24 سبتمبر 2015

على القماش يكتب: لماذا لم تنشر الصحف البيانات الحقيقية للوزراء وأكتفت بالمعلومات الرسمية ؟

قصة النمنم من الانقلاب على من أدخله الصحافة حتى دخوله حظيرة فاروق حسنى والاخطاء التاريخية
هل يقوم مجلس نقابة الصحفيين بتعليق عضوية النمنم بعد ان تحول رسميا الى موظف حكومى ؟
لا أعرف لماذا يستسهل الصحفيون تعريف الوزراء فيعتمدون على بيانات هيئة الاستعلامات أو غيرها من البيانات الرسمية فى التعريف بالوزراء ، فيقدمونهم للقارى هكذا .. الوزير فلان الفلانى .. من مواليد كذا .. وتاريخ ميلاده كذا .. وحصل على مؤهلات ... وسبق ان شغل وظائف كذا .... الى أخر البيانات الحكومية ، مع نشر صوره له بالبدلة والكرافته وكأنه عريس فى فرح ، بل قد تسعى بعض الصحف الحكومية الى مزيد من التجميل وبالآدق التضليل ، فتقول انه من مواليد جاردن سيتى بينما هو من كفر أم بيومى حتى لو كانت الاخيرة أكثر شرفا وعراقة ، ولكن يبدو ان والدة سعادته استكملت الولاده فى منطقة راقية ، أو أن عمره 42 سنه بينما عمره الحقيقى 84 سنة ، ولكن من الواضح انه دخل اوكازيون وحصل على تخفيض 50 %
فميثاق الشرف الصحفى يفرض الآمانة ، وتسمية الاسماء بمسميتها الحقيقية .. فكان يجب أن يقال تم تشكيل الوزارة الجديدة برئاسة وزير البترول السابق الذى ورد اسمه فى كشوف التسريبات وحصل على لقب الصايع الضائع ، وهو دليل على حل مشكلة البطالة ، ثم تنشر له صورة مع عباس تسريبات وصورة أخرى مع السجين السابق محمد فوده ضمن " البوم " زيارته فى الوزارة وفى محافظة الغربية وما خفى ربما كان أعظم .. ثم صورة أخرى فى المحكمة اثناء منظر الشهادة مع وزير تصدير الغاز سامح فهمى وتحتها عبارة " أنتم السابقون ونحن اللاحقون " 
وكذلك تنشر بيانات الشربينى الهلالى وزير التعليم مع رابط برنامج " أخر النهار " الذى يقدمه الاعلامى محمود سعد ، والذى أشار فيه الى تغريدات على صفحة تحمل اسم الوزير وفيها كتب كلمة " يعذب " كالتالى " يعزب " وكلمة مذيع " كالتالى " مزيع " مع ايضاح ان حال الوزير زين ، وتيترات أغنية أه يا زين .. ثم الاشارة الى تكذيب وزارة التعليم لنسب الصفحة للوزير .. وسؤال استنكارى لماذا لم تقم ادارة الانترنت بوزارة الداخلية باحضار مزور الصفحة رغم انها فعلتها مع أى بلاغ وعجزت عن انقاذ وزير ؟! 
أما أحمد زكى بدر وزير التنمية الادارية فينشر مع بياناته أصول العائلة الكريمة ، وأنه سليل ونجل الوزير الذى تم خلعه من الوزارة بسبب شتائمه حتى أطلقت عليه الصحافة لقب " زكى بذاءات " مع اعادة نشر الخطاب القومى الذى ترك الوزارة بسببه وما به من الفاظ اقلها أشباه الرجال .. عفوا من عدم نشر الالفاظ الحقيقية .. ثم نشر بيانات الوزير والاشارة الى انه كان ضمن وزراء نظام المخلوع وهو دليل على نجاح مصر فى صناعات اعادة التدوير من القمامة الى منصب الوزير .. مع نشر صورة له وهو يمارس رياضة الضرب بالشلوت ، لعل يتم تسجيلها باسم مصر فى المحافل الرياضية الدولية .. ثم وضع سؤال استنكارى كيف كان لهذا الوزير الترشيح على قائمة انتخابية ثم يصبح وزيرا لوزارة من أكبر مهامها الاشراف على الانتخابات ؟! .. ثم الاجابة المضحكة بان القائمة التى ترشح عليها " فى حب مصر " وهو مازال بيحب مصر.. وزغروته حلوه
أشرف سلمان وزير الاستثمار والذى أعيد تدويره ، مكافأة لما حققه بصفته البطل العالمى فى السباحة حيث استطاع تعويم الجنيه وأغراق البلد ، بمقولته الشهيرة فى مؤتمر " اليورو مونى " لازم نخفض الجنيه ، وفشل هشام رامز محافظ البنك المركزى من انقاذ المصيبة بعمل عطاءين لتثبيت سعر الجنيه أمام الدولار بعد ان اصبح الامر واقع والفأس وقعت فى الرأس ليصبح الجنيه مثل الحشرة أو النكرة فيتوقع له ان يساوى عشرة قروش بعد عام .. وهكذا أثبت بحق وحقيق أنه أنجح من عمل يوما فى البيزنس أو مستشار لرجل أعمال
هشام زعزوع الذى أعيد تدويره مرات ومرا ت ظنا ان السكر يستخرج من غير القصب ، وكلما تولى وزارة أطلق تصريحه الشهير" سنعمل على أعاده السياحة الى مصر " دون أن يدرى انه ذكر نفس التصريح مرات ومرات ، ولم تعد السياحة بل ازدادت سوءا ، ومن الواضح ان أحدهم قال له قل جملة سأعمل على اعادة السياحة الى مصر عشر مرات
اما ممدوح الدماطى وزير الاثار فقد عاد الى الوزارة حتى لو لم تعد الاثار ، فالمهم الرجال
أما سعد الجيوشى وزير النقل فقد سبق أن أتهمه الوزير هانى ضاحى عندما كان الجيوشي رئيس مجلس إدارة الطرق والكبارى بانه أعطي لابنه اعمال بالهيئة كما اتهمه بانه أهدر المال العام علي تجديد مكتبه ، ولم تحقق أى جهة فى هذه الاقوال ، اذ يبدو انهم أكتفوا بنفى الجيوشى لها على قناة المحور!! 
أما ياسر القاضي وزير الاتصالات الرفيق المقرب لاحمد نظيف أخر رؤساء وزراء المخلوع ، فيمكن وضع مع بياناته تيترات فيلم الزوجة الثانية ، حيث يقال انه شاهد الزواج
وفى سياق التغيير الوزارى أيضا يجب التنويه الى انفراد التغيير الوزاري استبدال وزارة العدالة الانتقالية بوزارة الشئون القانونية ومجلس النواب ، وهو ما يعنى ان العدالة الانتقالية انتقلت الى الدار الآخرة
أما الطريف فى التغيير الوزارى فجاء فى احتجاج ما سمى بالاتحاد العام لنساء مصر على نسبة مشاركة النساء فى التشكيل الحكومي الجديد ليضم ثلاث وزيرات، احتفظت غادة والى بموقعها كوزيرة للتضامن الاجتماعي بينما تم تعيين سحر نصر للتعاون الدولي و نبيلة واصف للهجرة وشئون المصريين بالخارج،.
حيث يري الاتحاد إن انخفاض تمثيل النساء إلى ثلاثة حقائب وزارية يتنافي مع ما اقره الدستور من مواد تلزم الدولة بإتباع قواعد المساواة ورفض اى شكل من إشكال التميز على أساس النوع .. ونحن نرى أنه احتجاج عبيط لان المشكلة الحقيقية هى وجود فارق بين الذكر والرجل وبين النساء ومن يفرحن بتصفيف الكوافير عند حلف اليمين ، وهو ما لم يلتفت اليه الدستور ، ولعل يتم تداركه فى التعديل الجارى التمهيد له

أما الصحفى حلمى النمنم صاحب الآقوال الخالدة : مصر دولة علمانية بالفطرة .. واذا كان عندهم الجزيرة عندنا عكاشه .. وعكاشه مدرسة فى االاعلام
"خلونا نتكلم بصراحة: مفيش ديمقراطية ومجتمع انتقل الى الامام "بدون دم" لازم يكون في دم, و في دم نزل وفي دم لسه هينزل كمان, ولابد اننا نكون عارفين ان في فاتورة هتتدفع, وفي دماء لازم تسيل
فيجب نشر هذه الآقوال فى كتب مهرجان " القتل للجميع " التى ستقيمه وزارة الثقافة ، مع الاشارة الى تصريحاته بعد أن أصبح وزيرا وفيها استبدال العلمانية بانه مع الاسلام الوسطى ، وهو ما يعنى انه حسب البوصلة ، واتجاه الريح وتفادى العواصف فى الوقت المناسب 
أما عن بياناته وكما أوضحها لنا زملاء الدرب فى دار الهلال ومن بينهم الزميل المثقف الحقيقى ياسر بكر .. وأهل مكة أدرى بشعابها .. فهو
ـ من مواليد إحدى قرى مركز ميت غمر دقهلية ، تخرج من قسم الفلسفة، كلية الآداب ، جامعة عين شمس
ـ فشل فى الالتحاق بوظيفة حكومية ، فلجأ إلى استاذه د . محمد عمارة ليتوسط له للحصول على عمل يقتات منه
جاء النمنم إلى دار الهلال بوساطة شخصية من الأستاذ الدكتور محمد عمارة حيث أرسله بكارت شخصى إلى الأستاذ محمد سعيد مسئول تدريب شباب الصحفيين فى المصور.. ولكن بعرض الأمر على مكرم محمد أحمد رفض قبوله ، ونظرا لاستشعار محمد سعيد الحرج من د . محمد عمارة ؛ لجأ للأستاذة سعاد حلمى رئيسة تحرير حواء لتقبل النمنم محرراً تحت التمرين فى المجلة النسائية ، وصادف وجود أقبال بركة فى المجلة فسار وصار على نهجها الفكرى
سعى النمنم الى قطع كل علاقه بما يذكره بماضية ومن أحسن اليه ، ولم يكتف بذلك بل اساء لمن أحسن اليه ، فأنتهز أول فرصة فى تحقيق صحفى بمجلة " حواء " فى الاساءة الى الدكتور محمد عمارة والسخرية من أفكاره ، والنيل من كل ماهو اسلامى ، ولفت انظار مكرم محمد احمد رئيس المؤسسة وقتذاك
ـ كانت بداية صعود النمنم فى المصور تحقيق صحفى مع الشيخ يوسف البدرى تم تحريفه بما اساء إلى الرجل وبعض فصائل الإسلام السياسى، وعلى الفور التقط إبراهيم سعده طرف الخيط بإعادة نشر الحديث فى أخبار اليوم مع التعقيب اللاذع عليه ، حيث كانت هناك معارك بين سعده ويوسف البدرى وذهب الشيخ يوسف إلى القضاء الذى لم ينصفه ، واصبح النمنم نجماً من نجوم الصحافة ، وللحق لم ينقلب على سعده أو يسىء اليه ، و بالطبع لان سعده يسير على نفس الخط والفكر
لاحظ فاروق حسنى ان النمنم يسير على خطى جابر عصفور وعبد المعطى حجازى والعديد من الكتاب المعادين للخط الاسلامى ، فألتقطه وضمه إلى الحظيرة و " زغطه " مثل الآخرين 
وهكذا ادرك النمنم حدود اللعبة وأصولها بعد أن ودع حياة البسطاء وعلى فوق طبقته المتوسطة وظهرت عليه إمارات بحبوحة العيش وأصبح من أصحاب النفوذ والجاة 
ولأن النمنم لا يترك فرصة إلا وأفاد منها فقد أستفاد من وجود صديقه د .خالد عزب فى الحصول على وظيفة تدر عليه مبلغاً طائلاً من الأموال شهرياً ، وفى إطار الاعتراف بالجميل ورط النمنم دار الهلال فى التخلى من أرشيفها عن 40 ألف صورة من أندر الصور الصحفية والتاريخية دون مقابل لمكتبة الإسكندرية ، وقد قدر الخبراء فى دار الهلال قيمة تلك الصور ب 40 مليون جنيه 
زكاه رواد " الحظيرة " خاصة جابر عصفور ليتولى رئاسة دار الكتب ، ثم قفز ليكون صاحب الحظيرة بتوليه وزيرا للثقافة
رغم محاولة تقديمه وتعريفه كباحث ومهتم بالقضايا التاريخية ، فقد فند العديد من المثقفين اخطاء تاريخية أوردها فى مقالاته ، وتتابعت مسيرة النمنم بين الهجوم على الإسلام والإسراف فى التضامن مع الكنيسة إلى حد الإدعاء فى أحد مقالاته في المصور أن بالأزهر كان رواق يسمى : " رواق الأقباط " يدرس فيه المسيحيون بعض العلوم ، وهو ما عاد وأنكره فى كتابه : " الأزهر .. الشيخ والمشيخة " 
ورغم الادعاء بانه باحث تاريخى ثبت وجود اخطاء عديدة ، ومن ذلك ما أوضحه الاستاذ عباس الطرابيلى رئيس تحرير الوفد الاسبق فكتب تحت عنوان " نمنم والاخطاء التاريخية " والكتابة 
لا تستفزنى فى الوجود أكثر من معلومة خاطئة تتشدق بها مذيعة نصف مشهورة.. أو يذكرها كاتب يدعى العلم.. وذلك لعدة أسباب أهمها أننا فى عصر لم يعد الناس يقرأون كثيرًا فى الكتب أو يبحثون فى دوائر المعارف والكتب العظيمة التى تربينا عليها.
وثانيها أننى بدأت عملى الصحفى فى «أخبار اليوم» فى قسم الأبحاث ثم فى قسم المعلومات.. وكانت من سطوة هذا القسم الأخير ألا تدور المطبعة لتطبع صحف الدار إلا بعد أن تصل إليها بروفات المادة الصحفية وقد حملت خاتم قسم المعلومات.. أى قام بمراجعتها من ناحية ما فيها من معلومات.. وكانت تحت أيدينا أهم كتب المراجع ودوائر المعارف العالمية، وبعدة لغات.
وما حركنى للكتابة اليوم ما كتبه الأستاذ حلمى النمنم فى المصرى اليوم وقع الصديق النمنم فى خطأين.. الأول أنه بعد أن توفى السلطان حسين كامل - يقول الكاتب - كان من المفترض أن يتولى الحكم بعده الأمير كمال الدين حسين شقيقه...
وذلك أن الأمير كمال الدين حسين هو ابن السلطان حسين كامل وليس شقيقه واعتذر زهدًا فى كرسى العرش.. وهو بالمناسبة صاحب القصر البديع الذى قدمه ليصبح مقرًا لوزارة الخارجية فى ميدان التحرير الآن من ناحية كوبرى قصر النيل.. وقد رفض العرش بخطاب بليغ يعتذر فيه عن عدم تلبية رغبة والده السلطان حسين كامل.. وكان على فراش المرض.. ولم يتحمل السلطان صدمة رفض ابنه.. فمات بعد ساعات فلم يجد الإنجليز إلا الأمير أحمد فؤاد وهو آخر الذكور الذين بقوا على قيد الحياة من أبناء الخديو إسماعيل.. فأصبح سلطانًا على مصر عام 1917 ثم أصبح ملكًا عليها عقب تصريح 28 فبراير 1992.. إلى أن مات عام 1936 وتولى الملك فاروق الحكم
الخطأ الثانى فى نفس المقال ، وكان يتحدث فيه عن الشرعية التى يدعيها الدكتور محمد مرسى وحلمه فى العودة إلى مقر العرش فى قصر الاتحادية.. قال فى ختام مقاله: بقى أن أقول إن قصر الاتحادية فى مصر الجديدة هو فى الأصل قصر الخديو عباس حلمى الذى عزله الإنجليز.. وهذا غير صحيح.
والصحيح هو ما ذكرته فى كتابى «أحياء القاهرة المحروسة» من أن الخديو عباس حلمى هذا - وهو الثانى - طمع فى الاستيلاء على هذا المبنى الفخم الذى كان يبنيه البارون إدوارد إمبان ضمن مشروعه الكبير ليكون فندقًا عالمياً فى الضاحية التى كان اسمها ضاحية واحات عين شمس، ثم تحولت إلى هليوبوليس واستقرت أخيرًا عند اسم «مصر الجديدة».
<< ولكن البارون امبان رفض تقديم هذا المبنى للخديو الذى سبق أن منحه امتياز هذه الضاحية.. وعرض عليه أرضا أخرى هى التى أقيم عليها قصر السلطانة ملك.. حرم السلطان حسين كامل ومازال القصر قائمًا حتى الآن.. وبالمناسبة شهد عصر عباس الثانى هذا أكبر الانشاءات مثل خزان أسوان ثم تعليته.. ومبنى المتحف المصرى فى ميدان التحرير ومعظم الكبارى التاريخية على نيل القاهرة
أخيرا .. تجدر الاشارة الى ان قانون نقابة الصحفيين يحظر على الصحفى الاشتغال بعمل اخر ، خاصة اذا كان عمل لا يتعلق بمهنة الصحافة ، وهو ما ينطبق بالدرجة الاولى على موظفى الحكومة مثل حالة حلمى النمنم الذى شغل وظائف عديدة منذ أنضمامه الى " حظيرة " فاروق حسنى ، وعليه يجب اولا عدم صرف البدل والذى نعتقد أنه فى غنى عنه .. وان يكتفى بما يأكله من " فته " مع بقية الوزراء

