20 ديسمبر 2017

زهير كمال يكتب :إبراهيم وفلسطين .. مسيرة واحدة

إلى حد بعيد يشبه الوضع الفلسطيني وضع إبراهيم أبو ثريا ، هذا الرجل الذي حمل علم فلسطين وذهب إلى الحدود ليتلقى رصاصة مقصودة ومتعمدة وبدم بارد من العدو الإسرائيلي الذي لم يرحم عجزه ولم يفكر أنه مسالم لا يحمل سوى علم بلاده في يده .
لم أر في حياتي إصراراً وعناداً مثل هذا الإصرار وهذا العناد الذي يشع من عيني إبراهيم .
ولم أر رجلاً يكافح من أجل البقاء بشتى السبل مثل إبراهيم ، فهو مثل باقي شعبه ينحت في الصخر من أجل الاستمرار والبقاء على قيد الحياة.
في بدء حياته فقد رجليه ، وكانت هذه هي نكبته الأولى تماماً مثل شعبه الذي فقد جزءً كبيراً من فلسطين وتشرد في القفار والصحاري حولها وفي ما بقي منها حيث بنى مخيمات اللجوء منتظراً العون من بني جلدته فساعدته الشعوب واحتضنته ، فنكبته هي نكبتها ، أما الفرج المنتظر من أنظمتها فلم يأت أبداً ، وكيف يأتي وقد كانوا سبب المأساة أساساً !
احتاج إبراهيم وقتاً ليتعافى وتشفى جروحه ويفيق من أثر الصدمة بفقدان رجليه ، واحتاج الشعب الفلسطيني وقتاً ليفيق من أثر الصدمة بفقدان وطنه وليتأقلم على الوضع المفروض عليه.
وإرادة الحياة عند إبراهيم لم تقعده عن العمل ، فالعمل شرف مهما كان العمل وضيعاً ، كذلك إرادة الحياة عند الشعب الفلسطيني فقد تمخضت عن تكوين التنظيمات المسلحة التي رفعت شعار تحرير فلسطين كل فلسطين بالكفاح المسلح ثم إقامة دولة ديمقراطية يعيش فيها أتباع الأديان الثلاثة بدون تحيز وعلى قدم المساواة.
استيقظ الشعب كله ، ضمد جراحه وهب ليحقق هذه الأهداف السامية وقدم قوافل الشهداء بدون  بخل ولا تقتير ، إلى أن تولى قيادة المسيرة من لا يتمتع بالذكاء الكافي والتحليل الصحيح ودراسة العدو دراسة جيدة لكي يدرك أنه لا بد من الاستمرار في القتال حتى النهاية لتحقيق الهدف السامي وله في تجارب الشعوب العبر الكافية والدروس .
وهنا اختلفت مسيرة إبراهيم عن مسيرة شعبه ، فإبراهيم لم يخن القضية ، ولكن قادة الشعب فعلوا وقدموا التنازلات تلو التنازلات وكلما تنازلوا طلب عدوهم منهم المزيد.
والمقابل كان حكماً هزيلاً على السكان بينما الأرض تسرق بشكل منظم، وهم يعرفون أنهم يقدمون للعدو احتلالاً مريحاً لا يكلفه شيئاً. وازدادت ورطتهم وباعوا شعبهم بحجة محاربة الإرهاب ، وتجسسوا عليه وقالوا إن هذا تنسيق أمني.
ولأكثر من عشرين عاماً جروا على شعبهم الويلات والهزيمة تلو الهزيمة ، وكان الشعب يقدم الدم على مذبح القضية ، ولم يبخل بأرواح شباب في عمر الزهور في انتفاضتين عظيمتين ولكنهم احتالوا على شعبهم ، ليس ذلك فحسب بل إنهم سحبوا كافة الأسلحة فلم يجد سوى السكاكين يدافع بها عن نفسه .
هل فوجئوا بقرار الولايات المتحدة اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ؟ أليس من المفترض وهم القيادة أن يعرفوا أنها لم تكن وسيطاً نزيها منذ تأسيس إسرائيل ؟
هل يفيد اعترافهم بأن الولايات المتحدة خدعتهم؟ هل يفيد التهديد بانضمام السلطة الفلسطينية إلى 22 منظمة دولية بل إلى ألف منظمة دولية ؟ وإذا انضموا إلى هذه المنظمات الدولية فهل ستتحرر فلسطين !!؟
أليس من المفترض  بمن فشل وخاب رهانه  أن يقدم استقالته فيرتاح ويريحنا معه؟ أهم أفضل من مسعود البرازاني الذي اعترف بفشله فانسحب من الحياة السياسية غير مأسوف عليه؟ لماذا سيظل الشعب الفلسطيني يدق الماء في الهاون على أيدي هؤلاء الفاشلين؟ الا يستحق قيادة أفضل توظف هذه التضحيات الجسيمة ليحصد مقابلاً لها؟
لم يكن ما قام به إبراهيم  وهو يواجه العدو بصدر عار انتحاراً ! لقد أراد أن يوصل رسالة لشعبه أن دماءه ستظل شعلة لمن يليه وأن الحياة رخيصة من أجل فلسطين ، وهنا ستختلف مسيرة الشعب عن مسيرة إبراهيم .
لن يتم خداع هذا الشعب مرة أخرى وليس هناك سوى طريق  المقاومة والنضال.

نم هانئاً يا إبراهيم ، يوماً ما سيوضع تمثال لشاب مقعد يحمل علماً في أكبر ساحة من ساحات حيفا أو يافا ، وهذا اليوم لن يكون بعيداً .

17 ديسمبر 2017

المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب: القدس للمقاتلين ـ المبادئ والثوابت

