤلاء الوحوش هو الأمل لبقاء سوريا دولة موحدة ذات كيان وثقل.

يا أبناء هذه الأرض! قاتلوا الإسلاميين وعذبوهم "بأيديهم" واشفوا هذه الأرض من طاعونهم والعنوا كل من يقف وراءهم ويغطي عهرهم.

القتل والدم سيستمر وربما أطول من المتوقع ... لكن لنتذكر أن القتل هو خيار الطرفين وهو الحل الوحيد في سوريا.

نجلاء..مواطنة مصرية اختلفت مع اميرة سعودية فجلدت 500 جلدة



"بأي ذنب جلدت" هو عنوان الحملة التى دشنها عددا من أعضاء مواقع التواصل الإجتماعى على موقعى الفيس بوك وتويتر تضامنا مع المواطنة المصرية المحتجزة بالسعودية نجلاء وفا على خلفية خلافها مع إحدى الأميرات في العائلة الملكية الحاكمة، كانت تربطهما شراكة في أعمال تجارية، والتى تم الحكم عليها بالجلد 500 جلدة والسجن خمسة اعوام، وسيتم استئناف جلدها بعد شهر رمضان بعد ان اتممت بالفعل 300 جلدة سابقا.
وطالب المشاركون فى الحملة المصريين بالاتصال بالخارجية المصرية وبالرئيس محمد مرسى لحثهم على القيام بدورهم والتدخل لحل ماتواجهه المستثمرة المصرية بالسعودية ووقف جلدها.
وكانت البديل قد نشرت مناشدة مؤسسة الكرامة لحقوق الانسان للأمم المتحدة للتدخل لوقف جلد المواطنة المصرية التى ألقت السلطات السعودية القبض علىها في 30 سبتمبر 2009، بإيعاز من إحدى الأميرات في العائلة الملكية الحاكمة، كانت تربطهما شراكة في أعمال تجارية، حيث داهمت قوات الأمن السعودية منزل السيدة نجلاء وصادرت منها الأوراق و الممتلكات الشخصية الخاصة بها وبأعمالها كمستثمرة مصرية داخل المملكة.
وأضافت الكرامة أن المواطنة المصرية استجوبت من قبل محققين تابعين لشرطة السليمانية لمدة أربعة أيام، عانت خلالها من سوء المعاملة وتعرضت للسبّ من قبل المحقق ومن محامي خصمها، كما لم يسمح لها توكيل محامى بإيعاز من الخصم.
وأكدت الكرامة أن المواطنة المصرية احتجزت لمدة سنة و8 أشهر احتجازا تعسفيا دون محاكمة ، ثم عرضت على المحكمة الجزائية بالرياض، ولم يقدم لها أيّ دعم قانوني، كما لم يسمح لها بتوكيل محامي خلال 13 جلسة محاكمة، قبل أن تصدر ذات المحكمة عليها حكماً في 14 يونيو 2011 ، بالحبس لمدة 5 سنوات والجلد 500 جلدة.
وتقدمت السيدة نجلاء بالاستئناف أمام محكمة التمييز التي نظرت فى طلب الاستئناف وأقرت إسقاط العقوبة لعدم وجود أسباب تدينها، غير أن ملف القضية عاد مرة أخرى للمحكمة بطريقة غير قانونية، فأجبرت على الموافقة على الحكم.
وقال المحامي أحمد مفرح، باحث قانوني بمنظمة الكرامة أن السيدة نجلاء عانت داخل السجن من التعذيب وسوء المعاملة من طرف الحارسات، بالإضافة إلى منعها من الزيارة و حرمانها من الاتصال بعائلتها وأهلها طيلة 6 أشهر.
كما أكد مفراح أن السلطات السعودية بدأت في تنفيذ عقوبة الجلد بحق السيدة نجلاء ابتداءً من نهاية مايو الماضي، حيث جلدت بداخل سجن الملز 300 جلدة، بواقع 50 جلدة أسبوعيا، في حين يتبقى عليها 200 جلدة يتوقع تنفيذها عقب شهر رمضان، رغم أنها تعاني من اعوجاج فى العمود الفقري، طبقا لما أكدته تقارير طبية.