23 سبتمبر 2015

عدلى محمد احمد يكتب: حكم السيسي يشيع النيل الي مثواه الاخير


بالامس تصفحت قرابة 10صحف اثيوبيه في محاوله لمعرفة اخر اخبار سد النهضه وموعد افتتاحه الذي كان الاثيوبيين قد قالوا من شهرين انه سيكون في منصف شهر سبتمبرولم اجد اي خبر يتعلق بالسد الذي يبدو انه قد تحول لمشروع سري محاط بالكتمان التام ليس هناك اي فرصه لمتابعته الا عبر صور الاقمار الصناعيه والتي حتما تعرف طريقها الي عيون الجنرال.
في المقابل لا يوجد اي خبر معلن في صحف النظام المصري يقول من قريب او بعيد ان له صله بمواجهة الاثار التي ستترتب علي استكمال بناء سد النهضه بغض النظر عن التفاوت في التقديرات بين وصول هذه الاثار الي التوقف النهائي لحصتنا المائيه كما يعتقد كاتب هذه السطور او عدم وصولها الي ذلك كما يعتقد البعض ممن يحصرون دائرة الخطر في تاثير سنوات التخزين علي حصتنا السنويه ويعتقدون في صدق الخطاب الرسمي لاديس ابابا القائل ان هدف السد لا يتعدي توليد الكهرباء.
النظام الاثيوبي لا يريد الاعلان عن اي تقدم في بناء السد حتي لا يعرض نفسه لصراخ حكم السيسي مهما يكن عدم جدواه والاخير لا يريد ان يستدل الشعب علي الحقيقه القاسيه المرعبه من اي ممارسات يقدمها علي انها تاتي في سياق مواجهة الكارثه.
وبحكم اهتمامي بهذه الكارثه والذي فرض علي متابعة تفاصيلها ومتعلقاتهاعن كثب فلقد فضلت ان اطلع المتابعين من القراء والزملاء علي اخطر الشواهد الخاصه بحكم السيسي في محاولة معالجته لهاوالتي لا تقل في حد ذاتها عن كارثه مكمله للكارثه الاصليه التي قد تقضي نهائيا علي فقراء البلاد بصوره لم تعرفها مصر المعروفه.
حيث يمكنني ان اشير الي اربعة شواهد او تطورات لها دلالتها في هذا السياق :
اولا : 
تراجع خطة استصلاح ال 4 مليون فدان التي تهته بها حكم السيسي الي 150 الف فدان في مصر و150 الف فدان اخري في سودان البشير, فبعد ان تراجع عن احلام هند وكاميليا في استصلاح 4 مليون فدان كان يتصور انه يمكن ان يحصل علي تكاليف استصلاحهاوالتي لا تقل باي حال عن نصف تريليون من الجنيهات من جيوب المصريين لان الاقدام علي ذلك في ظل الانفضاض المبكر السريع للجماهير عن الجنرال لم يكن يتساوي الا مع اطلاق موجه ثوريه عاتيه لن يتراجع باحتمالها التوجه لمصارحة الشعب بالكارثه المائيه بل سيدفعها ذلك الي ابعد ما يكون في مواجهة النظام ولقد تأكد للسيسي ذلك بوضوح وهو يشاهد بام عينيه مدي تضرر الشعب من اسعار المشتقات البتروليه قبيل انتخابات الرئاسه.
وعندما حاول الاكتفاء بمليون فدان يجول العثور علي تمويله لدي الشركات والمؤسسات العالميه اصطدم بموقف البنك الدولي قبيل مؤتمر شرم الشيخ الذي كان هذا المشروع يشكل احد محاوره الرئيسيه حيث ركز البنك علي الموارد المائيه الكفيله بهذا الاستصلاح ومواصلة الزراعه اعتمادا عليها في ظل مخزون جوفي لا يتعدي 4 مليار متر مكعب واكثر من ذلك لا يعني الا تكاليف باهظه لا يمكن ان تحقق زراعة هذا المليون فدان في ظلها الا خسائر بالغه وجسيمه.
وهكذا عرفت اوهام السيسي هبوطها الراهن الي المساحات المشار اليها عاليه مع احاطتها باوهام التكرار طبعا كلما كان ذلك ممكنا.
وتجدر الاشاره والتاكيد الي ان هذا الاستصلاح لا ياتي في سياق تطوير زراعي تقليدي غير ملهم بالمره في لحظه من انخفاض اسعار المحاصيل الزراعيه عالميا وفي بلد يمر بازمه ثوريه لها تبعاتها الاقتصاديه المتواصله والاخذه في التعقيد بعيدا عن الكارثه المائيه ,بل يأتي علي هذا المقياس الكبيربهدف توفير بديل زراعي لزراعتنا التي ستذهب مع الريح بعد استكمال السد المشئوم .
والطموحات السيساويه في هذا الاستصلاح الواسع الكبير لا تشير الا الي مدي تاكد النظام من اتساع نطاق التهديد الضذي تعد به كارثة سد النهضه.
كما يشير هبوط هذه الاحلام الي مستوي مئات قليله من الافدنه الي مدي استعداد حكم عسكرالراسماليه المصريه للتضحيه بالمصريين علي مذبح مصالحها وارباحها حيث لا تستطيع راسمالية الكاكي ومعها بيروقرطيتها المدنيه بحكم طبيعتهم الوظيفيه الطبقيه تحقيق استمرارها كفئات مالكه من خلال الهجره برؤؤس الاموال كما فعلت بالفعل اقسام وعناصر وشركات من الراسماليه الخاصه التقليديه التي يشارك بعضها الان في الزراعه الاثيوبيه المتوجهه الي نهب كامل نهر النيل.
ثانيا : 
اعلان رئيس الوزراء (المقال) في اوائل شهر اغسطس فجأة وبدون ان يستدعي اي من الامور المثاره ان الدوله قد وضعت بحيرة ناصر تحت الحراسه الكامله المشدده لماذا ؟ للحفاظ علي ما في البحيره العتيده من ثروات !!
ولقد جاء هذا التصريح قبيل الموعد الذي كان قد اطلقه الاثيوبيين لاستكمال سد النهضه
ثالثا : 
تواكبت مع تصريح محلب زيارتين لا مبالغه في تسميتهما زيارتين نيليتي الطابع من جانب السيسي الي موسكو لتسفرعن اتفاقية بناء المفاعل النووي بالضبعه الذي رغم ان بنائه سيستغرق عدد من السنوات الا انه يمكن ان يقدم الشروع فيه تخليصا لمشكلة الطاقه الكهربائيه من اي ابعاد مأساويه مع توقف كهرباء السد العالي التي وان تكن لا تتعدي 8,5 % من الطاقه الكهربائيه الا ان توقفها سيثير ذعرأ لدي الشعب ولدي اي استثمار متخيل في هذه الاجواء المرعبه.
اما الزياره الثانيه والتي جاءت مفاجئه فقد كانت الي سنغافوره والتي عرف المتابعين اثناءها انها متعلقه باستيراد محطات تحلية مياه حيث ان سنغافوره تعتبر من البلدان المتفوقه في احدث تقنياتها الان والتي لحقت بها زياره الصين بما يشير الي ارتفاع 
تكلفة محطات سنغافوره.
والمهم في الامر ان هذا السعي الحثيث من جانب السيسي من اجل توفير محطات 
تحلية مياه يأتي كتصريح محلب قبيل موعد الكارثه.
ثالثاُ :
وهو ما تعلق في ظل هذه الاجواء من حمله متواصله ومشدده لم تتعرض للتراخي البيروقراطي المعروف علي مدار اكثر من شهور وشامله لجميع المحافظات خاصه بازالة التعديات علي نهر النيل وهو ما قد يبدو للبعض ان شيئا طبيعيا ومنطقيا مشابها للتعديات علي الاراضي الزراعيه وعلي اراضي الدوله التي توسعت خلال العامين الاولين لثورة يناير.
وفي الحقيقه اجد من الضروري ربط ذلك بسياق اخر هو السياق الذي نناقشه والمتعلق بمصير نهر النيل مع ملاحظة ان التصور السالف ليس مخطئا بل علي العكس يشير الي ما يؤكد علي صحة ما ندعو اليه من تقدير فنحن لم نجد من جانب النظام حمله بهذه القوه والاستمرار وعدم الاستعداد للتراخي فيما يخص التعديات الاخري.
واعتقد ان الامر يتعلق باطلاق يد النظام تماما في كل ما يتعلق بالنيل الذي يمكن بل ان ذلك بدء بالفعل ان يتعرض منسوبه المعروف للانخفاض حيث سيعمل النظام علي اطالة عمر استخدام مياه بحيرة ناصر التي اصبحنا بالفعل لا نملك سواها من مياه النيل وهي اطاله لا يمكن ان تتحقق الا عبر تخفيض المنسوب من ال 240 مليون متر مكعب يوميا التي تنطلق كل صباح من السد العالي الي اقل ما يمكن تقليله من هذه المياه في الحدود التي لا تطلق في وجه النظام غضب غير محتمل لا من جانب الفلاحين الذين يمكن ان تتوسع صفوف من لا تصل المياه الي اراضيه منهم ولا من جانب السكان الذين ستصبح علاقتهم بالدوله واجهزتها المختصه في موضوع المياه النقيه علاقه صراعيه يوميه تشبه علاقة القط بالفار
تهبيط منسوب النيل سيترتب عليه توسيع مساحات ما يطلق عليه طرح البحر وهو ما سيوفر اغراء شديد خصوصا في المدن لتوسع عملية التعدي علي النيل وهو ما يحاول النظام قطع الطريق عليه بل قطع دابره مع ما يمكن ان يصل اليه ويسهله من تعدي علي المياه ذاتها مع اشتداد ازمة انقطاع المياه وندرتها ورفع اسعارها فمياه النيل الخام ورغم انها غبر منقاه الا انه يمكن ان تستخدم بصوره واسعه في كل ما يمكنه ان لا يتاثر يشده من عدم التنقيه او يتاثر تاثر محتمل او محدود بل يمكن ان يصل الامر الي محاولات اهليه للتنقيه مع وصول الازمه الي مستويات حاده ستتجه البيها حتما بكل بوضوح.
وبالاضافه الي ذلك فان تهبيط المنسوب سيصل في لحظه محدده لا لمجرد تقليل المياه بل الي الاحتياج الي رفع قاع النيل عبر عملية جباره تدريجيه علي مدار عامين علي اكثر تقدير من ردم بالحصي والزلط بهدف اضافة ما في النيل من مياه اعمق الي رصيد البحيره الذي لن يكفينا اكثر من عام ونصف وفقا لمعدلات الاستهلاك الراهنه للمياه وبهدف اكبر سيطرح نفسه بنفسه بحكم طبيعة الامور ولا اعتقد ان عيون النظام الذي ورطته مصالحه في هذه الجريمه النكراء قد اغفلته وهو استكمال ردم مجري النهر الخالد وبيعه كاراضي استثماريه للخلايجه والراسماليين المصريين من اجل التوسع لاقصي حد في عملية تحلية المياه والتي يحتاج مقابل
مياه النيل منها الي ما لا يقل عن نصف تريليون جنيه سنويا مع التوجه لانظمة ري احدث مثل الرش والتنقيط.
رابعا :
وهو الامر الاشد اهميه والذي دفعني لسرعة تقديم هذه الملحوظات وهو ما حدث خلال الايام القليله الماضيه من قطع للمياه عن مناطق سكنيه واسعه في محافظة الجيزه وصل بعضها الي اسبوع من انقطاع المياه عن السكان بالاضافه الي منطقة حلوان اي ان النظام شرع بالفعل في تهبيط المنسوب النيلي للدرجه التي اسفرت عن انقطاعات الجيزه وحلوان فالمنسوب الجديد قد يؤثر علي طاقة سحب ماكينات الفلاحين للمياه من النهر ولكنه لن يعرضهم لانقطاع المياه ولكن علي مايبدو فانه 
اثر علي قدرةالمياه للوصول الي مآخذ سحب مياه محطات التنقيه في الجيزه 
وحلوان وهو الامرالذي يبدو ان الاجهزه ستقيم حدود التوسع فيه في علاقتها 
بتصدي الجماهير الشعبيه لهذه الكارثه وقدرة الدوله علي ادارة العلاقه بغضب
الشعب دون دفعه للجدارالاخير والاندفاع للميادين.
ان هذا التطور في توجهات حكم السيسي يستدعي علي الفور دعوة الجماهير المتضرره لتشكيل لجان شعبيه في الاحياءللتصدي للانقطاعات وايضا لمحاولات مسعوره من اجل رفع فواتير المياه علي وجه التحديد كما يوفر بيئه شعبيه موجوعه ومعتدي عليها خارج دوائر المثقفين المترهله تسمح بتوفير ضعوط شعبيه حقيقيه من اجل اجبار النظام علي تغيير هذه الوجهه الكارثيه التي تسعي بكل همجيه ووقاحه لتحميل فقراء شعبنا اعباء الكارثه المائيه الرهيبه وتحويلها من جانب الحكم الراسمالي البغيض الي مجال للبيزنيس والاستثمار في تحلية المياه واستصلاح الاراضي واحتكار المحاصيل و صولا الي الاستيلاء علي مجري النيل و وحتي ردمه وتشيعه الي مثواه الاخير في حساباتهم الملياريه حتي لو تعرض ملايين المصريين للتعطيش بل للفناء.

21 سبتمبر 2015

سعيد نصر يكتب: جحا والحمار فى "دولة الخيار"

الدستور تم وضعه بحسن نية .. والدول لا تدار بحسن النوايا "، هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى قال من قبل عن الدستور ذاته أنه أفضل دستور فى العالم .
" الدستور وضعه الإخوان لأن لجنة الخمسين استعانت بمواد وصياغات فى دستور 2013 الإخوانى " ، هكذا قال مصطفى بكرى الكاتب الصحفى ، وأحد مرشحى قائمة فى حب مصر ، التى يريدها النظام الحاكم أن تكون أداة تنفيذية تحت قبة البرلمان القادم لفعل مايريده السيسى بشأن سلطات الرئيس وبشأن أشياء أخرى !
وبين السيسى وبكرى هناك المئات من السياسيين بدأوا بالفعل فى نغمة تغيير الدستور تحت زعم أن هناك ضرورة لتغييره ، ومنهم مرتضى منصور، رئيس نادى الزمالك الذى قال أن الدستور يجعل الرئيس طرطور ، وكل ذلك بهدف تعديل المادة التى تحدد مدد الرئاسة بفترتين فقط ، كل فترة أربع سنوات ، برغم أنها مادة محصنة بالدستور ذاته المراد تغييره من جانب بعض مؤيدى السيسى ، وبرغم أن الشعب وفق بيانات النظام الرسمية استفتى على هذا الدستور بنسبة تتجاوز الـ 92% وفى حضور جماهيرى غير مسبوق !!
وما يؤكد أن المسعى الخبيث لتغيير النص المتعلق بمدد الرئاسة حقيقة وليس مجرد تكهنات ، هو أن هناك حركات معلنة بدأت تعلن عن نفسها لجمع توقيعات بأن تكون فترة الولاية الأولى للسيسى ثمانى سنوات بدلا من أربع سنوات ، وهى حركات موجودة على مواقع التواصل الاجتماعى ، بدون أن تحرك الأجهزة الأمنية تجاهها ساكنا ، وبرغم أنها حركات ظاهرها الرغبة فى الاستقرار ، وباطنها الفوضى والفتنة ، لأن ألف باء سياسة وحكم تستوجب احترام الدستور الذى استفتى عليه الشعب ، ولكن يبدو أن هؤلاء وأولئك يريدون شعب تفصيل !!!
وحسب تقديرى للأمور فإن ما يحدث خطير جدا ، و أخطر ما فيه كلام مصطفى بكرى ، وبالتحديد قوله بأن دستور لجنة الخمسين وضعه الإخوان ، لأنه كلام يوحى بأن سياسة الاستحمار صارت تتبع من جانب أبواق النظام الحاكم بلا حياء وبلا خجل ، خاصة و أن هؤلاء يريدون ويصرون على إقناع جحا بأن جحا نفسه هو الحمار !!!!
والأخطر فى الموضوع ، وهو شىء استشرفه ولا استبعد حدوثه ، من خلال قراءتى لشخصية جحا ، أن يسير جحا على هوى مصطفى بكرى ، ويتقمص شخصية الحمار ، وهو ما لا أريده وما لا أرضاه لمجلس النواب القادم ، والذى من المفترض فيه أن يكون ممثلا للشعب .

