كتب محمد طاهر
خرج الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن صمته مؤخرا بحديث إلي قناة "c. b .c" الذي جاء متوازنا إلي حد ما علي حد قول المتابعين، وقد أكد الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل أن نظام الرئيس محمد مرسي موجود وله شرعية، ويجب أن يستوفي مدته، موضحًا أن شرعية النظام تسقط بالجرائم وليس بالأخطاء، محذرا من خطورة الانسياق وراء أولئك الذين يطالبون برحيل أول رئيس منتخب في مصر، واعتبر أن المطالبة بإسقاط نظام أول رئيس منتخب في مصر يعد عبثًا.
وقال "هيكل": إن الأيام الخمسة الأولى من شهر ديسمبر الجاري موحية ودالة وحافلة، موضحاً أنه قرأ مشروع الدستور، قائلاً "صدمت عند قراءتي للدستور من المادة الأولى، واستطلعت آراء الخبراء وتأكدت مخاوفي لها ما يبررها".
وأضاف هيكل، خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي، "تابعت إقرار الدستور خلال الجلسة الأخيرة، التي أقلقتني جداً أكثر من أي شيء"، مشيراً إلى أنه خلال الأسبوع الذي سبق الإعلان الدستوري، قال الرئيس مرسى إن اللجنة التأسيسية أمامها شهرين لإكمال عملها، وفجأة انتهوا من إقرار الدستور واستقروا عليه، وهذا أقل من قيمة دستور دائم اطمئن له لتنظيم المستقبل والدستور تصميم مستقبل الأمة وليس للتاريخ أو الماضي بل للمستقبل".
وأضاف أن لا أحد يطلب من الرئيس، أن يتراجع عن قراراته، لأن هيبة الرئاسة تمنعه من التراجع، ولكن تدعوه لوجود مخارج أكثر، ومنها أن ينقل الشهرين اللذين منحهما للجمعية التأسيسية لإكمال عملها، ليكونا من نصيب الناس لقراءة الدستور، أي منح الشعب مهلة 60 يوما لقراءة الدستور الجديد.
وأكد الكاتب الكبير أن شرعية أنظمة الحكم تسقط بالجرائم وليس بالأخطاء، مشيرا إلي أنه لا يؤيد إسقاط شرعية النظام.. الشرعية تسقط بالجرائم وليست بالأخطاء"، وتابع: "مشهد مظاهرات الشباب يوم الثلاثاء الماضي مشهد لا يخطر ببال أحد وأظهر أن الثورة أكثر شباباً وقوة، بعد أن نقلوا مجال الثورة ولم يجعلوه ميدان التحرير والثورة فتحت لنفسها مجرى متوجه للرئيس، متمنيا أن يقرأ الرئيس الرسالة التي وصلته على الطريق للاتحادية ومطالبها جيداً".
واعتبر "هيكل" أن حصار مقر المحكمة الدستورية العليا، بعد مليونية "الشرعية والشريعة" بمثابة تعدٍ على دولة القانون، وأن هذا المشهد ذكره بمجئ هتلر وحرق البرلمان الألماني عام 1933.!!.
وأضاف هيكل: "واضعو الدستور قلقون أن يفشلوا في مهمتهم وتعود بهم الأيام إلى الماضي، والناس خائفة من أن المستقبل لا يبشر بالجلوس للتخطيط".
مشيرا إلي إن البلد في مأزق فظيع وقلق، لأن الدستور ليس قانوناً ويجب مشاركة كل أطياف المجتمع، ولا تضعه الأغلبية أو الأقلية، بل هو تنظيم مشترك لحياة كل الطوائف معا، فإذا غابت الكنيسة والمثقفون والمفكرون فهنا يجب أن نستشعر الخطر لأن السرعة ليست مطلوبة في إقرار الدساتير، لأنه سيكون بناء بدون أساس كافٍ".، وأضاف هيكل قائلا: أن "ما يقلقني أنه سوف يؤخذ الدستور إلى اجتماع خاص يسلم للرئيس دون أن يعرضه على الشعب كما تصورت، أو إلى اجتماع عام إذا أراد، وأبلغته أنني ضد ما نما إلى مسامعي من إسقاط النظام لمطالب المظاهرات".
وعن شرعية الرئيس مرسى، قال هيكل: "شيء عبثي لأنه على الرئيس أن يستوفى مدته لأن شرعية الأنظمة تسقط بالجرائم ولا تسقط بالأخطاء وهذا لا يليق في هذا الوقت، لأنه ليس منطقياً، لأننا قلنا "ارحل كثيرا ويسقط كثيرا" من مبارك إلى الآن حوالي سبع مرات، ولكن العقل يتطلب أن تكون لدينا خطوات أخرى وحلول أخرى غير كلمة "ارحل".
وكشف "هيكل" عن أن المشير طنطاوي عمل في ظل ظروف ظالمة، مشيراً إلى أنه كان دوما يتساءل ما العمل مع كل ما يواجهه.
وأضاف هيكل "عرضت على المشير طنطاوي أن يكون الدكتور محمد مرسى رئيساً للوزراء، نظراً لأنه رئيس حزب الأغلبية فرفض، وكان رده وهل أسلم البلد للإخوان المسلمين؟".
وأكد "هيكل" أن الانقسام بين كافة التيارات السياسية ظهر مبكرا، لافتًا إلى أنه يخشى أن يتحول هذا الانقسام إلى "فلق".
وأضاف هيكل، أن الإعلان الدستوري بمثابة قفزة في الظلام، ونحن بصدد تأسيس دولة في وطن غابت عنه فكرة الدولة المسئولة عن كل المجتمع، وفتح طريق للمستقبل للمجتمع ولا يجب أن نضع أي أحد في ركن ونحاصرهم في هذه اللحظات الحرجة.
وشدد هيكل على أن مبارك خرج بسهولة أكثر مما نتصور، وسليمان اتصل بمبارك وأخبره بحتمية الرحيل فوافق، وبيان تنحى مبارك تم عرضه عليه تليفونيا ولكنه عدل به كلمة واحد وهى "التنحي" وحولها لكلمة "التخلي"..
وأكد "هيكل" أنه لا يظن أن يكون هناك محاولات من بعض أفراد المجلس العسكري للحصول على أدوار مستقبلية، مشيراً إلى أن مبارك أذكى من غيره لأنه أدرك أنه وصل إلى الطريق المسدود الذي يستحيل معه بقاؤه.
وتطرق هيكل خلال الحوار إلى الوضع الاقتصادي للبلاد، قائلاً: "مصر أكبر دولة حصلت على مساعدات أجنبية تقدر بتريليون دولار في عهد مبارك وضاعت، لذلك الفصل بين الماضي والحاضر أمر خاطئ عندما نتحدث عن المعونات وتعامل الغرب معنا، مؤكدًا أن مصر تعانى عجزا ماليا يوميا يقدر بـ400 إلى 600 مليون جنيه يوميا.
وأشار إلي أن الحل الأول لحالة الاستقطاب الموجودة الآن ووقف حالة التوتر والحمى في هذا البلد، من خلال الحوار.
واقترح هيكل تأجيل ميعاد الاستفتاء والرضوخ عن التشبث في القرار، حرصًا على الوطن من التوتر، لافتًا إلى أنه ليس سهلا ما يحدث الآن.
وقال هيكل، إن هروب الرئيس من الباب الخلفي رضوخا لرأى الحرس الجمهوري مؤشر خطير، ويجب أن نعلم أن التهديد والوعيد جزء أساسي في خطاب التيار الإسلامي، مؤكدًا على ضرورة أن نتجاوز ذلك في خطاب الرئيس، وأطلب من الرئيس بفتح منافذ للحوار مع الجميع، ودعوة النخب ليس للتنفيس، ولكن برغبة حقيقية للمشاورة والمحافظة عليها من الهروب إلى الخارج، وأطالبه بألا يضع البلد إلى طريق مسدود.
"المسائية الأسبوعي" التقت ببعض القيادات بجماعة الإخوان المسلمين للوقوف علي حديث "الأستاذ" ..
د. مصطفي الغنيمي عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين يقول: مع احترامي للأستاذ هيكل وتاريخه الكبير إلا أنني أتعجب شديد التعجب لضحالة ما تحدث به الآن وكأن الصورة غير واضحة له مع أن القاصي والداني والمراقب المدقق المنصف يدرك - علي سبيل المثال - أن الجمعية التأسيسية للدستور جاءت منتخبة من مجلسي الشعب والشورى، واللذين يمثلان عامة المجتمع المصري بهذه الطريقة فالجمعية التأسيسية منتج حقيقي للشعب المصري كله ولا توجد هناك طريقة في العالم أرقي وأعظم من هذه الطريقة في اختيار الجمعيات التأسيسية في الدستور، فالجمعية التأسيسية أيضا في تركيبها مثلت كافة طوائف المجتمع المصري، ونخبة من أعظم علماء القانون الدستوري ولا يليق أبدا لكاتب كبير مثل الأستاذ هيكل أن يقلل من شكل أو أداء مثل هذه القامات العظيمة والتي سوف تكون فخار لأجيال قادمة كثيرة أن ذلك هو الدستور وهذه هي الطريقة التي وضع بها.
ويبدي د. الغنيمي عجبه من مقارنة الأستاذ هيكل الغريبة والعجيبة وغير المنصفة بين تجمعات في ميدان التحرير يوم الثلاثاء الماضي ويقارنها بالمليونيات التي يشارك فيها الإخوان فيقارن بين 10 آلاف أو 20 ألف أو أكثر و6 مليون مواطن مصري كانوا في ميدان النهضة، ويقول أن يوم الثلاثاء هذا يذكره بأيام الثورة وأنه دليل عنده علي أن الإخوان لم تكن العنصر الفاعل في الثورة، ونحن من ناحيتنا نؤكد أننا نفخر ونتشرف بأن نكون ضمن جموع الشعب المصري الذي يخرج في مظاهراته ومليونياته ولا ندعي أبدا أننا الفصيل الوحيد في مثل هذه المظاهرات.
ويستطرد د. الغنيمي أن ما يدعيه الأستاذ هيكل بمقارنة المشهد أمام الدستورية بما كان عليه النازي فهذه مقارنة ظالمة لأن الشباب المتظاهر أمام الدستورية أو في أي مكان آخر لا ينتهج العنف سبيلا له بحال من الأحوال وهذا منهج الإخوان علي مدار العصور.
ويدعوا د. مصطفي الغنيمي الأستاذ هيكل أن يراجع معلوماته إزاء ما يحدث الآن في مصر والتي سوف تثبت نتائج التحقيق قريبا حجم المؤامرة التي تحاك ضد الشعب المصري ومؤسساته الشرعية.
عامر شماخ عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين يري أن هناك جوانب موضوعية في حوار الأستاذ هيكل وجوانب غير موضوعية أما عن الجوانب الموضوعية فمنها أنه قال أن النظام الحالي موجود وله شرعية وينبغي أن نحترم هذه الشرعية وأن يقضي النظام باقي مدته، ومنها أيضا مقولته التي كررها أكثر من مرة وهي أن الجرائم هي التي تسقط الأنظمة وليست الأخطاء موضحا أن النظام لم يرتكب جريمة حتى الآن، وكذلك إشارته أن من حق الرئيس أن يراجع الدستور بمساعدة مستشاريه وهو بالفعل يمكنه أن يفعل ذلك للخروج من الأزمة.
كما أن من الجوانب الموضوعية للأستاذ هيكل أنه طالب بقدر من الحكمة لتلطيف الجو عندما أشار قائلا: أري ألا يتراجع الرئيس عما اتخذه من قرارات، وأنه من الضروري أن نحافظ علي هيبة الرئيس فمن حقه ألا يتراجع مؤكدا أن الأمور غير واضحة وملتبسة والمشهد العام معقد والظروف استثنائية ولذا فإن من الخروج عن الشرعية المطالبة برحيل النظام لأنني أزعم أن كل المرشحين للرئاسة كانوا سيقعون في أخطاء نظرا لعدم الإلمام بالمشهد العام والواقع المعقد علي مدار 30 عاما مضت وبالظروف العامة للبلد.
كما أن من الأمور الملحوظة والجيدة في حوار الأستاذ أنه لم يرضخ لأسلوب المذيعة حيث استوقفها أكثر من مرة عندما وجدها تستوقفه محاولة إملاء رأيها عليه وهو أمر يحمد للأستاذ هيكل.
كما أن من بين الأمور التي وضحها هيكل هي قوله: لا أظن أن هناك صفقة بين الإخوان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وتأكيده بأن هناك رغبة ومحاولات من بعض أعضاء المجلس العسكري علي المستوي الفردي للتقرب من الإخوان طمعا في السلطة فيما بعد !!
ومن الأمور الإيجابية والموضوعية في حوار هيكل أنه تحدث عن حق الإخوان في إشارته للحوار الذي دار بينه وبين المشير طنطاوي عندما استدعي لوزارة الدفاع وأشار علي المشير طنطاوي استدعاء د. محمد مرسي وتكليفه برئاسة الوزارة لأنه رئيس حزب الأغلبية وإشارته أيضا إلي أن الرئيس مرسي يمثل الديمقراطية وأنه يواجه ضغوطا خارجية كبيرة جدا..
أما الأمور الغير موضوعية فهي علي سبيل المثال إدعائه أن من صوتوا للرئيس محمد مرسي جاء عندا في الفريق أحمد شفيق وأن من صوتوا للفريق شفيق كان عندا للرئيس محمد مرسي !!
وكذلك تشبيهه للمظاهرات حول المحكمة الدستورية بالحريق الذي وقع للبرلمان الألماني عام 33 علي يد النازيين الذين لم يحصلوا وقتها إلا علي نسبة قليلة من أعضاء المجلس وتشبيهه حصار الدستورية بإلغاء لدولة القانون وهو أمر عاري من الصواب، خاصة أنه قال هذا الكلام في الوقت الذي تناسى فيه تماما الطرف الآخر عندما يريد أن يحاول التشويش عليه، فلم يتحدث عن الملايين التي خرجت يوم السبت في حين تحدث عن آلاف الذين خرجوا يوم الثلاثاء واعتبرهم وجه الثورة الحقيقي !!
ومن الأمور الغير موضوعية أيضا في حوار الأستاذ هيكل أنه قال: ليس صحيحا أن الإخوان عنصرا فاعلا في الثورة في حديثه عن مظاهرات الاتحادية يوم الثلاثاء الماضي بينما كانت ملامحه تبدوا فرحا منتشيا وقد أسقط عن نفسه الموضوعية التي وعد أن يلتزم بها.