Seif_eldawla@hotmail.com
· القدس عربية منذ قديم الزمان وأصبحت جزءا من الامة العربية بعد الفتح الاسلامى، مثلها فى ذلك مثل باقي الأقطار العربية، فُتحت وأسلمت وعُرِبت منذ عام 636 ميلاديا .
· أما الأقوام والجماعات والقبائل الذين عاشوا فيها قبل الفتح، فهم إما أن يكونوا قد ذابوا في الأمة الوليدة الجديدة الواحدة، وإما أنهم اندثروا .
· والادعاءات الصهيونية الآن أو الصليبية منذ تسعة قرون ، بأن لهم حقوقا تاريخية في أوطاننا ، زيف وكذب واختلاق .
· ولذا فان أهمية القدس وخصوصيتها إنها كانت دائما هي البوابة التي يحاول الغزاة الولوج منها إلى أوطاننا بحجة أن لهم فيها مقدسات .
· و في القدس مقدسات دينية كثيرة، معظمها اسلامى أو مسيحي، وتكاد لا توجد فيها مقدسات يهودية. وهى ان وجدت لا تعطيهم اى حقوق قومية .
· وللقدس قدسية خاصة فى وجداننا العربي والاسلامى ، فهي رمزا لوجودنا وتجسيد لاختصاصنا بهذه الأرض التي شهدت قبلنا حضارات وجماعات وغزاة من كل صنف ولون ، ولكنها أخيرا سكنت واستقرت لنا .
· وفيها تجتمع معاني الدين والديار ، وكلاهما امرنا الله بان نقاتل فى سبيله .
· و هى جزء من امتنا الواحدة ، من أوطاننا وديارنا التي لم نغادرها أبدا منذ 14 قرن ، والتي نختص بها ونمتلكها دونا عن كل شعوب الأرض ، تماما كما تختص الشعوب الأخرى بأوطانها دونا عنا .
· و قدسنا ليست هى القدس الشرقية ، وإنما هى القدس الموحدة شرقية وغربية.
· وفلسطين كلها من البحر الى النهر ارض مغتصبة ، وليست القدس فقط .
· لا يملك أحد ان يقايض جزء من الوطن بجزء آخر ، فالأرض ملكية مشتركة لكل الأجيال المتعاقبة ، ولا يملك جيلا بأكمله ، ولو أراد ، أن يتنازل عن شبر واحد من ارض الوطن .
· ومن باب اولى لا يملك أحدا المقايضة على القدس، لا السلطة الفلسطينية الحالية ولا غيرها .
· ان اتفاقيات اوسلو وما جاء فيها من التنازل عن 78 % من ارض فلسطين ، والتفاوض مع الصهاينة على القدس لاقتسامها ، لا يلزمنا ولا يلزم الاجيال القادمة .
· ان اختلال موازين القوى، وضعف وانقسام قوى الامة، لا يعطى مسوغا لأحد للتنازل عن ارض الوطن، فعلى العاجزين ان يصمتوا وينسحبوا ، لا ان يفرطوا فيما لا يملكونه . غدا تستقيم الموازين باذن الله .
· نجح الصهاينة من قبل فى تهويد حيفا ويافا وباقى فلسطين ، وهم يكررونه الآن فى القدس وما تبقى من فلسطين . فالعدوان قديم جديد ، مستمر لم يتوقف .
· وهم يهودون القدس، ويستهدفون المسجد الأقصى، لأن قواتهم هناك . فهم لا يملكون أن يفعلوا ذلك في الأزهر الشريف .
· فالتهويد هو آفة الاغتصاب والاحتلال .
· و طريق تحرير الأقصى والقدس ، هو ذاته طريق تحرير فلسطين . فالقضية واحدة
· إن اعتراف الدول العربية بحق إسرائيل فى الوجود ، هو الذي يضفى الشرعية على كل ما تفعله الآن ، فان كان لها حقوق تاريخية في فلسطين ، فان لها حقوق تاريخية في القدس والمسجد الأقصى .
· على الجميع إن يسحبوا اعترافهم بإسرائيل ، ويسقطوا معاهداتهم مع العدو المغتصب .
· الاستعمار الاوروبى والامريكى ، هو الذي جلب الصهاينة إلى أوطاننا ، وأعطاهم فلسطين ، وأعطاهم السلاح الذي يقاتلونا به ، وأعطاهم الغطاء القانوني للعدوان ، بما اسموه بالشرعية الدولية منذ عصبة الامم الى الامم المتحدة ، الى الآن .
· و لو توقف الصهاينة عن عدوانهم ، لانقلب عليهم صانعيهم .
· ان العدوان علينا واغتصاب أوطاننا هي أهداف وتوجيهات أمريكية أوروبية صريحة منذ قرن من الزمان .
· و أى حديث عن الأمريكان رعاة السلام ، هو وهم وتضليل وغباء، وانحياز الى الأعداء الأصليين .
***
· ان الاغتصاب تم بالعدوان وبالسلاح ، ولا طريق للتحرير الا بالقتال . بدون ذلك ستضيع الأرض والمقدسات .
· ان القتال المستمر مع العدو ، ولو تأخر النصر ، سيحول دون استقراره على الأرض وابتلاعه لها ، وسيوقف الهجرة اليهودية لفلسطين ، وسيدفع اعدادا كبيرة من الصهاينة الى الرحيل والهجرة المعاكسة .
· ان القتال المستمر مع العدو ، سيمثل اكبر تأكيد وإثبات للعالم اجمع أن هذه ارضنا نحن ، واننا لن نتخلى عنها أبدا. فيدعمنا كل احرار العالم.
· ان ما تم فى اوسلو من تنازل عن 78 % من فلسطين ، شكك الكثيرين فى مصداقية قضيتنا . وقلص كثيرا من معسكر اصدقائنا وحلفائنا .
· ان القتال المستمر سيرفع الفاتورة التى يدفعها الغرب الاستعماري لدعم وحماية الكيان الصهيونى ، وسيرغم القوى الاستعمارية ولو بعد حين عن التخلي عنه .
· ان القتال سيهز ويزعزع ذلك الاستقرار البغيض الذي يحرصون عليه ، حرصهم على مصالحهم ، وسيرغمهم على التراجع والتفاوض .
· ان القتال لتحرير الديار هو الطريق الوحيد الممكن لتوحيدنا وإنهاء كافة أشكال الانقسام والفرقة .
· ان القتال وحده هو القادر على استنهاض كل طاقات الأمة فى الداخل والخارج ، واستقطاب كل الراغبين فى المقاومة .
· إن الإصرار على القتال مهما كان الثمن ، قادر على حسم مواقف المترددين، وإفشال مشروعات المتواطئين .
· ان كرهنا القتال سنفقد كل شىء.
· وان عجزنا عنه، فلنترك القادرين منا يتقدمون الصفوف .
· و فى كل الأحوال ، يتوجب علينا ان نربى أجيالنا على ان القتال هو السبيل الوحيد للتحرير ، ولا نضللهم بان هناك سبيل آخر .

13 ديسمبر 2017

محمد سيف الدولة يكتب: العواقب الخمسة عشرة للقرار الأمريكى

Seif_eldawla@hotmail.com
 ماذا يعنى القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها؟
يعنى اطلاق رصاصة الرحمة على ما يطلقون عليها هم "عملية السلام" وما يجب أن نسميها نحن بـ "أوهام السلام" الذى خدعت الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية نفسها وشعوبها بها منذ صدور القرار 242 عام 1967.
فنحن بصدد اعلان امريكى اسرائيلى مشترك، بأنه لا دولة فلسطينية على حدود 1967، ولا انسحاب اسرائيلى من اى ارض محتلة فى الضفة الغربية، ولا توقف عن بناء المستوطنات الاسرائيلية، و بالمختصر المفيد، انه ليس لدينا شيئا لنعطيه لكم، وليذهب الشعب الفلسطينى ومعهم كل العرب الى الجحيم.
انها اوهام السلام التى تذرع بها الحكام العرب منذ حرب 1973 ومعهم السلطة الفلسطينية منذ 1993 لتبرير انسحابهم وهروبهم من مواجهة الكيان الصهيونى التى ليس لها سوى طريق وحيد هو طريق المقاومة والكفاح المسلح فلسطينيا، والقتال والحرب عربيا.
فحين يأتى الرئيس الأمريكى ليعترف بكل صفاقة بأن الحكاية على امتداد نصف قرن لم تكن سوى كذبة أمريكية صهيونية كبيرة لخديعة الفلسطينيين والعرب والمسلمين والعالم كله، صدقها السذج منهم وتواطأ معها بعض الحكام العرب والقادة الفلسطينيين، فاننا يجب أن نتوقع أن زلزالا عنيفا سيضرب المنطقة قد تترتب عليه عواقب وتحولات كبرى نستعرض أهمها فيما يلى:
1)  اعادة الاعتبار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، وانخراط افواجا جديدة من الشباب الفلسطينى والعربى فى حركات ومنظمات المقاومة، لتتعاون وتتسابق جميعها فى توجيه الضربات الموجعة (لاسرائيل).
2)  وتضافر الجهود الشعبية العربية والاسلامية والاقليمية لاختراق وكسر الحظر المفروض على توريد الأموال والسلاح لحركات المقاومة الفلسطينية، واحياء حركات الدعم الشعبى العربى للشعب الفلسطينى وانتفاضاته على غرار ما تم مع انتفاضة عام 2000.
3)  سقوط نظرية السادات وخلفائه وحلفائهم من أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب. وعودة خيار"المواجهة العسكرية العربية لاسرائيل"، الذى دم دفنه بعد حرب 1973، الى قائمة المطالب السياسية والشعبية، والى كتابات المفكرين وخطابات قادة الرأى العام، والى اجندات مراكز الابحاث الاستراتيجية والعسكرية، مما سيصنع ضغوطا حقيقية على دوائر صنع القرار.
4)  عودة العمليات الاستشهادية فى الضفة الغربية وفى الداخل الفلسطينى 1948، بعد ان كانت قد شهدت تراجعا كبيرا منذ عام 2005.
5)  عودة الضربات ضد المصالح الغربية والاسرائيلية خارج الارض المحتلة، مثل عملية ميونخ 1972 واكيلى لاورو عام 1985 وعمليتى مطارى روما وفيينا عام 1985، وتانزانيا ونيروبى عام 1988 والظهران بالسعودية 1996 والمدمرة كول باليمن عام 2000 وغيرها.
6)  عودة العمليات العسكرية ضد المصالح الامريكية والاسرائيلية فى البلاد العربية مثل تنظيم ثورة مصر ومحمود نور الدين فى مصر و تفجيرات بيروت ضد القوات الامريكية عام 1983.
7)  ناهيك عن نمو واتساع دوائر التطرف والعنف والارهاب، خارج مجال المقاومة والتحرير، كرد فعل عشوائى وهستيرى ضد التجبر الامريكى والدولى والصهيونى والعجز العربى والاسلامى والاستبداد والتواطؤ الرسمى.