19 سبتمبر 2015

محمد رفعت الدومي يكتب :غجر مصر

حتي وقت قريب كان التضارب حول أصول الغجر حادًا، نظريات خاطئة كثيرة في هذا السياق تم التعامل معها علي أنها حقائق لا تقبل الجدل، لكن، لأن منظومة المعرفة الإنسانية بالأساس هي منظومة من الأخطاء التي تم تصحيحها، نجح باحثون إسبان عن طريق تجميع معطيات الخريطة الجينية لـ "13" جماعة من غجر أوروبا في التوصل إلي أن الآباء الأوائل لكل جماعات الغجر في العالم كانوا قبل 1500 سنة يعيشون في الهند..وعالم الغجر عالم غامض حتي الآن لا يعرف أحد علي نحو دقيق ما يدور وراء كواليسه، قد يطرب الآخرون لإيقاعات موسيقاهم التي تزخر بالحنين وبالإشارات الغامضة دون أن يتسائلوا من أين يهب ذلك الحنين ولا إلي أين يرسلون تلك الإشارات الغامضة، وقد يحبون رقصاتهم دون أن يثير جموحها فضولهم للبحث عن مصدره، لكنهم، علي أية حال، لا يتذكرونهم كشركاء لهم في الكون إلا عندما يشعرون بحاجةٍ إلي الحديث عن لصوص ومجرمين وعرافات، وهذا عرفٌ قديم نجحت الأجيال في تمريره بأمانة، ربما كان مصدره الجذري هو "يهوه"، إله بني اسرائيل العنيف!
لقد كانت التوراة، أشهر كتب الأدب اليهودي، لسوء حظ الغجر، هي المكان المفضل لزيارات معظم الباحثين في أصولهم، وليس من الصعب أن ندرك أن كل الأساطير التي نسجت حولهم تم استنساخها من اتهام التوراة لهم بأنهم تلك السلالة الملعونة التي أسسها حدَّادٌ يدعي "قابين"!
وكزت التوراة الغجر أكثر من مرة، لكنها ضغطت عليهم بعنفٍ في الإصحاح الرابع العدد 19 - 22:
(واتخذ "لامك" لنفسه امرأتين، اسم واحدة "عادة"، واسم الأخرى "صلة".. فولدت عادة "يابال" الذي كان أبًا لساكني الخيام ومربي الماشية، واسم أخيه "يوبال"، وكان أبًا لكل ضارب عود ومزمار.. وولدت صلة "توبال"، "قابين" الضارب كل آلة من نحاس أو حديد)
وأسطورة واحدة قوية البناء ليس من الصعب أن تكون مصدرًا لإستنساخ آلاف الأساطير الصغري!
وعلي تلك الأطلال التوراتية قبل أن تعصف بها اختبارات الحمض النووي كانت تقوم ثلاث نظريات حول أصول الغجر يمكن اعتبارها نظرية واحدة ثلاثية الأبعاد، وهي: 
- الغجرُ هم اليهود الذين طاردهم المصريون عقب الخروج الكبير!
- الغجرُ ليسوا سوي المصريين أنفسهم الذين طاردوا بني اسرائيل وضلوا في الصحراء!
- الغجرُ هم سلالة "فرعون موسي" وزوجته الذين تم إنقاذهما من الغرق في البحر الأحمر!
ولست محتاجًا إلي الحديث عن هيمنة الطابع الأسطوري علي هذا الهراء فهي واضحة، مع ذلك، لقد حظيت كل تلك النظريات برواج شديد، النظريتان الأخيرتان بشكل خاص، ذلك أن بعض الباحثين الأوروبيين قدّروا أن مفردة "جيبسي" التي تعني الغجر في الإنجليزية مشتقة من مفردة "إيجيبشيان" التي تعني المصري، ولقد ظل هذا الاعتقاد سائدًا حتي وقت قريب، ولعل جاذبيته واقترابه الشديد من المنطق هي ما جعل الإنجليز يطلقون علي أول جماعة من الغجر وصلت بلادهم: 
"لوردات مصر الصغرى"!
وهذا ما عزز من انتشار تلك النظرية بشكل كبير!
ولأن الإجماع أو ما يشبه الإجماع من شأنه أن يضفي علي الأكاذيب ظلالاً من الحقيقة صدَّق الغجر أنفسهم هذا النسب، فاشترطت جماعة منهم تسجيل أبناءها في "مقدونيا" باعتبارهم مصريين!
من الجدير بالذكر أن كل باحث قام بزيارة التوراة أو شروحاتها المتأخرة بهدف التنقيب عن شئ يخص الغجر رجع من هناك يحمل أسطورة، وبمرور الوقت أصبح لدي العالم حول الغجر حزمة من الأساطير، مثلاً:
قالوا أن مسامير صليب المسيح كانت من صنع حداد من أحفاد "قابين" تقاضي من الرومان أربعين قطعة من الفضة ثمناً لها، ورأوا أن هذا سببًا كافيًا جدًا ليُلحقَ الرب بأحفاده لعنة النبذ والشتات إلي الأبد!
وهي رواية شائعة بين غجر نهر الدانوب خاصة، يظنون أيضًا أن أسلافهم فوق ذلك قتلوا أطفال "بيت لحم"!
من المثير، أن لهذه الأسطورة أيضًا جانبًا هزليًا، ذلك أن بعض الغجر يعتقدون أن أحد أجدادهم سرق أحد المسامير التي كان يجب أن تدق في جسد يسوع فخفف عنه الألم، فقال لهم "يسوع": 
- افعلوا في دنياكم ما شئتم فقد عفوت عنكم!
ويقولون أنهم منذ ذلك الوقت يستغلون تلك الرخصة ويحترفون الخروج عن القانون آمنين من عقوبة السماء!
وبمناسبة الحديث عن هؤلاء المغفور لهم كل خطاياهم مسبقاً لا أريد أن أفلت الفرصة قبل أن أضغط للمرة الألف علي مقولة "كارل ماركس": 
(التاريخ يكرر نفسه مرتين، كمأساة في المرة الأولي، وكمهزلة في الثانية) 
من الجدير بالذكر أن تغريبة السوريين التي لا نعرف حتي الآن إن كانت ستسقط في العشب أم فوق الصخور، وما طالهم في البلقان وما يطالهم وما سيطالهم من المهانة في رحلة البحث عن وطن بديل، حدثٌ من شأنه أن يملأ كل من قرأ موسوعة الغجر بالدهشة، ذلك التشابه في المكان والزمان مذهل، وحدة الموضوع وتسلسل الأحداث أيضًا! 
لقد اضطهدت دول البلقان الغجرَ أيضًا بسبب ازدياد أعدادهم تدريجيًا عند أكبر موجات هجراتهم إلي أوروبا من العراق والشام لسبب غامض!
والغجر، أيضًا، بعد حرب المائة عام، عندما ضرب الطاعون كل مدن أوروبا تقريبًا أسسوا بالتعاون مع عدد من المحامين أول نقابة للغجر في "فرنسا" عرفت باسم "اتحاد المتسولين"! 
وكما صنع رؤساء دول "أوروبا" قبل أسبوع مع السوريين، حصل الغجر كذلك من الملك "سيكيسموند" علي إذن بدخول الكنائس والعمل والتجوال بحرية في كل مدن أوروبا، ظل ذلك الإذن صالحًا حتي اكتشف الأوربيون بمرور الوقت أمراضهم السلوكية الخاصة فتآكلت صلاحيته بشكل كبير! 
لقد ارتاب الأوربيون في تلك الجماعات التي ترفض الاندماج مع الآخر، ورأوا أنهم يحملون تهديدًا للمسيحية وللمسيحيين، وأعتقد الكثيرون منهم أنهم جواسيسٌ للتتار أولاً، فالأتراك، آنذاك، فقط، ضاعت الخيوط الفاصلة بين كلمة الغجر و كلمة "التتار"، وحتي الآن ما زالت مفردة من مترادفات مفردة: "tatar" في اللغة النرويجية تعني: "الغجر"، ونحن الذين عاشوا في جنوب مصر بصفة خاصة نعرف أكثر من غيرنا كم هذا الأمر يحرض علي طغيان الدهشة، ذلك أن أحد أسماء الغجر في جنوب مصر حتي الآن هو: "الططر"! 
كأننا لا يجب أن نأخذ المسافات بعين الاعتبار عند دراسة العلاقات بين آباءنا الأوائل وجيرانهم في الكون أحياناً، وكأن العالم كان قرية صغيرة منذ أعوام أبعد بكثير مما نتصور!
قلة من الكتاب لمسوا الغجر من بعد إنساني، كـ "أنيس منصور"، يبدو أن صلة وثيقة ربطته بهم خلال طفولته في دلتا مصر كانت كافية ليظل مزدحمًا بشغف غريب بكل ما ينتمي إلي هذا العالم المثير، وله كتاب اسمه: 
"نحن أولاد الغجر"..
تعقيبًا علي هذا الكتاب ربما، ادعي كاتبٌ، ربما كان يعرف "أنيس منصور" لكنه أبدًا لا يعرف الغجر أن "أنيس منصور" كان غجريًا، ولكي يعزز من صحة ادعائه ويكثفه ويضفي عليه ظلال الرجل الذي لا ينطق عن الهوي ادعي أن "أم كلثوم" أيضًا من الغجر!
الأغرب أن "أنيس منصور" وقع في الخطأ نفسه ورد إلي أصول غجرية نسب شاعر البؤس "عبد الحميد الديب" صاحب البيت المثير:
كأنِّي حائطٌ كتبوا عليه ... هنا يا أيها المزنوق "طرطر"!
لا أصدق هذا، وما أعرفه من كاتب سيرة "عبد الحميد الديب" أن أباه كان جزارًا من "المنوفية"، صحيح أنه كان يتصرف كالغجر أحياناً، لكن هذا وحده لا يكفي لأن يكون غجريًا، فهو، علي عهدة كاتب سيرته، عندما كان يذهب إلي أحد أصدقائه، أو إلي أحد المقيمين في "القاهرة" من أبناء قريته، لا تنتهي الزيارة عادة قبل أن يتبادل معه اللكمات والعض بالأسنان أيضًا، وربما سرق قبل أن يمضي إلي حال سبيله من غرفة ذلك الصديق المسكين "قلم رصاص" ليكتب به قصيدة في هجائه عندما يعود إلي حجرته البائسة!
ولـ "أنيس منصور" مع الغجر حكايات كثيرة.. 
لقد بحث عنهم ذات مرة في رحلة له إلي "تشيكوسلوفاكيا" وتسلل إلي مجتمعهم وطلب من أحدهم أن يلتقط له معهم صورة، وعندما عاد إلي الفندق اكتشف أنهم سرقوا حافظة نقوده وجواز سفره!
وذات مرة في رحلةٍ له إلي "المجر" أو إلي "رومانيا"، لا أتذكر أيهما علي وجه الدقة، علم من الغجر هناك أن ملكة الغجر قد ماتت، وبالطبع، أدهشه أن يكون للغجر ملكة، وبرغم ذلك، وربما بفضله، قرر السفر إلي "إيطاليا" لأداء واجب العزاء، وهناك، وجد نفسه بين وفود المعزين من جماعات الغجر من كل القارات، ولاحظ، بعينيه البارعتين في التقاط التفاصيل، أن كل من تقدم لمصافحة ابنها وتعزيته ذكر اسمه واسم البلد التي أوفده غجرها لأداء هذه المهمة، وعندما جاء عليه الدور وجد نفسه يصافح ابنها وهو يقول جادًا:
- أنيس منصور، من غجر مصر!
هذه الحكاية، حتي 3 يوليو العام 2013 كانت تثير ضحكاتي فحسب، لكنها، منذ انقلاب يوليو اكتسبت بعدًا آخر.. 
كأن "أنيس منصور" كان يفضح حقيقة كل المثقفين الجوهريين في مصر، أتكلم عن المثقفين الحقيقيين لا المزيفين ماركة (صنع في المخابرات وأمن الدولة)، لقد أصبح مجرد التفكير في العثور علي مثقف مصري واحد متصل الظاهر بالباطن ضربًا من التطاول! 
هؤلاء الذين باشروا تربية أعماقنا علي قيم وأفكار هم أبعد الناس مسافة عن الإيمان بها أي تعريف يليق بهم أكثر عدالة من "غجر مصر"؟ 
وماذا ينقص الآخرون للإقدام علي رجمهم بـ "الططر" بعدما اكتشفوا أنهم يفضلون ممارسة الحياة عند أقدام الديكتاتورية علي العيش في ظلال الديمقراطية؟ 
هذا تذكير ضمني بعمق القاع الذي أوصل إليه العسكر مصر، نخبتها هم أكذب أهلها وأخسهم قلوبًا..
من الجدير بالذكر أن ذعر المثقفين من سلطة إسلامية الطابع ليس مبررًا كافيًا لتمجيد القهر أو حتي الإحجام عن تعريته، ومتي رأيت أو سمعت أحد المتهمين بالثقافة وهو يزخرف وضاعته أو خوفه بهذه العلة فتأكد أنه ليس مثقفاً علي الإطلاق، ذلك أنه لا يستطيع استيعاب أن الثورة فعلٌ مستمر لا مؤقت، اشتباك متواصل مع قوي الشر وأعداء الحياة، وهو، أيضًا، لا يستطيع أن يستوعب أن الشارع هو المكان الطبيعي بالنسبة للمثقف، ولا أن وظيفة الكتابة بالأساس هي سرد العالم بحدقتين مختلفتين لصالح إنسانية الإنسان قبل كل شئ ثم تجميل الحياة بعد ذلك لا تجميل القتلة!
إن مشكلة الثورات المضادة أنها تعمل منذ البداية علي بناء عالم لا يمكن تصحيحه علي المدي القريب، وهذا لا يمكن أن يحدث بدون أدوات معقدة يأتي في مقدمتها حزمة من المثقفين المتحمسين لتبجيل الديكتاتورية، ولسوء الحظ، وجد نظام "عبد الناصر" ضالته في معظم مثقفي تلك المرحلة الأساسيين، ولعلهم أصبحوا الأساسيين فقط لأنهم قبلوا بارتكاب هذه الجريمة بينما ابتلعت الظلال المدبرة مثقفين ربما أعلي من هؤلاء كعبًا فقط لأن النظام تعمد أن يحجب الضوء عن أسمائهم أو اغتالهم معنويًا أو أطعم زنازينه أعمارهم!
لقد كان "أنيس منصور" من أدوات العسكر علي طول الطريق، هذا لم يجعله فقط يقدم مشروعه كاملاً ويجترح استبصاراته تامة، إنما أمَّن له بالإضافة إلي ذلك ترفَ السياحة في أنحاء العالم علي نفقة المغيبين الذين لم ينزف قلمه يومًا للأسف حبره الفخم إلا لتزوير العالم من حولهم وتحريف الشرط الإنساني، هذه هي الحقيقة، مع ذلك، لكل حقيقة وجهان، فما من شك أننا لم نكن لنفوز بأدبٍ في رقيِّ أدب "أنيس منصور" لو استنكف أن يلعب هذا الدور أو التزم الحياد حتي! 
مع ذلك، لم يخسر الذين انحازوا للإنسان إلا حرياتهم أحيانًا وأمانهم في أغلب الأحيان، لكنهم، ربحوا الخلود في رموز محلية، وهذه أيضًا حقيقة أخري، فهؤلاء علي الدوام مقاعدهم محجوزة في يمين القلوب، وسط الحشود، لا لإبداعاتهم في ذاتها، بل لمواكبة أفعالهم لها، ولإصرارهم علي الوقوف فوق جذور قناعاتهم والقتال دونها حتي النهاية، هنا فقط تصبح قوة الإبداع وضعفه آخر ما يكترث له المتلقي! 
إننا نستمتع جدًا بقراءة إبداع "عبد الرحمن الأبنودي" ونحن علي يقين بأن الرجل لم يكتب ذات يوم حرفاً واحدًا من أجل الإنسان كما نستمتع بالقدر نفسه بحروف "أحمد فؤاد نجم" في الإشادة بالإنسان ومن أجله، لكن، الفارق الرحب بين وداع الشاعرين إلي الأبدية وذلك الحب الذي سيجت الحشود به نعش "نجم" لم يترك مساحة يتحرك فوقها أحد يظن أن الحشود لا تستطيع التمييز جيدًا بين من لا يكتب إلا من أجل حريتهم وبين من يكتب من أجل وضعه الطبقي أولاً، ثم، من أجل استمرارية الجلاد وحريته في قمعهم ثانيًا..

16 سبتمبر 2015

محمد رفعت الدومي يكتب : يا زمان الوصل بــ "الصهر المعطل"

 وتراه أصغرَ ما تراه ناطقاً ... ويكونُ أكذبَ ما يكونُ ويقسمُ
بيتٌ من قصيدة لـ "المتنبي" إن لم تكن من عيون الشعر العربي، فلا أقل من أن أحد أبياتها نال من الشهرة ما لم ينله كثير من الشعراء المجيدين، وهو:
لا يسلمُ الشرف الرفيعُ من الأذي ... حتي يراقَ علي جوانبه الدمُ
إنها واحدة من القصائد المكتوبة تحت ضغط الترقب وتوقع الخطر، لكن المتنبي نجح من خلالها في أن يبدد خوفه شعرًا ويخلد ضآلة خصمه، كما أنها إحدي القصائد التي ولدت في "لبنان"، وللقصيدة قصة، هذه هي:
سنة 336 هجرية خرج "المتنبي" من "الرملة" يريد "أنطاكية"، فنزل بـ "طرابلس" وبها "إبراهيم بن كيغلغ" وكان أخرقاً، يجالسه ثلاثة من بني حيدرة وبين "المتنبي" وبين أبيهم خصومة قديمة فقالوا له:
- ما نحب أن يتجاوزك ولم يمتدحك، إنما يترك مدحك استصغارًا لك!
لقد نجحوا في تكديس قلبه بالمشاعر العدائية ضد "المتنبي"، فاستدعاه وسأله أن يمدحه، وتعلل "المتنبي" بيمين عليه ألا يمدح أحدًا إلى مدة، فاعترض "ابن كيغلغ" كما يليق بأخرق طريقه ينتظر نفاذ تلك المدة وضبط الطريق بعيونه وحراسه تحسبًا لهروبه، وفي ذلك يقول المتنبي:
يحمي "ابنُ كيغلغِ" الطريقَ وعرسُهُ ... ما بين فخذيها الطريقُ الأعظم
لم يتوقع "ابن كيغلغ" ماذا يمكن أن يحدث عندما يجتمع الشعر والفروسية في شخص واحد، لقد كان رد الشاعر قاسيًا وتاريخيًا، هو لم يفعل سوي أن كتب قصيدته هذه وأملاها على من يثق به وهو يقول له: 
- لو فارقته قبل قولها لم أقلها أنفة من اللفظ بما فيها!
وعندما بدأ الثلج في جبل "لبنان" يذوب، خرج المتنبي كأنه يريِّض فرسه ونجح في الفرار، ومن قبل حتي أن يصل "دمشق" كانت القصيدة قد مضغتها الألسنة وابتلعتها المسافات!
قد يبدو الحديث عن علاقة بين "المتنبي" و بين "لبنان" غريبًا، علي الرغم من أن علاقته بهذا البلد الجميل أبعد من ذلك، إنها تعود إلي شبابه، فإن مما هو في حكم المؤكد أن من بين المعلمين الذين يلمع أثرهم كالسكين في شعر "المتنبي" وشخصيته رجل صوفي كان يقيم في "لبنان" اسمه "أبو علي هارون بن عبدالعزيز الأوراجي"، تلك النزعة الصوفية في شعره وبعد المسافة بين الصورة وتوقع المتلقي وسهولة الانتقال من صورة إلي صورة تحتاج نظرة صوفية ليس فقط دراية بالعروض، ولقد وثق هو هذا الأثر وامتنانه للـ "الأوراجي" في أبياتٍ له تنبض بالحنين:
بيني وبين أبي عليٍّ مثله ... شم الجبال ومثلهن رجاء
وعقاب لبنان وكيف بقطعها ... وهو الشتاء وصيفهن شتاء
لاشك أن "ابن كيغلغ" كان أحمقاً والحماقة كاسمها، والحمقي متشابهون، وكلهم علي الدوام يظنون أن نضارة الرؤية ونفاذ البصيرة والتفهم السليم للواقع حكرٌ عليهم وحدهم!
وقبل يومين تسائل "ميشال عون" عن الجهة التي تقف وراء الاحتجاجات، وأفصح عن مخاوفه علي "لبنان" من الربيع العربي الذي وصفه بـ "جهنم العرب"! 
كلماتٌ أليفة ومطروقة ومستهلكة يمكن اختزال منصات إطلاقها علي الدوام في ديكتاتور بليد، أو جرذ مستفيد من رسوخ الواقع المذل الراهن وتحجره، أو أخرق من أصحاب الحد الأدني لا يجيد الكلام باللغة الدارجة حتي! 
كأن رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) يتعامل مع واقع اللبنانيين العاهر باعتباره واقعًا لا سبيل إلي حلحلته أو حتي رجه ما لم يكن التغيير ممرًا إلي أحلامه هو وخططه التي صممها من أجل عائلته، وأن يخرج هذا الكلام من "عون" تحديدًا حدث من شأنه أن يذكرني بمثل روسي يقول: 
"كل بقرة تخور إلا بقرتكم" 
وهو يضاهي من حيث الدلالة: 
"انظر من يتحدث"!
وقبل ست سنوات وفي أيام كهذه الأيام، بعد منتصف أغسطس عام 2009 تحديدًا، كان لـ "عون" تصريح آخر قال فيه: 
- انتقلوا من الثلث المعطل إلى "الصهر المعطل"، وأفتخر بتعطيل المافيا!
في ذلك الوقت كانت كل الجهود التي بذلها "سعد الحريري" لتشكيل حكومة قد انهارت أمام رغبة "ميشال عون" في أن يصبح صهره "جبران باسيل" وزيرًا علي الرغم من رسوبه في آخر انتخابات نيابية، آنذاك، استطاع كاتب لبناني في لحظة إلهام مشعة أن يستنسخ من مصطلح "الثلث المعطل" مصطلح "الصهر المعطل"! 
حكاية تختزل عهر الواقع اللبناني الذي ما هو إلا انعكاس لواقع الوطن الكبير من الماء إلي الماء، تتنوع المسارح والملهاة واحدة والأبطال متشابهون، هذا يعني أن شخصًا واحدًا بمقدوره أن يجمد حياة الناس ومصالحهم من أجل أطماع شخصية وانحيازات أسرية بسهولة الماء، ما دام الأمر هكذا، فأين هو الوطن إذاً؟ وهل ثمة موطأ لخسارة جديدة يمكن أن تطال اللبنانيين؟ 
وما دام الأمر هكذا، يصبح التظاهر من أجل النفايات فقط فعلٌ تافه، أن ينخفض سقف المطالب إلي إقالة وزير أمر لا يستحق عناء الوقوف في الشارع، لابد أن تلتحق التظاهرات بهدف أعلي سقفاً، استغلال قوة اللحظة وقيادة الفرس إلي الماء، التخلص من النفايات السياسية أولاً ثم نقطة وبداية جديدة، النزوح إلي وطنٍ لا يولد فيه مثل "المشنوق" ولا "الصهر المعطل"، مع ذلك، بداية جيدة علي كل حال!
من الجدير بالذكر أن الذين لمسوا "عون" من مكان قريب ممن ليس لديهم مطامع مالية أو سياسية اتفقوا جميعًا علي أن الرجل معقد، وأن الرجل ممتلئ بحلم مريض في أن يصبح رئيسًا للجمهورية وأن يؤسس بيتاً إقطاعيًا بعمارةٍ مارونية الطابع، وأن كل مواقفه السياسية وثيقة الارتباط بالمسافة التي تفصله عن هذا الحلم!
اتفقوا، أيضًا، علي أن كل ما ينهك الجنرال علي الأرجح ويمتص ذهنه هو أن ثمة عائلات متواضعة الجذور استطاعت أن تؤسس بيوتاً سياسية وأن تحكم "لبنان" مثل بيت "الجميل" السياسي، وبيت "فرنجية" السياسي أيضًا، وبيت "اده" السياسي، وبيت "لحود"، كما أصبح "كميل شمعون" رئيسًا للجمهورية وهو مجرد محام ينتمي مثله إلي عائلة هزيلة، وهو يفصح عن نقمته علي كل هؤلاء في وضح النهار، ويري، ككل جنرال كلاسيكي أنه أحق من كل هؤلاء بما يظنه مجدًا!
دوائر مكتملة وصلبة لا يستطع كسرها أحد ممن يعيشون علي الحافة كحافة الغجر الشهيرة، وعندما ظن الحمقي أن "عقاب صقر" فعلها، كل ما صدر عن الرجل بعد ذلك أكد أنه لم يكن بمفرده وأن جهة ما كانت وما زالت تقف وراءه، وربما جهات!
وما من شك أن الثورة تصبح فعلاً أخلاقيًا لا مجرد ضرورة متي أصبحت رقعة جغرافية مجرد كعكة علي مائدة مستديرة يجلس حولها فقط عدة بيوت متصارعة لا يتحدون أو يتهادنون إلا عندما يستيقظ الذين يعتبرونهم عبيدًا للأرض من السكان الأصليين ويفكرون في البحث عن قانون أنبل للحياة!
بالدوران أكثر حول "ميشال عون" ليس من الصعب أن نلمس أنه يستدعي بإسراف ذلك الزخم الذي سيجه اللبنانيون به عند عودته من منفاه الاختياري، آنذاك، كان اللبنانيون يرون فيه مسيحًا جديدًا بإمكانه أن يجلب لهم الخلاص من جحيم الإقطاع، أن ينتشل البلاد من الأفق المتوتر، غير أن كل مواقفه السياسية بعد ذلك لم تبدد احترامهم للجنرال فقط إنما أيقظت في صدورهم شدوًا مريبًا، لقد رأوه من مكان قريب، إنه لا يختلف عن الآخرين، مجرد لبناني ولد في "حارة حريك" أنهكته أمراض ماضيه وأصوله النحيلة يحمل كالآخرين روحًا إقطاعية، لكأن "المتنبي" قبل أكثر من ألف عام كان يعنيه بقوله:
وارفق بنفسك إن خلقك ناقصٌ ... واستر أباك فإن أصلك مظلمُ
ليس هذا كل شئ، فإن مما يسوِّف اللبنانيون في التنقيب عنه حتي الآن هو دور "عون" الغامض في تبديد جيش "لبنان" المسيحي من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر في حربه ضد ما أطلق عليها الميليشيات، فحدث، تعقيبًا علي انهيار العضلة المسيحية في أجواء مشحونة بالتوتر والركود وانشغال المسيحيين بترميم جراحهم، أن فوجئ اللبنانيون بولادة "حزب الله" ضخمًا وصلبًا ومنفردًا يطوق الجميع، وما من شك أن تفريغ الساحة لجيش مذهبي في بلد متعدد الطوائف أمرٌ من شأنه أن يدعو إلي إشعاع الريبة، ويدعو، بالقدر نفسه، إلي قراءة تحالف "عون" و "حزب الله" في ضوء آخر، كما يضع غابة من علامات الاستفهام خلف حقيقة "ميشال عون"!
سنين كثيرة منذ عودة الجنرال قد ماتت، فقدت خلالها نجوم كثيرة وضوحها وسقطت أشجار أرز كثيرة وازدهرت أشجار، ولم يستطع "عون" حتي هذه اللحظة تحقيق حلمه، ولا يري أحدٌ حتي الآن فرقاً كبيرًا بين بيت "عون" السياسي وبيت "شمص"، فكأنه يريد أن يجمد الوضع الراهن حتي لا يزداد عصبية وحدة ذلك التآكل المتصاعد للرقعة التي يتحرك فوقها حلمه السخيف.. 
لم يسأل الجنرال الكلاسيكي نفسه قبل أن يتورط فى اختزال الواقع في نظرية المؤامرة سؤالاً بسيطاً:
هل الذين حولوا "لبنان" بحماقاتهم صندوق بريد للرسائل السياسية حول العالم هم هؤلاء الشباب الذين لا يريدون أكثر من وطن خالي من النفايات؟
هل هم الذين سمحوا للسعودية وإيران وإسرائيل أن يتبادلوا علي أرضهم اللكمات المذهبية، وهي لكمات سياسية بالأساس ليس للسماء شأن فيها؟
هل هؤلاء الشباب هم الذين خاضوا حربًا لا طائل من ورائها مع وجود البدائل أوهنت اقتصاد "لبنان" وفتَّتت عضلاته العسكرية المسيحية فوضعوا بذلك حدًا لتوازن القوي الضروري لمجتمع تلمع الطائفية فيه كالخنجر لصالح من يهمه الأمر؟
ويبقي السؤال الأهم:
هل الاستقرار في حد ذاته قيمة تستحق أن يضحي الإنسان من أجلها بحقه في حياة كالحياة؟
كانت فرضية الربيع العربي وما زالت هي مغادرة الرحم المتعفن والولادة من جديد في وطن بمفردات أخري، كونها منيت بالفشل لا يصلح دليلاً علي فساد الفكرة، إنما تأكيد لسلامتها ورقيها وحيويتها، ذلك أن فسادًا بهذا العمق استطاع أن يجهض الموجة الأولي من الثورات ببساطة يستحق آلاف المحاولات لاقتلاعه والتبول فوق جذوره!
أود أن أقول في النهاية:
اتفق مع "ميشال عون" في وصفه الربيع العربي بـ "جهنم العرب"، هذا هو الخبر السئ، لكن الخبر السار هو أن ما يراه "ميشال عون" وكل "ميشال عون" من المحيط إلي الخليج ليست "جهنم" إنما هو صوت تقدمها فحسب، لكنها قادمة لا محالة، ولبنان رح يرجع، ومصر رح ترجع، والخليج رح يرجع، والمغرب رح يرجع، والشام رح يرجع، مسألة وقت، فانتظروا إنا منتظرون، وكونوا كتار

