09 يناير 2012

اعلان وثيقة التحرير بكل لغات العالم


اعلان وثيقة التحرير بكل لغات العالم
الشعب يبنى نهضته , قوم يا مصرى" شعار مؤتمر ثورى حاشد بقاعة المؤتمرات"

فى اطار الاستعدادات التى تجريها القوي السياسية والثورية والمجتمعية لاحياء فعاليات الذكرى الاولى لانطلاق ثورة الخامس والعشرين المجيدة .. تحت شعار" الشعب يبنى نهضته , قوم يا مصرى"  اتفق ممثلون للعديد من  القوي الثورية اثناء اجتماع اعمال اللجنة التحضيرية المصغرة أمس الاحد 8 يناير على عقد مؤتمر فى 21 يناير الجاري بهدف توثيق مسيرة الثورة منذ اندلاع شرارتها الأولى .
وقرر نحو 72 ناشط وممثل لحركة ثورية خلال اعمال اللجنة التحضيرية المصغرة  للمؤتمر ان يتضمن جدول اعمال المؤتمر المقرر عقده  من الساعة 8 صباحاً حتى الساعة 8 مساءاً فى قاعة خفرع بمركز القاهرة الدولى للمؤتمرات بمدينة نصر
تسجيل المشاركين 08:00 – 9:00
الجلسة الإفتتاحية 09:15 – 09:30 وتتضمن إعلان أسماء رؤساء جلسات المحاور – واختيار لجنة الصياغة
عرض المحور الأول 09:30 – 11:0 بعنوان العدالة الإجتماعية..  د/ أحمد سيد النجار 
إستراحة شاى 11:30 – 12:00
المحور الثانى 12:30 – 13:30 بعنوان الحرية.. د/ بهاء طاهر – أ/ خالد يوسف - أ/ عبد الحليم قنديل
المحور الثالث 13:30 – 15:00 بعنوان العيش.. د/ ممدوح حمزة
غذاء خفيف 15:00 – 16:00
المحور الرابع 16:00 – 17:30 بعنوان الكرامة الإنسانية.. د/ محمد نور فرحات
الجلسة الختامية 17:30 – 20:00.. وتعلن فيها رسالة التحرير الى العالم.. باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والأسبانية والألمانية ووثيقة المؤتمر ويعدها د/ أسامة الغزالى حرب وأ/ جمال فهمى وأ/ عبد الله السناوى
ويقام على هامش المؤتمر معرض لصور ثورة 25 يناير والكتب التى التى تم نشرها عن الثورة
وللمشاركة فى اعمال المؤتمر عبر البريد الاليكترونى
فاكس: 37607239
للإستفسار: 37607238