8)  انكشاف الدول العربية التى تهرول اليوم للتطبيع مع اسرائيل، وتلك التى وقعت معها معاهدات سلام، وثبوت وتأكيد خيانة وبطلان هذه المعاهدات وما آلت اليه من تفريط وضياع للحقوق الفلسطينية وتهديدها للامن القومى العربى، مع سقوط ما تبقى من شرعيات الانظمة العربية والحكام العرب والنظام الرسمى العربى، على غرار ما حدث بعد نكبة 1948 وانتصار القوات الصهيونية على الجيوش العربية مجتمعة، مما سيمهد على المدى المتوسط لسلسة من الانتفاضات الشعبية او الثورات الجماهيرية او الانقلابات العسكرية.
9)وما سيصاحب ذلك من اتساع قاعدة المعارضات السياسية العربية وارتفاع اسقف مطالبها وتجذيرها وتقدم وصعود الاتجاهات والاجنحة الاكثر راديكالية منها، مع اكتساب الدعوة الى ثورات جديدة، مزيدا من المصداقية، على غرار ما حدث بعد الغزو الامريكى للعراق عام 2003، حيث لم يتطلب الامر أكثر من 8 سنوات حتى يتمخض غضب الشعوب عن ثورات قامت باسقاط اربعة حكام عرب.
10)مع احتمالات كبيرة لحدوث حالات من الرفض والتذمر داخل عدد من المؤسسات العسكرية العربية نتيجة الحرج الشديد التى ستواجهه امام شعوبها بسبب عجزها وصمتها وحيادها تجاه ما يحدث من اعتداءات وتجبر امريكى واسرائيلى، رغم ما يفترض فيها من واجبات حماية المصالح الاستراتيجية العربية، ومن صلاحيتها وحدها فى حمل السلاح لحماية الامن القومى .
11)سقوط نهائى وبات لمشروعية السلطة الفلسطينية ما لم تعترف بخطاياها وتعلن انسحابها من اتفاقيات اوسلو وتسحب اعترافها باسرائيل وتشارك فى تنظيم اعمال المقاومة ضد الاحتلال. فان لم تفعل فسينتهى بها الحال الى ان تتحول بشكل رسمى وصريح الى احد أدوات الاحتلال الاسرائيلى، وهو ما سيضعها فى معسكر العداء الصريح للشعب الفلسطينى جنبا الى جنب مع قوات الاحتلال.
12) تصحيح البوصلة السياسية لغالبية القوى الوطنية العربية، وعودتها الى سابق عهدها حين كانت تضع مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى على راس اولوياتها وبرامجها.
13)مع حدوث عملية فرز واستقطاب حاد داخل المجتمعات والدول العربية، ولكن حول قضية وطنية وقومية وتحررية هذه المرة، لتتراجع العديد من الصراعات التى عصفت بالامة فى السنوات الاخيرة كالصراعات الطائفية والدينية والمذهبية.
14) عودة قوية ودائمة لحركات المقاطعة الشعبية التى كانت قد نجحت فى توجيه ضربات موجعة لعدد من المنتجات الامريكية قبل ان تضعف وتتوقف و تختفى منذ ما يزيد عن 10 سنوات.
15)سقوط نهج ما يسمى بالاعتدال العربى، دولا وسياسات واستراتيجيات وتحالفات، وبزوغ وصعود تحالفات عربية واقليمية ودولية جديدة على قاعدة العداء للولايات المتحدة واسرائيل.
*****
القاهرة فى 13 ديسمبر 2017

12 ديسمبر 2017

زهير كمال يكتب: حزب الله وجامعة الرؤساء العرب


يتصدر اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل مجمل المقالات والتحليلات في العالم العربي . ولوم ترامب على ما فعل كأن يضع الإنسان رأسه في الرمل كالنعامة هرباً من الحقيقة. ولا شك أن تعامل ترامب مع تهديد جدي من كوريا الشمالية يعطي المثل في كيفية التعامل مع الأقوياء وكيفية التعامل مع الضعفاء ، فهو يستعين بالروس والصينيين للتوسط مع الكوريين بينما يعامل الأنظمة العربية كالعبيد والأجراء لديه. فهل نلوم ترامب أم نلوم أنفسنا؟ 

لم تكن المعادلة بهذا الوضوح مثلما هي الآن ، أنظمة الحكم العربية المتحالفة مع إسرائيل علناً مقابل الجماهير العربية تتقدمها المقاومتان اللبنانية والفلسطينية.

فلمدة طويلة استطاعت هذه الأنظمة وبمكر ودهاء لا مثيل لهما خداع الجماهير العربية بالقول إنها تقف في صفها وأن هدفها تحرير فلسطين أو على الأقل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يرجع الحقوق الى أصحابها.

والمواطن العربي صابر يعيش على هذا الأمل ، ففي قرارة نفسه ثقة أننا أمة كثيرة العدد وأننا نستطيع توفير ما يلزم من الجند ونحن نمتلك الذكاء اللازم لمواجهة تحديات العصر ونرى بأم أعيننا نجاح وتفوق أفرادنا عندما يهاجرون وتتاح لهم الفرصة لإثبات تفوق العقل العربي ثم إن الله تعالى قد حبانا ثروة طائلة من الطاقة يحتاجها العالم ولا يسير إلا بواسطتها.

وللمواطن العربي الحق في أن يرتاح وينام مطمئناً فهذه المقومات لا تتوافر للشعوب الأخرى، ولسان حاله يقول ما هي إلا بعض العثرات التي يجب التغلب عليها وأهمها اتفاق الرؤساء بعضهم مع بعض .

عند كل قمة عربية كان هذا المواطن يحدوه أمل كبير في اتفاق زعمائه متمنياً وحدتهم وعملهم معاً لحل المشاكل العربية ، وفي اعتقاده أن كل هذه المشاكل ثانوية وأن عليهم التفرغ والعمل بجد لحل القضايا الأساسية . أما شيوخ المساجد من المحيط الى الخليج فكانت دعواتهم صادقة أن يهدي الله زعماءنا لما فيه خير أمتنا. وعند كل قمة عربية كان الأمل يتبخر شيئاً فشيئاً حتى وصل الى الصفر بعد اكتشاف المواطن أن العمل العربي المشترك مزحة كبيرة.

ولتسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة ولتوخي الدقة فيمكننا أن نطلق على الجامعة العربية اسم جامعة الرؤساء العرب ، أما مجلس التعاون الخليجي فهو مجلس تعاون أمراء الخليج، وهكذا باقي أشكال العمل العربي المشترك . وبهذا نضع الأمور في نصابها وتاريخ الجامعة يشهد بذلك، فقد طردت دولة بأكملها مثل مصر لأن رئيسها في ذلك الوقت غنّى على هواه دون استشارة أقرانه أو شعبه، ثم تم إرجاعها لأن رؤساء الجامعة رضوا عن رئيسها الجديد رغم أنه لم يغير الخط أو السياسة التي اتبعها سلفه!

ثم طردت دولة سوريا لأن الملك السعودي يكره الرئيس السوري ويستطيع توظيف باقي الرؤساء لطرده من النادي. ( يبدو الأمر كذلك ولكن المسألة تتعدى ذلك فهناك مخطط كبير تقوم البيادق العربية بتنفيذه) .

إذاً فطرد دول بأكملها من الجامعة مسألة في منتهى السهولة مثلها مثل تغيير الدساتير ، إن وجدت، بجرة قلم لتلائم رغبة الرؤساء، أما القضايا الجانبية مثل فتح الحدود بين دولتي الجزائر والمغرب والمغلقة لمدة تزيد على ربع قرن فهي مسألة معقدة ، مثلها مثل رؤية السودان ينقسم الى دولتين ، فالرؤساء لا يمتلكون الاهتمام أو القدرة بل كان بعضهم يغذي هذه الصراعات المدمرة . ولهذا فمن حق المواطن العربي أن يفقد الأمل ، فطيلة هذا التاريخ لم يكن هناك سوى بيانات التأييد أو الشجب والاستنكار أما العمل فلا غالب الا الله. 

في المؤتمر قبل الأخير لوزراء خارجية جامعة الرؤساء العرب ، أصدر المجتمعون قراراً يصم حزب الله بالإرهاب. وبهذا القرار انضم الرؤساء العرب رسمياً الى إسرائيل وأصبحوا في جبهة واحدة ضد حزب الله . وهي بلا شك جبهة عريضة على رأسها أمريكا وفي ذيلها داعش وأخواتها صنائع المخابرات الغربية والموساد.

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لرؤساء الجامعة هي انهيار داعش في سوريا والعراق بعد أن كان المخططون يمنون النفس ببقائها فترة طويلة تعيث في الأرض فساداً لتظل شعوبهم المغلوبة على أمرها مطية سهلة لا ترفع رأسها. ولكن لعب حزب الله دوراً محورياً في قلب المعادلة وإفساد مخطط تقسيم هاتين الدولتين الى دول صغيرة متناحرة تلجأ الى الشقيقة الكبرى إسرائيل.
لمحة تاريخية مختصرة:

في سوريا كان الجيش السوري على وشك الانهيار بعد انشقاق عدد كبير من الضباط والجنود في كافة قطاعات الجيش ، وقد تبين فيما بعد وجود تسعيرة وضعها النظام السعودي لكل انشقاق حسب أهمية المنشق وتأثيره. وعندما يفقد الجيش ضباطه فإنه يحتاج وقتاً طويلاً ليستطيع امتلاك القدرة على الحركة ثانية ، وفي هذا الوضع الحرج استطاعت القوات المعادية للنظام السيطرة على سوريا ما عدا بعض البؤر الصغيرة وهي بعض المدن والعاصمة، ومن هنا بدأت مقولة يتم ترديدها حتى هذه اللحظة ، أن أيام الأسد أصبحت معدودة، كادت هذه المقولة أن تتحقق لولا التدخل المباشر والقوي لحزب الله الذي حقق انتصارات صغيرة في جبهات كثيرة كانت مفتوحة في مختلف أنحاء سوريا كان من أهمها معركة القصير، فاستطاع الجيش التقاط أنفاسه وبناء نفسه من جديد ، وأدرك الروس أن الكفة ستميل لصالح النظام فتدخلت قواتهم ، هذا التدخل الذي قصر عمر الصراع بشكل دراماتيكي.

في العراق شهدنا انهيار الجيش العراقي بعد احتلال داعش للموصل ، خمسون الفاً فروا تاركين أسلحتهم وعتادهم ولم يستطيعوا الصمود أمام عدد من جنود داعش لا يتعدى ألفين أو على أقصى تقدير ثلاثة آلاف. وكانت بداية انقسام العراق فعلياً الى ثلاث دول على أساس عرقي طائفي. وهنا تدخل حزب الله في تشكيل ودعم المنظمات الشعبية المقاتلة التي لعبت دوراً هاماً في دحر داعش وإنهاء مخططات التقسيم.

والتحليل المنطقي يقودنا الى أن حزب الله هو الذي حقق الانتصارات المتتالية في سوريا ، ولكن لم يشهد التاريخ نكراناً للذات مثلما نجد في حزب الله ، فهو يعلن عن ضحاياه وتسجل الانتصارات باسم الجيش السوري ثم حلفاءه. ومن المؤكد أننا سنقرأ مستقبلاً مذكرات هؤلاء الذين يعاصرون أحداث هذه المرحلة وما حدث على الأرض فعلاً، ما يؤكد هذه النقطة.

ما يحدث الآن ضخم بكل المقاييس ، فنحن نشهد بوادر انهيار مشروع الشرق الأوسط الكبير ، لقد نجحت المنطقة في وقف الانحدار نحو الأسوأ ، وليس أمامها سوى التقدم الى الأمام ، ولا شك في أن الخسائر كبيرة ولكن لا بد من تسجيل بعض الأرباح التي تحققت ومن بينها فضح الأنظمة الحاكمة أمام الجماهير العربية وفضح تحالفاتها السرية مع أعداء الأمة وكذلك سقوط التقسيم الطائفي في المنطقة بعد أن كاد ينجح ، بخاصة عند بدء تدخل حزب الله في سوريا وتصوير الأمر على أن الشيعة يقتلون السنة.

ولا شك أن غباء اللاعبين على الأرض قد ساهم مساهمة فعالة في تغيير المزاج العربي العام، فقد عملوا على شيطنة حزب الله والمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس ، وهكذا يتبين للجماهير كل يوم أن خلق أعداء وهميين إنما يهدف الى حرف الأنظار عن العدو الرئيسي المتمثل في إسرائيل. 

هل يمكن لأحد أن يقف مكتوف اليدين أو أن ينادي بسياسة النأي بالنفس أو أن يقول (إحنا ما لناش دعوة) أمام مشروع ضخم كهذا ؟ للأسف نعم ، فبعض الساسة الذين لا يرون أبعد من أنوفهم يرددون هذه الأقوال كالببغاوات، ولا يضعون في حسبانهم الحكمة التي تقول ( أكلت يوم أكل الثور الأبيض) ، ولكن بعضهم يمتاز بخبث شديد ويريد لحلفائه أن يلعبوا كما يشاؤون وعلى المقاومة أن تقف مكتوفة الأيدي تتفرج على السكاكين تنهش جسم الأمة.