13 سبتمبر 2015

محمود سلطان يكتب: هل عوقب وزير الزراعة على "نزاهته"؟

نقلا عن "المصريون":
كتب السياسي البارز ممدوح حمزة، في تغريدة له على "تويتر" مرجحًا أن يكون مالك إحدى الصحف الخاصة الشهيرة، هو الذي يقف وراء تفجير قضية فساد لوزير الزراعة المقال صلاح الدين هلال.
حمزة أحال متابعيه إلى تقرير على موقع إلكتروني، كشف صراعًا مريرًا بين مالك الصحيفة، ووزير الزراعة المقال، على 3428 فدانًا بالطريق الصحراوي يضع الأول يده عليها، ببرقاش بالجيزة منذ عام 1994، ويرفض سداد ما عليه من مستحقات للدولة، وهي تفصيلا: 2000 جنيه رسوم مرافق عن كل فدان زراعي، بالإضافة إلى مبلغ 30 جنيهًا عن كل متر لمساحة 198 فدان مبانٍ، تقول هيئة التنمية الزراعية، إن تلك المستحقات قانونية وطبقًا للمادة 18 من اللائحة التنفيذية للقانون143 لسنة1981..
 وهدد هلال مالك الصحيفة الخاصة، بسرعة سداد المبالغ المستحقة للدولة، وإلا سوف يتم سحب الأرض وعرضها للبيع في مزاد علني.
الأستاذ علاء الدين حمدي كتب مقالاً نُشر له في "المصريون" أمس 12/9/2015، قدم فيه مفاجآت صادمة تخص صلاح الدين هلال، وأن الرجل "تحدى" الرئيس السيسي ورفض القرار الجمهوري بتخصيص أرض قيمتها 110 ملايين جنيه مجانًا للشاب محمود بدر لإقامة مصنع بسكويت عليه..
 ولنتأمل ما ورد في مقال حمدي ناقلاً عن جريدة الوطن، في عدد الجمعة 26 يونيو 2015، للأستاذ "محمد أبو عمرة"، تحت عنوان: "انفراد: الزراعة ترفض تخصيص أرض مصنع بسكويت لـ"بدر" دون مقابل"، جاء فيه: (رفضت وزارة الزراعة، بشكل رسمي، الطلب الذي تقدم به "محمود بدر" مؤسس "تمرد"، حسب وصف الجريدة، لتخصيص أرض مساحتها 5 أفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة في القليوبية دون مقابل) أيضًا حسب المساحة التي حددتها الجريدة. ثم نأتي لأهم ما جاء في الخبر.. (وأشار المحضر إلى أن قرار اللجنة لا يخالف القرار الجمهوري للرئيس عبد الفتاح السيسى الصادر برقم 385 لسنة 2014، لمصلحة محمود بدر، ولكنه يحمى ممتلكات الدولة من الهدر والأراضي الزراعية من التعدي عليها بالبناء وتبويرها، فيما نص قرار اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة على أن القيمة الفعلية للأرض تبلغ 110 ملايين جنيه، بعدما كان مقررًا أن يتم تخصيصها دون مقابل).
بمعنى أن الوزارة رأت أن قرار الرئيس يمثل تفريطًا في ممتلكات الدولة وهدرًا وتبويرًا للأراضي الزراعية ومن ثم كان قرارها، المسئول، بالرفض وبصيغة مهذبة"! انتهى ثم أن هناك أسئلة مسكوت عنها، تتعلق بقائمة "الرشاوى" المزعومة وهي أشياء من النوع الذي يضحك، خاصة أنها تخص وزيرًا بيده كل أراضي مصر تقريبًا.. فما الذي يجعله يبتذل نفسه ـ وهو الوزير الذي كما قلت له "ملك مصر" ـ ويقبل رشاوى وشوية بدل وموبايلين، وتأشيرات حج لعائلته؟!
ناهيك عن عملية القبض عليه "الهوليودية" في وسط ميدان التحرير، بطريقة أثارت استغراب العالم كله: إيه لزمتها يعني؟! إلا إذا كان الغرض منها، الخوف من أن يتكلم في "الممنوع" عقب خروجه من مكتب محلب، بعد أن قدم استقالته. خلاصة القول هنا إن هناك مساحات مظلمة في هذه القضية، وأن وراءها أسرارًا كثيرة، وربما يتم الكشف عنها يومًا.. ولكن متى؟!: عساه أن يكون قريبًا.

12 سبتمبر 2015

“حراك”تدشن تظاهرة الكترونية بالتزامن مع مليونية الفسطاط ضد”السخره”

كتب-أحمد المصري:
دشن الائتلاف الثوري للحركات المهنية – حراك‏ حملة الكترونيه للتظاهرلا على مواقع التواصل الاجتماعي والتدوين على هشتاج ‫#‏ضد_قانون_السخرة_المدنية بالتزامن مع مليونية الفسطاط التي انطلقت فاعلياتها منذ قليل ويتوقع ان تنتهي مساء اليوم.
حملة حراك ضد قانون السخره
كانت” حراك “قد اعلنت دعمها لمطالب العمال والمهنيين بإسقاط قانون الخدمة المدنية التي قالت انه يهدد 20 الف مهني وعامل بالقاعين العام والخاص .
وقال المتحدث باسم الحركه احمد ابو زيد ان المشير السيسي يحاول اجهاض ثورة العمال ضد قوانينه المشبوهة عبر تزامن التغيير الوزاري مع موعد المليونية لأعطاء ايحاء للموظفين بوجود تغيير في سياساته نحوهم وهو امر غير حقيقي بل هعي محاولة تنفيس الغضب بعض قضية الفساد الكبري التي هذت اركان النظام .

من حذاء «منتظر الزيدي»… إلى نصف سؤال «مقداد الماجري»… حديث في المهنة!

