13 ديسمبر 2017

محمد سيف الدولة يكتب: العواقب الخمسة عشرة للقرار الأمريكى

Seif_eldawla@hotmail.com
 ماذا يعنى القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها؟
يعنى اطلاق رصاصة الرحمة على ما يطلقون عليها هم "عملية السلام" وما يجب أن نسميها نحن بـ "أوهام السلام" الذى خدعت الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية نفسها وشعوبها بها منذ صدور القرار 242 عام 1967.
فنحن بصدد اعلان امريكى اسرائيلى مشترك، بأنه لا دولة فلسطينية على حدود 1967، ولا انسحاب اسرائيلى من اى ارض محتلة فى الضفة الغربية، ولا توقف عن بناء المستوطنات الاسرائيلية، و بالمختصر المفيد، انه ليس لدينا شيئا لنعطيه لكم، وليذهب الشعب الفلسطينى ومعهم كل العرب الى الجحيم.
انها اوهام السلام التى تذرع بها الحكام العرب منذ حرب 1973 ومعهم السلطة الفلسطينية منذ 1993 لتبرير انسحابهم وهروبهم من مواجهة الكيان الصهيونى التى ليس لها سوى طريق وحيد هو طريق المقاومة والكفاح المسلح فلسطينيا، والقتال والحرب عربيا.
فحين يأتى الرئيس الأمريكى ليعترف بكل صفاقة بأن الحكاية على امتداد نصف قرن لم تكن سوى كذبة أمريكية صهيونية كبيرة لخديعة الفلسطينيين والعرب والمسلمين والعالم كله، صدقها السذج منهم وتواطأ معها بعض الحكام العرب والقادة الفلسطينيين، فاننا يجب أن نتوقع أن زلزالا عنيفا سيضرب المنطقة قد تترتب عليه عواقب وتحولات كبرى نستعرض أهمها فيما يلى:
1)  اعادة الاعتبار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، وانخراط افواجا جديدة من الشباب الفلسطينى والعربى فى حركات ومنظمات المقاومة، لتتعاون وتتسابق جميعها فى توجيه الضربات الموجعة (لاسرائيل).
2)  وتضافر الجهود الشعبية العربية والاسلامية والاقليمية لاختراق وكسر الحظر المفروض على توريد الأموال والسلاح لحركات المقاومة الفلسطينية، واحياء حركات الدعم الشعبى العربى للشعب الفلسطينى وانتفاضاته على غرار ما تم مع انتفاضة عام 2000.
3)  سقوط نظرية السادات وخلفائه وحلفائهم من أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب. وعودة خيار"المواجهة العسكرية العربية لاسرائيل"، الذى دم دفنه بعد حرب 1973، الى قائمة المطالب السياسية والشعبية، والى كتابات المفكرين وخطابات قادة الرأى العام، والى اجندات مراكز الابحاث الاستراتيجية والعسكرية، مما سيصنع ضغوطا حقيقية على دوائر صنع القرار.
4)  عودة العمليات الاستشهادية فى الضفة الغربية وفى الداخل الفلسطينى 1948، بعد ان كانت قد شهدت تراجعا كبيرا منذ عام 2005.
5)  عودة الضربات ضد المصالح الغربية والاسرائيلية خارج الارض المحتلة، مثل عملية ميونخ 1972 واكيلى لاورو عام 1985 وعمليتى مطارى روما وفيينا عام 1985، وتانزانيا ونيروبى عام 1988 والظهران بالسعودية 1996 والمدمرة كول باليمن عام 2000 وغيرها.
6)  عودة العمليات العسكرية ضد المصالح الامريكية والاسرائيلية فى البلاد العربية مثل تنظيم ثورة مصر ومحمود نور الدين فى مصر و تفجيرات بيروت ضد القوات الامريكية عام 1983.
7)  ناهيك عن نمو واتساع دوائر التطرف والعنف والارهاب، خارج مجال المقاومة والتحرير، كرد فعل عشوائى وهستيرى ضد التجبر الامريكى والدولى والصهيونى والعجز العربى والاسلامى والاستبداد والتواطؤ الرسمى.

8)  انكشاف الدول العربية التى تهرول اليوم للتطبيع مع اسرائيل، وتلك التى وقعت معها معاهدات سلام، وثبوت وتأكيد خيانة وبطلان هذه المعاهدات وما آلت اليه من تفريط وضياع للحقوق الفلسطينية وتهديدها للامن القومى العربى، مع سقوط ما تبقى من شرعيات الانظمة العربية والحكام العرب والنظام الرسمى العربى، على غرار ما حدث بعد نكبة 1948 وانتصار القوات الصهيونية على الجيوش العربية مجتمعة، مما سيمهد على المدى المتوسط لسلسة من الانتفاضات الشعبية او الثورات الجماهيرية او الانقلابات العسكرية.
9)وما سيصاحب ذلك من اتساع قاعدة المعارضات السياسية العربية وارتفاع اسقف مطالبها وتجذيرها وتقدم وصعود الاتجاهات والاجنحة الاكثر راديكالية منها، مع اكتساب الدعوة الى ثورات جديدة، مزيدا من المصداقية، على غرار ما حدث بعد الغزو الامريكى للعراق عام 2003، حيث لم يتطلب الامر أكثر من 8 سنوات حتى يتمخض غضب الشعوب عن ثورات قامت باسقاط اربعة حكام عرب.
10)مع احتمالات كبيرة لحدوث حالات من الرفض والتذمر داخل عدد من المؤسسات العسكرية العربية نتيجة الحرج الشديد التى ستواجهه امام شعوبها بسبب عجزها وصمتها وحيادها تجاه ما يحدث من اعتداءات وتجبر امريكى واسرائيلى، رغم ما يفترض فيها من واجبات حماية المصالح الاستراتيجية العربية، ومن صلاحيتها وحدها فى حمل السلاح لحماية الامن القومى .
11)سقوط نهائى وبات لمشروعية السلطة الفلسطينية ما لم تعترف بخطاياها وتعلن انسحابها من اتفاقيات اوسلو وتسحب اعترافها باسرائيل وتشارك فى تنظيم اعمال المقاومة ضد الاحتلال. فان لم تفعل فسينتهى بها الحال الى ان تتحول بشكل رسمى وصريح الى احد أدوات الاحتلال الاسرائيلى، وهو ما سيضعها فى معسكر العداء الصريح للشعب الفلسطينى جنبا الى جنب مع قوات الاحتلال.
12) تصحيح البوصلة السياسية لغالبية القوى الوطنية العربية، وعودتها الى سابق عهدها حين كانت تضع مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى على راس اولوياتها وبرامجها.
13)مع حدوث عملية فرز واستقطاب حاد داخل المجتمعات والدول العربية، ولكن حول قضية وطنية وقومية وتحررية هذه المرة، لتتراجع العديد من الصراعات التى عصفت بالامة فى السنوات الاخيرة كالصراعات الطائفية والدينية والمذهبية.
14) عودة قوية ودائمة لحركات المقاطعة الشعبية التى كانت قد نجحت فى توجيه ضربات موجعة لعدد من المنتجات الامريكية قبل ان تضعف وتتوقف و تختفى منذ ما يزيد عن 10 سنوات.
15)سقوط نهج ما يسمى بالاعتدال العربى، دولا وسياسات واستراتيجيات وتحالفات، وبزوغ وصعود تحالفات عربية واقليمية ودولية جديدة على قاعدة العداء للولايات المتحدة واسرائيل.
*****
القاهرة فى 13 ديسمبر 2017

ليست هناك تعليقات: