مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ: السيسي هو الرئيس الأنسب والجذّاب والمطلوب لاسرائيل ويعتبر السلام معها ذُخرًا إستراتيجيًّا وسيُحارب الإرهاب في سيناء بالتنسيق مع تل أبيب
قالت دراسة إسرائيليّة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، قالت إنّ انتخاب السيسي رئيسًا لمصر هو الإمكانيّة الأنسب والأحسن للدولة العبريّة، لافتةً إلى أنّه من المؤكّد أنّ حكمه أحسن بكثير من حكم الإخوان المُسلمين، الذي يُعادون إسرائيل بشكل مبدئيّ، وأيضًا، زادت الدراسة، أنّ انتخاب السيسي أحسم من حمدين صباحي، ذلك لأنّ الأخير عبّر عن عدم رضاه من إسرائيل وأعلن تأييده لحركة حماس، في ما يرى السيسي بحركة حماس منظمة إرهابيّة. وفي المقابل، فإنّ السيسي يرى في السلام مع إسرائيل ذخرًا إستراتيجيًّا، ولا يُشكّك للحظة واحدة في أهميته، كما أنّه أعلن على الملأ بأنّه سيُحافظ على اتفاق (كامب ديفيد).
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ السيسي، بسبب خلفيته العسكريّة، يعرف جيدًا إيجابيات التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل، موضحًا أنّه سيُطالب بتعديل المُلحق العسكريّ للاتفاق، بالتنسيق مع إسرائيل، وذلك لكي تتمكّن مصر بقيادته من بسط سيطرتها الأمنيّة على سيناء ومكافحة الإرهاب هناك ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزّة، على حدّ قول الدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أنّ عزل الرئيس السابق، محمد مرسي، من قبل السيسي رفعت من شعبيته في الشارع المصريّ، ولم تترك مجالاً لصباحي في أنْ يُنافسه، موضحةً أنّه بعد سنة من حكم الإخوان، توصل الشعب المصريّ إلى نتيجة بأنّ بلاد النيل تحتاج إلى زعيم قويّ يُعيد النمو ويُقوّي الاقتصاد، ويُكافح الإرهاب الداخليّ، وأنْ يعمل على إعادة دور مصر الرياديّ في الشرق الأوسط.
ورأت الدراسة أنّ المقارنة والمقاربة بينه وبين الزعيم الراحل، جمال عبد الناصر، ليس في مكانها، فهو ما زال بعيدًا جدًا عن الوصول إلى ما كان عليه عبد الناصر، ولكنّ حقيقة المقارنة، أوضحت الدراسة، تثبت أنّ الكثيرين في مصر يُعوّلون على السيسي كزعيم قويّ، الذي سيذهب بمصر في طريقٍ جديدةٍ. مع ذلك، قالت الدراسة إنّ ليس الجميع مرتاحون من انتخابه، وخصوصًا الإخوان، الذين يرون فيه عدوا لدودًا، الذي عزل مرسي وأعلن الحرب عليهم، ولكن أيضًا هناك فئات لبراليّة مصريّة تتخوّف من أنْ يبتعد السيسي عن مبادئ الثورة، ويُعيد مصر إلى عهد مبارك البائد، مستغلاً قوته العسكريّة.
وبحسب مُعّد الدراسة، الباحث أفرييم كام، فإنّ هناك مهمتين رئيسيتين يتحتّم على الرئيس الجديد معالجتهما: الأولى، تحسين الوضع الاقتصاديّ، ذلك أنّ مصر تُعاني من أزمة اقتصاديّة متفاقمة منذ العام 2011، كما أنّ مشكلة البطالة، خصوصًا لدى الجيل الشاب، تتفاقم من يوم إلى آخر وعليه حلّها، لافتةً إلى أنّ هذه المهمة صعبة للغاية وغير قابلة للتنفيذ في فترة قصيرة، وبالتالي، إذا لم ينجح خلال فترة زمنيّة في حلّ المشكلة الاقتصاديّة، فمن غير المستبعد خروج المصريين إلى الشوارع والمُطالبة بتنحيته.
أمّا المهمة الثانية، قالت الدراسة، فهي محاربة الإرهاب الداخليّ وإعادة الأمن والآمان للمصريين، خصوصًا وأنّ الإخوان في وضع صعب، الأمر الذي سيُتيح للسيسي مكافحة ظواهر التطرّف الإسلاميّ في الدولة، وليس فقط من طرف الإخوان، إنّما من طرف مجموعات سلفيّة متشدّدّة، ستُحاول تنفيذ أعمال إرهابيّة ضدّ النظام الجديد.
علاوة على ذلك، أوضحت الدراسة أنّ السيسي سيضطر إلى اتخاذ القرار في كيفية وآلية علاقاته مع الدولتين العظمتين: أمريكا وروسيا، لافتةً إلى أنّ القيادة المصرية لم تُخفِ امتعاضها من الإدارة الأمريكيّة، التي لم تؤيّد السيسي فورًا، الأمر الذي دفعه إلى التوجه نحو روسيا، ورجحّت الدراسة أنّ التوجّه نحو روسيا ما كان إلا مناورة، وأنّه في نهاية المطاف ستعود العلاقات بين القاهرة وواشنطن إلى سابق عهدها، على حدّ تعبير الباحث كام
نخب إسرائيلية: تنصيب السيسي والأسد لصالحنا
أجمع معلقون "إسرائيليون" على أن تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وتواصل بقاء بشار الأسد على كرسي الرئاسة في سوريا، يحسن البيئة الاستراتيجية لـ "إسرائيل" بشكل غير مسبوق.
وقال المعلق العسكري عمير رايبوبورت، "إن أهم ما يثير حماس محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب لتتويج السيسي رئيساً حقيقة أن هذا التطور سيضمن ليس فقط تواصل مظاهر الشراكة الإستراتيجية بين تل أبيب والقاهرة، التي تكرست بعد عزل الرئيس محمد مرسي، بل إنه سيؤدي إلى تعزيز هذه الشراكة وتطورها".
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية الثلاثاء، أشار رايبورت إلى أن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب، ترى أن العوائد الاستراتيجية التي ستجنيها "إسرائيل" من وجود السيسي في الحكم ستسمح لها بالتفرغ لمواجهة تحديات استراتيجية كثيرة.
ونقل رايبورت عن هذه المحافل قولها إن الحرب التي لا هوادة فيها التي يشنها السيسي على الجماعات الجهادية في سيناء وحرصه على "تقليم أظافر" حركة حماس يصب في صالح "إسرائيل".
وأعاد رايبوبورت للأذهان حقيقة أن "إسرائيل" خططت لاستثمار مليارات الدولارات في تعزيز الجبهة الجنوبية بعد ثورة 25 يناير وخلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، تحسباً لحدوث تدهور أمني خطير على الحدود.
وشدد رايبوبورت على أن أهم "عائد" استراتيجي تنتظره "إسرائيل" من حكم السيسي هو حقيقة تأكدها أنه لن يدفع نحو تطوير الجيش المصري، بحيث أن "إسرائيل" ستكون مطمئنة إلى ثبات ميزان القوى الاستراتيجي الكاسح لصالحها.
ويذكر أن وزير الخارجية "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان طالب بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي بتدشين ثلاث فرق عسكرية جديدة، والدفع بها إلى الحدود مع مصر، وإعادة بناء قيادة المنطقة الجديدة، علاوة على أنه طالب بتطبيق خطط تقشف اقتصادية لتمكين "تل أبيب" من تمويل متطلبات تعزيز القوة العسكرية.
وفي السياق ذاته، نوه رايبوبورت إلى أن نجاح بشار الأسد في البقاء بعد ثلاث سنوات من الثورة ضده يمثل "بشرى سارة" بالنسبة لـ"إسرائيل".
وأكد رايبوبورت أن التطورات التي شهدتها سوريا قد أخرجت الجيش السوري من دائرة التوازنات الاستراتيجية، لدرجة أن "إسرائيل" تتعامل مع الواقع في سوريا وكأنه ليس هناك جيش قائم في واقع الأمر.
من ناحيته، قال ألون بن دفيد، معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة "الإسرائيلية" العاشرة، إن الجيش المصري في عهد السيسي سيظل "جيش الأمس"، في إشارة إلى أن هذا الجيش لا يبذل جهدا يذكر في تطوير قدراته القتالية وتوظيف التقنيات المتقدمة في الجهد الحربي.
وفي تعليق على انتخاب السيسي، نقل بن دافيد الثلاثاء عن مصادر مسؤولة في الجيش "الإسرائيلي" قولها، إنه لم يحدث في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي" أن حرصت تل أبيب على تسليح جيش عربي كما حدث في عهد السيسي، مشيراً إلى الضغوط التي مارستها "إسرائيل" على الكونغرس الأمريكي لضمان تزويد الجيش المصري بمروحيات "الأباتشي".
ونوه دافيد إلى أن "إسرائيل" لم تكن تقدم على مثل هذه الخطوة إلا لعلمها أن هذه المروحيات ستوظف لصالحها، مشيراً إلى أن الهجمات التي تنفذها هذه المروحيات في سيناء تستهدف الحركات الجهادية التي يمثل ضربها مصلحة مؤكدة لـ"إسرائيل".