سليم عزوز
لم يكن غريباً على إنقلاب عسكري، تزعجه فتاة تعاني من إعاقة في إحدى قدميها، هي إسراء الطويل، فيتهمها بمحاولة قلب نظام الحكم، أن يهزمه «نصف سؤال» من الصحافي التونسي «مقداد الماجري»، فينسحب رئيس الحكومة من المؤتمر الصحافي، وتقيم فضائيات الثورة المضادة حفلة ليلية صاخبة للفت الأنظار عن العورات التي تبدت للناظرين!
لقد أصبح هذا المؤتمر موضوعاً للحديث انتقل على أثره لأن يكون المؤتمر الصحافي لرئيس حكومة الإنقلاب ومضيفه التونسي، هو أحد المؤتمرات الصحافية التي تمثل علامة، مثل مؤتمر الرئيس الأمريكي بوش الإبن في العراق، الذي وصلته خلاله رسالة من الصحافي العراقي منتظر الزيدي تتمثل في حذائه الطائر. ومؤتمر عبد الفتاح السيسي وخالته ميركل في ألمانيا، ونجمته الصحافية المتدربة «فجر العادلي»!
وكان يمكن لمؤتمر إبراهيم محلب أن يمر في هدوء في تونس، لو كان الرجل سياسياً، فينتظر «مقداد» حتى يكمل سؤاله عن الفساد الخاص بقضية القصور الرئاسية والمتهم فيها محلب، على حد قول الصحافي، ورداً سياسياً من نوع أنه لم يكن متهماً في هذه القضية سينهي الموضوع. مع أن «شركة المقاولون العرب» التي كان يترأس مجلس إدارتها إبراهيم محلب، قد سهلت للمخلوع وأهل بيته نهب أموال الدولة في هذه القضية، لكن كان واضحاً أن محلب يمتلك حماية خاصة داخل المجلس العسكري، حالت دون توجيه الاتهام له!
«مقداد الماجري» داس على «اليد الموجوعة» لرئيس حكومة الإنقلاب، فتحسس بطحته بيده الأخرى، ثم انسحب، ولم يكن المؤتمر ضمن اهتمام المصريين، فلو اقتصر الأمر على الإنسحاب فلم يكن قد وصلنا نبأ ما جرى، لكن برامج «التوك شو»، التي تقوم عليها الأذرع الإعلامية لقائد الإنقلاب، تصرفت كالدبة التي قتلت صاحبها، وصدقت ما قاله المتحدث باسم حكومة محلب من أنه لم ينسحب من المؤتمر، فكان هذا النفي سبباً في ذيوع فيديو المؤتمر ليرى الجميع صاحبهم منسحباً، بدون استئذان، وبدون إعلان من الطرف المضيف بأن المؤتمر انتهى، وهذا من التقاليد، ورأينا كيف أن ميركل هي من قامت بالخبط على ظهر عبد الفتاح السيسي لتخبره بانتهاء المؤتمر، حفاظاً عليه من الإحراج، الذي تحقق رغم الانسحاب!
فمحلب ضيف ولا يجوز بروتوكولياً للضيف أن ينهي المؤتمر، إلا إذا كان المؤتمر لم «ينتهي»، وأن الرجل وجد لديه حاجة ماسة لقضاء الحاجة في الخلاء!
إنه إخواني
رواج فيديو الانسحاب، دفع الدببة لأن يجهزون على صاحبهم فانطلقوا يتهمون «مقداد» بأنه إخواني، ويعمل في فضائية إخوانية، ففي دوائر الإنقلاب فإن كل المصائب لا بد وأن يقف الإخوان وراءها، فإذا طلبت زوجة إنقلابي منه الطلاق فلا بد أن يكون الإخوان وراء ذلك، لذا فقد ظن الدببة أن وصف الصحافي التونسي بالإخواني الذي يعمل في فضائية «الزيتونة» الإخوانية، يمكن أن يطوي الملف، ويصبح هروب محلب مبرراً، وهو الهروب الذي مثل فضيحة يتغنى بها الركبان!
أحد الدببة، قال في برنامجه إنه يعرف الأمن التونسي جيداً، في إشارة لقوته ويقظته، وتساءل عن السبب وراء السماح لهذا الصحافي الإخواني بحضور المؤتمر؟! وهو أمر كاشف عن الطبيعة الأمنية التي تسيطر على الفتى، ذلك بأن الأصل في المؤتمرات الصحافية أن يحضرها الصحافيون بغض النظر عن الإنتماء السياسي لكل منهم، والمنع هذا سلوك ينتمي للأنظمة الإنقلابية والدول البوليسية!
وهكذا، فبدلاً من أن يشعر القوم بالعار، لأن صحافي بنصف سؤال أظهر الإنقلاب العسكري في مصر بهذا الهوان والضعف، ذهبوا يبررون أمام زحف السؤال. والغريب هو ما قالوه من أنه يعمل في قناة لا يشاهدها أحد!
لا بأس، فقد عرف الناس خارج تونس بإعلامي اسمه «مقداد الماجري»، وعرفوا قناة «الزيتونة»، التي لم أكن أعرفها وأنا المنشغل بالنقد التلفزيوني، وقد كان ما جرى سبباً لأن أسأل هل هي قناة إخوانية فعلاً؟ فقيل لي إنها تدور مع الثورة حيث دارت، وكذلك الأمر بالنسبة لمقدم البرامج بها زميلنا المذكور، وهي قناة فقيرة ومعرضة للإغلاق لضيق ذات اليد، لكن سبحانه وتعالي يضع سره في أضعف خلقه، فلم يكن من هزم الإنقلاب بنصف سؤال، يعمل في الـ «سي أن أن»، فربما وقتها سمعنا من إعلام الثورة المضادة، أن مجلس إدارة العالم، وهو من اختراع تامر ابن أبيه، اجتمع لإحراج إبراهيم محلب، وأن اوباما وبتحريض من شقيقه الإخواني من يقف وراء النصف سؤال الذي طرح!
الإنقلاب العسكري في مصر يعلق فشله في البر والبحر على شماعة الإخوان، لذا كان الاتهام لـ «مقداد» بأنه إخواني، ولم يكن هو موفقاً في رد الإتهام عن نفسه، لأنه بالفعل ليس إخوانيا، ولعدم وعيه بتفاصيل الأمور في مصر أضحك الثكالى وهو يصيح عبر شاشة «الجزيرة مباشر»، باستدعاء عبارة مستهلكة: «لست إخوانيا ولكنهم إخواني»، وهي عبارة جرى ابتذالها على نحو جعل من الهاجس الأمني يفسرها بأن من يرددها هو بلا شك «إخواني» يكتم إخوانيته.
لست منهم
هذه العبارة هي تطور لعبارة أخرى كان يقولها الكائن الإخواني قبل الثورة: «لست من الإخوان ولكني أحبهم في الله»، وكان هذا إعلان بأن من ينفي هو عضو في التنظيم وإن أقسم على الماء فتجمد، وبعد الثورة كان كثيرون يعلنون أنهم من الإخوان، رغم أنهم ليسوا منهم، وأحدهم كان لا يكف عن الهجوم علي أنا عندما انتقد القوم، بتجاوز عندما كان يقول إنني أهاجمهم لأنني كنت انتظر أن يحققوا أمنيتي فأكون نائباً على قوائمهم.. الآن أطالع صفحات هؤلاء المتطاولين السابقين على مواقع التواصل الإجتماعي فأجد أذكاراً ونحو ذلك!
من تكرار مقولة «لست إخوانيا ولكنهم إخواني»، على لسان كثيرين، خشيت أن نكتشف في يوم ما أنه لا وجود لأحد إخواني، وقد يفاجئنا المرشد العام للجماعة بإعلانه «لست إخوانيا ولكنهم إخواني»!.
ولم يكن هذا فقط ما يؤخذ على «مقداد الماجري» في مشاركته على «الجزيرة مباشر» فقد ظهر مشحوناً ويمتلئ بجرعة غضب دفعته لأن يخسر كثيرا من جماهيريته، فهاجم مصر بدلا من أن يهاجم الإنقلاب، وهاجم إعلامها الذي وصفه بالدعارة، دون أن يخصص أن هذه الدعارة ليست شأناً مصرياً ولكنها إفراز للثورة المضادة، ثم إن مصر ليست فقط التي اختزلها في لحظة كان فيها التونسي الخضر حسين شيخاً لأزهرها. وهو الجزائري الأصل والذي عاش في تونس وتخرج في جامع الزيتونة.
لكن من الواضح أن هذا إنتاج حالة الشحن التي يعيشها من جراء حملة الإبادة الإعلامية التي استهدفته، ولو فكر وقدر لوقف على أن هذه الحملة هي لأنه أوجع الإنقلاب العسكري بنصف سؤاله، ولظهر أكثر هدوءاً ولما مثل أداؤه صدمة. وليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
اللافت، أن فضائيات الثورة المضادة، لم تنظر للأمر من باب المهنية، فقد كان حذاء «منتظر الزيدي»، يخالف تقاليد وأعراف المؤتمرات الصحافية بالنظرة المهنية المجردة، لكنه في المقابل كان عملاً وطنياً شجاعاً بامتياز في مواجهة هذا المستعمر. أما في أزمة مؤتمر السيسي وخالته ميركل، فقد كانا هما من خرج على تقاليد المؤتمرات عندما لم يلتفتا لسؤال «فجر العادلي» فكان هذا دفعاً لها للانتقال من الصحافة للسياسة، ومن المهنة إلى الثورة، لكن في حالة «مقداد» فقد كنا أمام سؤال مهني بامتياز ولم يخالف الأعراف المهنية عندما طرحه، فمن خرج عليها هو من انزعج من مجرد سؤال لم يكتمل وغادر المؤتمر!
الملاحظ، هو أن بعض مقدمي برامج «التوك شو» في فضائيات الإنقلاب، أظهروا جهلاً بطبيعة عمل الصحافي، فقد لاموا «الماجري» واتهموه بالخروج على أعراف الضيافة وتقاليد المهنة، وهذا كاشف عن عدم وعي بدور الإعلامي فهو ليس موظفاً بالعلاقة العامة بالحكومة، كما أنه ليس نادلاً في فندق، دوره حسن استقبال الزبائن!
ليس على «سفرجية» الإنقلاب العسكري أن يحددوا طبيعة عمل الإعلامي «مقداد الماجري»!

10 سبتمبر 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: ها قد عدنا يا مصريين

على طريقة الجنرال الفرنسى غورو الذى ذهب الى قبر صلاح الدين فى دمشق بعد احتلال سوريا عام 1920، وقال قولته الشهيرة "ها قد عدنا يا صلاح الدين." متصورا انه بذلك يأخذ الثأر القديم لاوروبا وأجداده فى الحملات الصليبية، بعد هزائمهم وطردهم من الارض العربية فى القرنين الثانى والثالث عشر.
على طريقة هذا الجنرال، بعثت لنا اسرائيل امس، برسالة مشابهة، بإعادة فتح مقر لسفارتها فى القاهرة، بعد أن كان شباب مصر وثوارها قد نجحوا فى اغلاقها بالضبة والمفتاح فى مظاهراتهم وحصارهم لها فى 9 سبتمبر 2011، والذين كنت قد كتبت بالأمس موضوعا عنهم وعن بطولاتهم بعنوان "حين أغلق ثوار مصر سفارة اسرائيل" ، قبل ان يصلنى نبأ اعادة افتتاح السفارة الصهيونية.
انهم المتظاهرين الذى وصفهم ايهود باراك وزير الدفاع الصهيونى السابق ومعه عديد من القيادات الاسرائيلية، بانهم من مجموعة من الرعاع.
فيأتون اليوم ليبعثوا لنا برسالة انه ((ها قد عدنا يا مصريين))
***
لماذا اراها هكذا؟
لأنهم اختاروا ذات اليوم، 9 سبتمبر 2015، بعد أربع سنوات بالتمام والكمال، ليكون هو الموعد الذى يعيدون فيه افتتاحها.
وهى اشارة لا تخفى على اى مراقب.
وللأسف، تمت هذه الرسالة بالاتفاق والتواطؤ مع الادارة المصرية ووزارة خارجيتها؛ اذ لا يمكن ان يكون قد غاب عنهم المغزى من وراء اختيار هذا الموعد تحديدا.
ليصبحوا شركاء للاسرائيليين فى توجيه هذه الرسالة الوقحة، وليكونوا شركاء لهم فى اهانة الشعب المصرى وثورته.
يفعلون ذلك، رغم ان الشباب تظاهر يومها غضبا للكرامة والسيادة المصرية بعد ان قامت القوات الصهيونية بقتل خمسة جنود مصريين على الحدود الدولية، بدون حتى ان تكلف نفسها بإبداء اى اعتذار او أسف.
***
نحن ندرك بطبيعة الحال، عمق العلاقات المصرية الاسرائيلية الحالية فى عهد السيسى، والتى وصلت الى درجة غير مسبوقة، حتى فى ظل السادات ومبارك :
· فلقد أصبحت اسرائيل هى البوابة الدولية التى تجلب للنظام المصرى الجديد، الاعتراف والرضا الامريكى والدولى .
· و تدخلت اسرائيل واللوبى الصهيونى فى امريكا لأول مرة فى التاريخ للضغط على الادارة والكونجرس الأمريكيين من اجل استئناف المساعدات العسكرية لمصر، بعد ان كانت فى السابق تضغط دائما لتجميدها او ربطها بقائمة من الشروط والمطالب الاسرائيلية.
· كما قامت الادارة المصرية بتنفيذ المطالب والأحلام الاسرائيلية القديمة ببناء منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وهدم الأنفاق تحت الارض، مع اغلاق المعبر فوقها، وهى المطالب التى حتى مبارك نفسه رفض تنفيذها.
· وانحازت الى اسرائيل فى عدوانها الاخير على غزة فى صيف 2014، والذى أودى بحياة ما يزيد عن 2000 شهيد.
· وربطت الإدارة المصرية إعادة إعمار غزة، بنزع سلاح المقاومة، حين اشترطت تسليم السلطة هناك الى جماعة أبو مازن التى التزمت فى اوسلو بنزع السلاح الفلسطينى.
· وانحاز السيسى الى المخاوف الاسرائيلية من الاتفاق النووى الايرانى، كما صرح بنفسه لوسائل اعلام اوروبية منذ بضعة شهور.
· والقائمة تطول...
ومن ثم فنحن ندرك ان اعادة فتح السفارة الاسرائيلية فى القاهرة مع ترسيم سفير مصري جديد فى إسرائيل، منذ بضعة أسابيع، لأول مرة منذ سحبه فى 2012، لم يكن سوى تتويج لكل هذه العلاقات المتميزة والممتازة.
ولكن مع ذلك، لم يكن من اللائق أبدا من ناحية الشكل و المغزى، ان تقبل الادارة المصرية، تحت اى ظرف، ان يأتى موعد الافتتاح فى الذكرى الرابعة لمظاهرات الغضب الشعبى ضد قتل الجنود المصريين.
*****
القاهرة فى 10 سبتمبر 2015

09 سبتمبر 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب : حين أغلق ثوار مصر سفارة " اسرائيل"


أكتب هذه السطور ردا على كل من يحاول الطعن فى وطنية الثورة المصرية. كما أهديها تحية وتقديرا لكل ثوار مصر و شبابها، الذين شاركوا فى هذا اليوم العظيم، وأخص منهم الشهداء والمعتقلين .
***
((ان الذين اقتحموا سفارتنا فى القاهرة هم مجموعة من الرعاع )) أيهود باراك ـ وزير الدفاع الصهيونى السابق
***
تحل اليوم 9 سبتمبر 2015، الذكرى الرابعة لنجاح الشباب المصرى الثائر فى اغلاق سفارة العدو الصهيونى بموقعها الحصين فوق كوبرى الجامعة بمحافظة الجيزة.
فتحت اسرائيل سفارتها فى مصر بعد توقيع معاهدة السلام فى 1979، واتخذت اول مقر لها فى شارع محيى الدين ابو العز بحى المهندسين، قبل أن تنتقل الى موقعها الحالى لتحتل الأدوار العليا فى احد الابراج المطلة على كوبرى الجامعة، والذى يقع فى شارع متناهى الصغر عرضا وطولا، تحت الكوبرى، لإحكام السيطرة الامنية عليه. ولتتحول المنطقة المحيطة بها الى ثكنة عسكرية، تعج بقوات الأمن والمخبريين السريين، المجهزين بكافة انواع الاسلحة. والذين حولوا حياة سكان المنطقة وكل من يقترب منها الى جحيم، وكأهم يعيشون فى معسكر للجيش او للامن المركزى، او فلنقل معسكر اعتقال.
وعلى امتداد سنوات وعقود طويلة، عجزت كل محاولات القوى الوطنية، فى الاقتراب من محيط السفارة بمسيرات او مظاهرات من اى نوع. بما فيهم طلاب جامعة القاهرة التى لا تبعد عن موقع السفارة، سوى بضعة أمتار، فلقد عجزوا كغيرهم عن الاقتراب من السفارة المقدسة. التى أصبحت اكثر تحصينا ربما من قصور الرئاسة أو من السفارة الامريكية ذاتها.
وحتى فى ذروة فاعليات التعاطف والدعم الشعبى للقضية الفلسطينية، عجزنا عن الاقتراب من هذا الحصن المنيع. وما زلنا نتذكر موجات الغضب الشعبى ضد اعتداءات اسرائيل على لبنان فى 1982 ومذبحة صابرا وشاتيلا وحرق المسجد الابراهيمى ومذبحة قانا وانتفاضة الحجارة 1987 وانتفاضة الاقصى 2000 والاعتداءات المتكررة على غزة...الخ، وكيف عجزت جميعها عن تخطى الحواجز الامنية المنيعة للسفارة.
وكان من المشاهد المتكررة والمستفزة لعموم المصريين و لسكان المنطقة، هو موكب السفير الصهيونى الذى تحمل سيارته لوحة دبلوماسية برقم 114 وهو الكود الدبلوماسى الخاص بسيارات اسرائيل فى مصر، وكيف يحيطونه بأسطول من سيارات الحماية الأمنية وكأنه رئيس الجمهورية، او رئيس لدولة كبرى فى زيارة لمصر.
وحين حفظ الناس هذا الرقم الكودى، اصبح ينتقل فى سيارات تحمل لوحات معدنية عادية، للتمويه والتخفى، لأنه يدرك جيدا ان المصريين لم يستوعبوا أو يقبلوا ابدا وجوده بينهم فى مصر.
***
كان هذا هو الوضع على امتداد 32 عاما، الى ان قامت الثورة المصرية:
وبعد نجاحها فى ازاحة مبارك فى 11 فبراير 2011، بأسابيع قليلة، وبالتحديد فى 8 ابريل 2011، نجحت طلائع من شباب الثورة لأول مرة، فى كسر الحواجز الأمنية للسفارة، والتجمع أمامها وحصارها لساعات طويلة.
كان ذلك ردا على الاعتداءات التى قامت بها اسرائيل على غزة فى 8 ابريل، وأوقعت 19 شهيدا، فى اول عدوان على الفلسطينيين بعد الثورة المصرية، والذى فهمه كثيرون بأنه بمثابة أول اختبار صهيونى لمصر الثورة، وبمدى التزامها بالمعاهدة وبما تنص عليه من فصل العلاقات الثنائية عن اى اعتداءات اسرائيلية على اى اطراف عربية اخرى. وهو الموقف الذى أكد النظام المصرى التزامه به على الدوام منذ 1978 حتى قبيل الثورة .
وبالفعل نجحت تظاهرات الشباب فى ارغام العدو الصهيونى على ايقاف العدوان على غزة فورا، بعد ان ابلغته الادارة المصرية نظيرتها الاسرائيلية، بانها لم يعد لها سيطرة على حركة الناس فى الشارع، وانه لن يكون بمقدورها حماية السفارة لو استمر العدوان.
***
وكانت الموقعة الثانية فى اغسطس من نفس العام، حين توجه الآلاف من المصريين لحصار السفارة وانزلوا علمها لأول مرة منذ 1979، ردا على قيام القوات الاسرائيلية بقتل خمسة جنود مصريين على الحدود فى 18 اغسطس 2011، بدون ان يقدموا اى اعتذار، وبدون اى رد فعل من الحكومة المصرية او من المجلس العسكرى.
وقطع عيد الفطر المبارك تظاهراتهم، ليكتشفوا ان الحكومة المصرية، قد استغلت اجازة العيد، لتبنى جدارا عازلا، من الخرسانة المسلحة، حول السفارة لحمايتها من المتظاهرين. فما كان منهم الا أن عادوا بأعداد مضاعفة لحصار السفارة مرة أخرى وفى ملحمة شعبية غير مسبوقة وبأدوات بدائية، استطاعوا فى ساعات قليلة ان يهدموا الجدار العازل، واستطاع بعضهم تسلق المبنى، واقتحام غرفة أرشيف ملحقة بالسفارة، لتنقلب الدنيا، ولتقف اسرائيل والبيت الابيض على قدم وساق، وليصدر الرئيس الامريكى تعليماته للادارة المصرية بالتدخل الفورى لحماية موظفى السفارة الاسرائيليين وانهاء هذا الموقف فورا.
وبالفعل تدخلت القوات، بعد اتصال أوباما، لفض المتظاهرين ولإنهاء الحصار، وسقط فى الفض بعض الشهداء، وتم اعتقال العشرات. وكانت هذه هى المرة الاولى بعد الثورة التى تتجرأ فيها السلطة وتعيد استخدام القوة لضرب المتظاهرين وتفريقهم. وفى اليوم التالى تم اعلان حالة الطوارئ.
ولكن الاهم من كل ذلك، انه منذ تلك اللحظة، اختفى الاسرائيليين من هذا المبنى، وأغلقوا مقر السفارة الذى كبس على انفاسنا اكثر من ثلاثين عاما. والى يومنا هذا، لم يعلنوا بعد عن مقر سفارتهم الجديد. يتردد أحيانا انهم يديرون اعمالهم من السفارة الامريكية، أو من منزل السفير الاسرائيلى، ولكن ليس فى مصر حتى اليوم مقر معلوم للسفارة الاسرائيلية.
لم تكن السفارة، مجرد رمز لوجود العدو الصهيونى فى مصر، بل كانت قبل ذلك وبعده، رمزا لكل النظام الحاكم؛ نظام كامب ديفيد الذى أسسه السادات وثبت دعائمه حسنى مبارك.
***
كان شباب الثورة المصرية هو الذى فعل ذلك. وهو الذى ارغم اسرائيل على الاعتذارعن قتل الجنود المصريين، وليس الدولة المصرية بكل هيلمانها وهيبتها ومؤسساتها.
و لم تكن هذه هى نهاية المطاف، بل واصل عديد من الشباب نضالهم من أجل توظيف ما اتاحته الثورة من حريات وأدوات للتواصل الجماهيرى، فى دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن الفلسطينيين فى مواجهة الاعتداءات الصهيونية فى نوفمبر 2012، وفى توعية الناس بسوءات نظام كامب ديفيد والمعاهدة، وطالبوا بقطع العلاقات وسحب السفراء، ونظموا مئات الزيارات الى غزة عبر معبر رفح بعد ان كانت محرمة ومحظورة عليهم. ونشطت لجان الدعم والإغاثة ونصرة القدس والأقصى. وانطلقت سلاسل من المؤتمرات والمحاضرات فى كل ربوع مصر، فى نقاباتها ومقرات أحزابها الوليدة، بل فى الشوارع والميادين، تحاول احياء الوعى بالمشروع الوطنى فى مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى.
صحيح ان الطريق كان لا يزال طويلا، لكنه لم يعد مسدودا كما كان منذ نهاية حرب 1973. وصحيح أن قطاعات واسعة من القوى السياسية، تجاهلت فلسطين وكامب ديفيد فى خطاباتها وبرامجها السياسية، اما خوفا أو تواطؤً، ولكن أجواء الحرية مكّنت الشباب الوطنى من كسب أرض جديدة كل يوم. لقد كان الوضع مبشرا.
***
ولقد عبر عديد من القادة الصهاينة عن قلقهم البالغ من هذه الحالة الشعبية، بقولهم ان اسرائيل اعتادت دائما ان تتعامل مع القصور العربية، ولكنها لم تعتَد ابدا على التعامل مع الشارع العربى الذى يعاديها ويكرهها ويرفض الخضوع لضغوطها وتهديداتها. وان الربيع العربى قد جعل من الرأى العام العربى رقما مهما وشريكا فى صناعة القرار العربى.
***
ولكن مع الارتداد عن الثورة وأهدافها، وعودة الاستبداد، وحظر وتجريم المظاهرات والمشاركات الشعبية، ضعفت وتراجعت وخفتت تماما، كل الفاعليات الشعبية المناصرة لفلسطين والمناهضة لاسرائيل ولكامب ديفيد. بل أن اعدادا كبيرة من شباب موقعة السفارة فى سبتمبر 2011، أصبحوا اليوم نزلاء فى السجون والمعتقلات.
***
وفى ختام هذه السطور، ارجو على كل من يردد بغير تفكير أو دراسة او فهم، ما تروج له أنظمة الحكم العربية، من ان الثورات العربية هى صناعة امريكية، ان يتوقفوا عن ذلك وان يراجعوا انفسهم، وان يعلموا ان النظام الرسمى العربى وكل أنظمته الحاكمة هم الصناعة الامريكية الحقيقية فى وطننا العربى. فهم الذين أدخلوا الأمريكان الى بلادنا ليحتلوها وينهبوها ويقسموها ويحاولون افشال أو اختراق أو إحتواء ثورات شعوبها.
*****
القاهرة فى 9 سبتمبر2015
موضوعات مرتبطة: