افتتاحية "نيويورك تايمز": آن الأوان ليدرك العسكر المصري حقيقته

المصدر: افتتاحية نيويورك تايمز (04/10)
ترجمة: إيهاب محمد
اعتاد قادة مصر على تصور المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر البالغة 1300 مليون سنويا كحق أبدي مكتسب مقابل توقيعهم معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979. 
ولم تفعل أمريكا شيئا لتخلصهم من هذه الفكرة. لقد آن الأوان لذلك. عدم تخفيض المساعدات بشكل كبير هذه السنة، عندما تحدد حكومة أوباما خياراتها الصعبة في مصر للسنوات القادمة، سيكون خطأ غير مقبول. 
منذ سيطر عبد الفتاح السيسي على مصر عبر انقلاب في يوليو 2013 عادت البلاد لماضيها التسلطي، بما في ذلك اعتقال الخصوم السياسيين وإخراس الناقدين وتشويه الإسلاميين السلميين.
يقبع قادة الإخوان المسلمين، التي أصبحت الحركة السياسية الرئيسة في مصر بعد ثورة 2011، في السجن متهمون ظلما بأنهم إرهابيون...
مصر اليوم أكثر قمعية في نواحي كثيرة مما كانت في أحلك فترات حكم المتسلط المخلوع حسني مبارك. فقد قمعت حكومة السيسي المظاهرات وشددت القيود على وسائل الإعلام الحكومية وإضطهدت الصحفيين.
وسيشدد قانون جديد ذو صياغة عائمة العقوبات على الأفراد الذين يتلقون مساعدات أجنبية، لتصبح جريمة عقوبتها السجن مدى الحياة. والقانون الذي يُدعى أن هدفه مكافحة الإرهاب، شبيه بسياسات إستخدمتها الدولة لحظر عمل منظمات مؤيدة للديمقراطية.
أما في سيناء، حيث انتقلت حرب الجيش المصري ضد المسلحين للمناطق الآهلة بالسكان، فتنقل الأخبار استخدامهم دبابات أمريكية الصنع لقصف مناطق مدنية. 
وعندما حاولت منظمة "هيومان رايتس وتش" الإعلان من مصر عن تقريرها بشأن قمع وحشي لاعتصام في القاهرة العام الماضي قتل خلاله أكثر من 900 متظاهر، مُنع ممثلوها من دخول البلاد.
ويبدو أن السيد السيسي الذي جاء للحكم بانتخابات مزورة يظن أن باقي العالم لا يدري عن ذلك شيئا. 
ففي خطابه أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي زعم، بشكل مثير للدهشة، أنه يبني مصرا جديدة "تحترم الحقوق والحريات" و"تضمن التعايش بين كل مواطنيها دون تمييز أو اضطهاد".
نقد المسؤولين الأمريكين كان حتى الآن محدودا، على أساس أن الاحتفاظ بمصر كحليف ولو كان طاغوتيا أفضل من خسارتها. وتاريخيا فهم يقدرون كثيرا أهمية الإحتفاظ بأولوية البحرية الأمريكية في المرور من قناة السويس بسرعة، وبحق الإستخدام المطلق للمجال الجوي للبلاد.
سيتاح للحكومة الأمريكية فرصتين في الشهور القادمة لتصحيح مسارها، وإيضاح أنها لن تقبل بعد الآن بالوحشية.
أولا: يجب على الحكومة الأمريكية التوقف عن السماح للجيش المصري باستخدام النظام المتميز "الشراء تحت الحساب" لشراء المعدات العسكرية. وهذا النظام الذي لا يُسمح باسخدامه إلا لإسرائيل ومصر، يشبه بطاقة الإئتمان، ويسمح للدولة بشراء معدات على أساس أن مجلس البرلمان سيسدد ثمنها لاحقا من المساعدات التي يقرها لهذه الدولة.
ثانيا: يشترط القانون أن يشهد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عند البرلمان قبل نهاية هذا العام أن مصر تسير باتجاه الديمقراطية ليسمح بتسليم عدة شحنات معونة عسكرية طلبتها مصر. 
وكان البرلمان قد أصر على اشتراط هذه الشهادة عندما أقر المساعدات العام الماضي. إذا لم يشهد كيري بذلك قبل نهاية العام، سيوقَف تسليم دبابات وطائرات الأمريكية تقدر قيمتها بـ 650 مليون دولار لمصر. الإجابة الوحيدة المعقولة من كيري هي: لا.
تقدر مصر السلاح الأمريكي، واستمرار التعاون مفيد للبلدين. والمسؤولية على القاهرة لتحصل عليها.

جورج مونبيوت: لماذا نتوقف عند داعش ما دمنا نستطيع قصف العالم الإسلامي كله؟

بقلم: جورج مونبيوت / صحيفة "الغارديان"
2014-10-1 | خدمة العصر
الحجج الإنسانية، إذا ما طبقت على الدوام، يمكن استخدامها لسحق منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
دعونا نفجر العالم الإسلامي - كله - لإنقاذ حياة شعوبه. بالتأكيد هذا هو المسار الأخلاقي الوحيد الملائم؟ لماذا التوقف عند الدولة الإسلامية، ألم يقتل ويعذب النظام السوري الكثيرين؟ وقد كان هذا هو الواجب أخلاقي في العام الماضي، فما الذي تغير؟
ماذا عن تفجير الميليشيات الشيعية في العراق؟ واحدة منها قبضت على 40 شخصا في شوارع بغداد خلال يونيو الماضي وقتلتهم لكونهم سنة. وذبحت أخرى 68 شخصا في مسجد في أغسطس. وهم الآن يتحدثون بصراحة عن "التطهير" و"المحو" بعد هزيمة داعش، حتى إن سياسي شيعي بارز حذر قائلا: "نحن بصدد عملية إنشاء تنظيم قاعدة شيعي مشابه في تطرفه لتنظيم القاعدة السني".
ما المبدأ الإنساني الذي أرشدك للتوقف عند داعش؟ في غزة هذا العام، ذُبح 2100 من الفلسطينيين، بمن في ذلك الأشخاص الذين اتخذوا من المدارس والمستشفيات مأوى هربا من قصف إسرائيل. بالتأكيد هذه الفظائع تتطلب حربا جوية ضد إسرائيل؟ وما هو الأساس الأخلاقي لرفض تصفية إيران؟
أُعدم محسن أمير أصلاني هناك في الأسبوع الماضي لـ"ابتداعه في الدين" (حيث أشار إلى أن قصة نبي الله يونس في القرآن). بالتأكيد يجب أن يكون هذا التصرف (وفقا للقيم الغربية) ملهما لتدخل إنساني من فوق؟ باكستان تصرخ طلبا لقنابل دية: رجل مسن بريطاني من أصل باكستاني، محمد اصغر، الذي يعاني من مرض فصام الشخصية وجنون العظمة، هو، مثل غيره من المجدفين، ينتظر تنفيذ حكم الإعدام هناك بعد أن ادعى النبوة، وقد أطلق أحد حراس السجن النار وأصابه في ظهره.
(ويواصل الكاتب بأسلوبه الساخر التهكمي) أليس هناك واجب عاجل لتفجير المملكة العربية السعودية، وقد قطعت رأس 59 شخصا حتى الآن هذا العام على الجرائم التي تشمل الزنا والسحر والشعوذة؟
وقد قُدمت (أي السعودية) منذ وقت طويل على أنها تشكل تهديدا أكبر بكثير على الغرب مما تمثله داعش اليوم. ففي عام 2009 حذرت هيلاري كلينتون في مذكرة سرية من أن "المملكة العربية السعودية لا تزال قاعدة دعم مالية حساسة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان ... وغيرها من الجماعات الإرهابية".
وفي يوليو الماضي، كشف الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية الخارجية، السير ريتشارد ديرلوف، أن الأمير بندر بن سلطان، شغل إلى وقت قريب رئيس المخابرات السعودية، قال له: "إن الوقت ليس بعيدا في الشرق الأوسط، ريتشارد، عندما نردد حرفيا "كان الله في عون الشيعة". فأكثر من مليار سني لديهم ما يكفي منهم".
ويتهم الدعم السعودي، واسع النطاق، للميليشيات السنية المتطرفة في سوريا خلال فترة بندر بأنه وراء الصعود السريع لداعش، فلماذا ضرب الفرع دون المقر الرئيس؟
الحجج الإنسانية التي سيقت في البرلمان (البريطاني) الأسبوع الماضي، إذا ما طبقت بشكل مستمر، يمكن أن تستخدم لتدمير كامل الشرق الأوسط وغرب آسيا، وهذا يعني أنك يمكن أن تنتهي كل المعاناة البشرية بتحرير شعوب هذه المناطق من أنهار الدمور التي يغرقون فيها.
ربما هذه هي الخطة: باراك أوباما قصف إلى الآن سبع دول إسلامية كبيرة، وفي كل حالة يتحجج بالواجب الأخلاقي. النتيجة، كما ترون في ليبيا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال وسوريا، فهل قضى على الجماعات الجهادية والصراع والفوضى والقتل والقمع والتعذيب...؟

مقال موثق وخطير جدا حول الخطة الأمريكية لإغتيال الأمم


موسى الفقي يكتب: الخطة الأمريكية لإغتيال الأمم

لو تحدث باحث أو مؤرخ عن إمكانية إبادة سكان القارة الكندية المعروفة بـ “الأمريكية”، قبل أن تتم إبادتهم، لأتهم بالجنون، ولما صدقه أحد.
غير أنّ التاريخ يسجل إبادة خُمس سكان كوكب الأرض تقريباً خلال القرن السابع من الألفية الماضية؛ ذلك أنّ سكان قارة من بين خمس قارات دون مبالغة أبيدوا عن أخرهم. حيث لم يتبق منهم سوى مئات الالاف جمعوا في محميات أشبه ما تكون بمحميات كائنات مهددة بالانقراض، بل إنّ هذا النوع من المحميات يمنح في العادة عناية تفوق حتماً العناية بمحميات السكان الأصليين للقارة الكندية “الأمريكية”، والذين تسموا زوراً بالهنود الحمر. تقول الروايات بأنّ السكان الأصليين كانوا يؤمنون بأساطير تتحدث عن ألهة بيضاء تأتي من الشرق تخلصهم من كافة الشرور والخطايا والأرجح أنّ تكون هذه الأساطير من نسج البحارة الأوربيين الذين كانوا يعدون العدة لغزو قارتهم. فكانوا يجمعون الذهب والمعادن الثمينة ليقدموها كقرابين لتلك الآلهة حال ظهورها.
وكافة المؤشرات تشير إلى أنّ أحفاد قتلة سكان القارة الأمريكية، قد وجدوا الفرصة السانحة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، للالتفات إلى بقية سكان الكوكب، وأنّهم يعدون الخطط والسيناريوهات للتخلص منهم كما تخلصوا من سكان القارة الكندية “الأمريكية”.
المستوطنون البيض واغتيال أمم القارة الكندية “الأمريكية”:
تقول الروايات أنّ عدد سكان القارة الكندية “الأمريكية” عند وصول كولمبس للقارة يتراوح بين الـ 90 مليون و112 مليون(1)، أباد جلهم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، وشاركهم في حملات الإبادة بقية المستوطنين البيض، عن طريق استخدام الأسلحة النارية التي لم يعرفها سكان القارة المعزولة، وعن طريق الاسلحة البيلوجية: كالجدري والحصبة، والطاعون والكوليرا، والتيفوئيد والدفتريا، والسعال الديكي والملاريا وغيرها. وكذلك عن طريق الخداع؛ ذلك أنّ المستوطنين الأوائل كانوا ينتزعون أراضي سكان القارة باستراتيجية القضم، وينتزعون معها أرواح ساكنيها؛ حيث قدموا أنفسهم أول الأمر على أنّهم مسالمون وتجار، ويرغبون في الحصول على قطعة أرض، يقيم فيها عدد منهم، ليسافر الأخرون لإحضار السلع الصناعية من بلدانهم الأصلية، ليتبادلوها معهم. وما أن تحصلوا على قطعة الأرض الأولى، حتى صاروا يجهزون لمد سيطرتهم على الأراضي المجاورة، وما أن قدم مهاجرون جدد وتحصلوا على المزيد من الأسلحة النارية، حتى هاجموا السكان الأصليين، وانتزعوا منهم المزيد من الأراضي التي تؤهلهم قوتهم آنذاك للسيطرة عليها، ثم عقدوا معهم اتفاقاً يقضي بعدم الاعتداء، والاكتفاء بما حصلوا عليه من أراضي. واستمروا في ممارسة نفس التكتيك القاضي بأنّهم ما أن يتحصلوا على مهاجرين جدد وأسلحة جديدة، حتى يمزقوا الاتفاق السابق مع السكان الأصليين، ويهاجمونهم طلباً للمزيد من الأراضي. وما أن يتحصلوا على الأرض التي تكفيهم حتى يعقدوا اتفاقاً أخر، ليعودوا لنقضه عند زيادة عددهم وعدتهم، إلى أن أتوا على كامل أراضي القارة وساكنيها. وفي فترات الصلح والسلام مع الهنود يوزعون عليهم هداياهم، المتمثلة في معدات ملوثة بالجراثيم ليقلصوا أعدادهم. ولم يقتصر ممارسة سياسات الإبادة الجماعية لسكان القارة المعزولة، على الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، بل مارسها أيضاً الأسبان في جنوب القارة. ودون القس الأسباني برتولوميو دي لاس كاساس في كتابه “مذبحة الهنود الحمر”(2)، العديد من المذابح الوحشية التي أوقعها الإسبان بالسكان الأصليين في جنوب القارة المعزولة.
ولم تتوقف حملات الإبادة ضد السكان الأصليين حتى تم التخلص منهم نهائياً. حيث تتحدث الروايات عن إبادة 112 مليون إنسان ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب، كانوا يملأون أرجاء القارة الكندية “الأمريكية”، لم يبق منهم في إحصاء مطلع القرن العشرين الماضي سوى ربع مليون، كانوا ضحية حوالي ثلاثة وتسعين حرباً جرثومية، وألاف الهجمات والحروب التقليدية التي شنها المستوطنون البيض بالسلاح الناري وهو ما أدى إلى إستئصالهم من القارة. كتب القائد الإنجليزي العام اللورد جفري أمهرست عام 1736 أمرا إلى مرؤوسه الكولونيل هنري بوكيه يطلب منه أن يجري مفاوضات سلام مع الهنود الحمر، ويهديهم بطانيات مسمومة بجراثيم الجدري من أجل “استئصال هذا الجنس اللعين! “(3)
ومن بين الوقائع الصادمة والجديرة بالوقوف عندها، أنّ السلطات الأمريكية كانت تفرض التعقيم الإجباري على نساء السكان الأصليين للقارة (4) إلى غاية العام 1980 وذلك بهدف إيقاف توالدهم والحد من تزايد أعدادهم. وسندعوا سلسلة الخدائع للسكان الأصليين في القارة الكندية “الأمريكية” بالخدعة الأولى.
خطط ما بعد الاغتيال الأممي الأول:
ما أن تمكن المستوطنون من اغتيال أمم القارة الكندية “الامريكية”، حتى انقلبوا على الامبراطورية البريطانية التي أتوا منها، والتي دعمتهم بالرجال والسلاح والمؤن، وسميت خيانة المستوطنين لأمتهم وإمبراطوريتهم زوراً بحرب الاستقلال! وتصوروا معي ماذا لو قاتل المستوطنون والجنود الفرنسيين، الذين كانوا يحتلون الجزائر امبراطوريتهم الفرنسية ليستحوذوا على خيرات الجزائر، أكان يمكن للعالم أن يقبل تسميتها بحرب الاستقلال؟ إنّها الخديعة الكبرى للأمريكيين، وللامبراطورية البريطانية، وللسكان الأصليين للقارة بل وللعالم. وما أن نجحت الخديعة الثانية حتى بنى أولئك القتلة والسفاحون، الذين كان معظمهم ينتمون لعصابات الجريمة، والذين كانوا يقضون عقوبات في السجون البريطانية – قدر أحد المصادر الذين أرسلوا من السجون بحوالي 50000 سجين- والمغامرون والباحثون عن الذهب والمعادن الثمينة، فيما سموه العالم الجديد، دولة من القتلة والسفاحين، التي ما أن تمكنت من دحر جنود الامبراطورية حتى تفرغ بناتها لبناء القوة ليأتي اليوم الذي يفرغون فيه القارات الأخرى من ساكنيها. وبادروا لتوهم لاستهداف القارة الأفريقية ليحصلوا منها على العبيد والقوى المنتجة، فأرسلوا سفنهم لإصطياد السود، وشحنهم عبر سفن الموت، التي كان فيها السود يقيدون بالسلاسل في أيديهم وأرجلهم ورقابهم، ويجبرون على الأكل بأفواههم كالحيوانات، بل وتلقى أعداد منهم في البحر أحياء، أمّا بسبب المرض، أو عدم الانصياع للأوامر، أو عند تعرض السفينة للغرق بسبب تقل الحمولة، أو بسبب العواصف واضطراب البحر.
غير أنّ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف انتظر هؤلاء القتلة كل هذه الفترة قبل أن يشرعوا في إفراغ قارة أخرى من ساكنيها؟
لقد أدرك هؤلاء القتلة بأنّهم سيدفعون ثمناً باهظاً لاغتيال أمم قارة أخرى، إذا لم يمتلكوا سلاحاً نوعياً يختلف عن اسلحة تلك الأمم، كما كان دور السلاح الناري حاسماً في تمكينهم من اغتيال أمم القارة الكندية “الأمريكية”، وهو ما اكتسبوه عند حصولهم على السلاح النووي، فضربوا به بلاد النيهون “اليابان” حتى دون الحاجة إلى استخدامه، واستخدموه فقط ليقولوا للعالم: إننا سادة العالم الجدد، وإنّ الأمم التي لن تستسلم لنا سيكون مصيرها كمصير النيهونيين “اليابانيين”، غير أنّ امتلاك الاتحاد السوفيتي للسلاح النووي، حال دون أولئك القتلة والشروع في خططهم لتفريغ القارات من ساكنيها والسيطرة عليها.
الاغتيال الاقتصادي للأمم:
ساهم امتلاك الاتحاد السوفيتي للسلاح النووي، في إنقاد سكان الكوكب من مصير السكان الأصليين للقارة الكندية “الأمريكية”، وسكان هيروشيما ونجازاكي. وجعلهم يستخدمون تكتيكات أخرى سماها جون بركنز بالاغتيال الاقتصادي للأمم؛ ركزوا فيه على نهب ثروات العالم، من خلال فرض خطط اقتصادية على البلدان الأضعف تخدم الاقتصاد الأمريكي، وتمنح شركاتهم المتعددة الجنسية السيطرة المطلقة على المشروعات الاستثمارية في تلك البلدان(5). غير أنّه يسجل لحقبة الحرب الباردة ظهور تشريعات أممية تحترم سيادة الدول، وتدعوا إلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما مكن بعض البلدان النامية من تسجيل معدلات نمو هائلة، وأنقذتهم من سياسات الاغتيال الاقتصادي للأمم، والتي تخللتها سياسات اغتيال الحكام الخارجين عن بيت الطاعة الأمريكي، والمعترضين على سياسات الاغتيال الاقتصادي لأممهم، وتدبير الانقلابات العسكرية ضدهم، ولعل أشهر تلك الاغتيالات: هو اغتيال عمر توريخوس رئيس بنما، وأشهر الانقلابات هو الانقلاب على أليندي رئيس تشيلي.
سياسات تعقيم سكان الكوكب:
كشف د. منير العكش أستاذ الإنسانيات واللغات الحديثة، ومدير البرنامج العربي في جامعة سفك في بوسطن في الولايات المتحدة، منير العكش، في كتابه المعنون “أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض(6)، عن وجود خطط أمريكية لتعقيم بعض الأمريكيين ونساء سكان 13 دولة من دول العالم الثالث خلال 25 سنة. وضعت بتوجيه من إدارة الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، والدافع المعلن في تلك الوثيقة هو محاربة الفقر، أمّا الهدف غير المعلن فهو الحفاظ على النقاء العرقي للجنس الأبيض في الولايات المتحدة، والقضاء على النمو السكاني في العالم الثالث. كما كشف الدكتور رايمرت رافنهولت، مدير مكتب الحكومة الاتحادية للسكان التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في العام 1977 عن تورط جامعتي واشنطن وجونز هوبكنز في وضع هذه الخطط، وعن شروع الحكومة الاتحادية في الإجراءات العملية لتطبيقه، حيث رصدت له ميزانية وحددت له الوسائل اللازمة لتعقيم ربع نساء العالم من النساء القادرات على الحمل، وهن آنذاك 570 مليون امرأة (7).
العودة إلى سياسات اغتيال الأمم والتدخل في الشؤون الداخلية للدول:
ما أن انهار الاتحاد السوفيتي حتى تجدد الحلم الأمريكي باغتيال الأمم، وهو ما دعا الليبراليين الجدد، الذين اشتهروا بتسمية المحافظين الجدد، إلى طرح فكرة: “أنّ القرن الواحد والعشرين ينبغي أن يكون قرناً أمريكياً” وهو ما يعني في بنيته السطحية: قرن السيطرة الأمريكية على العالم، وفي بنيته العميقة: قرن اغتيال ما تبقى من أمم في هذا الكوكب! وهو ما شرعت فيه النخبة المسيطرة على الجاه والمال، وصناعة القرار في الولايات المتحدة. وتتنازع صناع القرار والسياسات في واشنطون عقيدتان، فيما يتعلق بخطة اغتيال الأمم: الأولى توفير الظروف المناسبة والمسوغة للحرب على أمم الأرض، تحت شعارات الحرب على الإرهاب، أو نشر الديمقراطية، أو التدخل لأسباب إنسانية، والمسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة في العالم! وما إلى ذلك من المعزوفة النشاز المتسقة مع معزوفة عبء الرجل الأبيض لتمدين بقية الأمم! والعقيدة الثانية: وهي الأخطر، تتمثل في سياسات إشعال الحروب الأهلية والطائفية وتتخذ السيناريو التالي:
1- مساندة المعارضة أعلامياً وسياسياً للإنقلاب على الحكومة الشرعية بحجة كونها دكتاتورية.
2- دفعها للتحشد في الشوارع والميادين للاعتصام والمطالبة بإسقاط الحكومة المنتخبة والشرعية.
3- تدريب عناصر من المعارضة أو عملاء اللمخابرات الأمريكية على أعمال الشغب والأعمال القتالية لتحويل الصراع إلى صراع مسلح.
4- شن حرب إعلامية على الحكومة الشرعية بحجة قتلها للمدنيين وفرض عقوبات غربية ودولية على الحكومة الشرعية.
5- وما أن تصل المعارضة إلى السلطة، حتى يبحث صناع القرار والسياسات في الولايات المتحدة عن معارضين جدد تدفعهم لمقاومة السلطة الجديدة، بحجة فشلها في إدارة الدولة، لتقوم بتسليحها ودفعها لخوض حرب ضد السلطة الجديدة. وهكذا دواليك.
وهذا ما حدث في مصر وتونس، واليمن وليبيا، وهو ما يحدث اليوم في أوكرانيا وفنزويلا وكمبوديا. ودعنا نأخذ مصر كمثال: حيث دعم صنّاع القرار في الولايات المتحدة وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة، ثم تأمروا مع المعارضة والجيش فأطاحوا بالإخوان، ولم يكن ذلك من أجل سواد عيون المعارضة في مصر، بل كان ذلك لمجرد تطبيق سياسات اغتيال الأمم، والقاضي بمحاولة اعداد خط إنتاج لحرب أهلية في مصر، وهذا ما وقع؛ ذلك أنّ الإخوان لن يسكتوا على انتزاع السلطة، التي تحصلوا عليها عبر صناديق الاقتراع منهم بوسائل انقلابية وغير شرعية، ومن هناك فالأجندة لدى صنّاع القرار في الولايات المتحدة ترمي إلى إعادة إنتاج الحالة الجزائرية في مصر، على أسوى الفروض لديهم، وإعادة انتاج الحالة السورية في أحسنها، فلا تتعطل أجندة صنّاع القرار في الولايات المتحدة في اغتيال الأمم! ونذر المخططات الأمريكية تلوح في الأفق في مصر؛ فجماعة أنصار بيت القدس المعادل الموضوعي لكتائب عبد الله عزام، التي أسسها الموساد تحظى بالدعم الأمريكي والإسرائيلي/ ودعم وكلاء الحرب الخليجيين، وبدأت تعيث في أرض الكنانة قتلاً وفساداً.
وإذا انتقلنا إلى سوريا فصنّاع القرار في الولايات المتحدة نجحوا تماماً في بناء خط إنتاج لحرب أهلية وطائفية، قد تستمر لعقود. وتمكن صنّاع القرار في الولايات المتحدة من التظاهر بأنّهم يتبنون سياساتهم الظاهرة والداعمة لحق الشعب السوري في الديمقراطية، وفي دولة دستورية، ومجتمع مدني، واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان. بينما هم يعملون جاهدين على توفير كل الظروف الملائمة لصناعة حرب طائفية، تؤدي إلى اغتيال العرب أو شعوب جنوب شرق المتوسط. فعمل صنّاع القرار في الولايات المتحدة جاهدين على تسهيل إحضار الجهاديين إلى سوريا، وتسليحهم وتدريبهم من خلال وكلاء أعماله في الخليج السعودية وقطر والإمارات، كما حرصوا على السكوت على تدخل حزب الله، إن لم يسعوا إلى جره للمستنقع السوري، والسكوت على تدفق المتطوعين الشيعة لمساندة النظام السوري، وعلى تسليحه من قبل إيران وروسيا، وكل ما من شأنه تحقيق توازن بين طرفي النزاع، ليستمر النزاع إلى أطول أمد ممكن. وبلغة الاقتصاد كل ما يضمن عدم توقف خط انتاج الحرب الأهلية والطائفية في سوريا، من مواد خام ومواد تشغيل وطاقة وموارد بشرية وإدارة إلخ.
وبتعبير أخر فإنّ عين صناع القرار في الولايات المتحدة على ميزان القوى في النزاع الأهلي والطائفي في سوريا فإذا رجحت كفة المعارضة سارعوا إلى الحد من دعمها وأثاروا جدلاً حول مصير السلاح الذي سيمنح لها وإذا رجحت كفة النظام سارعوا إلى التهديد بتوجيه ضربات عسكرية لسوريا وهكذا, وضمن هذا الإطار يأتي رفع العقوبات عن ايران الذي يأتي من أجل أحداث توازن في تمويل الحرب في سوريا: السعودية وقطر لدعم المعارضين، وايران لتمويل ودعم الحكومة السورية. وحتى حين يلوح صنّاع القرار في الولايات المتحدة بالتدخل في الحرب الأهلية السورية، فلا يتجاوزون هدف إعادة التوازن للقوى المتنازعة في الميدان، وبما من شأنه الحيلولة دون توقف خط انتاج الحرب الأهلية والطائفية فيها. كما يعمل صنّاع القرار في الولايات المتحدة على إعادة دوران عجلة الحرب الأهلية والطائفية في العراق، واستمرار دورانها في اليمن، أو الاستعاضة عنها بحرب أهلية بين جنوب وشمال اليمن، وعلى تكرار السيناريو المصري في تونس، وليبيا أو تعزيز النزعات الانفصالية لدى أهل برقة في ليبيا، لإشعال حرب أهلية ليبية حول حقول النفط وموانيه أو حول بقاء البلد موحداً. وكافة هذه السيناريوهات ترمي إلى اغتيال شعوب المنطقة في النهاية ولا ترضى بهدف أدنى من ذلك.
دور المنظمات الدولية في تسويغ الاغتيال الأمريكي للأمم:
استخدم صناع السياسات وصناع القرار في الولايات المتحدة والغرب المنظمات الدولية في العقود التي أعقبت انهيار التوازن الدولي، وخاصة خلال فترة تولي يلتسن لرئاسة الاتحاد الروسي، استخدمتها في تسويغ وإضفاء طابع الشرعية على الأعمال العدوانية للولايات المتحدة والناتو ضد البلدان الأخرى. ففي حين كان القانون الدولي يدين التدخل في شؤون الدول الأخرى، ويؤكد على مفهوم السيادة الوطنية، كسياج يمنع الأمم القوية من غزو الأمم الضعيفة أو التدخل في شؤونها. نزعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى تقويض مفهوم السيادة الوطنية من خلال المنظمات الدولية، فمارسوا ضغوطاً مختلفة لفرض صيغة “حق التدخل لأسباب إنسانية”، بدعوى أنّ مفهوم احترام السيادة الوطنية قد تحول إلى مجرد أداة لحماية الحكام المستبدين الذين يسيئون لشعوبهم من العقاب الدولي(8).
الدور الروسي المطلوب أمريكياً:
استراتيجة اغتيال الأمم تقتضي وجود قوة منافسة للولايات المتحدة؛ ذلك إنّ إشعال فتيل النزاعات الأهلية يقتضي وجود طرفين داعمين للمتنازعين، وهو ما يجعل روسيا المعارضة للسياسات الأمريكية مطلباً أمريكياً قبل أن يكون مطلباً روسياً أو دولياً. والأمر أشبه ما يكون بحوار السادات مع إبراهيم شكري مؤسس حزب العمل في مصر، في رحلة بالقطار داخل مصر، والذي أدى إلى أن يطلب منه السادات أنّ يؤسس حزباً للمعارضة المهذبة، التي من شأن وجودها تلميع ليبرالية السادات. ولا يعني هذا القول اتهام روسيا بكونها ضالعة في الخطة الأمريكية، أو أنّها تلعب دوراً يرسمه لها صنّاع القرار في واشنطون، غير أنّ صناع القرار في أمريكا ساهموا في تضخيم دور روسيا في النزاعات الدولية، لجرها لممارسة هذا الدور، حتى مع استبعاد فكرة التنسيق المسبق معها. وهو ما دفع صناع السياسات وصناع القرار في الولايات المتحدة والغرب إلى تضخيم هذا الدور إعلامياً وسياسياً كل يوم. ولو كان صناع القرار الأمريكيين غير راضين عن الدور الروسي الجديد، لما سمحوا لبوتين أن ينشر مقالاً في أحدى كبريات الصحف الامريكية، ولشنوا حملة إعلامية شديدة على روسيا، ولصوروها على أنّها نازية جديدة أو امبراطورية شر جديدة، وما إلى ذلك من سمفونيات الحرب الإعلامية الأمريكية على الخصوم غير المرغوب فيهم.
غير أنّ السؤال الهام الذي ينبغي طرحه هنا هو ماذا لو طُبق سيناريو اسقاط الحكومات المنتخبة بالمظاهرات والاعتصامات، مع إطلاق العنان لعنف الشارع، وتلقي الدعم من الخارج، في الولايات المتحدة أو واحدة من شركائها الغربيين في تنفيذ خطة اغتيال الأمم؟
إنّهم حتماً سيرمون قادة تلك المظاهرات بالخيانة الوطنية، وستعاد الحياة لمرسوم الولاء السيئ الذكر لترومان، بل وسيطعمون للكلاب، وقد يعاد الحياة لمنظمات قامعي الإضرابات والمظاهرات، والكوكلاس كلان لتكلف باغتيال قادة تلك المظاهرات، وربما يربط بعضهم في مداخن تدفئة المنازل كما حدث لمواطن أمريكي أسود ذات يوم.
ما العمل؟:
أمام هذا الخطر المحدق بأمم العالم، فليس أمام أمم العالم غير التوحد أمام هذا الخطر، والتوقف عن إتباع سياسة القطيع في تجنب الوقوع فريسة للذئاب، والمتمثلة في طلب النجاة الفردي، الذي لن يؤدي إلاّ إلى هلاك كامل القطيع. فسياسات النائي بالنفس التي تتبعها الأمم التي لم يصلها قطار الاغتيال بعد، لم تجدِ سوريا وليبيا نفعاً حين كانتا تتفرجان على غزو العراق، ولو قاتل البلدان مع العراق لكان من الممكن أن يتردد صنّاع القرار في الولايات المتحدة في استهداف بلد عربي جديد، لكن محاولاتهم الدءوبة لنيل رضاء الذئب الأمريكي، هو ما جعلهم فريسته القادمة. ولعل بقية الدول أو بقية الأمم تعتبر من الدرسين الليبي والسوري، ليتوحدوا أمام هذا الخطر المحدق، الذي يضرب بفعل سذاجة الشعوب في سوريا وأوكرانيا وكمبوديا في ذات الوقت، وقبل أن تتعافى ضحاياه في وأفغانستان والعراق واليمن وليبيا ومصر وتونس من ضرباته القاتلة. وعلى الذين يتحالفون مع الذئب الأمريكي، أن يعوا بأنّ الذئاب لا حلفاء لهم، وإنّهم سيفترسونهم في النهاية إذا انتهوا من غيرهم، ولهم في بن علي ومبارك ومرسي خير دليل على غدر الذئب الأمريكي بالحلفاء.
الهوامش والمراجع:
أولاً الهوامش:
1. جمال لعلامي، استأصلوا هذا الجنس اللعين: إبادة 112 مليون أمريكي في حروب جرثومية، الشروق اون لاين
2. المرجع السابق.
3. المرجع السابق.
4. المرجع السابق.
5. جون بركنز، الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصادي، دار الطناني للنشر،ط 2، 2010.
6. د. منير العكش، أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت
7. المرجع السابق.
8. موسى الأشخم، التمدد الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية، إسلام ديلي.
المراجع:
1. جمال لعلامي، استأصلوا هذا الجنس اللعين: إبادة 112 مليون أمريكي في حروب جرثومية، الشروق اون لاين
2. جون بركنز، الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصادي، دار الطناني للنشر، ط 2، 2010.
3. د. منير العكش، أمريكا والإبادات الجنسية : 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت
4. موسى الأشخم، التمدد الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية، إسلام ديلي.

سيد أمين يكتب: نحو تأريخ منطقي حديث لمصر

أحيانا يقف الواحد منا حائرا وهو يفكر في المنحنيات الكبرى لتاريخنا العربي لاسيما الحديث منه , ويصل جراء ذلك إلى نتائج مرعبة نأمل أن تكون خاطئة , خاصة أن التاريخ كما هو معروف يكتبه المنتصرون , حيث صبغ تاريخنا بنكهة صناعه وهم فيما يبدو مدلسون, فلو كانت نخبة حكمنا تنتصر دوما لإرادتنا كشعب , ما صار حالنا هكذا.
فبريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس , فجأة ودون سابق إنذار تخلى مستعمراتها في الشرق وخاصة في وطننا العربي على وقع أنفلونزا انقلابات تأخذ شكل ثورات هزلية – على غرار ربيعنا العربي الهزلي أيضا الأن - وهى الانتفاضات التى لطالما مرت بها بريطانيا طوال تاريخها الاستعماري , وسحقنها باستخدام القوة المفرطة المعروفة بها , والسؤال لماذا لم تستخدم قبضتها الحديدية المعتادة لسحق تلك الثورات بضربة واحدة كما كانت تفعل من قبل ؟ ولماذا ظلت تلك المستعمرات المتحررة وفية لبريطانيا وربيبتها أمريكا وتدين لهما بالولاء حتى الآن؟
وهل لتطبيقات النموذج الثالث من نماذج مكيافيللي في الاستعمار شأن فيما حدث ولا زلنا نتجرع كأسه المر حتى الآن حينما نصح مكيافيللي أميره بأنه لو أراد غزو بلدا ما وضمان دوام السيطرة عليه فيجب بعد احتلاله تنصيب حكاما تواليه من أهل هذا البلد يختارهم دون إرادة الأغلبية من أقليتهم بل من أحقر الناس فيهم ثم يرحل حيث سيظل هؤلاء الحكام الجدد يحتمون به من شعبهم ويسلبونه ليعطوه.
ففي مصر, ماذا كان المانع من أن يقوم الجيش البريطاني الذي يستولى على كل مقدرات البلاد , وكان يتحكم في القرار السياسي للملك, من اعتقال أو قتل كل "الضباط الأحرار" البالغ عددهم قرابة المائة ضابط ؟ وهو يدرك جيدا أن تسليحهم يكاد يكون بدائيا بالنسبة للسلاح الذي يمتلكه, وكانت كتيبة واحدة من كتائبه تكفي لإنجاز هذا الأمر, أم إن الانجليز كانت لديهم رغبة في التخلص من هذا الملك الذي كان يتوق لانتصار الألمان في الحرب العالمية الثانية لدرجة أنهم حاصروا قصره بالدبابات في نوفمبر1942 من اجل تمكين حزب الوفد الخاسر في الانتخابات والموالى لبريطانيا من تشكيل الحكومة والبرلمان بالقوة من أجل تأمين ظهرهم في مواجهة قوات القائد الألماني روميل بليبيا.
أم أن أمر تشكيل تنظيم "الضباط الأحرار" جاء في إطار التجهيز للنظام الجديد الذي تعتزم أمريكا الوريث الجدد إنشائه في مصر بعد جلاء الانجليز منها دون طلقة نار واحدة عام1954, في إطار اتفاقية أبرمت عام 1951 بين بريطانيا وأمريكا تتنازل فيها بريطانيا عن مستعمراتها القديمة لأمريكا حيث ابتكرت الأخيرة استعمارا حديثا يتماشى مع طبيعتها ومع روح عصر التقنية المتطورة خاصة في الاتصالات والمعلومات يقوم على الاحتلال من خلال التصنيع والتجهيز والتحكم الدقيق في النخب العسكرية النافذة ,كعوض عن الاستعمار التقليدي؟.
وما يعد قرينة تدعم هذا الزعم , أن مصر بعد 23 يوليو 1952كانت تتجه سياسيا نحو أمريكا وظل الأمر كذلك حتى مطلع الستينيات حيث توجه عبد الناصر بمصر شرقا نحو الاتحاد السوفيتي بعد "أزمة تمويل السد العالي" فيما قد يفسر بـأنه انقلاب حميد قاده عبد الناصر ضد الراعي الأمريكي ودفع حياته ثمنا له بعد ذلك.
ومن القرائن أيضا , انه في إطار وصم "السادات" بالتاريخ النضالي المشرف ليكون حاكما لمصر – حسب اعتقادي الشخصي - تم توجيه السادات لقتل الورقة البريطانية المحروقة "أمين عثمان" ولم يتم القبض عليه حتى قيام الثورة المزعومة , لا من الانجليز ولا الشرطة المصرية الموالية لهم , وظل يتنقل هنا وهناك دون خوف أو وجل , بل انه هذا الرجل "المطارد" راح يتعرف على جميلة الجميلات جيهان السادات ذات الأصول البريطانية ويتزوج بها رغم انه من المفترض أنه هارب من الشرطة ومن الانجليز, ورغم أنه فقير, ورغم أنه معاد للأغنياء وللانجليز والباشاوات , ورغم أنه أصلا متزوج ولديه أطفال , ورغم أنه ليس بالفتى الوسيم الذي يمكن أن يكون حلما لفتاة أرسطوقراطية كجيهان السادات.
ثم حينما ينقلب عبد الناصر على الإرادة الأمريكية يجري تصعيد السادات بشكل متسارع بين رفقائه من الضباط الأحرار حتى يصبح نائبا للرئيس عبد الناصر , وهنا يسقط عبد الناصر ميتا ويتولى السادات حكم مصر وبدلا من أن تتحرر سيناء بعد حرب 6 أكتوبر نجده سلم مصر كلها لإسرائيل في كامب ديفيد , وما تلاها وارتبط بها من التزامات حددها المفكر القومي محمد سيف الدولة في "الكتالوج الأمريكي الذي يحكم مصر" والذي يتضمن جعل سيناء رهينة دائمة لإسرائيل - وبيع القطاع العام لضمان عدم الإنفاق على الجيش , وإنشاء نظام اقتصادي موالى لأمريكا وإسرائيل من خلال المعونة التجارية الأمريكية وبرنامج صناعة الجواسيس , وصناعة مناخ سياسي يشترط في لاعبيه الاعتراف كامب ديفيد , وعزل مصر من محيطها العربي!!
ومن اللافت .. أننا نجد لجيهان السادات ومن بعدها سوزان مبارك جذور نسب بريطانية , فضلا عما يشاع - ولا ندري مدى صحته - بان للرئيس عبد الناصر جدة يهودية وأنه تربي في حارة اليهود بالجمالية قبيل سفر الأسرة للإسكندرية , ومن المعلوم أيضا أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تربي أيضا في نفس الحارة وكان يسكن بجوار البيت الذي كان يسكنه شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق؟
والحقيقة ان المرء الغيور على جيش بلاده الوطني قد يجد نفسه مستاء من أن هذا الجيش لم يحقق أي انتصار حقيقي يذكر في كل معاركه , ففي حرب فلسطين عام 1948 وجد جنودنا البواسل أنفسهم يحملون أسلحة تنفجر فيهم عند إطلاقها, وكان قادة الجيش في مصر سواء أو الأردن والعراق متواطئون من أجل تحقيق النكبة وقيام دولة إسرائيل وليس العكس , وفي العدوان الثلاثي عام 1956 لم يجد المصريون في مدن خط القناة لجيش بلادهم أي وجود يذكر , حيث تركوا نهبا للعدوان الثلاثي , ولولا المقاومة الشعبية التي شكلوها هناك والموقف الروسي لسحقوا سحقا, وفي 1967 انتكس جيش مصر نكسة ما كانت تليق بتاريخها خاصة أنها تأتى من جيش دويلة عمرها 19عاما فقط , وفي أكتوبر 1973 حقق المصريون نصرا تاريخيا - تاريخيا بسبب كثرة الهزائم التي تعرضوا لها - سرعان ما سلب منهم قبيل انتهاء شهر أكتوبر ذاته , وبعد أن سلب هذا النصر حدثت عملية تسليم مصر لإسرائيل في كامب ديفيد.
وهزيمة مصر في نهاية حرب أكتوبر هو ما قاله حرفيا المشير سعد الدين الشاذلي بطل هذه الحرب وغيره الكثيرون وهو ما قاله من الناحية الأخرى الكثيرون وكان أخرهم رئيس الأركان الحالي، بيني غانتس، الذي كان رئيس الأركان الأول بعد عام 1973 حيث لم يشترك بهذه الحرب، فقد كان في المرحلة الإعدادية من دراسته أثناء نشوبها. حيث صرح بشكل قاطع قائلا: "إن حرب تشرين بدأت كوسيلة دفاعٍ لصد العدو، وتحولت، فيما بعد، إلى انتصار كبير للجنود"وهو بالتالي ما يلقي بظلال من الشك حول هذه الحرب ودور السادات فيها وفي الانتكاسات السياسية الرهيبة التي حدثت بعدها , وكذلك يطرح شكا كثيفا حول السبب الذي جعل قادة الجيش الجديد "جيش كامب ديفيد" يتخلصون من السادات وعما إذا كان هذا الفعل يأتي في إطار إنقاذ البلاد من التوغل في اتفاقية الاستسلام أم الدفع نحو مزيد من التوغل في تطبيق هذه الاتفاقية وتثبيت للمشهد على صورة كامب ديفيد لمدة ثلاثين عاما تالية؟
وفي الحقيقة التساؤلات لا تقتصر حول أركان النظام السياسي بعد 1952 فقط , ولكن تمتد أيضا لتشمل كل قادة تاريخنا المصري في مطلع القرن العشرين وما قبله بدءا من أحمد عرابي الذي اعتبره شخصيا الرمز المصري الوحيد الذي مجده التاريخ بما يستحق وان كانت ثورته "الثورة العرابية "خرجت في الأصل لمطالب فئوية خاصة بالجنود المصريين في الجيش وكانوا آنذاك قلة تمثل الطبقات الدنيا من الجيش إلا أن عرابي استطاع أن يأخذ منصبا كبيرا بسبب كونه الجندي الوحيد الذي نجا من الموت في حرب غير مبررة أرسلهم الخديوي إليها في الحبشة , لكن تلك الغضبة تطورت لتكون ثورة للدفاع عن استقلال مصر, ثم خسرت القوى الوطنية المعركة , وسقطت مصر تحت نير الاحتلال بسبب خيانة الخديوي والبدو والأجانب فضلا عن الجهل المتفشي آنذاك بين المصريين.
فخذ مثلا سعد زغلول باشا تم ترسيمه بالزعامة ليقودوا من خلاله طوائف المصريين , فالرجل الذي فوضه الطلاب للحديث باسم مصر في طلب الاستقلال بعد الحرب العالمية الأولى بعدما رأوا نفوذه عند سلطة الاحتلال وتقديرهم له , وجدناه يذهب للمفاوضات ويعود خاوي الوفاض , ولما صعد الطلاب مطالبهم بدستور جديد ينص على الاستقلال التام لمصر, وجدنا دستور 1923 الذي يعلن استقلالا اسميا لمصر دون ترجمة ذلك على ارض الواقع , وبدلا من تصاعد الحراك المنادى بتحقيق "الاستقلال التام أو الموت الزؤام" وجدنا الحراك الطلابي يكتفي بمعارك تشكيل الحكومات تحت نير الاحتلال.
كما أنني لا أفهم كيف يكون الواحد منا مناضلا بينما يكون شقيقه هو القاضي الذي لبي مطالب الاحتلال في إعدام فلاحى دنشواي ,أليس هذا الرجل تربي معه في "بيت الأمة" حتى أن هذه التسمية لبيته كانت كما وردت في عدة مصادر شعار رفعه طالب تشاجر مع طلاب آخرين أثناء اجتماع طلابي أمام منزل سعد زغلول وحينما طالبهم زغلول بالانصراف, راح الفتى يتخلص من الحرج صائحا "هذا ليس بيتك ولكنه بيت الأمة" هنا التقط زغلول وأنصاره الخيط ليكرسوا الشعار لإتمام مراسم الزعامة.
وهناك أيضا مصطفي كامل باشا ومحمد فريد باشا حيث نجد كتب التاريخ تعج بإضفاء مراسم النضال عليهما دون اى مبرر لذلك فكلاهما مع سابقهما مترفون مقربون للسلطة الحاكمة في الداخل فتكرمت عليهم بالبشوية ومقربون للاحتلال فسافروا ليناضلوا في ضيافته , وأتيح لهم من النعيم ما لم يتح لملايين من المصريين الذين ناضلوا وعانوا وماتوا في صمت , دون أن يذكر التاريخ حرفا واحدا عنهم.
و"للحديث بقية"
albaas10@gmail.com

د. مصطفى باحو : العلمانيون العرب.. إلحاد وتطرف وعنف

العلمانيون العرب ليسوا باحثين صادقين، ولا رجال فكر موضوعيين، ولا مثقفين محايدين بل هم في حقيقتهم الواضحة أصحاب مكاييل مزدوجة، فـ(أركون) الداعي لهدم الإسلام من جذوره يتغنى بالإسماعيلية والبهائية، ويمتدح الأفاق (آغا خان) الذي يقدسه الحمقى من أتباعه ويقدمون له الخمس من مالهم ليعيش عيشة مترفة وماجنة على حسابهم في الغرب، و(القمني) يعترف بأنه متقلب ويمارس التقية فيبطن غير ما يبديه! والاعتراف سيد الأدلة كما يقال.
الكتاب: العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام
تأليف: د.  مصطفى باحو
الناشر: المكتبة الإسلامية بالقاهرة 2012م
400 صفحة
هذا الكتاب الجيد سبقه كتاب للمؤلف نشره في عام 2011م هو: (العلمانية : المفهوم والمظاهر والأسباب) وقد نشرته صحيفة السبيل في الرباط.
ولعل الميزة الأولى له، تتمثل في أنه استند إلى 143 مرجعًا أساسيًا في القضية التي يناقشها، وهي مراجع أكثرها علمانية عربية من تصنيف كبار كهنتهم (محمد أركون، طيب تيزيني، محمد عابد الجابري، محمود سيد القمني، رفعت السعيد، فرج فودة، خليل عبد الكريم) وأخرى أقل عددًا من تأليف مخالفيهم الذين فندوا دعاواهم ودحضوها بالحجة الساطعة مثل الشيخ (يوسف القرضاوي، والدكتورين عبد الوهاب المسيري، ومحمد عمارة).
أما الدافع الذي حفز باحو على تأليف كتابه هذا، فيتجلى في المخادعات الإعلامية العلمانية فقد استفزّته تلك المحاولات لتمويه الحقائق وتزوير المحتوى الفعلي للعلمانية، وتقديمها للشخص العادي بغلاف زائف يخفي سمومها الفتاكة، فهو يُثْبِتُ بنقوله عن كهنة العلمانية العرب أن العلمانية الحقيقية ملحدة، وأنه لا يوجد علماني يؤمن بالدين إلا إذا كان يجهل العلمانية، ولذلك ترى غلاة العلمانيين ينتقدون العلمانيين الباحثين عن لقاء من نوع ما بين الإسلام والعلمانية.
فموقف العلمانية من الدين يجري التلاعب به وحجب هويته من خلال الحديث عن موقفها من التدين، وإخفاء موقفها من الدين نفسه، وكأن على الإسلام وهو صاحب الدار أن يستجدي من حفنة العملاء أن يسمحوا له بالحضور الفردي، وكأن الأصل فيه المنع كالمخدرات، بل إنهم في العمق يتسامحون مع تلك السموم باعتبارها شأنًا خاصًا وحرية فردية!
لقد نجح الكتاب في إقامة الحجة على تبعية العلمانيين الفكرية العمياء للغرب، وعلى تعصبهم واعتمادهم على الأحكام المسبقة والجاهزة، وكذلك عنفهم في مواجهة مخالفيهم وهم كذابون، فمثلاً يسعون إلى محاربة الدين لكن جبنهم يجعلهم يزعمون أنهم يعترضون على قيام دولة دينية -بالمعنى الغربي للكلمة حيث تحكم الكنيسة زاعمة العصمة لرجالاتها بالتواطؤ مع حكام يزعمون أنهم يحكمون بموجب حق إلهي- بالرغم من أن الإسلاميين بينوا بالأدلة القاطعة على أن الدولة الإسلامية ليست كذلك.
فالعلمانيون العرب ليسوا باحثين صادقين، ولا رجال فكر موضوعيين، ولا مثقفين محايدين بل هم في حقيقتهم الواضحة أصحاب مكاييل مزدوجة، فـ(أركون) الداعي لهدم الإسلام من جذوره يتغنى بالإسماعيلية والبهائية، ويمتدح الأفاق (آغا خان) الذي يقدسه الحمقى من أتباعه ويقدمون له الخمس من مالهم ليعيش عيشة مترفة وماجنة على حسابهم في الغرب، و(القمني) يعترف بأنه متقلب ويمارس التقية فيبطن غير ما يبديه! والاعتراف سيد الأدلة كما يقال.
والحقيقة أن العلمانيين العرب يتفاوتون في الدرجة والتوقيت فقط، وإلا فالهدف الوضيع واحد وإن تنوعت الأساليب من سخرية وطعن وتشويه ودعوة إلى نسف الدين وتنحيته عن الحياة.
ويسرد المؤلف هجمات رموز القوم بعضهم على بعض: أركون الجابري، علي حرب صادق جلال العظم أدونيس، حامد نصر أبو زيد، كما يوثق حقدهم على سائر علماء الأمة من رسميين وغير رسميين، سواء أكانوا موسومين بالاعتدال أم متصفين بالتشدد، فالجميع عندهم أعداء، ولذلك يُحرِّضون النظم المستبدة للقضاء عليهم، في حين يعمل أدعياء الحرية هؤلاء خَدَمًا للحكام الطواغيت، يبررون استبدادهم في عيون البسطاء باسم التقدم تارة، وتحت شعار الاستقرار تارة أخرى..
ومن النماذج التي اختارها المؤلف لبيان تهافت القوم وعوج فكرهم الببغاوي، علماني سوداني اسمه: (عبد الله أحمد النعيم) الذي يدعو إلى علمانية الدولة لا الإنسان والمجتمع، ويتباهى بالتجربة الغربية لكن ما ينقله عنها بنفسه يشهد بنقيض ادعاءاته، مثل اعترافه: "بأن فرنسا تتيح للبروتستانت واليهود تنظيم علاقة جماعته بالدولة وتمنع المسلمين منه، والدولة ملزمة بتعليم الكاثوليكية، وتسمح للبروتستانت واليهود بتوفير معلمين لدياناتهم في المدارس، وتستثني المسلمين من الأمرين معًا فلا تسمح لهم بدراسة دينهم ولا بتوفير معلمين له".
*مصطفى باحو أحد الشيوخ المغاربة السلفيين البارزين في ميدان التصنيف الشرعي بعيدا عن أضواء الإعلام و الشهرة

مجاهد المليجى يكتب: يا ملوك العرب .. اليس منكم رجل رشيد؟

العراق ضاعت وسوريا تضييع واليمن ضاعت وانتم تلهثون وراء كراسي الحكم التي تقبعون فوقها منذ عشرات السنين وسط قتل وتشريد ومعاناة عشرات الملايين من المسلمين دون ان تحركوا ساكنا ؟!!!
يا من تدعون انكم حماة السنة واهل السنة، ووانكم حماة الاسلام واهل الاسلام؛ الا تتحركون لإنقاذ عواصم عربية كانت في الزمن الماضي عواصم ومنارات لدولة الخلافة الاسلامية العتيقة .. فهذه بغداد ابتلعتها الطائفية المقيتة وعبث بمصير ملايين السنة والعرب بها العابثون .. فالقتل بالمجان على الهوية ولازال المسلسل مستمر ، وهذه دمشق التي كانت حاضرة الخلافة الاسلامية يوما ما ، دمرتها الطائفية الحاقدة وحولتها اثرا بعد عين وكل يوم يقتل المئات ولا يتحرك القابعون حول البيت الحرام ويتمسحون فيه ويدعون حملهم رسالة الاسلام الى البشرية كذباً.
وها هي صنعاء المتاخمة لقصوركم والتي تقف على مرمى حجر من بلادكم التي اختذلوها لتكون على اسم اسرة واحدة من بين مئات الاسر العريقة ببلدكم ، وان شئت فقل بلاد الحجاز .. صنعاء يبتلعها الحوثيون يوما بعد يوم .. يقتلون ويسلبون وينهبون ويطمعون في السيطرة على بلاد الحكمة كما طمع غيرهم في العواصم شقيقاتها دمشق وبغداد دون ان يقف في طريقهم احد .. فهل ينتظر آل سعود حتى تدخل عليهم عصابات الحوثي بخيلهم ورجلهم ويعبثون في بلاد الحجاز؟!!
وقبل ذلك كله هذه هي قاهرة المعز التي دوما تقود الامة الاسلامية الى الصعود والتقدم اذا ملكت حريتها ونفضت عن كاهل شعبها وابنائها وعلمائها وجنودها غبار العبودية والاستبداد والتبعية والعمالة .. وقد تطلع شعب مصر الى الخلاص واراد الله ان تكون ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى تقود بعدها مصر الامة الى افاق التحرر والنهوض والاستقلال الحقيقي وجاء رئيسا منتخبا لمصر واعلن وقوفه مع ثورة الشعب السوري ووضع يده بيد ثوار ليبيا لكي تنهض الامة الليبية وتتخذ الحرية والدمقراطية سبيلا وفتح الخطوط مع الثورة التونسية ومدت تركيا يدها لهذه الشعوب الثائرة لكي تنعم بالحرية والديمقراطية والتقدم مع عهد جديد في ظل الربيع العربي!! .. ولكن آل سعود وتوابعهم لم يروقهم ذلك فتآمروا على مصر وشعب مصر ورئيس مصر وانفقوا عشرات المليارات لذبح المصريين وهاهم ينفقون المزيد لذبح الليبيين، كما انفقوا من قبل لذبح مليون جزائري على يد العسكر في الجزائر عقب نتيجة انتخابات 1992 التي اكتسحتها الجبهة الاسلامية بالجزائر.
وهاهم تفضحهم تسريبات الاعلام الصهيوني التي تؤكد على انهم صاروا حلفاء اسرائيل واصدقاء لها، وقد اشاد مرارا الصهيوني القاتل نتنياهو بانه خرج من الحرب الاخيرة بحلف عربي لم يعد يرى اسرائيل عدوا ( يضم السعودية والامارات والخائن الانقلابي السيسي وغيرهم) وقد تكفلوا – السعودية والامارات- بتحمل تكلفة ذبح اكثر من ثلاثة الاف فلسطيني من ابناء غزة على يد الصهاينة دون حمرة من خجل على وجوه القوم .. وهاهم اليوم يعلنون تحمل نفقات ضرب وقتل الالاف من المسلمين السنة في سوريا والعراق على يد تحالف الصليبية العالمية التي يقودها اوباما على خطى بوش الابن غير ان الاخير لم يصرح بانها حربا صليبية جديدة وان كان يمارسها برعاية حماة الاسلام من اهل السنة آل سعود وبملياراتهم في الوقت الذي لم تمس محافظة شيعية واحدة في العراق بسوء ولم يمس القاتل بشار الاسد الطائفي الدموي ونظامه كذلك بأذى.
يا حكام المملكة .. يا آل سعود لقد فضحت الاحداث تامركم على كل قيمة نبيلة، وعلى كل تعاليم الاسلام وانتم جعل الله بين ايديكم امانة لم تحافظوا عليها ولم ترعوها حق رعايتها ، واغدق عليكم من نعمه بفضل هذا البيت الطاهر وهذا الحرم الشريف من الثروات المتنوعة والاموال وفاضت الخيرات من باطن الارض ومن ظاهرها وانتم كما انتم لا تتحرك فيكم النخوة إلا في اطار الاعتداء على الاسلام وقيم الاسلام والشعوب المسلمة التي تعاني لتزيدوا معاناتهم من اجل استمراركم في كراسي الحكم ليس الا لا حرمة لدين ولا لكتاب ولا لمقدسات.
يا آل سعود انكم راس الحربة للاسف في كل ما يحاك ضد المسلمين؛ وبايديكم وملياراتكم وتأمركم تقهرون الشعوب المسلمة ، ثم تتشدقون في خطبكم الرنانة بان الاسلام دين قدس الحرية وجعلها في صدارة ما دعا اليه بني البشر ، وانه عندما جاء محمد بن عبد الله – الذي تتمسحون انتم فيه وهو برئ من افعالكم – ودعا البشرية الى الحرية .. في كل امور عيشهم ومعاشهم بكافة المجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتعليم والثقافة .. وفي كل شيء ، كما سوى بين السادة والعبيد في الوقوف امام الملك الجبار في الصلاة في صف واحد وفي الطواف لرب واحد .. وهو من قال في كتابه العزيز وعلم الانسانية كلها : { من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فكيف لكم تنفقون المليارات من اموال الامة المسلمة للقضاء على كل معنى ايجابي وجميل تتميز به الامة المسلمة .. اليس منكم رجل رشيد يعيد التفكير في المشهد ويقف الى جانب الحق ويكف الاذى عن الشعوب المسلمة السنية على وجه الخصوص ؟!!!
يا علماء السنة انظروا الى حوزات ومراجع الشيعة الذين يتولون ادارة الدفة .. فيخططوا وينفذوا ويكتسبون القوة المذهبية وذلك نتيجة لتخاذل علماء العرب السنة في مجملهم لاسيما علماء السلطان .. فضيعتم العراق وتضيعون سوريا ومعهما مصر وستلحق بهم جميعا صنعاء وطرابلس في طريقها ومن قبلهم ضاعت لبنان ..
يا حكام المملكة واعوانكم عليكم ان تدركوا انكم لن تفلحوا وصدق الله العظيم {أن الله لا يصلح عمل المفسدين } و ستطالكم النيران التي تشعلونها هنا وهناك وستصيبكم اللعنات ودعوات اهالي المقتولين والمسجونين والمطاردين بسببكم ، وان المؤامرات التي تحيكونها والخيانات التي ترتكبونها بحق الشعوب العربية المقهورة والمظلومة والمغلوب على امرها بفعلكم سوف ينقلب سحرها عليكم .
يا حكام المملكة .. باموالكم هذه صرتم لعنة على الامة وسيعاقبكم الله على ما تفعلون .. فراجعوا انفسكم واعيدوا التفكير وبدلوا المواقف حتى يرضى عنكم رب العباد في المقام الاول، وحتى تتوقف عنكم لعنات الشعوب المقهورة التي تزدحم ابواب السماء بها موجهة اليكم بالاسم ..
يا حكام المملكة .. لازالت امامكم الفرصة سانحة ما دام فيكم عرق ينبض والتوبة يقبلها الله مالم تغرغروا .. لعل الله ان يجعل منكم من يستمع لمثل هذه النصائح او يشرح قلوب بعضكم للتصدي لمثل هذه المؤامرات حتى تتوقف عنهم اللعنات !!. لقد ترددت كثيرا في الكتابة .. ولكننا لا خير فينا ان لم نقلها .. اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد .

آيات العرابي: «مصر المقلوبة» من الدول النادرة حول العالم

المصدر
علقت الإعلامية آيات العرابي بشكل ساخر على الأوضاع التي تمر بها مصر الآن، من تدهور للظروف السياسية والإقتصادية، وقالت: "إن مصر الآن دولة يسير فيها كل شئ بالمقلوب"، على حد قولها.
وأضافت "العرابي" في تدوينة لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، اليوم الخميس،: "مصر هي الدولة الوحيدة التي حققت انجازاً ملموسا في اللا منطق، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتبر وجود العدو على بعد 100 كيلو متر من عاصمتها، وأسر 8 الاف من جنودها انتصارًا، وتعتبر تدمير جيشها بالكامل (نكسة) وهي الدولة الوحيدة في العالم التي اتهمت رئيسها المنتخب بالعمل لصالح جهتين معاديتين لبعضهمها بالكامل (حماس والكيان الصهيوني)"، وفقًا للتدوينة.
وتابعت: "وهي دولة تحرم على أعضاء جماعة الاخوان المسلمين تقبيل يد مرشدهم بينما تسمح قوانينها للواءات الشرطة بتقبيل يد مدير الأمن, ويسمح فيها للرُّتب الأصغر بمسح الأحذية، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك جيشاً تسلحه أمريكا بينما يتمكن جيشها من أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي (من غير ما حد ياخد باله)"، كما جاء نص التدوينة.


ذ كريم بنعلي يكتب : ما قل ودل : الأزهر في بئر البترول ااا

كثير من الناس مفكرين وغير مفكرين سياسسيين و اعلاميين ، يجلدون التاريخ الاسلامي و يصبون جام انتقاداتهم على الموروث الفقهي و التاريخي لانحيازه لبعض السلاطين و الأمراء ، بل يتخذون من النصوص الشرعية مبررات لتصرفاتهم و سياساتهم بل يصولون و يجولون بين ثنايا الكتب الحديثية ليتصيدوا أحاديث ضعيفة أو واهية لتكون منطلقا لرفع الحرج عن ظلم السلاطين وجورهم ، بل يفتون لقتل الشعوب التواقة للحرية التي تعد مقصدا أساسيا من مقاصد الشريعة الاسلامية و أساسا من أسس التوحيد الذي هو عبادة الله وحده .
واليوم يطلع علينا الأزهر الشريف بفتاوى من علماء ينتسبون لهذه المؤسسة الدينية العريقة الذين نجهل نسبتهم للعلم و المعرفة بفتاوى أقل ما يقال عنها فتانة ، تزرع بين الأمة الشقاق و الخلاف ، و تؤسس لوضع مأساوي ملامحه ظاهرة في الأفق ، وتحاول تكرار تاريخا لا زالت الأمة تعيش أخطاءه ، ولا زالت الشعوب تتهمه .
فماذا تقول اذن الأجيال القادمة عن الأزهر و علمائه ؟ ماذا تقول عن اصطفافه مع الانقلاب و اغتصاب السلطة ؟ هل يبرر تصرفه بحقن دماء المسلمين أم بدرء الفتنة ؟ ألا في الفتنة سقطوا و لدماء المسلمين استباحوا و لتقسيم الشعوب باركوا و لبيع الأقصى وافقوا و تطاولوا على دول عريقة أحبت الاسلام و احتضنت دعوته و جاهدت من أجله و خرجت علماء فطاحل يشهد لهم التاريخ و المكان ( ابن رشد ، ابن حزم ، ابن عبد البر ، الباجي … وغيرهم كثر لا يتسع المقام لعدهم ولا تكفينا مقالة لتدوين أسمائهم ) هؤلاء أناروا مغربنا و مشرقنا بنور العلم و المعرفة و لازالوا الى يومنا هذا …
ألا تجلد هذه الأجيال القادمة حاضرنا و تحمله مسؤولية تخلفنا و تتهم فتاوانا ” الأزهرية ” بالخائنة و المخدرة للشعوب ، ألا تتهم الاسلام العظيم بهذه الفتاوى ؟
ألا تلعن الأجيال القادمة هذه الفتاوى المنتنة ، ألا يخاف هؤلاء المفتون ، الموقعون عن الله من رب العالمين ، أي أرض تأويهم و أي سماء تظلهم بعد التوقيع عن الله عز وجل تحت سلطة البترول و الدرهم و الدينار .
على علماء الاسلام الربانيين الخروج الى العلن و تسجيل مواقفهم و ابداء آرائهم نصرة للفتوى الشرعية و دفاعا عن الفقه و مؤسسة الفقه و الحفاظ على هيبتها حماية للشريعة الاسلامية من هؤلاء الفتانين الذين لا أراهم سوى أن سقطوا في آبار البترول …

رأي القدس: اقتحام الاقصى: وماذا عن «الداعشية الصهيونية»؟

في حلقة جديدة من عدوانها المستمر على المسجد الاقصى، اقتحمت قوات اسرائيلية امس باحة الحرم القدسي الشريف، واعتدت بالقنابل والرصاص على المصلين داخله، ما اسفر عن اصابة 17 فلسطينيا. 
مرة اخرى، دنست احذية جنود الاحتلال الصهيوني مسرى الرسول الكريم، اولى القبلتين، ثالث الحرمين، واحد اهم المقدسات الاسلامية، في استفزاز مباشر لمشاعر مليار وثلاثمئة مليون مسلم حول العالم.
وعلى الرغم من ان الانتهاكات الصهيونية للمسجد الاسير لا تكاد تتوقف، فان هذا الاعتداء غير المسبوق في همجيته، يبدو مقصودا في توقيته، الذي يستهدف الافادة من اجواء دولية مشحونة ضد المسلمين عامة وجماعات التطرف الاسلامي بشكل خاص، اثمرت تحالفا دوليا يشن حربا واسعة في العراق وسوريا. 
بكلمات اخرى فان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر ان يصيد في المياه العكرة، ليفرض واقعا جديدا من الهيمنة على المقدسات الاسلامية التي تمثل عائقا اساسيا امام استكمال تهويد القدس المحتلة، وهو ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى التحذير من ان «هذه التصرفات الاسرائيلية تحاول ان تجعل الصراع هنا صراعا دينيا وهي تعرف ونحن نعرف والعالم يعرف خطورة استعمال الدين في الصراعات السياسية» حسب تعبيره.
لكن الواقع اثبت فيما يبدو ان نتنياهو كان محقا، حيث لم تتحرك حكومات ما يسمى بـ «العالم الحر» التي طالما ملأت الدنيا ضجيجا عند اي انتهاك لحرية الاعتقاد او التعبد في البلاد الاسلامية. 
بل ان دولا عربية مثل مصر والاردن اكتفت بـ «ادانات خجولة» تبدو اقرب الى «التواطؤ» مع تلك الانتهاكات، منها الى التنبه لخطورة استمرارها.
أما اغلب الدول العربية والاسلامية فاعتبرت انها غير معنية بشكل مباشر بما جرى فقررت اللجوء الى «الصمت الرهيب والمريب ايضا».
وجاء العدوان الاسرائيلي الجديد في مناسبة «عيد العرش اليهودي»، مستخدما قطعان المستوطنين المتطرفين في اقتحام الحرم القدسي، ما يطرح ربما من دون قصد، اسئلة بديهية مثل: أليس ما حدث دليلا على ان الاحتلال الصهيوني المستند الى عقيدة دينية متطرفة يمثل احدى ابشع الصور «الداعشية» التي يتغاضى العالم عنها منذ عقود طويلة؟
أليس ما يحدث في القدس المحتلة اليوم من انتهاكات واستيطان مجرد استمرار لممارسات «الداعشية الصهيونية» التي ذبحت بلدا عريقا اسمه فلسطين كان مهدا للحضارات والاديان، ثم شردت شعبه؟ بل اليست الصهيونية، بجوهرها الاقصائي العدمي الدموي المستند الى التطرف الديني، احد ابشع صور «الداعشية» واقدمها في العالم اليوم؟
ومن المفارقة ان الرئيس الامريكي باراك اوباما اشار في بعض تصريحاته على هامش اجتماعات الامم المتحدة مؤخرا الى ضرورة «محاربة التطرف الديني والايديولوجي بكافة اشكاله»، لكن هذا الكلام يبقى مجرد كلام عندما يتعلق الامر بالتطرف بل والارهاب الصهيوني. ولعل خطة التوسع الاستيطاني الاخيرة في القدس المحتلة دليل على ذلك، اذ لم يقبل نتنياهو الموقف الامريكي المعارض للخطة، واعتبر انه «يتعارض مع القيم الامريكية» في تعليق يلامس حدود «الردح الدبلوماسي» للادارة الامريكية التي لم تجرؤ على الرد بترجمة حرف واحد من تصريحاتها الى اجراء عملي.
ان «محاربة الارهاب» لا يمكن ان تكون ناجحة او صادقة الا اذا كانت شاملة بلا انتقائية لاسباب دينية او سياسية.
وفي عالم مثالي، ربما كان يجب ان نتوقع من الدول العربية المنضوية تحت لواء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، ان تربط استمرار مشاركتها في الحرب، التي قال ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي السابق انها قد تستمر ثلاثين عاما، باجراءات عملية لمواجهة «الداعشية الصهيونية» بما يؤدي الى انهاء الاحتلال ضمن تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. الا ان العالم العربي يعيش حالة تاريخية من الفوضى قد لا تنتهي الا بعد ان تتغير خرائط، وتسقط أنظمة، وتزول دول وحدود. وهذه توفر بيئة خصبة لظهور مزيد من «الدواعش»، ما قد يزيد الحريق اشتعالا. وهو ما يصب في مصلحة اسرائيل.
لكن، وفي النهاية، فان اي خطأ في الحسابات قد يقلب السحر على الساحر، فقد بلغ السيل الزبى، وقد لا يمكن للعرب والمسلمين السكوت الى الابد عن كل هذه الاهانات والاستفزازات الصهيونية- الداعشية.

علماء وشخصيات أردنية يرفضون ''الحملة الأمريكية'' على تنظيم الدولة الاسلامية

أصدر مجموعة من العلماء الشرعيين والشخصيات في الأردن بياناً موقعاً بأسمائهم يرفضون فيه الحملة الدولية التي تقودها أمريكا في المنطقة، واعتبروها حملة على الإسلام وحق شعوب المنطقة في العيش الحر الكريم تحت ستار محاربة تنظيم الدولة.
وحَّرم البيان التعاون مع هذه الحملة بأي شكل من أشكال التعاون، وأكد على الوقوف إلى جانب الشعبين السوري والعراقي في محنتهم. ويلاحظ أن الموقعين من خلفيات فكرية واتجاهات متنوعة.
وفيما يلي نص البيان:
بيانٌ صادرٌ عن مجموعةٍ من العلماء والدعاة والشخصيات في الأردن بشأنِ الحلف الدولي
(يا أيُّها الذينَ آمنوا كونوا قوَّامينَ للهِ شُهَداءَ بالقِسْطِ).
.إحقاقاً للحق وأداء لأمانة العلم والدعوة، فهذا بيان لتبيين الموقف الشرعي من الحلف الدولي الذي تقوده أمريكا في المنطقة:
لقد رأت الدولُ الغربيةُ بأمِّ عينِها جرائمَ النظامِ السوريّ والميليشياتِ الطائفيةِ المواليةِ له من قتلٍ وتعذيبٍ إجراميٍّ وتحريقٍ واغتصابٍ وتغييبٍ في سراديبِ السجونِ وتشريدٍ وقصفٍ ودمارٍ، وغرقٍ للمهاجرين من سوريا في البحار..رأت ذلك كلَّه وسكتتْ عنه، بل ودعَمتْهُ بشكلٍ مباشرٍ وغيرِ مباشرٍ عَبرَ السنواتِ الثلاثةِ والنصف الماضية. ورأت مثلَ ذلك يحصلُ لأهلِ السنَّةِ في العراقِ بعدَما مكَّنَت فيه للحُكم الطائفيّ.
وبعد هذا كله جاءت الدولُ الغربيةُ لتتدخلَ في المنطقة، فادَّعت بدايةً أنَّ حملتَها هي ضدّ (تنظيم الدولة)، متغافلةً تمامًا عن أصلِ المشكلةِ وهو إجرامُ الأنظِمَةِ الطائفيةِ في حقِّ المسلمينَ العُزَّل.
ثمَّ إذا بهذهِ الحملةِ لا تزيدُ الشعبينِ السوريّ والعراقيّ إلا دمارًا وآلاماً، فتقصفُ العديدَ من الفصائلِ السُنّية، وتضعُ أخرى على لائِحَةِ الإرهابِ تمهيدًا لمُحارَبَتها، بل وتقتلُ العشراتِ من المدنيينَ العُزَّل وتهدم بيوتهم، متيحةً المجالَ للنظامَينِ الطائفيَّينِ لمُعاوَدَةِ احتلالِ المناطقِ المقصوفةِ ومُمارَسَةِ الفظائِعِ فيها من جديد. حتى أنَّ النظامينِ الطائفيَّينِ رحَّبا بغاراتِ أمريكا وتحالُفِها واعتَبرا أنَّهما يقفانَ في خندَقٍ واحدٍ معَهم ضِدَّ "الإرهاب".
وخرَجت المسألةُ عن حَربِ "الإرهاب" بالتعريفِ الأمريكيّ إلى مُحارَبَةِ المُقاتلينَ السُّنَّةَ عموما ممَّن لم يرتَبِطوا بأجنداتِ أمريكا، فقد نشَرَت أشهَرُ صحُفِها (نيويورك تايمز) في صفحَتِها الأولى يومَ الأربعاءِ الموافقِ 24-9-2014 عنوانا جاء فيه: (الضرَباتُ الجويةُ لأمريكا وحلفائِها تصيبُ الميليشيا السنيَّة)!
بل وترافَقَ مع ذلك تصريحُ الرئيسِ الأمريكيّ بأنَّهُ لن يتسامَحَ مع رجالِ الدين الذين يدعونَ للكراهيةِ ضدَّ الأديانِ الأخرى! في إشارَةٍ واضِحَةٍ إلى أنَّ أهدافَ الحملةِ خرجَتْ عن مواجهةِ المجموعاتِ المُسلَّحَةِ إلى مُحارَبةِ الهويَّةِ الإسلاميَّةِ التي تقِفُ في وَجهِ سياساتِ أمريكا وأطماعِها في المنطقة، وكلِّ مَن يُريدُ لبلادِهِ الانعِتاقَ من التبَعيَّةِ للغربِ المستَعبِدِ للمسلمين.
كما ضربت الحملةُ ثرواتٍ يحتاجها الناس في معاشهم من صوامعَ للحبوب ومنشآت الغاز وآبار النفط، مما يهدد بكارثة إنسانية على مستوى شعبي البلدين.
و حرِصَ الغربُ في هذا كلِّهِ على إدخالِ جيوشٍ من بلادٍ سُنيةٍ في الحلفِ للتغطيةِ على حقيقةِ أنَّها حربٌ على الإسلامِ وعلى حقِّ الشعوبِ في العيشِ الحُرّ الكريم، و حتى تتحمل هذه الجيوشُ أضرارَ أية حرب برية محتملة.
وعليه، فنحنُ نرى هذهِ الحملةَ التي قادَتْها أمريكا هي في حقيقتِها ضدَّ الإسلام، واتخَذَتْ من مُحارَبَةِ تنظيمِ الدولةِ سِتارًا ومُبَرّرًا لها، ونعلِنُ رفضَنا التامَّ للتدَخُّلِ الدوليّ، وأنه تحرُمُ المشارَكةِ فيه وإعانَتُه بأيِّ شَكلٍ من أشكالِ الإعانة، ونُكبِرُ مَوقِفَ الهيئاتِ الشرعيةِ والفعالياتِ التي رَفَضَتْ تلكَ الحملَة.
ولا يزايدْ علينا أحدٌ في الحرص على أمن البلاد، فإنا نحرص على ألا تراقَ دماءٌ معصومةٌ بأي وجه، لكن هذا لا يكون بمساندة الغرب في حربه التي بيَّنَّا حالها.
مع تأكيدنا على أنَّ هذا كلَّهُ لا يعني إقرارَنا لمَسلَكِ تنظيمِ الدولة، وإنَّما يمنَعُنا من تفصيلِ موقِفِنا منه في هذا المَقامِ خشيةُ استغلالهِ لحَرفِ بيانِنا عن مقصودِهِ زيادةً في تَسويغِ الحربِ على الإسلامِ بحُجَّةِ ذلك التنظيم.
كما أننا نُقِرُّ بحقِّ المسلمينَ في الدفاعِ عن أنفُسِهِم ضدَّ ظُلمِ أيَّةِ جِهَةٍ ولو كانَت من المسلمين، لكن هذا الدفاعَ يجبُ أن ينبَعَ في النهايةِ من داخِلِ صفِّ المسلمين وبالضوابطِ الشرعيةِ لدَفْعِ الصائِلِ المُسلم، لا مِن جِهَةِ النظامِ الدوليّ الذي أثبَتَ بوضوحٍ أنَّهُ لا يتَدَخَّلُ إلا لِيَزيدَ من مُعاناةِ المسلمين!
وندعو كلَّ مَن سارَعَ من قبلُ إلى الغلو والتخوينِ واستباحَةِ دماءِ المسلمين بالظنونِ والشُّبُهاتِ أن يتأمَّلَ حالَ الفصائِلِ التي خَوَّنَها وأساء الظن بها، فها هيَ اليومَ ترفُضُ الانضمامَ لِلحَمْلَةِ الدوليةِ على الإسلام، حتى أصبَحَتْ أمريكا تبحثُ عن عناصِرَ تُدَرِّبُهم بَدَلاً منها، أفلا يكونُ هذا مَدعاةً إلى مُراجَعةِ النفسِ والتوبَةِ إلى اللهِ من رَمي المسلمينَ بما ليسَ فيهم وإلى كفِّ اليد عنهم؟
ختامًا نؤكِّدُ أن هذه الحملة لا يستفيد منها إلا الغرب والنظامُ الإيراني بمشروعه الطائفي والكيانُ الصهيوني الذي يجري العمل على توفيرِ محيطٍ آمنٍ له من بلاد محطمة منهكة، ونُذَكِّر أن الغرب الذي يدعي الإنسانيةَ لم يتحرك لإنقاذ مسلمي بورما وغزة وإفريقيا الوسطى، ولا لوقْفِ انتهاكات الصهاينة بحق المسجد الأقصى. ونؤكد على الوقوفِ إلى جانبِ إخوانِنا وأخواتِنا في الشامِ والعراقِ في مِحنَتِهِم، التي هيَ في المُحَصِّلَةِ مِحنَةٌ للإسلامِ وأهلِه.
نسألُ اللهَ عزَّ وجَلَّ أن يلطُفَ بالمسلمين وأن ينصُرَهُم على أعدائِهِم ويكُفَّ عنهُم مَكرَهُم بمَنّهِ وكَرَمِه.
الموقعون على هذا البيان:
د. صلاح عبد الفتاح الخالدي - دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن
الشيخ إبراهيم أحمد العسعس
أ. د. مروان إبراهيم القيسي - أستاذ العقيدة والدراسات الإسلامية في جامعة اليرموك سابقاً
د. أحمد عيسى البلاسمة - نقيب الصيادلة الأردنيين
د. جمال بن محمد الباشا – دكتوراه السياسة الشرعية، عضو رابطة علماء أهل السنة
الشيخ أسامة فتحي أبو بكر – عضو رابطة علماء أهل السنة
د. إياد عبد الحافظ قنيبي – داعية وأستاذ جامعي في مجال الصيدلة
د. عبادة عقاب عواد - دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن، جامعة اليرموك
د. محمد بن يوسف الجوراني – دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن، عضو رابطة علماء أهل السنة
د. محمد محمود الطرايرة – دكتوراه في الفقه الإسلامي وأصوله
الاستاذ وائل علي البتيري – كاتب وصحفي
د. أحمد سليمان الرقب – أستاذ التفسير وعلوم القرآن
د. إياد عبد الحميد نمر – أستاذ الفقه وأصوله
د. عبد السلام عطوه الفندي – أستاذ الحديث وعلومه
الشيخ أحمد ضيف الله الحنيطي – خطيب وإمام
د. ماجد أمين العمري – دكتوراه في الفقه وأصوله
الشيخ حسين سالم حمدان بني صخر
الشيخ أحمد محمد برهوم ماجستير الحديث وعلومه، عضو اتحاد علماء المسلمين
هيثم عبد الغفور الرفاعي – ماجستير حديث
الشيخ جمال محمود أبو خديجة – خطيب وإمام
الشيخ عبد الله محمد عيد – خطيب وإمام
ناصر عودة سليمان الدعجة – ماجستير في التفسير وعلوم القرآن
د. مأمون فلاح الخليل – دكتوراه في الحديث الشريف، عضو الهيئة العامة جمعية الحديث
د. عماد الدين بن محمود – دكتوراه في تفسير القرآن
الشيخ إبراهيم أدرياتيك زائماي (من ألبانيا) - ماجستير الشريعة والقضاء الشرعي