22 يناير 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: من الربيع العربي إلى مكافحة الإرهاب العربي

فى عام 2011، لم يكن أحدا يتخيل، ان عمر الربيع العربى سيكون بالغ القصر هكذا، وانه سينتهى بعد اقل من 4 سنوات. رغم انه قام فى مواجهة أوضاع بائسة وعميقة وقديمة ومزمنة من الاستبداد والاستعباد دامت لعشرات السنين .
ولم يتوقع احد ان الحشد والتعبئة الأمريكية الغربية لمكافحة ما يسمى بالإرهاب العربى والاسلامى، ستنجح فى أن تتصدر المشهد، طاردة لبرامج ومشاريع وأحلام وغايات واهتمامات وأضواء ومعارك الربيع العربى الى ذيل الأجندات العربية والإقليمية.
وكأن الأمريكان وحلفائهم من الأنظمة العربية، قد قرروا وأعلنوا أن الربيع العربى قد انتهى، وأنه لم يكن سوى إرهابا يهدد إمبراطوريتهم ومصالحهم وتحالفاتهم وكراسيهم.
لقد ادعوا جميعا فى البداية، ولا يزالوا، انهم يباركون الربيع العربى، ولكنهم لم يكفوا لحظة واحدة عن العمل على وأد الثورات العربية أو احتوائها أو إفسادها.
صحيح ان روح الثورة العربية لا تزال حية. ولا يزال الثوار صامدون لم يستسلموا، ولا يزالوا يقاومون عودة الأنظمة القديمة وانقضاض الثورات المضادة، ويحاولون الدفاع عما تبقى من مكتسبات الثورة وعن أهدافها وشعاراتها وقواها وشبابها وأرواح شهدائها وضحاياها من المعتقلين. ولكن لا يمكن إنكار ان الشعار الاستراتيجى الرسمى الذى يتصدر المشهد الحالى فى المنطقة العربية، تحول 180 درجة ليصبح "مكافحة الارهاب."
لقد تراجعت شعارات وأهداف العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لصالح أهداف ومهمات ما يسمى بمواجهة الفوضى والتطرف والإرهاب وإعادة هيبة الدولة .
مع التلميح او التصريح ان الثورات والحريات كانت كارثة كبرى، نشرت الفوضى وعصفت بعديد من الدول العربية وكادت ان تعصف بدول اخرى، وانها كانت البوابة التى تسرب منها العصابات الاجرامية الارهابية، كما يدعون.
ولكن الملمح الأهم والأخطر هو ان كل هذا التغير الدراماتيكي تم بمبادرة ورعاية وإدارة أمريكية أوروبية اسرائيلية، على عكس ما تدعى بياناتهم وتصريحاتهم الرسمية.
لقد تصور كثيرون ان العالم العربى قد تغير تغيرا جذريا والى الأبد، وانه يستحيل ان يعود مرة أخرى الى الوراء. ويستحيل بعد كل هذه الحريات التى انتزعتها الشعوب بدمائها وذاقت حلاوتها، ان تسمح بالعودة الى عصور الخوف والحكم بالحديد والنار مرة اخرى.
والذى كان يشارك او كان يشاهد الجماهير العربية بكل أجيالها وتنوعاتها وتياراتها تحتشد فى تجمعات مليونية فى الميادين لتسقط رؤساء الدول، وتعين الوزارات والوزراء وتبارك او تلعن قوى وأحزاب وشخصيات وأفكار وبرامج وقوانين وقرارات، لم يخطر له ببال ان كل هذا كان مؤقتا وانه سيسرق وينتزع منها انتزاعا بعد شهور او سنوات قليلة.
وان تتحول البوصلة والغايات والأهداف من مواجهة الاستبداد والمستبدين، والتبعية والتابعين، والاستغلال والمستغلين، الى مواجهة الارهاب والإرهابيين وثيقى الصلة بكل الدول الاستعمارية وكل الانظمة العربية الاستبدادية وأجهزتها العميقة.
***
· فى أجواء الربيع العربى كان الهدف هو تحقيق الاستقلال الوطنى، وتصحيح موازين القوى الاقليمية، وقلب الخرائط الطبقية والسياسية؛ خرائط توزيع الثروة والسلطة. وفرض العدالة القانونية والاجتماعية والسياسية.
· أما فى ظل مكافحة الإرهاب، فان الهدف هو تعديل خرائط المنطقة وفقا للمصالح الأمريكية الاسرائيلية الاوروبية، مع الدعم والحفاظ على استقرار وهيبة الأنظمة والطبقات التابعة الحليفة المستبدة.
· لقد أرعب الربيع العربى، اسرائيل التى أعلنت اكثر من مرة انها اعتادت التعامل مع القصور العربية، وليس مع الشعوب العربية التى تكرهها وتعاديها، والتى تحولت الى رقم صعب فى صنع القرار العربى.
· ولكن فى ظل مكافحة الإرهاب أصبح السلام مع إسرائيل فى وجدان المصريين ـ على حد قول السيسى ـ وتنامى التنسيق الامنى المصرى الاسرائيلى دفاعا عن أمنهما ومصالحهما المشتركة.
· فى ذروة الربيع العربى وشهوره الاولى حاصر الشباب الثائر سفارة اسرائيل وأغلقوا مقرها لأول مرة منذ 30 عاما، اعتراضا على قتلها للجنود المصريين فى سيناء. ونجحوا فى إرغام إسرائيل على تقليص وتقييد اعتداءاتها على غزة التى توقفت بعد أيام قليلة تحت ضغط الغضب الشعبى، سواء فى ابريل 2011 ، أو فى نوفمبر 2012،.
· اما فى عصر مكافحة الإرهاب فقامت إسرائيل بأكبر عدوان لها على الفلسطينيين استمر 51 يوما، وأوقعت اكبر عدد من الشهداء؛ ما يزيد عن 2000 شهيدا فى ثانى اكبر عدد من الضحايا بعد مذبحة صابرا وشاتيلا، واكبر حتى من عدوان الرصاص المصبوب 2008 أيام مبارك الذى سقط فيه 1500 شهيد، ولم يستمر سوى 22 يوما.
· فى ظل الربيع العربى فتحت المعابر بيننا وبين فلسطين وتبادلنا الوفود والزيارات، ونجح الآلاف من الشباب المصرى فى زيارة فلسطين لاول مرة فى حياته، التى لم يكن يراها الا فى الخرائط والشاشات.
· اما فى عصر مكافحة الإرهاب فدمرت الأنفاق التى لم يهدمها مبارك! مع إغلاق المعبر، وأزيلت مدينة رفح المصرية من الوجود، لإنشاء المنطقة العازلة بين مصر وفلسطين التى طالما طلبتها اسرائيل ورفضتها مصر حتى فى عصر مبارك.
· فى أيام الربيع العربى، أرغمت الجماهير الثائرة، الدولة على تقديم مبارك ورجاله الى المحاكمة. أما فى عصر مكافحة الإرهاب، فتم تبرئة مبارك ورجاله، وتم تجريم شباب الثورة ورجالها من كافة التيارات.
· فى ذروة الربيع العربى، فى أيامه الاولى وقبل أن نستدرج الى كمين الانقسام، كنا جميعا جبهة واحدة متماسكة لا فرق بين مسلم ومسيحى او بين قومى واسلامى واشتراكى وليبرالى الا بالثورة.
· وفى عهد مكافحة الإرهاب، وفى مراحله التحضيرية، ضرب الاستقطاب والانقسام والاجتثاث والتخوين والتكفير والتفويض بالقتل صفوفنا، تحت إدارة ورعاية أجهزة الدولة العميقة، فى توظيف خبيث لأخطائنا وخطايانا.
· فى عصر الربيع العربى أُفرغت السجون والمعتقلات، وكانت الدنيا تنقلب على السلطات لو تم اعتقال شخصا واحدا. أما فى عصر مكافحة الإرهاب فتم الزج بالآلاف من السياسيين فى السجون بذرائع الارهاب والتظاهر.
· فى عصر الربيع العربى كان قتل او قنص او تعذيب اى مواطن يكفى لكى تقوم الدنيا ولا تقعد. أما فى عصر مكافحة الارهاب، فقتل المئات والآلاف بدم بارد، بلا اى تعقيب او تعليق، بل بالمباركة والتفويض.
· فى أيام الربيع فتح الإعلام منابره للجميع، من كافة التيارات والاتجاهات ومناقشة كل القضايا، بدون خطوط حمراء. اما فى عصر المكافحة فأغُلق الإعلام على الجميع الا رجال الدولة ونخبتها وانتهازييها.
· فى عصر الربيع العربى، ثار الناس ضد اقتصاد مبارك وصندوق النقد الدولى والخصخصة، وطالبوا بالعدالة الاجتماعية والانحياز الى الفقراء وزيادة الدعم. أما فى عصر مكافحة الارهاب فتم إلغاء الدعم على الوقود والطاقة لأول مرة، وهوجمت المطالب الاجتماعية للفقراء، وحصنت الدولة صفقاتها وعادت الخصخصة، وعاد رجال أعمال مبارك.
· فى عصر الربيع العربى ثار الناس حين هددت أمريكا بقطع المعونة الامريكية بعد حادث المعهد الجمهورى عام 2011. ولكن فى عصر مكافحة الإرهاب عدنا نستجدى الأمريكان فى المعونة والاباتشى ونقدم لها التسهيلات والتشهيلات فى قناة السويس، والتحقنا بحملتها الاستعمارية الثالثة ضد العراق وسوريا.
· فى عصر الربيع تصدر الشباب والثوار، المشهد السياسى والاعلامى، ولكن فى عصر الإرهاب عادت الوجوه القديمة والكريهة الى الصورة واختفى الثوار تماما.
· فى أيام الربيع كنا نختلف ونتصارع بحدة، ولكننا نعود بعدها الى بيوتنا سالمين. اما اليوم فالاختلاف ممنوع والمختلفون إرهابيون وخونة ومطاردون ومعزولون.
· فى الربيع أطلق حق تأسيس الأحزاب وإصدار الصحف وتأسيس الفضائيات، أما اليوم ففرض الحظر على الجميع.
· فى عصر الربيع ساد الأمل والتفاؤل وزاد الوعى السياسى والمشاركة الشعبية، أما فى عصر المكافحة فضرب الخوف والإحباط و اليأس غالبية المصريين.
· فى الربيع كنا نجتمع ونتواصل ونتظاهر ونتحاور ونصيب ونخطئ ونتعلم ونصحح ونصول ونجول فى حرية تامة. ولكن فى شتاء الإرهاب تم فرض حظر تجول دائم على المعارضين، ومنعوا التواصل والاجتماع والتظاهر وجرموه وحبسوا المتظاهرين.
· فى الربيع كان الدنيا تموج بالحوارات والمبادرات والمناقشات واللجان والاجتماعات والمؤتمرات والأحزاب والائتلافات وبالبرامج والاجتهادات والاتفاقات والاختلافات وتعدد الرؤى والآراء أما فى ظل المكافحة فلم يعد هناك سوى رأى واحد فقط، وبالأمر.
· فى الربيع العربى ارتكبنا أخطاء وخطايا كثيرة، ولكننا كنا قادرين على تصحيحها وتجاوزها. اما فى زمن المكافحة، فليس مسموحا لنا بالخطأ، لأنه ليس مسموحا لنا أصلا بالمشاركة.
· فى زمن الربيع، قمنا بإحياء الذكرى الاولى والثانية للثورة فى احتفالات مليونية مهيبة. أما فى عصر مكافحة الإرهاب، فحظروا الاحتفال وقتلوا أو اعتقلوا المحتفلين.
· فى الربيع لم يكن لنا كبير سوى الحلم والمشروع، كنا جميعا سواسية. أما اليوم فعاد شيخ القبيلة الزعيم الأوحد الملهم.
· فى زمن الربيع كانت الصدارة للكلمة والفكرة والرؤية والبرنامج والمشروع والشعار والراية والمطلب. أما الآن فلقد تصدرت لغة الرصاص والدبابات والجيوش والبوارج والاباتشى والطائرات بدون طيار.
· فى الربيع لم يكن هناك إرهاب سوى فى سيناء بسبب تجريدها من السلاح بأوامر اسرائيل وكامب ديفيد. أما اليوم فالإرهاب فى كل مكان، وكأنه من صناعة وإنتاج زمن مكافحة الارهاب.
· كان ربيعنا صعبا ومتعثرا ولكنه كان واعدا ومبشرا لو أتيحت له الفرصة، بينما يحاولون اليوم أن يعيدونا مرة أخرى الى زمن مبارك مع تعديل طفيف فى بعض الرتوش .
***
ولذلك ولكل ما سبق، ورغم هذه الصورة المظلمة، فإننا على يقين ان الثورة لم تمت ولا يمكن أن تموت، وان الذين شاركوا فى صناعة الربيع أو عاشوا أيامه ومعاركه وانتصاراته، وذاقوا مكتسباته وحرياته، يستحيل ان يتخلوا عن حلمهم ومشروعهم الثورى.
*****