05 يناير 2012

وكالة أنباء الشرق الأوسط : "رؤي فى الوطن والوطنية" حينما تكون الكتابة بالدم

 أ ش أ
عن مركز "يافا للدراسات والابحاث " صدر كتاب "روئ.. فى الوطن والوطنية" للكاتب الصحفى والناشط السياسى سيد أمين.
يحمل الكتاب عدة مقالات نشرت فى الصحف والمواقع الاليكترونية المصرية والعربية, ولأن تلك المقالات كانت – ولا زالت – تحمل اطروحات ذات قيمة بالغة سواء فى الدلالات والنتائج , رأى  الكاتب  اعادة نشرها لاسيما أن التاريخ لا يمكن التعرف عليه سوى بالنبش فى الماضى على اعتبار ان قراءة التاريخ هى دراسة مكثفة فى المستقبل.
ولأن تلك الروئ او الاطروحات كانت تحمل فى طياتها أنذاك طرحا موضوعيا , وفى أحيان قليلة للغاية طرحا منحازا – نظرا لكون الكاتب بشر يحب ويكره ويؤثر ويتأثر – كان من الواجب اعادة انتشالها من دائرة النسيان بهدف ترميم الذاكرة , وبالتالى طرحها مجددا على مائدة الحوار مع التنبيه الى أن كل رؤية أو بالاحرى مقال لا يجب أن نقرأها بمعزل عن الظروف السياسية والاقتصادية والفكرية السائدة وقت كتابتها , وذلك لأن تجريدها من تلك الحالة المحيطة قد ينتقص من قيمتها بشكل كبير.
ويقول الكاتب فى مقدمة كتابه الغنى بالأفكار والذى تظهر منه رائحة الخط الفكر القومى المحافظ والمتدين المعتدل انه "من ضمن الاشياء التى يجب علينا ان نذكر بها , أنه فى زمن الثورات لا تعد بطولة أو تفردا أن تقول "يسقط الطاغية" ولكن فى زمن الخنوع قد تعني الاشارة بأى قول يفهم منه الايحاء بطغيان الطاغية عملا فى غاية الجرأة والشجاعة".
ويرى الكاتب انه "رغم أن وسائل التفكير واحدة تقريبا بين الناس , الا ان ثمة اختلافا كبيرا فى معايير التفكير الحاكمة ومنتجاتها الامر الذى أوجد تمايزا بين البشر بعضهم البعض , وساهم فى اختلاف ترتيب الأولويات بين شخص وأخر ما أوجد بدوره تنوعا فكريا نجمت عنه الايديولوجيات الفكرية المسيطرة فى عالم اليوم.
ولأن الشجرة المزهرة على سبيل المثال يراها الناس بصور شتى ومنطلقات متعددة , فمنهم من يهتم بها جماليا واخر بوصفها كائنا حيا وثالث يعتبرها مصدر للطاقة ونتاج لعمليات حيوية معقدة , فان الكاتب  هنا يزعم انه لم ينظر قط الى ظاهر الاشياء ولكن تعمد الغوص فى مسبباتها ومسببات مسبباتها , وعلى كل حال تلك الروئ لا تحمل الا وجهة نظره ولا تعبر الا عنه فى وقت كتابتها, وهو نفسه يبدى استعداده للتخلى عن اى طرح طرحه متى ظهر جليا خطأه وتكشفت وسائل تشويش عاقت عملية ابصاره بشكل سليم.
هذا الكتاب , يتضمن اربعة فصول كل فصل يتضمن عدة مقالات تحمل فى اتساقها رؤية واحدة عن احداث متشابهة .
وحسب ما جاء فى مقدمة الكتاب , يتضمن الفصل الاول " الثورة .. ارهاصات ونتائج "رؤية شاملة للاحداث التى مرت بها مصر منذ عام 2002 وحتى قبل شهر من طباعة هذا الكتاب , وهى رؤية تتضمن توقعات واحيانا مطالبات ملحة بالانقلاب على الوضع المقلوب اساسا بغية اصلاحه , وتطيح بنظام مبارك بالغ الاستبداد والتعفن , كما ترصد الرؤية سلبيات ومخازى – ان جاز التعبير- التى ارتكبها هذا النظام فى حق الشعب المصرى وامته العربية , مع التركيز على اخطار مفاسده المتمثلة فى العبث بمقومات الشخصية المصرية مرورا باللعب على حبائل اثارة الفتنة الطائفية واختلاق الازمات الاقتصادية , ومحاولة وضع العثرات امام كل نشاط يسعى لأن يضخ الدماء فى الجسد الذى اريد له الموت.
وفى الفصل الثانى "ثورات أم مؤامرات" يرصد الكاتب تطلعات الشعوب العربية للتحرر من الهيمنة الامريكية والغربية والاستبداد المحلى , ولكن فوجئ فيما بعد بان الثورات المنشودة لم تسعى للتحرر ولكن أصلت له , وراحت تدعوه لاجتياح ما تبقى من بلدان محررة وليس تحرير البلدان المستعمرة , الامر الذى القى بظلال من الشك حول حقيقة تلك الثورات وهل هى فعلا ثورات شعبية ام انها مجرد ثورات مفتعلة تغذيها اله اعلامية عملاقة , خاصة ان امراء النظم التى اخضعت بلدانها للاحتلال الغربى راحت تلبس ثوب الثورة وتدعو الى الاجهاز على البلدان الحرة المتبقية فى عالمنا العربى دون ان توجه سهما واحدا ضد امريكا واسرائيل , لذلك رأى الكاتب هنا أن يوضح الفرق بين الغث والثمين حتى لا نبكى على اللبن المسكوب كعادتنا.
اما الفصل الثالث فيتضمن عرضا للحالة الثقافية "المنحطة" فى مصر والعالم العربى والتى تمثلت فى اعلاء فن هابط  يهبط باذواق الناس ولا يسموا بها , وتعليم يدعو لخلع ردائى العروبة والاسلام والهرولة خلف ثقافة لا يمكن ان تنفعنا , فضلا عن فساد نخبة تم اختيارها بشكل امنى لا فكرى كما ينبغى وراحوا يدفعون بها الى قمة المشهد الثقافى فى حين تم التنكيل بالاوفياء والوطنيين وتحقيرهم والحط من شأنهم واحيانا ترويعهم ورميهم بالعمالة للخارج وفى احسن الظروف التضييق عليهم فى قوتهم ومصادر رزقهم على أمل شيطانى ان يموتوا كمدا وغيظا فى بيوتهم وعلى اسرة المرض.
وفى الفصل الرابع والاخيرة يعرض لهموم الوطن العربى واهم الامراض الكبري التى يعانيها فضلا عن سرد لمتفرقات تخدم تشخيص الحالة فى مصر .

وعبر 164 صفحة من القطع الكبير تطرق الكاتب لمفاهيم فلسفية حول الديمقراطية وعيوبها فى حال فقدان الوعى لدى الناخب وتخوفه من ديكتاتورية الاغلبية على اعتبار ان معظم منجزات التاريخ كانت نتاجا فرديا ودعا لها افراد ولم تكن تحوز على رضا الاغلبية مدللا فى ذلك على المعاناة التى لاقاها معظم قادة الفكر فى التاريخ على يد ديكتاتورية الاغلبية بدءا من الانبياء مرورا بكوبرنيق وانشتاين وغيرهم.
كما ظهرت روح الكاتب ومعاناته فى ظل نظام مبارك الامنى , الذى كمم الافواه وعادى المثقفين وراحت اجهزه امنه تطارد كل الوطنيين فى مصر , وتستذلهم عبر اغراقهم فى مشكلاتهم الحياتية البسيطة , والمعاناة المادية والنفسية المفرطة , متنبئا بحدوث الثورة التى تطيح بكل هذا الجور الذى وصل لحد العفن فى المجتمع , حيث تلاشت السعادة وانكفأ الشرفاء على انفسهم فيما تسلق الجهلة والخونة والاغبياء وصاروا يعتلون قمة المشهد فى كافة المجالات.
كما ظهرت بجلاء روح القومية العربية لدى الكاتب حيث خصص لها فصلا كاملا مؤكدا ان العروبة والاسلام وجهان لعملة واحدة وان الرسول محمد "عليه الصلاة والسلام" هو مبعث القومية العربية ومفجرها الاول , وان الاسلام جاء فصدق على الثقافة العربية السائدة , حيث ابقى على الصالح منها وغير العادات السيئة , ولذك فالاسلام نشأ بثقافة عربية وطورها ونشرها فى العالم كله , مما يعنى رقى تلك الثقافة وقدرتها على الريادة العالمية.
ويصرخ الكاتب " هل أصبحت لفظة العربى مرادفًا لليهودى التائه؟
لست أري هل أصبح الفكر العربي تائهًا؟
يقول نيقولا ميكافيلي: "إن طول فترة السلام تصنع شعبًا مخنثًا" .. والمشكلة في ان الإنسان العربي لا يسعي إلي الحرب .. بل إن الحرب هي التي تسعي إليه .. وانه يريد السلام ولكن العالم لا يريد لنا الاستسلام والقبول قصرًا بكل ما هو أجنبي؟".
ويقول الكاتب " لم يخفق البعد القومي العربي ولكن أخفق شخوص المرحلة في قيادته أخفقوا في قيادته لأنهم لم يكونوا صادقين النوايا في إحيائه.
والدليل علي أصالة البعد القومي هو أنه لم ينهر حتي الآن في نفوس الشعوب العربية وإن كان قد انهار فعلاً منذ زمن طويل لدي الحكومات.
الشعوب تتواصل والساسة يقطعون .. الشعوب تتألم للافتراق والساسة يعتبرونه نجاحًا .. الشعوب تقاوم التغريب والحكومات تفرضه علي شعوبها".
وناقش الكاتب بشئ من الكثافة المشكلات السياسية العربية فى السودان والجزائر وليبيا وسوريا واليمن ودول منطقة الخليج , كما دافع عن استقلال العراق بشدة وكاشفا عن خيوط المؤامرة التى تحاك لها ومحذرا من اخطارا تحقق جميعها , وقال الكاتب أن الولايات المتحدة الأمريكية عمدت إلي تأصيل مغاير جديد لوعي العالم يتجه نحو الأطر المادية البحتة باعتبارها غاية الغايات، متجاهلة في ذلك كل الأطر القديمة السائدة والخاصة بالمعتقد الايديولوجي والمعرفي والحق والخير والجمال.
وهذه الأطر التي روجت لها الولايات المتحدة الأمريكية علي حياء أحيانًا، وبجرأة في أحيان أخري تعظم دور الانتفاع والاستغلال باعتباره عملاً يستحق التقدير حتي لو جاء علي حساب مقدسات معتقدية وإنسانية واجتماعية.
ورغم أنها تكرس لسيادة البراجماتية هذه إلا أنها – وهو الأمر المضحك – تتخذ من الدعايات الإنسانية غطاء لهذا الغرض رغم ما نراه من هذا التناقض البديهي يضاعف من حجم المصيبة.وكذلك ناقش ما قال عنه انه وهم تنظيم دولة العراق الاسلامية , نحن لا ننكر وجود تنظيم القاعدة ولا اشكك فى جهادية الشيخ اسامة بن لادن والدكتور ايمن الظواهرى وغيرهما ولكن اخشى ان ينسب اليهم ما ليس فيهم , وان يستعملوا كمعاول للهدم لا للبناء , خاصة مع انه فى كل مرة تنتشر حقيقة براءة القاعدة من هجمات سبتمبر نفاجئ بشريط يؤكدان القاعدة هى من نفذته, أليس بتلك الشرائط تعطى الذرائع لقتل ملايين المسلمين فى كافة إنحاء العالم تحت مسمى "مكافحة الإرهاب".
إذا أرادوا تدمير العراق قالوا ان هناك علاقة بين صدام والقاعدة وتخرج علينا التسجيلات التى تؤكد ذلك , وإذا أرادوا تقسيم اليمن ظهرت الطرود المفخخة وتصدير الطابعات الحديثة من "اليمن" الى "أمريكا" ,وإذا أرادوا جعل البحر الأحمر بحيرة مغلقة للأساطيل الأمريكية والصهيونية ظهر القراصنة الصوماليون , واذا ارادوا ارهاق مصر بالتفجيرات  والفوضى هددت "دولة العراق الاسلامية" بتدمير الكنائس المصرية وتحرير فتيات مسلمات تقول انهن مختطفات فيها , مع انه كان أولى لهذا التنظيم تحرير العراق لا مصر."
وسرد الكاتب فى هذا الشأن معلومات غاية فى الخطورة تؤكد ان تنظيم دولة العراق الاسلامية ما هى الا وهم من صنع المخابرات الغربية.
كما ناقش الكاتب الثورات العربية والمؤامرات التى تحاك حولها متسائلا عن الاسباب التى تجعل الغرب يؤيد ثورات فى بعض الدول العربية ويرفضها فى البعض الاخرى ويسمى هذه ثورة وهذا تمرد .
كتاب . رؤي فى الوطن والوطنية تطرق الى بعض الظواهر غير المألوفى مثل القدرة وحسن والطالع والصدفة وكثير من القوانين غير المنطقية التى يراها الناس محاولا ايجاد تفسير قد يبدو منطقيا لها .
من خلال الكتاب يظهر بوضوح تأثر الكتاب بتطبيقات كتاب "الامير " لميكيافيللى و"طبائع الاستبداد ومصارع الحكام " لعبد الرحمن الكواكبى , و"كفاحى" لهتلر و"فى سبيل البعث" لميشيل عفلق وقراءة مستفيضة لافكار عدد كبير من الفلاسفة امثال كيركجارد وبرتراند راسل وسارتر وهيجل وكانط ونيتشه وغيرهم بحيث اتسم اسلوب الكتابة بمنطلقات فكرية فلسفية , مع جذالة اللفظ وقوة اللغة والالفاظ , فضلا عن القدرة الشديدة على اللعب على النسق الفكرى والمنهجى , الامر الذى يجعل القارئ يغوص فى النسق دون توقف حتى انهاء الكتاب.
كما نجح الكاتب فى ان ينقل صدق مشاعره واحاسيسه وقناعاته للقارئ لدرجة تجعلك تصف الحبر الذى خط الكلام حبر من الدم , عزيز الالفاظ وينتهج ابسط الطرق للحقيقة , حتى وان كانت مؤلمة

02 يناير 2012

فلول الثورة


سيد أمين
أتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة حالة صاخبة من التخوين لنشطاء حقوق الإنسان ممن كان لهم دور كبير فى تفجير ثورة يناير المجيدة.
وأعتقد أن سيلا من المستندات وإغراقًا فى المعلومات والتفاصيل ستخرُّ علينا من كل حدب وصوب فى وسائل الإعلام المحسوبة على النظام الحاكم، وذلك بهدف تكوين قناعة لدى رجل الشارع البسيط بأن هؤلاء النشطاء الذين يصدعون الرءوس بالحريات هم خونة يعملون لصالح قوى ودول معادية لمصر.
وفى الحقيقة كنت أتوقع حدوث تلك الهجمة ضد الثوار والنشطاء منذ عدة أشهر مضت، وكنت أتلمس بدايات تلك الحملة فى وسائل الإعلام آنذاك وإن كانت قد بدأت على حياء بغية التمهيد لهذا الانقلاب علي الثورة وتهيئة الأذهان له عبر تشكيل قناعة بأن من يطالبون باستكمال الثورة هم يهدفون فى الأساس إلى إسقاط مصر.
وإذا كان المنطق يؤكد أن الحاكم العميل ألصقت به العمالة من خلال ممارساته الموالية للخارج واختياراته المطابقة لإرادة الأعداء ، وأن جميع رجاله هم على شاكلته فانه أمر لا شك فيه لأن رجال مبارك لاسيما فى مؤسسات الدولة الحيوية والمفصلية يسيرون على نفس منواله وإلا فما كان ليختارهم ليكونوا مسانديه طيلة ردح كبير من الزمن.
إن فهما على هذا النحو لما يحدث الآن فى مصر سيجعلنا نقلب الطاولة ونقول إن من يخون الوطن هم من خانوه على مدى سنوات طوال عجاف حكموا فيها البلاد ولا يزالون يحكمونها وليس النشطاء الذين كان لهم دور كبير فى تفجير الثورة والقضاء على رأس دولة الظلم.
وتعالوا نفهم سويا ماذا يحدث فى مصر أو عالمنا العربى – لأن الخطة كبيرة لا تفصل مصر وعالمها العربى - عبر ما أشرت اليه فى عدة مقالات سابقة حملت عناوين "ربيع الشرق الاوسط الكبير " و" فزاعات الثورة .. والدعم الرباني" و"ومبارك يؤيد مبارك ولا عزاء للثورة"و "مخطط تخريب الثورة وتسفيه الثوار" و"انها هى .. نظم بوش المارقة".
لقد خططت الولايات المتحدة الامريكية لإحداث تغييرات جوهرية فى نظم بعض الدول العربية فى خطة أسمتها " خطة الترميم والهدم" وهى خطة تقوم على ترميم النظم الرئاسية الموالية لها بهدف الحيلولة دون سقوطها كما فى مصر وتونس وذلك من خلال اطلاق ثورة شعبية تتم السيطرة عليها سياسيا ، وهدم النظم المعادية لها بهدف انشاء نظام جديد يدين لها بالولاء كما فى ليبيا وسوريا والسودان والعراق والجزائر واليمن عبر تصنيع ثورة بأيادٍ خارجية سرعان ما تأخذ زخما شعبيا جراء القمع المفرط لها من قبل السلطات.
وتتضمن الخطة فيما تتضمن أن تتولى حركة"الإخوان المسلمون" الحكومات فى كل الدول العربية فيما تنفرد أمريكا وحلفاؤها بالسيطرة على الجيوش العربية والمحافل القضائية على غرار ما تفعله فى تركيا على أن تقوم الاخيرة بتوجيه الحكومات "الاخوانية" والسيطرة عليها من الشطط والمروق واى محاولة للتحرر.
وقد يكون الهدف الابعد بالنسبة لامريكا وصمتها ازاء قيادة "الاخوان" للحكومات العربية أن تستخدمهم – دون قصد منهم – فى اثارة حالة من ململة شعبية لدى جميع الاقليات الدينية والعرقية فى العالم العربي مما ينتج عنه تكريس لحالات انفصالية تتزعمها القوى الغربية وتدعمها عسكريا لاحقا فضلا عن اعطاء صورة عالمية بأن تجربة الديمقراطية فى العالم العربي لم تجلب سوي المتطرفين، الامر الذى يبرر لها – اى لامريكا - مساندتها للنظم الديكتاتورية طيلة العقود الماضية.
وقد يكون هذا الرضا هو محاولة لتشكيل درع اسلامية سنية موازية للتغلغل الايرانى فى المنطقة العربية حال انتهاء لعبة تبادل المصالح بين واشنطن وطهران.
هذا هو المشهد العربى ، ولكن المشهد فى مصر اكثر دهاء ويأتى عن طريق سحب البساط تدريجيا من تحت اقدام الثورة والثوار، ومن ثم اعادة انتاج النظام الذى لم يسقط بعد ، فلقد خططت القوى الغربية بالتعاون مع بقايا نظامه الحاكمة فى مصر الان – بحسب اعتقادي - لانقاذ نفوذها المقبل على الانهيار فى حال سقوط مفاجئ وغير محسوب لنظام مبارك مما يعرضها لفقدان حليف استراتيجي فضلا عن خلق نظام قد يناصبها العداء او يقاسمها المصالح ويخالفها فى التوجهات على غرار ما حدث فى الثورة الايرانية ، لذلك عملت على هدمه واعادة بنائه قناعة بمبدأ بيدى لا بيد عمرو.
وكانت تتضمن الخطة ترك العنان لحدوث ثورة شعبية محدودة مستغلة حالة السخط الشعبى على مبارك وتغييره بعمر سليمان الا أن حالة الغضب الشعبى كانت اكبر من المتوقع فاسقطت سليمان ومن بعده احمد شفيق ولم يتسن اخمادها الا باحتيال المجلس العسكرى عليها ، حيث راح يهادنها ويدعى حمايته لها ، رغم انه يضمر لها العداء ويسعى لتفتيت القوى التى شاركت فيها ، تارة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية ، وتارة بالدستور نفسه ، وتارة بالاحزاب ومحاولة ابراز نقاط الاختلاف بينها ، أو بالتخوين وطوابير الجواسيس "المفبركين" ، ومحاولات الاستقطاب ، والعصا والجزرة ، والتلميع والتجهيل ، والاغراق فى التفاصيل والوقائع ، والانفلات الامنى ، والترويع الاقتصادى …الخ.
وانا اتصور ان من خطط لما يحدث فى مصر ، يمتلك حسا دراميا عاليا ، وفعل كما يفعل المؤلف السينمائى البارع الذى راح يربط المشاهد المتنافرة ، ويوجد علاقة بين هذا المشهد الذى ظهر فى اول العرض وذاك الذى يأتى فى منتصفه أو آخره.
ورصد المخططون – ربما قبل اندلاع الثورة – عبر مراكز الاستطلاعات العملاقة التى تنفق فيها ملايين الدولارات القوي الثورية التى سترفض خطة خنق الثورة وستصر على استكمالها ، فراحوا يجهزون لها "عدة" التخوين لفض الناس عنها ، وتم تفصيل التهم وحياكة المستندات لهذا وذاك كلا فيما يناسبه ، فالسلفى يصلح ان يكون عميلا للسعودية والاخوانى يصلح أن يكون عميلا لقطر وتركيا ، والليبرالى عميلا لأمريكا واسرائيل واليساري مناهضا للدين الاسلامى ويتحرك بحقد طبقى ورعونة ، ثم تلوح بتلك الاتهامات فى وجه كل من يرفض النكوص عن الثورة ، فضلا عن الدس ببعض عملائها بينهم وتلميعهم اعلاميا ثم تقوم بكشفهم فى لحظة ما وهو ما يسمى اعلاميا بتكنيك "القطيع" ، وكذلك الزج ببعض عناصرها لتضييع الوقت كما فعل المحامى الذى قام برفع دعوي رد قاضى محاكمة مبارك والذى رفضت دعواه بعد تداول دام اربعة اشهر لسبب بسيط يحمل قدرا من المؤامرة ان هذا المحامى مشطوب من عضوية نقابة المحامين، كل هذا وقد يفاجأ الجميع فى نهاية العرض ان حاميها حراميها.
وتعالوا نتأمل خبرا نشرته الاهرام فى 23 يناير 2011 وقبيل اشتعال الثورة بيومين مفاده ان عمال قرية البضائع بمطار القاهرة فوجئوا اثناء تحميلهم لطرد مكون من 39 صندوقا بسقوط احدها وتدفقت منه سبائك الذهب ، هنا هرولت قيادات الشرطة وقاموا بحصر محتويات الصندوق واعادتها لمكانها فى طريقه الى السعودية ولم يذكر الخبر من صاحب هذا الطرد .. وتأكد بعد ذلك انه يخص مبارك.
والمتأمل لاسلوب الشرطة فى فض التظاهرات فى الفترة ما بين 25 يناير حتى تنحى مبارك سيلاحظ فيها امرين اثنين ، ان الشرطة قامت بتقطيع الشوارع وحاصرت المتظاهرين من كافة الجهات ولم تترك منفذا ليعودوا منه وهو الامر الذى يعد من ابجديات فض التظاهرات ، بل انها اطلقت الغازات بغزارة غير معهودة وكأنها تحث الناس للخروج من منازلهم للمشاركة فى الثورة.
ولو اضفنا الى ما سبق البطء الشديد فى محاكمة قادة وزارة الداخلية المتهمين بقتل الثوار ، وما تردد عن قيام جهات رسمية بالدولة بمساومة اهالى الضحايا لقبول الدية مقابل التصالح ، يؤكد أن من أمر الضباط بالقتل هو الان يحميهم.
حتى معاملة "العسكر" الرقيقة لمبارك والتقاء قيادات الدولة به فى مشفاه - منتجعه – هو دليل امريكى قاطع بانها لا تفرط فى رجالها ، والمقصود بالقطع ليس مبارك فحسب بل الرئيس القادم.
albaas10@gmail.com

21 ديسمبر 2011

العدل‮ ‬يريد تطهير القضاء


سيد أمين

ونحن نخطو أولي خطواتنا نحو الديمقراطية.. يجب علينا أن نتلمس الطريق الصحيح جيدًا حتي لا نضل في تشعبات الطرق.. ولما كان التحرر من الخوف هو أولي خطوات الطريق إلي الحرية.. يبقي الأجدي والأكثر إلحاحا أن نحطم كل التابوهات المفروضة علينا.. خاصة أنها مفروضة من غير مقدس.. فرضها بشر علي بشر، وأحيانًا دون رضا رب البشر الذي يجب أن ندين له بكل سمع وطاعة.
وإذا كان رسولنا الكريم ومعلمنا الأول يقول جازمًا بأن »قاضيًا في الجنة وقاضيين في النار« فإنه الأولي بنا ونحن بشر لم يوح إلينا كما أوحي إليه أن نسلم بحكمه ونرفع القداسة التي أضفيناها علي بشر مثلنا لم يوح إليهم فهم يخطئون ويصيبون، ولا علاقة لذلك بمذمة فيهم ولا مدح، فما يندرج علي البشر يندرج عليهم.
في الحقيقة، أكاد أجزم بأننا ونحن نعيش هذا الزخم الثوري الهائل سنخوض عما قريب سجالاً في شأن حصانة القضاء، قد يتطور ليمس شخوص بعض القضاة، أنفسهم، وهو إن حدث سيخسر فيه القضاة جزءًا كبيرًا من مهابتهم.
والغريب أن البعض يصر متعمدًا أن يخلط بين مهابة القضاء وأحكامه، وهو خلط لا محل له من الإعراب، فقد يكون الحكم ظالمًا، وهنا تصويبه لا يأتي في إطار انتقاص القضاء أو الحط من شأن القاضي الذي أصدره، فها هو معلمنا عمر بن الخطاب يطلب من رعاياه أن يقوموه لو أعوج عن الطريق السليم.
إن الخلط بين المهابة الواجب توافرها للقاضي وبين أحكامه هو خلط يقصد منه التبرير لكل ما يصدر عن القاضي وإضفاء العصمة عليه رغم أن القاصي والداني يعلم يقينًا أنه لا عصمة إلا لنبي، وأن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
أتصور أن شعار »الشعب يريد تطهير القضاء« سيأخذ زخمًا عما قريب في الشارع وأري أن الأجدي أن يتحول هذا الشعار إلي »العدل يريد تطهير القضاء«. نعم فالعدل والعدالة لا يمكن أن تقبل بأن ينتمي إليها من يرفض التطهير ويكافح الفساد، ولا تقبل بأن تستخدم العدالة لذبح العدالة، بل إنني أتوقع بأن يهب قضاة مصر الشرفاء أنفسهم وهم كثر ليرفعوا هذا الشعار حفاظًا علي مهابتهم ومهابة العدالة وحتي ينضموا إلي طوابير القديسين وذلك لأن القاضي العادل أوتي جزءًا من القداسة الربانية متي حكم بأمر الله.
وأتذكر أنني قرأت ذات يوم خبرًا عن قيام أحد القضاة بإصدار حكم بحبس شاب لمدة ثلاث سنوات لعدم سداد قرض قيمته ٥ آلاف جنيه من أحد البنوك، وأتذكر أيضًا أن سيدة صرخت في اتصال هاتفي بمقدم برنامج تليفزيوني شهير بأن حكمًا بحبس زوجها أضاع مستقبل أطفالها وجعلهم يتسربون من التعليم بعدما عجزت عن دفع مصاريفهم، بل إنهم يتسولون في الشوارع لسد رمقهم وملء بطونهم، والمدهش أن المبلغ الذي حبس عليه الزوج لم يتجاوز سبعة آلاف جنيه كان قد أنشأ بها مشروعًا بقرض من صندوق التنمية الاجتماعي إلا أنه تعثر حتي صدر عليه حكم بالحبس ٤ سنوات أمضي نصفها وتطمح أن يتم العفو عنه في عيد الشرطة.
ولا أخفيكم سرًا أنني تألمت بشدة في بادئ الأمرلسماع وقراءة مثل هذين الخبرين لا سيما أنني أعلم أن المبلغ الذي سجن بسببه الشاب وقضي به علي مستقبله وحرم الأبناء من أبيهم وأذاقهم شظف العيش قد يصرفه طفل من أطفال السادة الحكام في هذا الوقت في يوم واحد دون إكتراث، إلا أنني أقنعت نفسي بأن العدل هو العدل وصرت أقرأ مثل هذه الأخبار دون أن يرجف لي قلب بعدما تجمد وتبلد.
تعالوا نقارنها بالأحكام التي تصدر الآن لمن قتلوا الناس وسرقوا الملايين.. سنكشف أن القضاء يساوي بين من سرق خمسة آلاف جنيه »تحت ضغط الفقر والعوز« ومن سرق خمسة ملايين أو حتي مليارات، الأمر الذي ذكرني بالمثل الإنجليزي الشهير لو اقترضت خمسة آلاف جنيه من البنك وضعك البنك تحت ضروسه ولو اقترضت منه خمسة ملايين وضعت البنك بين ضروسك.
في الواقع، نحن نحترم القضاء ونري ضرورة تهيئة الأجواء اللازمة لكي يحكم القاضي بالعدل، ولكن ليس معني ذلك أن القاضي لا ينطق عن الهوي، فهذا أمر لا يمكن أن يتماشي مع المنطق، خاصة في ظل ظروف كانت سائدة وأظنها مازالت تخضب فيها كل شيء بالفساد حتي القضاء.
وللمصارحة ـ ومع تبديل الكلمة بالكلمة واتخاذ أنمق الألفاظ ـ نتساءل: ألم يمر وقت كان التعيين فيه في النيابة العامة سواء أو مجلس الدولة أو النيابة الإدارية بالواسطة والمجاملة؟ وبتعبير أكثر ثورية وجرأة بل مصارحة ألم يرتكب العديدون من السادة القضاة في مستهل عملهم جريمة الرشوة للتعيين لهذه الوظيفة؟ هل ينكر أحدنا كل في قريته أو شارعه أن »س« أو »ص« دفع رشوة أو قدم مجاملة كبيرة أو وسَّط مسئولاً كبيرًا ليتم تعيينه أو تعيين ابنه ليكون في النيابة العامة؟ أليست هذه جريمة يعاقب عليها القانون؟ وهل يجوز لمن يرتكب مثل هذه الجريمة أن يظل في منصبه أو علي أقل تقدير نضفي عليه القداسة ونقول عنه وعن من عينه إن لا ينطق عن الهوي؟ في ذات يوم قادتني الظروف للذهاب لأداء عمل ما في مكتب الشهر العقاري بمدينة الشروق، تحدث إليَّ الموثق أن أغلب زبائنه من القضاة، يأتون لتوثيق عقود الفيلات والقصور التي اشتروها لهم ولأبنائهم وإخوانهم لدرجة جعلته يجزم بأنه لا يوجد فيلا في مدينة الشروق لم تمر بقاضٍ كمشتر أو بائع، وأن عددًا من القضاة يقومون بشراء أكثر من فيلا بأسماء زوجاتهم.
والأمر المثير للريبة أن تجد أسرة بالكامل يعمل افرادها بالقضاء .. وكأن العدالة خلقت من أجل أن تخصص لهم دون غيرهم .. أليس هذا احتكارا للسلطة ؟!
وداهية الدواهي.. أن تقوم الوزارات بانتداب مستشاري مجلس الدولة للعمل لديها.. الأمر الذي جعل السلطة القضائية تخضع لنفوذ سلطة أقل منها وهي السلطة التنفيذية حيث يتقاضي المستشارون أجورًا خيالية وكبيرة للغاية لو قورنت بأعمالهم، الأمر الذي يشكك في حقيقة دورهم.
نحن لا نسعي لنكأ الجراح القديمة ولكننا يجب أن نغير المفاهيم ونحطم التابوهات، كما أن هذا »الجيتو« المثير للجدل لا بد أن يقنن عبر وضع قواعد واضحة تقضي علي الواسطة والمحسوبية في شغل الوظائف لا سيما لو كانت بمثل تلك الرفعة، فلا يعقل أن نكافئ صاحب التقدير العلمي الأقل لنعينه في القضاء بينما صاحب التقدير الأعلي يبقي محاميًا، يجب أن ننظر لهما كفرعي عدالة وأن نميز بينهما بالعلم ولا شيء سواه اللهم إلا الأخلاق والتي تتضمن فيما تتضمن عدم السعي لأخذ توصية من هذا أو ذاك أو دفع رشوة ليحصل البعض علي حق ليس له.
وتاريخيًا، كان فساد القضاء في أوربا هو واحد من معالم عصور الظلمات فيها، كان الملك يصدر حكما وما علي القاضي إلا النطق به، فاكتوي الناس بالظلم وسادت مظاهر الغبن وفقد الناس الثقة في كل مقدس.
ولو يدري جاليليو أنه سيكون أخلد من القاضي الذي أصدر حكما بإعدامه بناء علي أوامر من الملك وكهنوت الكنيسة لطلب الموت وسعي إليه، فقد مات الملك ومات القاضي ومات كهنة الكنيسة وبقي جاليليو وعلمه خالدين.

التيار القومي في مصر تحت الحصار


التيار القومي في مصر تحت الحصار

سيد أمين

المتأمل للخارطة الفكرية في مصر الثورة سيكتشف بسهولة حجم الجور الذي يعانيه أصحاب خط الفكر القومي.
ورغم أن القاعدة الشعبية لمعتنقي الفكر القومي في مصر قاعدة عريضة تضم فيمن تضم هذه  الطبقات التي عادت إليها بشكل مباشر مردودات الحقبة الناصرية .. كالفلاحين والعمال والصناع والطلاب وعدد لا بأس به من النخبة المثقفة، إلا أن أنصار القومية العربية تم تغييبهم عن عمد في وسائل الإعلام في زمن الثورة.
ولقد ساهم القوميون ـ أو قل الناصريون ـ المصريون بشكل فعال في إشعال أوار ثورة يناير المجيدة وتصدروا مع غيرهم من تيارات فكرية المشهد الثوري من أجل ازاحة نظام مبارك الاستبدادي وبذلوا علي قدم وساق مع غيرهم الدم من أجل الخلاص إلا أن خطابا إعلاميا منظمًا لافتًا للنظر راح يقصيهم تمامًا من المشهد السياسي.
قسم الخطاب الإعلامي المغرض تيارات الفكر في مصر إلي قسمين عريضين إما إسلاميًا  وإما  ليبراليًا .. وهو تقسيم خاطيء لكونه وضع جميع التفاح في سلة واحدة رغم التباين الشديد في الروئ.
بل ان هذا الخطاب راح يزعم بل ينكر بهذا التقسيم وججود القوميين أساسًا رغم أنهم يشكلون الطريق الثالث بين هذا وذاك ويشاطرون الاسلاميين قاسمًا كبيرًا من ثوابتهم ولكنهم يمزجون رؤاهم بنكهة خليط من التيار اليساري خاصة فيما يتعلق بفكرة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات تارة ومع التيارات الليبرالية فيما يتعلق بالحريات المسئولة. ومن المثير للعجب أن التيارات اليسارية والاشتراكية بجانب القومية وضعت عن طريق الخطأ في سلة الليبرالية رغم التعارض الكبير معها.
لقد ضرب نظام مبارك حصارًا إعلاميًا صارمًا ضد انصار الفكر الإسلامي والفكر القومي علي حد سواء، وضيق عليهم المنابر الإعلامية وقد تبدلت تلك الصورة عقب ثورة يناير حيث خرج الاسلاميون من دائرة الحصار فيما بقي القوميون داخلها.
وكما اخترقت أجهزة أمن مبارك كافة القوي السياسية المصرية علي تنوعها  اخترقت فيما بينها التيارين القومية والناصري من جانب والتيار الإسلامي من جانب آخر.
وفي هذا الصدد راح جهاز أمن مبارك يزج بعناصره  بينهما بل ويخلق من بينهما زعامات ومرجعيات واحزابًا من فرط تواطئها وهشاشتها وعدم صعودها لسقف التوقعات والطموحات المرجوة منها انفض الناس عنها واعتبروها أكبر طعنة وجهت إلي هذين التيارين.
ويأمل القوميون في مصر وهم علي اعتاب مرحلة جديدة من الخلاص الوطني، ان تكون تلك المرحلة نموذجًا ديمقراطيًا بحق لا تغلق فيه صحيفة ولا يحجب فيه قلم ولا يقصي فيه صاحب رأي بسبب  رأية خاصة أن الجاني حينئذ سيكون هو المجني عليه سابقًا، ولا يصح أخلاقيًا أن يجلد الضحية بذات السوط الذي جلده  به الجلادون الغابرون.
وليتذكر الاسلاميون علي اختلاف مشاربهم أن التيار القومي المصري وقف مدافعًا بشدة ضد إقصائهم وراح يساند قضية مظلوميتهم.
ويجب أن يتذكر رفقاء  نضالنا من الاسلاميين ان مهلكة التاريخ الحقيقية في لعبة تبادل الأدوار وعمليات الكر والفر وذلك لأن كل انتصار يعقبه انكسار وكل قوة يعقبها ضعف ولولا هذا وذاك لبقي المنتصر الأول منذ بدء الخليقة منتصرًا حتي الآن.