رغم هذا الجو المظلم لا بد لنا أن نتفاءل ، فالعدو وحلفاؤه يخسرون بالنقاط كل يوم :

ترى إسرائيل الحبل يضيق على رقبتها وتحاول جاهدة فكه ببعض الضربات الاستباقية مستعملة سلاحها الجوي فقط، فقد فقدت زمام المبادرة منذ زمن طويل، وسبب ذلك لا يعود الى عدد صواريخ حزب الله وتمكنه من التكنولوجيا العسكرية الحديثة رغم أهمية ذلك ، ولكن الفضل كله يعود الى جندي حزب الله ، فعندما ينادي (لبيك يا نصر الله) فهو يعني ما يقول. وسيظل الجندي البسيط هو مفتاح النصر أو الهزيمة في التاريخ (حتى إشعار آخر وهو دخول الروبوتات في المعارك).

فيما يلي استعراض لثلاثة أنواع من الجنود العرب:

ا. الجندي النظامي وهو الموجود في كافة الجيوش العربية بلا استثناء ، ويمكننا إطلاق مصطلح الجندي الرقم ، وهو تعبير عن الحالة العامة لدولنا العربية التي تعاني من التجهيل والعجز.

2. الجندي العقائدي الباني وهو جندي المقاومة في لبنان وفلسطين. حيث نجحت المقاومتان بإمكانات متواضعة في وقف العدو عن التمدد .

ما هو شعور الجندي البسيط عندما يقول له سيد المقاومة ( أقبل أيديكم وأرجلكم)؟

ما هو شعوره وهو يرى من استشهد قبله وقد تم تمجيده ؟

ما هو شعوره وهو يرى عائلة من استشهد قبله وهي مصانة معززة مكرمة ؟

هذه منظومة متكاملة تبني الفرد وهو مقتنع تمام الاقتناع أنه يحارب من أجل مثل عليا .

3. الجندي الظلامي ، وقد فكرت كثيراً في هذه التسمية إن كانت تنطبق على هؤلاء البسطاء المغرر بهم الذين يقتلون أنفسهم بحزام ناسف أو بقيادة سيارة مفخخة وذلك بهدف الذهاب الى الجنة والاستمتاع بسبعين حورية، فالمسألة بالنسبة لهذا الجندي هي مصلحة شخصية قد يحصل عليها في الحياة الآخرة ، أما الحياة الدنيا فقد يأس منها وهو الفقير الذي لم تنصفه.

في التاريخ الإسلامي كان الحشاشون أصدق مثال لهؤلاء الجنود الذين يخدمون مصلحة من يشغلهم . وعادةً كان الفشل نتيجة طبيعية فلم يتحقق أي هدف لهم وذهبت تضحياتهم هباءً . ونرى الأمر يتكرر مع حشاشي الحاضر. فهناك فرق كبير بين استغلال الفرد وبين بنائه ، بين أن يكون رقماً أو أن يكون كياناً ، بين أن يعمل من أجل حياته وبين أن يعمل من أجل موته.

مما سبق فإن الجندي العقائدي هو الذي يستطيع الانتصار وتغيير الواقع، وهذا ما حدث عبر التاريخ.

يدرك الرؤساء العرب هذه المعادلة ويشعرون بفشلهم في كل خطوة ، وإذا كانوا لا يعلمون أنهم فاشلون فالمصيبة أعظم، ويريدون جر من بقي في هذه الأمة إلى مربع الفشل. هذا إذا أحسنا الظن بهم. ولكنهم في اعتقادهم أنهم يستمدون قوتهم من أمريكا وأن استسلامهم الكامل هو أفضل وسيلة لبقائهم في كراسيهم.

هل وصلت الجماهير إلى أن سبب مصائبها كلها هي هذه الأنظمة البالية ؟ هل وصلت الجماهير إلى حقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ هل وصلت الجماهير إلى أن اعتمادها يجب أن يكون على النفس وأن عليها أن تشمر عن سواعدها وتغير واقعها التعس؟

هناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب ، وكان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل هو إحدى هذه العلامات ، وستشهد المنطقة تغييراً جذرياً في مستقبلها وقد يكون هذا التغيير صغيراً في البداية ولكنه سيتسارع لاحقاً وذلك مثل إستفاقة الإنسان من إغماءة بعد ضربة في الرأس، وإغماءة المنطقة طالت كثيراً ، ولكن الفجر قادم لا محالة.

10 ديسمبر 2017

سيد أمين يكتب : مسجد الروضة ..من التصويف الى المستفيد

نقلا عن مدونات هافنجتون بوست وعربي بوست
تم النشر: 12:01 10/12/2017 AST تم التحديث: 12:01 10/12/2017 AST

التركيز الذي مارسه الإعلام المصري، الرسمي وشبه الرسمي، من اللحظة الأولى، حول أن مسجد الروضة الذي شهد المجزرة الإجرامية الأثيمة في العريش كان مسجداً صوفياً، وأن الإرهابيين قدموا إنذارات لإدارته من قبلُ بإغلاقه، وهو ما نفاه إمام المسجد نفسه الذي أصيب بالحادث، في لقاء متلفز له سُجل قبل أن يُحظر التعامل مع الصحفيين في هذه المنطقة بعد الحادث، مؤكداً أن المسجد ليس صوفياً ولم يتلقوا تهديدات من قبلُ لإغلاقه- أثار الكثير من علامات التعجب والأكثر من علامات الاستفهام.
علامات التعجب تتعلق بأنه للمرة الأولى يتم تصنيف وفرز المساجد في مصر بحسب نوعيتها، ومن ثم نوعية مرتاديها، ولم يكن الأمر معمولاً به لدى عوام المصريين، بحيث إنهم اعتادوا الصلاة في أي مسجد.
أما علامات الاستفهام، فتُشعرك وكأن هناك توجيهاً أمنياً للإعلام المصري، طالبهم منذ اللحظة الأولى بالتركيز على تلك النقطة، وهذه مسألة لا مراء فيها، فالإعلاميون أنفسهم اعترفوا بأنهم يعملون حسب التوجيهات مراراً.

تساؤلات عن التضليل الإعلامي

ومن ثم، فالسؤال: ما مصلحة النظام في توجيه الأنظار إلى أن وراء الحادث تنظيماً يختلف مع الصوفيين فكرياً، إذا كان راغباً حقاً في معرفة الجناة الحقيقيين ومعاقبتهم؟ علماً أن دائرة المختلفين مع الصوفيين فكرياً قد تتسع لتشمل السلفيين والجماعة الإسلامية وحتى الإخوان المسلمين، وجميع هؤلاء أدانوا الجريمة، وضمنهم تنظيم الدولة الذي يناصبهم العداء أيضاً.
ولماذا تناسى الإعلام في الوقت ذاته، أن تلك التنظيمات -عدا داعش- هي تنظيمات سياسية تؤمن بالحياة المدنية الحديثة ولا تبيح إراقة دم حتى الكافر الذي يناصبهم العداء؟
فضلاً عن أن مصر تكتظ بالمساجد من النوعية نفسها، ولو كان هناك نية أو إباحة لإيذاء المساجد "الصوفية" لأحرقوا كبريات تلك المساجد كالإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة بالقاهرة، والمئات في الأقاليم كالسيد البدوي بطنطا وعبد الرحيم القنائي بقنا، في فترات "الفراغ الأمني" الذي استمر شهوراً إبان ثورة يناير/كانون الثاني.
كما أن واقعة مقتل الشيخ أبو جرير العام الماضي على يد مسلحين، وادعاء أن المسلحين حذروا الناس من الصلاة في المسجد، يعني أن المسجد مستهدف وهناك تقصير أمني في حمايته، ويعني -وهو الأهم- أن المجرم أراد من تلك التصرفات التمهيد لدفع أنظار الناس بعيداً عنه حينما ينفذ باقي ما خُطط له من جرائم، وصولاً إلى نتيجة واحدة يريدها النظام الحاكم ذاته، وهي دفع الناس لمغادرة البلاد قسراً وإلصاق التهمة بـ"اللهو الخفي"، الذي من الممكن توظيفه ليقضي النظام -بحجة مكافحته- على كل خصومه.
هذا التدرج يتشابه تماماً مع ما دأب النظام على فعله منذ سنوات، حيث وقّع على اتفاقية سد النهضة ثم اكتشفنا أن ذلك تمهيد لتوصيل المياه لإسرائيل، وتحدث عن خطة لمكافحة الأنفاق الفلسطينية واكتشفنا أن الأمر له علاقة بالتنازل عن جزء من سيناء لتنفيذ صفقة القرن، وتحدث عن ثورة دينية واكتشفنا أن الأمر هو التخلص من العباءة الإسلامية للدولة، واعتبرنا أن الأمر سلوك فردي للنظام المصري فاكتشفنا أنه مخطط إقليمي.

تساؤلات عن التصفيات

في الحقيقة، إنه قبل مرور 24 ساعة من وقوع الجريمة التي راح ضحيتها نحو 340 شهيداً، فوجئ المصريون بإعلان النظام المصري تصفية 45 شخصاً، وصفهم بالإرهابيين المتورطين في المجزرة، ما يطرح تساؤلات مهمة أيضاً حول أنه إذا كان إيجادهم وتوافر المعلومات عنهم قد تم بتلك السهولة، فلماذا لم تجدهم قبل الجريمة؟ وخاصةً أنك تخوض حرباً منذ سنوات في هذه المنطقة، ما يعني توافر كل خبرات اللعبة بيدك؟
وثاني التساؤلات: ما الذي أدراك أنهم متورطون في الواقعة؟! فهل قبل أن تقصفهم بالطائرات أجريت تحقيقاً جنائياً معهم على الأرض مثلاً؟ والأهم أنه إذا كانت جميع روايات الناجين تؤكد أن عددهم كان ما بين 20 و40 شخصاً، فهل يعني أن يكون قتلك 45 شخصاً أن هناك 5 منهم أبرياء "فوق البيعة"؟

اللافت أن النظام الذي تعرّف على المجرمين في هذا الوقت الوجيز وصفّاهم، هو نفسه الذي تأخرت طائراته عدة ساعات عن الوصول لمسرح الجريمة رغم انتشار أكمنته في الطريق المؤدي إليه.
مستعدون أن نسلّم بصحة كل ما قاله النظام الحاكم ونسحب تساؤلاتنا، ولكن لو ضمنّا الإجابة بـ"نعم" عن سؤال: هل سينتهي الإرهاب في سيناء الآن بعد قتل كل هؤلاء الإرهابيين الخطرين؟
لكن، هناك أيضاً أمر لا يقل غرابة، هو أن الجريمة التي ندد بها العالم وقعت قبل 48 ساعة فقط من افتتاح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض، أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والذي ينعقد تحت شعار "متحالفون ضد الإرهاب"، بحضور ممثلي 41 دولة، وكأن المجرمين قد خططوا لإعطاء الاجتماع زخماً دولياً!

تساؤلات حول العملية

مسرح العمليات شهد المجزرة بعد بدء الخطبة بدقائق، ما يعني أن المسجد لم يكن مكتظاً؛ ومن ثم فإن الضحايا في الغالب سقطوا بالخارج، وهو ما أكدته الشهادات المكتوبة والمتلفزة بأن القتل طال المصلين في الداخل والخارج وحتى المارة في الشوارع والمناطق السكنية المحيطة، ولم يتم إيذاء المسجد أو تفجيره، ما يعني أن المجرم القاتل كانت معركته أساساً في وجود الناس هناك وليس في وجود المسجد.
كما أن المسجد يقع على أرض منبسطة ويبعد فقط 450 متراً من وحدة عسكرية وعلى طريق مكتظ بالوجود الشرطي والأمني، ما يعني سهولة حمايته وهو ما لم يحدث! وفى 30 إلى 120 دقيقة -بحسب الشهادات- تمت المجزرة وانسحب المهاجمون في أمان ولم تصل أي قوات تتصدى لهم!
والأهم أنه من المعروف أن قبيلة السواركة التي ينتمي إليها الضحايا واحدة من القبائل التي أذاقت العدو الصهيوني الويلات في فترة احتلاله سيناء، وهي القبيلة التي اتُّهمت بالتباطؤ في دعم الجيش بحربه المزعومة ضد الإرهاب، ما تسبب في مصادمات كلامية شهيرة بينها وبين قبيلة أخرى داعمة للجيش، وهي أيضاً القبيلة التي تمتد سيطرتها على طول المساحة الساحلية شمالاً ما بين جامعة سيناء غرباً حتى رفح التي كانت تسيطر عليها قبيلة الرميلات، قبل استهدافها هي الأخرى بالتفجيرات الأعوام الماضية وتهجير أهلها إلى مناطق أخرى، ما يؤكد أن صاحب المصلحة في التفزيع والتهجير هو النظام؛ تنفيذاً لما تحدث عنه السيسي نفسه.. صفقة القرن.
فهل يستلزم تنفيذ صفقة القرن -يا إسرائيل- أن يموت كل الشعب المصري؟!

06 ديسمبر 2017

معلومات مهمة من وسيم السيسي


المفكر القومي محمد سيف الدولة يكتب :العدو الأمريكى يوهب القدس للعدو الصهيونى

 Seif_eldawla@hotmail.com
العدو الأمريكى يوهب القدس العربية للعدو الصهيونى . هَزُلَت
***
ان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لاسرائيل وقرار ترامب بنقل السفارة الامريكية اليها هو الاعلان الأخير عن حقائق ثابتة و معلومة منذ زمن بعيد نلخصها فيما يلى :
·موت ما يسمى بعملية السلام الفلسطينى الاسرائيلى.
·وموت اتفاقيات اوسلو، ونهاية اوهام انسحاب اسرائيل من اى ارض محتلة أو قبولها بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ 
·وفشل صارخ للسلطة الفلسطينية وانتهاء دورها وسقوط رهاناتها هى ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ ١٩٩٣ حتى يومنا هذا. 
·وفضح لكل الاضاليل التى تدعى ان هناك فرقا بين امريكا واسرائيل، وتدعى انها وسيطا نزيها بينما هى العدو الرئيسى.
·وكذلك هو اعلان جديد و إضافى عن سقوط النظام الرسمى العربى وعجزه وفشله عن حماية اى حقوق فلسطينية او عربية، بل وتواطئه مع اعداء الامة على ضياعها والتفريط فيها.
·كما أنه نتيجة محتومة لمعاهدات الصلح مع العدو الصهيونى والاعتراف بشرعيته الباطلة، ولتبعية الأنظمة العربية للولايات المتحدة.
·وفيه ايضا فضح لكل الحكام العرب فى مصر والسعودية وغيرهما الذين روجوا لما يسمى بصفقة القرن. 
***
وأخيرا أتمنى ان يكون بمثابة نقطة تحول فى ساحات الصراع العربى الصهيونى، تعيد الاعتبار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، وتعيد الحياة للحراك الشعبى العربى المناهض للكيان الصهيونى والمعادى للولايات المتحدة الامريكية ومصالحها فى المنطقة.
***
القاهرة فى 6 ديسمبر 2017

30 نوفمبر 2017

سيد أمين يكتب : ماذا سيكتب التاريخ عن حكم السيسي؟


الخميس 30 نوفمبر 2017 19:14
ماذا سيكتب التاريخ عن حقبة حكم السيسي لمصر؟ ماذا سيكتب عن كل هذا الكم الهائل من الهزل والابتذال الممزوج بالجد، واللا منطق المتشح برداء الحكمة، وسيل الدماء المتدفق في مصر دون داع ودون حتى اكتراث؟
قد تبدو الأسئلة من أول وهلة بسيطة وسهلة، وصيغتها تتضمن الإجابة عليها في الغالب، سيقول إنها هي حقبة الحكم "الصهيونية" الصريحة لمصر، وهى حقبة الحكم الفاشي العسكري المدعوم خارجيا، وهى حقبة تكتل الأقليات ذات التوجهات الخارجية، سيقال الكثير والكثير وهى بالقطع حقائق.
ومع ذلك قد بدا واضحا أن كل هذه الإجابات مبنية على نتيجة واحدة، وهى أن هذا النظام وتبعاته مصيره السحق والزوال، ولكن بقى سؤال أهم يجب أن نسأله: ماذا سيكون الأمر إن استمر لا قدر الله؟
نطرح هذا الطرح ونحن على ثقة من أنه سيذهب غير مأسوف عليه ولكن أيضا لا يجب أن نخفي مخاوف دفينة من أن يستمر ويطول، خاصة أن أشباهه حكموا مصر لحقب طويلة من الزمان، فحكمتنا سيدة لعوب اعتبرناها رمزا لمصر، رغم أنها لم تكن حتى مصرية، وحكمنا حكام جعلونا نعبدهم، ونفنى من أن أجل تخليد أجسادهم.
حكمنا الشواذ وفاقدو الرجولة في جزء من العصر المملوكي، وحكمنا العبيد في الدولة الإخشيدية، وحكمنا الدراويش الفاطميون الذين ينامون النهار ويستيقظون بالليل، وحكمنا البكوات والباشاوات في الدولة العثمانية، وحكمنا حاكم أجنبي غر، وليناه نحن علينا بعد ثورة جياع، فذبح منا من ذبح، وكتب كل أراضي مصر باسمه واعتبرها ملكا خاصا به، فاعتبرناه نحن مؤسساَ لمصر الحديثة وبأنى نهضتها.
بصراحة، التاريخ يقول إنه قد حكمنا كل ساقط ولاقط، ولم يحدث أي نزاع، فبقي الظلم وبقي الحرافيش يتكيفون معه بطريقتهم، وطالما الأمر كذلك، فيا تري كيف سيقرأ أولادنا وأحفادنا في كتب التاريخ ما يجري في مصر الأن؟

مأساة بطعم الملهاة
الأمر بلا شك يحمل الكثير من الملهاة والأكثر من المأساة، لأنه في الحقيقة سيكون العثور عن المنطق فيما يجري الآن تماما كالعثور على إبرة في كومة قش.
فبداية سيتم وضع السيسي في إطار الفاتحين الكبار، ربما مع عمرو بن العاص نفسه، وتتجاور أسماء رموز تمرد مع أحمد عرابي في المتحف الوطني، مع احتمال أن يتم رفع أسمي الأخيرين أصلاً، باعتبار العاص غازيا، وعرابي متمردا مارقا قاوم الغزو البريطاني لمصر والذي يحتفل السيسي بدعمه في الحرب العالمية الأولى ضد دولة الخلافة الإسلامية، أو أن يهبطوا قليلا فيتوازوا مع محمد على وسعد زغلول.
وبالطبع سيتم وصف الإخوان المسلمين بذات الصفات التي يوصف بها أبطال أفلام الزومبي وأكلة لحوم البشر الأمريكييون.
سيكتب التاريخ أيضا أن كائنات فضائية هبطت على مصر لتحارب الإخوان بعدما قام نحو600 شخص من كائنات فضائية أخري قادمة من كوكب حماس ، حيث انزعج أجدادهم من قبل من أصوات طيور النورس، لتقتحم تلك الكائنات الفيافي والقفار والأنفاق والأكمنة والبحار والحصون ، وتنتشر في ربوع مصر انتشار النار في الهشيم فتخور كل قلاع السجون فتفتحها على مصاريعها ، في نفس وقت اعتلائهم أسطح المباني لتقتل المتظاهرين في كل ميادين مصر والتي بالمناسبة هى من حشدتهم فيها أيضا ، من الخونة والممولين أمريكيا بوجبات كنتاكي ، وأنجزت تلك الكائنات مهمتها بدقة أعجزت أمامها جيش خير أجناد الأرض ثم عادوا إلى بلادهم في أمن وأمان دون حتى أن يصاب أي منهم حتى بخدش في أصبع قدمه الخنصر.
وسيكتب التاريخ أن الإخوان استولوا على الحكم عبر غزوة الصناديق متنكرون في طوابير طويلة من الناخبين، فاجتمعت كل مصر في ميدان التحرير حيث دار الندوة تتحداهم وتتحدى مسيرات الملايين من مليشياتهم التى كانت تجوب كل شوارع مصر متنكرة أيضا في صورة شعب.
سيحكى التاريخ أيضا أنه بعدما هب السيسي لإنقاذ البشرية من عودة دولة الخلافة مجددا ، وأطاح بحكم محمد مرسي الذي باع سيناء والشركات وحقول النفط والغاز ومناجم الذهب والنيل والأهرامات لقطر وتركيا، وذلك عبر ثورة مجيدة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ،راحوا يعتصمون في ميدان رابعة العدوية مسلحين بكل الأسلحة المتطورة ويأسرون أعدادا كبيرة من المصريين هناك كرهائن، وكانوا يقتلون بعضهم البعض كمكيدة لإلصاق التهمة بقوات الشرطة والجيش، وذلك في محاولة منهم لإعلان الاستقلال عن مصر من هناك ، بدعم من قيادات إخوان أمريكا بقيادة أوباما وهيلاري كلينتون ، ولما فشل المخطط الشيطاني لم تجد الولايات المتحدة الأمريكية بدا من مهاجمة مصر بأسطولها البحري السادس ، هنا قام وحوش البحرية المصرية بأسر قائده وإرغام الأسطول على الفرار.