بلال فضل يكتب عن: وجع سيناء المكتوم

سأروي لك واقعة، حدثت في الماضي القريب، وسأترك لك أن تتخيل المستقبل القريب، إذا لم نعمل فوراً على تغيير الواقع المخيف الذي تتم صناعته في أرض سيناء، سمعت الواقعة من قارئ سيناوي، يقتضي عمله التردد على القاهرة، وكان قد زارني، عقب نشري رسالة بعنوان "استغاثة من سيناء"، من الناشط السيناوي حسين عبد المجيد، بتاريخ 22 يناير/كانون ثاني الماضي في صحيفة الشروق المصرية، اعتبرها هو، وعدد من أبناء سيناء، كسراً لحالة الصمت المفروضة في الصحافة المقروءة، على ما يجري لحقوقهم من انتهاكاتٍ لا تجد في العادة منفذا لها إلا ساحات الإنترنت. 
حين التقيت بالشاب السيناوي، كان يبدو عليه التأثر الشديد والإرهاق، أما الإرهاق فكان سببه الرحلة الطويلة التي يعبر فيها كماً مهولاً من الكمائن واللجان، التي لم تنجح في القضاء على الإرهاب، بقدر ما ساهمت في تطفيش كثيرين من راغبي السفر إلى المناطق الآمنة في سيناء، وزيادة المناخ العدائي بين أهالي سيناء وضباط الشرطة والجيش. أما التأثر الشديد فكان سببه أنه شهد موقفاً عصيباً في اليوم السابق مباشرة، حين تعرض ميكروباص كان يركبه لإطلاق نار عشوائي من مدرعة، فأصيب أحد الركاب برصاصة في جنبه، وفارق الحياة وسط صراخ الجميع وبكائهم. لن أنسى، أبداً، نظرة الاستغراب التي رمقني بها الشاب، حين سألته ببراءة، أو ببلاهة، عمّا إذا كان قد تم القبض على من أطلق النار، ولماذا لم يتم تقديم شكوى رسمية في من تسبب في ذلك؟ قبل أن يسألني بهدوء: "وهل تم التحقيق في الاستغاثة التي نشرتها في صحيفة يومية كبرى، وهي تحوي من المخازي ما يسقط حكومات بأكملها، في الدول التي تحترم شعوبها". 
ثم حكى الشاب واقعة حدثت لإحدى قريباته، في نهاية عام 2013، لكي أتصور حجم المأساة التي يعاني منها أبناء سيناء الذين وقعوا بين مطرقة الإرهاب الأعمى المتستر بالدين وسندان الأداء الأمني الفاشل الذي يخفي عدم كفاءته ببطش مندفع يزيد الطين بلّة. كانت قريبته الشابة قد أصيبت، في إحدى الليالي، بمغص كلوي حاد، كان يمكن حله بحقنة بسيطة من أقرب مستشفى أو عيادة مجهزة، لكن حظها العاثر شاء أن تصاب به في وقت حظر التجول، وبعد أن تم الاتصال بكل أرقام الطوارئ التي تم توزيعها على المواطنين، والتي لم ترد كالعادة، اتصل والدها بقسم الشرطة الذي يعرفه ضباطه جيداً، وطلب من القيادة المناوبة الاتصال بقيادة المنطقة العسكرية وإبلاغهم بالموقف، ليتم السماح لأحد أقاربهم بالقدوم بسيارته، لإسعاف البنت إلى المستشفى من دون أن يتعرضوا لإطلاق النار، وخصوصاً أن الأجواء كانت، وقتها، في قمة التوتر الأمني. فوجئ الأب بالضابط يقول له إنه لا يمتلك سوى الأرقام نفسها التي حاول الأب الاتصال بها من دون جدوى. أخذ الأب يصرخ بمزيج من الغضب والاستعطاف والذهول، ولأنه تخيل أن الضابط يكذب عليه، قام بإسماع الضابط صوت صرخات ابنته، فأقسم له الضابط أنه متعاطف معه، لكنه لا يمتلك وسيلة للوصول مباشرة إلى قيادة الجيش التي تتولى الملف الأمني بالكامل، وأقسم للأب أنه، شخصياً، لا يستطيع الخروج من القسم لأي سبب، لأنه بنفسه قد يتحول إلى هدف لإطلاق النيران. 
لم يجد الأب مستشفى واحدة يوافق بأي ثمن على إرسال سيارة إسعاف إليه، قبل انتهاء حظر التجول، وبعد ساعات قضاها الأب في الاتصالات والتوسلات والإغراءات، ومقاومة الأهل الذين يمنعونه من المغامرة بحياته وحياة بنته، لو قرر الخروج بحثاً عن سيارة توصله إلى المستشفى، فارقت البنت المريضة الحياة قبل طلوع الفجر، من دون أن يكون من حق أبيها أن يعترض أو يجأر بالشكوى، لأنه ربما لو فعل سيجد من يذكّره بالشهداء من الضباط والجنود، وكأنه وبنته كانا مسؤولين عن الغدر بهم، وربما وجد نفسه متهماً من المسؤولين الشرفاء والمواطنين الأكثر شرفاً، بالتعاطف مع الإرهاب أو حتى بتمويله ليجتمع الموت وخراب الديار على أسرته. 
ظللت، منذ انتهى الشاب من رواية تلك الواقعة وحتى نهاية اللقاء، أردد كلاماً أبله عن الصبر والأمل والنصيب. وبالأمس فقط، قرأت تعليقاً كتب فيه ذلك الشاب أنه لم يعد يدري بماذا يجيب على أمه وأخواته، حين يطلبن منه ترك عمله والبقاء في المنزل، لكي لا يأتيهن خبره، كما يأتي للعائلات التي يتم إطلاق النار على أبنائها في الطرقات بدعوى الاشتباه، من دون حسيب ولا رقيب، فلم أجد جرأة للتعليق، ولو حتى بذلك الكلام الأبله الذي لا يودي ولا يجيب. 
ويبقى وجع سيناء مكتوماً متصاعداً، من دون أن يبدو أن أحداً يدرك عواقب انفجاره، أو حتى يكترث لذلك.

د. عبد الحميد خليفة : نحت الروح .. 3- النبع الكدر

أتراها لما سكن إليها وسكنت إليه ، لم يدر بعقليهما أن الكون كله يتسع لهما وحدهما في هذه الجنة الصغيرة الكبيرة ؟، وترى هل كان بالجنة حوريات رآها آدم؟ وهل خطر بعقل حواء أن ثمة رجال آخرين سيعمرون الكون من صلبهما؟ وهل تتكرر قصتها مع حواء جديدة وآدم آخر ؟
وهل دار بعقله أن يسأل الله حواء أخرى جديدة ليقارن بها زوجته هذه؟ 
وأغلب الظن أنه لم يفكر بذلك كله ، بل أعتقد أنه ربما شغلته حواؤه هذه عن كل خاطر بالنساء ، ربما لأن الكيمياء التي كانت بينهما هي من سهلت إحكام هذه العقدة الأبدية بينهما ألا تحل ، فهو بالنسبة لها أب وأخ وزوج وأم خرجت منه دون ولادة ، فكل هذه الروابط كفيلة بأن تجعلها دائما وأبدا مشدودة إليه ، 
وأظنه لم يفكر مطلقا أن يطلب من الله زوجة أخرى ، ذلك أنه الكل الذي يحن دائما وأبدا لجزئه المنفك عنه حنين قطرة لفم السقاء الذي انسلت منه. 
وربما كان حبهما الطاهر هذا هو الطريق الذي نفذ إليهما منه الشيطان ، فكل يوم يمر عليهما في الجنة تتعاظم فيه نبل أحلامهما وطهر مشاعرهما وتنمو فيه سعادتهما فسرعان ما تتبدل الأدوار بينهما فتصير هي أمه ويصير بين يديها طفلها وتحن لأخ يحنو عليها فتجده نعم الأخ وتفرح بلقياه زوجا فيغمرها بطوفان من المشاعر , 
والحق أنها منذ اللحظة الأولى لخروجها منه راقبته طويلا وكأنها تنحت روحه في كيانها فكانت لا ترفع عينيها منه أينما توجه ، وهو وجد فيها عالما من السحر والجمال والبهاء ، إنه لا يفكر في شيء إلا وكانت وحدها من يسعى لتلبيته دون أن يطلبه ، 
فقد كانت عيونهما كفيلة بأن تشي بكل خاطرة تثور في نفسه لتكون منيتها في الكون 
ولكن هاجس الأبدية والخلد الذي نفذ الشيطان إليهما منه فكرة معقدة حقا ، فهل يدوم حبهما ؟ ولأنهما بحكم الفطرة التي رسخت فيهما تأكدا أن لكل شيء بدء لابد أن يكون له نهاية واسترجع آدم علمه أنه سيعيش ألف عام ثم يموت ، تراها تعيش معي أم تسبقني فأعيش وحيدا من دونها ؟ وهل يتحمل أحدنا فراقه لنصفه الجديد ؟ 
آلاف الفكر نفذ الشيطان منها إلى قلبيهما الطاهر النقي ، وأياً كان ما وسوس به إليهما فقد فقدا بهذه الأفكار ما كانا يشعران به من هناءة في جنتهما الصغيرة 
إنها تلك الشجرة التي ترونها ، نعم الحل السحري لكل المشكلات 
شجرة الخلد وما أعظمها من فكرة لها بريق السحر ، وأسوأ الفروض فيها أننا سنكون معا حتى وإن أصابنا شر فقد أتحدنا ولن نفترق بعد اليوم 
ولأنهما يثقان بنقاء فطرتهما وثقا في المجهول وعولا عليه أن يخرجهما من حيرتهما النفسية ، لكن آدم بحكم أنه مجرب عالم ذكرها بوصية الله له ألا يأكل من هذه الشجرة وإن كانت الفكرة قد استغرقته بالكلية ,وقام المجهول بالأكل منها أمامهما . إنه لم يمت ربما كان محقا . ثم قررا أن يخوضا هذه التجربة ، إن حلمينا في الخلود يستحق المجازفة ولتكن قضمة صغيرة ، وما عساها أن تكون إننا تعاهدنا على التوحد فلا فرقة بعد اليوم ، إننا لم نفكر لحظة أن نعصي الله فيما أمرنا ، تقدم وأمسك الثمرة وشقها .تحركت يدها ويكاد الشوق يقتلها لترى النتيجة الحاسمة لما يفعلان ، وتحركت أحشائهما لأول مرة. رآها على غير ما عهدها عليه رآها شريك في الإثم ورأته متهاون في زجرها عن الزلل وأخذت الجنة تضيق وتضيق بهما وكلما مرا بمكان لهما به ذكريات أنكرهما. لا لستما من كانا هنا بالأمس فاستوحشا فيها وضاقت الجنة بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم ، وتبسم المجهول لقد ضيعتما فرصة الأبدية بعصيان أمر الله فلا موت في الجنة ولا شقاء فيها لكنكما من أتعبتما نفسيكما بالبحث عن مجهول معلوم إن جنتيكما في قلبيكما الصغير وهيهات هيهات أن تعود إليكما ، والخلد للطهر في أحلامكما أينما كان الإنسان ، 
"اهبطا منها بعضكم لبعض عدو" ، وأما قصة الخلد فكان الحكم واضحا "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" 
a.elhamed29@yahoo.com

النائب محمد العمدة يتسائل: هروب السيسي حقيقة أم شائعة

تسائل محمد العمدة النائب في مجلس الشعب السابق عن مدى صحة ما اوردته وسائل التواصل الاجتماعى عن هروب السيسي وقدموا في ذلك وثقية قالوا انها تؤكد هذا الاتجاه.
وقال العمدة عبر مدونته "مدونة النائب محمد العمدة" :
منذ عدة أيام تداول نشطاء عبر مواقع الإنترنت وثيقة مسربة منسوبة لمكتب السيسي تؤكد ضرورة توفير محل إقامة دائمة لأسرة السفاح في أوربا قبل 25 يناير 2015.
وجاءت الوثيقة في صورة مستند صادر من مكتب السفاح إلى وزارة الخارجية بضرورة توفير محل إقامة دائمة لأسرة السيسي في أوربا نظرًا للمظاهرات التي تجتاح مصر ولتوقعات بزيادة هذه المظاهرات وارتفاع أعدداها وانتشارها في جميع المحافظات في 25 يناير 2015م .
وأكدت الوثيقة ضرورة سرعة توفير محل الإقامة قبل يوم 20 يناير مع الحفاظ على السرية الكاملة ، واعتماد المبالغ اللازمة لذلك من الميزانية الخاصة لرئاسة الجمهورية . 
وقال العمدة : بالطبع الوثيقة سالفة الذكر تحتمل الخطأ والصواب في نسبتها لمكتب السيسي لأن التسريبات عن مكتبه ليست جديدة ، بل إن تسريب صورة خطاب أيسر بكثير من تسريب عدة مكالمات تليفونية تمت في أماكن مختلفة داخل وزارة الدفاع ، كما تحتمل أن تكون مفبركة .
ولكن الأمر المثير للشكوك هو أن يسافر السيسي إلي سويسرا لحضور فعاليات المنتدى الإقتصاي العالمي في دافوس ، وأن يترأس – يوم الجمعة الموافق 23 يناير 2015 - اجتماعًا مغلقًا يشارك فيه 52 شخصية دولية من رؤساء دول وحكومات ووزراء ورؤساء منظمات دولية حسب تصريحات السفير / علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة .
فالطبيعي والمنطقي ونحن قبل أيام قلائل من ذكري 25 يناير المجيدة والمسروقة أن يتواجد السيسي في مصر خلال هذه الأيام لاسيما في ظل اتساع نطاق الرفض الشعبي للانقلاب بعدما انسحب من حول السيسي العديد من الأحزاب والحركات والشخصيات العامة انسحابا صريحا أو من خلال الاختفاء من المشهد السياسي والإعلامي ، أما أن يتوجه إلي سويسرا وأن يتضمن برنامجه فعاليات بها يوم 23 يناير فهذا أمر بالفعل مثير للشكوك لاسيما وأن تصريحات المتحدث الرسمي باسم الرئاسة لم تكشف لنا متى ستنتهي الزيارة ومتى سيعود .
ولأن أحمد المسلماني العفريت تلميذ المدرسة الفلسفية السفسطائية الذي ينضم إليك اليوم في تأييد الثورة والدولة المدنية الديمقراطية ويتحفك بآراء بهية ، ثم غدا يقنعك بأهمية الدولة العسكرية الاستبدادية ، فلأنه عفريت أدرك أن زيارة السيسي سالفة الذكر في هذا التوقيت سوف تثير الشكوك في نفوس الناس لذلك صرح في برنامجه علي قناة الحياة أن زيارة السيسي لسويسرا في هذا التوقيت دليل الثقة والثبات والاستقرار حتي يتحاشى الأثر السلبي علي نفوس باقي شركاء الانقلاب الذين يقتلون الشعب ويخسرون دينهم ودنياهم للحفاظ علي دنيا السيسي وباقي رجال المجلس العسكري .
ولذلك فنحن نتسائل هل سيعود السيسي قبل 25 يناير أم سيتم الإعلان يوم 24 يناير أن الطائرة بها عطل أو أنه سيتوجه لملك لسعودية للاطمئنان علي صحته.

فيديو نادر جدا ينشر لاول مرة حول نقل المحمل الشريف من القاهرة للحجاز

شاهد ماذا قال توفيق عكاشة عن مرتضى منصور وتهانى الجبالى والبلتاجى والشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل

21 يناير 2015

فيديو.. سوزان مبارك: مصر دولة عسكرية ولا يحكمها الا العسكر



هيومن رايتس ووتش: وثقنا مقتل 9 سجناء تحت وطأة التعذيب

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان السلطات المصرية الأربعاء 21 يناير/كانون الثاني بسوء معاملة السجناء ما يتسبب غالبا بحالات وفاة.
وقالت المنظمة إنها سجلت تسع وفيات في السجون منذ منتصف عام 2013 عندما شنت أجهزة الأمن المصرية حملة على مؤيدي الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
واستنادا إلى مقابلات مع أقارب المحتجزين ومحاميهم قالت المنظمة إن كثيرين لقوا حتفهم بسبب احتجازهم في زنازين مكتظة إلى حد كبير، أو لعدم حصولهم على الرعاية الطبية الكافية بالإضافة إلى تعرضهم للتعذيب.
من جانبها، نفت الحكومة المصرية الاتهامات الموجهة إليها، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية هاني عبد اللطيف إن هذا الكلام عار عن الصحة وهذه الاتهامات غريبة ولم تصدر قط من جهة أخرى من قبل.
وجاء في تقرير المنظمة
(نيويورك) ـ عشرات المصريين توفوا في عهدة الحكومة في 2014، مع تكدس الكثيرين منهم في أقسام الشرطة في ظروف تهدد الحياة. ومع ذلك فإن السلطات لم تتخذ حتى الآن أية خطوات جدية لتحسين ظروف الاحتجاز أو للتحقيق المستقل في وفيات المحتجزين.
ويبدو أن بعض المحتجزين قد توفوا بعد التعرض للتعذيب أو الإساءة البدنية، كما اكتشفت هيومن رايتس ووتش. لكن الكثيرين توفوا على ما يبدو بسبب احتجازهم في زنازين شديدة الاكتظاظ أو عدم حصولهم على الرعاية الطبية الكافية في أمراض خطيرة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تفيض السجون وأقسام الشرطة في مصر بأنصار المعارضة الذين اعتقلتهم السلطات، فيجري احتجاز الأشخاص في ظروف لاإنسانية من الاكتظاظ الشديد، والنتيجة المتوقعة هي حصيلة الوفيات المتصاعدة".
وقد قامت هيومن رايتس ووتش على نحو مستقل بتوثيق 9 وفيات أثناء الاحتجاز منذ منتصف 2013 استناداً إلى أدلة قدمها أقارب الضحايا ومحاموهم، علاوة على شهادات طبية. وفي إحدى الحالات، بدا أن المحتجز تعرض للضرب ثم توفي في زنزانة شديدة الاكتظاظ بقسم شرطة. وفي بقية الحالات، كان المحتجزون مصابين بأمراض القلب أو السرطان أو غيرها، وحرموا إما من العلاج الطبي الضروري أو من الإفراج لأسباب صحية، وفي بعض الحالات تم احتجازهم في ظروف من الاكتظاظ أدت إلى تفاقم مشاكلهم الصحية.
وقد أدت حملة اعتقالات موسعة تستهدف الإخوان المسلمين، الذين أعلنتهم الحكومة تنظيماً إرهابياً، وغيرهم من معارضي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الضغط على السجون المصرية، ودفع تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص بالسلطات إلى إيواء العديد من المشتبه بهم في مرافق احتجاز مؤقتة.
وبحسب تحقيق نشرته صحيفة "الوطن" في ديسمبر/كانون الأول واستند إلى إحصائيات لمصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، توفي ما لا يقل عن 90 محتجزاً في مرافق الشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة وحدهما أثناء الاحتجاز في الشهور العشرة والنصف الأولى من 2014.
وقد وجد تقرير لمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وهو منظمة غير حكومية مصرية، تولى فحص المئة يوم الأولى من حكم السيسي، أن ما لا يقل عن 35 شخصاً توفوا أثناء الاحتجاز ـ ومعظمهم في أقسام الشرطة ـ بين أوائل يونيو/حزيران وأوائل سبتمبر/أيلول. وفي الحالات الـ15 التي حدد المركز فيها سبب الوفاة، انطوت 13 منها على الاكتظاظ أو الإخفاق في توفير الرعاية الطبية، وانطوت اثنتان على الإساءة البدنية.
ولم تكشف الحكومة عن أعداد الوفيات أثناء الاحتجاز على مستوى البلاد، لكن الأعداد التي سجلتها مصلحة الطب الشرعي في القاهرة والجيزة كانت تمثل زيادة تقترب من 40 بالمئة مقارنة بالوفيات الـ65 التي سجلتها المصلحة نفسها في 2013، بحسب تقرير "الوطن". وقد نقلت الصحيفة عن هشام عبد الحميد الناطق باسم مصلحة الطب الشرعي قوله إن الاكتظاظ بسبب موجة المحتجزين الجدد هو السبب الأساسي في ارتفاع الوفيات. كما انتظمت منظمات إخبارية على نقل أخبار حالات الوفاة في مقرات الاحتجاز بمحافظات أخرى، ما يوحي بأن العدد الإجمالي على المستوى الوطني قد يكون أعلى بكثير.
والسلطات المصرية ملزمة بموجب القانون الدولي بتوفير نفس مستويات الرعاية الصحية للمحتجزين ومطلقي السراح على السواء، وبموجب المعايير الدولية لا ينبغي استخدام الحبس الاحتياطي إلا كإجراء أخير.
أما المادة 55 من الدستور المصرى الذي تم تبنيه في 2014 فتحظر تعذيب المحتجزين أو الإساءة إليهم بدنياً، وتلزم السلطات بمعاملة كل محتجز "بما يحفظ عليه كرامته" واحتجازه في مرافق "لائقة إنسانياً وصحياً". وتقرر المادة أن مخالفة هذه الأحكام جريمة. كما تقرر المادة 56 أن السجون وأماكن الاحتجاز تخضع للإشراف القضائي، و"يحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان أو يعرض صحته للخطر".
ورغم العدد المتصاعد من الوفيات والتقارير واسعة الانتشار عن إساءة المعاملة وغياب الرعاية الطبية والاكتظاظ الشديد، إلا أن النيابة لم تتقدم ضد الشرطة إلا بقضية واحدة مرتبطة بوفاة محتجزين منذ منتصف 2013. وقد نبعت القضية من واقعة في 18 أغسطس/آب 2013 توفي فيها 37 محتجزاً بعد قيام الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع داخل عربة ترحيلات كانوا محبوسين فيها بسجن أبو زعبل. وأدان أحد القضاة 4 من رجال الشرطة، لكن محكمة الاستئناف أمرت في يوليو/تموز بإعادة محاكمتهم، وتقررت الجلسة التالية في 22 يناير/كانون الثاني.
وفي رسالة إلى هيومن رايتس ووتش تم تهريبها من سجن طرة في مارس/آذار 2014، قال أحد السجناء إن فرق النيابة كانت تزور السجون لكنها رفضت الاستماع إلى شكاوى السجناء. وقال السجين: "كل ما فعلوه هو دخول كل زنزانة وإلقاء نظرة سريعة، وإحصاء الأسرّة وتدوين الأسماء بكل زنزانة".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات التحقيق في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز وملاحقة رجال الشرطة وغيرهم من المسؤولين المشتبه في ارتكابهم للإهمال أو الانتهاكات. وعلى النائب العام المصري الإفراج عن جميع المحتجزين لمجرد ممارسة حقوقهم المكفولة دستورياً في التظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي السياسي. كما يجب على النائب العام استحداث عملية لمراجعة ممارسات الحبس الاحتياطي، مع استبعاده مبدئياً في جميع الحالات، وضمان الإفراج الفوري عن جميع المحتاجين إلى رعاية طبية غير متاحة في الاحتجاز.
قالت سارة ليا ويتسن: "لقد بدت السلطات المصرية راضية عن نفسها إلى حد صادم في وجه هذا العدد الكبير من وفيات المحتجزين. وعليها أن تضمن التحقيق المستقل في جميع تلك الوفيات وكذلك في مزاعم الانتهاكات، وإقرار وإنفاذ ضمانات فعالة لحماية كل من يوجد في عهدة الدولة".

وفيات أثناء الاحتجاز

رغم أن السلطات المصرية لا تنشر إحصائيات عن نزلاء السجون إلا أن أعداد السجناء قد ارتفعت كثيراً على الأرجح منذ قام الجيش بعزل مرسي، أول رئيس مصري ينتخب بحرية، في يوليو/تموز 2013، وشروعه في حملة قمعية على الإخوان المسلمين. احتجزت السلطات ما لا يقل عن 41 ألف شخص، بحسب إحصائية تستند إلى تقارير إعلامية نشرها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة مستقلة. ويقدر الإخوان عدد المعتقلين من أعضائهم أو مؤيدي تنظيمهم المحتملين بـ29 ألفاً.
في ديسمبر/كانون الأول أعلن أحد مسؤولي وزارة الداخلية أن السلطات اعتقلت في 2014 10 آلاف شخص متهم بالشغب أو الاعتداء على أقسام الشرطة أو الانتماء إلى تنظيم إرهابي أو تخريب خطوط السكك الحديدية، وأوحى بارتباطهم جميعاً بالإخوان. وفي يوليو/تموز قالت وزارة الداخلية للجنة تقصي الحقائق الرئاسية التي تحقق في الأحداث المحيطة بعزل مرسي إن ما يزيد على 7000 شخص ممن اعتقلوا أثناء تلك الأحداث ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي.
وأفادت صحيفة "الوطن" بأن هشام عبد الحميد الناطق باسم مصلحة الطب الشرعي قال إن فريقاً من المصلحة قام بمسح أقسام الشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة ووجد أن الاكتظاظ هو السبب الرئيسي لتزايد الوفيات. وقال عبد الحميد إن السجون تفتقر إلى السعة اللازمة لاستيعاب تدفق السجناء لفترات قصيرة، ومن ثم اضطرت السلطات إلى احتجاز السجناء في أقسام الشرطة المكدسة وغيرها من المرافق حيث يخصص لكل سجين، في المتوسط، نصف متر مربع من المساحة فقط.
وقد نقل عن عبد الحميد قوله إن تصاعد درجات الحرارة في الصيف وانتشار الأمراض في الشتاء قد أديا إلى زيادة "طبيعية" في وفيات المحتجزين، وإنها نتجت عن "حالات طبية" ولم تثر أية "شبهات جنائية". قالت "الوطن" إن مصدراً مجهولاً داخل مديرية أمن القاهرة أبلغ الصحيفة بأن السلطات قامت بتركيب أجهزة تكييف لتحسين الظروف في بعض المرافق الشرطية في القاهرة والجيزة.
وقد رفض عبد الحميد، الذي تم الاتصال به هاتفياً في ديسمبر/كانون الأول، الرد على استعلامات هيومن رايتس ووتش عن وفيات المحتجزين أثناء الاحتجاز والإساءة إليهم. ولم يرد مكتب هشام بركات، النائب العام، على خطاب لـ هيومن رايتس ووتش بتاريخ 8 يوليو/تموز يستعلم عن أية تحقيقات جارية في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز أو في انتهاك حقوق المحتجزين على مدار العام الماضي. وفي 1 يوليو/تموز قال الناطق باسم وزارة الداخلية، اللواء عبد الفتاح عثمان، في برنامج حواري تلفزيوني إن الروايات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عن ممارسة الشرطة للاغتصاب والتعذيب "ليس لها أساس من الصحة"، ووصف السجون المصرية بأنها "مثل الفنادق".
ونادراً ما تظهر تقارير عن تعويض محتجزين تم انتهاك حقوقهم أو إساءة معاملتهم. في 14 يناير/كانون الثاني، في حكم نادر، حكمت محكمة إدارية بالإسكندرية بأن تدفع وزارة الداخلية مبلغ 75 ألف جنيه مصري (10341 دولار أمريكي) لسجين سابق تعويضاً عن الدخل المفقود نتيجة بتر ذراعه بعد إصابتها بالعدوى من حقنة تلقاها من محقن ملوث. وقد سبق للمنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سنوات سابقة الفوز بأحكام مشابهة، لكن وزارة الداخلية أخفقت في السداد في بعض تلك القضايا، بحسب صحيفة "الأهرام".
الحق في الصحة
رغم واقعة أبو زعبل وبعض الروايات عن حالات وفاة أثناء الاحتجاز انطوت على التعذيب أو الإساءة البدنية، إلا أن عدداً كبيراً من حالات الوفاة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش في الإعلام والتقارير الصادرة عن منظمات غير حكومية ـ علاوة على أغلبية الحالات التسع التي تحققنا منها على نحو مستقل ـ تبدو ناجمة عن نقص الرعاية الطبية، التي فاقم منها ظروف الاكتظاظ.
وتنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لمعاملة السجناء، التي تبنتها الجمعية العامة في 1990، على أنه "ينبغي أن توفر للسجناء سبل الحصول على الخدمات الصحية المتوفرة في البلد دون تمييز على أساس وضعهم القانوني". كما أن الحق العالمي في "التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه" كما تصفه وتعترف به مختلف الاتفاقيات الدولية، ومنها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد صدقت مصر على كليهما، ينطبق أيضاً على السجناء.
علاوة على هذا، وبموجب المعايير الدولية، لا يجوز استخدام الحبس الاحتياطي إلا عندما يكون ضرورياً لضمان نزاهة الإجراءات الجنائية، مع مراعاة احتمالات فرار المحتجز. وينبغي لصحة المحتجز وقدرة نظام السجون على توفير الرعاية الملائمة أن تولى اعتباراً أساسياً في الحبس الاحتياطي.
ويعمل قانون السجون المصري لسنة 1956 وقرار وزارة الداخلية رقم 79 لسنة 1961 على فرض الرعاية الكافية من جانب أطباء السجن، وسرير لكل نزيل، بمن فيهم المحبوسون احتياطياً، لتجنب الاكتظاظ. لكن في الحالات التسعة التي تحققت منها هيومن رايتس ووتش دأبت السلطات على تجاهل وانتهاك تلك الأحكام. كما دأبت سلطات السجون على تجاهل اشتراط إبلاغ الأقارب فوراً بوفاة أي سجين، واستهانت باشتراط إبلاغ النيابة كلما توفي أحد السجناء "فجأة" أو نتيجة لحادث أو فعل جنائي.
وقد وجد تقرير عن الرعاية الصحية في السجون ومرافق الاحتجاز، أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في 2014، أن الظروف بصفة عامة لا تلبي الاشتراطات الدنيا المتعلقة بالحق في الصحة والتي يكفلها القانون الدولي ـ رغم أن جودة الرعاية تباينت بحسب الموقع ـ وأن خدمات الطوارئ العاجلة كانت "شديدة المحدودية عادة".
وقال محتجزون سابقون أجرت معهم المبادرة مقابلات إنهم نادراً ما كانوا يحصلون على رعاية طبية، إن حصلوا عليها، من الممارسين العموم قليلي الخبرة المثقلين بالأعباء الذين يشغلون مناصب أطباء السجون. وقال المحتجزون إنهم عالجوا أنفسهم بأدوية جلبها أقاربهم أو أوصى بها زملاؤهم من النزلاء. وكثيراً ما كان مأمورو السجون يتدخلون في نصائح الأطباء الطبية وتوصياتهم عند إتاحتها، على حد قول السجناء.
وقال سجناء للمبادرة إن الاكتظاظ، مقترناً بسوء التهوية، يجعل الزنازن والعنابر باردة في الشتاء وحارة لدرجة لا تطاق في الصيف.
في سبتمبر/أيلول أدخلت وزارة الداخلية تعديلات على قرارها لسنة 1961، لكن التعديلات كانت قاصرة عن تلبية المعايير المصرية والدولية، كما قالت المبادرة، حيث أنها لم تلزم بتناسب عدد الأطباء في كل سجن مع عدد نزلائه، ولا حددت العدد الأقصى الذي يمكن استيعابه من السجناء في كل زنزانة. ولم تتصد أيضاً لأوجه قصور أخرى حددتها المبادرة في لوائح السجون، من قبيل تمتع مأموري السجون وغيرهم من المسؤولين الإداريين بسلطة التصديق على توصيات الأطباء بالعلاج أو الإفراج.

حالات الوفاة أثناء الاحتجاز

أحمد إبراهيم: آثار تعدي بالضرب
توفي أحمد إبراهيم، 23 سنة، في ساعة مبكرة من صباح 15 يونيو/حزيران 2014 في قسم شرطة بحي المطرية في القاهرة. وكان إبراهيم يدرس تركيب أنظمة التكييف والتدفئة قبل الحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات للسرقة في 2012. وكانت سلطات السجن قد نقلته إلى قسم شرطة المطرية في 14 يونيو/حزيران لإنهاء إجراءات الإفراج المبكر عنه. وقال والده، محمد إبراهيم، لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى أحمد حياً للمرة الأخيرة عندما أخذ له بعض الطعام إلى قسم الشرطة مساء ذلك اليوم. وقال إن نجله كان محتجزاً في زنزانة شديدة الحرارة مساحتها 4 أمتار في 4، مكدسة لدرجة أن السجناء اضطروا للبقاء وقوفاً.
وقال محمد إبراهيم لـ هيومن رايتس ووتش إنه تقدم بشكوى لنقيب الشرطة المسؤول عن القسم من أن ظروف الاحتجاز لاإنسانية، لكن الضابط لكمه وقال له أن يبحث عن طبيب ما دام هذا رأيه. تحدث إبراهيم مع نجله لفترة قصيرة، فطمأنه الأخير إلى أنه سيعيش حتى الإفراج المنتظر. ومع ذلك ففي نحو الواحدة صباحاً تلقى إبراهيم مكالمة خلوية من أحمد الذي قال: "أبي، إنني أموت"، كما قال الأب لـ هيومن رايتس ووتش.
قال إبراهيم إنه طلب عربة إسعاف لكن عند ذهابه إلى القسم في صباح اليوم التالي، أبلغته الشرطة بوفاة أحمد أثناء نقله بالإسعاف إلى مستشفى بينه وبين القسم مسافة قصيرة. وفي المشرحة شاهد إبراهيم آثار دماء على شفتي نجله وكدمات على وجهه ورأسه ـ وهي الإصابات المدونة في تقرير الطبيب الشرعي، الذي وجد أيضاً أن رئتي أحمد بهما تورم وآثار نزيف.
قال إبراهيم لـ هيومن رايتس ووتش إنه يشتبه في تعدي الشرطة بالضرب على نجله. وقال إنه قدم شكوى للنيابة المحلية، التي لم توجه اتهامات. وبحسب تحقيق صحيفة "الوطن" في ديسمبر/كانون الأول، توفي 8 محتجزين في قسم شرطة المطرية في 2014، وهو أعلى رقم وسط جميع المواقع في القاهرة والجيزة.
الدكتور طارق محمد الغندور: الرفض لرعاية طبية كان من شأنها إنقاذ حياته
توفي الدكتور طارق محمد الغندور، أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس والقيادي المحلي بجماعة الإخوان المسلمين، في صباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني في وحدة الرعاية المركزة بمعهد الكبد التابع لجامعة المنوفية، الذي كان قد نقل إليه قبل ساعات.
وقد وقعت وفاته من مرض الكبد عقب ما يقرب من عام من الاحتجاز الذي حرمته السلطات أثناءه من الوصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، بحسب عائلة الغندور وأصدقائه.
اعتقلت الشرطة الغندور في 18 ديسمبر/كانون الأول 2013 من منزله في حي مدينة نصر بالقاهرة، واتهمته النيابة بعدة جرائم تتعلق بعضويته في جماعة الإخوان، وفي أبريل/نيسان أدانه قاض بتهمة المشاركة في مظاهرة غير مشروعة وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، رغم أدلة على وجوده في مقر نقابة الأطباء طوال يوم المظاهرة المعنية، كما قالت زوجته لـ هيومن رايتس ووتش.
ورغم معاناة الغندور من فيروس الالتهاب الكبدي "سي"، وتشمع الكبد وغيره من المشاكل، واحتياجه لزراعة الكبد من متبرع توصلت إليه أسرته، إلا أن السلطات واصلت احتجازه أثناء نظر الاستئناف الذي تقدم به في الحكم بسجنه، ولم تنقله إلى مستشفى يمكنه إجراء زراعة الكبد فيه. وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وشهود أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات، فإن مستشفيات السجون المصرية غير مجهزة للجراحة، وكثيراً ما تضغط السلطات على المستشفيات العامة لإعادة سجناء دخلوها بأقصى سرعة، مما يمنع متابعة العلاج أو النقاهة أحياناً.
قامت عائلة الغندور بإبلاغ النيابة بحالته الصحية وطلبت الإفراج عنه من أجل زراعة الكبد، وكتبت زوجته مناشدات مماثلة إلى الرئاسة والمجلس القومي لحقوق الإنسان ذي الصفة شبه الحكومية.
وفي 28 أبريل/نيسان كتب مكتب نيابة شرق القاهرة إلى سلطات السجن مطالباً بتوقيع الكشف الطبي على الغندور لتحديد مدى احتياجه للجراحة واتخاذ خطوات أخرى "وفق مقتضى القانون"، وهذا بحسب خطاب قدمته عائلة الغندور. وفي 4 مايو/أيار قام طبيب السجن بإرسال تقرير طبي إلى سلطات السجن يوصي بنقل الغندور إلى المستشفى التخصصي لجامعة عين شمس لإجراء زراعة الكبد، ويحذر من تدهور صحته إذا لم يتم هذا. تم تهريب التقرير إلى عائلة الغندور، التي قدمته إلى هيومن رايتس ووتش.
في النهاية قال مسؤولو السجن الإدرايون إنهم سيحققون، بحسب عائلة الغندور، لكنهم كانوا في ذلك الوقت قد نقلوا الغندور إلى سجن، ومن بعده إلى سجن آخر. ففي أواخر أكتوبر/تشرين الأول نقلته السلطات إلى سجن شبين الكوم بمحافظة المنوفية بسبب قربه من المعهد القومي للكبد. وسمحت سلطات السجن بإجراء جراحة له في المعهد استلزمتها حالة تشمع الكبد، لكنها أصرت على عودته الفورية إلى السجن بعد الجراحة بدون السماح له بالنقاهة. وقال ابن عم الغندور، وهو طبيب أمراض جلدية أيضاً، لـ هيومن رايتس ووتش إن بقاءه مدة أطول كان ضروريا.
وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "أعرف أن جميع المستشفيات بصفة عامة لا تقبل السجناء السياسيين بسهولة، فلديهم تعليمات بعدم قبولهم. قال الطبيب وقتها إن من الصعب عليهم قبول سجناء سياسيين لأنهم يجلبون الكثير من المشاكل لهم وللمستشفى".
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد ما يقرب من عام من اعتقال الغندور، قامت لجنة طبية شكلها السجن بمراجعة قضيته وطلبت فحص الكبد المتشمع بالموجات فوق الصوتية، كما قالت زوجته. وأجرى الغندور فحص الموجات فوق الصوتية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني. وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي بدأ يتقيأ دماً. فنقلته سلطات السجن إلى مستشفى جامعة المنوفية، حيث وضع تحت حراسة الشرطة وطوال 3 ساعات تقريباً لم يتلق علاجاً يذكر بخلاف نقل الدم، كما قال أقارب له كانوا قد شاهدوه لـ هيومن رايتس ووتش. قال شقيق الغندور وابن عمه، اللذان وصلا إلى المستشفى من القاهرة بعد تلقي العائلة لمكالمة من أحد الأطباء، إنهما وجداه منتبهاً وقال لهم: "لقد تقيأت دلواً من الدماء".
رفضت الشرطة نقل الغندور إلى معهد الكبد، فساعده شقيقه وابن عمه على قطع المسافة التي تستغرق نحو 10 دقائق على قدميه. ووافق أحد مديري المعهد على دخوله، وبدأ الأطباء في إجراء منظار، لكنه ظل ينزف بغزارة، وتوقف قلبه ودخل في غيبوبة. ونقله الأطباء إلى وحدة العناية المركزة، حيث توفي في الصباح التالي.
وبعد يومين دعا حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وزير الداخلية والنائب العام للتحقيق في وفاة الغندور، لكن أياً منهما لم يعلن عن فتح تحقيق.
محمود عبد الرحمن المهدي: نوبات قلبية متكررة
توفي محمود عبد الرحمن المهدي، 51 سنة والموظف الحكومي، أثناء الاحتجاز بمستشفى السويس العام يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني بعد احتجازه طوال شهور في زنزانة سجن مكتظة، ومعاناته من نوبات قلبية على ما يبدو.
وقد اعتقل ضباط الأمن الوطني المهدي، وهو أحد مؤيدي الرئيس المعزول، يوم 19 يناير/كانون الثاني 2014 من مكتبه في السويس. واتهمته النيابة بحيازة أسلحة نارية والتحريض على العنف والانتماء إلى جماعة محظورة ـ هي الإخوان المسلمين. وأمرت باحتجازه لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق، ثم جددت أمر الحبس عدة مرات حتى أغسطس/آب، حين برأه أحد القضاة. استأنفت النيابة حكم البراءة، وأمر القاضي بالإفراج عن المهدي بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه (1400 دولار) إلا أن ضباط الأمن الوطني تقدموا بمزاعم جديدة دفعت النيابة إلى تقديم اتهامات جديدة بحقه واستبقائه في الحبس الاحتياطي.
واحتجزت السلطات المهدي بسجن عتاقة في السويس، في زنرانة بها نحو 50 نزيلاً آخرين وصغيرة لدرجة أنهم كانوا يتناوبون على النوم، كما قالت ابنة المهدي لـ هيومن رايتس ووتش. بدأ المهدي يعاني من آلام في الصدر ونقل إلى مستشفى السويس العام 3 مرات، بحسب ابنته. ورتبت الأسرة زيارة من مفتش وزارة الصحة للمهدي في السجن، فأوصى المفتش بنقله الفوري إلى مستشفى، رغم رفض المستشفى لقبوله. ويبدو أن كثيراً من الأطباء يترددون في قبول السجناء الذين يعتبروا سياسيين لأنهم لا يريدون تحمل المسؤولية القانونية، كما قالت ابنة المهدي.
وقالت أيضاً: "في الواقع، كان أبي في الفترة الأخيرة يرفض الذهاب إلى المستشفى عند شعوره بالمرض، لأنه يعتبره جهداً لا طائل من ورائه".
وفي عصر أحد الأيام في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، قبل وفاة المهدي بأيام قليلة، اشتد عليه الألم حتى بدأ بعض زملائه المسجونين في طرق قضبان الزنزانة لطلب المساعدة، كما قالت ابنته، لكن الأمر استغرق 10 ساعات حتى نقلته سلطات السجن إلى مستشفى السويس العام، حيث شخص الأطباء ارتفاع ضغط الدم ومستوى السكر في الدم، وقالوا إنه ربما يعاني من نوبة قلبية. أدخل الأطباء المهدي إلى وحدة العناية المركزة لمدة تقل عن 12 ساعة، ثم نقلوه إلى عنبر السجن بالمستشفى، وهو مرفق بدا أنه يفتقر إلى أبسط المعدات، بما فيها قناع الأكسجين، كما قالت ابنة المهدي.
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني تعرض المهدي لنوبة أخرى من نوبات آلام الصدر، وأخذه الأطباء إلى وحدة العناية المركزة لوضع قناع الأكسجين وإجراء تخطيط القلب الكهربي. ورغم أن المهدي قال إنه مريض ولا يستطيع التنفس، كما قالت ممرضات وآخرون لابنته، إلا أن الأطباء أعادوه إلى عنبر السجن، حيث توفي بعد ساعات قليلة.
وبموجب معايير الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، ينبغي نقل السجناء المرضى المحتاجين إلى علاج تخصصي إلى مؤسسات متخصصة أو مستشفيات مدنية. ورفض المستشفى قبول سجين مريض لا يعفي سلطات السجن من واجب توفير الرعاية الكافية للسجين، مثل نقله إلى مستشفى آخر، بحسب هيومن رايتس ووتش.
أبو بكر أحمد حنفي: استمرار الاحتجاز رغم مرض النزع الأخير
توفي أبو بكر أحمد حنفي، المحاسب والقيادي بجماعة الإخوان في محافظة قنا، بسجن أسيوط يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني بعد أكثر من 10 شهور من الاحتجاز. وكانت الشرطة قد اعتقلته في الأول من يناير/كانون الثاني 2014 من مكتبه بمحافظة قنا، واتهمته بالتورط في أعمال شغب أتلفت محطة القطار الرئيسية بقنا في يوليو/تموز 2013.
أمرت النيابة باحتجاز حنفي على ذمة المحاكمة، وفي يوليو/تموز بينما كان حنفي في سجن قنا، بدأ يعاني من آلام في المعدة وقيء، كما قالت زوجته لـ هيومن رايتس ووتش. وبعد عدة أسابيع أرسله أحد أطباء السجن إلى مستشفى جامعة قنا لإجراء فحوصات. وقال طبيب هناك إن أعراضه نفسية جسمية، وأمر بإعادته إلى السجن.
ونقلته سلطات السجن إلى مستشفى السجن عندما استمر في التقيؤ، ثم قامت بتغذيته وريدياً لأنه عجز عن تناول الطعام، بحسب زوجته. وبعد ذلك أعادته إلى المستشفى الجامعي، حيث شخص الأطباء سرطان الكبد والبنكرياس، وقدروا أن الباقي من عمره 3 شهور فقط، كما قال شقيق حنفي السجين بنفس المنشأة لزوجته.
وفي 7 سبتمبر/أيلول وافقت سلطات السجن على نقل حنفي إلى مستشفى أسيوط الجامعي لإجراء أشعة الرنين المغنطيسي، لكن النقل استغرق 10 أيام. وأكد فحص الرنين نتائج الفحوصات السابقة، لكن الأطباء طلبوا عينة من النسيج الحي. وفي هذه الأثناء طلب محامي حنفي الإفراج عنه لمعاناته من مرض الموت، لتلقي العلاج. وفي جلسة للمحكمة بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول بعد بدء المحاكمة، أمر القاضي بالمزيد من الفحوص الطبية. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، بدلاً من الإفراج عن حنفي، أمر بنقله إلى المستشفى.
وبعد يومين أرسلته السلطات إلى مستشفى قنا الجامعي أولاً، ثم إلى مستشفى أسيوط الجامعي، حيث استبقاه الطبيب لمدة 13 يوماً في عنبر السجناء، الذي خضع فيه للحراسة وكان مقيد اليدين طوال الوقت تقريباً، كما قالت زوجته. خضع حنفي لعينة النسيج الحي، لكن لأن سلطات السجن خلطت بين نتيجته ونتيجة سجين آخر، اضطر حنفي للعودة لإجراء عينة أخرى، مما أخر ظهور نتيجة العينة إلى الأسبوع الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني أمر الأطباء بخروج حنفي، ووصفوا له أدوية وأمروا بنقله إلى مستشفى قنا الجامعي. لكن أحد ضباط السجن أصر على أخذه إلى سجن أسيوط أولاً حيث تناقش الضابط والمأمور، بحسب زوجة حنفي، في ما إذا كان يجب استمرار احتجازه. في النهاية أمر المأمور باحتجازه في انتظار النقل إلى قنا.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني قال حراس السجن لزوجة حنفي إنها لا تستطيع زيارته. وفي اليوم التالي سمحوا لابن شقيق حنفي بالدخول، فاكتشف وفاة حنفي. وقال شقيق حنفي السجين إن الحراس عثروا على حنفي متوفياً في زنزانته ونقلوا جثمانه إلى عربة إسعاف. وكتبوا في شهادة الوفاة إنه توفي في مستشفى.
إن إعادة مريض في حالة حرجة مثل حنفي إلى السجن على الرغم من توصيات الأطباء بإرساله إلى مستشفى آخر كانت ترقى على الأرجح إلى مصاف المعاملة اللاإنسانية والمهينة بموجب القانون الدولي.
عبد الرحمن الرزاحي: الإخفاق في السماح بالرعاية داخل السجن
توفي عبد الرحمن الرزاحي، الموظف الذي يبلغ من العمر 43 عاماُ والقيادي بجماعة الإخوان من محافظة أسيوط، يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2013 أو بعده بقليل، في سجن طرة في القاهرة.
اعتقلت الشرطة الرزاحي في 17 أغسطس/آب 2013 بعد 3 أيام من تفريق قوات الأمن الوحشي للاعتصامين المؤيدين لمرسي في العاصمة وقتل ما يزيد على 800 شخص معظمهم من مؤيدي الإخوان المسلمين. اتهمت النيابة الرزاحي بالتجسس لحساب حركة حمماس الفلسطينية والفرار أثناء ثورة 2011 من سجن وادي النطرون ـ حيث كان يجري احتجاز العديد من قادة الإخوان أثناء انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011.
وقد احتجزته السلطات في البداية في الحبس الانفرادي في قسم مشدد الحراسة من ليمان طرة. وحين رأته زوجته بعد أكثر من شهر من اعتقاله، كان الرزاحي قد فقد بعض وزنه وأصابه المرض والقيء، كما قالت. وقالت إن خيرت الشاطر، القيادي الإخواني البارز المحتجز مع الرزاحي، كان قد طلب من إدارة السجن السماح بعرض الرزاحي على طبيب، لكن المأمور رفض، وأضافت أن حراس السجن كانوا أحياناً يلقون بأدوية يجلبها شقيق الرزاحي إليه. تدهورت صحة الرزاحي، بحسب زوجته، وطلب طبيب عيون يشاركه الزنزانة من السلطات نقله إلى المستشفى. فرفضت السلطات ولم تسمح لطبيب العيون إلا بطلب تحاليل للرزاحي. ولم تكشف التحاليل عن أي شيء غير طبيعي، كما قالت.
قالت زوجة الرزاحي لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تعتقد أن النيابة ستفرج عن الرزاحي لعدم وجود أي أدلة على سجنه في وادي النطرون، لكن ضباط الأمن الوطني قدموا شهادة لمنع الإفراج عنه. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2013، أمر قاضي التحقيق بالإفراج عن الرزاحي بدون كفالة لأسباب صحية، ووصلت عربة إسعاف لنقله إلى منزله في أسيوط. لكن النيابة استأنفت قرار الإفراج، وأمر القاضي باحتجاز الرزاحي لمدة 45 يوماً أخرى على ذمة التحقيقات، كما قالت زوجته.
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، وصل شقيق الرزاحي إلى السجن لزيارته، فوجد المنشأة في فوضى. وقال له الحراس إن أحد السجناء توفي وأمروه بالانصراف. اتصل شقيق الرزاحي بمحاميّ العائلة، الذين اكتشفوا وفاة الرزاحي وأن السلطات نقلت الجثمان بالفعل إلى مشرحة زينهم في القاهرة. قال شقيق الرزاحي إن عمال المشرحة أبلغوه بأن ضباط الأمن الوطني أمروهم بالامتناع عن تأكيد وجود الجثمان هناك. وعند السماح لشقيق الرزاحي بأخذ الجثمان أخيراً، سأله مسؤولو المشرحة عما يريد كتابته في شهادة الوفاة. فرد بأنه لا يهم، فكتبوا "هبوط حاد في الدورة الدموية".
قالت زوجة الرزاحي لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي ليمان طرة لم يجروا أي فحوص طبية لزوجها، لكن طبيب السجن أبلغها بأنه يشتبه في إصابته بقرحة المعدة.

الأمين العام لـمنظمة العفو الدولية: الوضع الحقوقي في مصر "قاتما للغاية"

قال الأمين العام لـمنظمة العفو الدولية سليل شاتي، إن العام المنصرم 2014 كان عاما مروعا في مجالات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.وأعرب عن شعوره بالإحباط العميق مما يجرى في مصر.
وأضاف شاتي في لقاء له علي قناة الجزيرة إن غالبية المواطنين العرب يرون أن قياداتهم المحلية خذلتهم، وكذلك على مستوى العالم، مبررا حالات انتهاكات حقوق الإنسان بـ"القيادات التي لا تحاسب في المنطقة.. والإفلات من العقاب".
وأشار إلى وجود تقارير بشأن استخدام التعذيب من جانب قوات الأمن على نطاق واسع.
وقال إن آفاق الوضع الحقوقي في مصر "تبدو قاتمة للغاية"، مشيرا إلى صدور أحكام بالإعدام على ما يقرب من مائتي شخص بتهمة الهجوم على رجال الشرطة، في حين يحصل الرئيس المخلوع حسني مبارك على البراءة من جرائم قتل المتظاهرين، ويقبع العديد من الصحفيين في السجن، ومن بينهم صحفيي الجزيرة- لا لشيء إلا لممارستهم عملهم.

قوميون وناصريون ضد المؤامرة : اختمرت الثورة في النفوس ويجب على الجيش ان يحميها

تحل علينا الذكرى الرابعة لثورة يناير المجيدة وقد طالها ما طالها من فعل قوى الثورة المضادة التى عملت بليل وحاكت ما حاكت من المؤامرات والدسائس فتمزق شمل الثوار وتفرقت بهم السبل واضمحلت الاحلام الشعبية العريضة التى حلمها المصريون انذاك , وراح اعلام الثورة المضادة يفعل مفعول السحر, مشاركا
في اكبر عمليات التدليس في التاريخ , مستهدفا بسطاء الناس ممن لم ينالوا قدرا من الوعى السياسي ,وفعل ما تفعله كل نظم الاعلام الموجه ففرق بين المصري والمصري في الحقوق والواجبات وحاول غمس الناس حتى روءسهم في مشاكل الحاجيات الحياتية اليومية ونجح في ذلك لحد كبير وما كان ذلك ليحدث لولا تفرق الثوار.
واليوم وقد اتضح المشهد جليا , وطال الغبن الشديد كل المصريين دون استثناء ,واختمرت الثورة في النفوس وبدت في الافق اجواءها تلوح من جديد , فان الحركة تناشد كل المصريين عدم تفويت الفرصة التاريخية للانعتاق من الظلم والاستعباد والتبعية والمشاركة بقوة في التظاهرات السلمية المطالبة بارساء قواعد الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة القائمة على المساواة التامة بين جميع المصريين دون اقصاء او تمييز.
وتذكر الحركة بعظمة الثورة الشعبية المهيبة التى شهدت خروج عناصر الشعب المصري ممتزجة دون تفريق او تمييز , فالمسلمون تراصوا مع المسيحيين ,والاخوان المسلمون والسلفيون تراصوا مع الشيوعيين والليبراليين في صف واحد يطالبون بتحرير مصر من طغمة الاستعباد والتبعية, وهاهى الفرصة التاريخية سانحة لنبذ جميع ما غرسته في بعضنا الثورة المضادة من اختلافات والتوحد صفا واحدا لخدمة مصرنا العزيزة وهى تنتفض ضد افظع تجارب الاستبداد التى عاشتها على الاطلاق.
وتثمن حركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة" الحراك الشعبي الواسع والرافض لممارسات سلطة الثورة المضادة الساعية الى دحر  واسقاط كل ما يتعلق بثورة يناير المجيدة وتطالب في الوقت ذاته شرفاء جيش مصر العظيم الانحياز الى صفوف الارادة الشعبية المطالبة بتحقيق اهداف ثورة يناير المجيدة التى جرى الانقلاب عليها, وحماية تظاهرات المصريين وليس قمعها بل والعمل على تحقيق مطالبها.
وتؤكد الحركة ان الحراك الثوري المصري لن يتوقف حتى تحقيق مطالب ثورة يناير في العدل والحرية والديمقراطية والمساواة والحياة الحزبية والسياسية التعددية السليمة , وعودة الجيش الى ثكناته , وجلوس كل المصريين على طاولة واحدة لادارة شئون بلادهم طبقا لمعايير الديمقراطية.
القاهرة
22 يناير 2015