13 ديسمبر 2017

محمد سيف الدولة يكتب: العواقب الخمسة عشرة للقرار الأمريكى

Seif_eldawla@hotmail.com
 ماذا يعنى القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها؟
يعنى اطلاق رصاصة الرحمة على ما يطلقون عليها هم "عملية السلام" وما يجب أن نسميها نحن بـ "أوهام السلام" الذى خدعت الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية نفسها وشعوبها بها منذ صدور القرار 242 عام 1967.
فنحن بصدد اعلان امريكى اسرائيلى مشترك، بأنه لا دولة فلسطينية على حدود 1967، ولا انسحاب اسرائيلى من اى ارض محتلة فى الضفة الغربية، ولا توقف عن بناء المستوطنات الاسرائيلية، و بالمختصر المفيد، انه ليس لدينا شيئا لنعطيه لكم، وليذهب الشعب الفلسطينى ومعهم كل العرب الى الجحيم.
انها اوهام السلام التى تذرع بها الحكام العرب منذ حرب 1973 ومعهم السلطة الفلسطينية منذ 1993 لتبرير انسحابهم وهروبهم من مواجهة الكيان الصهيونى التى ليس لها سوى طريق وحيد هو طريق المقاومة والكفاح المسلح فلسطينيا، والقتال والحرب عربيا.
فحين يأتى الرئيس الأمريكى ليعترف بكل صفاقة بأن الحكاية على امتداد نصف قرن لم تكن سوى كذبة أمريكية صهيونية كبيرة لخديعة الفلسطينيين والعرب والمسلمين والعالم كله، صدقها السذج منهم وتواطأ معها بعض الحكام العرب والقادة الفلسطينيين، فاننا يجب أن نتوقع أن زلزالا عنيفا سيضرب المنطقة قد تترتب عليه عواقب وتحولات كبرى نستعرض أهمها فيما يلى:
1)  اعادة الاعتبار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، وانخراط افواجا جديدة من الشباب الفلسطينى والعربى فى حركات ومنظمات المقاومة، لتتعاون وتتسابق جميعها فى توجيه الضربات الموجعة (لاسرائيل).
2)  وتضافر الجهود الشعبية العربية والاسلامية والاقليمية لاختراق وكسر الحظر المفروض على توريد الأموال والسلاح لحركات المقاومة الفلسطينية، واحياء حركات الدعم الشعبى العربى للشعب الفلسطينى وانتفاضاته على غرار ما تم مع انتفاضة عام 2000.
3)  سقوط نظرية السادات وخلفائه وحلفائهم من أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب. وعودة خيار"المواجهة العسكرية العربية لاسرائيل"، الذى دم دفنه بعد حرب 1973، الى قائمة المطالب السياسية والشعبية، والى كتابات المفكرين وخطابات قادة الرأى العام، والى اجندات مراكز الابحاث الاستراتيجية والعسكرية، مما سيصنع ضغوطا حقيقية على دوائر صنع القرار.
4)  عودة العمليات الاستشهادية فى الضفة الغربية وفى الداخل الفلسطينى 1948، بعد ان كانت قد شهدت تراجعا كبيرا منذ عام 2005.
5)  عودة الضربات ضد المصالح الغربية والاسرائيلية خارج الارض المحتلة، مثل عملية ميونخ 1972 واكيلى لاورو عام 1985 وعمليتى مطارى روما وفيينا عام 1985، وتانزانيا ونيروبى عام 1988 والظهران بالسعودية 1996 والمدمرة كول باليمن عام 2000 وغيرها.
6)  عودة العمليات العسكرية ضد المصالح الامريكية والاسرائيلية فى البلاد العربية مثل تنظيم ثورة مصر ومحمود نور الدين فى مصر و تفجيرات بيروت ضد القوات الامريكية عام 1983.
7)  ناهيك عن نمو واتساع دوائر التطرف والعنف والارهاب، خارج مجال المقاومة والتحرير، كرد فعل عشوائى وهستيرى ضد التجبر الامريكى والدولى والصهيونى والعجز العربى والاسلامى والاستبداد والتواطؤ الرسمى.