نهاية سعيدة
وكعادة كل قصة رومانتيكية وديعة، سينتهي سرد التاريخ بانتصار إرادة البطل المُخَلص، الذي شق القنوات وزرع ملايين الأراضي وأسس العواصم الجديدة وأدخلنا عصر الذرة.
ولأنه لابد من كلمة "ازدهار" كأحد لوازم النهاية السعيدة بظهور البطل ، سيحكى التاريخ أن مصر ازدهرت في العلوم والفنون والآداب ، وأضحت الاختراعات والابتكارات سمة مميزة لهذا العصر، وكان من باكورتها قيام أحد نوابغ الجيش باختراع علاج لداء عضال نشره الإخوان في مصر ، مع اختراق الفضاء عبر "الوحش المصري" ،وإنتاج الكهرباء من الهواء ، وتسخير الرياح كوسيلة عسكرية للتغلب على صواريخ العدو ، وقيام مؤرخين عسكريين بتصحيح ثغرات خاطئة في التاريخ القديم واكتشاف أن أحمس المصري وليس صلاح الدين الايوبي هو بطل موقعة حطين.
في الحقيقة أن كتب التاريخ ستمتلئ بالقاذورات حتى الثمالة، وسيكون مستقرها أدمغة أحفادنا.
لذلك يجب أن يسقط الانقلاب حفاظا على وعى الأجيال القادمة

اقرأ المقال كاملا هـــــــــنا 

سيد أمين يكتب : انتبه يا سيد خالد علي

نقلا عن مدونتي في هافنتجتون بوست عربي
يدرك عبد الفتاح السيسي وأجهزة حكمه قبل أي جهة أو كيان آخر أن شعبيته تدنت في مصر لدرجة قد لا تكفي لترشحه لتولي منصب رئيس مجلس مدينة منتخب.
ويدرك في ذات الوقت أن هناك تذمراً كبيراً في الشارع المصري ينذر بثورة شعبية عارمة وعنيفة، جراء تلك السياسات التي اتبعها والتي يعلم تماماً قبل غيره أنها شديدة القسوة والجور، فضلاً عن إغلاق الحياة السياسية والعامة بالضبة والمفتاح، وتصفية المعارضات بكل أنواعها، لا سيما الراديكالية بالقتل والسجن والتشريد والإقصاء.

حياة أو موت

ويدرك ثالثاً أنه لا يمكنه التنازل عن السلطة بأي مقابل أو حتى اتفاق؛ لأن هذا التنازل لا يمس فقط توقيف رغبته ورغبة نظامه في التسلط ونهب الثروات، ولكن لأن التنازل يشكل خطراً على حياته وحياة كثيرين من قيادات نظامه الذين ستطالهم يد العدالة جراء حمامات الدم التي تدفقت في نهر مصر في "الخمسية الأخيرة السوداء" من التاريخ.
كما لا يمكننا أن نتجاهل أن وجود السيسي في السلطة جاء نتيجة قرارات لتوافُقات قوى إقليمية من أجل تنفيذ مخططات إقليمية معينة بدت واضحة مؤخراً، أهمها صفقة القرن والسلام الدافئ ومشروع "نيوم" وتوصيل مياه النيل لإسرائيل وغير ذلك، وبالتالي فإن السيسي شخصياً قد لا يكون صاحب قرار استمرار وجوده في السلطة من عدمه، فذلك ليس متوقفاً على رغبته فقط، ولكن على رغبة القوى الإقليمية تلك التي أتت به، وستدعمه لأقصى حد ومهما كانت التضحيات في الداخل المصري.

معارضة.. ولكن

وإزاء هذه الأوضاع أصبح واجباً على نظام السيسي "تنفيس البالون" قبل أن ينفجر، وذلك من خلال إظهار مؤشرات لفتح المجال العام، مع القليل من حريات الكتابة والتعبير والانتقاد، وصناعة أو تنشيط أو حتى السماح للمعارضة بالعمل والنمو والازدهار، بشرط أن تكون فردية، أي لا تنتمي إلى "كتلة" تشكل خطراً على دوام بقائه.
علماً بأن هذا النوع من المعارضة الذي يعارض من داخل النظام يقدم لهذا النظام خدمات لا تقدر بثمن، أقلها أنها تحفظ ماء وجه شركائه الغربيين الذين يدعمونه سراً وعلانية أمام شعوبهم.
ويجب أن ننبه إلى أنه ليس شرطاً أن تكون هذه المعارضة هي من صناعة النظام، ولا نزعم ذلك، بل قد تكون معارضة صادقة وجادة ومفعمة بالإخلاص والوطنية، ولكنها أيضاً لا تدرك أن النظام يستخدمها لصناعة ديكور يزيّن به شرعيته الديكتاتورية، وذلك لأنه لا يوجد نظام حكم في العالم بلا معارضة داخلية إلا إذا كان نظاماً ديكتاتورياً فجّاً كالذي في كوريا الشمالية مثلاً - كما يصوره لنا الإعلام الغربي.

طعن المعارضة

وأزعم أن النظام المصري الحاكم سيتجه خلال الأشهر المقبلة، وقبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في مارس/آذار المقبل، إلى إبراز هذه المعارضة "المضمونة" والإعلاء بطرق شتى من شأنها، والتأكيد على ضراوة الصراع الانتخابي، وذلك في محاولة منه لإقناع العالم بديمقراطية المنافسة الانتخابية التي ستنتهي بلا أدنى شك من فوز السيسي لفترة رئاسية ثانية.
وهو ما يعني توجيه المعارضة طعنة قاتلة إلى نفسها، ويحرمها من فرصة الطعن على نزاهة الانتخابات ومن تصديق العالم لها أيضاً، ويشكك في كل ما تردده عن القمع والاستبداد والإقصاء، بل ويفتح المجال أمام نظام السيسي لممارسة المزيد من القمع للإجهاز على أي مكمن خطر وذلك بعدما تحسنت صورته الخارجية.

خالد علي

لا شك أن السياسي والحقوقي خالد علي واحد من الشخصيات التي حظيت باحترام الشارع المصري مؤخراً، لا سيما بعد تصديه ومن معه من محامين وحقوقيين بواسل لعملية التنازل عن ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير، ولا أشك أبداً في وطنيته ونزاهته.
ولكني أخشى أن يكون قيامه بإعلان الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة فخاً قد أوقع نفسه فيه دون قصد منه، وذلك لكل الأسباب السابقة، خاصة أن السيسي بحاجة لشخص له تاريخ بوزنه ليخوض أمامه الانتخابات ويسوّق على حسابه شرعيته، وقتئذ سينجح السيسي وسينسى الناس لك كل معروف حقوقي قدمته لوطنك، وسيتذكرون لك أنك رضيت بدور لا يليق بك كما لا يليق بمن سبقك في الانتخابات الماضية.
وأذكّرك أن خيالات الناس واسعة فقد يتهمونك بأنك مصنوع من قِبَل النظام لأداء مثل هذا الدور، وأن السلطة تركتك تمضي في قضية الجزيرتين لتحصل على الحكم الشهير الذي يترك لها مجالاً للضغط وابتزاز النظام السعودي ويفتح لها باب الرجعة متى جَدّ في الأمر ما ليس على رغبتها.
وأن الدليل على ذلك هو قيامك بصرف المتظاهرين الذين توافدوا بكثافة عفوياً إلى نقابة الصحفيين، وذلك عبر تحديد يوم آخر للتظاهر، وفي اليوم المحدد كان الأمن يفترش القاهرة فلم يتظاهر أحد.
أو أن يقولوا إنه تم الزج بك في هذا الأمر من أجل العودة إلى حالة الانقسام التي عززها النظام، والتي أيضاً شارفت على الالتئام بعد توحد الجميع ضد السيسي.
ولتتذكّر يا سيد خالد علي أن ما جاء بالدبابة لن يرحل بالصندوق، وأن التحجج بخوض الانتخابات من أجل فتح المجال العام هو يعني أيضاً شرعنة النظام الجديد، وأن فتح المجال العام قادم على كل الأحوال.
لأنني أحبك أنبّهك.