8)  انكشاف الدول العربية التى تهرول اليوم للتطبيع مع اسرائيل، وتلك التى وقعت معها معاهدات سلام، وثبوت وتأكيد خيانة وبطلان هذه المعاهدات وما آلت اليه من تفريط وضياع للحقوق الفلسطينية وتهديدها للامن القومى العربى، مع سقوط ما تبقى من شرعيات الانظمة العربية والحكام العرب والنظام الرسمى العربى، على غرار ما حدث بعد نكبة 1948 وانتصار القوات الصهيونية على الجيوش العربية مجتمعة، مما سيمهد على المدى المتوسط لسلسة من الانتفاضات الشعبية او الثورات الجماهيرية او الانقلابات العسكرية.
9)وما سيصاحب ذلك من اتساع قاعدة المعارضات السياسية العربية وارتفاع اسقف مطالبها وتجذيرها وتقدم وصعود الاتجاهات والاجنحة الاكثر راديكالية منها، مع اكتساب الدعوة الى ثورات جديدة، مزيدا من المصداقية، على غرار ما حدث بعد الغزو الامريكى للعراق عام 2003، حيث لم يتطلب الامر أكثر من 8 سنوات حتى يتمخض غضب الشعوب عن ثورات قامت باسقاط اربعة حكام عرب.
10)مع احتمالات كبيرة لحدوث حالات من الرفض والتذمر داخل عدد من المؤسسات العسكرية العربية نتيجة الحرج الشديد التى ستواجهه امام شعوبها بسبب عجزها وصمتها وحيادها تجاه ما يحدث من اعتداءات وتجبر امريكى واسرائيلى، رغم ما يفترض فيها من واجبات حماية المصالح الاستراتيجية العربية، ومن صلاحيتها وحدها فى حمل السلاح لحماية الامن القومى .
11)سقوط نهائى وبات لمشروعية السلطة الفلسطينية ما لم تعترف بخطاياها وتعلن انسحابها من اتفاقيات اوسلو وتسحب اعترافها باسرائيل وتشارك فى تنظيم اعمال المقاومة ضد الاحتلال. فان لم تفعل فسينتهى بها الحال الى ان تتحول بشكل رسمى وصريح الى احد أدوات الاحتلال الاسرائيلى، وهو ما سيضعها فى معسكر العداء الصريح للشعب الفلسطينى جنبا الى جنب مع قوات الاحتلال.
12) تصحيح البوصلة السياسية لغالبية القوى الوطنية العربية، وعودتها الى سابق عهدها حين كانت تضع مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى على راس اولوياتها وبرامجها.
13)مع حدوث عملية فرز واستقطاب حاد داخل المجتمعات والدول العربية، ولكن حول قضية وطنية وقومية وتحررية هذه المرة، لتتراجع العديد من الصراعات التى عصفت بالامة فى السنوات الاخيرة كالصراعات الطائفية والدينية والمذهبية.
14) عودة قوية ودائمة لحركات المقاطعة الشعبية التى كانت قد نجحت فى توجيه ضربات موجعة لعدد من المنتجات الامريكية قبل ان تضعف وتتوقف و تختفى منذ ما يزيد عن 10 سنوات.
15)سقوط نهج ما يسمى بالاعتدال العربى، دولا وسياسات واستراتيجيات وتحالفات، وبزوغ وصعود تحالفات عربية واقليمية ودولية جديدة على قاعدة العداء للولايات المتحدة واسرائيل.
*****
القاهرة فى 13 ديسمبر 2017

12 ديسمبر 2017

زهير كمال يكتب: حزب الله وجامعة الرؤساء العرب


يتصدر اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل مجمل المقالات والتحليلات في العالم العربي . ولوم ترامب على ما فعل كأن يضع الإنسان رأسه في الرمل كالنعامة هرباً من الحقيقة. ولا شك أن تعامل ترامب مع تهديد جدي من كوريا الشمالية يعطي المثل في كيفية التعامل مع الأقوياء وكيفية التعامل مع الضعفاء ، فهو يستعين بالروس والصينيين للتوسط مع الكوريين بينما يعامل الأنظمة العربية كالعبيد والأجراء لديه. فهل نلوم ترامب أم نلوم أنفسنا؟ 

لم تكن المعادلة بهذا الوضوح مثلما هي الآن ، أنظمة الحكم العربية المتحالفة مع إسرائيل علناً مقابل الجماهير العربية تتقدمها المقاومتان اللبنانية والفلسطينية.

فلمدة طويلة استطاعت هذه الأنظمة وبمكر ودهاء لا مثيل لهما خداع الجماهير العربية بالقول إنها تقف في صفها وأن هدفها تحرير فلسطين أو على الأقل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يرجع الحقوق الى أصحابها.

والمواطن العربي صابر يعيش على هذا الأمل ، ففي قرارة نفسه ثقة أننا أمة كثيرة العدد وأننا نستطيع توفير ما يلزم من الجند ونحن نمتلك الذكاء اللازم لمواجهة تحديات العصر ونرى بأم أعيننا نجاح وتفوق أفرادنا عندما يهاجرون وتتاح لهم الفرصة لإثبات تفوق العقل العربي ثم إن الله تعالى قد حبانا ثروة طائلة من الطاقة يحتاجها العالم ولا يسير إلا بواسطتها.

وللمواطن العربي الحق في أن يرتاح وينام مطمئناً فهذه المقومات لا تتوافر للشعوب الأخرى، ولسان حاله يقول ما هي إلا بعض العثرات التي يجب التغلب عليها وأهمها اتفاق الرؤساء بعضهم مع بعض .

عند كل قمة عربية كان هذا المواطن يحدوه أمل كبير في اتفاق زعمائه متمنياً وحدتهم وعملهم معاً لحل المشاكل العربية ، وفي اعتقاده أن كل هذه المشاكل ثانوية وأن عليهم التفرغ والعمل بجد لحل القضايا الأساسية . أما شيوخ المساجد من المحيط الى الخليج فكانت دعواتهم صادقة أن يهدي الله زعماءنا لما فيه خير أمتنا. وعند كل قمة عربية كان الأمل يتبخر شيئاً فشيئاً حتى وصل الى الصفر بعد اكتشاف المواطن أن العمل العربي المشترك مزحة كبيرة.

ولتسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة ولتوخي الدقة فيمكننا أن نطلق على الجامعة العربية اسم جامعة الرؤساء العرب ، أما مجلس التعاون الخليجي فهو مجلس تعاون أمراء الخليج، وهكذا باقي أشكال العمل العربي المشترك . وبهذا نضع الأمور في نصابها وتاريخ الجامعة يشهد بذلك، فقد طردت دولة بأكملها مثل مصر لأن رئيسها في ذلك الوقت غنّى على هواه دون استشارة أقرانه أو شعبه، ثم تم إرجاعها لأن رؤساء الجامعة رضوا عن رئيسها الجديد رغم أنه لم يغير الخط أو السياسة التي اتبعها سلفه!

ثم طردت دولة سوريا لأن الملك السعودي يكره الرئيس السوري ويستطيع توظيف باقي الرؤساء لطرده من النادي. ( يبدو الأمر كذلك ولكن المسألة تتعدى ذلك فهناك مخطط كبير تقوم البيادق العربية بتنفيذه) .

إذاً فطرد دول بأكملها من الجامعة مسألة في منتهى السهولة مثلها مثل تغيير الدساتير ، إن وجدت، بجرة قلم لتلائم رغبة الرؤساء، أما القضايا الجانبية مثل فتح الحدود بين دولتي الجزائر والمغرب والمغلقة لمدة تزيد على ربع قرن فهي مسألة معقدة ، مثلها مثل رؤية السودان ينقسم الى دولتين ، فالرؤساء لا يمتلكون الاهتمام أو القدرة بل كان بعضهم يغذي هذه الصراعات المدمرة . ولهذا فمن حق المواطن العربي أن يفقد الأمل ، فطيلة هذا التاريخ لم يكن هناك سوى بيانات التأييد أو الشجب والاستنكار أما العمل فلا غالب الا الله. 

في المؤتمر قبل الأخير لوزراء خارجية جامعة الرؤساء العرب ، أصدر المجتمعون قراراً يصم حزب الله بالإرهاب. وبهذا القرار انضم الرؤساء العرب رسمياً الى إسرائيل وأصبحوا في جبهة واحدة ضد حزب الله . وهي بلا شك جبهة عريضة على رأسها أمريكا وفي ذيلها داعش وأخواتها صنائع المخابرات الغربية والموساد.

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لرؤساء الجامعة هي انهيار داعش في سوريا والعراق بعد أن كان المخططون يمنون النفس ببقائها فترة طويلة تعيث في الأرض فساداً لتظل شعوبهم المغلوبة على أمرها مطية سهلة لا ترفع رأسها. ولكن لعب حزب الله دوراً محورياً في قلب المعادلة وإفساد مخطط تقسيم هاتين الدولتين الى دول صغيرة متناحرة تلجأ الى الشقيقة الكبرى إسرائيل.
لمحة تاريخية مختصرة:

في سوريا كان الجيش السوري على وشك الانهيار بعد انشقاق عدد كبير من الضباط والجنود في كافة قطاعات الجيش ، وقد تبين فيما بعد وجود تسعيرة وضعها النظام السعودي لكل انشقاق حسب أهمية المنشق وتأثيره. وعندما يفقد الجيش ضباطه فإنه يحتاج وقتاً طويلاً ليستطيع امتلاك القدرة على الحركة ثانية ، وفي هذا الوضع الحرج استطاعت القوات المعادية للنظام السيطرة على سوريا ما عدا بعض البؤر الصغيرة وهي بعض المدن والعاصمة، ومن هنا بدأت مقولة يتم ترديدها حتى هذه اللحظة ، أن أيام الأسد أصبحت معدودة، كادت هذه المقولة أن تتحقق لولا التدخل المباشر والقوي لحزب الله الذي حقق انتصارات صغيرة في جبهات كثيرة كانت مفتوحة في مختلف أنحاء سوريا كان من أهمها معركة القصير، فاستطاع الجيش التقاط أنفاسه وبناء نفسه من جديد ، وأدرك الروس أن الكفة ستميل لصالح النظام فتدخلت قواتهم ، هذا التدخل الذي قصر عمر الصراع بشكل دراماتيكي.

في العراق شهدنا انهيار الجيش العراقي بعد احتلال داعش للموصل ، خمسون الفاً فروا تاركين أسلحتهم وعتادهم ولم يستطيعوا الصمود أمام عدد من جنود داعش لا يتعدى ألفين أو على أقصى تقدير ثلاثة آلاف. وكانت بداية انقسام العراق فعلياً الى ثلاث دول على أساس عرقي طائفي. وهنا تدخل حزب الله في تشكيل ودعم المنظمات الشعبية المقاتلة التي لعبت دوراً هاماً في دحر داعش وإنهاء مخططات التقسيم.

والتحليل المنطقي يقودنا الى أن حزب الله هو الذي حقق الانتصارات المتتالية في سوريا ، ولكن لم يشهد التاريخ نكراناً للذات مثلما نجد في حزب الله ، فهو يعلن عن ضحاياه وتسجل الانتصارات باسم الجيش السوري ثم حلفاءه. ومن المؤكد أننا سنقرأ مستقبلاً مذكرات هؤلاء الذين يعاصرون أحداث هذه المرحلة وما حدث على الأرض فعلاً، ما يؤكد هذه النقطة.

ما يحدث الآن ضخم بكل المقاييس ، فنحن نشهد بوادر انهيار مشروع الشرق الأوسط الكبير ، لقد نجحت المنطقة في وقف الانحدار نحو الأسوأ ، وليس أمامها سوى التقدم الى الأمام ، ولا شك في أن الخسائر كبيرة ولكن لا بد من تسجيل بعض الأرباح التي تحققت ومن بينها فضح الأنظمة الحاكمة أمام الجماهير العربية وفضح تحالفاتها السرية مع أعداء الأمة وكذلك سقوط التقسيم الطائفي في المنطقة بعد أن كاد ينجح ، بخاصة عند بدء تدخل حزب الله في سوريا وتصوير الأمر على أن الشيعة يقتلون السنة.

ولا شك أن غباء اللاعبين على الأرض قد ساهم مساهمة فعالة في تغيير المزاج العربي العام، فقد عملوا على شيطنة حزب الله والمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس ، وهكذا يتبين للجماهير كل يوم أن خلق أعداء وهميين إنما يهدف الى حرف الأنظار عن العدو الرئيسي المتمثل في إسرائيل. 

هل يمكن لأحد أن يقف مكتوف اليدين أو أن ينادي بسياسة النأي بالنفس أو أن يقول (إحنا ما لناش دعوة) أمام مشروع ضخم كهذا ؟ للأسف نعم ، فبعض الساسة الذين لا يرون أبعد من أنوفهم يرددون هذه الأقوال كالببغاوات، ولا يضعون في حسبانهم الحكمة التي تقول ( أكلت يوم أكل الثور الأبيض) ، ولكن بعضهم يمتاز بخبث شديد ويريد لحلفائه أن يلعبوا كما يشاؤون وعلى المقاومة أن تقف مكتوفة الأيدي تتفرج على السكاكين تنهش جسم الأمة.

رغم هذا الجو المظلم لا بد لنا أن نتفاءل ، فالعدو وحلفاؤه يخسرون بالنقاط كل يوم :

ترى إسرائيل الحبل يضيق على رقبتها وتحاول جاهدة فكه ببعض الضربات الاستباقية مستعملة سلاحها الجوي فقط، فقد فقدت زمام المبادرة منذ زمن طويل، وسبب ذلك لا يعود الى عدد صواريخ حزب الله وتمكنه من التكنولوجيا العسكرية الحديثة رغم أهمية ذلك ، ولكن الفضل كله يعود الى جندي حزب الله ، فعندما ينادي (لبيك يا نصر الله) فهو يعني ما يقول. وسيظل الجندي البسيط هو مفتاح النصر أو الهزيمة في التاريخ (حتى إشعار آخر وهو دخول الروبوتات في المعارك).

فيما يلي استعراض لثلاثة أنواع من الجنود العرب:

ا. الجندي النظامي وهو الموجود في كافة الجيوش العربية بلا استثناء ، ويمكننا إطلاق مصطلح الجندي الرقم ، وهو تعبير عن الحالة العامة لدولنا العربية التي تعاني من التجهيل والعجز.

2. الجندي العقائدي الباني وهو جندي المقاومة في لبنان وفلسطين. حيث نجحت المقاومتان بإمكانات متواضعة في وقف العدو عن التمدد .

ما هو شعور الجندي البسيط عندما يقول له سيد المقاومة ( أقبل أيديكم وأرجلكم)؟

ما هو شعوره وهو يرى من استشهد قبله وقد تم تمجيده ؟

ما هو شعوره وهو يرى عائلة من استشهد قبله وهي مصانة معززة مكرمة ؟

هذه منظومة متكاملة تبني الفرد وهو مقتنع تمام الاقتناع أنه يحارب من أجل مثل عليا .

3. الجندي الظلامي ، وقد فكرت كثيراً في هذه التسمية إن كانت تنطبق على هؤلاء البسطاء المغرر بهم الذين يقتلون أنفسهم بحزام ناسف أو بقيادة سيارة مفخخة وذلك بهدف الذهاب الى الجنة والاستمتاع بسبعين حورية، فالمسألة بالنسبة لهذا الجندي هي مصلحة شخصية قد يحصل عليها في الحياة الآخرة ، أما الحياة الدنيا فقد يأس منها وهو الفقير الذي لم تنصفه.

في التاريخ الإسلامي كان الحشاشون أصدق مثال لهؤلاء الجنود الذين يخدمون مصلحة من يشغلهم . وعادةً كان الفشل نتيجة طبيعية فلم يتحقق أي هدف لهم وذهبت تضحياتهم هباءً . ونرى الأمر يتكرر مع حشاشي الحاضر. فهناك فرق كبير بين استغلال الفرد وبين بنائه ، بين أن يكون رقماً أو أن يكون كياناً ، بين أن يعمل من أجل حياته وبين أن يعمل من أجل موته.

مما سبق فإن الجندي العقائدي هو الذي يستطيع الانتصار وتغيير الواقع، وهذا ما حدث عبر التاريخ.

يدرك الرؤساء العرب هذه المعادلة ويشعرون بفشلهم في كل خطوة ، وإذا كانوا لا يعلمون أنهم فاشلون فالمصيبة أعظم، ويريدون جر من بقي في هذه الأمة إلى مربع الفشل. هذا إذا أحسنا الظن بهم. ولكنهم في اعتقادهم أنهم يستمدون قوتهم من أمريكا وأن استسلامهم الكامل هو أفضل وسيلة لبقائهم في كراسيهم.

هل وصلت الجماهير إلى أن سبب مصائبها كلها هي هذه الأنظمة البالية ؟ هل وصلت الجماهير إلى حقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ هل وصلت الجماهير إلى أن اعتمادها يجب أن يكون على النفس وأن عليها أن تشمر عن سواعدها وتغير واقعها التعس؟

هناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب ، وكان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل هو إحدى هذه العلامات ، وستشهد المنطقة تغييراً جذرياً في مستقبلها وقد يكون هذا التغيير صغيراً في البداية ولكنه سيتسارع لاحقاً وذلك مثل إستفاقة الإنسان من إغماءة بعد ضربة في الرأس، وإغماءة المنطقة طالت كثيراً ، ولكن الفجر قادم لا محالة.

10 ديسمبر 2017

سيد أمين يكتب : مسجد الروضة ..من التصويف الى المستفيد

نقلا عن مدونات هافنجتون بوست وعربي بوست
تم النشر: 12:01 10/12/2017 AST تم التحديث: 12:01 10/12/2017 AST

التركيز الذي مارسه الإعلام المصري، الرسمي وشبه الرسمي، من اللحظة الأولى، حول أن مسجد الروضة الذي شهد المجزرة الإجرامية الأثيمة في العريش كان مسجداً صوفياً، وأن الإرهابيين قدموا إنذارات لإدارته من قبلُ بإغلاقه، وهو ما نفاه إمام المسجد نفسه الذي أصيب بالحادث، في لقاء متلفز له سُجل قبل أن يُحظر التعامل مع الصحفيين في هذه المنطقة بعد الحادث، مؤكداً أن المسجد ليس صوفياً ولم يتلقوا تهديدات من قبلُ لإغلاقه- أثار الكثير من علامات التعجب والأكثر من علامات الاستفهام.
علامات التعجب تتعلق بأنه للمرة الأولى يتم تصنيف وفرز المساجد في مصر بحسب نوعيتها، ومن ثم نوعية مرتاديها، ولم يكن الأمر معمولاً به لدى عوام المصريين، بحيث إنهم اعتادوا الصلاة في أي مسجد.
أما علامات الاستفهام، فتُشعرك وكأن هناك توجيهاً أمنياً للإعلام المصري، طالبهم منذ اللحظة الأولى بالتركيز على تلك النقطة، وهذه مسألة لا مراء فيها، فالإعلاميون أنفسهم اعترفوا بأنهم يعملون حسب التوجيهات مراراً.

تساؤلات عن التضليل الإعلامي

ومن ثم، فالسؤال: ما مصلحة النظام في توجيه الأنظار إلى أن وراء الحادث تنظيماً يختلف مع الصوفيين فكرياً، إذا كان راغباً حقاً في معرفة الجناة الحقيقيين ومعاقبتهم؟ علماً أن دائرة المختلفين مع الصوفيين فكرياً قد تتسع لتشمل السلفيين والجماعة الإسلامية وحتى الإخوان المسلمين، وجميع هؤلاء أدانوا الجريمة، وضمنهم تنظيم الدولة الذي يناصبهم العداء أيضاً.
ولماذا تناسى الإعلام في الوقت ذاته، أن تلك التنظيمات -عدا داعش- هي تنظيمات سياسية تؤمن بالحياة المدنية الحديثة ولا تبيح إراقة دم حتى الكافر الذي يناصبهم العداء؟
فضلاً عن أن مصر تكتظ بالمساجد من النوعية نفسها، ولو كان هناك نية أو إباحة لإيذاء المساجد "الصوفية" لأحرقوا كبريات تلك المساجد كالإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة بالقاهرة، والمئات في الأقاليم كالسيد البدوي بطنطا وعبد الرحيم القنائي بقنا، في فترات "الفراغ الأمني" الذي استمر شهوراً إبان ثورة يناير/كانون الثاني.
كما أن واقعة مقتل الشيخ أبو جرير العام الماضي على يد مسلحين، وادعاء أن المسلحين حذروا الناس من الصلاة في المسجد، يعني أن المسجد مستهدف وهناك تقصير أمني في حمايته، ويعني -وهو الأهم- أن المجرم أراد من تلك التصرفات التمهيد لدفع أنظار الناس بعيداً عنه حينما ينفذ باقي ما خُطط له من جرائم، وصولاً إلى نتيجة واحدة يريدها النظام الحاكم ذاته، وهي دفع الناس لمغادرة البلاد قسراً وإلصاق التهمة بـ"اللهو الخفي"، الذي من الممكن توظيفه ليقضي النظام -بحجة مكافحته- على كل خصومه.
هذا التدرج يتشابه تماماً مع ما دأب النظام على فعله منذ سنوات، حيث وقّع على اتفاقية سد النهضة ثم اكتشفنا أن ذلك تمهيد لتوصيل المياه لإسرائيل، وتحدث عن خطة لمكافحة الأنفاق الفلسطينية واكتشفنا أن الأمر له علاقة بالتنازل عن جزء من سيناء لتنفيذ صفقة القرن، وتحدث عن ثورة دينية واكتشفنا أن الأمر هو التخلص من العباءة الإسلامية للدولة، واعتبرنا أن الأمر سلوك فردي للنظام المصري فاكتشفنا أنه مخطط إقليمي.

تساؤلات عن التصفيات

في الحقيقة، إنه قبل مرور 24 ساعة من وقوع الجريمة التي راح ضحيتها نحو 340 شهيداً، فوجئ المصريون بإعلان النظام المصري تصفية 45 شخصاً، وصفهم بالإرهابيين المتورطين في المجزرة، ما يطرح تساؤلات مهمة أيضاً حول أنه إذا كان إيجادهم وتوافر المعلومات عنهم قد تم بتلك السهولة، فلماذا لم تجدهم قبل الجريمة؟ وخاصةً أنك تخوض حرباً منذ سنوات في هذه المنطقة، ما يعني توافر كل خبرات اللعبة بيدك؟
وثاني التساؤلات: ما الذي أدراك أنهم متورطون في الواقعة؟! فهل قبل أن تقصفهم بالطائرات أجريت تحقيقاً جنائياً معهم على الأرض مثلاً؟ والأهم أنه إذا كانت جميع روايات الناجين تؤكد أن عددهم كان ما بين 20 و40 شخصاً، فهل يعني أن يكون قتلك 45 شخصاً أن هناك 5 منهم أبرياء "فوق البيعة"؟

اللافت أن النظام الذي تعرّف على المجرمين في هذا الوقت الوجيز وصفّاهم، هو نفسه الذي تأخرت طائراته عدة ساعات عن الوصول لمسرح الجريمة رغم انتشار أكمنته في الطريق المؤدي إليه.
مستعدون أن نسلّم بصحة كل ما قاله النظام الحاكم ونسحب تساؤلاتنا، ولكن لو ضمنّا الإجابة بـ"نعم" عن سؤال: هل سينتهي الإرهاب في سيناء الآن بعد قتل كل هؤلاء الإرهابيين الخطرين؟
لكن، هناك أيضاً أمر لا يقل غرابة، هو أن الجريمة التي ندد بها العالم وقعت قبل 48 ساعة فقط من افتتاح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض، أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والذي ينعقد تحت شعار "متحالفون ضد الإرهاب"، بحضور ممثلي 41 دولة، وكأن المجرمين قد خططوا لإعطاء الاجتماع زخماً دولياً!

تساؤلات حول العملية

مسرح العمليات شهد المجزرة بعد بدء الخطبة بدقائق، ما يعني أن المسجد لم يكن مكتظاً؛ ومن ثم فإن الضحايا في الغالب سقطوا بالخارج، وهو ما أكدته الشهادات المكتوبة والمتلفزة بأن القتل طال المصلين في الداخل والخارج وحتى المارة في الشوارع والمناطق السكنية المحيطة، ولم يتم إيذاء المسجد أو تفجيره، ما يعني أن المجرم القاتل كانت معركته أساساً في وجود الناس هناك وليس في وجود المسجد.
كما أن المسجد يقع على أرض منبسطة ويبعد فقط 450 متراً من وحدة عسكرية وعلى طريق مكتظ بالوجود الشرطي والأمني، ما يعني سهولة حمايته وهو ما لم يحدث! وفى 30 إلى 120 دقيقة -بحسب الشهادات- تمت المجزرة وانسحب المهاجمون في أمان ولم تصل أي قوات تتصدى لهم!
والأهم أنه من المعروف أن قبيلة السواركة التي ينتمي إليها الضحايا واحدة من القبائل التي أذاقت العدو الصهيوني الويلات في فترة احتلاله سيناء، وهي القبيلة التي اتُّهمت بالتباطؤ في دعم الجيش بحربه المزعومة ضد الإرهاب، ما تسبب في مصادمات كلامية شهيرة بينها وبين قبيلة أخرى داعمة للجيش، وهي أيضاً القبيلة التي تمتد سيطرتها على طول المساحة الساحلية شمالاً ما بين جامعة سيناء غرباً حتى رفح التي كانت تسيطر عليها قبيلة الرميلات، قبل استهدافها هي الأخرى بالتفجيرات الأعوام الماضية وتهجير أهلها إلى مناطق أخرى، ما يؤكد أن صاحب المصلحة في التفزيع والتهجير هو النظام؛ تنفيذاً لما تحدث عنه السيسي نفسه.. صفقة القرن.
فهل يستلزم تنفيذ صفقة القرن -يا إسرائيل- أن يموت كل الشعب المصري؟!